الكتاب: معرفة السنن والآثار
المؤلف: البيهقي
الجزء: ٥
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: سيد كسروي حسن
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: لبنان/ بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
((808 - [باب]
الهبة))
3780 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في النحل والهبة والصدقة غير المحرمة وغير المسبلة:
فهذه العطية تتم بأمرين.
إشهاد من أعطاها. وقبضها بأمر من أعطاها أو قبض غيره له ممن قبضه له
قبض.
واحتج بحديث أبي بكر الصديق في عائشة.
وبحديث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.
3781 - أخبرناه / أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني قال
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشجي قال
حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة
زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها قالت:
3

أن أبا بكر الصديق نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة فلما حضرته
الوفاة قال:
والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غني بعدي منك ولا أعز علي فقيرا
بعدي منك وإني وإن كنت نحلتك جاد فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان ذلك وإنما
هو اليوم مال الوارث وإنما هما أخواك وأختاك فاقسموه على كتاب الله عز وجل.
فقالت عائشة: والله يا أبه لو كان كذا وكذى لتركته.
إنما هي أسماء فمن الأخرى؟
قال: ذو بطن ابنة خارجة أراها جارية.
3782 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عبد الرحمن بن عبد القارئ أن عمر بن الخطاب قال:
ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها فإن مات ابن أحدهم قال مالي
بيدي لم أعطه أحدا.
وإن مات هو قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه.
من نحل نحلة لم يحزها الذي نحلها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطل.
3783 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن
عثمان بن عفان قال:
4

من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يجوز نحله فأعلن بها وأشهد عليها فهي
جائزة وإن وليها أبوه.
3784 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
زكريا بن يحيى بن أسد قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن
عبد القارئ أن عمر بن الخطاب قال:
فذكر معنى حديث مالك إلا أنه قال في آخره:
لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد فإن مات ورثه.
قال وحدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب / قال:
شكى ذلك إلى عثمان فرأى أن الوالد يحوز لولده إذا كانوا صغارا.
قال أحمد:
وفيما حكى الشافعي عن العراقيين عن الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال:
لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة.
ورويناه عن عثمان وابن عمر.
وروينا عن معاذ وشريح أنهما كانا لا يجيزانها حتى تقبض.
((809 - [باب] العمرى والرقبى))
3785 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي
5

أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة
عن جابر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تكون العمرى حتى يقول لك ولعقبك فإذا قال هي له ولعقبه فقد قطع حقه
فيها '.
ورواه الشافعي أيضا عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب
عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى في من أعمر عمرى له ولعقبه فهي له لا يجوز للمعطي
فيها شرط ولا ثنيا.
3786 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال
حدثنا عبد الله بن محمد بن رافع قال حدثنا ابن أبي فديك فذكره بإسناده نحوه.
زاد قال: أبو سلمة لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فقطعت المواريث
شرطه.
قال أحمد:
هذا حديث رواه الليث بن سعد وابن جريج ومعمر وابن أبي ذئب وعقيل
وفليح بن سليمان وجماعة عن الزهري / بهذا المعنى وبعضهم جعل قوله:
لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث من قول أبي سلمة منهم: ابن أبي ذئب.
6

وبعضهم لم يذكرها أصلا منهم: الليث بن سعد.
وخالفهم الأوزاعي فرواه عن الزهري عن عروة عن جابر بن عبد الله أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه '.
ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة وعروة عن جابر
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمعناه.
وكذلك رواه يحيى بن يحيى عن الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة
عن جابر.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى في العمرى أنها لمن وهبت له.
وأخرجه البخاري من حديث يحيى بن أبي كثير.
وكان الشافعي في القديم يذهب إلى ظاهر ما رواه عن مالك ويجعل العمرى
لمن أعمرها إذا أعمرها مالكها المعمر له ولعقبه ويحتج بقوله:
' لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث '.
فإنما أعطاها بسبب فإذا لم يكن ذاك السبب لم تكن لمن أعمرها ولا لعقبه.
وقال في موضع آخر من القديم:
ومن أعطى ما يملكه المعمر وحده رجع عندنا إلى من يعطيه.
ثم يشبه أن يكون الشافعي وقف على أن هذا اللفظ ليس من قول النبي [صلى الله عليه وسلم]
وإنما هو من قول أبي سلمة.
فذهب فيما نرى ودلت عليه رواية المزني إلى جواز العمرى لمن وهبت له
وإنها تكون له حياته ولورثته إذا مات.
7

وإن لم يقل ولعقبه إذا قبضها المعمر.
واحتج بما:
3787 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن
سليمان بن يسار:
أن طارقا قضى بالمدينة بالعمرى عن قول جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بن عيينة وقال:
قضى بالعمرى للوارث.
/ ورواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر في امرأة أعمرت حائطا لها إبنا لها
ثم توفي وتوفيت بعده فاختصموا إلى طارق فدعا جابرا فشهد على النبي [صلى الله عليه وسلم] بالعمرى
لصاحبها فقضى بذلك طارق.
كان ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم.
3788 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا
أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن
جريج فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
3789 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال
حدثنا إبراهيم بن إسحاق - يعني الحربي - قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير
قال حدثنا أبو الزبير عن جابر يرفعه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ' أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها
فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياته ولعقبه '.
8

رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
3790 - وأخبرنا الشيخ ابن فورك قال أخبرنا عبد الله بن يعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإنه من أعمر شيئا حياته
فهو له حياته وبعد موته '.
3791 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للأنصار:
' أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروا شيئا فإنكم من أعمرتموه شيئا في حياته فهو
لورثته إذا مات '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الوارث عن أيوب.
3792 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا:
حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال / أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن
جريج عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو سبيل الميراث '.
وروينا عن بشر بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
9

' العمرى جائزة '.
وفي رواية أخرى:
' العمرى ميراث لأهلها '.
وعن زيد بن ثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من أعمر شيئا فهو لمعمره محياه ومماته ولا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو لسبيله '
وهذه رواية معقل الجزري عن عمرو بن دينار.
3793 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن طاوس عن حجر
المدري عن زيد بن ثابت:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جعل العمرى للوارث.
3794 - وبهذا الإسناد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وحميد
الأعرج عن حبيب بن أبي ثابت قال:
كنت عند ابن عمر فجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني وهبت لابني ناقة
حياته وإنها تناتجت إبلا.
فقال ابن عمر:
هي له حياته وموته.
فقال: إني تصدقت عليه بها. فقال:
ذاك أبعد لك منها.
10

3795 - قال وأخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن حبيب بن أبي ثابت. مثله
إلا أنه قال:
أضنت واضطربت.
قال أبو سليمان صوابه: ضنت يعني تناتجت.
3796 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين قال:
حضرت شريحا قضى لأعمى بالعمرى فقال له الأعمى يا أبا أمية بما قضيت
لي؟
فقال شريح: لست أنا قضيت لك ولكن محمد [صلى الله عليه وسلم] قضى لك منذ أربعين سنة
قال:
' من أعمر شيئا حياته فهو لورثته إذا مات '.
3797 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: / قلت
للشافعي فإنا نخالف هذا وحجتنا فيه أن مالكا قال أخبرني يحيى بن سعيد عن
عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن
العمرى وما يقول الناس فيها؟
فقال له القاسم: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما
أعطوا.
فقال الشافعي:
ما أجابه القاسم في العمرى بشيء وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم.
قال في موضع آخر:
11

ولم يقل له أن العمرى من تلك الشروط التي أدرك الناس عليها.
وقد يجوز أن لا يكون القاسم سمع الحديث ولو سمعه ما خالفه - إن شاء
الله -:
وقال في روايتنا عن أبي سعيد بعدما بسط الكلام في الجواب عنه:
ولا يشك عالم أن ما ثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أولى أن يقال به مما قاله ناس بعده
قد يمكن أن لا يكونوا سمعوا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا بلغهم عنه شيء وإنهم أناس لا
نعرفهم.
فإن قال قائل: لا يقول القاسم قال الناس إلا جماعة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أو من أهل العلم.
فقد أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت
عنده وليدة لقوم فقال لأهلها شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة.
قال الشافعي:
وأنتم تزعمون أنها ثلاث فإذا قيل لكم تتركون قول القاسم والناس إنها تطليقة.
قلتم: لا ندري من الناس الذين يروي هذا عنهم القاسم.
فلئن لم يكن قول القاسم رأى الناس حجة عليكم في رأي أنفسكم فهو عن
أن يكون على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجة [أبعد].
((810 - [باب]
عطية الرجل ولده))
3798 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
12

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن
عبد الرحمن عن محمد بن النعمان بن بشير يحدثانه عن / النعمان بن بشير أن أباه أتى
به إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أكل ولدك نحلت مثل هذا '؟
فقال: لا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فأرجعه '.
هذا حديث أبي عبد الله.
وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا - سفيان أو مالك شك أبو العباس -.
3799 - وقد أخبرنا أبو عبد الله في موضع آخر قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب فذكره.
وقد رواه المزني عن الشافعي عن كل واحد منهما.
3800 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن
ومحمد بن النعمان بن بشير عن أبيه أنه نحل ابنا له عبدا والصواب أن أباه نحل ابنا له
عبدا فجاء به إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ليشهده فقال:
' كل ولدك نحلت مثل هذا '.
قال: لا. قال:
' فأرده '.
13

3801 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن
عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان بن بشير حدثاه عن النعمان بن بشير أنه قال:
أن أباه أتى به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أنحلت كل ولدك مثل هذا '؟
فقال: لا. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فأرجعه '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة.
3802 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وقد سمعت في هذا الحديث أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أليس يسرك أن يكونوا في البر إليك سواء '. قال: بلى, قال:
' فأرجعه '.
قال أحمد:
وهذا في رواية داود بن أبي هند وغيره / عن عامر الشعبي عن النعمان بن بشير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
حديث النعمان حديث ثابت وبه نأخذ وفيه دلالة على أمور منها:
حسن الأدب في أن لا يفضل رجل أحدا من ولده على بعض في نحل فيعرض
في قلب المتفضل عليه شيء يمنعه من بره لأن كثيرا من قلوب الآدميين جبل على
14

الأقصار عن بعض البر إذا أوثر عليه. ودلالة على أن نحل الوالد بعض ولده دون
بعض جائز من قبل أنه لو كان لا يجوز كان يقال إعطاءك إياه وتركه سواء لأنه غير جائز وهو على أصل ملكك الأول أشبه من أن يقال: ' أرجعه '. وقوله [صلى الله عليه وسلم]: ' فأرجعه '.
دليل على أن للوالد رد ما أعطى للولد وأنه لا يخرج بارتجاعه فيه.
قال: وقد روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أشهد غيري '.
وهذا يدل على أنه اختيار.
3803 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا
أبو عروبة قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا داود عن عامر
عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به النبي [صلى الله عليه وسلم] يشهد على نحل نحله إياه فقال:
' أكل ولدك نحلت مثل ما نحلته '؟
قال: لا. قال:
' فأشهد على هذا غيري أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء '؟
قال: بلى. قال:
' فلا إذا '.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى.
وكذلك رواه مغيرة عن الشعبي.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وقد فضل أبو بكر: عائشة بنحل.
وفضل عمر: عاصم بن عمر بشيء أعطاه إياه.
وفضل عبد الرحمن بن عوف: ولد أم كلثوم.
15

((811 - [باب]
الرجوع في الهبة))
3804 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن / جريج عن
الحسن بن مسلم عن طاوس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد من ولده '.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله:
ولو اتصل حديث طاوس أنه لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد فيما
وهب لولده لزعمت أن من وهب هبة لم يستثبت مثله أو لا يستثبته وقبضت الهبة لم
يكن للواهب أن يرجع في هبته وإن لم يثنه الموهوب له والله أعلم.
قال أحمد:
قد قطع الشافعي القول برجوع الوالد فيما وهب لولده بحديث النعمان بن بشير
وقول النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' فأرجعه '.
وهذا الذي ذكره ها هنا إنما هو في رجوع غيره وهذا الحديث إنما يروى
موصولا من جهة عمرو بن شعيب وعمرو ثقة.
3805 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن
شعيب عن طاوس عن ابن عمر وابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يحل لرجل يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع منها إلا الوالد فيما يعطي ولده
ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه '.
16

قال أحمد:
حديث عمرو بن شعيب في استثناء الوالد يؤكده مرسل الحسن بن مسلم بن
يناق.
والحديث الموصول عن النعمان بن بشير.
وحديثه في المنع من رجوع غيره تؤكده رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه عن
ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه '.
3806 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا أبان وهمام وشعبة قالوا حدثنا قتادة عن
سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' العائد في هبته كالعائد في قيئه '.
قال همام: قال قتادة:
ولا نعلم القيء إلا حراما.
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة.
وأخرجه مسلم بن الحجاج من وجه آخر عن شعبة.
وأخرجا حديث ابن طاوس عن أبيه.
17

قال أحمد:
وقوله: ' لا يحل ' يقطع تحريم الرجوع فيها على من استثناه ومن كان في
معناه. ويمنع من حمله على الكراهية.
وكذلك قوله في الصدقات:
' لا تحل الصدقة لذي مرة سوي '.
يقطع بتحريمها عليه بالمعنى الذي لو كان بخلافه كانت تحل له.
فيشبه من يسوي الأخبار على مذهب هذا به في حمله على الكراهية تصحيح
مذهبه بمذهبه من غير حجة.
((812 - [باب]
من قال له الرجوع إذا أراد بها الثواب))
3807 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المزني عن
مروان بن الحكم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها.
ومن وهب هبة يرى إنه إنما أراد الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض
منها.
ورواه سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر:
من وهب هبة يريد ثوابها فإنه يرجع فيها إن لم يرض منها.
وغلط فيه عبد الله بن موسى فرواه عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم عن ابن
عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها '.
18

والصحيح رواية عبد الله بن وهب عن حنظلة عن سالم أبيه عن عمر كما ذكرنا.
وقيل عن عبيد الله عن إبراهيم بن إسماعيل عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' الواهب أحق بهبته ما لم يثب '.
وهذا المتن بهذا الإسناد أليق فإبراهيم بن إسماعيل ضعيف عند أهل الحديث
فلا يبعد منه الغلط.
والصحيح رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن
عمر.
فالحديث في هذا يرجع إلى عمر رضي الله عنه.
وإنما الرواية في الثواب على الهبة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
حديث عروة عن عائشة قالت:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقبل الهدية ويثيب عليها.
وحديث ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة:
أن رجلا أهدى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لقحة فأثابه منها بست بكرات فسخطها
الرجل فقال:
' لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا أن تكون من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو
دوسي '.
19

((813 - [باب]
صدقة التطوع على من لا تحل له الواجبة))
3808 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني محمد بن علي بن شافع قال أخبرني
عبد الله بن حسن بن حسن عن غير واحد من أهل بيته - وأحسبه قال: زيد بن علي -
أن فاطمة بنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تصدقت بمالها على بني هاشم وبني المطلب وأن عليا
تصدق عليهم فأدخل معهم غيرهم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وحده:
وأخرج إلي والي المدينة صدقة علي بن أبي طالب.
وأخبرني أنه أخذها من آل أبي رافع وأنها كانت عندهم فأمر بها فقرئت علي
فإذا بها:
تصدق بها على بني هاشم وبني المطلب وسمى معهم غيرهم.
قال الشافعي:
وبنو هاشم وبنو المطلب تحرم عليهم الصدقة المفروضة ولم يسم علي ولا فاطمة
منهم غنيا ولا فقيرا وفيهم غني.
3809 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات كان يضعها الناس بين مكة والمدينة فقلت أو قيل له: فقال: إنما حرمت علينا
الصدقة المفروضة.
قال الشافعي:
ولا بأس أن يعطي الغني تطوعا.
أخبرنا سفيان عن معمر عن الزهري عن السائب بن يزيد عن حويطب بن
20

عبد العزى عن عمر بن الخطاب قال:
استعملني...
/ فانقطع متن الحديث من الكتاب وإسناده من هذا الوجه منقطع وهو بتمامه
موصولا فيما:
3801 - أخبرنا أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال حدثنا
هارون بن يوسف قال أخبرنا أبو عمرو قال حدثنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث
بهذا الحديث فلم أحفظه وحفظه معمر عن الزهري قال حدثني السائب بن يزيد عن
حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي أنه أخبره أنه قدم على عمر بن
الخطاب من قبل الشام.
3811 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو علي حامد بن محمد
الهروي قال حدثنا علي بن محمد الحكاني قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب
عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن
عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب في خلافته فقال له عمر:
ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها.
قال: فقلت بلى.
فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟
قال فقلت: إن لي فراسا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على
المسلمين.
فقال عمر: فلا تفعل فإني قد كنت أردت ذلك فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعطيني
العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه أفقر إليه مني.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل
فخذه ومالا فلا تتبعه نفسك '.
21

لفظ حديث شعيب رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وأخرجه مسلم من حديث عمرو بن الحارث عن الزهري.
3812 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله في صدقة التطوع:
إنها لا تحرم على أحد إلا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان لا يأخذها ويأخذ الهدية وقد
يجوز تركه إياها على ما رفعه الله به وأثابه تحريما ويجوز بغير ذلك كيلا يكون لأحد
عليه يد.
لأن معنى الصدقات من العطايا: هبة لا يراد ثوابها.
/ ومعنى الهدية: يراد ثوابها.
واستدل في قبول النبي [صلى الله عليه وسلم] الهدية بما:
3813 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنيه مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل فقرب إليه خبز وأدم من أدم
البيت فقال:
' ألم أر برمة لحم '.
فقالت: ذلك شيء تصدق به على بريرة. فقال:
' هو لها صدقة وهو لنا هدية '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا حديث محمد بن زياد عن أبي هريرة:
22

أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا أتى بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل منها وإن قيل صدقة
لم يأكل منها.
((814 - [باب]
اللقطة))
3814 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو
سعيد الزاهد قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى
المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال:
جاء رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسأله عن اللقطة فقال:
' أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك
بها '.
3815 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النصر شافع بن محمد قال
أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا الشافعي
عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد
الجهني أنه قال:
جاء رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسأله عن اللقطة فقال:
23

' أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا شأنك بها '.
قال فضالة: الغنم. قال:
' لك أو لأخيك أو للذئب '.
قال فضالة: الإبل. قال:
' فما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها
ربها '.
أخرجه / البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
ورواه جماعة عن ربيعة منهم من ذكره هكذا ومنهم من قدم ذكر التعريف على
معرفة وكائها وعفاصها منهم:
سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر: وقال أحدهما: فإن جاء أحد يخبرك بها
وإلا فاستنفقها وقال الآخر:
ثم استنفق بها فإن جاء ربها فأدها إليه.
وبمعناهما رواه.
بشر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني إلا أنه قال:
' ثم كلها فإن جاء صاحبها فارددها إليه '.
3816 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في اللقطة: مثل حديث مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] سواء: يعرفها سنة ثم يأكلها
موسرا كان أو معسرا إن شاء.
قال الشافعي:
24

إلا أني لا أرى [له] أن يخلطها بماله ولا يأكلها حتى يشهد على عددها
ووزنها وظرفها وعفاصها ووكائها فمتى جاء صاحبها عرفها له وإن مات كانت دينا
[عليه] في ماله ولا تكون عليه في الشاة يجدها بالمهلكة تعريف إن أحب أن يأكلها
فهي له ومتى لقي صاحبها غرمها له. وليس ذلك له في ضالة الإبل ولا البقر لأنهما
يدفعان عن أنفسهما [وإنما كان ذلك له في] ضالة الغنم والمال [لأنهما] لا
يدفعان عن أنفسهما والحق الخيل والبغال والحمير والبقر وما يمتنع من صغار
السباع بضوال الإبل.
قال الشافعي:
ويأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحل له الصدقة ومن لا تحل له.
قد أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أبي بن كعب وهو أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها
مائة أو ثمانين دينارا أن يأكلها وقال في القديم:
وأمره أن يأكل مائة أو ثمانين دينارا وليس فيما زعمتم لأحد أن يعطي موسرا من
الصدقة ولا يعطي معسرا دينارا فكأنه يشك في مائة أو ثمانين.
والصحيح مائة.
3817 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن أحمد العسكري قال
حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا سلمة بن كهيل قال
سمعت سويد بن غفلة يقول: كنت في غزوة / فوجدت سوطا فأخذت فقال لي زيد بن
صوحان وسلمان بن ربيعة: اطرحه فأبيت عليهما.
قال: فقضينا غزاتنا ثم حججت فمررت بالمدينة فلقيت أبي بن كعب فذكرت
ذلك له فقال لي: إني وجدت صرة على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيها مائة دينار فأتيت بها
النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال لي:
' عرفها حولا '.
25

فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها فعدت إليه: فقال مثل ذلك ثلاث مرات فقال
في الرابعة:
' احفظ عدتها ووعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها '.
قال سلمة: لا أدري أقال: ثلاثة أحوال عرفها أو قال حولا.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس.
وأخرجه مسلم من حديث بهز بن أسد عن شعبة قال شعبة: فسمعته بعد عشر
سنين يقول عرفها عاما واحدا.
3818 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن
عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها
ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد
واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت سنة فشأنك بها.
هذا موقوف.
وروي عن عمر مرفوعا في قصة أخرى وهي أن سفيان بن عبد الله وجد عيبة
فأتى بها عمر فقال:
عرفها سنة فإن عرفت [فذاك] وإلا فهي لك فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر بذلك.
3819 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن
26

عطاء بن يسار عن علي بن أبي طالب أنه وجد دينارا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكره
للنبي [صلى الله عليه وسلم] فأمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره أن يأكله [ثم جاء صاحبه فأمره أن
يغرمه].
[قال الشافعي]:
وعلي بن أبي طالب ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبته بني هاشم.
وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الإذن بأكل اللقطة بعد تعريفها سنة علي بن أبي
طالب وأبي بن كعب وزيد بن خالد الجهني وعبد الله بن عمرو بن العاص وعياض بن
جمار المجاشعي.
قال أحمد:
أما حديث زيد بن خالد: فقد مضى.
وكذلك حديث أبي بن كعب.
وكان سلمة بن كهيل يشك في مدة التعريف في حديث أبي ثم أقام على عام
واحد.
وأما حديث علي بن أبي طالب:
ففي رواية الشافعي أنه أمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره أن يأكله.
وقد روي في حديث أبي سعيد الخدري وسهل بن سعد ما دل على أنه في
الوقت اشترى به طعاما.
ثم في حديث أبي سعيد أن امرأة أتت تنشد الدينار.
وفي حديث سهل: إذا غلام ينشده فأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بأدائه.
والأحاديث في اشتراط المدة في التعريف أكثر وأصح إسنادا من هاتين الروايتين
27

ولعله إنما أنفقه قبل مضي مدة التعريف للضرورة. وفي حديثهما ما دل عليه والله
أعلم.
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ففيما:
3820 - أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن
الحارث وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن
العاص:
أن رجلا من مزينة أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله كيف ترى فيما يوجد
في الطريق المئتاء أو القرية المسكونة؟ قال:
' عرف سنة فإن جاء باغيه فادفعه إليه وإلا فشأنك به فإن جاء طالبه يوما من
الدهر فأده إليه.
وأما حديث عياض بن جمار:
3821 - فأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن
محمويه العسكري قال حدثنا جعفر بن محمد القلانسي قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة
عن خالد الحذاء قال سمعت يزيد بن عبد الله بن الشخير / أبا العلاء يحدث عن أخيه
مطرف بن عبد الله عن عياض بن جمار وكان قد أدرك النبي [صلى الله عليه وسلم] قال قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]:
' من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل وليعرفه ولا يكتم ولا يغيب فإن
جاء صاحبها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء '.
3822 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب قال أخبرنا سعيد الجزري عن
يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف بن عبد الله قال:
28

حديثان حدثنيهما عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد علمت أني قد صدقتهما عن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] لا أدري أيهما قبل الآخر قال:
حدثني أبو مسلم عن الجارود أنه قال:
كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفر وفي الظهر قلة فتذاكروا للظهر فقلت يا رسول الله
إني أدري ما يكفيكم من الظهر قال:
' ما يكفينا '؟
قال: ذود نمر عليهن في الجرف فنستمتع بظهروهن.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا ضالة المسلم حرق النار فلا تقربها '.
قال: ذلك بلايا.
قال مطرف: وحدثت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال في اللقطة أو الضالة - شك
الجزري - قال:
' انشدها أو عرفها ولا تكتم ولا تغيب فإن وجدت صاحبها فأدها وإلا فإنه مال
الله يعطيه من يشاء '.
ظن مطرف بن عبد الله أن أحدهما ناسخ للآخر ولم يعلم أيهما قبل الآخر وليس
فيهما ناسخ ولا منسوخ ولكن فرق بين الضالة واللقطة لافتراق معناهما وبالله التوفيق.
3823 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن رجل عن شعبة عن أبي قيس قال سمعت هذيلا يقول: رأيت
عبد الله - يعني ابن مسعود -: أتاه رجل بصرة مختومة فقال:
قد عرفتها ولم أجد من يعرفها. قال:
استمتع بها.
قال الشافعي:
29

وهذا قولنا / إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة
الثابتة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية
فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم.
ثم قال: وهكذا تفعل باللقطة.
فخالفوا السنة في اللقطة [التي لا حجة فيها] وخالفوا حديث عبد الله بن
مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث [الذي عن عامر]
وهم يخالفونه فيما هو فيه بعينه يقولون:
إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي
صاحبها متى جاء.
3824 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة
فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال: إني وجدت لقطة فماذا ترى؟
فقال ابن عمر: عرفها. قال: قد فعلت قال: زد. قال: قد فعلت. قال: لا
آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ابن عمر لعله أن لا يكون سمع الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في اللقطة ولو لم يسمعه
انبغى أن يكون لا يأكلها كما قال ابن عمر.
30

قلت: وقد قال بظاهر الحديث من الصحابة: عمر، وابن مسعود، وعائشة
وغيرهم.
((815 - [باب] الضالة))
قال أحمد:
قد روينا [عن] الجارود العبدي أنه قال:
قلنا يا رسول الله إنما نمر بالجرف فنجد إبلا فنركبها فقال:
' ضالة المسلم حرق المسلم '.
وقد أشار إليه الشافعي.
وروينا عن جرير بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يأوي الضالة إلا ضال '.
وكل ذلك إذا أراد الانتفاع بها فأما إذا أراد ردها على صاحبها فقد:
3825 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
إذا وجد الرجل / [بعيرا] فأراد رده على صاحبه فلا بأس بأخذه.
وإن كان إنما يأخذه ليأكله فلا وهو ظالم.
قال أحمد:
31

فقد روينا عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' من أوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فإن كان للسلطان حمى ولم يكن على صاحب الضوال مؤنة تلزمه في رقاب
الضوال صنع كما صنع عمر بن الخطاب تركها في الحمى حتى يأتي صاحبها وما
تناتجت فهو لمالكها.
وإن لم يكن للسلطان حمى وكان يستأجر عليها وكانت الأجرة تعلق في رقابها
غرما.
رأيت أن يصنع كما صنع عثمان بن عفان إلا في كل ما عرف أن صاحبه قريب
[بأن يعرف بعير رجل بعينه] فيحبسه [أو يعرف وسم قوم بأعيانهم حبسها لهم
اليوم] واليومين والثلاثة ونحو ذلك.
3826 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك أنه سمع ابن شهاب يقول:
كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلا مؤبلة تناتج لا يمسها حتى إذا
كان زمان عثمان بن عفان أمر بمعرفتها وتعريفها ثم تباع فإذا جاء صاحبها أعطي
ثمنها.
((816 - [باب]
إذا جاء من يعترف اللقطة))
قد روينا عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة عن يزيد مولى
32

المنبعث عن زيد بن خالد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث اللقطة:
' فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه '.
وبمعناه رواه حماد عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي بن كعب عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
وبمعناه رواه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
3827 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال قال أبو داود
هذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة _ يعني في هذه الأحاديث _ ليست بالمحفوظة.
قال أحمد:
قد روي معناها في حديث الثوري عن سلمة بن كهيل.
وفي حديثه / عن ربيعة إلا أنها ليست في أكثر الروايات ويشبه أن يكون غير
محفوظ كما قال أبو داود.
3828 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في اللقطة:
إذا عرف [رجل] العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه لم يدع
باطلا أن يعطيه ولا أجبره في الحكم إلا ببينة تقوم عليها كما تقوم عليها كما تقوم على
الحقوق.
وإنما قوله [صلى الله عليه وسلم]:
' أعرف عفاصها ووكاءها '.
والله أعلم أن تؤدي عفاصها ووكاءها مع ما تؤدي منها ولتعلم إذا وضعتها في
مالك أنها اللقطة دون مالك.
33

وقد يحتمل أن يكون ليستدل على صدق المعترف وهذا الأظهر.
ثم اعتذر في ترك ذلك بأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قد قال:
' البينة على المدعي '.
وهذا مدعي وقد يدعيها عشرة أو أكثر ويصفها كلهم.
وبسط الكلام في شرحه.
قال أحمد:
وقد ثبت عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة مكة.
' ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد '.
وعن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ولا تحل لقطتها إلا لمنشد '.
وفي رواية أخرى:
' ولا يلتقط لقطته _ يعني لقطة الحرم _ إلا من عرفها '.
وروينا عن أبي عبيد أنه قال:
ليس للحديث عندي وجه إلا ما قال عبد الرحمن بن مهدي: أنه ليس لواجدها
منها شيء إلا الإنشاد أبدا وإلا فلا تحل له أن يمسها.
وفي هذا المعنى حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن لقطة الحاج.
34

قال أحمد:
ولم يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في جعل الآبق شيء إنما هو عن ابن جريج عن ابن أبي
مليكة وعمرو بن دينار قالا:
جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الآبق يوجد خارجا من الحرم عشرة دراهم.
وهذا منقطع ومن أسنده عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ضعيف.
وروي عن علي في جعل الآبق دينار قريبا أخذ أو بعيد.
وهذا إنما / روي عن الحجاج بن أرطأة وليس بحجة عن الشعبي عن الحارث
عن علي.
والحارث غير محتج به.
وأمثل شيء روي فيه:
عن أبي عمرو الشيباني قال: أصبت غلمانا إباقا بالعين فأتيت عبد الله بن
مسعود فذكرت ذلك له فقال:
الأجر والغنيمة.
قلت هذا الأجر. فما الغنيمة؟
قال: أربعون درهما عن كل رأس.
وهذا حكاية حال يحتمل أن يكون ابن مسعود عرف شرط مالكهم جعل جعلا
لمن ردهم فحكاه والله أعلم.
((817 - [باب]
التقاط المنبوذ))
3829 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو
سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
35

الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب [عن] سنين أبي جميلة رجل من بني
سليم:
أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر فقال: ما حملك
على أخذ هذه النسمة؟
قال: وجدتها ضائعة فأخذتها.
فقال له عريفي: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح.
قال: أكذاك؟ قال: نعم.
قال عمر: إذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته.
قال أحمد:
وقال غيره عن مالك ونفقته علينا من بيت المال.
ويحتمل أن يكون قوله: ولك ولاؤه أي نصرته والقيام بحفظه.
فأما الولاء المعروف فإنما هو للمعتق لقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما الولاء لمن أعتق '.
وقال أبو بكر بن المنذر أبو جميلة رجل مجهول لا يقوم بحديثه حجة.
قال أحمد:
وقد قاله الشافعي أيضا في كتاب الولاء فإن ثبت كان معناه ما قلنا. والله أعلم.
36

قال الشافعي في رواية المزني:
وقد روي عن عمر أنه قال:
لأن أصاب الناس سنين لأنفقن عليهم من مال الله حتى لا أجد درهما فإذا لم
أجد درهما ألزمت كل رجل رجلا.
((818 - [باب] حكم الطفل مع أبويه في الدين))
3830 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني قال أخبرنا
أبو بكر / محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي قال حدثنا ابن
بكير قال حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من
بهيمة جمعاء هل تحس [فيها] من جدعاء '.
قالوا: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟
قال: ' الله أعلم بما كانوا عاملين '.
رواه الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه عن مالك مختصرا.
وذكر حديث ابن علية عن يونس عن الحسن عن الأسود بن سريع عن النبي
[صلى الله عليه وسلم]:
' كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فأبواه يهودانه
وينصرانه '.
37

3831 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال
حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا يونس بن عبيد.
فذكره بمعناه.
قال الشافعي:
قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' كل مولود يولد على الفطرة '.
هي الفطرة التي فطر الله عليها الخلق فجعلهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما لم يفصحوا
بالقول فيختاروا أحد القولين: الإيمان، أو الكفر.
لا حكم لهم في أنفسهم إنما الحكم لهم بآبائهم.
ثم ساق الكلام إلى أن حكي عن بعض أصحابنا أنه قال:
أي الأبوين أسلم فالولد يتبع له.
واختار ذلك ثم قال:
وإن أسلم في الحال التي لم يبلغ فيها _ والبلوغ هو الاحتلام أو الإنبات أو مرور
خمس عشرة سنة _ فهو غير منتقل عن حكم أبويه.
لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل حكم الأطفال حكم الأباء حتى يعرب عنها اللسان.
وإعراب اللسان عنها هو أن يعقل الشيء بالاختيار والتمييز.
وذلك مما لا يكون إلا من البالغ.
ولا بلوغ إلا بالذي وصفنا.
قال أحمد:
روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم '. الخبر.
38

قال الشافعي:
فإن احتج محتج بأن علي بن أبي طالب أسلم وهو في حال من لم يبلغ فعد
ذلك إسلاما / وقيل كان أول من أسلم.
يقال له: إنما قال الناس أول من صلى علي بذلك جاء الخبر عن زيد بن أرقم
وغيره.
قال أحمد:
3832 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرني عمرو بن مرة قال
سمعت أبا حمزة عن زيد بن أرقم قال:
أول من صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] علي بن أبي طالب.
قال الشافعي:
والصلاة قد تكون من الصغير والحج.
وقد أشرفت امرأة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] بصبي من فودج فقالت: ألهذا حج؟ قال:
' نعم ولك أجر '.
وقد رأينا الصغير يرى الصلاة فيصلي وهو غير عالم بأن الصلاة عليه وهو غير
عارف بالإيمان.
فعلى ذلك كان أمر علي رضي الله عنه كان أول من صلى وذلك أنه رأى النبي
[صلى الله عليه وسلم] وخديجة [رضي الله عنها] يصليان ففعل فعلهما كما يرى الصبي أبويه يصليان
فيصلي لصلاتهما وليس ممن يعقل تكليف الصلاة ولا الإيمان.
ولم يبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حكم لعلي بخلاف حكم أبويه قبل بلوغه.
قال أحمد:
39

وقد قيل: أنه أسلم وهو لسن يجوز أن يبلغ فيه بالاحتلام.
فإنه في كثير من الروايات كان ابن عشر سنين أو فوق ذلك.
وقد قال الحسن البصري:
أسلم علي وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة.
وقال غيره: إنما صارت الأحكام متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة فحكم علي في
ذلك يخالف حكم غيره.
والله أعلم.
40

((19 - كتاب الفرائض))
3833 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى:
* (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد) * الآية.
وقال: * (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) *.
وقال: * (لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك) * الآية.
وقال: * (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) *. الآية
وقال: * (ولهن الربع مما تركتم) * إلى قوله:
* (من بعد وصية توصون بها أو دين) *.
مع آي المواريث كلها.
قال الشافعي:
فدلت السنة على أن الله تبارك وتعالى إنما أراد ممن سمي له المواريث في
كتابه خاصا ممن سمي وذلك أن يجتمع دين الوارث والموروث وأن يكون الوارث
41

والموروث حرين مع الإسلام وأن لا يكون قاتلا.
ثم يبسط الكلام في ذلك.
3834 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان
عن أسامة بن زيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
3835 - أخبرنا أبو سعيد وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال:
إنما ورث أبا طالب عقيل وطالب ولم يرثه علي ولا جعفر.
قال: فلذلك تركنا نصيبنا من الشعب.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فدلت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ما وضعت من أن الدينين إذا اختلفا بالشرك
والإسلام لم يتوارث من سميت له فريضة.
3836 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن
عبد الله عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع '.
42

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فلما كان بينا في سنة النبي [صلى الله عليه وسلم] أن العبد لا يملك مالا وأن ما يملك العبد فإنما
يملكه لسيده فإن كان العبد / أبا أو غيره ممن سميت له فريضة وكان لو أعطيها ملكها
سيده عليه ولم يكن السيد بأبي الميت ولا وارثا سميت له فريضة فكنا لو أعطينا العبد
بأنه أب إنما أعطينا السيد الذي لا فريضة له فورثنا غير من ورث الله. فلم نورث عبدا
لما وصفت ولا أحدا لم تجتمع فيه الحرية والإسلام والبراءة من القتل حتى لا يكون
قاتلا وذلك أنه:
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ليس لقاتل شيء '.
قال أحمد:
هذا مرسل.
وقد رواه محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه أيضا غيره عن عمرو كذلك.
وروى أبو داود في المراسيل بإسناده عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يرث قاتل عمد ولا خطأ شيئا من الدية '.
وروينا عن عمر، وعلي، وزيد، وعبد الله بن مسعود أنهم قالوا:
لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا.
3837 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
43

ولم أسمع اختلافا في أن قاتل الرجل عمدا لا يرث من قتل من دية المال شيئا
ثم افترق الناس في القاتل خطأ فقال بعض أصحابنا:
يرث من المال ولا يرث من الدية.
روي ذلك عن بعض أصحابنا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بحديث لا يثبته أهل العلم
بالحديث.
وقال غيرهم:
لا يرث قاتل الخطأ من دية ولا مال وهو كقاتل العمد وإذا لم يثبت الحديث فلا
يرث عمدا ولا خطأ شيئا. أشبه بعموم أن لا يرث قاتل من قتل.
قال أحمد:
وإنما أراد ما:
3838 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا محمد بن جعفر المطيري قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون قال حدثنا
عبيد الله بن موسى قال حدثنا حسن بن صالح عن محمد بن سعيد عن عمرو بن
شعيب قال أخبرني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو أن رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] قام يوم فتح
مكة فقال:
' لا يتوارث أهل ملتين المرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها
ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا فإن قتل أحدهما صاحبه عمدا لم يرث من ديته
وماله شيئا وإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته '.
3839 - قال: وأخبرنا علي قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا محمد بن
يحيى قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا الحسن بن صالح بإسناده مثله.
44

قال علي: محمد بن سعيد الطائفي: ثقة.
قال أحمد:
وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعليه دل حديثه الذي أرسله عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح ومحمد بن جبير بن مطعم.
ومن يقول بأحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر عن النبي
[صلى الله عليه وسلم] لزمه أن يقول بهذا. والله أعلم.
3840 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عبد الله سئل عن
رجل مات وترك أباه مملوكا ولم يدع وارثا قال:
يشتري من ماله فيعتق ثم يدفع إليه ما ترك.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف عبد الله.
قال ونقول نحن ماله في بيت المال وكذلك يقولون هم إن لم يوص به.
3841 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي في باب ميراث الجد: وهو قول زيد بن ثابت وعنه قبلنا أكثر الفرائض.
ثم قال في خلال كلامه:
وإلى الحجة ذهبنا في قول زيد بن ثابت ومن قال قوله.
قال أحمد:
وقد دلنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على اتباع زيد بن ثابت في الفرائض بقوله [صلى الله عليه وسلم]:
' أفرضهم زيد بن ثابت '.
3842 - فيما أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال
45

حدثنا يونس بن حبيب قال أخبرنا أبو داود قال حدثنا / وهيب عن خالد عن أبي قلابة
عن أنس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأشدهم حياء _ أو
أصدقهم حياء _ عثمان _ شك يونس _ وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل
وأعلمهم بما أنزل الله علي أبي بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأمين هذه الأمة أبو
عبيدة بن الجراح '.
وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه خطب الناس بالجابية فقال:
من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت.
وروينا عن الزهري أنه قال:
لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
قال أحمد:
فلما وجدنا في سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أفرض أصحابه زيد بن ثابت وجدنا من
جعل الله الحق على لسانه وقلبه أمر بالرجوع في الفرائض إلى زيد بن ثابت.
وذكر عالم قريش من فقهاء الأمصار أنه عنه قبل أكثر الفرائض رأيت أن أخرج ما
بلغنا من ذهب زيد بن ثابت في الفرائض على ترتيب مسائلها في مختصر المزني
رحمه الله ثم شواهد قوله فيما قد أخرجناها في كتاب السنن وبالله التوفيق فمنها ميراث
من عمي موته.
3843 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا
علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن
بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال:
46

كل قوم يتوارثون إلا من عمي موت بعضهم قبل بعض في هدم أو حرق أو قتال
أو غير ذلك من وجوه التالف فإن بعضهم لا يرث بعضا ولكن يرث كل إنسان من يرثه
أولى الناس به من الأحياء كأنه ليس بينه وبين من عمي موته قرابة.
3844 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال [أخبرنا
الشافعي] عن رجل عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن الحارث عن علي أنه
ورث / نفرا بعضهم من بعض.
أورده فيما خالف العراقيون عليا.
وقد روي عن علي مثل قول زيد.
وروينا عن أبي بكر وعمر أنهما أمرا بذلك زيدا ومنها لا يحجب من لا يرث.
3845 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن
إبراهيم قال قال علي وزيد:
المشرك لا يحجب ولا يرث.
وقال عبد الله:
يحجب ولا يرث.
ورويناه أيضا من وجه آخر عن الشعبي وإبراهيم في مذهب علي وزيد في
المملوكين والمشركين والقاتلين مثل ذلك.
3846 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله قال أهل الكتاب
والمملوكين يحجبون ولا يرثون.
قال الشافعي:
47

وليسوا يقولون بهذا بل يقولون بقول زيد:
لا يحجبون ولا يرثون.
قال أحمد:
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال:
لا يحجب من لا يرث.
ومنها حجب الورثة بعضهم من بعض ومن لا يرث من ذوي الأرحام.
والمزني ذكر من لا يرث منهم أول الباب وإخبار الشافعي في ذلك منقولة في
آخر كتاب الفرائض.
3847 - أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر الإمام فيما قرأت عليه من أصل
سماعه قال أخبرنا إسماعيل بن أحمد الخلالي قال أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال
حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن جابر عن
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري عن أبيه زيد بن ثابت:
أن معاني هذه الفرائض وأصولها كلها عن زيد بن ثابت.
وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت.
قال: وميراث الإخوة للأم أنهم لا يرثون مع الولد ولا مع ولد الابن ذكرا كان أو
أنثى شيئا ولا مع الأب ولا مع الجد أب الأب شيئا.
قال: وميراث الإخوة للأب والأم أنهم لا يرثون مع الولد الذكر ولا مع ولد الابن
الذكر ولا مع الأب شيئا.
/ وقال ذلك فيهم إذا كانوا للأب ولم يكن معهم من بني الأب والأم أحد.
قال أحمد:
وميراث الجدات أن أم الأم لا ترث مع الأم شيئا.
وأن أم الأب لا ترث مع الأم ولا مع الأب شيئا.
48

قال: ولا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا ولا ترث الجدة أم أب الأم ولا
ابنة الأخ للأم والأب ولا العمة أخت الأب للأم ولا الخالة ولا من (.......)
نسبا من المتوفى ممن سمي في كتابه لا يرث أحد منهم برحمه تلك شيئا.
قال أحمد:
وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه قرئ عليه:
* (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت) *.
فقال: من أمه.
3848 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ قال
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن يعلى بن عطاء
قال سمعت القاسم بن ربيعة قرأت على سعد هذه الآية: فقال سعد:
أخت لأمه.
قال أحمد:
وروينا عن الشعبي أن أبا بكر أتي في الكلالة فقال أقول فيها برأيي فإن كان
صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان:
هو ما دون الوالد والولد.
فلما كان عمر أتى [قال]: إني لأستحي أن أخالف أبا بكر.
3849 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل
الضبي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال
حدثنا عاصم الأحول قال حدثنا الشعبي فذكره.
وهكذا قال عمر، وابن عباس في أصح الروايتين عنهما.
49

قال: وهكذا روي عن علي وابن مسعود.
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه مرض فأتاه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعوده فقال:
يا رسول الله كيف أصنع في مالي ولي أخوات؟
قال: فنزلت آية الكلالة:
* (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) *.
وروينا عن البراء بن عازب أن هذه آخر آية نزلت.
وأبوه كان قد قتل بأحد فكان ذلك بعد موت أبيه ولم يكن له والد ولا ولد.
فأخذ / الشرطين في الكلالة من نص الآية وأخذ الشرط الآخر من سبب نزول
الآية.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله:
وفيه وجه مستنبط من نص الآية وهو:
أن كل من انتظمه اسم الولادة من أعلى أو أسفل فإنه قد يحتمل أن يدعى ولدا
فالوالد سمي ولدا لأنه قد ولد المولود والمولود سمي ولدا لأنه ولد.
وهذا كالذرية وهي اسم مشتق من ذرء الله الخلق فالولد ذرية لأنهم ذرءوا أي
خلقوا والأب ذرية لأن الولد ذري منه وبسط الكلام في هذا.
فعلى هذا قد يصح أن يكون المراد بقوله:
* (إن امرؤ هلك ليس له ولد) *.
أي ولادة في الطرفين من أعلى وأسفل.
ويشبه أن يكون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إنما أحال عمر بن الخطاب على هذه الآية حين
سأله عن الكلالة فقال:
' تكفيك آية الصيف '.
50

يريد الآية التي نزلت في الصنف لما فيها من المعنى الدال عليه.
قال أبو سليمان:
واسم الكلالة في اللغة مشتق من تكلل النسب وذلك أن الإخوة إنما يتكللون
الميت من جوانبه ويلقونه من نواحيه.
والوالد والوالد إنما يأتيانه من تلقاء النسب ويجتمعان معه في نصابه وعموده.
قال أحمد:
وروينا عن عثمان وعلي بنحو قول زيد في الجدة لا ترث مع ابنها.
والحديث الذي رواه محمد بن سالم عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله:
أول جدة أطعمها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سدسا مع ابنها وابنها حي.
تفرد به هكذا محمد بن سالم وهو غير محتج به.
وإنما روي منقطعا عن الحسن بن أبي الحسن ومحمد بن سيرين وهو قول
عمر، وعبد الله وعمران بن حصين وأبي موسى.
((819 - [باب] المواريث))
3850 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله محمد الشيباني
قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا
عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن أبيه عبد الله بن ذكوان /. عن أبي الزناد عن
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري عن أبيه زيد بن ثابت أن معاني هذه الفرائض
وأصولها كلها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معنى زيد بن
ثابت.
51

قال: يرث الرجل من امرأته إذا هي لم تترك ولدا ولا ولد ابن النصف فإن تركت
ولدا أو ولد ابن ذكرا أو أنثى ورثها زوجها الربع ولا ينقص من ذلك شيئا.
وترث المرأة من زوجها إذا هو لم يترك ولدا ولا ولد ابن الربع فإن ترك ولدا أو
ولد ابن ورثته امرأته الثمن.
3851 - وبإسناده قال:
وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها أو ابنتها فترك ولدا أو ولد ابن ذكرا أو أنثى
أو ترك اثنتين من الإخوة فصاعدا ذكورا أو إناثا من أب وأم أو من أم السدس فإن لم
يترك المتوفى ولدا ولا ولد ابن ولا اثنتين من الإخوة فصاعدا ذكورا أو إناثا من أب وأم
أو من أب أو من أم السدس فإن لم يترك المتوفى ولدا ولا ولد ابن ولا اثنين من الإخوة فصاعدا فإن للأم الثلث كاملا إلا في فريضتين فقط وهما: أن يتوفى رجل ويترك امرأته وأبويه فيكون لامرأته الربع ولأمه الثلث.
وهو الربع من رأس المال.
وإن تتوفى امرأة وتترك زوجها وأبويها فيكون لزوجها النصف ولأمها الثلث مما
بقي وهو السدس من رأس المال.
3852 - بإسناده قال:
وميراث الولد من والدهم أو والدتهم أنه:
توفي رجل أو امرأة فترك ابنة واحدة فلها النصف.
فإن كانتا اثنتين فما فوق ذلك من الإناث كان لهن الثلث.
فإن كان معهن ذكر فإنه لا فريضة لأحد منهم ويبدأ بأخذ إن شركهم بفريضة
فيعطي فريضته فما بقي بعد ذلك فهو للولد بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال: ومنزلة ولد الأبناء إذا لم يكن دونهم ولد كمنزلة الولد سواء ذكرهم
52

كذكورهم وإناثهم كإناثهم يرثون كما يرثون ويحجبون كما يحجبون.
فإن اجتمع الولد وولد الابن فكان في الولد ذكر فإنه لا ميراث معه لأحد من ولد
الابن.
وإن لم يكن في الولد ذكر وكانتا اثنتين فأكثر من / ذلك من البنات فإنه لا
ميراث لبنات الابن معهن إلا أن يكون مع بنات الابن ذكر هو من المتوفى بمنزلتهن أو
هو أطرف منهن فيرد على من بمنزلته ومن فوقه من بنات الأبناء فضلا إن فضل
فيقسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
وإن لم يكن الولد إلا ابنة واحدة وترك ابنة ابن فأكثر من ذلك من بنات الابن
بمنزلة واحدة فلهن السدس تتمة الثلثين.
فإن كان مع بنات الابن ذكر هو بمنزلتهن فلا سدس لهن ولا فريضة ولكن إن
فضل فضل بعد فريضة أهل الفرائض كان ذلك الفضل لذلك الذكر ولمن بمنزلته من
الإناث للذكر مثل حظ الأنثيين.
وليس لمن هو أطرف منهن شيء وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهن.
3853 - وبإسناده قال:
والإخوة للأم لا يرثون مع الولد ولا مع ولد الابن ذكرا كان أو أنثى شيئا ولا مع
الأب ولا مع الجدات للأب شيئا وهم في كل ما سوى ذلك يفرض للواحد منهم
السدس ذكرا كان أو أنثى فإن كانوا اثنين فصاعدا ذكورا أو إناثا فرض لهم الثلث
يقتسمونه بالسواء.
3854 - وبإسناده قال:
53

وميراث الإخوة من الأب والأم أنهم لا يرثون مع الولد الذكر لا مع ولد الابن
الذكر ولا مع الأب شيئا.
وهم مع البنات وبنات الأبناء ما لم يترك المتوفى جدا أبا أب يخلفون ويبدأ بمن
كانت له فريضة فيعطون فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان للإخوة من الأب
والأم بينهم على كتاب الله إناثا كانوا أو ذكورا للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم وإن لم يترك المتوفى أبا ولا جدا أبا أب ولا
[ابنا] ولدا ولا ولد ابن ذكرا ولا أنثى [ولا ابنا ذكرا ولا أنثى] فإنه يفرض للأخت
الواحدة من الأب والأم النصف فإن كانتا اثنتين فأكثر من ذلك من الأخوات فرض لهن
الثلثان.
فإن كان معهن أخ ذكر فإنه لا فريضة لأحد من الأخوات.
ويبدأ بمن شركهم من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فما فضل بعد
ذلك / كان بين الإخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة قط
لم يفضل لهم فيها شيء فاشتركوا مع بني أمهم وهي امرأة توفيت وترك زوجها وأمها وأخويها لأمها وإخوتها لأبيها وأمها فكان لزوجها النصف ولأمها السدس ولابني أمها
الثلث فلم يفضل شيء فيشترك بنو الأب والأم في هذه الفريضة مع بني الأم في
ثلثهم فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين من أجل أنهم كلهم بنو أم المتوفى.
3855 - وبإسناده قال:
وميراث الإخوة من الأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأم والأب كميراث
الإخوة للأم والأب سواء ذكرهم كذكرهم وإناثهم كإناثهم إلا أنهم لا يشتركون مع
بني الأم في هذه الفريضة التي شركهم بنو الأب والأم.
54

فإذا اجتمع الإخوة من الأم والأب والاخوة من الأب فكان في بني الأم والأب
ذكر فلا ميراث معه لأحد من الإخوة للأب.
وإن لم يكن بنو الأب والأم إلا امرأة واحدة وكان بنو الأب وامرأة واحدة
أو أكثر من ذلك من الإناث لا ذكر فيهن فإنه يفرض للأخت من الأب والأم النصف
ويفرض لبنات الأب السدس تتمة الثلثين.
فإن كان مع بنات الأب أخ ذكر فلا فريضة لهم ويبدأ بأهل الفرائض فيعطون
فرائضهم.
فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم
يفضل شيء فلا شيء لهم.
وإن كان بنو الأب والأم امرأتين فأكثر من ذلك من الإناث فرض لهن
الثلثان ولا ميراث مع هن لبنات الأب إلا أن يكون معهن ذكر من أب فإن كان معهن
ذكر بدئ بفرائض من كانت له فريضة فاعطوها.
فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم
يفضل شيء فلا شيء لهم.
3856 - وبإسناده قال:
وميراث الأب من ابنه وابنته إذا توفي أنه إن ترك المتوفى ولدا ذكرا أو ولد ابن
ذكر فإنه يفرض للأب السدس.
وإن لم / يترك المتوفى ولدا ذكرا أو ولد ابن ذكر فإن الأب يخلف ويبدأ بمن
شركه من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فإن فضل من المال السدس فأكثر منه كان
55

للأب وإن لم يفضل عنهم السدس فأكثر منه فرض للأب السدس فريضة.
3857 - وبإسناده قال:
وميراث الجدات:
إن أم الأم لا ترث مع الأم شيئا وهي فيما سوى ذلك يفرض لها السدس
فريضة.
وأن أم الأب لا ترث مع الأم شيئا ولا مع الأب شيئا وهي فيما سوى ذلك
يفرض لها السدس فريضة. فإذا اجتمعت الجدتان ليس للمتوفى دونهما أم ولا أب
قال أبو الزناد:
فإنا قد سمعنا إن كانت التي من قبل الأم هي أقعدهما كان لها السدس وزالت
التي من قبل الأب.
وإن كانتا من المتوفى بمنزلة واحدة أو كانت التي من قبل الأب هي أقعدهما
فإن السدس يقسم بينهما نصفين.
قال أحمد:
وهذا يروى عن أبي الزناد عن عمرو بن وهب عن أبيه عن زيد بن ثابت في
الحديثين.
وبمعناه رواه سعيد بن المسيب عن زيد.
وكذلك رواه شيخ من أهل المدينة عن خارجة بن زيد عن أبيه وهو المشهور من
مذهب زيد.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال:
كان علي وزيد يورثان القربى من الجدات السدس وإن كن سواء فهو بينهن.
وهذه الرواية مطلقة والرواية الأولى عن زيد مفسرة.
56

3858 - وبالإسناد الذي مضى عن أبي الزناد عن خارجة عن أبيه على الصفة
التي ذكرناها في أول الباب قال:
فإن ترك المتوفى ثلاث جدات بمنزلة واحدة ليس دونهن أم ولا أب فالسدس
بينهن ثلاثتهن وهن أم أم الأب وأم أم الأب وأم أب الأب.
قال: ولا ترث الجدة أم أب الأم ولا الجدات الأم شيئا.
ورواه ابن وهب عن ابن أبي الزناد وزاد فيه: ولو عاش الناس ورث من لا يحصى
من الجدات على هذه الصفة.
3859 - أخبرناه أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا / زاهر قال حدثنا أبو بكر
النيسابوري قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا ابن وهب فذكره.
وروينا عن الشعبي:
أن زيد بن ثابت وعليا كانا يورثان ثلاث جدات ثنتين من قبل الأب وواحدة من
قبل الأم.
ورواه الحسن وإبراهيم عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وأما نقل المزني من أن للأخوات مع البنات ما بقي فهو مروي عن عمر وثابت
عن معاذ بن جبل وفيه حديث مسند.
3860 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن
القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة
قال حدثنا أبو قيس قال سمعت هذيل بن شرحبيل يقول:
سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال:
للبنت النصف وللأخت النصف.
قال:
57

وائت ابن مسعود فسله _ يعني فسل عنها ابن مسعود _ وأخبر بقول أبي موسى
فقال:
لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيه بما قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت.
قال: فأتينا أبا موسى الأشعري فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال:
لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم.
ففي السنة دلالة على أن قوله:
* (ليس له ولد) *.
في آية الكلالة المراد به الذكور دون الإناث.
3861 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن رجل عن الثوري عن معبد بن خالد الجهني عن مسروق عن عبد الله
في ابنتين وبنات ابن وبني ابن للابنتين الثلثان وما بقي فلبني الابن دون البنات.
وكذلك قال في الأخوات والأخوة للأب مع الأخوات للأب والأم.
قال الشافعي:
ولنسا نقول بهذا إنما يقول الناس للبنات أو الأخوات الثلثان وما بقي فلبني
الابن وبنات الابن أو للاخوة والأخوات من الأب للذكر / مثل حظ الأنثيين.
أورده إلزاما فيما خالف العراقيون عبد الله بن مسعود.
((820 - [باب] العصبة))
3862 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن
58

عبد الله قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث القطان قال حدثنا الحسن بن
عيسى قال أخبرنا جرير عن المغيرة عن أصحابه في قول زيد بن ثابت وعلي بن أبي
طالب وابن مسعود رضي الله عنهم:
إذا ترك المتوفى ابنا فالمال له فإن ترك ابنين فالمال بينهما فإن ترك ثلاث بنين
فالمال بينهم بالسوية فإن ترك بنين وبنات فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم
يترك ولدا للصلب وترك بني ابن وبنات ابن نسبهم إلى الميت واحد فالمال بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين وهم بمنزلة الولد إذا لم يكن ولد.
وإذا ترك ابنا وابن ابن فليس لابن الابن شيء.
وكذلك إذا ترك ابن ابن وأسفل منه ابن ابن وبنات ابن أسفل فليس للذي أسفل
من ابن الأب مع الأعلى شيء كما أنه ليس لابن الابن مع الابن شيء.
قال: وإن ترك أباه ولم يترك أحدا غيره فله المال. وإن ترك أباه وترك ابنا فللأب
السدس وما بقي فللابن وإن ترك ابن ابن ولم يترك ابنا فابن الابن بمنزلة الابن.
3863 - أخبرنا الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر وأبو بكر محمد بن
إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الخلالي قال أخبرنا أبو يعلى
الموصلي قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه.
أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد
على معاني زيد بن ثابت قال:
الأخ للأم والأب أولى بالميراث من الأخ للأب والأخ للأب أولى بالميراث من
ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب / وابن الأخ
للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ للأب أولى من العم أخ الأب
للأم والأب والعم أخو الأب للأم والأب أولى من العم أخ الأب للأب والعم أخو
59

الأب للأب أولى من ابن العم أخ الأب للأب والأم وابن العم للأب أولى من عم
الأب أخ أب الأب للأم والأب.
وكل شيء تسأل عنه من ميراث العصبة فإنه على نحو هذا فما سئلت عنه من
ذلك فأنسب المتوفى وأنسب من تنازع في الولاية ممن عصبته فإن وجدت أحدا
منهم يلقي المتوفى إلى أب لا يلقاه من سواه منهم إلا إلى أب فوق ذلك فاجعل
الميراث الذي يلقاه إلى الأب الأدنى دون الآخرين وإذا وجدتهم [كلهم] يلقونه
إلى أب واحد يجمعهم فانظر أقعدهم في النسب وإن كان ابن ابن فقط فاجعل
الميراث له دون الأطراف وإن كان الأطرف ابن أم وأب فإن وجدتهم مستوين
يتناسبون في عدد الآباء إلى عدد واحد حتى يلقوا نسب المتوفى وكانوا كلهم بني أب
أو بني أب وأم فاجعل الميراث بينهم بالسواء وإن كان والد بعضهم أخا والد ذلك
المتوفى لأبيه وأمه وكان والد من سواء إنما هو أخو والد ذلك المتوفى لأبيه قط فإن
الميراث لبني الأب والأم دون بني الأب والجد أبو الأب أولى من ابن الأخ للأم
والأب والأب أولى من العم أخ الأب للأم واللأب.
3864 - أخبرنا أحمد بن علي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن عيسى قال أخبرنا جرير عن المغيرة عن
أصحابه في قول علي وابن مسعود وزيد. فذكره بترتيب العصبات بنحو من هذا
مختصرا وفي آخر ذلك:
60

وكان زيد إذا لم يجد أحدا من هؤلاء لم يرد على ذي سهم ولكن يرد على
الموالي فإن لم يكن موالي فعلى بيت المال.
3865 - وبإسناده عن المغيرة عن أصحابه بنو عم أحدهم أخ لأم في
قول / علي وزيد للأخ من الأم سدسه ثم هو شريكهم في بقية المال.
3866 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن سالم عن
الشعبي:
امرأة تركت ابني عمها أحدهما زوجها والآخر أخوها لأمها في قول علي وزيد:
للزوج النصف وللأخ للأم السدس وهما شريكان فيما بقي.
3867 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال
حدثنا تمتام قال حدثنا موسى قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه
عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر '.
3868 - قال: وحدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا
سليمان بن حرب قال حدثنا وهيب بن خالد. فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب وموسى بن إسماعيل.
ورواه مسلم عن عبد الأعلى بن حماد عن وهيب.
3869 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه
أخبرنا محمد بن سفيان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله:
* (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) *.
نسخ بما جعل الله للذكر والأنثى من الفرائض.
61

((821 - [باب] ميراث الجد))
3870 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت.
أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد
على معاني زيد بن ثابت:
وميراث الجدات للأب أنه / لا يرث مع أب دنيا شيئا وهو مع الولد الذكر
ومع ابن الابن يفرض له السدس وفيما سوى ذلك ما لم يترك المتوفى أخا أو أختا من
أبيه يخلف الجد ويبدأ بأحد إن شركه من أهل الفرائض فيعطي فريضته فإن فضل من
المال السدس فأكثر منه كان للجد وإن لم يفضل السدس فأكثر منه فللجد
السدس.
[قال]: وميراث الجد أبي للأب مع الأخوة من الأب والأم أنهم يخلفون
ويبدأ بأحد إن شركهم من أهل الفرائض فيعطي فريضته فما بقي للجد والاخوة من
شيء فإنه ينظر في ذلك.
ويحسب أنه أفضل لحظ الجد الثلث مما يحصل له وللاخوة أم يكون أخا
ويقاسم الاخوة فيما حصل لهم وله للذكر مثل حظ الأنثيين أو السدس من رأس المال
كله فارغا.
فأي ذلك ما كان أفضل لحظ الجد أعطيه وكان ما بقي بعد ذلك بين الاخوة للأم
والأب للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة تكون قسمتهم فيها على غير
ذلك.
وهي امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وجدها وأختها لأبيها:
62

فيفرض للزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف ثم يجمع
سدس الجد ونصف الأخت فيقسم أثلاثا للجد منه الثلثان وللأخت الثلث.
وميراث الاخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم اخوة لأم وأب كميراث
الاخوة من الأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم فإذا اجتمع الاخوة من
الأم والأب والاخوة من الأب فإن بني الأم والأب يعاودن الجد ببني أبيهم فيمنعونه بهم
كثرة الميراث فما حصل للاخوة بعد حظ الجد من شيء فإنه يكون لبني الأم والأب
خاصة دون بني الأب ولا يكون لبني الأب منه شيء إلا أن يكون بنو الأم والأب إنما
هي المرأة واحدة.
فإن كانت امرأة واحدة فإنها تعاد الجد ببني أبيها ما كانوا فما حصل لها ولهم من
شيء كان / دونهم ما بينها وبين أن تستكمل نصف المال كله فإن كان فيما يحاز لها
ولهم فضل عن نصف المال كله فإن ذلك الفضل يكون بين بني الأب للذكر مثل حظ
الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
3871 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال
حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو الطاهر قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني
عبد الرحمن بن أبي الزناد قال أخذ أبو الزناد هذه الرسالة من خارجة بن زيد بن ثابت
ومن كبراء آل زيد بن ثابت فذكر رسالة زيد بن ثابت إلى معاوية وفيها:
أني رأيت من نحو قسم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بين الجد والاخوة من
الأب إذا كان أخا واحدا ذكرا مع الجد قسم ما ورثا بينهما شطرين فإن كان مع الجد
أخت واحدة قسم لها الثلث فإن كانتا أختين مع الجد قسم لهما الشطر وللجد الشطر
فإن كان مع الجد أخوان فإنه يقسم للجد الثلث فإن كانوا أكثر من ذلك فإني لم أره
حسبت ينقص الجد من الثلث شيئا ثم ما خلص للاخوة من ميراث أخيهم بعد الجد
فإن بني الأب والأم هم أولى بعضهم من بعض بما فرض الله لهم دون بني العلة
فلذلك حسبت نحوا من الذي كان عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه يقسم بين الجد
والاخوة من الأب ولم يكن يورث الاخوة من الأم الذين ليسوا من الأب مع الجد شيئا.
63

[قال]: ثم [حسبت] أمير المؤمنين عثمان بن عفان [رضي الله عنه
كان] _ يعني يقسم بن الجد والاخوة نحو هذا _.
3872 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي:
اختلفوا في الجد فقال زيد بن ثابت.
وروي عن عمر، وعثمان، وعلي وابن مسعود يورث مع الاخوة.
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وابن عباس.
وروي عن عائشة وابن الزبير وعبد الله بن عتبة:
أنهم جعلوه أبا وأسقطوا الاخوة معه ثم ذكر ترجيح قول من شرك بينهم / كما هو
منقول في المبسوط.
3873 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن رجل عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي:
أنه كان يشرك بين الجد والاخوة حتى يكون سادسا.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا.
أما صاحبهم فيقول: الجد أب فيطرح الاخوة.
وأما هم ونحن فنقول يقول زيد يقاسم الاخوة ما كانت المقاسمة خيرا له ولا
ينقص من الثلث من رأس المال.
3874 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن
إبراهيم قال:
كان عبد الله يشرك الجد مع الاخوة فإذا كثروا أوفاه السدس.
وقال الشافعي:
64

على هذا ما قال في قول علي.
3875 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن
إبراهيم قال:
كان عبد الله يجعل الأكدرية من ثمانية للأم سهم وللجد سهم وللأخت ثلاث
أسهم وللزوج ثلاثة أسهم.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا ولكنهم _ يريد بعض العراقيين _ يقولون بما روي عن
زيد بن ثابت بجعلها تسعة أسهم:
للأم سهمان. وللجد سهم. وللأخت ثلاثة أسهم. وللزوج ثلاثة أسهم.
ثم يقاسم الجد الأخت فيجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
3876 - وبإسناده قال قال الشافعي عن رجل عن الثوري عن إسماعيل بن رجاء
عن إبراهيم وسفيان عمن سمع الشعبي يقول: أظنه عن عبد الله:
في جد وأخت وأم: للأخت ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا إنما يقولون بقول زيد:
بجعلها من تسعة للأم ثلاثة أسهم. وللجد أربعة. وللأخت سهمان.
وهذه الآثار إنما أوردها الشافعي إلزاما للعراقيين في خلاف علي وعبد الله.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين:
ولا أعلم للجد في السنة فرضا إلا من وجه واحد لا يثبته أهل الحديث كل
الثبت.
قال أحمد:
وكأنه أراد ما رواه في كتاب / حرملة عن سفيان عن ابن جدعان عن الحسن عن
عمران بن حصين:
أن عمرا سأل الناس: من سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى في الجد بشيء؟
65

فقام رجل فقال: أنا شهدته أعطاه الثلث.
قال مع من؟ قال: لا أدري.
قال لا دريت.
3877 - أخبرناه أبو سعيد الخطيب الأسفرائيني قال أخبرنا أبو بحر البربهاري
قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره مثله.
وكأنه ضعفه بأن رواية علي بن جدعان وهو غير محتج به عند أهل العلم
بالحديث أو بأن الحسن لم يثبت سماعه من عمران.
واختلف عليه في إسناده.
وهذا أولى فقد رواه قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين:
أن شيخا أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله إن ابن ابني مات فما لي من
ميراثه؟ فقال:
' لك سدس '.
فلما أدبر دعاه فقال:
' لك سدس آخر '.
فلما ولى دعاه فقال:
' لك السدس الآخر طعمة '.
3878 - حدثناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام عن قتادة فذكره.
إلا أن أهل الحديث لا يثبتون سماع الحسن من عمران بن حصين.
وقد رواه يونس بن عبيد عن الحسن.
أن عمر رضي الله عنه قال:
66

أيكم يعلم ما ورث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الجد؟
قال معقل بن يسار: أنا ورثه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] السدس.
قال: مع من؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت فما يغني إذا؟!.
3879 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس. فذكره.
وهذه الرواية أبين في الانقطاع لأن الحسن لم يشهد سؤال عمر.
ويشبه أن يكون الشافعي وقف على ذلك فلذلك قال:
لا يثبته أهل الحديث كل الثبت.
وإسناد الروايتين قبل الإرسال / وكذلك أخرجهما أبو داود في كتاب السنن.
3880 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو معشر المديني بن
أبي عيسى الحناط:
أن عمر بن الخطاب سأل جلساءه: أيكم عنده (......) من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في
الجد؟
فقال رجل: أنا (....) أعطاه السدس.
قال: مع من؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت.
قال: ثم سأل أيضا فقال رجل: أنا عندي علم من ذلك.
قال: مه؟ قال: أعطاه الثلث.
قال: مع من؟ قال: لا أدري. قال: لا دريت ثم سأل أيضا. فقال رجل: أنا
عندي من علم من ذلك.
قال: مه. قال: أعطاه النصف. قال: مع من؟
قال: لا أدري. قال: لا دريت.
67

ثم سأل أيضا. فقال رجل: أعطاه المال كله فلما (......) زيد الفرائض
أعطاه مع الولد الذكور السدس ومع الاخوة الثلث ومع الأخ الواحد النصف وإذا لم
يكن وارث غيره جعل له المال قال أحمد:
وهذا قد رواه الثوري عن عيسى المدني عن الشعبي في الثلث والسدس وهو
منقطع وعيسى غير قوي والله أعلم.
((822 - [باب] العول))
3881 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا حسين بن علي بن الأسود العجلي قال حدثنا
يحيى بن آدم قال حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه
أنه أول من أعال الفرائض وكان أكثر ما أعالها به الثلثين.
((823 - [باب] ميراث المرتد))
3882 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين
عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم '.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن الزهري وأخرجه من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نقول. فإن ارتد أحد عن الإسلام لم يرثه مسلم بقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
68

وقطع الله الولاية من المسلمين والمشركين.
وذكر احتجاج من خالفه في المرتد بما روي:
أن علي بن أبي طالب قتل المستورد وورث ميراثه ورثته من المسلمين.
قال الشافعي:
قد يزعم بعض أهل الحديث منكم أنه غلط.
قال أحمد:
قد رواه سليمان الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن علي مثل هذا.
ورواه سماك عن ابن عبيد بن الأبرص قال:
كنت جالسا عند علي: فذكر قصة المستورد وأمر علي بقتله وإحراقه بالنار.
قال فيها ولم يعرف لماله.
ورواه أيضا الشعبي وعبد الملك بن عمير دون ذكر المال.
وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه كان يضعف حديث علي في ذلك.
ثم جعله الشافعي لخصمه ثابتا واعتذر في تركه بظاهر قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم '.
كما ترك وتركوا قول معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومن تابعهم منهم:
سعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين وغيرهما في توريث المسلم من
أهل الكتاب لظاهر قوله:
' لا يرث المسلم الكافر '.
وإن كان يحتمل أن يكون أراد به الكفار من أهل الأوثان.
69

قال الشافعي:
وقد روي أن معاوية كتب إلى ابن عباس وزيد بن ثابت يسألهما عن ميراث
المرتد.
فقالا: لبيت المال.
قال الشافعي:
يعنيان أنه فيء.
قال أحمد:
ورواية من روى في حديث الزهري:
' لا يتوارث أهل ملتين '.
غير محفوظة. ورواية الحفاظ مثل حديث ابن عيينة.
وإنما يروى هذا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وقد روي في حديث عمر والقطان جميعا في حديث واحد.
فمن ادعى كون قوله:
' لا يتوارث / أهل ملتين '.
هو الأصل وما رويناه منقولا على المعنى فلسوء معرفته بالأسانيد أو لميله إلى
الهوى فرواة ما ذكرناه حفاظ أثبات.
وقد اختلف أهل العلم بالحديث في روايات عمرو بن شعيب إذا لم ينضم إليها
ما يؤكده.
وانفرد من رواه في حديث الزهري بروايته.
ورواية الحفاظ بخلاف روايته وبالله التوفيق.
وأما رواية هشيم عن الزهري في ذلك فقد حكم الحفاظ بكونه غلطا وبأن
هشيما لم يسمعه من الزهري.
70

فروايته عنه منقطعة.
3883 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن قتادة أخبرنا علي بن الفضل بن
محمد بن عقيل الخزاعي أخبرنا أبو شعيب الحراني حدثنا علي بن المديني حدثنا
هشيم بن بشير عن الزهري عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يتوارث أهل ملتين '.
قال: فذكرت ذلك لسفيان بن عيينة فقال:
لم يحفظ.
قال علي: فنظرنا فإذا هشيم لم يسمع هذا الحديث من الزهري.
((824 - [باب] المشركة))
3884 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
قلنا في المشركة زوج وأم وأخوين لأب وأم وأخوين لأم.
فللزوج النصف وللأم السدس وللأخوين من الأم الثلث.
ويشركهم بنو الأب والأم لأن الأب لما سقط حكمه صاروا بني أم معا.
وحكاه الشافعي في القديم عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت.
3885 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب حدثنا
محمد بن نصر حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا معمر قال سمعت
سماك بن الفضل الخولاني يحدث عن وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود الثقفي
قال شهدت عمر بن الخطاب أشرك الاخوة من الأب والأم مع الاخوة من الأم في
الثلث فقال له رجل:
لقد قضيت عام أول بغير هذا.
قال: كيف قضيت؟
قال: جعلته للاخوة من الأم ولم تجعل للاخوة من الأب والأم شيئا.
71

قال: تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا.
3886 - / أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا
يحيى بن أبي طالب أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان الثوري عن منصور
والأعمش عن إبراهيم عن عمر، وعبد الله، وزيد أنهم قالوا:
للزوج النصف وللأم السدس وأشركوا بين الاخوة من الأب والأم والاخوة من
الأم في الثلث. وقالوا:
ما زادهم الأب إلا قربا.
قال أحمد:
وروينا عن أبي ملجز أن عثمان بن عفان شرك بينهم وأن عليا لم يشرك بينهم.
3887 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن عبد الله شرك.
قال الشافعي:
ونحن نقول يشرك وهم يخالفونه ويقولون لا يشرك.
قال الشيخ أحمد:
وروي عن عبد الله أنه لم يشرك.
3888 - أخبرناه أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
رجل عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله أنه لم يشرك.
قال أحمد:
وروى محمد بن سالم عن الشعبي عن زيد:
72

أنه لم يشرك.
وهذه رواية ضعيفة.
الصحيح عن خارجة بن زيد ووهيب وغيرهما عن زيد أنه شرك بينهم.
والصحيح عن علي أنه لم يشرك.
والصحيح عن عمر أنه رجع إلى الشريك.
واختلفت الرواية عن عبد الله كما ذكرناه.
وإبراهيم النخعي أعرف بمذهب عبد الله من غيره.
وكذلك رواه الشعبي عن عبد الله أنه شرك.
((825 - [باب] ميراث ولد الملاعنة))
3889 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقلنا إذا مات ولد الملاعنة وولد الزنا ورثت أمه حقها في كتاب الله عز وجل
واخوته لأمه حقوقهم.
ونظرنا ما بقي فإن كانت أمة مولاة لعتاقة كان ما بقي ميراثا لمولى أمه وإن
كانت عربية أو لا ولاء لها كان ما بقي ميراثا لجماعة المسلمين.
قال أحمد:
قد روينا في حديث الزهري عن سهل بن سعد / في قصة المتلاعنين قال:
وكانت حاملا فأنكر حملها فكان ابنها يدعى إليها ثم جرت السنة بعد في
الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله عز وجل لها.
وروينا عن ابن عباس عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
73

' أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما بقي فلأولى رجل
ذكر '.
وروينا عن الشعبي وقتادة أن زيدا قال:
لأمه الثلث ولأخته السدس وما بقي فلبيت المال.
3890 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا يحيى بن أبي
طالب أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن سالم عن الشعبي قال. وأخبرنا يزيد عن
حماد بن سلمة عن قتادة فذكراه عن زيد بن ثابت.
وروينا عن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار نحو قول الشافعي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقال بعض الناس بقولنا فيهما إلا في خصلة واحدة إذا كانت أمة عربية أو لا
ولاء لها ردوا ما بقي من ميراثه على عصبة أمه.
وقالوا: عصبة أمه عصبته.
واحتجوا فيه برواية ليست ثابتة وأخرى ليست مما تقوم بها حجة.
قال أحمد:
الرواية التي ليست ثابتة أظنه أراد حديث عمر بن رؤبة الثعلبي عن
عبد الواحد بن عبد الله النصري عن واثلة بن الأسقع عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المرأة تحرز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه '.
74

3891 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن
إسماعيل الطوسي الفقيه أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان حدثنا هشام بن
عمار حدثنا محمد بن حرب حدثنا عمر بن رؤبة الثعلبي فذكره.
ورواه أبو داود في كتاب السنن عن إبراهيم بن موسى الرازي عن محمد بن
حرب.
وقد قال البخاري: عمر بن رؤبة الثعلبي عن عبد الواحد النصري فيه نظر.
قال أحمد:
فلم يثبت البخاري ولا مسلم هذا الحديث لجهالة بعض رواته.
وأما الرواية التي ليست مما تقوم بها الحجة فأظنه أراد حديث مكحول قال:
جعل / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها.
وهذا منقطع وقد رواه عيسى بن موسى أبو محمد القرشي وليس بالمشهور عن
العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي حديث الثوري عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال:
كتبت إلى أخ لي من بني زريق:
لمن قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بولد الملاعنة؟
فقال: قضى به لأمه.
قال:
' هي بمنزلة أبيه ومنزلة أمه '.
ورواه حماد بن سلمة عن داود عن عبد الله عن رجل من أهل الشام أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قال:
' ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه '.
75

وهذا والذي قبله منقطع ولفظه مختلف فيه.
ولو ثبت ذلك وجب المصير إليه إلا أن أسانيده كما ذكرنا والله أعلم.
((826 - [باب] ميراث المجوس))
3892 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقلنا إذا أسلم المجوسي وابنة الرجل امرأته أو أخته أمه نظرنا إلى أعظم
النسبين فورثناها به وألقينا الآخر وأعظمها أثبتهما بكل حال.
فإذا كان أم أختا ورثناها بأنها أم وذلك أن الأم قد تثبت في كل حال والأخت قد
تزول.
وهكذا جميع فرائضهم على هذه المنازل.
قال أحمد:
روي عن زيد بن ثابت أنه يرث بأدنى الأمرين ولا يرث من وجهين.
وهو قول الحسن والزهري.
وروي عن علي أنه كان يورثه من الموجهين.
وروي أيضا عن ابن مسعود.
والرواية فيه عن علي وابن مسعود وزيد ضعيفة.
((827 - [باب] ميراث الخنثى))
3893 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في
الخنثى:
76

يرث ويورث من حيث يبول.
قال أحمد:
وهذا قول علي من الصحابة.
وروي فيه حديث مسند ضعيف.
3894 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد / بن عدي الحافظ أن
الحسن بن سفيان حدثهم عن هشام بن عمار عن أبي يوسف القاضي عن الكلبي عن
أبي صالح عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الرجل يكون له قبل ودبر قال:
' يورث من حيث يبول '.
الكلبي لا يحتج به ولا بأبي صالح هذا.
3895 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن
جابر بن زيد أن زيادا أو ابن زياد سأله عن الخنثى.
فقال جابر بن زيد:
يورث من أيهما.
قال: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: نعم وإذا بال منهما جميعا ورث
من أيهما سبق.
((828 - [باب] ذوي الأرحام والرد))
3896 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
من كانت له فريضة في كتاب الله أو في سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أو ما جاء عن
السلف انتهينا به إلى فريضته فإن فضل من المال شيء لم نرده عليه.
77

وذلك أن علينا شيئين:
أحدهما: أن لا ينقصه مما جعل الله له.
[والآخر]: أن لا نزيده عليه.
والانتهاء إلى حكم الله هكذا.
وقال بعض الناس:
يرد عليه إذا لم يكن للمال من يستغرقه وكان من ذوي الأرحام ولا نرده
على زوج ولا زوجة.
وقالوا: روينا قولنا هذا عن بعض أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
فقلنا لهم: أنتم تتركون ما تروون عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود
في أكثر الفرائض لقول زيد بن ثابت فكيف لم يكن هذا فيما تتركون؟
قالوا: إنا سمعنا قول الله تبارك وتعالى:
* (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *.
فقلنا: معناها على غير ما ذهبتم إليه ولو كانت على ما ذهبتم إليه كنتم قد
تركتموها.
قالوا: فما معناها؟
قلنا: توارث الناس بالحلف والنصرة ثم توارثوا بالإسلام والهجرة ثم نسخ ذلك
فنزل قول الله تعالى:
78

* (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) *.
قال أحمد:
/ هكذا رويناه عن عبد الله بن عباس أنه قال في سبب نزول هذه الآية ما ذكره
الشافعي.
قال الشافعي:
فنزل قوله:
* (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *.
على ما فرض الله وبين رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا مطلقا هكذا.
ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام ولا رحم له.
أولا ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله ولا يرث الخال والخال أقرب رحما
منه.
فإنما معناها على ما وصفت لك من أنها على ما فرض الله لهم وسن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم].
قال: وأنتم تقولون أن الناس إنما يتوارثون بالرحم وتقولون خلافه [في موضع
آخر] أن الرجل إذا مات وترك أخواله ومواليه فماله لمواليه دون أخواله.
فقد منعت ذوي الأرحام الذين [قد] تعطيهم في حال.
وأعطيت الموالي الذي لا رحم له المال.
قال أحمد:
ومن ذهب إلى قوله في توريث ذوي الأرحام من الصحابة قدم توريثهم على
المولى وهم يقدمون المولى.
79

3897 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال:
كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون المولى قال وكان علي أشدهم في ذلك.
قال الشافعي:
وليس يقولون بهذا. يقولون: إذا لم يكن أهل فرائض مسماة ولا عصبة ورثنا
الموالي.
قال أحمد:
وهكذا رواه فضيل عن عمرو عن إبراهيم النخعي.
وروى سفيان الثوري عن حبان الجعفي قال:
كنت عند سويد بن غفلة فأتى في ابنة وامرأة ومولى فقال: كان علي يعطي
الابنة النصف والمرأة الثمن ويرد ما بقي على الأثبت.
فهذه رواية موصولة عن علي بخلاف ما قالوا.
وإبراهيم النخعي رواه عن عمر، وعلي بخلاف ما قالوا.
وإنما روي مثل مذهبهم عن علي عن مطر عن الحكم بن عتبة ومحمد بن سالم
عن الشعبي عن سلمة بن كهيل قال:
رأيت المرأة التي ورثها فأعطى الابنة / النصف والموالي النصف.
وهذه الروايات كلها ضعيفة ومنقطعة.
والرواية الموصولة عن علي بخلاف ذلك.
وإبراهيم النخعي في زعمهم أعلم بمذهب علي وعبد الله من غيره.
فقد خالفوا زيدا وخالفوا البدريين فيما ذهبوا إليه من الرد وتوريث ذوي الأرحام
مع الموالي.
والذي روي عن عبد الله بن شداد في عتق ابنه حمزة حين مات وترك ابنته وابنه
حمزة فأعطى النبي [صلى الله عليه وسلم] ابنته النصف وابنه حمزة النصف.
حديث منقطع.
قال الشافعي في القديم واحتج في ذلك بشيء روي في ثابت بن الدحداح.
80

قال أحمد:
وإنما أراد ما روي عن واسع بن حبان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه سأل عاصم بن عدي
الأنصاري عن ثابت بن الدحداح وتوفي:
' هل تعلمون له نسبا فيكم '؟
فقال: لا إنما هو أتى فينا فقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بميراثه لابن أخته.
3898 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكريزي حدثنا
علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن عباد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن
يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان رفعه.
وهذا منقطع.
قال الشافعي:
ثابت قتل يوم أحد قبل أن تنزل الفرائض.
قال أحمد:
قتله يوم أحد في رواية الزهري عن سعيد بن المسيب.
قال الشافعي:
وإنما نزلت آية الفرائض فيما ثبت أصحابنا في بنات محمود بن مسلمة وقتل يوم
خيبر وقد قيل نزلت بعد أحد في بنات سعد بن الربيع.
وهذا كله بعد أمر ثابت بن الدحداح.
قال أحمد:
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال:
يا رسول الله إنما يرثني كلالة [فكيف الميراث]؟
81

فنزلت آية الفرائض _ يعني التي في آخر سورة النساء _.
وإنما قال هذا بعد أن قتل أبوه شهيدا يوم أحد.
وترك بنات له هن أخوات جابر.
وروينا عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر في امرأة سعد بن الربيع حين
جاءت بابنتها من سعد إلى رسول الله / صلى الله عليه وسلم وشكت إليه أخذ عمها مالها فأنزل الله آية
المواريث.
وذلك يدل على صحة ما قاله الشافعي رحمه الله:
وأما حديث المقدام الكندي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه والخال وارث من لا وارث له يعقل
عنه ويرثه '.
فقد كان يحيى بن معين يضعفه ويقول ليس فيه حديث قوي.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي عبيدة في غلام لا يعلم له أصل أصابه سهم
فقلته أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقول:
' الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له '.
وروي من وجه آخر ضعيف ومنقطع عن أبي هريرة مرفوعا وعن عائشة موقوفا
ومرفوعا ورفعه ضعيف.
وقد أجمعوا على أن الخال الذي لا يكون ابن عم أو مولى لا يعقل بالخؤولة
فخالفوا الحديث الذي احتجوا به في العقل.
82

فإن كان ثابتا فيشبه أن يكون في وقت كان يعقل بالخؤلة ثم صار الأمر إلى غير
ذلك أو أراد خالا بعقل بأن يكون ابن عم أو مولى أو اختار وضع ماله فيه إذا لم يكن له وارث سواه.
كما روي عن عائشة أن رجلا وقع من نخلة فمات وترك شيئا ولم يدع ولدا ولا
حميما فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أعطوا ميراثه رجلا من أهل قريته '.
وفي رواية بريدة في رجل من خزاعة توفي فلم يجدوا له وارثا.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ادفعوه إلى أكبر خزاعة '.
وعن [عبد الله] بن عباس في رجل توفي ولم [يترك وارثا] إلا عبدا له هو
أعتقه فأعطاه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ميراثه.
فكأنه لما صار أمره إلى الإمام رأى من المصلحة أن يضعه في رحمه.
كما رأى في هذه الأخبار وضعه فيمن لا يستحق الميراث والله أعلم.
وأما الذي روي عن المدنيون بخلاف ذلك برواية موصولة وأخرى مرسلة.
3899 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم البوشنجي / قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الرحمن بن حنظلة الزرقي أنه
أخبره عن مولى لقريش كان قديما يقال له: ابن مرسي قال: كنت جالسا عند
عمر بن الخطاب فلما صلى الظهر قال: يا يرفا هلم [ذلك] الكتاب _ لكتاب كتبه
83

في شأن العمة _ يسأل عنها ويستخبر فيها.
فأتاه به يرفا فدعا بتور أو قدح فيه الماء فمحا ذلك الكتاب فيه [ثم] قال:
لو رضيك الله لأقرك لو رضيك الله لأقرك.
3900 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه
سمع أباه كثيرا يقول:
كان عمر بن الخطاب يقول: عجبا للعمة تورث ولا ترث.
هكذا أوردهما مالك في الموطأ ورواه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
ركب إلى قباء يستخير الله في ميراث العمة والخالة فأنزل الله عليه أن لا ميراث
لهما.
3901 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا آدم بن
محمد بن زياد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا أبو الجماهر قال حدثنا الدراوردي
فذكره بمثله.
ورواه أبو داود في المراسيل عن القعنبي عن الدراوردي.
وهذا نظير ما روي عن أبي أمامة قال:
شهدت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع فسمعته يقول:
' إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث '.
84

((20 - كتاب الوصايا))
بسم الله الرحمن الرحيم
((829 - [باب] ما نسخ من الوصايا))
3902 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا
الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى:
* (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) *.
وقال: * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول) *.
قال: وأنزل الله تعالى ميراث الوالدين ومن ورث بعدهما ومعهما من الأقربين
وميراث الزوج من زوجته والزوجة من زوجها.
ثم ذكر احتمال ثبوت الوصية مع الميراث.
واحتمال أن تكون المواريث ناسخة للوصايا.
قال الشافعي:
فوجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل المغازي من قريش وغيرهم لا
85

يختلفون في أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال عام الفتح:
' لا وصية لوارث ولا يقتل مؤمن بكافر '.
ولا يرويه عن من حفظه عنه ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي لكان هذا نقل
عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمرين نقل واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين.
قال الشافعي:
وروى بعض الشاميين حدثنا ليس مما يثبته أهل الحديث في أن بعض رجاله
مجهولون.
وإنما أراد حديث إسماعيل بن عياش حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني سمع
أبا أمامة يقول:
شهدت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع فسمعته يقول:
' قد أعطي كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث '.
3903 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن
حبيب حدثنا أبو داود حدثنا إسماعيل بن عياش فذكره.
وحديث إسماعيل عن الشاميين لا بأس به.
وروي ذلك أيضا عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن
خارجة قال:
شهدت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: فذكر هذا المعنى.
86

3904 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا وصية لوارث '.
قال الشافعي في رواية / أبي عبد الله:
فاستدللنا بما وصفت من عامة نقل أهل المغازي على أن المواريث ناسخة
للوالدين والزوجة مع الخبر المنقطع عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وإجماع العامة على القول به.
قال أحمد:
روينا عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا:
نسخت آية المواريث الوصية للوالدين والأقربين.
قال الشافعي:
وكذلك قال أكثر العلماء إلا أن طاوسا وقليلا معه قالوا:
نسخت الوصية للوالدين ومن يرث وثبتت للقرابة غير الوالدين فمن أوصى لغير
قرابة لم تجز.
3905 - أخبرنا أبو سعيد - في كتاب الوصايا - حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
قال قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه - انقطع الحديث من
الأصل وإنما أراد ما حكاه في الرسالة من مذهب طاوس في الوصية -.
3906 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا أحمد بن
نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول:
إن الوصية كانت قبل الميراث فلما نزل الميراث نسخ من يرث وبقي الوصية
لمن لا يرث فهي ثابتة.
فمن أوصى لغير ذي قرابة لم تجز وصيته.
87

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فلما احتملت الآية ما ذهب إليه طاوس وجب عندنا على أهل العلم طلب
الدلالة على خلاف ما قال طاوس أو موافقته.
فوجدنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حكم في ستة مملوكين كانوا لرجل لا مال له غيرهم
فأعتقهم عند الموت فجزأهم النبي [صلى الله عليه وسلم] ثلاثة أجزاء وأعتق اثنين وأرق أربعة.
أخبرنا بذلك عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن
عمران بن حصين عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
فكانت دلالة السنة من حديث عمران بينة بأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنزل عتقهم في
المرضى وصية والذي أعتقهم رجل من / العرب.
والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبينه من العجم فأجاز النبي [صلى الله عليه وسلم] لهم
الوصية.
فدل ذلك على أن الوصية لو كانت تبطل لغير قرابة بطلت للعبيد المعتقين.
((830 - [باب] تبدية الدين قبل الوصية))
3907 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله جل ثناؤه في غير آية من قسم المواريث:
* (من بعد وصية توصون بها أو دين) *
و * (من بعد وصية يوصين بها أو دين) *
فكان ظاهر الآية المعقول فيهما:
* (من بعد وصية توصون بها أو دين) *
88

إن كان عليهم دين.
قال فلما لم يكن بين أهل العلم خلاف علمته في ذا حتى يستوفي دينه.
وكان أهل الميراث إنما يملكون عن الميت ما كان الميت أملك به كان بينا والله
أعلم في حكم الله ثم ما لم أعلم أهل العلم اختلفوا فيه أن الدين مبدأ على الوصايا
والميراث.
قال: وقد روي في تبدية الدين قبل الوصية حديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يثبت أهل
الحديث مثله.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قضى بالدين قبل الوصية.
قال أحمد:
وإنما امتنعوا من تثبيته لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي.
وقد طعنوا في روايته.
3908 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس
أنه قيل له:
كيف تأمر بالعمرة قبل الحج والله تعالى يقول:
* (وأتموا الحج والعمرة لله) *
فقال: كيف تقرأون الدين قبل الوصية أو الوصية قبل الدين؟ قالوا: الوصية قبل
الدين.
قال: فبأيهما تبدأون؟
قال: بالدين. قال: فهو ذلك.
89

قال الشافعي:
يعني أن التقديم جائز.
((831 - [باب] الوصية بالثلث وأقل من الثلث))
3909 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه
قال:
جاءني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت:
يا رسول الله قد بلغني من الوجع ما ترى وأنا ذو مال لا يرثني إلا ابنة لي
أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ' لا ' فقلت فالشطر؟ قال: ' لا ' [ثم قال رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]]: ' الثلث والثلث كبير أو كثير إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم
عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما
تجعله في في امرأتك '.
[قال]: فقلت: يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي؟
قال:
' إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك إن
تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا
تردهم على أعقابهم '.
90

لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول [صلى الله عليه وسلم] بمكة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3910 - وبهذا الإسناد حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة قال
حدثني الزهري فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال:
مرضت عام الفتح مرضا أشرفت منه على الموت فأتاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعودني
وقال:
' عملا صالحا تريد به وجه الله '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
وسفيان خالف الجماعة في قوله عام الفتح.
الصحيح رواية مالك وإبراهيم بن سعد ومعمر ويونس عن الزهري في حجة
الوداع.
3911 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قول النبي [صلى الله عليه وسلم] لسعد أغنى عما قال من بعده في الوصايا وذلك أن بينا في كلامه
أنه إنما قصد اختيار أن يترك الوصي ورثته أغنياء فإن تركهم أغنياء أجزت له أن
يستوعب الثلث.
قال: / وقول النبي [صلى الله عليه وسلم] ' الثلث والثلث كبير أو كثير '.
يحتمل الثلث غير قليل وهو أولى معانيه به لأنه لو كرهه لسعد لقال له غض منه.
3912 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه
أخبرنا محمد بن سفيان حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله عز
وجل:
* (وإذا حضر القسمة) * إلى قوله:
* (وليخش الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله
وليقولوا قولا سديدا) *
91

قال: قسمة الميراث فليتق الله من حضر فليحضر بخير وليخف أن يحضر حين
يخلف هو أيضا بما حضر غيره.
قال أحمد:
روينا عن ابن عباس ثم عن مجاهد في هذه الآية:
أنها في الرجل يحضر الرجل عنده قومه عند الوصية فيأمره بالوصية بما يكون فيه
ضرر على ورثته ثم ذكرا - يعني ما قال الشافعي -.
وأما قوله:
* (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) *.
فقد رويت عن عكرمة عن ابن عباس أنها محكمة غير منسوخة.
وكذلك عن أبي موسى الأشعري.
وروينا عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في هذه الآية:
هما وليان ولي يرث وولي لا يرث.
فأما الذي يرث فيعطي. وأما الذي لا يرث فليقل معروفا.
3913 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
إبراهيم بن مرزوق حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن أبي بشر فذكره.
وبمعناه رواه هشيم عن أبي بشر.
ورواه البخاري عن أبي النعمان عارم عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد عن
ابن عباس قال:
إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون
الناس بها.
هما واليان وال يرث وذاك الذي يرزق ووالي لا يرث فذاك الذي يقول
92

بالمعروف يقول: لا أملك لك أن أعطيك.
3914 - أخبرنا أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال كتب إلى
محمد بن يوسف / عن محمد بن خازم حدثنا إسماعيل حدثنا عارم فذكره.
وروينا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه قسم ميراث أبيه وعائشة حية
فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاهم من ميراث أبيه.
وتلي هذه الآية قال القاسم:
فذكرت ذلك لابن عباس فقال:
ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك في الوصية وإنما هذه الآية في الوصية يريد
الميت أن يوصي.
وحكى ابن المنذر في هذه القصة أنه ذكر ذلك لعائشة فقالت:
عمل بالكتاب هي لم تنسخ.
وروى داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب * (وإذا حضر القسمة) *.
قال: قسمة الثلث.
وفي رواية أخرى قال: ذاك من الثلث عند الوصية.
وفي رواية أخرى قال: إذا مات الميت فقد وجب الميراث لأهله.
وروى قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال نسختها الفرائض.
وفي رواية أخرى: هي منسوخة.
وقاله أيضا عكرمة.
وقال أبو صالح: كانوا يرضخون (......) حتى نزلت الفرائض.
93

وقال الضحاك: هي منسوخة.
ويذكر عن عطاء أنه قال: هي منسوخة نسختها آية الميراث.
وكذا قال أبو مالك.
وفي حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية: كان يرخص
للأولياء أن يرضخوا لهؤلاء إذا حضروا قسمة المواريث بالشيء ثم نسخ هذا بالوصية والمواريث وترك الرضخ لهم عند القسمة.
وقال في قوله:
* (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم) *
كان الناس قبل هذه الآية إذا حضروا ميتا قالوا له أوص لفلان بكذا ولفلان بكذا
حتى يذهب عامة ماله وتبقى عياله بغير شيء فكره الله لهم ذلك فانتهى الناس بعد نزول
هذه الآية وصارت الوصية إلى الثلث لا يزاد عليه.
((832 - [باب] الوصية وترك الوصية))
3915 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله أخبرنا أبو النضر
أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن
عمر أن رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده
مكتوبة '.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
3916 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
94

حدثنا الشافعي عن سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما حق امرئ يوصي بالوصية وله مال يوصي فيه تأتي عليه ليلتان إلا ووصيته
مكتوبة عنده '.
أخرجه مسلم من حديث أيوب.
قال الشافعي في القديم:
يجب هذا القول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإن الله تبارك وتعالى جعل أمره [صلى الله عليه وسلم] الرشيد
المبارك المحمود الدين والعاقبة.
3917 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع
قال الشافعي فيما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الوصية:
إن قوله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما حق امرئ '.
يحتمل ما لامرئ أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
ويتحمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من وجه الفرض.
((833 - [باب] الوصية فيما زاد على الثلث))
3918 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تدل على أن لا يجوز لأحد وصية إذا جاوز الثلث مما
ترك فمن أوصى فجاوز الثلث ردت وصاياه كلها إلا الثلث إلا أن يتطوع الورثة
فيجيزون له ذلك فيجوز بإعطائهم.
قال أحمد قد مضى في هذا المعنى حديث عمران بن حصين في عتق
المماليك.
وروينا عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم]:
95

' إن الله أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم '.
3919 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
العباس بن محمد أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا طلحة. فذكره.
وطلحة بن عمرو غير قوي.
إلا أنه قد روي بإسناد شامي عن معاذ بن جبل كذلك مرفوعا.
قال أحمد:
وهكذا إذا أوصى لمن لا يجوز له الوصية من الورثة لم يجز إلا بإجازة سائر
الورثة.
وقد روينا عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس وقيل: عن عطاء عن
ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة '.
وروي ذلك عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وليسا بالقويين.
((834 - [باب] الوصية بالعتق ومن استحب الإكثار مع الاسترخاص ومن استحب الاستتار))
3920 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
إكثارها واسترخاصها أحب إلي لأنه يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار '.
96

ويزيد بعضهم في الحديث:
' حتى الفرج بالفرج '.
3921 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني عبد الله بن سعيد حدثنا
مسدد بن قطن حدثنا داود بن رشيد حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن
مطرف عن زيد بن أسلم عن علي بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى
فرجه بفرجه '.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الرحيم عن داود بن رشيد.
ورواه مسلم عن داود بن رشيد.
وقال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل عن الرقاب أيها أفضل فقال:
' أكثرها ثمنا وأنفسها عند أهلها '.
3922 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره بنحوه.
إلا أنه قال فقال:
' أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها '.
وهذا مرسل.
97

وقد رواه عبيد الله بن موسى عن هشام عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] موصولا.
3923 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر بن دحيم حدثنا أحمد بن
حازم حدثنا عبيد الله. فذكره في حديث طويل مخرج في الصحيحين.
قال [الشافعي] في القديم:
وبهذا نقول لما جاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وبأنه تقرب إلى الله تعالى بإخراج بعض ماله
فكل ما كثر ثمنه فهو أكثر لقربه.
وبسط الكلام فيه.
قال الشافعي في الجديد:
وإذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله أعطيه من أراد الغزو.
قال أحمد:
وهذا القول روي عن أبي الدرداء وبه قال مالك والأوزاعي.
وحديث أم معقل عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الجمل الذي أوصى به أبو معقل في سبيل
الله وهلك فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فهلا خرجت عليه فإن الحج من سبيل الله '.
تفرد بوصل حديثها محمد بن إسحاق بن يسار عن عيسى بن معقل بن أبي
معقل عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل.
وروي ذلك في حديث بكر بن عبد الله عن ابن عباس في امرأة قالت لزوجها
أحجني على جملك فلان فقال:
ذلك حبيس في سبيل الله وإنه أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر ذلك له فقال:
' أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله '.
غير أن هذا يخالف الأول في بعض القصة.
98

وقد أعرض عنها البخاري ومسلم فلم يخرجاهما في الصحيح والله أعلم.
وروي عن ابن عمر أنه كان يذهب إلى مثل هذا.
3924 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
وإذا قال الرجل ثلث مالي إلى فلان يضعه حيث أراه الله فليس له أن يأخذ
لنفسه منه شيئا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
واختار للموصي إليه أن يعطيه أهل الحاجة من قرابة الميت حتى يغني كل
واحد منهم دون غيرهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وأحب له إن كان له رضعا أن يعطيهم دون جيرانه لأن حرمة الرضاع تقابل حرمة
النسب.
ثم أحب له أن يعطي جيرانه الأقرب منهم فالأقرب وأقصى الجوار منتهى أربعين
دارا من كل ناحية.
ثم أحب له أن يعطيه أفقر من يجد وأشده تعففا واستتارا.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك في قصة أبي طلحة وقوله للنبي
[صلى الله عليه وسلم]:
إن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا
رسول الله حيث أراك الله.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إني أرى أن تجعلها في الأقربين '.
99

وفي رواية أخرى:
' اجعلها في فقراء قرابتك '.
وروينا عن عائشة قالت يا رسول الله إن لي جارتين فإلى أيهما أهدي؟ قال:
' إلى أقربهما منك بابا '.
وروى أبو داود في المراسيل عن إبراهيم بن مروان الدمشقي عن أبيه عن هقل بن زياد عن الأوزاعي عن يونس عن ابن شهاب قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أربعين دارا جارا '.
قال فقلت لابن شهاب وكيف أربعين دارا؟
قال: أربعين عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه.
3925 - أخبرناه أبو بكر محمد بن محمد الطوسي أخبرنا أبو الحسين النسوي
حدثنا أبو علي اللؤلؤي حدثنا أبو داود فذكره.
وروينا في كتاب السنن في ذلك. بإسنادين غير قويين عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
موصولا.
((835 - [باب] نكاح المريض))
3926 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن
نافع مولى ابن عمر أنه قال:
100

كانت ابنة حفص بن المغيرة عند عبد الله بن أبي ربيعة فطلقها تطليقة ثم أن
عمر بن الخطاب زوجها فحدث أنها عاقرا لا تلد فطلقها قبل أن يجامعها فمكثت
حياة عمر وبعض خلافة عثمان رضي الله عنه ثم تزوجها عبد الله بن أبي ربيعة وهو
مريض لتشرك نساءه في الميراث وكانت بينه وبينها قرابة.
3927 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي:
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة بن خالد يقول:
أراد عبد الرحمن بن أم الحكم في شكواه أن يخرج امرأته من ميراثها فأبت
فنكح عليها ثلاث نسوة وأصدقهن ألف دينار كل امرأة منهن فأجاز ذلك عبد الملك بن
مروان وشرك بينهن في الثمن.
قال الشافعي:
أرى ذلك صداق مثلهن.
زاد أبو سعيد في روايته قال قال الشافعي:
وبلغني أن معاذ بن جبل قال في مرضه الذي مات فيه:
زوجوني لا ألقى الله وأنا عازب.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم أن شريحا قضى في نكاح رجل نكح عند موته فجعل
الميراث والصداق في ماله.
3928 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع: أن ابن أبي
ربيعة نكح وهو مريض فجاز ذلك.
3929 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد عن ابن
101

جريج عن عكرمة بن خالد فذكر حديث ابن أم الحكم.
هكذا وجدته في الإملاء.
وحديثه عن سعيد وحده أتم إسنادا ومتنا.
قال أحمد:
وروي في إباحة نكاح المريض عن الزبير بن عوام وقدامة بن مظعون.
وأما حديث معاذ:
3930 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الوليد الفقيه حدثنا الحسن بن
سفيان أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر عن أبي رجاء عن الحسن قال
قال معاذ في مرضه الذي مات فيه.
زوجوني فإني أكره أن ألقى الله أعزب.
((836 - [باب] الوصية بالعتق وغيره))
3931 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقد اختلف في الرجل يوصي بالعتق ووصايا غيره.
فقال غير واحد من المفتين يبدأ / بالعتق ثم يجعل ما بقي من الثلث في
الوصايا.
ولست أعرف في هذا أمرا يلزم من أثر ثابت ولا إجماع لا اختلاف فيه.
قال أحمد:
روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال:
مضت السنة أن يبدأ بالعتاقة في الوصية.
وروينا عن الثوري عن الأشعث عن نافع عن ابن عمر ثم عن شريح والحسن
وإبراهيم.
102

وأصح الروايتين عن عطاء:
أنه يبدأ بالعتاقة قبل الوصايا.
وروينا عن ليث عن مجاهد عن عمر أنه قال:
تحاصوا.
وهذا عن عمر منقطع.
وهو قول محمد بن سيرين والشعبي وإحدى الروايتين عن عطاء.
((837 - [باب] صدقة الحي عن الميت))
3932 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي
قال:
ويلحق الميت من فعل غيره عنه وعمله ثلاث: حج يؤدى عنه ومال يتصدق به
عنه أو يقضي أو دعاء.
قال أحمد:
وقد مر في كتاب الحج جواز الحج والعمرة عن الميت.
وأما الصدقة فقد قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا قال للنبي [صلى الله عليه وسلم]:
إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نعم '.
103

فتصدق عنها.
3933 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن
سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه عن هشام.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن
أبيه عن جده أنه قال:
خرج سعد بن عبادة في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها
أوص.
قالت: فيما أوصي؟ إنما المال مال سعد.
فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد:
يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نعم '.
فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها. لحائط سماه.
3934 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا
الشافعي عن مالك. فذكره.
قال الشافعي في رواية الربيع:
وأما الدعاء فإن الله ندب العباد إليه وأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] به.
قال أحمد:
قد مر في كتاب الجنائز أخبار في الدعاء للميت.
104

وثبت عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية أو علم
ينتفع به أو ولد صالح يدعو له '.
3935 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا ابن وهب قال أخبرني سليمان بن بلال عن العلاء فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أنه حدثه أن أمه أرادت أن توصي ثم
أخرت ذلك إلى أن تصبح فهلكت وقد كانت همت بأن تعتق.
قال عبد الرحمن فقلت للقاسم بن محمد:
أينفعها أن أعتق عنها؟
فقال القاسم: إن سعد بن عبادة قال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
إن أمي هلكت فهل ينفعها أن أعتق عنها؟
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' نعم '.
3936 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره. وزاد:
' نعم أعتق عنها '.
وهذا مرسل.
105

وروي من وجه آخر عن الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وعن عطاء بن أبي رباح عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في وصية العاص بن وائل
قال:
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أنه لو كان مسلما فاعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك '.
قال الشافعي في القديم:
وبهذا نأخذ وقد أعتقت عائشة عن أخيها ومات عن غير وصية.
قال الشافعي:
أرجو أن يوصل الله إلى الميت خير العتق والأجر فيه ولا ينقص حظ الحي.
والعتق ليس كغيره لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الولاء لمن أعتق '.
والحي هو المعتق فلا أمر من الميت.
((838 - [باب] الوصية للقرابة))
3937 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا أوصى فقال: ثلث مالي لقرابتي فالقرابة من قبل الأب والأم في الوصية
سواء وأقرب قرابته وأبعدهم فيها سواء وإذا كان من قبيلة من قريش صير إلى المعروف
106

من قول العامة ذوي قرابتي.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
واحتج أصحابنا في دخول بني الأعمام في الأقربين بحديث أبي طلحة حيث
جعل أرضه لله عز وجل فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اجعلها في قرابتك '.
فقسمها بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب وكانا من بني أعمامه.
ولما نزل قوله:
* (وأنذر عشيرتك الأقربين) *
قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله إني لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني
عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا '.
((839 - [باب] الوصية للقاتل))
روى مبشر بن عبيد - وهو متروك منسوب إلى الوضع - عن حجاج بن أرطأة عن
عاصم عن زر عن علي قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ليس لقاتل وصية '.
107

3938 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي أخبرنا
الحسن بن سفيان حدثنا ابن مصفى حدثنا بقية حدثنا مبشر بن عبيد. فذكره.
قال أحمد:
وهذا منكر لا يرويه عن عاصم غير حجاج وعن حجاج غير مبشر.
((840 - [باب] الرجوع في الوصية))
3939 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وللموصي أن يغير من وصيته ما شاء.
قال أحمد:
وقد روينا هذا عن عمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهما.
((841 - [باب] ولي اليتيم يأكل من مال اليتيم مكان قيامه عليه بالمعروف إذا كان فقيرا))
قال الله عز وجل:
* (من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) *
قالت عائشة: إنما أنزلت في والي مال اليتيم إذا كان فقيرا أنه يأكل منه مكان
قيامه عليه بالمعروف.
وروينا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال لرجل
فقير ليس له شيء وله يتيم:
108

' كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل '.
وروينا في ذلك أيضا عن ابن عباس من قوله.
وأما قضاء ما أكل منه إذا أيسر فقد: روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال:
إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا
أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت.
ورويناه عن ابن عباس أنه قال:
فإن أيسر قضى وإن أعسر كان في حل.
وروينا عن عبيدة ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية أنهم قالوا: يقضه.
وروينا عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح:
لا يقضيه.
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
لما نزلت:
* (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) *
عزلوا أموالهم عن أموال اليتامى فجعل الطعام يفسد واللحم ينتن يعني ما يفضل
عنهم.
فشكوا ذلك إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأنزل الله عز وجل:
* (قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم) *
قال: فخالطوهم.
109

وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في كتاب البيوع والوصايا من كتاب السنن.
((842 - [باب] الوديعة))
قال الله عز وجل:
* (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *
وثبت عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان '.
وروينا عن أبي بكر وعلي وابن مسعود أنهم جعلوا الوديعة أمانة.
وقال شريح: ليس على المستودع غير المغل ضمان.
وروينا في المغازي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خرج من مكة وأمر علي بن أبي طالب أن
يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس.
3940 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
فيما حكي عن بعض العراقيين عن حماد عن إبراهيم في الرجل يموت وعنده الوديعة
وعليه دين أنهم يتحاصون الغرماء وأصحاب الوديعة بالحصص.
وعن الحجاج عن أبي جعفر وعطاء مثل ذلك.
وعن الحجاج عن الحكم عن إبراهيم مثل ذلك.
قال الشافعي:
إن لم تعرف الوديعة بعينها ببينة تقوم أو إقرار من الميت وعرف لها عددا وقيمة
كان صاحب الوديعة كغريم من الغرماء.
إلا أن يقول المستودع قبل أن يموت قد هلكت الوديعة فيكون القول قوله لأنه
أمين.
110

((كتاب قسم الفيء والغنيمة))
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تبارك وتعالى:
* (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل) *
وقال: * (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) *.
إلى قوله: * (ما أفاء على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى
واليتامى [والمساكين] وابن السبيل) *
قال الشافعي:
فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معا الخمس من جميعها لمن سماه الله له
في الآيتين معا ثم يفرق الحكم في الأربعة الأخماس بما بين الله تبارك وتعالى على
لسانه لنبيه [صلى الله عليه وسلم] وفي فعله فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة.
والغنيمة: هي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني أو فقير.
111

والفيء: هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
فكانت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في قرى عربية التي أفاء الله تعالى عليه أن أربعة
أخماسها لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] خاصة دون المسلمين يضعها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حيث أراه الله
عز وجل.
3941 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم قالا:
حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي قال سمعت ابن
عيينة يحدث عن الزهري أنه سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول سمعت عمر بن
الخطاب والعباس وعلي بن أبي طالب يختصمان إليه في أموال النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال عمر:
كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون
بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] خالصة دون المسلمين فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
ينفق منها على أهله نفقة سنة فما فضل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ثم
توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فوليها أبو بكر الصديق بمثل ما وليها به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم وليتها
بمثل ما وليها به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر الصديق ثم سألتماني أن أوليكماها فوليتكماها
على أن تعملا فيه بمثل ما وليها به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم وليها به أبو بكر ثم وليتها به
فجئتماني تختصمان أتريدان أن أدفع إلى كل واحد منكما نصفا أتريدان مني قضاء
أتريدان غير ما قضيت به بينكما أولا؟ فلا و [الله] الذي بإذنه تقوم السماوات
والأرض لا أقضي بينكما قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها.
قال الشافعي:
فقال لي سفيان لم أسمعه من الزهري ولكن أخبرنيه عمرو بن دينار / عن
الزهري.
112

قلت: كما قصصت. قال: نعم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن عمرو بن دينار مختصرا.
قال الشافعي:
ومعنى قول عمر لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] خاصة يريد ما كان يكون للموجفين. وذلك
أربعة أخماسه واستدل على ذلك بالآية.
قال الشافعي:
وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [من أزواجه وغيرهن لو كان
معهن] أن أحدا من أهل العلم قال لورثتهم تلك النفقة التي كانت لهم.
ولا خالف في أن تجعل تلك النفقات حيث كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يجعل فضول
غلات تلك الأموال فيما فيه صلاح الإسلام وأهله.
3942 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن
الحدثان عن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا نورث ما تركنا فهو صدقة '.
قال: وسمعت عمر بن الخطاب ينشد عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن
عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير فقال:
أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض أسمعتم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' لا نورث ما تركنا صدقة '؟
113

قالوا: نعم.
3943 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا
الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار
عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه سمع عمر بن الخطاب يناشد عليا
وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدا.
قال سفيان: أشك في سعد _ أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا نورث ما تركنا صدقة '؟
قالوا: اللهم نعم.
ورواه مالك بن أنس عن الزهري فذكرهم وذكر عباسا وسعدا ولم يذكر
طلحة.
وهو مخرج في الصحيحين.
وكذلك قاله شعيب بن أبي حمزة عن الزهري.
ورواه / معمر عن الزهري يشك في ذكر طلحة.
ورواه البختري عن من حدثه فذكر طلحة وسعدا.
3944 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا [قالا]: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا [يقتسم] ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو
صدقة '.
114

3945 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بمثل
معناه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم أيضا من حديث سفيان.
3946 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لو جاءني مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا '.
فتوفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولم يأته فجاء أبو بكر فأعطاني حين جاءه.
قال الربيع: بقية الحديث حدثني غير الشافعي من قوله:
' لو جاءني '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان أتم من ذلك.
((843 - [باب] سهم الصفي))
قد روينا في كتاب النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى بني زهير بن أقيش:
' إنكم إن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وفارقتم المشركين وأعطيتم الخمس من
المغنم ثم سهم النبي والصفي فأنتم آمنون لأمان الله وأمان رسوله '.
3947 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
115

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي قال:
كان للنبي [صلى الله عليه وسلم] سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا وإن شاء أمة وإن شاء فرسا
يختاره قبل الخمس.
وروينا عن ابن سيرين أنه سئل عن سهم النبي [صلى الله عليه وسلم] والصفي قال:
كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يأخذ له رأس من
الخمس قبل كل شيء.
قال أحمد:
كذا وجدته في رواية ابن سيرين من الخمس ولعله عبر به عن الغنيمة ليكون
موافقا لقول الشعبي ويحتمل غير ذلك والله أعلم.
قال الشافعي:
الأمر الذي لم يختلف فيه أحد من أهل العلم عندنا علمته ولم يزل يحفظ من
قولهم:
أنه ليس لأحد ما كان لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] من صفي الغنيمة.
3948 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد
أخبرنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا أبو عاصم عن وهب بن خالد قال حدثتيني أم حبيبة
بنت العرباض عن أبيها أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذ وبرة من الفيء فقال:
' ما لي من هذه إلا ما لأحدكم إلا الخمس وهو مردود فيكم فردوا الخيط
والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار ونار وشنار '.
وفي هذا مع ما أشرنا إليه في كتابه دلالة على أنه كان يستحق من الغنيمة
سهمه.
116

وفي قوله:
' إلا ما لأحدكم '.
يريد سهم الفارس إن كان فارسا وسهم الراجل إن كان راجلا.
((844 - [باب] الأنفال))
3949 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن
يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة الأنصاري
قال خرجنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام حنين فلما التقيانا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا
من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته
على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه
الموت فأرسلني فلقيت عمر بن الخطاب فقلت له:
ما بال الناس؟ قال: أمر الله. / ثم أن الناس رجعوا فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ' فقمت فقلت: من يشهد لي؟
ثم جلست. فقالها الثانية.
فقمت فقلت: من يشهد لي؟
ثم جلست. فقالها الثالثة.
فقمت في الثالثة فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما بالك يا أبا قتادة '؟
فأقصصت عليه القصة. فقال رجل من القوم:
صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه.
فقال أبو بكر: لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله
فيعطيك سلبه.
117

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صدق فأعطه إياه '.
قال أبو قتادة فأعطانيه.
فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
قال مالك: المخرف النخل.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي رحمه الله:
هذا حديث ثابت معروف عندنا وفيه ما دل على أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من قتل قتيلا فله سلبه '.
يوم حنين بعد ما قتل أبو قتادة الرجل.
واحتج في القديم برواية حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من قتل كافرا فله سلبه '.
3950 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد فذكره وزاد:
فقتل أبو طلحة يومئذ _ يعني يوم حنين _ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم.
واحتج أيضا بحديث أبي مالك الأشجعي عن نعيم بن أبي هند عن ابن سمرة
118

عن سمرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من قتل قتيلا فله سلبه '.
3951 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا
محمد بن إسحاق حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن أبي مالك الأشجعي
فذكره.
واحتج أيضا بحديث عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] / قال:
' من قتل الرجل؟ '.
قالوا سلمة. قال:
' له سلبه '.
3952 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد حدثنا أبو يعلى
حدثنا عبد الله بن بكار حدثنا عكرمة بن عمار. فذكره بإسناده أتم من ذلك في الرجل
الذي جاء طليعة للكفار فنظر ثم خرج يركض على بعيره.
قال إياس قال أبي فاتبعته أعدوا على رجلي واتبعه رجل منا من أسلم على ناقة
له ورقاء فتقدمت حتى كنت [عند] ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام
الجمل فقلت أنخ فلما وضع ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فندر ثم
جئت براحلته أقودها.
قال فاستقبلني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مع الناس فقال:
' من قتل الرجل '؟
قالوا: ابن الأكوع.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' له سلبه أجمع '.
119

أخرجه مسلم في الصحيح.
وفي حديث سلمة ما في حديث أبي قتادة من أنه جعله له بعدما قتل الرجل وفيه
حجة لمن جعل السلب للقاتل سواء قتله في الإقبال أو الإدبار.
واحتج الشافعي أيضا بحديث الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك.
أن مددنا قتل رجلا من الروم في غزوة مؤتة فأراد خالد بن الوليد أن يخمس
السلب فقلت: قد علمت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى بالسلب للقاتل.
3953 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا
عبد الله بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن
عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يكن يخمس السلب وأن مدديا كان رفيقا لهم في غزوة
مؤتة في طرف الشام قال: فجعل رومي منهم يشد على المسلمين وهو على فرس
أشقر وسرج مذهب منطقة ملطخة بذهب وسيف محلى بذهب (......) فجعل
يفري بهم قال: فتلطف له المددي حتى ضربه / فضرب عرقوب فرسه فوقع ثم
علاه بالسيف فقتله وأخذ سلاحه.
قال: فأعطاه خالد بن الوليد وحبس منه.
قال عوف: فقلت له: أعطه كله أليس قد سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' السلب للقاتل '؟!.
فقال: بلى ولكن قد استكثرته.
قال عوف فكان بيني وبينه كلام في ذلك.
فقلت: لأخبرن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بذلك قال عوف: فلما اجتمعنا عند رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] ذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال لخالد:
' لم لم تعطه '؟
120

فقال: قد استكثرته. قال:
' فادفعه إليه '.
قال عوف فقلت له: ألم أنجز لك ما وعدتك؟
قال: فغضب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقال:
' يا خالد لا تدفعه إليه هل أنتم تاركي لي أمرائي '؟
قال الوليد: فلقيت ثور بن يزيد فحدثته بهذا فقال: حدثني به خالد بن معدان
عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بنحو من حديث صفوان.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم.
وفي هذا دلالة على أن قبل غزوة حنين كان مشهورا فيما بين الصحابة أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] قضى بالسلب للقاتل وإنه كان لا يخمس وحين رجعا إلى النبي في ذلك صدق
عوفا ولم ير اعتذار خالد بالاستكثار عذرا في التخميس ثم لما حاور عوفا أميرا من
أمرائهم ورأى النبي [صلى الله عليه وسلم] ما في ذلك من سقوط حشمة الأمير فغضب وأمره بمنعه إياه
على طريق التأديب.
وكان له أن يفعل ذلك ثم يجوز أنه كان يعطيه إياه من بعد.
وقد قضى بالسلب للقاتل في غزوة حنين ولم يخمسه.
ولم ينصف من تعلق بهذا وخالف السنة في السلب للقاتل.
وهلا عد ذلك من جملة العقوبات التي كانت بالأموال ثم صار منسوخا كما فعل
في غير هذا مما خولف فيه بلا حجة.
والذي تعلق به في قتل أبي جهل /.
وقول النبي [صلى الله عليه وسلم] لمعاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح:
' كلاكما قتله '.
وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو.
فقسيمة بدر كانت للنبي [صلى الله عليه وسلم] بنص الكتاب يعطي منها من يشاء.
121

وقد قسم لجماعة لم يشهدوها ثم نزلت الآية بعد بدر وقضى النبي [صلى الله عليه وسلم] بالسلب
للقاتل فصار الأمر إلى ذلك ثم يجوز أن يكون أحدهما أثخنه وجرحه الآخر بعده
فقضى بسلبه للأول قال الشافعي:
ولا يخمس السلب فعارضنا معارض فذكر أن عمر بن الخطاب قال:
إنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب البراء قد بلغ شيئا كثيرا ولا أراني إلا خامسه
قال: فخمسه.
وذكر عن ابن عباس أنه قال:
السلب في الغنيمة وفيه خمس.
قال الشافعي:
وإذا ثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ بأبي هو وأمي _ شيء لم يجز تركه ولم يستثن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قليل السلب ولا كثيره.
وهذه الرواية في خمس السلب عن عمر ليست من روايتنا.
قال أحمد:
هي من رواية البصريين عن أنس بن مالك.
قال الشافعي:
وله رواية عن سعد بن أبي وقاص في زمان عمر تخالفها.
قال الشافعي:
أخبرنا ابن عيينة عن الأسود بن قيس عن رجل من قومه يسمى سبر بن علقمة
قال:
بارزت رجلا يوم القادسية فقتلته فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفانيه سعدا.
3954 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
122

فذكره إلا أنه قال: يقال شبر بن علقمة.
قال الشافعي:
واثني عشر ألفا كثير.
قال أحمد:
واختلف أهل المغازي في قاتل مرحب فمنهم من قال: قتله علي ومنهم من
قال: قتله محمد بن مسلمة.
وذهب الواقدي: إلى أن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ولم
يجهز عليه فمر به علي فضرب عنقه.
فأعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] محمد بن مسلمة سيفه ودرعه ومغفره وبيضته وكان عند
آل محمد بن مسلمة / سيفه.
3955 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله بن فطر أخبرنا الحسن بن
الجهم حدثنا الحسين بن الفرج حدثنا محمد بن عمر _ هو الواقدي _ فذكره أتم من
ذلك.
((845 - [باب] الوجه الثاني من النفل))
3956 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث سرية
فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرا فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو
أحد عشر بعيرا ثم نفلوا بعيرا بعيرا.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3957 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعثنا
123

في سرية إلى نجد فأصاب سهم كل رجل منا اثني عشر بعيرا أو نفلنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
بعيرا بعيرا.
وهكذا في رواية عبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة وبرد بن سنان عن نافع عن
ابن عمر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نفلهم.
وخالفهم محمد بن إسحاق بن يسار فرواه عن نافع عن ابن عمر: أن أميرهم
نفلهم بعيرا بعيرا لكل إنسان ثم قدموا على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقسم بينهم غنيمتهم وما
حاسبهم بالذي أعطاهم صاحبهم.
وفي رواية الليث بن سعد إشارة إلى ذلك.
ويشبه أن تكون رواية الجماعة أصح.
فقد رواه يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه مثل روايتهم وهو:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نفلهم من إبل جاءوا بها بعيرا بعيرا.
3958 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
أخبرنا مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول:
كان الناس يعطون النفل من الخمس.
قال الشافعي:
وقول ابن المسيب يعطون النفل / من الخمس كما قال _ إن شاء الله _ وذلك من
خمس النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
124

وقد روى بعض الشاميين في النفل في البداءة والرجعة الثلث في واحدة والربع
في الأخرى.
ورواية ابن عمر: أنه نفل نصف السدس.
فهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام.
وأكثر مغازي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يكن فيها أنفال.
فإذا كان للإمام أن لا ينفل فنفل فينبغي أن يكون على الاجتهاد غير محدود.
3959 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ محمد بن جعفر الدقاق حدثنا جعفر بن
محمد الفريابي حدثنا محمد بن عائذ حدثنا الهيثم بن حميد حدثنا العلاء بن الحارث
وأبو وهب عن مكحول عن زياد بن خارجة عن حبيب عن مسلمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نفل
الربع مما يأتي به القوم في البداءة وفي الرجعة الثلث بعد الخمس.
3960 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
محمد بن إسحاق حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثني
محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن زياد بن جارية عن
حبيب بن مسلمة قال رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينفل الثلث بعد الخمس.
وكان معاوية بن أبي سفيان يأمر حبيب بن مسلمة على (....) فكان إذا
قدم السرية أمامه ينفلها الربع بعد الخمس.
وكان إذا ردها خلفه وهو منصرف ينفلها الثلث بعد الخمس.
رواه الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه عن سفيان بن عيينة عن
يزيد بن يزيد بن جابر دون قصة معاوية.
3961 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا علي بن عيسى حدثنا أحمد بن نجدة
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان بإسناده ومعناه.
3962 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني
125

حدثنا ابن أبي مريم حدثنا الفريابي.
3963 - (ح) قال: وحدثنا الدبري عن عبد الرزاق جميعا عن الثوري عن
عبد الرحمن بن الحارث / عن سليمان بن موسى عن مكحول عن ابن سلام عن أبي
أمامة عن عبادة بن الصامت أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان ينفل في مبدأه الربع وإذا نفل الثلث بعد
الخمس.
رواه أبو عبد الرحمن عن الشافعي أنه حكاه عن وكيع عن سفيان دون قوله: بعد
الخمس.
وهذه الرواية ينفرد بإسنادها عبد الرحمن بن الحارث.
ويقال أنه غلط فيه.
فإنما رواه سعيد بن عبد العزيز وغيره عن سليمان بن موسى عن مكحول عن
زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة.
وكذلك رواه عامة أصحاب مكحول عنه.
وحديث حبيب يدل على أنه كان ينفل من أربعة أخماس ما يأتون به إذا بعثهم
إلى موضع في البداءة أو في الرجعة.
وقد يحتمل أنه أراد بعد الخمس أي بعد أن يفرد الخمس ثم ينفل من الخمس.
ورواية محمد بن إسحاق بن يسار في حديث ابن عمر يدل على النفل من رأس
الغنيمة إلا أن أكثر الرواة عن نافع قد خالفوه في ذلك كما ذكرنا.
وكذلك رواية يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه يخالفه.
3964 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد حسان بن محمد
حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال حدثني
أبي عن جدي عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة النفل
سوى قيمة عامة الجيش والخمس ذلك واجب كله.
126

رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث.
ورواه مسلم عن عبد الملك بن شعيب.
وهذا يدل على أنه كان يخمس الخمس ثم ينفل بعد ذلك.
وليس فيه بيان الموضع الذي كان ينفل منه بعد ذلك.
وقد روى الحكم بن عيينة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان ينفل قبل أن تنزل فريضة / الخمس في المغنم فلما نزلت
الآية:
* (ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه) *.
ترك النفل الذي كان ينفل وصار ذلك إلى خمس الخمس من سهم الله وسهم
النبي [صلى الله عليه وسلم].
3965 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر الرازي حدثنا حنبل بن
إسحاق حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير حدثنا الحسن بن الحر حدثنا الحكم. فذكره.
وروينا فيه عن سعيد بن المسيب.
وروي عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه قال: ما أدركت الناس ينفلون إلا من
الخمس.
((846 - [باب] الوجه الثالث من النفل))
3966 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
قال بعض أهل العلم: إذا بعث الإمام سرية أو جيشا فقال لهم قبل اللقاء: من
غنم شيئا فهو له بعد الخمس.
فذلك لهم على ما شرط لأنهم على ذلك غزوا...
127

وذهبوا في هذا إلى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال يوم بدر:
' من أخذ شيئا فهو له '.
وذلك قبل نزول الخمس - والله أعلم - ولم أعلم شيئا يثبت عندنا عن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] بهذا.
قال أحمد:
قد روي عن عبادة بن الصامت أنه سئل عن الأنفال فقال:
فينا أصحاب بدر نزلت وذلك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين التقى الناس ببدر نفل
كل امرئ ما أصاب ثم [ذكر الحديث في] نزول الآية والقسمة بينهم.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال يوم بدر:
' من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا '.
ثم ذكر تنازعهم ونزول الآية في الأنفال وقسمة النبي [صلى الله عليه وسلم] الغنيمة بينهم.
وروينا في حديث سعد بن أبي وقاص في بعث عبد الله بن جحش وكان الفيء
إذ ذاك.
' من أخذ شيئا فهو له '.
قال أحمد:
قد كان ذلك قبل وقعة بدر وقد صار الأمر بعد / نزول الآية إلى ما اختاره
الشافعي من قسمة أربعة أخماس بين من حضر القتال وأربعة أخماس الخمس على
أهله.
وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يضع سهمه حيث أراه الله وهو خمس الخمس.
والله أعلم.
128

((847 - باب تفريق الخمس))
احتج الشافعي في قسمة ما غنم من أهل دار الحرب من دار وأرض وغير ذلك
من المال أو السبي بالآية وقال: أخبرنا غير واحد منهم سعيد بن سالم عن مالك بن
أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر:
لولا أجر المسلمين ما فتحت مدينة إلا قسمتها كما قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيبر.
وهذا في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه.
3967 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني إسماعيل بن أحمد
الجرجاني أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي حدثنا مالك فذكره إلا أنه قال: قرية بدل مدينة رواه البخاري في الصحيح عن
صدقة بن الفضل عن عبد الرحمن حدثنا بعض من نصر قول من زعم أن الإمام في
الأرض بالخيار وتعلق بحديث سهل بن أبي حثمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قسم خيبر نصفين نصفا
لنوائبه وحوائجه ونصفا بين المسلمين.
3968 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني
حدثنا المقدام بن داود حدثنا أسد بن موسى حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن
سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي خثمة قال:
قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيبر نصفين. فذكره غير أنه قال: بين المسلمين على
سهمهم.
ورواه الربيع بن سليمان عن أسد وقال في الحديث:
فقسمها بينهم على ثمانية عشر سهما.
زعم هذا الشيخ رحمنا الله وإياه أنه لم يقسم جميعها بين الغانمين وإنما
وقف / نصفها وقسم نصفها.
129

فهذا يدل على أنه لا يجب على الإمام قسمة الأراضي بين الغانمين.
ولم نعلم أن المعني فيما لم يقسم منها بين الغانمين ما هو مشهور فيما بين أهل
المغازي.
وهو أن بعض أهل حصون خيبر سألوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يحقن دماءهم ويسيرهم
ففعل.
فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك فكانت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] خالصة لأنه
لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
هكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري وغيره من أهل المغازي
وروينا عن مالك بن أنس أنه قال:
كان خيبر بعضها عنوة وبعضها صلحا.
قال أحمد:
قد ثبت عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم '.
واحتج بعضهم بما فعل عمر بن الخطاب بأرض السواد ونحن نذكره _ إن شاء
الله _ حيث ذكره الشافعي.
قال الشافعي:
وقد خالف عمر في أمر تركة القسمة بلال ومن كان بالشام من أصحاب
رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وخالفه الزبير بن العوام في فتح مصر.
ويشبه أن يكون عمر طلب إستطابة أنفسهم بذلك كما فعل مع بجيلة في أرض
130

السواد لما كان يرى فيه من المصلحة.
وحين لم يطب به بلال نفسا قال عمر اللهم أرحني من بلال وأصحابه.
ولولا قيام الحجة بما روى هو ورووا من قسمة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خيبر لكان لا
يطلب إستطابة قلوبهم لما رأى من المصلحة ولعارضهم بما ترك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من
قسمها دل أن أمر خيبر فيما ترك من قسمته بين الغانمين على ما ذكرنا وهو أنه فتح
صلحا والله أعلم.
((848 - [باب] ما يفعل بالرجال البالغين))
/ قال الشافعي رحمه الله:
الإمام فيهم الخيار بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل أو يفادي أو
يسبي.
واحتج الشافعي في القديم بقول الله عز وجل:
* (إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء) *.
فجعل لهم المن والفداء وكذلك فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أسارى بدر من عليهم
وفداءهم والحرب قائمة بينه وبين قريش.
ومن على ثمامة بن أثال وهو يومئذ وقومه أهل اليمامة حرب لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3969 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] فادى رجلا برجلين.
وقد ذكر الشافعي رحمه الله هذه المسألة في كتاب السير أبسط من هذا.
131

وأما الذي روي عن ابن عباس من أن الفداء منسوخ بقوله:
* (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) *.
فإنه لم يبلغني عنه بإسناد صحيح إنما هو عندي في تفسير عطية العوفي برواية
أولاده عنه وهو إسناد ضعيف.
ثم قد روى شعبة عن خالد بن جعفر عن الحسن البصري قال:
دفع الحجاج أسيرا إلى ابن عمر ليقتله فقال ابن عمر ليس بهذا أمرنا الله.
قال الله عز وجل:
* (إذا لقيتم الذين كفروا) *.
إلى قوله: * (فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) *.
ورواه علي بن زيد عن الحسن.
وقال ابن عامر: بدل الحجاج وقال عظيما من عظماء إصطخر.
وفي هذا من ابن عمر دلالة على أن هذه الآية عنده محكمة غير منسوخة.
وكيف تكون منسوخة وقد علقها بغاية فقال:
* (حتى تضع الحرب أوزارها) *.
وروينا عن مجاهد أنه قال في معناه:
حتى لا يكون دين إلا الإسلام.
وفي رواية أخرى عنه: يعني نزول عيسى ابن مريم.
وعن سعيد بن جبير / قال: خروج عيسى ابن مريم.
3970 - وأخبرنا علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا يزيد بن إبراهيم أخبرنا
محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال:
132

يوشك من عاش منكم أن يرى عيسى ابن مريم إماما مهديا وحكما عدلا فيكسر
الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها.
ورواه الربيع بن صبيح عن ابن سيرين عن عائشة أنها قالت:
يوشك أن ينزل عيسى ابن مريم. فذكره.
وفي الحديث الثابت عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر
الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد '.
وذكر الشافعي في كتاب القسم في الرجل يأسر الرجل فيسترق أو يأخذ منه
الفدية:
قولين أحدهما: أنه لا يكون ذلك لمن أسره.
قال الشافعي:
وهذا قول صحيح لا أعلم خبرا ثابتا يخالفه.
وقد قيل: أنه لمن أخذه كما يكون سلبه لمن قتله لأن أخذه أشد من قتله.
وهذا مذهب.
قال أحمد:
لا أعلم فيه إلا ما روى موسى بن إسماعيل حدثنا غالب بن حجرة قال حدثتني
أم عبد الله عن أبيها عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أتى بمولى فله سلبه '.
3971 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
133

محمد بن إسحاق حدثنا موسى فذكره.
وهذا إسناد فيه من يجهل حاله. والله أعلم.
((849 - [باب] سهم الفارس))
3972 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة من أصحابنا عن إسحاق الأزرق الواسطي عن
عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
ضرب للفرس بسهمين وللفارس بسهم.
وذكر الشافعي في القديم / رواية أبي معاوية عن عبيد الله بن عمر بإسناده هذا:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أسهم للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه.
3973 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني أخبرنا أبو سعيد بن
الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية فذكره إلا أنه قال:
أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهم له وسهمين لفرسه.
وكذلك رواه سفيان الثوري وأبو أسامة وغيرهما عن عبيد الله.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي أسامة.
وأخرجه مسلم من حديث عبد الله بن نمير وسليم بن أخضر عن عبيد الله.
وقد وهم فيه بعض الرواة عن أبي أسامة وابن نمير فقال: للفرس سهمين
وللراجل سهما.
ورواه عنهما وعن غيرهما عن عبيد الله كما ذكرنا.
134

ورواه عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر.
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قسم يوم خيبر للفارس سهمين وللراجل سهمين.
قال الشافعي في القديم:
كأنه سمع نافعا يقول:
للفرس سهمين وللراجل سهما.
فقال: للفارس سهمين وللراجل سهما.
قال الشافعي:
وليس يشك أحد من أهل العلم في تقدمة عبيد الله بن عمر على أخيه في
الحفظ.
وروي عن مجمع بن جارية:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قسم سهما في خيبر على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألف
وخمس مائة منهم ثلاث مائة فارس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما.
قال الشافعي في القديم:
مجمع بن يعقوب _ يعني راوي هذا الحديث _ عن أبيه عن عمه
عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية شيخ لا يعرف.
فأخذنا بحديث عبيد الله ولم نر له خبرا مثله يعارضه ولا يجوز رد خبر إلا بخبر
مثله.
قال أحمد:
والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف
فيه ففي رواية جابر وأهل المغازي أنهم كانوا ألف وأربع مائة / وهم أهل الحديبية.
135

وفي رواية ابن عباس وصالح بن كيسان وبشير بن يسار وأهل المغازي:
أن الخيل كانت مائتي فرس فكان للفرس سهمان ولصاحبه سهم ولكل راجل
سهم.
وقد أخرجنا أسانيد هذه الأحاديث في كتاب السنن.
وقال أبو داود السجستاني: حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه وأرى الوهم
في حديث مجمع أنه قال ثلاثمائة فارس وإنما كانوا مائتي فارس.
وفي رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عن الشافعي:
أنه ذكر أيضا حديث شاذان عن زهير عن أبي إسحاق قال: غزوت مع سعيد بن
عثمان فأسهم لفرسي سهمين ولي سهما.
قال أبو إسحاق: وكذلك حدثني هانئ بن هانئ عن علي وكذلك حدثني
حارثة بن مضرب عن عمر.
قال الشافعي في القديم:
قد أمر الله عز وجل أن يعدوا لعدوهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل ولم
يخص عربيا دون هجين.
وأذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في لحوم الخيل فكان ذلك على الهجين والعربي وقال:
' تجاوزنا لكم عن صدقة الخيل والرقيق '.
وقال:
' ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة '.
فجعل الفرس من الخيل.
136

قال الشافعي:
وقد ذكر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه فضل العربي على الهجين.
وأن عمر فعل ذلك.
قال الشافعي:
ولم يرو ذلك إلا مكحول مرسلا.
والمرسل لا تقوم بمثله حجة.
قال الشافعي:
أخبرنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن أبي بشر عن مكحول:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] عرب العربي وهجن الهجين.
قال الشافعي:
وكذلك حديث عمر هو [عن] كلثوم بن الأقمر مرسل.
قال هذان خبران مرسلان ليس واحد منهما شهد ما حدث به.
3974 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي
أخبرنا عبد الرحمن _ يعني ابن محمد بن إدريس _ أخبرنا الربيع قال الشافعي:
في البراذين الهجن والهجين:
/ أن يكون أبوه برزونا وأمه عربية.
3975 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة
حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] قال:
137

' الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة '.
3976 - وبإسناده قال الشافعي أخبرنا سفيان قال سمعت شبيب بن غرقدة يقول
سمعت عروة بن أبي الجعد البارقي يقول سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة '.
قال شبيب: فرأيت في دار عروة سبعين فرسا مربوطة.
أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وابن عيينة.
وأخرجا حديث عامر الشعبي عن عروة البارقي.
وفيه من الزيادة:
' الأجر والغنيمة '.
((850 - [باب] من قال لا يسهم إلا لفرس واحد))
قال الشافعي في رواية الربيع:
وليس فيما قلت من أن لا يسهم إلا لفرس واحد ولا خلافه خبر يثبت مثله.
والله أعلم.
وفيه أحاديث منقطعة أشبهها أن يكون ثابتا ما أخبرنا سفيان بن عيينة عن
هشام بن عروة عن يحيى بن [سعيد بن] عباد بن عبد الله بن الزبير:
أن الزبير بن العوام كان يضرب في المغنم بأربعة أسهم سهما له وسهمين
لفرسه وسهما في ذي القربى.
138

قال الشافعي:
يعني والله أعلم بسهم ذي القربى سهم صفية أمه وقد شك سفيان أحفظه عن
هشام عن يحيى سماعا.
ولم يشك سفيان أنه من حديث هشام عن يحيى هو ولا غيره ممن حفظ عن
هشام.
3977 - أخبرنا _ بالحديث وبما بعده _ أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي. فذكراه.
قال أحمد:
ورواه محاضر بن المورع وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام عن يحيى عن
عبد الله بن الزبير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة:
وحديث مكحول / عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسل أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه
النبي [صلى الله عليه وسلم] خمسة أسهم سهما له وأربعة أسهم لفرسيه.
ولو كان كما حدث مكحول أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأخذ خمسة أسهم
كان ولده أعرف بحديثه وأحرص على ما فيه زيادة من غيرهم إن شاء الله.
قال [الشافعي] في القديم:
وقد ذكر عبد الوهاب الخفاف عن العمري عن أخيه أن الزبير وافى بأفراس يوم
خيبر فلم يسهم له إلا لفرس واحد.
قال أحمد:
وروي عن عبد الله بن رجاء عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن
139

عمر عن الزبير أنه غزا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] بأفراس له فلم يقسم إلا لفرسين.
وهذا يخالف الأول في الإسناد والمتن.
والعمري غير محتج به.
وروي عن الحسن عن بعض الصحابة قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يقسم إلا لفرسين.
وهذا منقطع.
((851 - [باب] الأجير يريد الجهاد))
قال الشافعي:
قد قيل: يسهم له. وقيل: يخير بين أن يسهم له ويطرح الإجارة أو الإجارة [ولا
يسهم له].
وقد قيل: يسهم له إن قاتل ولا يسهم له أن اشتغل بالخدمة.
وهو قول الليث بن سعد.
وقد روي فيه حديثان مختلفان باختلاف حال الأجير.
أحدهما ما يثبت عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه
قال:
كنت خادما لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وآكل من طعامه وتركت
أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله.
140

فذكر قصة إغارة ابن عيينة الفزاري على ظهر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وما صنع هو في
قتالهم قال:
فلما أصبحنا قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالنا سلمة '.
قال: ثم أعطاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [سهمين سهم الفارس وسهم] الراجل
[جميعا].
3978 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو الفضل بن / إبراهيم حدثنا أحمد بن
سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو عامر حدثنا عكرمة بن عمار.
فذكره في قصة طويلة.
رواه مسلم عن إسحاق.
والحديث الآخر ما روينا عن يعلى بن منية:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بعثه في سرية قال فالتمست أجيرا يكفيني وأجري له سهمه
فوجدت رجلا فلما دنا الرجل أتاني فقال ما أدري [ما] السهمان وما يبلغ سهمي
فسم لي شيئا كان السهم أو لم يكن.
فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت
الدنانير فجئت النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكرت له أمره فقال:
' ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى '.
141

3979 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا أحمد بن صالح أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عاصم بن حكيم عن
يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن الديلمي أن يعلى بن منبه قال:
أذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم فالتمست أجيرا يكفيني.
فذكر هذا الحديث.
((852 - [باب] السرية تبعث من العسكر))
قال الشافعي:
شرك كل واحد من الفريقين صاحبه في ما غنموا.
قال الشافعي:
لأنهم جيش واحد كلهم ردء لصاحبه قد مضت خيل المسلمين فغنمت بأوطاس
غنائم كثيرة وأكثر العسكر بحنين فشركوهم وهم مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وذكر في القديم حديث يزيد بن هارون عن أبي إسحاق عن أبيه عن جده أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يرد على الجيش سراياهم '.
3980 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا
أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن أبي إسحاق قال حدثني عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام الفتح فقال:
[' والمسلمون يد على من] / سواهم يسعى بذمتهم أدناهم يرد عليهم
أقصاهم ترد سراياهم على قعدتهم '.
قال الشافعي في رواية الربيع:
ولو كان قوم مقيمين ببلادهم فخرجت منهم طائفة فغنموا لم يشركهم المقيمون
142

وإن كانوا منهم قريبا لأن السرايا كانت تخرج من المدينة فتغنم فلا يشركهم أهل
المدينة.
((853 - [باب] المدد يلحق بالمسلمين بعد انقطاع الحرب))
ذكر الشافعي في القديم حديث حجاج عن شعبة عن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب قال:
أمد أهل الكوفة أهل البصرة وعليهم عمار بن ياسر فجاءوا وقد غنموا فكتب عمر
أن الغنيمة لمن شهد الوقعة.
3981 - أخبرناه علي بن بشران أخبرنا إسماعيل بن الصفار حدثنا سعدان بن
نصر حدثنا وكيع عن شعبة. فذكره بإسناده أتم من ذلك.
واحتج الشافعي بالآية [في] قوله:
* (واعلموا أنما غنمتم من شيء) *.
فجعل الغنيمة لمن اغتنمها وجعل فيها خمسا لمن سمى.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
فإن احتج محتج أن عمر كتب إلى سعد في جيش لحق به بعد ما غنم أن يقسم
له أنه جاءوا قبل أن تقفا القتلى.
قيل روي ذلك عن مجالد عن الشعبي مرسلا لم يروه أحد غيره.
وقد روى قيس عن طارق أن عمر بن الخطاب قال:
الغنيمة لمن شهد الوقعة.
فحديث طارق أصحهما وأشبههما في القياس.
143

وقد ذكر الشافعي هذه المسألة في كتاب السير أتم من هذا.
3982 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو الأحرز
محمد بن عمر بن جميل الأزدي قال حدثني أبو بكر بن أبي خيثمة حدثنا
عبد الوهاب بن نجدة الحوطي.
3983 - (ح) وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا
عبيد بن شريك حدثنا عبد الوهاب حدثنا الوليد بن مسلم عن سعد بن عبد العزيز قال
سمعت بن شهاب يحدث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه حدث سعيد بن
العاص أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / بعث أبان بن سعيد بن العاص في سرية قبل نجد فقدم أبان
وأصحابه على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعدما فتح خيبر.
قال: فأبى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يسهم لهم شيئا ورواه محمد بن الوليد الزبيدي عن
الزهري عن عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة بمعناه وأتم منه.
وكلا الإسنادين محفوظ قاله محمد بن يحيى الذهلي.
((854 - [باب] التسوية في القسم))
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى
عن مكحول عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذ شعرة من بعير فقال:
' ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم ولا مثل هذه
الوبرة '.
3984 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز بن قتادة أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا
أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن
144

الحارث. فذكره بإسناده ومعناه في حديث طويل.
وذكر أيضا في القديم حديث موسى بن داود عن حماد بن زيد عن الزبير بن
الخريت وبديل وخالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين:
أنه سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الغنيمة فقال:
' لله واحد ولهؤلاء أربعة _ يعني الجيش _ فإن رميت بسهم في جنبك
فاستخرجته فلست بأحق به من أخيك المسلم '.
3985 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد بهذا
الإسناد قال:
لله خمسها وأربعة أخماس للجيش.
قال قلت: فما أحد أولى به من أحد قال:
' لا ولا السهم تستخرجه من جنبك أحق به من أخيك المسلم '.
((855 - [باب] القوم يهبون الغنيمة))
/ ذكر الشافعي في القديم حديث يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين سأله هوازن الهبة لذراريهم قال لهم:
' أما نصيبي ونصيب ابن عبد المطلب فلكم وأنا مكلم لكم الناس '.
فسأل الناس فأعفوه إلا عيينة بن بدر فقال: لا أترك حصتي.
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أنت على حصتك '.
145

فوقعت في سهمه امرأة عوراء منهم.
وذكر حديث عفان عن حماد بن سلمة عن أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه.
3986 - أخبرناه أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا
يوسف بن يعقوب حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن سلمة بهذا الحديث.
قال الشافعي:
في هذا دليل أن القوم كانوا مالكين ولو لم يكونوا مالكين ما سألهم رسول الله
[صلى الله عليه وسلم] أن يخرجوا إلى هوازن من شيء ليس لهم بملك.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وقد جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الغنيمة للجيش فلا يجوز أن يشركهم فيها أحد إلا بأمر
بين.
قال: وقد يحتمل عطية النبي [صلى الله عليه وسلم] الأقرع وأصحابه أن تكون من خمس الخمس
وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الخمس:
' هو لي ثم هو مردود فيكم '.
فلما أعطاه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للأبعدين أنكرت ذلك الأنصار الذين هم أولياؤه
وقالوا: يعطي غنائمنا قوما تقطر دمائهم من سيوفنا.
قال الشافعي:
وقد يجوز أن يقولوا: أيعطهم خمس غنائمنا وفينا من يستحقها؟
قال: وقد يقول القائل في خمس الغنيمة إذا ميز منها نحن غنمنا هذا ويريدون
أن سبب ما ملك ذلك بهم.
قال الشافعي:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن النبي
[صلى الله عليه وسلم]:
أعطى الأقرع وأصحابه من خمس الخمس.
146

((856 - [باب] تفريق الخمس))
/ قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تبارك وتعالى:
* (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل) *.
3987 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: حدثنا أبو
العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مطرف بن مازن عن
معمر بن راشد عن ابن شهاب قال أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال:
لما قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا
وعثمان بن عفان فقلنا يا رسول الله:
هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وصفك الله به
منهم.
أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا أو منعتنا وإنما قرابتنا وقرابتهم
واحدة؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ' هكذا وشبك بين أصابعه.
3988 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا _ أحسبه _ داود بن عبد الرحمن
العطار عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناه.
3989 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن محمد بن إسحاق عن
ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناه.
147

قال الشافعي:
فذكرت ذلك لمطرف بن مازن أن يونس وابن إسحاق رويا حديث ابن شهاب
عن ابن المسيب. فقال حدثناه معمر كما وصفت.
فلعل ابن شهاب رواه عنهما معا.
قال أحمد:
قد رواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري عن محمد بن جبير كما
رواه مطرف إلا أن مطرفا وإبراهيم بن إسماعيل كلاهما عند أهل العلم بالحديث
ضعيف.
والصحيح رواية يونس بن يزيد ومحمد بن إسحاق عن الزهري عن / ابن
المسيب.
وإن كان يحتمل ما قال مطرف.
وقد ذكر الشافعي في القديم حديث الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن
ابن المسيب.
3990 - وأخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه
أخبرنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب
عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم أنه قال:
مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلنا:
يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد '.
148

رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
قال البخاري: وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب وزاد قال: ولم يقسم
النبي [صلى الله عليه وسلم] لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا.
3991 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا عبيد بن
شريك حدثنا يحيى حدثنا الليث عن يونس.
فذكره بزيادته أتم من ذلك واستشهد البخاري برواية ابن إسحاق.
3992 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب الإكليل حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا أيوب بن سويد قال أخبرني يونس بن يزيد فذكره
بإسناده ومعناه.
3993 - وأخبرنا أبو عبد الله عقيبة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا أيوب بن سويد فذكره بنحوه.
3994 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا
أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال أخبرني الزهري
عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال:
لما قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني
المطلب جئت أنا وعثمان إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلت يا رسول الله: هؤلاء بنو هاشم لا
ننكر فضلهم [لمكانك الذي جعلك] الله به منهم أرأيت إخواننا بني المطلب
أعطيتهم / وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال:
' إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم والمطلب شيء
واحد ' ثم شبك يديه إحديهما في الأخرى.
3995 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم قال:
149

قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب ولم يعط منه
أحدا من بني عبد شمس ولا بني نوفل شيئا.
3996 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن
شافع عن علي بن الحسين عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
مثله _ يعني مثل حديث معمر _ وزاد:
' لعن الله من فرق بين بني هاشم وبني المطلب '.
3997 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الطاهر حدثنا الشافعي قال
حدثني محمد بن علي بن شافع قال: سمعت زيد بن علي بن حسين يقول قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا لم يفارقونا في جاهلية ولا
إسلام '.
وأعطاهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سهم ذي القربى دون بني عبد شمس وبني نوفل.
هكذا قاله زيد بن علي بن حسين. وهو أشبه.
3998 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فلما أعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بني هاشم وبني المطلب سهم ذي القربى دلت سنة
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على أن ذا القربى الذين جعل الله لهم سهما من الخمس بنو هاشم وبنو
المطلب دون غيرهم.
قال الشافعي:
وقال بعض الناس: ليس لذي القربى منه شيئا فإن ابن عيينة روى عن محمد بن
إسحاق قال سألت أبا جعفر محمد بن علي ما صنع علي في الخمس؟.
150

فقال: سلك به في طريق أبي بكر وعمر / وكان يكره أن يؤخذ عليه
خلافهما.
وكان هذا يدل على أنه كان يرى فيه رأيا خلاف رأيهما فاتبعهما.
قال الشافعي:
فقلت له: هل علمت أبا بكر: قسم على العبد والحر وسوى بين الناس.
وقسم عمر: فلم يجعل للعبيد شيئا وفضل بعض الناس على بعض.
وقسم علي: فلم يجعل للعبيد شيئا وسوى بين الناس؟.
قال: نعم.
قلت: أفتعلمه خالفهما معا؟.
قال: نعم.
قلت: وتعلم أن عمر قال لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي؟.
قال: نعم.
قلت: وتعلم عليا خالف أبا بكر في الجد؟.
قال: نعم.
قلت: فكيف جاز لك أن يكون هذا الحديث عندك ما وصفت من أن عليا رأى
غير رأيهما فاتبعهما وبين عندك أنه قد يخالفهما فيما وصفنا وفي غيره؟.
قال: فما قوله سلك به في طريق أبي بكر وعمر؟.
قلنا: هذا كلام جملة يحتمل معاني.
قال: فإن قلت كيف صنع فيه علي؟.
فذلك يدلني على ما صنع فيه أبو بكر وعمر.
قال الشافعي:
أخبرنا عن جعفر بن محمد عن أبيه أن حسنا وحسينا وابن عباس وعبد الله بن
151

جعفر سألوا عليا: نصيبهم من الخمس.
فقال: هو لكم حق ولكني محارب معاوية فإن شئتم تركتم حقكم منه.
ورواه في القديم عن حاتم بن إسماعيل وغيره عن جعفر.
قال في الجديد:
فأخبرت بهذا الحديث عبد العزيز بن محمد فقال صدق هكذا كان جعفر
يحدثه.
أفما حدثكه عن أبيه عن جده؟
قلت: لا. قال: فما أحسبه إلا عن جده.
قال الشافعي:
فقلت له: أجعفر أوثق وأعرف بحديث أبيه أم ابن إسحاق؟
قال: بل جعفر.
ثم ساق الكلام فيه إلى أن قال:
فإن الكوفيين قد رووا فيه عن أبي بكر وعمر شيئا أفعلمته؟
قال الشافعي: قلت نعم ورووا عن أبي بكر وعمر مثل قولنا.
قال: وما ذاك؟ فذكر الحديث الذي:
3999 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم محمد عن مطر الوراق ورجل لم يسمه كلاهما / عن
الحكم بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيت عليا عند أحجار الزيت فقلت
له: بأبي وأمي ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس؟
فقال علي: أما أبو بكر رحمه الله فلم يكن في زمنه أخماس وما كان فقد أوفاناه.
152

وأما عمر: فلم يزل يعطيناه حتى جاءه مال السوس والأهواز أو قال:
الأهواز أو قال: فارس _ أنا أشك يعني الشافعي _.
فقال في حديث مطر أو حديث الآخر فقال:
في المسلمين خلة فإن أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى
يأتينا مال فأوفيكم حقكم منه فقال العباس لعلي:
لا تطمعه في حقنا.
فقلت له: يا أبا الفضل ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين ورفع خلة
المسلمين؟
فتوفي عمر قبل أن يأتيه مال فيقضيناه.
وقال الحكم في حديث مطر والآخر:
إن عمر قال: لكم حق ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله فإن شئتم
أعطيتكم منه بقدر ما أرى لكم.
فأبينتا عليه إلا كله.
فأبى أن يعطينا كله.
4000 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن البريد حدثنا حسين بن ميمون عن
عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال سمعت عليا يقول:
اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقلت: يا رسول الله
إن رأيت أن توفينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه حياتك كيلا
153

ينازعني أحد بعدك فافعل قال ففعل.
فقسمته في حياة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم ولانيه أبو بكر حتى كانت آخر سنة من سني
عمر فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إلي فقلت: بنا عنه العام غنى وبالمسلمين
إليه حاجة فاردده عليهم فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر.
فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر فقال: يا علي لقد حرمتنا / الغداة
شيئا لا يرد علينا أبدا وكان رجلا داهيا.
وهذا إسناد صحيح قد ذكره الشافعي في القديم فيما بلغه عن محمد بن عبيد
عن هشام بن البريد إلا أنه اختصره.
وذكر حديث ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن يزيد بن هرمز عن ابن
عباس أن نجدة الحروري كتب إليه في سهم ذي القربى فكتب إليه ابن عباس:
هو لنا أعطاناه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقد كان عمر عزم علينا ينكح منه أيمنا ويقضي
عن غارمنا فأبينا إلا أن يسلمه إلينا كله وأبى علينا.
ورواه عنبسة عن يونس وقال في الحديث:
قال ابن عباس: لقربى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قسمه لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الربيع قال الشافعي في رواية أبي عبد الله عن أبي العباس عنه قال:
فكيف يقسم سهم ذي القربى.
وليست الرواية فيه عن أبي بكر وعمر متواطئة؟
قال الشافعي:
قلت: هذا قول من لا علم له.
هذا الحديث يثبت عن أبي بكر أنه أعطاهموه وعمر حتى كثر المال.
154

ثم اختلف عنه في الكثرة.
وقلت: أرأيت مذهب أهل العلم في القديم والحديث إذا كان الشيء منصوصا
في كتاب الله مبينا على لسان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أو فعله أليس يستغنى به عن أن يسأل عما
بعده؟
وتعلم أن فرض الله على أهل العلم اتباعه؟
قال: بلى. قلت: أفتجد سهم ذي القربى مفروضا في آيتين من كتاب الله مبينا
على لسان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبفعله بأثبت ما يكون من أخبار الناس من وجهين:
أحدهما: ثقة المخبرين به. واتصاله.
وأنهم كلهم أهل قرابة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] الزهري من أخواله وابن المسيب من
أخوال أبيه وجبير بن مطعم ابن عمه وكلهم قريب منه في جذم النسب وهم
يخبرونك مع قرابتهم وشرفهم أنه مخرجون / منه وأن غيرهم مخصوص به دونهم
ويخبرك جبير أنه طلبه هو وعثمان فمعناه فمتى تجد سنة أثبت لفرض الكتاب
وصحة المخبر وهذه الدلالات من هذه السنة التي لم يعارضها عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
معارض بخلافها؟
ثم بسط الكلام في هذا.
وجرى في خلال كلامه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعطى أبا الفضل العباس بن عبد المطلب
وهو في كثرة المال يعول عامة بني المطلب ويتفضل على غيرهم.
قال أحمد:
وقد روينا عن علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس فأخذ منه جارية
فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟
155

قال: وكنت أبغض عليا فذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يا بريدة أتبغض عليا '؟.
قال قلت: نعم. قال:
' فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك '.
4001 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الله بن الحسين القاضي حدثنا
الحارث بن أبي أسامة حدثنا روح حدثنا علي بن سويد فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن بندار عن روح بن عبادة.
وفي هذا الحديث الصحيح دلالة على صحة ما روينا عن علي في تولية النبي
[صلى الله عليه وسلم] إياه حقهم من الخمس.
وفيه دلالة على أن الله تعالى جعل لهم هذا السهم على جهة الاستحقاق إذ لو
لم يكن على جهة الاستحقاق وكان ذلك موكولا إلى رأي النبي [صلى الله عليه وسلم] يعطيه من شاء من
قرابته ثم سقط حكمه لموته كما سقط حكم سهم الصفي.
كما ذهب إليه بعض من يسوي الأخبار على مذهبه لما استحل علي رضي الله
عنه أخذ جارية منه والوقوع عليها ولما عذره النبي [صلى الله عليه وسلم] في ذلك ولما احتج له بأن له في
الخمس أكثر من ذلك.
والعجب أن هذا القائل استحل (.......) / هذا السهم لهم على جهة
الاستحقاق ما جاز للنبي [صلى الله عليه وسلم] أن يعطي بعضا دون بعض ولم يفكر في نفسه أن النبي
[صلى الله عليه وسلم] إنما بعث مبينا ليبين لأمته ما أراد الله بكتابه عاما أو خاصا وليس هذا أول عموم
ورد في العموم فبين النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه خاص دون عام ثم لم يقتصر النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذا
156

الحكم على مجرد البيان حتى ذكر علنة فقال ما روينا عنه من الأخبار الثابتة وقد أعطي
جميع من أخبر عن الله تعالى أنهم مرادون بذي القربى وهم بنو هشام وبنو المطلب لا
نعلمه حرم منهم أحدا.
وقد نقلنا في المبسوط من كلام الشافعي في القديم والجديد ويشبهه قول من
زعم أنه سقط بموت النبي [صلى الله عليه وسلم] بلا حجة بقول مالك بن نويرة حين زعم أن فرض الزكاة
رفع برفع النبي [صلى الله عليه وسلم] ما يكون جوابا عن جميع أسئلتهم من أراد الوقوف عليه رجع إليه
إن شاء الله.
4002 - أخبرنا أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
فيعطي جميع سهم ذي القربى حيث كانوا ويعطي الرجل سهمين والمرأة
سهما.
قال أحمد:
وقال في القديم:
غنيهم وفقيرهم ذكرهم وإناثهم سواء لأنهم أعطوا باسم القرابة.
قال الشافعي في الجديد:
وتفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله على اليتامى والمساكين وابن
السبيل في بلاد الإسلام كلها لكل صنف منهم سهمه.
وقد مضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ بأبي هو وأمي _ ماضيا وصلى الله وملائكته عليه
فاختلف أهل العلم عندنا في سهمه فمنهم من قال: يرد على السهمان التي ذكرها الله
معه وبسط الكلام فيه.
قال: ومنهم من قال:
يضعه الإمام حيث رأى على الاجتهاد للإسلام وأهله.
ومنهم من قال:
157

يضعه في الكراع والسلاح (..........).
قال الشافعي:
والذي أختار أن يضعه الإمام في كل أمر / حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر
أو إعداد كراع أو سلاح أو إعطاءه أهل البلاء في الإسلام نفلا عند الحرب وغير
الحرب إعدادا للزيادة في تعزيز الإسلام وأهله على ما صنع فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد أعطى المؤلفة ونفل في الحرب وأعطى عام خيبر نفرا من أصحابه
من المهاجرين والأنصار أهل حاجة وفضل وأكثرهم أهل فاقة يرى ذلك _ والله أعلم _
كله من سهمه.
قال الشافعي في القديم:
وقال قوم سهم لنبي [صلى الله عليه وسلم] لولي الأمر من بعده يقوم فيه مقامه ورووا في ذلك رواية
عن أبي بكر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم ذكر حديث محمد بن الفضيل عن الوليد بن جميع عن
أبي الطفيل أن فاطمة أتت أبا بكر تسأله ميراثها فقال أبو بكر سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقول:
' إذا أطعم الله نبيا طعمة فهو لولي الأمر من بعده '.
4003 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو عمرو بن السماك
حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا ابن فضيل. فذكره إلا أنه قال:
' كانت للذي يلي من بعده '.
فلما وليت رأيت أن أرده على المسلمين.
قالت: أنت ورسول الله أعلم ثم رجعت.
قال أحمد:
158

وهذا تفرد به الوليد بن جميع.
وإنما اعتذر أبو بكر في الأحاديث الثابتة بقوله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا نورث ما تركنا صدقة '.
وبه اعتد الشافعي في القديم حيث جعل سهم الرسول للمسلمين.
فإن كان محفوظا فيشبه أن يكون المراد به كانت توليتها للذي يلي بعده يصرفها
في مصالحهم _ والله أعلم.
وروى محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن أم هانئ:
أن فاطمة رضي الله عنها أتت أبا بكر تسأله سهم ذي القربى فقال لها أبو بكر:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' سهم ذي القربى لهم حياتي وليس لهم بعد موتي ' وهذا باطل لا أصل له.
الكلبي متروك. وأبو صالح مولى أم هانئ / ضعيف.
وهذا يخالف جميع ما روي صحيحا في قصة فاطمة مع أبي بكر.
((857 - [باب] تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء غير الموجف عليه))
ذكر الشافعي رحمه الله في القديم في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه:
حديث وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
159

كان يقول إذا بعث أميرا على سرية ' فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى
التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما
للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أو اختاروا دارهم فأعلمهم أنهم إن
فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا
دارهم فأعلمهم أنهم يكونون مثل أعراب المهاجرين يجري عليهم حكم الله الذي
كان يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع
المسلمين '.
قال علقمة:
وقال مقاتل بن حيان:
حدثني مسلم _ هو ابن هيضم _ عن النعمان بن مقرن عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
مثل حديث سليمان بن بريدة.
4004 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا وكيع بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع وغيره.
وذكر الشافعي حديث ابن اليمان عن صفوان وحديث يحيى بن عباد عن ابن
المبارك عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن
مالك.
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا قدم عليه الفيء قسمه من يومه فأعطى الأعزب حظا
والأهل حظين.
4005 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ
حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا أبو النعمان.
4006 - (ح) وأخبرنا أبو علي الروذباري حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن المنهال جميعا عن صفوان بهذا الحديث.
160

وذكر في القديم: حديث شبابة عن ابن أبي / ذئب عن القاسم بن عباس عن
عبد الله بن نيار عن عروة عن عائشة أن أبا بكر كان يقسم الخمس للحر والعبد.
قال ابن أبي ذئب:
وقال الحارث بن عبد الرحمن عن أبي قرة قال:
قسم لي أبو بكر كما قسم لسيدي.
4007 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس _ هو
الأصم _ أخبرنا ابن عبد الحكم أخبرنا ابن أبي فديك قال حدثني ابن أبي ذئب.
فذكر الحديث الأول دون حديث أبي قرة.
وذكر الشافعي حديث عمر في المماليك.
أنه ليس لهم من هذا المال حق واختار ذلك.
4008 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي
رحمه الله:
ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين
هم أهل الصدقة.
واختلفوا في التفضيل على السابقة والنسب فمنهم من قال:
أساوي بين الناس لا أفضل على نسب ولا سابقة فإن أبا بكر حين قال له عمر
أتجعل الذين جاهدوا في الله بأموالهم وأنفسهم وهجروا ديارهم كمن إنما دخل في
الإسلام كرها؟
فقال أبو بكر: إنما عملوا لله وإنما أجورهم على الله وإنما الدنيا بلاغ وخير
البلاغ أوسعه.
قال: وسوى علي بن أبي طالب بين الناس فلم يفضل علمناه.
قال الشافعي:
وهذا الذي أختار وأسأل الله التوفيق.
161

ثم ذكر حجته في ذلك.
4009 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس أن عمر
رضي الله عنه قال:
ما أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه إلا ما ملكت أيمانكم.
4010 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن
المنكدر عن مالك بن أوس عن عمر بنحوه وقال:
لئن عشت ليأتين الراعي بسر وحمير حقه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وهذا الحديث يحتمل معاني منها:
أن يقول: ليس أحد يعطي بمعنى حاجة من أهل الصدقة. أو بمعنى أنه من
أهل الفيء الذين يغزون إلا وله حق في مال الفيء / أو الصدقة.
وهذا كأنه أولى معانيه.
واحتج بقول النبي [صلى الله عليه وسلم] في الصدقة:
' لاحظ فيها لغني ولا لذي مرة مكتسب '.
والذي أحفظ عن أهل العلم أن الأعراب لا يعطون من الفيء ثم ساق كلامه
إلى أن قال:
وأهل الفيء كانوا في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] بمعزل عن الصدقة وأهل الصدقة بمعزل
عن الفيء.
162

ورواه في رواية المزني عن ابن عباس.
وروينا عن عثمان بن عفان ما دل على ذلك.
واستثنى الشافعي في القديم:
أن لا يصاب أحد المالين وبالعفيفين إليه حاجة [فيشرك بينهم فيه. قال]:
وقد أعان أبو بكر خالد بن الوليد في خروجه لأهل الردة بما أتى به عدي بن
حاتم من صدقة قومه فلم ينكر عليه ذلك إذ كان بالقوم إليه حاجة. والفيء مثل
ذلك.
((858 - [باب] العطاء الواجب من الفيء للبالغ الذي يطيق مثله القتال))
4011 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
عرضت على النبي [صلى الله عليه وسلم] عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ثم عرضت عليه
عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال نافع فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال:
هذا فرق بين المقاتلة والذرية.
وكتب [في] أن يفرض لابن خمس عشرة سنة في المقاتلة ومن لم يبلغها في
الذرية.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عمر.
163

((859 - [باب] رزق الوالي))
روينا عن اليرفأ قال: قال لي عمر بن الخطاب إني أنزلت _ يعني من مال الله _
بمنزلة وال اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته وإن استغنيت
استعففت.
4012 - أخبرناه محمد بن عبد العزيز أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا
أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق / عن
اليرفأ. فذكره.
4013 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أبو عمر بن حمدان
حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي
إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي قال قال عمر:
إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت إستعففت وإن
افتقرت أكلت بالمعروف.
وذكر الشافعي في القديم حديث ابن عيينة عن أيوب وابن عون وهشام عن ابن
سيرين عن الأحنف بن قيس: أن عمر قيل له في أمة مرت فقال: إنها لا تحل لي إنها
من مال الله.
وقال: أخبركم بما أستحل من مال الله وإما قال وما يحل لي حلتاي حلة للشتاء
وحلة للقيظ وما احجج عليه وأعتمر وقوتي وقوت عيالي كقوت رجل من قريش لا من
أغنيائهم ولا من فقرائهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم.
وقد رويناه في كتاب السنن من حديث سفيان بن عيينة عن أيوب.
وروينا فيه بإسناد آخر.
وروينا عن أبي بكر الصديق أنه لما استخلف عبر إلى السوق.
164

فقال عمر: أين تريد؟
قال: السوق.
قال: قد جاءك ما يشغلك عن السوق.
قال: سبحان الله يشغلني عن عيالي؟!
قال: تفرض بالمعروف.
فذكروا في هذا الحديث إنفاقه في سنتين وبعض أخرى ثمانية آلاف درهم.
ووصيته يردها من ماله إلى بيت المال وقول عمر رحم الله أبا بكر لقد أتعب من
بعده تعبا شديدا.
((860 - [باب] التعجيل بقسمة مال الفيء إذا اجتمع))
4014 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب
بما أصيب العراق قال له صاحب بيت المال أنا أدخله بيت المال.
قال: لا ورب الكعبة لا يأوي تحت سقف بيت حتى أقسمه.
فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال من
المهاجرين / والأنصار.
فلما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف أخذ بيد
أحدهما أو أحدهما أخذ بيده فلما رأوه كشطوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظرا لم ير
مثله رأى الذهب فيه والياقوت الزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى.
165

فقال له أحدهما: إنه والله ما هو بيوم بكاء ولكنه يوم شكر وسرور.
فقال: إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ولكنه [والله] ما كثر هذا في قوم قط إلا
وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إن أعوذ بك
أن أكون مستدرجا فإني أسمعك تقول:
* (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) *.
ثم قال: أين سراقة بن جعشم؟
فأتى بأشعر الذراعين دقيقهما فأعطاه سواري كسرى فقال ألبسهما ففعل.
فقال: قل الله أكبر. قال: الله أكبر.
قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم
أعرابيا من بني مدلج وجعل يقلب بعض ذلك بعضا.
فقال: إن الذي أدى هذا الأمين.
فقال له رجل: أنا أخبرك أنت أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا
رتعت رتعوا قال: صدقت. ثم فرقه.
قال الشافعي:
وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه:
' كأني بك قد لبست سواري كسرى '.
166

قال: ولم يجعل له إلا سوارين.
قال الشافعي:
أخبرنا الثقة من أهل المدينة قال:
أنفق عمر بن الخطاب على أهل الرمادة حتى وقع مطر فترحلوا فخرج
عمر إليهم راكبا فرسا ينظر إليهم وهم يترحلون بظعائنهم فدمعت عيناه.
فقال رجل من بني محارب بن خصفة:
اشهد أنها انحسرت عنك ولست بابن أمة.
فقال [له] عمر: ويلك ذلك لو كنت أنفقت عليهم من مالي أو مال
الخطاب إنما أنفقت عليهم من مال الله عز وجل.
((861 - [باب] ما لا يوجف عليه من الأرضين بخيل ولا ركاب))
/ قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
الدور والأرضون مما تصالحوا عليه وقف للمسلمين يستغل ويقسم الإمام
غلتها في كل عام.
قال: [ثم كذلك أبدا] واحسب ما ترك عمر رضي الله عنه في بلاد أهل
الشرك هكذا أو شيء استطاب أنفس من ظهر عليه بخيل وركاب فتركوه كما
167

استطاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نفس أهل سبي هوازن.
وعوض امرأة من حقها بميراثها من أبيها.
كالدليل على ما قلت:
ويشبه قول جرير [بن عبد الله] عن عمر:
لولا أني قاسم مسؤول لتركتكم على ما قسم لكم أن يكون قسم لهم بلاد صلح
مع بلاد إيجاف.
فرد قسم الصلح وعوض من بلاد الإيجاف بالخيل والركاب.
((862 - [باب] تعريف العرفاء وعقد الألوية))
4015 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) *.
قال: وروى الزهري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عرف عام حنين على كل عشرة عريفا.
قال الشافعي:
وجعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للمهاجرين شعارا. وللأوس شعارا وللخزرج شعارا وعقد
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الألوية عام الفتح فعقد للقبائل قبيلة قبيلة حتى جعل في القبيلة ألوية كل
لواء لأهله.
وكل هذا ليتعارف الناس في الحرب وغيرها فتخف المؤنة عليهم باجتماعهم
وعلى الموالي بذلك ثم بسط الكلام فيه.
168

وأسانيد هذه الآثار قد ذكرناها في كتاب السنن وروينا عن عروة بن الزبير أنه
قال:
جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج
يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني عبيد الله وسمى خيله خيل الله.
/ وقد قيل غير ذلك.
((862 مكرر - [باب] إعطاء الفيء على الديوان))
4016 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا [الشافعي قال أخبرنا] سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر محمد بن علي
أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين فقال: بمن ترون أن أبدأ؟ فقيل له: ابدأ
بالأقرب فالأقرب بك. قال: بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله [صلى الله عليه وسلم].
4017 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي
أخبرني غير واحد من أهل العلم من قبائل قريش أن عمر بن الخطاب لما كثر المال
في زمانه أجمع على أن يدون الدواوين فاستشار.
فقال: بمن ترون أن أبدأ؟.
فقال له رجل: ابدأ بالأقرب فالأقرب بك.
قال: ذكرتموني بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله [صلى الله عليه وسلم] فبدأ ببني هاشم.
قال الشافعي:
وأخبرني غير واحد من أهل العلم والصدق من أهل المدينة ومكة من قبائل
قريش ومن غيرهم وكان بعضهم أحسن اقتصاصا للحديث من بعض وقد زاد بعضهم
على بعض في الحديث:
169

أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين قال:
أبدأ ببني هاشم. ثم قال:
حضرت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعطيهم وبني المطلب فإذا كانت السن في الهاشمي
قدمه على المطلبي وإذا كانت في المطلبي قدمه على الهاشمي فوضع الديوان على
ذلك وأعطاهم عطاء القبيلة الواحدة ثم استوت له عبد شمس ونوفل في جذم
النسب.
فقال: عبد شمس اخوة النبي [صلى الله عليه وسلم] لأبيه وأمه دون نوفل.
ثم دعا بني نوفل يتلونهم.
ثم استوت له عبد العزى وعبد الدار فقال: في بني أسد بن عبد العزى أصهار
النبي [صلى الله عليه وسلم] وفيهم أنهم من المطيبين وقال بعضهم هم حلف من الفضول فيهما
/ كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
و [قد] قيل: ذكر سابقة [فقدمهم على بني عبد الدار ثم دعا بني عبد الدار
يتلونهم ثم انفردت له زهرة فدعاها تتلو عبد الدار ثم استوت له بنو تيم ومخزوم
فقال: في بني تيم إنهم من حلف الفضول والمطيبين وفيهما كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]]
وقيل: ذكر سابقة وقيل ذكر صهر فقدمهم على مخزوم ثم دعا مخزوم يتلونهم.
ثم استوت له سهم وجمح وعدي بن كعب فقيل [له]: ابدأ بعدي.
فقال: بل أقر نفسي حيث كنت فإن الإسلام دخل وأمرنا وأمر بني سهم واحد
ولكن انظروا بني جمح وسهم.
170

فقيل: قدم بني جمح ثم دعا بني سهم.
وكان ديوان عدي وسهم مختلطا كالدعوة الواحدة فلما خلصت إليه دعوته كبر
تكبيرة عالية ثم قال: الحمد لله [الذي] أوصل إلي حظي من رسوله.
ثم دعا بني عامر بن لؤي.
قال الشافعي:
فقال بعضهم أن أبا عبيدة بن الجراح الفهري لما رأى من يتقدم عليه قال
أكل هؤلاء تدعو أمامي فقال:
يا أبا عبيدة اصبر كما صبرت أو كلم قومك فمن قدمك منهم على نفسه لم
أمنعه.
فأما أنا وبنو عدي فنقدمك إن أحببت على أنفسنا.
قال: فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر فصل بهم بين بني عبد مناف
وأسد بن عبد العزى وشجر بين سهم وعدي شيء في زمان المهدي فافترقوا فأمر
المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمح للسابقة فيهم.
قال الشافعي:
وإذا فرغ من قريش قدمت الأنصار على قبائل العرب كلها لمكانها من
الإسلام.
قال الشافعي:
171

الناس عبد لله فأولاهم أن يكون مقدما أقربهم لخيرة الله لرسالاته ومستودع
أمانته وخاتم النبيين وخير خلق رب العالمين محمد [صلى الله عليه وسلم].
4018 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قرأه عليه قال أخبرني أبو أحمد الدارمي
قال أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتبت
إليه قال: وجدت في كتاب أبي حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال:
لما أراد عمر بن الخطاب أن يدون الدواوين ويضع الناس على قبائلهم
(.......).
/ استشار الناس فذكر بعض هذا الحديث.
قال أحمد:
فهر بن مالك أهل قريش في أقاويل أكثر أهل العلم فبنو هاشم يجمعهم أبو
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الثالث.
وسائر قريش بعضهم يجمعهم الأب الرابع عبد مناف.
وبعضهم الأب الخامس قصي.
وهكذا إلى فهر بن مالك.
فلذلك وقعت البداية ببني هاشم لقربهم من النبي [صلى الله عليه وسلم].
فإنه: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن
كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن
خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
172

وإنما جمع بين بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف في العطية لأن النبي
[صلى الله عليه وسلم] جمع بينهما في سهم ذي القربى وقال:
' إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد لم يفارقونا في جاهلية ولا
إسلام '.
وقال فيما روي عنه:
' ربونا صغارا وحملونا كبارا '.
وإنما قال ذلك _ والله أعلم _ فيما زعم أهل التواريخ أن هاشم بن عبد مناف
تزوج بالمدينة سلمى بنت عمرو بن لبيد بن حرام من بني النجار فولدت له شيبة
الحمد ثم توفي هاشم وهو معها فلما أيفع وترعرع خرج إليه عمه المطلب بن
عبد مناف فأخذه من أمه وقدم به مكة وهو مردفه على راحلته فقيل عبد ملكه المطلب
فغلب عليه ذلك الاسم فقيل: عبد المطلب.
وحين بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالرسالة آذاه قومه وهموا به فقامت بنو هاشم وبنو
المطلب مسلمهم وكافرهم دونه وأبوا أن يسلموه فلما عرفت سائر قريش أن لا سبيل
إلى محمد [صلى الله عليه وسلم] معهم اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبنو المطلب
أن لا ينكحوهم [ولا ينكحوا إليهم] ولا يبايعوهم [منهم] وعمد أبو طالب
فأدخلهم الشعب.
/ وأقامت قريش على ذلك ثلاث سنين حتى جهد بنو هاشم وبنو المطلب
جهدا شديدا ثم أن الله برحمته أرسل على صحيفة قريش الأرضة فلم تدع فيها اسما لله إلا
أكلته وبقي الظلم والقطيعة والبهتان وأخبر بذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأخبر به رسوله عمه
أبو طالب واستنصر به أبو طالب على قومه.
173

وقام هشام بن عمرو بن ربيعة في جماعة ذكرهم ابن إسحاق في المغازي
بنقض ما في الصحيفة وشقها.
فلما جمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين بني هاشم وبني المطلب في العطية وأخبر بما
بينهما من الموافقة فلذلك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حين وضع الدواوين جمع
بينهما في سائر الأعطية وقدمهما على بني عبد شمس ونوفل.
وإنما وقعت البداية ببني عبد شمس قبل بني نوفل لأن هاشما والمطلب
وعبد شمس كانوا اخوة لأب وأم وأمهم عاتكة بنت مرة.
ونوفل كان أخاهم لأبيهم وأمه واقدة بنت حرمل.
وأما عبد مناف وعبد العزى وعبد الدار بنو قصي فإنهم كانوا اخوة.
والبداية بعد بني عبد مناف إنما وقعت ببني عبد العزى لأنها كانت قبيلة خديجة
زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] فإنها:
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى.
قال: وفيهم أنهم من المطيبين.
وقد روينا عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' شهدت مع عمومتي غلاما خلف المطيبين فما أحب أن أحكيه وإن لي حمر
النعم '.
وبلغني أنه إنما قيل حلف المطيبين لأنهم غمسوا أيديهم في طيب يوم تحالفوا
وتصافقوا بأيمانهم.
وذلك حين وقع التنازع بين بني عبد مناف وبين عبد الدار فيما كان بأيديهم
من السقاية والحجابة والرفادة واللواء والندوة فكان بنو أسد بن عبد العزى في جماعة
174

من قبائل قريش تبعا لبني / عبد مناف [فكان لهم بذلك شرف وفضيلة وصنيعة في بني
عبد مناف].
وقد سماهم محمد بن إسحاق بن يسار فقال:
المطيبون من قبائل قريش بنو عبد مناف هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل.
وبنو زهرة وبنو أسد بن عبد العزى وبنوهم وبنو الحارث بن فهر [خمس
قبائل].
قال الشافعي:
وقال بعضهم: هم حلف من الفضول.
قال أحمد:
وروينا عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم لو
ادعى به في الإسلام لأجبت '.
قال أحمد:
وكان سبب الحلف فيما زعم أهل التواريخ أن قريشا كانت تتظالم بالحرم فقام
عبد الله بن جدعان والزبير بن عبد المطلب فدعوا إلى التحالف على التناصر
والتحالف والأخذ للمظلوم من الظالم فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش
سماهم بن إسحاق فقال:
بنو هاشم بن عبد مناف وبنو المطلب بن عبد مناف وبنو أسد بن عبد العزى بن
قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة.
[قال القتيبي: فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان] فسموا ذلك الحلف
175

حلف الفضول تشبها له بحلف كان بمكة أيام جرهم على مثل هذا شهده رجال
يقال لهم:
فضل وفضال وفضيل وفضالة.
وقيل: قام به رجال يقال لهم: فضل وفضل وفضل والفضول جمع فضل.
والذي في حديث عبد الرحمن بن عوف حلف المطيبين.
قد قال القتيبي: أحسبه أراد حلف الفضول للحديث الآخر ولأن المطيبين هم
الذين عقدوا حلف الفضول.
قال: وأي فضل يكون في مثل التحالف الأول حتى يقول الرسول [صلى الله عليه وسلم]:
' ما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم ' ولكنه أراد حلف الفضول الذي
عقده المطيبون قال أحمد:
وأما السابقة التي ذكرها في بني أسد (.......) فيشبه أن يكون أراد سابقة
خديجة إلى الإسلام.
/ فإنها أول امرأة أسلمت.
أو سابقة الزبير بن العوام فإنه ممن تقدم إسلامه وصبر مع جماعة من أصحاب
النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم أحد وبايعه على الموت.
وكان من الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح.
وهو: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأما زهرة: فإنه كان أخا لقصي بن كلاب ومن أولاده من العشرة
176

عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
وأما تيم: فإنه كان أخا لكلاب بن مرة.
وأما مخزوم: فإنه لم يكن أخا لهم وإنما هو:
مخزوم بن يقظة بن مرة.
إلا أن القبيلة اشتهرت بمخزوم فسبت إليه.
وإنما قدم بني تيم على بني مخزوم لأنهم كانوا من حلف المطيبين
والفضول.
وقيل: ذكر سابقة وأراد سابقة أبي بكر الصديق فإنه أول رجل حر أسلم وصبر
مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم أحد مع طلحة بن عبيد الله وكان طلحة تيميا وكان ممن يقدم
إسلامه وكان هو وأبو بكر من الذين استجابوا لله والرسول.
وأبو بكر هو:
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وطلحة هو:
ابن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وأراد بالمصاهرة التي ذكرها في بني تيم [فهي] من جهة عائشة امرأة
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وحبيبة حبيب الله.
177

وأما عدي بن كعب: فإنه كان أخا لمرة بن كعب.
وأما سهم وجمح فإنهما ابنا عمرو بن هصيص بن كعب.
إلا أن القبيلة اشتهرت بهما فنسبت إليهما وإنما قدم بني جمح قيل: لأجل
صفوان بن أمية الجمحي وما كان منه يوم حنين من إعارة السلاح.
وقوله حين قال أبو سفيان وكلدة ما قالا فض الله فاك: فوالله لأن يربني رجل من
قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن وهو يومئذ مشرك ثم أنه أسلم
وهاجر.
وقيل: إنما فعل ذلك عمر قصدا إلى تأخير حقه / فلما كان زمن المهدي أمر
المهدي ببني عدي فقدموا على بني سهم وجمح للسابقة في بني عدي وهي
سابقة عمر بن الخطاب وما كان لدين الله تعالى من القوة والعزة بإسلامه وهو: عمر بن
الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن
كعب.
وإنما أخر أبا عبيدة بن الجراح في العطاء لبعد نسبه لا لتفضيل شرفه في
نفسه وهو:
عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن
مالك.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
178

' لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وأما الأنصار فقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم
فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
وقال:
' خير دور الأنصار دار بني النجار ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني
الحارث بن الخزرج ثم دار بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير '.
179

الجزء السابع والعشرون
4 (22 - كتاب قسم الصدقات))
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تعالى لنبيه [صلى الله عليه وسلم]:
* (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) *.
ففي هذه الآية دلالة على أن ليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عليهم ولا لمن
وليهم ترك ذلك لهم و [لا] عليهم.
قال الشافعي:
ولم يعلم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخرها عاما إلا يأخذها فيه.
وقال أبو بكر:
لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لقاتلتهم عليها لا تفرقوا بين ما جمع
الله.
4019 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا عبد الصمد بن علي (......)
180

ثنا عبيد بين عبد الواحد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن
شهاب أنه قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة أخبره
قال:
لما توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال
عمر:
يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا آله إلا الله فمن قال: لا آله إلا الله
عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله '.
قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال.
والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لقاتلتهم على منعها.
قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه
الحق.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير وقال: عناقا.
ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث وقال: عقالا.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري وقال: عناقا.
وكذلك قاله: معمر في أصح الروايات عنه.
والزبيدي عن الزهري.
واختلف فيه على يحيى بن سعيد الأنصاري ويونس بن يزيد عن الزهري فقيل
181

عنهما: عناقا. وقيل: عقالا.
4020 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال:
لم يبلغنا أن أبا بكر وعمر أخذا الصدقة مثناة ولكن كانا يبعثان عليها في
الخصب والجدب والسمن والعجق ولا يضمنانها أهلها ولا يؤخرانها عن كل عام.
لأن أخذها كل عام سنة من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
((863 - [باب] فرض الصدقات))
قال الشافعي رحمه الله:
قال تبارك وتعالى:
* (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) *
فأحكم الله تبارك وتعالى فرض الصدقات في كتابه ثم أكدها فقال:
* (فريضة من الله) *
فليس لأحد أن يقسمها على غير ما قسمها الله عليه [ذلك] ما كانت
الأصناف موجودة.
قال في كتاب البويطي:
وقد روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال في حديث الصدائي.
' إن الله لم يرض فيها بقسم ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى قسمها '.
182

4021 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق
الطيبي حدثنا بشر بن موسى الأسدي حدثنا المقري حدثنا عبد الرحمن بن زياد قال
حدثنا زياد بن نعيم قال سمعت زياد بن الحارث الصدائي صاحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يحدث قال: أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فبايعته على الإسلام فذكر الحديث قال فيه:
ثم أتاه آخر فقال: أعطني من الصدقة فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها
ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك - أو عطيناك - حقك '.
رواه أبو داود في السنن عن عبد الله بن مسلمة عن عبد الله بن عمر بن غانم عن
عبد الرحمن بن زياد قال:
' أعطيتك حق '.
لم يشك.
وروى ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عمر بن الخطاب في هذه الآية قال:
أيما صنف من هذا أعطيته أجزأك.
وهذا منقطع بين عطاء وعمر.
وليث غير قوي. الله أعلم.
وروى الحجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة أنه
قال:
إذا أعطاها صنفا واحدا أجزأه.
وروي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قوله. مثله.
وقيل فيه عن ابن عباس.
183

وقال عكرمة مولى ابن عباس: ضعها في هذه الأصناف التي ذكرها الله عز
وجل.
قال الشافعي رحمه الله:
ولا تخرج صدقة قوم منهم من بلدهم وفي بلدهم من يستحقها.
4022 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا وكيع بن الجراح أو ثقة غيره أو هما عن أبو زكريا بن إسحاق عن
يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال
لمعاذ حين بعثه:
' فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم الصدقة تأخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم '.
4023 - وهو فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن
الشافعي.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث وكيع وغيره.
4024 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي قال أخبرني الثقة - وهو يحيى بن حسان - عن الليث بن سعد عن سعيد بن
أبي سعيد عن شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك:
أن رجلا قال لرسول الله [[صلى الله عليه وسلم]]:
نشدتك بالله: آلله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا وترد على فقرائنا؟ قال: ' اللهم نعم '.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الليث.
4025 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
184

أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه:
أن معاذ بن جبل قضى أنه أيما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف
عشيرته فعشره وصدقته إلى مخلاف عشيرته.
قال الشافعي في باب الاختلاف:
واحتج محتج في نقل الصدقات بأن قال:
أن طاوسا روى أن معاذ بن جبل قال لبعض أهل اليمن ائتوني بعرض ثياب
آخذها منكم مكان الشعير والحنطة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة.
قال الشافعي:
صالح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أهل ذمة اليمن على دينار على كل واحد كل سنة وكان في
سنته أن يأخذ دينارا أو قيمته من المعافير.
فلعل معاذا لو أعسروا بالدنانير أخذ منهم الشعير والحنطة لأنه أكثر ما عندهم.
وإذا جاز أن يترك الدينار لغرض فلعله جاز عنده أن يأخذ منهم طعاما فيقول
الثياب خير للمهاجرين بالمدينة وأهون عليكم لأنه لا مؤنة كثيرة في المحمل للثياب
إلى المدينة والثياب بها أغلى منها باليمن.
واستدل على هذا بما روي (عن معاذ في) العشر والصدقة قالوا: ومعاذ إذ
حكم بهذا كان من أن ينقل صدقة المسلمين من أهل اليمن الذين هم أهل الصدقة
إلى أهل المدينة الذين أكثرهم أهل الفيء أبعد.
قال أحمد:
قد روي في حديثهم آخذها منكم مكان الصدقة.
وقد حمله بعض أصحابنا على ما كان يؤخذ منهم باسم الصدقة.
185

قال الشافعي:
وطاوس لو ثبت عن معاذ شيئا لم يخالفه إن شاء الله.
وطاوس يحلف ما يحل بيع الصدقات قبل أن تقبض ولا بعد أن تقبض.
ولو كان ما ذهب إليه من احتج علينا بأن معاذا باع الحنطة والشعير الذي يؤخذ
من المسلمين بالثياب كان بيع الصدقة قبل أن تقبض.
ولكنه عندنا على ما ذكرنا.
قال أحمد:
وكلا الحديثين عن معاذ منقطع والله أعلم.
قال الشافعي:
فإن قال قائل: كان عدي بن حاتم جاء أبا بكر بصدقات والزبرقان بن بدر.
فهما وإن جاءا بما فضل عن أهلها إلى المدينة فيحتمل أن تكون المدينة
أقرب الناس نسبا ودارا ممن يحتاج إلى سعة من مضر وطيء من اليمن.
ويحتمل أن يكون من حولهم ارتد فلم يكن لهم حق في الصدقة ويكون
بالمدينة أهل حق هم أقرب من غيرهم.
ويحتمل أن يؤتي بها أبو بكر الصديق ثم يأمر بردها إلى غير أهل المدينة وليس
في ذلك عن أبي بكر خبر نصير إليه.
فإن قال قائل: فإن عمر كان يحمل على إبل كثيرة إلى الشام والعراق.
قلت: ليست من نعم الصدقة [والله أعلم وإنما هي من نعم الجزية] لأنه إنما
يحمل على ما يحتمل من الإبل وأكثر فرائض الإبل لا تحمل أحدا.
قال الشافعي:
186

أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أظنه عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال:
كان تؤتى نعم كثيرة من نعم الجزية.
قال الشافعي:
أخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن عبد الله بن مالك الدار عن يحيى بن
عبد الله بن مالك عن أبيه أنه سأله أرأيت الإبل التي كان يحمل عليها عمر الغزاة
وعثمان بعده؟
قال أخبرني أبي أنها إبل الجزية التي كان يبعث بها معاوية وعمرو بن العاص.
قلت: وممن كانت تؤخذ؟ قال:
من جزية أهل الذمة وتؤخذ من صدقات بني تغلب فرائض على وجوهها فيبتاع
بها إبل جلة فيبعث بها إلى عمر فيحمل عليها.
قال الشافعي:
أخبرنا الثقة من أصحابنا عن عبد الله بن يحيى عن سعيد بن أبي هند قال:
بعث عبد الملك بن مروان بعد الجماعة بعطاء أهل المدينة وكتب إلى والي
اليمامة أن يحمل من اليمامة إلى المدينة ألف ألف درهم يتم بها عطاءهم فلما قدم
المال إلى المدينة أبوا أن يأخذوه وقالوا:
أتطعمنا أوساخ الناس وما لا يصلح لنا [أن نأخذه] لا نأخذه أبدا.
فبلغ ذلك عبد الملك.
فرده وقال: لا يزال في القوم بقية ما فعلوا هكذا.
قال: قلت لسعيد بن أبي هند:
ومن كان يومئذ يتكلم؟
187

قال: أولهم سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في رجال كثير.
قال الشافعي:
وقولهم: لا يصلح لنا أي لا يحل لنا أن نأخذ الصدقة ونحن أهل الفيء وليس
لأهل الفيء في الصدقة حق ومن أن لا ينقل عن قوم إلى غيرهم.
قال أحمد:
وذكر الشافعي ما روي عن عمر أنه كان يؤتى بنعم من نعم الصدقة.
وحمل ذلك على أنه كان يؤتى بها من أطراف المدينة ولعلهم استغنوا فنقلها إلى
أقرب الناس بهم دارا ونسبا.
((864 - [باب] بيان أهل الصدقات))
قال الشافعي رحمه الله:
الفقير: - والله أعلم - من لا مال له ولا حرفة تقع منه موقعا زمنا كان أو غير زمن
سائلا كان أو متعففا.
والمسكين: من له مال أو حرفة [لا] تقع منه موقعا ولا تغنيه سائلا كان أو غير
سائل.
قال أحمد:
وقوله في كتاب قسم الصدقات:
الفقراء: الزمنى الضعاف الذين لا حرفة لهم لا يخالف هذا - فقد -
(.........) وأهل الحرفة الضعيفة الذين لا تقع حرفتهم موقعا من حاجتهم.
188

فالزمانة ليست بشرط في الاستحقاق إلا أنه قال: ولا يسألون الناس.
وقال في كتاب فرض الزكاة:
سائلا كان أو متعففا.
قال المزني: هذا أشبه.
قال الشافعي:
وإذا كان فقيرا أو مسكينا فأغناه وعياله كسبه أو حرفته فلا يعطي في واحد من
وجهين شيئا لأنه غني بوجه.
4026 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام - يعني ابن عروة - عن أبيه عن
عبيد الله بن عدي بن الخيار:
أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسألا من الصدقة فصعد فيهما
[النظر] وصوب فقال:
' إن شئتما ولاحظ فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب '.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صحة وجلدا يشبه الاكتساب فأعلمهما أنه لا يصلح لهما مع
الاكتساب الذي يستغنيان به أن يأخذوا ولا يعلم أمكتسبين أم لا؟ فقال إن شئتما بعد
إذ أعلمتكما أن لاحظ فيها لغني ولا مكتسب فعل وذلك أنهما يقولان أعطنا بأنا
ذو حظ بأنا ليسا غنيين ولا مكتسبين كسبا يغني.
4027 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا
189

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن
ريحان بن يزيد قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: لا تصلح الصدقة
لغني ولا لذي مرة قوي.
قال الشافعي:
وقد رفع هذا الحديث عن سعد غير ابنه.
4028 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي قالا: حدثنا أبو
عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا أبو نعيم قال
حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تحل / الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي '.
وتابعه شعبة عن سعد في رفعه.
وقيل عن كل واحد منهما:
' ولا لذي مرة سوي '.
وقيل: ' ولا لذي مرة قوي '.
والمرة: القوة وأصلها من شدة فتل الحبل.
وروي أيضا عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
والمراد بهذه القوة قوة الاكتساب وبيان ذلك في حديث عبد الله بن عدي بن
الخيار.
جاء من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه وزعم أن ليس هذا على أنه لا محالة
190

حرام له ذلك بل حلال له أن يأخذ الصدقة فيرد.
وحديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
لا يحل ما بها فتجرد الخلاف من غير أن يعطى له حالة لا تحل له فيها الصدقة
فيكون قد قال ببعض ما قال.
ثم زعم أن قوله:
' ولا لقوي مكتسب '.
بذلك على أنه لا حق فيها للقوي المكتسب من جميع الجهات التي بها يجب
الحق فيها.
فلا بقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الذي إليه بيان الشرع وعن قوله تؤخذ الأحكام لاحظ له
فيها ولا يطلق ذلك.
ثم أورد أخبارا أعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيها من سأله من الصدقة من غير اعتبار
الزمانة.
ونحن لا نعتبر الزمانة وإنما نعتبر ما اعتبره الله تعالى من الفقر والمسكنة
و [من] كان له مال يغنيه ويغني عياله أو حرفة تكفهما فهو خارج من معنى الفقر
والمسكنة فلم يستحق بها شيئا والله أعلم.
والذي ذكر من حديث قبيصة بن مخارق عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فيمن حلت له المسألة:
' رجل تحمل حمالة حلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته
جائحة فاجتاحت ماله حلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش
ثم يمسك ورجل أصابته حاجة أو فاقة حتى تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه
لقد حلت له المسألة فما سوى ذلك من المسائل فهو سحت '.
4029 - فقد أخبرناه أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال
حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا هارون بن رئاب عن
191

كنانة بن نعيم عن قبيصة بن المخارق قال:
أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] أسأله في حمالة فقال:
' إن المسألة حرمت إلا في ثلاث '.
فذكرهن.
4030 - أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الايادي المالكي
ببغداد قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي قال حدثنا الحارث بن
محمد قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا أخضر بن عجلان قال حدثني أبو
بكر الحنفي عن أنس بن مالك الأنصاري قال:
جاء رجل إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فشكى إليه الفاقة ثم عاد فقال يا رسول الله لقد جئتك
من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم.
فقال له:
' انطلق فهل تجد من شيء '؟
قال: فذهب فجاء بحلس وقدح.
فقال: يا نبي الله هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلبسون بعضه وهذا القدح
كانوا يشربون فيه فقال:
' من يأخذهما مني بردهم '.
فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين.
فقال:
' هما لك '.
ثم دعا الرجل فقال:
' اشتر بدرهم طعاما لأهلك واشتر بدرهم فأسا ثم ائتني '.
فأتاه فقال:
192

' انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع فيه شوكا ولا حاجا ولا حطبا ولا تأتني خمس
عشرة '.
فانطلق الرجل فأصاب عشرة فاشترى طعاما بخمسة وكسوة بخمسة ثم رجع إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
لقد بارك الله لي عز وجل في ما أمرتني به فقال:
' هذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة '.
ثم قال:
' إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي دم موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع '.
قال أحمد:
وهذا الحديث المشهور المخرج في كتاب أبي داود يوافق حديث ابن الخيار
في أن الصدقة لا تصلح بالفقر لمن له كسب يقوم بكفايته.
ويوافق حديث قبيصة في أن المسألة تصلح لمن تحمل حمالة في دم أو لزمه
غرم في مال إلا أنه في حديث أنس رأى في الرجل الذي سأله قوة على الكسب
فأمره به ولم يرخص له في المسألة بالفاقة مع القدرة على الكسب وأباحها لذي فقر
مدقع.
وذلك إذا عجز عن الكسب ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله فتكون له
المسألة بالحاجة.
وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك وهو أنه إنما أباح له المسألة عند
تحقق الفاقة وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله فإذا كان له
أحدهما فلا تتحقق فاقته.
وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه حتى يصيب قواما من عيش
أو سدادا من عيش.
193

فبين بذلك أن المعنى فيه كفايته وكفاية عياله فإذا كان له كسب يقوم بكفايته
وكفاية عياله فقد أصاب قواما من عيش فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة.
وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله أو مال وإن بلغ نصابا لا
يقوم بكفايته وكفاية عياله فله أخذ الصدقة من غير تقدير حتى يصيب قواما من عيش أو
سدادا من عيش.
والذي ذكر من حديث ابن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من سأله وله مال يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش - أو خدوش أو
كدوح - '.
فقيل وما الغنى يا رسول الله؟
قال:
' خمسون درهما أو قيمتها من الذهب '.
ينفرد به حكيم بن جبير وليس بالقوي.
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن عمار بن زريق عن حكيم بن
جبير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما من أحد له خمسون درهما أو عدله من الذهب تحل له الصدقة '.
وهو إن صح لم يخالف ما قلنا لأنه اعتبر في الابتداء ما يغنيه فدخل فيه الكسب
والمال بوقوع الغنى بكل واحد منهما.
ثم حين سئل عن الغنى فسره بخمسين درهما.
وإنما أراد من لا كسب له يقوم بكفايته حتى يكون معه خمسون درهما ألا تراه
قال في حديث آخر:
194

' من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا '.
والأوقية أربعون درهما.
وفي حديث آخر:
وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ قال:
' أن يكون له شبع يوم وليلة '.
وكل ذلك متفق في المعنى وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية ثم أنها تختلف
باختلاف الناس فمنهم من يغنيه خمسون ومنهم من يغنيه أربعون ومنهم له كسب يدر
عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه ولا عيال له فهو مستغني به فلا يكون له أخذ الصدقة.
وفي مثل هذا المعنى ورد قوله:
' للسائل حق وإن جاء على فرس '.
فقد يكون كثير العيال ولا كسب له يقوم بكفايتهم فيجوز إعطاءه حتى يصيب
قواما من عيش.
وهو أقل ما يكفيه ويكفي عياله.
وفي مثل هذا المعنى ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقرائهم.
فاعتبر الكفاية فالاعتبار بها في حالتي الإعطاء والمنع وبالله التوفيق.
قال الشافعي رحمه الله:
195

والعاملون عليها من ولاة الوالي قبضها وقسمها ثم ساق الكلام إلى أن قال:
فأما الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي تولى أخذها عامل دونه فليس له فيها
حق.
4031 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن
الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أن عمر رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه
فسأل الذي سقاه من أين لك هذا اللبن؟ فأخبره أنه ورد على ماء قد سماه فإذا بنعم
من نعم الصدقة وهم يسقون فحلبوا لي من ألبانها فجعلته في سقائي فهو هذا.
فأدخل عمر أصبعه فاستقاء.
قال الشافعي:
العامل عليها يأخذ من الصدقة بقدر غنائه لا يزاد عليه وإن كان العامل موسرا
إنما يأخذه على معنى الإجارة.
قال أحمد:
قد روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال:
للعاملين عليها بقدر عمالتهم.
4032 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه قال أخبرنا أبو الحسن
محمد بن عبد الله السني بمرو قال حدثنا أبو الموجه قال حدثنا عبدان قال حدثنا
عبيد الله بن الشميط قال أبي والأخضر بن عجلان عن عطاء بن زهير العامري عن أبيه
قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص:
إن للعاملين عليها يعني على الصدقة حقا؟
فقال: للعاملين عليها بقدر عمالتهم.
196

4033 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال
أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: غاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو
لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين
للغني '.
قال أحمد:
هكذا رواه مالك في الموطأ مرسلا.
وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن سعيد
الخدري قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر معناه موصولا.
4034 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري قال 0 أخبرنا إسماعيل بن
محمد الصفار قال حدثنا ابن منصور قال حدثنا عبد الرزاق فذكره.
قال الشافعي:
والمؤلفة قلوبهم في متقدم الأخبار ضربان ضرب مسلمون أشراف مطاعون
يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من شأنهم ما يرون من ثبات
غيرهم فإذا كانوا هكذا فجاهدوا المشركين فأرى أن يعطوا من سهم النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو
خمس الخمس ما يتألفوا به سوى سهمانهم مع المسلمين إن كانت في المسلمين.
وذلك أن الله تعالى جعل هذا السهم خالصا لنبيه [صلى الله عليه وسلم] في مصلحة المسلمين
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم '.
197

يعني الخمس حقه من الخمس. وقوله:
' مردود فيكم '.
يعني في مصلحتكم.
قال الشافعي:
أخبرني من لا أتهم ابن أبي يحيى عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن
الحارث عن أمه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أعطى المؤلفة قلوبهم يوم حنين من الخمس.
قال الشافعي:
وهم مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط النبي [صلى الله عليه وسلم] عباس بن مرداس وقد
كان شريفا عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه.
قال الشافعي رحمه الله في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان قال أخبرنا عمر بن سعيد عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن رافع بن
خديج قال:
أعطي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم حنين أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن
حصن والأقرع بن حابس مائة مائة من الإبل وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك.
4035 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة. فذكره وزاد:
قال: قال سفيان: فقال عمر بن سعيد أو غيره في هذا الحديث فقال عباس بن
مرداس أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع فما كان بدر ولا حابس يفوقان
198

مرداس في المجمع وما كنت دون أمرين منهما ومن يخفض اليوم لا يرفع.
قال: فأتم له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مائة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان ثم أردفه الشافعي في كتاب حرملة
بأن قال:
أخبرنا سفيان قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن سعد قال:
قسم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قسما فقلت: يا رسول الله أعط فلانا فإنه مؤمن.
قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أو مسلم '.
فقلت: يا رسول الله أعط فلانا فإنه مؤمن فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أو مسلم '.
ثم قال:
' إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار '.
4036 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بإسناده نحوه.
ورواه مسلم بن الحجاج عن ابن أبي عمر عن سفيان عن الزهري دون ذكر
معمر فيه.
والأول أصح.
ثم أردفه الشافعي بحديث أنس وهو فيما.
4037 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا
محمد بن نعيم وأحمد بن سهل قالا: حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن
مصعب بن سليم عن أنس بن مالك قال:
أتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بتمر فجعل النبي [صلى الله عليه وسلم] يقسمه وهو محتفز يأكل منه أكلا
ذريعا.
199

رواه الشافعي عن سفيان.
ورواه مسلم عن ابن أبي عمر.
قال الشافعي في رواية الربيع على حديث عباس بن مرداس:
ولما أراد ما أراد القوم [و] احتمل أن يكون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل شيء حين
رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم.
واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله ما له أن يعطيه حيث رأى لأنه له
خالصا.
ويحتمل أن يعطي على التقوية بالعطية ولا يرى أن قد وضع من شرفه فإنه
[صلى الله عليه وسلم] قد أعطي من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له [صلى الله عليه وسلم].
وقد أعطى النبي [صلى الله عليه وسلم] صفوان بن أمية قبل أن يسلم ولكنه أعار رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
- أداة وسلاحا -.
وقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح
وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم حنين في أول النهار فقال له رجل
غلبت هوازن أو قتل محمد فقال صفوان بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب
إلي من رب من هوازن.
وأسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه - والله أعلم -.
فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطى من سهم النبي [صلى الله عليه وسلم] وهذا أحب لي للاقتداء
200

بأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
ولو قال قائل: كان هذا السهم لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكان له أن يضع سهمه حيث رأى
فقد فعل [صلى الله عليه وسلم] هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالا من المهاجرين والأنصار لأنه ماله
يضعه حيث رأى فلا يعطي أحد اليوم على هذا المعنى من الغنيمة.
ولم يبلغنا أن أحدا من خلفائه أعطى أحدا بعده وليس للمؤلفة في قسم الغنيمة
سهم من أهل السهمان [ولو قال هذا أحد] كان مذهبا والله أعلم.
قال الشافعي:
وللمؤلفة قلوبهم في قسم الصدقات سهم والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر
أن عدي بن حاتم جاء أبا بكر الصديق أحسبه قال ثلاث مائة من الإبل من صدقات
قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيرا وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من
قومه فجاءه بزهاء ألف رجل وأبلى بلاء حسنا.
قال: وليس في الخبر من إعطائه إياها من أين أعطاه إياها غير أن الذي يكاد
أن يعرف القلب بالاستدلال بالأخبار والله أعلم أنه أعطاه إياها من سهم المؤلفة فإما
زاده ليرغبه فيما صنع وإما أعطاه ليتألف به غيره من قومه ممن لا يثق منه بمثل ما يثق به
من عدي بن حاتم.
قال الشافعي:
201

فأرى أن يعطي من سهم المؤلفة قلوبهم في مثل هذا المعنى إن نزلت نازلة
بالمسلمين ولن تنزل إن شاء الله.
ثم بسط الكلام في بيان النازلة ثم قال:
فإن لم يكن مثل ما وصفت مما كان في زمان أبا بكر من امتناع أكثر العرب
بالصدقة على الردة وغيرها لم أر أن يعطى أحد منهم من سهم المؤلفة قلوبهم ورأيت
أن يرد سهمهم على السهمان معه وذلك أنه لم يبلغني أن عمر ولا عثمان ولا عليا
أعطوا أحدا تألفا على الإسلام وقد أعز الله وله الحمد الإسلام عن أن يتألف الرجال
عليه.
قال الشافعي:
وقوله في الرقاب: يعني المكاتبين والله أعلم.
قال أحمد:
روينا عن معقل بن عبيد الله أنه سأل الزهري عن قوله وفي الرقاب قال:
المكاتبين.
وروي ذلك عن الضحاك ومقاتل بن حبان.
قال الشافعي:
والغارمون صنفان:
صنف دانوا في مصلحتهم أو معروف وغير معصية ثم عجزوا عن أداء ذلك في
العرض والنقد فيعطون في غرمهم لعجزهم.
وصنف دانوا في حمالات وإصلاح ذات بين ومعروف ولهم عروض تحمل
202

حمالاتهم أو عامتها وإن بيعت أضر ذلك بهم وإن لم يفتقروا فيعطى هؤلاء وتوفر
عروضهم كما يعطى أهل الحاجة من الغارمين حتى يقضوا غرمهم.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة بن
المخارق الهلالي قال:
تحملت بحمالة فأتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسألته فقال:
' نؤدها عنك أو نخرجها عنك إذا قدم نعم الصدقة يا قبيصة المسألة حرمت
إلا في ثلاث رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل
أصابته فاقة أو حاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه أن به حاجة
أو فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما من عيش ثم يمسك
ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من عيش أو
قواما من عيش ثم يمسك فما سوى ذلك من المسألة فهو سحت '.
4038 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حماد بن زيد عن هارون بن رئاب.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وبهذا نأخذ وهو معنى ما قلت في الغارمين.
وقول النبي [صلى الله عليه وسلم] تحل المسألة في الفاقة والحاجة يعني - والله أعلم - من سهم
الفقراء والمساكين لا الغارمين وقوله:
203

' حتى يصيب سدادا من عيش '.
يعني - والله أعلم - أقل اسم [من] الغنى.
وبذلك نقول وذلك حين يخرج من الفقر والمسكنة.
قال الشافعي:
وسهم سبيل الله يعطى منه من أراد الغزو من جيران الصدقة فقيرا كان أو
غنيا واحتج بحديث عطاء بن يسار وقد مضى ذكره.
قال: وابن السبيل من جيران الصدقة الذين يريدون السفر في غير معصية
فيعجزون عن بلوغ سفرهم.
وقال في القديم رواية الزعفراني:
وقال بعض أصحابنا في سهم ابن السبيل هو:
لمن مر بموضع المصدق ممن عجز عن بلوغ حيث يريد إلا بمعونة المصدق
من أهل الصدقة كان أو غيرهم إذا كان حرا مسلما.
قال الشافعي:
وهذا مذهب والله أعلم.
قال أحمد:
وروينا في حديث سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صدقتك على المسكين صدقة وإنها على ذي الرحم لثنتان صدقة وصلة '.
وروى الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن الزهري عن حميد بن
204

عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح '.
4039 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله.
قال أحمد:
وهذا إذا لم يكن ممن تلزمه نفقته من والديه وأولاده فإن كان أحد هؤلاء لم يعطه
من سهم الفقراء والمساكين شيئا لاستغنائه به.
وروينا عن عبد الله بن المختار قال قال علي بن أبي طالب ليس لولد ولا لوالد
حق في صدقة المفروضة.
قال الشافعي:
ولا يعطي زوجته لأن نفقتها تلزمه.
وقال أحمد:
وروينا عن زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت يا رسول الله أيجزئ عنا أن نجعل
الصدقة في زوج فقير وبني أخ أيتام في حجورنا؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لك أجر الصدقة وأجر الصلة '.
وفي هذا دلالة على جواز دفع زكاتها إلى زوجها إذا كان محتاجا.
قال الشافعي:
وهذا كله إذا كانوا من غير آل محمد [صلى الله عليه وسلم] فأما آل محمد [صلى الله عليه وسلم] الذين جعل الخمس
205

عوضا من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات شيئا.
قال: وهم أهل الشعب وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب قال: ولا يحرم
على آل محمد [صلى الله عليه وسلم] صدقة التطوع إنما يحرم عليهم [الصدقة] المفروضة.
وذكر حكاية أبي جعفر إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.
وذكر صدقة علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب.
وذكر قول النبي [صلى الله عليه وسلم] الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة.
وقد مضى جميع ذلك في آخر كتاب الهبات.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه:
اختلف أصحابنا في الموالي - يعني موالي بني هاشم وبني المطلب - فقال
بعضهم:
يعطون من الخمس مع مواليهم بدلا من الذي حرم عليهم من الصدقة.
وقال غيره من أصحابنا: لا شيء لهم وإنما الخمس للصليبة دون الموالي.
قال الشافعي:
والقياس في ذلك أن الصليبة والموالي فيه سواء لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرم على
مواليه من الصدقة ما حرم على نفسه.
فكذلك الخمس الموالي والصليبة فهم سواء وكلهم في تحريم الصدقة سواء
غير أني لم أرى الناس قبلنا أعطوا الموالي من ذلك شيئا والقياس أن يعطوا.
قلت: والأصل في تحريم الصدقة عليهم حديث أبي رافع:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال: اصحبني كيما
نصيب منها.
فقال: لا حتى آتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فانطلق إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله فقال:
206

' إن الصدقة لا تحل لنا وإن موالي القوم من أنفسهم '.
4040 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن
مالويه قال حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا
شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبيه. فذكره.
وروي فيه أيضا عن ميمون أو مهران مولى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
((865 - [باب] ميسم الصدقة))
قال الشافعي رحمه الله في القديم:
بلغني أن حميد الطويل ذكر عن أنس بن مالك:
أنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسم إبل الصدقة.
4041 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حماد قال حدثنا علي بن
الصقر قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:
رأيت في يد النبي [صلى الله عليه وسلم] الميسم وهو يسم إبل الصدقة.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف.
ورواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن الوليد.
وأخرجا حديث هشام بن زيد عن أنس في دخوله على النبي [صلى الله عليه وسلم] ورؤيته إياه
207

يسم شاة في آذانها.
فيما يحسب.
وروينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
أنه نهى عن الوشم في الوجه.
4042 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا
إبراهيم بن الحارث البغدادي قال حدثنا حجاج بن محمد الأعور المصيصي قال قال
ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الوشم في الوجه والضرب في الوجه.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون الحمال عن حجاج قال [أحمد]:
4043 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر بن
الخطاب إن في الظهر ناقة عمياء فقال:
أمن نعم الجزية أم من نعم الصدقة؟
فقال أسلم: من نعم الجزية.
وقال إن عليها ميسم الجزية.
قال الشافعي:
وهذا يدل على أن عمر كان يسم وسمين وسم جزية ووسم صدقة.
وبهذا نقول.
قال أحمد:
ورواه بطوله في كتاب فرض الزكاة كما نقله المزني في المختصر.
208

4044 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا
عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن
عمر بن الخطاب كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الجزية وأنه قال لعمر بن الخطاب:
إن في الظهر لناقة عمياء.
فقال عمر بن الخطاب:
ادفعها إلى أهل البيت ينتفعون بها.
قال فقلت: وهي عمياء؟ قال يقطرونها بالإبل.
قال فقلت: كيف تأكل من الأرض.
فقال عمر بن الخطاب: أم نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة؟
قال: فقلت: بل من نعم الجزية.
قال فقال عمر: أردتم والله أكلها.
فقلت: إن عليها وسم الجزية.
فأمر بها عمر بن الخطاب فنحرت.
قال: وكانت عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طرفة إلا جعل منها
في تلك الصحاف فبعث بها إلى أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] ويكون الذي يبعث به إلى حفصة من
آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة.
قال: فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور ثم فبعث بها إلى أزواج
النبي [صلى الله عليه وسلم] وأمر بما بقي من اللحم فصنع فدعي عليه المهاجرين والأنصار.
209

وهذا فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
رحمه الله بإسناده نحوه.
قال الشافعي:
ولم تزل السعادة يبلغني عنهم أنهم / يسمون كما وصفت.
ولا أعلم في الميسم علة إلا أن يكون ما أخذ من الصدقة معلوما فلا يشتريه
الذي أعطاه لأنه شيء خرج منه لله عز وجل.
كما أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عمر بن الخطاب في فرس حمل عليه في سبيل الله فرآه
يباع أن لا يشتريه.
وكما ترك المهاجرون نزول منازلهم بمكة لأنهم تركوها لله.
4045 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن
الخطاب حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع فأراد أن يبتاعه فسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
عن ذلك فقال:
' لا تبتعه ولا تعد في صدقتك '.
210

((23 - كتاب النكاح))
بسم الله الرحمن الرحيم
((866 - [باب] ما جاء في أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأزواجه))
4046 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه أن أبا العباس محمد بن يعقوب
حدثهم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال:
إن الله تبارك وتعالى لما خص به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من وحيه وأبان من فضله من
المباينة بينه وبين خلقه بالفرض على خلقه طاعته في غير آية من كتابه فقال:
* (من يطع الرسول فقد أطاع الله) *.
وذكر معها غيرها.
قال: فافترض الله على رسوله [صلى الله عليه وسلم] [أشياء] خففها عن خلقه ليزيده بها
إن شاء الله قربة إليه [وكرامة] وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادة في
كراماته وتبيينا لفضيلته مع ما لا يحصى من كرامته له وهي موضوعة مواضعها.
211

قال أحمد:
إلى / ها هنا قراءة وما بعد ذلك بعضه إجازة وبعضه قراءة.
قال الشافعي:
فمن ذلك أن من ملك زوجة سوى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يكن عليه أن يخيرها في
المقام معه أو فراقه وله حبسها إذا أدى إليها ما يجب عليها لها وإن كرهته.
وأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يخير نساءه فقال:
* (قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) *.
فخيرهن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاخترنه فلم يكن الخيار إذا اخترنه طلاقا ولم يجب عليه
أن يحدث لهن طلاقا إذا اخترنه.
وكان تخيير رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ إن شاء الله _ كما أمر الله إن أردن الحياة الدنيا
وزينتها ولم يخترنه فأحدث لهن طلاقا لا ليجعل الطلاق إليهن لقول الله:
* (فتعالين أمتعكن وأسرحكن) *.
أحدث لكن إذا اخترتن الحياة الدنيا [وزينتها] متاعا وسراحا فلما اخترنه لم
يوجب ذلك عليه أن يحدث لهن طلاقا ولا متاعا.
فأما قول عائشة فقد خيرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاخترناه أفكان ذلك طلاقا؟!.
تعني _ والله أعلم _ لم يوجب ذلك على النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يحدث لنا طلاقا.
وإذا فرض [الله] على النبي [صلى الله عليه وسلم] إن اخترن الحياة الدنيا أن يمتعن فاخترن
212

الله ورسوله فلم يطلق واحدة منهن.
فكل من خير امرأته فلم تختر الطلاق فلا طلاق له عليها وكذلك كل من خير
نساءه فليس [له] الخيار بطلاق حتى تطلق المخيرة نفسها.
قال الشافعي:
حدثني الثقة عن ابن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت:
خيرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أفكان ذلك طلاقا؟!.
4047 - أخبرنا أبو نصر محمد بن / علي الفقيه الشيرازي قال حدثنا أبو
عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى بن عبيد قال
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد بهذا الحديث.
قال الشافعي:
وأنزل الله تبارك وتعالى عليه:
* (لا يحل لك النساء من بعد) *.
فقال بعض أهل العلم:
نزلت عليه:
* (لا يحل لك النساء من بعد) *.
بعد تخييره أزواجه.
قال وأخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن عائشة أنها قالت:
ما مات رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى أحل له النساء.
213

4048 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان. فذكره.
قال الشافعي:
كأنها تعني اللاتي حظرن عليه في قوله:
* (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج) *.
وأحسب قول عائشة أحل له النساء لقول الله:
* (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك) * إلى قوله:
* (خالصة لك من دون المؤمنين) *.
فذكر الله ما أحل له فذكر أزواجه اللاتي آتى أجورهن [وذكر] وبنات عمه
وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي.
فدل ذلك على معنيين أحدهما أنه أحل له مع أزواجه من ليس له بزوج يوم أحل
له وذلك أنه لم يكن عنده [[صلى الله عليه وسلم]] من بنات عمه ولا بنات خاله ولا بنات خالاته
امرأة.
وإن كان عنده عدة نسوة.
وعلى أنه أباح له من العدد ما حظر على غيره ومن أن يأتهب بغير مهر ما حظر
على غيره.
ثم جعل له في اللاتي يهبن أنفسهن له أن يأتهب ويترك فقال:
* (ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) *.
214

فمن ايتهب منهن فهي زوجة لا تحل لأحد بعده ومن لم تهب فلم يقع عليها
اسم زوجة وهي تحل له ولغيره.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن / سعد:
أن امرأة وهبت نفسها للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقامت قياما طويلا فقال رجل: يا رسول الله
زوجنيها إن لم يكن بك بها حاجة.
فذكر أنه زوجه إياها.
قال الشافعي:
وكان مما خص الله نبيه [صلى الله عليه وسلم] قوله:
* (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) *.
وقال: * (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) *.
فحرم نكاح نسائه من بعده على العالمين وليس هكذا نساء أحد غيره.
وقال الله:
* (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) *.
فأبانهن به [[صلى الله عليه وسلم]] من نساء العالمين. وقوله:
215

* (وأزواجه أمهاتهم) *.
مثل ما وصفت من اتساع لسان العرب وأن الكلمة [الواحدة] تجمع معاني
مختلفة ومما وصفت من أن الله أحكم كثيرا من فرائضه بوحيه وسن شرائع واختلافها
على لسان نبيه [صلى الله عليه وسلم] وفي فعله.
فقوله * (أمهاتهم) * يعني في معنى دون معنى ذلك أنه لا يحل لهم نكاحهن
بحال ولا يحرم عليهم نكاح بنات لو كن لهن كما يحرم عليهم نكاح بنات أمهاتهم
اللاتي ولدنهم أو أرضعنهم.
والدليل عليه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زوج فاطمة ابنته وهو أبو المؤمنين وهي بنت
خديجة أم المؤمنين زوجها عليا وزوج رقية وأم كلثوم عثمان. وهو بالمدينة.
وأن زينب بنت أم سلمة تزوجت وأن الزبير بن العوام بنت أبي بكر الصديق.
وأن طلحة تزوج بنته الأخرى وهما أختا أم المؤمنين وعبد الرحمن بن عوف
تزوج حمنة بنت جحش وهي أخت أم المؤمنين زينب.
ولا يرثن المؤمنين ولا يرثوهن كما يرثون أمهاتهم ويرثهن.
ويشبهن أن يكن أمهات لعظم الحق عليهم مع تحريم نكاحهن.
ثم بسط الكلام في وقوع اسم الأم على غير الوالدات (......).
/ قال الشافعي:
فأما ما سوى ما وصفنا من أن النبي [صلى الله عليه وسلم] من عدد النساء أكثر ما للناس ومن أن
216

يأتهب بغير مهر ومن [أن] أزواجه أمهاتهم لا يحللن لأحد بعده وما في [مثل]
معناه من الحكم بين الأزواج فيما يحل منهن ويحرم بالحادث فلا نعلم حلال الناس
يخالف حلال النبي [صلى الله عليه وسلم] في ذلك.
فمن ذلك أنه كان يقسم لنسائه فإذا أراد سفرا أقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها
خرج بها [معه] فهذا الكل من له أزواج من الناس.
قال الشافعي:
أخبرني محمد بن علي أنه سمع ابن شهاب يحدث عن عبيد الله عن عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج
بها.
قال الشافعي:
ومن ذلك أنه أراد فراق سودة فقالت:
لا تفارقني ودعني حتى يحشرني الله في أزواجك وأنا أهب يومي وليلتي
لأختي عائشة.
قال الشافعي:
وقد فعلت ابنة محمد بن مسلمة تشبيها بهذا حين أراد زوجها طلاقها.
217

ونزل فيما ذكر في ذلك:
* (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا) * الآية.
أخبرنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب يعني بقصة ابنة محمد بن سلمة.
قال الشافعي:
أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن
أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت:
يا رسول الله هل لك في أختي ابنة أبي سفيان فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فاعل ماذا '؟.
قالت: تنكحها. قال:
' أختك '؟.
قالت: نعم. قال:
' أو تحبين ذلك '؟.
قالت: نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي. قال:
' فإنها لا تحل لي '.
قالت: فقلت: والله لقد أخبرت أنك تخطب ابنة أبي سلمة. قال:
' بنت أم سلمة '؟.
قالت: نعم. قال:
' فوالله لو لم [تكن] ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة / أخي من
218

الرضاعة. أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن '.
4049 - أخبرناه أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض فذكر هذا
الحديث.
وهو مخرج في الصحيحين.
((867 - [باب] الترغيب في النكاح))
4050 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي في الترغيب في النكاح لمن تاقت نفسه إليه أحب له ذلك لأن الله تعالى
أمر به وندب إليه وجعل فيه أسباب منافع. فقال:
* (وجعل منها زوجها ليسكن إليها) *.
وقال: * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) *.
فقيل: أن الحفدة الأصهار. وقال:
* (فجعله نسبا وصهرا) *.
قال أحمد:
روينا تفسير الحفدة هذا عن عبد الله بن مسعود.
قال الشافعي:
وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
219

' تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط '.
وبلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح '.
وبلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من مات له ثلاثة من الولد لم تمسه النار '.
ويقال: أن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وبلغنا أن عمر بن الخطاب
قال:
ما رأيت مثل من ترك النكاح بعد هذه الآية:
* (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) *.
قال أحمد:
وأصح ما ورد في الترغيب في النكاح:
4051 - ما أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد
- هو ابن الأعرابي - قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا أبو
معاوية قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال:
كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود فلقيه عثمان بن عفان بمنى فجعل يحدثه
فقال له عثمان يا أبا عبد الرحمن / ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك ببعض ما
220

مضى من زمانك؟.
فقال عبد الله: أما لئن قلت ذاك لقد قال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن
للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي معاوية.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش.
وروينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس
مني '.
4052 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا
محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج عن إبراهيم بن
ميسرة عن عبيد بن سعد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحب فطرتي فليستن بسنتي النكاح '.
هذا مرسل. وروي عن أبي حرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4053 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد ين يعقوب قال
حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المستلم بن سعيد - وهو
فيما بلغني ابن أخت منصور بن زاذان - عن منصور بن زاذان عن معاوية بن قرة عن
221

معقل بن يسار أن رجلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
يا رسول الله إني تزوجت امرأة ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد. فنهاه.
ثم أتاه الثانية. فنهاه. ثم أتاه الثالثة فقال:
' تزوج الودود الولود فإني مكاثر بكم '.
4054 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن العدل قال أخبرنا أبو
بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال
حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار / إلا تحلة
القسم '.
4055 - وبإسناده قال حدثنا [الشافعي قال حدثنا] مالك عن يحيى بن سعيد
أن سعيد بن المسيب كان يقول:
إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده. وقال بيديه نحو السماء يرفعهما.
قال أحمد:
الحديث المرفوع عن أبي هريرة مخرج في الصحيحين.
4056 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
222

العباس بن محمد الدوري قال حدثنا شريح بن النعمان الجوهري قال حدثنا حماد بن
سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن العبد يوم القيامة لترفع له الدرجة لا يعرفها فيقول يا رب أنى لي هذا فيقال
له هذا بإستغفار ابنك لك '.
تابعه حماد بن زيد عن عاصم.
4057 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار أن ابن عمر أراد أن لا ينكح فقالت
له حفصة:
تزوج فإن ولد لك ولد فعاش من بعدك دعوا لك.
وفي كتاب القديم رواية الزعفراني عن الشافعي قال:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاوس:
لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد قال قلت: وما قال عمر لأبي
الزوائد؟.
قال قال له: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
قال الشافعي في رواية الربيع فيمن لم تتق نفسه إلى النكاح:
لا أرى بأسا أن يدع النكاح بل أحب ذلك وأن يتخلى لعبادة الله.
وقد ذكر الله القواعد فلم ينههن عن القعود ولم يندبهن إلى نكاح.
وذكر عبدا أكرمه فقال:
* (وسيدا وحصورا) *.
والحصور: الذي لا يأتي النساء ولم يندبه إلى نكاح.
قال أحمد:
223

وقد روينا هذا التفسير عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة.
4058 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال حدثنا الشافعي في الرجل ينظر إلى المرأة / يريد أن يتزوجها قال ينظر إلى وجهها
وكفيها وهي متغطية ولا ينظر إلى ما وراء ذلك.
قال أحمد:
وهذا لما روينا في حديث أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في رجل تزوج امرأة من
الأنصار [فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]] ' أنظرت إليها '.
قال: لا. قال:
' فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا '.
وروينا عن أنس بن مالك قال:
أراد المغيرة بن شعبة أن يتزوج امرأة فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما '.
قال: فنظرت إليها فذكر من موافقتها.
4059 - أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا
أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس فذكره.
ورواه أيضا بكر بن عبد الله عن المغيرة.
وروينا عن جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع
أن ينظر منها إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل '.
224

قال: فخطبت جارية من بني سلمة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني
إلى نكاحها.
قال الشافعي:
ينظر إلى وجهها وكفيها ولا ينظر إلى ما وراء ذلك.
قال أحمد:
وهذا لأن الله جل ثناؤه يقول:
* (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) *.
قيل عن ابن عباس وغيره:
هو الوجه والكفان.
وقد مضى ذكره في كتاب الصلاة وذكرنا فيه ما يشده.
وأما النظر بغير سبب قبيح لغير محرم فالمنع منه ثابت بآية الحجاب ولا يجوز
لهن أن يبدين زينتهن إلا للمذكورين في الآية من ذوي المحارم.
وقد ذكر الله تعالى معهم ما ملكت أيمانهن.
وروينا عن ثابت عن أنس في قصة فاطمة وسترها رأسها أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لها:
' أنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك ' يعني عبدا لها.
(......) معهم التابعين غير أولي الإربة من الرجال.
/ وروينا عن ابن عباس أنه قال:
هو الرجل يتبع القوم وهو مغفل في غفلة لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن.
225

وعن الحسن:
هو الذي لا عقل له ولا يشتهي النساء ولا تشتهيه النساء.
وقال في الآية:
* (أو نسائهن) *.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح:
أما بعد: فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات ومعهن نساء
أهل الكتاب فامنع ذلك وحل دونه.
وفي رواية أخرى:
فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.
قال أحمد:
وهذا في العورة المخففة والذي يؤكده:
ما روي عن مجاهد أنه قال:
لا تضع المسلمة خمارها عند مشركة ولا تقبلها لأن الله يقول:
* (أو نسائهن) *.
قال أحمد:
فأما في العورة المغلظة ففي الحديث الثابت عن عبد الرحمن بن أبي سعيد
الخدري عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا تنظر المرأة إلى عرية المرأة ولا يفضي
الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد '.
4060 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
226

عبيد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا ابن أبي فديك قال حدثنا
الضحاك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع وغيره عن ابن أبي فديك.
وهذا عام في جميع النساء.
وروينا في نهي المرأة عن النظر إلى الأجنبي حديث ابن شهاب عن نبهان عن
أم سلمة قالت:
كنت عند النبي [صلى الله عليه وسلم] وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمر
بالحجاب فدخل علينا. فقال:
' احتجبا '.
فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى ولا يبصرنا؟ فقال:
' أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه '.
قال أحمد:
وإنما إذا وقع بصره على من لا يجوز له النظر إليه فإنه (يصرفه لنهي)
رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] وذلك فيما:
4061 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال
حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن
عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير قال:
سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري.
أخرجه مسلم من حديث وكيع عن الثوري.
227

((868 - [باب] لا نكاح إلا بولي))
4062 - أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) *.
قال الشافعي:
زعم بعض أهل العلم بالقرآن: أن معقل بن يسار كان زوج أختا له ابن عم له
فطلقها ثم أراد الزوج وأرادت نكاحه بعد ما مضى عدتها فأبى معقل وقال: زوجتك
وآثرتك على غيرتك فطلقتها لا أزوجكها أبدا. فنزل * (وإذا طلقتم النساء) * يعني
الأزواج * (فبلغن أجلهن) * فانقضى عددهن * (فلا تعضلوهن) * يعني أولياءهن * (أن ينكحن أزواجهن) * إن طلقوهن ولم يبتوا طلاقهن.
قال الشافعي:
وما أشبه معنى ما قالوا من هذا بما قالوا [ولا أعلم الآية تحتمل غيره] لأنه
إنما يؤمر أن لا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل بأن يكون يتم به نكاحها من
الأولياء.
قال: وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقا وأن على
الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف.
228

4063 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عباد بن راشد
والمبارك بن فضالة عن الحسن قال عباد: سمعت الحسن يقول: حدثني معقل بن
يسار قال: كانت لي أخت تخطب إلي وأمنعها الناس حتى / أتاني ابن عم لي فخطبها
إلي فزوجتها إياه فاصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا ثم طلقها طلاقا له عليها رجعة ثم
تركها حتى انقضت عدتها ثم جاءني يخطبها مع الخطاب فقلت:
يا لكع خطبت إلي أختي فمنعتها الناس وخطبتها إلي فآثرتك بها وأنكحتك
فطلقتها ثم لم تخطبها حتى انقضت عدتها فلما جاءني الخطاب يخطبونها جئت
تخطبها لا والله الذي لا إله إلا هو لا أنكحكها أبدا.
قال: فقال معقل: ففي نزلت هذه الآية:
* (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) *.
قال: وعلم الله تبارك وتعالى حاجتها إليه وحاجته إليها فنزلت هذه الآية.
فقلت: سمع وطاعة فزوجتها إياه وكفرت يميني.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي عامر العقدي عن عباد بن راشد.
وفيه الدلالة الواضحة على حاجتها إلى الولي الذي هو غيرها في تزويجها.
ومن حمل عضل معقل على أنه كان يزهدها في المراجعة فمنع من ذلك كان
ظالما لنفسه في حمل كتاب الله عز وجل على غير وجهه فلا عضل في التزهيد إذا كان
لها التزويج دونه ولا فائدة في يمينه لو كان لها التزويج دونه ولا حاجة به إلى الحنث
والتكفير ولها أن تتزوج به دون تزويجه.
قال الشافعي رحمه الله:
وجاءت السنة بمثل معنى كتاب الله عز وجل.
229

4064 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم وعبد المجيد عن ابن
جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل
وإن أصابها [فلها] الصداق بما استحل من فرجها '.
قال الشافعي:
قال بعضهم في / الحديث: فإن اشتجروا.
وقال غيره منهم: فإن اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له.
قلت: هذا حديث رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن سليمان بن
موسى عن الزهري وكلهم ثقة حافظ.
وروينا عن شعيب بن أبي حمزة أنه قال قال لي الزهري: أن مكحولا يأتينا
وسليمان بن موسى وأيم الله إن سليمان بن موسى لأحفظ الرجلين.
وروينا عن عثمان الدارمي أنه قال:
قلت ليحيى بن معين: فما حال سليمان بن موسى من الزهري؟ فقال: ثقة.
والعجب أن بعض من يسوي الأخبار على مذهبه حكى أن ابن جريج سأل
ابن شهاب عن هذا الحديث فأنكره ثم يرويه عن ابن أبي عمران عن يحيى بن معين
عن ابن علية عن ابن جريج ولو ذكر حكاية يحيى بن معين في هذا على وجهها علم
230

أصحابه أن لا مغمز في رواية سليمان بهذه الحكاية فاختصرها ولم يذكرها على
الوجه.
ونحن نذكرها - إن شاء الله - على الوجه.
4065 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا إسحاق المزكي يقول
سمعت أبا سعيد محمد بن هارون يقول سمعت جعفر الطيالسي يقول سمعت
يحيى بن معين يوهن رواية ابن علية عن ابن جريج عن الزهري أنه أنكر معرفة
[حديث] سليمان بن موسى وقال:
لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية وإنما سمع ابن علية من ابن جريج
سماعا ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز.
وضعف يحيى بن معين رواية إسماعيل عن ابن جريج جدا.
قال أحمد:
وبمعناه رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين.
وقال يحيى في رواية الدوري عنه:
ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى.
وقال في رواية مندل عن هشام بن عروة عن أبيه:
هذا حديث ليس بشيء.
فيحيى بن معين إنما ضعف رواية مندل وصحح رواية سليمان بن موسى.
وقد ذكرنا رواية / الدوري عنه بإسناده في كتاب السنن.
وروينا عن أحمد بن حنبل أنه ضعف أيضا حكاية ابن علية هذه عن ابن جريج
وقال:
ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه.
231

فهذان إمامان في الحديث وهنا هذه الحكاية ولم يثبتاها مع ما في مذاهب أهل
العلم بالحديث من وجوب قبول خبر الصادق وإن شبه من أخبره عنه.
والمحتج بحكاية ابن علية في رد هذه السنة يحتج في مسألة الوقف برواية ابن
لهيعة وحده.
وفي غير موضع برواية الحجاج بن أرطأة وحده ثم يرد في هذه المسألة رواية
ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
مثل رواية موسى بن سليمان وذلك فيما:
4066 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا
إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا ابن لهيعة فذكر
بمعناه.
وقال في رواية أخرى عنه بإسناده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
' لا نكاح إلا بولي '.
ويرد رواية الحجاج بن أرطأة عن الزهري مثل ذلك.
فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ولا يقبل روايتهما مجتمعة
إذا خالفت مذهبه ومعهما رواية فقيه من فقهاء الشام ثقة تشهد لروايتهما في هذه
المسألة بالصحة والله يوفقنا لمتابعة السنة وترك الميل إلى الهوى بفضله ورحمته.
وعلل حديث عائشة هذا بشيء آخر وهو ما:
4067 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن
غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال:
232

مثلي يصنع هذا به ويفتات عليه.
فكلمت عائشة المنذر بن الزبير.
فقال المنذر: / فإن ذلك بيد عبد الرحمن ما كنت لأرد أمرا قضيتيه.
فقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقا.
قال أحمد:
ونحن نحمل هذا على أنها مهدت أسباب تزويجها ثم أشارت على من ولي
أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح.
وإنما أضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك وإذنها فيه وتمهيدها أسبابه.
والذي يدل على صحة هذا التأويل ما:
4068 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه قال:
كانت عائشة تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت
لبعض أهلها زوج فإن المرأة لا تلي عقدة النكاح.
رواه عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم قال:
لا أعلمه إلا عن أبيه قال:
كانت عائشة: فذكر معنى هذه القصة وقال:
فإذا لم يبق إلا النكاح قالت يا فلان انكح فإن النساء لا ينكحن.
وفي رواية أخرى وقالت:
ليس إلى النساء النكاح.
فإذا كان هذا مذهبها وراوي الحديثين عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد
233

بقوله: زوجت عائشة حفصة بنت عبد الرحمن ما ذكرنا.
وإذا كان محمولا على ما ذكرنا لم يخالف ما روته عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
واحتج أصحابنا في المسألة بما:
4069 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا هاشم بن القاسم وعبد الله بن موسى
قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا نكاح إلا بولي '.
وهذا حديث أسنده إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق وتابعه على ذلك شريك
القاضي وقيس بن الربيع.
وأرسله سفيان وشعبة.
4070 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت / أبا الحسن بن منصور يقول
سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت أبا موسى يقول: كان
عبد الرحمن بن مهدي يثبت حديث إسرائيل عن أبي إسحاق - يعني في النكاح بغير
ولي.
قال أحمد:
وفي كتاب ابن عدي: عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان يقول:
إسرائيل عن أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري في أبي إسحاق.
وكان عبد الرحمن يقول: قال عيسى بن يونس:
إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الرجل السورة من القرآن.
وقال حجاج بن منهال: قلنا لشعبة حدثنا أحاديث أبي إسحاق.
قال سلوا عنها إسرائيل فإنه أثبت فيها مني.
وروينا عن علي بن المديني أنه قال:
234

حديث إسرائيل صحيح في:
' لا نكاح إلا بولي '.
وسئل عنه البخاري فقال:
الزيادة من الثقة مقبولة وإسرائيل ثقة.
وإن كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث.
وهذه الحكايات بأسانيدهن مخرجات في كتاب السنن.
وقد وقفنا على كيفية سماع سفيان وشعبة هذا الحديث من أبي إسحاق وذلك
فيما:
4071 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت يحيى بن منصور يقول سمعت
الحسن بن سفيان يقول سمعت أبا كامل الفضيل بن الحسين يقول حدثنا أبو داود عن
شعبة قال قال سفيان الثوري لأبي إسحاق سمعت أبا بردة يحدث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه
قال:
' لا نكاح إلا بولي '؟.
قال: نعم. قال الحسن: ولو قال عن أبيه لقال نعم.
قال أبو عيسى الترمذي في كتاب العلل: حديث أبي بردة عن أبي موسى عندي
والله أعلم أصح وإن كان سفيان وشعبة لا يذكران فيه عن أبي موسى لأنه قد دل في
حديث شعبة أن سماعهما جميعا في وقت واحد وهؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق
عن أبي بردة عن أبي [موسى] سمعوا في أوقات مختلفة.
قال: ويونس بن أبي إسحاق قد / روى هذا عن أبيه عن أبي بردة عن أبي
موسى.
235

قال أحمد:
وروي عن يونس عن أبي بردة نفسه عن أبي موسى وسماعه من أبي بردة
صحيح.
4072 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن
سالم عن ابن جريج قال أخبرني عكرمة بن خالد قال:
جمعت الطريق رفقة منهم امرأة ثيب فولت رجلا منهم أمرها فزوجها رجلا فجلد
عمر بن الخطاب الناكح والمنكح ورد نكاحهما.
ورواه الزعفراني عن الشافعي في القديم فقال:
عن ابن جريج عن عبد المجيد بن جبير عن عكرمة عن خالد وهو أصح.
كذلك رواه روح بن عبادة عن ابن جريج.
4073 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن
عبد الرحمن بن معبد بن عمير: أن عمر رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي.
4074 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن المسيب كان يقول عمر بن
الخطاب:
لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
وهذا قد رواه عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن سعيد بن المسيب.
4075 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن معاوية بن سويد بن
236

مقرن أنه وجد في كتاب أبيه عن علي أن لا نكاح إلا بولي فإذا بلغ الحقائق النص
فالعصبة أحق.
قال الشافعي:
وبهذا نقول لأنه وافق ما روينا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وهذا أصح ما روي عن علي في هذا وله شواهد ولا / يصح عنه ما رواه أبو قيس
الأودي في إجازة نكاح الخال أو الأم بالدخول.
لضعفه والاختلاف عليه في إسناده ومتنه.
4076 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن خثيم
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل.
4077 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن سيرين عن أبي هريرة
قال:
لا تنكح المرأة المرأة فإن النعي إنما تنكح نفسها.
هكذا رواه ابن عيينة عن هشام بن حسان.
ورواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب عن هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها '.
وكان يقول:
237

التي تنكح نفسها هي زانية.
4078 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو محمد ابن حيان قال حدثنا
محمد بن يحيى بن مندة قال حدثنا هناد قال حدثنا المحاربي فذكره.
وكذلك روي عن مخلد بن حسين ومحمد بن مروان العقيلي عن هشام مرفوعا.
4079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج قال
قال عمرو بن دينار:
نكحت امرأة من بني بكر بن كنانة يقال لها ابنة أبي ثمامة عمر بن عبد الله بن
مضرس فكتب علقمة بن علقمة العتواري إلى عمر بن عبد العزيز إذ هو والي
بالمدينة إني وليها وإنها نكحت بغير أمري فرده عمر، وقد أصابها.
وروينا في ذلك عن الفقهاء السبعة من التابعين.
واحتج بعض من نصر مذهبهم بتزويج عمرو [بن] أبي سلمة أمه من
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو صغير.
وفي ذلك دلالة على سقوط احتجاجهم له في ولاية الابن وليس فيه حجة على
من اشترط الولي في النكاح لأنه لو كان يجوز النكاح بغير ولي لأشبه أن توجب العقد
هي ولا تأمر به غيرها.
فلما أمرت به غيرها بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] إياها بذلك على ما روي في بعض
الروايات دل أنها لا تلي عقد النكاح.
وقول من زعم أنه كان صغيرا دعوى ولم يثبت صغره بإسناد صحيح.
وقول من زعم أنه زوجها بالنبوة مقابل بقول: من قال بل زوجها بأنه كان من بني
أعمامها ولم يكن لها ولي هذا أقرب منه إليها لأنه: عمر بن أبي سلمة بن
238

عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأم سلمة هي: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.
فتزويجها كان بولي مع قول من زعم أن نكاح النبي [صلى الله عليه وسلم] كان لا يفتقر إلى الولي.
وفي قصة تزويج زينب بنت جحش ونزول الآية فيها دلالة على صحة ذلك.
والله أعلم.
((869 - [باب] نكاح الآباء وغيرهم))
4080 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام عن أبيه عن
عائشة قالت:
تزوجني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا ابنة ست أو سبع وبنى بي وأنا ابنة تسع وكنت ألعب
بالبنات وكن جواري يأتينني فإذا رأين رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يتقمعن منه فكان النبي [صلى الله عليه وسلم] يسر
بهن.
الشك في الشافعي.
أخرجاه من وجه آخر عن هشام بن عروة. وقيل: ابنة ست من غير شك.
وفي رواية حماد بن زيد عن هشام:
ابنة سبع.
قال الشافعي في رواية / أبي عبد الله سعيد بعد بيان تعلق الأحكام بالبلوغ بما
ورد فيه:
دل إنكاح أبي بكر عائشة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ابنة ست سنين وبناؤه بها ابنة تسع على
أن الأب أحق بالبكر من نفسها ولو كانت إذا بلغت بكرا كانت أحق بنفسها منه أشبه أن
لا يجوز له عليها حتى تبلغ فيكون ذلك بأمرها.
239

قال في موضع آخر في رواية أبي عبد الله:
كما قلنا في المولود يقتل أبوه يحبس قاتله حتى يبلغ الولد فيعفو أو يصالح أو
يقتل لأن ذلك لا يكون إلا بأمره وهو صغير لا أمر له.
قال الشافعي في القديم:
وقد زوج علي عمر أم كلثوم بغير أمرها وزوج الزبير ابنته صبية.
وتزوج النبي [صلى الله عليه وسلم] عائشة ابنة ست سنين وبنى بها وهي ابنة تسع.
قال: وقد كان ابن عمر، والقاسم وسالم يزوجون الأبكار.
4081 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن الفضل
عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن مالك.
4082 - أخبر أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى الحيري قال حدثنا
إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن زناد بن سعد عن
عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها في نفسها وإذنها صماتها _ وربما
قال _ وصماتها إقرارها '.
رواه الشافعي في القديم:
عن سفيان بن عيينة ورواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
4083 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
240

ويشبه في دلالة سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذ فرق بين البكر والثيب فجعل الثيب
أحق بنفسها من وليها وجعل البكر تستأذن في نفسها.
أن الولي أن الذي عنى _ والله أعلم _ الأب خاصة. فجعل الأيم أحق بنفسها
منه فدل ذلك على أن أمره أن تستأذن البكر في نفسها أمر اختيار لا فرض لأنه لو كانت
إذا كرهت لم يكن له تزويجها كانت كالثيب.
وكان يشبه أن يكون الكلام فيها أن كل امرأة أحق بنفسها من وليها.
وإذن الثيب الكلام والبكر الصمت.
ولم أعلم أهل العلم اختلفوا في أنه ليس لأحد من الأولياء غير الآباء أن يزوج
بكرا ولا ثيبا إلا بإذنها.
فإذا كانوا لا يفرقوا بين البكر والثيب البالغتين _ يعني في غير الأب _ لم يجز إلا
ما وصفت.
قال الشافعي:
ويشبه أمره _ أن تستأمر البكر في نفسها _ أن يكون على إستطابة نفسها وبسط
الكلام فيه واستشهد في ذلك بقول الله تبارك وتعالى لنبيه [صلى الله عليه وسلم]:
* (وشاورهم في الأمر) *.
ولم يجعل الله لمن معه أمر [إنما فرض عليهم طاعته] ولكن في المشاورة
استطابة أنفسهم وأن يستن بها من ليس له على الناس ما لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقال في موضع آخر في رواية أبي عبد الله:
والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه يروى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' وأمروا النساء في بناتهن '.
241

وقال في موضع آخر:
أخبر مسلم بن خالد عن ابن جريج أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد أمر نعيما أن يؤامر أم
ابنته فيها.
4084 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي. فذكراه.
قال: ولا يختلف الناس أن ليس لأمها فيها أمر ولكن على معنى استطابة /
النفس.
قال أحمد:
أما الحديث الأول ففيما:
4085 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني
قال حدثني أبو السائب المخزومي قال حدثنا أحمد بن أبي شيبة الرهاوي قال حدثنا
معاوية قال حدثنا سفيان عن إسماعيل _ هو ابن أمية _ قال أخبرني الثقة عن ابن عمر
قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمروا النساء في بناتهن '.
رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن معاوية بن هشام.
وأما حديث ابن جريج فهو منقطع.
4086 - وقد أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر الغنوي قال أخبرنا جدي يحيى بن
منصور القاضي قال حدثنا أبو بكر محمد بن النضر الجارودي قال حدثنا أبو مصعب
أحمد بن أبي بكر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن الضحاك بن عثمان عن يحيى بن
عروة بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن عمر أنه خطب ابنة نعيم بن النحام.
فذكر الحديث في ذهابه إليه مع زيد بن الخطاب قال فقال: إن عندي ابن أخ
لي يتيم ولم أكن لأنقص لحوم الناس وأترب.
قال: فقالت أمها من ناحية البيت: والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا
242

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتحبس أتم بني عدي على ابن أخيك سفيه أو قال ضعيف ثم خرجت
حتى أتت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخبرته الخبر فدعى نعيما فقص عليه كما قال لعبد الله بن
عمر فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لنعيم:
' صل رحمك وأرض ابنتك وأمها فإن لهما في أمرهما نصيبا '.
وهذا إسناد موصول.
4087 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية عن خنساء بنت خذام أن
أباها زوجها / وهي ثيب وهي كارهة فأتت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرد نكاحها.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وله شواهد تشهد له بالصحة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فأي ولي امرأة ثيب أو بكر زوجها بغير إذنها فالنكاح باطل إلا الآباء في الأبكار
والسادة في المماليك.
لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] رد نكاح خنساء بنت خذام حين زوجها أبوها كارهة ولم يقل إلا
أن تشائي أن تبري أباك فتجيزي إنكاحه.
لو كانت إجازتها إنكاحه تجيزه أشبه أن يأمرها أن تجيز إنكاح أبيها.
قال أحمد:
وقد روى جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس:
أن جارية بكرا أتت النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارها.
فخيرها النبي [صلى الله عليه وسلم].
243

وهذا خطأ. وإنما رواه حماد بن زيد وغيره.
عن جرير عن أيوب عن عكرمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
قال أبو داود: هكذا رواه الناس مرسلا معروفا.
قال أحمد:
ورواه عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري عن الثوري عن هشام الدستوائي
عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس.
وهو أيضا خطأ.
قال الدارقطني فيما:
4088 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه: هذا وهم والصواب عن
يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسل وهم فيه الذماري على الثوري وليس بقوي.
قال أحمد:
هكذا رواه الثوري في المجامع مرسلا.
وهكذا رواه غيره عن هشام.
ورواه شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن عطاء عن جابر:
وهو وهم. والصحيح رواية ابن المبارك والجماعة عن الأوزاعي عن إبراهيم بن
مرة عن عطاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
قال الدارقطني وغيره من الحفاظ.
/ وفي حديث عبد الله بن بريدة قال جاءت فتاة إلى عائشة [فقالت] أن أبي
زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وإني كرهت ذلك.
244

فجاء النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكرت ذلك له فجعل أمرها إليها.
قالت: إني أجزت ما صنع والدي إنما أردت أن أعلم هل للنساء من الأمر شيء
أم لا.
وهذا منقطع.
ابن بريدة لم يسمع من عائشة قاله الدارقطني فيما:
4089 - أخبرني أبو عبد الرحمن وغيره عنه.
4090 - وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار
قال حدثنا ابن أبي قماش قال حدثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر عن جعفر بن
سليمان عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن عائشة
زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أن امرأة جاءت إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه يريد أن يرفع
خسيسته فهل لي في نفسي _ تعني أمر _؟.
قال:
' نعم '.
قالت: إذا لا أرد على أبي شيئا فعله ولكن أحببت أن يعلم النساء أن لهن في
أنفسهن أمرا.
هكذا وجدت هذا الحديث في مسند أحمد بن عبيد موصولا بذكر يحيى بن
يعمر في إسناده.
وقد رواه ابن عبيد عن محمد بن غالب تمتام عن عبد السلام دون ذكر
يحيى بن يعمر فيه.
وكذلك رواه أحمد بن منصور الرمادي عن عبد السلام.
وكذلك رواه وكيع وعلي بن غراب عن كهمس بن الحسن.
ورواه عبد الوهاب بن عطاء وعون بن كهمس عن كهمس عن ابن بريدة قال:
245

جاءت فتاة إلى عائشة.
وبمعناه رواه القواريري عن جعفر بن سليمان عن كهمس.
وفي إجماع هؤلاء على إرسال الحديث دليل على خطأ رواية من وصله. والله
أعلم.
قال أحمد:
وليس في شيء من هذه الرواية الروايات ذكر الثيب / والبكارة.
وفيها أنه أراد أن يرفع بها خسيسته.
وكأنه لم يكن تزويج غبطة فخيرها. والله أعلم.
4091 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا بحر بن
نصر قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء: أيجوز
إنكاح الرجل ابنته بكرا وهي كارهة؟ قال: نعم.
قلت: فثيب كارهة؟ قال: لا قد ملكت الثيب أمرها.
قال أحمد:
ومثل هذا في رواية أبي الزناد عن فقهاء التابعين من أهل المدينة.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال:
البكر يجيزها أبوها.
وعن الشعبي: لا يجبر إلا الوالد.
قال أحمد:
4092 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن علي بن مخلد
الجوهري قال حدثنا أحمد بن الهيثم قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال
246

حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن '.
قيل يا رسول الله: كيف إذنها؟ قال:
' إذا سكتت فهو رضاها '.
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام.
ويحتمل أن يكون المراد بالبكر المذكورة فيه اليتيمة التي لا أب لها.
فقد رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' اليتيمة تستأمر في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها '.
4093 - أخبرناه أبو الحسن بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا
يحيى بن جعفر قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا محمد بن عمرو بهذا
الحديث.
قال أحمد:
نحن نعلم أن يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو إذا اختلفا فالحكم لرواية
يحيى بن أبي كثير لمعرفته وحفظه إلا أن هذا يشبه أن لا يكون اختلافا فيحيى بن
أبي كثير أدى ما سمع في البكر والثيب جميعا.
ومحمد بن / عمرو أدى ما سمع في البكر وحدها وحفظ زيادة صفة في البكر لم
يروها يحيى.
وليس في حديث يحيى ما يدفعها.
247

ومحمد بن عمرو وإن كان لا يبلغ درجة يحيى فقد قبل أهل العلم بالحديث
حديثه فيما لا يخالف فيه أهل الحفظ.
كيف وقد وافقه غيره في هذا اللفظ من وجه آخر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
4094 - أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن قال أخبرنا أبو بكر
محمد بن أحمد بن حبيب قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال حدثنا شبابة بن
سوار الفزاري قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال سمعت أبا بردة بن أبي موسى
يحدث عن أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فقد أذنت وإن كرهت لم تكره '.
وهذا إسناد موصول رواه جماعة من الأئمة عن يونس.
وفي رواية صالح بن كيسان عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر وصمتها إقرارها '.
هكذا رواه معمر عن صالح.
ورواه محمد بن إسحاق عن صالح عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن
ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الأيم أولى بأمرها واليتيمة تستأمر في نفسها وإذنها صماتها '.
وكذلك رواه شعبة وغيره من القدماء عن مالك عن عبد الله بن الفضل.
' واليتيمة تستأمر '.
248

وفي الحديث الثابت عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن زكوان عن عائشة
أنها سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا؟
فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نعم تستأمر '.
قال عائشة: وإنها تستحي فتسكت.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ذاك إذنها إذا سكتت '.
وفي رواية عن الثوري عن ابن جريج في هذا الحديث قال:
' تستأمر اليتيمة '.
4095 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه فيما قرأت عليه قال قال: / أبو
الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ رحمه الله:
يشبه أن يكون قوله في الحديث:
' والبكر تستأمر '.
إنما أراد البكر اليتيمة _ والله أعلم _ لأنا قد ذكرنا في رواية صالح بن كيسان ومن
تابعه ممن روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' اليتيمة تستأمر '.
وكذلك روي عن أبي بردة عن أبي موسى يعني أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال.
وأما قول ابن عيينة عن زياد بن سعد: والبكر يستأمرها أبوها.
فإنا لا نعلم أحدا وافق ابن عيينة على هذا اللفظ ولعله ذكره من حفظه فسبق
إليه لسانه. والله أعلم.
قال أحمد:
249

وكذا قال أبو داود السجستاني: ' أبوها ' ليس بمحفوظ.
وذلك فيما:
4096 - أخبرنا أبو علي الروذباري عن أبي بكر بن داسة عن أبي داود عقب
حديث ابن عيينة عن زياد بن سعد.
قال أحمد:
فعلى هذا الحديث في إستئمار البكر ورد في الولي غير الأب.
وقوله: ' الثيب أحق بنفسها من وليها '.
فيه دلالة على أن الثيب لا تجبر على النكاح.
وكأنه جعل تثيبها علة في ذلك لقوله:
' الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ' يعني تثيبها.
' والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ' يعني لبكارتها.
كذلك قوله:
' الثيب أحق بنفسها ' أي تثيبها.
فيدل ذلك على أن التي تخالفها وهي البكر تجبر على النكاح.
وقد دل قوله في البكر:
' اليتيمة تستأمر في نفسها '.
أن التي لا أب لها لا تجبر على النكاح.
فدل أن البكر التي تجبر على النكاح هي التي لها أب.
250

وترك هذا الأصل في موضع لدليل أقوى منه منع من استعماله لا يدل على تركه
في سائر المواضع والله أعلم.
واحتج بعض أصحابنا في هذا بما:
4097 - أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا أبو
الحسن علي بن عمر الحافظ قال قرئ على أبي صاعد وأنا أسمع:
حدثكم عبيد الله بن سعد الزهري قال حدثنا عمي قال حدثنا أبي عن أبي
إسحاق قال حدثني عمر بن حسين مولى آل حاطب عن نافع عن ابن عمر قال: توفي
عثمان بن مظعون وترك بنتا له / من خولة بنت حكيم بن أمية وأوصى إلى أخيه
قدامة بن مظعون وهما خالاي فخطبت إلى قدامة ابنة عثمان فزوجنيها فدخل المغيرة
إلى أمها فأرغبها في المال فحطت إليه وحطت الجارية إلى هوى أمها حتى ارتفع
أمرهم إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال قدامة يا رسول الله:
ابنة أخي وأوصي بها إلي فزوجتها ابن عمر ولم أقصر بالصلاح والكفاءة ولكنها
امرأة وإنها حطت إلى هو أمها.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها '.
فانتزعت مني والله بعدها ما ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة.
قال أحمد:
فجعل العلة في امتناع الإجبار كونها يتيمة.
دل أن التي ليست بيتيمة بخلافها فيما لم يرد الخبر بكونها أحق بنفسها من
وليها.
والله أعلم.
251

((870 - [باب] النكاح بالشهود))
4098 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال:
روي عن الحسن بن الحسن أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل '.
قال: وهذا وإن كان منقطعا دون النبي [صلى الله عليه وسلم] فإن أكثر أهل العلم يقولون به.
ويقول: الفرق بين النكاح والسفاح الشهود.
وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
أما حديث الحسن فقد:
4099 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال
حدثنا ابن عبد الحكم قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني الضحاك بن عثمان عن
عبد الجبار عن الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بنحوه.
وروي أيضا عن هشام بن حسان عن الحسن مرسلا.
قال المزني: ورواه غير الشافعي عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي
[صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
4100 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن بن / يعقوب قال
حدثنا أبو عتبة قال حدثنا بقية عن عبد الله بن محرر عن قتادة عن الحسن بن عمران بن
252

حصين قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل '.
وكذلك رواه أبو نعيم عن عبد الله بن محرر.
وعبد الله بن محرر متروك لا تقوم الحجة بروايته.
وروي من وجه آخر موصولا أصح منه.
4101 - أخبرنيه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي قال حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي
قال حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي
له '.
قال علي: تابعه عبد الرحمن بن يونس عن عيسى بن يونس مثله.
قال أحمد:
وكذلك رواه أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي عن عيسى.
4102 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج
عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال:
لا نكاح إلا بشاهدي علي وولي مرشد.
قال الشافعي:
وأحسب مسلما سمعه من ابن خثيم.
253

4103 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن الزبير:
أن عمر رضي الله عنه أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال:
هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
هذا عن عمر منقطع.
وقد روي سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب أن عمر
قال:
لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
4104 - أخبرناه أبو حامد أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا زاهر بن أحمد قال
حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري قال حدثنا محمد بن إسحاق قال / حدثنا
عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد فذكره.
وسعيد بن المسيب كان يقال له رواية عمر.
وكان ابن عمر يرسل إليه يسأله عن بعض شأن عمر، وأمره.
والذي روى حجاج بن أرطأة عن عطاء عن عمر أنه أجاز شهادة النساء مع
الرجل في النكاح.
منقطع والحجاج لا يحتج به.
وقد روى الحجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي قال:
لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
4105 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا عبد الله بن
محمد قال حدثنا إسحاق الحنظلي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الحجاج عن
حصين: فذكره.
4106 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى بن نصر قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد المجيد عن ابن جريج قال
قلت لعطاء:
254

رجل نكح امرأة بغير شهداء فبنى بها؟
قال: أدنى ما يصنع أن يجلد الحد الأدنى ثم يفرق بينهما فبعد ثم ما أدري
لعلي لا أدعه ينكحها أبدا.
قال ابن المنذر:
وقال عطاء: لا نكاح إلا بشاهدين.
وبه قال ابن المسيب وجابر بن زيد والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة.
((871 - [باب] إنكاح العبيد ونكاحهم))
4107 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) *.
قال: فدلت أحكام الله ثم رسوله [صلى الله عليه وسلم] على أن لا ملك للأولياء على إمائهم
وإمائهم الثياب.
قال الله عز وجل:
* (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) *.
وقال في المعتدات:
* (فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن) * الآية.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
255

' الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها '.
مع ما سوى ذلك ودل الكتاب والسنة / على أن المماليك لمن ملكهم وأن لا
يملكون لأنفسهم شيئا ولم أعلم دليلا على إيجاب إنكاح صالحي العبيد والإماء
كما وجدت الدلالة على إنكاح الحرائر مطلقا.
فأحب إلي أن ينكح من [بلغ من] العبيد والإماء ثم صالحوهم خاصة ولا
يبين لي أن يجير أحد عليه لأن الآية محتملة أن يكون أريد به الدلالة لا
الإيجاب.
قال: ولا أعلم أحدا لقيته ولا حكي لي عنه من أهل العلم خالف في أن لا
يجوز نكاح العبد إلا بإذن مالكه.
قال أحمد:
قد روينا عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل '.
وفي حديث جابر بن عبد الله:
' أيما مملوك تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر '.
وروينا عن ابن عباس من قوله:
لا بأس بأن يزوج الرجل عبده أمته بغير مهر.
256

وروينا عن أبي موسى الأشعري عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم
أعتقها فتزوجها فله أجران '.
وفي رواية أخرى:
' إذا أعتق الرجل أمته ثم أمهرها مهرا جديدا كان له أجران '.
وهذه الزيادة في رواية أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبي
موسى عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
4108 - أخبرنا بها أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس قال حدثنا أبو داود حدثنا أبو بكر: فذكر الحديث.
وقد أشار إليه البخاري.
وروينا عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.
وفي رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال:
سبى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صفية فأعتقها وتزوجها.
فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟.
قال: أصدقها نفسها أعتقها وتزوجها.
4109 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن
القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا
عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم.
257

ومن فعل مثل ذلك بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] فأعتقها على أن تنكحه وصداقها عتقها
فنكحته ورضي بقيمتها أن تكون صداقا ورضيت.
قال الشافعي:
فلا بأس. قال: وإن تراضيا على شيء أقل من ذلك أو أكثر فلا بأس ويحاصها
بالذي وجب له عليها من قيمتها وذلك أنه حين أعتقها على أن تنكحه ولها الخيار في
أن تنكحه أو تدع وجبت له عليها قيمتها.
وروينا عن ابن عمر أنه كان يكره أن يجعل عتق المرأة مهرها حتى يفرض لها
صداقا.
وليس بابن عمر، ولا بنا كراهية ما يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ولم يثبت تخصيصه به.
وكأنه بلغه ما روينا في حديث أبي بكر بن عياش من ترغيب النبي [صلى الله عليه وسلم] في
إعتاقها والتزوج بها وامهارها مهرا جديدا.
فرغب فيما نذهب إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمته دون ما يحتمل أن يكون مخصوصا به
كما كان مخصوصا بنكاح الموهوبة وهذه في معنى الموهوبة إذ كان اعتقها من غير
شرط ثم تزوجها ولم يفرض لها صداقا.
وعلى هذا يدل قول أنس في جوابه لثابت:
أعتقها وتزوجها.
ويكون المراد بقوله: وجعل عتقها صداقها أي لم يجعل لها شيئا آخر سوى أنه
أعتقها على أنه أعتقها على أن تنكحه.
وهذا هو الأظهر.
وإن كان أعتقها على أن تتزوج به فيحتمل أن يكون المراد بقوله: أصدقها
نفسها.
أي بدل نفسها وهو ما لزمها من قيمة نفسها بإعتاقه إياها على أن تنكحه.
والأول أظهر والله أعلم.
ثم قد روي في بعض الأخبار أنه أمهرها جارية.
258

وذلك فيما:
4110 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
علي بن الحسن السكري قال حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال حدثتنا علية
بنت الكميت العتكية عن أمها أميمة عن أمة الله بنت رزينة عن أمها في قصة صفية:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعتقها وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة.
((872 - باب اعتبار الكفاءة))
قال الشافعي في كتاب البويطي:
أصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة كان زوجها غير كفو لها فخيرها رسول الله
[صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وروينا عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال:
قال عمر: لأمنعن لذوات الأحساب فروجهن إلا من الأكفاء.
وروي عن ابن عمر مرفوعا:
' العرب بعضها أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل والموالي أكفاء لبعض
قبيلة بقبيلة ورجل برجل إلا حائك أو حجام '.
وروي عن عائشة مرفوعا وكلاهما ضعيف.
وحديث ابن عمر أمثل والله أعلم.
259

4111 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وليس نكاح غير الكفؤ محرما فأرده بكل حال إنما هو نقص على المزوجة
والولاة فإذا رضيت المزوجة ومن له الأمر معها بالنقص لم أرده.
قال أحمد:
روينا عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه '.
وكان حجاما.
وزعم الزهري في هذه القصة أنهم قالوا:
يا رسول الله تزوج بناتنا موالينا.
فأنزل الله عز وجل:
* (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.
وخطب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاطمة بنت قيس وكانت قرشية من بني فهر على
أسامة بن زيد وكان من الموالي.
وزوجت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد.
وزوجت أخت عبد الرحمن بن عوف من بلال.
وزوج أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ابنة أخيه من سالم مولاه.
((873 - [باب] الوكالة في النكاح))
4112 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
260

الشافعي قال [أخبرنا] إسماعيل بن إبراهيم عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن
عن عقبة بن / عامر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أنكح الوليان فالأول أحق '.
قال الشافعي:
فيه دلالة على أن الوكالة في النكاح جائزة مع توكيل النبي [صلى الله عليه وسلم] عمرو بن أمية
الضمري فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان.
قال أحمد:
قد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي أنه حكاه.
((874 - [باب] الكافر لا يكون وليا لمسلمة بالقرابة))
4113 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ولا يكون الكافر وليا لمسلمة وإن كانت بنته.
قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي [صلى الله عليه وسلم] أم حبيبة بنت أبي سفيان وأبو سفيان
حي لأنها كانت مسلمة وابن سعيد مسلم.
لا أعلم مسلما أقرب بها منه.
قال: ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية لأن الله قطع الولاية بين المسلمين
والمشركين والمواريث والعقل وغير ذلك.
قال أحمد:
261

هكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي: أن الذي ولي نكاحها
ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وهو ابن ابن عم أبيها فإنها:
أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية.
والعاص هو: ابن أمية.
وقد قيل: أن عثمان بن عفان هو الذي ولي نكاحها.
روي ذلك عن عروة وعن الزهري.
وعثمان هو: ابن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن ابن عم أبيها.
((875 - [باب] إنكاح الوليين))
4114 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم _ المعروف بابن علية _ عن
ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أنكح الوليان فالأول أحق '.
هكذا رواه الشافعي في كتاب تحريم الجمع وفي الإملاء.
وزاد فيه في الإملاء:
' وإذا باع المجيزان فالأول أحق '.
ورواه في كتاب: أحكام المجيزان بإسناده ومتنه / بتمامه إلا أنه قال:
عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
262

4115 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس فذكراه هكذا.
وكان ابن أبي عروبة يشك فيه فتارة يرويه عن عقبة بن عامر وتارة عن سمرة بن
جندب وتارة عن أحدهما بالشك.
والصحيح رواية همام وهشام وحماد بن سلمة وغيرهم عن قتادة عن الحسن
عن سمرة بن جندب عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكذلك رواه أشعث عن الحسن عن سمرة.
((876 - [باب] في يتامى النساء))
4116 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه
أخبرنا محمد بن سفيان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال الشافعي في قوله:
* (قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) * الآية.
قول عائشة أثبت شيء فيه.
قال: وذكر لي في قولها حديث الزهري.
قال أحمد:
وحديث الزهري فيما:
4117 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر ابن إسحاق قال أخبرنا
أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه
قال: أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة فقال لها:
يا أمتاه أرأيت قول الله عز وجل:
* (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) *
الآية.
263

قالت عائشة:
يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن
ينتقص صداقها فنهوا عن نكاحهن أن لا يقسطوا لهن في إكمال الصداق وأمروا بنكاح
من سواهن من النساء.
قالت عائشة:
واستفتى الناس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد ذلك فأنزل الله:
* (يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) * إلى قوله: * (وترغبون أن تنكحوهن) *.
فأنزل لهم في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها
وحبس بها / في إكمال الصداق.
وإذا كانت مرغوب عنها في قلة المال والجمال تركوها فأخذوا غيرها من
النساء.
قالت: فكما تركوا المرغوب عنها فليس لهم أن ينكحوا إذا رغبوا فيها إلا أن
يقسطوا لها ويعطوها أوفى الصداق.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجاه من أوجه عن الزهري.
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في قوله:
* (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) *.
قال: يقول: اتركوهن إن خفتم فقد أحللت لكم أربعا.
4118 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال: ولا يكون الرجل يزوج نفسه امرأة هو وليها وإن أذنت له في نفسه كما لا
264

يشتري من نفسه شيئا هو ولي بيعه.
ولكن يزوجه إياها السلطان أو ولي مثله في الولاية.
4119 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن
سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبي
يحيى عن رجل يقال له الحكم بن مينا عن ابن عباس قال:
أدنى ما يكون في النكاح أربعة الذي يزوج والذي يتزوج وشاهدان.
((877 - [باب] الكلام الذي ينعقد به النكاح))
4120 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال قال الشافعي:
قال الله عز وجل لنبيه [صلى الله عليه وسلم]:
* (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) *.
وقال: * (إذا نكحتم المؤمنات) *.
وذكر سائر الآيات التي وردت في التزويج والانكاح ثم قال: فأسمى الله النكاح
اسمين: النكاح والتزويج وقال:
* (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) * إلى * (خالصة لك من دون المؤمنين) *.
فأبان جل ثناؤه أن الهبة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] دون المؤمنين.
والهبة _ والله أعلم _ تجمع أن ينعقد له عليها عقدة النكاح بأن تهب نفسها له بلا
مهر.
265

وفي هذا دلالة على أن لا يجوز نكاح إلا باسم النكاح أو التزويج.
وبسط الكلام في هذا.
وروينا / عن جابر بن عبد الله في خطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] في الحج:
' اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فزوجهن بكلمة
الله '.
وفي حديث سهل بن سعد في قصة الموهوبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' قد زوجتكها بما _ وفي رواية _ على ما معك من القرآن '.
وروي فيه:
' ملكتها '. وروي ' ملكتها '. وروي:
' امكناكها بما معك من القرآن '.
' وزوجتكها ' أكثر.
((878 - [باب] تزويج من لم يولد))
4121 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن سيار أبي الحكم وأبي حبان عن الشعبي أن رجلا قال
من يذبح للقوم شاة وأزوجه أول بنت تولد لي فذبح لهم رجل من القوم فأجاز عبد الله
النكاح.
قال الشافعي:
266

ولسنا ولا أحد من الناس علمته يقول بهذا.
يجعلون للذابح أجر مثله ولا يكون هذا نكاحا قال أحمد:
هذا منقطع. وقد روينا عن ميمونة بنت كردم أن أباها ذكر للنبي [صلى الله عليه وسلم] أن
طارق بن المرقع قال: من يعطيني رمحا بثوابه وثوابه أن أزوجه أول بنت تكون لي؟.
فأعطيته رمحي ثم ولدت له ابنة وبلغت.
فقال: والله لا أجهزها حتى تحدث صداقا غير ذلك.
فحلفت أن لا أفعل.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' دعها لا خير لك فيها '.
قال: فراعني ذلك.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تأثم ولا يأثم '.
((879 - [باب] خطبة النكاح))
4122 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وأحب إلي أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمدا لله
وإثناء عليه والصلاة على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والوصية بتقوى الله ثم يخطب.
وأحب إلي للولي أن يفعل ذلك ثم يزوج ويزيد: أنكحتك على ما أمر الله به من
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
4123 - أخبرنا / سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان
إذا أنكح قال: أنكحك على ما أمر الله على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
267

قال الشافعي:
وإن لم يزد على عقد النكاح جاز النكاح.
4124 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بدل بن المحبر قال حدثنا شعبة عن
العلاء ابن أخي شعيب الداري عن رجل عن إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني
سليم قال:
خطبت إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني من غير أن يتشهد.
((880 - [باب] عدد ما يحل من الحرائر والإماء))
4125 - أخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال
قال الله عز وجل:
* (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) *.
وقال: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) *.
قال الشافعي:
فأطلق الله ما ملكت الأيمان فلم يحد فيهن حدا ينتهي إليه.
وانتهى ما أحل الله بالنكاح إلى أربع.
ودلت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المبينة عن الله أن انتهاءه إلى أربع تحريما منه لأن
يجمع أحد غير النبي [صلى الله عليه وسلم] بين أكثر من أربع فقال لغيلان بن سلمة ونوفل بن معاوية
وغيرهما أسلموا وعندهم أكثر من أربع ' أمسك أربعا وفارق سائرهن '.
268

4126 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو تراب المذكر قال حدثنا
محمد بن المنذر قال أخبرنا محمد بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول:
وقفت مولاة لعلي بن أبي طالب تصب عليه الماء فقال:
إني لأشتاق إلى النكاح.
فقالت: تزوج فما أحد أقدر على ذلك منك.
قال: فكيف بأربع في القصر؟.
قالت: تطلق واحدة وتتزوج بأخرى.
قال: / الطلاق قبيح أكرهه.
4127 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال
حدثنا الحسن الزعفراني قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا
سليمان بن القاسم قال حدثتني أم زينب أن أم سعيد أم ولد علي حدثتها قالت: كنت
أصب على علي الماء وهو يتوضأ فذكر معناه.
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
لا يحل له أن يتزوج فوق أربعة فما زاد فهو عليه حرام.
قال الشافعي في رواية الربيع:
ولما أباح الله لمن لا زوجة له أن يجمع بين أربع زوجات قلنا فحكم الله يدل
على أن من طلق أربع نسوة له طلاقا لا يملك الرجعة حل له أن ينكح [مكا] نهن
أربعا لأنه لا زوجة له ولا عقدة عليه.
واحتج بانقطاع أحكامها من الإيلاء والظهار واللعان والميراث وغير ذلك.
قال: وهو قول القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة وأكثر أهل دار السنة
269

وحرم الله عز وجل.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن ربيعة عن أبي عبد الرحمن عن القاسم وعروة بن الزبير كانا
يقولان في الرجل [تكون] عنده أربع نسوة فيطلق إحداهن البتة.
أنه يتزوج إذا شاء ولا ينتظر أن تمضي عدتها.
وهذا فيما:
4128 - أجازني أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن
الشافعي. فذكره.
وحكاه ابن المنذكر عن زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب والحسن والقاسم بن
محمد وعروة ابن الزبير.
قال: وهو قول عطاء في أثبت الروايتين عنه.
((881 - [باب] تسري العبد))
4129 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) *.
فدل كتاب الله على أن ما أباح الفروج فإنما أباحه من أحد وجهين النكاح أو ما
ملكت اليمين.
270

وقال الله:
/ * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء) *.
قال: وأخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع '.
فدل الكتاب ثم السنة أن العبد لا يكون مالكا مال بحال. ثم بسط الكلام
فيه إلى أن قال:
فإن قيل: فقد روي عن ابن عمر:
تسري العبد.
قيل: نعم. وخلافه قال ابن عمر:
لا يطأ الرجل وليدة إلا إن شاء باعها وإن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء
صنع بها ما شاء.
فإن قيل: فقد روي عن ابن عباس.
قلت: ابن عباس إنما قال ذلك لعبد طلق امرأته فقال: ليس لك طلاق وأمره أن
يمسكها فأبى فقال: فهي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها له حلال بالنكاح ولا
طلاق لك.
وأنت تزعم أن من طلق من العبيد لزمه الطلاق ولم تحل له امرأته بعد تطليقتين
أو ثلاث.
قال أحمد:
قد روى الشافعي في القديم فيما بلغه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر:
271

أنه كان يأمر عبيده أن يسروا.
روينا نحن عن سفيان الثوري عن أيوب عن نافع قال: كان عبيد ابن عمر
يتسرون فلا يعيب عليهم.
4130 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا
محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى قال حدثنا سفيان فذكره.
وأما الذي عارضه به فهو في الموطأ عن مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول
ذلك.
4131 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك: فذكره.
وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع ما دل أن ابن عمر إنما قال ذلك في الحر إذا
اشترى وليدة بشرط فاسد.
وأما حديث ابن عباس فرواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة عن
عمرو بن دينار عن أبي معبد أن عبدا لابن عباس طلق امرأته.
فقال: هي لك طأها بملك اليمين.
4132 - وقد أخبرناه أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن / خميرويه قال
حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي
معبد:
أن غلاما لابن عباس طلق امرأته تطليقتين فقال له ابن عباس: أرجعها فأبى
قال: هي لك استحلها بملك اليمين.
((882 - [باب] نكاح المحدثين _ يعني الزناة _))
4133 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
272

الربيع أخبرنا الشافعي رحمه الله قال:
قال الله تعالى:
* (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) *.
قال الشافعي:
فاختلف في تفسير هذه الآية فقيل:
نزلت في بغايا كانت لهن رايات وكن غير محصنات فأراد بعض المسلمين
نكاحهن فنزلت هذه الآية بتحريم أن ينكحهن إلا من أعلن بمثل ما أعلن به أو
مشرك.
وقيل: كن زواني مشركات فنزل أن لا ينكحهن إلا زان مثلهن مشرك أو مشرك
وإن لم يكن زان وحرم ذلك على المؤمنين.
وقيل: غير هذا. وقيل: هي عامة ولكنها نسخت.
4134 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن مجاهد: أن هذه الآية
نزلت في بغايا من بغايا الجاهلية كانت على منازلهن رايات.
4135 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن
أبي يزيد عن بعض أهل العلم أنه قال في هذه الآية: هو حكم بينهما.
قال أحمد:
وهذا قد رواه: سعيد بن منصور وغيره عن سفيان عن عبيد الله عن ابن عباس.
وكان الشافعي يشك فيه فترك اسمه.
4136 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
273

أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا مسدد قال حدثنا المعتمر عن أبيه قال حدثنا الحضرمي عن
القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو.
أن رجلا من المسلمين استأذن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] / في امرأة يقال لها: أم مهزول
تسافح وتشترط له أن تنفق عليه وأنه استأذن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] فيها وذكر له أمرها.
قال: فقرأ نبي الله [صلى الله عليه وسلم]:
* (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) *.
أو قال: فنزلت: * (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) *.
وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أنها نزلت في مرثد بن أبي مرثد [أراد] أن يتزوج عناقا وكانت بغيا وكانت
مشركة.
قال الشافعي:
وروي عن عكرمة أنه قال:
الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة والزانية لا يزني بها إلا زان أو مشرك.
يذهب إلى قوله ينكح. يصيب.
4137 - أخبرناه الإمام أبو الفتح قال أخبرنا أبو الحسن بن فراس قال حدثنا أبو
جعفر الدبيلي قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن ابن شبرمة عن
عكرمة في قوله:
* (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) *.
قال: لا يزني إلا بزانية.
274

قال أحمد:
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
أما إنه ليس بالنكاح ولكن لا يجامعها إلا زان أو مشرك.
* (وحرم ذلك على المؤمنين) *.
أي وحرم الزنا على المؤمنين.
قال الشافعي:
والذي يشبه _ والله أعلم _ ما قال ابن المسيب:
4138 - أخبرنا أبو بكر الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد قالوا حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن
سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال في قوله تعالى:
* (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) *.
أنها منسوخة نسخها قول الله عز وجل:
* (وأنكحوا الأيامى منكم) *.
فهي من أيامى المسلمين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقد أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ماعز بن مالك فأقر عنده بالزنا مرارا لم يأمره في واحد
منهما أن يجتنب زوجة إن كانت له ولا زوجته أن تجتنبه.
وقد ذكر له رجل أن امرأة رجل زنت وزوجها حاضر.
فلم يأمر فيما / علمنا زوجها باجتنابها.
275

وأمر أنيسا أن يغدو عليها فإن اعترفت رجمها.
وقد جلد ابن الأعرابي في الزنا مائة وغربه عاما ولم ينهه علمنا أن ينكح ولا أحد
أن ينكحه إلا زانية.
وقد رفع الرجل الذي قذف امرأته إليه [أمر امرأته] وقذفها برجل وانتفى
من حملها فلم يأمره باجتنابها حتى لاعن بينهما.
وقد روي عنه أن رجلا شكا إليه أن امرأته لا تدفع يد لامس فأمره بفراقها.
فقال له: إني أحبها فأمره أن يستمتع بها.
4139 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا:
حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن
هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال:
أتى رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس.
قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فطلقها '.
فقال: إني أحبها. قال:
' فأمسكها إذا '.
4140 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال أبو عبد الله محمد بن علي أخبرنا
الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا رجل يقال له: أبو عبد الله
276

الخراساني قال أخبرني الفضل بن موسى الشيباني عن الحسين بن واقد عن عمارة بن
أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس قال:
جاء رجل إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر أن له امرأة لا تمنع يد لامس.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' طلقها '.
فذكر وجده بها. قال:
' استمتع بها '.
قال أحمد:
أخرجه أبو داود في كتاب السنن فقال:
كتب إلي الحسين بن حرب المروزي قال حدثنا الفضل بن موسى.
4141 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثني عبيد الله بن أبي يزيد عن
أبيه:
أن رجلا تزوج امرأة ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها ففجر الغلام بالجارية
فظهر بها حبل فلما قدم عمر رضي الله عنه مكة رفع ذلك إليه فسألهما فاعترفا /
فجلدهما [عمر] الحد وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام.
قال أحمد:
وروينا عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سألت ابن عباس عن رجل فجر بامرأة
أينكحها؟.
قال: نعم ذاك حين أصاب الحلال.
وعن عكرمة عن ابن عباس قال:
277

أوله سفاح وآخره نكاح لا بأس به.
وروي عن أبي بكر الصديق في جواز ذلك.
وعن جابر بن عبد الله وعن أبي هريرة.
4142 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي عن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن الحكم عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه
عن ابن مسعود في الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها.
قال لا يزالان زانيين.
قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم يقول بهذا.
هما آثمان حين زنيا ويصيبان الحلال حين يتناكحا غير زانيين.
وقد قال عمر، وابن عباس نحو هذا.
4143 - وفي رواية أبي سعيد بإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن
منصور عن ابن مسعود.
كان يكره أن يطأ الرجل أمته إذا فجرت أو يطأها وهي مشركة.
4144 - وبإسناده قال قال الشافعي قال وكيع عن سفيان عن سماك عن حنش:
أن رجلا تزوج امرأته فزنى بها قبل أن يدخل بها فرفع إلى علي ففرق بينهما
وجلده الحد وأعطاها نصف الصداق.
قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمته يقول بهذا وإنما أورد هذا إلزاما للعراقيين في
خلاف علي وعبد الله.
وحنش: ليس بالقوي.
278

وروي من وجه آخر منقطع عن علي.
وروي عن عبد الله بن مسعود: ما دل على الرخصة إذا تابا.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله '.
فهو في معنى الآية.
وقد ذكرنا تأويل أهل التفسير فيها.
واختار الشافعي قول سعيد بن المسيب أنها نسخت واستدل بما مضى ذكره.
/ واحتج بقوله:
* (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) *.
وبقوله: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) *.
ولم يختلف الناس فيما علمت في أن الزانية المسلمة لا تحل لمشرك وثني ولا
كتابي.
وأن المشركة الزانية لا تحل لمسلم زان ولا غيره بإجماعهم على هذا المعنى.
في كتاب الله حجة على من قال هو حكم بينهما.
وأما حديث ابن المسيب عن رجل من الأنصار يقال له بصرة قال:
تزوجت امرأة بكرا في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا ولدت
فاجلدوها '.
279

فهذا الحديث إنما أسنده إبراهيم بن أبي يحيى.
وزعموا أن ابن جريج أخذه منه عن صفوان بن سليم عن ابن المسيب.
ورواه يزيد بن نعيم وغيره عن ابن المسيب مرسلا.
وقال: وفرق بينهما.
وقد مضت الدلالة على جواز نكاح الزانية المسلمة.
وأجمع المسلمون على أن ولد الزنا من الحرة يكون حرا.
يشبه أن يكون هذا الحديث إن كان صحيحا منسوخا.
والله أعلم.
280

بسم الله الرحمن الرحيم
((883 - [باب] نكاح العبد))
4145 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة
_ وكان ثقة _ عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة أن عمر بن الخطاب قال:
ينكح العبد امرأتين.
قال الشافعي رحمه الله:
وهذا هو قول الأكثر من المفتين بالبلدان.
قال في الإملاء قياسا على ما يكون له نصفه وعليه من حدود وطلاق.
وهو قول عمر، وعلي.
فذكر حديث عمر.
قال: وأخبرنا ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب
قال:
281

ينكح العبد اثنتين لا يزيد عليهما.
4146 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي فذكره.
وقد رواه سفيان الثوري / عن جعفر بن محمد.
وروي عن عبد الرحمن بن عوف مثل قول عمر، وعلي ولا نعرف لهم من
الصحابة مخالف.
وأما الذي روي عن عمر، وابن عمر، وغيرهما في طلاقه فنحن نذكره إن شاء
الله في موضعه من كتاب الرجعة.
((884 - [باب] ما يحرم من نكاح الحرائر وما يحل منه ومن الإماء الجمع بينهن وغير ذلك))
قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تبارك وتعالى:
* (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * الآية.
وقال:
* (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) *.
وفي كتاب البخاري قال:
أخبرنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني حبيب عن
سعيد عن ابن عباس قال:
282

حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ:
* (حرمت عليكم أمهاتكم) * الآية.
4147 - أخبرناه أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال حدثنا
القاسم بن زكريا قال حدثنا يعقوب قال حدثنا يحيى بن سعيد بهذا الحديث.
ورواه حبان بن عمير عن ابن عباس وزاد:
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
4148 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
حرم الله الأم والأخت من الرضاعة فاحتمل أن لا يحرم سواهما واحتمل إذ ذكر
الله تحريم الأم والأخت من الرضاعة فأقامهما في التحريم مقام الأخت والأم من
النسب أن تكون الرضاعة كلها تقوم مقام النسب فما حرم بالنسب حرم بالرضاع مثله.
وبهذا نقول بدلالة سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والقياس على القرآن.
4149 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس / قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن
عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة '.
4150 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
283

وإذا تزوج الرجل المرأة فماتت أو طلقت قبل [أن] يدخل بها لم أر له أن
ينكح أمها لأن الأم مبهمة التحريم في كتاب الله ليس فيها شرط إنما الشرط في
الربائب.
وهكذا قول الأكثر من المفتين وقول بعض أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال:
سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل [أن] يصيبها هل تحل له
أمها؟
فقال زيد بن ثابت: لا الأم مبهمة التحريم ليس فيها شرط إنما الشرط في
الربائب.
قال أحمد:
هكذا في هذه الرواية وهي منقطعة.
وروي عن ابن المسيب أن زيد بن ثابت قال:
إن كانت ماتت فورثها فلا تحل له أمها وإن طلقها فإنه يتزوجها إن شاء.
وقول الجماعة أنها لا تحل بحال.
قال الشافعي:
وهو يروي عن عمر، وغيره قريب منه.
4151 - وأخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة قال: أخبرنا أبو منصور
العباس بن الفضل قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا
خديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن سعد بن إياس: عن رجل تزوج امرأة من بني
284

شمخ فرأى بعد أمها فأعجبته فذهب إلى ابن مسعود فقال:
إنني تزوجت امرأة ولم أدخل بها ثم أعجبتني أمها فأطلق المرأة وأتزوج أمها؟
قال: نعم. فطلقها وتزوج أمها.
فأتى عبد الله المدينة فسأل أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: لا يصلح. ثم قدم فأتى
بني شمخ فقال أين الرجل [الذي تزوج أم المرأة التي كانت تحته].
قالوا: ها هنا.
قال: فليفارقها.
قالوا: وقد نثرت له بطنها؟
قال: فليفارقها فإنه حرام من الله.
وبمعناه رواه إسرائيل عن أبي إسحاق.
ورواه الحجاج عن أبي إسحاق وسمي فيه عمر بن الخطاب وكذلك سماه أبو
فرق الهمداني عن أبي إسحاق في بعض الروايات عنه.
وروينا عن ابن عباس وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله مثل هذا.
وروي فيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وقد مضى في حديث أم حبيبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن '.
ولم يقل اللاتي في حجرك.
وفي ذلك دلالة على تسوية التحريم بين بناتهن اللاتي في حجره واللاتي في
غير حجره. والله أعلم.
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
285

الأم مبهمة.
وفي رواية أبهموا ما أبهم الله.
قال أبو منصور الأزهري رحمه الله:
رأيت كثيرا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأم واستبهامه وهو إشكاله
وهو غلط.
فقوله: * (حرمت عليكم أمهاتكم) * إلى قوله: * (وبنات الأخ) *
فهذا كله يسمى التحريم المبهم لأنه لا يحل بوجه من الوجوه كالبهيم من ألوان
الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
ولما سئل ابن عباس عن قوله:
* (وأمهات نسائكم) *
ولم يبين الله الدخول بهن؟
أجاب فقال:
هذا من مبهم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم.
وأما قوله: * (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) *
فالربائب ها هنا ليس من المبهمة لأن لهن وجهين أحللن في إحداهما وحرمن
في الآخر.
4152 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *
فأي امرأة نكحها رجل حرمت على أبيه دخل بها الابن أو لم يدخل بها.
286

وكذلك تحرم على جميع آبائه من قبل أبيه وأمه لأن الأبوة تجمعهم معا.
وقال: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) *
فأي امرأة نكحها رجل حرمت على ولده دخل بها الأب أو لم يدخل بها وكذلك
ولد ولده من قبل الرجال والنساء.
قال: وكل امرأة أب أو ابن حرمتها على ابنه أو أبيه بنسب فكذلك أحرمها إذا
كانت امرأة أب أو ابن من الرضاع.
فإن قال قائل: إنما قال الله:
* (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *
فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاعة؟
قال الشافعي:
بما وصفت من جمع الله الأم والأخت من الرضاعة والأم والأخت من النسب
في التحريم بأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب '.
فإن قال: فهل تعلم فيما أنزلت:
* (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *
قيل: الله أعلم. فيما أنزلها.
فأما معنى ما سمعته مفترقا فجمعته فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أراد نكاح ابنة جحش
287

فكانت عند زيد بن حارثة وكان النبي [صلى الله عليه وسلم] تبناه فأمر الله أن يدعى الأدعياء لآبائهم
فقال:
* (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) * إلى قوله: * (ومواليكم) *
وقال الله لنبيه [صلى الله عليه وسلم]:
* (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم) * الآية.
فأشبه والله أعلم أن يكون قوله:
* (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) *
دون أدعيائكم الذين تسمونهم أبناءكم ولا يكون الرضاع من هذا في شيء.
قال الشافعي في قول الله تعالى:
* (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) *
وفي قوله:
* (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) *
كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه وكان الرجل يجمع بين الأختين فنهى
الله عن أن يكون منهم أحد يجمع في عمره بين أختين أو ينكح ما نكح أبوه * (إلا ما قد سلف) * في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه ليس أنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا
بينه قبل الإسلام كما أقرهم النبي [صلى الله عليه وسلم] على نكاح الجاهلية الذي [لا] يحل في
الإسلام بحال.
288

قال [أحمد]: هذا الذي ذكره الشافعي في هذه الآيات موجود بعضه في
حديث أنس بن مالك وبعضه في حديث ابن عمر، وبعضه في أحاديث غيرهما وفي
أقاويل أهل التفسير.
قد روينا بعضها في كتاب السنن.
وفيما حكى الشافعي عن العراقيين بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ملعون
من نظر إلى فرج امرأة وأمها.
وعن عمر بن الخطاب أنه خلا بجارية له فجردها وأن ابنا له استوهبها منه.
فقال عمر: إنها لا تحل لك.
قال: وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يحرم ذلك شيئا إن لم يلمسها.
قال الشافعي:
لا يحرم عليه بالنظر دون اللمس.
قال في الإملاء:
وهو ما أفضى إليها به من جسده متلذذا.
قال أحمد:
وحديث عمر في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه
جارية فقال له لا تمسها فإني قد كشفتها.
وهذا أيضا منقطع.
وكان ابن عباس يقول: الدخول هو الجماع.
وقال في المس واللمس والإفضاء نحو ذلك.
وأصحابنا يخرجون للشافعي قولا آخر مثل ما روي عن ابن عباس.
والأول هو المنصوص عليه وهو قول القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله.
ويشبه أن يكون هو المراد بما روي فيه عن عمر بن الخطاب في الكشف وهو
289

الظاهر من عادات الناس.
والله أعلم.
((885 - [باب]
ما يحرم الجمع بينه من النساء))
4153 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (وأن تجمعوا بين الأختين) *
فلا يحل الجمع بين الأختين بحال من نكاح ولا ملك يمين لأن الله جل ثناؤه أنزله
مطلقا فلا يحرم من الحرائر شيء إلا حرم من الإماء ما يملك مثله إلا العدد.
4154 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي الأخضر عن
عمار أنه كره من الإماء ما كره من الحرائر إلا العدد.
4155 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن حسان أو
أيوب عن ابن سيرين قال قال ابن مسعود:
يكره من الإماء ما يكره من الحرائر إلا العدد.
قال الشافعي:
وهذا من قول العلماء إن شاء الله في معنى القرآن وبه نأخذ.
قال أحمد:
290

وقد روي عن ابن سيرين عن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود موصولا.
4156 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب:
أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع
بينهما؟
فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية.
وأما أنا فلا أحب أن أصنع هذا.
قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا يفعل ذلك لجعلته نكاحا.
قال مالك: قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب.
قال مالك:
وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك.
4157 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها في
ملك اليمين هل توطأ إحديهما بعد الأخرى؟
فقال عمر: ما أحب أن أجيزهما جميعا.
4158 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال:
291

سئل عمر عن الأم وابنتها في ملك اليمين فقال قال:
ما أحب أن يحيزهما جميعا.
قال عبيد الله: قال أبي هذا.
فوددت أن عمر كان أشد في ذلك مما هو.
قال أحمد:
هذا قول عبد الله بن عتبة كما ترى.
والمزني رحمنا الله وإياه أخطأ فيه فأضافه في المختصر إلى ابن عمر.
4159 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال:
سمعت ابن أبي مليكة يخبر أن معاذ بن عبيد الله بن معمر جاء عائشة
فقال لها: إن لي سرية أصبتها وأنها قد بلغت لها ابنة جارية لي أفأستسري ابنتها؟
فقالت: لا.
فقال: فإني والله لا أدعها إلا أن تقولي [لي] حرمها الله.
فقالت: لا يفعله أحد من أهلي ولا أحد أطاعني.
((886 - [باب]
الجمع بين المرأة وعمتها))
4160 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
292

' لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نأخذ وهو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته ولم
يرو من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا عن أبي هريرة.
وقد روي من حديث لا يثبته أهل الحديث من وجه آخر.
وفي هذا حجة على من رد الحديث وعلى من أخذ بالحديث مرة وتركه
أخرى وبسط الكلام في هذا.
والذي قال من رواية هذا الحديث من غير جهة أبي هريرة فهو كما قال.
روي ذلك عن علي وابن مسعود وابن عمر، وابن عباس وعبد الله بن عمرو،
وأبي سعيد، وأنس بن مالك.
ومن النساء عن عائشة كلهم عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
إلا أن شيئا من هذه الروايات ليس من شرط صاحبي الصحيح البخاري ومسلم
وإنما اتفقا ومن قبلهما ومن بعدهما من حفاظ الحديث على إثبات حديث أبي هريرة
في هذا الباب والاعتماد عليه دون غيره وقد أخرج البخاري رواية عاصم الأحول
عن الشعبي عن جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذا ثم قال:
وقال داود بن أبي هند وابن عون عن الشعبي عن أبي هريرة.
فالحفاظ يرون رواية عاصم خطأ وأن الصحيح رواية ابن عون وداود. والله
أعلم.
293

((887 - [باب]
ما يحل الجمع بينه))
4161 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار:
أن عبد الله بن صفوان جمع بين امرأة رجل من ثقيف وابنته.
قال الشافعي:
وقد جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي وابنته.
4162 - وأخبرناه أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة
عن قثم مولى العباس قال:
جمع عبد الله بن جعفر بين ليلى بنت مسعود والنهشلية وكانت امرأة علي وبين
أم كلثوم بنت علي لفاطمة فكانتا امرأتيه.
4163 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع الحسن بن محمد يقول:
جمع ابن عم لي بين ابنتي عم له فأصبح النساء لا يدرين أن يذهبن.
قال الشيخ رضي الله عنه:
يريد بين ابنتي عمين له.
((888 - [باب]
قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم))
أشار الشافعي في القديم إلى حديث أبي سعيد الخدري في سبب نزول هذه
الآية وقد:
294

4164 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا سعيد عن قتادة عن صالح بن الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن
أبي سعيد: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث يوم حنين بعثا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم
وظهروا عليهم فأصابوا لهم سبايا فكأن أناسا من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يتحرجون غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك:
* (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) *
أي فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله القواريري وروينا عن ابن عباس أنه قال
في هذه الآية:
كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت.
وشرط الاستبراء في رواية أخرى عنه.
4165 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال سمعت الثقفي يحدث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة
عن ابن مسعود في قول الله عز وجل:
* (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) *
قال: سبايا كان لهن أزواج قبل أن يسبين.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب قال:
295

المحصنات من النساء هن ذوات الأزواج ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا.
4166 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
قال أحمد:
واحتج الشافعي في أن ذوات الأزواج من الإماء يحرمن على غير أزواجهن وأن
الاستثناء في قوله عز وجل:
* (إلا ما ملكت أيمانكم) *
مقصورة على السبايا بأن السنة دلت أن المملوكة غير المسبية إذا بيعت أو
أعتقت لم يكن بيعها طلاق لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] خير بريرة حين عتقت في المقام مع زوجها
أو فراقه وقد زال ملك بريرة بأن بيعت وأعتقت فكان زواله بمعنيين ولم يكن ذلك
فرقة لأنها لو كانت فرقة لم يقل لك الخيار فيمن لا عقد له عليها.
قال أحمد:
فإذا لم يحل فرج ذات الزوج بزوال الملك فهي إذا لم تبع لم تحل بملك يمين
حتى يطلقها زوجها.
وبسط الكلام في الحجة في ذلك.
قال في القديم في رواية أبي عبد الرحمن عنه.
وممن قال ذلك عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد
الرحمن بن عوف وابن عمر قالوا:
نكاح الزوج بعد الشرى ثابت.
وذكر أسانيد هذه الآثار.
296

قال وممن قال بيع الأمة طلاقها عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعمران بن
حصين وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس بن مالك.
قال أحمد:
وكأنهم قاسوها على المسبية.
وحديث بريرة يمنع من هذا القياس.
ثم الإجماع أن من زوج أمته لم يملك وطئها وهي مما ملكت يمينه.
((889 - [باب]
الزنا لا يحرم الحلال))
قال الشافعي:
لأن الله تعالى إنما حرمه لحرمة الحلال والحرام خلاف الحلال قال: وروي عن
ابن عباس قولنا.
4167 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن
يحيى بن معمر عن ابن عباس أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو بابنتها: فإنهما
حرمتان تخطاهما ولا يحرمها ذلك عليه.
قال: وقال يحيى بن يعمر: ما حرم حراما حلالا.
وبمعناه روي عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس.
4168 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار
قال حدثنا جعفر بن أحمد بن سام قال حدثنا إسحاق بن محمد الفروي قال حدثنا عبد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
297

' لا يحرم الحرام الحلال '.
وكذلك رواه إبراهيم بن أبي داود وغيرهما عن إسحاق الفروي وإبراهيم بن
الحسين بن جبريل.
وروى الزهري عن علي مرسلا مثل قولنا.
وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، ويحيى بن معمر،
وعروة، ومجاهد، والحسن البصري، والزهري.
وأما حديث عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن أبي هريرة عن عروة عن
عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يفسد حلال بحرام ومن أتى امرأة فجورا فلا عليه أن يتزوج أمها أو
ابنتها '.
فهذا لا يصح.
عثمان هذا ضعيف لا يحل الاعتماد على ما يرويه.
وإنما هو قول الزهري عن بعض أهل العلم.
4169 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي فذكر مناظرة طويلة جرت بينه وبين بعض العراقيين في هذه المسألة
قال فقال:
فالشعبي قال قولنا. قال قلت: فلو لم يكن في قولنا كتاب ولا سنة ولا ما
أوجدناك من القياس والمعقول أكان قول الشعبي عندك حجة؟
قال: لا وقد روي عن عمران بن حصين.
298

قلت: من وجه لا يثبت.
وقد روي عن ابن عباس قولنا.
فرجع عن قولهم وقال الحق عندي والعدل في قولكم فاجمع لي في هذا
قولا.
قلت: إذا حرم الشيء بوجه استدللنا أنه لا يحرم بالذي يخالفه كما إذا حل
شيء بوجه لم يحل بالذي يخالفه فالحلال ضد الحرام والنكاح حلال والزنا ضد
النكاح ألا ترى أنه يحل لك الفرج بالنكاح ولا يحل لك بالزنا الذي يخالفه.
فقال لي منهم قائل: فإنا قد روينا عن وهب بن منبه قال: مكتوب في التوراة
ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
فقلت له: ولا أدفع هذا وأصغر ذنبا من الزاني بالمرأة وابنتها والمرأة بلا بنت
ملعون.
قد لعنت الواصلة والموصولة والمحتفى والمحتفية.
والزنا أعظم من هذا كله ولو ثبت حرمته لقوله: ملعون. لزمك مكان هذا في
أكل الربى وموكله وأنت لا تمنع من الربا إذا اشترى بما يحل أن يحل له عين السلعة
التي أربى فيها.
ولا إذا احتفر قبرا من القبور أن يحل له بحفر غيره وبحفره إذا ذهب البيت
بالبلى.
قال: أجل.
قلت: فكيف لم تقل لا يمنع الحرام الحلال كما قلت [في] الذي أربى
واحتفر؟
وأما الذي روي عن ابن مسعود من قوله: ما اجتمع الحرام والحلال إلا غلب
الحرام [على] الحلال.
فهو إنما رواه جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن مسعود وجابر ضعيف.
299

والشعبي عن ابن مسعود منقطع.
وإنما روي عن الشعبي من قوله.
وأما الذي روي عن ابن مسعود من قوله:
لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
فهذا إنما رواه ليث بن أبي سليم عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن إبراهيم
عن عبد الله.
وليث وحماد غير محتج بهما.
وأما الذي يروى فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حرمت عليه
أمها وابنتها '.
فإنما رواه جرير بن عبد الحميد عن الحجاج بن أرطأة عن أبي هانئ عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] وروايته في موضع آخر عنه عن أم هانئ.
وهذا منقطع بين الحجاج وأم هانئ.
أو بين أبي هانئ والنبي [صلى الله عليه وسلم].
والحجاج غير محتج به فيما يسنده.
فكيف بما يرسله؟!
لا ينبغي لأهل العلم أن يحتج بمثل هذا. وبالله التوفيق.
((890 - [باب]
نكاح حرائر أهل الكتاب وإمائهم وإماء المسلمين))
4170 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى:
300

* (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) *
قال: فزعم بعض أهل العلم بالقرآن أنها أنزلت في مهاجرة من أهل مكة
فسماها بعضهم ابنة عقبة بن أبي معيط وأهل مكة أهل أوثان.
وأن قول الله:
* (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) *
نزلت في مهاجر من أهل مكة مؤمنا.
وإنما نزلت في الهدنة.
قال أحمد:
قد روينا هذا في حديث الزهري عن عروة عن مروان والمسور بن مخرمة في
قصة الهدنة وسماها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
وسمي المهاجر من أهل مكة عمر بن الخطاب كانت له امرأتان بمكة فطلقهما
يومئد - يعني حين نزلت هذه الآية - فتزوج إحداهما معاوية والأخرى صفوان بن
أمية.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقال الله:
* (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) * الآية
قال وقد قيل في هذه الآية أنها نزلت في جماعة مشركي العرب الذين هم أهل
أوثان فحرم نكاح نسائهم كما حرم أن ينكح رجالهم المؤمنات.
301

فإن كان هذا هكذا فهذه الآية ثابتة ليس فيها منسوخ.
قال أحمد:
قد روينا عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: يعني نساء أهل مكة المشركات ثم
أحل لهم نساء أهل الكتاب.
وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية أهل أوثان.
قال الشافعي:
وقد قيل هذه الآية في جميع المشركين ثم نزلت الرخصة بعدها في إحلال نكاح
حرائر أهل الكتاب خاصة كما جاءت في إحلال ذبائح أهل الكتاب.
قال الله جل ثناؤه:
* (أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن) *
قال أحمد:
قد روينا معنى هذا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وعن عطية عن ابن عباس.
وروينا عن عائشة أنها قالت في سورة المائدة:
إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من
حرام فحرموه.
قال الشافعي:
302

فأيهما كان فقد أبيح فيه نكاح حرائر أهل الكتاب.
وأحب إلي لو لم ينكحهن مسلم.
4171 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبي الزبير:
أنه سمع جابر بن عبد الله سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية.
فقال: تزوجناهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد
المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن.
وقال: لا يرثن مسلما ولا يرثهن ونساؤهم لنا حل ونساؤنا عليهم حرام.
وروينا في إباحة ذلك عن عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وابن عباس إلا أن عمر
كرهها.
4172 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ومن دان دين اليهود والنصارى من الصابئين والسامرة أكلت ذبيحته وحل
نساؤه.
وقد روي عن عمر أنه كتب إليه فيهم أو في أحدهم فكيف بمثل ما قلنا.
قال أحمد:
وروينا عن سفيان الثوري عن برد بن سنان عن عبادة بن نسي عن غضيف بن
الحارث قال:
كتب عامل لعمر إلى عمر بن الخطاب:
أن ناسا من قبلنا يدعون السامرة يسبتون يوم السبت ويقرأون التوراة ولا يؤمنون
بيوم البعث فما ترى يا أمير المؤمنين في ذبائحهم؟
303

قال: فكتب:
هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب.
واشترط لكي تضرب عليهم الجزية أن يكونوا من بني إسرائيل ولا يخالفون
اليهود والنصارى في أصل الدينونة وإن خالفوهم في فرع من دينهم.
قال الشافعي في كتاب النكاح:
والأمر في السامرة بين وفيهم ورد (.......) الصابئون.
فقد روي عن جابر بن زيد أنه جعلهم من أهل الكتاب الذين تحل نساؤهم
وتؤكل ذبائحهم.
قال ابن المنذر:
(.......) ابن عباس أنه قال:
هو قوم بين المجوس واليهود ولا يحل (......).
ولا أكل ذبائحهم.
قال ابن المنذر:
والكتاب يدل (........) يهود ولا نصارى لأن الله فصل بينهم بواو.
وروي عن (........) كره ذبائحهم ونكاح نسائهم وقال: هم قوم يعبدون
الملائكة.
قال الشافعي في كتاب الجزية:
فمن كان من بني إسرائيل يدين دين اليهود والنصارى نكح نساءه وأكلت
ذبيحته.
ومن دان دين بني إسرائيل من غيرهم من العرب أو العجم لم تنكح نساؤه ولم
تؤكل ذبيحته.
4173 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
304

الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار عن سعد الحارثي مول عمر أو
عبد الله بن سعد عن عمر أنه قال:
ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى
يسلموا أو أضرب أعناقهم.
4174 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن
سيرين قال سألت عبيدة عن ذبائح نصارى بني تغلب فقال:
لا نأكل ذبائحهم فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم إلا شرب الخمر.
قال الشافعي:
وهكذا أحفظه ولا أحسبه أو غيره إلا وقد بلغ بهذا الإسناد علي بن أبي
طالب.
4175 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج
قال قال عطاء:
ليس نصارى العرب بأهل كتاب إنما أهل الكتاب بنو إسرائيل والذين جاءتهم
التوراة والإنجيل.
فأما من دخل فيهم من الناس فليسوا منهم.
قال أحمد:
والذي روي عن معبد الجهني قال:
فرأيت امرأة حذيفة مجوسية.
لا يصح والمحفوظ عن حذيفة أنه نكح يهودية.
305

((891 - [باب]
نكاح إماء المسلمين))
4176 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
أحل الله حرائر المؤمنات واستثنى في الإماء المؤمنات أن تحللن بأن يجمع
نكاحهن أن لا يجد طولا لحرة وإن كان يخاف العنت في ترك نكاحهن.
والعنت: الزنا فزعمنا أنه لا يحل نكاح أمة مسلمة حتى يجمع نكاحها
الشرطين.
قال الشافعي:
والكتاب كاف إن شاء الله فيه من قول غيري وقد قاله غيري.
4177 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن
عبد الله يقول:
من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة.
4178 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج
قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه قال:
لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد بصداقها حرة.
قلت: فخاف الزنا.
قال: ما علمته يحل.
4179 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن
دينار قال سأل عطاء أبا الشعثاء وأنا أسمع عن نكاح الأمة ما تقول فيه أجائز هو؟
فقال: لا يصلح اليوم نكاح الإماء.
306

4180 - وأخبرنا أبو سعيد عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء قال: لا يصلح نكاح
الإماء اليوم لأنه يجد طولا إلى حرة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والطول هو الصداق.
قال أحمد:
وروينا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:
* (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) *
يقول: ومن لم يكن له سعة أن ينكح الحرائر فلينكح من إماء المؤمنين.
* (وذلك لمن خشي العنت) *
وهو الفجور.
ورويناه عن سعيد بن جبير ومجاهد والحسن البصري والشعبي والزهري.
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة.
وروينا عن الحسن البصري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا:
أنه نهى أن تنكح الأمة على الحرة.
ورويناه عن علي وجابر بن عبد الله من قولهما.
4181 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
307

الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن عباس وابن عمر سئلا عن رجل كانت تحته
امرأة حرة فأراد أن ينكح عليها أمة فكرها [له] أن يجمع بينهما.
4182 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن
ابن المسيب أنه كان يقول:
لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة فإن أطاعت فلها الثلثان [من
القسم].
وهذا إنما أورده إلزاما لمالك فيما خالف فيه بعض الصحابة أو التابعين.
قال الشافعي:
لا يجوز وإن رضيت المرأة لأنه لا يخاف العنت للحرة التي عنده.
قال الشافعي رحمه الله:
ولا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال لأنها داخلة في معنى من حرم من
المشركات وغير حلال منصوصة بالإحلال كما نص حرائر أهل الكتاب في النكاح
وأن الله إنما أحل نكاح إماء أهل الإسلام لمعنيين أن لا يجد الناكح طولا لحرة
ويخاف العنت.
والشرطان في إماء المسلمين دليل على أن نكاحهن أحل بمعنى دون معنى.
وفي ذلك دليل على تحريم من خالفهن من إماء المشركين والله أعلم لأن
الإسلام شرط ثالث.
قال أحمد:
قد روينا عن مجاهد أنه قال:
308

لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب لأن الله يقول:
* (من فتياتكم المؤمنات) *
وكذا قال الحسن.
ورواه أبو الزناد عن فقهاء التابعين من أهل المدينة.
قال الشافعي:
وله وطئ اليهودية والنصرانية بالملك وليس له وطئ وثنية ولا مجوسية بملك
إذا لم يحل له نكاح حرائرهم لم يحل له وطئ إمائهم وذلك للدين فيهن.
قال: ولا أحسب أحدا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] وطئ سبية عربية حتى أسلمت
وإذا حرم النبي [صلى الله عليه وسلم] على من أسلم أن يطأ امرأة وثنية حتى تسلم في العدة.
دل ذلك على أن لا يوطأ من كان على دينها حتى يسلم من حر وأمة.
((892 - [باب]
التعريض بالخطبة))
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى:
* (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم) *
الأية.
4183 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان
يقول في قول الله تبارك وتعالى:
* (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) *
أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها إنك علي لكريمة وإني
309

فيك لراغب والله لسائق.
إليك خيرا ورزقا ونحو هذا من القول.
4184 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي التعريض الذي أباح الله ما عدا التصريح من قول وذلك أن يقول: رب متطلع
إليك وراغب فيك وحريص عليك وإنك لبحيث تحبين وما عليك أيمة وإني عليك
لحريص وفيك راغب.
وما كان في هذا المعنى مما خالف التصريح.
والتصريح أن يقول تزوجيني إذا أحللت أو أنا أتزوجك إذا حللت وما أشبه هذا
مما جاوز التعريض وكان بيانا أنه خطبة لا أنه يحتمل غير الخطبة.
قال: والعدة التي أذن الله بالتعريض بالخطبة فيها العدة من وفاة الزوج ولا أحب
ذلك في العدة من الطلاق الذي لا يملك فيه المطلق الرجعة احتياطا.
فأما المرأة يملك زوجها رجعتها فلا يجوز لأحد أن يعرض لها بالخطبة في
العدة وبسط الكلام في ذلك.
قال: والسر هو الجماع والجماع هو التصريح مما لا يحل له في حاله تلك.
قال: وبلوغ الكتاب أجله أن تنقضي عدتها ثم يعقد عليها إن شاء ولا تفسخه
إساءة تقدمت منه بالتصريح في العدة لأن الخطبة غير العقد.
((893 - [باب]
النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه))
4185 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد
310

الله بن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه '.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك قال الشافعي في رواية
أبي عبد الله:
وزاد فيه بعض المحدثين: ' حتى يأذن أو يترك '.
قال أحمد:
وهذه الزيادة في رواية ابن جريج وغيره عن نافع.
4186 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا بكر بن محمد قال حدثنا عبد
العزيز بن الفضل قال حدثنا مكي عن ابن جريج قال:
سمعت نافعا يحدث فذكره بزيادته إلا أنه قال:
حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب.
وزاد في أوله:
نهى أن يبيع بعضكم على بيع بعض.
رواه البخاري عن مكي بن إبراهيم.
4187 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن
مسلم بن الخياط عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه
حتى ينكح أو يترك.
4188 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري قال أخبرنا
311

ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4189 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد وعن
محمد بن [يحيى بن] حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه '.
4190 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد
مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن زوجها
طلقها فبتها فأمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] [أن تعتد] في بيت بنتا ابن أم مكتوم وقال:
فإذا حللت فآذنيني '.
قالت: فلما أحللت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه أنكحي
أسامة '.
قالت: فكرهته. فقال:
' أنكحي أسامة '.
312

فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فكان بينا أن الحال التي خطب فيها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاطمة على أسامة غير الحال
التي نهى عن الخطبة فيها.
ولم يكن للمخطوبة حالان مختلفي الحكم إلا أن تأذن المخطوبة بإنكاح
رجل بعينه فيكون المولى إن زوجها جاز النكاح عليها ولا يكون لأحد أن يخطبها
في هذه الحال حتى يأذن الخاطب أو يترك خطبتها.
وهذا بين في حديث ابن أبي ذئب.
قال: وقد أعلمت فاطمة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أبا جهم ومعاوية خطباها.
ولا شك - إن شاء الله - أن خطبة أحدهما بعد خطبة الآخر.
فلم ينههما ولا واحدا منهما ولم تعلمه أنها أذنت في واحد منهما فخطبها
على أسامة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله في قوله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه '.
على جواب السائل. والله أعلم.
فيكون يسل عن رجل خطب امرأة فرضيت وأذنت في إنكاحه فخطبها أرجح
عندها منه فرجعت عن الأول التي أذنت في إنكاحه فنهى عن خطبة المرأة إذا كانت
بهذه الحالة.
وقد يكون أن ترجع عن من أذنت في إنكاحه ولا ينكحها من رجعت إليه فيكون
313

هذا فسادا عليها وعلى خاطبها الذي أذنت في إنكاحه.
وأطال الكلام في هذا في مواضع من كتبه.
((894 - [باب]
نكاح المشرك))
4191 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة - أحسبه إسماعيل بن
إبراهيم بن علية - عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه:
أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمسك أربعا وفارق سائرهن '.
قال أحمد:
هكذا روى البصريون هذا الحديث عن معمر منهم ابن أبي عروبة وابن علية
ومحمد بن جعفر غندر ويزيد بن زريع وغيرهم موصولا.
وقالوا في الحديث: فأمره أن يختار منهن أربعا.
أو ما يكون هذا معناه.
وكذلك رواه أبو عبيد عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن معمر موصولا.
وكذلك روي عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي وعيسى بن يونس عن معمر
وهؤلاء كوفيون.
وروي عن الفضل بن موسى وهو خراساني عن معمر موصولا.
وفي حديث الفضل بن موسى:
314

فأمره أن يمسك أربعا ويفارق سائرهن.
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وكذلك رواه مالك بن أنس عن الزهري مرسلا.
4192 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشرة نسوة:
' أمسك أربعا وفارق سائرهن '.
وكذلك رواه ابن عيينة عن الزهري.
ورواه يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن أبي سويد.
ورواه عقيل عن الزهري قال:]
بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد.
ورواه ابن وهب عن يونس عن الزهري عن عثمان بن محمد بن أبي سويد.
وقد روي من غير جهة الزهري عن نافع وسالم عن ابن عمر: أن غيلان بن
سلمة كان عنده عشر نسوة فأسلم وأسلمن معه فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يختار منهن
أربعا.
4193 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحافظ قال أخبرنا أبو
عبد الرحمن النسائي قال حدثنا أبو بريد عمرو بن يزيد الجرمي قال حدثنا سيف بن
عبيد الله قال حدثنا سرار بن مجشر عن أيوب عن نافع وسالم عن ابن عمر فذكره.
قال أبو علي:
تفرد به سرار بن مجشر وهو بصري ثقة.
315

/ وكذلك رواه السميدع بن واهب عن سرار.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول
سمعت العباس الدوري يقول سمعت يحيى بن معين وسئل عن سرار بن مجشر فقال:
ثقة.
4194 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من سمع ابن أبي الزناد
يقول أخبرني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن عن عوف بن الحارث عن
نوفل بن معاوية الديلي قال: أسلمت وعندي خمس نسوة فقال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمسك أربعا أيتهن شئت وفارق الأخرى '.
فعمدت إلى أقدمهن صحبة عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها.
وقال الشافعي في موضع آخر:
أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن أبي الزناد.
4195 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله
عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش عن الديلمي _ أو عن ابن الديلمي _ قال:
أسلمت وتحتي أختان فسألت النبي [صلى الله عليه وسلم] فأمرني أن أمسك أيتهما شئت وأفارق
الأخرى.
قال أحمد:
ورواه يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز
الديلمي عن أبيه قال:
316

قلت: يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان.
قال:
' طلق أيتهما شئت '.
4196 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا وهب بن جرير عن أبيه قال سمعت يحيى بن
أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب فذكره.
وهذا إسناد صحيح وتابعه عبد الله بن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني.
وروينا في حديث الحارث بن قيس _ أو قيس بن الحارث / وعروة بن مسعود
الثقفي وصفوان بن أمية معنى حديث غيلان بن سلمة.
وهذا الحكم من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام فيما بين أهل المغازي والتفسير.
وذهب بعض من خالف الحديث إلى أن عقودهم كانت في الوقت الذي يجوز
فيه الجمع بين أكثر من أربع نسوة.
وعقود المشركين الآن كلها بعد التحريم.
وهذا فرار من الحديث وهو ينتقض بالولي والشهود والخلو من العدة فإن كل
ذلك وجب بالشرع وعقود المشركين قد تخلوا منه بعد وجوبه ولا يحكم ببطلانها إذا
أسلموا.
ونقول ما قال الشافعي وهو:
أن في العقد شيئين.
أحدها: العقد الفائت في الجاهلية.
والآخر: المرأة التي بالعقد.
317

والفائت لا يرد إذا كان الباقي بالفائت يصلح بحال وكان ذلك كحكم الله في
الربا.
قال الله عز وجل:
* (اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) *.
قال أحمد:
ولم يبلغنا إباحة الجمع بين أكثر من أربع نسوة مثبتة في شرعنا.
ثم لو كانت فلم يبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استفصل حال عقودهم أكانت قبل
التحريم أو بعده.
وبالله التوفيق.
((895 - [باب]
لا ينفسخ النكاح [بينهما بإسلام] أحدهما باختلاف الدار حتى تنقضي عدتها))
4197 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال:
أسلم أبو سفيان بن حرب بمر الظهران وهي دار خزاعة؛ وخزاعة مسلمون قبل
الفتح في دار الإسلام [وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ثم قدم عليها يدعوها إلى
الإسلام] فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال ثم أسلمت هند بعد إسلام
أبي سفيان بأيام كثيرة وقد كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار الإسلام يومئذ وزوجها
مسلم في دار الإسلام ورجع إلى مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غير الإسلام وهي في
دار حرب ثم صارت مكة دار الإسلام وأبو سفيان بها مسلم وهند كافرة ثم أسلمت قبل
انقضاء / العدة فاستقرا على النكاح لأن عدتها لم تنقض حتى أسلمت وكان كذلك
حكيم بن حزام وإسلامه.
وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل بمكة وصارت دارهما
318

دار الإسلام وظهر حكم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهرب عكرمة إلى اليمن وهي دار حرب
وصفوان يريد اليمن وهي دار حرب ثم رجع صفوان إلى مكة وهي دار الإسلام وشهد
حنينا وهو كافر ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول ورجح عكرمة فأسلم
فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول وذلك أن عدتها لم تنقض.
قال الشافعي:
وما وصفت من امرأتي سفيان وحكيم وأزواجهما وأمر صفوان وعكرمة
وأزواجهما أمر معروف عند أهل العلم بالمغازي.
وقد حفظ أهل المغازي أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت
وهاجرت إلى المدينة فقدم زوجها في العدة فأسلم فاستقرا على النكاح.
4198 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أن مالكا أخبرنا.
وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب. أن صفوان بن
أمية هرب من الإسلام ثم جاء النبي [صلى الله عليه وسلم] وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة
واستقرا على النكاح.
فقال ابن شهاب: وكان بين إسلام صفوان وامرأته نحوا من شهر.
ورواه الشافعي في القديم قال:
أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد النبي [صلى الله عليه وسلم]
أسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن ابنة الوليد بن
المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وشهد صفوان بن أمية
الطائف وحنين وهو كافر وامرأته / مسلمة ولم يفرق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بينه وبين امرأته
حتى أسلم [صفوان] واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح.
319

قال ابن شهاب: كان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت
عكرمة بن أبي جهل فأسلمت وهرب من الإسلام ثم أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فبايعه فثبتا على
ذلك النكاح.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله
وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تقضي عدتها.
4199 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب فذكر هذه
الأحاديث أتم من ذلك.
قال أحمد:
وأما الذي:
4200 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال قال أبو يوسف حدثنا الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه رد زينب إلى زوجها بنكاح
جديد.
وقد قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله فيما:
4201 - أخبرني أبو عبد الرحمن عنه هذا لا يثبت. وحجاج لا يحتج به
320

والصواب حديث ابن عباس. يريد ما:
4202 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي
قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن
داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: رد النبي [صلى الله عليه وسلم] ابنته زينب على
زوجها أبا العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا.
وفيما حكى أبو عيسى الترمذي عن محمد بن / إسماعيل البخاري أنه قال:
حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب.
قال أحمد:
وبلغني أن الحجاج بن أرطأة لم يسمعه عن عمرو.
والحجاج مشهور بالتدليس.
قال أحمد:
واحتجاج الطحاوي رحمنا الله وإياه على وهن حديث ابن عباس بما روي عن
أيوب عن عكرمة عن ابن عباس في اليهودية أو النصرانية تكون تحت اليهودي أو
النصراني فتسلم قال:
يفرق بينهما الإسلام يعلو ولا يعلا.
لا يصح وذلك لأنه إنما أراد أنها لا تقر تحت اليهودي أو النصراني وليس ذلك
كاليهودي أو النصراني بسلم وتحته يهودية أو نصرانية فتقر عنده لأن الإسلام يعلو ولا
يعلا.
هذا هو المقصود من هذه الرواية.
ثم متى يفرق بينهما ليس له ذكر في الحديث.
وقد روى البخاري في كتابه عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن ابن جريج عن
321

عطاء عن ابن عاس أنه قال:
كان إذا هاجرت امرأة من الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت
حل لها النكاح.
فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه.
وهذا المذهب يوافق ما روى هو في شأن أبي العاص ويبين أن مقصوده بما
روى أيوب ما ذكرنا مع ما فيه من بطلان قول من زعم أنه كان يرى قطع العصمة بنفس الإسلام والله أعلم.
ومن ادعى النسخ في حديث أبي العاص من غير حجة لم يقبل منه.
وحين أسر يوم بدر لم يسلم وإنما أسلم بعد ما أخذت سرية زيد بن حارثة وما
معه قبل أبو بصير وأتى المدينة فأجارته زينب فأنقذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جوارها ودخل عليها
فقال: ' أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له '.
فكان هذا بعد نزول آية الامتحان في الهدنة ثم إنه رجع بما كان عنده من
بضائع أهل مكة إلى مكة ثم أسلم وخرج إلى المدينة.
فكيف يصح ما روي فيه هذا / المدعي عن الزهري أنه أخذ أسيرا يوم بدر فأتى
به النبي [صلى الله عليه وسلم] فرد عليه ابنته وكان هذا قبل نزول الفرائض.
قال أحمد:
وإنما الحديث في قصة بدر أنه أطلقه وشرط عليه أن يرد إليه ابنته وذاك أن ابنته
كانت بمكة فلما أسر أبو العاص بعد بدر أطلقه على أن يرسل إليه ابنته ففعل ذلك ثم
أسلم بعده بزمان.
هذا هو المعروف عند أهل المغازي _ والله أعلم _.
وما رواه في ذلك عن الزهري وقتادة منقطع.
والذي حكاه عن بعض أكابرهم في الجمع بين حديث عبد الله بن عمرو
وحديث ابن عباس في رد ابنته على أبي العاص فإن عبد الله بن عمر وعلم بتحريم
الله عز وجل رجوع المؤمنات إلى الكفار.
322

فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد فقال: ردها عليه بنكاح جديد ولم يعلم ابن
عباس بتحريم الله المؤمنات على الكفار حين علم برد زينب على أبي العاص فقال:
ردها بالنكاح الأول لأنه لم يكن عنده بينهما فسخ نكاح.
فلعمري إن هذا لسوء ظن بالصحابة ورواة الأخبار حيث نسبهم إلى أنهم يروون
الحديث على ما عندهم من العلم من غير سماع له من أحد.
حديث عبد الله بن عمرو لم يثبته الحفاظ.
ولو كان ثابتا فالظن به أنه لا يروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] عقد نكاح لم يثبته لشهوده أو
شهود من يثق به.
وابن عباس لا يقول ردها عليه بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا وهو لا يحيط علما
بنفسه أو بمن يثق به بكيفية الرد وكيف يشتبه على مثله نزول الآية في الممتحنة قبل
رده ابنته على ابن العاص.
وإن اشتبه عليه ذلك في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] لصغره أفيشتبه عليه وقت نزولها حين
روي هذا الخبر بعد وفاة النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد علم منازل القرآن وتأويله هذا أمر بعيد.
ولو / صح الحديثان لقلنا بحديث عبد الله بن عمرو ولأنه زائد فلما وجدنا
حفاظ الحديث يثبتونه تركناه وقلنا بحديث ابن عباس مع ما سبق ذكره من رواية
أهل العلم بالمغازي في أمر أبي سفيان وغيره. وبالله التوفيق. فإن زعم قائل أن في
حديث ابن عباس ردها عليه بعد ست سنين وفي رواية سنتين والعدة لا تبقى في
الغالب إلى هذه المدة.
قلنا النكاح كان باقيا إلى وقت نزول الآية في الممتحنة لم يؤثر إسلامها وبقاؤه
على الكفر فيه فلما نزلت الآية وذلك بعد صلح الحديبية توقف نكاحها _ والله أعلم _
على انقضاء العدة ثم كان إسلام أبي العاص بعد ذلك بزمان يسير بحيث يمكن أن
تكون عدتها لم تنقض في الغالب فيشبه أن يكون الرد بالنكاح الأول كان لأجل ذلك
والله أعلم.
وصاحبنا إنما اعتمد في ذلك على ما نقله أهل المغازي في أمر أبي سفيان
وغيره.
323

((896 - [باب]
نكاح أهل الشرك وطلاقهم))
4203 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
وإذا ثبت بثبت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [عقد] نكاح الشرك وأقر أهله عليه في
الإسلام لم يجز _ والله أعلم _ إلا أن يثبت طلاق الشرك لأن الطلاق يثبت بثبوت
النكاح ويسقط بسقوطه.
واحتج في موضع آخر بهذا الإسناد في وقوع التحليل بنكاحهم بأن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] رجم يهوديين زنيا.
قال: فقد زعمنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل نكاحها تحصينها. فكيف يذهب علينا
أن يكون لا يحلها وهو يحصنها.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
حدثنا يوسف بن خالد السمتي عن يحيى بن أبي أنيسة عن عبد الله بن
محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله: أن رجلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] / فقال:
يا رسول الله إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقتين وفي الإسلام تطليقة.
فألزمه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الطلاق.
يوسف بن خالد: متروك.
ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف.
واعتماد الشافعي في هذا على ما مضى دون هذا الإسناد.
324

((897 - [باب]
إتيان الحائض))
4204 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) *.
قال الشافعي:
احتمل اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهم واحتمل بعض أبدانهن دون بعض
فاستدللت بالسنة على ما أراد [الله] من اعتزالهن فقلت به كما بينه رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
4205 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أسباط بن محمد
القرشي عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد عن ميمونة بنت الحارث
قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض.
أخرجاه في الصحيح من حديث الشيباني.
وروينا في حديث عائشة وعمر بن الخطاب وعبد الله بن سعد الأنصاري عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما يحل للرجل من امرأته وهي حائض. قال:
' ما فوق الإزار '.
325

وفي حديث عمر:
' ليس له ما تحته '.
4206 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أرسل إلى عائشة
يسألها: هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض؟
فقالت: لتشدد إزارها على أسفلها [ثم يباشرها] إن شاء.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فقال: روينا خلاف ما رويتم فروينا أن يخلف موضع الدم ثم ينال ما شاء.
/ فذكر حديثا لا يثبته أهل العلم بالحديث.
قال أحمد:
أظنه أراد ما:
4207 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض
أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم].
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا.
وكان الشافعي كالمتوقف في روايات عكرمة.
وأما حديث أنس بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' جامعوهن في البيوت واصنعوا كل
شيء غير النكاح '.
326

فالمقصود من الخبر إباحة مواكلتهن وترك اعتزالهن في البيوت وقد تسمى
الإصابة فيما دون الفرج جماعا _ والله أعلم _.
قال الشافعي:
فإن أتى رجل امرأته حائضا أو بعد تولية الدم ولم تغتسل فليستغفر الله ولا يعد.
وقد روي فيه شيء لو كان ثابتا أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله.
وإنما أراد ما:
4208 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
الحافظ قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن
شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال:
' يتصدق بدينار أو بنصف دينار '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن مسدد ثم قال:
وربما لم يرفعه شعبة.
وهو كما قال فقد رواه عفان وجماعة عن شعبة موقوفا.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة موقوفا ثم قال:
قيل لشعبة إنك كنت ترفعه قال:
إني كنت مجنونا فصححت.
فرجع عن رفعه بعد ما كان يرفعه.
وروى يزيد بن أبي مالك عن عبد الحميد عن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره في ذلك
أن يتصدق بخمسي دينار.
327

وهذا منقطع.
ورواه شريك عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فليتصدق بنصف دينار '.
/, كان شريك يشك في رفعه.
ورواه علي بن بذيمة عن مقسم عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
ورواه عبد الكريم أبو أمية تارة عن مقسم وتارة عن عكرمة عن ابن عباس عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' بدينار أو بنصف دينار '.
وعبد الكريم لا يحتج به.
وروي عن يعقوب بن عطاء عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا.
ويعقوب غير محتج به.
وروي عن عطاء بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
' يتصدق دينار فإن لم يجد فنصف دينار '.
وعطاء بن عجلان ضعيف.
4209 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاذ قال حدثنا
إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر قال حدثنا جعفر بن
سليمان عن علي بن الحكم البناني عن أبي الحسن الجزري عن مقسم عن ابن عباس
قال:
إذا أصابها في الدم فدينار وإن أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار.
328

وهذا موقوف.
وبهذا المعنى رواه ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس إلا أنه
رفعه.
ورواه ابن أبي عروبة عن عبد الكريم فجعل التفسير لمقسم.
وروي عن عطاء وعكرمة:
لا شيء عليه الاستغفار.
((898 - [باب]
إتيان النساء قبل إحداث غسل أو وضوء))
4210 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي قال:
قد روى قتادة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] طاف على نسائه بغسل واحد.
وهذا يرويه قتادة عن أنس.
4211 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد
المقرئ قال حدثنا عبد الله بن أبي مريم قال حدثنا الفريابي قال حدثنا سفيان عن
أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يطوف على نسائه في غسل واحد.
أبو الخطاب هذا: قتادة. وأبو عروة هذا: معمر.
4212 - وقد أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا
أحمد بن / منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
329

كان يطوف على نسائه في غسل واحد.
قال معمر: ولكنا لا نشك أنه كان يتوضأ بين ذلك.
قال أحمد البيهقي.
وشرط الشافعي ذلك في الحرائر إذا حللته.
واستحب أن يحدث وضوءا كلما أراد إتيان واحدة لمعنيين أحدهما:
أنه روي فيه حديث وإن كان مما لا يثبت مثله.
والآخر: أنه أنظف.
والحديث الذي روي فيه لم يخرجه البخاري في الصحيح.
وأما مسلم بن الحجاج فإنه أثبته وأخرجه في الصحيح وهو ما:
4213 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا مروان بن معاوية
عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ '.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن نمير.
ورواه شعبة عن عاصم وزاد فيه:
' فإنه أنشط للعود '.
ولعل الشافعي أراد حديث حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن
330

عمته سلمى عن أبي رافع أن النبي [صلى الله عليه وسلم] طاف على نسائه أجمع في ليلة واحدة يغتسل
لكل واحدة منهن غسلا.
فقيل يا رسول الله: فهلا غسلا واحدا. قال:
' هذا أطيب وأزكى '.
4214 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
بشر بن موسى قال حدثنا أبو زكريا قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره إلا أن هذا في
الغسل.
وأهل العلم بالحديث لم يثبتوه.
وقال أبو داود: حديث أنس أصح من هذا.
قال أحمد:
حديث أنس قد رواه جماعة عن أنس منهم: هشام بن زيد.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
وحديث أبي رافع خبر عن حالة واحدة.
وحديث أنس بن مالك خبر عن أكثر الأحوال فهما / لا يتنافيان. والله أعلم.
4215 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي قال:
وأكره للرجل أن يطأ امرأته وامرأته الأخرى تنظر إليه أو جاريته لأنه ليس من
الستر ولا محمود الأخلاق ولا يشبه العشرة بالمعروف وقد أمر أن يعاشرها
بالمعروف.
قال أحمد:
331

وروينا عن الحسن البصري في الرجل يجامع المرأة والأخرى تسمع.
قال: كانوا يكرهون الوحس وهو الصوت الخفي.
وروينا في كراهية ذكر الرجل إصابته أهله حديث أبي سعيد الخدري عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه
ثم يفشي سرها '.
4216 - أخبرناه أبو محمد الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال
حدثنا الحسن بن محمد الصباح الزعفراني قال حدثنا مروان بن معاوية عن عمر بن
حمزة العمري قال حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن مروان بن معاوية.
((899 - [باب]
إتيان النساء في أدبارهن))
4217 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا
الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تبارك:
* (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) *.
فاحتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة من حيث [شاء] زوجها لأن
(أنى شئتم) تبين أين شئتم لا محظور منها كما لا محذور من الحرث.
واحتملت أن الحرث إنما يرد به النبات وموضع الحرث الذي يطلب به الولد
332

الفرج دون ما سواه لا سبيل لطلب الولد غيره.
فاختلف أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن فذهب ذاهبون منهم إلى إحلاله
وآخرون إلى تحريمه.
/ وأحسب كلا الفريقين تأولوا ما وصفت من احتمال الآية على موافقة كل واحد
منهم فطلبنا الدلالة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فوجدنا حديثين أحدهما ثابت وهو حديث
سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
كانت اليهود تقول: من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء ولده أحول.
فأنزل الله عز وجل:
* (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) *.
قال أحمد:
4218 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد ين يعقوب
حدثنا شاذان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره.
وأخرجاه من حديث سفيان الثوري عن ابن المنكدر.
ورواه أبو عوانة عن ابن المنكدر عن جابر قال:
قالت اليهود: إنما يكون الحول إذا أتى الرجل امرأته من خلفها.
فأنزل الله عز وجل:
* (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) *.
من بين يديها ومن خلفها ولا يأتها إلا في المأتى.
333

4219 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل
القاضي حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن أبي عوانة.
وأخرجه من حديث الزهري عن ابن المنكدر وزاد فيه:
غير أن ذلك في صمام واحد.
4220 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع قال أخبرني عبد
الله بن علي [بن] السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح أو عن عمرو بن فلان بن
أحيحة - قال الشافعي: أنا شككت - عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبي [صلى الله عليه وسلم]
عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]
' حلال ' فلما ولى الرجل دعاه أو أمر به فدعي فقال:
' كيف قلت؟ في أي الخربتين / أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن
دبرها في قبلها فنعم أمن دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا
النساء في أدبارهن '.
قال الشافعي:
قال: فما تقول؟ قلت: عمي ثقة. وعبد الله بن علي: ثقة.
وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث به أنه أثنى عليه خيرا.
وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته.
فلست أرخص فيه بل أنهى عنه.
334

قال أحمد:
تابعه إبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي عن محمد بن علي وقال عمرو بن
أحيحة بن الحلاج ولم يشك.
4221 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (نساؤكم حرث لكم) *.
وبين أن موضع الحرث موضع الولد وأن الله تعالى أباح الإتيان فيه إلا في وقت
المحيض و * (أنى شئتم) * من أين شئتم.
قال: وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريم إتيان غيره.
فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان من القبل محرم بدلالة الكتاب ثم
السنة.
فذكر حديث عمه محمد بن علي.
4222 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس حدثنا الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي يحرم إتيان النساء في أدبارهن.
قال أحمد:
هذا هو مذهب الشافعي في ذلك.
وأما الحكاية التي:
4223 - أخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس
محمد ين يعقوب قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت
الشافعي يقول:
ليس فيه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في التحريم والتحليل حديث ثابت والقياس أنه
335

حلال وقد غلط سفيان من حديث ابن الهاد.
فإنما أراد حديث سفيان بن عيينة عن يزيد بن الهاد عن عمارة بن خزيمة بن
ثابت عن أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الله لا يستحيي من الحق / لا تأتوا النساء في أدبارهن '.
وهذا الحديث اختلف فيه عن ابن الهاد فقيل عنه عن عبيد الله بن عبد الله بن
حصين عن هرمي بن عبد الله الواقفي عن خزيمة.
ثم اختلف فيه على عبيد الله فقيل عنه عن عبد الملك بن عمرو بن قيس
الحطمي عن هرمي عن خزيمة.
وقيل عبد الله بن هرمي فمداره على هرمي بن عبد الله عن خزيمة.
وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل إلا من حديث ابن عيينة.
وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ والله أعلم.
وهذه الحكاية مختصرة من حكاية مناظرة جرت بين الشافعي وبين محمد بن
الحسن وفي سياقها دلالة على أنه إنما قصد بما قال الذب عن بعض أهل المدينة على
طريق الجدل فأما هو فإنه قد نص في كتاب عشرة النساء على تحريمه.
وقد روينا عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أتى امرأته في دبرها أو حائضا أو صدق كاهنا بما قال فقد كفر بما أنزل الله
على محمد '.
4224 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن
أحمد العودي حدثنا علي حدثنا حماد قال أخبرني حكيم الأثرم.
336

4225 - وأخبرنا أبو الحسن المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن
حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة - فذكره.
وفي رواية ابن عبدان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل
الله على محمد '.
4226 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا هناد عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن
مخلد عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ملعون من أتى امرأته [في دبرها].
وروينا عن علي بن طلق قال:
/ نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن تأتوا النساء في أدبارهن فإن الله لا يستحي من
الحق.
وروينا عن علي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأبي الدرداء في
تحريم ذلك.
((900 - [باب]
الشغار))
4227 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي
إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا
337

الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الشغار.
والشغار: أن يزوج الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته وليس
بينهما صداق.
قال الشافعي:
لا أدري تفسير الشغار في الحديث من النبي [صلى الله عليه وسلم] أو من ابن عمر أو من نافع أو
مالك.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ورواه مسلم عن يحيى بن
يحيى كلاهما عن مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال عبيد الله: قلت لنافع: ما الشغار؟ فذكره.
ورواه أيضا عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] وذكر تفسيره موصولا بالحديث.
4228 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنه سمع
جابر بن عبد الله يقول: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الشغار.
4229 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن
عمر، ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر كلاهما عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
أنه نهى عن الشغار.
وزاد مالك في حديثه:
338

والشغار أن يزوج / الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته أخرجه مسلم في
الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج قال الشافعي في رواية أبي
سعيد:
كأنه يقول صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى.
والظاهر أن هذا تأويل من جهة الشافعي للتفسير الذي رواه في حديث مالك.
وقد روي عن نافع بن يزيد عن ابن جريج بإسناده ومتنه وفيه من الزيادة:
والشغار: أن ينكح هذه بهذه بغير صداق بضع هذه صداق هذه وبضع هذه
صداق هذه.
فيشبه إن كانت هذه الرواية صحيحة أن يكون هذا التفسير من قول ابن جريج أو
ممن فوقه. والله أعلم.
4230 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن مجاهد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا شغار في الإسلام '.
قال الشافعي:
فإذا أنكح الرجل ابنته الرجل أو المرأة يلي أمرها من كانت على أن ينكحه ابنته
أو المرأة يلي أمرها من كانت على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى أو على
أن ينكحه الأخرى ولم يسم لواحدة منهما صداقا فهذا الشغار الذي نهى عنه رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فلا يحل النكاح وهو مفسوخ.
339

هذا نص قول الشافعي فيما قرأت على أبي سعيد بإسناده عن الشافعي في
كتاب الشغار.
وهو يوافق التفسير المنقول في الحديث الصحيح حيث قال: أو على أن ينكحه
الأخرى ولم يسم لواحدة منهن صداقا قال الشافعي في مبسوط كلامه:
أن النساء محرمات إلا بما أحل الله من نكاح وبملك يمين فلا يحل المحرم من
النساء بالمحرم من النكاح والشغار محرم بنهي رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وهكذا كل ما نهى عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / من نكاح لم يحلل به المحرم.
وبهذا قلنا في المتعة ونكاح المحرم وما نهى عنه من نكاح.
((901 - [باب]
نكاح المتعة))
4231 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم
قال سمعت ابن مسعود يقول: كنا نغزوا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وليس معنا نساء فأردنا أن
نختصي فنهانا عن ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل
بالشيء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن إسماعيل بن أبي خالد.
4232 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبد الله والحسن
ابني محمد بن علي وكان الحسن أرضاهما عن أبيهما:
أن عليا قال لابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم
الحمر الأهلية.
340

أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4233 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني
محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر
الإنسية.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4234 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن
أبيه:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن نكاح المتعة.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن سفيان.
ورواه / الحميدي عن سفيان وزاد فيه:
عام الفتح.
وكذلك قاله صالح بن كيسان ومعمر عن الزهري.
ورواه إسماعيل بن أمية عن الزهري وقال في حجة الوداع وكذلك قاله عبد
العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة.
وقال عمارة بن غزية وعبد الملك وعبد العزيز ابنا الربيع بن سبرة عن الربيع:
عام الفتح...
وهو أصح ورواته أكثر.
341

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
ذكر ابن مسعود الارخاص في نكاح المتعة ولم يوقت شيئا يدل أهو قبل خيبر أو
بعدها.
فأشبه حديث علي بن أبي طالب في نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن المتعة أن يكون _ والله
أعلم _ ناسخا له فلا يجوز نكاح المتعة بحال.
قال أحمد:
قد روينا في حديث ابن مسعود في رواية وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن
قيس أنه قال:
كنا ونحن شباب. فأخبر أنهم كانوا يفعلون ذلك وهم شباب.
وابن مسعود في سنة اثنين وثلاثين من الهجرة وكان يوم توفي ابن بضع وستين
سنة وكان فتح خيبر في سنة سبع وفتح مكة في سنة ثمان.
فعبد الله بن مسعود عام الفتح كان ابن نحو من أربعين سنة والشباب قبل ذلك.
فأشبه حديث علي أن يكون ناسخا له.
وشئ آخر وهو أن ما حكاه ابن مسعود كان أمرا شائعا لا يشتبه على مثل
علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقد أنكر على ابن عباس قوله في الرخصة وأخبر بنهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عنه.
دل أنه علم النسخ حتى أنكر قوله في الرخصة.
وكان ابن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر من حديث علي إنما هو في النهي عن لحوم
الحمر الأهلية لا في نكاح المتعة وهو يشبه أن يكون كما قال.
فقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه رخص فيه بعد ذلك ثم نهى عنه.
فيكون احتجاج / علي بنهيه عنه أخرا حين تقوم به الحجة على ابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وإن كان حديث الربيع بن سبرة يثبت فهو مبين أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحل نكاح
المتعة ثم قال:
342

' هي حرام إلى يوم القيامة '.
قال أحمد:
حديث الربيع بن سبرة لم يخرجه البخاري في الصحيح أظنه لاختلاف وقع
عليه في تاريخه.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح واعتمد روايات من رواه في عام الفتح لأنها
أكثر.
وأما اللفظ الذي أشار إليه الشافعي فهو فيما:
4235 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا عبد العزيز بن عمر قال
حدثني الربيع بن سبرة أن أباه حدثه أنهم ساروا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث في
دخولهم مكة وأذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الاستمتاع قال:
فخرجت أنا وابن عم لي معي برد ومعه برد وبرده أجود من بردي وأنا أشب منه
فأعجبها شبابي وأعجبها برده فصار أمرها إلى أن قالت برد كبرد وكان الأجل بيني
وبينها عشر فبت عندها تلك الليلة ثم أصبح فإذا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قائم بين الباب والركن
فقال في كلامه:
' يا أيها الناس قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء ألا وإن الله قد
حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما
آتيتموهن شيئا '.
أخرجه مسلم في الصحيح مختصرا.
وترك (.........) عبد العزيز ذلك بحجة الوداع لمخالفته فيه أكثر الرواة عن
الربيع.
343

وقد روى سلمة بن الأكوع عن النبي [صلى الله عليه وسلم] معنى ما رواه سبرة بن معبد.
4236 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأموي وأبو
الحسن علي بن عبد الله (.......).
قالا: حدثنا / العباس بن محمد الدوري حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا
عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال:
رخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها
بعد.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمد وعام
أوطاس وعام الفتح واحد لأنها كانت بعد الفتح بيسير فسواء نسب ذلك إلى أوطاس أو
إلى الفتح.
وروينا عن الحكم بن عتيبة عن أصحاب عبد الله بن مسعود قال: المتعة
منسوخة نسخها الطلاق والصداق والعدة والميراث.
وفي حديث مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار عن سعيد المقبري عن أبي
هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث '.
وذكر الشافعي رضي الله عنه الآيات التي وردت في أحكام النكاح ثم قال:
وكان بينا _ والله أعلم _ أن يكون نكاح المتعة منسوخا بالقرآن والسنة في النهي
عنه.
لأن نكاح المتعة أن ينكح امرأة إلى مدة ثم يفسخ نكاحه بلا إحداث طلاق منه.
وفي نكاح المتعة إبطال ما وصفت مما جعل الله إلى الأزواج من الإمساك
344

والطلاق وإبطال المواريث قبل إحداث الطلاق.
4237 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة: أن خولة بنت حكيم
دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بمرأة مولدة فحملت
منه.
فخرج عمر يجر رداءه فزعا فقال:
هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
وأما الذي عن جابر عن عمر بن الخطاب:
أنه خطب الناس فقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا أنهي عنهما أو
أعاقب عليهما.
أحدهما: متعة النساء فلا أقدر / على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته في
الحجارة والأخرى: متعة الحج أفصلوا حجكم عن عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم
لعمرتكم.
فبين في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن نهيه عن متعة الحج على
الاختيار لإفراد الحج عن العمرة لا على التحريم.
وقد دللنا على ذلك في كتاب الحج.
وأما متعة النكاح فإنما نهى عنها وأوعد العقوبة عليها لأنه علم نهى النبي [صلى الله عليه وسلم]
عنها بعد الإذن فيها.
وفي ذلك احتج في بعض ما روي عنه ولا يجوز أن يظن به غير ذلك وهو ترك
رأيه ورد قضاء نفسه بخبر يرويه غيره عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وذلك فيما انتشر عنه في دية الجنين
وميراث المرأة من دية زوجها وغير ذلك.
فكيف يستجيز خلاف ما يرويه بنفسه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] من غير ثبوت ما ينسخه
عنده.
345

وهو كقول علي رضي الله عنه لابن عباس: إنك امرؤ وقاية إن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى
عن نكاح المتعة.
إلا أن راوي حديث علي ذكر ما احتج به عليه.
وراوي حديث عمر لم يذكره في أكثر الروايات عنه.
وقد ذكره بعضهم والله أعلم.
((902 - [باب]
نكاح المحلل))
4238 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا
يحيى بن أبي طالب حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري أبو أحمد حدثنا سفيان عن أبي
قيس عن الهزيل بن شرحبيل عن عبد الله قال:
لعن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الواشمة والموشومة والواصلة والموصولة والمحلل والمحلل
له وآكل الربا ومطعمه.
ورويناه في حديث علي بن أبي طالب مرفوعا في لعن المحلل والمحلل له.
وفي حديث أبي هريرة وعقبة بن عامر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لعن الله المحلل والمحلل له '.
وزاد عقبة في حديثه:
' ألا أخبركم بالتيس المستعار '؟
/ قالوا: بلى يا رسول الله.
346

قال: ' المحل '.
4239 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ونكاح المحلل الذي يروي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لعنه عندنا _ والله أعلم _ على
ضرب من نكاح المتعة لأنه غير مطلق إذا شرط أن ينكحها حتى تكون الإصابة.
ثم ساق الكلام إلى أن [قال].
إنهما إن عقدا النكاح مطلقا لا شرط فيه.
فالنكاح ثابت ولا تفسد النية من النكاح شيئا لأن النية حديث نفس وقد وضع
عن الناس ما حدثوا به أنفسهم.
قال الشافعي:
وقد أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن سيف بن سليمان عن مجاهد
قال:
طلق رجل من قريش امرأته فبتها فمر بشيخ وابن له من الأعراب في السوق قدما
لتجارة لهما فقال للفتى هل فيك من خير؟ ثم مضى عنه ثم كر عليه فكمثلها ثم
مضى عنه ثم كر عليه فكمثلها قال: نعم.
قال: فأرني يدك فانطلق به فأخبره الخبر وأمره بنكاحها فنكحها فبات معها فلما
أصبح استأذن فأذن له فإذا هو قد ولاها الدبر.
فقالت: والله لأن طلقني لا أنكحك أبدا فذكر ذلك لعمر فدعاه.
فقال: لو نكحتها لفعلت بك كذا وكذا وتوعده ودعا زوجها فقال إلزمها.
ورواه في الإملاء المسموعة من أبي سعيد بهذا الإسناد والمعنى وزاد فيه:
347

وقال: إن عرض لك أحد بشيء فأخبرني به.
وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن
مجاهد عن عمر مثله.
4240 - وبإسناده قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرت عن ابن سيرين
أن امرأة طلقها زوجها ثلاثا وكان مسكين أعرابي يقعد بباب المسجد فجاءته امرأة
فقالت [له] هل لك في امرأة تنكحها فتبيت معها الليلة وتصبح فتفارقها؟
فقال: نعم. فكان ذلك.
فقالت له امرأته: إنك إذا أصبحت فإنهم سيقولون لك فارقها فلا تفعل ذلك
فإني مقيمة لك ما ترى واذهب / إلى عمر.
فلما أصبحت أتوه وأتوها فقالت: كلموه فأنتم جئتم به فكلموه فأبى وانطلق إلى
عمر فقال: الزم امرأتك فإن رابوك بريب فائتني وأرسل إلى المرأة التي مشت لذلك
فنكل بها ثم كان يغدو على عمر ويروح في حلة فيقول الحمد لله الذي كان كساك يا ذا
الرقعتين حلة تغدو فيها وتروح.
قال الشافعي:
وسمعت هذا الحديث مسندا إسنادا متصلا عن ابن سيرين يوصله عن عمر
بمثل هذا المعنى.
((903 - [باب]
نكاح المحرم))
4241 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عن نبيه بن وهب أخي بني
348

عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير
فأرسل إلى أبان بن عثمان ليحضره ذلك وهما محرمان فأنكر ذلك عليه أبان وقال:
سمعت عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب '.
4242 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن
نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك وسفيان بن عيينة وغيرهما.
4243 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل
أن يخرج.
4244 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال: وأخبرنا سفيان بن عيينة عن
عمرو بن دينار عن يزيد بن الأصم وهو ابن أخت ميمونة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكح
ميمونة وهو حلال.
قال أحمد:
قد ذكرنا في كتاب الحج رواية من روي حديث أبي رافع ويزيد بن الأصم
موصولا.
4245 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
349

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن
المسيب قال:
أوهم الذي روي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكح ميمونة وهو محرم ما نكحها رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] إلا وهو حلال.
4246 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن
أبي غطفان بن طريف المري أنه أخبره أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد
عمر بن الخطاب نكاحه.
4247 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال:
لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب على نفسه ولا على غيره.
4248 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن قدامة بن موسى عن شوذب أن زيد بن ثابت رد
نكاح محرم.
وكذلك رواه الدراوردي عن قدامة.
وروينا عن الحسن أن عليا قال: من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته ولم نجز
نكاحه.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا وعمر قالا:
لا ينكح المحرم ولا ينكح فإن نكح فنكاحه باطل.
وهو قول سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار والحسن
وقتادة.
350

4249 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
خالفنا بعض الناس في نكاح المحرم فقال: لا بأس أن ينكح المحرم ما لم
يصب.
وقال: روينا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكح وهو محرم.
قال: فقلت له: أرأيت إذا اختلفت الرواية عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فبأيها تأخذ؟
قال: بالثابت عنه.
قال: بالثابت عنه.
قلت: أفترى حديث عثمان عن / النبي [صلى الله عليه وسلم] ثابتا؟
قال: نعم. قلت: وعثمان غير غائب عن نكاح ميمونة لأنه مع النبي [صلى الله عليه وسلم]
بالمدينة وفي سفره الذي بنى بميمونة فيه في عمرة القضية وهو السفر الذي زعمت أنه
أنكحها فيه وإنما نكحها قبله وبنى بها فيه؟
قال: نعم ولكن الذي روينا عنه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نكحها وهو محرم فهو وإن لم يكن
يوم نكحها بالغا دلالة يوم صحبه. فإنه لا يشتبه أن يكون خفي عليه الوقت الذي
نكحها فيه مع قرابته بها.
ولا يقبله هو وإن لم يشهده إلا عن ثقة.
قال: فقلت له أن يزيد بن الأصم هو ابن أختها يقول نكحها حلالا ومعه
سليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها قال نكحها حلالا فيحكرن عليك ما أمكنك
فيقال هذان ثقة ومكانهما منها المكان الذي لا يخفى عليهما الوقت الذي نكحها فيه
بحظها وحظ من هو منها بنكاح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ بأبي هو وأمي _ ولا يجوز أن يقبلا ذلك
وإن لم يشهداه إلا بخبر ثقة فيه فيكافئ خبر هذين وخبر من رويت عنه في المكان
منها وإن كان أفضل منهما فهما ثقة وخبر اثنين أكثر من خبر واحد ويزيدونك معهما
ثالثا سعيد بن المسيب.
وتنفرد عليك رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله.
قال الشافعي:
351

وقلت له: أو ما أعطيتنا أن الخبرين لو كانا.
نظرنا فيما فعل أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعده فنتبع أيهما كان فعلهم أشبه وأولى
الخبرين أن يكون محفوظا فنقبله ونترك الذي خالفه؟
قال: بلى. قلت: فعمر وزيد بن ثابت يردان نكاح المحرم.
ويقول ابن عمر:
لا ينكح المحرم ولا ينكح.
ولا أعلم من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لهم مخالفا.
وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الحج وذكرنا فيه رواية ميمونة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نكحها وهما حلالان.
((904 - [باب]
العيب في المنكوحة))
4250 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب:
أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها وذلك
لزوجها غرم على وليها.
4251 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قال: أربع لا تجوز في بيع ولا
نكاح إلا أن يسمى فإن سمي جاز: الجنون والجزام والبرص والقرن.
قال أحمد:
352

ورواه سعيد بن منصور عن سفيان إلا أنه [قال]: إلا أن يمس فإن مس فقد
جاز.
4252 - أخبرناه أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه حدثنا
أحمد بن نجدة حدثنا سعيد حدثنا سفيان فذكره.
4253 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا
يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا روح بن القاسم وشعبة عن
عمرو بن دينار عن جابر بن زيد وهو أبو الشعثاء عن ابن عباس أنه قال: أربع لا تجوز
في بيع ولا نكاح: المجنونة والمجزومة والبرصاء والعضلاء.
وكذلك رواه مالك بن يحيى عن عبد الوهاب.
وروينا عن جميل بن زيد عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تزوج امرأة من بني غفار
فلما أدخلت عليه رأى بكشحها وضحا فردها إلى أهلها وقال:
' دلستم علي '.
4254 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن علي في رجل تزوج امرأة بها جنون أو
جذام أو برص قال:
إذا لم يدخل بها فرق بينهما وإن كان دخل بها فهي امرأته إن شاء طلق وإن شاء
أمسك.
قال الشافعي:
/ وهم يقولون هي امرأته على كل حال إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
قال أحمد:
353

ورواه غيره عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن علي.
قال الشافعي:
الجذام والبرص فيما يزعم أهل العلم بالطب والتجارب يعدي الزوج كثيرا وهو
داء مانع للجماع ولا تكاد نفس أحد أن تطيب بأن يجامع من هو به.
ولا نفس امرأة أن يجامعها من هو به.
فأما الولد فبين _ والله أعلم _ أنه إذا ولده أجذم أو أبرص أو [جذ] ماء أو
برصاء قلما يسلم فإن سلم أدرك نسله ونسأل الله العافية.
فأما الجنون والخبل [فتطرح الحدود عن المجنون والمخبول منهما] فلا
يكون فيه تأدية حق وبسط الكلام فيه.
قال أحمد:
ثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا عدوى '.
وإنما أراد به على الوجه الذي كانوا يعتقدون في الجاهلية من إضافة الفعل إلى
غير الله عز وجل.
وقد يجعل الله تعالى بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب
سببا لحدوث ذلك به.
ولهذا قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
354

' لا يورد ممرض على مصح '.
وقال في الطاعون:
' من سمع به بأرض فلا يقدمن عليه '.
وغير ذلك مما في معناه.
وكل ذلك بتقدير الله عز وجل.
قال ابن المنذر: وروي عن عمر أنه قال لخصي تزوج:
أكنت أعلمتها؟ قال: لا. قال:
أعلمها ثم خيرها.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال:
لا ينكح الخصي المرأة المسلمة.
قال: ولا يثبت ذلك عنهما.
قال الشافعي في الإملاء.
وإذا تزوجت المرأة خصيا فلها الخيار.
وقاله أيضا في القديم.
وروينا عن سليمان بن يسار أن ابن سندر تزوج امرأة وكان خصيا ولم تعلم
فنزعها منه عمر بن الخطاب. وهذا منقطع.
4255 - أنبأنيه أبو عبد الله إجازة عن أبي الوليد حدثنا موسى بن العباس حدثنا
يونس بن عبد الأعلى / حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله
عن سليمان بن يسار. فذكره.
355

((905 - [باب]
رجوع المغرور بالمهر))
قال الشافعي في القديم:
قضى عمر، وعلي، وابن عباس في المغرور يرجع بالمهر على من غره.
أما حديث عمر فقد مضى من تزوج بامرأة وبها جنون أو جذام أو برص.
وأما حديث علي:
4256 - فأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن يحيى بن عباد عن حماد بن سلمة عن بديل بن ميسرة عن أبي الوضيء: أن أخوين تزوجا أختين فأهديت كل واحدة منهما إلى أخي زوجها فأصابها.
فقضى علي على كل واحد منهما بصداق وجعله يرجع به على الذي غره.
4257 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك أنه بلغه:
أن عمرا وعثمان قضى أحدهما في امرأة غرت بنفسها رجلا فذكرت أنها حرة
فولدت أولادا فقضى أن يفدى ولده بمثلهم.
قال مالك: وذلك يرجع إلى القيمة لأن العبد لا يؤتى بمثله ولا نحوه فلذلك
قال:
يرجع إلى القيمة.
ورجع الشافعي عن قوله القديم.
4258 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
وإنما تركت ان ترده بالمهر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
356

' أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن أصابها فلها الصداق بما
استحل من فرجها '.
فإذا جعل الصداق لها بالمسيس في النكاح الفاسد بكل حال ولم يرده به عليها
وهي التي غرته لا غيرها.
كان في النكاح الصحيح الذي للزوج فيه الخيار أولى أن يكون للمرأة.
وإذا كان للمرأة لم يجز أن تكون هي الآخذة له ويغرمه وليها.
قال: وقضى عمر بن الخطاب في التي نكحت في عدتها إن أصيبت فلها
المهر.
قال أحمد:
قد كان يقول / هو في بيت المال. ثم رجع عن ذلك وجعله لها بما استحل من
فرجها.
((906 - [باب]
الأمة تعتق وزوجها عبد))
4259 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها
قالت:
كانت في بريدة ثلاث سنن وكانت في إحدى السنن أنها أعتقت فخيرت في
زوجها.
قال أحمد:
357

ورواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت:
وخيرها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من زوجها وكان عبدا.
4260 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الطوسي حدثنا
محمد بن أحمد بن النضر حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة بن قدامة عن سماك
فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث زائدة.
ورواه أسامة بن زيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت:
وكانت تحت عبد فلما عتقت قال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن شئت تقرين تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه '.
ورواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان زوجها عبدا فخيرها رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فاختارت نفسها.
ولو كان حرا لم يخيرها.
4261 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث وأبو عبد الرحمن السلمي قالا: حدثنا
علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر أحمد بن نصر بن سندويه البندار حدثنا
يوسف بن موسى حدثنا جرير بن عبد الحميد.
4262 - (ح) وأخبرنا أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو الشيخ الأصفهاني أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خثيمة حدثنا جرير عن هشام فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي خثيمة.
وروينا في حديث محمد بن إسحاق عن أبي جعفر وعن أبان بن صالح عن
358

مجاهد وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد
لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقال لها:
' إن قربك فلا خيار لك '.
4263 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق
فذكره.
قال أحمد:
وقد رواه الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة وفيه:
أن زوج بريرة كان حرا.
ورواه أبو عوانة وجرير عن منصور فميزه من الحديث وجعله من قول الأسود.
قال البخاري:
قول الأسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدا أصح.
4264 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
خالفنا بعض الناس في خيار الأمة فقال:
تخير تحت الحر كما تخير تحت العبد.
وقالوا: روينا عن عائشة أن زوج بريرة كان حرا.
قال الشافعي:
قلت له: رواه عروة والقاسم عن عائشة أن زوج بريرة كان عبدا وهما أعلم
بحديث عائشة ممن رويت هذا عنه.
359

قال: فهل تروون عن غير عائشة أنه كان عبدا؟ فقلت: هي المعتقة وهي أعلم
به من غيرها.
وقد روي من وجهين قد ثبت أنت ما هو أضعف منهما ونحن إنما نثبت ما هو
أقوى منهما.
قال: فاذكرهما. فذكر ما:
4265 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة عن ابن عباس
أنه ذكر عنده زوج بريرة فقال:
كان مغيث عبد لبني فلان كأني انظر إليه يتبعها في الطريق وهو يبكي.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث وهيب عن أيوب.
وذكر ما:
4266 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي.
4267 - قال وأخبرنا القاسم بن / عبد الله بن عمر بن حفص عن عبد الله بن
دينار عن عبد الله بن عمر:
أن زوج بريرة كان عبدا.
قال أحمد:
وإنما قال الشافعي بهاتين الروايتين ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منها لأن
الحفاظ اختلفوا في عكرمة مولى ابن عباس.
منهم من لم يحتج بحديثه وذهب أكثرهم إلى الاحتجاج به إذا كان الراوي عنه
ثقة.
360

وقد احتج به محمد بن إسماعيل البخاري وأخرج هذا الحديث الذي رواه عن
ابن عباس في الصحيح.
وأما القاسم بن عبد الله العمري: فإنه كان ضعيفا عند أهل العلم بالحديث.
فلم ير الشافعي الاحتجاج بما رواه.
وقد روي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه عن نافع عن ابن عمر
قال:
كان زوج بريرة عبدا.
والمشهور عن ابن أبي ليلى عن عطاء قال:
كان زوج بريرة عبدا.
وعن نافع عن ابن عمر قال:
لا تخير إذا أعتقت إلا أن يكون زوجها عبدا.
وصحيح عن عبد الله بن عمر عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة
كان عبدا.
4268 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
العباس بن محمد بن حاتم حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي حدثنا عبد الله بن
عبد الرحمن بن موهب عن القاسم عن عائشة: أنها أرادت أن تعتق مملوكين زوج
فسألت النبي [صلى الله عليه وسلم] فأمرها أن تبدأ بالرجل قبل المرأة.
تابعه حماد بن مسعدة عن ابن موهب.
ويشبه أن يكون إنما أمرها بذلك ليكون عتقها وهو حر فلا يكون لها الخيار والله
أعلم.
361

4269 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول في الأمة تحت العبد
فتعتق.
أن لها الخيار ما لم يمسها فإن مسها فلا خيار لها.
4270 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن / ابن شهاب عن
عروة بن الزبير أن مولاة لبني عدي بن كعب يقال [لها] زبراء أخبرته أنها كانت
تحت عبد وهي أمة يومئذ.
وقال غيره: وهي أمة نوبية فعتقت.
قالت: فأرسلت إلي حفصة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] فدعتني فقالت:
إني مخبرتك خبرا ولا أحب أن تصنعي شيئا.
إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك.
قالت: ففارقته ثلاثا.
4271 - أخبرنا أبو سعيد _ في أمالي النكاح _ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
قال قال الشافعي:
ولا أعلم من توقيت الخيار شيئا يتبع إلا قول حفصة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]: ما لم
يمسها.
وفي تركها إياه أن يمسها كالدلالة على ترك الخيار.
قال الشافعي في القديم:
فإن أصابها فاعتذرت بالجهالة ففيها قولان:
أحدهما تحلف ويكون لها الخيار وهو أحب إلينا.
قال الشافعي:
362

أخبرنا إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن أنه قال في الأمة تعتق فيغشاها
زوجها قبل أن تخير قال:
تستخلف أنها لم تعلم أن لها الخيار ثم تخير.
قال الشافعي:
والقول الآخر لا خيار لها.
قال أحمد:
في الموطأ عن مالك عن نافع عن ابن عمر في الحديث الذي رواه الشافعي:
فإن مسها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم ولا تصدق بما ادعت من
الجهالة ولا خيار لها بعد أن يمسها.
4272 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
وأعاد الشافعي رحمه الله ها هنا الاحتجاج بخبر بريرة في أن بيع الأمة لا يكون
طلاقا.
وبسط الكلام فيه.
4273 - وأخبرنا أبو سعيد _ فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله _
حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن مغيرة عن إبراهيم عن
عبد الله قال:
بيع / الأمة طلاقها.
قال الشافعي:
وهم يثبتون مرسل إبراهيم عن عبد الله ويروون عنه أنه قال إذا قلت قال عبد
الله فقد حدثني غير واحد من أصحابه؛ وهم لا يقولون بقول عبد الله ويقولون: لا
يكون بيع الأمة طلاقها.
363

وهكذا نقول ونحتج بحديث بريرة أن عائشة اشترتها ولها زوج ثم أعتقتها فجعل
لها النبي [صلى الله عليه وسلم] الخيار.
ولو كان بيدها طلاقها لم يكن للخيار معنى وكانت قد بانت من زوجها بالشرى.
قال: وروينا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف: أنهما لم يريا بيع الأمة
طلاقها.
وذكر حديث سفيان عن الزهري عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف اشترى
من عاصم بن عدي جارية فأخبرته أن لها زوجا فردها.
((907 - [باب]
أجل العنين))
4274 - كتب إلي أبو نعيم بن الحسن المهرجاني أن أبا عوانة أخبرهم حدثنا
المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب
عن عمر رضي الله عنه: أنه أجل العنين سنة.
ورواه الحسن بن محمد الزعفراني عن الشافعي في القديم عن سفيان. بإسناده
هذا عن عمر قال:
يؤجل العنين سنة فإن جامع وإلا فرق بينهما.
وروينا عن عمر وعبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة.
وفيما روي عن المغيرة أنه أجله سنة من يوم رافعته.
وذكر الشافعي في سنن حرملة احتجاج من احتج في ترك التأجيل بحديث
رفاعة.
وأجاب عنه بأنها لو كانت أخبرته أنه لا يقدر عليها لم يكن ليذوق عسيلتها
وتذوق عسيلته معنى إنما يذوق العسيلة من قدر على الإصابة ولكنها نفرت منه لصغر
ذلك منه أو لضعفه وأرادت فراقه.
364

وذكر احتجاجه بحديث علي.
وأجاب / عنه بأنه إنما يروي أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ: أن امرأة جاءت
ومعها شيخ يجنح إلى علي فقالت: هل لك إلى امرأة لا أيم ولا ذات زوج؟
فعرف ما تريد فقال له علي: ما تقول هذه؟
قال: هل تنقم في مطعم أو ملبس؟ فقالت: لا.
فقال: هل عندك شيء؟ قال: لا.
قال: ولا من الشجر؟ قال: لا. فأمرها أن تصبر.
قال الشافعي:
وهذا الحديث لو كان يثبت عن علي لم يكن فيه خلاف لعمر لأنه قد يكون
أصابها ثم بلغ هذا السن فصار لا يصيبها.
ونحن لا نؤجل الرجل إذا أصاب امرأته مرة واحدة. ثم ساق الكلام إلى أن
قال:
مع أنه يعلم أن هانئ بن هانئ لا يعرف وأن هذا الحديث عند أهل العلم
بالحديث مما لا يثبتونه وهو عندهم ليس في معنى حديث لجهالتهم لهانئ بن
هانئ.
قال أحمد:
وروي عن علي نحو قول غيره من الصحابة بإسناد غير قوي.
((908 - [باب]
العزل))
4275 - أخبرنا سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
روي عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود في العزل
365

قال: هو الواد الخفي.
قال وعن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي أنه: كره
العزل.
قال الشافعي:
وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بالعزل بأسا.
أورده فيما خالف العراقيون عليا وعبد الله.
قال الشافعي:
ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا به
بأسا.
قال أحمد:
روينا الرخصة فيه من الصحابة عن سعد بن أبي وقاص وأبي أيوب الأنصاري
وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم.
وروي عن علي وعبد الله في رواية أخرى عنهما أنهما رخصا في ذلك.
وروي عن ابن عباس وابن عمر في استئمار الحرة / في العزل دون الأمة.
وهو قول عطاء وإبراهيم.
وروي فيه حديث مرفوع وهو ضعيف.
وحكاه صاحب التقريب عن الشافعي رحمه الله.
4276 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ويروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه سأل عن ذلك فلم يذكر فيه نهي. ثم ذكر حديث
سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال:
كنا نعزل ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين أظهرنا والقرآن ينزل.
366

4277 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن
موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو. فذكره بمثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
والذي روي عن عائشة عن جذامة بنت وهب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في العزل: أنه الوأد
الخفي.
* (وإذا الموءودة سئلت) *. قد عورض بحديث أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل
عن العزل قالوا:
إن اليهود تزعم أن العزل هي الموءودة الصغرى. قال:
' كذبت يهود '.
زاد فيه أبو سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه '.
وروينا عن مجاهد قال:
سألنا ابن عباس عن العزل فقال:
اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني فأخبروني. فسألوا فأخبروه.
فتلا هذه الآية:
* (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) *.
حتى فرغ من الآية.
ثم قال: كيف تكون من الموءودة حتى تمر على هذا الخلق؟
367

ويشبه أن يكون حديث جذامة على طريق التنزيه.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل عن العزل فقال:
' لا عليكم أن لا تفعلوا فإنه ليس من نسمة يقضي أن تكون إلا وهي
كائنة '.
4278 - أخبرنا أبو بكر بن فورك حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب
حدثنا أبو داود حدثنا إبراهيم بن سعد فذكره بنحوه.
غير أنه قال:
' لا عليكم أن لا تفعلوا فإنما هو القدر '.
368

((24 - كتاب الصداق))
((909 - [باب]
القصد في الصداق))
4279 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا
الربيع بن سليمان قال قال الشافعي:
القصد في الصداق أحب إلينا وأستحب أن لا يزاد على ما أصدق رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
نساءه وبناته وذلك خمسمائة درهم طلب البركة في موافقة كل أمر فعله رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
4280 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد
الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة قال سألت عائشة:
كم كان صداق النبي [صلى الله عليه وسلم]؟
قالت: كان صداقه لأزواجه اثني عشر أوقية ونش.
قالت: أتدري ما النش؟
قلت: لا. قالت: نصف أوقية.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمير عن عبد العزيز.
369

((910 - [باب]
ما يجوز أن يكون مهرا))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ودل قول الله عز وجل:
* (وآتيتم إحداهن قنطارا) *.
على أن لا وقت في الصداق كثر أو قل لتركه النهي عن القنطار وهو كثير وتركه
حد القليل ودلت عليه السنة.
4281 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن حميد الطويل عن أنس: / أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
لما قدم المدينة أسهم الناس المنازل فطار سهم عبد الرحمن بن عوف على سعد بن
الربيع فقال له سعد:
تعال حتى أقاسمك مالي وأنزل لك عن أي امرأتي شئت وأكفيك العمل.
فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق.
فخرج إليه فأصاب شيئا فخطب امرأة فتزوجها فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' على كم تزوجتها يا عبد الرحمن '؟
قال: على نواة من ذهب. فقال:
' أولم ولو بشاة '.
4282 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني حميد الطويل
عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وبه أثر صفرة فسأله
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
370

' كم سقت إليها '؟
قال: زنة نواة من ذهب.
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أولم ولو بشاة '.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وسفيان وغيرهما وأخرجه مسلم
من أوجه أخر عن حميد.
قال أبو عبيد: قوله نواة من ذهب يعني: خمسة دراهم قال: وخمسة دراهم
تسمى نواة ذهب.
كما تسمى الأربعون أوقية. والعشرون نشا.
قال أبو عبيد: حديثه يعني يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن مجاهد
قال:
الأوقية: أربعون. والنش: عشرون. والنواة: خمس دراهم.
4283 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكارزي حدثنا
علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد.
قال أحمد:
وقد روي في حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس في قصة عبد الرحمن بن
عوف قال:
تزوج على وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم.
4284 - / أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن امرأة
371

أتت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالت:
يا رسول الله إني قد وهبت نفسي إليك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال يا
رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هل عندك شيء تصدقها إياه '؟.
فقال: ما عندي إلا إزاري هذا.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا '.
فقال: ما أجد شيئا. قال:
' التمس ولو خاتم من حديد '.
فالتمس فلم يجد شيئا.
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هل معك من القرآن شيء '؟.
قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قد زوجتكها بما معك من القرآن '.
قال الشافعي:
وخاتم الحديد لا يساوي قريبا من درهم ولكن له ثمن يتبايع به.
قال أحمد:
372

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من
أوجه عن أبي حازم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أدوا العلائق '.
فقالوا: وما العلائق؟ قال:
' ما تراضى به الأهلون '.
قال: وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من استحل بدرهم فقد استحل '.
قال: وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أجاز نكاحا على نعلين.
قال أحمد:
أما الحديث الأول:
فإنه يروى من حديث عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وقيل: عنه عن ابن عمر. وقيل: عنه عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
* (أنكحوا الأيامى) *.
قالوا: يا رسول الله ما العلائق؟ / قال:
' ما تراضى به الأهلون '.
وفي بعض الروايات:
' ولو قضيبا من إراك '.
373

وأسانيد هذا الحديث ضعيفة.
وأما الحديث الثاني:
فإنه يروي عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] وأما الحديث الثالث:
فإنه فيما رواه سفيان الثوري وغيره عن عاصم بن [عبيد الله عن] عبد
الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهذا الإسناد أمثل الثلاثة.
4285 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا
الزينبي أحمد بن عبد الله حدثنا شبابة بن سوار حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه.
أن رجلا تزوج امرأة على نعلين من بني فزارة.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أرضيت من نفسك ومالك بنعلين '.
قالت: نعم. قالت: فأجازه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال شعبة: ثم حدث به مرة أخرى فقال:
' أرضيت من نفسك ومالك بنعلين '.
قالت: إني رأيت ذلك. قال:
' وأنا أرى ذلك '.
4286 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا
الأسفاطي حدثنا ابن كثير حدثنا سفيان بن سعيد عن عاصم بن عبيد الله عن عبد
374

الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال:
جاء رجل من بني فزارة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال إني تزوجت امرأة على نعلين فأجاز
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكاحه.
4287 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
العباس بن محمد الدوري حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا صالح بن رومان عن
أبي الزبير عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لو أن رجلا تزوج امرأة على ملء كف من طعام لكان ذلك صداقا '.
4288 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا إسحاق بن جبريل البغدادي أخبرنا يزيد أخبرنا موسى بن مسلم بن رومان عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل '.
قال أحمد:
ورواه ابن جريج _ وهو أحفظ _ عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله
يقول:
كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
4289 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق عن عبد الله بن
محمد حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج _ فذكره.
رواه مسلم عن محمد بن رافع وهذا وإن كان في نكاح المتعة ونكاح المتعة
صار منسوخا فإنما نسخ منه شرط الأجل.
375

فأما ما تجعلونه صداقا فإنه لم يرد فيه النسخ. والله أعلم.
4290 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال:
في ثلاث قبضات زبيب مهر.
4291 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن
يزيد بن عبد الله بن قسيط قال:
بشر رجل بجارية فقال رجل هبها لي.
فذكر ذلك لسعيد بن المسيب فقال:
لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] ولو أصدقها سوطا فما فوقه جاز.
وقال في موضع آخر:
ولو أصدقها سوطا حلت له.
4292 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال سألت ربيعة عما
يجوز من النكاح فقال: درهم.
قلت: فأقل؟ قال: ونصف. قلت: فأقل؟ قال: نعم وحبة حنطة أو قبضة
حنطة.
4293 - وبهذا الإسناد في موضع آخر: أخبرنا ابن أبي يحيى قال:
سألت ربيعة: كم أقل الصداق؟
فقال: ما تراضى به الأهلون.
قلت: وإن كان درهما؟
قال: وإن كان نصف درهم.
376

قلت: وإن كان أقل؟
قال: ولو كان قبضة حنطة أو حبة حنطة.
4294 - وبإسناده قال قال الشافعي: وقد سألت الدراوردي: هل قال أحد
بالمدينة لا يكون صداق أقل من ربع دينار؟
/ فقال: لا والله ما علمنا أحدا قاله قبل مالك.
وقال الدراوردي: أخذه عن أبي حنيفة يعني في اعتبار ما تقطع فيه اليد.
قال الشافعي:
فقيل لبعض من تذهب مذهب أبي حنيفة إذا خالفتم ما روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ومن
بعده فإلى قول من ذهبتم؟
فروي عن علي فيه شيئا لا يثبت مثله لو لم يخالفه غيره:
أنه لا يكون مهرا أقل من عشرة دراهم.
قال أحمد:
هذا حديث رواه داود الأزدي عن الشعبي عن علي وقد أنكره حفاظ الحديث.
قال سفيان الثوري: ما زال هذا ينكر عليه.
وقال أحمد بن حنبل: لقن غياث بن إبراهيم داود الأزدي عن الشعبي عن علي
قال:
لا يكون مهرا أقل من عشرة دراهم.
فصار حديثا.
وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان حديث داود.
وروى الحسن بن دينار بإسناد آخر عن علي أنه قال:
377

لا مهر أقل من خمسة دراهم.
وهذا أيضا ضعيف.
والحسن بن دينار متروك.
وقد روي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قال:
الصداق ما تراضى به الزوجان.
قال أحمد:
وأنكر من حديث الأزدي هذا الحديث مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطأة عن
عطاء وعمرو بن دينار عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا تزوجوهن إلا الأولياء ولا مهر دون عشرة
دراهم '.
4295 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي حدثنا أحمد بن
عيسى السكين البلدي حدثنا زكريا بن الحكم الرسعني حدثنا أبو المغيرة حدثنا
مبشر بن عبيد فذكره.
ورواه بقية عن مبشر عن الحجاج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
4296 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان حدثنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام
حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم حدثنا بقية بن الوليد فذكره.
ورواه غيره عن بقية كالأول.
وهذا منكر.
حجاج: لا يحتج به ولم يأت به عن الحجاج / غير مبشر بن عبيد وقد أجمع
378

أهل العلم بالحديث على ترك حديثه.
قال الدارقطني فيما:
4297 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه: مبشر بن عبيد متروك الحديث
أحاديثه لا يتابع عليها.
وقال أبو أحمد بن عدي الحافظ فيما:
4298 - أخبرنا أبو سعيد الماليني عنه هذا الحديث مع اختلاف إسناده باطل لا
يرويه غير مبشر.
قال أبو أحمد:
حدثنا ابن حماد حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول:
مبشر بن عبيد أحاديثه أحاديث موضوعة كذب.
((911 - [باب]
التزويج على تعليم القرآن))
4299 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ويجوز أن تنكحه على أن يعمل لها عملا أو يعلمها قرآنا مسمى.
واحتج بحديث سهل بن سعد الساعدي وقد مضى في المسألة قبل هذه.
وفي حديث زائدة عن أبي حازم عن سهل بن سعد في تلك القصة قال:
' هل تقرأ القرآن شيئا '؟.
قال: نعم. قال:
' انطلق فقد زوجتكها بما تعلمها من القرآن '.
379

4300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد الحافظ أخبرنا عبد
الله بن محمد البغوي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن زائدة
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وفي حديث الحجاج بن
الحجاج عن عسل عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذه القصة قال:
' ما تحفظ من القرآن '؟
قال: سورة البقرة والتي تليها. قال:
' قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك '.
4301 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا أحمد بن
محمد بن عبيدة النيسابوري حدثنا أحمد بن حفص قال حدثني أبي حدثنا إبراهيم بن
طهمان عن الحجاج بن الحجاج فذكره.
وهذا يمنع من حمله على تزويجها منه على حرمة القرآن.
كما تزوجت أم سليم أبا طلحة على إسلامه / لأنه ليس في إسلامه منفعة تعود
عليها وفي تعليمها القرآن منفعة تعود إليها وهو عمل من أعمال البدن التي لها أجرة.
وروينا في الحديث الثابت عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس في قصة الرقية بأم
الكتاب قال: فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله عز وجل '.
4302 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو يحيى السمرقندي حدثنا
380

محمد بن نصر حدثنا عبيد الله القواريري حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا عبد الله بن
الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن سيدان عن يوسف وهو عام في جواز أخذ الأجرة
على كتاب الله تعالى بالتعليم وغيره.
وإذا جاز أخذ الأجرة عليه جاز أن يكون مهرا وحديث ابن عباس أصح من
حديث عبادة أنه علم ناسا من أهل الصفة الكتاب والسنة والقرآن فأهدى إليه رجل
منهم قوسا فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن كنت تحب أن تطوق بطوق من نار فاقبلها '.
لأنه مختلف فيه على عبادة بن نسي.
فقيل: عنه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت.
وقيل: عنه عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة.
وقيل: عن عطية بن قيس أن أبيا علم رجلا القرآن فأهدي له قوسا.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن أخذتها فخذ بها قوسا من نار '.
وظاهره متروك عندنا وعندهم.
فإن بقبول الهدية منه من غير شرط لا يستحق هذا الوعيد.
وروي فيه أيضا عن أبي الدرداء.
وحديث أبي الدرداء ليس له أصل.
كذا قال أهل العلم بالحديث. والله أعلم.
قال أحمد:
ويشبه إن كان شيء من هذا ثابتا أن يكون منسوخا بحديث ابن عباس.
381

وبما روي في معناه عن أبي سعيد الخدري.
ويستدل على ذلك بذهابة عامة أهل العلم على ترك ظاهره.
وبأن أبا سعيد وابن عباس / إنما حملا الحديث على أواخر عهد النبي [صلى الله عليه وسلم].
ويشبه أن يكون عبادة بن الصامت حمله في الابتداء. والله أعلم.
وذهب أبو سعيد الإصطخري في حكاية أبي سليمان الخطابي رحمه الله إلى
جواز أخذ الأجرة على ما لا يتعين الفرض فيه على معلمه ونفي جوازه على ما يتعين
فيه التعليم.
وعلى هذا نأول اختلاف الأخبار فيه.
وكان الحكم بن عيينة يقول لم أسمع أحدا كره أجر المعلم.
وكان ابن سيرين وعطاء وأبو قلابة لا يرون بتعليم الغلمان بالأجر بأسا.
وبه قال الحسن البصري.
ويذكر عن عمر بن الخطاب أنه رزقهم.
4303 - وأخبرنا أبو الحسن بن محمد بن أبي المعروف الفقيه حدثنا بشر بن
أحمد الأسفرائيني حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن خالد ببغداد حدثنا خلف بن
هشام حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه:
أن عمر رضي الله عنه كتب إلى بعض عماله: أن أعط الناس على تعليم
القرآن.
فكتب إليه إنك كتبت إلي أن أعط الناس على تعليم القرآن فتعلمه من ليس فيه
رغبة إلا رغبة في الجعل.
فكتب إليه أن أعطهم على المروءة والصحابة.
وروينا عن ابن عباس: أنه لم يكن لأناس من أسارى بدر فداء فجعل رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.
382

الجزء الثامن والعشرون
(912 - [باب]
التفويض))
4304 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
التفويض الذي إذا عقد الزوج النكاح به عرف أنه تفويض في النكاح أن يتزوج
الرجل المرأة الثيب المالكة لأمرها برضاها ولا يسمى مهرا أو يقول لها: أتزوجك
بغير مهر.
فالنكاح في هذا ثابت فإن أصابها فلها مهر مثلها. وإن لم يصبها حتى طلقها
فلها المتعة ولا نصف مهر لها.
واحتج في الإملاء بقول الله عز وجل:
* (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن) *.
383

فدل كتاب الله على ثبوت النكاح لأن الطلاق لا يقع إلا على زوجة.
ودل على أن لا صداق ولا نصف لها ولها المتعة.
ولا يجيزا مثلهما على شيء معلوم إلا أقل ما يقع عليه اسم المتعة.
وأحب ذلك إلي أن يكون أقله ما تجزى فيه الصلاة.
وقال في القديم:
ولا أعرف في المتعة وقتا إلا أني أستحسن ثلاثين درهما لما روي عن ابن
عمر.
وفي موضع آخر من القديم:
وأستحسن ثياب ثلاث يقدر ثلاثين درهما.
وما رأي الوالي مما أشبه هذا بقدر الزوجين.
4305 - أخبرنا أبو بكر الفارسي أخبرنا أبو بكر الأصفهاني حدثنا محمد بن
سليمان حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني أحمد عن ابن وهب سمع أيوب بن
سعد عن موسى بن عقبة عن نافع: أن رجلا أتى ابن عمر فذكر أنه فارق امرأته.
فقال:
أعطها أو أكسها كذا فحسبنا ذلك فإذا نحو من ثلاثين درهما.
قلت لنافع: كيف كان هذا الرجل؟
قال: كان متسددا.
وروينا عن عبد الرحمن بن عوف أنه متع بجارية سوداء.
وعن الحسن بن علي أنه متع بعشرة آلاف درهم.
وعن ابن عباس على قدر يسره وعسره فإن كان موسرا متعها بخادم أو نحو ذلك
وإن كان معسرا فثلاثة أثواب أو نحو ذلك.
384

((913 - [باب]
أحد الزوجين يموت قبل الفرض والمسيس))
4306 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي قال:
قد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] _ بأبي هو وأمي _ أنه قضى في بروع بنت واشق
أنكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث.
فإن كان يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون
النبي [صلى الله عليه وسلم] وإن كثروا. ولا في قياس ولا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم
له.
وإن كان لا يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت.
ولم أحفظه بعد من وجه يثبت مثله.
هو مرة يقال عن معقل بن يسار. ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض
أشجع لا يسمى [وإن لم يثبت] فإذا مات أو ماتت فلا مهر لها ولا متعة.
4307 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر، وابن
البختري الرزاز حدثنا أحمد بن الوليد الفحام ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا:
حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة
قال:
أتى عبد الله في امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها
فترددوا إليه ولم يزالوا به حتى قال إني سأقول برأيي:
385

لها صداق نسائها لا وكس وشطط وعليها العدة ولها الميراث.
فقام معقل بن سنان فشهد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى في بروع بنت واشق
الأشجعية بمثل ما قضيت. ففرح عبد الله.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون
وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان الثوري.
وبمعناه رواه جماعة عن سفيان الثوري.
وقال بعضهم فيه معقل بن يسار. وهو وهم.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن خراش عن الشعبي عن مسروق
عن عبد الله وقال: معقل بن سنان.
ورواه داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة بن قيس عن عبد الله وقال في
الحديث: وذلك يسمع ناس من أشجع فقاموا فقالوا: نشهد.
ورواه عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود وقال فيه:
فقام رهط من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا: نشهد.
وهذا الاختلاف في تسمية من روى قصة بروع بنت واشق عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لا
يوهن فإن أسانيد هذه الروايات صحيحة.
وفي / بعضها أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك فبعضهم سمى هذا وبعضهم
386

سمى آخر وكلهم ثقة ولولا ثقة من رواه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما كان عبد الله يفرح بروايته.
والله أعلم.
((914 - [باب]
من قال: لا صداق لها))
4308 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها ابنة
زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها
صداقا فابتغت أمها صداقها. فقال ابن عمر:
ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها.
فأبت أن تقبل ذلك.
فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث.
4309 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
سفيان عن عطاء بن السائب قال:
سألت عبد خير عن رجل فوض إليه فمات ولم يفرض فقال: ليس لها إلا
الميراث.
ولا نشك أنه قول: علي.
قال سفيان: لا أدري لا نشك أنه قول علي: قول عطاء أم عبد خير.
هكذا رواه في كتاب الصداق عن سفيان بالشك.
قال أحمد:
وقد رواه سفيان الثوري وخالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن عبد خير
387

عن علي من غير شك.
ورواه الثوري أيضا عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت
وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن
يدخل بها ولم يكن فرض لها.
قالوا: لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها.
((915 - [باب]
إذا مات وقد فرض لها صداقا))
4310 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال
أخبرني عبد المجيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت ابن عباس سئل
عن المرأة يموت عنها زوجها وقد فرض لها صداقا قال: لها الصداق والميراث.
((916 - [باب]
عفو الأب بعد وجوب الصداق باطل))
4311 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن رجلا زوج ابنته على أربعة آلاف فترك
لزوجها ألفا فجاءت المرأة وزوجها وأبوها يختصمون ثلاثتهم إلى شريح.
فقال شريح: تجوز صدقتك ومعروفك وهي أحق بثمن رقبتها.
قال الشافعي:
قول شريح: تجوز صدقتك ومعروفك قد أحسنت فإحسانك حسن ولكنك
أحسنت فيما لا يجوز لك فهي أحق بثمن رقبتها. يعني: صداقها.
((917 - [باب]
إذا تزوج رجل بامرأة على حكمها))
4312 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
388

عبد الوهاب عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين أن الأشعث بن قيس
صحب رجلا فرأى امرأته فأعجبته فتوفي في الطريق فخطبها الأشعث بن قيس فأبت أن تتزوجه إلا على حكمها فتزوجها على حكمها ثم طلقها قبل أن تحكم فقال:
أحكمي.
فقالت: أحكم فلانا وفلانا رقيقا كانوا لأبيه من تلاده. فقال: أحكمي غير هؤلاء
فأبت فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين عجزت ثلاث مرات فقال ما هن؟ قال: عشقت
امرأة.
قال: هذا ما لم تملك.
قال: ثم تزوجتها على حكمها ثم طلقتها قبل أن تحكم.
فقال عمر: امرأة من المسلمين.
قال الشافعي:
يعني عمر لها مهر امرأة من المسلمين.
ويعني من نسائها.
والله أعلم.
((918 - [باب]
الشرط في المهر))
4313 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
/ وإذا زوج الرجل ابنته على أن صداقها مائة وأن لأبيها مائة فانعقد النكاح على
هذا فإن كان الصداق والحباء صداق مثلها أو أكثر فهو لها من قبل أنه ملك بعقدتها وما
ملك بعقدتها كما ملك بما لها.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
فإن كان الحباء بعد العقد فالحباء لمن حبي له ليس للمرأة منه شيء.
هذا قوله في الإملاء.
389

وبمعناه أجاب في القديم.
ومن قال بهذا احتج بما:
4314 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا
محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: قال
عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أيما امرأة أنكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح هو لها وما
كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أمرم عليه الرجل ابنته وأخته '.
4315 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا محمد بن معمر حدثنا محمد بن بكر البرساني أخبرنا ابن جريج عن عمرو عن
أبيه عن جده. فذكره.
غير أن في حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج أنه قال:
قال عمرو بن شعيب. وذلك يوهم أن يكون ابن جريج لم يسمعه من عمرو.
وروينا من حديث الحجاج بن أرطأة عن عمرو عن عروة عن عائشة مرفوعا.
غير أن الحجاج غير محتج به والله أعلم.
وقد قال الشافعي في كتاب الصداق: الصداق فاسد ولها مهر مثلها.
((919 - [باب]
الشرط في النكاح))
4316 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
فإن قال قائل: فلما لا تجيز عليه ما شرط لها وعليها ما شرطت له؟
قيل: رددت شرطهما إذ أبطلا به ما جعل الله تعالى / لكل واحد ثم ما جعل
النبي [صلى الله عليه وسلم].
390

وبأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في
كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن
أعتق '.
فأبطل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كل شرط ليس في كتاب الله جل ثناؤه إذا كان في كتاب
الله أو سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلافه.
فإن قال قائل: ما الشرط للرجل على المرأة والمرأة على الرجل مما إبطاله
بالشرط خلاف لكتاب الله أو لسنة أو لأمر أجمع الناس عليه؟
قيل له إن شاء الله: أحل الله للرجل أن ينكح أربعا وما ملكت يمينه فإذا شرطت
عليه أن لا ينكح ولا يتسرى حظرت عليه ما وسع الله عليه.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يحل للمرأة أن تصوم يوما تطوعا زوجها شاهد إلا بإذنه '.
فجعل له منعها ما يقربها إلى الله إذ لم يكن فرضا عليها لعظم حقه عليها
وأوجب الله له الفضيلة عليها.
ولم يختلف أحد علمته في أن له أن يخرجها من بلد إلى بلد ويمنعها من
الخروج فإذا شرطت عليه أن لا يمنعها من الخروج وأن لا يخرجها شرطت عليه إبطال
ماله عليها.
ودل كتاب الله على أن على الرجل أن يعول امرأته ودلت عليه السنة فإذا
391

شرط عليها أن لا ينفق عليها أبطل ما جعل الله لها.
وأمر بعشرتها بالمعروف ولم يبح له ضربها [إلا] بحال فإذا شرط عليها أن له
أن يعاشرها كيف شاء وأن لا شيء عليه فيما نال منها فقد شرط أن له أن يأتي [منها]
ما ليس له.
فبهذا أبطلنا هذه الشروط وما في معناها وجعلنا لها مهر مثلها.
فإن قال قائل: فقد يروى عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج '.
فهكذا تقول وفي سنة النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه إنما يوفى من الشروط لما يبين أنه
جائز ولم تدل سنة [رسول الله [صلى الله عليه وسلم]] أنه غير جائز.
وقد يروى عنه [عليه الصلاة والسلام] ' المسلمون على شروطهم إلا شرط
أحل حراما أو حرم حلالا '.
ومفسر حديثه يدل على جملته.
قال أحمد:
الحديث الأول الذي احتج به الشافعي قد رواه في موضع آخر بإسناده عن
عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة بريرة.
392

والحديث الثاني قد مضى بإسناده في كتاب الصيام.
وأما الحديث الذي عورض به فهو فيما:
4317 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا
أبو عبد الله البوشنجي حدثنا ابن بكير حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي
الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج '.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد عن الليث.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد.
وأما الذي استشهد به مع ما قعده من حديث عائشة فهو فيما:
4318 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
محمد بن عبد الله بن غيلان حدثنا محمد بن يزيد الآدمي أبو جعفر حدثنا أبو معاوية
عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المسلمون عند شروطهم إلا شرط حرم حلالا أو أحل حراما '.
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة:
عن عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله.
ورواه سفيان بن [حمزة] عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المسلمون عند شروطهم فيما وافق الحق '.
393

4319 - وأخبرنا عبد الله بن يوسف الأصفهاني أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي
أخبرنا سعدان حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد
الله الأسدي عن علي قال:
شرط الله قبل شرطها.
وروينا عن عمر بن الخطاب في رجل تزوج امرأة وشرط أن لا يخرجها قال:
فوضع الشرط وقال: المرأة مع زوجها.
وروي عنه أنه قال:
لها دارها.
والرواية الأولى أشبه بالكتاب والسنة وقول غيره من أصحابه فهي أولى.
وبالرواية الأولى قال سعيد بن المسيب والشعبي والحسن وابن سيرين وجماعة
سواهم.
((920 - [باب]
عفو المهر))
4320 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا
الربيع بن سليمان قال قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما
فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح) *
قال الشافعي:
فجعل الله للمرأة فيما أوجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل للذي يلي
عقدة النكاح أن يعفو وذلك أن يتم لها الصداق [فيدفعه إن لم يكن دفعه كاملا ولا
394

يرجع بنصفه إن كان دفعه] وبين عندي في الآية أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج
وذلك أنه إنما يعفو من له ما يعفوه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وحض الله على العفو والفضل فقال:
* (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) *
قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال:
الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
4321 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
إبراهيم بن مسروق حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا جرير بن حازم حدثنا
عيسى بن عاصم عن شريح قال:
سألني علي رضي الله عنه عن الذي بيده عقدة النكاح؟
قال: قلت، وهو الولي. قال: لا بل هو الزوج.
4322 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد
الزاهد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك
وسعيد بن سالم عن عبد الله بن جعفر بن المسور عن واصل بن أبي سعيد عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه:
أنه تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها بالصداق تاما فقيل له في
ذلك فقال: أنا أولى بالعفو.
4323 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى في سياق الآية:
395

* (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) *
وأخبرنا أن جبير بن مطعم دخل على سعد يعوده فبشر سعد بجارية فعرضها
على جبير فقبلها فزوجه إياها فطلقها وأرسل إليه بالمهر تاما.
فقيل له: ما دعاك إلى هذا؟
فقال: عرض علي ابنته فكرهت أن أردها وكانت صبية فطلقتها.
قيل: فإنما عليك نصف المهر.
قال: فأين قول الله تعالى:
* (ولا تنسوا الفضل بينكم) *
فأنا أحق بالفضل.
قال الشافعي:
وقال ابن عباس: الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
قال أحمد:
الرواية فيه عن ابن عباس مختلفة.
فروى علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار.
وروى خصيف عن مجاهد كلاهما عن ابن عباس قال:
هو الزوج.
وفي رواية عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال:
هو الولي.
وفي رواية: هو أبوها.
وكذلك هو في رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هو أبو الجارية البكر.
396

4324 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين قال: الذي بيده
عقدة النكاح الزوج.
4325 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
الثقفي - يعني عبد الوهاب - عن أيوب عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال:
الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
رفعه إلى شريح في الإملاء ولم يرفعه إليه في كتاب الصداق وهو عن شريح
مشهور.
4326 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن
سعيد بن جبير أنه قال في الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
4327 - وأخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن ابن المسيب أنه قال:
هو الزوج.
ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب.
وبه قال: الشعبي ومجاهد ونافع بن جبير ومحمد بن كعب.
وقال: علقمة والحسن وإبراهيم:
هو الولي.
وروي ذلك أيضا عن: عطاء وطاوس وأبي الشعثاء.
وروي عن طاوس مثل الأول.
397

والقول الأول أصح. والله أعلم.
((921 - [باب]
الخلوة بالمرأة))
4328 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن
الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنها إذا أرخيت الستور فقد وجب
الصداق.
4329 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب:
أن زيد بن ثابت قال: إذا دخل رجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب
الصداق.
قال أحمد:
وروينا عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت في الرجل يخلو بامرأة فيقول: لم
أمسها. وتقول: قد مسني.
قال: القول قولها.
وكان الشافعي في القديم يقول:
القول قولها مع يمينها في الإصابة إذا ادعتها وجحدها من غير اعتبار الخلوة
ويوجبه بالخلوة من غير دعوى الإصابة.
وروينا عن الأحنف بن قيس أن عمر، وعليا قالا:
إذا أغلق بابا وأرخى سترا فلها الصداق كاملا وعليها العدة.
398

وروى عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما:
قال الشافعي فيما ألزم مالكا:
عمر يبين أنه يقضى بالمهر وإن لم يدع المسيس لقوله: ما ذنبهن إن جاء العجز
من قبلكم.
وكان الشافعي في القديم يقول بقول عمر ويقول:
عمر أعلم بكتاب الله.
وقد يجوز أن يكون إنما أراد الله بالتي طلقت قبل [أن] تمس التي لم يخل
بها وتخلى بينه وبين نفسها ثم قال في القديم:
ولو خالفنا في هذا مخالف كان قوله مذهبا.
ثم رجع في الحديث إلى أنه يجب المهر كاملا بالمسيس دون الإغلاق.
والقول في المسيس قول الزوج مع يمينه.
واعتمد في ذلك على ظاهر الكتاب.
4330 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاوس عن
ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها ليس لها إلا
نصف الصداق لأن الله تعالى يقول:
* (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) *
قال الشافعي:
وبهذا أقول وهو ظاهر الكتاب.
ورواه في موضع آخر عن ابن عباس وشريح.
399

ورويناه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وعن الشعبي عن شريح وعن الشعبي عن ابن مسعود.
4331 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازة أخبرنا أبو الوليد حدثنا محمد بن
أحمد بن زهير حدثنا عبد الله بن هاشم حدثنا وكيع عن الحسن بن صالح عن
خراش عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال:
لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها.
هذا إسناد صحيح غير أن الشعبي لم يدرك ابن مسعود فهو منقطع.
وليث بن أبي سليم راوي حديث ابن عباس غير محتج به ورواية علي بن أبي
طلحة عن ابن عباس تؤكده غير أن في روايته عن ابن عباس انقطاعا يقال إنها عن
صحيفة. والله أعلم.
وروي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
' من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق '.
وهذا منقطع.
وينفرد بأحد أسانيده عبد الله بن صالح.
وبالآخر عبد الله بن لهيعة وكلاهما غير محتج به.
والله أعلم.
وأما حديث زرارة بن أوفى قال:
قضاء الخلفاء الراشدين المهديين:
أنه من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجب الصداق والعدة.
400

فإنه منقطع وزرارة لم يدركهم وهو عن عمر، وعلي من الوجه الذي قدمنا ذكره
موصول.
والله أعلم.
((922 - [باب]
المتعة))
4332 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال:
لكل مطلقة متعة إلا التي فرض لها صداق ولم يدخل بها فحسبها نصف
المهر.
4333 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك فيما بلغه عن القاسم بن محمد مثله.
4334 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول:
لكل مطلقة متعة.
قال أحمد:
وروينا نحو قول ابن شهاب عن سعيد بن جبير وأبي العالية والحسن.
وقد فرع الشافعي على هذا القول.
((923 - [باب]
الوليمة))
4335 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
401

إتيان دعوة الوليمة حق.
والوليمة التي تعرف وليمة العرس.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها '.
وكان عبيد الله بن عمر ينزلها على العرس.
قال الشافعي:
وكل دعوة دعي إليها رجل قاسم الوليمة يقع عليها فلا أرخص لأحد في
تركها.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا وكان أو نحوه '.
قال الشافعي:
ولو تركها لم يبن لي أنه عاص في تركها كما يبين لي في وليمة العرس.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
لأني لم أعلم النبي [صلى الله عليه وسلم] ترك الوليمة على عرس.
402

ولم أعلمه أولم على غيره.
وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر عبد الرحمن بن عوف أن يولم ولو بشاة.
ولم أعلمه أمر بذلك - أظنه قال: - أحدا غيره حتى أولم النبي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على
صفية لأنه كان في سفر بسويق وتمر.
حديث عبد الرحمن قد مضى بإسناد الشافعي في كتاب الصداق.
وأما حديث صفية ففيما:
4336 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
حامد بن يحيى حدثنا سفيان حدثنا وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن
أنس بن مالك:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أولم على صفية بسويق وتمر.
وذكرنا في رواية عن ثابت عن أنس التمر والسويق والسمن.
وفي رواية أخرى عنه:
التمر والأقط والسمن.
وكذلك هو في رواية حميد عن أنس وكأنه كان فيها جميع ذلك.
وفي حديث ثابت عن أنس قال:
ما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أولم على أحد من نسائه ما أولم على
زينب بنت جحش أولم بشاة.
وفي حديث بيان عن أنس:
بنى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بامرأة فأرسلني فدعوت رجالا إلى الطعام.
قال الشافعي:
403

وإن كان المدعو صائما أجاب وبارك وانصرف ولم يحتم عليه أن يأكل وأحب
إلي لو فعل إن كان صومه غير واجب إلا أن يأذن له رب الوليمة.
قال أحمد:
روينا عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما
فليصل '.
يعني الدعاء.
وبهذا المعنى رواه ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وروينا عن أبي الزبير عن جابر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك '.
4337 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد [قالوا]: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن محمد بن سيرين أن أباه دعا
نفرا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فأتاه فيهم أبي بن كعب وأحسبه قال فبارك وانصرف.
4338 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول:
دعا أبي عبد الله بن عمر فأتاه فجلس ووضع الطعام فمد عبد الله بن عمر يده
وقال:
خذوا بسم الله وقبض عبد الله يده وقال إني صائم.
4339 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا
404

مسلم بن خالد عن ابن جريج - قال الشافعي لا أدري - عن عطاء أو غيره قال:
جاء رسول ابن صفوان إلى ابن عباس وهو يعالج زمزم يدعوه وأصحابه.
فأمرهم فقاموا واستعفاه وقال:
إن لم تعفني جئته.
قال الشافعي:
وإذا دعي إلى الوليمة وفيها المعصية [من المسكر أو الخمر أو ما أشبه ذلك
من المعاصي الظاهرة] نهاهم فإن نحوا ذلك عنه وإلا لم أحب له أن يجلس.
قال أحمد:
روينا في حديث عن عمر بن الخطاب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر '.
قال الشافعي:
وإن رأى صورا في الموضع الذي يدعي فيه ذوات أرواح لم يدخل إن كانت
منصوصة لا توطأ.
فإن كانت توطأ أو كانت صورا غير ذوات أرواح مثل صور الشجر فلا بأس أن
يدخلها.
قال أحمد:
روينا في الحديث الثابت عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' [أن] البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة '.
405

وقال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت:
قدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من سفر وقد سترت على بابها درنوكا فيه الخيل أولات
الأجنحة فأمرها فنزعته.
4340 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا الفريابي
حدثنا إسحاق بن موسى حدثنا أنس بن عياض.
فذكر بإسناده نحوه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث هشام.
وروينا في حديث القاسم بن محمد عن عائشة قالت:
فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين.
وفي رواية أخرى:
فنزعه فقطعه وسادتين وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرتفق عليهما.
وهو مخرج في الصحيح.
وقد أخرجناه في كتاب السنن.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ '.
4341 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني
406

هارون بن يوسف حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان وأخرجاه من حديث سعيد بن
أبي الحسن عن ابن عباس وفيه من الزيادة قال:
فربا لها الرجل ربوة شديدة - يعني الذي سأل ابن عباس - فقال ابن عباس:
ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بالشجر وما ليس فيه الروح.
4342 - وأخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا
أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي
هريرة:
أن جبريل جاء فسلم على النبي [صلى الله عليه وسلم] فعرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صوته فقال:
' ادخل '.
فقال: إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل فاقطعوا رؤوسها واجعلوه بسطا
ووسائد فأوطئوه فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل.
ورواه أيضا يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد وقال فيه: فمر برأس التمثال يقطع
فيصير كهيئة الشجرة.
قال الشافعي:
ولو كانت المنازل مستترة فلا بأس أن يدخلها وليس في التستر شيء أكرهه
أكثر من السرف.
قال أحمد:
قد روينا في حديث زيد بن خالد عن عائشة في قصة النمط الذي سترته على
الباب قالت:
407

فلما قدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ورأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى
هتكه وقال:
' إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين '.
قالت: فقطعنا منه وسادتين فلم يعب ذلك علي.
وروينا في حديث منقطع عن ابن عباس مرفوعا:
' لا تستروا الجدر بالثياب '.
وفي حديث منقطع عن علي بن الحسين عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه نهى أن تستر الجدر.
قال الشافعي:
وأحب للرجل إذا دعي الرجل إلى طعام أن يجيبه.
بلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لو أهدى إلي ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت '.
4343 - أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة أخبرنا أبو جعفر
بن دحيم حدثنا إبراهيم بن عبد الله أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي
هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الأعمش.
4344 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو سعيد
قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن
408

إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أتى أبا طلحة وجماعة معه فأكلوا عنده.
وكان ذلك في غير وليمة.
قوله: وكان ذلك من غير وليمة من قول الشافعي رحمه الله.
زاد أبو سعيد في رواية قال قال الشافعي:
ودعت امرأة سعد بن الربيع النبي [صلى الله عليه وسلم] ونفرا من أصحابه فأتاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
ومن دعت فأكلوا عندها.
قال الشافعي:
وإني لأحفظ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قد أجاب إلى غير دعوة في غير وليمة.
4345 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل
القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح
عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال:
دعت امرأة من الأنصار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى طعام صنعته له فذهبت معه فإذا هي
قد رشت تحت (.....) ودكت عناقا لها فجاءت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بخبز ولحم فأكل
وأكلنا معه ثم قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتوضأ ثم جاءت بخبز ولحم فأكل وأكلنا معه ثم صلى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] العصر ولم يتوضأ.
وهكذا رواه جماعة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر.
وهذه المرأة كانت امرأة سعد بن الربيع كما قال الشافعي فقد:
4346 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا
إسماعيل بن أبي إسحاق حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سعيد بن سلمة المدني حدثنا
محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله:
409

أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رأى عمرة امرأة سعد بن الربيع فدكت له ولأصحابه شاة فأكلوا ثم
قاموا إلى الصلاة ولم يتوضأ أحد منهم.
وبمعناه رواه أيضا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر.
4347 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
الحسن بن علي بن عفان حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود عن
رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب قال:
أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعرفت في وجهه الجوع فأتيت غلاما لي قصاب فأمرته أن
يجعل لنا طعاما لخمسة رجال ثم دعوت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجاء خامس خمسة وتبعهم
رجل فلما بلغ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الباب قال:
' إن هذا قد تبعنا فإن شئت أن تأذن له وإلا رجع '.
فأذن له.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن الأعمش.
((924 - [باب]
السنة في الأكل والشرب من كتاب حرملة))
قال الشافعي رحمه الله:
أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يأكل الرجل بشماله.
4348 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا
محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره بإسناده. مثله.
زاد: أو يمشي في نعل واحدة وأن يشتمل الصماء وأن يحتبي في ثوب واحد
كاشفا عن فرجه.
410

قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يأكل المسلم في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء '.
4349 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن سلمان أخبرنا
إسماعيل بن إسحاق حدثنا القعنبي عن مالك فذكره بإسناده نحوه.
ورواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كان أحب ا
الشراب إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الحلو البارد.
4350 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا
أحمد بن شيبان قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله غير أنه لم يقل: كان.
وكذلك رواه جماعة عن ابن عيينة.
ورواه ابن المبارك وعبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل أي
الشراب أطيب؟ قال:
' الحلو البارد '.
هكذا منقطعا وهو أصح.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان أخبرنا عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول
411

الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن ينفخ في الإناء أو يتنفس فيه.
4351 - حدثناه أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو نصر المروزي حدثنا محمود بن
أحمد حدثنا سفيان.
4352 - (ح) وأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سفيان بن عيينة بإسناده نحوه.
قال أحمد:
وأما الذي ثبت عن أنس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يتنفس في الإناء ثلاثا.
فهو أنه كان يشربه ثلاثة أنفاس وهو غير ما نهى عنه.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان أخبرنا عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر بدلو من ماء فنزع له فشرب وهو قائم.
4353 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن
موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بإسناده ومعناه أخرجاه في الصحيح.
وثبت عن علي رضي الله عنه أنه شرب قائما وقال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعل كما رأيتموني فعلت.
وأما الذي روي عن أنس بن مالك:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] زجر عن الشرب قائما.
412

والذي روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يشربن أحدكم قائما فمن شرب قائما فليستقيء فإنه يشبه أن يكون
منسوخا أو يكون على طريق التنزيه والتأديب.
وقد روينا عن علي أنه بلغه هذا الخبر فدعا بماء فشرب وهو قائم.
وهذا يدل على أنه عرف وروده على طريق التنزيه والتأديب أو علم فيه نسخا
والله أعلم.
وقد حمله القتيبي على شربه قائما وهو يسير غير مطمئن لأن لا يصيبه من شربه
أذى فأما إذا كان قائما لا يسير فلا بأس.
قلت: وروينا عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة وغيرهم أنهم لم يروا
بذلك بأسا.
قال الشافعي:
أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن
عبد الله عن أبي سعيد الخدري.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن اختناث الأسقية. أن يشرب من أفواهها.
4354 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة
حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن محمد بن إسماعيل. فذكره بإسناده مثله غير أنه
قال: إن تكسر فيشرب من أفواهها.
4355 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن
413

عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن اختناث
الأسقية.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب.
وروى إسماعيل المكي عن الزهري وزاد فيه:
لقد شرب رجل من فم سقاء فانساب في بطنه جان فنهى عن ذلك.
وإسماعيل ضعيف.
وروي من وجه آخر صحيح عن أيوب السختياني أنه قال: أنبئت أن رجلا شرب
من في السقاء فخرجت حية.
ورواه ربيعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس:
أن رجلا فعل ذلك بعد النهي فخرجت عليه منه حية.
وروى هشام بن عروة عن أبيه:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن ذلك وقال:
' إنه ينتنه '.
وفي رواية أخرى قال هشام:
' فإنه ينتنه ذلك '.
وقد قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان قال وحدثنا يزيد بن يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عمرة
عن جدة له يقال لها: كبشة.
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] دخل عليها فرأى عندها قربة معلقة فشرب من فيها وهو قائم
فقطعت فم القربة فكان عندها.
414

4356 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن
علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه مختصرا لم يذكر
القطع.
4357 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله
- رجل من الأنصار - عن أبيه: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] دعا بأداوة يوم أحد فقال:
' أخنث فم الأداوة ثم اشرب من فيها '.
قال أبو سليمان رحمه الله:
يحتمل أن يكون النهي جاء عن ذلك إذا شرب من السقاء الكبير دون الأداوة
ونحوها أن يكون أباحه للضرورة والحاجة إليه في الوقت.
وإنما النهي عنه أن يتخذه الإنسان عادة.
قال: وقد قيل إنما أمره بذلك لسعة فم السقاء يتصبب عليه الماء.
وقال في نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الشراب من تكمة القدح لأنه إذا شرب منها تصبب
الماء وسال قطره على وجهه.
لأن التكمة لا تتماسك عليها شفة الشارب كما يتماسك على الموضع
الصحيح.
قال أحمد:
والظاهر أن خبر النهي بعد هذا الحديث والمعنى فيه - والله أعلم - تنحية الأذى
عن الشارب عند شربه وعن غيره فيما أبقى فيه كما روينا في حديث إسماعيل المكي
ثم روينا عن هشام بن عروة. والله أعلم.
وفرق ابن خزيمة في الكراهية بين المعلق وغيره على ظاهر الخبر وأن هوام
[الأرض لا تصل إليه] ولا يخاف دخولها المعلق.
415

أخبرنا سفيان حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر عن أبيه قال:
دخلت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرأيت عنده الدبا فقلت ما هذا يا رسول الله؟ قال:
' نكثر به طعامنا '.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان أخبرنا زكريا ومسعر عن ابن الأقمر عن ابن جحيفة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: (.........).
4358 - أخبرناه أبو محمد المؤملي حدثنا أبو عثمان البصري حدثنا أبو أحمد
الفراء حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا مسعر فذكره.
ورواه البخاري في الصحيح عن ابن نعيم عن مسعر.
4359 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في
كلام ذكره: روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه أمر الآكل أن يأكل مما يليه ولا يأكل من رأس
الثريد.
ونهى أن يقرن الرجل إذا أكل بين التمرتين.
قال أحمد:
أما الحديث الأول:
4360 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن
منصور أخبرنا أبو جعفر أحمد بن الحسين الحذاء حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان
قال حدثنيه الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة قال:
كنت يتيما في حجر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أكلت فسم وكل مما يليك '.
416

قال فما زالت تلك طعمتي بعد.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الله.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
وأما الحديث الثاني ففيما:
4361 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
العباس - هو الدوري - حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن البركة [تنزل في] وسط القصعة فكلوا من نواحيها ولا تأكلوا من
رأسها '.
وأما الحديث الثالث ففيما:
4362 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسين بن الحسن بن أيوب
الطوسي حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرة حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا
سفيان الثوري حدثنا جبلة بن سحيم قال سمعت ابن عمر يقول:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يقرن الرجل تمرتين جميعا حتى يستأذن أصحابه.
رواه البخاري في الصحيح عن خلاد بن يحيى وأخرجه مسلم من وجه آخر
عن سفيان الثوري.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأكل بثلاثة أصابع.
417

وروينا في غسل اليد قبل الطعام وبعده عن سلمان الفارسي قال:
قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله فذكرت ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده '.
وفي حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه '.
قال أحمد:
السنة في غسل اليد بعد الطعام الذي يكون له دسومة إسنادها حسن.
فأما حديث سلمان الفارسي في بركة الطعام الوضوء قبله فإن رواية قيس بن
الربيع عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان.
وقيس لا يحتج به.
قال أبو داود: كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام وليس هذا بالقوي - يعني
حديث قيس -.
قال أحمد:
وقد روى الشافعي في كتاب حرملة الحديث الصحيح عن ابن عباس عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه خرج من الغائط فأتى بطعام فقيل توضأ؟ فقال:
' أصلي فأتوضأ '؟!.
ثم قال الشافعي:
418

وأولى الأدب أن يؤخذ به ما فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيأكل المرء قبل [أن] يغسل
يده أحب إلي ما لم يكن مس يده قذرا.
((925 - [باب]
النثار))
4363 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي رحمه:
وإذا نثر على الناس في الفرح فأخذه بعض من حضره لم يكن هذا مما يخرج به
شهادة أحد لأن كثيرا يزعم أن هذا مباح حلال لأن مالكه إنما طرحه لمن أخذ.
فأما أنا فأكرهه لمن أخذه من قبل أنه يأخذه من أخذه ولا يأخذه إلا بغلبة لمن
حضره إما بفضل قوة وإما بفضل قلة حياء والمالك لم يقصد به قصده إنما قصد به
قصد الجماعة فأكرهه لآخذه لأنه لا يعرف حظه من حظ من قصد به بلا إذنه وإنه
خلسة وسخف.
قال أحمد:
وقد قال في رواية المزني:
ولا يبين أنه حرام وذلك إذا أذن أهله في أخذه فأما الكراهية فهي لما ذكر
الشافعي رحمه الله:
وكان أبو مسعود الأنصاري يكرهه وكرهه عطاء وعكرمة وإبراهيم.
وقول من زعم أنهم إنما كرهوه خوفا على الصبيان من النهبة فهو معنى آخر من
معاني الكراهة.
وليس هذا كما روي في حديث عبد الله بن قرط عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال في البدن
التي نحرها.
' من شاء اقتطع '.
419

لأنها صارت ملكا للمساكين فخلى بينهم وبين أملاكهم وها هنا بالإذن لا يزول
ملكه حتى يؤخذ وربما يأخذ من غيره أحب إلى صاحبه.
وأما حديث لمازة بن المغيرة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن
جبل عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في إملاك [رجل من أصحابه قال]: فجاءت الجواري معهن
الأطباق عليها اللوز والسكر فأمسك القوم بأيديهم فقال:
' ألا تنتهبون '.
قالوا: إنك كنت نهيت عن النهبة. قال:
' تلك نهبة العساكر فأما العرسات فلا '.
قال: فرأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يجاذبهم ويجاذبوه.
فهذا حديث رواه عون بن عمارة وعصمة بن سليمان عن لمازة وكلاهما لا يحتج
بحديثه.
ولمازة بن المغيرة مجهول. وخالد بن معدان عن معاذ منقطع. ومن طعن في
حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثم في حديث عبد الله بن أبي بكر اللذين
اتفق أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديثهما.
ثم في حديث مطر الوراق وعبد الحميد بن جعفر وأمثالهما حين رووا ما يخالف
مذهبه.
ثم احتج بمثل هذا الإسناد حين وافق مذهبه كان تابعا لهواه غير سالك سبيل
النصفة.
والله المستعان.
وروينا في كتاب السنن في هذا الباب ما تقع به الكفاية وبالله التوفيق.
420

((926 - [باب]
القسم ونشوز الرجل على المرأة))
قال الله عز وجل:
* (وعاشروهن بالمعروف) *
4364 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي
رحمه الله:
وأقل ما يجب في أمره بالعشرة بالمعروف أن يؤدي الزوج إلى زوجته ما فرض
الله لها عليه من نفقة وكسوة وترك ميل ظاهر فإنه يقول:
* (فلا تميلوا كل الميل) *
وجماع المعروف إتيان ذلك بما يحسن لك ثوابه وكف المكروه.
وقال في موضع آخر:
4365 - بهذا الإسناد:
وجماع المعروف إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب
النفس لا بضرورته إلى طلبه ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته.
وأيهما ترك فظلم لأن مطل الغنى ظلم ومطله تأخيره الحق.
قال: * (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) *
والله أعلم لهن فيما لهن مثل ما عليهن فيما عليهن من أن يؤدي إليهن
بالمعروف.
((927 - [باب]
نشوز بعلها وتركها بعض حقها ليصطلحا))
4366 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي
421

عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن
عيينة عن الزهري عن ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج
فكره منها أمرا إما كبرا وإما غيرة فأراد طلاقها فقالت:
لا تطلقني وأمسكني وأقسم لي ما بدا لك.
فأنزل الله تعالى:
* (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا) * الآية.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقد روي أن [رسول الله [صلى الله عليه وسلم]] هم بطلاق بعض نسائه فقالت:
لا تطلقني ودعني حتى يحشرني الله في نسائك وقد وهبت يومي وليلتي لأختي
عائشة.
4367 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال وأخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن سودة وهبت يومها لعائشة.
هذا مرسل.
ورواه عقبة بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موصولا.
4368 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان.
422

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا كله نأخذ. فيحل للرجل حبس المرأة على ترك بعض القسم لها أو كله ما
طابت به نفسا فإذا رجعت فيه لم يحل له إلا العدل لها أو فراقها.
قال في القديم:
وبلغنا أن أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] حللنه أن يكون في مرضه في بيت عائشة.
((928 - [باب]
قول الله عز وجل:
* (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل) *))
.
4369 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
فقال بعض أهل العلم بالتفسير * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) * بما في القلوب
وأن الله تجاوز للعباد عما في القلوب * (فلا تميلوا) * تتبعوا أهواءكم * (كل الميل) * بالفضل عما يقع الهوى.
وهذا يشبه ما قال. والله أعلم.
قال ودلت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وما عليه عوام المسلمين: على أن على الرجل أن
يقسم لنسائه بعدد الأيام والليالي وأن عليه أن يعدل في ذلك لا أنه مرخص له أن يجوز
فيه.
فدل ذلك على أنه إنما أريد به ما في القلوب مما تجاوز الله للعباد عنه فيما هو
أعظم من الميل على النساء والله أعلم.
4370 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله بعد ذكر الآيات في حقوق النساء:
وسن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] القسم بين النساء فيما وصفت من قسمه لأزواجه في
423

الحضر وإحلال سودة له يومها وليلتها.
وقد بلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقسم فيعدل ثم يقول:
' اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك '.
يعني والله أعلم: قلبه.
وبلغنا أنه كان يطاف به محمولا في مرضه على نسائه حتى حللنه.
وتكلم في الإملاء على الآية بمعنى ما سبق ذكره قال: ولا حرج عليه أن تكون
واحدة منهن أحب إليه من الأخرى لأنه لا يملك ما في القلوب إلا الله.
وقد بلغني أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل:
أي الناس أحب إليك؟ فقال:
' عائشة '.
4371 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن
أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من كانت له امرأتان فمال إلى إحديهما جاء يوم القيامة وشقه مائل '.
4372 - وأخبرنا أبو علي أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن
إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقسم فيعدل ويقول:
424

' اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تملني فيما تملك ولا أملك '.
قال أبو داود: يعني القلب.
4373 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن
إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا مرحوم بن عبد العزيز
حدثنا أبو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جيء به يحمل إلى نسائه بين أربعة فأدخل علي فقال:
' يا عائشة أرسلي إلى النساء '.
فلما جئن قال:
' إني لا أستطيع أن اختلف بينكن فأذن لي فأكون في بيت عائشة '.
قلن: نعم.
4374 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
يحيى بن أبي طالب أخبرنا علي بن عاصم أخبرنا خالد الحذاء عن أبي عثمان الهندي
قال:
سمعت عمرو بن العاص يقول:
قلت يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال:
' عائشة '.
وذكر الحديث.
425

أخرجاه في الصحيح من حديث خالد.
((929 - [باب]
كيف القسم))
ذكر الشافعي في كيفية القسم معنى ما:
4375 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت عائشة:
يا ابن أختي كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه
عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ
التي هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن
يفارقها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: يا رسول الله يومي لعائشة.
فقبل ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [منها].
قالت: نقول في ذلك أنزل الله وفي أشباهها أراه قال: * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) * الآية.
ورواه ابن أبي مريم عن ابن أبي الزناد وقال في الحديث: فيقبل ويلمس ما دون
الوقاع.
4376 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
وإذا مرض عدل بينهن كما يعدل بينهن صحيحا.
بلغني أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان في مرضه يطاف به على نسائه واشتد مرضه في بيت
عائشة فقال:
' عند من أنا غدا عند من أنا بعد غد عند من أنا الذي / يليه '.
426

فعرفوا ما يريد فحللنه من أيامهن ولياليهن فمرض في بيت عائشة حتى قبض
فيه [صلى الله عليه وسلم] وكان موته في اليوم الذي كان يدور فيه إلى عائشة.
وقد روينا معنى هذا في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
وروينا عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي
قال قال علي:
إذا أنكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان ولهذه الثلث.
4377 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري أخبرنا إسماعيل بن
محمد الصفار حدثنا سعدان حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى فذكره.
ورواه حجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن علي.
ورواه هشيم عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن زر وعباد عن علي.
وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار.
وقال سليمان: من السنة أن الحرة إذا قامت على ضرار فلها يومان وللأمة
يوم.
وروينا عن سعد والحسن في اليهودية والمسلمة قالا: يقسم بينهما سواء.
((930 - [باب]
الحال التي تختلف فيها حال النساء))
4378 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين
تزوج أم سلمة وأصبحت عنده فقال لها:
' ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت
427

ثلثت عندك ودرت '.
قالت: ثلث.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه من حديث عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك وفيه من الزيادة:
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب / ثلاث '.
ورواه محمد بن أبي بكر عن عبد الملك موصولا كما:
4379 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا
زهير بن حرب حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني محمد بن أبي بكر عن عبد
الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا ثم قال:
' ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت [لك] سبعت
لنسائي '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن يحيى القطان.
وأخرجه أيضا من حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن
أم سلمة موصولا.
ورواه الشافعي من وجه آخر محفوظ موصولا.
4380 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
428

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد _ يعني بن عبد العزيز بن أبي رواد _ عن ابن
جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو،
والقاسم بن محمد _ يعني ابن عبد الرحمن [بن] الحارث بن هشام _ أخبراه أنهما
سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أم سلمة أنها أخبرته:
أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها وقالوا: ما أكذب
الغرائب حتى أنشأ إنسان أو قال: ناس منهم إلى الحج فقالوا:
أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة قالت فصدقوني وازددت
عليهم كرامة فلما حللت جاءني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخطبني فقلت له:
ما مثلي تنكح أما أنا فلا ولد لي وأنا غيور ذات عيال. قال:
' أنا أكبر منك وأما الغيرة فيذهبها الله وأما العيال فإلى الله ورسوله '.
فتزوجها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجعل يأتيها ويقول:
' أين زناب '.
حتى جاء عمار بن ياسر فاختلجها وقال: هذه تمنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / وكانت
ترضعها فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [فقال]: ' أين زناب ' فقالت قريبة بنت أبي أمية
ووافقها عبدها أخذها عمار بن ياسر.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إني آتيكم الليلة '.
فقالت فقمت فوضعت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جر
وأخرجت شحما فعصدته أو صعدته قالت:
فبات رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصبح فقال حين أصبح ' إن لك على أهلك كرامة فإن
429

شئت سبعت لك فإن أسبع أسبع لنسائي '.
وكذلك رواه روح بن عبادة عن ابن جريج.
قال الشافعي:
حديث ابن جريج ثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
4381 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن حميد عن أنس أنه قال: للبكر سبع وللثيب
ثلاث.
4382 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن
سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن حميد الطويل عن أنس بن
مالك أنه قال:
للبكر سبع وللثيب ثلاث فتلكم السنة.
قال أحمد:
ورواه عبد الله بن بكر السهمي عن حميد عن أنس قال: إذا تزوج المرأة
بكرا فلها سبع ثم يقسم وإذا تزوجها ثيبا فلها ثلاث ثم يقسم.
4383 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا
محمد بن إسحاق حدثنا عبد الله بن بكر فذكره.
وبمعناه رواه قتادة عن أنس قال:
من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب على
البكر أقام عندها ثلاثا.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي قلابة.
وهو في معنى المرفوع.
430

وقد رواه بعضهم مرفوعا.
وروينا عن أنس: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما دخل بصفية أقام عندها ثلاثا وكانت ثيب.
4384 - أخبرنا أبو عبد الله / الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في حكاية قول من خالفه في هذه المسألة قال:
أليس قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت '.
قلت: نعم.
قال: فلم يعطها في السبع شيئا إلا أعلمها أنه يعطي غيرها مثله.
وقال: فقلت له: إنها كانت ثيبا فلم يكن لها إلا ثلاث فقال لها: إن أردت حق
البكر وهو أعلى حقوق النساء وأشرفه عندهن فعفوت حقك إذ لم تكوني بكرا فيكون
لك سبع.
فقلت: وإن لم تريدي عفوه وأردت حقك فهو ثلاث.
قال: فهل له وجه غيره؟
قلت: لا إنما يخبر من له حق يشركه فيه غيره في أن يترك من حقه.
وقلت له: من حقه. وقلت له: يلزمك أن تقول: مثل ما قلنا لأنك زعمت أنك
لا تخالف الواحد من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يخالفه مثله.
ولا نعلم مخالفا له _ يعني لأنس _ والسنة ألزم لك من قوله فتركتها وقوله.
قال أحمد:
حديث أنس من جهة أبي قلابة كالمرفوع.
وقد روينا في حديث عبد الرحمن بن حميد اللفظة التي رواها حميد عن أنس
فقد جعل ذلك لها بلام التمليك وفضل بين البكر والثيب.
ولو كان ذلك يقع على وجه القضاء لم يكن ذلك لها ولا للفضل بينهما في ذلك
معنى ولما اختارت أم سلمة حقها حيث قالت: ثلاث ولكان قول النبي [صلى الله عليه وسلم] في التثليث
431

كقوله في التسبيع.
فلما قال في التسبيع. ' سبعت عندهن '. وقال في التثليث: ' ثم درت '.
فاختارت التثليث.
قلنا أن الثلاث حق لها لا يقع على وجه القضاء والتحريف في الظواهر ممكن
لمن كان جريء على مخالفة السنة وهي ظهورها حتى يأتي ما هو أقوى أو أخص
منها.
وبالله التوفيق.
((/ 931 - [باب] القسم للنساء إذا حضر سفر))
4385 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن ابن
شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج
بها.
زاد في الإملاء:
في غزوة بني المصطلق فخرج بها.
وهذا الحديث مخرج في الصحيح من حديث الزهري في حديث الإفك دون ما
زاد في الإملاء.
وقد رواه أيضا غيره.
قال الشافعي في القديم:
ولو كان المسافر يقسم لمن خلف عدة ما غاب لم يكن للقرعة معنى إنما معناها
أن يصير لمن خرج سهمها هذه الأيام خالصة دون غيرها لأنه موضع ضرورة.
432

وذكر معناه أيضا في الجديد.
((932 - [باب] نشوز المرأة على الرجل))
4386 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وأشبه ما سمعت _ والله أعلم _ في قوله تبارك وتعالى:
* (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) * الآية.
إن لخوف النشوز [دلائل] فإذا كانت فعظوهن لأن العظة مباحة فإن لججن
فأظهرن نشوزا بقول أو فعل فاهجروهن في المضاجع فإن أقمن على ذلك
فاضربوهن وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضاجع وهو منهي عنها ولا ضرب إلا
بقول أو فعل أو هما.
قال: ويحتمل في * (تخافون نشوزهن) * إذا نشزن فأبن النشوز فكن
عاصيات به أن يجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب.
قال: ولا يبلغ في الضرب حدا ولا يكون مبرحا ولا يكون مدميا ويتوقى
فيه الوجه.
ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام
ثلاثا / لأن الله تعالى إنما أباح الهجرة في المضجع.
والهجرة في المضجع تكون لغير هجرة كلام.
433

ونهى رسول الله [[صلى الله عليه وسلم]] أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثا.
4387 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبد الله بن عمرو عن
إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تضربوا إماء الله '.
قال: فأتاه عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن.
فأذن في ضربهن فأطاف بآل محمد نساء كثر كلهن يشكون أزواجهن.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن ولا تجدون
أولئك خياركم '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
يشبه أن يكون [صلى الله عليه وسلم] نهى عنه على اختيار النهي وأذن فيه بأن يكون مباحا لهم
الضرب في الخوف.
واختار لهم أن لا يضربوا لقوله:
' لن يضرب خياركم '.
ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهن ثم أذن بعد نزولها بضربهن.
وفي قوله:
' لن يضرب خياركم '.
434

دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن ونختار له من ذلك ما اختار
رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
((933 - [باب] الحكمين في الشقاق بين الزوجين))
4388 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) *.
قال الشافعي:
والله أعلم بما أراد فأما ظاهر الآية فإن خوف الشقاق بين الزوجين أن يدعي كل
واحد منهما على صاحبه منع الحق ولا يطيب واحد منهما لصاحبه بإعطاء ما يرضى به
ولا يقطع / ما بينهما بفرقة ولا صلح ولا ترك القيام بالشقاق وذلك أن الله تعالى أذن في
نشوز المرأة بالعظة والهجرة والضرب وفي نشوز الرجل بالصلح وإذا خافا أن لا
يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به.
ونهى إذا أراد الزوج استبدال زوج مكان زوج أن يأخذ مما آتاها شيئا.
قال الشافعي:
فإذا ارتفع الزوجان المتخوف شقاقهما إلى الحكام فحق عليه أن يبعث حكما
من أهله وحكما من أهلها القناعة والعقل ليكشفا أمرهما ويصلحا [بينهما] إن قدرا.
وليس له أن يأمرهما يفرقان إن رأيا إلا بأمر الزوج ولا يعطيا من مال المرأة إلا
بإذنها فإن اصطلحا الزوجان وإلا كان على الحاكم أن يحكم لكل واحد منهما على
صاحبه بما يلزمه من حق في نفس ومال وأدب.
435

4389 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة أنه
قال في هذه الآية: * (وإن خفتم شقاق بينهم فابعثوا حكما من أهله وحكما من
أهلها) *.
قال: [جاء] رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس
فأمرهم علي بعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين تدريان ما
عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجتمعا أن تجتمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا.
وقال: المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي.
وقال الرجل: أما الفرقة فلا.
فقال علي: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
4390 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا يحيى بن نصر قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني عبد
الوهاب بن عبد المجيد الثقفي فذكره بإسناد مثله.
4391 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج / عن ابن أبي مليكة
سمعه يقول:
تزوج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة فقالت: اصبر لي وانفق عليك
وكان إذا دخل عليها قالت أين عتبة بن ربيعة وأين شيبة بن ربيعة؟
فقال: على يسارك في النار إذا دخلت.
فشدت عليها ثيابها فجاءت عثمان بن عفان فذكرت ذلك له.
436

فأرسل ابن عباس ومعاوية فقال ابن عباس:
لأفرقن بينهما.
وقال معاوية: ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف.
قال: فأتياهما فوجداهما قد شدا عليهما أثوابهما وأصلحا أمرهما.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
حديث علي ثابت عندنا وهو _ إن شاء الله _ كما قلنا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
ولو جاز للحاكم أن يبعث حكمين بفرقة بلا وكالة الزوج ما اختار علي أن
يقول لهما ابعثوا وبعث هو ولقال للرجل: إن رأيا الفراق أمضينا ذلك عليه
وإن لم يأذن به.
ويشبه أن يكون الحديث عن عثمان كالحديث عن علي وبسط الكلام فيه ثم
قال في آخر ذلك:
ولو قال قائل: يخيرهما السلطان على الحكمين كان مذهبا.
قال أحمد:
روينا عن الشعبي عن شريح في بعثه الحكمين قال: فنظر الحكمان في أمرهما
فرأيا أن يفرقا بينهما فكره ذلك الزوج فقال شريح:
ففيم كانا مد اليوم إذا قال: وأجاز قولهما.
437

قال الشعبي: ما حكم الحكمان في شيء فهو جائز إن فرقا وإن جمعا.
وقال الحسن: ليس الفرقة في أيديهما.
وقال عطاء: إذا جعلا ذلك بأيديهما جاز.
4392 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) *.
قال: يقال _ والله أعلم _ نزلت في الرجل يمنع المرأة حق الله عليه في عشرتها
بالمعروف من غير طيب / نفسها ويحبسها لتموت فيرثها أو يذهب ببعض ما آتاها
واستثنى.
* (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) *.
وهي الزنا ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وقيل إن هذه الآية منسوخة وفي معنى * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) *.
بآية الحدود.
* (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) *.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خذوا عني [خذوا عني] قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة
438

وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم '.
فلم يكن على امرأة حبس يمنع به حقها على الزوج وكان عليها الحد.
قال: وما أشبه ما قيل من هذا إنما قيل _ والله أعلم _ لأن لله أحكاما بين
الزوجين بأن جعل له عليها أن يطلقها محسنة ومسيئة ويحبسها محسنة ومسيئة وكارها
لها وغير كاره ولم يجعل له منعها حقها في كل حال.
439

6 (25 - كتاب الخلع والطلاق))
قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تبارك وتعالى:
* (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) *.
4393 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد
محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها
كانت عند ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج إلى صلاة الصبح فوجد
حبيبة بنت سهل / عند بابه فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من هذه '؟
فقالت: أنا حبيبة بنت سهل.
يا رسول الله: لا أنا ولا ثابت لزوجها.
فلما جاء ثابت قال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر '.
440

فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خذ منها '.
فأخذ منها وجلست في أهلها.
قال أحمد:
هكذا وقع هذا الحديث في كتاب الخلع والنشوز وقد رواه في كتاب الحجة عن
مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن حبيبة بنت سهل
الأنصاري كانت تحت ثابت بن قيس وهو الصحيح.
وقوله: أخبرتها في هذه الرواية خطأ من الكاتب وإنما أخبرته في أخبار عمرة
يحيى بن سعيد.
كذلك رواه عامة أصحاب مالك عنه.
وقد قيل عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن حبيبة.
4394 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن حبيبة بنت
سهل أنها أتت النبي [صلى الله عليه وسلم] في الغلس وهي تشكو شيئا ببدنها وهي تقول:
لا أنا ولا ثابت بن قيس.
فقالت: فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يا ثابت خذ منها '.
فأخذ منها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
441

فقيل والله يعلم في قول الله تعالى:
* (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) *.
أن تمتنع المرأة من الحق فيخاف على الزوج أن لا يؤدي الحق إذا منعته حقا
فتحل الفدية. ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وكذلك لو لم تمنعه بعض الحق وكرت صحبته حتى خافت تمنعه وكراهية
صحبته بعض الحق فأعطته الفدية طائعة حلت له وإذا حل له أن يأكل ما طابت به نفسا
على غير فراق حل له أن يأكل ما طابت به نفسا ويأخذ / عوضا بالفراق.
4395 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا
الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من
زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر.
قال أحمد:
والذي روي عن عطاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطى.
فإنه مرسل.
ويذكر عن ابن جريج أنه أنكره بهذا اللفظ.
وإنما الحديث أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لها:
' أتردين عليه حديقته '.
قالت: نعم وزيادة. قال:
' أما الزيادة فلا '.
442

يعني _ والله أعلم _ أن الزوج يرضى بما أعطى ولا يطلب الزيادة.
((934 - [باب] الخلع هل هو فسخ أو طلاق))
4396 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
واختلف أصحابنا في الخلع فأخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن
ابن عباس في رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه بعد ثم قال يتزوجها إن شاء
لأن الله تعالى يقول:
* (الطلاق مرتان) * قرأ إلى * (أن يتراجعا) *.
4397 - قال وأخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال: كل
شيء أجازه المال فليس بطلاق.
4398 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جمهان مولى
الأسلميين عن أم بكرة الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد ثم أتيا
عثمان في ذلك فقال:
هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة: ولا أعرف جمهان ولا أم بكرة
بشيء يثبت به خبرهما ولا نرده.
وبقول عثمان نأخذ ثم ساق الكلام في حجة كل واحد من الفريقين.
وذكرها أيضا في القديم واختار ما ذهبوا إليه عن ابن عباس وعكرمة.
443

وحمل في الجديد قول عثمان: إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت على
العدد.
وروينا عن أبي داود السجستاني أنه قال:
قلت لأحمد بن حنبل حديث عثمان الخلع تطليقة لا يصح؟
فقال: ما أدري جمهان لا أعرفه.
قال ابن المنذر: وروي عن عثمان وعلي وابن مسعود والخلع تطليقة ثابتة.
قال: وضعف أحمد حديث عثمان وحديث علي وابن مسعود. في إسنادهما
مقال.
وليس في الباب أصح من حديث ابن عباس _ يريد حديث طاوس عن ابن
عباس.
((935 - [باب] المختلعة لا يلحقها الطلاق))
4399 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا خالعها ثم طلقها في العدة لم يقع عليها الطلاق لأنها ليس بزوجة ولا في
معاني الأزواج بحال.
واحتج بانقطاع الرجعة والإيلاء والظهار واللعان والميراث بين الزوجين.
وفي موضع آخر أنه لو مات لم تنتقل إلى عدة الوفاة.
4400 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس
وابن الزبير أنهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها. قالا: لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما
لا يملك.
444

زاد أبو عبد الله في روايته قال قال الشافعي:
خالفنا بعض الناس في المختلعة فقال:
إذا طلقت في العدة لحقها الطلاق:
فسألته:
هل يروي في قوله خبرا؟
فذكر حديثا لا تقوم بمثله حجة عندنا ولا عنده فقلت: هذا عندنا وعندك غير
ثابت.
قال: فقد قال به بعض التابعين.
فقلت له: وقول بعض التابعين عندك لا تقوم به حجة لو لم يخالفهم
غيرهم.
قال أحمد:
وقد بيناها في كتاب القضاء باليمين مع الشاهد مقال الشعبي وإبراهيم النخعي.
وروي عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن أنهما قالا: لزمه / ما دمت في
مجلسه.
وأما ما ذكر الشافعي فإني لم أجد فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا ولعله ذكر له ما روى
فرج بن فضالة عن علي بن أبي طلحة عن أبي عون عن أبي الزناد: للمختلعة طلاق ما
كانت في العدة.
وهذا موقوف وضعيف.
لأنه رواية فرج بن فضالة وهو عند أهل العلم بالحديث ضعيف بمرة.
ورويناه بإسناد مجهول عن النضر بن شميل عن هشام عن يحيى عن رجل عن
الضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
يحرم الطلاق على التي تفتدي من زوجها ما كانت في العدة.
وهذا باطل من وجوه منها:
445

أنه عن رجل مجهول عن الضحاك بن مزاحم والضحاك غير محتج به ولم يدرك
ابن مسعود ولا قاربه.
وإنما وقع إلي بإسناد مجهول عن عيسى العسقلاني عن النضر فهو ضعيف
ومجهول ومنقطع.
وإنما يروي عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
ومحمد بن عبد الرحمن أنهما قالا: إذا خالعها ثم طلقها لزمه ما دامت في مجلسه.
ولا نترك ظاهر الكتاب بأمثال هذا.
وبالله التوفيق.
((936 - [باب] الطلاق قبل النكاح))
حكى المزني عن الشافعي:
أن ذلك لا يقع لأن الطلاق الذي له الحكم كان وهو غير مالك فبطل.
ونص في كتاب الظهار على ما:
4401 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
ولو قال لامرأة لم ينكحها إذا نكحتك فأنت علي كظهر أمي فنكحها لم يكن
متظاهرا لأنه إنما يقع التحريم من النساء على من حل ثم حرم فأما من لم يحلل فلا
يقع عليه تحريم ولا حكم تحريم لأنه محرم فلا معنى للتحريم في التحريم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
ويروى مثل معنى ما قلت عن / النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم علي وابن عباس وغيرهم وهو
القياس.
4402 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا علي بن حمشاد حدثنا إسماعيل بن
446

إسحاق القاضي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب
قالا: حدثنا علي حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم حدثنا
عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا طلاق قبل نكاح '.
وفي حديث هشيم:
' لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا
يملك '.
ورواه حبيب المعلم وغيره عن عمرو عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه طاوس عن معاذ بن جبل عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن عطاء ومحمد بن المنكدر وغيرهما عن جابر بن عبد الله عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهو في الكتاب الذي كتبه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لعمرو بن حزم.
4403 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار
حدثنا سعدان بن نصر حدثنا معاذ العنبري عن حميد الطويل عن الحسن عن علي بن
أبي طالب قال:
لا طلاق إلا من بعد نكاح.
ورواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن علي فيمن قال:
إن تزوجت فلانة فهي طالق.
447

فقال علي: تزوجها فلا شيء عليك.
4404 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي
حدثنا سعدان بن نصر حدثنا معاذ العنبري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس
قال:
لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتاق إلا من بعد ملك.
4405 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو العباس المحبوبي قال
حدثنا الفضل بن عبد الجبار حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أخبرنا الحسين بن واقد
وأبو حمزة جميعا عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما قالها ابن مسعود
وإن يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول:
/ إن تزوجت فلانة فهي طالق قال الله تبارك وتعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) *.
ولم يقل: إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
ورواه أيضا سعيد بن جبير عن ابن عباس غير أنه قال عن ابن مسعود:
إذا وقت وقتا فهو كما قال.
فقال ابن عباس:
يرحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال لقال الله: إذا طلقتم المؤمنات ثم
نكحتموهن.
وروينا هذا القول عن علي وابن عباس رضي الله عنهما من أوجه.
ورويناه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا وموقوفا.
وحكاه محمد بن إسماعيل البخاري في الترجمة عن ابن عباس.
قال وروي في ذلك عن علي وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن
448

عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبان بن عثمان وعلي بن حسين وشريح
وسعيد بن جبير وطاوس والحسن وعكرمة وعطاء وعامر بن سعد وجابر بن زيد
ونافع بن جبير ومحمد بن كعب وسليمان بن يسار ومجاهد والقاسم بن عبد الرحمن
وعمرو بن هرم: أنها لا تطلق.
قال أحمد:
ورويناه أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ووهب بن منبه.
وروى ابن المنذر بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى الظهار قبل
النكاح شيئا.
((937 - [باب] إباحة الطلاق ووجهه))
4406 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) *.
وقرئت: لقبل عدتهن.
وهما مما لا يختلفان في معنى.
4407 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر.
أنه طلق امرأته وهي حائض في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
قال عمر: فسألت رسول الله صلى / الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن شاء أمسكها وإن
شاء طلقها قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء '.
449

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
4408 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني أبو
الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل عبد الله بن عمر وأبو الزبير
يسمع فقال:
كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا؟
فقال ابن عمر:
طلق عبد الله بن عمر امرأته حائضا فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليراجعها فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك '.
وقال ابن عمر: وقال الله تعالى:
* (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن) *.
في قبل عدتهن أو لقبل عدتهن.
الشافعي شك.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد وغيره عن ابن جريج
وفيه قال:
وقرأ النبي [صلى الله عليه وسلم]:
* (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن) *.
في قبل عدتهن.
450

4409 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا محمد بن إسحاق
حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج فذكره وزاد:
فسأل عمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليراجعها '.
فردها علي وقال:
' إذا طهرت فليطلق أو يمسك '.
قال ابن عمر: وقرأ النبي [صلى الله عليه وسلم]:
* (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن) *.
في قبل عدتهن.
4410 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد أنه كان
يقرأها كذلك.
4411 - وبهذا الإسناد / أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن
عبد الله بن عمر:
أنه كان يقرأ:
* (إذا طلقتم النساء فطلقوهن) * لقبل عدتهن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فبين _ والله أعلم _ في كتاب الله جل ثناؤه بدلالة سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن السنة
في المرأة المدخول بها التي تحيض دون من سواها من المطلقات أن تطلق
لقبل عدتها.
وذلك أن حكم الله أن العدة على المدخول بها.
451

وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إنما يأمر بطلاق طاهر من حيضها التي يكون لها طهر
وحيض.
قال: وطلاق السنة فيها: أن يطلقها طاهرا من غير جماع في الطهر الذي
خرجت من حيضه.
((938 - [باب] الطلاق يقع على الحائض وإن كان بدعيا))
4412 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال
أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع فقال:
كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا؟
فقال: طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليراجعها '.
فردها علي ولم يرها شيئا وقال:
' إذا طهرت فليطلق أو ليمسك '.
هذا لفظ حديث أبي عبد الله.
وفي روايتهما: فسأل عمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مره فليراجعها '.
ثم ذكرا ما بعده.
أخرجه مسلم كما مضى.
4413 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
452

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض
في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسأل عمر رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك
وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4414 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج.
أنهم أرسلوه إلى نافع يسألونه هل حسبت تطليقة ابن عمر على عهد رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال: نعم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
حديث مالك عن نافع عن ابن عمر: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر عمر أن يأمر ابن عمر
يراجع امرأته.
دليل على أنه لا يقال له راجع إلا ما قد وقع عليه طلاقه.
يقول الله في المطلقات:
* (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) *.
ولم يقل هذا في ذوات الأزواج وأن معروفا في اللسان بأنه إنما يقال للرجل:
راجع امرأتك إذا افترق هو وامرأته.
قال: وفي حديث أبي الزبير يشتبه به.
ونافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير.
والأثبت في الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه.
قال: وقد وافق نافعا غيره من أهل الثبت في الحديث له.
قيل له: أحسبت تطليقة ابن عمر على عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] تطليقة؟
453

قال: فمه وإن عجز _ يعني حسبت تطليقة.
4415 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا يزيد بن
إبراهيم أخبرنا محمد بن سيرين عن يونس بن جبير قال: سألت ابن عمر عن رجل
[طلق] امرأته وهي حائض قال: تعرف عبد الله بن عمر؟: قلت: نعم.
قال: فإن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله.
/ فأمره أن يراجعها ثم يطلقها في قبل عدتها.
قلت: فيعد بها.
قال: فمه أرأيت إن عجز واستمحق.
رواه البخاري في الصحيح عن حجاج بن منهال عن يزيد بن إبراهيم.
وأخرجاه من حديث قتادة وغيره عن يونس بن جبير.
4416 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه.
أخبرنا عبيد بن شريك حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني
عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
أنه طلق امرأته على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهي حائض.
قال: فاعتد ابن عمر بالتطليقة ولم تعتد امرأته بالحيضة.
واستدل الشافعي بقوله عز وجل:
* (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *.
لم يخصص طلاقا دون طلاق.
قال: ولم تكن المعصية إن كان عالما تطرح عنه التحريم لأن المعصية لا تزيد
454

الزوج خيرا إن لم تزده شرا وبسط الكلام فيه.
وحمل قوله في حديث أبي الزبير: لم يره شيئا.
على أنه لا يحسبه شيئا صوابا غير خطأ يأمر صاحبه أن لا يقيم عليه.
ألا ترى أنه يأمر بالمراجعة ولا يأمر بها الذي طلقها طاهرا.
كما يقال للرجل أخطأ في فعله وأخطأ في جواب أجاب به لم يصنع شيئا _ يعني
يصنع شيئا صوابا.
((939 - [باب] الاختيار في الطلاق))
4417 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
اختار للزوج أن لا يطلق إلا واحدة لتكون له الرجعة في المدخول بها ويكون
خاطبا في غير المدخول بها [ومتى نكحت بقيت له عليها اثنتين من الطلاق] ولا
يحرم عليه أن يطلق اثنتين ولا ثلاثا لأن الله جل ثناؤه أباح الطلاق [على أهله] وما
أباح فليس بمحظور على أهله.
وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] علم عبد الله بن عمر موضع الطلاق ولو كان في عدد
الطلاق / مباح ومحظور علمه _ إن شاء الله _ إياه.
لأن من خفي عليه أن يطلق امرأته طاهرا كان ما يكره من عدد الطلاق ويجب لو
كان فيه مكروه أشبه أن يخفى عليه.
قال الشافعي:
وطلق عويمر العجلاني امرأته بين يدي النبي [صلى الله عليه وسلم] ثلاثا قبل أن يأمره وقبل أن
455

يخبره أنها تطلق عليه باللعان.
ولو كان ذلك شيئا محظورا عليه نهاه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليعلمه وجماعة من حضره.
وحكت فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها البتة يعني _ والله أعلم _ ثلاثا فلم
يبلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن ذلك.
وطلق ركانة امرأته البتة وهي تحتمل واحدة وتحتمل ثلاثا. فسأله النبي [صلى الله عليه وسلم] عن
نيته وأحلفه عليها.
ولم نعلمه نهى أن يطلق البتة يريد بها ثلاثا.
وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثا.
وذكر أسانيد هذه الآثار في كتاب أحكام القرآن وهي ترد مفرقة في مواضعها.
4418 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وعن أبي سلمة بن عبد
الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان منه بعد
انقضاء عدتها.
قال: وأخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن امرأة عبد الرحمن نشدته
الطلاق.
فقال: إذا حضت ثم طهرت فآذنيني.
فطهرت وهو مريض فآذنته فطلقها ثلاثا.
قال الشافعي:
والبتة في حديث مالك في بيان هذا الحديث ثلاثا [لما وصفنا من أن يقول
طالق البتة ينوي ثلاثا].
وقد بينه ابن سيرين فقطع موضع الشك فيه.
456

قال أحمد:
وقد روينا عن هشام بن حسان أنه قال:
سئل محمد بن سيرين عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مقعد واحد.
قال: لا أعلم بذلك بأسا قد / طلق عبد الرحمن ثلاثا فلم يعب ذلك عليه.
وهذا فيما:
4419 - أنبأني أبو عبد الله عن أبي الوليد حدثنا الحسين بن سفيان حدثنا أبو
بكر حدثنا أبو أسامة عن هشام. فذكره.
وذكر الشافعي حديث المطلب بن حنطب عن عمر في طلاق البتة.
وذكر حديث ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعائشة فيمن طلق امرأته
ثلاثا قبل أن يدخل بها وفتواهم بتحريمها.
ثم قال: وما عاب ابن عباس ولا أبو هريرة ولا عائشة عليه أن يطلق ثلاثا.
ولم يقل له عبد الله بن عمر، وبئس ما صنعت حين طلقت ثلاثا.
وذكر حديث عثمان في الخلع: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما
سميت.
فعثمان يخبر أنه [إن] سمي أكثر من واحدة كان ما سمي ولا يقول له ينبغي
أن تسمي أكثر من واحدة.
قال: وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
أن عمر بن عبد العزيز قال: البتة ما يقول الناس فيها؟
فقال أبو بكر: فقلت له: كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة.
457

فقال عمر: لو كان الطلاق ألفا ما أبقت البتة منه شيئا من قال البتة فقد رمى
الغاية القصوى.
قال الشافعي:
ولا يحكى عن واحد منهم على اختلافهم في البتة أنه عاب البتة ولا عاب
ثلاثا.
واحتج باختلافهم أيضا في المخيرة: ولم يقل أحد منهم ممن قال: أنه ثلاث
أنه لا يحل.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد أن سعيد بن جبير
أخبره أن رجلا أتى ابن عباس فقال: طلقت امرأتي مائة.
فقال ابن عباس: تأخذ ثلاثا وتدع سبعا وتسعين.
قال: وأخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء ومجاهدا قالا: أن رجلا أتى ابن
عباس فقال طلقت امرأتي مائة.
فقال ابن عباس:
تأخذ ثلاثا وتدع سبعا وتسعين.
زاد مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء وحده عن ابن / عباس أنه قال:
وسبع وتسعون [عدوانا] اتخذت [بها] آيات الله هزوا.
قال الشافعي:
فغاب عليه ابن عباس كل ما زاد من عدد الطلاق الذي لم يجعله الله إليه ولم
458

يعب عليه ما جعل إليه من الثلاث.
وذكر الشافعي رحمه الله في القديم:
احتجاج من احتج بقوله عز وجل:
* (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) *.
وأن معناه: يحدث له رجعة.
فإذا طلق ثلاثا لم تكن له رجعة.
قال الشافعي:
فما تقول في المدخول بها أراد أن يطلقها اثنتين وهو يملك الرجعة؟
قال: ليس هذا السنة.
قال: فلزمك أن تقول: سنة لأنه يملك الرجعة.
فما تقول في رجل لم يبق له إلا واحدة؟ وفي رجل لم يدخل بامرأته ليرجع
هذان الطلاق للسنة؟ قال: نعم. قال: فكيف يوقع وهو لا يملك الرجعة؟ وبسط
الكلام في هذا.
قال الشافعي:
فإن قال قائل: إن أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ابن عمر أن يراجع امرأته ثم يمهلها حتى
تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق.
فهذا يدل على أنه لا يصلح أن يطلقها اثنتين في طهر.
قيل له: ابن عمر طلق حائضا لا على طاهرا.
ونحن نقول الطلاق للسنة في المدخول بها في الحيض وليس هذا بالذي قلتم.
وهذا يحتمل أن يكون إنما أراد بذلك الاستبراء أن يكون يستبرئها بعد الحيضة
التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها الحمل هي
أم الحيض.
459

ولتكون بطهر بعد علمه بحمل وهو غير جاهل بما صنع أو يرغب فيمسك
للحمل.
ولتكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكف عنه حاملا.
ثم ساق كلامه إلى أن قال:
مع أن غير نافع إنما روي عن ابن عمر حتى تطهر من الحيضة التي طلقها
فيها ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق.
رواه يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسالم بن عبد الله / وغيره خلاف رواية
نافع.
ولو كان لا يصلح في طهر تطليقتان لم يكن ابن عمر طلقها في طهر إنما طلقها
في الحيض.
والحيض غير الطهر.
وبسط الكلام في هذا.
والرواية في ذلك عن سالم بن عبد الله مختلفة.
فأما عن غيره فهي على ما قال الشافعي رحمه الله.
4420 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال قال أبو داود:
روي هذا الحديث عن ابن عمر: يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن
جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل معناهم كلهم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره
أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر.
وأما رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر.
ورواية نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم
460

تطهر ثم إن شاء طلق أو أمسك.
قال أحمد:
وفي رواية محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا '.
وفي ذلك دلالة على أنه لا بدعة في طلاقها بحامل.
وبه قال الشافعي وهي عنده كغير المدخول بها وأما الحديث الذي رواه عطا
الخراساني عن الحسن عن ابن عمر في هذه القصة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' السنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قروء '.
فقلت يا رسول الله: لو أني طلقتها ثلاثا كانت تحل لي أن أراجعها؟ قال:
' كانت تبين منك وتكون معصية '.
فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لا
يقبل منه ما يتفرد به.
ثم أنه يرجع إلى طلاقه في حال الحيض.
وهو لو طلقها ثلاثا في حال الحيض كانت تبين منه وتكون معصية.
461

فارغة
462

الجزء التاسع والعشرون
((940 - [باب] طلاق الثلاث مجموعة))
4421 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن
أحمد بن الحسن قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان
أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أن
أبا الصهباء قال لابن عباس: [أتعلم] إنما كانت الثلاثة على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
تجعل واحدة وأبي بكر وثلاث من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم.
قال أحمد:
هذا حديث أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث ابن جريج
وغيره.
وتركه البخاري فلم يخرجه.
وأظنه لما فيه من الخلاف لسائر الروايات عن ابن عباس وغيره.
4422 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عكرمة بن
463

خالد أن سعيد بن جبير أخبره.
أن رجلا جاء إلى ابن عباس فقال: طلقت امرأتي ألفا.
فقال: خذ ثلاثا ودع تسعمائة وسبعا وتسعين.
4423 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن
ابن جريج عن مجاهد قال:
قال رجل لابن عباس: طلقت امرأتي مائة.
قال تأخذ ثلاثا وتدع سبعا وتسعين.
قال أحمد:
روينا عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار
ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير ومعاوية بن أبي عياش الأنصاري كلهم
عن ابن عباس أنه أجاز الطلاق الثلاث وأمضاهن.
ورويناه عن عمر، وعلي، والحسن بن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن
عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.
4424 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث / كانت تحسب على عهد رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] واحدة يعني أنه بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم].
فالذي يشبه والله أعلم أن يكون ابن عباس قد علم إن كان شيئا فنسخ. فإن
قيل: فما دل على ما وصفت؟ فقيل: لا يشبه أن يكون ابن عباس روى عن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] شيئا ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي [صلى الله عليه وسلم] فيه خلاف.
فإن قيل: فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر.
قيل: علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة وبيع بالدينارين وفي بيع
أمهات الأولاد وغيره فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فيه خلافه؟
464

فإن قيل: فلم لم يذكره؟
قيل: قد يسئل الرجل عن الشيء فيجيب فيه ولا يتقصى الجواب فيأتي على
الشيء كله.
ويكون جائز له كما يجوز لو قيل: أصلى الناس على عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى بيت
المقدس؟
أن يقول: نعم. وإن لم يقل ثم حولت القبلة.
فإن قيل: وقد ذكر على عهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر.
قيل: الله أعلم. وجوابه حين استفتى يخالف ذلك كما وصفت فإن قيل
فهل من دليل تقوم به الحجة في ترك أن تحسب الثلاث واحدة في كتاب أو سنة أو أمر
أبين مما ذكرت؟
قيل: نعم. فذكر ما:
4425 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن
طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء
عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال:
والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا.
فأنزل الله تعالى:
* (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *.
فاستقبل / الناس الطلاق جديدا من يومئذ من كان منهم طلق أو لم يطلق.
قال الشافعي:
وذكر بعض أهل التفسير هذا.
465

قال أحمد:
قد رواه غير مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
والمرسل هو المحفوظ.
وروينا عن ابن عباس في معناه.
4426 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن
يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس:
* (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * إلى قوله: * (وبعولتهن أحق بردهن) *. الآية.
وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ
ذلك فقال: * (الطلاق مرتان) * الآية.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فلعل ابن عباس أجاب على أن الثلاث والواحدة سواء وإذا جعل الله عدد
الطلاق على الزوج وأن يطلق متى شاء فسواء الثلاث والواحدة.
وأكثر من الثلاث من أن يقضي بطلاقه.
قال أحمد:
وقد قيل يشبه أن يكون معنى الحديث منصرفا إلى طلاق البتة.
وذلك أنه قد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث ركانة أنه جعل البتة واحدة وكان
عمر بن الخطاب يراها واحدة ثم تتابع الناس في ذلك فألزمهم الثلاث وإليه ذهب غير
واحد من الصحابة منهم: علي بن أبي طالب. وذلك يرد إن شاء الله.
قال أحمد:
466

وقد روى أيوب السختياني عن غير واحد عن طاوس عن ابن عباس في قصة
أبي الصهباء قال: بلى كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها
واحدة على عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر.
فلما أن رأى الناس قد تتابعوا فيها قال:
أجيزوهن عليهم.
فهذا يبين أن ذلك كان في غير المدخول / بها ويشبه أن يكون المراد به ثلاثا
تترى وذلك أن يقول لها:
أنت طالق. أنت طالق. أنت طالق.
فقد روي عن الشعبي عن ابن عباس في رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل
بها قال:
عقدة كانت بيده أرسلها جميعا وإذا كانت تترى فليس بشيء.
قال سفيان الثوري: تترى يعني: أنت طالق. أنت طالق. أنت طالق.
فإنها تبين بالأولى والثنتان ليستا بشيء.
وقد روى يوسف بن يعقوب القاضي عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد
عن أيوب عن عكرمة أنه قال:
شاهدت ابن عباس جمع بين رجل وامرأته طلقها ثلاثا.
أي في رجل قال لامرأته. أنت طالق. أنت طالق. أنت طالق. فجعلها واحدة.
وأتي في رجل قال لامرأته أنت طالق. أنت طالق. أنت طالق ففرق بينهما.
قال أحمد:
وهذا إنما يختلف باختلاف حال المرأة بأن تكون التي جعلها فيها واحدة غير
مدخول بها فبانت بالأولى فلم يلحقها ما بعدها.
والتي جعلها فيها ثلاثا مدخولا بها فلحقها الثلاث وقد يختلف باختلاف نية
467

الرجل في المدخول بها بأن يكون في إحدى الحالتين أراد يتبين الأولى وفي الأخرى
أراد إحداث طلاق بعد الأولى.
ثم استدل الشافعي بأن الله جعل الطلاق إلى الأزواج فسواء طلقها ثلاثا
مجموعة أو مفرقة كطلاق نسوته وعتق رقيقة والإيلاء والظهار عن نسوته.
ثم استدل بحديث عائشة في قصة رفاعة أنه طلق امرأته فبت طلاقها وقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك '.
ولو كانت حسبت طلاقها بواحدة كان لها أن ترجع إلى رفاعة بلا زوج.
قال: وعويمر العجلاني طلق امرأته ثلاثا قبل أن يخبره النبي [صلى الله عليه وسلم] / أنها تحرم
عليه باللعان.
فلم أعلم النبي [صلى الله عليه وسلم] نهاه.
وفاطمة بنت قيس حكت للنبي [صلى الله عليه وسلم] أن زوجها بت طلاقها _ تعني والله أعلم _ أنه
طلقها ثلاثا فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليست لك عليه نفقة '.
ولم أعلم النبي [صلى الله عليه وسلم] عاب طلاقه ثلاثا معا.
فلما كان حديث عائشة في رفاعة موافقا ظاهر القرآن وكان ثابتا كان أولى
الحديثين أن يأخذ به. والله أعلم.
4427 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم أخبرنا
أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى عن عبيد
الله حدثنا القاسم عن عائشة:
أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا فطلقها قبل أن يمسها فسئل رسول
468

الله [صلى الله عليه وسلم] أتحل للأول؟ قال:
' لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول '.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى.
قال أحمد:
ثم ليس في حديث ابن عباس أنها كانت تجعل واحدة على عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] بأمر
النبي [صلى الله عليه وسلم] فيكون فيه حجة.
وحديث العسيف في حد الزاني يدل على أن منهم من كان يفتي دونه.
فإذا رفع إليه غير منه ما رأى تغييره.
والله أعلم.
((941 - [باب] ما يقع به الطلاق من الكلام ولا يقع إلا بالنية))
4428 - أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان حدثنا أبو كر
محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني حدثنا عبيد بن شريك حدثنا أبو الجماهر حدثنا
عبد العزيز عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن ابن
ماهك عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق الرجعة '.
469

رواه أبو داود / في كتاب السنن عن القعنبي عن عبد العزيز بن محمد وتابعه
سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حبيب.
4429 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
ذكر الله تعالى الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء: الطلاق والفراق والسراح فمن
خاطب امرأته فأمر دلها اسما من هذه الأسماء لزمه الطلاق ولم ينوه في الحكم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وما تكلم به مما يشبه الطلاق سوى هؤلاء الكلمات فليس بطلاق حتى يقول كان
مخرج كلامي به على أني نويت به طلاقا وهو ما أراد من عدد الطلاق.
4430 - حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء وأبو عبد الله
الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قراءة
عليهم قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا
الشافعي أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي السائب عن
نافع بن عجير بن عبد يزيد:
أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ثم أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال يا
رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة فوالله ما أردت إلا واحدة.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لركانة:
' والله ما أردت إلا واحدة '.
فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة.
فردها إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فطلقها الثانية في زمان عمر. والثالثة في زمان
عثمان.
470

4431 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا ابن السرح وإبراهيم بن خالد الكلبي يعني أبا ثور في آخرين قالوا: حدثنا
محمد بن إدريس الشافعي فذكره بإسناده ومعناه.
4432 - وأخبرنا أبو علي أخبرنا أبو بكر حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن يونس
النسائي أن عبد الله بن الزبير حدثهم عن محمد بن إدريس / قال حدثني عمي
محمد بن علي عن ابن السائب عن نافع بن عجير عن ركانة بن عبد يزيد عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] بهذا الحديث.
وكذلك رواه محمد بن إبراهيم المدني عن عبد الله بن علي بن السائب.
وكذلك رواه الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الله بن علي بن ركانة بن عبد
يزيد عن أبيه عن جده بمعناه.
4433 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد بن
جعفر عن المطلب بن حنطب: أنه طلق امرأته البتة ثم أتى عمر بن الخطاب فذكر
ذلك له فقال له عمر:
ما حملك على ذلك؟ قال: قد قلته.
فتلا عمر: * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) *.
ما حملك على ذلك؟. قال: قد قلته.
فقال عمر: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت.
4434 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبد
الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار أن عمر قال للتوأمة مثل الذي قال للمطلب.
471

4435 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي عن الثقة عن الليث بن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار أن
رجلا من بني زريق طلق امرأته البتة فقال عمر: ما أردت بذلك؟
قال: أتراني أقيم على حرام والنساء كثير؟
فأحلفه فحلف.
قال الشافعي:
أراه فردها عليه.
قال في القديم:
وذكر الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله فذكره
مختصرا.
قال الشافعي:
ومسألة عمر بن الخطاب ما حملك على ذلك يرددها يعني _ والله أعلم _ ما
أردت بذلك؟ وقول المطلب قد فعلته يعني _ والله أعلم _ إن خرج مني بلا نية زيادة.
وفي حديث الليث بن سعد ما بين أن معنى / قول عمر ما وصفت.
قال فلما أخبره أنه لم يرد به زيادة على عدد الطلاق ألزمه واحدة وهي أقل
الطلاق لأنه تبين في قوله.
قال: وقوله:
* (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) *.
لو طلق فلم يذكر البتة إذ كانت كلمة محدثة ليست في أصل الطلاق تحتمل
صفة جعلها للطلاق وزيادة في عدده ومعنى غير ذلك فنهاه عن المشكل من القول
ولم ينهه عن الطلاق [ولم يعبه ولم يقل له لو أردت ثلاثا كان مكروها عليك]
472

وهو لا يحلفه على ما أراد إلا ولو أراد أكثر من واحدة ألزمه ذلك.
4436 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك أنه بلغه أنه كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق رجلا قال لامرأته حبلك
على غاربك.
فكتب عمر إلى عامله أن مره أن يوافيني في الموسم فبينما عمر بن الخطاب
يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال من أنت؟
قال أنا الذي أمرت أن يجلب عليك.
فقال: أنشدك برب هذه البنية هل أدرت بقولك حبلك على غاربك الطلاق؟
فقال الرجل: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقت. أردت الفراق.
فقال عمر: هو ما أردت.
قال الشافعي:
فبهذا نقول وفيه دلالة على أن كل كلام أشبه الطلاق لم يحكم به طلاقا حتى
يسأل قائله فإن كان أراد طلاقا فهو طلاق وإن لم يرد لم يكن طلاقا.
أورده فيما ألزم مالكا في خلاف بعض الصحابة.
4437 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر وحدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
البتة؟ فقال: يدين فإن كان أراد ثلاثا فثلاث وإن كان أراد واحدة فواحدة.
4438 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء:
أن شريحا دعاه بعض أمرائهم فسأله عن رجل قال لامرأته: أنت طالق البتة.
/ فاستعفاه شريح فأبى أن يعفيه فقال: أما الطلاق فسنة وأما البتة فبدعة.
473

فأما السنة بالطلاق فأمضوه وأما البدعة فالبية فقلدوه إياها دينوه فيها.
4439 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
الرجل يقول لامرأته: أنت خلية أو خلوت مني وقوله: أنت برية وبرئت مني.
أو يقول: أنت بائنة أو قد بنت مني؟
قال: سواء.
قال عطاء:
وأما قوله: أنت طالق فسنة لا يدين في ذلك هو الطلاق.
قال ابن جريج قال عطاء:
وأما قوله: أنت برية أو بائنة فذلك ما أحدثوا.
سئل فإن كان أراد الطلاق فهو الطلاق وإلا فلا.
4440 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن
دينار أنه قال في قوله أنت برية أو أنت بائنة أو خلية أو برئت مني أو بنت مني قال:
يدين.
4441 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس
عن أبيه أنه قال:
إن أراد الطلاق فهو الطلاق لقوله: أنت علي حرام.
4442 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن
حماد قال:
سألت إبراهيم عن الرجل يقول لامرأته أنت علي حرام قال إن نوى طلاقا فهو
طلاق وإلا فهي يمين.
474

قال أحمد:
وفي الجامع عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب أنه كان
يقول في الخلية والبرية والبتة والبائنة واحدة وهو أحق بها.
قال الشافعي في القديم:
وذكر ابن جريج عن عطاء: أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قال لامرأته
حبلك على غاربك فقال لعلي أنظر بينهما.
فقال له علي: ما أردت؟
فجحد أن يكون أراد الطلاق.
فأراد أن يستحلفه بين الركن والمقام فأقر أنه أراد الطلاق فأمضاه عليه ثلاثا قال:
وذكر عن سعيد بن قتادة عن الحسن عن علي مثله.
/ قال أحمد:
يحتمل أن يكون هذا على ما روي من مذهب علي في البتة أنها ثلاث.
وقد روى منصور عن عطاء بن أبي رباح في هذه القصة أن الرجل قال ذلك
مرارا.
فأتى عمر فاستحلفه بين الركن والمقام ما الذي أردت بقولك؟
قال: أردت الطلاق.
ففرق بينهما.
فيحتمل أنه كان أراد بكل مرة إحداث طلاق.
والحديث منقطع.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك حين أرسل إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
475

قبل نزول قبول توبته أن يعتزل امرأته قال:
فقلت أطلقها أو ماذا أفعل بها. فقال:
' لا بل اعتزلها فلا تقربها '.
فقلت لامرأتي: ألحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر.
وفي هذا دلالة على أنه إذا لم يرد بقوله لامرأته الحقي بأهلك طلاقا لم يقع به
طلاق.
وسائر الكنايات مقيسة عليه.
((942 - [باب] من قال في الكنايات أنها ثلاث))
4443 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم أن عليا قال في الخلية والبرية
والحرام: ثلاثا ثلاثا.
وفيما بلغه عن محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما عن إسماعيل عن
الشعبي عن رياش بن عدي الطائي قال:
أشهد أن عليا جعل البتة ثلاثا.
قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم يقول بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
4444 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الخلية والبرية
ثلاثا ثلاثا.
476

أورده فيما ألزم مالكا في خلافة ابن عمر (.......) بين المدخول بها / وغير
المدخول بها ومالك يفرق بينهما فيدينه في التي لم يدخل بها.
((943 - [باب] التمليك والتخيير))
4445 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن
خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي
عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد بن ثابت: ما شأنك؟ قال: ملكت امرأتي أمرها
ففارقتني.
فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟
فقال له: القدر.
فقال له زيد: ارتجعها إن شئت فإنما هي واحد وأنت أملك.
4446 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان
يقول:
إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها الرجل فيقول:
لم أرد إلا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في
عدتها.
4447 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد:
أن رجلا من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق. فسكت. ثم قالت:
أنت الطلاق فقال: بفيك الحجر.
477

ثم قالت: أنت الطلاق.
فقال: بفيك.
فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة.
فردها إليه.
فقال عبد الرحمن: كان القاسم يعجبه هذا القضاء ويراه أحسن ما سمع في
ذلك.
قال أحمد:
والشافعي إنما يقول في هذا بقول زيد بن ثابت ولا يشترط المناكرة.
4448 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن
القاسم بن محمد: أن رجلا كانت عنده وليدة قوم فقال لأهلها شأنكم بها فرأى الناس
أنها تطليقة.
قال أحمد:
وهذا إنما / يكون عند الشافعي تطليقة إذا نواها.
4449 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن أبي معاوية ويعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق أن امرأة قالت
لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي لطلقتك.
فقال: قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثا.
فسأل عمر عبد الله عن ذلك فقال: هي واحدة وهو أحق بها.
فقال عمر: وأنا أرى ذلك.
قال الشافعي:
وبهذا نقول إذا جعل الأمر إليها ثم قال:
لم أرد إلا واحدة فالقول قوله وهي تطليقة يملك الرجعة.
478

وهم يخالفون هذا فيجعلونها واحدة بائنة.
4450 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن إسماعيل بن أبي
خالد عن الشعبي ومغيره عن إبراهيم عن عبد الله في الخيار: إن اختارت نفسها فواحدة
وهو أحق بها.
قال الشافعي:
وهكذا نقول وهم يخالفونه ويرون الطلاق فيه بائنا.
4451 - وبإسناده قال فيما بلغه عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم في أمرك
بيدك واختاري سواء.
قال الشافعي:
وبهذا نقول وهم يخالفون فيفرقون بينهما.
4452 - وبإسناده قال فيما بلغه عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق
عن عبد الله قال:
إذا قال الرجل لامرأته استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلك فقبلوها في تطليقة وهو
أحق بها.
قال الشافعي:
وبهذا نقول إذا أراد الطلاق وهم يخالفونه ويزعمون أنها تطليقة بائنة.
4453 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن عبيد الله بن موسى بن أبي
ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: لا يكون طلاق بائن إلا خلع
أو إيلاء.
قال الشافعي:
وهم يخالفونه في عامة الطلاق (.....) الطلاق / كله يملك فيه الرجعة إلا
طلاق الخلع.
479

قال: وروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعن عمر في البتة أنها واحدة يملك فيها الرجعة.
4454 - وبإسناده قال قال الشافعي:
عن ابن علية عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي عن زاذان عن
علي قال في الخيار:
إن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها.
قال أحمد:
زاد فيه غيره:
وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة.
قال الشافعي: ولسنا ولا إياهم يقول بهذا القول.
أما نحن فنقول:
إن اختارت زوجها فلا شيء.
ويروى عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها قالت:
خيرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاخترناه فلم يعد ذلك طلاقا.
4455 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
السري بن يحيى حدثنا قبيصة عن عقبة حدثنا سفيان عن عاصم وإسماعيل بن أبي
خالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من أوجه عن إسماعيل.
وفي جامع الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر، وابن مسعود كانا يقولان:
إذا خيرها فاختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها وإن اختارت زوجها فلا
شيء عليه.
480

وعن ليث عن طاوس عن ابن عباس أنه كان يقول في التخير مثل قول عمر،
وابن مسعود.
وكذلك هو في حكاية الشعبي عن ابن مسعود.
وكذلك هو في رواية عيسى بن عاصم عن زاذان عن علي عن عمر قال علي:
وأرسل _ يعني عمر _ إلى زيد بن ثابت فخالفني وإياه فقال زيد:
إنها إن اختارت نفسها فثلاث وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها.
وقد روي عن أبي جعفر عن علي أنه كان يقول:
إن اختارت نفسها فهي واحدة بائنة وإن اختارت / زوجها فلا شيء.
وروي عن أبي جعفر أنه سئل عن التخيير فقال مثل ما روينا عن عمر، وابن
مسعود.
فقيل له: إن أناسا يروون عن علي بأنه قال: إن اختارت زوجها فتطليقة وزوجها
أحق برجعتها وإن اختارت نفسها فتطليقة بائنة وهي أملك بنفسها.
قال هذا وجدوه في الصحف.
فهذه ثلاث روايات عن علي مختلفة.
وأما زيد بن ثابت فقد روينا عنه في الرجل يملك المرأة فتختار نفسها.
قال: هي واحدة وهو أحق بها.
وروينا عن الثوري في الجامع عن منصور عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة في
الرجل الذي قال لامرأته:
الذي بيدي من أمرك بيدك.
فقالت: فإني قد طلقتك ثلاثا.
قال عبد الله بن مسعود:
481

أراها واحدة وأنت أحق بها.
وسؤل عمر بن الخطاب فقال:
وأنا أرى ذلك.
قال منصور: قلت لإبراهيم: بلغني أن ابن عباس قال: خطأ الله [نوءها] لو
قالت: قد طلقت نفسي.
فقال إبراهيم: هما سواء يعني: قولها طلقتك وطلقت نفسي سواء.
4456 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا ملك الرجل امرأته أو خيرها فهما سواء.
ولا أعرف في الوقت الذي ينقطع ما جعل إليها أثرا يتبع ولا يحضرني فيه شيء
يشبه القياس الصحيح. وقد يحتمل أن يكون قياسا على البيوع فيقال: إليها أمرها ما
لم يتفرقا من مجلسهما أو يرجع فيما جعل إليها قبل أن يحدث شيئا.
قال ابن المنذر: روي هذا القول _ يعني أن الأمر إليها ما دامت في مجلسها قبل
أن يتفرقا _ عن عمر، وعثمان وابن مسعود وجابر والنخعي وعطاء ومجاهد والشعبي
وجابر بن زيد.
وبه قال مالك.
وفيه قول ثان وهو أن أمرها بيدها وإن قامت من ذلك المجلس.
هذا قول (.....).
أصح / القولين.
قال أحمد:
وهذا لما روينا في تخيير النبي [صلى الله عليه وسلم] عائشة فقال:
482

' يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي [فيه] حتى تستأمري
أبويك '.
وفي رواية أخرى:
' فأحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك '.
وهذا حديث وفي أسانيد ما روي فيه عن الصحابة فقال:
وذاك لأن الرواية عنهم كما:
4457 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أخبرنا أبو الوليد حدثنا الحسن بن
سفيان حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عياش عن المثنى عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا:
أيما رجل ملك امرأته أمرها فافترقا في ذلك المجلس لم يحدث فيه شيئا فأمرها
إلى زوجها.
4458 - قال: وحدثنا أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن ابن أبي نجيح
عن مجاهد قال قال عبد الله:
إذا جعل الرجل أمر امرأته بيد رجل فقام قبل أن يقضي فلا أمر له.
4459 - قال: وحدثنا أبو بكر حدثنا محمد بن بشر عن أشعث عن أبي الزبير
عن جابر قال:
إذا خير الرجل امرأته فلم تختر في مجلسه ذلك فلا خيار لها...
وهذه أسانيد غير قوية وأمثلها حديث جابر.
وأما حديث عمر، وعثمان فإن رواية إسماعيل بن عياش عن المثنى بن
الصباح.
والمثنى ضعيف وإسماعيل غير محتج به.
483

وأما حديث ابن مسعود فهو منقطع بينه وبين مجاهد ورواية حجاج بن أرطأة.
والله أعلم.
وهذا حديث ثابت وفي أسانيد ما روي فيه عن الصحابة فقال:
ومن قال بالأول زعم أنه إنما لم يتعلق تخيير النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمجلس لأنه لم يخيرها
في إيقاع الطلاق بنفسها وإنما خيرها على أنها إذا اختارت نفسها أحدث لها طلاقا
لقوله)
* (فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا) *.
قال الشافعي رحمه الله:
وإن ملك أمرها غيرها فهذه وكالة متى أوقع عليها الطلاق / وقع ومتى شاء الزوج
أن يرجع فيه رجع.
((944 - [باب] إذا طلق في نفسه ولم يحرك به لسانه))
قال الشافعي:
لم يكن طلاقا وهو من حديث النفوس الموضوع من بني آدم.
قال الشافعي رحمه الله في كتاب حرملة:
حدثنا سفيان عن مسعر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم '.
4460 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد المروزي
حدثنا محمد بن غالب حدثنا الحميدي حدثنا سفيان فذكره بإسناده غير أنه قال:
484

' ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به '.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي.
((945 - [باب] الحرام))
4461 - أخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
فيما حكي عن العراقيين عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم
عن عبد الله بن مسعود أنه قال في الحرام: إن نوى يمينا فيمين وإن نوى طلاقا فطلاق
وهو ما نوى من ذلك.
قال أحمد:
ورواه أيضا الثوري عن أشعث وقال:
نيته في الحرام ما نوى إن لم يكن نوى طلاقا فهي يمين.
وكذلك هو في رواية الشعبي عن ابن مسعود.
وكلاهما منقطع.
قال الشافعي:
إذا قال لامرأته أنت علي حرام فإن نوى طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدده
وإن لم يرد طلاقا فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياسا على الذي يحرم أمته فيكون
عليه فيها الكفارة.
لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرم أمته فأنزل الله تعالى:
* (لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك) * إلى قول الله [تعالى]:
485

* (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) *.
وقال في كتاب الرجعة:
وإن أراد طلاقا ولم يرد عددا فهو واحدة يملك الرجعة.
وإن قال أردت تحريمها للإطلاق لم يكن حراما وكانت عليه كفارة يمين.
لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] حرم جاريته فأمر بكفارة يمين.
ثم بسط الكلام في التشبيه.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال:
في الحرام يمين يكفرها وقال:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) *.
يعني: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان حرم جاريته فقال تعالى:
* (لم تحرم ما أحل الله لك) * إلى قوله: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) *.
فكفر يمينه وصير الحرام يمينا.
4462 - أخبرنيه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا هشام
الدستوائي قال:
كتب إلي يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس أنه كان يقول: فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن إسماعيل دون قوله. يعني: ولا
أدري من يقول ذلك.
486

وفي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال:
أمر الله النبي [صلى الله عليه وسلم] والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما أحل الله أن يكفروا عن أيمانهم
بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وليس يدخل في ذلك طلاق.
وروينا عن عمر، وعائشة انهما قالا في الحرام: يمين يكفرها.
وروي ذلك عن أبي بكر.
وذهب مسروق بن الأجدع إلى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] آلى وحرم فأنزل الله تعالى:
* (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * فجعل الحرام حلالا وجعل في
اليمين كفارة.
وقد روي عنه عن عائشة (.......).
وإلى مثل ذلك ذهب / قتادة وهو أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لحفصة:
' أسكتي فوالله لا أقربها ' _ يريد فتاته _ ' وهي علي حرام '.
وكذا قال زيد بن أسلم وهو أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حرم أم إبراهيم قال:
' أنت علي حرام والله لا أمسك '.
فأنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل.
وفي سبب نزول هذه الآية قول آخر وهو فيما:
4463 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا
أحمد بن سلمة حدثنا قتيبة حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع
عبيد بن عمير قال سمعت عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] تخير أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يمكث
487

عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا قالت فواصيت أنا وحفصة أيتنا ما دخل
عليها قالت: إني أجد منك ريح مغافير.
_ وقال غيره: أكلت مغافير _ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك فقال:
لا بأس شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له '.
فنزلت: * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * إلى * (إن تتوبا إلى الله) *.
لعائشة وحفصة:
* (وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) *.
لقوله: ' بل شربت عسلا '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن
جريج عن عطاء في هذا الحديث ' ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبرين بذلك أحدا '.
قال أحمد:
وكذلك قال محمد بن ثور عن ابن جريج.
وفي حديث ابن أبي مليكة عن ابن عباس في هذه القصة:
' والله لا أشربه '.
فأخبر أنه حلف عليه.
فيشبه أن يكون وجوب الكفارة تعلق باليمين لا بالتحريم.
وقد رواه عروة بن الزبير عن عائشة فخالفه في بعض الألفاظ ولم يذكر نزول
الآية فيه ونزولها في تحريم مارية أشهر عند أهل التفسير. والله أعلم.
488

4464 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
(........) عن / الشعبي عن علي في الحرام ثلاث أورده فيما ألزم العراقيين
خلاف علي.
((946 - [باب] طلاق التي لم يدخل بها))
4465 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فقال الله عز وجل:
* (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *.
وقال: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) *.
فالقرآن _ والله أعلم _ يدل على أن من طلق زوجة له دخل بها أو لم يدخل بها
ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
فإذا قال الرجل لامرأته التي لم يدخل بها:
أنت طالق ثلاثا فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره.
4466 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن
ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم
بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له فسأل أبا هريرة وعبد الله بن
عباس عن ذلك فقالا:
لا نرى أن تنكحها حتى تنكح.
وفي رواية أبي سعيد: حتى تزوج زوجا غيرك.
489

قال: إنما كان طلاقي إياها واحدة.
فقال ابن عباس: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل.
4467 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج
عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل يسأل عبد
الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها.
قال عطاء بن يسار:
إنما طلاق البكر واحدة.
فقال عبد الله بن عمرو: إنما أنت قاص الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى
تنكح زوجا غيره.
قلت: كذا رواه مالك وخالفه يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون
وعبدة / بن سليمان فرووه عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله عن عطاء بن يسار
دون ذكر النعمان بن أبي عياش في إسناده.
قال مسلم بن الحجاج:
قال: والنعمان أقدم سنا من عطاء بن يسار.
4468 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير أخبره أن ابن أبي عياش _ وهو
معاوية بن أبي عياش _ أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما
محمد بن إياس بن البكير فقال:
إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟
فقال ابن الزبير:
إن هذا الأمر ما لنا فيه قول اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة [فإني تركتهما عند
490

عائشة] فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا فذهب فسألهما.
قال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة.
فقال أبو هريرة:
الواحدة تبتها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره.
وقال ابن عباس مثل ذلك.
ورواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وزاد فيه: وتابعتهما عائشة.
وروي ذلك عن علي وزيد وابن مسعود وأنس.
وذكره ابن المنذر عنهم وعن من روينا.
4469 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن قسيط عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث أنه قال في رجل قال لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق ثم أنت
طالق ثم أنت طالق.
فقال أبو بكر: أتطلق امرأة على ظهر الطريق قد بانت من حين طلقها
التطليقة الأولى.
وفي حكاية الشافعي أنه قال:
بلغنا عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود،
وزيد بن ثابت، وإبراهيم بذلك.
لأن امرأته ليست عليها عدة بعد [أن] بانت.
491

(......) حكاية / ابن المنذر عن الحكم بن عتيبة عن علي وابن مسعود
وزيد.
((947 - [باب] الطلاق بالوقت))
4470 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ولو قال أنت طالق غدا أو إلى سنة طلقت في الوقت الذي وقت ولا تطلق
قبله.
قال أحمد:
وروي عن ابن عباس أنه قال:
هي امرأته إلى سنة.
وبمعناه قال عطاء وجابر بن زيد.
((948 - [باب] طلاق المكره))
4471 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *.
قال الشافعي:
وللكفر أحكام بفراق الزوجة وأن يقتل الكافر ويغنم ماله فلما وضع الله تعالى
عنه سقطت أحكام الإكراه عن القول كله لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو
أصغر منه.
492

وبسط الكلام في بيان الإكراه ثم قال:
وإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكره عليه من قول ما كان القول.
فذكر البيع والنكاح والطلاق والعتاق والإقرار. وبسط الكلام في شرح هذه
الجملة.
4472 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ويروى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عليا قال:
لا طلاق لمكره.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
والذي روي عن عمر بن الخطاب أن رجلا تدلى يشتار عسلا فجاءته امرأته
فوقفت على الحبل فحلفت لتقطعنه أو لتطلقني ثلاثا.
فذكرها الله والإسلام فأبت إلا ذلك فطلقها ثلاثا.
فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب فذكر له ما كان منها إليه ومنه إليها.
فقال:
ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق.
فهكذا:
4473 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو العباس الضبعي حدثنا الحسن بن
علي / بن زياد حدثنا ابن أبي أويس قال حدثني عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم
الجمحي عن أبيه. فذكر هذه القصة.
ورواه أبو عبيد عن يزيد عن عبد الملك عن أبيه عن عمر بهذه القصة إلا أنه
قال:
493

فرفع إلى عمر فأبانها منه.
قال أبو عبيد: وقد روي عن عمر بخلافه.
فهذا خطأ وقع في رواية أبي عبيد وتنبه له أبو عبيد فقال: قد روي عن عمر
بخلافه.
والحديث منقطع وهو عن ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير موصول ولا
مخالف لهم من الصحابة.
أما حديث ابن عباس ففي رواية عكرمة أنه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتى
طلق امرأته فقال:
قال ابن عباس: ليس بشيء.
وأما حديث ابن عمر، وابن الزبير ففي الموطأ عن مالك عن ثابت الأحنف: أنه
تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب.
قال: فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن فجئت فدخلت عليه فإذا بسياط موضوعة
وإذا قيدين من حديد وعبدين له قد أجلسهما فقال له: طلقها وإلا والذي يحلف به
فعلت بك كذا وكذا.
فقلت: هي الطلاق ألفا.
قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته فقال: ليس
ذلك بطلاق إنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك.
فأتيت عبد الله بن الزبير فأخبرته فقال لي: لم تحرم عليك فارجع إلى
أهلك.
4474 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره أتم من ذلك.
وهو مذهب عطاء وطاوس والحسن وجابر بن زيد وشريح وعكرمة وعمر بن عبد
494

العزيز، عبد الله بن عبيد الله بن عمر.
4475 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا الأستاذ أبو الوليد حسان بن
محمد القرشي حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبد الله عن نمير حدثنا أبي
حدثنا محمد بن إسحاق / عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد بن أبي صالح قال
بعثني عدي بن عدي إلى صفية بنت شيبة أسألها عن أشياء كانت ترويها عن عائشة
قالت:
حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' لا طلاق ولا عتاق في إغلاق '.
أخرجه أبو داود في السنن من حديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق.
قال أبو سليمان الخطابي: معنى الإغلاق: الإكراه.
4476 - وأخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر في آخرين
قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا بشر بن بكر
عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه '.
قال أحمد:
ودخول التخصيص في بعض ألفاظ الخبر بدلالة لا يوجب دخوله في الباقي من
غير دلالة.
وروينا عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: قال عمر رضي الله عنه:
495

ليس الرجل بأمير على نفسه إذا جوعت أو أوثقت أو ضربت.
قال أحمد:
وينبغي أن يكون الإكراه على الطلاق أو اليمين.
وليس في حديث حذيفة وابنه حين أخذ عليهما المشركون عهد الله أن ينصرفوا
إلى المدينة ولا يقاتلا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
إن المشركين أكرهوهما على اليمين والعهد ولكنهما أخذا حين سار رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] إلى بدر فزعما أنهما يريدان المدينة فأخذ المشركون منهما عهد الله وميثاقه
في الانصراف إليها وترك القتال معه فلما أخبرا به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' انصرفا نفي لهما بعهودهم ونستعين بالله عليهم '.
وكان هذا في أول عهد الإسلام قبل ثبوت الأحكام.
ولو أن مسلما حلف اليمين على ترك قتال المشركين فإنا نأمره بأن يحنث نفسه
ويقاتل / المشركين.
وحديث أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' ثلاث جدهن جد: وهزلهن جد: الطلاق
والنكاح والرجعة '.
وليس من الإكراه في شيء لأن المكره ليس بجاد ولا هازل.
((949 - [باب] طلاق السكران))
4477 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
496

ويجوز طلاق السكران من الشراب المسكر وعتقه.
وقد قال بعض من مضى من أهل الحجاز لا يجوز طلاق السكران.
وكأنه ذهب إلى أنه مغلوب على عقله.
قال الشافعي:
وأكثر من لقيت من المفتين على أن طلاقه يجوز.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى
يستيقظ '.
والسكران ليس واحد من هؤلاء ولا في معناه.
قال أحمد:
قد روينا هذا الحديث فيما مضى بإسناده وقد:
4478 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه حدثنا أحمد بن
نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو معاوية حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن
أبان بن عثمان عن عثمان قال:
كل الطلاق جائز إلا طلاق النشوان وطلاق المجنون.
قال أحمد:
وقد روينا هذا الحديث في كتاب [السنن] عاليا عن عثمان أنه قال:
ليس للمجنون ولا للسكران طلاق.
وبه قال القاسم بن محمد وطاوس وعطاء وأبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز.
497

وبه قال من أصحابنا أبو ثور والمزني.
4479 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن يزيد بن هارون عن الأشعث عن أبي إسحاق عن عاصم بن خمرة عن علي
أنه قال:
اكتموا الصبيان النكاح فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه.
قال الشافعي:
لا طلاق لصغير حتى يبلغ.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي رضي الله عنه.
((950 - [باب] طلاق العبد))
احتج الشافعي في وقوع طلاقه بالكتاب:
قال الله عز وجل:
* (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) *
وغير ذلك من الآيات.
قال: والعبد ممن عليه حرام وله حلال فحرمه بالطلاق.
4480 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي قال مالك حدثني - وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا أخبرنا مالك
قال حدثني - نافع أن ابن عمر كان يقول:
من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء.
498

ورواه في القديم عن مالك عن نافع عن ابن عمر وزاد فيه:
فإما أن يأخذ رجل أمة غلامه أو أمة وليدته فلا جناح عليه.
4481 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
4482 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني عبد ربه بن سعيد عن محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي:
أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة استفتى زيد بن ثابت فقال:
إني طلقت امرأة لي حرة تطليقتين.
فقال زيد: حرمت عليك.
4483 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال وحدثني ابن شهاب عن
ابن المسيب:
أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] طلق امرأة حرة تطليقتين واستفتى
عثمان بن عفان فقال له عثمان: حرمت عليك.
وفي حديث سليمان بن يسار: أنهما جميعا أفتياه بذلك. وذلك يرد إن شاء
الله.
((951 - [باب] الاستثناء في الطلاق))
روينا عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فقد استثنى '.
499

4484 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الحسن بن حمشاذ العدل
حدثنا السري بن خزيمة الأبيوردي حدثنا المعلى بن أسد حدثنا وهيب عن أيوب عن
نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء
فليرجع '.
4485 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
الاستثناء في الطلاق والعتق والنذور كهو في الإيمان لا يخالفهما.
وفيما حكى الشافعي عن العراقيين عن حماد عن إبراهيم أنه قال في ذلك: لا
يقع الطلاق.
وعن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا يقع
الطلاق.
((952 - [باب] طلاق المريض))
4486 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج
قال أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت
وهي في عدتها.
فقال عبد الله بن الزبير:
طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ الكلابية فبتها ثم مات وهي في
عدتها فورثها عثمان.
قال ابن الزبير:
وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوته.
500

4487 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
طلحة بن عبد الله بن عوف قال:
وكان أعلمهم بذلك.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن [أن عبد الرحمن] بن عوف طلق امرأته البتة
وهو مريض فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي:
قد ذهب بعض أصحابنا إلى أن يورث المرأة وإن لم يكن للزوج عليها رجعة
إذا طلقها الزوج وهو مريض وإن انقضت عدتها منه قبل موته.
وقال بعضهم: وإن نكحت زوجا غيره.
وقال غيرهم: ترثه ما امتنعت من الأزواج.
وقال بعضهم: ترثه ما كانت في العدة فإذا انقضت العدة لم ترثه.
وهذا مما استخير الله فيه.
ثم ساق الكلام إلى أن [قال]:
أنها لا ترثه بعد انقضاء العدة لأن حديث ابن الزبير متصل وهو يقول:
ورثها عثمان في العدة.
وحديث ابن شهاب مقطوع.
وأجاب في الإملاء بأن عثمان بن عفان ورث امرأة عبد الرحمن وقد طلقها ثلاثا
بعد انقضاء العدة.
قال وهو فيما يخيل إلي أثبت الحديثين.
501

ثم قال: وقيل في العدة.
قال أحمد:
إنما رجع حديث ابن الزبير على حديث ابن شهاب لاتصاله وانقطاع حديث ابن
شهاب.
وقد روى يونس عن ابن شهاب عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن السائب بن
يزيد ابن أخت نمر أنه شهد على قضاء عثمان في تماضر بنت الأصبغ ورثها من عبد
الرحمن بن عوف بعدما حلت. وعلى قضائه في أم حكيم ورثها من عبد الله بن
مكمل بعدما حلت.
وهذا إسناد موصول.
4488 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا أبو عبد الله
البوشنجي حدثنا ابن بكير حدثنا مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول:
بلغني أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها فقال لها:
إذا حضت ثم طهرت فآذنيني.
فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف فلما طهرت آذنته فطلقها البتة أو
تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها وعبد الرحمن يومئذ مريض فورثها
عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.
ورواه الشافعي في القديم عن مالك وهو منقطع إلا أنه يؤكد رواية ابن
شهاب.
وروينا عن شيخ من قريش عن أبي بن كعب في الذي يطلق وهو مريض لا
نزال نورثها حتى يبرأ أو تتزوج وإن مكث سنة.
قال الشافعي:
502

وقال غيرهم ترثه ما لم تنقض العدة.
ورواه عن عمر بن الخطاب بإسناد لا يثبت مثله عند أهل الحديث.
يعني ما رواه الثوري في الجامع عن مغيرة عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب قال
في الذي يطلق امرأته وهو مريض قال:
ترثه في العدة ولا يرثها.
وهذا منقطع بين عمر وإبراهيم ولم يسمعه مغيرة عن إبراهيم إنما رواه
شعبة بن الحجاج عن مغيرة عن عبيدة عن إبراهيم عن عمر.
وعبيدة الضبي غير قوي.
وله علتان أخريان ذكرهما يحيى بن سعيد القطان فيما:
4489 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الحفيد حدثنا هارون بن عبد الصمد (......) حدثنا علي بن المديني قال سمعت
يحيى بن سعيد يقول:
كان شعبة يروي حديث مغيرة عن عبيدة عن إبراهيم عن عمر في الرجل الذي
يطلق وهو مريض.
قال يحيى وكان هشيم يقول في هذا الحديث:
ذكره عبيدة عن إبراهيم عن عمر.
قال يحيى فسألت عبيدة عنه فحدثنا عن إبراهيم عن الشعبي أن ابن هبيرة كتب
إلى شريح في الذي يطلق وهو مريض وليس عن عمر.
وقد ذكر البخاري هذه الحكاية في التاريخ وقال في حديث هشيم:
وكان هشيم يقول: عن مغيرة.
ذكر عبيدة وكأنهم كانوا يشكون أيضا في سماع مغيرة هذا.
503

ثم لم يسنده عبيدة إلى عمر في رواية يحيى القطان فهو عن عمر ليس بثابت
كما قال الشافعي رحمه الله.
وأما حديث أشعث عن الشعبي أن عثمان طلق امرأته وهو محصور ثلاثا فورثها
علي منه فإنه منقطع.
4490 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو / العباس حدثنا الربيع قال:
قد استخار الله فيه _ يعني الشافعي _ فقال:
لا ترث المبتوتة.
قال الربيع: وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف طلقها على أنها لا ترثه
_ إن شاء الله _ عنده.
((953 - [باب] الشك في الطلاق))
4491 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد
ريحا '.
قال الشافعي:
هذا كان على يقين الوضوء وشك في انتفاضه فأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يثبت على
يقين الوضوء فلا ينصرف من الصلاة حتى يستيقن بانتقاض الوضوء بأن يسمع من
نفسه صوتا أو يجد ريحا. وهو في معنى الذي يكون على يقين النكاح ويشك في
تحريم الطلاق ولا يخالفه.
504

((954 - [باب] ما يهدم الزوج من الطلاق))
قال الشافعي:
يهدم الزوج المصيبها بعده الثلاث ولا يهدم الواحدة والثنتين.
قال: وقلنا هذا عن عمر بن الخطاب وعدد من كبار أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
4492 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن
عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول:
سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو
تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجها رجل غيره ثم طلقها أو مات عنها ثم تزوجها
زوجها الأول [على كم هي عنده]؟ قال: هي عنده على ما بقي.
قال أحمد:
ورواه الحكم بن عتيبة عن مزيدة بن جابر عن أبيه عن علي بن أبي طالب.
وعن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب.
[و] رواه ابن سيرين عن عمران بن حصين.
قال الشافعي:
وقد خالفنا في هذا بعض الناس واحتج بقول ابن عمر وابن عباس فيه.
قال أحمد:
روى وبرة عن ابن عمر قال:
505

يكون على طلاق مستقبل.
وروى طاوس عن ابن عباس قال:
يكون على طلاق جديد ثلاث.
وبمعناه رواه عبد الأعلى عن ابن الحنفية عن علي.
وروايات عبد الأعلى الثعلبي عن ابن الحنفية ضعيفة عند أهل العلم
بالحديث. وقد خالفه أهل الثقة في هذا.
4493 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا
الزعفراني حدثنا أبو قطن حدثنا شعبة عن الحسن عن مزيدة عن أبيه سمع عليا يقول:
هي على ما بقي.
وحكاه ابن المنذر عن من روينا قولنا ثم قال: روي ذلك عن زيد ومعاذ وعبد
الله بن عمرو بن العاص.
وبه قال عبيدة السلماني وسعيد بن المسيب والحسن البصري.
506

((26 - كتاب الرجعة))
4494 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *
قال: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * إلى * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا) *
قال الشافعي:
يقال: إصلاح الطلاق بالرجعة - والله أعلم - فمن أراد الرجعة فنهى له لأن الله
تعالى جعلها له.
قال الشافعي:
فأيما [زوج] حر طلق امرأته بعدما يصيبها واحدة أو اثنتين فهو أحق برجعتها
ما لم تنقض عدتها بدلالة كتاب الله وسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فإن ركانة طلق امرأته البتة ولم يرد إلا واحدة فردها إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وذلك عندنا في العدة. والله أعلم.
507

واحتج في موضع آخر بحديث عمر في البتة وقال في قول الله عز وجل:
* (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف) *
إذا شارفن بلوغ أجلهن فراجعوهن بمعروف أو دعوهن تنقضي عددهن بمعروف
ونهاهم أن يمسكوهن ضرارا ليعتدوا فلا يحل إمساكهن ضرارا.
قال الشافعي:
وطلاق العبد اثنتان فيملك مراجعتها بعد واحدة ما يملك الحر مراجعة امرأته
بعد واحدة أو اثنتين.
قال الشافعي في الإملاء:
جعل الله تعالى الطلاق بالرجال وإليهم وجعل العدة على النساء فيطلق الحر
الأمة ثلاثا وتعتد حيضتين ويطلق العبد الحرة ثنتين فتعتد ثلاث حيض.
4495 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار
عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب أنه قال:
ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض
فشهرين أو شهرا ونصفا.
قال سفيان _ وكان ثقة _.
4496 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني أبو الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعا
مكاتبا لأم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أو عبدا كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن
يراجعها فأمره أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فذهب إليه
508

فلقيه عند الدرج آخذ بيد زيد بن ثابت / فسألهما فابتدراه جميعا فقالا: حرمت عليك
حرمت عليك.
ورواه من حديث ابن المسيب عن عثمان ومن حديث محمد بن إبراهيم التيمي
عن زيد بن ثابت وقد مضى ذكرهما.
4497 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال:
إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت
أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان.
قال أحمد:
ورواية عبيد الله بن عمر عن نافع ورواية الزهري عن سالم تدل على أن مذهب
ابن عمر في ذلك أن أيهما رق نقص الطلاق برقه والعدة للنساء بكل حال.
4498 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا
سعدان بن نصر حدثنا عمر بن شبيب بن المسلي عن عبد الله بن عيسى عن عطية
العوفي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان '.
قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ فيما:
4499 - أخبرنا أبو عبد الرحمن عنه: حديث عطية هذا منكر غير ثابت من
وجهين أحدهما:
أن عطية ضعيف وسالم ونافع أثبت منه وأصح رواية.
والآخر: أن عمر بن شبيب ضعيف لا يحتج بروايته.
509

قال أحمد:
عمر بن شبيب قد ضعفه يحيى بن معين وغيره.
والصحيح عن ابن عمر ما رواه القاسم ونافع من قوله.
وروى مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان '.
4500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو النضر حدثنا محمد بن سليمان
الواسطي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر بن أسلم / فذكره.
قال أبو عاصم: فذكرته لمظاهر فحدثني به.
قال أحمد:
قد روينا عن أبي عاصم أنه قال:
ليس بالبصرة حديث أنكر من حديث مظاهر هذا.
وقال أبو داود: مظاهر رجل مجهول.
وهذا منكر.
قال أحمد:
والذي يدل على ضعف هذا الخبر ما:
4501 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو
بكر النيسابوري حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عاصم حدثنا هشام بن سعد عن
زيد بن أسلم قال: سئل القاسم بن محمد عن عدة الأمة فقال:
510

الناس يقولون: حيضتان وإنا لا نعلم ذلك من كتاب الله ولا في سنة
نبيه [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
ورواه صغدي بن سنان عن مظاهر وقال في الحديث:
طلاق العبد اثنتان.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد بن قيس عن سعيد بن المسيب أنه قال:
الطلاق للرجال والعدة للنساء.
4502 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
((955 - [باب] من قال الرجعية محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها)
4503 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أنه طلق امرأته وهي في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى المسجد فكان يسلك
الطريق الآخر من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها.
4504 - وأنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن
الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عمرو بن دينار قال مثل ذلك.
وعن سعيد عن ابن جريج أن عطاء وعبد الكريم قالا: لا يراها فصلا.
511

وعن سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
أرأيت إن كان في نفسه ارتجاعها؟
قال: سواء في الحل إذا كان يريد ارتجاعها وإن لم يرده ما لم يراجعها.
قال الشافعي:
وهذا كما قال عطاء. إن شاء الله.
((956 - [باب] الرجل يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك حتى تزوجت زوجا آخر فهي للأول))
قال الشافعي:
لأن الله تعالى جعل للزوج المطلق الرجعة في العدة ولا يبطل ما جعل الله له
منها بباطل من نكاح غيره ولا بدخول لم يكن يحل على الابتداء لو عرفاه كانا عليه
محدودين.
وفي مثل معنى كتاب الله وسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أنكح الوليان فالأول أحق '.
4505 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا يحيى بن حسان عن عبيد الله بن عمر والرقي عن
عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب في الرجل يطلق امرأته
ثم يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك قال: هي امرأة الأول دخل بها الآخر أو لم
يدخل.
512

4506 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن حماد عن قتادة عن خلاس: أن رجلا طلق امرأته وأشهد على طلاقها
وراجعها وأشهد على رجعتها واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها فرفع إلى علي
ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة وعذر الشاهدين.
قال الشافعي:
وهم يخالفون هذا ويجعلون الرجعة بائنة.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
قال الشافعي في القديم:
وإن أعلمها الطلاق وكتمها الرجعة حتى تنكح فإن كان فيه أثر بأن لا سبيل له
عليها فليس فيه إلا الاتباع.
وإن كان بالنظر ولم يكن فيه أثر ثابت فالنظر أن الرجعة بائنة وكان النكاح الآخر
مفسوخ.
قال أحمد:
روايات خلاس عن علي يضعفها أهل العلم بالحديث يقولون تغاير كتاب الله /
والله أعلم.
وقد قطع في الجديد بصحة الرجعة.
((957 - [باب] وجه الرجعة))
4507 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
احتمل أمر الله عز وجل بالإشهاد في الطلاق والرجعة ما احتمل أمره بالإشهاد
في البيوع ودل ما وصفت من أني لم أعلم مخالفا حفظت عنه من أهل العلم أن حراما
أن يطلق بغير بينة على أنه - والله أعلم - دلالة اختيار لا فرض يعصى به من تركه.
واحتملت الشهادة على الرجعة من هذا ما احتمل الطلاق.
ويشبه أن يكون في مثل معناه.
513

قال: والاختيار في هذا وفي غيره مما أمر فيه بالإشهاد والذي ليس في النفس
منه شيء الإشهاد.
قال أحمد:
روينا عن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته ولم يشهد وراجع ولم
يشهد.
قال عمران: طلق في غير عدة وراجع في سنة فليشهد الآن.
4508 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الدوري حدثنا الأسود بن
عامر حدثنا حماد عن أيوب عن ابن سيرين عن عمران بذلك.
وهذا يدل على نفوذهما دون الإشهاد حتى قال: فليشهد الآن. والله أعلم.
((958 - [باب] نكاح المطلقة ثلاثا))
4509 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
قال الله عز وجل:
* (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) *
فاحتمل قول الله:
* (حتى تنكح زوجا غيره) *
أن يتزوجها زوجا غيره وكان هذا المعنى الذي يسبق إلى من خوطب به واحتمل
حتى يصيبها زوج غيره. لأن اسم النكاح يقع بالإصابة ويقع بالعقد فلما قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] لامرأة طلقها زوجها ثلاثا ونكحها بعده رجل:
' لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك '.
514

يعني: يصيبك زوج غيره.
بين أن إحلال الله إياها للزوج المطلق بعد زوج بالنكاح إذا كان مع النكاح
إصابة من الزوج.
4510 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عروة عن
عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] سمعها تقول:
جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالت:
إني كنت [عند] رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير
وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم النبي [صلى الله عليه وسلم] وقال:
' أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك '.
قالت: وأبو بكر عند النبي [صلى الله عليه وسلم] وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن
يؤذن له فنادى يا أبا بكر ألا تسمع ما تجهر به هذه عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4511 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد
الرحمن بن الزبير:
أن رفاعة طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثلاثا فنكحها عبد
515

الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها
وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر للنبي [صلى الله عليه وسلم] فنهاه أن يتزوجها وقال:
' لا تحل لك حتى تذوق العسيلة '.
هكذا رواه في الموطأ.
ورواه عنه ابن وهب فقال عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير بن عبد
الرحمن بن الزبير عن أبيه.
وروينا عن زيد بن ثابت أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثا ثم يشتريها.
أنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
قال مالك:
وقال ذلك غير واحد من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
516

7 (27 - كتاب الإيلاء))
4512 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
قال الله تبارك وتعالى:
* (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم.
وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) *
قال الشافعي:
فظاهر كتاب الله يدل على أن له أربعة أشهر ومن كانت له أربعة أشهر أجلا له
فلا سبيل عليه فيها حتى تنقضي الأربعة أشهر كما لو أجلتني أربعة أشهر لم يكن
لك أخذ حقك مني حتى تنقضي الأربعة أشهر.
ودل على أن عليه إذا مضت الأربعة الأشهر واحدا من حكمين إما أن يفي وإما
أن يطلق.
فقلنا بهذا وقلنا لا يلزمه طلاق بمضي أربعة أشهر حتى يحدث فئة أو طلاقا
قال: والفئة الجماع. إلا من عذر.
4513 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن
517

سليمان بن يسار قال:
أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كلهم يوقف المولى.
4514 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي إسحاق
الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة قال:
شهدت عليا أوقف المولى.
4515 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ليث عن مجاهد
عن مروان بن الحكم: أن عليا أوقف المولى.
4516 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن مسعر عن حبيب بن
أبي ثابت عن طاوس: أن عثمان كان يوقف المولى.
4517 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن
القاسم بن محمد قال: كانت عائشة إذا ذكر لها الرجل يحلف أن لا يأتي امرأته
فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئا حتى توقف وتقول: كيف قال الله:
* (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) *
4518 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه
قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف
فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك.
4519 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا
518

أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن
عليا كان يوقف المولى.
4520 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن هشيم عن الشيباني عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى أن عليا وقف المولى.
قال الشافعي:
وهكذا نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر، وعائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]
وعن عثمان وزيد بن ثابت وعن بضعة عشر من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] أنهم وقفوا
المولى.
وهم يخالفونه ويقولون لا نوقف إذا مضت أربعة أشهر بانت منه.
4521 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
قال - يعني بعض العراقيين - لكنا اتبعنا فيه قول ابن عباس فأنت تخالفه في
الإيلاء.
قال: ومن أين فذكر ما:
4522 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي يحيى عن ابن
عباس أنه قال:
المولى الذي يحلف لا يقرب امرأته أبدا.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي:
وأنت تقول المولى من حلف على أربعة أشهر فصاعدا.
قال الشافعي:
وأما ما رويته عن ابن مسعود فمرسل وحديث علي بن بذيمة لا يسنده غيره
علمته.
519

يريد بالمرسل: رواية إبراهيم عن عبد الله فيمن آلى من امرأته فمضت أربعة
أشهر قبل أن يجامعها قال: بانت منه.
ويريد بالمسند: رواية علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد
الله بن مسعود قال: الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة.
قال الشافعي:
ولو كان هذا ثابتا عنه فكنت إنما بقوله اعتللت أكان بضعة عشر من أصحاب
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يأخذ بقولهم أو واحد أو اثنين.
قال الشافعي:
وأقل بضعة عشر أن يكونوا ثلاثة عشر.
وهو يقول من الأنصار.
قال أحمد:
قد روينا أيضا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنه قال: سألت اثني عشر من
أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الرجل قالوا:
ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق.
ورواه أيضا ثابت بن عبيد مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر من أصحاب رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
وأما عمر بن الخطاب:
فروى محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن ابن المسيب وأبي بكر
[بن] عبد الرحمن أن عمر كان يقول إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهو أملك
بردها ما دامت في عدتها.
وخالفه مالك بن أنس فروى عن الزهري عن سعيد وأبي بكر من قولهما لم يرفعه
520

إلى عمر، وهو الصحيح.
4523 - أخبرناه أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا
مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهما كانا يقولان في
الرجل يولي من [امرأته].
أنه إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة ولزوجها عليها الرجعة ما كانت في
العدة.
وقال مالك: أن مروان كان يقف على ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب.
هذا هو الصحيح عنهما غير مرفوع إلى عمر.
ورواه يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري وبينه بيانا شافيا.
4524 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا
يعقوب بن سفيان قال حدثني سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني ابن وهب قال أخبرني
يونس عن ابن شهاب قال كان ابن المسيب يقول:
هي تطليقة واحدة له عليها الرجعة.
وكان أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يقول مثل ما يقول سعيد بن
المسيب.
4525 - أخبرني ذلك عنه داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ولم
أسمع ذلك من أبي بكر ولم أسأل عنه.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول:
الإيلاء يوقف عند الأربعة أشهر بين أن يفيء وبين أن يطلق.
وهذا فيما رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد فيحتمل أن يكون مراده بقوله
521

في الإيلاء أنهما تطليقة رجعية إذا طلقها الزوج والله أعلم.
وقد رواه حماد بن مسلمة عن قتادة عن ابن المسيب أن أبا الدرداء قال في
الإيلاء:
يوقف عند انقضاء الأربعة الأشهر فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الدرداء قال: كانوا يقولون في الإيلاء:
يوقف.
فذكره ولم يذكر فيه ابن المسيب.
ورواه معمر عن قتادة عن أبي ذر وعائشة.
وأما الرواية فيه عن عثمان بن عفان:
فقد روى عطاء الخراساني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان وزيد بن
ثابت أنهما كانا يقولان:
إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة.
وعطاء الخراساني ضعيف.
والمحفوظ عن عثمان ما ذكرنا.
4526 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو
بكر النيسابوري حدثنا الميموني قال ذكرت لأحمد بن حنبل حديث عطاء الخراساني
عن أبي سلمة عن عثمان قال:
لا أدري ما [روي] عن عثمان خلافه.
قيل له: من رواه؟ قال:
حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن عثمان: يوقف وأما الرواية فيه عن ابن عباس:
522

فالصحيح عنه إن عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر.
وفي تفسير علي بن أبي طلحة والسدي عن ابن عباس مثل قولنا.
وفيما حكى الشافعي عن بعض العراقيين عن ابن أبي عروبة عن عامر الأحول
عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس فيمن حلف لا يقربها أقل من أربعة أشهر لم يقع
عليها بذلك إيلاء.
قال الشافعي:
لا يحكم بالوقف في الإيلاء إلا على من حلف على يمين تجاوز فيها أربعة
أشهر.
4527 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه في الإيلاء:
أن يحلف أن لا يمسها أبدا أو سنة أو شهرا أو أكثر أو ما زاد على أربعة أشهر أو
نحو ذلك.
4528 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن
عطاء قال:
الإيلاء أن يحلف بالله على الجماع نفسه وذلك أن يحلف أن لا يمسها فإما أن
يقول لا أمسك ولا يحلف أو يقول لها قولا غليظا ثم يهجرها فليس ذلك بإيلاء.
4529 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن إسماعيل بن
إبراهيم بن المهاجر عن أبيه عن مجاهد قال:
تزوج الزبير أو ابن الزبير - شك الربيع - امرأة فاستزاده أهلها في المهر فأبى
فكان بينه وبينهم شر فحلف أن لا يدخلها عليه حتى يكون أهلها الذي يسألونه ذلك.
قال: فلبثوا سنين ثم طلبوا ذلك إليه فقالوا: اقبض إليك أهلك.
ولم يعدو ذلك إيلاء وأدخلها عليه.
قال الشافعي:
523

ويسقط الإيلاء من وجه ثان بأن يأتيها ولا يدخلها عليه لعلة إلا أن يكون أراد هذا
المعنى بيمينه.
4530 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي
فيما بلغه عن هشيم عن داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن أبي عطية الأزدي
بأنه تزوج امرأة أخيه وهي ترضع بابن أخيه فقال:
والله لا أقربها حتى تفطمه فسأل عليا عن ذلك فقال علي:
إن كنت إنما أردت الإصلاح لك أو لابن أخيك فلا إيلاء عليك إنما الإيلاء ما
كان في الغضب.
قال أحمد:
هكذا رواه هشيم.
ورواه الثقفي عن داود عن سماك عن رجل من بني عجل عن أبي عطية.
ورواه شعبة عن سماك عن عطية بن جبير وروى الشافعي في القديم عن سفيان
عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب. أظنه في معناه.
ثم قال: وسعيد ثقة وإن كنت لا أدري عن من رواه ثم قال: ومن قال هذا القول
فينبغي أن يقوله.
وكذلك إن كان بها علة يضرها الجماع بها أو بدأ اليمين وليس معناها الضرار
فليست بإيلاء.
ولهذا القول وجه حسن. والله أعلم.
وقال غيره:
هو مولى ذلك يمين منعت الجماع فهي إيلاء ونص على هذا في الجديد واحتج
بأن الله تعالى أنزل الإيلاء مطلقا لم يذكر فيه غضبا ولا رضا. والله أعلم.
524

قال ابن المنذر:
وروي هذا القول عن ابن مسعود - يريد قوله - إن الإيلاء في الرضا والغضب
سواء.
وقال ابن المنذر في المولى:
نقول أمراه كفر عن يمينه.
روي هذا عن ابن عباس وزيد بن ثابت.
525

((28 - كتاب الظهار))
4531 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا
الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: سمعت من أرضى من أهل العلم
بالقرآن يذكر أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاث الظهار والإيلاء والطلاق.
فأقر الله تبارك وتعالى الطلاق طلاقا وحكم في الإيلاء بأن أمهل المولى أربعة
أشهر ثم جعل عليه أن يفيء أو يطلق.
وحكم في الظهار بالكفارة. فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها أو يريد
تحريمها بلا طلاق فلا يقع به طلاق بحال وهو متظهر.
وكذلك إن تكلم بالظهار ولم ينو شيئا فهو متظاهر.
قال الله تبارك وتعالى:
* (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) *
قال الشافعي:
الذي حفظت ممن سمعت في: * (يعودون لما قالوا) *: إن المتظاهر حرم
امرأته بالظهار فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي تحرم به
ولا بشيء يكون له مخرج من أن تحرم به فقد وجبت عليه كفارة الظهار كأنهم يذهبون
526

إلى أنه إذا أمسك ما حرم على نفسه أنه حلال فقد عاد لما قال فخالفه فأحل ما
حرم.
قال: ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ولم أعلم مخالفا في أن عليه كفارة
الظهار وإن لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال ما لم أعلم مخالفا في أنه ليس بمعنى
الآية.
4532 - أخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا
يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت وكان امرءا به لمم فكان
إذا اشتد لممه ظاهر من امرأته فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار.
4533 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا
سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة
قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل:
* (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله) *
أخرجه البخاري في الصحيح فقال: وقال الأعمش عن تميم فذكره.
ورواه أبو عبيدة بن معن عن الأعمش وذكر أنها كانت خولة بنت ثعلبة وزوجها
أوس بن الصامت.
قال الشافعي:
ومعنى قول الله تعالى:
* (من قبل أن يتماسا) *
وقت لأن يؤدي ما أوجب الله عليه من الكفارة فيها قبل المماسة.
527

وإذا كانت المماسة قبل الكفارة فذهب الوقت لم تبطل الكفارة ولم ترد عليه
فيها.
وجعلهما قياسا على الصلاة.
4534 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا بكر بن محمد الصيرفي حدثنا عبد
الصمد بن الفضل حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن
ابن عباس أن رجلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال: يا رسول الله
إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر قال:
' وما حملك على ذلك يرحمك الله '.؟
قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر. قال:
' فلا تقربها حتى تفعل ما أمر الله '.
وبمعناه رواه معمر وسعيد بن كليب قاضي عدن عن الحكم بن أبان
موصولا.
وروينا في حديث سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في
المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال:
' كفارة واحدة '.
((959 - [باب] عتق المؤمنة في الظهار))
4535 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
528

* (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) *
قال الشافعي:
فإذا وجبت كفارة الظهار على الرجل وهو واجد لرقبة أو ثمنها لم يجز فيه إلا
تحرير رقبة ولا تجزئه رقبة على غير دين الإسلام لأن الله تعالى يقول في القتل:
* (فتحرير رقبة مؤمنة) *
فكان شرط الله في رقبة القتل إذا كانت كفارة كالدليل - والله أعلم - على أن
لا تجزئ رقبة في كفارة إلا مؤمنة كما شرط الله العدل في الشهادة في موضعين وأطلق
الشهود في ثلاثة مواضع.
فلما كانت شهادة كلها اكتفينا بشرط الله فيما شرط فيه واستدللنا على أن ما
أطلق من الشهادات - إن شاء الله - على مثل معنى ما شرط.
قال: وإنما أراد الله أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين.
قال: وأحب له أن لا يعتق إلا بالغة مؤمنة وإن كانت أعجمية فوصفت
الإسلام أجزأته.
4536 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم
أنه قال:
أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلت يا رسول الله: إن جارية لي كانت ترعى لي غنما
529

فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من
بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها؟
فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أين الله '؟
فقالت: في السماء.
فقال: ' من أنا '؟
فقالت: أنت رسول الله.
فقال: ' فأعتقها '.
فقال: عمر بن الحكم يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية:
كنا نأتي الكهان.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تأتوا الكهان '.
فقال عمر: وكنا نتطير. فقال:
' إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم '
قال الشافعي:
اسم الرجل: معاوية بن الحكم.
وكذلك روى الزهري ويحيى بن كثير.
530

قال أحمد:
رواه يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمون عن عطاء بن يسار عن
معاوية بن الحكم السلمي ورواه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن
الحكم في الكهان والطيرة.
ومالك بن أنس لم يضبط / اسمه في أكثر الروايات عنه.
وروي عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث عن معاوية بن
الحكم.
قال الشافعي في القديم:
وفيه بيان أن من كانت عليه رقبة بنذر أو وجبت بغير نذر لم يجزه فيها إلا مؤمنة.
ألا ترى أنه يقول علي رقبة ولا يذكر مؤمنة فسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن صفة الإيمان
ولو كانت تجزيه غير مؤمنة قال أعتق أي رقبة شئت. والله أعلم.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن
رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بجارية له سوداء فقال: يا رسول الله إن علي
رقبة مؤمنة أفعتق هذه؟
فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أتشهدين أن لا إله إلا الله '؟
قالت: نعم. قال:
' أتشهدين أن محمدا رسول الله '؟
قالت: نعم. قال:
' أتوقنين بالبعث بعد الموت '؟
قالت: نعم. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' اعتقها '.
531

4537 - أخبرناه أبو زكريا حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا ابن عبد الحكم
أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك بن أنس. فذكره.
هذا مرسل وروي موصولا ببعض معناه.
((960 - [باب] الكفارة بالصيام ثم بالطعام))
4538 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) * * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) *.
قال الشافعي:
فإذا لم يجد المتظاهر رقبة يعتقها وكان يطيق الصيام فعليه الصوم.
ولم يجزه إلا أن يكون شهرين متتابعين كما قال الله عز وجل.
ومن لم يستطع حين يريد الكفارة عن الظهار صوم شهرين متتابعين لمرض / أو
علة ما كانت أجزأه أن يطعم ولا يجزئه أن يطعم أقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا
من طعام بلده.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
4539 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا أبو جعفر الرزاز حدثنا محمد بن
أحمد الرياحي حدثنا أبو عامر النقدي حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير
532

عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وأبي سلمة أن سلمة بن صخر البياضي جعل
امرأته عليه كظهر أمه إن غشيها حتى يمضي رمضان فلما مضى النصف من رمضان
سمت المرأة وترتعت فأعجبته فغشيها ليلا ثم أتى النبي [صلى الله عليه وسلم]. فذكر ذلك له فقال:
' اعتق رقبة '.
فقال: لا أجد. قال:
' صم شهرين متتابعين '.
فقال: لا أستطيع. قال:
' أطعم ستين مسكينا '.
قال: لا أجد. قال: فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] بعرق فيه خمسة عشر صاعا أو ستة عشر
صاعا. فقال:
' تصدق بهذا على ستين مسكينا '.
قال أحمد:
وهكذا رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن أبي عامر العقدي.
وكذلك رواه حرب بن سداد عن يحيى بن أبي كثير.
ورواه شيبان النحوي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن سلمة بن صخر
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال:
' أطعمه ستين مسكينا '.
وذلك لكل مسكين مد.
4540 - أخبرناه أبو محمد المؤملي أخبرنا أبو عثمان البصري حدثنا موسى بن
هارون حدثنا إسحاق بن راهويه.
533

وبمعناه قاله أبان العطار عن يحيى واختلف فيه على سليمان بن يسار.
فروى محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان عن
سلمة بن صخر في هذه القصة قال:
' انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم منها وسقا ستين
مسكينا واستعن بسائرها على عيالك '.
/ وفي رواية:
' فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها '.
ورواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده عن عبد الله بن إدريس عن
محمد بن إسحاق بإسناده وقال في آخره:
' فاذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفع إليك وسقا من تمر فأطعم ستين
مسكينا وكل أنت بقيته أنت وعيالك '.
ورواه الأستاذ أبو الوليد عن الحسن بن سفيان عن محمد بن عبد الله بن نمير
وإسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن إدريس. بهذا الإسناد وقال فيه:
' اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فمره فليعطك وسقا منها فأطعم منها ستين
مسكينا وكل بقيتها أنت وعيالك '.
وهذا فيما:
4541 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ عن أبي الوليد.
وهذا يدل على أنه يطعم من الوسق ستين مسكينا ثم يأكل هو وعياله بقية
الوسق.
وهذا يشبه أن يكون محفوظا.
فقد روى بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار هذا الخبر وقال فيه:
534

فأتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعا قال:
' تصدق بهذا '.
فقال يا رسول الله على أفقر مني ومن أهلي؟!
فقال:
' كله أنت وأهلك '.
وهذا أولى لموافقة رواية أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
وإنما حديث أويس بن الصامت: فقد اختلفت الروايات فيه فروي فيه: خمسة
عشر صاعا.
وروي: مكتل يسع ثلاثين صاعا.
وروي: ستين صاعا.
وروينا عن الأوزاعي قال حدثني الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي
هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة المجامع في شهر رمضان قال:
' أطعم ستين مسكينا '.
قال: ما أحد. فأتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعرق فيه وتمر / خمسة عشر صاعا قال:
' خذه فتصدق به '.
وذكر الحديث:
4542 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو الوليد الفقيه أخبرنا الحسن بن
سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله _ هو ابن المبارك _ أخبرنا الأوزاعي
فذكره.
535

هكذا رواه الشيخ أبو الوليد عن الحسن بن سفيان.
ورواه الشيخ أبو بكر الإسماعيلي فيما:
4543 - أخبرناه أبو عمرو الأديب عنه عن الحسن وقال في الحديث:
فأتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعرق فقال:
' خذه فتصدق به '.
فقال: يا رسول الله على غير أهلي؟ والذي نفسي بيده ما بين طنبى المدينة.
وقال عمرو بن شعيب: ما بين لابتي المدينة أحد أحوج مني.
فضحك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى بدت أسنانه ثم قال:
' خذه واستغفر ربك '.
وقال عمرو بن شعيب: فأتي بمكتل فيه خمسة عشر صاعا.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك إلى
قوله: ما بين طنبى المدينة.
ورواه الهقل بن زياد عن الأوزاعي وقال فيه بعرق فيه خمسة عشر صاعا.
وكذلك قاله مسروق بن صدقة عن الأوزاعي.
وكذلك قاله دحيم عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي مدرجا في رواية الزهري
عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
والذي عندي أن راوي تقدير المكتل بخمسة عشر صاعا عن عمرو بن شعيب
وهو الزهري فقد روي من أوجه أخر عن الزهري مدرجا في الحديث والله أعلم.
ورواه الأعمش عن طلق بن حبيب عن سعيد بن المسيب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة
المواقع.
قال فأتي بمكتل يكون خمسة عشر صاعا من تمر.
536

وهذا أصح من رواية عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب بالشك في خمسة
عشر أو عشرين.
/ وعطاء ليس بالقوي.
4544 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد بن حبان القاضي
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأصفهاني أخبرنا عبد الكريم بن إبراهيم المرادي
بمصر حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا الشافعي قال:
المكاييل: مد وصاع وفرق.
فالصاع: جماع أربعة أمداد.
والفرق: جماع ثلاثة أصح.
والكفارات كلها بمد النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا في المفتدى من المحرمين في حلاق رأسه
خاصة فإنه يطعم ستة مساكين مدين مدين للخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
والفرق: هو القدح الذي روى سفيان أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يغتسل منه.
والوسق: ستون صاعا.
والخمسة الأوسق التي قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة '.
ثلاثمائة صاع.
قال والنش: نصف أوقية عشرون درهما، والأوقية: أربعون درهما.
قال: ومد هشام بن عبد الملك هو قدر نصف [مد] بمد النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهو قول مالك في الظهار في إطعام ستين مسكينا.
قال: وقال أبو حنيفة:
كل كفارة تجب على الناس فهي مدان بمد النبي [صلى الله عليه وسلم].
537

قال الشافعي:
وأخذوا هذا من حديث كعب بن عجرة في إطعام ستة مساكين مدين مدين في
كفارة الأذى.
فقاسوا عليه كل شيء سواه.
قال أحمد:
قال الشافعي في القديم:
وخالفنا بعض الناس فقال:
لا يجزئ أقل من مدين واحتج بأن قاس على حديث كعب بن عجرة.
وقال: على أي شيء قست؟
قلنا: حديث كعب بن عجرة فدية في الحج وفدية الحج تشبه ما سواها من
الكفارات وحديث النبي [صلى الله عليه وسلم] كفارة في رمضان والكفارة (....) على / (.....)
وأمر بدار الهجرة.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن عبد الله بن عمر:
أنه كان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدا من حنطة.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال:
أدركت الناس [وهم] إذا أعطوا في كفارة اليمين أعطوا مدا من حنطة بالمد
الأصغر ورأوا أن ذلك مجزى عنهم.
4545 - أخبرنا بهما جميعا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا
538

محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكير حدثنا مالك فذكرهما.
قال الشافعي:
وفي حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] ما دل على هذا القول حين أتي النبي [صلى الله عليه وسلم] يعرق فيه
خمسة عشر صاعا فقال:
' خذ هذا فكفر به '.
وقد أعلمه أن عليه إطعام ستين مسكينا.
فهذا مد مد.
قال أحمد:
وفي رواية أبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] في فدية الأذى قال:
' ثلاثة أصع من تمر '.
وفي رواية الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن:
' فرقا من زبيب '.
وفي [رواية] عبد الله بن معقل عن كعب:
' لكل مسكين نصف صاع من طعام '.
وهذه الروايات صحيحة فيشبه أن يكون قال جميع ذلك.
وفيه دلالة على جواز نصف صاع من كل صنف من هذه الأصناف الثلاثة في
فدية الأذى.
قال الشافعي في الجديد:
وكفارة الظهار وكل كفارة وجبت على أحد بمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال في القديم:
وهو ربع صاع. والصاع: خمسة أرطال وثلث إلا شيء أو شيء قليل.
539

قال الشافعي في الجديد:
وكيف يجوز أن يكون بمد من لم يولد في عهده أو مد أحدث بعد مده بيوم
واحد؟.
وإنما قال هذا لأن عند مالك / كفارة الظهار وحدها بمد هشام.
قال الشافعي:
ومد هشام مد وثلث أو مد ونصف.
وقال في رواية حرملة:
مد هشام بن عبد الملك: هو مد ونصف بمد النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية الربيع:
من شرع لكم مذهب هشام وقد أنزل الله تعالى الكفارات على رسوله الله [صلى الله عليه وسلم] قبل
[أن] يولد أبو هشام.
فكيف ترى المسلمين كفروا في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] وبعده قبل [أن] يكون مد
هشام؟
وبسط الكلام في هذا.
540

((29 - كتاب اللعان))
4546 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) * الآية.
وقال: * (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة
أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان
من الكاذبين. ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين.
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) *.
قال الشافعي:
فكان بينا في كتاب الله تعالى أن الله أخرج الزوج من قذف المرأة بشهادته
* (أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) *.
كما أخرج قاذف المحصنة غير الزوجة بأربعة شهود يشهدون عليها بما قذفها به
من الزنا.
541

وكانت في ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطلب المرأة المقذوفة
حدها وكما ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها قال: ولما / ذكر الله
تعالى اللعان على الأزواج مطلقا كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض
وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض.
4547 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وخالفنا بعض الناس فقال: لا يلاعن بين الزوجين حتى يكونا حرين مسلمين
ليسا بمحدودين في قذف ولا واحد منهما.
وقالوا: روينا في ذلك حديثا فاتبعناه.
قلنا: وما الحديث؟
قالوا: روى عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أربع لا لعان بينهن وبين أزواجهن: اليهودية والنصرانية تحت المسلم والحرة
تحت الأمة والأمة عند الحر والنصرانية عند النصراني '.
فقلنا لهم: رويتم هذا عن رجل مجهول ورجل غلط.
وعمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو منقطع.
واللذان روياه يقول أحدهما عن النبي [صلى الله عليه وسلم] والآخر يقفه على عبد الله بن
عمرو.
فهو لا يثبت عن عمرو بن شعيب ولا عبد الله بن عمرو.
ولا يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا رجل غلط.
وفيه: أن عمرو بن شعيب قد روى لنا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أحكاما توافق أقاويلنا
وتخالف أقاويلكم يرويها عنه الثقات فيسندها إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فرددتموها علينا ورددتم
542

روايته ونسبتموه إلى الغلط.
فأنتم محجوجون إن كان ممن تثبت أحاديثه بأحاديثه التي وافقناها
وخالفتموها في نحو من ثلاثين حكم عن النبي [صلى الله عليه وسلم] خالفتم أكثرها.
فأنتم غير منصفين إن احتججتم بروايته وهو ممن لا نثبت روايته ثم احتججتم
منها بما [لو] كان ثابتا عنه وهو ممن يثبت حديثه لم نثبت لأنه منقطع بينه وبين
عبد الله بن عمرو.
وذكره في كتاب القديم فقال:
/ قيل له لما تركت ظاهر القرآن.
قال: بالدلالة على أن هذا على خاص.
قلنا: وما الدلالة؟
فذكر عن رجل مجهول ورجل معروف بالغلط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده أنه قال:
أربع لا لعان بينهم فذكر الأمة والعبد والمشرك والمشركة.
فقيل له: ألسنا لا نختلف نحن ولا أنت في أن المجهول والغلط لا يحتج
بحديثهما؟
قال: بلى. قيل: فكيف احتججت عن عمرو بروايتهما؟
قال: هو عندي معروف.
قيل: رأينا بعض أهل العلم من أهل ناحيتك يقول فيه ما قلنا.
قال الشافعي:
وقيل له: قد روى ابن جريج وأسامة بن زيد وغير واحد من أهل الثقة عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعن عمرو عن غير أبيه أحكاما فيها
543

اليمين مع الشاهد ورد اليمين وأن دية الكافر على النصف من دية المسلم واللقطة
وغير ذلك مما يقول به وتتركه.
فإذا احتججنا عليك بحديثه ضعفته وقلت: رواية عمرو صحيفة وروى ما لا
يعرف والناس يتقون حديثه.
فإن كان كما قلت فليس لك أن تحتج بحديثه وإن كان ثقة فليس لك أن تخالف
ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] عمرو لا معارض له بخلافه وأنت تخالفه وتضعفه فلست تسلم
من الخطأ في واحد من الأمرين.
قال أحمد:
هذا حديث رواه عثمان بن عطاء ويزيد بن بزيع الرملي عن عطاء الخراساني
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أربع لا ملاعنة بينهم: النصرانية تحت المسلم واليهودية تحت المسلم
والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك '.
وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط كما قال الشافعي:
وابنه عثمان وابن بزيع ضعيف قاله الدارقطني / فيما أخبرني أبو عبد
الرحمن عنه وكذلك قاله غيره من حفاظ أهل الحديث.
ورواه عثمان الوقاصي عن عمرو بن شعيب. وهو متروك الحديث.
ضعفه يحيى بن معين وغيره من الأئمة.
ورواه عمار وعمار بن مطر وحماد بن عمرو وزيد بن رفيع ضعفاء قاله
الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن عنه وقاله أيضا غيره.
قال الدارقطني:
544

وروي عن ابن جريج والأوزاعي وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قوله لم يرفعاه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وفي ثبوته عن عبد الله موقوفا أيضا نظر وذاك لأنه إنما رواه عن ابن جريج
والأوزاعي عمر بن هارون وليس بالقوي.
ورواه أيضا يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو موقوفا ويحيى بن أبي أنيسة
متروك.
ونحن نحتج بروايات عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة
وانضم إليه ما يؤكده.
ولم نجد لهذا الحديث طريقا صحيحا إلى عمرو والله أعلم.
وروي عن يحيى بن صالح الأيلي بإسناد آخر وهو بذلك الإسناد باطل ليس له
أصل.
قال أحمد:
وروينا في حديث أيوب عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية لما
قذف امرأته قيل له: والله ليجلدنك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثمانين جلدة.
قال: الله أعدل من ذلك أن يضربني ثمانين ضربة وقد علم أني رأيت حتى
استيقنت وسمعت حتى استبينت لا والله لا يضربني أبدا. فنزلت آية الملاعنة.
فدعا بهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين نزلت الآية. فقال:
' الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب '؟
فقال هلال: والله إني لصادق. فقال له:
احلف بالله الذي لا إله إلا هو / إني لصادق تقول ذلك أربع مرات فإن كنت
كاذبا فعلي لعنة الله.
545

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قفوه عند الخامسة فإنها موجبة '.
فحلف.
ثم قالت أربعا:
والله الذي لا إله إلا هو إنه لمن الكاذبين فإن كان صادقا فعليها غضب الله.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قفوها عند الخامسة فإنها موجبة '.
فترددت وهمت بالاعتراف ثم قالت:
لا أفضح قومي.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن جاءت به أكحل أدعج سابغ الأليتين ألف الفخذين خدلج الساقين فهو
للذي رميت به وإن جاءت به أصفر قضيفا سبطا فهو لهلال بن أمية '.
فجاءت به على صفة البغي.
4548 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي
حدثنا أحمد بن الوليد الفحام حدثنا حسين بن محمد المروروذي حدثنا جرير بن
حازم عن أيوب فذكره.
ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس وقال في آخره:
' لولا الأيمان لكان لي ولها شأن '.
قال الشافعي:
546

وسواء قال الزوج رأيتها تزني أو قال زنت أو قال يا زانية كيما يكون ذلك سواء
إذا قذف أجنبية.
4549 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
الرجل يقول لامرأته يا زانية وهو يقول لم أر ذلك عليها أو عن غير حمل.
قال: يلاعنها.
وذكر في القديم:
لعان الأخرس بالإشارة إذا كان يفقه عنه.
وقال أخبرني رجل عن جعفر بن محمد عن ابنه أن أمامة بنت أبي العاص
اصمتت.
فقيل لها: لفلان كذا ولفلان كذا وأحسبه قال: وفلان حر فأشارت: أن نعم.
فرفع ذلك قريب وصية.
4550 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا نفى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الولد وهي زوجة / فأزال الفراش فإن الولد بعد ما
تبين أولى أن ينفى أو في مثل حاله قبل أن تبين.
4551 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
إذا جامع الرجل امرأته ثم قذفها حد.
قال الشافعي:
وإن كان ولد ينفيه بلاعنها ينفى الولد من قبل أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نفى الولد بعد
الفرقة بأنه كان قبلها وهو بعد ما وضعته وبعد تفريقه بين المتلاعنين.
وبسط الكلام.
547

((961 - [باب] أين يكون اللعان؟))
4552 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
[قال]:
وروي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لاعن بين الزوجين على المنبر فإذا لاعن الحاكم بين
الزوجين بمكة لاعن بينهما بين المقام والبيت.
وإذا لاعن بينهما بالمدينة لاعن بينهما على المنبر.
وإذا لاعن بينهما ببيت المقدس لاعن بينهما في مسجدها.
وكذلك يلاعن بين كل زوجين في مسجد كل بلدة.
وقال في كتاب البويطي وفي كتاب القديم:
وإن كان بالمدينة تلاعنا عند المنبر.
وقال في القديم:
وإنما قلنا هذا قياسا _ والله أعلم _ على ما جاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأئمة الهدى بعده
في اليمين على المنبر.
قال الإمام أحمد:
في الموطأ عن مالك عن هاشم بن هاشم عن عبد الله بن نسطاس عن جابر أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار '.
4553 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره.
548

قال أحمد:
ويذكر عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أو غيره أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر.
وهذا منقطع. / وإنما روي موصولا من جهة محمد بن عمر الواقدي عن
الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن جعفر قال: حضرت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته وأنكر حملها الذي في بطنها
وقال هو من ابن السحماء.
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هات امرأتك فقد نزل القرآن فيكما '.
فلاعن بينهما بعد العصر عند المنبر على حمل.
4554 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
عبد العزيز بن موسى بن عيسى حدثنا قعنب بن محرر حدثنا الواقدي فذكره بإسناده
مثله.
((962 - [باب] سنة اللعان ونفي الولد وإلحاقه بالأم وغير ذلك))
4555 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني ابن شهاب: أن
سهلا بن سعد الساعدي أخبره أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي
الأنصاري فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم
كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك.
فسأل عاصم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فكره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المسائل وعابها حتى
كبر على عاصم ما سمع من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
549

فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]؟
فقال عاصم [لعويمر] لم تأت بخير قد كره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المسألة التي سألته
عنها فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
وسط الناس فقال:
/ يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف
يفعل؟
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها '.
فقال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلما فرغا.
قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره
رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال ابن شهاب:
فكانت تلك سنة المتلاعنين.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف وغيره.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك.
4556 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن
سهل بن سعد أخبره قال:
جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال: يا عاصم سل لي رسول
550

الله [صلى الله عليه وسلم] عن رجل وجد مع امرأته رجلا يقتله أيقتل به أم كيف يصنع؟
فسأل عصام النبي [صلى الله عليه وسلم] فعاب النبي [صلى الله عليه وسلم] [المسائل].
فلقيه عويمر فقال: ما صنعت؟ قال صنعت إنك لم تأتني بخير سألت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فعاب المسائل.
فقال عويمر: والله لأتين رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلأسألنه.
فأتاه فوجده قد أنزل الله عليه فيهما فدعاهما فلاعن بينهما فقال عويمر:
لئن انطلقت [بها] لقد كذبت عليها.
ففارقها قبل أن يأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أنظروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد
صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا '.
فجاءت به على النعت المكروه.
قال ابن شهاب فصارت سنة في المتلاعنين.
4557 - / وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن
سهل بن سعد:
أن عويمر جاء إلى عاصم فقال: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فيقتله أيقتل
به.
سل لي يا عاصم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسأل النبي [صلى الله عليه وسلم] فكره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المسائل
وعابها.
551

فرجع عاصم إلى عويمر فأخبره أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كره المسائل وعابها.
فقال عويمر: والله لآتين رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجاءه وقد نزل القرآن خلاف عاصم
فسأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' قد نزل فيكما القرآن فتقدما فتلاعنا ' ثم قال: كذبت عليها إذا أمسكتها
ففارقها وما أمره النبي [صلى الله عليه وسلم] فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' انظروها فإن جاءت [به] أحيمر قصيرا كأنه وحرة فلا أحسبه إلا قد كذب
عليها وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسبه إلا قد صدق عليها '.
فجاءت به على النعت المكروه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث ابن أبي ذئب.
4558 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال سمعت إبراهيم بن سعد يحدث عن أبيه عن
سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن جاءت به أشقر _ وفي رواية أبي عبد الله أشيقر _ سبطا فهو لزوجها وإن
جاءت به أديعج جعدا فهو للذي يتهمه '.
قال: جاءت به أديعج.
4559 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد / بن سالم القداح عن ابن
552

جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلا من الأنصار جاء
إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته أيقتله فتقتلونه أم
كيف يصنع؟
فأنزل الله [عز وجل] في شأنه ما ذكر في القرآن في أمر المتلاعنين. قال:
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] ' قد قضى فيك وفي امرأتك '.
قال فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فكانت السنة بعدهما أن يفرق
بين المتلاعنين.
وكانت حاملا فأنكره فكان ابنها يدعى إلى أمه.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج أتم من هذا.
4560 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد أن القاسم بن محمد قال شهدت
ابن عباس يحدث بحديث المتلاعنين فقال له ابن شداد:
أهي التي قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لو كنت راجما أحدا بغير بينة رجمتها '.
فقال ابن عباس: لا تلك امرأة كانت قد أعلنت [السوء في الإسلام].
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4561 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
553

وسمعت سفيان بن عيينة يقول أخبرنا عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن
عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال للمتلاعنين:
' حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها '.
قال: يا رسول الله مالي. قال:
' لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت
كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4562 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعد / قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير قال:
سمعت ابن عمر يقول:
فرق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين أخوي بني العجلان وقال هكذا بأصبعيه المسبحة
والوسطى فقرنهما الوسطى والتي تليها _ يعني المسبحة وقال:
' الله يعلم أن أحدهما كاذب فهل منكما تائب '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4563 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أن رجلا لاعن امرأته في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] وانتفى من ولدها ففرق رسول
554

الله [صلى الله عليه وسلم] بينهما وألحق الولد بالمرأة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4564 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وفي حديث ابن ذئب دليل على أن سهل بن سعد قال: فكانت سنة
المتلاعنين.
وفي حديث مالك وإبراهيم بن سعد كأنه قول ابن شهاب.
وقد يكون هذا غير مختلف بقوله مرة ابن شهاب ولا يذكر سهلا وبقوله أخرى
ويذكر سهلا.
ووافق ابن أبي ذئب إبراهيم بن سعد فيما زاد في آخر الحديث على حديث
مالك.
قال أحمد:
وقد زاده أيضا ابن جريج عن ابن شهاب في رواية عبد الرزاق عنه.
وزاده أيضا الأوزاعي عن ابن شهاب.
وروى يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني سهل بن سعد أن عويمر
الأنصاري ثم من بني العجلان أتى عاصم بن عدي. فذكره نحو من حديث مالك إلا
أنه قال: فلما فرغ من تلاعنهما قال: يا رسول الله كذبت عليها إن أمسكتها فطلقها
ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وكان فراقه إياها بعد / سنة في المتلاعنين.
قال سهل: وكانت حاملا وكان ابنها يدعى إلى أمه ثم جرت السنة أنه يرثها
وترث منه ما فرض الله لها.
4565 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا إسماعيل بن أحمد التاجر أخبرنا
محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس
عن ابن شهاب فذكره.
555

رواه مسلم في الصحيح عن حرملة.
قال الشافعي:
يحتمل طلاقه ثلاثا أن يكون بما وجد في نفسه لعلمه يصدقه وكذبها وجرأتها
على اليمين طلقها ثلاثا جاهلا بأن اللعان فرقة.
فكان كمن طلق من طلق عليه بغير طلاقه وكمن شرط العهدة في البيع والضمان
في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشرط.
قال: وزاد ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه فرق بين المتلاعنين.
وتفريق النبي [صلى الله عليه وسلم] غير فرقة الزوج إنما هو تفريق حكم.
واستدل الشافعي على ما ذكر من الاحتمال بقول سهل وابن شهاب وهما
حملاه: فكانت تلك سنة المتلاعنين.
وإنما أراد الفرقة.
والذي يؤكد قول الشافعي رحمه الله في ذلك:
ما روى عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية
ولعانه.
قال: وقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن لا ترمي ولا يرمي ولدها ومن رماها أو رمى ولدها
جلد الحد وليس لها عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ولا متوفى
عنها.
4566 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن
حبيب حدثنا أبو داود حدثنا عباد بن منصور حدثنا عكرمة عن ابن عباس فذكره.
4567 - أنبأني أبو عبد الله بعضه إجازة وبعضه قراءة عن أبي العباس أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي:
حكم اللعان في كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله صلى الله عليه / وسلم
556

دلائل واضحة منها:
أن عويمر سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن رجل وجد مع امرأته رجلا فكره المسائل
وذلك أن عويمر لم يخبره أن هذه المسألة كانت.
وقد أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] [قال]: ' أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن
فحرم من أجل مسألته '.
قال: وأخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عامر عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثل
معناه.
4568 - أخبرنا بالإسنادين جميعا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي فذكراهما.
وحديث إبراهيم بن سعد مما قرأناه على أبي عبد الله الحافظ.
557

فارغة
558

الجزء الثلاثون
قال الشافعي:
قال الله تبارك وتعالى:
* (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * الآية.
فكانت المسائل فيما لم ينزل إذ كان الوحي ينزل مكروهة لما ذكرنا من قول الله
ثم قول رسوله [صلى الله عليه وسلم] وغيره مما في معناه.
ومعنى كراهيته ذلك أن يسألوا عما لم يرحم فإن حرمه الله في كتابه أو على
لسان نبيه [صلى الله عليه وسلم] حرم أبدا إلا أن ينسخ الله تحريمه في كتابه أو ينسخ على لسان رسوله
سنة بسنة.
وفيه دلالة على أن ما حرم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرام بأمر الله إلى يوم القيامة.
وفيه دلالة على أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين وردت عليه هذه المسألة وكانت حكما
وقف عن جوابها حتى أتاه من الله الحكم فيها.
فقال لعويمر:
' قد أنزل فيك وفي صاحبتك '.
فلاعن بينهما كما أمره الله في اللعان ثم فرق بينهما وألحق الولد بالمرأة ونفاه
عن الأب وقال:
559

' لا سبيل لك عليها '.
ولم يردد الصداق على الزوج.
فكانت هذه أحكام وجبت باللعان.
ثم ذكر الشافعي وجوه سنن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقد نقلناها في الأصول.
قال الشافعي:
ولما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للمتلاعنين:
' حسابكما على الله أحدكما كاذب '.
دل على أنه يحكم على ما ظهر له والله يتولى ما غاب عنه.
/ وبسط الكلام في هذه الفصول وهي ببسطه منقول في غير هذا الكتاب.
((963 - [باب] الولد للفراش ما لم ينفه رب الفراش باللعان))
4569 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب أو أبي سلمة عن
أبي هريرة _ الشك من سفيان _ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الولد للفراش وللعاهر الحجر '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
4570 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن
عائشة:
560

أن عبد بن زمعة وسعد اختصما إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في لبن أمة زمعة.
فقال سعد: يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة
فأقبضه فإنه ابني.
فقال عبد بن زمعة: أخي وابن أمة _ أبي ولد على فراش أبي _.
فرأى شبها بينا بعتبة فقال:
' هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4571 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن
أبي يزيد عن أبيه قال:
أرسل عمر بن الخطاب إلى شيخ من بني زهرة كان يسكن دارنا فذهبت معه إلى
عمر فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية.
فقال: أما الفراش فلفلان وأما النطفة فلفلان.
فقال عمر: صدقت ولكن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى بالفراش.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وليس يخالف حديث نفي الولد على من ولد على فراشه قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الولد للفراش وللعاهر الحجر '.
وقوله: ' الولد للفراش ' له معنيان أحدهما: وهو أعمها وأولاهما أن الولد
للفراش ما لم ينفه رب الفراش باللعان الذي نفاه به عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا نفاه باللعان
فهو منفي عنه وغير لاحق بمن ادعاه بزنا / وإن أشبه وبسط الكلام في شرحه.
561

والثاني: إذا تنازع الولد رب الفراش والعاهر فالولد لرب الفراش وبسط الكلام
فيه.
4572 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن
يونس أنه سمع المقبري يحدث القرظي _ يعني محمد بن كعب _ قال المقبري حدثني
أبو هريرة أنه سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول أنه ما نزلت آية الملاعنة قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها
الله جنته.
وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب [الله] منه وفضحه به على
رؤوس الخلائق من الأولين والآخرين.
((964 - [باب] كيف اللعان؟))
قال الشافعي رحمه الله:
ولما حكى سهل بن سعد شهد المتلاعنين مع حداثته وحكاه ابن عمر استدللنا
أن اللعان لا يكون إلا بمحضر من طائفة من المؤمنين.
4573 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سفيان عن ابن شهاب عن سهل قال:
شاهدت المتلاعنين عند النبي [صلى الله عليه وسلم] وأنا ابن خمس عشرة.
قال الشافعي:
ثم ساق الحديث فلم يتقنه إتقان هؤلاء يريد ما مضى من رواية مالك وغيره.
قال أحمد:
وفي رواية مالك وغيره:
562

وأنا مع الناس عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وفي رواية ابن جريج فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد.
وفي رواية الأوزاعي فأمرهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالملاعنة بما سمى الله في كتابه.
وفي رواية نافع عن ابن عمر فتلاعنا كما قال الله عز وجل.
قال الشافعي:
فإن كان معها ولد فنفاه أو بها حمل فانتفى منه قال مع كل شهادة:
أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما / رميتها به من الزنا وأن هذا الولد لولد زنا ما
هو مني.
وإن كان حملا قال:
وأن هذا الحمل إن كان بها حمل لحمل من الزنا ما هو مني.
وهذا فيما قرأت على أبي سعيد.
قال الشافعي في القديم:
وقال بعض الناس لا يلاعن بالحمل ولعله ريح.
قال الشافعي:
عمد إلى القضية التي قضى بها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في اللعان التي بها احتججنا
واحتج فأبطل بعضها وزعم أن لا ينفي الولد بعد الولادة _ يعني إذا لاعن وهي حامل _
واعتل بأنه ولد بعد ما صارت غير زوجه.
قال الشافعي:
وإنما القذف وهي زوجة والنفي بالقذف الأول وقد نفاه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
حديث سهل بن سعد الساعدي وغيره في وقوع اللعان بين المتلاعنين وهي
حامل وهو مذكر للحمل ثم نفى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (.....) الولد عنه بعد ما ولدته
563

وإلحاقه بالأم أبين من أن يمكن التلبيس عليه وأنه لم يكن المقصود منه نفى الحمل
بأنه لو كان اللعان بالحمل لكان منفيا من الزوج غير لاحق به أشبهه أو لم يشبهه.
وذاك لأن مقصود الزوج من قذفها كان نفي الحمل ألا ترى أن سهلا في رواية
فليح بن سليمان عن الزهري عنه وكانت حاملا فأنكر حملها فإن ابنها يدعى إليها ثم
جرت السنة بعد في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها.
4574 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا
الحسن بن سفيان حدثنا أبو الربيع حدثنا فليح فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الربيع.
وبمعناه قاله ابن جريج أو لا تراه ينكر حملها لطول عهده بها في رواية ابن
عباس فيقول ما:
4575 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن / يحيى بن سعيد حدثه عن
القاسم بن محمد عن ابن عباس أن رجلا جاء [إلى] رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول
الله والله ما لي عهد بأهلي منذ عفار النخل _ قال: وعفارها أنها إذا كانت تؤبر تعفر
أربعين يوما لا تسقى بعد الإبار _ قال:
فوجدت مع امرأتي رجلا _ قال وكان زوجها مصفرا خمش الساق سبط
الشعر والذي رميت به خدلا إلى السواد جعدا قططا مستها _.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اللهم بين '.
ثم لاعن بينهما فجاءت برجل يشبه الذي رميت به كذا رواه ابن جريج.
ورواه سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن
564

القاسم عن ابن عباس إلا أنه لم يذكر قصة طول عهده بأهله ولم يتقن ترتيب الحديث
وترتيبه على ما رواه ابن جريج.
وفي حديث أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عباس أنه سمع رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حاملا فذكر الحديث قال:
وكان الذي رميت به ابن السحماء فجاءت به غلام أسود أكحل جعد عبل
الذراعين خدل الساقين.
وفي رواية عكرمة عن ابن عباس دليل على صحة ترتيبه وذلك بين في رواية ابن
مسعود وسهل بن سعد وأنس بن مالك في قصة المتلاعنين وهو أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لاعن
بينهما وهي حامل وكان يقول في بعض هذه الروايات:
' الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب '.
فلما تلاعنا حكم على الصادق والكاذب حكما واحدا فأخرجهما من الحد وقال
إن جاءت به كذا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في رواية ابن عباس:
' لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن '.
فأخبر بصفتين في إحداهما دلالة صدق الزوج وفي الأخرى دلالة كذب المرأة.
فجاءت / دلالة صدق الزوج فلم يستعمل عليها الدلالة وأنفذ عليها ظاهر حكم
الله ولو جاءت دلالة كذب الزوج لكان لا يستعمل الدلالة أيضا وينفذ ظاهر حكم الله
لكنه [صلى الله عليه وسلم] _ والله أعلم _ ذكر غلبه الاشتباه الدالة على صدق أحدهما حتى إذا لم تكن
حجة أقوى منها يستدل بها في إلحاق الولد بأحد المتلاعنين عند الاشتباه.
وأخبر بأنه إنما منعه من استعمالها ها هنا ما هو أقوى منها وهو حكم الله باللعان
لا أنها لو أتت به على الصف الأولى كان يلحقه بالزوج.
565

وكيف يجوز لمن يسوي الأخبار على مذهبه وهو ذا لا يستوي أن يستدل بهذا
على أنه لم يكن مقصود الزوج نفي الحمل.
وفيما ذكرنا من الأخبار أنها كانت حاملا وأنه أنكر حملها وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] لاعن
بينهما قبل وضع الحمل ثم لما وضعت ألحقه بأمه ونفاه عنه.
وعنده الولد في مثل هذا يلحق به بكل حال أشبهه أو لم يشبهه.
نحن لا نرى خلافا للحديث أبين من هذا وتلبيسا أبرد من هذا. والله المستعان.
4576 - أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن
عمر الحافظ حدثنا أبو عمر ويوسف بن يعقوب حدثنا إسماعيل بن حفص حدثنا عبدة
عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لاعن بالحمل.
قال أحمد:
وهذا الحديث وإن كان مختصرا من حديث رواه عبدة بن سليمان وغيره عن
الأعمش في قصة المتلاعنين ففي مبسوطها دليل على أنه لاعن بينهما بالقذف وهي
حامل فقوله: لاعن بالحمل يدل على أنه قصد به نفي الحمل خلاف قول من زعم أنه
لم يقصده والله أعلم.
4577 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا
الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن سليمان
الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:
بينما رجل في / المسجد ليلة الجمعة إذ قال رجل: لو أن رجلا وجد مع امرأته
رجلا فقتله فقتلتموه وإن تكلم به جلدتموه لأذكرن ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال: فذكره للنبي [صلى الله عليه وسلم] فأنزل الله عز وجل آيات اللعان ثم جاء الرجل فقذف
امرأته فلاعن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بينهما وقال:
' عسى أن تجيء به أسود جعدا '.
566

فجاءت به أسود جعدا.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه من حديث جرير بن
عبد الحميد عن الأعمش وذكر لعانه قال:
فذهبت لتلتعن فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مه '.
فلعنت. فلما أدبرا قال:
' لعلها أن تجيء به أسود جعدا '.
وفي كل ذلك دلالة على أنه لعنها وهي حامل.
وفي حديث سهل وغيره دلالة على أنه نفاه عنه.
انتهى تحقيق المجلد الخامس من كتاب معرفة السنن والآثار
للبيهقي ونسأل الله أن يعيننا على إتمامه بفضله وكرمه
وأسأله سبحانه لي ولوالدي وذريتي
وسائر المسلمين حسن الختام آمين محققة:
أبو إسلام / سيد كسرى حسن
القاهرة / المطرية: 11 / 1 / 1991 م
567