الكتاب: معرفة السنن والآثار
المؤلف: البيهقي
الجزء: ١
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: سيد كسروي حسن
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: لبنان/ بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - كتاب الطهارة
1 - [باب]
ما تكون به الطهارة من الماء
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الزاهد قال أخبرنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال:
ظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طهارة: ماء بحر وغيره وقد روي من حديث
131

يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لا أعرفه.
2 - فذكر الحديث الذي أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وأبو
زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو
سعيد بن أبي عمرو قالوا:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة رجل من آل ابن
الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول:
سأل رجل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
يا رسول الله: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا
أفنتوضأ بماء البحر؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: بماء البحر؟
' هو الطهور ماؤه الحل ميتته '.
قال أبو بكر: أحمد بن الحسين بن علي البيهقي:
هذا حديث أودعه / مالك بن أنس الموطأ.
وأخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني وجماعة من أئمة الحديث في
كتبهم محتجين به وقال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي:
سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال هو حديث
صحيح.
قال أحمد: وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم بن الحجاج في الصحيحين
لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة.
ولذلك قال الشافعي: في إسناده من لا أعرفه.
132

وقد تابع عبد الرحمن بن إسحاق وإسحاق بن بن إبراهيم المزني مالكا على روايته
عن صفوان بن مسلم أما حديث عبد الرحمن بن إسحاق.
3 - فأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن الحسين المقري الإسفرائيني
بها قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرائيني قال حدثنا يوسف بن يعقوب
القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عبد
الرحمن بن إسحاق قال حدثنا صفوان بن سليم عن سلمة بن صعيد أو سعيد بن سلمة
عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة قال:
أتى ناس إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالوا:
يا رسول الله إنا نركب البحر فيفنى الماء فنتوضأ بماء البحر؟ فقال
' هو الطهور ماؤه الحلال ميته '.
وأما حديث إسحاق بن إبراهيم:
4 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ
قال أخبرنا محمد بن صالح الكيليني بالري قال حدثنا سعيد بن كثير بن يحيى بن
حميد بن نافع الأنصاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن صفوان بن سليم عن
سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة أخي بني عبد الدار عن أبي هريرة قال:
أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نفر ممن يركب البحر فقالوا:
يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونتورد شيئا من الماء، فإن توضأنا به عطشنا،
فهل يصلح لنا أن نتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' هو الطهور والحل
ميته '.
قال أحمد: وقد تابع الجلاح أبو كثير: صفوان / بن سليم على رواية هذا
الحديث، عن سعيد بن سلمة المخزومي، رواه عنه يزيد بن أبي حبيب، وعمرو بن
الحارث.
أما ' حديث يزيد بن أبي حبيب '.
5 - فأخبرناه أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي، قال أخبرنا
أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا عبيد بن شريك، قال: حدثنا يحيى بن بكير،
قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: حدثني الجلاح أبو كثير، أن ابن
133

أبي سلمة المخزومي أخبره أن المغيرة بن أبي بردة أخبره: أنه سمع أبا هريرة، يقول:
كنا عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يوما فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله، إنا ننطلق في
البحر نريد الصيد، فيحمل أحدنا الإداوة والثنيين، وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبا،
فربما وجده كذلك، وربما لم يجد الصيد؛ حتى يبلغ أن يحتلم أو يتوضأ، فإذا اغتسل
أو توضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش، فما ترى يا رسول الله في ماء البحر
نغتسل منه أو نتوضأ منه إذا خفنا ذلك؟ فزعم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' فاغتسلوا
وتوضأوا، فإنه الطهور ماؤه الحلال ميته '.
رواه البخاري في التاريخ، فقال: قال لنا عبد الله: حدثني الليث قال: حدثنا
يزيد بن أبي حبيب، عن أبي كثير: جلاح، أن سعيد بن سلمة المخزومي، أخبره أن
المغيرة بن أبي بردة، اخبره، سمع أبا هريرة قال، قال النبي [صلى الله عليه وسلم].
6 - أخبرناه أبو بكر: محمد بن إبراهيم الفارسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق:
إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن فارس، قال:
حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري. فذكره..
وأما ' حديث عمرو بن الحارث '.
7 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الوليد: حسان بن محمد
الفقيه، حدثنا الحسين بن سفيان، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا ابن
وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن الجلاح، عن سعيد بن سلمة، عن
المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، بذلك / أخرجه البخاري في كتاب
التاريخ فقال: قال ابن وهب: أخبرني عمرو، عن جلاح مولى عبد العزيز، عن
سعيد بن سلمة المخزومي.
ورواه محمد بن إسحاق بن يسار، عن يزيد بن أبي حبيب. واختلف عليه في
إسناده:
8 - أخبرنا أبو بكر الفارسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني، قال: حدثنا
134

محمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثني ابن سلام، قال:
حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جلاح، عن
عبد الله بن سعيد المخزومي، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال البخاري: وقال سلمة: حدثنا ابن إسحاق، عن يزيد، عن اللجلاج،
عن سلمة بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة، حليف بني عبد الدار، عن أبي هريرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال البخاري: وحدثني يوسف بن راشد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء،
قال: أخبرنا ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن اللجلاج - وكان رضا - عن
عبد الله بن سعيد المخزومي، عن مغيرة بن أبي بردة الكناني، عن أبي هريرة، قال:
سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال البخاري: وحديث مالك أصح، واللجلاج خطأ.
قال أحمد: الليث بن سعد، أحفظ من محمد بن إسحاق، وقد أقام إسناده عن
يزيد بن أبي حبيب. وتابعه على ذلك: عمرو بن الحارث، عن اللجلاج. فهو أولى
أن يكون صحيحا.
وقد رواه يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة، نحو رواية من رواه
على الصحة:
9 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار،
قال: حدثنا عبيد بن شريك، قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثني يحيى بن أيوب
قال حدثني خالد بن يزيد، أن يزيد بن محمد القرشي حدثه عن المغيرة بن أبي بردة،
عن أبي هريرة، قال:
أتى نفر من بني فراس إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقالوا نصيد في البحر فنتزود معنا
135

من الماء العذب، فربما تخوفنا العطش، فهل يصلح / أن نتوضأ من ماء البحر؟ فقال:
نعم، توضأوا منه، وحل ميت ما طرح.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري. واختلف عليه في إسناده من أوجه كثيرة:
10 - فمنها: ما أخبرنا أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين السلمي، قال:
أخبرنا أبو الحسن: محمد بن محمد بن الحسن الكارزي، قال: أخبرنا علي بن عبد
العزيز، عن أبي عبيد، قال: حدثنا هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد
الله بن أبي بردة، عن رجل من بني مدلج، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أن رجلا أتاه فقال: يا
رسول الله: إنا نركب أرماثا لنا في البحر فتحضر الصلاة وليس معنا ماء إلا
لشفاهنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
11 - قال ومنها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو محمد بن
زياد العدل، قال: حدثنا جدي، قال أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عمرو بن زرارة،
قال: حدثنا هشيم.
12 - حدثنا أبو عبد الله، قال: أخبرنا أبو الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي
طالب، قال: حدثنا إسماعيل بن سالم، قال: أخبرنا هشيم، قال: حدثنا يحيى بن
سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة، عن رجل من بني مدلج عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره.
ورواه بعض الناس عن هشيم، فقال فيه: المغيرة بن أبي بردة. وهو وهم، قاله
أبو عيسى وحمل الوهم فيه على هشيم.
13 - ومنها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الوليد الفقيه،
قال: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، قال: حدثنا ابن المقري، قال: حدثنا سفيان،
عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله بن عبد: أن رجلا من بني مدلج أتى
النبي [صلى الله عليه وسلم].
14 - ومنها: ما أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، قال: أخبرنا جدي:
يحيى بن منصور القاضي، قال: حدثنا أبو علي: محمد بن عمرو، قال: أخبرنا
136

القعنبي، قال أخبرنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن
المغيرة بن أبي بردة:
أن رجلا من بني مدلج، قال: سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فقلت: إن أحدنا يخرج
يصيد في البحر على الأرماث /، ويحمل معه الماء لشفته، فإذا حانت الصلاة: فإن
توضأ بمائه عطش، وإن توضأ بماء البحر وجد في نفسه فزعم عبد الله أنه قال:
الطهور ماؤه. ولا نعلم إلا أنه قال: الحلال ميتته.
15 - ومنها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الوليد الفقيه،
قال: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو خالد، عن
يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عبد الله بن المغيرة، عن رجل من بني مدلج.
16 - قال: وحدثنا إبراهيم، قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن فضيل، عن
يحيى بن سعيد، قال: حدثني عبد الله بن المغيرة الكندي، عن رجل من بني مدلج.
قال: وحدثنا إبراهيم، قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة. عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن رجل من بني مدلج: أن رجلا سأل
النبي [صلى الله عليه وسلم]، عن ماء البحر، فذكر الحديث.
17 - ومنها: ما أخبرنا أبو الحسن: علي بن محمد المقري، قال: حدثنا
الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن
أبي بكر، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن
المغيرة، عن أبيه، عن رجل من بني مدلج:
أنه سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال: إنا نركب أرماثنا. فذكر ماء البحر، فقال: ' هو
الطهور ماؤه، الحلال ميتته '.
18 - ومنها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسن: محمد بن
الحسن، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا
حماد، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، بهذا
الحديث.
هذا الاختلاف يدل على أنه لم يحفظه كما ينبغي. وقد أقام إسناده مالك بن
أنس، عن صفوان بن سليم. وتابعه على ذلك الليث بن سعد، عن يزيد عن الجلاح
137

أبي كثير، ثم عمرو بن الحارث، عن الجلاح، كلاهما عن سعيد بن سلمة، عن
المغيرة بن أبي بردة، ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي
هريرة ثم عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. فصار الحديث / بذلك صحيحا، كما قال البخاري في رواية
أبي عيسى عنه. والله أعلم.
وروي فيه عن علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو،
وغيرهم، عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
19 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا
الربيع، قال: أخبرنا الشافعي.
قال: وروى عبد العزيز بن عمر، عن سعيد بن ثوبان، عن أبي هند، عن أبي
هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' من لم يطهره البحر فلا طهره الله '.
20 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد، قال:
حدثنا موسى بن زكريا، قال: حدثنا إبراهيم بن مستمر، قال: حدثنا أبو همام
الخاركي، قال: حدثنا عمر بن هارون: أن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أخبره.
فذكره بمثله.
21 - ورويناه في ' كتاب السنن ' عن إبراهيم بن المختار عن عبد العزيز.
5 - [باب]
الوضوء بالماء المسخن والماء والمشمس
22 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع بن سليمان، قال أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن
زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر كان يسخن له الماء فيغتسل به ويتوضأ.
23 - أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: قال
138

الشافعي: ولا أكره الماء المشمس إلا أن يكره من جهة الطب.
أخبرنا إبراهيم بن محمد، قال: أخبرني صدقة بن عبد الله، عن أبي الزبير،
عن جابر، أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس، وقال: إنه يورث البرص.
قال أحمد: روى الشافعي هذين الأثرين عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى
الأسلمي المدني. وقد روينا الأول من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم،
وروينا الآخر من حديث إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن حسان بن
أزهر، قال عمر: لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص.
24 - أخبرنا أبو سعيد: أحمد بن محمد بن الخليل الماليني، قال: أخبرنا أبو
أحمد: عبد الله / بن عدي الحافظ، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن حيوية، قال:
سمعت الربيع، يقول: سمعت الشافعي، يقول: كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريا.
قلت للربيع: فما حمل الشافعي على أن يروي عنه؟ قال كان يقول: لأن يخر إبراهيم
من بعد أحب إليه من أن يكذب. وكان ثقة في الحديث.
قال أبو أحمد: سألت أحمد بن محمد بن سعيد، فقلت له: تعلم أحدا أحسن
القول في إبراهيم بن أبي يحيى غير الشافعي؟ فقال لي: نعم، حدثنا أحمد بن يحيى
الأودي، قال: سألت حمدان بن الأصبهاني - يعني محمدا - قلت: أتدين بحديث
إبراهيم بن أبي يحيى؟ قال: نعم، قال أبو أحمد: قال لي أحمد بن محمد بن سعيد:
139

نظرت في حديث إبراهيم بن أبي يحيى كثيرا، فليس هو بمنكر الحديث. قال أبو
أحمد: وقد نظرت أنا أيضا في حديثه الكثير فلم أجد فيه منكرا، وإنما المنكر إذا
كانت العهدة من قبل الراوي عنه، أو من قبل من يروي إبراهيم عنه، وله أحاديث
كثيرة. وله كتاب ' الموطأ ' أضعاف ' موطأ مالك '. قال: وقد روى عنه ابن جريج،
والثوري، وعباد بن منصور، ومندل، ويحيى بن أيوب. وهؤلاء أقدم موتا منه، وأكبر
سنا. وهو في جملة من يكتب حديثه.
قلت: وأما ما روي عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، من قوله في ذلك: ' يا حميراء
لا تفعلي، فإنه يورث البرص ' لا يثبت البتة. قد بينا ضعفه في ' كتاب السنن '.
3 - [باب]
الوضوء بالنبيذ
25 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع،
قال: حدثنا الشافعي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن، عن عائشة: زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]، قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' كل شراب
أسكر فهو حرام '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سفيان. وفيه دلالة على أن
النبيذ الذي يسكر كثيره حرام، وما كان حراما في نفسه لا بحرمة مالكه، لم تصح به
الطهارة.
/ وأما حديث ابن مسعود، أنه كان مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلة الجن وأنه خط حوله خطأ،
140

وقال: ' لا تخرجن منه '. وأنه لما رجع قال: ' هل معك من وضوء '؟ قال: لا. معي
إداوة فيها نبيذ. فقال: ' تمرة طيبة، وماؤه طهور '. وتوضأ به - فقد روي من أوجه
كلها ضعيف. وأشهرها رواية أبي زيد، مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود. وقد
ضعفها أهل العلم بالحديث.
قال محمد بن إسماعيل البخاري: أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود -
رجل مجهول، لا يعرف بصحبة عبد الله.
قال البخاري: وروى علقمة عن عبد الله، أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وروى شعبة عن عمرو بن مرة، قال: سألت أبا عبيدة: أكان عبد الله مع رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، ليلة الجن؟ قال: لا.
26 - أخبرنا أبو سعيد الماليني، قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، قال:
سمعت محمد بن أحمد بن حماد، يذكره عن البخاري.
وأما الذي روى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: ' النبيذ وضوء لمن لم يجد
الماء ' فهو فيما وهم فيه ' المسيب بن واضح ' وكان ضعيفا. وكل من تابعه عليه
141

أضعف منه. وإنما الرواية المحفوظة فيه عن عكرمة من قوله غير مرفوع إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم]، ولا إلى ابن عباس. قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ، فيما أخبرني أبو
عبد الرحمن السلمي، وغيره عنه.
وروي عن علي، ولا يصح عنه.
وكان أبو العالية يقول في حديث ابن مسعود: ' ترى نبيذكم هذا الخبيث إنما
كان ماء يلقى فيه تمرات فيصير حلوا '.
4 - [باب]
إزالة النجاسات بالماء
قال الشافعي، رحمه الله: ولا يطهر الدم ولا شيئا من الأنجاس إلا الماء.
واحتج في موضع آخر بحديث أسماء بنت أبي بكر: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال في دم
الحيض يصيب الثوب: ' حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم رشيه، وصلي فيه '. وهو
بإسناده مذكور في موضعه.
وحديث دلك النعل بالأرض مذكور في كتاب الصلاة.
/ 5 - [باب]
الآنية
27 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، وأبو بكر: أحمد بن الحسين
القاضي، وأبو سعيد بن أبي عمرو الزاهد، قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك،
عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أنه قال:
142

مر النبي [صلى الله عليه وسلم]، بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة لميمونة، زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال:
' فهلا انتفعتم بجلدها '؟ قالوا: يا رسول الله، إنها ميتة. فقال: ' إنما حرم
أكلها '.
أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن
الحجاج النيسابوري في الصحيحين من حديث صالح بن كيسان، ويونس بن يزيد،
عن ابن شهاب.
28 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا، وأبو بكر وأبو سعيد، قالوا:
حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا ابن
عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، مر بشاة، لمولاة لميمونة، ميتة، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' ما على أهل هذه لو
أخذوا أهابها فدبغوه فانتفعوا به ' قالوا: يا رسول الله، إنها ميتة، فقال: ' إنما حرم
أكلها.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
وروي عن عقيل، عن الزهري في هذا الحديث: أليس في الماء والقرظ ما
يطهرها، والدباغ؟
29 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا:
حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان،
عن زيد بن اسلم، سمع ابن وعلة، سمع ابن عباس، سمع النبي [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' أيما
إهاب دبغ فقد طهر '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
143

30 - وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا / مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن
وعلة، عن ابن عباس: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' إذا دبغ الإهاب فقد طهر '.
31 - وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك، عن ابن قسيط، عن
محمد بن عبد الرحمن، عن ثوبان، عن أمه، عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أمر بأن
يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
أخرجه أبو داود السجستاني من حديث عائشة في ' كتاب السنن ' عن عبد
الله بن مسلمة، عن مالك بن أنس.
32 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو الحسن بن منصور، قال:
حدثنا هارون بن يوسف، قال: حدثنا ابن أبي عمر.
33 - وأخبرنا أبو الحسن المقري، قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق،
قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا إبراهيم بن بشار، قال: أخبرنا سفيان،
قال: حدثنا عمرو بن عطاء، عن ابن عباس: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، مر بشاة ميتة لمولاة
لميمونة، فقال: ' ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به '.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه الشافعي في ' سنن حرملة ' عن سفيان.
وروينا في الحديث الثابت عن عكرمة، عن ابن عباس، عن سودة زوج
النبي [صلى الله عليه وسلم]، قالت: ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها فما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا
144

وروينا عن عطاء بن يسار، عن عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' طهور كل أديم
دباغة '.
وروينا عن سلمة بن المحبق، أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' دباغ الأديم ذكاته '.
وفي رواية أخرى عنه منقطعة: ذكاة الأديم دباغه.
وفي سياق هذا الحديث دلالة على أنه ورد في جلد الميتة إذا دبغ، وهو أنه
يروى أنه روي بهذا الإسناد عن سلمة بن المحبق، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أتى على بيت فإذا
فيه قربة معلقة، فسأل الماء، فقالوا: إنها ميتة. فقال: ' دباغها طهورها '. وفي وراية
أخرى: أليس قد دبغتيها؟ '.
قالت: نعم /. ' فإن ذكاتها دباغها '.
وأما حديث عبد الله بن عكيم: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، كتب إلى جهينة قبل موته
بشهر، ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب - فقد رواه الشافعي في ' سنن
حرملة ' عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن الحكم، عن عبد الله بن
عكيم:
34 - وهو فيما أخبرنا أبو علي الروذباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسه، قال:
حدثنا أبو داود، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، مولى بني هاشم، قال: حدثنا
الثقفي، عن خالد، عن الحكم: انه أنطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم، قال:
فدخلوا، وقعدت على الباب، فخرجوا إلي، فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم
بذلك.
وقد رواه شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن
145

عكيم، دون التاريخ.
وفي الحديث إرسال. وهو محمول على إهابها قبل الدبغ، جمعا بين الخبرين.
وكذلك حديث أبي المليح الهذلي، عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، نهى عن جلود السباع أن تفترش، وحديث المقدام بن معدي كرب: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، نهى عن لبس
جلود السباع، ويحمل أن النهي وقع لما يبقى عليها من الشعر، لأن الدباغ لا يؤثر
فيه.
وأما حديث أبي بكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد بن عبد الله، عن ابن
عباس، موقوفا: ' إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد، والعظم،
والسن، والشعر، والصوف - فهو حلال '. - فقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال: هذا
الحديث ليس يرويه إلا أبو بكر الهذلي، عن الزهري، ' وأبو بكر الهذلي ' ليس
بشيء.
35 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب،
قال حدثنا العباس بن محمد، قال: قال يحيى بن معين. فذكره.
قال أحمد: وقد روي عن ' عبد الجبار بن مسلم ' عن الزهري شيء في
معناه. ' وعبد الجبار ' ضعيف. قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ، فيما أخبرنا أبو
بكر بن الحارث عنه.
قال أحمد: وحديث أم سلمة مرفوعا: ' لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا /
بشعرها إذا غسل، بالماء ' إنما رواه يوسف بن السفر، وهو متروك في عداد من
146

يضع الحديث وصحيح عن أنس بن مالك: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، لما رمى الجمرة ونحر
هديه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، فناوله أبا طلحة، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه،
ثم دعا أبا طلحة، فقال: ' اقسمه بين الناس '.
36 - أخبرنا أبو سعيد: محمد بن موسى، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: وروى عبد الله بن دينار أنه سمع أن عمر يكره
أن يدهن في مدهن من عظام الفيل، لأنه ميتة.
37 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الوليد الفقيه، قال:
حدثنا مؤمل بن الحسن، قال: حدثنا الزعفراني، قال قال أبو عبد الله - يعني
الشافعي -: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أنه كان
يكره عظام الفيل. وفي موضع آخر: أنه كان يكره أن يدهن في عظم الفيل.
38 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر: أحمد بن الحسن، وأبو زكريا:
يحيى بن إبراهيم، وأبو سعيد بن أبي عمر، قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك،
عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر
الصديق، عن أم سلمة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم '.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس. ورواه مسلم عن
يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك.
وفي الحديث الثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن حذيفة بن اليمان، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
147

' لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في
الدنيا ولكم في الآخرة '.
وروينا عن ابن عمر، وعائشة، وأنس بن مالك، في كراهية الشرب من
المفضض.
وروى زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' من شرب / في إناء ذهب أوفضة، أو إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجرجر في
بطنه نار جهنم '.
39 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق
الفاكهي، قال: أخبرنا أبو يحيى بن أبي مسرة، قال: حدثنا يحيى بن محمد
الحازمي، قال: حدثنا زكريا. فذكره.
40 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن زيد بن اسلم، عن أبيه: أن عمر
توضأ من ماء نصرانية في جرة نصرانية.
41 - أخبرنا أبو محمد: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، قال حدثنا أبو سعيد بن
الأعرابي، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثونا، عن
زيد بن أسلم، ولم أسمعه عن أبيه، قال: لما كنا بالشام أتيت عمر، رضي الله عنه،
بماء فتوضأ منه، فقال: من أين جئت بهذا فما رأينا عذبا ولا ماء شبما أطيب منه؟ أو
قال: فما رأيت ماء عد ولا ماء سماء أطيب منه؟ قلت: من بيت هذه العجوز
النصرانية. فلما توضأ أتاها، فقال: أيتها العجوز، اسلمي فتسلمي، بعث الله تعالى
بالحق محمدا [صلى الله عليه وسلم]، قال: فكشفت رأسها فإذا مثل الثغامة قالت: وأنا أموت الآن؟
148

قال: فقال عمر: اللهم اشهد.
42 - أخبرنا محمد بن الحسن بن فورك، قال أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال:
أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب
عن أبي قلابة.
' أن أبا ثعلبة الخشني، قال: يا رسول الله، إنا بأرض أهلها أهل كتاب يأكلون
لحم الخنزير، ويشربون الخمر، فكيف بآنيتهم وقدورهم؟ فقال: ' دعوها ما وجدتم
منها بدا، فإذا لم تجدوا منها بدا فارحضوها بالماء - أو قال اغسلوها - ثم اطبخوا فيها،
وكلوا وأحسبه قال: واشربوا '.
رواه الشافعي في ' سنن حرملة ' عن سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن
أبي ثعلبة، مختصرا، وكذلك رواه شعبة عن أيوب ورواه حماد بن سلمة، عن أيوب.
عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة. وكذلك رواه هشيم عن خالد
الحذاء، عن أبي / قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة، ورويناه في ' كتاب السنن '
من أوجه.
6 - [باب]
السواك
43 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر:
أحمد بن الحسن، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا سفيان،
عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة '.
149

رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن سفيان.
وروى الشافعي في ' كتاب حرملة ' عن مالك: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ.
وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالا: أخبرنا أبو الحسن: أحمد بن محمد بن عبدوس،
قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا مالك بن
أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك. قال أبو عبد الله في
حديثه: يعني مع كل صلاة '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، عن مالك. وقال:
في حديثه: ' مع كل صلاة '.
وروى الشافعي عقيب هذا عن مالك: ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان،
قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا إسماعيل القاضي، قال: حدثنا
القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة،
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل وضوء '.
هكذا وجدته في المسند مرفوعا.
ورواه أبو عبد الله الصفار عن إسماعيل موقوفا وهو المحفوظ عن القعنبي
موقوف.
ورويناه في ' كتاب السنن ' من حديث إسماعيل بن أبي أويس، وروح بن
عبادة، عن مالك كذلك مرفوعا.
ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن علي بن معبد، عن روح بن عبادة،
150

عن مالك كذلك مرفوعا، قال: هذا الخبر في الموطأ / غير مرفوع.
ورواه الشافعي وبشر بن عمر الزهراني، عن مالك مرفوعا كرواية روح.
44 - أخبرنا أبو بكر: أحمد بن علي الحافظ، قال: أخبرنا أبو إسحاق:
إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، فذكر
روايته وكلامه.
45 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد،
قال: حدثنا الحارث بن محمد، قال: حدثنا روح بن عبادة، فذكره مرفوعا.
وقال محمد بن إسحاق في غير هذه الرواية: ويشبه أن يكون مالك قد كان
يحدث به مرفوعا ثم يشك في رفعه. يعني فيقفه. كما قال الشافعي: كان مالك إذا
شك في الشيء انخفض، والناس إذا شكوا ارتفعوا.
46 - وهذا مما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنه سمع أبا عمرو: محمد بن
العاصمي، يقول: سمعت أبا بكر: محمد بن إسحاق بن خزيمة، يقول: فذكره في
آخر حكاية طويلة.
47 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن
إسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' السواك مطهرة للفم مرضاة للرب '.
قال أحمد: هذا الحديث أخرجه ' محمد بن إسحاق بن خزيمة ' في مختصر
الصحيح، من حديث عبيد بن عمر، عن عائشة. وابن أبي عتيق هو: عبد الله بن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. ومحمد يكنى أبا عتيق. وقد رواه عبد
الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق مرة عن أبيه عن عائشة، ومرة عن القاسم بن
محمد، عن عائشة.
151

48 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري، قال: أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا أبو الربيع، قال:
حدثنا جرير، عن منصور عن أبي وائل، عن حذيفة، قال:
' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك '.
أخرجاه في الصحيح من حديث جرير.
ورواه الشافعي في ' سنن حرملة ' عن سفيان عن منصور.
/ 7 - [باب]
النية في الوضوء
في مختصر البويطي، والربيع، عن الشافعي، رحمه الله، قال: ذكر حماد بن
زيد وغيره، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، قال:
سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الأعمال بالنية '.
وهو مما أجاز لي أبو عبد الله الحافظ روايته عنه: أن أبا العباس حدثهم، قال:
أخبرنا الربيع بن سليمان. فذكره.
49 - وقد أخبرنا أبو الحسن: علي بن محمد بن علي الأسفراييني، المعروف
بابن السقاء، وأبو الحسن: علي بن محمد المقري، قالا: أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا أبو الربيع،
ومحمد بن أبي بكر، ومسدد، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن
محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص الليثي، قال: سمعت عمر بن الخطاب
يقول:
152

سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' أيها الناس إنما الأعمال بالنية، وإنما لأمرئ ما
نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته
إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه '.
50 - وأخبرنا أبو محمد: عبد الله بن يوسف الأصفهاني، قال: أخبرنا أبو
سعيد بن الأعرابي، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، قال: حدثنا يزيد بن
هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد: أن محمد بن إبراهيم أخبره أنه سمع علقمة بن
وقاص، يقول: سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يقول:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى. فمن
كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله. ومن كانت هجرته
لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى هاجر إليه '.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد. ورواه مسلم عن أبي الربيع وعن ابن
نمير عن يزيد بن هارون.
51 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا عمر الأصبهاني - يعني ابن
منده - يقول /: سمعت سفيان بن هارون بن سفيان القاضي، يقول: سمعت أحمد بن
منصور الرمادي، يقول: سمعت البويطي يقول:
سمعت الشافعي يقول: يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم.
8 - [باب]
سنة الوضوء وفرضه
52 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الصفار،
قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا أبان بن
يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك
الأشعري:
153

عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه كان يقول: ' الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ
الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور،
والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، وكل الناس يغدو: فبائع
نفسه فموبقها أو مفاديها فمعتقها '.
أخرجه مسلم من الصحيح في حديث أبان العطار.
53 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال:
أخبرنا الشافعي قال: أحب للرجل أن يسمي الله في ابتداء الوضوء.
قال أحمد: وهذا لما روينا عن أنس بن مالك، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، في قصة الإناء
الذي وضع يده فيه والماء يفور من بين أصابعه: ' توضأوا باسم الله '.
وأما ما روي عن أبي هريرة وغيره، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال: ' لا وضوء إن لم يذكر
اسم الله عليه ' فأسانيده غير قوية. قال أحمد بن حنبل لا أعلم فيه حديثا ثابتا.
قال أحمد: وروينا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أنه حمله على النية في
الوضوء.
قال الشافعي: وأحب غسل اليدين قبل إدخالهما الوضوء للسنة.
ثم ذكر ما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن، وأبو سعيد
154

أبي عمرو؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا الربيع، قال أخبرنا الشافعي: قال
أخبرنا مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه؛ فإن
أحدكم لا يدري أين باتت يده '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد.
وروى الشافعي في هذا الباب حديثه عن سفيان عن أبي الزناد على لفظه
حديث سفيان عن الزهري. ورواه في موضع آخر عنه وعن مالك على لفظ حديث
مالك، وهو الصحيح. ثم روي حديثه عن الزهري كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو
العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن
الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا
يدري أين باتت يده '.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد وغيره، عن سفيان.
54 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا، أحمد بن سلمان الفقيه،
قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا
ابن شهاب الزهري فذكره بمثله وزاد: قال سفيان: وهذا مما يثبت قول الحجازيين في
الوضوء من مس الذكر.
تم الجزء والحمد لله على عونه
155

فارغة
156

الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي: وقد حكى
الشافعي في القديم معنى هذا عن بعض أصحابه وإنما أراد سفيان.
قال الشافعي في رواية حرملة: ووضع النبي [صلى الله عليه وسلم]: قدحا فتوضأ الناس من تحت
يده، ولم نعلم أحدا منهم غسل يده، فدل على أن الأمر اختيار لا حتم.
واحتج في ' سنن حرملة ' بالحديث أخبرنا أبو الحسين: علي بن محمد بن عبد
الله بن بشران، العدل، ببغداد، قال: أخبرنا أبو علي: إسماعيل بن محمد الصفار،
قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار: سمع سعيد بن
الحويرث يقول: عن ابن عباس، قال:
كنا عند النبي [صلى الله عليه وسلم]، فأتى الخلاء، ثم رجع فأتي بالطعام، فقيل له: ألا تتوضأ؟
قال: ' لم أصل فأتوضأ '.
رواه الشافعي في ' سنن حرملة ' عن سفيان.
ورواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان.
قال الشافعي: ولو كانت يده تنجس الماء إذا أدخلت فيه قبل [أن] تغسل
لنجست الطعام.
157

9 - [باب]
المضمضة والاستنشاق
روينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن زيد: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، توضأ فمضمض
واستنشق ثلاثا، بثلاث غرفات، من ماء.
وروينا عن علي، رضي الله عنه: أنه وصف وضوء رسول الله، فمضمض
ثلاثا مع الاستنشاق بماء واحد.
وعن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، جمع بين المضمضة والاستنشاق.
وروينا عن ليث بن أبي سليم، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده: أنه
رأى النبي [صلى الله عليه وسلم]، يفصل بين المضمضة والاستنشاق.
وما مضى أصح. وكان ابن عيينة ينكر حديث طلحة بن مصرف هذا، وكذلك
يحيى القطان. وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول: جده اسمه عمرو بن كعب، له
صحبة. والله أعلم.
55 - أخبرنا أبو زكريا، قال: أخبرنا أبو الحسن الطرائفي، قال: حدثنا
عثمان بن سعيد، قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، قال: وحدثنا يحيى بن
بكير، قال: حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن / الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ليستنثر، ومن استجمر فليوتر '.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن مالك.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف. عن مالك.
56 - وأخبرنا أبو زكريا، قال: حدثنا أبو الحسين، قال: حدثنا عثمان، قال:
حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، وحدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا مالك.
158

57 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال، حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم،
قال: حدثنا محمد بن عمر الحرشي، وإبراهيم بن علي، وموسى بن محمد
الذهليان، قالوا: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب،
عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' من توضأ فليثتنثر، ومن استجمر فليوتر '.
رواه الشافعي في ' كتاب حرملة ' عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
10 - [باب]
فريضة الوضوء في غسل الوجه
وغسل اليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجل، والمسح على الخفين
58 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قال: حدثنا أبو عبد الله:
محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه،
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا
حميد الطويل، قال: حدثنا بكر بن عبد الله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة،
عن أبيه، قال:
تخلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وتخلفت معه، فلما قضى حاجته قال: ' معك ماء؟ ' فأتيته
بمطهرة فغسل وجهه وكفيه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة، فأخرج
يده من الجبة، وألقى الجبة على منكبيه، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته، وعلى
العمامة، وعلى خفيه، ثم ركب وركبت، فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة،
فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي [صلى الله عليه وسلم]، ذهب
159

يتأخر، فأومى إليه، فلما سلم قام النبي [صلى الله عليه وسلم]، وقمت معه، فركعنا
الركعة التي سبقتنا.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن بزيغ، إلا أنه قال: فغسل
كفيه ووجهه، ورواه الجماعة عن يزيد بن زريع بإسناده عن حمزة بن المغيرة.
ورواه الشافعي من وجه آخر عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة من وجه
آخر، عن إسماعيل بن محمد، عن حمزة بن المغيرة، وكان ذلك في غزوة تبوك؛
وذلك يرد في باب المسح على الخفين.
59 - ورواه ههنا مختصرا كما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، وأبو
بكر: ابن الحسن القاضي، وأبو سعيد بن أبي عمرو؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا يحيى بن حسان، عن حماد بن
زيد، وابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عمرو بن وهب الثقفي، عن
المغيرة بن شعبة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه.
قال: وأخبرنا الشافعي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن علي بن يحيى،
عن ابن سيرين، عن المغيرة بن شعبة.
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، مسح بناصيته، أو قال مقدم رأسه بالماء.
قال: وأخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن
عطاء.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، توضأ فحسر العمامة، ومسح مقدم رأسه - أو قال ناصيته -
بالماء.
هذا مرسل وكذلك ما قبله.
وأما حديث عمرو بن وهب، فهكذا رواه قتادة ويونس بن عبيد، وهشام بن
160

حسان وغيرهم، عن محمد بن سيرين، عن عمرو.
ورواه أبو الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن
رجل، عن عمرو بن وهب.
وكذلك قاله جرير بن حازم، عن محمد.
وقد روينا معناه في حديث بكر بن عبد الله المزني، عن حمزة بن المغيرة بن
شعبة، عن أبيه موصولا صحيحا.
وروينا في حديث أبي معقل، عن أنس بن مالك، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أخبرناه أبو
عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن يعقوب الأموي، قال: حدثنا بحر بن نصر،
قال: قرئ على / ابن وهب: حدثك معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن
أبي معقل، عن أنس بن مالك، قال:
رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] وعليه عمامة قطرية. فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم
رأسه، ولم ينقض العمامة.
أخرجه أبو داود في ' كتاب السنن '.
وروى الشافعي في القديم عن بعض أصحابه، عن أسامة بن زيد، عن نافع.
أن ابن عمر كان يمسح بناصيته مسحة واحدة.
وقد روينا في ' كتاب السنن ' عن حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع،
عن ابن عمر:
أنه كان إذا مسح رأسه: رفع القلنسوة، ومسح مقدم رأسه.
60 - أخبرنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، قال: حدثنا علي بن
عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي،
قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري. فذكره.
وروينا عن جابر بن عبد الله: أنه سئل عن المسح على العمامة؟ فقال: لا،
حتى يمس الشعر بالماء.
161

وعن عائشة أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها من تحت الوقاية فتمسح رأسها
كله.
وأما حديث بلال عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، في المسح على العمامة - فقد ضعفه الشافعي
في رواية حرملة، بأنه من حديث أبي قلابة، ' وأبو قلابة ' لم ير بلالا قط.
قال الشافعي: وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، فبعض الناس يدخل بينه
وبين عبد الرحمن رجلا لا نعرفه، وبعضهم يقول: عن عبد الرحمن، عن بلال. ولا
نعلم عن عبد الرحمن رأى بلالا قط: عبد الرحمن بالكوفة، وبلال بالشام. فإن كان
مرسلا فلسنا نقبله. وان كان عن رجل لا نعرفه بينه وبين بلال - فليس يقبله أهل
الحديث. ولو كان مختلفا فيه كان حديث المغيرة أثبت منه، لأنه في آخر أسفاره، إلا
سفر حج. وإن روايتنا عن بلال، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أنه مسح رأسه ومسح على الخفين.
وهذا أثبت من غيره مع موافقته حديث المغيرة.
قال أحمد: أما تعليله حديث أبي قلابة عن بلال بالإرسال / فهو كما قال: أبو
قلابة لم يدرك بلالا.
ورواه أبو رجاء، مولى أبي قلابة، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال،
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، مسح على الخفين وبناصيته والعمامة.
61 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، قال: حدثنا أبو بكر بن المؤمل، قال: حدثنا
الفضل بن محمد، قال: حدثنا عمر - وهو ابن عون - قال: أخبرنا خالد - يعني ابن
عبد الله الواسطي - عن حميد، عن أبي رجاء مولى أبي قلابة، فذكره. فعاد الحديث
إلى مثل ما رواه المغيرة بن شعبة.
فأما تعليله حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فإنه يدخل بينه وبين بلال رجلا،
وبعضهم يقول فيه عنه عن بلال فهو كما قال: واختلف عليه في ذلك: فقيل عنه عن
كعب بن عجرة، عن بلال. وقيل عنه عن البراء بن عازب، عن بلال.
62 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا: محمد بن يعقوب قال: حدثنا
الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا
162

أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا أبو معاوية، جميعا، عن الأعمش، عن الحكم،
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال، قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، مسح على الخفين والخمار.
وفي رواية ابن نمير: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، توضى ومسح على الخفين والعمامة.
وكذلك رواه عيسى بن يونس، وعلي بن مسهر، وعبد الواحد بن زياد، وأبو
إسحاق الفزاري، ومحمد بن فضيل، عن الأعمش.
وأخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث أبي معاوية، وعيسى بن
يونس، وعلي بن مسهر.
63 - أخبرنا محمد بن عبد الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، قال: حدثنا أبو الجواب، قال:
حدثنا عمار بن زريق، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
عن البراء بن عازب.
عن بلال، قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يمسح على الخفين والخمار.
وكذلك رواه زائدة بن قدامة، عن الأعمش.
ورواه سفيان بن سعيد الثوري، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، منقطعا.
64 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب،
قال: حدثنا أسيد بن عاصم، قال: حدثنا الحسين بن حفص، عن سفيان. فذكره.
/ وكذلك رواه شريك بن عبد الله، عن الأعمش.
وإذا اختلف سفيان وغيره في حديث الأعمش - كان الحكم لرواية سفيان.
كيف وقد رواه شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عيينة، كما رواه سفيان، عن
الأعمش، عن الحكم بن عتيبة.
65 - أخبرنا أبو بكر: محمد بن الحسن بن فورك، قال: أخبرنا عبد الله بن
163

جعفر الأصبهاني، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا
شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال:
سمعت ابن أبي ليلى يحدث أن بلالا قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم]، يمسح على الخفين
والخمار.
وكذلك رواه زيد بن أبي أنيسة، وأبان بن تغلب، ومحمد بن عبد الرحمن بن
أبي ليلى، وعمر بن عامر وجماعة، عن الحكم بن عتيبة.
وأما ترجيحه حديث المغيرة بن شعبة فهو كما قال: حديث المغيرة في ذلك
حديث صحيح. وكان ذلك عن غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها.
وأما رواية الحجازيين عن بلال في مسح الرأس فقد ذكرها الشافعي في باب
المسح على الخفين، وهي فيما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، قال: حدثنا أبو
العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا عبد الله بن نافع،
عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد، قال:
دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وبلال، فذهب لحاجته، ثم خرجا. قال أسامة: فسألت
بلالا: ماذا صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ فقال بلال: ذهب لحاجته، ثم توضأ فغسل وجهه
ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين.
66 - وأخبرنا أبو زكريا في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب،
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فيما أخبرنا عبد الله بن نافع. فذكره
بإسناده نحوه عاليا، إلا أنه قال: دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، الأسواق فذهب لحاجته ثم
خرج. فذكر الباقي.
ففي هذا إثبات المسح بالرأس، وكذلك في رواية الشعبي، عن عروة بن
المغيرة، عن أبيه.
وفي رواية بكر بن عبد الله المزني عن أبي المغيرة، عن أبيه: إثبات المسح
بالناصية والعمامة /: وكذلك هو في رواية أبي رجاء، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس،
عن بلال.
164

وفي كل ذلك دلالة على اختصار وقع في رواية من روى المسح على العمامة
دون الناصية. وبالله التوفيق.
11 - [باب]
الاختيار في مسح الرأس
وما جاء في غسل الرجلين
67 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن
الحسين، وأبو سعيد بن أبي عمرو؛ قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب،
قال: أخبرنا الربيع، قال:
أخبرنا الشافعي قال: حدثنا مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه،: أنه
قال لعبد الله بن زيد الأنصاري: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]،
يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بوضوء، فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين
ومضمض، واستنثر ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى
المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى
قفاه، ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
ورواه مسلم عن إسحاق بن موسى، عن معن بن عيسى، عن مالك.
68 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن، وأبو سعيد بن
أبي عمرو؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي،
قال: أخبرنا يحيى بن سليم، قال: حدثني أبو هاشم: إسماعيل بن كثير، عن
عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه قال:
كنت وافد بني المنتفق - أو في وفد بني المنتفق - فأتيناه فلم نصادفه، وصادفنا
عائشة، فأتتنا بقناع فيه تمر - والقناع: الطبق - وأمرت لنا بخزيرة فصنعت ثم اكلنا
165

فلم نلبث أن جاء النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: ' هل أكلتم شيئا؟.
' هل أمر لكم بشيء؟ ' قلنا: نعم فلم يلبث أن دفع الراعي غنمه، فإذا سخلة
تيعر فقال: هيه يا فلان، ما ولدت؟ قال: بهمة. قال: فاذبح لنا مكانها شاة، ثم
انحرف إلي، فقال: لا تحسبن - ولم يقل لا تحسبن - إنا من / أجلك ذبحناها، لنا غنم
مائة لا تزيد، فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة.
قلت: يا رسول الله، إن لي امرأة في لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها.
قلت: إن لي منها ولدا ولها صحبة. قال: فمرها - يقول: عظها - فإن يك فيها خير
فستقبل، ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك. قلت: يا رسول الله، أخبرني عن
الوضوء. قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون
صائما.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة بن سعيد في آخرين، عن يحيى بن
سليم.
69 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن
الحسن؛ قالوا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن
سليمان، قال:
أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن
عمران بن بشير بن محرز، عن سالم سبلان، مولى النصريين، قالوا:
خرجنا مع عائشة، زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]، إلى مكة، فكانت تخرج بابني حتى يصلي
بها. قال: فأتى عبد الرحمن بن أبي بكر بوضوء، فقالت عائشة: يا عبد الرحمن،
أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول:
' ويل للأعقاب من النار يوم القيامة '.
166

70 - وأخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس،
قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن عجلان،
عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت لعبد الرحمن: اسبغ
الوضوء يا عبد الرحمن؛ فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' ويل للأعقاب من
النار '.
قال أحمد: رواه عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن
سالم مولى المهدي، عن عائشة. وهو من ذلك الوجه مخرج في كتاب مسلم.
71 - أخبرنا أبو الحسين: محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان،
ببغداد، قال: حدثنا أبو جعفر: محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي،
قال: حدثنا أبو جدى: علي بن حرب، قال: حدثنا أبو داود - يعني الحفري - قال:
حدثنا / سفيان، عن منصور، عن هلال، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو، قال:
مر النبي [صلى الله عليه وسلم]، على قوم يتوضئون، فرأى أعقابهم تلوح فقال: ' أسبغوا الوضوء.
ويل للأعقاب من النار '.
بلغني عن بعض أصحابنا: أن الشافعي ذكر حديث هلال بن يساف، عن أبي
يحيى، عن عبد الله بن عمرو، في بعض كتبه.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع، عن سفيان الثوري.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو،
ومن حديث محمد زياد، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، وبكير بن عبد الله بن
الأشج، ومحمد بن عبد الرحمن، ونعيم بن عبد الله، عن سالم مولى شداد، عن
عائشة.
167

وروينا في حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار '.
72 - [أخبرنا] أبو زكريا، قال: أخبرنا أبو الحسن الطرائفي، قال: حدثنا
عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا ابن بكير، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني
حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الله بن جزء الزبيدي. فذكره.
73 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال:
أخبرنا الشافعي، قال: وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، لأعمى يتوضأ: ' بطن القدم
بطن القدم '. فيجعل الأعمى يغسل بطن القدم، ولا يسمع النبي [صلى الله عليه وسلم]، فسمي البصير.
قال الشافعي: ' وقد روي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، مسح على ظهور قدميه '.
وروي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، رش ظهورهما، أما أحد الحديثين فليس مما يثبت
أهل العلم بالحديث لو انفرد.
وأما الحديث الآخر فحسن الإسناد لو كان منفردا ثبت والذي خالفه أكثر وأثبت
منه '.
قال أحمد: وإنما أراد بالحديث الأول:
74 - ما أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، في ' كتاب علي وعبد الله ' قال: حدثنا
أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، حدثنا سفيان بن عيينة.
75 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار،
قال: حدثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان،
قال: حدثني أبو السوداء: عمرو النهدي، عن ابن عبد خير، عن أبيه، قال:
رأيت علي بن أبي طالب يمسح على ظهور قدميه ويقول: لولا أني رأيت رسول
168

الله [صلى الله عليه وسلم]، يمسح ظهورهما لظننت أن بطونهما أحق به.
لفظ حديث الحميدي. وهذا حديث تفرد به ' عبد خير الهمذاني ' عن ' علي '
' وعبد خير ' لم يحتج به صاحبا الصحيح. وقد اختلف عليه في متن هذا الحديث:
فروي هكذا، وروي عنه أن ذلك كان في المسح على الخفين.
76 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار،
قال: حدثنا عباس بن الفضل الأسفاطي، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال:
حدثنا حفص - هو ابن غياث - عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن
علي، قال:
لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخفين أحق بالمسح من ظاهرهما، ولكني
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يمسح على ظاهرهما.
ويحتمل أن يكون المراد بالأول ما فسر في هذا. وروي من وجه آخر عن عبد
خير أن المسح إنما كان في وضوء من لم يحدث:
77 - أخبرنا أبو بكر: أحمد بن علي الحافظ، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله
الأصبهاني، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو يحيى البزاز،
قال: حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان عن السدي،
عن عبد خير:
عن ' علي ' أنه دعا بكوز من ماء، ثم توضأ وضوءا خفيفا، ثم مسح على نعليه،
ثم قال: هكذا وضوء رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، للطاهر ما لم يحدث.
وهو في الحديث الثابت عن النزال بن سبرة، عن ' علي ' في هذه القصة، قال:
أتي بكوز من ماء فأخذ منه حفنة واحدة فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه.
ورفعه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: هكذا وضوء من لم يحدث.
وفي ذلك دلالة على أن مسحه في كل حديث روي عنه مطلقا كان على هذا
169

الوجه. ومما يدل على ذلك / رواية خالد علقمة، عن عبد خير، عن علي في صفة
وضوء رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أنه غسل رجليه ثلاثا ثلاثا. وكذلك هو في رواية زر بن حبيش
وغيره عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
قال أحمد: وأراد الشافعي بالحديث الثاني:
78 - ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد، قال:
حدثنا عبيد بن شريك، قال: حدثنا أبو الجماهر، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد،
عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار
عن ابن عباس أنه قال:
توضأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة، ثم
أدخلها فصب على وجهه مرة، وعلى يده مرة ومسح برأسه وأذنيه مرة، ثم اخذ بملء
كفه ماء فرش على قدميه وهو منتعل.
79 - وأخبرنا علي، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال:
حدثنا خلاد، قال: حدثنا هشام بن سعد، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن
يسار، قال:
قال لنا ابن عباس: أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يتوضأ؟ قال:
فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة فضمض واستنشق، ثم أخذ أخرى يجمع بها يديه
فغسل وجهه، ثم أخذ أخرى فغسل يده اليمنى، ثم اغترف غرفة أخرى فغسل يده
اليسرى، ثم قبض قبضة من الماء فنفض يديه فمسح بها رأسه وأذنيه. ثم اغترف غرفة
أخرى فرش على رجله وفيها النعل، واليسرى مثل ذلك، ومسح بأسفل النعلين ثم،
قال: هكذا.
وهذا حديث رواه هشام بن سعد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن
زيد بن أسلم هكذا.
ورواه سليمان بن بلال، ومحمد بن عجلان، وورقاء بن عمر، ومحمد بن
170

جعفر بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد والمتن، وذكر كل واحد منهم في
حديثه أنه أخذ غرفة من ماء فغسل رجله اليمنى، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل رجله
اليسرى، أو ما في معنى هذا.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم.
وهشام بن سعد، وعبد العزيز / بن محمد - ليسا من الحفظ بحيث يقبل منهما ما
ينفردان به. كيف وقد خالفهما عدد ثقات. مع أنه يحتمل حديثهما أنه رش الماء
عليهما في النعلين وغسلهما فيهما وعلى ذلك يدل ما رويناه عن قاسم بن محمد
الجرمي، عن سفيان الثوري، وهشام بن سعد، عن زيد بن أسلم بإسناده في هذا
الحديث قال: ثم غسل رجليه وعليه نعله.
12 - [باب]
الوضوء مرة مرة وما جاء في عدده
80 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن، وأبو سعيد بن أبي
عمرو؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، قال أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال:
أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس
قال:
توضأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة، ثم
أدخل يده فصب على وجهه مرة وصب على يديه مرة ومسح رأسه وأذنيه مرة
واحدة.
81 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن هشام بن عروة عن أبيه
عن حمران:
أن عثمان بن عفان توضأ بالمقاعد ثلاثا ثلاثا، ثم قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
171

يقول من توضأ وضوئي هذا خرجت خطاياه من وجهه ويديه ورجليه.
قال أحمد: أما الحديث الأول عن ابن عباس فقد ذكرناه فيما مضى عن غيره
بتمامه.
وإنما لم يسبق الشافعي متنه بالتمام، لما فيه من المخالفة لرواية غير عبد العزيز
من الحفاظ الأثبات.
وأما الحديث الثاني فقد وقع في متنه في ثواب الوضوء ما يخالفه فيه غيره عن
سفيان.
ورواه أحمد بن حنبل، والحميدي، وابن أبي عمر، وغيرهم عن سفيان بن
عيينة، فقالوا في الحديث: هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يتوضأ. ثم قال: سمعته يقول:
' ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة
الأخرى '.
وبهذا المعنى رواه مالك بن انس، وعمرو بن الحارث /، وأبو أسامة، ووكيع،
وعبده بن سليمان، وغيرهم عن هشام بن عروة، في ثواب الوضوء، وكذلك رواه
الزهري عن عروة.
ورواه الشافعي في ' كتاب اختلاف الأحاديث ' مختصرا دون هذه اللفظة.
فيحتمل أن يكون ذلك في كتاب الطهارة خطأ من الكاتب، ويحتمل أن يكون ابن
عيينة ذكرها هكذا مرة. فقد روي معناه من وجه آخر في حديث حمران، عن
عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه
من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره '.
82 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو الحسن: أحمد بن
محمد بن عبدوس، قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا موسى بن
إسماعيل قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عثمان بن حكيم عن
172

محمد بن المنكدر، عن حمران عن عثمان. فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الواحد. وهو بمعناه مخرج في كتابه
من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وقد ذكر عطاء بن يزيد الليثي عن حمران في هذا الحديث في ثواب الوضوء
شيئا آخر ذكره الشافعي في ' سنن حرملة ' عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن
جريج، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد:
83 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: أخبرنا أبو
بكر بن محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا
حجاج بن محمد، عن عبد الملك بن جريج، قال: حدثني ابن شهاب.
84 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو النضر الفقيه، قال: حدثنا
عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد،
قال: أخبرنا ابن شهاب.
85 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي، في آخرين، قالوا: حدثنا أبو
العباس: محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال:
أخبرنا ابن وهب، قال: وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك
يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن / يزيد الليثي، أخبره أن حمران، مولى
عثمان، أخبره.
أن عثمان بن عفان دعا يوما بوضوء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم
مضمض واستنثر ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى
المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله
اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك.
ثم قال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، توما توضأ نحو وضوئي هذا.
ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام يركع ركعتين لا
يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه '.
173

قال ابن شهاب: وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما توضأ به أحد
للصلاة.
هذا لفظ حديث يونس بن يزيد، وليس في حديث إبراهيم وابن جريج قول ابن
شهاب، وقال إبراهيم في حديثه: غسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ومسح برأسه
وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة، وأبي الطاهر، عن ابن وهب.
ورواه البخاري عن عبد العزيز الأويسي، عن إبراهيم بن سعد.
قال البخاري: عن عبد العزيز، قال إبراهيم: قال صالح: قال ابن شهاب:
لكن عروة يحدث عن حمران، قال: توضأ عثمان، وقال: لأحدثنكم حديثا لولا آية ما
حدثتكموه: سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ويصلي الصلاة
إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها '. وقال عروة: الآية * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات) * الآية.
86 - أخبرناه أبو عمرو: محمد بن عبد الله الأديب، قال: أخبرنا أبو بكر
الإسماعيلي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجيه، قال: حدثنا فضل بن سهل،
وعبد الله بن سعد، قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن
كيسان، قال: ابن شهاب: ولكن عروة يحدث عن حمران. فذكره، وقال: لولا آية
في كتاب الله.
رواه مسلم عن زهير بن حرب عن يعقوب.
87 - أخبرنا أبو علي الروذباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة، قال: حدثنا أبو
داود /، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عبد الله بن
محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت:
174

كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يأتينا فحدثتنا أنه قال: اسكبي لي وضوءا. فذكر وضوء
النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال فيه:
فغسل كفيه ثلاثا، ووضأ وجهه ثلاثا، ومضمض واستنشق مرة، ووضأ يديه ثلاثا
ثلاثا، ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما،
وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا.
قال أبو داود: هذا معنى حديث مسدد.
قال أبو داود: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: أخبرنا سفيان عن ابن عقيل
بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر، قال فيه: ويمضمض ويستنثر ثلاثا.
رواه الشافعي في ' كتاب حرملة ' عن سفيان. وقد رواه معمر عن ابن عقيل،
وقال فيه: ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه ثلاثا ثلاثا، ثم
مسح برأسه مرتين، ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما ثم غسل قدميه ثلاثا ثلاثا.
قال الشافعي في رواية حرملة: وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه توضأ مرة مرة، ثم
قال: هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به، ثم توضأ مرتين مرتين، ثم قال: من توضأ
مرتين أتاه الله أجره مرتين، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، فقال: هذا وضوئي، ووضوء الأنبياء
قبلي، ووضوء خليلي إبراهيم عليه السلام.
88 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الوليد الفقيه، قال: حدثنا
الحسن بن سفيان، قال: حدثنا المسيب بن واضح، قال: حدثنا حفص بن ميسرة،
عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، توضأ مرة مرة، فذكره، إلا أنه قال
في المرتين: هذا وضوء من يضاعف الله له الاجر مرتين. وقال في الثلاث: هذا
وضوئي ووضوء المرسلين قبلي. لم يذكر إبراهيم عليه السلام.
المسيب بن واضح غير محتج به.
175

وروي من أوجه كلها ضعيف.
وإنما اعتمد الشافعي، رحمه الله، في التكرار على جملة حديث حمران عن
عثمان.
والروايات الثابتات عند صاحبي الصحيح عن حمران تدل على أن التكرار وقع
فيما عدا / الرأس من الأعضاء، وأنه مسح برأسه مرة واحدة.
وقد روي من أوجه غريبة ذكر التكرار في مسح الرأس في حديث عثمان وعلي:
فمنها رواية شقيق بن سلمة، قال رأيت عثمان بن عفان يتوضأ. فذكر غسل
أعضائه ثلاثا ثلاثا. وذكر فيه أنه مسح برأسه ثلاثا وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وخلل
لحيته، وغسل قدميه، وخلل أصابع قدميه، وقال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فعل كما
رأيتموني فعلت.
89 - أخبرناه جناح بن نذير القاضي بالكوفة، قال: أخبرنا أبو جعفر بن دحيم،
قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: أخبرنا أبو غسان، قال: حدثنا إسرائيل، عن
عامر بن شقيق بن جمرة، عن شقيق بن سلمة. فذكره.
ومنها رواية أبي حنيفة، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي: أنه
مسح رأسه ثلاثا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فعل.
وهذه رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبي يحيى الحماني وأبي مطيع، عن
أبي حنيفة.
وروينا عن أنس بن مالك أنه كان يمسح على رأسه ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء
جديدا. وبالله التوفيق.
176

13 - [باب]
تخليل اللحية في غسل الوجه
ومسح الأذنين بعد الرأس
90 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان، قال حدثنا أبو بكر الحميدي، قال: حدثنا سفيان، عن عبد
الكريم أبي أمية، عن حسان بن بلال المزني: أنه رأى عمار بن ياسر يتوضأ فخلل
لحيته. قيل له: أتخلل لحيتك؟ فقال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يخلل
لحيته.
قال: وحدثنا سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن
بلال، عن عمار، عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مثله.
قال أبو بكر: سمعته عن سفيان مرة - يعني حديث سعيد.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان، عن عبد الكريم.
قال أحمد: وقد روى الهيثم بن خارجة، وعبد العزيز بن عمران، وغيرهما،
عن ابن وهب، عن عمرو / بن الحارث، عن حبان بن واسع: أن أباه حدثه أنه سمع
عبد الله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء
الذي أخذه لرأسه.
وفي رواية أبي الطاهر، وهارون بن معروف، وهارون بن سعيد الأيلي، عن ابن
وهب بهذا الإسناد، قال: ومسح رأسه بماء غير فضل يده. ولم يذكر الأذنين. وعلى
هذا اعتمد مسلم بن الحجاج دون الأول.
وروينا عن ابن عمر أنه كان يعيد أصبعه في الماء فيمسح بها أذنيه.
177

وأما الذي روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه قال: ' الأذنان من الرأس ' فأشهر إسناد
فيه: حديث حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة.
وكان حماد يشك في رفعه - في رواية قتيبة عنه - فيقول: لا أدري هو من قول
النبي [صلى الله عليه وسلم]، أو أبي أمامة؟.
وكان سليمان بن حرب يرويه عن حماد ويقول: الأذنان من الرأس، إنما هومن
قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا فقد بدل.
وكان يحيى بن معين يقول: ' سنان بن ربيعة ' ليس هو بالقوي.
وكان ابن عون يقول: إن شهرا تركوه، إن شهرا تركوه. أي طعنوا فيه.
وكان يحيى بن أبي بكير يروي عن أبيه قال: كان شهر بن حوشب على بيت
المال فأخذ خريطة فيها دراهم، فقال القائل:
* لقد باع شهر دينه بخريطة
* فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
*
قال أحمد: وروينا في حديث ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، توضأ فذكر الحديث وقال
في الحديث: ثم أخذ شيئا من ماء فمسح به رأسه، وقال بالوسطيين من أصابعه في باطن
أذنيه والإبهامين من وراء أذنيه.
وروينا فيه إنه مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه فمسح باطنهما
وظاهرهما. فيحتمل أنه عزل من كل يد إصبعين لأذنيه. والله أعلم.
91 - أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن
عبيد، قال: حدثنا تمتام، قال: حدثني محمد بن بكار، قال: حدثنا عبد الوهاب /
الثقفي، عن حميد، عن أنس: أنه كان يمسح ظاهر أذنيه وباطنهما، وقال: هكذا كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يفعل.
178

رواه الشافعي في ' كتاب حرملة ' عن عبد الوهاب. وقد وهم فيه عبد الوهاب،
إنما الرواية المحفوظة عن حميد عن أنس أنه فعل ذلك. ثم عزاه إلى عبد الله بن
مسعود، وروي عن زائدة عن الثوري عن حميد مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]. وهو أيضا غير
محفوظ. والله أعلم.
* *
ذكر الشافعي، رحمه الله، في باب ثواب الوضوء من ' كتاب حرملة: ' بن يحيى
أحاديث:
92 - منها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، رحمه الله، قال: حدثنا أبو عبد الله
محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، قال: أخبرنا محاضر بن
المورع، قال: أخبرنا هشام بن عروة.
93 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر: أحمد بن الحسن القاضي،
قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: وحدثنا بحر بن نصر قال: قرئ على ابن
وهب: أخبرك رجال من أهل العلم منهم مالك بن انس، وعمرو بن الحارث، عن
هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال:
والله لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله، ما حدثتكموه: سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول: ' لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه
وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها '. لفظ حديث ابن وهب.
وزاد محاضر: أن عثمان دعا بماء فتوضأ، ثم قال: ذلك.
رواه الشافعي عن مالك بن أنس ورواه مسلم في الصحيح من حديث
جرير بن عبد الحميد، وأبي أسامة، ووكيع عن هشام بن عروة.
94 - ومنها: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، في آخرين، قالوا: حدثنا أبو
179

العباس: محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال:
أخبرنا ابن وهب، قال: وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك
مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح /، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر
إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة
كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة
مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب '.
رواه الشافعي عن مالك. وأخرجه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر عن ابن
وهب.
95 - ومنها: ما أخبرنا أبو أحمد: عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني،
قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي
قال: حدثنا أبو بكير، قال: حدثنا مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن
أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على
المكارة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط،
فذلكم الرباط [فذلكم الرباط].
ورواه الشافعي عن مالك.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث معن بن عيسى، عن مالك.
180

96 - ومنها: ما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، قال: أخبرنا أبو الحسن:
أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا ابن
بكير، قال حدثنا مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، خرج إلى المقبرة، فقال: ' السلام عليكم دار قوم مؤمنين،
وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا، قالوا: يا رسول الله، ألسنا
بإخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على
الحوض فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو
كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول
الله، قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على
الحوض فليذادن / رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم، ألا
هلم - ثلاثا - فيقال: إنهم قد بدلوا. فأقول: فسحقا، فسحقا، [فسحقا] '.
رواه الشافعي عن مالك. وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث معن عن
مالك.
وروينا في الحديث الثابت عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة في إشراعه في
العضد في غسل اليدين، وإشراعه في الساق في غسل الرجلين، إني سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، يقول:
' إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم
أن يطيل غرته فليفعل '.
97 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، في آخرين، قالوا: حدثنا أبو العباس،
181

محمد بن يعقوب، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا خالد بن
مخلد، قال حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثنا عمارة بن غزية، عن نعيم بن عبد
الله، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن
استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب، عن خالد.
14 - [باب]
متابعة الوضوء
98 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال:
وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرقه، لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، جاء به متتابعا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: فإن قطع الوضوء فأحب إلي أن يستأنف وضوءا،
ولا يتبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء.
99 - واحتج بما أخبرنا أبو زكريا، وأبو سعيد، وأبو بكر، قالوا: حدثنا أبو
العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك، عن نافع،
عن ابن عمر:
أنه توضأ بالسوق، فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه، ثم دعي لجنازة فدخل
المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها.
قال أحمد: وفي حديث خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]، أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]، رأى رجلا يصلي وفي / ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن
يعيد الوضوء والصلاة إلا أن هذا مرسل.
182

وفي الحديث الثابت عن عمر وغيره في معنى هذا: ' ارجع فأحسن
وضوءك '.
وقد روينا عن عمر في جواز التفريق.
15 - [باب]
تقديم الوضوء
احتج الشافعي رحمه الله في وجوب الترتيب في الوضوء بالآية وبحديث عبد
الله بن يزيد في صفة وضوء النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد مضى ذكره قال في التقديم.
وأخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] حين فرغ من ركعتي الطواف خرج إلى الصفا وقال: ' نبدأ بما بدأ الله به '.
100 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره بإسناده غير أنه
قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا يقول:
' نبدأ بما بدأ الله به ' فبدأ بالصفا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد.
قال الشافعي في القديم.
قال قائل روينا عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل وضأ يساره قبل يمينه فقال لا
بأس به وأن التيامن ذكر عند علي في الوضوء فبدأ بمياسره.
قال الشافعي:
إذا ثبت ما روي عن علي وابن مسعود فليست علينا فيه حجة وليس مما خالفنا
فيه بسبيل، قال أحمد:
183

الرواية المشهورة عن علي وابن مسعود هكذا.
ورواه عوف عن عبد الله بن عمرو بن هند قال: قال علي ما أبالي إذا أتممت
وضوئي بأي أعضائي بدأت. وهذا منقطع.
روى أحمد بن حنبل عن الأنصاري عن عوف عن عبد الله بن عمرو بن هند
هذا الحديث ثم قال: قال عوف ولم يسمعه من علي.
وروى سلمان بن موسى عن مجاهد قال: قال عبد الله: لا بأس أن تبدأ
برجليك قبل يديك وهذا مرسل ولا يثبت.
قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ رحمه الله.
101 - فيما أخبرنا أبو / عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه عنه:
وهذا لأن مجاهد لم يدرك عبد الله بن مسعود.
قال الشافعي رحمه الله:
وقالت عائشة: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يحب التيامن في أمره في وضوئه إذا توضأ
وفي انتعاله إذا انتعل '. كأنه على وجه الاختيار.
102 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن محمد بن إبراهيم قال
حدثنا به جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو
الأحوص عن أشعث عن أبيه.
103 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أبو
مسلم قال حدثنا حجاج قال حدثنا شعبة قال حدثنا أشعث بن سليم قال سمعت
أبي
يحدث عن مسروق عن عائشة قالت: ' كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يحب التيمن في طهوره
وترجله ونعله '. وفي رواية أبي الأحوص وطهوره إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي
انتعاله إذا انتعل.
184

رواه البخاري في الصحيح عن حجاج بن منهال. ورواه مسلم في الصحيح عن
يحيى بن يحيى.
وأخرجه أيضا مسلم من وجه آخر عن شعبة.
16 - [باب]
مس المصحف
قال الشافعي رحمه الله في سنن حرملة قال الله عز وجل:
* (لا يمسه إلا المطهرون) *.
فاختلف فيها بعض أهل التفسير فقال بعضهم فرض لا يمسه إلا مطهر يعني
متطهر تجوز له الصلاة.
قال أحمد:
قد روينا عن سلمان الفارسي أنه قضى حاجته فقيل له: لو توضأت لعلنا نسألك
عن آي من القرآن. فقال: سلوني فإني لا أمسه وإنه لا يمسه إلا المطهرون. قال
فسألناه فقرأ علينا قبل أن يتوضأ.
104 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن
سفين قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي وأبو معاوية عن الأعمش
عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان فذكره أو ذكر معناه.
105 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء قال أخبرنا أبو عمر
وعثمان / بن محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا ابن أبي أويس قال
حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن من أدرك من فقهاء أهل المدينة الذين
ينتهى إلى قولهم فذكر أقوالا من أقاويلهم قال وكانوا يقولون: لا يمس القرآن إلا
طاهر.
وكأنهم ذهبوا في تأويل الآية إلى ما ذهب إليه سلمان وعلى ذلك حملته أخت
عمر بن الخطاب في قصة إسلامه.
185

قال الشافعي:
وهذا المعنى تحتمله الآية والله أعلم.
ومن ذهب إلى هذا يستدل عليه بما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث الذي:
106 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لعمرو بن حزم: ' أن
لا يمس القرآن إلا طاهر '.
رواه الشافعي عن مالك وهو منقطع.
وقد رويناه في كتاب السنن موصولا من حديث سليمان بن داود عن الزهري عن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
107 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. قال مالك أراه مخافة أن يناله العدو.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن مالك ثم قال:
وهذا يشبه بعض معنى حديث آل حزم فيشبه أن يكون نهى عنه لئلا يناله مشرك
فيمسه.
ويحتمل أن يكون نهى عنه لذلك ولئلا يناله فيعبث به.
186

ثم ساق الكلام إلى أن قال: وقد ذهب بعض أهل التفسير في قوله: * (لا يمسه إلا المطهرون) * يعني لا يمسه في اللوح / المحفوظ إلا المطهرون من الذنوب يعني
الملائكة.
108 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي
قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا شريك عن حكيم بن جبير عن
سعد بن جبير عن ابن عباس في قوله:
* (لا يمسه إلا المطهرون) *.
يعني الكتاب الذي في السماء لقول: * (لا يمسه إلا) * الملائكة وهم المطهرون
قال وحدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: المطهرون وهم
الملائكة.
109 - أخبرنا أبو نصر أن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا عاصم
الأحول عن أنس في قوله: * (لا يمسه إلا المطهرون) * قال: المطهرون الملائكة قال
أبو عبد الله الحليمني رحمه الله فيما كتب به إلينا: أن الملائكة إنما وصلت إلى مس
ذلك الكتاب لأنهم مطهرون والمطهر هو الميسر للعبادة والمرضي لها فثبت أن المطهر
من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس المصحف والمحدث ليس كذلك لأنه ممنوع
عن الصلاة والطواف والجنب والحائض ممنوعان عنهما وعن قراءة القرآن فلم يكن
لهم حمل المصحف ولا مسه. والله أعلم.
17 - [باب]
قراءة القرآن
110 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد
قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفين بن عيينة عن
ابن أبي ليلى مسعر بن كدام وشعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن عبد الله عن
187

علي بن أبي طالب أنه بعث رجلين فقال لهما: إنكما علجان فعالجا عن دينكما وأن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يكن يحجبه أو يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة مختصرا ثم قال:
إن كان هذا الحديث ثابتا ففيه دلالة على أن قراءة القرآن تجوز لغير الطاهر ما
لم يكن جنبا فإذا كان جنبا لم يجز له أن يقرأ القرآن والحائض / في مثل حال الجنب
وإن لم تكن أشد نجاسة منه.
وذكره في كتاب جماع الطهور ثم قال:
وأحب للجنب والحائض أن يدعا القرآن حتى يطهرا احتياطا لما روي فيه وإن
لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
وإنما توقف الشافعي رحمه الله في ثبوت الحديث لأن مداره على عبد الله بن
سلمة الكوفي وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة.
وإنما روي هذا الحديث بعد ما كبر قاله: شعبة.
111 - وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي
الحافظ قال أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرنا
عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة يقول: وإن كنا نعرف وننكر.
188

112 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا
حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو داود.
113 - وأخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال حدثنا بن
حماد قال حدثنا صالح قال حدثنا علي هو ابن المديني قال سمعت أبا داود قال حدثنا
شعبة عن عمرو بن مرة قال: كان عبد الله بن سلمة قد كبر وكان يحدثنا فنعرف
وننكر.
هذا لفظ حديث أحمد وفي رواية ابن المديني كان عبد الله بن سلمة: يحدثنا
وكان قد كبر فكنا نعرف وننكر.
وزاد ابن المديني في روايته قال شعبة:
والله لأخرجنه من عنقي ولألقينه في أعناقكم.
وقد قال شعبة في هذا الحديث.
114 - ما أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال
أخبرنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال: حدثنا
سفيان عن مسعر وشعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
لا يحجبه شيء من قراءة القرآن إلا أن يكون جنبا.
قال سفيان قال لي شعبة: ليس أحدث بحديث أجود من ذا.
قال أحمد:
115 - وصحيح عن عمر بن الخطاب: ما أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال
حدثنا إسماعيل الصفار قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يعلى بن عبيد
قال حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبيدة قال: كان عمر يكره أن يقرأ القرآن وهو
جنب.
قال أحمد:
وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الجنب:
لا يقرأ القرآن ولا حرفا واحدا.
189

116 - وأخبرنا أبو علي الروذباري في آخرين قالوا أخبرنا إسماعيل بن محمد
الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة
عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن '.
وهذا الحديث ينفرد به إسماعيل بن عياش.
ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها أهل العلم بالحديث قاله
أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ.
وقد روي هذا عن غيره وهو ضعيف.
18 - [باب]
ذكر الله عز وجل على غير وضوء
117 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد الحسن وأبو سعيد بن
أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا
إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر
أن رجلا مر على النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام فلما جاوزه
ناداه النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول:
إني سلمت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم
علي فإنك إن تفعل لا أرد عليك ' كذا في هذه الرواية والصحيح.
عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله يبول
فسلم فلم يرد عليه.
190

118 - أخبرناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن طاهر الدقاق ببغداد قال أخبرنا
علي بن محمد بن الزبير القرشي قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا
زيد بن حباب قال حدثنا سفيان
119 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا.
أبو / عبد الله بن يعقوب وأبو الوليد الفقيه قالا حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن الضحاك بن عثمان
فذكره.
وفي رواية زيد بن خباب وهو يبول أو يتوضأ فسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير.
ويحتمل أن يكون المراد به فلم يرد عليه حتى يتمم ثم رد عليه وذلك بين في
رواية ابن الهاد عن نافع وفي رواية محمد بن ثابت العبدي عن نافع.
وقد ذكره الشافعي في حديث ابن الصمة وذلك مذكور في باب التيمم وذكره
في حديث آخر مرسل.
120 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد بن أبي عمر وقالوا:
حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن يحيى بن
سعيد عن سليمان بن يسار أن النبي [صلى الله عليه وسلم] ذهب إلى بئر جمل لحاجة ثم أقبل فسلم عليه
رجل فلم يرد عليه حتى مسح يديه بجدار ثم رد عليه السلام.
فيكون المراد بحديث أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن والله أعلم أنه رد عليه
بعد ما تيمم.
121 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب
قال حدثنا الحسن بن محمد بن زياد القباني قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا يحيى بن
زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن البهي عن عروة عن عائشة
قالت:
191

كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يذكر الله على كل أحيانه.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب. وهذا يدل على أن تيممه للذكر وقع
على جهة الاستحباب. والله أعلم.
19 - [باب]
الاستطابة
122 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن
الحسن قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان
عن الزهري / عن عطا بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
انه: نهى أن يستقبل القبلة لغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا.
قال: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر
الله.
هكذا رواه في كتاب اختلاف الأحاديث ورواه في كتاب الرسالة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها '. ثم ذكر ما بعده. رواه البخاري في الصحيح
عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره كلهم عن سفيان بن عيينة وقال في
لفظه: ' إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط '.
123 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله قال أخبرنا
شافع بن محمد بن أبي عوانة قال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة
الطحاوي قال حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا الشافعي قال
أخبرنا مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق مولى
آل الشفاء وكان يقال له مولى أبي طلحة أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يقول وهو بمصر:
192

والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها
بفرجه '.
وباسناده قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر أن رجلا من الأنصار أخبره
عن أبيه أنه سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ينهى أن تستقبل القبلة بغائط أو بول '.
124 - وأخبرنا بالحديثين أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال
حدثنا مالك عن محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكرهما
جميعا.
وقد حمل الشافعي حديث أبي أيوب على الصحارى وعلى أن الرخصة في ذلك
في البناء لم تبلغ أبا أيوب.
125 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان
عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر / أنه كان يقول أن ناسا يقولون: إذا قعدت
على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس قال عبد الله بن عمر: قد ارتقيت
على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته.
126 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك فذكره بإسناده. زاد قال: وقال ابن عمر:
لعلك من الذين يصلون على أوراكهم.
فقلت: لا أدري والله يعني الذي يسجد ولا يرتفع عن الأرض يسجد وهو لاصق
بالأرض.
193

رواه البخاري في الصحيح بطوله عن عبد الله بن يوسف عن مالك. وأخرجه
مسلم من وجه آخر عن يحيى بن سعيد.
127 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه
قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا
صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ
راحلته مسقبلا القبلة ثم جلس يبول إليها.
فقلت: أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؟. قال: بلى إنما نهي عن ذلك
في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسير فلا بأس.
128 - وقد أخبرناه أبو عبد الله عاليا قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
بكار بن قتيبة قال حدثنا صفوان بن عيسى فذكره غير أنه قال: يسترك.
129 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحرث الفقيه قال
أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن عباد قال حدثنا عبد الرزاق عن زمعة بن صالح عن سلمة بن
وهرام قال سمعت طاوسا يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا أتى أحدكم البراز فليكرم
قبلة الله عز وجل فلا يستقبلها ولا يستدبرها ثم ليستطب بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو
ثلاث حثيات من تراب ثم ليقل الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني وأمسك علي ما
ينفعني '.
وكذلك رواه وكيع عن زمعة مرسلا.
وكذلك رواه عبد الله بن وهب عن زمعة عن سلمة بن وهرام.
وابن طاوس عن طاوس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
ورواه سفيان بن عيينة عن سلمة بن وهرام أنه سمع طاوسا يقوله ولم يرفعه.
قال علي بن المديني قلت لسفيان: أكان زمعة يرفعه؟ قال: نعم. فسألت سلمة
عنه فلم يعرفه يعني لم يرفعه.
194

130 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي: حديث طاوس هذا مرسل وأهل الحديث لا يثبتونه ولو ثبت كان
كحديث أبي أيوب.
وحديث ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مسند حسن الإسناد وأولى أن يثبت لو خالفه.
وإن كان قال طاوس: حق على كل مسلم أن يكرم قبلة الله أن يستقبلها فإنما
سمع والله أعلم حديث أبي أيوب عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأنزل ذلك على إكرام القبلة وهي
أهل أن تكرم والحال في الصحارى كما حديث أبو أيوب وفي البيت كما حديث ابن
عمر إلا أنهما مختلفان.
قال أحمد:
وروينا في أدب التخلي عن المغيرة بن شعبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان إذا ذهب أبعد
في المذهب. وعن أبي موسى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله '.
وثبت عن عبد الله بن جعفر قال: كان أحب ما استتر به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لحاجته
هدف أو حائش نخل.
وروي عن أنس بن مالك مرفوعا: انه كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
وثبت عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان إذا دخل الخلاء وفي رواية إذا أراد
الخلاء قال:
' اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ' وروينا عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
195

كان إذا خرج من الغائط قال: ' غفرانك '.
وعن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى تدنو من
الأرض.
131 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال
حدثنا يوسف / بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا إسماعيل بن جعفر
عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' اتقوا اللاعنين '.
قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال:
' الذي يتخلى في طريق المسلمين وفي ظلهم '.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن إسماعيل.
وذكر الشافعي نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك.
وروينا عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه: نهى أن يبال في الماء الراكد.
وروينا عن عبد الله بن مغفل عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس
منه '.
وروينا عن عبد الله بن سرجس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يبولن أحدكم في
الجحر '.
196

قال قتادة: إنها مساكن الجن.
132 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الأعمش عن
زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال: انطلقت أنا وعمرو بن العاص فخرج
علينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبيده درقة أو شبيه بالدرقة فاستتر بها فبال وهو جالس. فقلت
لصاحبي: ألا ترى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كيف يبول كما تبول المرأة؟ قال: فأتانا فقال:
' ألا تدرون ما لقي صاحب بني إسرائيل؟ كان إذا أصاب أحدا منهم شيء من البول
قرضه بالمقراض قال فنهاهم عن ذلك فعذب في قبره '. رواه الشافعي في سنن
حرملة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه أبو داود من وجه آخر عن الأعمش في كتاب السنن.
والذي روى حذيفة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أتى سباطه قوم فبال قائما.
فقد قيل: إنما فعل ذلك لأنه لم يجد للقعود مكانا. وقيل: كانت العرب
تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما فلعله كان به إذ ذاك وجع الصلب.
وهذا التأويل قد ذكره الشافعي رحمه الله فيما حكي عنه بمعناه.
وقد روي من وجه غير قوي عن أبي هريرة:
/ إن النبي [صلى الله عليه وسلم] بال قائما من جرح كان بمأبضه.
وروينا عن أبي سعيد الخدري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت
على ذلك '.
197

133 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال
حدثنا يوسف بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الواحد بن زياد
قال حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يتنفس أحدنا في الإناء وأن يمس ذكره بيمينه وأن
يستنجي بيمينه.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن معمر.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث هشام وغيره عن يحيى بن أبي
كثير.
20 - [باب]
وجوب الاستنجاء وما يجوز به الاستنجاء وما لا يجوز
134 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد
الصيرفي قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن
عيينة عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا
يستدبرها لغائط ولا بول وليستنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستنجي
الرجل بيمينه '.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث ابن المبارك عن ابن عجلان.
ورواه الشافعي في القديم عن بعض أصحابهم عن يحيى بن سعيد القطان عن
198

ابن عجلان بإسناده مختصرا في الأمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار والنهي عن الروث
والرمة.
135 - أخبرناه علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا يحيى بن سعيد
فذكره بإسناد سفيان ومعناه إلا أنه قال: أعلمكم / فإذا ذهب أحدكم إلى الخلاء ولم يقل
الغائط ولا بول.
قال الشافعي في القديم وهذا حديث ثابت وبه نقول.
136 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في ذكر الرمة يقول الشاعر:
* أما عظامها فرم
* وأما لحمها فصليب
*
قال الشافعي: والرمة العظم. قال أحمد:
وقد روينا عن سلمان الفارسي وجابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود وأبي
هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى عن الاستنجاء بالعظم وفي حديث رويفع بن ثابت قال
قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أخبر الناس أن من استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا منه بريء '.
وهذا كله يدل على أنه إذا استنجى بالعظم لم يقع موقعه كما لو استنجى بالرجيع لم
يقع موقعه وكما جعل العلة في العظم أنه زاد الجن جعل العلة في الرجيع انه علف
دواب الجن وإن كان في الرجيع أنه نجس ففي العظم أنه لا ينظف لما فيه من
الدسومة.
وقد نهى عن الاستنجاء بهما وذكر الوعيد في حديث رويفع فيهما فكونه طعاما
للجن لا يدل على وقوع الاستنجاء موقعه. والله أعلم.
199

وهذا جواب عما زعم الطحاوي في الفرق بينهما.
137 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل عن الاستطابة فقال:
' أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار '.
رواه الشافعي في القديم عن مالك وهو مرسل.
138 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرني هشام بن عروة قال أخبرني
أبو وجزة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال في الاستنجاء بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع.
هكذا قال سفيان أبو وجزة وأخطأ فيه إنما هو أبو خزيمة واسمه عمرو بن / خزيمة
كذلك رواه الجماعة عن هشام بن عروة: وكيع وابن نمير وأبو أسامة وأبو معاوية
وعبده بن سليمان ومحمد بن بشر العبدي.
139 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال سمعت
عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت علي بن المديني يقول قال سفيان فقلت: فإيش
أبو وجزة؟ فقالوا شاعرها هنا فلم آته. قال علي: إنما هو ابن خزيمة واسمه: عمرو بن
خزيمة ولكن كذا قال سفيان قال علي: الصواب عندي عمرو بن خزيمة.
140 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه
ببخارى قال حدثنا قيس بن أحنف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا استجمر أحدكم فليستجمر وترا وإذا توضأ فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
200

ورواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
141 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو
الرزاز قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن هلال بن
يساف عن سلمة بن قيس بلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا استجمرت فأوتر وإذا توضأت فأنثر ' رواه الشافعي في سنن حرملة عن
سفيان بن عيينة.
قال أحمد وأما حديث عبد الله بن مسعود أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أمره أن يأتيه بثلاثة
أحجار فأتاه بحجرين وروث فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال:
' هذا رجس '.
فقد رواه معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذه
القصة قال: فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال:
إتيني بحجر '. وهذا هو المعقول من الأمر الأول وإن لم يأت به خبر.
وأما حديث حصين الحبراني عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج '.
فهذا وإن كان قد أخرجه أبو داود في كتابه فليس بالقوي / وهو محمول إن صح
على وتر يكون بعد الثلاث.
142 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب هو الشيباني
قال حدثنا محمد بن عمرو الجرشي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معاوية
عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد بن عن سلمان قال قيل له قد علمكم
نبيكم [صلى الله عليه وسلم] كل شيء حتى الخراءة. قال فقال:
201

أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن
نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
143 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ويستنجي بالحجارة في الوضوء من يجد الماء ومن لا يجده ولو جمعه رجل ثم
غسل بالماء كان أحب إلي ويقال إن قوما من الأنصار استنجوا بالماء فنزلت فيهم.
* (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين) *.
144 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
محمد بن خالد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الأعمش
عن مجاهد عن ابن عباس:
* (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) *.
قال لما نزلت هذه الآية بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى عويم بن ساعدة فقال:
' ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به '.
فقال: يا نبي الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره أو قال
مقعدته. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
'
ففي هذا '.
202

وقد ثبت في الحديث عن أنس بن مالك. استنجى النبي [صلى الله عليه وسلم] بالماء.
145 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن منصور عن مجاهد
عن الحكم أو أبي الحكم رجل من ثقيف عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] توضأ ونضح فرجه. وكذلك رواه وهب عن منصور.
ورواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن منصور عن مجاهد عن رجل يقال له
الحكم بن سفيان عن / أبيه:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نضح فرجه.
ورواه أبو عيسى الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن سفيان عن
منصور وابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه قال:
رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] بال ثم توضأ ونضح فرجه بالماء.
قال سفيان هو الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم.
146 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى قال حدثنا
إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه قال:
رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] بال ثم نضح فرجه.
واختلف في هذا الحديث عن منصور والصحيح ما روى شعبة ووهيب وما
رويناه عن ابن عيينة قاله البخاري.
21 - [باب]
الحدث وما جاء فيه
الوضوء من البول والغائط والريح
قال الله عز وجل: * (أو جاء أحد منكم من الغائط) *
203

147 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهما قالوا: قالوا حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا الزهري
قال أخبرني عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال شكي إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] الرجل
يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال:
' لا ينفتل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا '.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني وغيره.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد وغيره كلهم عن سفيان بن عيينة.
قال الشافعي:
وروي عن ابن الصمة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: بال فتيمم وذلك يرد إن شاء الله.
148 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن
سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] عن الرجل / إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه قال علي فإن عندي ابنة
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا استحي أن اسأله قال المقداد: فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك
فقال: ' إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة '.
قال الشافعي في سنن حرملة.
حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل لا نعلم سمع منه شيئا. قال أحمد:
هو كما قال وقد رواه بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ابن عباس في
قصة علي والمقداد موصولا.
149 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا
204

الحسن بن سفيان قال حدثنا أحمد بن عيسى وحرملة بن يحيى قالا: حدثنا عبد
الله بن وهب قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار عن ابن عباس
قال: قال لي علي بن أبي طالب أرسلت المقداد بن الأسود إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسأله
عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' توضأ وانضح فرجك '.
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عيسى وغيره وروينا في كتاب السنن عن
محمد بن الحنفية عن علي في هذه القصة قال يغسل ذكره ويتوضأ.
22 - [باب]
الوضوء من النوم
150 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * الآية.
فكان ظاهر الآية أن من قام إلى الصلاة فعليه أن يتوضأ وكانت محتملة أن تكون
نزلت في خاص فسمعت بعض من أرضى علمه بالقرآن يزعم أنها نزلت في القائمين
من النوم.
151 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن زيد بن أسلم أن تفسير هذه الآية:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * الآية.
205

أن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
قال الشافعي: واحسب ما قال كما قال لأن في السنة دليلا على أن يتوضأ من
قام من نومه.
152 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها
في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده '.
أخرجاه في الصحيح كما مضى ذكره زاد الشافعي في القديم:
وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى الصلوات بوضوء واحد. فأكد بذلك أن الآية
نزلت في خاص.
153 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال
حدثنا علي بن الحسن الهلالي قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان.
154 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني علقمة بن مرثد عن
سليمان بن بريدة عن أبيه قال:
صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم الفتح خمس صلوات بوضوء ومسح على خفيه فقال له
عمر إني رأيتك صنعت شيئا لم تصنعه قال: ' عمدا صنعته '.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد.
206

155 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا ابن بكر قال حدثنا مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال: إذا
نام أحدكم مضطجعا فليتوضأ.
رواه الشافعي في كتاب القديم عن مالك بن أنس.
ورواه محمد بن عمر الواقدي وليس بالقوي في الحديث عن أسامة بن زيد بن
أسلم عن أبيه عن جده عن عمر قال: إذا وضع جنبه فليتوضأ.
156 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال / أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا
أحمد بن الخليل قال حدثنا الواقدي فذكره.
23 - [باب]
إذا نام قاعدا
157 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس قال:
كان أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى
تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون.
158 - كان شيخنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله يقول إذا قال الشافعي أخبرنا
الثقة عن حميد الطويل فإنما يكني بالثقة عن إسماعيل بن علية.
قال الشافعي في كتاب القديم: وأخبرنا بعض أصحابنا عن الدستوائي عن قتادة
عن أنس بن مالك: أن أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم
ثم يصلون ولا يتوضئون.
159 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا شاذ بن فياض قال حدثنا هشام الدستوائي فذكره.
207

رواه يحيى القطان عن شعبة عن قتادة وزاد فيه: على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة دون هذه الزيادة ثم قال عبد الرحمن
يعني وهم قعود.
ورواه خالد بن الحارث عن شعبة دون هذه الزيادة ومن ذلك الوجه أخرجه
مسلم.
160 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا
ويصلي ولا يتوضأ.
161 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر
أنه قال:
من نام مضطجعا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسا فلا وضوء عليه.
قال الشافعي في كتاب اختلافه ومالك إنكارا لفرقهم من قليل النوم وكثيره قول
ابن / عمر كما حكي فهو لا يرى في النوم قاعدا وضوءا وقول الحسن من خالط النوم
قلبه جالسا وغير جالس فعليه الوضوء فيه وقولكم خارج منهما.
162 - أخبرنا بذلك أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي فذكره عن الحسن حكاية وبلاغا.
163 - وقد أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ قال أخبرنا أبو نصر العراقي
قال حدثنا سفيان بن محمد الجوهري قال حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا عبد
الله بن الوليد قال حدثنا سفيان بن هشام عن الحسن قال: إذا نام قاعدا أو قائما فعليه
الوضوء.
تم الجزء والحمد لله على عونه
208

الجزء الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
24 - [باب]
إذا نام في الصلاة
قال الشافعي في القديم:
وإنما يسقط الوضوء عن النائم جالسا مستويا بالأثر وعن النائم في الصلاة كيف
كان الأثر؟
قال أحمد:
وإنما يعني بالأثر في النائم في الصلاة.
164 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا يحيى بن معين وهناد وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب
وهذا لفظ حديث يحيى عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن
عباس: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ. فقلت
له: صليت ولم تتوضأ وقد نمت. فقال:
' إنما الوضوء على من نام مضطجعا ' /. زاد عثمان وهناد ' فإنه إذا اضطجع
استرخت مفاصله '.
قال أبو داود في قوله: ' الوضوء على من نام مضطجعا '.
209

هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة وروى أوله جماعة عن ابن
عباس لم يذكروا شيئا من هذا.
وقال عكرمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان محفوظا.
وقالت عائشة قلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال:
' يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي '.
وقد ذكرنا إسنادهما في كتاب السنن.
165 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا
حنبل بن إسحاق قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد
القطان - قال: قال شعبة لم يسمع قتادة من أبي العالية الا ثلاثة أشياء. قلت ليحيى:
عدها قال:
قول علي القضاة ثلاثة وحديث لا صلاة بعد العصر وحديث يونس بن متى.
قال أحمد البيهقي:
وسمع أيضا حديث ابن عباس فيما يقول عند الكرب وحديثه في رؤية النبي [صلى الله عليه وسلم]
ليلة أسري به موسى وغيره.
وحديثا في الريح وفيه نظر وزاد أبو داود حديث ابن عمر في الصلاة فيما حكاه
بلاغا عن شعبة.
فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ وأنكروا
سماعه من قتادة أحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما.
ولعل الشافعي رحمه الله وقف على علة هذا الأثر حتى رجع عنه في الجديد.
210

25 - [باب]
اختيار المزني رحمه الله
قال المزني رحمه الله: وقد قال الشافعي:
لو صرنا إلى النظر كان إذا غلب عليه النوم توضأ بأي حالاته كان. قال المزني
وروي عن صفوان بن عسال أنه قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سافرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام
ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم.
166 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا محمد بن إسماعيل الصفار قال
حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن ذر / بن
حبيش عن صفوان بن عسال فذكره.
قال المزني وروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء '.
167 - أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد بن إسحاق
الحافظ قال أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد قال حدثنا الوليد يعني ابن شجاع قال
حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن معاوية عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنما العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء.
كذا رواه أبو بكر بن أبي مريم مرفوعا وهو ضعيف.
رواه مروان بن جناح عن معاوية وعطية عن معاوية موقوفا عليه.
وروي عن علي بن أبي طالب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في معناه وإسناده أمثل من هذا.
168 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
211

الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن مهران الجمال وإسحاق بن إبراهيم قالا حدثنا
بقية بن الوليد عن الونين بن عطاء عن محفوظ يعني ابن علقمة عن عبد الرحمن بن
عائذ عن علي بن أبي طالب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنما العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن حيوة بن شريح عن بقية.
وقد أخرجناه في كتاب السنن عاليا.
قال المزني مع ما روي عن عائشة ' من استجمع نوما توضأ مضطجعا كان أو
قاعدا '.
وعن أبي هريرة من استجمع نوما فعليه الوضوء.
وعن الحسن: إذا نام قاعدا أو قائما توضأ.
قال أحمد:
أما الرواية فيه عن عائشة:
فلم أقف بعد على إسناد حديثها. وأما الرواية فيه عن أبي هريرة:
169 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشيم وابن علية عن الجريري عن
خالد بن غلاق القيسي عن أبي هريرة قال:
من استجمع نوما فقد وجب عليه الوضوء. كذا روي عن أبي هريرة مطلقا.
170 - وقد أخبرنا أبو الحسين / بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا علي بن الحسين بن شقيق قال حدثنا عبد الله
هو ابن المبارك قال أخبرنا حيوة بن شريح قال أخبرني أبو صخر أنه سمع يزيد بن
قسيط يقول أنه سمع أبا هريرة يقول:
ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم ولا على الساجد النائم وضوء
212

حتى يضطجع فإذا اضطجع توضأ.
وهذا موقوف وفيه إن صح دلالة على أن المراد بما أطلق في الأول ما قيده في
هذا.
وأما الرواية فيه عن الحسن البصري: فقد ذكرناها فيما تقدم.
26 - [باب]
الوضوء من الملامسة
171 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر وقال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي قال الله تبارك وتعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * الآية.
فذكر الله الوضوء على من قام إلى الصلاة وأشبه أن يكون من قام من مضطجع
النوم وذكر طهارة الجنب ثم قال بعد ذكر طهارة الجنب: * (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) *.
فاشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة
وأوجبت من الملامسة وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة
أن تكون اللمس باليد والقبل وغير الجنابة.
ثم ذكر:
172 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك [عن] ابن شهاب عن سالم بن عبد
الله بن عمر عن أبيه قال:
قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه
الوضوء.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي:
213

وبلغنا عن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر ورواه في كتاب القديم عن
مالك.
173 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال حدثنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا / مالك أنه بلغه أن عبد الله بن
مسعود كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
174 - وأخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: بلاغا عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة عن عبد
الله هو ابن مسعود قال: القبلة من اللمس وفيها الوضوء. وعن شعبة عن مخارق وعن
طارق عن عبد الله مثله.
175 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر هو ابن أبي شيبة قال حدثنا هشيم وحفص عن
الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة قال قال عبد الله:
القبلة من اللمس ومنها الوضوء.
176 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا
إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا عثمان بن عمر عن شعبة عن مخارق عن طارق بن
شهاب أن عبد الله قال في قول:
* (أو لامستم النساء) *.
قولا معناه ما دون الجماع.
وهذا إسناد موصول صحيح فاستدل الشافعي في القديم بما روي عن عمر بن
الخطاب وابن مسعود أنهما قالا: لا يتيمم الجنب على أنهما يريان القبلة [من]
الملامسة.
وقد رويناه عن ابن مسعود من أوجه.
177 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو يحيى السمرقندي قال حدثتا
أبو عبد الله محمد بن نصر قال حدثنا أبو مصعب قال حدثنا الدراوردي عن محمد بن
214

عمرو أظنه عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال:
القبلة من اللمم فتوضأوا منها.
محمد بن عمر: وهذا هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان رواه
إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي عنه عن الزهري من غير شك.
وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في
رجل أصاب من امرأة لا تحل له ما يصيبه الرجل من امرأته إلا أنه لم يجامعها فقال:
' توضأ وضوءا حسنا ثم قم صل '. وأنزل الله عز وجل هذه الآية:
* (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل) * إلى آخر الآية:
/ قال الشافعي في كتاب القديم:
فخالفنا بعض الناس فقال ليس في القبلة الوضوء واحتج فيها بحديث ليس
بمحفوظ. والله أعلم.
قال فمن لمس امرأته أو قبلها وجب عليه عندي الوضوء للأثر ولو ثبت حديث
معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها شيئا ولا في اللمس فإن معبد بن نباته يروي عن
محمد بن عمرو بن عطاء عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أنه كان يقبل ثم لا يتوضأ.
ولكني لا أدري كيف كان معبد بن نباتة هذا فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] ولكني أخاف أن يكون غلطا من قبل أن عروة إنما روى أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: قبلها
صائما.
قال أحمد:
215

معبد بن نابتة هذا مجهول ومحمد بن عمرو بن عطاء لم يثبت له عن عائشة
شيء.
والصحيح رواية عروة بن الزبير والقاسم بن محمد وعلي بن الحسين وعلقمة
والأسود ومسروق وعمرو بن ميمون عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقبل أو يقبلها وهو
صائم.
178 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قبل بعض نسائه ثم خرج
إلى الصلاة ولم يتوضأ.
فهذا أشهر حديث روي في هذا الباب وهو معلول.
179 - بما أخبرنا أبو علي الروزباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني قال حدثنا عبد الرحمن بن مغراء قال حدثنا
الأعمش قال أخبرنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث.
قال أبو داود روي عن الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني يعني
لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء.
180 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال سمعت يحيى بن سعيد
يعني القطان يقول وذكر له حديث الأعمش / عن حبيب عن عروة قال:
أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا يزعم أن حبيبا لم يسمع من عروة
يعني ابن الزبير شيئا.
181 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا محمد بن
مخلد قال حدثنا صالح بن أحمد قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى وذكر
عنده حديثا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة: تصلي وإن قطر الدم على
216

الحصير، وفي القبلة.
قال يحيى: احك عني انهما شبه لا شيء '.
182 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
سمعت عباس بن محمد الدوري يقول:
قلت ليحيى بن معين: حبيب ثبت؟ قال: نعم إنما روى حديثين أظن يحيى
يريد منكرين: حديث تصلي الحائض وإن قطر الدم على الحصير، وحديث القبلة.
قال أحمد:
وقد روى أبو روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقبل بعد
الوضوء ثم لا يعيد الوضوء.
وهذا مرسل إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة.
قاله أبو داود وغيره من الحفاظ.
وأبو روق: ليس بالقوي ضعفه يحيى بن معين وغيره.
ورواه أبو حنيفة [عن] أبي روق عن إبراهيم عن حفصة وإبراهيم لم يسمع
من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما. قاله أبو الحسن الدارقطني وغيره.
ورواه معاوية بن هشام وليس بالقوي عن سفيان عن أبي روق عن إبراهيم
التيمي عن أبيه عن عائشة.
واختلف عليه في متنه فقيل عنه في قبلة الصائم. وقيل عنه في ترك الوضوء
منها.
وروى الأوزاعي والحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن زينب عن عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ.
وزينب هذه مجهولة قاله الدارقطني وغيره.
217

ورواه العرزمي عن عمرو أبيه عن جده والعرزمي متروك.
وروي بإسناد مجهول عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة.
وروي عن سعيد بن بشير وهو ضعيف عن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي
سلمة عن عائشة.
/ وروي بإسناد آخر مجهول عن عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري عن أبي
سلمة عن عروة عن عائشة ولا يصح شيء من ذلك.
وكيف يكون ذلك من جهة الزهري صحيحا ومذهب الزهري بخلافه.
183 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو نصر بن قتادة قالا: أخبرنا أبو
عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن
ابن شهاب الزهري أنه كان يقول: من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
رواه حبيب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قال الدارقطني:
184 - فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن وأبو بكر الأصبهاني عنه وهم فيه حاجب
والصواب بهذا الإسناد: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقبل وهو صائم وحاجب لم يكن له كتاب
إنما كان يحدث من حفظه.
وروي عن أبي أويس والحسن بن دينار وعبد [الملك] بن محمد وابن أبي
ليلى ومحمد بن جابر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وكلهم ضعيف لا يحتج
بروايتهم.
ورواه غالب بن عبيد الله الجزري وقيل عبد الله بن غالب عن عطاء عن عائشة
وغالب ضعيف.
وروي من أوجه أخر عن عطاء وكل ذلك ضعيف.
218

والصحيح عن عطاء من قوله: وعن عطاء عن ابن عباس من قوله. فجعله بعض
الضعفاء عن عطاء عن عائشة مرفوعا والصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فغلط بعض
الضعفاء فحمله على ترك الوضوء منها. والله أعلم.
قال أصحابنا ولو صح منها إسناد واحد لقلنا به إن شاء الله كما قال الشافعي في
القديم:
وقد روينا إيجاب الوضوء منها عمن سميناهم من الصحابة بأسانيد صحيحة مع
الاستدلال بالكتاب والاحتياط لأمر الطهارة وبالله التوفيق.
27 - [باب]
الوضوء من مس الذكر
185 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد / بن
عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول:
دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان: من
مس الذكر الوضوء. فقال عروة: ما علمت ذلك. فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت
صفوان أنها سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ '.
هذا حديث أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة عن مالك.
ورواه يحيى بن بكير عن مالك في الموطأ وقال في الحديث فليتوضأ وضوءه
للصلاة.
والذي يخالفه يطعن فيه بأن عروة بن الزبير جعل يماري مروان بن الحكم في
ذلك حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة يسألها عما حدث من ذلك فأرسلت
219

إليه بسرة بمثل الذي حدثه عنها مروان ومعروف عن عروة بن الزبير أنه صار إلى هذا
الحديث ولولا ثقة الحرسي عنده لما صار إليه ثم قد روي عن عروة أنه سأل بسرة عن ذلك فصدقته بما قال
186 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا أخبرنا
علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا الحكم بن
موسى قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه أن مروان
حدثه عن بسرة بنت صفوان وكانت قد صحبت النبي [صلى الله عليه وسلم] قال النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إذا مس
أحدكم ذكره فلا يصلين حتى يتوضأ '.
قال وأنكر ذلك عروة فسأل بسرة فصدقته بما قال.
قال علي: تابعه ربيعة بن عثمان والمنذر بن عبد الله الحزامي وعنبسة بن عبد
الواحد وحميد بن الأسود فرووه عن هشام هكذا عن أبيه عن مروان عن بسرة قال عروة
فسألت بسرة بعد ذلك فصدقته.
187 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سليمان بن عمرو ومحمد بن
عبد الله عن يزيد بن عبد الملك الهاشمي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي
هريرة / عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبينها شيء فليتوضأ '.
هكذا رواه الشافعي في كتاب الطهارة.
ورواه في سنن حرملة عن عبد الله بن رافع عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن
أبي موسى الخياط عن سعيد بن أبي سعيد.
188 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فهر المصري بمكة قال حدثنا
الحسن بن شريك قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى بن كامل قال حدثنا عبد
220

العزيز بن مقلاص قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثنا عبد الله بن نافع
فذكره. إلا أنه لم يقل: ليس بينه وبينها شيء قال الشافعي في رواية حرملة.
روى حديث يزيد بن عبد الملك عدد منهم سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد
الله بن دينار عن يزيد بن عبد الملك لا يذكرون فيه: أبا موسى الخياط وقد سمع
يزيد بن عبد الملك من سعيد المقبري.
قال أحمد:
روى عبد الرحمن بن القاسم المصري ومعن بن عيسى وإسحاق الفروي
وغيرهم عن يزيد عن سعيد كما قال الشافعي.
ويزيد هو ابن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن
هاشم.
سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: شيخ من أهل المدينة ليس به بأس.
قال البيهقي:
وروي عن نافع بن أبي نعيم القاري عن سعيد المقبري كما رواه يزيد بن عبد
الملك.
189 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع وابن أبي فديك عن
ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ '.
221

وزاد ابن نافع فقال: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه لا يذكرون فيه جابر.
قال أحمد:
رواه دحيم الدمشقي عن عبد الله بن نافع كذلك موصولا.
/ قال الشافعي في القديم:
وروي ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بسرة
وزيد بن خالد الجهني عن النبي [صلى الله عليه وسلم] معناه يعني معنى حديث مالك.
190 - وهذا الحديث فيما انبأنيه أبو عبد الرحمن السلمي أجازه أن أبا الحسن
محمد بن عبد الله بن صبيح أخبرهم قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه قال
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا ابن
جريج قال حدثني الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة ولم أسمعه منه أنه كان
يحدث عن بسرة بنت صفوان وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قال إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ '.
هذا إسناد صحيح لم يشك فيه راويه وذكر الحديث عنهما جميعا.
وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن البرساني ورأى محمد بن يحيى الذهلي روايته
من غير شك هي المحفوظة.
ورواه أيضا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عروة عن زيد بن خالد
الجهني.
191 - أخبرناه أبو سعيد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال
حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم
قال حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير
222

عن زيد بن خالد الجهني قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من مس فرجه
فليتوضأ '.
قال زهير بن حرب هكذا عندي وإنما رواه عروة عن بسرة.
قال أحمد:
قد أخبر الزهري بأنه لم يسمعه من عروة وإنما سمعه من عبد الله بن أبي بكر
وهو من الثقات عن عروة ثم عروة رواه عن بسرة وعن زيد بن خالد كما رواه ابن
جريج.
192 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن علي الحافظ قال حدثنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الرحمن بن سلام قال حدثنا سليم بن مسلم أبو مسلم
عن ابن جريج عن عبد الواحد هو ابن قيس عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
قال: ' من مس ذكره فليتوضأ '. / رواه الشافعي: في كتاب القديم: عن مسلم بن
خالد عن ابن جريج. قال الشافعي: وأخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن
شعيب قال سمع ابن عمر بسرة تحدث بحديثها عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: في مس الذكر فلم
يدع الضوء منه حتى مات.
وأخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن يحيى بن كثير عن رجال من
الأنصار أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.
قال وأخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة:
أن عمر بن الخطاب بينا هو يؤم الناس أحسبه قال قد صلى ركعة أو أكثر إذا
زلت يده على ذكره فأشار إلى الناس أن امكثوا ثم خرج فتوضأ ثم رجع فأتم بهم ما
بقي من الصلاة.
223

قال أحمد حديث يحيى بن أبي كثير:
193 - فيما أنبأنيه أبو عبد الرحمن السلمي أجازه أن أبا محمد الحسن بن عبد
الله بن محمد بن صبيح أخبرهم.
قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه قال أخبرنا إسحاق الحنظلي قال أخبرنا
محمد بن بكر البرساني قال حدثنا ابن جريج قال وقال يحيى بن أبي كثير عن رجل من
الأنصار: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم عاد في مجلسه فتوضأ ثم أعاد الصلاة فقال:
' إني كنت مسست ذكري فنسيت '.
194 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن إسماعيل بن محمد بن
سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد أنه قال: كنت أمسك المصحف على
سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد: لعلك مسست ذكرك فقلت: نعم. فقال
لي: قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت.
قال وحدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول:
إذا مس الرجل ذكره فقد وجب عليه الوضوء.
قال وحدثنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: رأيت عبد
الله بن عمر يغتسل ثم يتوضأ فقلت له: يا أبه ما يحزيك الغسل من الوضوء؟ قال:
بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ.
قال وحدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول: من مس ذكره فقد
وجب عليه الوضوء.
/ وروى الشافعي في كتاب القديم: عن مالك بن أنس هذه الآثار كلها.
195 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا القاسم بن عبيد
الله بن عمر أظنه عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت:
224

إذا مست المرأة فرجها توضأت.
تابعه عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن عمر.
وروينا عن عطاء عن ابن عباس في الوضوء من مس الذكر.
وروينا عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في القديم:
وخالفنا بعض الناس في هذا القول واحتج بما روي عن نفر من أصحاب
النبي [صلى الله عليه وسلم] أنهم قالوا: لا وضوء فيه وسماهم في موضع آخر فذكر: عليا، وحذيفة،
وابن مسعود، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وعمار بن ياسر، وسعد بن أبي
وقاص. وقال: لم يرووه إلا عن بسرة وحديث النساء إلى الضعف ما هو. قال
الشافعي:
قد روينا قولنا عن غير بسرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة
يروي عن عائشة بنت عجرد، وأم خداش، وعدة من النساء ليس بمعروفات في
العامة. ويحتج بروايتهن ويضعف بسرة مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها
النبي [صلى الله عليه وسلم]. وقد حدثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون فلم يدفعه
منهم أحد بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم: عروة بن الزبير وقد دفع وأنكر
الوضوء من مس الذكر قبل أن يسمع الخبر فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله
وسمعها ابن عمر تحدث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات. وهذه طريق
أهل الفقه والعلم.
قال أحمد:
فأما ما قال الشافعي في اشتهار بسرة بنت صفوان فهو كما قال:
169 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسن بن علي الحافظ
قال أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قال حدثني محمد بن عبد الله بن
المبارك المخزمي قال حدثنا / مسعود بن سلمة الخزاعي قال قال لنا مالك بن أنس
225

أتدرون من بسرة بنت صفوان: هي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه فاعرفوها.
197 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن يوسف المؤذن قال
حدثنا محمد بن عمران قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب بن عبد الله
الزبيري قال: بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من المبايعات وورقة بن نوفل عمها
وليس لصفوان بن نوفل عقب إلا من قبل بسرة وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي
العاص.
وروينا عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري في حديث عروة عن مروان أنه سأل
بسرة بنت صفوان وهي امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب عن ذلك
فذكرت: أنها سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يأمر بالوضوء من مس الرجل ذكره والمرأة من مس
فرجها.
198 - أخبرناه أبو صالح البزاز قال أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال أخبرنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن نمر قال: سألت الزهري أعلى المرأة وضوء إذا مست فرجها كما على
الرجل الوضوء من مس فرجه؟ فحدثني عن عروة بن الزبير فذكره.
والقصد من هذه الرواية تعريف بسرة.
وقد رويناه من حديث أبي موسى الأنصاري عن الوليد قال فقال الزهري أخبرني
عبد الله بن أبي بكر عن عروة قال في متنه: إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه
فليتوضأ. قال والمرأة كذلك.
وهذا أصح غير أنه لم يذكر في إسناده تعريف بسرة.
وأما ما قال من رجوع عروة بن الزبير إلى روايتها فهو بين:
199 - فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري بن علي المقري قال
أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن
عبيد قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان عند
مروان بن الحكم فسئل عن مس الذكر فلم ير به باس. قال: فبعث مروان بعض
حرسه إلى بسرة بنت صفوان فقال: ألست حدثتيني أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
226

' إذا مس الرجل فرجه بيده فلا يصلين حتى يتوضأ '.
فرجع فقال: قالت نعم قال: فكان أبي بعد يقول من مس فرجه أو رفغه أو أنثييه
أعاد الوضوء فعروة بن الزبير مع علمه وفضله قبل روايتها حتى قاس عليها.
وقد مضت الرواية فيه عن ابن عمر.
قال أحمد:
قرأن في كتاب الطحاوي تضعفه الحديث بما روي بإسناده عن ربيعة وغيره
ممن ترك الحديث في جهالة بسرة ثم في جرح من رواه عنها من مروان والحرسي.
وفيما ذكر الشافعي وذكرنا عن غيره من بيان حال بسرة ومعرفتها وتصديق عروة
إياها ورجوعه إلى روايتها ما يكشف عن ثقتها وثقة من حمل الحديث عنها مع ما روينا
من سؤاله بسرة عن الحديث وتصديقها من حدثه عنها.
فزعم أن راوية عن عروة عبد الله بن أبي بكر وأخذ في تضعفه رمزا وأن الزهري
إنما رواه عنه عن عروة وليس حديث عبد الله بن أبي بكر عن عروة كحديث الزهري
عن عروة.
وقيل عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة.
قال أحمد:
هذا حديث قد رواه مالك بن أنس في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن
عروة.
ورواه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر حين فاته ذلك عن عروة كما روي عنه
عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] حديث: ' من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن
كن [له] سترا من النار '. حين فاته ذلك عن عروة كذلك روي عنه حديث بسرة
حين فاته ذلك عن عروة.
227

ثم رواه مرة عن أبي بكر بن محمد عن عروة إذ كان الأوزاعي حفظه عنه عن أبي
بكر والحديث كان عندهما جميعا فرواه عنهما وهما من أهل الفقه والصدق في الرواية
عند كافة أهل الحديث.
قد روينا عن الزهري أنه قال: ما بالمدينة مثل عبد الله بن أبي بكر ولكن إنما
منعه أن يرتفع ذكره مكان أبيه أنه حي.
200 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يعقوب بن سفيان قال حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرني / أشهب عن مالك قال
أخبرني ابن غزية قال قال لي ابن شهاب فذكره.
وروينا عن عمر بن عبد العزيز: أنه استقضى أبا بكر بن محمد وكتب إليه
ليكتب له السنن بالمدينة فاعتمد عليه في ذلك.
قال أحمد:
ولم يخطر ببالي أن يكون إنسان يدعي معرفة الآثار والرواة ثم يطعن في أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابنه عبد الله.
قال الطحاوي:
فإن قالوا قد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن أبيه. قيل لهم إن هشام بن
عروة لم يسمع هذا من أبيه إنما أخذه من أبي بكر أيضا ونسبه في ذلك إلى التدليس.
قال أحمد:
وإيش يكون إذا كان يرويه عن أبي بكر وأبو بكر ثقة حجة عند كافة أهل العلم
بالحديث إنما يضعف الحديث بأن يدخل الثقة بينه وبين من فوقه مجهولا أو ضعيفا
فإذا أدخل ثقة معروفا قامت به الحجة.
وقد روى هشام عن أخيه عثمان بن عروة عن أبيه حديث الطبيب.
وروي عن يحيى بن سعيد عن عروة حديث الآبق.
ومثل ذلك في الرواية كثير ولم يرد به أحد من أهل العلم شيئا من ذلك على أنه
يحتمل أن يكون أخذه عنه أولا ثم سمعه من أبيه فحدث به عن أبيه.
201 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا منصور العتكي يقول
سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول حدثني
228

يحيى بن سعيد عن شعبة قال لم يسمع هشام بن عروة حديث أبيه في مس الذكر.
قال يحيى: فسألت هشاما. فقال: أخبرني أبي ثم أخذ الطحاوي في رواية
أحاديث لم نعتمد عليها في الوضوء من مس الذكر، وجعل يضعفها مرة بضعف
الرواة، ومرة بالانقطاع، وإن من أوجب الوضوء منه لا يقول بالمنقطع.
إذا كان منفردا، فإذا انضم إليه غيره، أوانضم إليه قول بعض الصحابة، أو ما
تتأكد به المراسيل، ولم يعارضه ما هو أقوى منه - فإنا نقول به. وقد مضى بيان ذلك
في أول الكتاب.
ومرسل محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قد انضم إليه في رواية الشافعي مرسل
يحيى بن أبي كثير، عن رجال من الأنصار / ومرسل عمرو بن شعيب، وانضم إليه قول
جماعة من الصحابة. وهم لا يقولون إلا عن توقيف. فالرأي لا يقتضيه مع ما روينا فيه
من المسانيد الصحيحة من أوجه لا يكون مثلها غلطا.
وقد روي حديث عمرو بن شعيب موصولا:
202 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا أبو عتبة، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثني الزبيدي قال
حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ.
وكذلك رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده عن بقية بن الوليد، عن
الزبيدي: محمد بن الوليد، قاضي دمشق. والزبيدي هذا من الثقات.
وكذلك روي عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن عمرو. وكذلك روي عن
ثابت بن ثوبان عن عمرو.
229

قال الطحاوي: أنتم تزعمون أن عمرو بن شعيب لم يسمع من أبيه شيئا،
وإنما حديثه عنه صحيفة.
فقلنا: من يزعم هذا؟ نحن لا نعلم خلافا من أهل العلم بالحديث في سماع
عمرو بن شعيب عن أبيه.
قال البخاري في التاريخ: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن
العاص. سمع أباه وسعيد بن المسيب، وطاوسا.
قلت: وإنما الخلاف في سماع شعيب عن جده: عبد الله بن عمرو. وقد ذكرنا
في مسألة الجماع في الإحرام ما دل على سماع شعيب من عبد الله بن عمرو.
203 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الرحمن السلمي. قال أبو عبد
الرحمن: أخبرنا. وقال أبو عبد الله: سمعت علي بن عمر الحافظ. يقول: سمعت
أبا بكر بن زياد الفقيه النيسابوري، يقول: سمعت محمد بن علي بن حمدان الوراق،
يقول: قلت لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا؟ قال: يقول حدثني
أبي. قلت: فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو؟ قال: نعم، أراه قد سمع. قال علي
سمعت أبا بكر النيسابوري، يقول: هو عمر بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن
عمرو. وقد صح سماع عمرو بن شعيب من أبيه شعيب. وصح سماع شعيب من جده
عبد الله / بن عمرو.
وقرأت في ' كتاب العلل ' لأبي عيسى الترمذي، عن محمد بن إسماعيل
البخاري، أنه قال: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب، في مس الذكر هو عندي
صحيح.
قال أحمد: نحن إنما اعتمدنا في هذا الباب على ما مضى. وحديث عمرو بن
شعيب يؤكده. إلا أن هذا الشيخ لعله سمع شيئا فلم يحكمه. فأردت أن أبين خطأه
في ذلك. وقد سكت عن كثير من أمثال ذلك، فبين في كلامه أن علم الحديث لم
230

يكن من صناعته، وإنما أخذ الكلمة بعد الكلمة من أهله، ثم لم يحكمها. وبالله
التوفيق.
وروى الطحاوي - رحمنا الله وإياه - حديث زيد بن خالد الجهني من جهة
محمد بن إسحاق بن يسار. ثم أخذ في الطعن على ابن إسحاق، وأنه ليس بحجة.
ثم ذهب إلى أنه غلط؛ لأن عروة أنكره حين سأله مروان بن الحكم. ذلك كان بعد
موت زيد بن خالد. فكيف يجوز أن ينكر ما قد حدثه إياه زيد بن خالد، عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد: وددنا أن لو كان احتجاجه في مسائله بأمثال محمد بن إسحاق بن
يسار. كيف وهو يحتج في كتابه بمن قد أجمع أهل العلم بالحديث على ضعفه في
الرواية. وهذا الحديث إنما ذكره صاحبه الشافعي من جهة ابن جريج، عن ابن
شهاب. عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وزيد بن خالد.
وقد أخرجه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في ' مسنده ' كما ذكرنا. وهو إسناد
صحيح ليس فيه محمد بن إسحاق، ولا أحد ممن يختلف في عدالته.
وإنما المنكر على ابن إسحاق روايته عن الزهري، عن عروة نفسه، فإن الزهري
لم يسمعه من عروة. وإنما أنكر عليه ذكر زيد بن خالد في روايته من لم يبلغه رواية
ابن جريج، أو بلغته بالشك.
وأما ما قال من تقدم موت زيد بن خالد الجهني، فهذا منه توهم. ولا ينبغي
لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم. فقد بقي زيد بن خالد إلى سنة ثمان
وسبعين من الهجرة. ومات مروان بن الحكم سنة خمس وستين. هكذا ذكره أهل
العلم بالتواريخ. فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان /، ثم سمعه
من بسرة، ثم سمعه - بعد ذلك - من زيد بن خالد الجهني، فرجع إلى روايتهما، وقلد
حديثهما. وبالله التوفيق.
وتعليل من علل حديث الزهري باختلاف الرواة عليه في إقامة إسناده لا يقدح
في رواية من أقام إسناده؛ فالذي أقامه حافظ ثقة، وخطأ من أخطأ فيه على الزهري -
حين قال. عن عروة، عن عائشة، أو على هشام بن عروة؛ حتى قال فيه عن عروة
231

عن أروى - لا يقدح في رواية أهل الثقة، فمثل ذلك موجود في رواية الضعفاء
لأحاديث أهل الحفظ، فلم يقدح ذلك في روايتهم، ولم يرد به أحد من أهل الفقه
حديث أهل الحفظ. والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله في ' القديم ': فزعم أن قاضي اليمامة ومحمد بن جابر
ذكرا عن قيس بن طلق، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، ما يدل على أن لا وضوء منه.
قال الشافعي: قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره.
وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وتثبيته.
قال أحمد: وإنما أراد حديث أيوب بن عتبة، قاضي اليمامة، ومحمد بن جابر
السحيمي، عن قيس بن طلق.
204 - أخبرناه الأستاذ أبو بكر: محمد بن الحسن بن فورك، قال: أخبرنا عبد
الله بن جعفر الأصبهاني، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود، قال:
حدثنا أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه، قال:
قلت: يا رسول الله، يكون أحدنا في الصلاة فيمس ذكره فيعيد الوضوء؟
قال: لا، إنما هو منك.
205 - وأخبرنا أبو سعد الماليني، قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: أخبرنا
الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إسحاق بن [أبي] إسرائيل، قال: حدثنا محمد بن
جابر، قال: حدثنا قيس بن طلق، عن أبيه، قال:
كنت عند النبي [صلى الله عليه وسلم]، جالسا، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله، مسست ذكري
وأنا في الصلاة - أو قال: يمس الرجل ذكره؟ فقال: إنما هو منك.
ورويناه عن همام بن يحيى، عن محمد بن جابر - بالشك - أنه سأل، أو سمع
232

رجلا يسأله: بينما أنا أصلي فذهبت أحك / فخذي فأصابت يدي ذكري.
ورويناه عن حماد بن زيد، عن محمد بن جابر، دون ذكر الصلاة.
وفيه من الزيادة ما دل على أن ذلك كان ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبني مسجده.
وأيوب بن عتبة، ومحمد بن جابر، عند أهل العلم بالحديث ضعيفان.
ورواه ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق. إلا أن
صاحبي الصحيح لم يحتجا بشيء من روايتيهما.
ورواه عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق مرسلا.
206 - أخبرناه أبو علي الروذباري، قال: أخبرنا أبو طاهر المحمد اباذي،
قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا الحسين بن الوليد.
207 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله: محمد بن
يعقوب. إملاء، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا الحسين بن الوليد
- إملاء من كتابه - قال: حدثنا عكرمة بن عمار اليماني، عن قيس بن طلق.
إن طلقا سأل النبي [صلى الله عليه وسلم]، عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة؟ فقال: ' لا
بأس به، إنما هو كبعض جسده '.
وهذا منقطع؛ لأن قيسا لم يشهد سؤال طلق. وعكرمة بن عمار أقوى من رواه
عن قيس بن طلق، وإن كان هو أيضا مختلفا في عدالته: فاحتج به مسلم بن الحجاج
في غير هذا الحديث، وتركه البخاري، وضعفه يحيى بن سعيد القطان، في آخرين.
وأما قيس بن طلق ففي حكاية رجاء بن مرجا الحافظ، عن يحيى بن معين أنه
احتج بحديث بسرة بنت صفوان. واحتج علي بن المديني بحديث قيس بن طلق،
وقال ليحيى: كيف يتقلد إسناد بسرة، ومروان أرسل شرطيا حتى رد جوابها إليه؟ فقال
يحيى: ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة فسألها وشافهته بالحديث. ثم قال
يحيى: وقد أكثر الناس في قيس بن طلق، وأنه لا يحتج بحديثه. فقال أحمد بن
حنبل: كلا الأمرين على ما قلتما. ثم ذكر احتجاج يحيى بقول ابن عمر، وتضعيف
233

أحمد رواية أبي قيس الأدوي، عن هزيل، عن ابن مسعود، في خلافه.
208 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثني أبو بكر الجراحي قال: حدثنا
عبد الله بن يحيى القاضي، قال: حدثنا رجاء بن مرجا، فذكره.
وهو بتمامه منقول في ' كتاب السنن '.
209 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن: علي بن
عمر الحافظ، قال: قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث
فقالا: قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة. ووهناه ولم يثبتاه.
قال أحمد:
حديث قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح في الصحيح، ولم يحتجا
بشيء من رواياته، ولا بروايات أكثر رواة حديثه في غير هذا الحديث.
وحديث بسرة بنت صفوان وإن لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من
بسرة، أو هو عن مروان عن بسرة؟ فقد احتجا بسائر رواة حديثها.
واحتج البخاري برواية مروان بن الحكم في حديث متعة الحج. وحديث
القراءة في المغرب، وحديث الجهاد، وحديث الشعر، وغير ذلك؛ فهو صحيح على
شرط البخاري بكل حال.
وإذا ثبت سؤال عروة بسرة عن هذا الحديث - كان الحديث صحيحا على شرط
البخاري ومسلم جميعا.
وقد مضت الدلالة على سؤاله إياها عن الحديث، وتصديقها مروان فيما روى
عنها. فهذا وجه رجحان حديثها على حديث قيس بن طلق من طريق الإسناد، كما
أشار إليه الشافعي، رحمه الله.
قال أحمد: والرجحان إنما وقع بوجود شرائط الصحة والعدالة في هؤلاء
الرواة، دون من خالفهم. وشرحها ههنا يطول. فجعل احتجاج صاحبي الصحيح
بهم في سائر الروايات دون غيرهم ممن خالفهم - علامة لمن عرف تقدمها في علم
234

الحديث، ولم يعرفهم - على وجودها فيهم دون من خالفهم فتبين بذلك صحة ما
قال الشافعي، رحمه الله، من رجحان حديث بسرة على حديث قيس بن طلق من
طريق الإسناد.
* *
فأما ما احتجوا به من أقاويل الصحابة، فقد رجح الشافعي قول من أوجب منه
الوضوء على قول من لم يوجبه. بأن الذي قال: لا وضوء فيه، إنما قاله بالرأي.
والذي أوجب الوضوء فيه لا يوجبه إلا / بالاتباع؛ لأن الرأي لا يوجبه. هذا والوضوء عن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثابت، وما ثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، لم يكن في قول أحد خالفه حجة
على قوله. وبالله التوفيق.
28 - [باب]
لا وضوء على من مس شيئا نجسا
210 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان
عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، قالت.
سمعت جدتي أسماء تقول: سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، عن دم الحيضة يصيب
الثوب؟ فقال: ' حتيه ثم اقرصيه بالماء، ثم رشيه، ثم صلي فيه '.
قال الشافعي: فإذا أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، بدم الحيض أن يغسل باليد، ولم يأمر
بالوضوء منه فكل ما ماس من نجس قياس عليه بأن لا يكون منه وضوء.
قال أحمد: هكذا روى الربيع هذا الحديث عن الشافعي في ' كتاب الطهارة '.
ورواه حرملة بن يحيى ' في كتاب السنن ' عن الشافعي بإسناده عن جدتها أسماء بنت
أبي بكر: أن امرأة سألت النبي [صلى الله عليه وسلم]، عن دم الحيض يصيب الثوب. وهو
الصحيح.
235

كذلك رواه الحميدي وغيره عن سفيان بن عيينة.
وكذلك رواه مالك، ويحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير، ووكيع، وغيرهم،
عن هشام.
وهو مخرج في الصحيحين من حديث مالك وغيره.
211 - أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال:
أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء، قال:
إن الريح لتسفي علينا الروث والخرء اليابس، فيصيب وجوهنا وثيابنا، فننفضه
- أو قال: فنمسحه - ثم لا نتوضأ ولا نغسله.
29 - [باب]
الوضوء من القيء والرعاف
قال الشافعي في ' كتاب القديم ':
قد بين الله، عز وجل، ما يكون منه الوضوء، وكيف هو. وسنه النبي [صلى الله عليه وسلم]. فلما
لم ينزل في الدم كتاب، ولم يأت فيه سنة - قلنا كأنه من العفو مع أنا اعتمدنا فيه على
الآثار القوية.
/ ثم ذكر القياس، ثم قال: أخبرنا رجل، عن حميد الطويل، عن بكر بن عبد
الله، قال:
رأيت ' ابن عمر ' عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء من دم، فدلكه بين
إصبعيه، ثم قام إلى الصلاة، ولم يغسل يده.
212 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو الوليد الفقيه، قال:
حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر - هو ابن شيبة - قال: حدثنا عبد
الوهاب، عن التيمي، عن بكر - يعني ابن عبد الله - قال:
رأيت ' ابن عمر ' عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء من دم فحكه بين أصبعيه،
ثم صلى ولم يتوضأ.
236

قال الشافعي:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ' ابن عمر ' أنه
كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم.
213 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد
الصفار، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن
عبيد الله بن عمر. فذكره بإسناده، إلا أنه قال: غسل محاجمه.
قال الشافعي:
وأخبرنا رجل، عن ليث، عن طاوس، عن ' ابن عباس ' قال: اغسل أثر
المحاجم عنك وحسبك.
قال: وأخبرنا رجل، عن يحيى بن سعيد، عن ' القاسم بن محمد '، قال: ليس
على المحتجم وضوء.
قال: وأخبرنا بعض أصحابنا عن مسعر، عن سعيد بن إبراهيم، قال: رأيت
سعيد بن المسيب رعف، فمسح أنفه بصوفة، ثم صلى.
قال: وأخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج
من أنفه الدم فيمسحه بأصابعه، ثم يفتله، ثم يصلي ولا يتوضأ.
قال: وأخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: رأيت ' ابن
المسيب ' قطرت من أنفه قطرة دم، فأمر بردا فمصها، ثم صلى ولم يتوضأ.
قال الشافعي:
وابن عمر، وأبو هريرة، وابن أبي أوفى، لا يرون من الدم وضوءا، ويروى عن
ابن عباس:
214 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني، قال: أخبرنا أبو بكر: محمد بن جعفر
المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن بكير، قال:
حدثنا مالك أنه بلغه أن ' عبد الله بن عباس ' كان يرعف فيخرج، فيغسل الدم،
237

ثم يرجع فيبني على ما قد صلى.
وبإسناده قال: حدثنا مالك، عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال:
رأيت ' سعيد بن المسيب ' يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم
الذي يخرج من أنفه، ثم يصلي ولا يتوضأ.
وبإسناده قال: حدثنا مالك، عن عبد الرحمن بن المجبر: أنه رأى ' سالم بن
عبد الله يخرج من أنفه الدم فيمسحه بأصابعه، ثم يفتله ثم يصلي ولا يتوضأ.
وأما الذي روي عن ' ابن عمر ' و ' أبن المسيب ' أنهما كانا يرعفان فيتوضآن
ويبنيان على ما صليا، فقد قال الشافعي: قد روينا عن ' ابن عمر ' و ' ابن المسيب '
أنهما لم يكونا يريان في الدم وضوءا.
وإنما معنى وضوئهما عندنا غسل الدم، وما أصاب من الجسد، لا وضوء
الصلاة.
وقد روي عن ' ابن مسعود ' أنه غسل يديه من طعام، ثم مسح ببلل يديه
وجهه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث.
وهذا معروف من كلام العرب، تسمى وضوءا لغسل بعض الأعضاء لا لكمال
وضوء الصلاة. وهكذا معنى ما روي عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، في
الوضوء من الرعاف - عندنا. والله أعلم.
وليست هذه الرواية بثابتة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. والله أعلم.
قال أحمد:
هذه الرواية التي أشار إليها الشافعي، رحمه الله، منقطعة؛ وذلك لأن عبد
العزيز بن جريج، أبا عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - من التابعين المتأخرين، لا
نعلم له رواية عن أحد من الصحابة إلا عن عائشة في الوتر، وليست بقوية. قال
238

البخاري: لا يتابع في حديثه.
قال أحمد:
وقد رواه إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن
عائشة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
215 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: أخبرنا أبو الوليد: حسان بن
محمد، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو الربيع، قال: حدثنا
إسماعيل، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من رعف أو قاء فإنه يتوضأ ويبني ما لم يتكلم '.
قال أحمد:
هكذا رواه / إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج. ورواه مرة أخرى عن ابن
جريج، عن أبيه، عن عائشة. وكلاهما غير محفوظ.
ورواه مرة ثالثة عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، مرسلا، وهو
المحفوظ.
216 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن: علي بن عمر
الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري. قال: حدثنا محمد بن يحيى، وإبراهيم بن
هانئ، قالا: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبيه، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا قاء أحدكم، أو قلس، أو وجد مذيا، وهو في الصلاة
فلينصرف فليتوضأ، وليرجع فليبن على صلاته ما لم يتكلم '.
قال أبو الحسين: قال لنا أبو بكر سمعت محمد بن يحيى يقول: هذا هو
الصحيح عن ابن جريج، وهو مرسل، وأما حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة،
239

عن عائشة الذي يرويه إسماعيل بن عياش - فليس بشيء.
قال أحمد:
وهكذا قال أحمد بن حنبل، وغيره، من الحفاظ.
ورواه أيضا إسماعيل، عن عباد بن كثير، وعطاء بن عجلان عن ابن أبي
مليكة.
وإسماعيل، وعباد، وعطاء، كلهم ضعيف.
ورواه سليمان بن أرقم عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة وسليمان بن أرقم
متروك. قاله الدارقطني وغيره من الحفاظ؟.
ورواه سليمان بن أرقم، عن عطاء، عن ابن عباس، وعمر بن رباح، عن ابن
طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، وأبو بكر الداهري، عن حجاج، عن الزهري، عن
عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد.
وسليمان بن أرقم، وعمر بن رياح، وأبو بكر الداهري - ضعفاء. قاله الدارقطني
وغيره.
وروى عمرو بن خالد الواسطي، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان،
قال:
رآني النبي [صلى الله عليه وسلم]، وقد سال من أنفي دم، فقال: أحدث لما حدث وضوءا.
وعمرو بن خالد في عداد من يضع الحديث.
وروي عن جعفر بن زياد الأحمر عن أبي هاشم. وجعفر ضعيف. وقيل: عنه،
عن أبي خالد - وهو عمرو بن خالد الواسطي - وهو متروك. قاله الدارقطني وغيره.
وروى يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز / قال:
قال تميم الداري: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' الوضوء من كل دم سائل '.
وعمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري، ولا رآه. ويزيد بن خالد،
240

ويزيد بن محمد - مجهولان. قاله الدارقطني وغيره.
وروى محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن ميمون بن مهران، عن ابن
المسيب: عن أبي هريرة، مرفوعا في الدم السائل.
ومحمد بن الفضل ضعيف. قاله الدارقطني وغيره.
وجميع ذلك فيما قرأته على أبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر بن الحارث،
عن أبي الحسن الدارقطني، رحمه الله.
وحديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ' القلس حدث '. رواية
سوار بن مصعب، وهو متروك، ولم يروه غيره.
وروى يعيش بن الوليد بن هشام، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة - أو ابن
طلحة - عن أبي الدرداء: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد
دمشق، فذكرت ذلك له فقال: أنا صببت له وضوءه.
وإسناد هذا الحديث مضطرب. ويعيش بن الوليد فيه نظر صاحبا الصحيح لم
يحتجا به، ثم هو يحتمل ما احتمل حديث ابن جريج، عن أبيه، إن صح من أنه أراد
غسل بعض الأعضاء. والله أعلم.
30 - [باب]
الوضوء من الكلام والضحك في الصلاة
217 - أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
لا وضوء من كلام وإن عظم ولا ضحك في صلاة ولا غيرها.
واحتج بالحديث الذي أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا
الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا إبراهيم - يعني ابن سعد - عن ابن
241

شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله '.
قال ابن شهاب: ولم يبلغني أنه ذكر في ذلك وضوءا.
أخرجه البخاري، ومسلم، في الصحيح من حديث الأوزاعي، عن الزهري.
218 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال: أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد، قال: أخبرني أبي، قال: حدثنا
الأوزاعي، عن الزهري /، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' من حلف منكم فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل:
لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق '.
قال الشافعي، في كتاب ' القديم ' في القهقهة في الصلاة:
إنها مثل الكلام: إن عمد قطع صلاته ولم يكن عليه وضوء.
قال أحمد: قد روينا في ' كتاب السنن ' عن ' جابر بن عبد الله الأنصاري ': أنه
سئل عن الرجل يضحك في الصلاة؟ قال: يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء.
219 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسين: علي بن عبد
الرحمن ابن هانئ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا وكيع، عن
الأعمش عن أبي سفيان، قال: سئل جابر، فذكره.
ورواه أبو شيبة قاضي واسط، عن يزيد بن أبي خالد، عن أبي سفيان، مرفوعا.
واختلف عليه في متنه. والموقوف هو الصحيح، ورفعه ضعيف.
وروينا عن عبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وأبي أمامة الباهلي - ما
242

يدل على ذلك. وهو قول الفقهاء السبعة من التابعين، وقول الشعبي، وعطاء
والزهري. قال الشافعي: وقال ' بعض الناس ' عليه الوضوء ويستأنف.
قال الشافعي:
ولو ثبت عندنا الحديث بما يقول لقلنا به. والذي يزعم أن عليه الوضوء يزعم
أن القياس أن لا ينتقض. ولكنه - زعم يتبع الآثار. فلو كان يتبع منها الصحيح
الموصول المعروف، كان بذلك عندنا حميدا، ولكنه يرد منها الصحيح الموصول
المعروف، ويقبل الضعيف المنقطع.
220 - أخبرنا أبو عبد الله، الحافظ، وأبو بكر القاضي، وأبو زكريا المزكي،
قالوا: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا
الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أمر رجلا ضحك في
الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة.
قال الشافعي:
فلم نقبل هذا؛ لأنه مرسل. ثم أخبرنا الثقة عن معمر، عن ابن شهاب، عن
سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، بهذا الحديث. زاد أبو عبد الله
روايته: قال الشافعي: فلما أمكن في ابن شهاب أن يكون يروي عن سليمان - هو ابن
أرقم - لم يؤمن مثل هذا على غيره.
قال أحمد:
وإنما قال هذا في كلام طويل ذكره في بيان عوار المراسيل. فإن الزهري يروي
بعد الصحابة عن خيار التابعين، ثم يرسل عن مثل سليمان بن أرقم، وهو فيما بين
أهل العلم بالحديث ضعيف ولذلك قال يحيى بن معين وغيره: مرسل الزهري ليس
بشيء.
قال أحمد:
وقد رواه جماعة عن الحسن البصري، مرسلا.
ورواه الحسن بن دينار - وهو ضعيف - عن الحسن، عن أبي المليح بن أسامة،
عن أبيه.
243

ورواه عمر بن قيس - وهو ضعيف - عن عمرو بن عبيد - وهو متروك - عن الحسن، عن عمران بن حصين.
وكذلك رواه بقية، عن محمد الخزاعي - وهو مجهول - عن الحسن، عن
عمران.
وروي عن عبد الكريم أبي أمية، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وإسناده ضعيف. وعبد الكريم غير ثقة.
ورواه سفيان بن محمد الفزاري - وهو شيخ من أهل المصيصة ضعيف. قاله أبو
أحمد بن عدي وأبو الحسن الدارقطني - بإسناد له عن سليمان بن أرقم. عن الحسن
عن أنس.
ورواه أبو حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن عن معبد الجهني.
ومعبد هو أول من تكلم في القدر بالبصرة، وليست له صحبة.
ورواه غيلان بن جامع، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، عن معبد
الجهني.
ورواه هشيم، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، مرسلا.
والمحفوظ هذا الحديث من جهة الحسن البصري - ما رواه عنه أكابر أصحابه،
مرسلا. وإنما أخذه الحسن عن حفص بن سليمان، عن حفصة عن أبي العالية.
ورواه أيضا إبراهيم النخعي، مرسلا. وإنما أخذه إبراهيم، عن أبي هاشم عن
أبي العالية.
ورواه الحسن بن عمارة، عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، عن أبيه.
وهو مما أخطأ فيه الحسن بن عمارة - وإن لم يكن تعمده - فخالد الحذاء إنما
رواه عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية.
ورواه الحسن بن دينار مرة - وكان ضعيفا - عن قتادة، عن أبي المليح بن أسامة
عن أبيه.
وقتادة إنما رواه عن أبي العالية. فالحديث يدور على ' أبي العالية الرياحي '.
221 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، وأبو عبد الرحمن السلمي، قالا:
244

أخبرنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أبو علي الصفار قال: حدثنا إسماعيل بن
إسحاق، القاضي، قال:
حدثنا علي بن المديني، قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: هذا الحديث
يدور على أبي العالية. فقلت: قد رواه الحسن مرسلا.
فقال: حدثني حماد بن زيد عن حفص بن سليمان المنقري قال: أنا حدثت به
الحسن عن حفصة عن أبي العالية فقلت: قد رواه إبراهيم مرسلا.
فقال عبد الرحمن: حدثني شريك عن أبي هاشم قال: أنا حدثت به إبراهيم
عن أبي العالية.
فقلت: قد رواه الزهري مرسلا.
فقال: قرأته في كتاب ابن أخي الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن.
قال أحمد:
وأبو العالية الرياحي إنما رواه مرسلا. ومراسيل أبي العالية عند أهل الحديث
ليست بشيء لأنه كان معروفا بالأخذ عن كل أحد ولذلك قال محمد بن سيرين: كان
ها هنا ثلاثة يدقون كل من حدثهم.
222 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد عن ابن عون عن
محمد فذكره قال سليمان: كأنه كره ذلك لهم.
ورواه وهيب عن ابن عون عن محمد فسمى هؤلاء الثلاثة، الحسن. وأبا
العالية. وحميد بن هلال.
قال أحمد:
ولهذا قال الشافعي رحمه الله: حديث أبي العالية الرياحي ريح. وحديث
مجالد يجلد وحديث حرام حرام.
223 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا نصر: فتح بن عبد الله
الفقيه يقول سمعت الحسن بن سفيان يقول سمعت حرملة بن يحيى يقول: سمعت
الشافعي يقوله وإنما أراد هذا الحديث الواحد وما يرسله فأما ما يوصله فهو فيه ثقة
وحجة. وقد روي من أوجه أخر مظلمة لا تساوي ذكرها. وكان محمد بن يحيى
245

الذهلي يقول: لم يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الضحك / في الصلاة خبر.
224 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال
أخبرنا محمد بن يحيى المطرف قال سمعت محمد بن يحيى يقول ذلك.
31 - [باب]
الأخذ من الشوارب
225 - أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال:
أخبرنا الشافعي، قال: وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' اعفوا اللحى وخذوا من الشوارب، وغيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود ' كذا
وجدته في المبسوط.
وقد رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح، عن أبي بكر الصغاني، قال: أخبرنا
ابن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن
يعقوب، مولى الحرقة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس '.
226 - أخبرناه أبو محمد: عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن
يزيد، وأبو أحمد بن عيسى، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: حدثنا
مسلم بن الحجاج، قال: حدثني أبو بكر بن إسحاق. فذكره.
وهو فيما كتب إلي أبو نعيم الإسفرائيني - إجازة - أن أبا عوانة أخبرهم، قال،
حدثنا الصغاني: محمد بن إسحاق. فذكره. إلا أنه قال: ' واعفوا اللحى '.
وكذلك رواه سليمان بن بلال، عن العلاء بن عبد الرحمن.
246

وقال الشافعي في ' كتاب حرملة ':
أخبرنا سفيان، عن مسعر، عن أبي صخرة، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي
عقيل، عن المغيرة بن شعبة، قال:
ضفت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ليلة فأخذ بشاربي على سواك.
227 - أخبرنا علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو جعفر الرزاز، قال:
حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. فذكره بإسناده
أتم من ذلك، قال:
ضفت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ذات ليلة، فأمر لي بجنب فشوي، وأخذ من شاربي
على سواك.
وروينا في الحديث الثابت، عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أمر بإحفاء
الشوارب، وإعفاء اللحى.
/ وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' خمس من الفطرة: الختان والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط،
وقص الشارب '.
228 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، في آخرين، قالوا: حدثنا أبو العباس:
محمد بن يعقوب، قال: حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد، قال: حدثنا سفيان عن
الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
' الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة. فذكرهن '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
247

229 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد
الصيدلاني، قال: حدثنا إسماعيل بن قتيبة، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال:
حدثنا وكيع عن زكريا - يعني ابن أبي زائدة - عن مصعب بن شيبة، عن طلق، عن ابن
الزبير، عن عائشة، قالت:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق
بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة وانتقاص
الماء ' قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وغيره.
وغسل البراجم معناه: تنظيف المواضع التي تتسخ فيجتمع فيها الوسخ.
وانتقاص الماء: أراد به الاستنجاء.
ورواه علي بن زيد بن جدعان - وليس بالقوي - عن سلمة بن محمد بن عمار،
عن عمار، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وزاد فيه: ' الختان، ونقص: إعفاء اللحية '.
230 - وأما ما ذكره الشافعي في حديث العلاء من تغيير الشيب فمعناه فيما
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، قال: أخبرنا بشر بن
موسى، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، قال:
أخبرني سليمان بن يسار، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم '.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي.
248

ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن سفيان.
وقد رواه الشافعي في آخر سنن حرملة عن سفيان / بن عيينة.
32 - [باب]
لا وضوء مما يطعم أحد
231 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر أحمد بن الحسن، وأبو
سعيد بن أبي عمرو، قالوا: أخبرنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا
الشافعي، قال أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن رجلين: أحدهما جعفر بن عمرو بن
أمية الضمري، عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
أخرجاه في الصحيحين من حديث إبراهيم بن سعد، وغيره، عن الزهري.
233 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله: محمد بن
يعقوب، قال حدثنا السري بن خزيمة، قال: حدثنا عبد الله - يعني ابن مسلمة عن
مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
رواه الشافعي في القديم، عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن عبد الله بن مسلمة.
233 - أخبرنا محمد بن عبد الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسن: أحمد بن محمد بن
عبدوس، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، الدارمي، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال:
حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، مولى بني حارثة.
أن سويد بن النعمان، أخبره أنه خرج مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، عام خيبر، حتى إذا
كانوا بالصهباء، وهي أدنى خيبر، فنزل للعصر، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا
بالسويق، فأمر به فثري ثم صلى ولم يتوضأ.
249

قال يحيى: ثري: بل بالماء.
رواه الشافعي في ' كتاب القديم '، عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح، عن عبد الله بن يوسف، والقعنبي، عن
مالك.
234 - أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو العباس
- هو الأصم - قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا ابن وهب،
قال: أخبرني أسامة / بن زيد، وابن سمعان، وابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن
جابر بن عبد الله، قال:
ذهب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، إلى امرأة من الأنصار، ومعه أصحابه، فقربت له شاة
مصلية. قال: فأكل وأكلنا. ثم حانت الظهر فتوضأ ثم صلى، ثم رجع إلى فضل
طعامه فأكل، ثم حانت العصر فصلى ولم يتوضأ.
رواه الشافعي في سنن حرملة، عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج
مختصرا. ثم قال: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنما سمعه من عبد
الله بن محمد بن عقيل، عن جابر.
وهذا الذي قاله الشافعي محتمل: وذاك لأن صاحبي الصحيح لم يخرجا هذا
الحديث من جهة محمد بن المنكدر، عن جابر في الصحيح، مع كون إسناده من
شرطهما. ولأن عبد الله بن محمد بن عقيل قد رواه أيضا عن جابر. ورواه عنه
جماعة، إلا أنه قد روي عن حجاج بن محمد، وعبد الرزاق، ومحمد بن بكر عن ابن
جريج، عن ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله. فذكروا هذا الحديث.
فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج، فالحديث صحيح على شرط
صاحبي الصحيح. والله أعلم.
وفي رواية الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، عن الشافعي، قال:
وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، الوضوء فيما مست النار. وإنما قلنا لا يتوضأ منه؛ لأنه
عندنا منسوخ. ألا ترى أن عبد الله بن عباس - وإنما صحبه بعد الفتح - يروي عنه
250

أنه رآه يأكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ؟
وهذا عندنا من أبين الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ، أو أن أمره بالوضوء
منه بالغسل للتنظيف. والثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أنه لم يتوضأ منه. ثم عن أبي
بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وعامر بن ربيعة، وأبي بن كعب، وأبي
طلحة؛ كل هؤلاء لم يتوضؤوا منه.
وذكره في رواية حرملة فقال: حديث ابن عباس أدل الأحاديث على أن الوضوء
مما مست النار منسوخ؛ وذلك أن صحبة ابن عباس لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]، متأخرة. إنما
مات رسول الله / [صلى الله عليه وسلم]، وهو ابن أربع عشرة سنة. وقد قيل: ست عشرة، أو ثلاث عشرة
سنة.
قال أحمد:
أنا أشك.
قال الشافعي:
وذلك أنه يذكر أنه جاء الإسلام وقد دنا من الاحتلام.
قال أحمد: قد قيل في سن عبد الله بن عباس يوم توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ما قال
الشافعي، رحمه الله، وقيل غير ذلك.
235 - وفيما حدث شيخنا أبو عبد الله الحافظ، عن أبي الله الصفار، قال:
قال القاضي - يعني إسماعيل بن إسحاق - سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول:
كان لعبد الله بن عباس أربع عشرة سنة يوم توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ألا تراه يقول: وأنا
يومئذ قد ناهزت الاحتلام؟
قال أحمد:
وقال الواقدي: ثلاث عشرة سنة. واستدل بما استدل به الزبيري. رواه بإسناد
له غير قوي عن ابن عباس.
وروي عن أبي العالية، عن ابن عباس: ثنتي عشرة سنة.
236 - واختلفت الرواية فيه على سعيد بن جبير: فروي عنه كما أخبرنا أبو
بكر: محمد بن الحسن بن فورك، قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني، قال:
حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، عن أبي
251

بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وأنا ابن عشر سنين مختون، وقد قرأت المحكم من
القرآن.
قال شعبة: فقلت لأبي بشر - أي شيء المحكم من القرآن؟ قال: المفصل.
هكذا رواه أبو بشر: جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد.
وأخرجه البخاري من حديث أبي عوانة، وهشيم، عن أبي بشر.
237 - وخالفه أبو إسحاق السبيعي، عن سعيد: فرواه كما أخبرنا أبو بكر بن
فورك، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو
داود، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس،
قال:
توفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا ابن خمس عشرة مختون.
أخرجه البخاري من حديث إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي
إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال:
سئل ' ابن عباس ' مثل من أنت يوم قبض النبي [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: مختون / وكانوا لا
يختنون الرجل حتى يدرك.
238 - وقد أخبرنا بالحديث أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس
المحبوبي، قال: حدثنا سعيد بن مسعود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال:
حدثنا إسرائيل. فذكره بإسناد نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: وكانوا لا يختنون الرجل
حتى يدرك ونحن لا ندري من قاله.
وأما الذي قاله الشافعي من أنه جاء في حجة الإسلام، وقد دنا من الاحتلام،
فمعناه في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس.
وأما الذي أشار إليه من أن ابن عباس رأى ذلك من النبي [صلى الله عليه وسلم]، فهو في الحديث
252

الثابت عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس، وهو مخرج في ' كتاب
السنن '.
239 - وهو أيضا فيما أخبرنا أبو بكر القاضي، قال: حدثنا أبو العباس:
محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا سريح بن النعمان،
قال: حدثنا فليج بن سليمان، قال: حدثنا الزهري، عن علي بن عبد الله بن عباس.
عن ابن عباس: أنه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يأكل عضوا ثم صلى ولم يتوضأ.
وروينا في ' كتاب السنن ' عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال:
كان آخر الأمرين من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ترك الوضوء مما مست النار.
إلا أن ' بعض أهل العلم ' يرى أن آخر أمريه أريد به في القصة التي رويناها عنه
وحملوا الامر بالوضوء منه على الغسل للتنظيف. ورجحوا أخبار ترك الوضوء فيما
مست النار بما روي من اجتماع الخلفاء الراشدين، وأعلام أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]، على
ترك الوضوء منه.
وقد رويناه عن كل من رواه الشافعي، رحمه الله، في ' كتاب السنن '.
240 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب، قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، قال: أخبرنا علي بن المديني،
قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، قال: أخبرني من سمع عبد الله بن عمرو القارئ
يماري ابن عباس. فذكر الحديث. وقال: فقال ابن عباس: أنتوضأ من الدهن؟
أنتوضأ من الحميم؟ والله ما أحلت النار / شيئا ولا حرمته.
وروينا عن يحيى بن عبيد البهراني، عن ابن عباس: أنه سئل عن الطلا،
فقال: إن النار لا تحل شيئا ولا تحرمه.
وهذا من قول ابن عباس دليل على أن النار لا تطهر السرجين إذا طبخ ما ضرب
به. والله أعلم.
253

وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صح الحديث
في الوضوء من لحوم الإبل قلت به.
وقد صح فيه حديثان عند أكثر أهل العلم بالحديث:
أحدهما ' حديث جابر بن سمرة '.
241 - وهو فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق
الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال:
حدثنا زائدة، عن سماك، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، قال:
أتى رجل النبي [صلى الله عليه وسلم]، وأنا عنده، فقال: يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أنتطهر من لحوم الغنم؟
قال: إن شئت وإن شئت فدع. قال: افأصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال:
افأتطهر من لحوم الإبل؟ قال: نعم. قال: أفأصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كامل الجحدري، عن أبي عوانة، عن
عثمان بن عبد الله بن موهب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة: أن رجلا
سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فذكر معناه، وقال فيه: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم.
فتوضأنا من لحوم الإبل.
ثم رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن
سماك.
وعن القاسم بن زكريا، عن عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن عثمان بن
عبد الله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء، كلهم عن جعفر بن أبي ثور، عن
جابر بن سمرة، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، بمعنى حديث أبي كامل.
وأما البخاري فإنه لم يخرجه ولعله إنما لم يخرج حديث ابن موهب وأشعث؛
لاختلاف وقع في اسم جعفر بن أبي ثور، وقول علي بن المديني لجعفر هذا: هو
مجهول.
254

وهذا لا يعلل الحديث، وذاك لأن سفيان الثوري، وزكريا بن أبي زائدة تابعا
زائدة على روايته عن سماك، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر. وإنما قال شعبة: عن
سماك، عن أبي ثور بن عكرمة / بن جابر، وشعبة أخطأ فيه. قاله أبو عيسى
الترمذي، قال: وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور وهو من ولد جابر بن سمرة. روى
عنه هؤلاء الثلاثة: سماك، وابن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء. ومن روي عنه مثل
هؤلاء خرج عن حد الجهالة.
والحديث الآخر. ' حديث البراء بن عازب '.
242 - أخبرنا أبو الحسن: علي بن محمد بن علي المقري، قال: أخبرنا
الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا
أبو موسى، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن عبد لله بن عبد الله،
عن ابن أبي ليلى.
عن البراء بن عازب، قال: سئل النبي [صلى الله عليه وسلم]، عن الوضوء من لحوم الإبل؟
فقال: ' توضئوا منها '. وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم؟ قال: ' لا توضئوا منها '.
أخرجه أبو داود في ' كتاب السنن ' عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبي معاوية.
وهذا حديث قد أقام الأعمش إسناده عن عبد الله بن عبيد الله الرازي.
وأفسده الحجاج بن أرطأة: فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن
أسيد بن حضير.
وأفسده عبيدة الضبي: فرواه عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي
الغرة. والحجاج بن أرطأة، وعبيدة الضبي - ضعيفان.
والصحيح حديث الأعمش، قاله أبو عيسى، وغيره من الحفاظ.
وكان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، يقولان: قد صح في
هذا الباب حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة.
243 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال سمعت أبا الحسين الكرابيسي،
255

يقول: سمعت أحمد بن حمدون الأعمشي يقول: سمعت علي بن الحسن الأفطس
يقول: رأيت ' محمد بن الحسن ' يتوضأ من لحوم الإبل.
33 - [باب]
لا يزول اليقين بالشك
244 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن، في آخرين، قالوا: حدثنا أبو العباس،
قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، قال: حدثنا
الزهري، قال: أخبرني عباد بن تميم، عن عمه: عبد الله بن زيد، قال:
شكي إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، الرجل / يخيل إليه الشيء في الصلاة، فقال: ' لا ينفتل
حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا '.
أخرجاه في الصحيح كما مضى.
34 - [باب]
ما يوجب الغسل
245 - أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا أبو العباس، قال أخبرنا الربيع، قال:
أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: قال الله تعالى:
* (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) *
وكان معروفا في لسان العرب: أن الجنابة: الجماع، وإن لم يكن مع الجماع
ماء دافق.
256

ثم ساق الكلام إلى أن قال: ودلت السنة على ذلك. أو أن يرى الماء الدافق،
وإن لم يكن جماع. وذكر حديث عائشة في وجوب الغسل بالتقاء الختانين. وذكر
هذه المسألة في كتاب ' اختلاف الأحاديث ' فذكر المنسوخ والناسخ جميعا.
246 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن
الحسن؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال:
أخبرنا غير واحد من ثقات أهل العلم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب
الأنصاري.
عن أبي بن كعب، قال: قلت يا رسول الله: إذا جامع أحدنا فأكسل؟ فقال
النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' يغسل ما مس المرأة منه، وليتوضأ، ثم ليصل '.
زاد أبو عبد الله في روايته: قال الشافعي:
وهذا من أثبت إسناد ' الماء من الماء '.
قال أحمد:
وهو كما قال: فقد روى هذا الحديث شعبة بن الحجاج وحماد بن زيد،
ويحيى بن سعيد القطان، وأبو معاوية، وغيرهم، عن هشام بن عروة.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد.
وأخرجه مسلم من حديث شعبة، وحماد، وأبي معاوية.
وروي ذلك عن عثمان بن عفان، وأبي سعيد الخدري، عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، رضي
الله عنهم، ثم رجعوا عن ذلك، أو أكثرهم، حين علموا نسخه.
247 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق /، قال: أخبرنا أبو الحسن الطرائفي، قال:
حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا مالك، عن يحيى بن
سعيد، عن عبد الله بن كعب، مولى عثمان بن عفان:
257

أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم
يكسل ولا ينزل؟ فقال زيد: يغتسل. فقال له محمود بن لبيد: إن أبي بن كعب كان لا
يرى الغسل. فقال له زيد بن ثابت: إن أبيا نزع عن ذلك قبل أن يموت.
رواه الشافعي في كتاب ' القديم ' عن مالك بن أنس.
248 - وذكر في ' الجديد ' ما أخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر؛ قالوا:
حدثنا أبو العباس، قال أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا
إبراهيم بن محمد، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن يحيى بن زيد بن ثابت، عن
خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن أبي بن كعب: أنه كان يقول:
ليس على من لم ينزل غسل.
ثم نزع عن ذلك أبي قبل أن يموت.
زاد أبو عبد الله في روايته: قال الشافعي: وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب
في قوله: ' الماء من الماء ' ونزوعه، أن فيه دلالة على أنه سمع الماء من الماء ' من
النبي [صلى الله عليه وسلم]، ولم يسمع خلافه؛ فقال به. ثم لا أحسبه تركه إلا لأنه أثبت له أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، قال بعده ما نسخه.
249 - وأخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر، قالوا: حدثنا أبو العباس،
قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا الثقة، عن يونس بن يزيد،
عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي - قال بعضهم عن أبي بن كعب، ووقفه
بعضهم على سهل بن سعد - قال:
كان ' الماء من الماء ' في أول الإسلام، ثم ترك ذلك بعد، وأمروا بالغسل إذا
مس الختان الختان.
قال أحمد:
وقد رويناه مختصرا من حديث ابن المبارك، وغيره، عن يونس بن يزيد، عن
الزهري، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب.
258

252 - ومن حديث عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب الزهري، قال: حدثني بعض
من أرضى: أن سهل بن سعد أخبره عن أبي بن كعب.
ورويناه بإسناد آخر موصول، عن أبي حازم، عن سهل / بن سعد، عن أبي بن
كعب.
ويشبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم، عن سهل.
ورواه معمر عن الزهري موقوفا على سهل. والحديث محفوظ عن سهل، عن
أبي بن كعب.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
250 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر، قالوا: حدثنا أبو العباس،
قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد،
عن سعيد بن المسيب.
أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة أم المؤمنين فقال: لقد شق علي اختلاف
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]، في أمر إني لأعظم أن استقبلك به.
فقالت: ما هو؟ ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه.
فقال لها: الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل؟
قالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
فقال أبو موسى: لا أسال عن هذا أحدا بعدك أبدا.
قال أحمد:
هذا إسناد صحيح، إلا أنه موقوف على عائشة.
251 - وقد أردفه الشافعي، بما أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر؛ وأبو زكريا؛
قالوا: حدثنا أبو العباس، قال: أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا
سفيان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب.
أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة عن التقاء الختانين؟ فقالت عائشة: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
259

' إذا التقى الختانان - أو مس الختان الختان - فقد وجب الغسل '.
قال: وأخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا
علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة قالت:
قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
إذا قعد بين الشعب الأربع، ثم الزق الختان بالختان، فقد وجب الغسل.
تم الجزء والحمد لله على عونه
260

الجزء الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يسر ووفق
أخبرنا الثقة عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أو عن يحيى بن
سعيد عن القاسم عن عائشة قالت:
إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل. فعلته أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاغتسلنا.
هكذا رواه الربيع، عن الشافعي بالشك. ورواه المزني عن الشافعي فقال: عن
عبد الرحمن بن القاسم:
253 - وهو فيما كتب إلي أبو نعيم: عبد الملك بن الحسن الإسفرائيني: أن أبا
عوانة أخبرهم قال: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي قال: حدثني الثقة، عن
الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، فذكره بلا شك.
254 - قاله محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن المزني، فيما أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ، عن أبي الوليد، عنه.
ورواه حرملة عن الشافعي قال: أخبرنا عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي،
عن عبد الرحمن.
وكذلك رواه غيره عن الوليد بن مسلم، والوليد بن يزيد، عن الأوزاعي، عن
عبد الرحمن بن القاسم، بلا شك.
261

وهذا الحديث من جهة علي بن زيد، عن ابن المسيب، عن عائشة - مرفوع،
إلا أن بعض من كلم الشافعي في هذه المسألة عارضه بأن حديث علي بن زيد ليس
مما يثبت أهل الحديث، وهو لا تقوم به الحجة، فعارضه الشافعي برجوع أبي بن
كعب عن قوله: الماء من الماء.
وهو يشبه أن لا يكون رجع إلا بخبر يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. والأمر على ما قالا
جميعا، إلا أن حديث علي بن زيد بن جدعان - وإن كان ضعيفا من جهة طعن
الحفاظ في حفظه من اختلاطه في آخر عمره - فحديثه هذا ثابت من جهة أخرى عن
عائشة.
255 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن كامل،
القاضي، قال حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله
الأنصاري.
256 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله: محمد بن يعقوب،
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن عبد
الله الأنصاري، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي بردة.
عن أبي موسى الأشعري، أنهم ذكروا ما يوجب الغسل، فقام أبو موسى / إلى
عائشة، فسلم ثم قال: ما يوجب الغسل؟ فقالت: على الخبير سقطت! قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان [فقد] وجب الغسل '.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن الأنصاري وعنه عن عبد
الأعلى أتم من ذلك.
وهو بتمامه مخرج في كتاب ' السنن '.
والحديث ثابت أيضا من جهة أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
257 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، قال: أخبرنا عبد الله بن
جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود حدثنا شعبة، وهشام، عن قتادة، عن
الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال:
262

إذا قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل.
قال: وزاد حماد بن سلمة في هذا الحديث:
' أنزل أو لم ينزل '.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة وهشام.
ورواه أبان بن يزيد عن قتادة، وذكر فيه الزيادة التي ذكرها حماد بن سلمة.
وكذلك سعيد بن أبي عروبة. عن قتادة.
ورواه مطر الوراق، عن الحسن. وقال في الحديث: ' وإن لم ينزل '.
وقد أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن جماعة، عن معاذ بن هشام،
عن أبيه، عن مطر.
258 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الله، حدثنا
الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، عن
قتادة، ومطر. فذكره، وذكر زيادة مطر، إلا أنه قال: ' ثم أجهدها '.
259 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا
عثمان بن سعيد، حدثنا يحيى بن بكير.
260 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو نصر بن قتادة، قالا: أخبرنا أبو
عمرو بن نجيد، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك، عن ابن
شهاب، عن سعيد بن المسيب:
أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعائشة، زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]، كانوا
يقولون: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل.
رواه الشافعي في ' القديم ' عن مالك بن أنس.
وروينا عن علي أنه قال: ما أوجب الحد أوجب الغسل.
وعن الحارث عن علي قال: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
261 - أخبرنا أبو سعيد في ' كتاب علي وعبد الله ': حدثنا أبو العباس، أخبرنا
263

الربيع، قال: قال الشافعي / - حكاية وبلاغا - عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن
أبيه، عن عبد الله، أنه قال: الماء من الماء.
قال الشافعي رحمه الله:
هذا القول كان في أول الإسلام، ثم نسخ.
قال أحمد:
قد روينا عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود: أنه قال في ذلك ما قالت عائشة.
وكأنه رجع عن قوله الأول، كما رجع عثمان، وعلي، وأبي بن كعب. وبالله التوفيق.
35 - [باب]
احتلام المرأة
262 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، قالت:
جاءت أم سليم، امرأة أبي طلحة، إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقالت: يا رسول الله، إن
الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال نعم إذا رأت
الماء.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، وغيره، عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن هشام بن عروة.
263 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن جعفر
المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا ابن بكير، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب،
عن عروة بن الزبير:
أن أم سليم بنت ملحان قالت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]: المرأة ترى في المنام مثل ما
يرى الرجل أتغتسل؟ فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' نعم، فلتغتسل '. فقالت لها عائشة:
264

أف لك، وهل ترى ذلك المرأة؟ فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' تربت يمينك، من أين
يكون الشبه؟ '.
رواه الشافعي رحمه الله في كتاب ' القديم ' عن مالك بن أنس هكذا، مرسلا.
ورواه ابن أبي الوزير عن مالك، فأسنده عن عائشة.
وكذلك رواه عقيل، ويونس بن يزيد، والزبيدي، وابن أخي الزهري، عن
الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وكذلك رواه مسافع الحجبي، عن عروة، عن عائشة.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
36 - [باب]
الرجل يجد في ثوبه ماء دافقا
264 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي /، أخبرنا مالك، عن هشام، عن أبيه:
عن زبيد بن الصلت: أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب [إلى الجرف]
فنظر فإذا هو [قد احتلم] فتيمم وصلى ولم يغتسل، فقال: [والله] ما أراني إلا قد
احتلمت وما شعرت؟ وصليت وما اغتسلت؟ قال: فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه، ثم
نضح ما لم ير، وأذن وأقام، ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا.
37 - [باب]
إذا وجد المذي دون المني لم يجب به غسل
واحتج الشافعي في ' القديم ' بحديث علي حيث أمر المقداد بن الأسود: أن
يسأل النبي [صلى الله عليه وسلم]، عن المذي؟ فقال: ' إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه، وليتوضأ
وضوءه للصلاة '.
265

وقد مضى بإسناده في باب ما يوجب الوضوء.
قال الشافعي: وأخبرنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه:
أن عمر بن الخطاب، قال: إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة. فإذا وجد
ذلك أحدكم فليغسل ذكره وليتوضأ.
265 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني، أخبرنا أبو بكر بن جعفر، حدثنا محمد بن
إبراهيم، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا مالك. فذكره بإسناده مثله، وقال: فليتوضأ
وضوءه للصلاة - يعني المذي - '.
وروى الشافعي رحمه الله حديث علي في المذي في ' كتاب حرملة '. من أوجه
أخر.
266 - أخبرناه أبو الحسن: علي بن محمد المقري، أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا
سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو، عن عطاء، عن عائش، قال:
سمعت عليا وهو على المنبر بالكوفة يقول: كنت رجلا مذاء فأردت أن أسأل
النبي [صلى الله عليه وسلم]، فاستحييت منه، لأن ابنته كانت عندي، فأمرت عمار بن ياسر أنه يسأله،
فسأله فقال: يكفي منه الوضوء. قال سفيان: وأهل الكوفة يقولون: قال علي: أمرت
المقداد.
قال رضي الله عنه حديث المقداد أصح، وهو ثابت من جهة ابن عباس
ومحمد ابن الحنفية وغيرهما عن علي.
وفي حديث ابن الحنفية: يغسل ذكره ويتوضأ.
وقوله يكفي منه الوضوء يريد نفي وجوب الغسل فلا يستدل به على نفي وجوب
الاستنجاء، فقد روينا عنه في هذه القصة / بعينها أنه أمر فيها بغسل الفرج والوضوء
جميعا.
266

38 - [باب]
الكافر يسلم
267 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال:
قال الشافعي: وإذا أسلم المشرك أحببت له أن يغتسل ويحلق شعره، فإن لم
يفعل ولم يكن جنبا أجزأه أن يتوضأ ويصلي.
قال رضي الله عنه: قد روينا في الحديث الصحيح عن عبيد الله وعبد الله ابني
عمر بن الخطاب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أن ثمامة الحنفي
أسر. فذكر الحديث. قال: فمر عليه النبي [صلى الله عليه وسلم]، يوما فأسلم، فحله، وبعث به إلى
حائط أبي طلحة، وأمره أن يغتسل.
وروينا في حديث عثيم بن كثير بن كليب، عن أبيه، عن جده: أنه جاء إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: قد أسلمت، فقال له: ألق عنك شعر الكفر. يقول: احلق.
268 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب،
حدثنا الحسن بن علي بن عفا ن، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان.
269 - أخبرنا أبو عبد الله، أخبرنا أبو بكر: أحمد بن إسحاق بن أيوب، أخبرنا
الحسن بن سهل المجوز، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان، عن الأغر، عن
خليفة بن حصين، عن قيس بن عاصم: أنه أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فأسلم. وفي رواية أبي
أسامة: ' ليسلم فأمره أن يغتسل بماء وسدر '.
267

39 - [باب]
غسل الجنابة
قال الشافعي، رحمه الله: والاختيار في غسل الجنابة، كما حكت عائشة رضي
الله عنها:
270 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما
يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على
رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
وأخرجاه من أوجه عن هشام.
40 - [باب]
المرأة ليس عليها نقض ضفرها
271 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد، وأبو بكر، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا
الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي
سعيد، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: سألت رسول الله، فقلت: يا
رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال لا، إنما يكفيك
أن تحثي عليه ثلاثة حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين - أو قال: فإذا أنت قد
طهرت.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، وغيره عن سفيان بن عيينة.
268

41 - [باب]
إيصال الماء إلى أصول الشعر والترار في الغسل
272 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع،
أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ بغسل يده قبل أن يدخلها
الإناء، ثم يغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يشرب شعره الماء، ثم يحثي
على رأسه ثلاث حثيات.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن هشام بن عروة.
273 - وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد؛ قالوا: أخبرنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان عن جعفر عن أبيه، عن جابر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، كان يغرف على رأسه ثلاثا وهو جنب.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر، عن جعفر بن محمد.
قال الشافعي رحمه الله في القديم: وقد سمعت من أثق به يزعم أن وضوءه
للصلاة إلا الرجلين. وأحب أن يغسل الرجلين على جملة الحديث، لأن الغسل قد
يأتي على الوجه واليدين وهو يغسلهما.
274 - وروي في ' كتاب حرملة ' الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
أخبرنا أبو بكر: أحمد بن إسحاق الفقيه، أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي،
حدثنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن
عباس، عن ميمونة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، اغتسل من الجنابة، فغسل فرجه بيده، ثم دلك بها الحائط، ثم
غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة. فلما فرغ من غسله غسل رجليه.
269

رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه البخاري / في الصحيح عن الحميدي
ورواه سفيان الثوري عن الأعمش. وقال في الحديث: ' ثم توضأ وضوءه
للصلاة غير قدميه ثم أفاض عليه الماء ثم نحى قدميه فغسلهما '.
275 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا
محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان عن الأعمش. فذكره إلا أنه قال:
قالت: سترت النبي [صلى الله عليه وسلم]، وهو يغتسل من الجنابة، فبدأ فغسل يديه ثم صب بيمينه
على شماله، فغسل فرجه وما أصاب منه، ثم ضرب بيده على الحائط، ثم ذكر ما
بعده.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري، وبمعناه.
رواه أبو عوانة وزائدة وجماعة عن الأعمش.
وأما ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
' تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشرة '. فقد حمله الشافعي في
' القديم ' على ما ظهر دون ما بطن من داخل الأنف (والفم) وضعف الحديث في كتابه
بعض أصحابنا عنه، وزعم أنه ليس بثابت. وهو كما قال:
276 - أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا
نصر بن علي، قال: حدثني الحارث بن وجيه. حدثنا مالك بن دينار، عن محمد بن
سيرين، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ' إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا
البشرة '.
270

قال أبو داود: هذا الحديث ضعيف. وقال مرة: الحارث حديثه منكر.
قال رضي الله عنه: وقد حكينا عن البخاري أنه أنكره. وعن يحيى بن معين:
أنه سئل عن الحارث بن وجيه، فقال: حديثه ليس بشيء.
قال رضي الله عنه: وإنما يروى هذا الحديث عن الحسن، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]،
مرسلا، وعن الحسن، عن أبي هريرة، موقوفا، ولا يثبت سماع الحسن من أبي
هريرة.
وعن إبراهيم النخعي، قال: كان يقال: وإنما يروى عن محمد بن سيرين،
قال سن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، الاستنشاق في الجنابة ثلاثا. هكذا رواه الثقات عن سفيان
الثوري، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين. مرسلا بهذا اللفظ.
ورواه بركة بن محمد الحلبي، عن يوسف بن أسباط، عن سفيان موصولا بذكر
أبي هريرة / فيه، وغير لفظه، فقال: ' جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا
فريضة '.
277 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثني محمد بن صالح بن هاني،
حدثنا أبو الحسين: عبد الله بن محمد بن يونس السمناني حدثنا بركة بن محمد.
فذكره، وقال في آخره: قال بركة: وأنا أتقيه.
قال رضي الله عنه: فاعترف بركة بكونه منكرا، ولذلك كان يتقيه. ويشبه أن
يكون غلط فيه، وقد قال أبو الحسن الدارقطني: هذا باطل، ولم يحدث به غير
بركة هذا، وهو يضع الحديث.
278 - وهذا فيما قرأته على أبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر بن الحارث
الفقيه، عن أبي الحسن.
قال الشافعي، رحمه الله: قال قائل: أخذنا في ذلك بالأثر عن ابن عباس.
279 - يريد ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ،
271

حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا الحسين بن محمد، أخبرنا أسباط، حدثنا أبو
حنيفة، عن عثمان بن راشد، عن عائشة بنت عجرد، عن ابن عباس، قال: لا يعيد
إلا أن يكون جنبا. يعني إذا نسي المضمضة والاستنشاق.
قال علي: ليس لعائشة بنت عجرد إلا هذا الحديث.
قال الشافعي رحمه الله في ' القديم ' أثره الذي يعتمد عليه: عثمان بن راشد،
عن عائشة بنت عجرد. عن ابن عباس. وزعم أن هذا الأثر ثابت يترك له القياس،
وهو يعيب علينا أن نأخذ بحديث بسرة بنت صفوان، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. وعثمان بن
راشد، وعائشة غير معروفين ببلدهما، فكيف يجوز لأحد يعلم أن يثبت ضعيفا.
يوهن قويا معروفا؟!
280 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي،
أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا اغتسل من الجنابة نضح في عينيه
الماء.
قال مالك: ليس عليه العمل.
وإنما أورده الشافعي فيما خالف مالك بعض الصحابة لخبر أو غيره. ولا يقبل
من غيره مثله. وحمله الشافعي على أن ليس عليه ذلك، لأنهما ليستا ظاهرتين من
بدنه.
281 - وأخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، قال: قال
الشافعي: قال سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع، قال:
سمعت ابن مسعود، يقول: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي فلا يعيد له / غسلا.
قال الشافعي: وليس يقولون بهذا. يريد بعض العراقيين. وإنما أورده فيما
خالفوا عبد الله بخبر آخر أو غيره. ولا يقبلون منا أمثال ذلك.
272

42 - [باب]
غسل الحائض
282 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا:
حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن منصور بن عبد
الرحمن الحجبي، عن أمه: صفية بنت شيبة، عن عائشة، قالت:
جاءت امرأة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]، تسأله عن الغسل من المحيض، فقال: خذي
فرصة من مسك فتطهري بها. فقالت كيف أتطهر بها؟ قال: تطهري بها. قالت:
كيف أتطهر بها؟ فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: سبحان الله! واستتر بثوبه - تطهري بها. فاجتذبتها
وعرفت الذي أراد، فقلت لها: تتبعي بها آثار الدم - يعني الفرج.
283 - وأخبرناه عاليا أبو محمد: ابن يوسف. حدثنا أبو سعيد الأعرابي، حدثنا
سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن عيينة. فذكره بإسناده نحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن جعفر.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد، وغيره، عن سفيان.
43 - [باب]
عرق الجنب والحائض
استدل الشافعي في ذلك بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم]، الحائض أن تغسل دم المحيض من
ثوبها، ولم يأمرها أن تغسل الثوب كله.
قال: وقد روي عن ابن عباس وابن عمر أنهما كانا يعرقان في الثياب وهما
جنبان، ثم يصليان فيها ولا يغسلانها. وكذلك روي عن غيرهما.
273

284 - أخبرنا بذلك أبو سعيد: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا
الشافعي. فذكره.
أما حديث غسل دم المحيض من الثوب فقد مضى بإسناده في هذا الكتاب.
285 - وأما حديث ابن عباس وابن عمر، ففيما أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر،
حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب:
حدثك مسلمة بن علي، والفضيل بن عياض، عن هشام بن حسان، عن عكرمة مولى
ابن عباس - أن عبد الله بن عباس، قال
لا بأس بعرق الجنب والحائض في الثوب.
قال: وسمعت مالكا / يقول: حدثني نافع: أن عبد الله بن عمر كان يعرق في
الثوب وهو جنب، ثم يصلي فيه.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة: أنه لقي النبي [صلى الله عليه وسلم]، وهو جنب، فكره
أن يجالسه وهو جنب، فذهب واغتسل، ثم ذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم]، فقال: ' سبحان الله!
المؤمن لا ينجس '.
وفي الحديث عن حذيفة مثل ذلك، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إن المؤمن لا
ينجس '.
وفي الحديث الثابت عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، قال لها ناوليني الخمرة فقال:
إني حائض. قال: ' إن حيضتك ليست في يدك '.
274

44 - [باب]
فضل الجنب وغيره
286 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو
العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عروة،
عن عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، كان يغتسل من القدح - وهو الفرق - وكنت أغتسل أنا وهو من
إناء واحد.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
287 - وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يقول: إن
الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم]، جميعا.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
288 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو العباس:
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه عن
عائشة، قالت:
كنت أغتسل أنا والنبي [صلى الله عليه وسلم]، من إناء واحد.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث حماد بن زيد وغيره، عن هشام.
وقال ابن بكير: عن مالك في هذا الحديث: من الجنابة.
289 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني: أخبرنا أبو بكر بن جعفر، حدثنا محمد بن
275

إبراهيم، أخبرنا ابن بكير، أخبرنا مالك. فذكره.
290 - وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو / سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو العباس
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي
الشعثاء. عن ابن عباس، عن ميمونة:
أنها كانت تغتسل هي ورسول الله، من إناء واحد.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن ابن عيينة.
ورواه البخاري عن أبي نعيم، عن ابن عيينة، دون ذكر ميمونة فيه. وكان ابن
عيينة يقولها فيها أخيرا.
ورواه ابن جريج عن عمرو بن دينار، قال: أكثر علمي والذي يخطر على بالي
أن أبا الشعثاء أخبرني أن ابن عباس أخبره أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، كان يغتسل بفضل
ميمونة.
291 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا
أحمد بن سلمة، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن
جريج، قال: أخبرني. فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
292 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد؛ قالوا: حدثنا أبو العباس،
أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن عاصم، عن معاذة العدوية، عن
عائشة، قالت:
كنت أغتسل أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم]، من إناء واحد، فربما قلت له: أبق لي، أبق
لي.
أخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن ابن أبي خيثمة، عن عاصم
الأحول. وزاد فيه: قالت: وهما جنبان.
وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي، قال: وروى سالم أبو النضر، عن
276

القاسم، عن عائشة، قالت:
كنت أغتسل أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] من إناء واحد من الجنابة.
293 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن بالويه، أخبرنا
محمد بن أحمد بن النضر حدثنا القعنبي، حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم بن
محمد، عن عائشة، قالت:
كنت أغتسل أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم]، من إناء واحد تختلف أيدينا فيه، من الجنابة.
رواه البخاري، ومسلم في الصحيح عن القعنبي.
وكذلك قاله عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: من الجنابة.
وقاله أيضا مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وأبو بكر بن حفص، عن عروة، عن عائشة.
وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والأسود بن يزيد، عن عائشة.
294 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر: أحمد بن الحسين القاضي /،
قالا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم، أخبرنا ابن وهب.
قال: وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك مالك بن أنس.
ح.
295 - وأخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد الفقيه، أخبرنا شافع بن محمد،
أخبرنا أبو جعفر الطحاوي. أخبرنا المزني، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك بن أنس،
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
كنت أرجل رأس رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وأنا حائض.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
296 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد ابن عبيد
الصفار، أخبرنا إبراهيم بن صالح الشيرازي، حدثنا الحميدي، أخبرنا سفيان أخبرنا
277

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، معتكفا في المسجد، فأخرج إلي رأسه فغسلته وأنا
حائض.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجاه في الصحيح من أوجه، أخر، عن هشام.
وأما حديث أبي حاجب عن الحكم بن عمرو: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، نهى أن يتوضأ
الرجل بفضل وضوء المرأة.
وحديث عبد الله بن سرجس مرفوعا، في النهي عن ذلك، فقد قال أبو عيسى
الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح، وحديث عبد الله
ابن سرجس في هذا الباب: الصحيح هو موقوف، ومن رفعه فهو خطأ.
قال الشيخ أحمد وحديث الحكم قد روي أيضا موقوفا غير مرفوع.
وأما حديث داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري،
عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، النهي عن اغتسال المرأة بفضل
الرجل واغتسال الرجل بفضل المرأة - فإنه منقطع.
وداود بن عبد الله ينفرد به، ولم يحتج به صاحبا الصحيح.
والأحاديث التي ذكرناها في الرخصة أصح. فالمصير إليها أولى. وبالله التوفيق.
297 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع،
أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: لا بأس / أن
يغتسل بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا.
وقال مالك: لا بأس أن يغتسل بفضل الحائض والجنب.
قال الشافعي: إنما تركته لأن النبي [صلى الله عليه وسلم]، كان يغتسل وعائشة من إناء واحد،
وإذا اغتسلا معا فكل واحد منهما يغتسل بفضل صاحبه.
278

45 - [باب]
قدر الماء الذي يتوضأ به
298 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا، وأبو بكر وأبو سعيد؛ قالوا:
حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن إسحاق بن عبد
الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وحانت صلاة
العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، بوضوء فوضع في
ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضأوا منه. قال: فرأيت الماء ينبع من تحت
أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
زاد أبو سعيد في روايته: قال الشافعي: وفي مثل هذا المعنى أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]، كان يغتسل وبعض نسائه من إناء واحد. وأكثر ما حكت غسله وغسلها فرق،
والفرق ثلاثة آصع.
قال أحمد: قد روينا تفسير الفرق عن ابن عيينة مثل هذا.
وروى الشافعي في ' كتاب القديم ' و ' سنن حرملة '. عن مالك، عن ابن
شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يغتسل من إناء - هو الفرق - من
الجنابة.
299 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا
إسماعيل بن قتيبة، أخبرنا، يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك. فذكره.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى. ورواه معمر عن الزهري، فقال في الحديث:
قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم]، من إناء واحد فيه قدر الفرق. وبمعناه رواه
ابن أبي ذئب عن الزهري. وعلى مثله تدل رواية الليث وابن عيينة.
ووقع في رواية مالك اختصار بترك غسلها معه.
279

قال الشافعي في ' كتاب القديم ' وبلغنا / أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، توضأ بالمد واغتسل
بالصاع.
300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبو الحسن: علي بن محمد بن
سختويه: حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا أبو نعيم، حدثنا مسعر، عن
ابن جبر، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يغتسل بالصاع إلى
خمسة أمداد، وكان يتوضأ بالمد.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
ورواه مسلم من وجه آخر عن مسعر.
قال الشافعي: وفي هذا ما دل على أن لا وقت فيه إلا كماله. والله أعلم.
مع أنه قد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، أنه قال في الجنب: ' فإذا وجدت الماء فأمسه
جلدك '. بغير توقيت شيء منه.
301 - أخبرناه أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود،
أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل
من بني عامر، عن أبي ذر، عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أنه قال له ذلك.
قال أحمد: وروينا عن عباد بن تميم، عن جدته: أم عمارة. وقيل عنه، عن
عبد الله بن زيد الأنصاري: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، دعا بوضوء، فأتي بثلثي مد فتوضأ وجعل
يدلك ذراعيه.
46 - [باب]
الجنب يريد النوم
قال الشافعي في ' القديم ': أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد
280

الله بن عمر: أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]، أنه تصيبه جنابة من
الليل، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' توضأ واغسل ذكرك ثم نم '.
قال: وأخبرنا مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم
المؤمنين: أنها كانت تقول:
إذا أصاب أحدكم المرأة ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل فلا ينام حتى يتوضأ
وضوءه للصلاة..
رواه الشافعي في ' سنن حرملة ' عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه مسلم من حديث الليث بن سعد، عن الزهري.
وأما حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة: ' أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، كان ينام
وهو جنب ولا يمس ماء ' - فقد خالفه إبراهيم، فرواه عن الأسود، عن عائشة أنها
قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، إذا كان جنبا /، فأراد أن ينام أو يأكل، توضأ.
302 - أخبرنا بالحديثين جميعا أبو أحمد المهرجاني قال: أخبرنا أبو بكر: ابن
جعفر المزكي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا يحيى بن بكير، قال:
أخبرنا مالك، فذكرهما جميعا.
قد أخرج البخاري ومسلم حديث ابن عمر من حديث مالك.
303 - أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود،
281

حدثنا مسدد، وقتيبة بن سعيد؛ قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي
سلمة، عن عائشة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم]، كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة من النوم.
وحمل أبو العباس بن سريج رواية أبي إسحاق على أنه كان لا يمس ماء
للغسل.
304 - وذلك فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، عن الأستاذ أبي الوليد، عن
أبي العباس بن سريج رحمه الله.
[باب]
التيمم
305 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي قال:
قال الله تعالى:
* (فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) *.
قال وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن
الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
282

تيمم فمسح بوجهه وذراعيه.
قال الشافعي: ومعقول إذا كان التيمم بدلا من الوضوء على الوجه واليدين
أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيها.
وإن الله إذ ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء
والغسل.
306 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا:
حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا / الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن
أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال:
مررت على النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار
فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي.
اختصر الشافعي متنه في باب التيمم وساقه في باب ذكر الله على غير وضوء.
ووقع في إسناده اختصار من جهة إبراهيم بن محمد، أو أبي الحويرث. وذلك لأن
الأعرج - وهو عبد الرحمن بن هرمز - لم يسمعه من ابن الصمة، وإنما سمعه من
عمير: مولى ابن عباس، عن ابن الصمة
307 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر: أحمد بن إسحاق الفقيه،
أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، أخبرنا يحيى بن بكير، أخبرنا الليث، عن
جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال:
سمعت عميرا مولى ابن عباس يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة
زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]، حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة، فقال أبو جهيم:
283

أقبل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وأخرجه مسلم فقال: وقال الليث بن سعد. فذكره هكذا.
ورواه أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بإسناده ومعناه، إلا
أنه قال: فمسح بوجهه وذراعيه ثم رد عليه السلام.
308 - أخبرناه أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه، أخبرنا علي بن
عمر الحافظ، أخبرنا أبو عمر: محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسحاق: حدثنا أبو
صالح، حدثني الليث. فذكره.
وهذا يوافق رواية أبي الحويرث في ذكر الذراعين، وله شاهد من حديث عبد
الله بن عمر.
309 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، أخبرنا
محمد بن سليمان الباغندي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا محمد بن ثابت بن
محمد العبدي، أخبرنا نافع، قال:
انطلقت مع عبد الله بن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فلما أن قضى حاجته
كان من حديثه يومئذ - قال: مر النبي [صلى الله عليه وسلم]، في سكة من سكك المدينة /، وقد خرج من
غائط أو بول، إذ سلم عليه رجل فلم يرد [عليه] النبي [صلى الله عليه وسلم]، السلام، ثم إن النبي [صلى الله عليه وسلم]،
ضرب بيده على الحائط فمسح وجهه مسحا، ثم ضربه ضربة أخرى، ثم مسح ذراعيه
إلى المرفقين، ثم كفه، ثم قال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على
طهارة.
310 - وأخبرنا أبو علي الروذباري، قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة، أخبرنا أبو
284

داود، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الموصلي: أبو علي، قال: أخبرنا محمد بن ثابت
العبدي. فذكره بإسناده ومعناه، إلا أنه قال: حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة
ضرب بيده على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه.
هذا حديث قد أخرجه أبو داود في ' كتاب السنن '.
ورواه جماعة عن الأئمة عن محمد بن ثابت، منهم: يحيى بن يحيى،
ومعلى بن منصور، وسعيد بن منصور وغيرهم.
وقال مسلم بن إبراهيم: وفي رواية موسى بن الحسن بن عباد عنه: حدثنا
محمد بن ثابت العبدي، وكان صدوقا، ويحيى بن معين لم ير به بأسا، في رواية
عثمان بن سعيد الدارمي عنه، وأنكر محمد بن إسماعيل على محمد بن ثابت رفع
هذا الحديث.
ورفعه غير منكر، فقد روى الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر: قصة
السلام مرفوعة، إلا أنه قصر بها فلم يذكر التيمم.
ورواه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر قصة
السلام، وذكر قصة التيمم، إلا أنه قال: ثم مسح وجهه ويديه.
كما رواه يحيى بن بكير عن الليث في حديث ابن الصمة.
وإنما ينفرد محمد بن ثابت من هذا الحديث بذكر الذارعين فيه دون غيره.
وتيمم عبد الله بن عمر على الوجه والذراعين وفتواه بذلك تؤكد رواية محمد بن
ثابت وتشهد له بالصحة.
فقد صار بهذه الشواهد معلوما أنه روى قصة السلام والتيمم عن النبي [صلى الله عليه وسلم]، وهو
لا يخالف النبي [صلى الله عليه وسلم]، فيما يروي عنه، فتيممه على الوجه والذراعين إلى المرفقين يدل
على أنه حفظه من النبي [صلى الله عليه وسلم]، وأن محمد بن ثابت حفظه من نافع. والله أعلم.
311 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي
أخبرنا مالك، عن نافع: أنه أقبل هو وابن عمر من الجرف حتى إذا كان بالمربد
285

نزل فتيمم صعيدا طيبا فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى.
وفيما روى الحسن بن محمد الزعفراني، عن الشافعي، أخبرنا مالك عن نافع،
عن ابن عمر، كان يقول: التيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين.
312 - أخبرنا أبو زكريا: أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد،
[حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير] حدثنا مالك، عن نافع مولى عبد الله بن عمر:
أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف، حتى إذا كانوا بالمربد نزل عبد الله بن عمر
فتيمم صعيدا طيبا، فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى.
وبهذا الإسناد قال: حدثنا مالك، عن نافع.
أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين.
ورواه عبيد الله بن عمر، ويونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان
يقول: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى المرفقين.
313 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا
الحسين بن إسماعيل، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا هشيم، أخبرنا عبيد الله بن عمر،
ويونس، فذكره.
ورويناه عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
48 - [باب]
الاختلاف في كيفية التيمم
314 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي قال:
نزلت آية التيمم في غزوة بني المصطلق انحل عقد لعائشة فأقام الناس على
286

التماسه مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأنزل الله عز وجل آية
التيمم.
وأخبرني بذلك عدد من قريش من أهل العلم بالمغازي وغيرهم.
315 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: كنا
مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في بعض أسفاره فانقطع عقد لي فأقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على التماسه وليس
معهم ماء فنزلت آية التيمم.
316 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن
عبدوس الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير أخبرنا مالك بن أنس
عن عبد الرحمن بن القاسم عن / أبيه عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها قالت خرجنا مع
النبي [صلى الله عليه وسلم] في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى
الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه قالت فجاء أبو بكر ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] واضع رأسه على
فخذي قد نام فقال حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء.
قالت: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي
فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح
على غير ماء فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا.
فقال أسيد بن الحصين وهو أحد النقباء: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
فقالت عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد
تحته.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك بتمامه.
317 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن
عمار بن ياسر قال: تيممنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى المناكب.
287

هذا حديث قد رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري ثم سمعه من
الزهري فرواه عنه وكان يقول:
أحيانا عن أبيه عن عمار وأحيانا لا يقول عن أبيه قال علي المديني: قلت
لسفيان عن أبيه عن عمار.
قال: أشك في أبيه. قال علي كان إذا قال حدثنا لم يجعل عن أبيه.
318 - أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الحسين العنزي يقول
سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت عليا يقوله.
319 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا ابن العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن
أبيه عن عمار بن ياسر قال كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في سفر فنزلت / آية التيمم فتيممنا مع
النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى المناكب. هكذا رواه الشافعي عن الثقة عن معمر ورواه عبد الرزاق
عن معمر فلم يذكر فيه عن أبيه واختلفوا فيه على الزهري فقيل عنه عن أبيه وقيل عنه
دون ذكر أبيه.
320 - ورواه صالح بن كيسان عن الزهري كما أخبرنا أبو علي الروذباري.
أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف
ومحمد بن يحيى في آخرين قالوا: أخبرنا يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد حدثنا
أبي عن صالح يعني ابن كيسان عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله عن
ابن عباس عن عمار بن ياسر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عرس بأولات الجيش ومعه عائشة
فأقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس
مع الناس ماء فتغيط عليها أبو بكر وقال: حبست الناس وليس معهم ماء.
فأنزل الله عز وجل على رسوله [صلى الله عليه وسلم] رخصة التطهر بالصعيد الطيب فقام
المسلمون مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من
التراب شيئا فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط
زاد ابن يحيى في حديثه قال ابن شهاب في حديثه ولا يعتبر بهذا الناس.
288

قال أبو داود وكذلك رواه ابن إسحاق يعني عن الزهري قال فيه عن ابن عباس
وذكر ضربتين.
321 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
الذي عن عمار أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يتيمم وجهه وكفيه.
322 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب وأخبرنا
أبو محمد الحسين بن محمد بن المؤمل حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري
قالا: حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن شقيق
قال: كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى قال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن الرجل
يجنب فلا يجد الماء أيصلي؟
قال: لا. فقال: ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنا وأنت
فأجنبت فتمعكت / بالصعيد فأتينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخبرناه فقال: ' إنما يكفيك هكذا
ومسح وجهه وكفيه واحدة '.
قال: إني لم أر عمر قنع بذلك.
فقال: فكيف تصنعون بهذه الآية:
* (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) *.
فقال إنا لو رخصنا لهم في هذا لكان أحدهم إذا وجد الماء البارد يمسح
بالصعيد.
قال الأعمش فقلت: لشقيق فما كرهه إلا لهذا. أخرجه البخاري ومسلم في
الصحيح من أوجه عن الأعمش وأشار البخاري إلى رواية يعلى بن عبيد.
323 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا
289

يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الحكم سمع ذر بن عبد الله يحدث
عن ابن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال: أتى رجل عمر فذكر أنه كان في سفر
فأجنب ولم يجد الماء فقال: لا يصلي.
فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين أني كنت في سفر أنا وأنت في سرية
فأجنبنا فلم نجد الماء.
فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت فلما قدمنا على رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] ذكرنا ذلك له فقال:
' أما أنت فلم يكن ينبغي لك أن تدع الصلاة وأما أنت يا عمار فلم يكن ينبغي
لك أن تتمعك كما تتمعك الدابة إنما كان يجزيك وضرب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيد الأرض
إلى التراب ثم قال هكذا فنفخ فيها ومسح وجهه ويديه إلى المفصل وليس فيه
الذراعان '.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس عن شعبة وقال في الحديث
ثم مسح بهما وجهه وكفيه. ثم رواه عن جماعة عن شعبة.
ورواه مسلم بن الحجاج من حديث يحيى بن القطان والنضر بن شميل عن
شعبة وذكرا في حديثيهما قول الحكم: وقد سمعت من ابن عبد الرحمن بن أبزي
290

وهو سعيد بن عبد الرحمن.
وأشار البخاري أيضا إلى رواية النضر.
ورواه سلمة بن كهيل عن ذر بن عبد الله فشك في متنه.
324 - أخبرنا أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب
أخبرنا أبو داود حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت ذر يحدث عن ابن عبد
الرحمن بن أبزي بهذا الحديث قال شعبة / ثم شك سلمة فلم يدر إلى الكفين أو
إلى المرفقين.
ورواه عذرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن عمار أنه قال:
سألت النبي [صلى الله عليه وسلم] عن التيمم فأمرني بالوجه والكفين ضربة واحدة.
325 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن يعقوب أخبرنا يحيى بن
أبي طالب حدثنا عبد الوهاب أخبرنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن عذرة فذكره.
ورواه إياس بن يزيد العطار مرة عن قتادة أنه سئل عن التيمم في السفر فقال:
حدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزي عن عمار بن ياسر أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إلى المرفقين '.
326 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
موسى بن إسماعيل حدثنا أبان قال: سئل قتادة فذكره.
واختلفوا فيه على أبي مالك حبيب بن صهبان فقيل عنه عن عبد الرحمن بن
أبزي إلى نصف الذراع. وقيل عنه عن عمار نفسه وجهه وكفيه.
والاعتماد على رواية الحكم بن عيينة فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث
وساقه أحسن سياقة.
كما رواه شقيق بن سلمة عن أبي موسى عن عمار.
291

327 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي [صلى الله عليه وسلم] عند نزول الآية إلى
المناكب إن كان عن أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر بالتيمم
على الوجه والكفين أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا.
فاختلفت روايته عنه فتكون رواية ابن الصمة التي لم يختلف أثبت وإذا لم
يختلف فالأولى أن يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله من الروايتين اللتين رويتا مختلفتين
أو يكون إنما سمع آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا فأتوا على عامة ما
يقع عليه اسم اليد لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضره لو فعلوه في الوضوء فلما صاروا
إلى مسئلة النبي [صلى الله عليه وسلم] أخبرهم أنهم يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا.
وهذا أولى المعاني عندي لرواية ابن شهاب من حديث عمار لما وصفت من
الدلائل.
قال أحمد: / وتمام هذا الفصل أن يقال فردهم إلى الوجه والكفين.
كما روينا في حديث أبي موسى وابن الزبير عن عمار ثم ردهم إلى الوجه
والذراعين كما روينا في حديث ابن الصمة وابن عمر.
إلا أن سياق روايتي حديث عمار يدل على قصتين ويحتمل أن تكون القصة
الأخيرة بعد قصة السلم من حديث ابن الصمة وابن عمر ويحتمل أن تكون قبلها فلا
وجه فيها إلا الترجيح.
وحديث أبي موسى وابن أبزي عن عمار أثبت من طريق الإسناد.
وحديث الذراعين أشبه بالقرآن وأشبه بالقياس فإن البدل من الشيء إنما يكون
مثله كما قال الشافعي مع ما فيه من الاحتياط لأمر الطهارة والصلاة.
وبالله التوفيق.
328 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قرأت في أصل كتاب أبي أحمد
محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي حدثنا مسلم بن الحجاج قال:
وقد زعم العائب يعني على الشافعي رحمه الله أنه نزل حديث عمار بن ياسر
292

المشهور المعروف في التيمم الذي قد شهد أهل العلم بالحديث واحتجوا به وصاروا
إلى أن احتج برواية إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن
الصمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تيمم فمسح وجهه وذراعيه. فشنع على الشافعي هذا التشنيع وهو
خلو من أن تلزمه هذه الشناعة لأنه إنما يقال للرجل ترك حديث فلان وصار إلى حديث
فلان أن الحديثين كلاهما عنده فيميل بالقول إلى أحدهما دون الآخر.
فأما الحديث الذي زعم أنه تركه ليس هو عنده فيكون له تاركا وذلك لأن حديث
عمار الذي صار أهل الحديث إلى القول به في التيمم هو حديث الحكم عن ذر وقتادة
عن عذرة كلاهما عن ابن أبزي عن أبيه عن عمار.
وحديث الأعمش عن أبي وائل عن أبي موسى عن عمار عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وليس في كتاب الشافعي لا المصري ولا البغدادي واحد من هذه الأحاديث ولم
استجاز العائب بعيبه وهو في (...) خلو ظاهر من العيب ولكن عايبه في هذا
وأشباهه مجازف مقدم على ما لا علم له به. إنما قال الشافعي في كتابه /: قد قال عمار
تيممنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى المناكب.
وروي عنه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الوجه والكفين. فكان قوله تيممنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى
المناكب لم يكن عن أمر النبي [صلى الله عليه وسلم].
فإن ثبت عن عمار عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الوجه والكفين ولم يثبت إلى المرفقين فما ثبت
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أولى.
وبهذا كان يعني سعيد بن سالم.
هذا لفظ قوله في البغدادي فقد أعطى الحق من نفسه ولم يترك للعائب فيه قولا
ولا لعائبة موضعا وقد أحسن الشاعر في وصف الرجل العياب للأقوام حيث يقول:
* رب عياب له منظر
* مشتمل الثوب على العيب
*
قال أحمد رحمه الله:
أهل الرواية فيما دب عن الشافعي رحمه الله وقد قال الشافعي في القديم قبل
ما حكي عنه: وقد روي فيه شيء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] يريد الوجه والكفين ولو أعلمه ثابتا لم
293

أعده ولم أشك فيه. ثم ساق ما حكاه.
329 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما
لم نسمع منه بلاغا عن هشيم عن خالد بن إسحاق أن عليا قال في التيمم: ضربة
للوجه وضربة للكفين.
هكذا حكاه في كتاب علي وعبيد الله وهو منقطع.
وقد رواه سعيد بن سليمان وغيره عن هشيم عن خالد عن أبي إسحاق عن بعض
أصحاب علي عن علي إلا أنه قال: ضربتان للوجه وضربة لليدين.
كذا أخرجه الدارقطني في كتابه والرواية الأولى أصح فقد روى يزيد بن أبي
حبيب أن عليا وابن عباس كانا يقولان في التيمم: الوجه والكفين.
وروي عن عطاء عن ابن عباس كذلك.
49 - [باب]
التراب الذي يتيمم به
330 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عتيق بن
محمد أخبرنا سفيان عن الزهري لا أعلمه إلا عن سعيد عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن / الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
ثم قال جلست إلى سفيان فذكر هذا الحديث فقال: الزهري عن أبي سلمة أو
عن سعيد عن أبي هريرة نحوه.
وقد روينا عن حذيفة ابن اليمان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' فضلنا على الناس بثلاث جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعل ترابها لنا طهور
294

إذا لم نجد الماء '.
331 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه حدثنا محمد بن
إسحاق حدثنا إسحاق بن حبيب بن الشهيد عن ابن فضيل عن أبي مالك الأشجعي
عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن فضل ورواه أبو
عوانة عن أبي مالك الأشجعي بإسناده ومعناه ولم يقل إذا لم نجد الماء وزاد ' وجعلت
صفوفنا مثل صفوف الملائكة '.
50 - [باب]
تيمم الجنب
332 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق حدثنا
بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا أبو إسحاق عن أبي خفاف ناجية بن
كعب قال قال عمار بن ياسر لعمر: أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتني
جنابة فتمعكت كما تتمعك الدابة ثم أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكرت له فضحك ثم قال:
كان يكفيك من ذلك التيمم '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
333 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
295

أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عباد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي
عن عمران بن الحصين أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم ثم صلى فإذا وجد
الماء اغتسل.
قال الربيع وذكر حديث أبي ذر:
' إذا وجدت الماء فمسه جلدك '.
334 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله فيما خالف العراقيون عبيد
الله بن مسعود حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي بلاغا عن أبي معاوية
عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله أنه قال: الجنب لا يتيمم.
قال الشافعي: وليسوا يقولون بهذا ويقولون لا نعلم أحدا يقول به.
قال الشافعي:
/ ونحن نروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه أمر الجنب أن يتيمم.
ورواه ابن علية عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أمر رجلا أصابته جنابة أن يتيمم ويصلي.
335 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن يعقوب العدل أخبرنا
يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عوف بن أبي جميلة عن أبي
رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال: كنا في سفر مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث
بطوله. وفيه أنه صلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا رجل معتزل لم يصل مع القوم
قال:
' ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ '.
قال: يا رسول الله ما أصابتني جنابة ولا ماء.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' عليك بالصعيد فإنه يكفيك '.
فذكر الحديث في شكاية الناس إليه العطش ودعائه عليا وغيره وقوله: ' اذهبا
296

فابتغيا لنا الماء '.
فانطلقا فإذا هما بامرأة بين مزادتين أو سطيحين من ماء على بعير لها فجاءا بها
إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فدعا بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين فمضمض من الماء وأعاده
فيهما ثم أوكى أفواههما وأطلق العزالي ثم قال للناس:
' إشربوا استقوا '. فاستقى من شاء وشرب من شاء وكان آخر ذلك أن أعطى
الذي أصابته الجنابة إناء من ماء فقال: ' إذهب فأفرغه عليك '.
أخرجاه في الصحيح من حديث عوف.
وأما حديث أبي ذر:
336 - فأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا
يوسف بن يعقوب حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة
عن عمرو بن بجدان قال: سمعت أبا ذر يقول:
اجتمعت عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غنم من غنم الصدقة فقال:
' ابد فيها يا أبا ذر ' فبدوت فيها إلى الربذة فكان يأتي على الخمس والست وأنا
جنب فوجدت في نفسي فأتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو مسند ظهره إلى الحجر فلما رآني
قال:
' مالك يا أبا ذر '.
قال فجلست قال:
' مالك يا أبا ذر ثكلتك أمك '.
قلت: يا نبي الله إني جنب قال:
فأمر جارية لسوداء فجاءت بعس فيه ماء فسترني بالبعير والثوب فاغتسلت
297

فكأنما / وضعت عني جبلا قال:
' ادنه إن الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو عشر حجج فإذا وجد الماء فليمس
بشره الماء فإن ذلك هو خير '.
ورواه أيوب السجستاني عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر.
51 - [باب]
التيمم لكل صلاة مكتوبة
حكاه الشافعي في كتاب البويطي عن عمرو في القديم عن ابن عباس.
337 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه حدثنا ابن شيرويه
حدثنا الحسن بن عيسى عن ابن المبارك قال أبو الوليد وفيما حدثنا الحسن بن شقيق
عن حبان عن ابن المبارك عن عامر الأحول عن نافع عن ابن عمر قال: يتيمم لكل
صلاة وإن لم يحدث.
338 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
محمد بن إسماعيل الفارسي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن
الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال:
من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة
الأخرى ورويناه نصا عن الحارث عن علي رضي الله عنه وعن قتادة عن عمرو بن
العاص.
52 - [باب]
التيمم في السفر القريب والبعيد
339 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
298

أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف
حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس
مرتفعة فلم يعد الصلاة.
قال الشافعي:
والجرف قريب من المدينة.
340 - وأخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن سعد البكري في
آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن سنان القزاز حدثنا
عمرو بن محمد بن أبي رزين حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع
عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقال له مربد
النعم.
تفرد به عمرو بن محمد بإسناده.
هذا والمحفوظ عن نافع عن ابن عمر من فعله كما / والله أعلم.
53 - [باب]
المريض الذي لا يستضر باستعمال الماء
341 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ
أخبرنا موسى بن الحسن الكوفي بمصر حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا الشافعي أخبرنا
مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الحمى من فيح جهنم فاطفئوها بالماء '.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن وهب عن مالك وفيه دليل على أن ترك
استعمال الماء إنما هو للمريض المضرور.
299

وروينا عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه من قوله:
* (وإن كنتم مرضى أو على سفر) *.
قال: إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح أو الجدري فخاف إن
اغتسل أن يموت فليتيمم.
342 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد أخبرنا جعفر بن أحمد
الشاماتي حدثنا يوسف بن موسى أخبرنا جرير عن عطاء بن السائب فذكره.
54 - [باب]
المسح على الجبائر
343 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي:
وقد روي حديث عن علي رضي الله عنه أنه انكسر إحدى زندي يديه فأمره
النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يمسح بالماء على الجبائر. ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به وهذا مما
أستخير الله فيه.
قال أحمد:
هذا نعرفه لعمرو بن خالد الواسطي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده أن عليا
انكسر إحدى زنديه فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يمسح على الجبائر.
344 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه أخبرنا جعفر بن
أحمد بن نصر حدثنا أبو عمارة حدثنا سعيد بن سالم عن إسرائيل عن عمرو بن خالد
فذكره.
تابعه عبد الرزاق عن إسرائيل بإسناده عن علي أن عمرو بن خالد هذا متروك
رماه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين بالكذب.
300

345 - وأخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أبو
عروبة قال حدثني أبو بكر أحمد بن الحسين حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال
سمعت وكيعا يقول: كان عمرو بن خالد في جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول
إلى واسط.
قال أحمد: وقد سرقه / عمر بن موسى بن وجيه فرواه عن زيد بن علي مثله.
وعمر بن موسى هذا متروك منسوب إلى الوضع.
وروي بإسناد آخر مجهول عن زيد بن علي.
ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد له عن زيد بن علي عن علي
مرسلا.
وأبو الوليد هذا ضعيف ولم يثبت في هذا الباب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيء.
وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن رباح مع الاختلاف في إسناده ومتنه والذي
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
346 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي حدثنا محمد بن سلمة عن الزبير بن خريق
عن عطاء عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجل معنا حجر شجه في رأسه ثم
احتلم فقال لأصحابه:
هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء
فاغتسل فمات.
فلما قدمنا على النبي [صلى الله عليه وسلم] أخبر بذلك قال: ' قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم
يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم وتعصر أو يعصب - شك
موسى - على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده '.
301

347 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه وأبو عبد الرحمن السلمي قالا: أخبرنا
علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر بن أبي داود لعطاء حدثنا موسى بن عبد الرحمن
الحلبي فذكراه بنحوه. وقد ذكرنا في كتاب السنن وجوه الاختلاف فيه.
وصحيح عن ابن عمر المسح على العصابة موقوفا عليه. وهو قول جماعة من
فقهاء التابعين عند ابن عمير وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وأبي مخلد والتجيبي
وقتادة.
55 - [باب]
التيمم في المضي إلى الجنازة والعيدين
قال الشافعي في القديم:
لا يعد والصلاة على الجنازة والعيدين أن يكونا صلاة فهو يزعم أن الصلاة
فريضتها ونافلة لا يجزئ إلا بوضوء وإن كانت دعاء وذكرا فقد يجوز للرجل أن يدعو
ويذكر الله وهو على غير وضوء أو يكون عنده كذلك أثر عن من يقوم بمثله حجة فلا
يكون لنا منازعته بل لا نعلم عنده / في ذلك أثرا وعندنا الرواية عن ابن عمر.
قال الشافعي:
348 - أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يصلي على الجنازة إلا وهو
متوضأ.
349 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول:
لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر.
350 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: أخبرنا
علي بن عمر الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا محمد بن عمرو بن أبي
302

مذعور حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا إسماعيل بن مسلم عن عبد الله عن نافع عن ابن
عمر أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها.
وهذا لا أعلمه إلا من هذا الوجه فإن كان محفوظا فإنه يحتمل أن يكون وردت
في سفر وإن كان الظاهر بخلافه والكتاب ثم السنة ثم القياس يدل على وجوب
الوضوء عند وجود الماء وعدم المرض فيما فلا يجوز للمحدث فعله. وقد رواه
أحمد بن حنبل في التاريخ عن عبد الله بن نمير أخبرنا إسماعيل عن رجل عن عامر.
إذا فاجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فصل عليها.
قلت: هذا هو الحديث عن إسماعيل أظنه ابن أبي خالد عن رجل يقال له:
مطيع الغزال عن عامر الشعبي.
وحديث ابن أبي مذعور يشبه أن يكون خطأ. والله أعلم.
351 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه أخبرنا بشر بن أحمد
حدثنا الحسن بن علي القطان البغدادي أخبرنا أبو نصر التمار حدثنا المعافى بن
عمران عن المغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس في الرجل تفاجأه
الجنازة وهو على غير وضوء قال:
يتيمم ويصلي عليها.
هذا حديث تفرد به المغيرة بن زياد وهو واحد ما ننكر عليه فإنما رواه الثقات من
أصحاب عطاء عن عطاء موقوفا عليه غير مرفوع إلى ابن عباس.
352 - أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ وحدثنا أبو
حماد قال حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي وسألته عن المغيرة بن
زياد فقال:
ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير. قال أبي:
حدث عن عطاء عن ابن عباس في الجنازة تمر وهو غير متوضئ يتيمم قال
أبي: ورواه / عبد الملك بن جريج عن عطاء موقوفا.
303

353 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر حدثنا
المفضل بن غسان الغلابي عن يحيى بن معين أنه أنكر على المغيرة بن زياد حديث
التيمم على الجنازة إنما هو عن عطاء بلغ به ابن عباس.
قال أحمد:
وقد رواه يمان بن سعيد عن وكيع عن معافا بن عمران عن مغيرة فارتقى درجة
أخرى فبلغ به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واليمان بن سعيد ضعيف ورفعه خطأ فاحش.
والله أعلم.
56 - [باب]
ما يفسد الماء وغيره
الماء المستعمل
354 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
إنما قلت لا يتوضأ رجل بماء توضأ به أو توضأ به غيره إن الله جل ثناؤه يقول:
* (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) *.
فكان معقولا أن الوجه لا يكون مغسولا إلا بأن يبتدئ له ماء فيغسل به ثم عليه
في اليدين عندي مثل ما عليه في الوجه من أين يبتدئ له ما فعله به ولو أعاد عليه
الماء الذي غسل به الوجه كان لم يسو بين يديه ووجهه ولا يكون مسويا بينهما حتى
يبتدئ لهما الماء كما ابتدأ لوجهه.
وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذ لكل عضو منه ماء جديدا.
355 - أخبرناه أبو حازم الحافظ وأبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قالا:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرنا أبو يعلى حدثنا العباس بن الوليد
304

أخبرنا وهب عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال:
شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فدعا
بتور فأكفأ على يديه فغسل يديه ثلاث مرات ثم أدخل يده في الإناء فتمضمض واستنثر
ثلاث مرات بثلاث حفنات ثم أدخل يده في الإناء فغسل وجهه ثلاث مرات ثم أدخل
يده في الإناء فغسل يديه ثم أدخل يديه فمسح رأسه فأقبل وأدبر ثم أدخل يده في الإناء
فغسل رجليه إلى الكعبين.
356 - وأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا
يوسف بن يعقوب أخبرنا سليمان بن حرب حدثنا وهب بن خالد فذكره بإسناده.
/ نحوه إلا أنه قال فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وقال: تمضمض واستنشق واستنثر
ثلاث مرات من ثلاث غرف رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
وأخرجه مسلم من حديث بهز بن أسد عن وهب.
357 - فأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا
أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع
حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر وضوءه قال:
ومسح رأسه بماء غير فضل يده وغسل رجليه حتى أنقاهما. رواه مسلم في
الصحيح عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو.
358 - وهذا أولى مما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا
أبو داود حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن شقيق بن سعيد عن ابن عقيل عن
الربيع أن النبي مسح برأسه من فضل ما كان في يده.
عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف في عدالته فإن يحيى بن سعيد وعبد
305

الرحمن بن مهدي يرويان حديثه وكان يحيى بن معين بضعفه. ولم يحتج به صاحبا
الصحيح.
فإذا روى شيئا في حكم وروى أهل الثقة في خلافه فرواية غيره توقع شكا ينفرد
به وإن كان يحتمل أن يكون خبرا عن وضوء آخر.
هذا وقد روى شريك بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل في هذا
الحديث قالت:
وأخذ ماءا جديدا فمسح رأسه مقدمه ومؤخره. فيحتمل أن يكون المراد بقوله:
من فضل ما كان في يده أي أخذ ماء جديدا وصب بعضه ومسح رأسه من فضل ماء
كان في يده ليكون موافقا لسائر الروايات.
وروي عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء وعن سليمان بن أرقم عن
الزهري عن عبد الله أن ابن عباس نحو الرواية الأولى أن ابن عقيل وسليمان بن أرقم
متروك وتمام بن نجيح غير محتج به.
359 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا
ابن مبشر حدثنا أحمد بن سنان أخبرنا يزيد بن هارون حدثنا عبد السلام / بن صالح
حدثنا إسحاق بن سويد عن العلاء بن زياد عن رجل عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]
مرضى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج عليهم ذات يوم وقد اغتسل وقد بقيت لمعة من
جسده لم يصبها الماء فقلنا: يا رسول الله هذه لمعة لم يصبها الماء له شعر وارد
فقال بشعره هكذا على المكان فبله.
قال علي: عبد السلام بن صالح هذا بصري ليس بالقوي وغيره من الثقات
يرويه عن إسحاق عن العلاء مرسلا قال أحمد:
كذلك رواه هشيم وحماد عن إسحاق مرسلا ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي
306

عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي.
وحسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس.
وعطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة. والمتوكل بن فضيل عن
أبي ظلال عن أنس.
ويحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
يعني حديث العلاء بن زياد.
ولا يصح شيء من ذلك. والعرزمي متروك. وكذلك عطاء بن عجلان والرحبي
والمتوكل بن فضيل بصري ضعيف قاله الدارقطني ويحيى بن عنبسة كان يتهم بوضع
الحديث وإنما يروى عن إبراهيم من قوله في الوضوء إن كان في اللحية بلل مسح
برأسه.
وأصح شيء يستدل به من جواز التطهر بالماء المستعمل كونه طاهرا بعد
الاستعمال بما يثبت عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه توضأ فصب عليه من وضوءه (...)
وأما ما روى ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ' وعن أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة معناه فقد قيل عنه عن أبي الزناد كما رواه الحفاظ من
أصحابه: ' لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه '.
وكذلك رواه أبو الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة.
وكذلك ثبت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وعن همام بن منبه عن أبي
هريرة.
307

ولكن صحيح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يغتسل / أحدكم في الماء الدائم وهو جنب '.
فقال: كيف نفعل يا أبا هريرة؟.
قال يتناوله تناولا.
وهذا عند من لا يجوز التطهر بالماء المستعمل محمول على ما لو كان الماء أقل
من قلتين فيصير باغتساله فيه مستعملا فلا يمكن غيره أن يتطهر به.
فأمر بأن يناوله تناولا لئلا يمنع غيره من استعماله.
والله أعلم.
57 - [باب]
ولوغ الكلب
360 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات '.
361 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو نصر أحمد بن علي الفامي
قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
308

' إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات '.
هذا حديث صحيح لا يشك أهل المعرفة في صحته.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه أيضا من حديث همام بن منبه وأبي صالح وابن رزين عن أبي هريرة إلا
أن في حديث أبي صالح رزين زيادة وهي قوله: ' فليرقه '. وفي حديث همام:
' طهر إناء أحدكم ' وفي رواية ' طهور إناء أحدكم ' وفي هذا اللفظ ثم في قوله:
' فليرقه '. دلالة على نجاسة سؤره ورواه عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن
عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في
الكلب يلغ في الإناء أنه يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا.
وهذا ضعيف بمره عبد الوهاب بن الضحاك متروك الحديث (....).
362 - أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث عن أبي الحسن
الدارقطني الحافظ قال:
ورواه عبد الوهاب بن نجدة عن إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد قال فاغسلوه
سبع مرات وهو الصحيح.
قال أحمد:
/ ورواه الحسن بن شقيق عن عبد الوهاب بن الضحاك على الصحة فقال في
متنه:
' إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات '.
363 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن محمد
309

يعني قاضي الحرمين أخبرنا الحسن بن سفيان فذكره. وإنما رواه عنه بالتخيير أو
بالشك الحسن بن علي المعمري وكان كثير الغلط.
364 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا ولغ في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بتراب '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين إلا أنه
قال: ' طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب '.
ومحمد بن سيرين منفرد بذكر التراب فيه في حديث أبي هريرة.
وقد رواه مطرف بن عبد الله عن عبد الله بن معقل المزني عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
إلا أنه قال: ' إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في
التراب '.
وأخرجه مسلم في الصحيح يحتمل أن يكون التعفير في التراب في إحدى
الغسلات السبع عدة ثامنة وإذا صرنا إلى الترجيح بزيادة الحفظ فقد قال الشافعي: أبو
هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.
وأما الذي روي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا
310

عليه: ' إذا ولغ الكلب في الإناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات: فإنه لم يروه غير عبد
الملك وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات.
وقد رواه محمد بن فضل عن عبد الملك مضافا إلى فعل أبي هريرة دون قوله
وقد روينا عن من سميناه عن من لم نسم عن أبي هريرة مرفوعا كما روينا.
وروينا عن حماد بن زيد ومعمر بن سليمان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن
أبي هريرة من قوله نحو روايته عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
365 - أخبرناه أبو علي / الروذباري عقب حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين
أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا المعتمر أخبرنا محمد بن
عبيد حدثنا حماد بن زيد جميعا عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة معناه لم يرفعاه.
وروي عن علي وابن عمر وابن عباس مرفوعا في الأمر بغسله سبعا والاعتماد
على حديث أبي هريرة لصحة طريقه وقوة إسناده.
قال أحمد:
زعم الطحاوي أنه يتبع الآثار ثم روى الأحاديث الصحيحة في ولوغ الكلب
وترك القول بالعدد الوارد في تطهير الإناء منه واستعمال التراب فيه وجعل نظير ذلك
الأحاديث التي وردت في غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء وهو يوجب غسل الإناء من
الولوغ ولا يوجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء.
فكيف يستهان ثم جاء إلى حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي
هريرة في الإناء يلغ فيه الكلب أو الهر يغسل ثلاث مرات واعتمد عليه في ترك
الأحاديث الثابتة في الولوغ واستدل به على نسخ السبع على حسن الظن بأبي هريرة
بأنه لا يخالف النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما يرويه عنه.
وهلا أخذ بالأحاديث الثابتة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وبما روينا من فتيا أبي هريرة بالسبع.
وبما روينا عن عبد الله بن معقل عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو يحتمل أن يكون موافقا
لحديث أبي هريرة بما تقدم ذكرنا له على خطأ عبد الملك فيما تفرد به من بين
أصحاب عطاء ثم أصحاب أبي هريرة.
ولمخالفته أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ولم
يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في الصحيح وحديثه هذا مختلف عليه.
311

فروي عنه من قول أبي هريرة وروي عنه من فعله فكيف يجوز ترك رواية
الحفاظ الثقات الإثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا برواية واحد قد عرف
بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه. وبالله التوفيق.
58 - [باب]
سائر النجاسات سوى الكلب والخنزير
366 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي / أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن
أسماء بنت أبي بكر قالت:
سألت امرأة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها
الدم مثل الحيضة كيف تصنع؟ فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] لها: ' إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من
الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه '.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي:
فأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بغسل دم الحيضة ولم يؤقت فيه شيئا.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من
وجه آخر عن مالك.
وذكر الشافعي أيضا روايته عن سفيان عن هشام بن عروة وقد مضى ذكرها.
59 - [باب]
سؤر ما لا يؤكل لحمه سوى سؤر الكلب والخنزير
367 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر بن عبد
312

الله قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: ' نعم وبما أفضلت
السباع كلها '.
قال الشافعي في غير روايتنا وأخبره عن ابن أبي ذئب عن داود بن الحصين
بمثله.
368 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيبة عن داود بن
الحصين.
عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال:
' نعم وبما أفضلت السباع كلها '.
هكذا رواه أبو العباس عن الربيع ورواه أبو بكر بن زياد النيسابوري وهو إمام عن
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين
عن أبيه عن جابر قال:
قيل يا رسول الله: أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ فقال: ' نعم وبما أفضلت
السباع '.
369 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا أبو
بكر النيسابوري أخبرنا الربيع بن سليمان فذكره.
وابن حبيبة هو: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي.
فإذا ضممنا هذه الأسانيد بعضها إلى بعض أخذت / قوت في معناه حديث أبي
قتادة وإسناده صحيح والاعتماد عليه.
370 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة
بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة أو أبي
313

قتادة الشك من الربيع أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه.
قالت فرآني أنظر إليه فقال:
أتعجبين يا بنت أخي إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات '.
ورواه الربيع عن الشافعي في موضع آخر وقال: وكانت تحت ابن أبي قتادة لم
يشك وقال:
فجاءت هرة فأصغى لها الإناء حتى شربت.
371 - وهو فيما أخبرنا أبو سعيد بهذا الإسناد وأخرجه أبو داود في كتاب السنن
عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك.
وقد قصر بعد الرواة بروايته فلم يقم إسناده.
قال أبو عيسى: سألت عنه محمد يعني البخاري فقال وجود مالك بن أنس هذا
الحديث وروايته أصح من رواية غيره.
قال أحمد: وبقرب من روايته رواه حسين المعلم عن إسحاق.
372 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة
عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله أو مثل معناه.
وقال في القديم:
وذكر الأوزاعي والدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن
أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما معناه هذا المعنى.
قال أحمد:
كذلك ذكراه وهو عندي من حديث همام بن يحيى.
314

373 - كما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام
حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه
كان يتوضأ فمرت به هرة فأصغى إليها وقال: إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليست
بنجس '.
قال الشافعي في القديم:
وروي فيها عن عائشة وابن عباس وحسين بن علي وغيرهم شبيه / هذا.
374 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز هو ابن محمد عن داود بن صالح بن دينار التمار
عن أمه: أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة فوجدتها تصلي فأشارت إلي ضعيها.
فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة قالت:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم: وقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يتوضأ بفضلها.
375 - أخبرنا أبو سعيد ويحيى بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو يحيى محمد بن
الحسن بن كوثر حدثنا بشر بن موسى أخبرنا الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا
(الركين) بن الربيع عن عمة له يقال لها: صفية بنت عملية أن الحسين بن علي
سئل عن سؤر الهرة فلم ير به بأسا.
وأما حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة:
إذا ولغ الهر غسل مرة.
فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في ولوغ الكلب ووهموا فيه.
الصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع وفي الهر موقوف ميزه علي بن جعفر الجهضمي
315

عن قرة بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة ووافقه عليه جماعة من الثقات.
وروي عن أبي صالح عن أبي هريرة: يغسل الإناء من الهر كما يغسل من
الكلب. وليس محفوظ.
وعن عطاء عن أبي هريرة. وهو خطأ من ليث بن أبي سليم إنما رواه ابن جريج
وغيره عن عطاء من قوله.
وروى نافع عن ابن عمر أنه كره سؤر الكلب والحمار والسنور أن يتوضأ به.
376 - وقد أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي في باب الوعاء
وقال:
حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضل الهرة واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء
بفضلها.
قال الشافعي: في الهر حديث أنها ' ليست بنجس ' يتوضأ بفضلها ويكتفي
بالخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا يكون في أحد قال خلاف ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة. وذكر
في الأم أخبارا فرق بين الكلب وغيره من الحيوانات وتلك الأخبار / ترد في مواضعها إن
شاء الله.
وزعم الطحاوي: أن حديث قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة في ولوغ الهر
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. صحيح ولم يعلم أن الثقة من أصحابه قد ميزه عن الحديث وجعله من
قول أبي هريرة وهو عن قول أبي هريرة مختلف فيه.
ولو كانت رواية صحيحة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يختلف قوله فيها.
وزعم أن أبا قتادة هو الذي أصغى لها الإناء وتوضأ بفضلها وأنه يحتمل ما احتج
به من قول النبي [صلى الله عليه وسلم] خلاف ذلك.
ولم يعلم أن عائشة روت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه يتوضأ بفضلها مع ما في قوله أنها
' ليست بنجس ' من نفي النجاسة عن سؤرها وبالله التوفيق.
316

60 - [باب]
إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة
377 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن
عبد الجبار السكري ببغداد أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة
حدثنا بسر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فإن في أحد جناحيه داء والآخر شفاء فإنه يتقي
بالجناح الذي فيه الداء فليغمسه كله ثم لينزعه '.
ورواه أيضا عبيد بن حنين عن أبي هريرة مختصرا ومن ذلك الوجه أخرجه
البخاري في الصحيح.
واستدل به الشافعي لأحد قوليه فقال:
وقد يموت بالغمس وهو لا يأمر بغمسه في الماء أو الطعام وهو ينجسه لو مات
لأن ذلك عمد إفسادهما.
وقال في القول الآخر:
قد يأمر بغمسه للداء الذي فيه والأغلب أنه لا يموت.
61 - [باب]
عرق الإنسان
378 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا
أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب
السجستاني عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدخل
317

غلى أم سليم فتبسط له نطعا فيقيل عليه فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها وتبسط / له
الخميرة فيصلي عليها.
قال الشافعي في رواية حرملة:
هذا ثابت ولا أحسب أم سليم تجعل عرق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في طيبها إلا بعلمه.
وفي ذلك دلالة على أن العرق طاهر.
قال أحمد:
قد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة
وغيره عن أنس في العرق.
62 - [باب]
الماء الذي ينجس والذي لا ينجس
الماء القليل ينجس بنجاسة تحدث فيه
379 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات '.
قال وأخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله
إلا أن مالكا جعل مكان ولغ شرب.
وذكر أيضا رواية ابن سيرين عن أبي هريرة وقد مضى قال الشافعي:
وكانت آنية الناس صغارا.
380 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
318

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن
أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يبلن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه '.
ورواه أبو الزناد أيضا عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بهذا اللفظ ومن
ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح رواه عن ابن اليمان عن شعيب بن أبي حمزة
عن أبي الزناد. وهذا يحتمل أن يكون في الماء القليل ويشبه أن يكون في كل ماء
دائم والنهي عنه في الكثير على الاختيار لا على أن البول ينجسه بدليل ما بعده من
حديث بئر قضاعة وغيره.
آخر الجزء الخامس من معرفة السنن والآثار للبيهقي ويليه إن شاء الله الجزء
السادس وأوله: الماء الكثير لا ينجس بنجاسة الحدث فيه ما لم تضره (والحمد لله
على نعمه).
319

فارغة
320

الجزء السادس
/ بسم الله الرحمن الرحيم
63 - [باب]
الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه
ما لم تضره
381 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن أبي ذئب عن الثقة عنده عن
من حدثه أو عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أن رجلا
سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: إن بئر قضاعة تطرح فيها الكلاب والمحيض؟
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الماء لا ينجسه شيء '.
382 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن من لا
يتهم عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قيل
لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إنك تتوضأ من بئر قضاعة وهي يطرح فيها ما ينجي الناس ولحوم
321

الكلاب والمحيض؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الماء لا ينجسه شيء '.
وروى الزعفراني عن الشافعي أنه قال في القديم:
أخبرنا رجل عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي
سعيد الخدري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قيل له.. فذكر هذا الحديث.
383 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا أحمد بن أبي شعيب وعبد العزيز بن يحيى قال حدثنا محمد بن سلمة عن
محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري
ثم العدوي عن أبي سعيد الخدري قال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يقال له: إنه يستقى لك من بئر قضاعة وهي تلقى
فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الإنسان.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الماء طهور لا ينجسه شيء '.
قال أحمد:
اختلفوا في اسم ابن رافع هذا فقيل: عبيد الله وقيل: عبد الله واختلفوا في
اسم أبيه أيضا / فقيل: عبد الرحمن وقيل: عبد الله.
ورواه محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن
أبي سعيد الخدري.
وقال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل عن أبيه عن أمه عن سهل بن سعد الساعدي قال:
322

سقيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيدي من بئر قضاعة. وهذا الرجل هو: إبراهيم بن
محمد بن أبي يحيى. وقد رواه غيره عن أبيه وأبوه ثقة.
384 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا علي بن بحر بن بري القطان قال حدثنا
حاتم بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن أبي يحيى عن أمه عن سهل بن سعد بمثله.
قال أحمد:
زعم أبو جعفر الطحاوي أن بئر قضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين فكان
الماء لا يستقر فيها وحكاه عن الوافدي. ومحمد بن عمر الواقدي لا يحتج بروايته
فيما يسنده فكيف بما يرسله. ضعفه يحيى بن معين وكذبه أحمد بن حنبل وقال
البخاري: محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث.
385 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن الحسن قال أخبرنا
عبد الرحمن بن محمد الحنظلي قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي
الشافعي: كتب الواقدي كذب.
قال أحمد:
وذلك لكثرة ما وجد في روايته من مخالفة الثقات وهذا الذي حكي عنه في بئر
قضاعة من ذاك فمشهور فيما بين أهل الحجاز حال بئر قضاعة خلاف ما حكي عنه.
386 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر قضاعة عن عمقها قلت:
أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة.
قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة.
323

قال أبو داود: وقدرت بئر قضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعت فإذا عرضها
ستة أذرع.
وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت
عليه؟
فقال: لا.
ورأيت فيها ماء متغير اللون.
هذا كله يدل أن الماء / كان لا يجري منها. وأن ماءها كان مستقرا فيها يتغير في
بعض الأوقات إما بطول المكث وإما بما يقع فيه والله أعلم.
387 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي:
بئر قضاعة كثيرة الماء واسعة كان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا
طعما ولا يظهر له فيها ريح فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] مجيبا:
' الماء لا ينجسه شيء '.
يعني في الماء مثلها.
واستدل على ذلك بحديث أبي هريرة في الولوغ.
وقال في القديم.
أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم
عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص: لصاحب الحوض هل ترد
حوضك السباع؟
فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض لا تخبرنا. فإنا نرد على السباع
324

وترد علينا.
388 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره بمثله.
قال الشافعي في القديم:
ثم أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب ورد حوض مجنة
فقيل له إنما ولغ الكلب فيه آنفا.
فقال عمر: إنما ولغ بلسانه فشرب أو توضأ.
389 - أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو عن عكرمة أن
عمر ورد حوض مجنة فذكره بنحوه إلا أنه قال فشرب وتوضأ.
64 - [باب]
الماء الكثير طهور ما لم تغيره النجاسة
390 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي رحمه الله: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسا
يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله وهو قول العامة لا أعلم بينهم
فيه خلافا. ' قال أحمد:
391 - وإنما أورد ما أخبرنا / به الشريف أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي
وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمد الفقه قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين
القطان قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا رشيد بن سعد قال
حدثنا معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلي قال:
325

قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب عليه طعمه أو ريحه '.
وكذلك روي عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد وزاد فيه بقية بن الوليد
' أو لونه '.
ورواه عيسى بن يونس وأبو معاوية وأبو إسماعيل المؤدب عن الأحوص بن
حكيم عن راشد بن سعد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
ورواه أبو أسامة عن الأحوص عن أبي عون وراشد بن سعد من قولهما.
65 - [باب]
الفرق بين ما ينجس ولا ينجس
ما لم تغيره السنة
392 - وهي ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير عن محمد بن
عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا - أو قال - خبثا '.
قال أحمد:
هذا الثقة هو أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي فإن الحديث مشهور به وقد رأيت
في بعض الكتب ما دل على أن الشافعي أخذه عن بعض أصحابه عن أبي أسامة وقد
رواه جماعة عن أبي أسامة هكذا.
وقد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير.
326

393 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن
محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث '.
394 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث / الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال حدثنا
أبو أسامة قال حدثنا الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر
عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه فهو ذا قد رواه أحمد بن عبد الحميد الحارثي عن أبي
أسامة على الوجهين جميعا.
ورواه أبو داود في كتاب السنن عن محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة
وغيرهما.
عن أبي أسامة وقال في حديث ابن العلاء محمد بن جعفر بن الزبير وفي
حديث عثمان محمد بن عباد بن جعفر وقد رواه إسماعيل بن قتيبة عن النيسابوري
عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة عن أبي أسامة فقال محمد بن جعفر بن الزبير.
فثبت بذلك رواية عثمان الحديث على الوجهين جميعا.
ورواه شعيب بن أيوب الصريفيني عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن
محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله.
395 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: قال: حدثني أبو علي محمد بن علي
الإسفرائيني في أصل كتابه قال حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي قال حدثنا
شعيب بن أيوب فذكره.
وكذلك رواه أبو الحسن الدارقطني رحمه الله عن أبي بكر بن سعدان عن
شعيب فالحديث محفوظ عنهما جميعا إلا أن غير أبي أسامة يرويه عن عبد الله بن عبد
327

الله بن عمر فكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ يقول:
الحديث محفوظ عنهما جميعا وكلاهما رواه عن أبيه وإليه ذهب كثير من أهل
الرواية وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي رحمه الله يقول غلط أبو أسامة في عبد
الله بن عبد الله إنما عبيد الله بن عبد الله واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس عن
الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد لله بن عبد الله بن عمر قال:
سئل النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره إلا أن عيسى بن يونس أرسله.
وروايته في كتاب إسماعيل بن سعد الكسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن
عيسى بن يونس موصولا.
ورواه عباد بن صهيب عن الوليد وقال عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه موصولا
والحديث مسند / في الأصل.
فقد رواه محمد بن إسحاق بن بشار عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد
الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سئل النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الماء يكون بأرض الفلاة وما
ينوبه من السباع والدواب فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث '.
396 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا
عبد الرحيم بن منيب قال حدثنا جرير عن محمد بن إسحاق.
397 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا محمد بن عبيد قال حدثنا
محمد بن ربح البزاز قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق فذكره
بمعناه.
وكذلك رواه جماعة عن ابن إسحاق وفي رواية بعضهم: السباع والكلاب.
وفي رواية بعضهم: الكلاب والدواب ورواية محمد بن إسحاق تؤكد ما قال
إسحاق. وكذلك رواه عاصم بن المنذر.
قال الشافعي في القديم:
ثم أخبرنا الثقة من أصحابنا عن حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر وابن
الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
328

' إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا لا يحمل خبثا '.
398 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن قال
حدثنا هدبة وإبراهيم بن الحجاج قالا حدثنا حماد بن سلمة فذكره بإسناده نحوه إلا أنه
قال: ' لم ينجسه شيء '.
وكذلك رواه وكيع بن الجراح عن حماد. ويشبه أن يكون الشافعي عنه
أخذه أو عن بعض أصحابه عن قوله: ' أو ثلاث ' شك وقع لبعض الرواة.
فقد رواه عفان بن مسلم ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وبشر بن السري
والعلاء بن عبد الجبار المكي وموسى بن إسماعيل وعبيد الله بن محمد العبسي عن
حماد بن سلمة بهذا الإسناد وقالوا فيه:
' إذا كان الماء قلتين لم ينجس ' ولم يقولوا: ' أو ثلاثا '. قاله أبو الحسن
الدارقطني فيما قرأته على أبي بكر بن الحارث عنه.
ورواه أبو داود في كتاب السنن قال:
حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد قال أخبرنا عاصم بن المنذر عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال حدثني / أبي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس '.
399 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود فذكره. وهذا إسناد صحيح موصول.
400 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين وسئل عن حديث حماد بن
سلمة حديث عاصم بن المنذر بن الزبير. فقال: هذا جيد الإسناد. قيل له: فإن
329

ابن علية لم يرفعه. قال يحيى: وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإسناد وهو
أحسن من حديث الوليد بن كثير يعني (...) في قصة ' الماء لا ينجسه شي '.
401 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا
محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد قال قرأنا على عبد
الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبيد
الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال: رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء '.
رواه الشافعي في القديم: عن رجل عن أبي بكر بن عمر إلا أنه قال شك في
إسناده. والرجل هو إبراهيم بن محمد وكل ذلك يؤكد قول إسحاق الحنظلي. والله
أعلم.
402 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني حفظه أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا '.
قال وفي الحديث: قلال هجر. قال ابن جريج: قد رأيت قلال هجر والقلة
تسع قربتين أو قربتين وشيئا. قال الشافعي: وقرب الحجاز قديما وحديثا كبار
لعز الماء بها فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا وذلك قلتان بقلال هجر.
هذا قوله في الجديد في كتاب [إختلاف] الأحاديث فأما قوله عليه في كتاب
الطهارة فقد أخرجناه في كتاب السنن. وهذا الحديث رواه غيره عن ابن جريج قال
330

أخبرني محمد أن يحيى بن عقيل أخبره أن يحيى بن يعمر أخبره أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا / كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا '.
قال فقلت: ليحيى بن عقيل: قلال هجر؟ قال: هجر.
403 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثنا أبو حميد المصيصي قال حدثنا حجاج قال
حدثنا ابن جريج فذكره.
404 - وأخبرنا أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو
العباس السجستاني قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا أبو قرة عن ابن جريج
قال أخبرني محمد فذكره..
قال محمد قلت ليحيى بن عقيل:
أي قلال؟ قال: قلال هجر.
قال محمد فرأيت قلال هجر فأظن كل قلة تأخذ قربتين.
قال أبو أحمد الحافظ: محمد هذا الذي حدث عنه ابن جريج هو محمد بن
يحيى يحدث عن يحيى بن أبي كثير ويحيى بن عقيل.
قال أحمد:
وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز وشهرتها عندهم شبه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر فقال فيما روى عنه مالك بن
صعصعة: ' رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال
هجر '.
واعتذار الطحاوي في ترك الحديث أصلا بأنه لا يعلم مقدار القلتين لا يكون
عذرا عند من علمه. وكذلك ترك القول ببعض الحديث بالإجماع لا يوجب تركه فيما
331

لم يجمع عليه وتوقيته بالقلتين يمنع من حمله على الماء الجاري على أصله. وبالله
التوفيق.
66 - [باب]
نزح بئر زمزم وغيرها من الآبار
405 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن مطرقال أخبرنا أبو خليفة
قال حدثنا القعنبي قال حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن دينار أن زنجيا وقع في زمزم فمات
فأمر به ابن عباس فأخرج وسد عيونها فنزفت.
ورواه قتادة مرسلا أن زنجيا وقع في زمزم فمات فأمرهم ابن عباس بنزحه.
ورواه جابر الجعفي مرة عن أبي الطفيل عن ابن عباس ومرة عن أبي الطفيل
نفسه: أن غلاما وقع في زمزم فنزحت.
ورواه هشام بن حسان عن / محمد بن سيرين بمعنى رواية عمرو بن دينار.
وابن لهيعة وجابر الجعفي لا يحتج بهما.
وقتادة عن ابن عباس مرسل وكذلك ابن سيرين عن ابن عباس مرسل.
وروي عن عطاء أن ابن الزبير أمر بنزح مائها وليس ذلك عن أهل مكة.
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي:
لا نعرفه [عن ابن عباس] وزمزم عندنا ما سمعنا بهذا.
قلت: وروينا عن سفيان بن عيينة أنه قال:
أنا بمكة منذ سبعين سنة لم أر أحدا صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي
الذي قالوا أنه وقع في زمزم ما سمعت أحدا يقول نزح زمزم.
406 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا عبد الله بن
332

شيرويه قال سمعت أبا قدامة يقول: سمعت سفيان يقول فذكره.
قال الشافعي في كتاب القديم:
وقد رويتم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' الماء لا ينجسه شيء '.
افتري أن ابن عباس زيف عن النبي [صلى الله عليه وسلم] خبرا ويتركه إن كانت هذه روايته.
407 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا
محمد بن غالب قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن سماك بن حرب فذكره
بإسناده.
قال الشافعي:
وتروون عنه أنه توضأ من غدير يدافع جيفة.
ويروون فيه ' الماء لا ينجس ' فإن كان شيء من هذا صحيحا فهو يدل على أنه
لم ينزح زمزم للنجاسة ولكن للتنظيف إن كل فعل.
وزمزم للشرب وقد يكون الدم ظهر على الماء حتى رئي فيه.
408 - أخبرنا أبو القاسم بن أبي هاشم العلوي قال أخبرنا أبو جعفر ابن رحيم
قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا وكيع عن الأعمش عن يحيى بن عبيد قال:
سألت ابن عباس عن ماء الحمام قال: ' الماء لا يجنب '.
409 - أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا زكريا عن الشعبي عن
ابن عباس قال: أربع لا تنجس: الإنسان، والماء، والثوب، والأرض. / رواه الشافعي
في بعض كتبه عن سفيان بن عيينة وقال:
333

أربع لا يجنبن. فذكر الماء والأرض.
410 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي بلاغا عن خالد الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن علي
في الفأرة تقع في البئر فتموت. قال تنزح حتى تغلبهم.
قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
أما نحن فنقول بما روينا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' إذا كان الماء قلتين لم يحمل
نجسا '.
وأما هم فيقولون ينزح منها عشرون أو ثلاثون دلوا.
قال أحمد:
وهذا عن علي منقطع واختلف في إسناده فقيل هكذا. وقيل عن عطاء بن
السائب عن ميسرة أن عليا قال ذلك. وقيل عن عطاء بن ميسرة.
قال الشافعي في القديم:
روى ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال: إذا
وقعت الفأرة في البئر فماتت فيها ينزح منها دلوا أو دلوين فإن تفسخت نزح منها خمسة
أو سبعة.
وهذا أيضا منقطع.
411 - أخبرنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي جوابا عن احتجاج من احتج بالأمر عن علي وابن عباس قلت:
فتخالف ما جاء عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى قول غيره.؟ قال: لا.
قلت: قد فعلت وخالفت مع ذلك عليا وابن عباس وزعمت أن عليا قال:
إذا وقعت الفأرة في البئر ينزح منها سبعة أو خمسة أدلاء.
334

وزعمت أنها لا تطهر إلا بعشرين أو ثلاثين.
وزعمت أن ابن عباس نزح زمزم من زنجي وقع فيها وأنت تقول: يكفي من
ذلك أربعون أو ستون دلوا. وهذا عن علي وابن عباس غير ثابت.
قال أحمد:
ترك الطحاوي القول بحديث بئر قضاعة: وحملها على ما يعلم جيران بئر
قضاعة من حالها خلاف ما قال.
وترك حديث القلتين: وحمله على الماء الذي يجري. ولا معنى للتقدير فيه
عنده إذا كان جاريا. واحتج بما روينا عن علي وابن الزبير وإسنادهما مختلف فيه وهو
لا يقول بما رواه عن علي في الفأرة / ثم روى عن الشعبي في السنور ونحوها تنزح
منها أربعون دلوا وفي الدجاجة ينزح منها سبعون دلوا.
وعن إبراهيم في السنور والجرذ أربعون دلوا وقال مرة ينزح منها دلا.
وعن حماد في الدجاجة أربعون أو خمسون فترك حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] فلم يقل به
وترك الأثر الذي رواه عن علي فلم يقل به.
ثم روى أقاويل بعض أهل العلم فخالفهم في بعضها وأخذ بقول من أحدث في
الماء من قبله تقديرا لازما ثم زعم أنه يتبع الآثار وهو فيما رويناه يتركها والله
المستعان.
67 - [باب]
المسح على الخفين
412 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو سعيد محمد بن موسى قال حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب قال اخبنرا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال
أخبرنا عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن
أسامة بن زيد قال:
دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبلال فذهب لحاجته ثم [توضأ فغسل وجهه ثم] خرجا.
335

قال أسامة: فسألت بلالا ماذا صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
فقال بلال: ذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على
الخفين.
قال أحمد:
وكذا وجدته في المبسوط وفي المسند وقد سقط منه الأسواق.
413 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس هو
الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الحكم قال أخبرنا عبد الله بن نافع فذكره بإسناده
نحوه. وقال: دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الأسواق فذهب لحاجته ثم خرج فذكره.
414 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن
هاني قال حدثنا أحمد بن محمد بن نصر قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا داود بن قيس
فذكره بإسناده وقال:
دخل النبي [صلى الله عليه وسلم] الأسواق فذهب لحاجته ومعه بلال ثم خرج. فذكره.
وهذا حديث صحيح قال الشافعي في / رواية أبي سعيد وفي حديث بلال دليل
على أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مسح على الخفين في الحضر لأن بلالا حمل في الحضر.
415 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد
عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة أخبره أن:
المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غزوة تبوك قال المغيرة: فتبرز رسول
الله قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل الفجر فلما رجع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخذت
أهرق على يديه من الإداوة وهو يغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثم ذهب
يحسر جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته [عن ذراعيه] فأدخل يده في الجبة حتى
أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ [ثم مسح] على
خفيه ثم أقبل قال المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن
336

عوف قد صلى لهم فأدرك النبي [صلى الله عليه وسلم] إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة
الآخرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأتم صلاته.
فأفزع ذلك المسلمين وأكثروا التسبيح فلما قضى النبي [صلى الله عليه وسلم] صلاته أقبل عليهم
ثم قال: ' أحسنتم ' أو قال: ' أصبتم ' يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
قال ابن شهاب: وحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن
حمزة بن المغيرة بنحو حديث عباد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن فقال
[لي] النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' دعه '.
لم يذكر أبو عبد الله مسلم بن خالد في إسناده ذكره عن عبد المجيد وحده.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فيسمح المسافر والمقيم معا.
قال أحمد:
وهذا حديث صحيح قد أخرجه مسلم عن محمد بن رافع والحسن بن علي
الحلواني عن عبد الرزاق عن ابن جريج.
وأخرج البخاري ومسلم حديث المغيرة بن شعبة في مسح النبي [صلى الله عليه وسلم] في
سفره على الخفين من أوجه كثيرة / قد ذكرنا بعضها في كتاب السنن.
416 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد
المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذهب لحاجته في غزوة تبوك
ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى. قصر مالك بن أنس بإسناده فرواه مرسلا وإنما
رواه عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن المغيرة.
337

قال الشافعي:
وهم مالك رحمه الله فقال: عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة.
وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة.
417 - وهذا فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الحسن محمد بن
موسى الصيدلاني يقول سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت المزني
يقول سمعت الشافعي يقول: فذكره.
قال أحمد:
قد ذكره البخاري في التاريخ حكاية عن غيره.
418 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه
أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على
الخفين فأنكر ذلك عليه عبد الله فقال له سعد: سل أباك.
فسأله فقال له عمر:
إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما.
قال ابن عمر: وإن جاء أحدنا من الغائط؟! قال: وإن جاء أحدكم من
الغائط.
وهذا الحديث قد رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن سعد بن أبي
وقاص عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في المسح على الخفين.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح وأخرج البخاري ومسلم حديث
جرير بن عبد الله البجلي وحذيفة بن اليمان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في المسح على الخفين
فأخرج البخاري حديث عمرو بن أمية الضمري.
وأخرج مسلم حديث علي وبريدة بن الحصيب وبلال عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في المسح
على / الخفين.
338

419 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال بالسوق ثم توضأ
ومسح على خفيه ثم صلى.
420 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال
رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال ثم توضأ ومسح على الخفين ثم صلى.
421 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن رباح بن محمد
العجلاني عن أبيه قال: رأيت أنس بن مالك بقباء فبال ثم مسح ذكره بالجدار وتوضأ
ومسح على خفيه ثم دخل مسجد قباء فصلى.
422 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه رأى أباه يمسح على الخفين.
423 - وبإسناده قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه قال: يضع الذي يمسح
على الخفين يدا من فوق الخفين ويدا من تحت الخفين ثم يمسح.
قال أحمد:
وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أنه قال: ليس في المسح على الخفين عندنا
خلاف.
قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر صاحب الخلافيات: وذلك أن كل من
روي عنه من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه كره المسح على الخفين فقد روي عنه غير
ذلك.
قال أحمد:
إنما روي كراهية ذلك عن علي وعائشة وابن عباس أما الرواية فيه عن علي أنه
قال:
339

سبق الكتاب المسح على الخفين.
ولم يرو ذلك عنه بإسناد موصول صحيح تقوم به الحجة.
وأما عائشة فإنها كرهت ذلك ثم ثبت عنها أنها أحالت تعلم ذلك على علي
رضي الله عنه وعلي أخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بالرخصة فيه في رواية شريح بن هاني عنه.
وابن عباس كره ذلك وقال:
سبق الكتاب المسح على الخفين.
في رواية عكرمة عنه ثم روى عنه موسى بن سلمة بإسناد صحيح أنه رخص
فيه.
ورواه عنه أيضا عطاء.
424 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا / الربيع قال: قال
الشافعي: /
فإن ذهب ذاهب إلى أنه قد روي عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
سبق الكتاب المسح على الخفين.
فالمائدة نزلت قبل المسح المثبت بالحجاز في غزوة تبوك:.
وإن زعم أنه كان فرض الوضوء قبل الوضوء الذي مسح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعده أو
فرض وضوء بعده فنسخ بالمسح فليأتنا بفرض وضوئين في القرآن.
فإنا لا نعلم فرض الوضوء إلا واحدا وإن زعم أنه مسح قبل [أن] يفرض عليه
الوضوء فقد زعم أن الصلاة [كانت] بلا وضوء.
ولا نعلمها كانت قط إلا بوضوء فأي كتاب سبق المسح على الخفين المسح؟
كما وصفنا بالاستدلال بالسنة كمن أدخل رجليه في الخفين بكمال الطهارة.
وفرض غسل القدمين إنما هو على بعض المتوضئين دون بعض.
340

68 - [باب]
وقت المسح على الخفين
425 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثني المهاجر أبو
مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أنه أرخص
للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي:
إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما.
قال أحمد:
قوله: فلبس خفيه أن يمسح عليهما في الحديث وقد غلط فيه الربيع بن سليمان
فجعله من قول الشافعي فزاد في أوله: أن يمسح على الخفين.
426 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
محمد بن إسحاق هو ابن خزيمة قال حدثنا بندار وبشر بن معاذ ومحمد بن أبان قالوا
حدثنا عبد الوهاب فذكره بإسناده نحوه.
وقال في الحديث:
' إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما '.
ولم يقل في أوله:
أن يمسح على الخفين.
ورواه المزني وحرملة عن الشافعي كما رواه / سائر الناس موصولا بالحديث.
427 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا:
341

حدثنا أبو العباس وقال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن
عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال:
أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال:
ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم.
قال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يطلب.
قلت: إنه حاك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ من
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فأتيتك أسألك هل سمعت من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في ذلك شيئا؟
قال: نعم. كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين لا ننزع خفافنا
ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم.
قال الشافعي في رواية حرملة.
وإنما أخذنا في التوقيت لحديث المهاجر وكان إسنادا صحيحا وشد مسح
المسافر حديث صفوان بن عسال.
قال أحمد: قرأت في كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي: سألت محمدا يعني
البخاري: قلت: أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين؟ فقال
حديث صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة حسن.
قال أحمد:
وقد رواه معمر بن راشد عن عاصم وزاد فيه مسح المقيم فقال في متنه:
كنت في الجيش الذين بعثهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا
342

نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا وليلة إذا قمنا.
وحديث شريح بن هاني عن علي في التوقيت مخرج في كتاب مسلم بن
الحجاج فهو أصح ما روي في هذا الباب عنده.
428 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني قال أخبرنا أبو سعيد
أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال
حدثنا أبو معاوية الضرير.
429 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحافظ أخبرنا أبو يعلى
قال أخبرنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن الحكم عن القاسم
ابن مخيمرة عن شريح بن هاني قال سألت عائشة عن / المسح على الخفين.
فقالت: ايت عليا فإنه أعلم بذلك مني فأتيت عليا فسألته عن المسح على
الخفين فقال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمرنا أن يمسح [المقيم] يوما وليلة وللمسافر ثلاثة
أيام. لفظ حديث أبي عبد الله.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي خيثمة وأخرجه من حديث عمرو بن قيس
الملائي عن الحكم بن عتيبة وقال في الحديث: جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثلاثة أيام
ولياليهن للمسافر وليلة ويوما للمقيم.
430 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن
أيوب قال أخبرنا موسى بن الحسن بن عباد قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن
عمرو بن قيس الملائي فذكره مختصرا وقد أخرجاه من حديث عبد الرزاق عن سفيان
الثوري في كتاب السنن.
343

69 - [باب]
من قال بترك التوقيت في المسح
قال الشافعي في القديم:
قال عامة أصحابنا بمسح المسافر والمقيم ما لم يجنبا لا وقت في ذلك.
بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وعثمان وزيد بن ثابت.
قال الشافعي:
أخبرنا بعض أصحابنا عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد مولى بني مخزوم
عن زبيد بن الصلت أن عمر بن الخطاب قال: إذا أدخلت رجليك في الخفين فامسح
عليهما ما بدا لك إلا من جنابة.
431 - أخبرناه أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر
الحافظ قال أخبرنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا أسد بن
موسى قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره بإسناده ومعناه أتم من ذلك.
قال الشافعي:
وحدثنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن
رباح عن عقبة بن عامر الجهني أن عمر بن الخطاب قال له: - وذكر أنه مسح من مضر
إلى المدينة - أصبت.
432 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا بحر بن نصر قال: قرئ على ابن وهب أخبرك عمرو بن الحارث وغيره.
433 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس هو الأصم قال
أخبرنا / محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن
الحارث والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي انه
سمع علي بن رباح اللخمي يخبر أن عقبة بن عامر الجهني قال: قدمت على عمر بن
الخطاب بفتح من الشام وعلي خفان لي جرمقانيان غليظان فنظر إليهما عمر فقال: كم
344

لك منذ لم تنزعهما. قال قلت:
لبستهما يوم الجمعة واليوم يوم الجمعة ثمان قال: أصبت.
ورواه مفضل بن فضالة عن يزيد قال فيه: أصبت السنة.
وكذلك قاله موسى بن علي بن رباح عن أبيه.
قال الشافعي:
وروى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يوقت.
434 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي
قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا روح بن عباد قال حدثنا هشام بن حسان
عن عبد الله بن عمر فذكره بإسناده.
وضعف الشافعي الأمر في التوقيت بأنه حمله رجال معروفون عن قوم فيهم
المجهولون.
ثم قال: وله وجه.
قال الشافعي:
زعم رجل عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون
الأودي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت الخطمي قال:
رخص لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن نمسح ثلاثة أيام على الخفين ولو سألناه أن يزيدنا
لزادنا.
قال: وأخبرني من سمع الثوري فذكره بهذا الإسناد مثله أو شبهه.
435 - أخبرناه أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قال أخبرنا علي بن
الفضل بن محمد بن عقل الخزاعي قال أخبرنا أبو شعيب الحراني قال حدثنا علي بن
المديني قال حدثنا سفيان هو ابن عيينة عن منصور فذكره بإسناده. إلا أنه قال: سألنا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرخص لنا في ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ولو استزدناه لزادنا.
345

وقال مرة عن خزيمة بن ثابت قال رخص لنا.
ورواه أبو الأحوص وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن عبد الصمد عن
منصور مرفوعا.
436 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا هشام
قال حدثنا / أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن أبيه.
437 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا علي بن الفضل قال أخبرنا أبو
شعيب قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان قال
حدثنا أبي عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن
خزيمة بن ثابت أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يمسح المسافر ثلاثة أيام والمقيم يوما '.
ولو استزدته لزادنا.
لفظ حديث يحيى. قال الشافعي في القديم في قوله: لو سألناه أن يزيدنا
لزادنا: على معنى لو سألناه أكثر من ذلك قال: نعم.
قال وإنما الجواب على المسئلة وأطال الكلام فيه.
وضعف الشافعي أيضا الأثر عن علي وعائشة بأنهما كانا ينكران المسح.
قال الشافعي:
أخبرنا بعض أصحابنا عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
أنها قالت:
لأن يقطعا تعني رجليها أحب إلي من أن أمسح على الخفين.
قال وأخبرني رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: سبق الكتاب
المسح.
قال: وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب عن أبي الوليد عن علي قال:
346

سبق الكتاب المسح.
قال الشافعي في القديم:
ولو ثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] حديث في التوقيت كانت الحجة فيه لا في غيره ولا في
القياس.
قال الزعفراني: رجع أبو عبد الله يعني الشافعي إلى التوقيت في المسح للمقيم
يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن عندنا ببغداد قبل أن يخرج منها قال أحمد
البيهقي:
التوقيت في المسح ثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ثبت ذلك عن علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ورواه
أيضا أبو بكرة وصفوان بن عسال وعوف بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. ورويناه عن عمر بن
الخطاب وكأنه جاءه الثبت في التوقيت فرجع إليه. ثم عن علي بن أبي طالب وعبد
الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وكان ابن عباس ممن ينكر المسح ثم جاءه الثبت
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال به.
وعائشة أحالت في علم المسح على غيرها ولم يصح عن علي ما روي عنه من
إنكار المسح على الخفين.
وحديث خزيمة بن ثابت إسناده / مضطرب ومع ذاك فما لم يرد لا يصير سنة.
وحديث أبي بن عمارة أنه قال:
يا رسول الله أمسح على الخفين؟
قال: ' نعم '.
قال قلت: يوما؟ قال: ' ويومين ' فقلت: ويومين؟! قال: ' وثلاثة '.
قلت: وثلاثة؟! قال: ' نعم ما بدا لك '.
قد قال أبو داود السجستاني قد اختلف في إسناده وليس بالقوي.
وبمعناه قال البخاري.
وقال الدارقطني هذا إسناد لا يثبت والله أعلم.
347

70 - [باب]
من له المسح
438 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين وزكريا ويونس عن الشعبي عن
عروة بن المغيرة عن أبيه قال قلت: يا رسول الله أتمسح على الخفين؟.
فقال: ' نعم إني أدخلتهما وهما طاهرتان ' أخرجه البخاري ومسلم في
الصحيح من حديث زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي وقد مضى حديث صفوان وأبي
بكرة.
71 - [باب]
ما روي في المسح على النعلين
439 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي بلاغا عن أبي يعقوب عن الأعمش عن أبي ظبيان قال:
رأيت عليا بال ثم توضأ ومسح على النعلين ثم دخل المسجد فخلع نعليه
وصلى.
قال: وقال ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن زيد بن وهب أنه رأى عليا
فعل ذلك فقال: وقال ابن مهدي عن سفيان عن الزبير بن عدي عن ابن كهيل عن
سويد بن غفلة أن عليا فعل ذلك.
348

قال: وقال محمد بن عبيد عن محمد بن إسماعيل عن معقل الخثعمي أن عليا
فعل ذلك.
قال الشافعي:
ولسنا وإياهم ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين وإنما أورده الشافعي فيما
ألزم العراقيين في خلافهم عليا رضي الله عنه.
وحجة الشافعي في وجوب غسل الرجلين ظاهر الكتاب والسنة وأن المسح
رخصة لمن تغطت رجلاه بالخفين فلا تعدى بها موضعها.
والأحاديث في المسح على النعلين على أصله محمولة على غسل الرجلين
فهما والمسح عليهما كما روينا / عن ابن عمر في النعال السبتية التي ليس فيه شعر أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يلبسها ويتوضأ فيها. وأما المسح على الجوربين والنعلين فقد روى أبو
قيس الأودي عن هذيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مسح على
جوربيه ونعليه.
وذاك الحديث منكر ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن
حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج.
والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين ويروى عن جماعة من
الصحابة أنهم فعلوه.
والله أعلم.
72 - [باب]
كيف المسح على الخفين
قال الشافعي في القديم:
ومسح الذي يمسح أعلى الخف وأسفله.
349

ورواه عن مالك بن أنس عن ابن شهاب. وقد ذكرنا إسناده فيما مضى.
قال الشافعي:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن
شعبة عن المغيرة بن شعبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مسح أعلى الخف وأسفله.
440 - وكتب إلى أبي نعيم الإسفرائيني أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا أبو
إبراهيم المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد. فذكره
نحوه.
441 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا محمد بن
إسحاق عن المزني عن الشافعي نحوه.
442 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
جعفر بن أحمد بن نصر قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن
يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
كان يمسح أعلى الخف وأسفله.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أنه كان
يمسح أعلى الخف وأسفله.
وعن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر مثله.
ورواه في الإملاء: عن مسلم بن خالد عن ابن جريج.
443 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ قال أخبرنا أبو نصر العراقي
قال:
/ أخبرنا سفيان بن محمد الجوهري قال حدثنا علي بن الحسن قال حدثنا عبد
الله بن الوليد العدني قال حدثنا سفيان عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر كان يمسح
350

ظهورهما وبطونهما.
قال العدني: يعني الخفين.
وضعف الشافعي في القديم حديث المغيرة بأن لم يسم رجاء بن حيوة كاتب
المغيرة بن شعبة. وفيه وجه من التضعيف وهو أن الحفاظ يقولون لم يسمع ثور هذا
الحديث من رجاء بن حيوة رواه عبد الله بن المبارك عن ثور وقال:
حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة ولم يذكر المغيرة. واعتماد
الشافعي في هذه المسألة على ما رواه عن ابن عمر.
قال الشافعي في القديم:
وقال قائل يمسح ظاهرهما فقط. وقال قد جاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه
قال: لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخفين أولى.
فهذا إنكار للمسح على باطنهما.
قال الشافعي:
لسنا نعرف هذا عن عمر.
قال أحمد:
إنما الرواية عن عمر أنه مسح على خفيه حتى رأى آثار أصابعه على خفيه.
ذكره ابن المنذر.
وروينا عن خالد بن أبي بكر وليس بالقوي عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن
عمر قال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمر بالمسح على ظاهر الخفين.
فأما اللفظ الذي ذكره هذا القائل عنه فإنما تعرفه عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنهما.
351

444 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا جعفر بن غياث عن
الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير قال: قال علي لو كان الدين بالرأي لكان أسفل
الخفين أولى بالمسح من أعلاه ولقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يمسح على ظاهر خفيه.
وبمعناه رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق مقيدا مقدمي خفيه: وأطلق
بعض الرواة القدمين والمطلق محمول على المقيد.
445 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال: توضأ
/ علي فغسل ظهر قدميه وقال: لولا أني رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يمسح ظهر قدميه
لظننت أن باطنهما أحق.
وهكذا رواه إسحاق الحنظلي عن ابن عيينة. ورواه الحميدي عن ابن عيينة
بلفظ المسح فيهما جميعا.
وهو محمول على ظهر قدمي خفيه رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن
عبد خير عن علي وقال في الحديث:
ومسح على ظهر قدميه على خفيه.
73 - [باب]
الغسل للجمعة وغيرها
446 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسين الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل '.
352

رواه الشافعي في القديم عن مالك.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه
مسلم من حديث الليث بن سعد عن نافع.
ورواه الشافعي أيضا في موضع آخر عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن
عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
447 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عبد
الله بن هاشم قال حدثنا سفيان بن عيينة.
448 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو الطيب محمد بن محمد بن
المبارك قال حدثنا محمد بن إسحاق الشافعي وجماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن هاشم
قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار سمع ابن عمر سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل '.
449 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن
أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من جاء منكم الجمعة فليغتسل '.
أخرجاه من أوجه أخر عن الزهري.
450 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان عن صفوان بن مسلم عن
عطاء / بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم '.
353

رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك وعن علي بن المديني عن
سفيان.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
451 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
فاحتمل واجب لا يجزي غيره وواجب في الأخلاق وواجب في الاختيار
والطاعة. ونفى تغير الريح عن اجتماع الناس كما يقول الرجل للرجل:
وجب حقك إذا أريتني موضعا لحاجتك وما أشبه هذا وكان هذا أولى معنييه به
لموافقة ظاهر القرآن في عموم الوضوء من الأحداث وخصوص الغسل من الجنابة
والدلالة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غسل الجمعة أيضا.
452 - ثم ذكر ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن
عبد الله قال دخل رجل من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المسجد يوم الجمعة وعمر بن
الخطاب يخطب فقال عمر:
أيت ساعة هذه؟
فقال: يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن
توضأت.
فقال عمر: الوضوء أيضا؟!
وقد علمت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأمر بالغسل.
هذا حديث قد أرسله مالك في الموطأ ووصله خارج الموطأ فذكر ابن عمر فيه.
453 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن
354

محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء أبو
عبيد قال حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن سالم بن عبد الله
ابن عمر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم يخطب إذ دخل رجل من
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] من المهاجرين الأولين.
فناداه عمر: أيت ساعة هذه؟
فقال: إني شغلت اليوم فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على
أن توضأت.
فقال عمر: الوضوء!! / أيضا وقد علمت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأمر بالغسل.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن أسماء وكذلك رواه
روح بن عبادة عن مالك موصولا وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد
عن الزهري موصولا.
وأخرجاه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن عمر موصولا وسمى الداخل:
عثمان بن عفان.
454 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري
عن سالم عن أبيه.
مثل معنى حديث مالك وسمى الداخل: عثمان يوم الجمعة بغير عثمان بن
عفان.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله: فلما علمنا أن عمر وعثمان علما
أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بغسل يوم الجمعة بذكر عمر علمه وعلم عثمان ولم يغتسل عثمان
ولم يخرج فيغتسل ولم يأمره عمر بذلك ولا أحد ممن حضرهما من أصحاب رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]. دل هذا على أن عمر وعثمان قد علما أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بالغسل على الأحب لا
على الإيجاب. وكذلك والله أعلم دل أن علم من سمع مخاطبة عمر وعثمان مثل
355

علم عمر وعثمان.
455 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن
عمرة عن عائشة قالت:
كان الناس عمال أنفسهم فكانوا يروحون بهيآتهم فقيل لهم لو اغتسلتم.
أخرجاه في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وروي من حديث البصريين عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل '.
456 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن
أنس بن مالك قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكره.
وفيه إسناد آخر أصح من ذلك.
457 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا ابن أبي
قماشي محمد بن عيسى قال:
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن
جندب قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن أبي الوليد الطيالسي.
458 - أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد بن مسعود السكري قال
حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن زكريا قال حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن
زياد القباني قال حدثنا شريح بن يونس قال حدثنا هارون بن مسلم العجلي قال حدثنا
356

أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة قال:
دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال لي: غسلك من جنابة أو للجمعة؟
قال: قلت: من جنابة. قال: أعد غسلا آخر. فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى '.
قال القباني:
كتب عني هذا محمد بن إسماعيل البخاري.
قال أحمد:
وإذا اغتسل لهما جميعا أجزأه.
ورويناه عن ابن عمر.
74 - [باب]
الغسل من غسل الميت
459 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
وأولى الغسل عندي أن يجب بعد غسل الجنابة الغسل من غسل الميت.
ولا أحب تركه بحال.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: وإنما منعني من إيجاب الغسل من غسل الميت أن
في إسناده رجلا لم أقع من معرفة ثبت حديثه إلى يومي [هذا] على ما يقنعني فإن
وجدت من يقنعني من معرفة ثبت حديثه أوجبته وأوجبت الوضوء من مس الميت
مفضيا إليه فإنهما في حديث واحد.
وقال في غير هذه الرواية: وإنما لم يقو عندي أنه يروي عن سهل بن أبي صالح
357

عن أبيه عن أبي هريرة ويدخل بعض الحفاظ / بين أبي صالح وبين أبي هريرة إسحاق
مولى زائدة.
فيدل على أن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة.
وليست معرفتي بإسحاق مثل معرفتي بأبي صالح ولعله أن يكون ثقة.
وقد رواه صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وذكر الخبر في موضع آخر عن ابن
عيينة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من غسل ميتا اغتسل ومن حمله توضأ '.
460 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا حامد بن يحيى عن سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه. قال أبو
داود: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسل الميت فقال: يجزيه
الوضوء.
أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا يعني إسحاق مولى زائدة.
قال وحديث مصعب ضعيف.
قال أحمد البيهقي:
وهو مع جهالته مختلف عليه في إسناده فقيل عنه هكذا. وقيل: عنه عن أبي
سعيد. وقيل: عن يحيى بن أبي كثير عن إسحاق عن أبي هريرة. وقيل: عن يحيى
358

عن أبي إسحاق عن أبي هريرة. وقيل عن يحيى عن رجل من بني ليث عن أبي
إسحاق عن أبي هريرة. وقيل: عن معمر عن أبي إسحاق عن أبيه عن حذيفة. وكل
ذلك ضعيف.
وروي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا وروي عنه
بإسناده موقوفا.
والموقوف أصح.
ورواه زهير بن محمد وليس بالقوي عن العلاء عن أبي هريرة مرفوعا.
ورواه عمرو بن عمير عن أبي هريرة مرفوعا وعمرو بن عمير غير مشهور.
ورواه صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا وصالح مولى التوأمة اختلط
في آخر عمره وسقط عن حد الاحتجاج بروايته.
وإنما يصح هذا الحديث عن أبي هريرة موقوفا.
وأما حديث مصعب الذي ضعفه أحمد بن حنبل: فهو ما رواه أبو داود في كتاب
السنن قال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا زكريا قال حدثنا
مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزي عن عبد الله بن / الزبير عن عائشة أنها
حدثته: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يغتسل من أربع من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة
وغسل الميت.
461 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود فذكره.
359

وكذلك قاله مسعر عن مصعب.
وقال أبو نعيم عن زكريا قال:
يغتسل من أربع.
وقال عبد الله بن أبي السفر عن مصعب قال: الغسل من أربع قال أبو عيسى
الترمذي: قال البخاري حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك.
462 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن عمرو بن الهيثم الثقة عن شعبة عن
أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن
أبي قد مات. قال:
' إذهب فواره '.
قلت: إنه مات مشركا.
قال: ' إذهب فواره '.
فواريته ثم أتيته. قال:
' إذهب فاغتسل '.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وناجية بن كعب هذا لا نعلم أحدا روى عنه غير أبي إسحاق قاله علي بن
المديني وغيره من الحفاظ.
وروي من وجه آخر أضعف من ذلك.
360

463 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله
الأصبهاني قال حدثنا أبو أحمد بن فارس قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال
قال: أحمد بن حنبل، وعلي لا يصح في هذا الباب شيء قال أحمد البيهقي:
وروينا ترك إيجاب الغسل منه عن ابن عباس في أصح الروايتين عنه وعن ابن
عمر وعائشة.
ورويناه أيضا عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك.
وبالله التوفيق.
361

فارغة
362

2 - كتاب الحيض
75 - [باب]
اعتزال الرجل امرأته حائضا
464 - أنبأني أبو عبد الله عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
/ قال الله عز وجل:
* (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن) * الآية.
فأبان أنها حائض غير طاهر وأمرنا أن لا نقرب حائضا حتى تطهر ولا إذا طهرت
حتى تطهر بالماء وبسط الكلام فيه.
قلت: وقد روينا هذا التفسير عن ابن عباس ثم عن مجاهد وغيرهما.
وقرأ ابن محيصن وعاصم والأعمش وحمزة الكسائي ' حتى تطهر ' مفتوحة الهاء
' فإذا تطهرن ' كلتيهما بالتشديد فيكون المراد جميعا بهما الغسل وتصديقها في قراءة
أبي بن كعب وابن مسعود. ' حتى تتطهرن ' فهي في الاعتبار ' حتى يطهرن ' بالتشديد
قاله أبو عبيد واختاره.
76 - [باب]
ما يحرم أن يؤتى من الحائض
قال الشافعي رحمه الله:
363

قال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل: * (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) *. أن تعتزلوهن يعني في مواضع الحيض وكانت الآية محتملة
لما قال ومحتملة أن اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهن فدلت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على
اعتزال ما تحت الإزار منها وأباحت ما فوقها. وهذه السنة فيما:
465 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو النضر الفقيه قال حدثنا معاذ
ابن نجدة قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن
عائشة قالت:
كنت أغتسل أنا والنبي [صلى الله عليه وسلم] من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني
وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض.
رواه البخاري في الصحيح عن قبيصة.
ورواه جرير بن عبد الحميد عن منصور بإسناده عن عائشة قالت: كانت
إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن تتزر بإزار ثم يباشرها.
466 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا
إبراهيم بن محمد وحسين بن محمد قالا: حدثنا إسحاق / بن إبراهيم قال أخبرنا
جرير.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق وأخرجاه من حديث عبد الله بن شداد عن
ميمونة بنت الحارث عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
364

والكلام في كفارة من أتى حائضا ذكره الشافعي في كتاب النكاح فأخرناه
إليه.
77 - [باب]
ترك الحائض الصلاة
467 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
قالت: قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك
إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' إفعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك. وأخرجاه من
حديث ابن عيينة.
ورواه الشافعي أيضا إلا أنه ليس في حديث ابن عيينة ' حتى تطهري ' وذلك يرد
في موضع آخر.
قال الشافعي:
وأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] عائشة ' أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ' يدل على أن لا تصلي
حائضا لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائما وكذلك قال الله عز وجل:
* (حتى يطهرن) *
468 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن
عبد الله بن زياد القطان قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال أخبرنا عيسى بن مينا قال
365

حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير القاري عن زيد بن أسلم عن عياض عن أبي
سعيد أنه قال:
خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أضحى أو فطر إلى المصلى ثم انصرف فمر على
النساء فقال: ' يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار '.
فقلن: ولم ذاك يا رسول الله؟
قال: ' تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب
الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء '.
فقلن: ولم وما نقص عقلنا وديننا يا رسول الله؟
قال: ' أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل '؟.
قلن: بلى قال: ' فذلك / من نقصان عقلها أوليس إذا حاضت المرأة لم تصل
ولم تقم '.
قلن: بلى.
قال: ' فذلك من نقصان دينها '.
ثم انصرف فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود تستأذن
عليه.
فقيل: يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هذه زينب تستأذن عليك.
فقال: ' أي الزيانب '.
فقيل: امرأة ابن مسعود. قال: ' نعم ائذنوا لها '.
فأذن لها فقالت: يا نبي الله إنك أمرتنا اليوم بالصدقة وكان عندي حلي فأردت
أن أتصدق به وزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت عليهم فقال رسول
366

الله [صلى الله عليه وسلم]: ' صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم '.
رواه البخاري في الصحيح عن سعد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر وقال في
أوله: ثم انصرف ووعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال:
' أيها الناس تصدقوا '.
ثم ذكر ما بعده وكأنه سقط من كتابي أو من كتاب شيخي.
وأخرج الحديث الأول مسلم بن الحجاج.
عن الصغاني وغيره عن ابن أبي مريم وأما الذي يذكره بعض فقهائنا في هذه
الرواية من قعودها شطر عمرها أو شطر دهرها لا تصلي.
فقد طلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب أصحاب الحديث ولم أجد له
إسنادا بحال.
والله أعلم.
78 - [باب]
لا تقضي حائض الصلاة
469 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
إملاء قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد عن
أيوب عن أبي قلابة عن معاذة ويزيد الرشك عن معاذة أن امرأة سألت عائشة فقالت:
أتقضي إحدانا الصلاة أيام محيضها؟
فقالت: أحرورية أنت؟
قد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم لا تؤمر بقضاء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع وحماد بقوله عن يزيد الرشك.
ورواه الشافعي فيما أظن في كتاب حرملة عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب
ورواه عاصم عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت:
367

/ ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟.
فقالت حرورية أنت؟ فقلت: لست بحرورية ولكن أسألك.
قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
وأخرجه مسلم.
470 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن
أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عاصم الأحول
فذكره.
79 - [باب]
المستحاضة المميزة
471 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها
قالت:
قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب
قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي.
رواه البخاري في الصحيح من حديث عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه سفيان بن عيينة وزهير بن معاوية وحماد بن زيد وعبد العزيز بن محمد
ووكيع بن الجراح وأبو معاوية الضرير وجرير بن عبد الحميد وعبد الله بن نمير
368

وجماعة كثيرة عن هشام بن عروة قالوا في الحديث: ' فإذا أقبلت الحيضة فدعي
الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي '.
إلا أن حماد بن زيد زاد فيه الوضوء وهو غلط.
إنما الوضوء من قبل عروة.
وزاد فيه سفيان بن عيينة الاغتسال بالشك. واختلف فيه على أبي أسامة فقيل
عنه كما قالت الجماعة. وقيل عنه ' لا إن ذلك عرق ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي
كنت تحيضين فيها ثم اغسلي وصلي '.
وروي عنه أنه قال في آخره: أو كما قال.
وفي ذلك دلالة على أنه كان يشك فيه والصحيح رواية الجماعة.
وروى محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت
تستحاض فقال لها النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا
كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق '.
472 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا
علي بن عبد الله بن مبشر قال حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي
عدي عن محمد بن عمرو قال حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت
أبي حبيش أنها كانت تستحاض فذكره.
قال أبو موسى ثم حدثنا به حفظا فقال عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت أبي
حبيش كانت تستحاض فذكر معناه.
80 - [باب]
المستحاضة المعتادة
473 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
369

قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عن
سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم].
أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاستفتت لها أم سلمة رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فقال لها:
' لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي
أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ولتستثفر بثوب ثم
لتصل '
هذا حديث قد أخرجه أبو داود في السنن عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلا
أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة إنما سمعه من رجل أخبره عن أم سلمة.
474 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا قتيبة ويزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب قالا:
حدثنا الليث عن نافع عن سليمان بن يسار أن رجلا أخبره عن أم سلمة أن امرأة
كانت تهراق فذكر معناه. فقال: ' فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل ' بمعناه.
وكذلك رواه عبيد الله بن عمر عن نافع وقال عن رجل من الأنصار. وبمعناه.
قاله: صخر بن جويرية عن نافع. وجويرية بن أسماء عن نافع إلا أنهما لم يقولا من
الأنصار وقالوا في الحديث:
' ولتستثفر بثوب '.
وروي عن / إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان بن
يسار عن مرجانة عن أم سلمة.
475 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد
370

قال أخبرنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا أبو
حفص عمر وابن أبي سلمة الدمشقي قال أخبرنا الأوزاعي قال أخبرنا ابن شهاب قال
حدثني عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أن عائشة قالت:
استحاضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين
فاشتكت ذلك إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا
أدبرت فاغتسلي وصلي '.
قالت عائشة:
فكانت تغتسل كل صلاة وكانت تجلس في مركن فتعلو حمرة الدم ثم تخرج
فتصلي.
قال أحمد:
قوله: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي '.
تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري وإنما ذلك في قصة فاطمة
بنت أبي حبيش فرواه بشر بن بكر عن الأوزاعي كما رواه الثقات من أصحاب الزهري
في الأمر بالغسل والصلاة فقط.
ورواه جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة أنها قالت:
أن أم حبيبة سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الدم فقالت عائشة:
رأيت مركنها ملأ دم.
فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي '.
371

476 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا قتيبة بن سعد قال حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
وهذا تصريح يكون أم حبيبة معتادة.
قال الشافعي رحمه الله:
والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض.
477 - وهذا لما أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا
عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن علقمة / بن أبي علقمة
عن أمه مولاة عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها قالت كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة
فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
تريد بذلك الطهر من الحيضة.
وروينا فيه من وجه آخر عن عائشة أنها قالت:
إنها قد تكون الصفرة والكدرة.
وروينا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت:
إعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك حتى ترين البياض خالصا. وهذا أولى مما روي
عن أم عطية أنها قالت:
كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا.
ولأن عائشة أعلم بذلك من أم عطية.
وقد يحتمل أن يكون مرادها بذلك إذا زادت على أكثر الحيض والله أعلم.
81 - [باب]
المبتدأة والمعتادة الشاكة في قدر عاداتها على اختلاف التأويل في حديث
حمنة بنت جحش وهو في المعتادة أظهر وبها أشبه. والله أعلم
478 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
372

أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل
عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش
قالت:
كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة فجئت إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] أستفتيه فوجدته في
بيت أختي زينب فقلت:
يا رسول الله إن لي إليك حاجة وإنه لحديث ما منه بد وإني لأستحي منه قال:
' فما هو يا هنتاه '
قالت: إني امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها فقد منعتني الصلاة
والصوم؟
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' انعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم '.
قالت: هو أكثر من ذلك. قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فتلجمي '.
قالت: هو أكثر من ذلك. قال:
' فاتخذي ثوبا '.
قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا.
قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزاك من الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم '.
قال لها: ' إنما هي ركضة من ركضات الشياطين فتحيضي ستة أيام أو سبعة في
علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعا وعشرين
ليلة وأيامها / أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يجزئك وكذلك افعلي في كل
373

شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن '.
قال الشافعي:
عقبت هذا في غير حديث أبي بكر وأبي زكريا. هذا يدل على أنها كانت تعرف
أيام حيضها ستا أو سبعا فلذلك قال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعني ما قال: قال:
' وان قويت إن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلي حتى تطهري ثم تصلين
الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين
المغرب والعشاء وتغتسلين عند الفجر ثم تصلين الصبح فكذلك فافعلي وصومي أن
قويت على ذلك '.
فقال [صلى الله عليه وسلم]:
' هذا أحب الأمرين إلي '.
قال أحمد:
هكذا رواه الشافعي في كتاب الحيض وهو من قوله ' وإن قويت ' إلى آخره في
الحديث إلا أن أبا العباس الأصم لم ينقله إلى المسند وكأنه حسب أنه من كلام
الشافعي وإنما كلام الشافعي الكلمة الأولى فقط.
479 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي
قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل بهذا الإسناد
والمعنى.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن زهري بن حرب عن عبد الملك (...).
374

وقال البخاري هو حديث حسن. وكان أحمد بن حنبل يقول هو حديث
صحيح.
قال البيهقي:
تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به.
والله أعلم.
وأما حمنة بنت جحش فقد قال علي بن المديني في رواية الدارمي عنه هي أم
حبيبة.
وخالفه يحيى بن معين في رواية الغلابي عنه فزعم أن المستحاضة هي أم حبيبة
بنت جحش تحت عبد الرحمن بن عوف وليست بحمنة.
وحديث ابن عقيل يدل على أنها غيرها كما قال يحيى. والله أعلم.
82 - [باب]
غسل المستحاضة
480 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال / قال
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة
بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' إنما هو عرق وليست بالحيضة وأمرها أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل
صلاة وتجلس في المركن فيعلو الدم '.
375

رواه مسلم في الصحيح (......) عن سفيان بن عيينة.
481 - وفيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه أن أبا العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم أنه
سمع ابن شهاب يحدث عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن أم حبيبة بنت
جحش استحيضت فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واستفتته فيه فقالت: (......) فقال
لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ليست تلك بالحيضة وإنما ذلك عرق فاغتسلي وصلي ' قالت عائشة:
فكانت تغتسل لكل صلاة وكانت تجلس في مركن حتى يعلو الماء حمرة الدم
ثم تخرج فتصلي.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن جعفر بن زياد عن إبراهيم بن سعد.
وأخرجه البخاري من حديث عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة
عن عائشة.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عنهما جميعا.
وأخرجه مسلم من حديث الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة.
قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أمر أم حبيبة بنت جحش أن
تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته.
482 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا ابن
ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث فذكره.
483 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي:
376

وقد روى غير الزهري هذا الحديث أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمرها أن تغتسل لكل صلاة.
ولكن رواه / عن عمرة بهذا الإسناد والسياق والزهري أحفظ منه وقد روى فيه شيئا
يدل على أن الحديث غلط قال: تترك الصلاة قدر أقرائها وعائشة تقول: الأقراء
الأطهار ولا تعد حد وإنما أراد الشافعي رحمه الله.
484 - ما أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثنا
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
عمرة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وإنها
استحاضت لا تطهر فذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال ليست بالحيضة لكنها ركضة من
الرحم لتنظر قدر قرؤها التي تحيض له فلتترك الصلاة ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل
عند كل صلاة ولتصل '.
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه فيما قرأته على محمد بن عبد الله الحافظ
عنه قال بعض مشائخنا خبر ابن الهاد غير محفوظ.
قال أحمد البيهقي:
وقد رواه محمد بن إسحاق بن بشار عن الزهري عن عروة عن عائشة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال فيه: فأمرها بالغسل لكل صلاة. وكذلك رواه سليمان بن كثير عن
الزهري في إحدى الروايات عنه.
377

والصحيح رواية الجمهور عن الزهري وليس فيها الأمر بالغسل إلا مرة واحدة ثم
كانت تغتسل عند كل صلاة من عند نفسها وكيف يكون الأمر بالغسل عند كل صلاة
صحيحا عن عروة عن عائشة وصحيح عن كل واحد منهما أنه كان يروى عنها الوضوء
لكل صلاة. وقد روي الأمر بالغسل لكل صلاة من أوجه أخر كلها ضعيف.
ثم في حديث حمنة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لها: ' إن قويت فاجمعي بين الظهر والعصر
بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وصلي الصبح بغسل '.
قال الشافعي وأعلمها أنه أحب الأمرين إليه غير أنه (....) الأمر الأول أن
تغتسل عند الطهر من المحيض ثم لم يأمرها بغسل بعده.
قال الشافعي:
قال روي في المستحاضة حديث / (.....) حمنة بين أنه اختيار وأن غيره
يجزئ منه.
485 - أخبرنا أبو سعيد (......) قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر أن القعقاع بن حكيم
وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال:
تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت.
486 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال أخبرنا القعنبي عن مالك فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال: استثفرت بثوب.
قال أبو داود وقال مالك إني لأظن حديث ابن المسيب من ظهر إلى ظهر إنما هو
من طهر إلى طهر ولكن الوهم دخل فيه.
قال ورواه المسور بن عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع قال فيه
من طهر إلى طهر فقلبها الناس من ظهر إلى ظهر بالظاء.
378

قال أحمد ومذ وقع هذا الاختلاف في حديث رواه معتمر بن سليمان عن ابن
جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وهو ضعيف.
487 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة
إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك: الأمر عندنا على
حديث هشام بن عروة قال الشافعي في كتاب الحيض:
قال بعض العراقيين: أما إنا روينا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر المستحاضة تتوضأ لكل
صلاة.
قال الشافعي: قلت نعم قد رويتم ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] في الوضوء مما خرج من دبر أو ذكر أو فرج ولو كان هذا محفوظا عندنا
كان أحب إلينا من القياس فأشار الشافعي إلى أن الحديث الذي روي فيه غير
محفوظ وهو كما قال. فأشهر حديث روى به العراقيون.
488 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع / عن الأعمش عن حبيب بن أبي
ثابت عن عروة عن عائشة قالت:
جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر خبرها.
قال: ' ثم اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي '.
قال أحمد:
زاد فيه غيره عن وكيع: ' وإن قطر الدم على الحصير '.
وهذا حديث ضعيف ضعفه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني
ويحيى بن معين وقال سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير
379

شيئا وقال أبو داود حديث الأعمش عن حبيب ضعيف.
ورواه حفص بن غياث عن الأعمش فوقفه على عائشة وأنكر أن يكون
مرفوعا.
وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش.
ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة وعن ابن
شبرمة عن امرأة مسروق عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أبو داود: وحديث أيوب أبي العلاء ضعيف لا يصح.
ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن
قمير امرأة مسروق عن عائشة مرفوعا.
قال أبو الحسن الدارقطني.
تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف.
والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوف وهذا فيما قرأته على أبي
بكر بن الحارث عن الدارقطني قال أحمد:
وفي حديث شريك القاضي عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن
جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الوضوء عند كل صلاة.
قال يحيى بن معين: جده اسمه: دينار.
قال أبو داود: حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح.
ورواه أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده.
قال أحمد:
وروى أبو يوسف عن أبي أيوب الإفريقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة.
489 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن سليمان البخاري قدم.
380

علينا حاجا قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن (.....) قال حدثنا أبو يعلى
الموصلي قال قرئ على بشر بن الوليد الكندي / وأنا حاضر قيل له: حدثكم أبو يوسف
القاضي عن عبد الله بن علي يعني الإفريقي فذكره.
وأبو يوسف ثقة إذا كان يروي عن ثقة إلا أن الإفريقي لم يحتج به صاحبا
الصحيح وابن عقيل مختلف في جواز الاحتجاج به. والله أعلم.
490 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير عن علي قال:
المستحاضة تغتسل لكل صلاة.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وروى معقل الخثعمي عن علي قال:
المستحاضة إذا انقضت حيضتها اغتسلت كل يوم.
واحتج الشافعي لأحد قوليه في مساله التلفيق بما روي عن ابن عباس في ذلك
ثابتا عنه وهو فيما رواه أنس بن سيرين عن ابن عباس قال:
إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي وإذا رأت الطهر ولو ساعة [من نهار]
فلتغتسل ولتصل.
83 - [باب]
أقل الحيض وأكثره
قال أحمد:
381

رجع الشافعي رحمه الله في أقل الحيض وأكثره إلى الوجود وقال:
قد رأيت امرأة أثبت لي [عنها] أنها لم تزل تحيض يوما ولا تزيد عليه وأثبت
لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن أقل من ثلاث وعن نساء أنهن لم يزلن يحضن
خمس عشرة وعن امرأة أو أكثر أنها لم تزل تحيض ثلاث عشرة.
فقال بعض من كلم الشافعي في ذلك:
فإنما قلته بشيء رويته عن أنس بن مالك.
قال الشافعي: أليس هذا حديث الجلد بن أيوب؟ قال: بلى قلت:
فقد أخبرنيه ابن علية عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أنه قال:
قرء المرأة أو قرء حيض المرأة ثلاث أربع حتى انتهى إلى عشرة.
قال الشافعي:
وقال لي ابن علية: الجلد أعرابي لا يعرف الحديث وقال لي: قد استحيضت
امرأة من آل أنس بن مالك فسئل ابن عباس عنها فأفتى فيها وأنس حي فكيف يكون
عند أنس بن مالك ما قلت من علم الحيض.
ويحتاجون إلى مسئلة غيره فيما عنده [فيه] علم؟ ونحن وأنت لا نثبت
حديثا مثل الجلد.
ويستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا.
491 - / أخبرنا بحديث الجلد أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكروه.
وذكروا قول ابن علية: الجلد أعرابي لا يعرف الحديث وذكر أبو عبد الله ما
382

بعده إلى آخره دونهما.
والذي قاله الشافعي وحكاه عن ابن علية في تضعيف الجلد بن أيوب موافق
لكلام غيره من حفاظ الحديث.
وروينا عن حماد بن زيد أنه كان يضعفه ويقول: لم يكن يعقل الحديث.
وقال حماد ذهبت أنا وجرير بن حازم إلى الجلد بن أيوب فحدثنا بحديث
معاوية بن قرة عن أنس في الحائض فذهبنا نوفقه فإذا هو لا يفصل بين الحائض
والمستحاضة.
492 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد وذكر ذهابه
إليه مع جرير مثل ذلك.
493 - وروينا عن سفيان بن عيينة وابن المبارك وابن عاصم وسليمان بن حرب
وإسحاق بن إبراهيم وأحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري أنهم كانوا
يضعفون الجلد بن أيوب ولا يرونه في موضع الحجة.
وروي من أوجه أخر ضعيفة عن أنس موقوفا ومرفوعا وليس له عن أنس بن مالك
أصل إلا من جهة الجلد بن أيوب ومنه سرقه هو لا الضعفاء. والله المستعان. وفي
حديث حبان بن إبراهيم الكرماني قال أخبرنا عبد الملك عن العلاء قال سمعت
مكحولا يقول عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يكون الحيض للجارية والثيب أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام فإذا
رأت الدم فوق عشرة أيام فهي مستحاضة '.
494 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد
قال أخبرنا الباغندي محمد بن سليمان قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا حسان بن
383

إبراهيم فذكره.
وفيما قرأت على أبي عبد الرحمن السلمي قال قال علي بن عمر الحافظ: عبد
الملك / هذا رجل مجهول والعلاء هو ابن كثير وهو ضعيف الحديث.
ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا. والله أعلم.
وروينا عن البخاري أنه قال:
العلاء بن كثير عن مكحول منكر الحديث.
قال أحمد:
وروي ذلك من أوجه أخر كلها ضعيف.
وروي عن علي وشريح في أقل العدة ما يؤكد قول الشافعي في أقل الحيض.
قال الشافعي:
ونحن نقول بما روي عن علي لأنه موافق لما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه لم يجعل
للحيض وقتا وذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش.
وروينا عن عطاء أنه قال:
أدنى وقت الحيض يوم.
وعن عطاء: أكثر الحيض خمسة عشر.
وعن الحسن البصري قال:
تجلس خمس عشرة.
وروينا عن عطاء والشعبي في النفساء أنها تتربص ما بينها وبين شهرين.
وروينا عن ابن عباس أنها تنتظر أربعين يوما وروي ذلك عن عمر وعثمان بن
أبي العاص وأنس بن مالك.
وحديث أم سلمة يؤكده وإليه ذهب أحمد بن حنبل في أكثر النفاس.
495 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا شجاع بن الوليد قال سمعت علي بن عبد
384

الأعلى عن أبي سهيل عن مسة الأزدية عن أم سلمة قالت:
كانت النفساء على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تجلس أربعين ليلة وكنا نطلي على
بالورس من الكلف. أبو سهل هذا هو كثير بن زياد.
و [علي بن] عبد الأعلى هذا هو: أبو الحسن الأحول الكوفي ومعهما
محمد بن إسماعيل البخاري في رواية أبي عيسى الترمذي عنه.
84 - [باب]
الذي يبتلى بالبول والرعاف
قال الشافعي:
ذكر سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري أن زيد بن ثابت سلس عليه البول
فكان يتوضأ لكل صلاة.
496 - وهو فيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه.
أن أبا العباس حدثه قال أخبرنا الربيع عن الشافعي بذلك.
497 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري
عن خارجة بن / زيد بن ثابت قال: كبر زيد حتى سلس منه البول فكان يداريه ما
استطاع فإذا غلبه توضأ وصلى.
498 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن
385

المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب بعد أن صلى الصبح من
الليلة التي طعن فيها عمر فأوقظ عمر بن الخطاب فقيل له الصلاة لصلاة الصبح فقال
عمر: نعم ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب دما.
386

3 - كتاب الصلاة
499 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل قال حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله في أصل
فروض الصلاة:
قال الله عز وجل:
* (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) *.
وقال:
* (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) *.
مع عدد آي فيها ذكر فرض الصلاة قال: وسئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الإسلام
فقال:
' خمس صلوات في اليوم والليلة '.
فقال السائل:
هل علي غيرها؟ قال:
لا إلا أن تطوع '.
500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن
387

يحيى وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالوا:
حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن
أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء
رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خمس صلوات في اليوم والليلة '.
فقال: هل علي غيرها؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
85 - [باب]
أول فرض الصلاة
501 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله تعالى أنزل فرضا في الصلاة ثم نسخه
بفرض غيره ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلاة الخمس.
قال الشافعي:
كأنه يعني قول الله تعالى:
* (يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه
ورتل القرءان ترتيلا) *
ثم نسخه في السورة معه بقوله تعالى:
* (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين
معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من
القرءآن) *.
388

فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر.
قال الشافعي:
وما أشبه ما قال بما قال:
وإن كنت أحب أن لا يدع أن يقرأ بما تيسر عليه من ليله
قال الشافعي:
ويقال نسخ ما وصفت في المزمل بقول الله:
* (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * ودلوك الشمس زوالها
* (إلى غسق الليل) * العتمة
* (وقرءآن الفجر) * وقرآن الفجر الصبح
* (إن قرءآن الفجر كان
مشهودا. ومن الليل فتهجد به نافلة لك) *.
فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار.
ويقال في قول الله عز وجل:
* (فسبحان الله حين تمسون) * المغرب والعشاء. * (وحين تصبحون) *
الصبح
* (وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا) * العصر * (وحين تظهرون) * الظهر.
قال أحمد:
قد روينا عن عائشة ثم عن عبد الله بن عباس ما دل على صحة ما حكاه
الشافعي عمن يثق به في نسخ قيام الليل وروينا عن ابن عباس وابن عمر في تفسير
الدلوك معناه. وعن أبي هريرة وغيره في تفسيره قرآن الفجر معناه. وعن الحسن
البصري في تفسير الآية الأخيرة معناه.
وروينا عن ابن عباس في ذلك إلا أنه فسر قوله:
389

* (حين تمسون) * بصلاة المغرب فقط وجعل ذكر العشاء الآخرة في قوله عز
وجل:
* (ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم) *.
قال الشافعي:
وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل. والله أعلم وبيان ما وصفت في سنة رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
502 - أخبرنا أبو محمد عبد الله / بن يوسف الأصبهاني من أصل كتابه قال
أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال
حدثنا محمد بن إدريس قال أخبرنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه
أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من أهل نجد ثائر
الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا هو يسأل
عن الإسلام.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خمس صلوات في اليوم والليلة '.
فقال هل علي غيرهن؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' وصيام شهر رمضان '.
قال: هل علي غيره؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
قال وذكر له الصدقة.
فقال: هل علي غيرها؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
390

فأدبر الرجل وهو يقول:
والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أفلح إن صدق '.
رواه محمد بن إسماعيل البخاري وفي الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس.
ورواه مسلم بن الحجاج النيسابوري عن قتيبة كلاهما عن مالك.
تم الجزء والحمد لله على عونه.
391

فارغة
392

الجزء السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
503 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وروى عبادة بن الصامت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر متن الحديث الذي:
504 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا
عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على
مالك عن يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن
محيريز إن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد
يقول: أن الوتر واجب.
قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى
المسجد فأخبرته بالذي قال.
قال عبادة:
كذب أبو محمد. سمعة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' خمس صلوات كتبهن الله
على العباد فمن جاء بهن لم يضع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد
أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله
الجنة '.
393

وذكر الشافعي متن الحديث الذي:
505 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان. أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا
الإسفاطي وهو عباس بن الفضل أخبرنا إبراهيم بن حمزة أخبرنا عبد العزيز بن أبي
حازم عن يزيد بن الهاد.
506 - وأخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي
أخبرنا جعفر بن محمد الفاريابي أخبرنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن الهاد عن
محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من
درنه شيء '.
قالوا: لا. قال:
' فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ' لفظ حديث الليث.
ومن حديث ابن أبي حازم قال عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا
يغتسل منه كل يوم خمس مرات كذلك الصلوات الخمس يذهبن الخطايا '.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعد.
وأخرجه البخاري عن إبراهيم بن حمزة عن عبد العزيز بن أبي حازم وعبد
العزيز الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد.
86 - [باب]
جماع مواقيت الصلاة
507 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال:
394

قال الشافعي:
أحكم الله جل ثناؤه بكتابه أن ما فرض من الصلوات موقوف والموقوف والله
أعلم الوقت الذي يصلي فيه وعددها فقال جل ثناؤه:
* (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * وقد ذكرنا نقل العامة عدد
الصلاة في مواضعها ونحن ذاكرون الوقت.
فذكر الحديث الذي:
508 - أخبرناه أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري قال:
أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عروة:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' نزل جبريل (ع) فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني
فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه حتى عدد الصلوات
الخمس '.
فقال عمر بن عبد العزيز:
اتق الله يا عروة وانظر ما تقول.
فقال له عروة:
أخبرنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
509 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن
عبدوس حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي فيما قرأ
على مالك.
395

510 - ح وأخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا عبد الله بن مسلمة بن كعب حدثنا
مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه أبو مسعود
الأنصاري فقال: ما هذا يا أبا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل عليه السلام نزل فصلى
فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم صلى فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم صلى فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم
صلى فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم صلى فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم قال:
' بهذا أمرت '.
فقال عمر لعروة:
اعلم ما تحدث يا عروة أو أن جبريل عليه السلام هو أقام لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقت /
الصلاة.
قال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه. قال عروة: ولقد
حدثتني عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي العصر والشمس في
حجرتها قبل أن تظهر.
رواه الشافعي في كتاب القديم:
عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
511 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أخبرنا
أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا عبد الله بن وهب قال
أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدا على
المنبر فأخر العصر شيئا.
فقال له عروة بن الزبير:
أما إن جبريل عليه السلام أخبر محمدا [صلى الله عليه وسلم] بوقت الصلاة.
396

فقال له عمر:
أعلم ما تقول. فقال عروة:
سمعت بشير بن أبي مسعود الأنصاري يحدث عن أبيه قال سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' نزل جبريل عليه السلام فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم
صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ' يحسب بأصابعه خمس صلوات فرأيت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي الظهر حين تزول الشمس وربما أخرها حين يشتد الحر.
ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة فينصرف
الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس.
ويصلي المغرب حين تسقط الشمس.
ويصلي العشاء حين يسود الأفق وربما أخرها حتى يجتمع الناس.
ويصلي الصبح بغلس.
ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها.
ثم كانت صلاته بعد ذلك بغلس حتى مات لم يعد إلى أن أسفر.
قال أحمد:
هذا الذي رواه أسامة في تغير الأوقات خبر من أبي مسعود عما رآه وبيان كيفية
صلاة جبريل عليه السلام في خبر ابن عباس وغيره وقد روى أبو بكر بن حزم في
حديث أبي مسعود معنى رواية ابن عباس.
512 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع / أخبرنا الشافعي أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن
محمد عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير
عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [قال].
397

' أتاني جبريل عليه السلام عند باب البيت مرتين فصلى الظهر حين كان الفيء مثل
الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر
الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب
على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله قدر العصر
بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب للقدر الأول
لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر
ثم التفت فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين
الوقتين '.
قال الشافعي:
وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحضر.
513 - وأخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو بحر البربهاري
حدثنا بشير بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي فذكره
بإسناده ومعناه.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن.
وروينا حديث إمامة جبريل عليه السلام النبي [صلى الله عليه وسلم] عن جابر بن عبد الله وابن
مسعود وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
514 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقت العصر من الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما لأن ذلك حين
ينفصل من آخر وقت الظهر قال: وبلغني عن بعض أصحاب ابن عباس أنه قال: معنى
ما وضفت [وأحبسه] ذكره عن ابن عباس وابن عباس أراد به صلاة العصر من آخر
398

وقت العصر في آخر وقت الظهر على هذا المعنى لأنه صلاها حين كان ظل كل
شيء مثله يعني حين تم ظل كل شيء مثله [ثم] جاوز ذلك بأقل ما تجاوزه.
قال أحمد:
قد روينا عن طاوس عن ابن عباس أنه قال وقت الظهر إلى العصر والعصر إلى
المغرب.
وروينا من حديث / عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر '.
قال الشافعي: ومن أخر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف أو
قدر ذلك في الشتاء فقد فاته الاختيار ولا يجوز عليه أن يقال قد فاته وقت العصر
مطلقا. واحتج بما:
515 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أن مالكا أخبرهم عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن
بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر '.
رواه البخاري في الصحيح عن المعلى.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
516 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: لا
399

وقت للمغرب إلا وقتا واحدا وذلك حين تجب الشمس.
وذلك بين في حديث إمامة جبريل عليه السلام النبي [صلى الله عليه وسلم] وفي غيره.
أما حديث إمامة جبريل عليه السلام فقد مضى ذكره ورواه في القديم من
وجهين آخرين مرسلا.
قال الزعفراني: قال أبو عبد الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد
وعبد الله بن أبي بكر عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل عن وقت
الصلاة فجعل لها وقتين وقتين إلا المغرب فإنه قال:
' إذا غربت الشمس '.
كذا رواه عن ابن عيينة منقطعا مختصرا.
وقد رواه إسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن
أبي بكر بن محمد يعني ابن عمرو بن حزم عن أبي مسعود قال:
أتى جبريل عليه السلام النبي فقال:
قم فصل وذلك دلوك الشمس حين مالت الشمس فقام فصلى الظهر أربعا ثم
ذكر سائر الصلوات بأعدادهن هكذا في أول الوقت وفي آخره إلا المغرب فإنه قال في
اليوم الأول ثم أتاه حين غربت الشمس فقال قم فصل المغرب ثلاثا. / قال في
القديم: أتاه الوقت بالأمس حين غربت الشمس فقال: قم فصل المغرب ثلاثا.
517 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا الأسفاطي
حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا سليمان بن بلال فذكره.
ورواه أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال قال: قال صالح بن كيسان
سمعت أبا بكر بن حزم بلغه أن أبا مسعود قال:
نزل جبريل عليه السلام على النبي [صلى الله عليه وسلم] بالصلاة فأمره فصلى الظهر حين زالت
الشمس فذكر الحديث وقال في المغرب في اليوم الأول ثم صلى المغرب حين غابت
الشمس. وقال في القديم:
400

صلى المغرب حين وجبت الشمس وقال في آخره قال صالح بن كيسان: وكان
عطاء بن أبي رباح يحدث عن جابر بن عبد الله في وقت الصلاة نحو ما كان أبو
مسعود يتحدث.
قال صالح: وكان عمرو بن دينار وأبو الزبير المكي يحدثان مثل ذلك عن
جابر بن عبد الله.
518 - أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي حدثنا أبو حامد أحمد بن
محمد بن الحسن الحافظ حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا أيوب بن
سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن أبي أويس قال حدثني سليمان بن بلال
فذكره.
ورواه أيوب بن عتبة وليس بالقوي عن أبي بكر بن أبي عمرو بن حزم عن
عروة بن الزبير عن ابن أبي مسعود الأنصاري عن أبيه:
أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين دلكت الشمس فقال: قم فصل.
فقام فصلى. فذكره. الحديث على هذا النسق.
وقال في المغرب: ثم أتاه حين غابت الشمس وقتا واحدا فقال: قم فصل
فصلى.
519 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا أحمد بن
علي الحراني حدثنا سعيد بن سليمان سعدويه حدثنا أيوب بن عتبة حدثنا أبو بكر
فذكره.
ولم أر ذكر العدد إلا في حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد وقد
اختلفوا فيه فحديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة يدل على أنها فرضت بمكة
ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت / أربعا.
وذهب الحسن البصري إلى أنهن فرضن حين فرضن بأعدادهن.
وعليه (.......) يحيى بن سعيد إلا أن حديث عائشة أصح. والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله في القديم:
401

أخبرنا رجل عن برد بن سنان عن عطاء أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى المغرب في وقت
واحد.
وهذا إنما رواه مرسلا وقد روي موصولا.
520 - أخبرنا أبو حازم عمرو بن أحمد العبدوي الحافظ أخبرنا أبو أحمد بن
إسحاق الحافظ حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الصواف حدثنا عمرو بن بشير الحارثي أبو الرداد حدثنا برد بن سنان عن عطاء
ابن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن جبريل عليه السلام أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] يعلمه الصلاة
فجاءه حين زالت الشمس تقدم جبريل عليه السلام ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلفه والناس
خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى الظهر. ثم ذكر الحديث على هذا النسق وقال في المغرب
في اليوم الأول حين وجبت الشمس وقال في اليوم الثاني ثم جاء حين وجبت الشمس
لوقت واحد.
وقال في الجديد:
521 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن
أبي نعيم عن جابر قال كنا نصلي المغرب مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم نخرج نتناضل حتى ندخل
بيوت بني سلمة فننظر إلى مواقع النبل من الإسفار.
522 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن القعقاع بن حكيم قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فقال جابر: كنا
نصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم ننصرف فنأتي بني سلمة فننظر مواقع النبل.
523 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة
عن زيد بن خالد الجهني قال:
402

كنا نصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المغرب ثم ننصرف فنأتي / السوق ولو رمي بنبل
لرئي موقعها.
قال أحمد:
قد روينا في كتاب السنن عن أبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب معنى هذين
الحديثين روينا معناهما في حديث رافع بن خديج وهو من ذلك الوجه مخرج في
الصحيحين.
قال الشافعي رحمه الله في القديم:
وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع أبا عبيدة بن عبد الله يقول كان
ابن مسعود يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس ويحلف والذي لا إله غيره إنه
للوقت الذي قال الله عز وجل:
* (أقم الصلاة لدلوك الشمس) *.
524 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي
حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله. إلا أنه
قال:
ويحلف أنه الوقت الذي قال الله:
* (أقم الصلاة لدلوك الشمس) *
قال الشافعي:
وقد حفظ غير سفيان من أهل الفضل في هذا الحديث عن ابن مسعود أنه قال:
مالها وقت غيره.
وضعف بهذا أو بحديث برد بن سنان عن عطاء ما رواه عنهما بخلاف ذلك.
فقال: وقال بعض الناس لها وقتان. ورووا في ذلك رواية لا نعرفها.
403

رووا عن ابن مسعود وعطاء حديثا رفعاه وقد عرفنا من روايتهما غير هذا.
فذكر روايته عن ابن مسعود وعطاء. والذي عندنا في ذلك عن عطاء ما رواه
سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر قال: سأل رجل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن وقت الصلاة
فقال: ' صل معنا '.
فذكر الحديث وفيه: ' ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وقال في اليوم
الثاني ثم صلى المغرب قبل غيبوبة الشفق '.
وظاهر الخبرين يدل على أن سؤال السائل عن أوقات الصلوات غير قصة إمامة
جبريل عليه السلام وقد علق الشافعي القول فيه في الإملاء.
525 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
وقد ذهب إلى أنها لا تفوت حتى يغيب الشفق.
وكانت حجته أن قال:
قال ابن عباس: لا تفوت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى.
526 - أخبرناه الشيخ / أبو الفتح ناصر بن الحسين العمري رحمه الله.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم أخبرنا أبو جعفر الديبلي حدثنا عبد الحميد بن صبيح
حدثنا سفيان بن عيينة عن ليث عن طاوس عن ابن عباس فذكره.
قال الشافعي:
في الإسناد الذي تقدم وهذا مذهب وقد يفوت الصبح قبل دخول وقت غيرها
من المكتوبات وهذا يدخل على قوله.
وذهب غيرنا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] صلاها في وقتين ولو كان يثبت لقلنا به إن شاء الله
قال أحمد:
حديث سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر يدل على أنه صلاها في وقتين.
404

وفيه حديثان آخران أصح من ذلك.
أحدهما: حديث سليمان بن بريدة بن حصيب عن أبيه.
والآخر: حديث أبي بكر بن موسى الأشعري. أما حديث سليمان:
527 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه
أخبرنا محمد بن غالب حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة بن
أبي حفصة حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل
النبي [صلى الله عليه وسلم] عن مواقيت الصلاة فقال:
' اشهد معنا الصلاة فأمر بلالا فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر ثم
أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة ثم
أمره بالمغرب حين وجبت الشمس ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق ثم أمره الغد فنور
بالصبح ثم أمره بالظهر فأبرد ثم أمره بالعصر والشمس نقية بيضاء لم تخالطها صفرة ثم
أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه
- شك حرمي - فلما أصبح قال:
' أين السائل: ما بين ما رأيت وقت '.
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة وأخرجه
من حديث سفيان الثوري عن علقمة بن موسى.
528 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا
محمد بن عبد الوهاب أخبرنا أبو نعيم حدثنا بدر بن عثمان.
529 - وأخبرنا أبو عبد واللفظ لحديثه هذا حدثنا عبد الله بن محمد
الكعبي حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا أبو بكر بن أبي / شيبة حدثنا وكيع عن بدر بن
عثمان عن أبي بكر بن أبي موسى سمعته منه عن أبيه أن سائلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله
عن مواقيت الصلاة قال فلم يرد عليه شيئا ثم أمر بلالا فأقام حين انشق الفجر فصلى
405

ثم أمره فأقام الظهر والقائل يقول قد زالت الشمس أو لم تزل وهو كان أعلم منهم ثم
أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة وأمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس وأمره فأقام
العشاء عند سقوط الشفق قال: ثم صلى الفجر من الغد والقائل يقول قد طلعت
الشمس أو لم تطلع وهو كان أعلم منهم وصلى الظهر قريبا من وقت العصر بالأمس
وصلى العصر والقائل يقول قد أحمرت الشمس وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق
وصلى العشاء ثلث الليل الأول ثم قال:
' أين السائل عن الوقت ما بين هذين الوقتين وقت '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ورواه عن محمد بن عبد
الله بن نمير عن أبيه عن بدر بن عثمان إلا أنه قال: ثم أخر المغرب حتى كان عند
سقوط الشفق.
وكذلك قال إبراهيم عن بدر بن عثمان وقالا في الظهر: حين زالت الشمس
والقائل يقول قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم والذي يشبه أن يكون قصة المسألة
عن المواقيت بالمدينة.
وقصة إمامة جبريل عليه السلام بمكة والوقت الآخر لصلاة المغرب زيادة سنة
ورخصة. والله أعلم.
وفيه حديث ثالث مأخوذ من لفظ النبي [صلى الله عليه وسلم].
530 - أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد الفقيه فيما قرأت عليه من
أصل سماعه أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا أحمد بن يوسف السلمي
حدثنا محمد بن عبد الله بن رزين حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج
عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن وقت
الصلوات فقال:
' وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرص الشمس الأول. ووقت صلاة الظهر إذا
406

زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر
الشمس ويسقط قرنها الأول. ووقت / صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط
الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل.
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يوسف وأخرجه أيضا من حديث هشام
الدستوائي وشعبة بن الحجاج وهمام بن يحيى عن قتادة غير أن في حديث هشام:
' فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق ' وفي حديث شعبة:
' ووقت المغرب ما لم يسقط نور الشفق '.
وقال شعبة رفعه مرة ولم يرفعه مرتين.
وفي حديث همام:
' ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق '.
وزاد: ' ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس ' وقوله:
' ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل ' يشبه أن يكون وقت الاختيار.
فقد روت عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعتم ذات ليلة - تعني بالعشاء - حتى ذهب عامة
الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى وقال:
' إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي '.
531 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا
العباس الدوري أخبرنا حجاج قال قال ابن جريج أخبرني مغيرة بن حكيم عن أم كلثوم
أخبرته عن عائشة قالت:
أعتم فذكره.
أخرجه مسلم من حديث حجاج بن محمد إلا أن ابن عمر وأبا سعيد وجابرا
وأنسا رووا هذه القصة ولم يجاوزا أنه نصف الليل.
407

وروى محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن للصلاة أولا وآخرا ' فذكر الحديث.
وقال فيه: ' إن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب
الأفق وإن أول العشاء حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل '.
وهذا حديث قد ضعفه يحيى بن معين والبخاري والدارقطني وغيرهم من
الحفاظ وقالوا:
الصحيح رواية غيره عن الأعمش عن مجاهد مرسلا.
قال: كان يقال إن للصلاة أولا وآخرا.
87 - [باب]
تسمية صلاة العشاء الآخرة بالعشاء دون العتمة
532 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو / العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي لبيد عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم هي العشاء إلا أنهم يعتمون
بالإبل '.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن سفيان.
408

88 - [باب]
الشفق
533 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
الشفق: الحمرة التي في المغرب ليس البياض رأيت العرب تسمي الشفق:
الحمرة.
فكان هذا من أدل معانيه.
وفي رواية الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي:
أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال:
الشفق: الحمرة.
534 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج
حدثنا موسى بن عبد المؤمن حدثنا أبو مصعب حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي
عن عبد الله العمري قال:
وسمعت أبا مصعب يقول أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الله
العمري عن نافع عن ابن عمر أن الشفق: الحمرة.
قال أحمد:
ورويناه عن عمر وابن عباس وعلي وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي
هريرة رضي الله عنهم.
ولا يصح فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيء.
89 - [باب]
إدراك ركعة من صلاة الصبح
قد مضى فيه حديث الربيع عاليا.
535 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر
الطحاوي حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
409

' من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح. ومن أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي
عن زيد بن أسلم بإسناده هذا إلا أنه قال:
' من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس / وركعة بعد ما تطلع فقد
أدركها '.
وهكذا قال:
من العصر قبل الغروب وبعده.
536 - حدثناه أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد أخبرنا يحيى بن
منصور القاضي أخبرنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبد
العزيز بن محمد قال أخبرني زيد بن أسلم فذكره عنهم. ورواه أبو سلمة عن أبي
هريرة وقال: ' فليتم صلاته '. وقال أبو رافع عن أبي هريرة: فليصل إليها أخرى.
وقال أيضا: عذرة بن تميم عن أبي هريرة وكل ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروينا عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه كان يفتي بذلك.
90 - [باب]
الأذان قبل طلوع الفجر
537 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
410

' إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم '.
538 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن بلال ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم '.
قال وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
رواه الشافعي في القديم والجديد عن مالك مرسلا. وكذلك رواه جماعة عن
مالك.
539 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن
يوسف الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن
ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم '.
قال ابن شهاب كان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت
أصبحت.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
وهكذا رواه عبد الله بن وهب وروح بن عبادة وعبد الرزاق بن همام وجماعة
عن مالك موصولا.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد والليث بن سعد عن ابن
شهاب موصولا.
411

وأخرجه البخاري أيضا من حديث عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري
موصولا.
540 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر حدثنا
المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم '.
رواه الزعفراني أيضا عن الشافعي. رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجاه أيضا من حديث عبيد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمرو عن القاسم بن محمد عن عائشة كلاهما عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
وأخرجا في أذان بلال بالليل حديث أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن
مسعود.
وأخرج مسلم حديث سمرة بن جندب وأخرج أبو داود حديث زياد بن الحارث
الصدائي قال الزعفراني قال الشافعي في كتاب القديم:
أخبرنا بعض أصحابنا عن الأعرج إبراهيم بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جده
عن سعد القرظ قال:
أذنا في زمن النبي [صلى الله عليه وسلم] بقباء وفي زمن عمر بالمدينة فكان أذاننا للصبح لوقت
واحد في الشتاء لسبع ونصف تبقى وفي الصيف لسبع تبقى منه.
قال وأخبرنا ابن أبي الكناني الخزاعي وكان قد زاد على الثمانين أو راهقها قال:
أدركت منذ كانت آل أبي محذورة يؤذنون قبل الفجر بليل.
وسمعت من سمعت منهم يحكي ذلك عن آبائه.
قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن بشر بن عاصم أن عمر بن
الخطاب قال:
عجلوا الأذان بالصبح يدلج المدلج ويخرج العامرة قال وأخبرنا مسلم وسعيد
412

عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
أن بعد النداء بالصبح لحريا حينا أن الرجل ليقرأ سورة البقرة.
قال وأخبرنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان عن الحارث قال:
أتيت عليا بدير أبي موسى وهو يتسحر فقال: أدن فاطعم.
فقلت: اني أريد الصوم.
قال: وأنا أريد الصوم.
/ فطعم فلما فرغ أمر ابن التياح فأقام الصلاة.
قال أبو عبد الله الشافعي:
وهو لا يؤمر بالإقامة إلا بعد النداء أو حين طلع الفجر أمر بالإقامة.
ففي هذا دلالة على أن الأذان كان قبل الفجر.
541 - أخبرنا أبو سعيد الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشر بن
موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان. فذكر حديث علي بإسناده ومعناه.
قال أبو عبد الله الشافعي:
وخالفنا في هذا بعض الناس فقال:
لا يؤذن للصبح إلا بعد الفجر وهي كغيرها. ثم ساق الكلام إلى أن قال: قال
فقد روينا أن بلالا أذن قبل الفجر فأمر فنادى أن العبد نام قلنا قد سمعنا تلك الرواية
فرأينا أهل الحديث من أهل ناحيتك يزعمون أنها ضعيفة ولا تقوم بمثلها حجة على
الانفراد.
وروينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بالإسناد الصحيح قولنا.
قال أحمد:
الأذان بالليل صحيح ثابت عند أهل العلم بالحديث كما قال الشافعي. وأما
المعارضة فإنما أراد:
542 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
أخبرنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب المعنى قالا حدثنا حماد عن أيوب عن نافع
413

عن ابن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يرجع فينادي:
' ألا إن العبد نام. ألا إن العبد نام '.
زاد موسى: فرجع فنادى: ' ألا إن العبد نام '.
قال أبو داود وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة.
قال أحمد:
وبلغني عن إسحاق بن إبراهيم بن جبلة أنه سأل علي بن المديني عن هذا
الحديث فقال هو عندي خطأ لم يتابع حماد بن سلمة على هذا.
قال أحمد:
حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره فلا يقبل منه ما يخالفه فيه الحفاظ.
وقد خالفه معمر فرواه عن أيوب. قال:
أذن بلال مرة بليل فذكره مرسلا.
وخالفه عبد الله بن عمر فروى عن نافع عن ابن عمر:
أذان بلال بالليل.
كما رواه الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه. كما رواه عبد الله بن
دينار عن ابن عمر. وإنما الرواية عن نافع:
543 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا أيوب / بن منصور حدثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد قال أخبرنا
نافع عن مؤذن لعمر رضي الله عنه مسروج فذكر نحوه.
414

قال أبو داود وهذا أصح من ذاك يعني حديث عمر أصح.
قال أحمد:
وقد روي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو
وهم.
الصواب حديث شعيب بن حرب عن عبد العزيز كما قاله أبو الحسن الدارقطني
فيما قرأت على أبي عبد الرحمن السلمي عنه.
قال أحمد:
ورواه سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال مرسلا. وسعد بن أبي عروبة عن
قتادة مرسلا.
وروى شداد مولى عياض عن بلال أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا '. شداد مولى عياض لم يدرك بلالا.
544 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: قاله أبو داود.
قال أحمد:
وقد روي ذلك من أوجه أخر ضعيفة وبمثل ذلك لا يترك ما تقدم من الأخبار
الصحيحة مع فعل أهل الحرمين.
545 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أخبرنا أبو عمرو بن السماك
حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله هو أحمد بن حنبل قال أخبرنا
شعيب بن حرب قال: قلت لمالك بن أنس أليس قد أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بلالا أن يعيد الأذان
فقال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا '.
قلت: أليس قد أمره أن يعيد الأذان؟.
قال: لا لم يزل الأذان عندنا بليل.
415

واحتج الشافعي في ذلك في القديم بفعل أهل الحرمين.
وساق الكلام فيه إلى أن قال:
هذا من الأمور الظاهرة ولا يشك أن المسجدين والمؤذنين والأئمة الذين أقروهم
والفقهاء لم يقيموا من هذا على غلط.
ولا أقروه ولا احتاجوا فيه إلى علم غيرهم ولا لغيرهم الدخول بهذا عليهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وإنما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تعلموا من قريش ولا تعلموها وقدموها ولا تقدموها '.
وقال:
' قوة الرجل من قريش قوة الرجلين '.
يعني نبل الرأي.
وقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الإيمان يمان / والحكمة بمانية '.
قال الشافعي:
مكة والمدينة يمانيتان مع ما دل له على فعلهم في علمهم.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي
هريرة لا أعلمه إلا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يوشك الناس أن يضربوا أباط الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من
عالم المدينة '.
416

546 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو حامد بن
الشرقي حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه لم
يشك.
وقال: ' أكباد ' بدل ' أباط '.
ولم يقل: ' في طلب العلم '.
91 - [باب]
إذا طهرت الحائض وقت العصر
أو في وقت العشاء
547 - أخبرنا أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أبو القاسم
البغوي حدثنا شريح بن يونس حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن
عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جده عبد الرحمن عن مولى لعبد
الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف قال:
إذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا وإذا
طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء جميعا.
548 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا محمد بن
أحمد بن النضر حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة حدثنا يزيد بن أبي زياد عن طاوس
عن ابن عباس قال:
إذا طهرت المرأة في وقت صلاة العصر لتبدأ بالظهر فلتصلها ثم لتصل العصر
وإذا طهرت في وقت العشاء الآخرة فلتبدأ فلتصل المغرب والعشاء.
417

تابعه ليث بن أبي سلم عن طاوس وعطاء عن ابن عباس.
ورويناه عن عطاء وطاوس من قولهما وهو قول جماعة من التابعين.
واحتج الشافعي في ذلك بعد الاستدلال بالسنة في الجمع بين الصلاتين بعرفة
وبالمزدلفة بما روينا في ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس.
92 - [باب]
من أغمي عليه فلم يفق
حتى ذهب وقت الصلاة في
حال العذر والضرورة
احتج الشافعي في أن لا قضاء عليه بعد الآية في مخاطبة أولي الألباب بالأمر
/ والنهي بابن عمر. وهو:
549 - ما أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا
عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر
أغمي عليه فذهب عقله فلم يقض الصلاة.
قال مالك:
وذلك أن الوقت ذهب فأما إن أفاق وهو في وقت فإنه يقضي. هكذا رواية
مالك.
وفي رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه أغمي عليه يوم وليلة فلم
يقض.
وفي رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أغمي عليه ثلاثة أيام ولياليهن فلم
يقض.
وقد ذكرها الشافعي:
قال الشافعي:
418

كان ابن عمر يرى في ما يرى والله أعلم أن الصلاة مرفوعة عن المغمى عليه لأنه
روى أنه أغمي عليه يوما وليلة فلم يقض شيئا ولم يرو عنه أنه قال: من أغمي عليه
(.....) قضى وقد يكون أفاق في وقت الخامسة فلم يقض.
550 - أخبرنا محمد بن الحسين السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن سفيان عن
السدي عن يزيد مولى عمار أن عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب
والعشاء وأفاق نصف الليل فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال الشافعي:
وكان مذهب عمار فيما يرى والله أعلم أن الصلاة ليست بموضوعة عن المغمى
عليه كما لا يكون الصوم موضوعا منه.
ولم يرو عن عمار أنه قال:
لو أغمي علي خمس صلوات لا أفيق حتى يمضي وقت الخامسة لم أقض.
وليس هذا أيضا بثابت عن عمار ثم ساق الكلام إلى أن حمل فعل عمار على
الاستحباب أن لو ثبت عنه وإنما قال الشافعي في حديث عمار: أنه ليس بثابت لأن
رواية يزيد مولى عمار وهو مجهول والراوي عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي
وكان يحيى بن معين يستضعفه ولم يحتج به البخاري وكان يحيى بن سعيد وعبد
الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا.
93 - [باب]
الاذان
551 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله عز وجل:
419

/ * (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا) * وقال: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * فذكر الله الأذان للصلاة.
وذكر يوم الجمعة فكان بينا والله أعلم أنه أراد المكتوبة بالاثنين معا.
قال وسن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الأذان للمكتوبات ولم يحفظ عنه أحد علمته أنه أمر
بالأذان لغير صلاة مكتوبة بل حفظ الزهري عنه أنه كان يأمر في العيدين المؤذن
فيقول: ' الصلاة جامعة '.
94 - [باب]
حكاية الأذان
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله: الأذان: الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان بالترجيع ثم قال في آخره وهذا رأي أبي محذورة.
552 - أخبرناه أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر
البربهاري حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن عبد
العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال سمعت جرير بن عبد الله بن أبي محذورة
يحدث عن أبيه أبي محذورة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] ألقى هذا الأذان عليه:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
420

أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة. حي على الصلاة.
حي على الفلاح. حي على الفلاح.
الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
وفي رواية محمد بن عبد الملك عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله
علمني سنة الأذان. قال: فمسح مقدم رأسه قال: ' تقول ' فذكر الأذان بالترجيع إلا أنه
قال في المرة الأولى: ' تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة ' فذكرها.
وقال: ' فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله '.
553 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا أبو المثنى
حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن محمد بن عبد الملك بن أبي
محذورة قال الزعفراني قال أبو عبد الله وحدثنا / رجل عن عمر بن حفص بن سعيد عن
أبيه عن بلال بن رباح مؤذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه كان إذا أذن قال:
الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة حي على الصلاة.
حي على الفلاح حي على الفلاح.
الله أكبر الله أكبر.
لا إله إلا الله.
قال وإذا كانت الإقامة قالها مرة إقامته كلها ولم يرجع كما رجع في الأول.
554 - أخبرناه أبو سعيد الأسفرائيني أخبرنا أبو بحر حدثنا بشر بن موسى حدثنا
الحميدي حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ القرظ حدثنا عبد الله
ابن محمد بن عمار وعمار وعمر ابنا حفص بن عمر بن سعد عن عمار بن سعد عن
421

أبيه القرظ أنه سمعه يقول إن هذا الأذان أذان بلال الذي أمره به رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
وإقامته. فذكر الأذان والإقامة مثل ما رواه الشافعي إلا أنه لم يقل له في آخره. ولم
يرجع كما رجع في الأول.
والرجل الذي رواه الشافعي عنه أظنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى. وقال
عمر بن حفص بن سعد وإنما هو عمر بن حفص بن عمر بن سعد وكأنه نسبه إلى جده.
ثم أرسله فلم يذكر فيه عمار بن سعد والتقصير وقع من جهة إبراهيم بن محمد.
والله أعلم.
قال الزعفراني قال أبو عبد الله يزيد آل أبي محذورة الله أكبر الله أكبر في الأذان
حين يبتدئونه وفي الإقامة قد قامت الصلاة ثانية.
قال أبو عبد الله: وأخبرنا الثقة من أصحابنا عن عمرو بن دينار قال سمعت
سعد القرظ في إمارة ابن الزبير يؤذن بالأذان الأول فيقول في أذانه: أشهد أن لا إله إلا
الله. مرتين أشهد أن محمدا [رسول الله] مرتين.
ثم يرجع فيقول:
أشهد أن لا إله الا الله. مرتين.
أشهد أن محمدا رسول الله. مرتين.
ثم ذكر الشافعي في القديم:
حديث ابن جريج الذي عليه اعتمد في الحديث.
وذلك فيما:
555 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبر مسلم بن خالد عن ابن جريج قال
أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان
في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام فقلت لأبي محذورة أي عم إني خارج
إلى الشام وإني أخشى أن أسئل عن تأذينك فأخبرني أبا محذورة قال:
422

نعم [خرجت] في نفر فكنا في بعض طريق حنين فقفل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من
حنين فلقينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بعض الطريق فأذن مؤذن الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالصلاة عند
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون فصرخنا نحكيه ونستهزئ به
فسمع النبي [صلى الله عليه وسلم] فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أيكم الذي سمعت صوته [قد ارتفع] '.
فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسل كلهم وحبسني فقال:
' قم فأذن بالصلاة '.
فمقت ولا شيء أكره إلي من النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا مما يأمرني به.
فقمت بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فألقى علي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] التأذين هو نفسه فقال:
' قل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله
إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال لي: ' ارجع
فأمدد من صوتك '.
ثم قال: ' قل: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن محمدا رسول
الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح
حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم دعاني حين قضيت التأذين
فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على
وجهه ثم من بين ثدييه ثم على كبده ثم بلغت يده سرة أبي محذورة ثم قال رسول
الله [[صلى الله عليه وسلم]]:
' بارك الله فيك وبارك عليك '.
فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال: ' قد أمرتك به '.
وذهب كل شيء كان لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] من كراهية وعاد ذلك كله محبة للنبي [صلى الله عليه وسلم].
فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأذنت بالصلاة عن أمر رسول
423

الله [صلى الله عليه وسلم]. قال ابن جريج وأخبرني بذلك من أدركت من آل أبي
محذورة على نحو ما أخبرنا ابن محيريز.
556 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد حدثنا أبو جعفر حدثنا
المزني حدثنا الشافعي حدثنا مسلم بن خالد وعبد الله بن خالد المخزومي قالا حدثنا
ابن جريج فذكره بنحوه وبمعناه رواه حجاج بن محمد وأبو عاصم وروح بن عبادة عن
ابن جريج.
وأخرجه أبو داود في كتاب السنن.
557 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
قال: قال الشافعي:
وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى
ابن محيريز وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما
حكى ابن جريج.
قال الشافعي:
وسمعته يقيم فيقول:
الله أكبر. الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة حي على الفلاح.
قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
قال الشافعي:
424

وحسبتني سمعته يكحي الإقامة خبرا كما يحكي الأذان.
قال أحمد:
وقد تابع مكحول الشامي عبد العزيز بن عبد الملك على روايته سنة الأذان عن
ابن محيريز. ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح.
558 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو نصر بن عمرو حدثنا أحمد بن
سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبو عامر الأحول عن
مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة قال: علمني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الأذان:
* الله أكبر الله أكبر
* الله أكبر الله أكبر
*
* أشهد أن لا إله إلا الله
* أشهد أن لا إله إلا الله
*
* أشهد أن محمدا رسول الله
* أشهد أن محمدا رسول الله
*
* حي على الصلاة
* حي على الصلاة
*
* حي على الفلاح
* حي على الفلاح
*
* الله أكبر الله أكبر
* لا إله إلا الله
*
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
قال أحمد:
هكذا رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول في الترجيع دون الإقامة.
ورواه همام بن يحيى عن عامر الأحول فيهما واختلف عليه في لفظه / في
الإقامة.
فقيل عنه والإقامة مثنى مثنى.
وقيل عنه والإقامة مثل ذلك.
وقيل عنه مفسرا في تثنية الإقامة.
وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة ودوام
425

أبي محذورة وأولاده على الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة تضعف هذه الرواية أو يدل
على أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة ولذلك أو لغيره ترك مسلم بن الحجاج رواية همام
عن عامر واعتمد على رواية هشام عن عامر التي ليس فيها ذكر الإقامة. والله أعلم.
95 - [باب]
رفع الصوت بالأذان
559 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه أن
أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك
فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا
شهد لك يوم القيامة.
قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
560 - وأخبرنا أبو إسحاق الأرموي أخبرنا شافع أخبرنا الطحاوي حدثنا المزني
حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكر هذا الحديث.
قال وحدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكر هذا الحديث.
قال وحدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة قال سمعت عبد الله بن عبد
الرحمن بن أبي صعصعة قال سمعت أبي وكان يتيما في حجر أبي سعيد الخدري
قال:
قال لي أبو سعيد: أي بني إذا كنت في هذه البوادي فارفع صوتك بالأذان فإني
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا يسمعه إنس ولا جن ولا شجر ولا حجر إلا شهد
له '.
426

قال الشافعي:
يشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل.
قال أحمد:
هو كما قال الشافعي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
صعصعة المازني الأنصاري المدني سمع أباه وعطاء بن يسار.
روى عنه يزيد بن حفصة ومالك وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة
سمع ابناه محمد وعبد الرحمن قال محمد بن إسماعيل / البخاري فيما:
561 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي أخبرنا إبراهيم بن عبد الله
أخبرنا محمد بن سلمان بن فارس حدثنا محمد بن إسماعيل فذكره.
وهذا الحديث قد أخرجه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس عن
مالك.
96 - [باب]
الكلام في الأذان
562 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمر
المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول:
' ألا صلوا في الرحال '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه.
فإن قاله في أذانه فلا بأس عليه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
427

وروى مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
97 - [باب]
الرجل يؤذن ويقيم غيره
563 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
وإذا أذن الرجل أحببت له أن يتولى الإقامة لشيء يروى فيه: أن من أذن أقام.
564 - أخبرناه أبو الحسين محمد بن الحسن القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر
حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا أبو عبد الرحمن بن
زياد بن نعيم قال حدثني زياد بن نعيم الحضرمي من أهل مصر قال سمعت زياد بن
الحارث الصدائي صاحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يحدث قال: أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر
الحديث.
قال فيه:
فلما كان أذان الصبح أمرني فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى
ناحية الشرق إلى الفجر فيقول ' لا ' حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتبرز ثم
انصرف إلي وقد لاحق أصحابه فذكر الحديث في الوضوء قال ثم قام نبي الله [صلى الله عليه وسلم] إلى
الصلاة فأراد بلال أن يقيم فقال له نبي الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن أخا صداء هو أذن ومن أذن فهو يقيم '.
قال الصدائي: فأقمت / الصلاة.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة عن عبد الله بن عمر
عن غانم عن عبد الرحمن بن زياد.
428

وهذا إن ثبت كان أولى مما روي في حديث عبد الله بن زيد أن بلالا أذن فقال
عبد الله:
يا رسول الله إني أرى الرؤيا ويؤذن بلال قال:
' فأقم أنت '. فأقام
في إسناده ومتنه من الاختلاف وإنه كان في أول ما شرع الأذان وحديث
الصدائي كان بعده.
98 - [باب]
الأذان والإقامة للجمع
بين الصلاتين والصلوات
565 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
جابر في حجة الإسلام قال:
فراح النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم
أخذ النبي [صلى الله عليه وسلم] في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى
الظهر ثم أقام فصلى العصر.
قال أحمد:
هذا حديث قد رواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر
في حجة النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا أنه حكى خطبته ثم قال: ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام
فصلى العصر لم يفصل بينهما شيء قال: فلما أتى المزدلفة صلى المغرب والعشاء
بأذان وإقامتين.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح. ورواه سليمان بن بلال
429

وعبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وحاتم بن إسماعيل حجة.
وساق الحديث أحسن سياقة وقد تابعه حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن
جابر في المغرب والعشاء.
566 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن
ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
قال أحمد:
انقطع الحديث من الأصل وإنما أراد حديث الجمع بمزدلفة بإقامة إقامة والذي
يدل عليه:
567 - ما أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر
الطحاوي حدثنا المزني / حدثنا الشافعي عن عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن
ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى المغرب والعشاء
بالمزدلفة جميعا لم يناد في واحدة منهما إلا بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة
منهما.
568 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي ذئب
فذكره. بإسناده نحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب.
ورواه وكيع عن ابن أبي ذئب.
وقال صلى كل صلاة بإقامة.
ورواه شبابة وعثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب بإقامة واحدة لكل صلاة.
قال عثمان: ولم يناد في واحدة منهما.
569 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن
430

ابن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد قال:
جلسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حين
كفينا.
ثم ذكر قول الله عز وجل:
* (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فدعا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بلالا
فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها.
ثم أقام العصر فصلاها كذلك.
ثم أقام المغرب فصلاها كذلك.
ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا.
قال وذلك قبل أن ينزل [الله تعالى] في صلاة الخوف:
* (فرجالا أو ركبانا) *.
هكذا رواه الشافعي في الجديد.
ورواه في القديم عن غير واحد عن ابن أبي ذئب لم يسم منهم أحدا وقال في
الحديث:
فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى المغرب ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
والمحفوظ من حديث أبي سعيد ما رواه في الجديد وكذلك رواه جماعة عن
ابن أبي ذئب.
ورواه بعضهم أبين في الإقامة لكل صلاة.
ورواه أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود فقال:
431

عنه هشيم فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر.
وكذلك / قاله عنه هشام الدستوائي في إحدى الروايتين عنه ولم يذكره في رواية
أخرى ورواه الأوزاعي عنه فقال: يتابع بعضها بعضا بإقامة إقامة ولم يذكر واحد منهم
الأذان لغير الظهر.
570 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي
أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن بن عمران بن حصين قال:
كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مسير له فنمنا عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فأمر
المؤذن فأذن ثم صلينا ركعتي الفجر حتى إذا أمكنتنا الصلاة صلينا.
ورواه أبو رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال فيه: فنزل فدعا بوضوء
فتوضأ ونادى بالصلاة فصلى بالناس. ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
ورواه أبو قتادة الأنصاري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال فيه:
' يا بلال قم فأذن الناس بالصلاة '.
فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابيضت قام فصلى. ومن ذلك الوجه أخرجه
البخاري في الصحيح.
ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال فيه:
فأمر بلالا فأذن ثم أقام.
وكذلك روي عن ابن المسيب عن أبي هريرة موصولا ومرسلا وعن عمرو بن
أمية الضمري وغيرهما. فالأذان في الفائتة صحيح محفوظ عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
واعتمد الشافعي رحمه الله في ' الأم ' على حديث ابن عمر وأبي سعيد في
ترك الأذان عند الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية منهما وفي الفائتة:
وقال في الإملاء:
432

إذا جمع المسافر في منزل ينتظر أن يثوب إليه فيه الناس أذن للأولى وأقام لها.
وأقام للأخرى ولم يؤذن.
وإذا جمع في موضع لا ينتظر أن يثوب إليه الناس أقام لهما جميعا ولم
يؤذن.
وخرج الأخبار من عرفة والمزدلفة والخندق على اختلاف هاتين الحالتين.
واستحب في القديم الأذان للأولى منهما على الإطلاق. وهذا أصح.
فقد روينا في حديث الخندق الأذان للأولى منهما. وروينا في حديث المزدلفة عن جابر الأذان للأولى منهما.
وأما حديث ابن / عمر فقد اختلف عليه في الأذان والإقامة جميعا.
فرواه سالم بن عبد الله عن أبيه كما مضى ذكره ورواه أشعث بن سليم عن أبيه
عن ابن عمر أنه جمع بينهما بأذان وإقامة.
وكذلك هو في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن
عمر وخالفه الثوري وشريك عن أبي إسحاق ولم يذكرا فيه الأذان.
ورواه سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يذكر فيه الاذان. وحديث جابر يصرح
بأذان وإقامتين وهو زائد فهو أولى.
99 - [باب]
أخذ المرء بأذان غيره وإقامته
وإن لم يقم به
571 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني عمارة بن غزية عن
حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] رجلا يؤذن للمغرب
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: مثل ما قال: قال فانتهى النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى رجل وقد قال: قد قامت
الصلاة فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
433

' انزلوا فصلوا المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود ' وهذا مرسل.
100 - [باب]
أذان النساء وإقامتهن
572 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وليس على النساء أذان وإن أذن وأقمن فلا بأس.
ولا تجهر المرأة بصوتها ولو أذنت للرجال لم يجزء عنهم أذانها.
قال أحمد:
روينا عن ابن عمر أنه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة.
وروي هذا من وجه آخر ضعيف مرفوع وليس بشيء وروينا عن ليث عن
طاوس عن عطاء عن عائشة: أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقوم وسطهن.
101 - [باب]
القول مثل ما يقول المؤذن
573 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري
/ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن '.
434

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
574 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن مجمع بن يحيى قال حدثنا أبو إمامة بن سهل أنه
سمع معاوية يقول سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [يقول]:
' إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله '.
وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله.
قال: ' وأنا ثم تسكت '.
وبهذا الإسناد أخبرنا ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى بن طلحة
قال سمعت معاوية يحدث بمثله عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
هذا الحديث قد رواه أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف عن أبي أمامة عن
معاوية بمعناه وزاد فيه ذكر التكبير.
من ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن معاوية
بمعناه.
وزاد فيه أيضا ذكر التكبير.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري مختصرا.
وقال بعضهم في ذلك قال يحيى فحدثنا صاحب لنا أنه لما قال ' حي على
الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله '.
435

ثم قال هكذا سمعنا نبيكم [صلى الله عليه وسلم]. وقد رواه الشافعي من وجه آخر عن معاوية.
575 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن
يحيى المازني أن عيسى بن عمر اخبره عن عبد الله بن علقمة بن وقاص قال: إني
لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية: كما قال مؤذنه حتى إذا قال: حي على
الصلاة. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال: حي على الفلاح قال: لا حول ولا
قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن.
ثم قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول ذلك. زاد أبو سعيد في روايته.
قال الشافعي:
وبحديث [معاوية] نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد وفيه تفسير ليس في
حديث أبي سعيد.
/ قال أحمد:
وهذا التفسير ثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من هذا الوجه ومن حديث عاصم بن
عمر بن الخطاب عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الترغيب فيه بأن أحدكم إذا قاله من قلبه
دخل الجنة.
576 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي حدثنا
إسماعيل بن قتيبة حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن إدريس الشافعي المطلبي
أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن عامر بن سعد بن
العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينار وبمحمد نبيا '.
436

رواه مسلم في الصحيح عن بن أبي عمرو بشر بن الحكم عن عبد العزيز.
وروينا عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له '.
577 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا أخبرنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله:
(ورفعنا لك ذكرك).
قال: لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
قال الشافعي في روايتنا عن أبي عبد الله يعني والله أعلم ذكره عند الإيمان بالله
والأذان.
ويحتمل ذكره عند تلاوة القرآن وعند العمل بالطاعة والوقوف عن المعصية.
102 - [باب]
حكاية الإقامة
قال أحمد بن علي بن الحسين البيهقي غفر الله له ولوالديه:
578 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن
سليمان أخبرنا الشافعي قال سمعت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي
محذورة يقيم فيقول: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول
الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله
أكبر لا إله إلا / الله.
437

قال الشافعي:
وحسبتني سمعته يحكي الإقامة خبرا كما يحكي الأذان.
قال أحمد:
قد روينا عن عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد
الملك قال أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون: فذكر هذه الإقامة.
579 - أخبرناه أبو سعيد الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشر بن
موسى حدثنا الحميدي فذكره.
580 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب حدثنا
عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي ميسرة حدثنا الحميدي حدثنا إبراهيم بن عبد
العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة.
581 - وحدثنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أخبرنا أبو زرعة عبد الله بن
محمد بن الطيب أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم حدثنا محمد بن إسماعيل
البخاري (......).
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد
الملك قال أخبرني جدي عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أبا محذورة أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]: أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
قال أحمد:
وفي بقاء أبي محذورة وأولاده على إفراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع فيما
روي في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة وأن الحديث في تثنية كلمة التكبير
وكلمة الإقامة فقط فجعلها بعض الرواة على جميع كلماتها.
وفي رواية حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن ابن جريج ما يدل على ذلك وقد
ذكرناه في كتاب السنن وفي الخلافيات وإن كانت محفوظة في جميع كلماتها ففيما
ذكرنا دلالة على أن الأمر صار بعد ذلك إلى إفراد الإقامة.
438

لولا ذاك لم يقروا عليه في حرم الله عز وجل.
ثم أولاد سعد القرظ في حرم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقد قال الشافعي رحمه الله في
رواية الزعفراني عنه في ترجيع الأذان وإفراد الإقامة:
الرواية فيه تكلف الأذان خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين على
رؤوس المهاجرين والأنصار ومؤذنو مكة آل أبي محذورة.
وقد أذن أبو محذورة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعلمه الأذان ثم ولاه بمكة وأذن / آل سعد
القرظ من زمن النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة وزمن أبي بكر كلهم يحكون الأذان والإقامة
والتثويب وقت الفجر كما قدره فإن جاز أن يكون هذا غلط من جماعتهم والناس
بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا جاز له أن يسألنا عن عرفة وعن منى ثم
يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافنا من هذا الأمر الظاهر المعمول
به - يريد الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة -.
582 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا
أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن
أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
ورواه أيضا حرملة بن يحيى عن الشافعي ثم قال:
قال الشافعي:
هذا ثابت وبهذا نقول:
فنجعل الإقامة وترا إلا في موضعين الله أكبر الله أكبر في أول الإقامة.
وقد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فإنهما شفع.
439

قال أحمد:
أما ما ذكر الشافعي رحمه الله من ثبوت هذا الحديث فكذلك قاله عامة حفاظ
الحديث.
وأخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن عبيد الله القواريري عن عبد
الوهاب الثقفي.
وأخرجه البخاري ومسلم من أوجه عن أيوب وخالد الحذاء عن أبي قلابة.
ورواه يحيى بن معين وقتيبة بن سعيد عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب
السجستاني عن أبي قلابة عن أنس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر
الإقامة.
583 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب.
حدثنا العباس بن محمد حدثنا يحيى بن معين فذكره.
584 - وأخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي وأبو
العباس محمد بن حفص قالا: حدثنا أبو علي عبد الله بن محمد بن علي الحافظ
البلخي حدثنا قتيبة فذكره.
وأما تثنيته كلمة الإقامة فلما:
585 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي
بمرو حدثنا أبو بكر بن محمد بن عيسى الطرطوسي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا
حماد بن زيد عن سماك / بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: أمر
بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة ' قد قامت الصلاة '.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
قال أحمد:
وبين من طرق حديث أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنما أمر بلالا بذلك بعد
440

اختلافهم فيما يجعلونه علامة لميقات الصلاة.
ورؤيا عبد الله بن زيد في منامه ما حكاه من الأذان والإقامة.
586 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار
الزاهد حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا هدبة بن خالد حدثنا وهيب حدثنا
خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس أنهم ذكروا الصلاة عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: أوقدوا
نارا أو اضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وهيب.
وأخرجاه من حديث عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء رويناه في كتاب
السنن من حديث روح بن عطاء بن أبي ميمونة عن خالد أتم من ذلك.
587 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي أخبرنا محمد بن سعيد بن سابور حدثنا حميد بن
عبد الله بن هلال. كذا قال عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين أتاه عبد الله بن
زيد بن عبد ربه الأنصاري فأخبره برؤياه في التأذين أمر بلالا أن يؤذن مثنى مثنى ويقيم
فرادى.
قال أحمد:
وفي طرق حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب في أمر الأذان والإقامة تفسير ما
ذكرنا في أحاديث أنس بن مالك.
588 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني وأحمد بن يونس الضبي قالا: حدثنا حجاج بن
محمد قال قال ابن جريج أخبرني نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر أنه كان
441

يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيجيئون الصلاة وليس ينادي بنا
أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال
بعضهم قرنا مثل قرن اليهود.
/ فقال عمر أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يا بلال قم فناد بالصلاة '.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن جريج.
وفيه دلالة على أن ذلك كان بعد رؤيا عبد الله بن زيد.
ففي حديث عبد الله بن زيد أن عمر بن الخطاب سمع ذلك وهو في بيته فخرج
يجر رداءه يقول:
والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى. وفي هذا الحديث أن
عمر قال أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فيشبه أن يكون ابن عمر إنما حضر ذلك
المجلس بعد حضور عمر وكان قد سمع أقوالهم فيما يجعلونه علامة للميقات قبل
ذلك ثم سمع بلالا يؤذن لما حكى عمر فأضاف ذلك إليه ثم لم يذكر في هذه الرواية
صفة أذان بلال وإقامته وقد ذكرنا في رواية أخرى عنه.
589 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو محمد عبد الله بن يوسف في
آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن ابن المثنى عن عبد
الله بن عمر [قال]: كان الأذان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مثنى مثنى والإقامة مرة مرة
غير أن المؤذن إذا قال: قد قامت الصلاة قال مرتين.
442

أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث غندر عن شعبة وقال: سمعت أبا
جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى.
وأخرجه من حديث أبي عامر العقدي عن شعبة عن أبي جعفر مؤذن مسجد
العريان قال سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر يقول سمعت ابن عمر.
وروينا من وجه آخر عن أبي المثنى مضافا إلى بلال وفي رواية محمد بن
إسحاق بن يسار عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه:
كان الأذان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مثنى مثنى والإقامة فرادى فرادى.
قال أحمد:
في حديث أنس بن مالك في أذان بلال وإقامته وحديث ابن عمر في حكاية
الأذان والإقامة على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / وإضافته إلى بلال في بعض الروايات عنه
دلالة على ضعف حديث سويد بن غفلة والأسود بن يزيد في أذان بلال وإقامته مثنى
مثنى وذلك لانقياد حديث ابن عمر وأنس بن مالك وثقة رجاله وانقطاع حديث الأسود
وسويد إن صح الطريق إليهما فإنهما لم يدركا أذان بلال وإقامته بالمدينة لأنه لم يؤذن
بالمدينة بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] وقيل بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي رجال حديثهما
من لا يحتج به. والله أعلم.
وقد مضى بيان ذلك في الخلافيات.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى في رؤيا عبد الله بن زيد وأذان بلال.
590 - فأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد (البر) قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي
الحافظ حدثنا أحمد بن علي حدثنا محمد بن نصر قال أملى علينا الشافعي قال:
443

لا نعلم عبد الرحمن بن أبي ليلى رأى بلالا قط.
عبد الرحمن بالكوفة وبلال بالشام وبعضهم يدخل بينه وبين عبد الرحمن رجلا
لا نعرفه وليس يقبله أهل الحديث. قال أحمد البيهقي.
حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى في رؤيا عبد الله بن زيد الأذان والإقامة مثنى
مثنى.
وقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' علمها بلالا '.
وحكاية عبد الرحمن أذان بلال وإقامته في بعض الروايات عنه حديث مختلف
فيه على عبد الرحمن فروي عنه عن عبد الله بن زيد وروي عنه.
قال حدثنا أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] أن عبد الله بن زيد.
وروي عنه عن معاذ بن جبل في قصة عبد الله بن زيد قال محمد بن إسحاق بن
حزيمة:
عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ولا من عبد الله بن زيد بن
عبد ربه صاحب الأذان.
فغير جائز أن يحتج بخبر غير ثابت على أخبار ثابتة.
591 - وهذا فيما قرأته على أبي بكر أحمد بن علي الحافظ: أن أبا إسحاق
الأصفهاني أخبرهم أخبرنا محمد بن إسحاق بذلك.
وكما لم يسمع منهما لم يسمع من بلال ولا أدرك إقامته.
روينا عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه ولد لست بقين من خلافة
عمر بن الخطاب.
وروينا عن محمد بن إسحاق بن بشار أن معاذ بن جبل مات / بعمواس عام
الطاعون في خلافة عمر.
وعن موسى بن عقبة قال:
مات معاذ بن جبل سنة ثماني عشرة في طاعون عمواس.
عن محمد بن إسحاق بن بشار قال:
444

توفي بلال بدمشق سنة عشرين ويقال سنة ثماني عشرة.
وعن مصعب بن عبد الله بن الزبير قال:
توفي بلال سنة عشرين وكذلك ذكره الواقدي.
فصح بهذا كله انقطاع حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى كما قال الشافعي.
ومحتمل أن يكون الشافعي أراد حديثه عن بلال في المسح.
وقد ذكر بيانه في كتاب الطهارة. وانقطاع حديثه عن بلال في الإقامة أبين.
وعند الحجازيين حديث موصول عن عبد الله بن زيد وحديث مرسل عن ابن المسيب
في قصة عبد الله بن زيد أنه رأى في منامه فرادى.
أما الموصول فيما:
592 - أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا
أبو داود حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن
محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد
الله بن زيد بن عبد ربه حدثني أبو عبد الله بن زيد قال حدثني عبد الله بن زيد قال:
لما أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالناقوس يعمل ليضرب به الناس لجمع الصلاة طاف بي
وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت:
يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة.
قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟
فقلت له: بلى. قال فقال:
تقول: الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان مثنى مثنى ثم استأخر غير بعيد ثم قال:
ثم تقول إذا أقمت الصلاة:
الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله. حي على
الصلاة حي على الفلاح. قد قامت الصلاة. قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر. لا
إله إلا الله.
قال: فلما أصبحت أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فأخبرته بما رأيت فقال:
' إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فالق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى
445

صوتا منك ' فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به.
قال: / فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه فيقول:
والذي بعثك بالحق يا رسول الله: لقد رأيت مثل ما رأى.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فلله الحمد '.
593 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول
سمعت أبا بكر محمد بن يحيى المطرز يقول سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول:
ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا.
لأن محمدا سمع من أبيه وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقرأت في كتاب أبي عيسى الترمذي: سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا
الحديث فقال: هو عندي حديث صحيح.
قال أحمد:
وأما المرسل: فقد رواه يونس بن يزيد ومحمد بن إسحاق وغيرهما عن الزهري
عن سعيد بن المسيب في قصة عبد الله بن زيد.
وقد ذكرنا إسناده في كتاب السنن.
والترجيح بالزيادة إنما تجوز بعد ثبوت الزائد وقد ذكرنا ضعف رواية من روى
في قصة تثنية الإقامة ثم في حديث أنس بن مالك الذي قد اتفق أهل العلم بالحديث
على صحته.
وحديث عبد الله بن عمر دلالة عل أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة إن كانت
مثنى قبل ذلك وبالله التوفيق.
وإلى إفراد الإقامة ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري ومالك بن
أنس وأهل الحجاز وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز ومكحول والأوزاعي وأهل الشام.
446

وإليه ذهب الحسن البصري ومحمد بن سيرين وأحمد بن حنبل وأبو ثور ومن
تبعهم من العراقيين. وإليه ذهب يحيى بن يحيى وإسحاق الحنظلي ومن تبعهما من
الخراسانيين.
103 - [باب]
التثويب
قال الزعفراني في كتاب القديم: قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله:
أخبرنا الثقة عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد القرظ أن جده سعدا كان
يؤذن في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لأهل قباء حتى نقله عمر في خلافته فأذن في المدينة
في مسجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فزعم حفص أنه سمع من / أهله أن بلالا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] ليؤذنه بالصلاة صلاة
الصبح بعدما اذن فقيل أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نائم فنادى بأعلى صوته.
' الصلاة خير من النوم '.
فأقرت في تأذين الفجر منذ سنها بلال.
قال أبو عبد الله وأخبرنا غير واحد من أصحابنا عن أصحاب عطاء عن عطاء عن
أبي محذورة أنه كان لا يثوب إلا في أذان الصبح ويقول:
إذا قال: حي على الفلاح. الصلاة خير من النوم.
قال أبو عبد الله:
وأخبرنا رجل عن حفص بن محمد عن أبيه أن عليا كان يقول في أذان الصبح:
الصلاة خير من النوم.
قال أحمد:
447

ولهذا كان يقول الشافعي في القديم ثم كرهه في الجديد أظنه لانقطاع حديث
بلال وأبي محذورة وانقطاع الأثر الذي رواه فيه عن علي رضي الله عنه. وأنه لم يرو
في الحديث الموصول عن ابن محيريز عن أبي محذورة.
وقوله القديم في ذلك أصح فقد رواه الحارث عن عبيد عن محمد بن عبد
الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان
فعلمه إياها وقال:
' فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله
أكبر الله أكبر لا إله إلا الله '.
594 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
مسدد حدثنا الحارث بن عبيد فذكره.
ورواه ابن جريج عن عثمان بن السائب عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما علمه الأذان.
595 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرني عثمان بن
السائب قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره. وفيه: الصلاة خير من النوم. الصلاة خير من النوم. في الأولى من
الصبح.
قال أحمد:
ومرسل حفص بن عمر بن سعد حسن والطريق إليه صحيح.
596 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا
الحسن بن مكرم حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا يونس عن الزهري عن حفص بن
عمر بن سعد المؤذنين أن سعدا كان يؤذن لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال حفص فحدثني أهلي أن بلالا أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليؤذنه بصلاة الفجر
448

فقالوا: إنه نائم فنادى بأعلى صوته:
الصلاة خير من النوم.
فأقرت في صلاة الفجر.
وروينا في حديث محمد بن إبراهيم التيمي عن نعيم بن النحام ما دل على أن
منادي النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقول ذلك.
597 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحارث الأصفهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان
الأصفهاني حدثنا قاسم المطرز حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن
محمد - يعني ابن سيرين - عن أنس بن مالك قال من السنة إذا أذن المؤذن في أذان
الفجر: حي على الفلاح قال:
الصلاة خير من النوم. الصلاة خير من النوم.
وروينا عن عمر بن الخطاب بأنه علمه مؤذنه.
وروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان يقوله.
وبالله التوفيق.
104 - [باب]
صفة المؤذنين
598 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن يونس عن الحسن أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المؤذنون أمناء المسلمين على صلواتهم ' وذكر معها غيرها.
449

قال أحمد:
لعله يريد فيما:
599 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا علي بن الفضل بن محمد بن عقيل
أخبرنا أبو شعيب الحراني حدثنا علي بن المديني حدثنا محمد بن أبي عدي عن
يونس عن الحسن قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' المؤذنون أمناء [المسلمين] على صلاتهم وحاجتهم أو حاجاتهم '.
قال وحدثنا محمد بن أبي عدي قال أنبأنا يونس عن الحسن ذكر النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه
قال:
' الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين '.
أو قال: ' غفر الله للأئمة وأرشد المؤذنين ' شك ابن أبي علي.
600 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر / للمؤذنين '.
قال أحمد:
هذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه إنما رواه عن الأعمش عن أبي صالح
450

والأعمش لم يسمعه من أبي صالح يقينا إنما يقول فيه.
ثبت عن أبي صالح ولا أرى إلا قد سمعته منه. هكذا قاله عبد الله بن عمير عن
الأعمش.
ورواه رافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
105 - [باب]
الترغيب في الأذان
601 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا
محمد بن نصر المروذي وجعفر بن محمد قالا: حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على
مالك.
602 - (ح) قال وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا
إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح
السمان عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لو يعلم الناس ما في النداء والصف
الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير
لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا '.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس.
451

ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى.
وذكره الشافعي في كتاب البويطي:
ثم قال: وأحب الرغبة في الأذان والصف الأول وشهود العشاء والصبح لحديث
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
وقال في الأذان: هو من أفضل أعمال البر للأحاديث التي رويت في فضل ذلك
فذكر منها هذا الحديث.
106 - [باب]
عدد المؤذنين
603 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع.
أخبرنا الشافعي قال:
وأحب أن اقتصر من المؤذنين على اثنين لأن إنما حفظنا أنه أذن لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]
اثنان ولا يضيق أن يؤذن أكثر من اثنين.
604 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا محمد بن عبد الله بن عمير حدثنا أبي حدثنا عبد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
كان لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى.
رواه مسلم في الصحيح / عن محمد بن عبد الله بن نمير قال بعض أصحابنا:
واحتج الشافعي في الإملاء في جواز أكثر من اثنين بقصة عثمان قال: ومعروف أنه زاد
في عدد المؤذنين فجعله ثلاثا.
قال أحمد:
قد روينا في حديث السائب بن يزيد: أن المؤذن الثالث يوم الجمعة إنما أمر به
عثمان حين كثر أهل المدينة إلا أن أهل العلم يقولون:
المراد به التأذين الثالث مع الإقامة وذاك لأن في حديث السائب: وكان التأذين
452

يوم الجمعة حين يجلس الإمام.
فالذي زاد عثمان هو الأذان قبل خروج الإمام. وعلى هذا يدل كلام الشافعي
في كتاب الجمعة ولعله زاد أيضا في عدد المؤذنين.
والله أعلم.
107 - [باب]
رزق المؤذنين
قال الشافعي في القديم:
قد رزقهم إمام هدى عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا بأس بالاجتعال على
تعليم الخير قد زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] امرأة على سورة من القرآن. وهذا الحديث مخرج
في كتاب الصداق.
قال في الجديد: وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له
أمانة.
قال أحمد:
وقد روينا عن عثمان بن أبي العاص أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال له: من اتخذ مؤذنا لا
يأخذ على أذانه أجرا.
108 - [باب]
تعجيل الصلوات
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي:
453

أخبرنا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك عن عبد الله بن عمر عن القاسم بن
غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة وكانت فيمن بايعت النبي [صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل
أي الأعمال أفضل؟ فقال:
' الصلاة في أول وقتها '.
605 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
محمد بن عبد الله الخزاعي وعبد الله بن مسلمة قالا: حدثنا عبد الله بن عمر فذكره
بإسناده بنحوه:
لم يقل ابن مسلمة. وكانت ممن بايعت.
109 - [باب]
تعجيل الظهر وتأخيرها
606 - / أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم '.
وقال: اشتكت النار إلى ربها فقالت:
رب أكلي بعض بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف
فأشد ما تجدون من الحر فمن حرها. وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها.
454

رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان.
607 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو عبد الرحمن
السلمي وأبو نصر الفامي قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا
مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم '.
هو في الموطأ هكذا.
608 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله. رواه مسلم في
الصحيح عن قتيبة بن سعد عن الليث بن سعد.
609 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو النضر محمد بن
محمد بن يوسف الفقيه حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن
أبي أويس قال حدثني مالك بن أنس.
610 - ح وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد حدثنا أبو جعفر
الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى
الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان
عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم '.
وذكر أن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها في كل عام نفسين نفس في الشتاء
ونفس في الصيف.
كذا في كتابي وفي / رواية إسماعيل.
455

' فأبردوا عن الصلاة '.
وكذلك رواه الزعفراني عن الشافعي في القديم وهو الصحيح في هذه الرواية.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن موسى عن معن عن مالك.
قال الشافعي:
ولا يبلغ تأخيرها آخر وقتها. قالت عائشة: ما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخر صلاة
إلى الوقت الآخر.
وهذا الحديث بهذا اللفظ.
611 - وأخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا
محمد بن أحمد بن أبي الشلح حدثنا إسحاق بن أبي إسحاق الصفار حدثنا الواقدي
حدثنا ربيعة بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن عائشة.
قال الواقدي: وحدثنا عبد الرحمن بن عثمان بن وثاب عن أبي النضر عن أبي
سلمة عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخر صلاة إلى الوقت الآخر حتى
قبضه الله عز وجل.
ويحتمل أن يكون الشافعي سمعه من الواقدي وقد رويناه عاليا بإسناد صحيح
بمعناه.
612 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن صالح بن هاني حدثنا
الحسين بن الفضل البجلي حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الليث بن سعد عن أبي
النضر عن عمرة عن عائشة قالت:
ما صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله.
وكذلك رواه معلى بن عبد الرحمن عن الليث. ورواه قتيبة عن الليث عن
خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة.
456

110 - [باب]
العصر
613 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وإنما أحببت تقديم العصر لأن محمد بن إسماعيل أخبرنا عن ابن أبي ذئب عن
ابن شهاب عن أنس بن مالك، قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي العصر والشمس بيضاء حية ثم يذهب الذاهب إلى
العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة.
أخرجاه في الصحيح من أوجه أخر عن ابن شهاب الزهري.
وفي رواية الليث: فيأتيها والشمس مرتفعة حية / وقال الشافعي في القديم:
أخبرنا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن محمد بن عبد
الرحمن بن أبي ذئب عن الزهري عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيها والشمس
مرتفعة.
614 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر قال أخبرنا يونس بن
حبيب حدثنا أبو داود حدثنا ابن أبي ذئب فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال: إلى
العوالي.
457

فارغة
458

الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام أبو بكر قال الشافعي في القديم: أخبرنا مالك بن أنس عن
ابن شهاب عن أنس قال: كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيها
والشمس مرتفعة.
615 - أخبرناه علي بن أحمد قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن
إسحاق القاضي قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك فذكره بإسناده بنحوه إلا أنه
قال: فيأتيهم.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك (.....).
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال ولقد حدثتني
عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر.
616 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
أحمد بن إبراهيم - يعني ابن ملحان - قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك
فذكره.
459

أخرجاه من الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' صلوا العصر قدر ما يسير الراكب إلى ذي الحليفة ' وهذا منقطع.
وقد روينا في باب / المواقيت بإسناد موصول عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال:
رأيته يعني النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها
الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس وفي رواية
أخرى ستة أميال.
617 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي فأخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن
أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل بن معاوية الديلي قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله '.
كذا رواه ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب. ورواه سفيان بن عيينة في جماعة
عن ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] والحديث محفوظ
عنهما جميعا.
618 - أخبرنا الشيخ أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال أبو داود قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من ترك الصلاة فكأنما وتر أهله وماله '.
460

قال الزهري فذكرت ذلك لسالم فقال:
حدثني أبي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من ترك صلاة العصر '.
وقد أخرج البخاري ومسلم حديث صالح بن كيسان عن الزهري عن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود عن نوفل بن
معاوية بمثل حديث أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الفتن إلا أن أبا بكر يزيد فيه:
' ومن الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله '.
619 - أخبرنا أبو عبد الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف
قال أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال
أخبرني قال حدثني الأوزاعي قال أخبرني أبو النجاشي قال حدثني رافع بن خديج
الأنصاري قال:
كنا نصلي مع رسول الله صلاة العصر / ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم ثم
نطبخ فنأكل لحمها نضيجا قبل أن تغيب الشمس.
قال وكنا نصلي المغرب على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فينصرف أحدنا وإنه لينظر إلى
مواقع نبله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث الأوزاعي وكذلك رواه في
العصر: عثمان بن عبد الرحمن وحفص بن عبيد عن أنس بن مالك.
وفي ذلك أخبار عن دوام فعلهم وفيه دليل على خطأ ما رواه عبد الواحد وعبد
الحميد بن نافع أو نفيع عن ابن رافع بن خديج عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يأمرهم
بتأخير العصر. قال البخاري: لا يتابع عليه واحتج على خطئه بحديث أبي النجاشي
عن رافع.
وهذه الرواية الضعيفة لم تقع إلى الطحاوي فحمل حديث أبي النجاشي عن
461

رافع على أنهم كانوا يفعلون ذلك لسرعة عمل وفي حديثه أخبار عن دوام فعلهم
واحتج بأحاديث أنس بن مالك على أنه كان يؤخرها وكذلك بحديث أبي مسعود
وعائشة ولم يعلم أن كل أحد يعلم أن صلاة العصر إذا فعلت بعد ذهاب أول الوقت لم
يمكن السير بعدها إلى ذي الحليفة وهي على ستة أميال من المدينة قبل غروب
الشمس كما في حديث أبي مسعود. ولا السير إلى العوالي وهي على أربعة أميال من
المدينة حتى يأتيها والشمس مرتفعة حية يجد حرها كما في حديث أنس بن مالك.
قال الشافعي:
وحجر أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم].
في موضع منخفض من المدينة وليست بالواسعة وذلك أقرب لها من أن ترتفع
الشمس منها في أول وقت العصر.
قال أحمد:
وعائشة تقول: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي العصر والشمس في قعر حجرتي.
620 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي بلاغا عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة
عن عبد الله قال:
صلى العصر قدر ما يسير الراكب فرسخين.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن هشام بن عروة / عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي
موسى:
أن صل العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ.
قال وأخبرنا مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله أن صلوا العصر
والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة.
462

621 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك. فذكر حديث عمر بالإسنادين
جميعا.
وزاد في حديث هشام: وصل العتمة ما بينك وبين ثلث الليل فإن أخرت فإلى
شطر الليل ولا تكن من الغافلين.
وزاد في حديث نافع والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء إذا غاب الشفق إلى
ثلث الليل فمن نام فلا نامت عينه ثلاث مرات.
قال الشافعي:
وأخبرنا أبو صفوان صفوان عن ابن أبي ذئب عن أبي حازم التمار عن ابن
حديدة الجهني صاحب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
لقيني عمر بن الخطاب بالزوراء فسألني أين تذهب؟
فقلت: الصلاة. فقال طفقت فاسرع فذهبت [إلى] المسجد فصليت ثم
رجعت فوجدت جاريتي قد احتبست من الاستقاء فذهبت إليها بئر رومة فجئت بها
والشمس صالحة.
قال الشافعي:
قال المحتج فإن مالكا أخبرنا عن عمه عن أبيه: أن عمر كتب إلى أبي موسى
وصل العصر والشمس بيضاء نقية قبل أن تدخلها صفرة.
622 - أخبرنا أبو أحمد قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال محمد بن إبراهيم قال
حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك فذكره.
قال الشافعي:
فقلت له: قد تكون بيضاء قبل أن تدخلها صفرة في أول الوقت ووسطه وآخره.
وقد علمت أن مالكا روى هذا الحديث بعينه عن هشام بن عروة عن أبيه وعن
463

نافع عن عمر مفسرا على قولنا فاحتججت بحديث إما شك صاحبه فيه وإما لم
يحفظه.
فأدى ما أحاط به وسكت عما لم يحط.
والذي حفظ أولى من الذي لم يحفظ لأنه شاهد.
111 - [باب]
المغرب والعشاء
623 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي بعد حديث ابن عباس في إمامة جبريل عليه السلام النبي [صلى الله عليه وسلم] المغرب في
اليومين جميعا حين أفطر الصائم. وبهذا نقول فلا وقت للمغرب إلا أن تغيب الشمس
فيتم مغيبها.
قال وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق. فإذا ذهبت الحمرة فقد حلت الصلاة
ويؤذن حينئذ المؤذن ثم تكون الصلاة بعد الأذان معجلة أحب إلي لقول النبي [صلى الله عليه وسلم].
' أول الوقت رضوان الله '.
قال الشافعي:
ومن أصحابنا من ذهب إلى تأخيرها أحب إليه وروى في ذلك شيئا عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهذا مذهب ابن عباس وكان يتأول فيه:
* (وزلفا من الليل) *.
وقال في القديم:
وأحب إلي أن يؤخرها.
أما حديث ابن عباس: فقد مضى ذكره.
464

وأما حديث: ' أول الوقت رضوان الله ' ففيما:
624 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال
أخبرنا الحسين بن علي بن زياد قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا يعقوب بن الوليد
قال حدثنا عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أول وقت الصلاة رضوان الله وآخر وقت الصلاة عفو الله '.
625 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال
أخبرنا محمد بن هارون بن حميد التاجر قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا
يعقوب بن الوليد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه.
قال أحمد:
هذا الحديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني وهو منكر الحديث ضعفه
يحيى بن معين. وكذبه أحمد بن حنبل وسائر الحفاظ.
وقد روي هذا الحديث بأسانيد كلها ضعيف وإنما يروى عن محمد بن علي أبي
جعفر من قوله كذلك رواه أبو أويس عن جعفر عن أبيه من قوله.
وقد روي من وجه آخر عن جعفر مرفوعا ومرسلا.
626 - أخبرنا أبو عبد الله / الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد
الرحمن بن سهيل الدباس بمكة قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسحاق الكاتب
المديني قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي قال حدثنا موسى بن جعفر بن محمد
عن أبيه عن جده عن علي قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله '.
وأما الحديث في تأخير العشاء:
465

فهو فيما رواه الشافعي في موضع آخر بإسناده عن أبي برزة الأسلمي إلا أنه لم
يسق متنه بتمامه وفي تمام الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
أنه كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تضحض الشمس ويصلي
العصر ويرجع أحدنا إلى أهله في أقصى المدينة والشمس حية.
قال عوف: ونسيت ما قال في المغرب. وكان يحب أن يؤخر صلاة العشاء
التي تدعونها العتمة [قال] وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها.
وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يع يعرف أحدنا جليسه ويقرأ فيها من
الستين إلى المائة.
627 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن يعقوب المعدل وأبو
العباس محمد بن يعقوب قالا: حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن
عطاء قال أخبرنا عوف بن أبي جميلة عن أبي المنهال سنان بن سلامة أن أباه قال لأبي
برزة حدثنا كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي المكتوبة؟ فذكره.
وهو مخرج في الصحيحين.
وروينا عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يؤخر صلاة العشاء الآخرة.
ومضت رواية الشافعي بإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة '.
وأما الأثر عنه عن ابن عباس:
628 - ففيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد
466

سمع ابن عباس يستحب تأخير العشاء ويقرأ
* (وزلفا من الليل) *.
وروينا في حديث / مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه أن عمر بن الخطاب: كتب
إلى أبي موسى الأشعري أن صل الظهر إذا زاغت الشمس والعصر والشمس بيضاء
نقية قبل أن تدخلها صفرة والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء ما لم تنم. وصل
الصبح والنجوم بادية واقرأ فيهما سورتين طويلتين من المفصل.
629 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره.
112 - [باب]
الصبح
630 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت: كن نساء من المؤمنات يصلين مع النبي [صلى الله عليه وسلم] الصبح ثم ينصرفن وهن
متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
631 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد
الرحمن عن عائشة قالت: إن كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليصلي الصبح فينصرف النساء
متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
467

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وفي رواية القاسم بن محمد عن عائشة قالت: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي
الصبح فذكرته.
وروي عن أم سلمة بمعناه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وروى زيد بن ثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما يوافق هذا وروي مثله عن أنس بن مالك
وسهيل بن سعد الساعدي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
632 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا روح قال أخبرنا هشام بن أبي عبد
الله عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال: تسحرنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم قمنا إلى
الصلاة.
قال قلت: كم كان بين ذلك؟ قال:
قدر ما يقرأ / الرجل خمسين آية.
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام وغيره.
633 - أخبرنا أبو عمر ومحمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر
الإسماعيلي قال حدثنا أبو بكر الفريابي قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم يعني دحيم
قال حدثنا أنس بن عياض قال حدثني عبد الله بن عامر عن أبي حازم عن سهل بن
سعد قال كنت أتسحر في أهلي ثم يكون سرعة أن أدرك صلاة الغداة مع رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
رواه الشافعي في القديم عن أنس بن عياض. وأخرجه البخاري من حديث
468

سليمان بن بلال وعبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم.
وقال أيضا في القديم:
أخبرنا أبو صفوان عن عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن
أم فروة وكانت ممن بايعت النبي [صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل أي الأعمال أفضل فقال:
' الصلاة في أول وقتها '.
634 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عبد الله بن
عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب فذكره بإسناده ومعناه.
قال أبو عبد الله الشافعي في القديم:
بعد حديث سهل الساعدي وكذلك صلى أئمة الهدى من بعده.
أخبرنا ابن أبي الكناني الخزاعي عن عمرو بن دينار قال كان ابن الزبير يقول
وقت صلاتي هذه وقت صلاة أبي بكر. قال وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار
قال كنا نصلي الصبح مع أن الزبير ثم ادخل جيادا فأقضي حاجتي وما أعرف وجه
صاحبي.
قال وأخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وعن لقيط عن ابن الزبير قال: كنت
أصلي مع عمر بن الخطاب الصبح ثم انصرف وما أعرف وجه صاحبي.
635 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا أحمد بن الفضل العسقلاني قال حدثنا بشر بن بكير قال حدثنا الأوزاعي قال
حدثني نهيك بن يريم قال حدثني مغيث بن سمي أن الزبير غلس بصلاة الفجر /
فأنكرت ذلك فلما سلم التفت إلى ابن عمر قلت: ما هذه الصلاة؟ وهو إلى جانبي
فقال: هذه صلاتنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر فلما قتل أسفر بها عثمان.
469

قال الشافعي في القديم:
وبذلك خرج كتاب عمر بن الخطاب إلى الأمصار وكتاب عمر الدليل على
الثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وموضع الفصل فيما صنعوا.
636 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك
عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن صل الصبح والنجوم
بادية واقرأ فيهما سورتين طويلتين من المفصل.
قال وحدثنا مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله فذكر الحديث
وفيه: وصلوا الصبح والنجوم بادية مشتبكة.
رواهما الشافعي عن مالك بهذا المعنى.
قال وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة أن الغرافصة بن عمير قال:
ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان
يرددها.
637 - أخبرنا أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك فذكر حديث عثمان.
قال في القديم:
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أن الحجاج أسفر
فقال له ابن عمر في ذلك فقال:
إنا قوم محاربون خائفون.
فقال ابن عمر: ليس بك خوف أن تصلي الصلاة لوقتها وصلى معه ابن عمر
يومئذ.
470

638 - أخبر أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي
عن ابن علية عن عوف عن سيار بن سلامة أبي المنهال عن أبي برزة الأسلمي أنه
سمعه يصف صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال كان يصلي الصبح ثم ينصرف وما يعرف الرجل
منا جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المائة.
كذا أخبرنا به في كتاب علي وعبد الله وذلك الكتاب لم يقرأ على الشافعي.
فيحتمل أن يكون قوله: وما يعرف الرجل منا جليسه وهما من / الكاتب.
ففي سائر الروايات حين يعرف الرجل منا جليسه وزاد بعضهم الذي كان يعرفه.
639 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال: قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة وفي رواية أبي سعيد عن ابن عيينة عن
شبيب بن غرقدة عن حبان بن الحارث قال: أتيت عليا وهو يعسكر بدير أبي موسى
فوجدته يطعم فقال: أدن فكل. قلت: إني أريد الصوم. قال وأنا أريده فدنوت فأطعمت فلما فرغ قال: يا بن التياح. أقم الصلاة.
640 - وأخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال كان علي يخرج إلينا
ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول الصلاة [الصلاة] فإذا قام الناس قال: نعم
ساعة الوتر هذا فإذا طلع الفجر صلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة.
641 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي
عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة قال كان عبد الله - وهو ابن مسعود -
يصلي الصبح نحوا من صلاة أمير المؤمنين - يعني ابن الزبير - وكان ابن الزبير يغلس.
وعن رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو الشيباني قال كان عبد
الله يصلي بنا الصبح بسواد أو قال: بغلس فيقرأ السورتين.
642 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي:
471

وتقديم صلاة الفجر في أول وقتها عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود
وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وغيرهم مثبت.
فقيل للشافعي: فإن أبا بكر وعمر وعثمان دخلوا في الصلاة مغلسين وخرجوا
منها مسفرين بإطالة القراءة.
قال الشافعي:
قد أطالوا القراءة وأوجزوها والوقت في الدخول لا في الخروج من الصلاة
وكلهم دخل مغلسا وخرج النبي [صلى الله عليه وسلم] وسلم منها مغلسا.
وفي الأحاديث عن بعضهم أنه خرج منها مغلسا.
قال الشافعي:
وقال بعض الناس الإسفار بالفجر أحب إلينا.
وذكر حديث / رافع.
643 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن عاصم بن
عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أسفروا بصلاة الفجر فإن ذلك أعظم للأجر - أو قال - أعظم لأجوركم '.
فرجح الشافعي حديث عائشة بأنه أشبه بكتاب الله لأن الله تعالى يقول:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) *.
فإذا حل الوقت فأولى المصلين بالمحافظة المقدم للصلاة وهو أيضا أشهر رجالا
بالثقة وأحفظ.
ومع حديث عائشة ثلاثة كلهم يروون عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معنى حديث عائشة
472

زيد بن ثابت وسهل بن سعد وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يأمر بأن تصلى صلاة في وقت
يصليها في غيره.
وهذا أشبه بسنن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر حديث ' أول الوقت رضوان الله وآخره عفو
الله ' وهو لا يؤثر على رضوان الله شيئا والعفو لا يحتمل إلا معنيين عفو عن تقصير أو
توسعه.
والتوسعة تشبه أن يكون الفضل في غيرها إذا لم يؤمر بترك ذلك الغير الذي
وسع في خلافه يريد الوقت الأول.
قال وقد أبان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مثل ما قلنا.
وسئل أي الأعمال أفضل فقال:
الصلاة في أول وقتها '.
وهو لا يدع موضع الفضل ولا يأمر الناس إلا به.
قال والذي لا يجهله عالم أن تقديم الصلاة في أول وقتها أولى بالفضل لما
يعرض للآدميين من الانشغال والنسيان والعلل وذكر تقديم صلاة الفجر عن
الصحابة الذين سماهم قبل هذا.
قال الشافعي في حديث رافع:
له وجه يوافق حديث عائشة ولا يخالفه وذلك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما حض الناس
على تقديم الصلاة وأخبر ما يفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين من يقدمها قبل
الفجر الآخر فقال:
' أسفروا بالفجر '.
حتى يتبين الفجر الآخر معترضا.
وحكي في القديم عن ابن عمر أنه / صلى بمكة مرارا فكما بان له أنه صلاها
قبل الفجر أعاد.
473

وأن أبا موسى فعل ذلك بالبصرة فيما بلغنا.
فلا ندري لعل الناس في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد كانوا يفعلون شبيها بفعلهما
حين أخبروا بالفعل في الوقت فأراد النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما نرى الخروج من الشك حتى يصلي
المصلي بعد اليقين بالفجر فأمرهم بالإسفار أي بالتبيين.
قال في الجديد:
وإذا احتمل أن يكون موافقا للأحاديث كان أولى بنا أن لا ننسبه إلى الاختلاف
وإن كان مخالفا فالحجة في تركنا تحديثنا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما وصف من الدلائل
معه.
قال أحمد:
وقد ذكر الطحاوي الأحاديث التي وردت في تغلس النبي [صلى الله عليه وسلم] ومن بعده من
الصحابة بالفجر ثم زعم أن ليس فيها دليل على الأفضل وإنما ذلك في حديث رافع.
ولم يعلم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يداوم إلا على ما هو الأفضل وكذلك أصحابه من
بعده.
فخرج من فعل أصحابه بأنهم كانوا يدخلون فيها مغلسين ليطيلوا القراءة
ويخرجوا منها مسفرين وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنما خرج منها مغلسا قبل أن يشرع فيها طول
القراءة فاستدل على النسخ بفعلهم ولم يعلم أن بعضهم كانوا يخرجون منها مغلسين
كما روينا عنهم.
وقال عمرو بن ميمون الأودي:
صلينا مع عمر بن الخطاب صلاة الفجر ولو أن ابني مني ثلاثة أذرع لم أعرفه
إلا أن يتكلم.
474

ثم احتج بحديث عائشة أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المدينة وصل إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنها وتر وصلاة الصبح
لطول قراءتها.
وزعم أن الزيادة في الصلاة وإطالة القراءة كانتا معا وظاهر الحديث يدل على
أن الزيادة في الصبح إنما لم تشرع لطول قراءتها المشروع فيها قبلها. ثم حمل
حديث عائشة في التغليس على أن ذلك كان قبل أن يشرع فيها طول القراءة.
وعائشة قد أخبرت أن الزيادة في الصلاة كانت حين قدم / المدينة.
وغيرها يقول حين فرضت قبل قدومه المدينة.
وعلى زعمه حين شرع القراءة فيها حين زيد في عدد غيرها وعائشة إنما حملت
حديث التغليس وهي عند النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة وكذلك أم سلمة.
وإنما تزوج بها بعد ما هاجر بسنتين فكيف يكون منسوخا بحكم تقدم عليه.
كيف وقد أخبرنا عن دوام فعله وفعل النساء معه.
وروينا عن جابر بن عبد الله الأنصاري في حديث مخرج في الصحيحين من
حديث عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصليها بغلس.
وفي حديث أبي مسعود الأنصاري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى الصبح بغلس ثم صلاها
يوما فأسفر بها ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله.
وهذا كله يدل على بطلان النسخ الذي ادعاه الطحاوي في حديث عائشة
وغيرها في التغليس.
والطريق الصحيح في ذلك أن تحمل الأحاديث التي وردت في الاخبار عن
تغليس النبي [صلى الله عليه وسلم] وبعض أصحابه بالصبح على أنهم فعلوا ما هو الأفضل لأن ذلك كان
أكثر فعلهم.
ويحمل حديث رافع على تبيين الفجر باليقين وإن كان يجوز الدخول فيها في
الغيم بالاجتهاد قبل التبيين.
475

وحديث من أسفر بها على الجواز.
وبالله التوفيق.
113 - [باب]
صلاة الوسطى
644 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم
عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال:
أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت: إذا بلغت هذه الآية فأذن.
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) *.
فلما بلغتها أذنتها فأملت علي:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) * وصلاة العصر * (وقوموا لله قانتين) *
قالت عائشة:
سمعتها من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك. ورويناه في كتاب
السنن أيضا عن حفصة بنت عمر وعن ابن عباس أنه قرأها كذلك. / وروي في حديث
حفصة والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر وتلك الرواية لا تصح.
قال الشافعي في حديث سنن حرملة:
فحديث عائشة أنها سمعت من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
476

وصلاة العصر يدل على الوسطى ليست العصر.
قال الشافعي:
واختلف بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] في الوسطى فروي عن علي وروي عن ابن
عباس أنها الصبح.
قال الشافعي:
وإلى هذا نذهب.
وقال في كتاب اختلاف الأحاديث:
فذهبنا إلى أنها الصبح ثم علق القول في ذلك.
645 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عفان بن
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك
أنه بلغه أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس كانا يقولان: الصلاة الوسطى صلاة
الصبح. قال مالك وذلك رأيي.
646 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا عمرو بن حبيب عن عوف بن أبي رجاء قال:
صلى بنا ابن عباس صلاة الصبح فقنت قبل الركوع فلما انصرف قال:
هذه صلاة الوسطى التي قال الله عز وجل فيها:
* (وقوموا لله قانتين) *.
647 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال أخبرنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن
أسلم قال: سمعت ابن عمر يقول: هي صلاة الصبح.
قال أحمد البيهقي:
وهذا قول عطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة.
477

ووقع للشافعي هذا القول بمعان نقلناها إلى المبسوط ثم ما ورد عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
في فضل صلاة الصبح منها.
648 - ما أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال أخبرنا
إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي قال حدثنا
أبو اليمان قال أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب
وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا وتجتمع
ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر '.
ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم:
* (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) *.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن إسحاق عن أبي اليمان.
قال الشافعي:
والصلوات مشهودات فأشبه أن يكون قول الله عز وجل: * (مشهودا) * بأكثر مما
تشهد له الصلوات أو أفضل مما تشهد له الصلوات أو * (مشهودا) * بنزول الملائكة له.
قال الشافعي:
ويقال: ' من شهد الصبح فكأنما قام ليلة ' ولم يقل هذا في صلاة غيرها إنما قيل
في العشاء نصف ليلة.
قال: وكل الصلوات عظيم الموقع من الله جل ثناؤه مثاب أهله عليه إن شاء
الله.
قال أحمد:
قوله: ' من شهد الصبح فكأنما قام ليلة ومن شهد العشاء فكأنما قام نصف
ليلة '.
478

أخرجه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن
عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن عثمان بن عفان موقوفا عليه.
649 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال محمد بن
إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره وقد رواه عثمان بن حكيم عن عبد
الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرفوعا.
650 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا
محمد بن عيسى الواسطي قال حدثنا عبيد الله بن عائشة عن عبد الواحد بن زياد عن
عثمان بن حكيم قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة قال:
صليت ثم دخلت المسجد فإذا عثمان جالس وحده قال فاعتمت قال: من أنت؟
قلت:
أنا عبد الرحمن بن أبي عمرة.
قال: ابن أخي سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' من صلى العشاء في جماعة
فكأنما قام شطر الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الواحد بن زياد وغيره قال الشافعي:
وروي عن زيد بن ثابت الظهر.
651 - أخبرنا / أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا أبو سهل بن زياد القطان قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي قال حدثنا شعبة
عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن زيد بن ثابت قال:
صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وكذلك رواه ابن يربوع المخزومي وغيره عن زيد بن ثابت. وروي من وجه آخر
عن زيد أنه احتج في ذلك بأن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
479

كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في
قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله عز وجل:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) *.
وإسناده مختلف فيه.
وروي عن ابن عمر وأسامة بن زيد وأبي سعيد الخدري من قولهم.
قال الشافعي:
وروي عن غيره العصر. وروي فيه حديثا عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
652 - أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن خالد البزار بهمدان قال حدثنا أبو
القاسم عبد الرحمن بن الحسن قال حدثنا خالد يعني ابن خداش - قال حدثنا أبو
عوانة عن عاصم عن زر قال: قلت لعبيدة السلماني سل عليا عن الصلاة الوسطى
فسأله عنها فقال:
لما كان يوم الأحزاب أخرنا الصلاة - يعني العصر - حتى أرهقنا فقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اللهم املأ أجواف هؤلاء القوم نارا واملأ بيوتهم وقلوبهم نارا كما شغلونا عن
صلاة الوسطى '.
قال: وكنا نراها قبل ذلك الغداة حتى سمعنا هذا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فهي
العصر.
ورواه محمد بن سيرين وأبو حسان عن عبيدة عن علي بن أبي طالب عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] دون قول علي وهو مخرج في الصحيح.
653 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا أبو عامر العقدي عن محمد بن طلحة عن زيد بن
مرة عن عبد الله قال:
480

شغل المشركون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس أو
احمرت فقال:
' شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا - أو قال - حشا الله
قبورهم وأجوافهم / نارا '.
654 - أخبرنا أبو محمد جناح بن يزيد الكوفي قال أخبرنا أبو جعفر بن دحيم
قال حدثنا أحمد بن حازم قال أخبرنا الفضل بن دكين وعون بن سلام قالا: حدثنا
محمد بن طلحة فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال: ' عن الصلاة الوسطى: صلاة العصر
ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا '.
رواه مسلم في الصحيح عن عون بن سلام وروينا عن الحسن عن سمرة بن
جندب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الوسطى صلاة العصر '.
ورويناه عن أبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمرو بن العاص
وأبي هريرة من قولهم.
ورويناه عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة
رضي الله عنهم.
وروينا عن البراء بن عازب أنه قال:
481

قرأنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زمانا:
حافظوا على الصلوات وصلاة العصر.
ثم قرأناها بعد:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) *.
فلا أدري أهي هي أم لا؟
وقد ذكرناه بإسناده في كتاب السنن وإنما يروى ها هنا ما رواه الشافعي أو أشار
إليه أو ما لا بد منه وبالله التوفيق.
114 - [باب]
استقبال القبلة
655 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن
دينار عن عبد الله بن عمر: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت
وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن
قتيبة عن مالك.
656 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب
أنه قال: صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ستة عشر شهرا نحو بيت / المقدس ثم حولت القبلة قبل
بدر بشهرين.
وذكر الشافعي في رواية المزني في ترتيب نزول الآيات في القبلة تفصيل ما في
جملة:
657 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد
482

الفقيه بالري قال حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا والله أعلم
شأن القبلة.
قال الله عز وجل:
* (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) *.
فاستقبل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق فقال:
* (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) *.
يعنون بيت المقدس فنسخها وصرفه الله إلى البيت العتيق فقال:
* (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) *.
قال الشافعي في قوله: * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * يعني والله أعلم: فثم
الوجه الذي وجهكم الله إليه.
658 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف
الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا النفيلي قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو
إسحاق عن البراء أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان أول ما قدم المدينة على أجداده أو قال أخواله
من الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان
يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر فصلى معه قوم
فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد لقد صليت
مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قبل مكة. فداروا كما هم قبل البيت.
وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي قبل بيت المقدس وأهل
الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك وأنه مات على غير قبلة قبل أن تحول
إلى البيت رجال وقتلوا فلم ندر ما يقول فيهم فانزل الله عز وجل:
483

* (وما كان الله ليضيع إيمانكم) *.
رواه البخاري في الصحيح عن عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية.
قال الشافعي:
فأعلم الله أن صلاتهم إيمان فقال:
* (وما كان الله ليضيع إيمانكم) *.
قال: وقوله عز وجل:
* (فول وجهك شطر المسجد الحرام) *.
فشطره وتلقاء وجهته واحد في كلام العرب.
قال أحمد:
عن علي بن أبي طالب أنه قال: شطره: قبله.
وعن ابن عباس ومجاهد: شطره: يعني نحوه.
روينا عن أسامة بن زيد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما دخل البيت دعا في نواحيه ولم يصل
فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة ثم قال:
' هذه القبلة '.
والذي روي مرفوعا البيت:
' البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل
الأرض. حديث ضعيف لا يحتج به.
484

وكذلك ما روي عن جابر وغيره في صلاتهم في ليلة مظلمة كل رجل منهم على
حياله وخطهم خطوطا وأنهم أصبحوا أو أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فذكروا ذلك
للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' مضت صلاتكم ' ونزلت:
* (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) *.
حديث ضعيف لم يثبت فيه إسناد.
وقد روينا عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في فرض الصلاة إلى بيت المقدس
ثم نسخت حين حولت القبلة إلى الكعبة.
وروينا عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي وهو مقبل من مكة على راحلته حيث كان وجهه. قال
وفيه نزلت:
* (فأينما تولوا فثم وجه الله) *.
659 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أبو
المثنى قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن
جبير فذكره. رواه مسلم في الصحيح عن القواريري عن يحيى بن سعيد وهو أصح ما
روي في نزول هذه الآية.
والله أعلم.
115 - [باب]
النافلة في السفر حيث ما توجهت به راحلته
660 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن / عبد الله بن
485

دينار عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي على راحلته في السفر حيث
ما توجهت به.
ورواه المزني عن الشافعي وزاد فيه وكان ابن عمر يفعل ذلك.
661 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بزيادته. رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن
يحيى عن مالك.
662 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن
أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر.
قال الشافعي: يعني النوافل.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
663 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو محمد بن يوسف الأصبهاني وأبو زكريا وأبو بكر
وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة
عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غزوة بني أنمار كان يصلي على راحلته
موجها قبل المشرق.
قال في كتاب حرملة: هذا ثابت عندنا وبه نأخذ.
486

رواه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب.
664 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
[أخبرنا الربيع] قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثل معناه.
قال الشافعي:
لا أدري سمي بني أنمار أولا. أو قال: في سفر.
665 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج
قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو
يصلي / على راحلته النوافل في كل جهة.
ورواه حجاج بن محمد عن ابن جريج وزاد فيه:
لكنه يخفض السجدتين من الركعة يومي إيماء.
ورواه سفيان الثوري عن أبي الزبير فقال: والسجود أخفض من الركوع.
115 مكرر - [باب]
الوتر على الراحلة
دون المكتوبة
666 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
أوتر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على البعير.
667 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أبي بكر بن عمر بن عبد
487

الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار قال كنت أسير مع عبد
الله بن عمر بطريق مكة. قال سعيد:
فلما جئت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركته فقال عبد الله بن عمر: أين كنت؟
فقلت له:
خشيت الفجر فنزلت فأوترت فقال:
أليس لك برسول الله أسوة؟ فقلت:
بلى والله. قال:
فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يوتر على البعير. ورواه الزعفراني عن الشافعي في
القديم بمعناه.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى
كلاهما عن مالك. وأخرجاه من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] كان يسبح على الراحلة قبل أي وجهة توجهه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي
عليها المكتوبة.
668 - وأخبرنا أبو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد الأسفرائيني بها قال
أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد قال حدثنا حمزة بن محمد الكاتب قال حدثنا نعيم بن
حماد حدثنا يحيى بن حمزة ومحمد بن يزيد الواسطي عن النعمان بن المنذر الدمشقي
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لعائشة يا أم المؤمنين هل رخص للنساء الصلاة على
الدواب فقالت:
ما رخص لهن في ذلك في هزل ولا جد.
وقال أحدهم في شدة ولا رخاء.
وهذا والله أعلم في المكتوبة.
488

/ قال الشافعي في القديم:
حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان يوتر على
الراحلة.
قال وأخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يوتر على
الراحلة.
669 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن جعفر عن سفيان عن إسماعيل بن أمية
عن نافع: انه ابن عمر كان يوتر على راحلته.
وبإسناده عن سفيان عن ثوير يعني ابن أبي فاختة عن أبي عن علي بن أبي
طالب: أنه كان يوتر على راحلته يومي إيماء.
670 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وسئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الإسلام فقال: ' خمس صلوات في اليوم والليلة '.
فقال السائل: هل علي غيرها؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
قال الشافعي:
فرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع.
وقد مضى هذا الحديث بإسناده.
489

116 - [باب]
الصلاة في شدة الخوف
قال الله عز وجل:
* (فرجالا أو ركبانا) *.
671 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن عبد الله بن عمر كان
إذا سئل عن صلاة الخوف قال:
يقدم الإمام وطائفة ثم قص الحديث وقال ابن عمر في الحديث:
فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير
مستقبليها.
قال مالك قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أبو سعيد في روايته قال الشافعي وأخبرنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم
عن أبيه.
وقد أخبرنا به أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب فذكره وهو ثابت من جهة
موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في صلاة شدة الخوف.
117 - [باب]
صفة الصلاة (...)
النية في الصلاة وما يدخل به فيها من التكبير
قد ذكرنا حديث عمر بن الخطاب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' إنما الأعمال بالنيات '.
490

672 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي على فرض الله عز وجل الصلاة وأبان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عدد كل واحدة منهن
ووقتها وما يعمل فيهن وفي كل واحدة منهن وأبان الله أن منهن نافلة وفرضا فقال
لنبيه [صلى الله عليه وسلم].
* (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) * الآية.
ثم أبان ذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكان بينا والله [تعالى] أعلم.
كان في الصلاة نافلة وفرض وكان الفرض منها موقتا أن لا يجزي عنه أن يصلي
صلاة إلا بأن ينوها مصلها. قال: وكان على المصلي في كل صلاة واجبة أن
يصليها متطهرا بعد الوقت ومستقبل القبلة وينويها بعينها ويكبر لها فإن ترك واحدة
من هذه الخصال لم تجزه صلاته.
673 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد
الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم '.
قال أحمد:
ورواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان.
قال الشافعي:
491

وكذلك روي عن ابن مسعود.
674 - أخبرناه أبو سعيد الخطيب قال حدثنا أبو بحر قال حدثنا بشر بن موسى
قال حدثنا الحميدي قال حدثنا وكيع قال حدثنا الثوري عن أبي إسحاق عن أبي
الأحوص قال قال عبد الله بن مسعود:
تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم.
118 - [باب]
متى يكبر الإمام
675 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الوهاب عن حميد الطويل عن أنس / بن
مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقبل على أصحابه بوجهه بعد ما أقيمت الصلاة قبل أن يكبر
فقال:
' أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم خلف ظهري '.
قال الشافعي في رواية حرملة:
هذا ثابت عندنا وبهذا نقول.
قال أحمد:
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث زائدة وزهير عن حميد. وروينا عن
محمد بن مسلم صاحب المقصورة عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
كان إذا قام إلى الصلاة أخذ هذا العود بيمينه ثم التفت فقال:
' اعتدلوا سووا صفوفكم '.
492

ثم أخذه بيساره فقال:
' اعتدلوا سووا صفوفكم '.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن عمر كان يأمر رجالا بتسوية الصفوف فإذا
جاءوا فأخبروه أن الصفوف قد استوت كبر.
قال: وأخبرنا مالك عن عمه عن أبيه قال جئت عثمان بن عفان وقد أقيمت
الصلاة وأنا غلام أسأله أن يفرض لي فكلمته حتى أتاه الذي أمره بتسوية الصفوف أن
قد استوت فقال: ادخل في الصف وكبر.
676 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزني قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكرهما أتم منه بمعناه.
677 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن يحيى بن أبي كثير
عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني '.
أخرجاه في الصحيح.
ورواه عيسى بن يونس عن عبد الرزاق عن معمر وزاد حتى تروني قد خرجت.
رواه مسلم عن إسحاق الحنظلي عنهما.
وأما حديث عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال قال بلال لرسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
493

لا تسبقني بتأمين.
فهكذا رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم مرسلا.
وقيل: عن أبي عثمان عن بلال وهو أيضا مرسل - وقيل: عن أبي عثمان عن
سلمان قال: قال بلال وهو ضعيف ليس بشيء.
وروي / عن شعبة بن الحجاج عن عاصم عن أبي عثمان عن بلال أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تسبقني بتأمين '.
هكذا ذكره أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك من حديث روح وآدم عن
شعبة.
وكذلك ذكره الشيخ أبو بكر بن إسحاق الضبعي في كتابه.
ورواه شيخنا أبو عبد الله عن مسند أحمد بن حنبل عن محمد بن فضيل عن
عاصم عن أبي عثمان قال: قال بلال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
' لا تسبقني بتأمين '.
فإن كان ذلك محفوظا فيرجع الحديث إلى معنى ما روينا في الحديث الثابت
عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أمن الإمام فأمنوا '.
والله أعلم.
494

وأما حديث العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى كان إذا قال بلال: قد
قامت الصلاة نهض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكبر.
فهذا لا يرويه إلا: حجاج بن فروخ وكان يحيى بن معين يضعفه.
وروينا عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] أن بلالا أخذ في الإقامة
فلما قال: قد قامت الصلاة. قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أقامها الله وأدامها '.
وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان وهذا يخالف رواية حجاج بن
فروخ.
ويخالفه أيضا ما ذكرنا من الحديث عن أنس بن مالك وغيره.
119 - [باب]
رفع اليدين في التكبير في الصلاة
678 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن
سالم بن عبد الله عن أبيه قال رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعدما يركع.
ولا يرفع بين السجدتين.
495

قال الشافعي رحمه الله:
وقد روى هذا سوى ابن عمر إثنا عشر رجلا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وبهذا نقول.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
وأخرجاه من أوجه أخر عن الزهري.
قال أحمد:
اتفقت رواية مالك بن أنس وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وشعيب بن /
أبي حمزة وسفيان بن عيينة وعقيل بن خالد وغيرهم عن الزهري في الرفع حذو
المنكبين.
وكذلك هو في رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكذلك في رواية علي بن أبي طالب وفي رواية أبي حميد الساعدي في عشرة
من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي إحدى الروايات عن وائل بن حجر وفي رواية أخرى عن وائل رفع يديه
حيال أذنيه وربما قال حذاء أذنيه.
وقال في رواية أخرى وفي رواية مالك بن الحويرث حتى يحاذي بهما فروع
أذنيه.
وفي رواية أخرى حتى يجعلهما قريبا من أذنيه.
وفي رواية أخرى حذو منكبيه.
فإما أن يكون الأمر في ذلك واسعا أو يترك الاختلاف ويأخذ بما اتفقوا عليه.
قال الشافعي:
لأنها أثبت إسنادا وأنها حديث عدد والعدد أولى بالحفظ من الواحد.
وقال في موضع آخر:
وحديثنا عن الزهري أثبت إسنادا ومعه عدد يوافقونه ويحددونه تحديدا لا يشبه
496

الغلط. والله أعلم.
قال أحمد:
روينا عن الأسود بن يزيد أن عمر بن الخطاب كان يرفع يديه إلى المنكبين
وكذلك كان يفعل عبد الله بن عمرو وأبو هريرة.
وقد قيل يرفع يديه بحيث تكون ظهور راحتيه حذو منكبيه ورؤوس أصابعه حذو
فروع أذنيه أو قريبا منها جمعا بين الروايات.
وحكاه بعض أصحابنا عن الشافعي بمعناه.
واعتمد الطحاوي على حديث وائل بن حجر في الرفع حذو الأذنين وحمل سائر
الأحاديث على أنها وردت في الرفع في الثياب لعلة البرد إلى ما ينتهي ما يستطاع
الرفع إليه وهما المنكبان. وغفل عن رواية سفيان بن عيينة وغيره عن عاصم بن كليب
عن أبيه عن وائل بن حجر.
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة يرفع حذو منكبيه وإذا ركع وبعد ما يرفع
رأسه من الركوع.
قال وائل ثم اأيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
679 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا سفيان فذكره.
وكذلك رواه / الحميدي وغيره عن سفيان.
وكذلك روي عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم.
وكذلك عبد الجبار بن وائل عن أبيه.
فهلا جعل هذه الرواية أولى من رواية من روي عنه حذاء أذنيه لموافقتها رواية
غير وائل ممن سميناهم ولا يحمل رواية الجماعة على النادر من الأحوال مع أنه قد
يستطاع الرفع في الثياب إلى الأذنين وفي زعمه إلى المنكبين ولم يرفعهما في روايته
إلا إلى صدره فكيف حمل سائر الأخبار على خبره. وليس فيه ما حملها عليه؟
497

وقد خالفه في موضعين آخرين في الرفع عند الركوع ورفع الرأس منه.
وقال من الطعن في روايته ما لا يجوز قوله في رواية أحد من الصحابة.
وبالله التوفيق.
120 - [باب]
وضع اليمين على الشمال في الصلاة
ذكره الشافعي في القديم في رواية الزعفراني عنه وحكاه المزني في المختصر
وقد ثبت عن علقمة بن وائل عن أبيه أنه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وضع يده اليمنى على يده
اليسرى في الصلاة.
680 - أخبرناه علي بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا جعفر بن
محمد بن شاكر قال حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة عن عبد
الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه
رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره في حديث طويل.
وقد رواه مسلم في الصحيح عن زهير عن عفان.
وروينا عن سهل بن سعد أنه قال:
كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في
الصلاة.
وقال أبو حازم: ولا أعلمه إلا أنه ينمى ذلك. يعني يرفعه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
681 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
أخبرنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي
فيما قرأ على مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد. رواه البخاري في الصحيح عن
القعنبي.
498

ورويناه عن ابن مسعود وغيره عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروى أبو داود / في المراسيل عن أبي توبة عن الهيثم عن ثور عن سليمان بن
موسى عن طاوس قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يضع يده اليمنى على يده اليسرى
ويشدهما على صدره وهو في الصلاة.
ورويناه في بعض طرق حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
ثم وضعهما على صدره.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية:
* (فصل لربك وانحر) *.
وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره.
والذي روي عنه تحت السرة لم يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق
الواسطي وهو متروك. وروي عن ابن عباس ثم عن سعيد بن جبير وأبي ملجز مثل
قولنا.
121 - [باب]
افتتاح الصلاة بعد التكبير
682 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
499

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما عن ابن
جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي
رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - قال بعضهم كان إذا ابتدأ الصلاة وقال
غيره منهم كان إذا افتتح الصلاة - قال.
' وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت ' - قال
أكثرهم ' وأنا أول المسلمين ' وشككت أن يكون قال آخرهم - ' وأنا من المسلمين
اللهم أنت الملك ولا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي
واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن
الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت
لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت أنا بك وإليك لا
منجا منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك '.
ورواه في الإملاء رواية أبي سعيد عن مسلم بن خالد وعبد المجيد / وسعيد بن
سالم مختصرا.
وهذا حديث رواه أيضا يعقوب بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن
هرمز الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح. قال الشافعي في رواية أبي
سعيد: وبهذا نقول وآمر وأحب أن يؤتى به كما يروى عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يغادر منه
شيء ويجعل مكان ' وأنا أول المسلمين ' ' وأنا من المسلمين '.
500

زاد في رواية حرملة لأنه: ' وأنا أول المسلمين ' لا تصلح لغير رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وبذلك أمر محمد بن المنكدر وجماعة من فقهاء المدينة وروينا عن نضر بن
شميل أنه قال في قوله:
' والشر ليس إليك ' تفسيره: الشر لا يتقرب به إليك.
وقال المزني:
مخرج هذه الكلمة صحيح وهو موضع تعظيم كما لا يقال يا خالق العذرة وكذا
يقال: يا خالق الخير ولا ينبغي أن يضاف إليه التقصير.
683 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشام عن بعض أصحابه عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن
علي كان إذا افتتح الصلاة قال:
' لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين '.
قال الشافعي:
وقد روينا من حديثنا عن علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه كان يقول هذا الكلام إذا افتتح
الصلاة يبدأ بهذا:
' وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض '.
قال الشافعي في سنن حرملة: وخالفنا بعض الناس في الافتتاح فقال:
افتتح ' بسبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك '.
501

ورواه عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال أحمد: أظنه أراد ما روينا عن
الأسود بن يزيد عن عمر بن الخطاب في استفتاحه بذلك.
قال الشافعي: أصل ما نذهب إليه أن أول ما نبدأ بقوله وفعله ما كان في كتاب /
الله أو سنة رسوله [صلى الله عليه وسلم].
قال: فقد روينا هذا القول عن النبي [صلى الله عليه وسلم] من حديث بعض أهل مدينتكم قلنا له
ولبعض من حضره: أحافظ من رويت عنه هذا القول ويحتج بحديثه؟
فقال عامة من حضره لا ليس بحافظ.
قال الشافعي:
فكيف يجوز أن يعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث مثله على الانفراد
رواية من يحفظ ويثبت حديثه؟
قال أحمد:
وإنما أراد حديث حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ثم يقول:
' سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك '.
684 - حدثناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا
سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية عن حارثة بن محمد فذكره وحارثة بن محمد هو
حارثة بن أبي الرحال وهو ضعيف لا يحتج به. ضعفه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل
والبخاري وغيرهم. وروي من وجه آخر عن عائشة. وليس بمحفوظ.
685 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا حسين بن عيسى قال حدثنا طلق بن غنام قال حدثنا عبد السلام بن حرب
الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا استفتح الصلاة قال: ' سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك
اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك '.
502

قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه
إلا طلق بن غنام.
وقد روى قصة الصلاة جماعة عن بديل لم يذكروا فيه شيئا من هذا.
686 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا عبد السلام بن مطهر قال حدثنا جعفر بن سليمان عن علي بن علي الرفاعي
عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا قام من
الليل كبر ثم يقول:
' سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ' ثم يقول:
' لا إله إلا الله ' ثلاثا ثم يقول: ' الله أكبر كبيرا / ' ثلاثا أعوذ بالله السميع العليم
من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه '. ثم يقرأ.
قال أبو داود: هذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي عن الحسن. الوهم
من جعفر.
قال أحمد:
وروي عن محمد بن المنكدر مرة عن جابر ومرة عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في
الجمع بينهما وليس بالقوي.
122 - [باب]
التعوذ بعد الافتتاح
قال الله تعالى:
* (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) *.
وروينا عن عاصم العنزي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت
النبي [صلى الله عليه وسلم] حين افتتح الصلاة قال:
' الله أكبر كبيرا ' قالها ثلاثا ' والحمد لله كثيرا ' قالها ثلاثا ' وسبحان الله بكرة
وأصيلا ' قالها ثلاثا ' أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه '.
503

687 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار قال
حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مصعب وشعبة عن
عمرو بن مرة عن رجل من عنزة يقال له: عاصم قال فذكره.
قال قيل أظنه لعمرو: وما همزه؟ قال الموتة التي تأخذ ابن آدم. قيل: وما
نفخه؟ قال: الكبر. قيل: وما نفثه؟ قال: الشعر.
688 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن
صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته: ' ربنا إنا نعوذ بك
من الشيطان الرجيم ' في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن.
قال الشافعي:
في روايتنا عن أبي سعيد وكان ابن عمر يتعوذ في نفسه وأيهما فعل الرجل
أجزأه.
وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أم القرآن وبذلك أقول وأحب أن يقول:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأي كلام استعاذه به أجزاه.
قال: ويقوله في أول ركعة وقد قيل إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل أن يقرأ
القرآن فحسن ولا آمر به في شيء من الصلاة أمري به في أول ركعة.
قال أحمد:
روينا عن / الحسن وعطاء وإبراهيم النخعي يقوله في أول كل ركعة.
وعن ابن سيرين أنه كان يستعيذ في كل ركعة.
504

123 - [باب]
القراءة بعد التعوذ
689 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن
محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب '.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن المديني.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره. كلهم عن سفيان بن عيينة. ورواه
زياد بن أيوب وهو ثقة عن سفيان بن عيينة بإسناده هذا وقال في حديثه:
' لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها فاتحة الكتاب '.
690 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثني يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا زياد بن أيوب فذكره.
691 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن العلاء بن عبد
الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن
فهي خداج فهي خداج '.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بن عيينة أتم من
ذلك.
505

692 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني العدل قال
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم
العدتي قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن أنه
سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول:
سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير
تمام '.
فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحيانا وراء الإمام.
قال: فغمز ذراعي وقال:
يا فارسي اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' قال الله عز وجل:
* (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين / نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي
ما سأل) *
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
اقرءوا يقول العبد * (الحمد لله رب العالمين) * يقول الله: حمدني عبدي. يقول
العبد * (الرحمن الرحيم) * يقول الله: أثنى علي عبدي. يقول العبد * (مالك يوم الدين) * يقول الله: مجدني عبدي. يقول العبد * (إياك نعبد وإياك نستعين) * فهذه الآية
بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.
يقول العبد * (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل '.
506

رواه مسلم عن قتيبة بن سعيد عن مالك.
ورواه القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس عن مالك وقالا في الحديث:
يقول العبد * (مالك يوم الدين) * يقول الله عز وجل: مجدني عبدي وهذه الآية
بيني وبين عبدي.
ثم ذكر الباقي بنحوه.
693 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا القعنبي عن مالك فذكر بإسناده.
694 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو العباس الضبعي قال حدثنا
الحسن بن علي بن زياد قال حدثنا ابن أبي أويس قال: حدثني مالك فذكره.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن مالك إلا أنه في كتابي وقع مختصرا.
قال حرملة قال الشافعي:
الحفاظ يروونه عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه يخالفون مالكا.
ومالك يرويه عن أبي السائب.
وقال أحمد:
هذا الحديث يرويه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: شعبة بن الحجاج
وسفيان بن عيينة. وروح بن القاسم وأبو عثمان محمد بن مطرف. وعبد العزيز بن
محمد الدراوردي وإسماعيل بن جعفر. ومحمد بن يزيد البصري. وجهضم بن عبد
الله. ورواه مالك بن أنس. وابن جريج. ومحمد بن إسحاق بن يسار. والوليد بن
كثير. ومحمد بن عجلان عن العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة وكأنه سمعه منهما
جميعا.
فقد رواه أبو أويس المدني عن العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت من أبي
وأبي السائب جميعا وكانا / جليسين لأبي هريرة قالا: قال أبو هريرة.
507

695 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا
الفضل بن محمد قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أبي عن العلاء
فذكره.
وقد حكم مسلم بن الحجاج بصحة الإسنادين جميعا. وأخرج رواية أبي أويس
المدني على طريق الاستشهاد ورواه عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد
الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وزاد فيه:
' فإذا قال العبد * (بسم الله الرحمن الرحيم) * قال الله: ذكرني عبدي '.
696 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو الحسن أحمد بن الخضر
الشافعي قال حدثنا أحمد بن جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال حدثنا أحمد بن نصر
المقرئ قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا عبد الله بن زياد بن سمعان عن
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره بزيادته. وعبد
الله بن زياد بن سمعان ضعيف. لا يفرح بما ينفرد به.
قال أحمد:
وأما حديث وهب وغيره عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان عن أبي هريرة
قال:
أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أنادي في المدينة: ' أنه لا صلاة إلا بقراءة '.
وقال بعضهم: ' إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب '.
فقد خالفهم سفيان بن سعيد الثوري وهو إمام فقال في متنه: أمرني رسول
508

الله [صلى الله عليه وسلم] أن أنادي ' لا صلاة إلا بقرآن فاتحة الكتاب فما زاد '.
697 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا
حنبل بن إسحاق قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن جعفر أبي علي بياع الأنماط
فذكره. وروينا عن يحيى بن معين أنه قال: ليس أحد يخالف سفيان الثوري - يعني
في الحديث - إلا كان القول قول سفيان.
قال أحمد:
كيف وقد رواه يحيى بن سعيد القطان وهو من الحفظ والاتقان بالمكان الذي لا
يخفى على أهل العلم بهذا الشأن عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن أبي
هريرة قال:
أمرني النبي [صلى الله عليه وسلم] أن أنادي:
' أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد '.
698 - / أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى فذكره.
وكذلك رواه محمد بن أبي بكر المقدمي وعبد الرحمن [بن] بشر عن
يحيى.
وبمعناه رواه أبو سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
124 - [باب]
بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة
قال الشافعي في كتاب البويطي:
509

قال الله عز وجل:
* (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) *.
وهي أم القرآن وأولها * (بسم الله الرحمن الرحيم) * واحتج في موضع آخر
بما:
699 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن
سعيد بن جبير:
* (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) *.
هي أم القرآن.
قال أبي وقرأها علي سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال: * (بسم الله الرحمن الرحيم) * الآية السابعة. قال سعيد: وقرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الآية السابعة. قال ابن عباس: فدخرها الله لكم فما
أخرجها لأحد قبلكم. وفي رواية أبي سعيد: فدخرها لكم. لم يقل: فدخرها الله
لكم.
وروينا هذا التفسير عن علي بن أبي طالب من قوله. وعن أبي هريرة مرفوعا
وموقوفا.
وعن محمد بن كعب القرظي.
قال البويطي في كتابه أخبرني غير واحد عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن
ابن أبي مليكة عن أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
كان إذا قرأ بأم القرآن بدأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * يعدها آية ثم قرأ
* (الحمد لله رب العالمين) * يعدها ست آيات.
510

700 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن
الحسن الشيباني قال حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي بمصر قال
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث فذكره بإسناده في قراءة
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
* (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) *.
وينطقها حرفا حرفا يعني آية آية.
قال أحمد:
وبمعناه رواه جماعة / عن ابن جريج.
701 - وأخبرنا أبو بكر بن حارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا عمر بن
هارون. قال:
702 - وأخبرنا علي حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا
إبراهيم بن هاني قال حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال حدثنا عمر بن هارون
البلقي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
كان يقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن
الرحيم. ملك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) *.
قطعها آية. آية. وعدها عدد الأعراب وعد * (بسم الله الرحمن الرحيم) * آية
ولم يعد عليهم.
قال أحمد:
هذا التفسير يوافق جملة ما رواه أصحاب ابن جريج عن ابن جريج.
511

والاحتجاج وقع بروايتهم.
وروينا عن الصغاني عن خالد بن خداش عن عمر بن هارون بإسناده هذا.
إن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ في الصلاة:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * يعدها آية.
* (الحمد لله رب العالمين) * آيتين * (الرحمن الرحيم) * ثلاث آيات * (ملك
يوم الدين) * أربع آيات قال: هكذا * (إياك نعبد وإياك نستعين) * وجمع خمس
أصابعه.
703 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا محمد بن
إسحاق الصغاني فذكره.
وأحسن ما يحتج به أصحابنا في أن * (بسم الله الرحمن الرحيم) * من القرآن
وأنها في فواتح السور منها سوى سورة براءة.
ما روينا من جميع الصحابة رضي الله عنهم كتاب الله عز وجل في مصاحف
وأنهم كتبوا فيها:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * على رأس كل سورة سوى سورة براءة من غير
استثناء ولا تقييد ولا إدخال شيء آخر فيها وهم يقصدون بذلك نفي الخلاف عن
القراءة.
فكيف يتوهم عليهم أنهم كتبوا فيها مائة وثلاث عشرة آية ليست من القرآن
والذي روي في ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه يؤكد ما قلنا وهو:
704 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن
هاني قال حدثنا / الحسين بن الفضل البجلي قال حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا
عوف بن أبي جميلة قال حدثنا يزيد الفارسي قال قال لنا ابن عباس:
قلت لعثمان بن عفان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني
وإلى براءة وهي من المائين ففرقتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر * (بسم الله الرحمن
512

الرحيم) * ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك؟
فقال عثمان:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السورة ذوات عدد فكان إذا
نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه فيقول: ' ضعوا هذه في السورة التي يذكر
فيها كذا وكذا '.
وتنزل عليه الآية فيقول: ' ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا '.
فكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن وكانت قصتها
شبيهة بقصتها فقبض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولم يبين لنا أنها منها فظننا أنها منها.
فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
قال أحمد:
قد علمنا بالروايات الصحيحة عن ابن عباس أنه كان يعد * (بسم الله الرحمن
الرحيم) * آية من الفاتحة بعد سماع هذا الحديث من عثمان بن عفان.
705 - وروينا عنه ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا معلى بن منصور
الرازي قال وأخبرني أبو قتيبة مسلم بن الفضل الآدمي بمكة قال حدثنا القاسم بن
زكريا المقري قال حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال حدثنا سفيان بن عيينة عن
عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يعلم ختم السورة حتى تنزل * (بسم الله الرحمن
الرحيم) *.
513

706 - وحدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء قال أخبرنا جدي أبو عمرو قال
حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا سفيان بن عيينة
فذكره بإسناده نحوه. غير أنه قال: انقضاء السورة.
وكذلك رويناه عن ابن جريج عن عمرو بن دينار موصولا وأرسله بعضهم.
وقد احتج / الشافعي بهذا في سنن حرملة. وهذا القول صدر من ابن عباس بعد
سؤاله عثمان وكذلك سائر ما روي عنه في قراءة ' * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
والجهر بها.
فكيف يستدل بسؤاله عثمان على رجوعه عن هذا المذهب الذي انتشر عنه
بعده؟
بل يستدل بمذهبه على أن مراد عثمان بما قال ما ذهب إليه.
وهو أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يميز ختم السورة وابتداء غيرها بقراءة * (بسم الله الرحمن الرحيم) *. في أولها مخبرا نزولها معها.
كما قال في حديث أنس بن مالك:
نزلت على سورة فقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * * (إنا أعطيناك الكوثر) *
إلى آخرها.
وإذا نزلت آية أو آيات قرأت بدونها. كما قال في حديث الإفك حين كشف عن
وجهه * (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم) *. ولم يقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * في أولها ثم أخبرهم بإلحاقها بسورتها.
على ما روينا في حديث عثمان. فحين نزلت سورة براءة لم ينزل معها * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
514

ولم يسمعوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخبرهم بنزولها بعدها وإلحاقها بها ولا سمعوه
يأمرهم بإلحاقها بسورة الأنفال ففرقوا بينهما لم يكتبوا بينهما * (بسم الله الرحمن الرحيم) *. والله أعلم.
125 - [باب]
الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
707 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال:
فيبدأ فيقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * ويرفع بها صوته كما يرفع صوته بما
يقرأ من القرآن ويقرأ أم القرآن.
قال وبلغني أن ابن عباس كان يقول:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يفتتح القراءة ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
708 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال حدثنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر قال حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام
قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي
خالد عن ابن عباس قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفتتح الصلاة ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
وأبو خالد هذا يقال هو: أبو خالد الوالبي / واسمه هرمز وهو كوفي. قاله أبو
عيسى الترمذي.
709 - وأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر قال وحدثنا أبو
زكريا العنبري قال حدثنا محمد بن عبد السلام الوراق وعبد الله بن محمد بن عبد
515

الرحمن قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا يحيى بن آدم قال أخبرنا
شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
يجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) * يمد بها صوته وكان المشركون يهزأون
مكاء وتصدية ويقولون: يذكر إله اليمامة - يعنون مسيلمة ويسمونه الرحمن - فأنزل
الله تعالى:
* (ولا تجهر بصلاتك) *.
فيسمع المشركون فيهزأون * (ولا تخافت بها) *. عن أصحابك فلا تسمعهم
* (وابتغ بين ذلك سبيلا) * قال حفظه الله.
هكذا أخبرناه أبو القاسم بن حبيب وإنما رواه إسحاق عن يحيى بن آدم مرسلا.
ثم قال إسحاق رواه غير يحيى فزاد فيه وذكره عن سعد عن ابن عباس.
وقد أخرجه شيخنا أبو عبد الله في المستدرك من حديث عبد الله بن عمرو بن
حسان عن شريك موصولا مختصرا.
واحتج أبو يعقوب البويطي.
710 - بما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا أبي وشعيب بن
الليث قال حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعد بن أبي هلال عن نعيم
المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * ثم قرأ بأم
القرآن حتى بلغ * (ولا الضالين) * قال: آمين وقال الناس: آمين.
ويقول كلما سجد: الله أكبر. فإذا قام من الجلوس قال: الله أكبر. ويقول إذا
سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وكذلك رواه
حبيب بن شريج عن خالد
711 - أنبأنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي إجازة أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد
الله الريونجي أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن
516

وهب أخبرنا حبيب أخبرني خالد بن يزيد عن سعد بن أبي هلال عن نعيم المجمر
قال: صليت وراء أبي هريرة فقال:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا / بلغ * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * قال: آمين. وقال الناس: آمين.
فلما ركع قال: الله أكبر. ذكر التكبير في كل خفض وقيام ورفع فلما سلم قال:
والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة بنبي الله [صلى الله عليه وسلم].
وروى البويطي عن عمر بن الخطاب وعن رجال من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
712 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقري ببغداد قال أخبرنا أحمد بن
سلمان قال قرئ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع قال حدثنا سليمان بن داود قال
حدثنا ابن قتيبة قال حدثنا عمرو بن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه
قال:
صليت خلف عمر بن الخطاب فجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
ورواه الطحاوي عن أبي بكرة بكار بن قتيبة عن أبي أحمد بن عمر بن ذر عن أبيه عن
سعيد.
وكذلك رواه خالد بن مخلد عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد وكأن ذكر أبيه
سقط من كتابي والله أعلم.
713 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة
أن أبا هريرة كان يفتتح الصلاة ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
قال أحمد:
وقد مضى هذا في الإسناد الصحيح عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ثم رفعه
517

في آخر الخبر إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]. وروي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وهو عنه
مشهور. والذي روى عنه أبو زرعة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان إذا نهض في الركعة الثانية
يستفتح القراءة ب * (الحمد لله رب العالمين) * ولم يسكت. ليس يريد به أنه كان لا
يقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * وإنما يريد به أنه لا يسكت كما سكت في الركعة
الأولى عقب التكبير بدعاء الافتتاح بل يبدأ بقراءة * (الحمد لله رب العالمين) * يعني
بقراءة سورة * (الحمد لله رب العالمين) * كما يقال قرأ * (ألم ذلك) * و * (ألم الله) *
وإنما يراد تلك السورة وذلك لأن أبا زرعة هو الراوي عنه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في سكوته بين
التكبير والقراءة.
فأراد بهذا أنه كان لا يسكت ذلك السكوت إذا نهض في الركعة الثانية. والذي
يؤكد هذا أن بعض رواته قال في متنه / استفتح القراءة ولم يسكت.
فدل أن المراد بالحديث ما ذكرنا والله أعلم.
واعتمد الشافعي في ذلك على إجماع أهل المدينة. وهو فيما:
714 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج
قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن
أنس بن مالك قال: صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك الصلاة
ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من
المهاجرين من كل مكان يا معاوية:
أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا.
715 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن
518

عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى
بهم ولم يقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه
المهاجرين حين سلم والأنصار.
أي معاوية: سرقت صلاتك أين * (بسم الله الرحمن الرحيم) * وأين التكبير إذا
خفضت وإذا رفعت.
فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها الذي عابوا عليه.
716 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم
عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية والمهاجرين والأنصار مثله أو مثل
معناه لا يخالفه.
قال الشافعي:
وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الإسناد الأول. زاد أبو سعيد في روايته قال:
وفي الأول أنه قرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * في أم القرآن ولم يقرأها في
السورة التي بعدها.
فالزيادة حفظها ابن جريج.
/ وقوله فصلى بهم صلاة أخرى يحتمل أن يكون أعادها ويحتمل أن تكون الصلاة
التي تلتها. والله أعلم.
قال أحمد:
وإنما قال الشافعي رحمه الله وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الأول لأن اثنين
روياه عن ابن خثيم عن إسماعيل.
وكذلك رواه إسماعيل بن عباس عن ابن خثيم. إلا أنه قال عن إسماعيل بن
عبيد عن أبيه عن جده ورواه عبد العزيز وابن جريج حافظ ثقة إلا أن الذين خالفوه عن
ابن خثيم وإن كانوا غير أقوياء عددا. ويحتمل أن يكون ابن خثيم سمعه من الوجهين.
والله أعلم.
519

717 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن
ابن عمر أنه كان لا يدع: * (بسم الله الرحمن الرحيم) * لأم القرآن والسورة التي
بعدها.
وكذلك روى عبد الله وعبيد الله ابنا عمر وجويرية بن أسماء وأسامة بن زيد
وغيرهم عن نافع عن ابن عمر وفي رواية عبيد الله بيان جهره بها في الفاتحة والسورة
جميعا وكذلك رواه غير نافع عن ابن عمر.
718 - أخبرناه أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان
عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا مسعر عن يزيد الفقير أنه سمع ابن عمر قرأ
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
وقال أحمد:
وكان عبد الله بن الزبير يفعله وكان يشبه في حسن الصلاة بأبي بكر الصديق
وكأن عنه أخذها.
719 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن
الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا معاذ بن جبل عن حميد الطويل عن
بكر بن عبد الله قال:
كان ابن الزبير يستفتح القراءة في صلاته ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
ويقول: ما يمنعهم منها الكبر.
وروينا عن الأزرق بن قيس أنه قال:
صليت خلف بن الزبير فقرأ فجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
520

قال الشافعي في سنن حرملة:
وكان ابن عباس يفعله ويقول: انتزع الشيطان منهم خير آية في القرآن.
وكان يقول / كان النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يعرف ختم السورة حتى تنزل * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
720 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن
عاصم بن بهدلة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
أنه كان يفتتح القراءة ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
721 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان
قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا
محمد بن جعفر بن أبي كثير قال أخبرني عمرو بن ذر عن أبيه عن عبد الله بن عباس
أنه قال:
إن الشيطان استرق من القرآن أعظم آية في القرآن * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
ورواه غيره فقال في إسناده عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكأنه
سقط ذكر سعيد من كتابي أو من كتاب شيخي.
وأما الحديث الثابت عن ابن عباس فقد مضى بإسناده وهو عن ابن عباس
وأصحابه مثل عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة مشهور.
في كل ذلك دلالة على خطأ وقع في رواية عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة
عن ابن عباس قال:
قراءة الجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) * قراءة الأعراب أو أراد به الجهر
الشديد الذي يجاوز الحد.
722 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو
521

العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى
- يعني ابن معين - قال حدثنا معتمر عن عبد الله بن القاسم أبي عبيدة عن عمارة: أن
عكرمة كان لا يصلي خلف من لا يجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
وقد قيل: أن ابن عباس أراد به أن الأعراب لا يخفى عليهم أن * (بسم الله الرحمن الرحيم) * من القرآن وانه يجهر بها.
فكيف العلماء وأهل الحضر؟
قاله ابن خزيمة وغيره.
وروينا في الجهر بها عن علي بن أبي طالب وهو مذهب أهل البيت.
وروينا عن جماعة في السنن والخلافيات.
126 - [باب]
الابتداء بقراءة أم القرآن
قبل ما يقرأ بعدها
723 - / أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال حدثنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر
محمد بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال
حدثنا حميد قال سمعت أنس بن مالك يقول:
كان أبو بكر وعمر يفتتحان القراءة ب * (الحمد لله) *.
قال وأخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون الصلاة ب * (الحمد لله رب العالمين) *. قال الشافعي في غير هذه الرواية في سنن حرملة:
فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس صليت وراء أبي بكر وعمر
وعثمان فكلهم كان لا يقرأ:
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
قال الشافعي:
522

قيل له: خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية
موثقين مخالفين له. والعدد الكبير أولى بالحفظ من واحد.
ثم رجح روايتهم بما رواه أيضا في رواية الربيع.
724 - وهو ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن
قتادة عن أنس قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة ب * (الحمد لله رب العالمين) *.
قال الشافعي:
يعني يبدأون بقراءة أم القرآن قبل أن يقرأ بعدها. والله [تعالى] أعلم ولا
يعني أنهم يتركون * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
قال أحمد:
هكذا رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثابت البناني عن أنس بن مالك.
وكذلك رواه أكثر أصحاب قتادة عن قتادة عن أنس بن مالك.
ورواه الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال:
صليت خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون
ب * (الحمد لله رب العالمين) * لا يذكرون * (بسم الله الرحمن الرحيم) * في أول
القراءة ولا آخرها.
ورواه عدد في آخرين عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال صليت مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
523

وقال بعضهم فلم يجهروا وقال بعضهم / فلم يكونوا يجهرون.
وخالفهم آخرون فرووه كما:
725 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرنا قتادة عن أنس
قال قلت له: أنت سمعته منه؟. قال: نعم نحن سألناه عن ذلك قال:
صليت خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان فكانوا
يستفتحون ب * (الحمد لله رب العالمين) *.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي موسى عن أبي داود عقب حديث غندر ولم
يسق متنه وذلك منه يجوز فمتنه يخالف متن حديث غندر.
ورواه البخاري عن أبي عمر الحوضي عن شعبة بهذا اللفظ دون ذكر عثمان ولم
يخرجه على اللفظ الذي رواه غندر ولا على اللفظ الذي رواه الأوزاعي.
وكما رواه أبو داود رواه يزيد بن هارون ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما من
الحفاظ عن شعبة.
قال أبو الحسن الدارقطني فيما:
726 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث عنه هذا هو
المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس.
727 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو
الحسن علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن يعقوب بن إبراهيم البزاز قال
حدثنا العباس بن يزيد قال حدثنا غسان بن مضر قال حدثنا أبو مسلمة قال سألت
أنس بن مالك أكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يستفتح ب * (الحمد لله رب العالمين) * أو ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.؟
فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك.
قلت: أكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي في النعلين.؟ قال نعم.
524

قال أبو الحسن: هذا إسناد صحيح.
قال أحمد:
في هذا دلالة على أنس مقصود أن بن مالك بما روي على اللفظ الذي رواه
أيوب وغيره عن قتادة عن أنس ما ذكره الشافعي والله أعلم.
728 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان
الجلاب بهمدان ' قال حدثنا ' عثمان بن خرزاذ الأنطاكي قال حدثنا محمد بن أبي
السري العسقلاني قال / صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح
والمغرب فكان يجهر ب * (بسم الله الرحمن الرحيم) * قبل فاتحة الكتاب وبعدها.
وسمعت المعتمر يقول:
ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي. وقال أبي:
ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك وقال أنس:
ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
رواة هذا الإسناد كلهم ثقات.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنهم كانوا قد يجهرون بها وقد لا يجهرون.
فالرواية فيهما صحيحة من طريق الإسناد. والأمر فيه واسع فإن شاء جهر وإن
شاء أسر إلا أنه لا بد من قراءتها.
وإنما اختلافهم في الجهر دون القراءة ومن قال لم يقرأ أراد لم يجهر والله
أعلم.
وهكذا الجواب عن حديث أبي نعامة الحنفي عن ابن عبد الله بن مغفل عن
أبيه.
وقد قيل عن أبي نعامة عن أنس.
وقد روى الشافعي في سنن حرملة عن عبد الوهاب بن عبد المجيد عن
الجريري عن قيس بن عباية وهو أبو نعامة عن ابن عبد الله بن مغفل قال:
525

سمعني أبي وأنا أقرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * فقال لي: مه إياك
والحديث إني قد صليت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومع أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يفتتحون
ب * (الحمد لله رب العالمين) *.
ولم أر رجلا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] كان أشد عليه الحديث منه.
729 - أخبرناه أبو الحسن بن علي المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن
إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد
الوهاب بن عبد المجيد فذكره.
تفرد به أبو نعامة واختلف عليه في لفظه كما اختلف في حديث شعبة عن قتادة
عن أنس وابن عبد الله بن مغفل وأبو نعامة لم يحتج بهما صاحبا الصحيح.
وقد عارضه الشافعي بحديث أنس وغيره في قصة معاوية.
والله أعلم.
127 - [باب]
كيف قراءة المصلي
730 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي رحمه الله:
قال الله عز وجل لحبيبه [صلى الله عليه وسلم] * (ورتل القرآن ترتيلا) *.
526

/ وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
ولا يجزيه أن يقرأ في صدره القرآن ولا ينطق به لسانه زاد في مختصر البويطي:
حتى يحرك لسانه - يعني بالتكبير والقراءة - لحديث خباب:
كنا نعرف قراءة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] باضطراب لحيته.
731 - أخبرناه أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان
عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى بن عبيد
قال حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة قال سألنا
خبابا:
أكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الأولى والعصر؟ قال: نعم.
قال: قلنا: بأي شيء كنتم تعرفون ذلك؟
قال: باضطراب لحيته.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الأعمش.
732 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
الحافظ قال حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى قال حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي
قال حدثنا همام وجرير قالا: حدثنا قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قالت: كانت مدا ثم قرأ * (بسم الله الرحمن الرحيم) * يمد * (الرحمن) * ويمد
* (الرحيم) *.
رواه البخاري في الصحيح عن عمرو بن عاصم عن همام.
527

128 - [باب]
التأمين
733 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
سعيد وأبي سلمة انهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أمن الأمام فأمنوا من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه '.
قال ابن شهاب وكان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' آمين '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
734 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال حدثنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا / الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب
عن أبي هريرة بمثله.
وقال:
' فإن الملائكة تؤمن '.
ولم يذكر قول الزهري.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان.
تم الجزء والحمد لله على عونه
528

الجزء التاسع
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي:
735 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرني سمي عن أبي صالح عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قال الإمام: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * فقولوا: آمين فإنه من
وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
وأخرجه مسلم من حديث سهل بن أبي صالح عن أبيه.
736 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وغيرهم قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
إذا قال أحدكم آمين فقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت أحداهما
529

الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من
حديث المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد.
737 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال:
قلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين.
قال الشافعي:
هذا خلاف ما روى صاحبكم وصاحبنا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - يريد حديث مالك
عن ابن شهاب -.
/ قال الشافعي:
ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك أينبغي
أن يستدل به أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها. فكيف ولم
يزل أهل العلم عليه.
وروى وائل بن حجر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقول: ' آمين ' يجهر بها صوته ويحكي
مطه إياها. وأبو هريرة يقول للإمام:
لا تسبقني بآمين وكان يودن له.
738 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان الثوري عن
سلمة عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا قال آمين رفع بها صوته.
530

ورواه الأشجعي عن الثوري وقال في الحديث.
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما قال: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * قال:
' آمين ' يمد بها صوته.
وكذلك رواه وكيع عن الثوري: يمد بها صوته.
وقال الفريابي عن الثوري:
رفع صوته بآمين وطول بها.
ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل فقال في متنه:
خفض بها صوته.
وقد أجمع الحفاظ: محمد بن إسماعيل البخاري وغيره على أنه أخطأ في
ذلك.
فقد رواه العلاء بن صالح ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى رواية
سفيان.
ورواه شريك عن أبي إسحاق عن علقمة بن وائل عن أبيه قال: سمعت
النبي [صلى الله عليه وسلم] يجهر ' بآمين '.
ورواه زهير بن معاوية وغيره عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
وفي كل ذلك دلالة على صحة رواية الثوري.
وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ مني.
وقال يحيى بن سعيد القطان: ليس أحب إلي من شعبة.
وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال يحيى بن معين: ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول
سفيان. قيل: وشعبة أيضا إن خالفه؟
531

قال: نعم.
قال أحمد:
وقد رويناه بإسناد عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة كما رواه الثوري.
وقد روي من أوجه أخرى عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
739 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ / قال أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي
بمرو قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
ابن العلاء الزبيدي قال أخبرني عمرو بن الحرث عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي
قال أخبرني الزهري عن أبي سلمة وسعد عن أبي هريرة قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا فرغ من أم القرآن رفع صوته قال: ' آمين '.
قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح.
قال أحمد:
ورويناه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. بمعناه.
وعن حجية بن عدي وعن زر بن حبيش كلاهما عن علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمعناه.
وعن ابن أم الحصين عن أمه أنها صلت خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] فسمعته يقول:
' آمين '.
وهي في صف النساء.
وأما المأموم: فروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا كان وراء الإمام وقرأ الإمام
بفاتحة الكتاب قال الناس: ' آمين ' أمن معه ورأى ذلك من السنة.
532

740 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج
عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: ' آمين ' ومن خلفهم
' آمين ' حتى أن للمسجد للجة.
وروينا عن عكرمة أنه قال: أدركت هذا المسجد ولهم ضجة ' بآمين '.
129 - [باب]
القراءة بعد أم القرآن
741 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي:
وأحب أن يقرأ المصلي بعد أم القرآن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة
أجزأه.
ويبتدئ القراءة في السورة التي بعدها * (بسم الله الرحمن الرحيم) *.
742 - أخبر أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن
أيوب بن أبي تميمة السختياني عن نافع مولى ابن عمر قال:
كان ابن عمر يقرأ في السفر أحسبه / قال في العتمة * (إذا زلزلت الأرض) *.
فقرأ بأم القرآن فلما أتى عليها قال:
* (بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله
الرحمن الرحيم) * قال قلت: * (إذا زلزلت) * فقال: * (إذا زلزلت) *. فقد مضت رواية
ابن جريج عن نافع عن ابن عمر.
743 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال سألت
الشافعي:
533

أيقرأ أحد خلف أم القرآن في الركعة الآخرة من شيء؟ فقال: أحب ذلك وليس
بواجب عليه.
قلت: وما الحجة فيه؟
فذكر الحديث الذي:
744 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك
أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني أبو عبد الله
الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فصلى وراء أبي
بكر الصديق المغرب في الركعتين الأوليين بأم القرآن وقرأ سورة من قصار المفصل
ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى أن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم
القرآن وهذه الآية.
* (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) *.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقال سفيان بن عيينة لما سمع عمر بن عبد العزيز هذا عن أبي بكر الصديق قال
إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به.
745 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه كان إذا صلى
وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن.
قال: وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة
الفريضة.
قال أحمد:
534

وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما دل على قراءة السورة في جميع
الركعات.
وهذا فيما رواه أبو عوانة عن منصور بن زاذان عن الوليد أبي بشر عن أبي
الصديق الناجي / عن أبي سعيد الخدري: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ في صلاة الظهر في
الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو
قال نصف ذلك.
وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وفي
الأخريين قدر نصف ذلك.
746 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
محمد بن أيوب قال أخبرنا أبو عمر الحوضي قال أخبرنا أبو عوانة بهذا الحديث.
رواه مسلم عن سنان عن أبي عوانة.
وقال في القديم والبويطي:
يقرأ الإمام في الأوليين فاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.
واحتج أصحابنا في ذلك بما:
747 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق
إملاء قال أخبرنا أبو مسلم قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا همام بن يحيى قال
حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يقرأ في
صلاة الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وكان يسمعنا الأحيان آية.
قال وكان يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وكان يطيل في الركعة
الأولى ما لا يطيل في الثانية.
قال: وهكذا في صلاة العصر.
قال: وهكذا في صلاة الصبح.
535

رواه البخاري في الصحيح عن موسى عن همام.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن همام بن يحيى.
واحتج الشافعي في جواز الجمع بين السور بما رواه بإسناده عن ابن عمر.
وبما رواه في موضع آخر عن عمر أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة
أخرى.
قال الربيع:
قلت للشافعي: أتستحب أنت هذا؟
قال: نعم وأفعله - يعني الجمع بين السور '.
748 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع عن الشافعي
بجميع ذلك.
واحتج في القديم في وجوب قراءة أم القرآن في كل ركعة بقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج '.
ولا يعد قوله أن يكون على كل ركعة اسم صلاة أو يكون على جميع الصلاة
فمن قال على جميع الصلاة قال: إذا قرأ / أم القرآن في أي ركعة من الصلاة أجزأ.
وما نعلم أحدا قال هذا دل أنه على كل ركعة.
749 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي عن ابن علية عن أيوب عن محمد أن ابن مسعود كان يقرأ في الأخريين
بفاتحة الكتاب.
قال الشافعي:
فبهذا نقول ولا يجزيه إلا أن يقرأ.
وهم - يعني العراقيين - يقولون إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ وإن شاء سبح.
قال أحمد:
536

وروينا عن عائشة أنها كانت تأمر بالقراءة بفاتحة الكتاب في الأخريين.
وروينا عن جابر بن عبد الله مثل ذلك.
وروينا عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله
يقول:
من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.
750 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك فذكره. وقوله: إلا وراء الإمام يحتمل
أن يكون أراد إذا أدرك الإمام في الركوع تسقط عنه القراءة كما يسقط عنه القيام.
وروينا عن أبي هريرة أنه قال:
في كل صلاة قراءة فما أسمعنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أسمعناكم وما أخفاه منا أخفيناه
منكم.
من قرأ بأم الكتاب فقد أجزت عنه ومن زاد فهو أفضل.
751 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
إسماعيل بن قتيبة قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا يزيد بن زريع عن حبيب
المعلم عن عطاء قال قال أبو هريرة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
537

وأما ما روي عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يقرأ في الأخريين ويقول هما
التسبيحتان.
فإنه إنما رواه الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي. والحارث غير
محتج به.
قال الشعبي: حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين.
وقد روينا عن علي بإسناد صحيح خلاف ذلك.
752 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الأزدي
قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال / حدثنا آدم بن أبي أياس قال حدثنا شعبة عن
سفيان بن حسين قال سمعت الزهري يحدث عن ابن أبي رافع عن أبيه عن علي بن
أبي طالب أنه كان يأمر في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب.
وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة الرجل الذي أساء
الصلاة:
' إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ' فذكر الحديث وفي
آخره ' ثم افعل ذلك في صلاتك كلها '.
130 - [باب]
التكبير للركوع وغيره
753 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة
كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال:
والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله.
538

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم بن الحجاج عن يحيى بن يحيى عن مالك.
754 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكبر كلما خفض ورفع فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله عز
وجل.
هذا مرسل حسن.
وقد رويت هذه اللفظة الأخيرة في الحديث الموصول عن ابن شهاب عن أبي
بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة عن أبي هريرة.
755 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد المزني قال أخبرنا
علي بن محمد بن عيسى.
756 - وأخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قال أخبرنا أبو محمد
أحمد بن إسحاق بن البغدادي الهروي قال حدثنا علي بن محمد بن عيسى قال حدثنا
أبو اليمان قال أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال:
كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها في / رمضان وغيره فيكبر حين يقوم
ثم يكبر حين يركع ثم يقول: سمع الله لمن حمده. ثم يقول: ربنا ولك الحمد. قبل أن
يسجد ثم يقول: الله أكبر. حين يهوي ساجدا. ثم يكبر حتى يرفع رأسه من السجود
ثم يكبر حين يسجد ويكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنين
فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة ثم يقول حين ينصرف:
والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إن كانت هذه لصلاته
حتى فارق الدنيا.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
539

131 - [باب]
رفع اليدين عند الافتتاح والركوع
ورفع الرأس من الركوع
757 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن
الحسن قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال
أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن
يركع وبعدما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
758 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو محمد بن يوسف الأصبهاني
وأبو عبد الرحمن السلمي قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه فإذا رفع رأسه من
الركوع رفعهما كذلك وكان لا يفعل ذلك في السجود.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك هكذا دون ذكر الرفع إذا
ركع.
ورواه عبد الله بن وهب فزاد فيه وإذا كبر للركوع.
759 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال قرئ على عبد الله بن وهب أخبرك
مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله / بن عمر عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح التكبير للصلاة وإذا كبر
للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال: سمع الله لمن حمده ربنا
540

لك الحمد. وكان لا يفعل ذلك في السجود.
وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وجويرية بن
أسماء وإبراهيم بن طهمان ومعن بن عيسى وخالد بن مخلد وبشر بن عمر وغيرهم عن
مالك.
ذكروا فيه رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع.
وكذلك رواه عامة أصحاب الزهري عن الزهري يونس بن يزيد وشعيب بن أبي
حمزة وعقل بن خالد وابن جريج وغيرهم. وكذلك رواه سليمان الشيباني والعلاء بن
عبد الرحمن وغيرهما عن سالم بن عبد الله.
ووصف أكثر هؤلاء الرواة رفعه عند الركوع ورفع الرأس منه بما وصفه عند
الافتتاح.
760 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا
ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك.
هكذا رواه مالك في الموطأ وكذلك رواه الشافعي عن مالك في رواية الربيع.
ورواه حرملة بن يحيى عن الشافعي بإسناده أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه
حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك.
ويحدث بذلك عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
761 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله الصفار إملاء قال
حدثنا أبو طاهر سهل بن عبد الله بن الفرخان الأصبهاني قال حدثنا حرملة بن يحيى
قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكره.
وكذلك روي من أوجه أخر عن مالك مرفوعا والحديث مرفوع من جهة مالك إلا
أنه وقع في الأصل هكذا يرويه نافع من فعل ابن عمر ثم يسنده في آخره.
بعض الرواة غفل عن / الإسناد وبعضهم أثبته.
762 - وحدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو الحسن علي بن عيسى بن
إبراهيم الحيري قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا إسماعيل بن بشر بن
541

منصور قال حدثنا ابن عبد الأعلى عن عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا
دخل في الصلاة كبر ورفع يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع
يديه وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
رواه البخاري في الصحيح عن عياش بن الوليد عن عبد الأعلى قال البخاري:
ورواه حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
763 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن
يوسف الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال
حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من
الركوع.
قال البخاري: ابن طهمان عن أيوب وموسى بن عقبة.
764 - أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي قال أخبرنا
أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عمرو بن
عبد الله بن رزين السلمي قال حدثنا إبراهيم بن طمهان عن أيوب بن أبي تميمة
وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يرفع يديه حين يفتتح الصلاة وإذا
ركع وإذا استوى قائما من ركوعه حذو منكبيه ويقول:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفعل ذلك.
قال أحمد:
فيثبت هذا الحديث من جهة سالم بن عبد الله ونافع مولى ابن عمر كلاهما عن
ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
542

قال الشافعي:
وقد روى هذا سوى ابن عمر اثنا عشر رجلا عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وبهذا نقول.
765 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزني وأبو
محمد بن / يوسف وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا
سفيان عن عاصم بن كليب قال سمعت أبي يقول حدثني وائل بن حجر قال: رأيت
النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وبعدما يرفع رأسه.
قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
وكذلك رواه علقمة بن وائل ومولى لهم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم]
حين دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال أذنيه - يعني رفع يديه - ثم التحف بثوبه
ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما
كبر فركع فلما قال ' سمع الله لمن حمده ' رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.
766 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الله محمد بن
علي الجوهري قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عفان قال
حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة قال حدثني عبد الجبار بن وائل عن علقمة
ابن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن عفان.
767 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا
محمد بن نصر وإبراهيم بن علي قالا: حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا خالد بن عبد
الله عن خالد عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه وإذا
أراد أن يركع رفع يديه وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه.
وحدث أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يفعل ذلك.
543

رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه البخاري عن إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبد الله. ورواه نصر بن
عاصم عن مالك بن الحويرث.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا ركع رفع
يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من الركوع وقال: ' سمع الله لمن حمده '
فعل مثل ذلك.
768 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن يعقوب
قال حدثنا أبو إسحاق عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا أبو كامل قال حدثنا أبو
عوانة عن قتادة عن نصر بن عاصم فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كامل.
ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل قال أخبرني إسحاق بن عبد الله عن عياش بن سهل قال:
اجتمع محمد بن مسلمة وأبو أسيد الساعدي وأبو حميد الساعدي فقال أبو
حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: كان إذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حذو
منكبيه وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك.
وإذا رفع رأسه رفع يديه حذو منكبيه ثم يخر ساجدا.
769 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الملك بن عمرو قال أخبرني فليح قال حدثني
عباس بن سهل قال اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن
مسلمة فذكروا صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال أبو حميد.
544

أنا أعلمكم بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر معنى هذا في حديث طويل.
إلا أنه لم يذكر في الرفع حذو منكبيه.
ورواه عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء قال سمعت أبا حميد
الساعدي في عشرة من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فيهم أبو قتادة فقال أبو حميد الساعدي:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قالوا: والله ما كنت بأكثرنا له تبعا ولا أقدمنا له صحبة. قال: بلى.
قالوا: فاعرض. قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر
ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه / ثم يعتدل فلا
ينصب رأسه ولا يقنع ثم يرفع رأسه فيقول: ' سمع الله لمن حمده ' ثم يرفع يديه حتى
يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول ' الله أكبر ' ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه
ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد
ثم يقول: ' الله أكبر ' ويرفع ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى
موضعه ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ثم يصنع مثل ذلك في بقية صلاته حتى
إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر.
قالوا صدقت هكذا كان يصلي.
770 - أخبرناه أبو علي الروذباري في كتاب السنن لأبي داود قال أخبرنا أبو
بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو عاصم
الضحاك بن مخلد قال وحدثنا مسدد قال حدثنا يحيى.
وهذا حديث أحمد قالا:
أخبرنا عبد الحميد - يعني ابن جعفر - قال أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء
فذكره.
771 - وأخبرناه عاليا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن
545

أحمد المحبوبي قال حدثنا سعد بن مسعود قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عبد
الحميد بن جعفر قال سمعت محمد بن عمرو بن عطاء يقول سمعت أبا حميد
الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيهم أبو قتادة فذكر معناه.
772 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي وروى هذا الحديث أبو حميد الساعدي في عشرة من
أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصدقوه معا. وبهذا نقول.
قال أحمد:
قد روينا في حديث أبي حميد في عشرة من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] رفع اليدين عند
القيام بين الركعتين وفي حديث عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. ومذهب
الشافعي متابعة السنة إذا ثبتت وقد قال / في حديث أبي حميد: وبهذا نقول وهو فيه
ومعناه أيضا في رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
773 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه
قال أخبرنا علي بن عبد العزيز البغوي وموسى بن الحسن النسوي قالا: حدثنا
سليمان بن داود الهاشمي قال أخبرنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن
الفضل الهاشمي عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر و رفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك
إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع في شيء من
صلاته وهو قاعد.
وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. تابعه عبد الله بن وهب عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد.
وروينا رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع عن
أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبي موسى الأشعري وجابر بن عبد الله
الأنصاري وأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في القديم:
وأخبرني من أثق به عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن
يسار أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يرفع يديه في الصلاة ثلاثا حين يكبر للافتتاح وحين يريد
546

أن يركع وحين يرفع رأسه من الركوع.
774 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا عمرو بن مطر قال أخبرنا محمد بن
يحيى بن سليمان المروزي قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا شعبة عن يحيى بن
سعيد قال سمعت سليمان بن يسار يقول أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يرفع يديه في صلاته إذا
كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.
وقد روينا رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه أكثر من عشرين نفسا من
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] منهم: أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر
وأبو قتادة الأنصاري وأبو أسيد الساعدي البدري ومحمد / بن مسلمة وأبو حميد
الساعدي وأبو موسى الأشعري ومالك بن الحويرث وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن
الزبير ووائل بن حجر وأبو هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو
سعيد الخدري وغيرهم.
ورويناه عن عدة من التابعين منهم:
عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله
والحسن وابن سيرين ومكحول وعمر بن عبد العزيز وعدة كثيرة.
775 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا
يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال:
كان أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كأنما أيديهم مراوح في صلاتهم إذا ركعوا وإذا
رفعوا رؤوسهم.
132 - [باب]
من قال لا يرفع يديه في الصلاة
إلا عند الافتتاح
احتج بحديث رواه يزيد بن أبي زياد.
547

وبما روي في ذلك عن علي وابن مسعود وإنكار إبراهيم النخعي حديث
وائل بن حجر.
وقد أجاب الشافعي رحمه الله عن جميع ذلك.
أما حديث يزيد بن أبي زياد:
776 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال خبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا افتتح الصلاة
يرفع يديه.
قال سفيان: ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد بها فسمعته يحدث بهذا وزاد فيه:
' ثم لا يعود ' فظننت أنهم لقنوه.
وقال سفيان: هكذا سمعت يزيد يحدثه.
ثم سمعته بعد يحدثه هكذا أو يزيد فيه: ' ثم لا يعود '.
قال الشافعي:
وذهب سفيان إلى أن يغلط يزيد في الحديث ويقول: كأنه لقن هذا الحرف
فتلقنه ولم يكن سفيان يرى يزيد بالحفظ كذلك.
777 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح / بن
هاني قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا
حديث واهن. قد كان يزيد بن أبي زياد يحدث به برهة من دهره لا يذكر فيه:
' ثم لا يعود '.
فلما لقن أخذه فكان يذكر فيه.
قال أحمد البيهقي:
والذي يدل على أنه لقن هذه الكلمة فتلقنها أن أصحابه القدماء لم يأتوا بها
عنه:
548

سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وهشيم بن بشير، وزهير بن معاوية،
وخالد بن عبد الله، وعبد الله بن إدريس وغيرهم.
إنما أتى بها عنه من سمع منه بآخره وكان قد تغير وساء حفظه. وكان يحيى بن
معين يضعف يزيد بن أبي زياد.
وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عبد
الرحمن عن البراء ومحمد بن عبد الرحمن أضعف عند أهل العلم بالحديث من
يزيد بن أبي زياد.
واختلف عليه في إسناده فقيل: هكذا. وقيل: عنه عن الحكم عن ابن أبي
ليلى. وقيل: عنه عن يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى.
فعاد الحديث إلى يزيد.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:
كان أبي ينكر حديث الحكم وعيسى ويقول إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد.
قال محمد بن عبد الله بن نمير قال نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه
عن يزيد بن أبي زياد.
قال أحمد بن حنبل: وابن أبي ليلى سئ الحفظ ولم يكن يزيد بن أبي زياد
بالحافظ.
549

778 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
فقلت لبعض من قال هذا القول: أحديث الزهري عن سالم عن أبيه أثبت عند
أهل العلم بالحديث أم حديث يزيد؟ قال: بل حديث الزهري وحده.
قلت: فمع الزهري أحد عشر رجلا من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منهم: أبو
حيمد الساعدي. وحديث وائل بن حجر كلها عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بما وصفت وثلاثة عشر
حديثا أولى أن تثبت من حديث واحد.
ومن أصل قولنا وقولك لو لم يكن معنا إلا حديث واحد ومعك حديث يكافيه
في / الصحة وكان في حديثك: أن لا يعود لرفع اليدين وفي حديثنا: يعود لرفع اليدين.
كان حديثنا أولى أن يؤخذ به لأن فيه زيادة حفظها ما لم يحفظ صاحب حديثك.
فكيف صرت إلى حديثك وتركت حديثنا؟.
والحجة لنا فيه عليك بهذا وبأن إسناد حديثك ليس كإسناد حديثنا وبأن أهل
الحفظ يرون أن يزيد لقن: ' ثم لا يعود '.
وأما حديث علي:
779 - فأخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن العنزي قال
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا أبو بكر النهشلي
عن عاصم بن كليب عن أبيه عن علي أنه كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى من الصلاة
ثم لا يعود في شيء منها.
قال الدارمي: فهذا قد روي من هذا الطريق الواهي عن علي وقد روى عبد
الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبد الله بن أبي رافع عن علي أنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] يرفعهما
عند الركوع وبعدما يرفع رأسه من الركوع.
فليس الظن بعلي أنه يختار فعله على فعل النبي [صلى الله عليه وسلم]. ولكن ليس أبو بكر
النهشلي ممن يحتج بروايته وتثبت به سنة لم يأتي بها غيره.
550

وأما حديث عبد الله بن مسعود:
780 - فأخبرناه أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم يعني ابن
كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود:
ألا أصلي لكم صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة.
781 - وأخبرنا أبو عبد الله بن السلمي السلم وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: أخبرنا
علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مشكان
المروزي قال حدثنا عبد الله بن محمود قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الله عن وهب
ابن زمعة عن سفيان بن عبد الملك بن ال عن عبد الله المبارك قال: لم يثبت عندي
حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رفع يديه أول مرة ثم لم يرفع.
/ وقد ثبت عندي حديث من يرفع يديه عنه إذا ركع وإذا رفع.
ذكره عبيد الله العمري ومالك ومعمر وسفيان ومحمد بن أبي حفصة عن
الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
782 - زاد فيه أبو عبد الله الحافظ: قال حدثني أبو بكر الجراحي قال حدثنا
يحيى بن شاسوية قال حدثنا عبد الكريم بإسناده قال عبد الله: وأراه واسعا.
ثم قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو يرفع يديه لكثرة الأحاديث وجودة
الأسانيد.
قال أحمد:
وقد رواه عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب فذكر فيه رفع يديه حين كبر
في الابتداء ولم يتعرض للرفع ولا لتركه بعد ذلك.
551

وذكر تطبيق يديه بين فخذيه وقد يكون رفعهما فلم ينقله كما لم ينقل سائر سنن
الصلاة.
وقد يكون ذلك في الابتداء قبل أن يشرع رفع اليدين في الركوع ثم صار
التطبيق منسوخا وصار الأمر في السنة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه
وخفيا جميعا على عبد الله بن مسعود.
وروى محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد
الله بن مسعود قال:
صليت خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح
الصلاة.
783 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن سعيد المذكر
قال حدثنا العباس بن حمزة قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا محمد بن
جابر فذكره.
قال أبو عبد الله:
هذا إسناد ضعيف وضعف محمد بن جابر وإسحاق بن إسرائيل.
وإنما الرواية فيه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن ابن مسعود من فعله
مرسلا.
هكذا رواه حماد بن سلمة عن حماد.
قال أحمد:
وبمعناه ذكره أبو الحسن الدارقطني الحافظ.
قال الشافعي في القديم:
قال قائل: رويتم قولكم عن ابن عمرو الثابت عن علي وابن مسعود أنهما كانا لا
يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح وهما أعلم بالنبي [صلى الله عليه وسلم] من
552

ابن عمر لأنه النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' ليليني منكم أولو الأحلام والنهى '.
فكان ابن عمر خلف ذلك.
قال الشافعي:
/ وإنما أراد صاحب هذا - والله أعلم - بقوله رواه عن ابن عمر ليوهم العامة أن
ابن عمر لم يروه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وقال علي وابن مسعود أعلما بالنبي [صلى الله عليه وسلم] من ابن عمر.
وقوله لا يثبت عن علي وابن مسعود وإنما رواه عن عاصم بن كليب عن أبيه.
فأخذوا برواية عاصم بن كليب فيما روي عن أبيه عن علي وترك ما روى عاصم
عن أبيه عن وائل بن حجر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رفع يديه كما روى ابن عمر.
ولو كان هذا ثابتا عنهما كان يشبه أن يكون رآهما مرة أغفلا فيه رفع اليدين.
ولو قال قائل: ذهب عنهما حفظ ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وحفظ ابن عمر لكانت له
حجة.
لأن الضحاك بن سفيان قد حفظ على المهاجرين والأنصار وغيره أولى بالحفظ
منه.
والقول قول الذي قال: رأيته فعل لأنه شاهد ولا حجة في قول الذي قال: لم
يره.
قال: والذي يحتج علينا بهذا القول: في الأحاديث والشهادات من قال: لم
يفعل فلان فليس بحجة. ومن قال: فعل فهو حجة لأنه شاهد والآخر قد يغيب عنه
ذلك أو يحضره فينساه.
وقد روى هذا عدد عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سوى ابن عمر.
553

وقوله: قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليليني منكم أولو الأحلام والنهى '.
فيروى أن ابن عمر كان خلاف ذلك.
لقد كان ابن عمر عندنا من ذوي الأحلام والنهى ولو كان فوق ذلك منزلة كان
أهلها.
وإن تقدم أحد ابن عمر بسابقة ما قصر ذلك بابن عمر عن بلوغ ما هو أهله من
الفضل في صحبته وسابقته وصهره ورضا المسلمين عامة عنه وقد وقف الصنابجي
خلف أبي بكر وثم المهاجرون والأنصار ولا شك أن قد كان يقف خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
مع المهاجرين والأنصار غيرهم وإن كانوا أكثر من فيه وليس ابن عمر ممن يقصر به
عن ذلك الموقف ولا ممن تغمز روايته ولا ممن يخاف غلطه ولا روايته إلا ما أحاط
به.
قال أحمد:
وفيما قال الشافعي جواب عن كل خبر يوردونه في ترك الرفع. وأما إنكار
إبراهيم النخعي حديث وائل بن حجر وقوله: أترى وائل / بن حجر أعلم من علي وعبد
الله.
وقوله: لعله فعل ذلك مرة ثم تركه. فقد أجاب الشافعي عنه بجواب مبسوط
ومما جرى في خلال كلامه أن قال: ومن قولنا وقولك أن وائل بن حجر إذ كان ثقة لو
روى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا وقال عدد من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يكن ما روى كان الذي
قال كان أولى أن يؤخذ به.
قال: وأصل قولنا أن إبراهيم لو روى عن علي وعبد الله لم يقبل منه لأنه لم يلق
واحدا منهما.
فقال: وائل أعرابي
قال الشافعي:
554

أفرأيت قرثع الضبي وقزعة وسهم بن منجاب حين روى إبراهيم عنهم
أهم أولى أن يروى عنهم أم وائل بن حجر وهو معروف عندكم بالصحابة؟
أوليس أحد من هؤلاء فيما زعمت معروفا عندكم بشيء.
قال: لا بل وائل بن حجر.
قال الشافعي:
فكيف ترد حديث رجل من الصحابة وتروي عمن دونه؟! ونحن إنما قلنا برفع
اليدين عن عدد لعله لم يرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا قط عددا أكثر منهم غير وائل ووائل أهل
أن يقبل عنه.
وهذا فيما:
784 - أخبرناه أبو عبد الله أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي فذكره.
قال أحمد:
وفيما روينا في حديث وائل بن حجر من قوله ثم أتيتم في الشتاء يرفعون
أيديهم في البرانس جواب عن قول إبراهيم لعله فعله مرة ثم تركه.
وقرأت في كتاب الطحاوي فصلا في حمله حديث ابن عمر على أنه صار
555

منسوخا واحتجاجه في ذلك بحديث أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال:
صليت خلف ابن عمر فلم يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة.
785 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر مكرم بن أحمد القاضي
قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد
قال: ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتح الصلاة.
وقد تكلم في حديث أبي بكر بن عياش: محمد بن إسماعيل البخاري وغيره
من الحفاظ بما لو علمه المحتج به لم يحتج به على الثابت عن غيره.
786 - أخبرنا / محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن أحمد بن موسى
البخاري قال حدثنا محمود بن إسحاق قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال:
والذي قال أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد عن ابن عمر في ذلك قد
خولف فيه عن مجاهد.
قال وكيع عن الربيع بن صبيح: رأيت مجاهدا يرفع يديه وقال عبد الرحمن بن
مهدي عن الربيع: رأيت مجاهدا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وقال
جرير عن ليث عن مجاهد: أنه كان يرفع يديه وهذا أحفظ عند أهل العلم.
قال: وقال صدقة: إن الذي روى حديث مجاهد أنه لم يرفع يديه إلا في أول
التكبيرة كان صاحبه قد تغير بآخره يريد أبا بكر بن عياش.
قال البخاري: والذي رواه الربيع وليث أولى مع رواية طاوس وسالم ونافع
وابن الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم.
قالوا: رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع.
قال أحمد:
هذا الحديث في القديم كان يرويه أبو بكر بن عياش عن حصين عن إبراهيم
556

عن ابن مسعود مرسلا وموقوفا.
ثم اختلط عليه حين ساء حفظه فروى ما قد خولف فيه فكيف تجوز دعوى
النسخ في حديث ابن عمر بمثل هذا الحديث الضعيف؟
وقد يمكن الجمع بينهما أن لو كان ما رواه ثابتا بأنه غفل عنه فلم يره وغيره رآه.
أو غفل عنه ابن عمر فلم يفعله مرة أو مرات إذ كان يجوز تركه.
وأصحابه الملازمون له رأوه فعله مرات ففعله يدل على أنه سنة وتركه يدل على
أنه ليس بواجب.
وصاحب هذه الدعوة حكى عن مخالفيه أنهم أوجبوا الرفع عند الركوع وعند
الرفع من الركوع وعند النهوض إلى القيام من القعود.
ثم روى هذا عن ابن عمر واستدل بذلك على أنه علم في حديثه نسخا حتى
تركه.
وهذا عن ابن عمر ضعيف وما نعلم أحدا يوجب الرفع حتى يدل تركه على ما
ادعاه.
ثم جاء إلى حديث علي فضعفه بما لا يوجب عند أهل العلم بالحديث ضعفا.
وحديثه على سنن وكلها عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فبعض الرواة عن الأعرج رواها عن
الأعرج بتمامها وبعضهم / اختصرها فروى بعضها كما يفعلون بسائر الأحاديث على أن
اعتمادنا في ذلك على ما لا طعن فيه لأحد.
ثم جاء إلى حديث أبي حميد الساعدي فضعفه بأن عبد الحميد بن جعفر
ضعيف وأن محمد بن عمرو بن عطاء لم يلق أبا حميد فإن في حديثه أنه حضر أبا
557

حميد وأبا قتادة ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر طويل لأنه قتل مع علي بن أبي طالب
فصلى عليه علي.
فأين سن محمد بن عمرو بن عطاء من هذا بينهما رجل. فرد هذه السنة وما في
حديث أبي حميد من سنة القعود بهذا وأمثاله وما ذكر من ضعف عبد الحميد بن جعفر
فمردود عليه.
فإن يحيى بن معين: قد وثقه في جميع الروايات عنه وكذلك أحمد بن حنبل.
واحتج به مسلم بن الحجاج في الصحيح.
وما ذكر من انقطاع الحديث فليس كذلك.
قد حكم البخاري في التاريخ أنه سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس.
واستشهاده على ذلك بوفاة أبي قتادة قبله خطأ فإنه إنما رواه موسى بن عبد
الله بن يزيد أن عليا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا وكان بدريا.
ورواه أيضا الشعبي منقطعا وقال: فكبر عليه ستا.
وهو غلط لإجماع أهل التواريخ على أن أبا قتادة الحارث بن ربعي بقي إلى سنة
أربع وخمسين وقيل: بعدها.
787 - أخبرنا الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: قال ابن بكير قال الليث: مات أبو قتادة الحارث بن ربعي بن
النعمان الأنصاري سنة أربع وخمسين. وكذلك قاله: أبو عيسى الترمذي فيما:
788 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي حامد المقري عنه. وكذلك ذكره
أبو عبد الله بن منده الحافظ في كتاب معرفة الصحابة.
وذكر الواقدي: عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة مات بالمدينة
سنة خمس وخمسين وهو ابن سبعين سنة.
والذي يدل على هذا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن أبي
قتادة وعمرو بن سليم الزرقي وعبد الله بن رباح الأنصاري / رووا عن أبي قتادة وإنما
حملوا العلم بعد أيام علي فلم يثبت لهم عن أحد ممن توفي في أيام علي رضي الله
عنهم سماع.
558

وروينا عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن معاوية بن أبي سفيان لما قدم
المدينة تلقاه الأنصار وتخلف أبو قتادة ثم دخل عليه بعد وجرى بينهما ما جرى
ومشهور فيما يرى أهل التواريخ أنه إنما قدمها حاجا قدمته الأولى في إمارته سنة أربع
وأربعين وذلك بعد خلافة علي.
وفي تاريخ البخاري بإسناده عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن
كعب بن مالك أن مروان بن الحكم أرسل إلى أبي قتادة وهو على المدينة أن اغد حتى
تريني مواقف النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه فانطلق مع مروان حتى قضى حاجته ومروان بن
الحكم إنما كان على المدينة في أيام معاوية ثم نزع سنة ثمان وأربعين واستعمل عليها
سعيد بن العاص ثم نزع سعيد سنة أربع وخمسين وأمر عليها مروان بن الحكم.
وروينا في كتاب الجنائز عن ابن جريج وأسامة بن زيد عن نافع مولى ابن عمر
في اجتماع الجنائز أن جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابنها زيد بن
عمر وضعتا جميعا والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس يومئذ ابن عباس وأبو
هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الإمام ثم سئلوا فقالوا: هي السنة.
وقد ذكرنا أن إمارة سعيد بن العاص إنما كانت من سنة ثمان وأربعين إلى سنة
أربع وخمسين وفي هذا الحديث الصحيح شهادة نافع بشهود أبي قتادة هذه الجنازة
التي صلى عليها سعيد بن العاص في إمارته على المدينة.
وفي كل ذلك دلالة على خطأ رواية موسى بن عبد الله ومن تابعه في موت أبي
قتادة في خلافة علي.
ويشبه أن تكون رواية غلط من قتادة بن النعمان أو غيره ممن تقدم موته إلى أبي
قتادة.
فقتادة بن النعمان قديم الموت وهو الذي شهد بدرا منهما.
إلا أن الواقدي ذكر أنه مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر وذكر هذا الراوي
أن أبا قتادة / صلى عليه علي.
والجمع بينهما متعذر.
وهذا الراوي ذكر أنه كان بدريا وأبو قتادة الحارث بن ربعي لم يشهد بدرا
وأسامي من شهد بدرا من الصحابة عندنا مدونة في كتاب عروة بن الزبير والزهري
559

وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق بن يسار وغيرهم من أهل المغازي.
وقد نظرت في جميع ذلك فلم أجد في شيء من كتبه أن أبا قتادة شهد بدرا.
فإما أن يكون مخطئا في قوله صلى علي على أبي قتادة أو في قوله: وكان
بدريا.
فكيف يجوز رد رواية أهل الثقة بمثل هذه الرواية الشاذة؟
ثم إن كان ذكر أبي قتادة وقع وهما في رواية عبد الحميد بن جعفر عن
محمد بن عمرو بن عطاء بتقديم موت أبي قتادة في زعم هذا الراوي فالحجة قائمة
عن أبي حميد الساعدي ولا شك في سماعه منه فمحمد بن عمرو بن حلحلة وافق
عبد الحميد بن جعفر على روايته عن محمد بن عمرو بن عطاء وإثبات سماعه من أبي
حميد الساعدي في بعض هذه القصة وهي في مسألة كيفية الجلوس في التشهد
مذكورة.
وأما إدخال من أدخل بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أبي حميد الساعدي
رجلا فإنه لا يوهنه لأن الذي فعل ذلك رجلان أحدهما:
عطاف بن خالد وكان مالك بن أنس لا يحمده. والآخر: عيسى بن عبد الله
وهو دون عبد الحميد بن جعفر في الشهرة والمعرفة واختلف في اسمه فقيل عيسى بن
عبد الله بن مالك وقيل عيسى بن عبد الرحمن وقيل: عبد الله بن عيسى.
ثم اختلف عليه في ذلك. فروى عن الحسن بن الحر عن عيسى بن عبد الله
عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس أو عياش بن سهل عن أبي حميد.
وروى عن عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل
الساعدي عن أبي حميد. ليس فيه محمد بن عمرو.
وروينا حديث أبي حميد عن فليح بن سليمان عن عباس بن سهل عن أبي
حميد وبين فيه عبد الله بن المبارك عن فليح سماع عيسى بن عبد الله بن
عباس بن سهل مع سماع فليح من عباس فذكر محمد بن عمرو بن عطاء / بينهما
وهم.
560

ثم أن استدلال الشافعي في القديم إنما وقع برواية إسحاق بن عبد الله عن
عباس بن سهل عن أبي حميد وممن سماه معه من الصحابة وأكدنا برواية فليح بن
سليمان عن عباس بن سهل عنهم.
فالإعراض عنه وترك القول به والاشتغال بتضعيف رواية عبد الحميد بن جعفر
بأمثال ما أشرنا إليه وأجبنا عنه ليس من شأن من يريد متابعة السنة وترك ما استحلاه من
العبادة. وبالله التوفيق.
789 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال
سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الحميد بن جعفر
ثقة. قال يحيى: ومحمد بن عمرو بن عطاء: روى عنه عبد الحميد بن جعفر.
790 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد
الله الأصبهاني قال حدثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس قال حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري قال: محمد بن عمرو بن عطاء بن عباس بن علية العامري
القرشي المدني سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس.
روى عنه عبد الحميد بن جعفر وموسى بن عقبة ومحمد بن عمرو بن حلحلة
والزهري.
قال أحمد:
وإنما حملني على بعض الاستقصاء في هذا لأن حديث أبي حميد يشتمل على
سنن كثيرة وقد ترك أكثرها هذا الشيخ الذي يدعي تسوية الأخبار على مذهبه ليعلم أنه
غير معذور فيما ترك من هذه السنن الثابتة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وأن الذي اعتذر به ليس بعذر. والله المستعان.
791 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال: قلت للشافعي فما معنى رفع اليدين عند الركوع؟.
561

فقال: مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله عز وجل وسنة متبعة يرجى فيها
ثواب الله عز وجل ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما.
792 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال
حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن
/ زيد بن واقد الدمشقي عن نافع: أن ابن عمر كان إذا رأى رجلا لا يرفع يديه في
الصلاة عند الركوع ورفع رأسه حصبه.
قال إسحاق: وقال عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا رفع يديه
عند الركوع وعند رفع رأسه من الركوع فله بكل إشارة عشر حسنات.
وفي حصب ابن عمر دليل على بطلان ما ادعاه هذا الشيخ من نسخ حديث
الرفع بما روي من ترك ابن عمر الرفع في بعض أيامه مع ما مضى من طعن الحفاظ
في تلك الرواية ومذهب ابن عمر في الرفع أشهر من أن يمكن التلبيس عليه والذي
حكاه إسحاق الحنظلي عن عقبة بن عامر يؤكد ما حكينا عن الشافعي في معنى الرفع
وما يرجى فيه من ثواب الله عز وجل.
وبالله التوفيق.
133 - [باب]
وضع اليدين على الركبتين في الركوع
ونسخ التطبيق
793 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي
قال الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: دخلنا على عبد الله في داره فصلى
بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخذيه فلما انصرف قال:
كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين فخذيه وأقام أحدنا عن يمينه
والآخر عن يساره.
794 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا
562

سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكره.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح.
قال الشافعي:
وليسوا - يعني العراقيين - يأخذون هذا ولا نحن. أما نحن فنأخذ بحديث رواه
يحيى القطان عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي
حميد الساعدي أنه سمعه في عشرة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحدهم أبو قتادة
يقول: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا ركع وضع يديه على ركبتيه.
795 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى فذكر بإسناده نحوه.
/ ورواه أيضا محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء دون ذكر
أبي قتادة.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
796 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي وابن علية - يعني وروى ابن علية - عن محمد بن إسحاق قال حدثني
علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لرجل:
' إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك '.
797 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم - هو
ابن علية - فذكره بإسناده.
وهذا الذي رواه ابن مسعود كان حكما في ابتداء الإسلام ثم صار منسوخا ولم
يبلغه نسخه حتى أخبره أهل المدينة.
وفي هذا دلالة على أن أهل المدينة أعلم بالناسخ والمنسوخ ممن فارقها وسكن
العراق من الصحابة وبالله التوفيق.
563

798 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار قال
حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن أبي يعفور
عن مصعب بن سعد قال صليت إلى جنب أبي فلما ركعت جعلت يدي بين ركبتي
فنحاها فعدت فنحاها وقال:
كنا نفعل هذا فنهينا عنه وأمرنا أن نضع الأيدي على الركب.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد عن شعبة.
وأخرجه مسلم من حديث أبي عوانة عن أبي يعفور.
799 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن
محمد بن موسى قال حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا
عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد
الله بن مسعود قال:
علمنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الصلاة فكبر ورفع يديه فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه.
فلما بلغ ذلك سعدا فقال:
صدق أخي قد كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا - يعني بالإمساك بالركبتين.
قال الشافعي / في سنن حرملة:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال
عمر بن الخطاب: قد سنت لكم الركب فخذوا بالركب.
وهذا فيما:
800 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى الحيري قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن أبي حصين قال:
رأيت شيخا عليه برنس إذا ركع قال هكذا وطبق يديه فجعلهما بين ركبتيه
فسألت عنه فقالوا:
هذا هو الأسود بن يزيد. فسألت أبا عبد الرحمن السلمي فقال: أولئك
564

أصحاب عبد الله.
قال عمر بن الخطاب: قد سنت لكم الركب فخذوا بالركب.
134 - [باب]
الذكر في الركوع
801 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال
أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا ركع قال:
' اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي لك خشع سمعي
وبصري وعظامي وشعري وبشري وما استقلت به قدمي لله رب العالمين '.
802 - وأخبرنا أبو سعيد وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد
عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن
أبي رافع عن علي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا ركع قال:
' اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وأنت ربي خشع لك سمعي
وبصري ومخي وعظمي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين '.
قال أحمد:
هذا إسناد صحيح.
565

ورواه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون عن الأعرج إلا أنه زاد: ' وعصبي '.
ولم يقل: ' وما استقلت به قدمي لله رب العالمين '.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
803 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا / الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة وإبراهيم بن محمد
عن سليمان بن سحيم بن إبراهيم عن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود
فاجتهدوا فيه '. قال أحدهم: ' فيه من الركوع ' وقال الآخر:
فاجتهدوا الدعاء فيه قمن أن يستجاب لكم '.
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور وغيره. عن سفيان بن عيينة وقد
سمعه الربيع من الشافعي عن ابن عيينة في موضع آخر وأشار الشافعي إلى حديث
حذيفة بن اليمان.
804 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
تمتام قال مسلم بن إبراهيم وأبو عمر الحوضي قالا: حدثنا شعبة قال: سألت
سليمان:
أدعو في الصلاة إذا مررت بآية تخويف؟
فحدثني عن سعيد بن عبده عن المستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة أنه صلى
مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فكان يقول في ركوعه:
' سبحان ربي العظيم ' وفي سجوده ' سبحان ربي الأعلى ' ثلاث مرات. وما مر
بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ.
566

أخرجه مسلم في الصحيح من وجه عن سليمان الأعمش دون ذكر العدد.
ورواية العدد فيه غير محفوظة وأشار الشافعي إلى:
805 - ما أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا بشر بن
موسى قال حدثني المقري قال حدثنا موسى بن أيوب عن عمه عن عقبة بن عامر قال:
لما نزلت:
* (فسبح باسم ربك العظيم) *.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اجعلوها في ركوعكم '.
فلما نزلت:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
قال: ' اجعلوها في سجودكم '.
806 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم -
قال حدثنا محمد بن إسحاق قال عبد الله بن يزيد المقري فذكره إلا أنه قال عن عمه
إياس بن عامر الغافقي وقال: لما نزلت:
* (فسبح باسم ربك العظيم) *.
قال لنا. وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن أبي توبة
وموسى بن إسماعيل عن / ابن المبارك عن موسى بن أيوب.
قال الشافعي في سنن حرملة:
حديث حذيفة غير مخالف حديث علي بن أبي طالب. ثم أشار إلى حديث
حذيفة في أدنى الكمال. قال الشافعي:
567

فسبح كما أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] - يعني في حديث عقبة - ويقال كما قال - يعني في
حديث علي -.
قال الشافعي:
وحديث سليمان بن سحيم جامع لهما معا وذلك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر:
بتعظيم الرب فيه والتسبيح الذي روى حذيفة والقول الذي روي عن علي من
تعظيم الرب جل ثناؤه.
قال أحمد:
روى الطحاوي ما روينا ها هنا في كتاب السنن من الأحاديث فيما يقال في
الركوع والسجود.
ثم ادعى نسخها بحديث عقبة بن عامر الجهني فكأنه عرض بقلبه حديث
سليمان بن سحيم بإسناده عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الأمر بالدعاء في السجود
وأن ذلك كان من النبي [صلى الله عليه وسلم] في مرض موته حين كشف الستارة والناس صفوف خلف
أبي بكر فقال:
' لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له '.
ثم ذكر ما روينا في إسناد الشافعي فتحير في الجواب عنه فأتى بكلام بارد!!!
فقال: يجوز أن تكون:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
أنزلت عليه بعد ذلك قبل وفاته.
ولم يعلم أن هذا القول صدر من النبي [صلى الله عليه وسلم] غداة يوم الاثنين والناس صفوف
خلف أبي بكر في صلاة الصبح كما دل عليه حديث أنس بن مالك وهو اليوم الذي
توفي فيه.
وقد روينا في الحديث الثابت عن النعمان بن بشير أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ
568

في العيدين ويوم الجمعة
ب * (سبح اسم ربك الأعلى) *.
و * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
وربما جمعهما في يوم واحد فقرأ بهما.
وقد روينا عن سمرة بن جندب قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في العيدين.
ب * (سبح اسم ربك الأعلى) *.
و * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
وفي رواية أخرى في صلاة الجمعة.
وفي هذا دلالة على أن:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
كان قد / نزل قبل ذلك بزمان كثير.
وروينا عن البراء بن عازب في الحديث الطويل في هجرة النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
فما قدم - يعني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - المدينة حتى قرأت:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
في سورة من المفصل.
وروينا في حديث معاذ بن جبل في قصة من خرج من صلاته حين افتتح ' سورة
البقرة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: أمره أن يقرأ:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
* (والشمس وضحاها) * ونحو ذلك.
569

وكان هذا قبل مرضه بكثير.
وقد تحير صاحب هذه المقالة في خبر معاذ وصار أمره إلى أن حمله في مسالة
الفريضة خلف التطوع على أن ذلك كان في وقت يصلي فيه الفريضة الواحدة في يوم
واحد مرتين.
وذلك في زعمه في أول الإسلام فنزول * (سبح اسم ربك الأعلى) * عنده إذا في
تلك المسألة في أول الإسلام وفي هذه المسالة في اليوم الذي توفي فيه ليستقيم قوله
في الموضعين.
وهذا شأن من يسوي الأخبار على مذهبه ويجعل مذهبه أصلا وأحاديث رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] تبعا. والله المستعان. ومشهور فيما بين أهل التفسير أن سورة:
* (سبح اسم ربك الأعلى) *.
وسورة الواقعة والحاقة اللتين فيهما:
* (فسبح باسم ربك العظيم) *.
نزلت بمكة وهو فيما روينا عن الحسن البصري وعكرمة وغيرهما. فكيف
استجاز هذا الشيخ نسخ ما ورد في حديث ابن عباس من قول النبي [صلى الله عليه وسلم] وأمره بالدعاء
في السجود في مرض موته بما نزل من قبله بدهر طويل بالتوهم؟ والله أعلم.
807 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي
ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا ركع أحدكم فقال: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك
أدناه. وإذا سجد فقال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك
أدناه '.
808 - وأخبرنا / أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد فيما نقل عن الإملاء قالوا: حدثنا
570

أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال حدثنا محمد بن إسماعيل
فذكره.
قال الربيع قال البويطي قال الشافعي:
إن كان هذا ثباتا فإنما يعني والله أعلم: أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض
والاختيار لا كمال الفرض وحده.
وإنما قال: إن كان ثابتا. لأنه منقطع.
ورواه غيره عن ابن أبي ذئب فذكر فيه عبد الله بن مسعود وهو أيضا منقطع.
عون بن عبد الله لم يدرك عبد الله.
809 - أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد
الهذلي عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من قال في ركوعه ' فذكره وقال: ' ومن قال في سجوده ' فذكره.
810 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
جاءت الحطابة إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالوا: يا رسول الله إنا لا نزال سفرا فكيف
نصنع بالصلاة؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ثلاث تسبيحات ركوعا وثلاث تسبيحات سجودا '.
811 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي:
أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال
إذا ركعت فقلت: اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت
وعليك توكلت فقد تم ركوعك. زاد أبو سعيد في روايته:
571

قال الشافعي:
وهم يكرهون هذا وهذا عندنا كلام حسن.
وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شبيه به ونحن نأمر بالقول به.
135 - [باب]
النهي عن القراءة في الركوع والسجود
812 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن
الأعرابي / قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا محمد بن
إدريس الشافعي.
813 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرنا نافع
عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
نهى عن لبس القسي والمعصفر وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
814 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي أن
علي بن أبي طالب قال: نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا أقول نهاكم أن أقرأ القرآن راكعا
وساجدا أو أتختم بالذهب.
572

قال الشافعي في كتاب حرملة:
حديث علي نهاني ولا أقول نهاكم كان يذهب إلى أنه خص بالنهي دون الناس
فإذا كان إلى هذا ذهب فإنما ذهب إلى أنه نهى على الاختيار للنهي لا على التحريم
والله أعلم. ثم حمله على النهي عن القراءة في الركوع والسجود على العموم بما
مضى بإسناده عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا '
وكذلك في التختم بالذهب ولبس القسي للرجال بحديث آخر يدل على نهي الرجال
عن تختم الذهب ولبس الحرير. وذلك فيما:
815 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب
العدل قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا أبو
إسحاق الشيباني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد عن البراء بن عازب
قال: أمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بسبع ونهانا عن سبع.
أمرنا: بعيادة المريض واتباع الجنائز ونصر المظلوم وإفشاء السلام وتشميت
العاطس وإجابة الداعي وإبرار القسم - ونهانا عن: الشرب في الفضة فإنه من يشرب
فيها في الدنيا لا يشرب فيها في الآخرة وعن التختم بالذهب / وركوب المياثر ولباس
القسي والحرير والديباج والإستبرق.
أخرجاه في الصحيح من حديث الشيباني.
وأما المعصفر فقد قال الشافعي:
إنما أرخصت فيه لأني لم أجد أحدا يحكي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] النهي عن لبس
المعصفر إلا ما قال علي بن أبي طالب نهاني ولا أقول نهاكم وهو في حديث غير مالك
عن ابن حنين.
قال أحمد:
قد روينا عن زيد بن أسلم ومحمد بن عمرو وغيرهما عن إبراهيم بن عبد
573

الله بن حنين.
816 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا إسماعيل بن أحمد الجرجاني قال
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا ابن وهب قال
حدثني أسامة بن زيد أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه عن أبيه عن علي بن أبي
طالب أنه سمعه يقول:
نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن تختم الذهب وعن لبس المعصفر والقسي والمياثر
وعن قراءة القرآن وأنا راكع.
قال أسامة قد دخلت على عبد الله بن حنين في بيته وهو يومئذ شيخ كبير وعليه
ملحفة معصفرة كثيرة العصفر فسألته عن هذا الحديث قال عبد الله:
سمعت علي بن أبي طالب يقول:
نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا أقول نهاكم: عن تختم الذهب ولباس المعصفر.
ولم يزدني على ذلك ولم ينكر الحديث. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث
ابن وهب.
وعبد الله بن حنين راوي الحديث حمله أيضا على الخصوص.
وروينا عن أبي هريرة أن عثمان أنكر على محمد بن عبد الله بن جعفر لبس
المعصفر فقال علي:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم ينهك ولا إياه إنما عناني أنا.
وقد روينا عن عبد الله بن عمرو وعن النبي [صلى الله عليه وسلم] في رواية صحيحة ما دل على أن
النهي عنه على العموم.
817 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا هشام الدستوائي عن
يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم / يعني ابن الحارث - عن خالد بن معداة عن
جبير بن نفير عن عبد الله بن عمرو - يعني ابن العاص - قال: رآني رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
وعلي ثوبان معصفران فقال:
574

' هذه ثياب أهل النار فلا تلبسها '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام الدستوائي وغيره. وأخرجه من
حديث طاوس عن عبد الله بن عمرو ببعض معناه. ورواه محمد بن إسحاق بن يسار
عن محمد بن إبراهيم بإسناده عن عبد الله بن عمرو في إحرامه في مثل الثياب
المعصفرة وفي نهي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن لبسه ثم طرحه إياه في تنور.
ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده غير أنه لم يذكر الإحرام وذكر أنه لما
قذفها في التنور قال:
' ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس به للنساء '.
وقد ذكرنا هذه الروايات في كتاب الحج من كتاب السنن. وفي كل ذلك دلالة
على أن نهي الرجال عن لبسه على العموم ولو بلغ الشافعي لقال به إن شاء الله.
818 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال
أخبرني عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا أبي وهو أبو حاتم قال حدثنا حرملة بن يحيى
قال:
قال الشافعي رحمه الله:
كل ما قلت وكان عن النبي [صلى الله عليه وسلم] خلاف قولي مما يصح فحديث النبي [صلى الله عليه وسلم] أولى
ولا تقلدوني.
819 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا محمد بن حيان قال حدثنا محمد بن عبد
الرحمن بن زياد قال سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قال أبي: قال لنا
الشافعي: إذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه. وقد استحب الشافعي
في كتاب الجمعة لبس البياض.
قال الشافعي:
فإن جاوره فعصب اليمن والقطرى وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما
ينسج فحسن.
575

820 - أخبرنا بذلك أبو سعيد عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
فقد صرح ها هنا باستحباب ترك لبس ما يصبغ بعدما ينسج والمعصفر داخل فيه
وهذا قول مستقيم على السنة فقد كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يحب لبس الحبرة ولبس حلة حمراء
وهي من برود اليمن الذي يصبغ غزله ثم ينسج وروينا في حديث الحسن عن
عمران بن حصين أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا ألبس المعصفر '.
وفي حديث عبد الله بن عمرو أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر عليه رجل عليه ثوبان أحمران
فسلم عليه فلم يرد عليه وروينا سوى ذلك أحاديث في كراهية الحمرة. فيشبه أن يكون
الذي كره ما يصبغ زينة بعدما ينسج فيكون كالمعصفر الذي نهى عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
الرجال.
قال الشافعي:
وننهي الرجل حلالا بكل حال أن يتزعفر ونأمره إذا تزعفر أن يغسل الزعفران
عنه.
قال: وإنما أمر الرجل الذي أحرم بالعمرة وهو مضمخ بالخلوق بالغسل فيما
نرى للصفرة عليه.
فنتبع السنة في المزعفر فمتابعتها أيضا في المعصفر أولى به.
وقد كرهه بعض السلف واختاره أبو عبد الله الحليمي رحمه الله ورخص فيه
جماعة والسنة ألزم.
وبالله التوفيق.
136 - [باب]
إنما الإمام ليؤتم به
قال الشافعي في كتاب البويطي:
ومن سبق الإمام بالركوع والرفع والخفض والرفع من السجود كرهت ذلك له
576

لقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما جعل الإمام ليؤتم به '.
821 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أبو حامد بن بلال قال حدثنا أبو الأزهر قال
حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال في حديث ذكرته عنه:
' إنما الإمام ليؤتم به فإذا ركع فركعوا وإذا رفع فرفعوا ' أخرجاه في الصحيح.
وروى الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة الحديث الذي:
822 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف المعني قالا: حدثنا سفيان عن
أبان بن تغلب. وقال زهير قال حدثنا الكوفيون أبان وغيره عن الحكم عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال: كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فلا يحنو / أحدنا ظهره حتى
نرى النبي [صلى الله عليه وسلم] وضع.
وفي رواية الشافعي: قد نرى النبي [صلى الله عليه وسلم] قد خر ساجدا.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وقال: حتى نراه يسجد وعن ابن
نمير: حتى نراه قد سجد.
ورواه أيضا عبد الله بن يزيد عن البراء بن عازب بمعناه ومن ذلك الوجه أخرجاه
جميعا في الصحيح.
قال الشافعي في كتاب البويطي:
ولا يبين لي أن عليه الإعادة لقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أفلا يخشى الذي يرفع رأسه قبل إمامه أن يجعل الله رأسه رأس حمار '.
577

فكرهت ذلك له من هذه الجهة ولم آمره بإعادة قال أصحابنا لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم
يأمر بالإعادة.
823 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني قال حدثنا شعبة قال أخبرني
محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته
صورة حمار '.
قال شعبة: محمد بن زياد شك.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة.
137 - [باب]
إذا أدرك الإمام راكعا
824 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي فيما بلغه عن جرير عن منصور عن زيد بن وهب: أن عبد الله يعني ابن
مسعود دخل المسجد والإمام راكع فركع ثم دب راكعا.
وعن رجل عن مجالد عن الشعبي عن عمه قيس بن عبده عن عبد الله مثله.
قال الشافعي:
وهكذا نقول وقد فعل هذا زيد بن ثابت.
578

قال أحمد:
قد روينا عن أبي الأحوص عن منصور عن زيد بن وهب في هذا الحديث أنه
ركع معه ثم مشيا راكعين حتى انتهيا إلى الصف قال فلما قضى الإمام الصلاة قمت
وأنا أرى أني لم أدرك فأخذ عبد الله بيدي فأجلسني ثم قال إنك قد أدركت.
وأما حديث زيد بن ثابت:
825 - فأخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو / العباس الأصم قال
حدثنا بحر بن نصر قال: قرئ على ابن وهب أخبرك يونس بن يزيد وابن أبي ذئب
عن ابن شهاب قال أخبرني أبو إمامة بن سهل بن حنيف: أنه رأى زيد بن ثابت دخل
المسجد والإمام راكع فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل الصف وهو راكع فكبر فركع ثم
دب وهو راكع حتى وصل الصف.
وقال أحمد:
قد روينا في ذلك عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن الزبير. وفي معناه حديث
أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي [صلى الله عليه وسلم] راكع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف
وذلك مذكور في باب موقف الإمام.
وفي كل ذلك دلالة على إدراك الركعة بإدراك الركوع وقد روي صريحا عن
ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر وفي خبر مرسل عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي خبر موصول عنه غير قوي.
579

أما المرسل:
فرواه عبد العزيز بن رفيع عن رجل عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وأما الموصول:
826 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب
قال حدثنا أبو يحيى بن أبي سبرة قال حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا نافع بن يزيد قال
حدثنا يحيى بن سليمان عن زيد بن أبي عتاب وسعد بن أبي سعيد المقبري عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة
فقد أدرك الصلاة '.
تفرد به يحيى بن أبي سليمان هذا وليس بالقوي.
138 - [باب]
القول عند رفع الرأس من الركوع
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله عن أبيه أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
كان إذا رفع رأسه من الركوع قال:
' سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد '.
827 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إسماعيل القاضي قال حدثنا عبد الله عن مالك فذكره بمثله وأتم منه.
580

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن مسلمة القعنبي.
828 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع / قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن
موسى بن عقبة عن عبد الله بن المفضل عن الأعرج عن عبد الله بن أبي رافع عن
علي بن أبي طالب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة
المكتوبة قال: ' اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من
بعد '.
ورواه الماجشون بن أبي سلمة عن الأعرج وقال في الحديث: وإذا رفع قال:
' اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من
شيء بعد '.
وفي رواية أخرى عنه: وإذا رفع رأسه من الركوع قال: ' سمع الله لمن حمده
ربنا ولك الحمد ' ثم ذكره ومن حديث الماجشون أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرجه أيضا من حديث عبد الله بن أبي أوفى وأبي سعيد الخدري وابن عباس إلا أن
بعضهم قصر به فلم يذكر قوله:
' سمع الله لمن حمده '.
وبعضهم زاد على هذا الدعاء.
829 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن
محمد بن عبدوس الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا يحيى بن
581

بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن سمي مولى أبي بكر
عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد فإنه من وافق قوله
قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك دون حرف الواو في قوله: ' لك الحمد '
في هذه الرواية.
وفي الأحاديث قبله دلالة على أن الإمام يجمع بين الذكرين وكان عطاء بن رباح
يقول يجمعهما المأموم مع الإمام أحب إلي وبه قال محمد بن سيرين وأبو بردة وكان
أبو هريرة يجمع بينهما وهو إمام.
قال سعيد المقبري ويتابعه معا.
وفي ذلك دلالة على أن المراد ها هنا أنه يقوله مع الإمام بعد فراغه من قول:
' سمع الله لمن حمده ' مع الإمام حتى لا يتأخر عن الإمام في السجود لاشتغاله
بالحمد. وقد ذهب جماعة من / أهل العلم إلى ظاهر الخبر وأن المأموم يقتصر على
الحمد.
وروي في معناه عن علي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وبه قال الشعبي
ومالك وأحمد بن حنبل.
وقال البيهقي:
فأما الإمام فإنه يجمع بينهما وكذلك المنفرد لما مضى من الأخبار. والله أعلم
830 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله:
582

أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال:
اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء
بعد.
قال الشافعي:
ونحن نستحب هذا ونقول به لأنه موافق ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
139 - [باب]
الطمأنينة في الركوع والسجود
وكيف القيام من الركوع والسجود
831 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن علي بن
يحيى عن رفاعة بن رافع أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لرجل:
' فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك فإذا رفعت فأقم
صلبك وارفع رأسك حتى تجعل العظام إلى مفاصلها '.
قصر إبراهيم بن محمد بإسناده.
ورواه غيره عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى عن أبيه عن عمه رفاعة.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة الرجل الذي
أساء الصلاة:
' ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن
ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا '.
832 - وأخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان
عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال أخبرنا يعلى بن
عبيد قال حدثنا الأعمش عن عمارة - يعني ابن عمير - عن أبي معمر عن أبي مسعود
583

قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود '.
وكذلك رواه جماعة عن الأعمش.
وهذا إسناد صحيح.
تم الجزء والحمد لله أولا وآخرا ونسأله حسن الختام
584