نعم وتقاة الله أشرف خلقه * ولا خير في قول إذا ضيع الفعل
قنوعي بما يكفي يقيني من الأذى * وبعد يقيني بالمقادير لا ذلوا
وأحسن من علم تراما بأهله * إلي بمخلوق يماثله الجهل
وأسكن قلبي حب كل محقق * يعشق كما قد تعشق الأعين البخل
وبغداد داري ليس يغبن أهلها * وما جهم إلا لمن ما له شكل
وكل النواحي أشحنتها فضائلي * أقر بفضلي الريف والحزن والسهل
وذكري وراء النهر بالفضل وافد * وفي المغرب الأقصى وما بلغت إبل
ولما تأملت المذاهب كلها * طلبت الأسد في الصواب وما أغلو
فألفيت عند السير قول ابن حنبل * يزيد على المذاهب بل يعلو
وكل الذي قد قاله فمشتد * بنقل صحيح والحديث هو الأصل
وكان بنقل العلم أعرف من روى * بقوم من السادات ما شأنهم عظم
ومذهبه ألا يشبه ربه * ويتبع في التسليم من قد مضى قبل
فقام له الحساد من كل جانب * فقام على رجل الثبات وهم زلوا
وكان له أتباع صدق تتابعوا * فكم أرشدوا نحو الهدى وكم دلو
وجاءك قوم يدعون تمذهبا * بمذهبه ما كل زرع له أكل
فلا في فروع يثبتون لنصرة * وعندهم من فهم ما قاله شغل
إذا ناظروا قاموا مقام مقاتل * فواعجبا والقوم كلهم عزل
قياسهم طردا إذا ما تصدروا * وهم من علوم النقل أجمعها عطل
إذا لم يكن في النقل صاحب فطنة * تشابهت الحياة وانقطع الحبل
ومالوا إلى التشبيه أخذا بصورة * لما نقلوه في الصفات وهم غفل
وقالوا الذي قلناه مذهب أحمد * فمال إلى تصديقهم من به جهل
وصار الأعادي قائلين لكلنا * مشبهة قد ضرنا الصحب والخل
فقد فضحوا ذاك الإمام بجهلهم * ومذهبه التنزيه لكن هم اختلو
لعمري لقد أدركت منهم مشايخا * وأكثر من أدركتهم ما له عقل
وما زلت أجلوا عندهم كل خصلة * من الاعتقاد الرذل كي يجمع الشمل
تسموا بألقاب ولا علم عندهم * موائدهم لا حرم فيها ولا حل
موائدهم لا يلحق الخل بقلها * وإن شئت لا خل لديهم ولا بقل
276