الكتاب: فضائل الأوقات
المؤلف: البيهقي
الجزء:
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: دراسة وتحقيق : عدنان عبد الرحمن مجيد القيسي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٠ - ١٩٩٠ م
المطبعة: مكتبة المنارة
الناشر: مكتبة المنارة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
فضائل الأوقات
1

بسم الله الرحمن الرحيم
2

كتاب
فضائل الأوقات
تأليف
أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي
المتوفى سنة 458 ه‍
دراسة وتحقيق
عدنان عبد الرحمن مجيد القيسي
مكتبة المنارة
مكة المكرمة
3

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1410 ه‍ 1990 م
تطلب منشوراتنا من
مكتبة المنارة
4

بسم الله الرحمن الرحيم
شكر وتقدير
حمدا لله في البدء وفي الختام على تيسيره وعونه، والصلاة والسلام
على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وبعد:
فاعترافا بالجميل، وكلمة حب وتقدير أتقدم بها لجامعة أم درمان
الإسلامية، لا سيما معالي مديرها وعميد كلية أصول الدين والتربية، ورئيس
قسم الكتاب والسنة، لما لهم من فضل في قبولي في هذه الجامعة العريقة،
وتسهيلهم سبل مواصلة الدراسة فيها.
كما أتقدم بالشكر الجزيل والدعاء الصالح لفضيلة الدكتور الطاهر
الدرديري والدكتور عمر يوسف حمزة والدكتور بشير الترابي، فقد تناوبوا
الإشراف على هذه الرسالة وأفادوني جميعا بنصائحهم القيمة وإرشاداتهم
النافعة وتوجيهاتهم الصائبة، فجزاهم الله خير الجزاء.
وللدكتورين الفاضلين الدكتور الطاهر أحمد عبد القادر عميد كلية أصول
الدين والتربية، والدكتور أحمد علي الإمام، اللذين تجشما قراءة الرسالة
ومناقشتها.
والشكر موصول لكل من أفادني في إنجاز هذه الرسالة وإخراجها إلى
حيز الوجود من كافة أساتذتي الأجلاء، وزملائي الفضلاء.
5

والله أسأل أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، وأن ينفعني بما علمني
ويزيدني علما، إنه سميع الدعاء، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم...
6

الرموز المستعملة في الكتاب
س: السنن الكبرى للبيهقي. ش: الجامع لشعب الإيمان للبيهقي. التقريب: تقريب التهذيب لابن حجر. التهذيب: تهذيب التهذيب لابن حجر. السير: سير أعلام النبلاء للذهبي. الميزان: ميزان الاعتدال للذهبي. التذكرة: تذكرة الحفاظ للذهبي. الكاشف: الكاشف في أسماء الرجال للذهبي. الجرح: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم. الوافي: الوافي بالوفيات للصفدي.
7

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا و
داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم
تسليما كثيرا.
وبعد: فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل وقت وظائف لعباده من
وظائف طاعته، فمنها ما يتكرر كل يوم كالصلوات الخمس، ومنها ما يتكرر
كل أسبوع كالاثنين والخميس والجمعة، ومنها ما يتكرر كل شهر كالأيام
البيض، ومنها ما يتكرر كل عام كالأشهر الحرم ورمضان وليلة القدر،
وفضل الله هذه الأوقات على غيرها في مضاعفة الحسنات وإجابة الدعوات
وحصول المغفرة والرضوان، وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة مصرحة بفضل
ومنزلة هذه المواسم والأيام ليجتهد العبد في طاعة الله ويتجرد له سبحانه
وتعالى، إذ لا بد للعبد من فترات ينخلع فيها من طينة الأرض، وشواغل
الحياة، ليخلو إلى ربه، ويملأ قلبه بذكره، وما هذه الأوقات إلا مراكز
ومحطات للعبادة، تمنح المؤمن رصيدا من الإيمان والتقوى، وتجعله مؤهلا
لخلافة الأرض وإصلاحها.
إن الوقت الذي نعيشه في هذه الدنيا لا يقدر بالأثمان، فيجب
9

المحافظة عليه بما ينفع، وعدم في اللهو واللعب والغفلة، فإن في
هذا خسارة الدنيا والآخرة، وقد قيل: " إن الوقت من ذهب " وفي الحقيقة إنه
أغلى من الذهب، فإن الذهب يذهب ويجئ، والوقت إذا ذهب فلا يرجع
أبدا، فوجب استغلاله بالطاعة والعمل الصالح، ويعجبني قول ابن رجب في
مقدمة كتابه " لطائف المعارف " حيث قال: " فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور
والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى
أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما
فيها من اللفحات... وفي رواية للطبراني من حديث محمد بن مسلمة
مرفوعا: إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة
فلا يشقى بعدها أبدا ".
ولما حافظ المسلمون على أوقاتهم، وعرفوا دورهم في الحياة سعدوا
وسعدت الدنيا بهم، وطيبوا بقاع الأرض بأقوالهم وأفعالهم، وصحف التاريخ
ملأى بتلك المآثر الحميدة والأعمال الرشيدة، فقد كانوا رهبانا في الليل
فرسانا في النهار، طلبوا الآخرة فذلت لهم الدنيا وأتتهم وهي صاغرة، لم
يتركوا ميدان سبق إلى الخير إلا استبقوا إليه فسبقوا، روى مالك في الموطأ
عن يحيى بن سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الجهاد، وذكر الجنة، ورجل
من الأنصار يأكل تمرات في يده، فقال: " إني لحريص على الدنيا إن جلست
حتى أفرغ منهن "، فرمى ما في يده، فحمل بسيفه، فقاتل حتى قتل.
بهذه المسارعة إلى الطاعة نالوا رضا الله، وفازوا بعفوه وغفرانه.
والكتاب الذي أقدمه اليوم هو كتاب " فضائل الأوقات " الذي يحوي
على أكثر من ثلاثمائة حديث، تدخل تحت باب " الترغيب في الصوم ".
10

أسباب اختيار الموضوع:
هناك أسباب عديدة دفعتني لاختيار هذا الكتاب منها:
1 - إن أغلب من كتب عن الإمام البيهقي عد هذا الكتاب من عداد الكتب
المفقود.
2 - ثم إني لم أجد من خص الأشهر الحرم وشهر شعبان، ورمضان ويوم
الجمعة بكتاب مستقل إلا رسائل صغيرة استقلت بذكر شهر من بين
الشهور وخاصة شهر رمضان.
3 - حاجة الناس في هذا العصر إلى هذا الكتاب لتذكيرهم بمواسم
الخير والبركة.
4 - الرغبة في المشاركة في إحياء التراث الإسلامي واكتساب الخبرة في
تحقيق المخطوطات.
خطة البحث:
وتشتمل الخطة على قسمين: دراسي، وتحقيقي.
القسم الدراسي: ويتكون من مقدمة وبابين.
المقدمة: وتشتمل على:
- أسباب اختيار الموضوع.
- خطة البحث.
- منهج التحقيق.
الباب الأول: دراسة الإمام البيهقي، ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: " عصر المصنف وسيرته " ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ويشتمل على عصر المصنف.
- من الناحية السياسية.
- من الناحية الاجتماعية.
- من الناحية العلمية.
11

المبحث الثاني: ويشتمل على ترجمة المصنف.
- اسمه ونسبه.
- كنيته ولقبه.
- نسبته.
- مولده.
- أسرته.
- نشأته العلمية ورحلاته.
المبحث الثالث:
- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
وفاته.
الفصل الثاني: " شيوخه وآثاره " ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: شيوخه وتلاميذه.
المبحث الثاني: مصنفاته.
الباب الثاني: دراسة الكتاب، ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: توثيق الكتاب، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: اسم الكتاب.
المبحث الثاني: توثيق نسبة الكتاب للمصنف.
المبحث الثالث: توثيق النسخة.
الفصل الثاني: التعريف بالكتاب، ويشتمل على ستة مباحث:
المبحث الأول: موضوع الكتاب.
المبحث الثاني: منهج المصنف في الكتاب.
المبحث الثالث: أهمية الكتاب.
المبحث الرابع: الكتب المصنفة في فضائل الأوقات.
المبحث الخامس: موارده في الكتاب.
12

المبحث السادس: وصف النسخة، ويشتمل على:
أ - عدد أوراقها ومسطرتها.
ب - خطها.
ج - ناسخها.
د - تاريخ نسخها.
ه‍ - ملاحظات عامة حول النسخة.
القسم التحقيقي: وفيه بيان منهج التحقيق:
1 - قمت بترقيم الأحاديث والآثار ترقيما تسلسليا.
2 - ضبط النص وتحقيقه.
3 - ضبط الألفاظ الغربية وشرحها.
4 - ترجمت مصطلحات الأداء ثنا ونا إلى حدثنا وأخبرنا.
5 - تخريج الأحاديث والآثار من مظانها المعتمدة من كتب السنة.
6 - ترجمة لجميع رجال الاسناد.
7 - الحكم على الأحاديث والآثار.
8 - التعليق على بعض المسائل الفقهية.
9 - بيان مواضع الآيات من السور.
10 - ذيلت البحث بأهم النتائج التي توصلت إليها.
11 - عمل الفهارس:
أ فهرس الآيات.
ب - فهرس الأحاديث والآثار
ج - فهرس الاعلام.
د - فهرس المراجع والمصادر.
ه‍ - فهرس الموضوعات.
والله أسأل أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل عملي هذا خالصا
لوجهه الكريم، والحمد لله رب العالمين.
13

الباب الأول
دراسة الإمام البيهقي ويشتمل على فصلين
الفصل الأول
عصر المصنف وسيرته
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول:
ويشتمل على عصر المصنف:
- من الناحية السياسية.
- من الناحية الاجتماعية.
- من الناحية العلمية.
المبحث الثاني:
- اسمه ونسبه.
- كنيته ولقبه.
- نسبته.
- مولده.
15

- أسرته.
- نشأته العلمية ورحلاته.
المبحث الثالث:
- مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
- وفاته.
16

المبحث الأول
عصر البيهقي:
إن للبيئة أثرها في بناء شخصية الإنسان وتحديد أهدافه وأفكاره،
فالإنسان مدني بطبعه، ولا يمكن له العيش بعيدا عن الناس ومشكلاتهم،
فالبيئة الصالحة تنشئ الإنسان الصالح، والبيئة الفاسدة تنشئ الإنسان
الفاسد، وقد يكون العكس، فيتمرد الإنسان على وسطه الذي يحيا فيه فيختار
ما يراه صالحا، وكثرة الشر وانتشار الفساد لا بد أن يقابله قوة في الإيمان،
ورغبة في التمسك به، وهذا ما حدث للإمام البيهقي، فعلى الرغم من قساوة
الظروف وتقلب الأحوال وعزوف الناس عن العلم، أقبل على العلم، وطلبه،
وبد؟ رحلته العلمية.
وقبل الحديث عن الإمام البيهقي لا بد أن أعطي القارئ فكرة موجزة
عن عصره من النواحي الثلاث التالية:
- الناحية السياسية.
- الناحية الاجتماعية.
- الناحية العلمية.
أولا: الناحية السياسية:
ولد الإمام البيهقي عام (384 ه‍) في وقت انحطاط الدولة العباسية،
وتصدع صرح الخلافة الإسلامية إلى دويلات متنازعة ومتناحرة، فكان من
17

خلفاء هذه الفترة بالله (371 ه‍) تولى الخلافة بعد خلع الطائع لله
بضغط من بهاء الدولة - البويهي -، وجرد الخليفة العباسي من جميع
السلطات، ولم يبق له سوى الاسم في كثير من الأقاليم، ونتيجة لهذا ظهر
التمرد في جهات كثيرة من البلاد وذلك لضعف سلطته، وعدم سيطرته على
مقاليد الحكم، ففي المشرق العربي، وهي الجهة التي عاش فيها البيهقي،
تنازعتها في هذه الفترة ثلاث دول:
أ - الدولة البويهية (334 - 447 ه‍).
ب - الدولة الغزنوية (351 - 582 ه‍).
ج‍ - الدولة السلجوقية (429 - 522 ه‍).
هذا في الشرق، وأما الأندلس فقد كانت ميدانا للنزاع بين أعقاب
الأمويين والعلويين من ذرية إدريس بن عبد الله، فكانت الحال هناك في
اضطراب يشبه ما كان في المشرق ويزيد عليه.
وأما في إفريقيا ومصر والشام فقد تعاقب عليها أمراء فاطميون، استقلوا
بأقاليمهم، ولم يكن للخليفة العباسي أية سلطة عليهم، وصار العالم
الإسلامي مقطع الأوصال، مفصوم العرى، ليس له جامعة سياسية. وكل
فريق من هؤلاء المتغلبين يعادي الآخر ويكيد له.
وخلاصة القول فقد تميز عصر البيهقي من هذه الناحية بتدهور سياسي
رهيب، قطع أوصال الدولة الإسلامية، وجعلها دويلات متناثرة متباغضة،
وضعفت الخلافة، وظهرت الفتن والاضطرابات.
ثانيا: الناحية الاجتماعية:
ونتيجة لسوء الحالة السياسية وانعدام السلطة المركزية كثرت الحروب
18

والفتن والمنازعات الداخلية والخارجية، واشتد الخلاف بين السنة والشيعة،
وعظم الخطب ببغداد بأمر الحرامية، حيث أخذوا أموال الناس عيانا، وقتلوا
صاحب الشرطة، وعظم النهب، وخذل السلطان والأمراء حتى لو حاولوا دفع
فساد لزاد، وتملك العيارون ببغداد في المعنى، وقلت الموارد، وفشا
الجوع، وارتفعت الأسعار، وظهر الغلاء المفرط حتى أكلوا الكلاب والميتة،
وبلغت كارة الخشكار، أي النخالة، عشرة دنانير، ومات من الجوع خلق
كثر.
ونتيجة لهذه الأوضاع المتردية انتشرت الأمراض في كثير من الأقاليم،
ونزل بالناس وباء عظيم، مات فيه خلق كثير لا يحصون، في بغداد وبخارى
والأهواز وأذربيجان، وليس للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات
وتجهيزهم ودفنهم، فكان يحفر الحفير فيدفن فيه العشرون والثلاثون.
ومما زاد في تردي الحالة الاجتماعية حدوث الزلازل والكوارث
الطبيعية، فقد حدث زلزال عظيم في خوزستان (444 ه‍) وخراسان وكان
أشده بمدينة بيهق " بلد الإمام البيهقي " وخراب سورها ومساجدها.
ولو استعرضنا جميع الحوادث التي صاحبت هذه الفترة لطال بنا
الحديث، فقد كانت فترة عصبية وقاسية على الأمة والإسلامية، وذلك لانعدام
السلطة المركزية، وكثرة الفتن والمنازعات، بالإضافة إلى انتشار الأمراض
والكوارث الطبيعية.
ثالثا: الناحية العلمية:
على الرغم مما أصاب المسلمين من الناحيتين السياسية والاجتماعية،
19

من فتن وحروب واضطرابات، لم تتوقف الحركة العلمية، بل كان سوء
الأحوال حافزا للعلماء إلى الاستزادة من طلب العلم والإقبال عليه، فظهر
علماء جهابذة أثروا المكتبة الإسلامية بتأليف ومصنفات، كانت مصدر فخر
وعز لأجيال المسلمين.
ومن مميزات هذا العصر انتشار دور العلم، وظهور ما يسمى
بالمدارس، وخاصة في نيسابور، قال المقريزي: " والمدارس مما حدث في
الإسلام، ولم تكن تعرف في زمن الصحابة ولا التابعين، وإنما حدث عملها
بعد الأربعمائة من سني الهجرة، وأول من حفظ عنه أنه بنى مدرسة في
الإسلام أهل نيسابور، فبنيت بها المدرسة البيهقية، وبنى بها أيضا الأمير
نصر بن سبكتكين مدرسة، وبنى بها أخو السلطان محمود بن سبكتكين
مدرسة، وبنى بها أيضا المدرسة السعيدية، وبنى بها أيضا مدرسة رابعة "،
وقال آدم متز: " ويدل مجموع الأخبار التي انتهت إلينا على أن نيسابور كانت
مهد هذه المعاهد ".
وفي هذا دلالة واضحة على انتعاش الحركة العلمية في نيسابور، وأنها
أصبحت من المدن المهمة التي يؤمها العلماء وطلاب العلم، حتى قال
الخطيب البغدادي: " أول ما سمعت في المحرم سنة ثلاثة واستشرت البرقاني
في الرحلة إلى عبد الرحمن بن النحاس بمصر، أو أخرج إلى نيسابور؟ فقال:
إن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة، فخرجت إلى نيسابور ".
وهكذا انتشرت دور العلم (المدارس) في جميع أرجاء الديار
الإسلامية، وساعد على انتشارها تشجيع بعض الأمراء والسلاطين، منهم
20

الوزير نظام الملك " فقد بنى مدرسة ببغداد، ومدرسة ببلخ، ومدرسة
بنيسابور، ومدرسة بهراة، ومدرسة بأصبهان، ومدرسة بالبصرة، ومدرسة
بمرو، ومدرسة بآمل طبرستان، ومدرسة بالموصل ".
وبالجملة فإن الناحية العلمية لم تتقهقر نتيجة الأحداث السياسية
والاجتماعية بل ارتقت وازدهرت وظهر فيها أفذاذ الرجال من فقهاء ومحدثين،
أمثال أبي إسحاق الأسفراييني، والحاكم، والبيهقي، الذي بلغت تآليفه أكثر
من ألف جزء، وفي ظهور المدارس خير دليل على نشاط النهضة العلمية
وازدهارها.
21

المبحث الثاني
أولا: اسمه ونسبه:
هو: أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى.
وهذا الراجح في اسمه ونسبه، وإليه ذهب ابن عساكر وإبراهيم بن
محمد بن الأزهر والسبكي وابن خلكان وغيرهم. وذهب السمعاني وابن نقطة
وابن الأثير والذهبي وغيرهم إلى تقديم جده الثالث " موسى " على الثاني
" عبد الله ".
ووقف آخرون عند جده الأول فقط وهم الصفدي والأسنوي وابن
العماد الحنبلي وغيرهم.
22

ثانيا: كنيته ولقبه:
أما كنيته فأبو بكر، وأما لقبه فيلقب بالحافظ، ألا حاجي خليفة فلقبه
ب‍ " شمس الدين " والأول أشهر.
ثالثا: نسبته:
وينسب إلى خسروجرد وإلى بيهق، فيقال الخسروجردي البيهقي.
رابعا: مولده:
أجمعت المراجع التي ترجمت للإمام البيهقي أنه ولد في شعبان سنة
أربع وثمانين وثلاثمائة بخسروجرد، عدا ما ذكره ابن الأثير في الكامل من أن
ولادته كانت سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وهذا خطأ ظاهر، لأنه خالف نفسه،
فقد وافق المؤرخين في كتابه " اللباب ".
خامسا: أسرته:
لم توضح المراجع التي ترجمت للبيهقي عن حال أسرته من الناحية
23

العلمية والاجتماعية، والظاهر أن والده كان من عامة الناس ولم يكن من أهل
العلم والسيادة ولا من ذوي الثروة والمكانة الاجتماعية، لذلك أغفلته
المراجع وسكتت عنه، إلا أن ذلك لا يمنع من حبه للعلم والعلماء، وفي
نبوغ البيهقي خير برهان على اهتمام أسرته به ورعايتها له.
سادسا: نشأته العلمية ورحلاته:
نشأ الإمام البيهقي في بلده خسروجرد، وفيها تعلم مبادئ القراءة
وحفظ القرآن وما تيسر له من العلوم الشرعية على الطريقة التي كانت معروفة
في عصره وهي الكتاتيب أو المساجد، فجد في طلب العلم على مشايخ
بلده، وبدأ سماعة للحديث وهو " ابن خمس عشرة سنة "، قال إبراهيم بن
محمد بن الأزهر: (كتب الحديث وحفظه من صباه إلى أن نشأ، وتفقه وبرع
فيه وشرع في الأصول).
ثم انتقل إلى بيهق فاستقر بها، وهي مدينة أكبر وأوسع من خسروجرد،
وكانت تزخر بالعلماء فطاف عليهم وأخذ عنهم وبدأ منها رحلاته العلمية،
فرحل إلى نيسابور، وكان فيها نخبة ممتازة من العلماء، يدل على ذلك ما
ذكره الذهبي من أن الخطيب البغدادي استشار شيخه البرقاني في الرحلة إلى
عبد الرحمن بن النحاس بمصر أو الخروج إلى نيسابور؟ فقال: (إن خرجت
إلى مصر إنما تخرج إلى رجل واحد فإن فاتك ضاعت رحلتك، وإن خرجت
إلي نيسابور ففيها جماعة فخرجت إلى نيسابور).
ثم تكررت رحلاته إلى مدن مختلفة وبلاد شتى طلبا لملاقاة الشيوخ
والأخذ عنهم والحرص على سماع الأسانيد العالية، فرحل كذلك إلى
خراسان وطوس وهمذان وطابران وبغداد والكوفة والحجاز وغيرها، وبعد هذه
24

الرحلات رجع إلى " بيهق " قال الذهبي: (وانقطع بقريته مقبلا على الجمع
والتأليف).
وقد أحصى له " الأخ الدكتور نجم عبد الرحمن " أكثر من ثماني عشرة
رحلة التقى خلالها بمجموعة كبيرة من الشيوخ فتكونت لديه ثروة حديثية
ضخمة ظهر أثرها في مصنفاته و تآليفه الكثيرة و المتنوعة، حتى قال الذهبي:
(وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة).
25

المبحث الثالث
أولا: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
قال إبراهيم بن محمد بن الأزهر: (الإمام، الحافظ، الفقيه، الأصولي،
الدين الورع، واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط، من
كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ والمكثرين عنه، ثم الزائد عليه في
أنواع العلوم، كتب الحديث، وحفظه من صباه، إلى أن نشأ وتفقه وبرع
فيه، وشرع في الأصول، ورحل إلى العراق والجبال والحجاز.. ثم اشتغل
بالتصنيف فألف من الكتب ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء مما لم يسبقه إليه
أحد..، جمع فيها بين علم الحديث وعلله، وبيان الصحيح والسقيم، وذكر
وجوه الجمع بين الأحاديث، ثم بيان الفقه والأصول، وشرح ما يتعلق بالعربية
على وجه وقع من الأئمة كلهم موقع الرضا، ونفع الله تعالى به المسترشدين
والطالبين، ولعل آثاره تبقى إلى القيامة، استدعى منه الأئمة في عصره انتقاله
إلى نيسابور من الناحية لسماع كتاب " المعرفة ". وعقدوا له المجس لقراءة
ذلك الكتاب، وحضره الأئمة والفقهاء، وأكثروا الثناء عليه، والدعاء له في
ذلك لبراعته ومعرفته وإفادته، وكان على سيرة العلماء قانعا من الدنيا باليسير،
متجملا في زهد وورعه).
وقال السمعاني: (كان إماما فقيها حافظا، جمع بين معرفة الحديث
وفقهه).
26

وقال ابن عساكر: (سمعت الشيخ أبا بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن
حبيب العامري ببغداد، يقول: سمعت من يحكي عن الإمام أبي المعالي
الجويني أنه قال: ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي،
فإن له على الشافعي منة، لتصانيفه في نصرة مذهبه وأقاويله، أو كما قال).
وقال الذهبي تعليقا على كلام الجويني: (قلت: أصاب أبو المعالي،
هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا يجتهد فيه، لكان قادرا على
ذلك، لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما
صح فيها الحديث).
وقال ابن الجوزي: (كان واحد زمانه في الحفظ والإتقان وحسن
التصنيف، وجمع علم الحديث والفقه والأصول، وهو من كبار أصحاب
الحاكم أبي عبد الله، ومنه تخرج، وسافر وجمع الكثير، وله التصانيف الكثيرة
الحسنة).
وقال يا قوت الحموي: (الإمام الحافظ الفقيه في أصول الدين الورع،
أوحد الدهر في الحفظ والإتقان مع الدين المتين، من أجل أصحاب أبي
الحاكم والمكثرين عنه، ثم فاقه في فنون من العلم تفرد بها).
وقال ابن خلكان: (الفقيه الشافعي الحافظ الكبير المشهور، واحد
زمانه، وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله ابن البيع
في الحديث، ثم الزائد عليه في أنواع العلوم).
وقال ابن كثير: (كان أوحد أهل زمانه في الإتقان والحديث والفقه
والتصنيف، وكان فقيها، محدثا، أصوليا).
27

ثانيا: وفاته:
كانت وفاته في العاشر من جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة
(458 ه‍) بنيسابور، ونقل تابوته إلى بيهق فدفن بها.
هذا ما أجمعت عليه المصادر وهو الصحيح، إلا ابن الأثير وابن
تغري بردي فإنهما ذكرا أن وفاته كانت في جمادى الآخر، وانفرد ياقوت
الحموي فذكر أن وفاته كانت سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وقد عاش البيهقي أربعا وسبعين سنة كلها خير وبركة على الإسلام
والمسلمين.
28

الفصل الثاني
شيوخه وآثاره
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول:
- شيوخه.
- تلاميذه.
- المبحث الثاني:
- مصنفاته.
29

أولا: شيوخه:
بلغ عدد شيوخ البيهقي في الكتاب واحدا وخمسين شيخا، وقد
ترجمت لجميعهم تراجم مختصرة عند التعرض لمروياتهم في ثنايا الكتاب إلا
عشرة منهم فإني لم أقف على تراجمهم، وإليكم أسماء الشيوخ المترجم
لهم، وعدد روايات كل منهم:
1 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان الهمذاني، له رواية واحدة.
2 - أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد القاضي، أبو بكر
الجيري، النيسابوري، له روايات.
3 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث الأصفهاني، له رواية
واحدة.
4 - أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن الخليل الهروي، أبو سعد
الماليني، له روايتان.
5 - جناح بن نذير بن جناح، أبو محمد الكوفي، له رواية واحدة.
6 - الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البغدادي
البزاز، له رواية واحدة.
7 - الحسن بن علي بن المؤمل الماسرجسي، أبو محمد، له رواية واحدة.
8 - الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المفسر أبو القاسم، له روايتان.
9 - الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب بن فنجويه
الدينوري الثقفي، أبو عبد الله، له روايات.
31

10 - الحسين بن محمد بن محمد بن علي، أبو علي، أبو علي الروذباري الطوسي، له
رواية.
11 - حمزة بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن حمزة، أبو يعلى، المهلبي
النيسابوري، له رواية واحدة.
12 - سهل بن محمد بن سليمان بن محمد، أبو الطيب الصعلوكي، له رواية
واحدة.
13 - الظفر بن محمد العلوي، المزكي، الغازي، أبو منصور، له روايتان.
14 - عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري المالكي ابن
السماك أبو ذر الهروي، له رواية واحدة.
15 - عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، أبو محمد السكري، له روايتان.
16 - عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه، أبو محمد الأصبهاني، له
رواية.
17 - عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عبد الله،
أبو القاسم السمسار الحرفي، له روايات.
18 - عبد الملك بن محمد بن إبراهيم، أبو سعد بن أبي عثمان الخركوشي،
له روايات.
19 - عبيد الله بن عمر بن علي بن محمد بن إسماعيل بن هارون بن
الأشرس، أبو القاسم المقرئ، له رواية واحدة.
20 - علي بن أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج بن سعيد بن عبدان أبو
الحسن الأهوازي له روايات.
21 - علي بن أحمد بن عمر بن حفص، أبو الحسن المقرئ، له رواية
واحدة.
22 - علي بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن داود، أبو
الحسين الهاشمي، له رواية واحدة.
32 - علي بن محمد بن الحسين بن حميد المقرئ البزاز، أبو الحسن
الإسفرائيني، له روايات.
32

24 - علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر، أبو الحسين
الأموي المعدل، له رواية.
25 - علي بن محمد بن علي بن حسين بن شاذان بن السقا الإسفرائيني،
القاضي، أبو الحسن، له روايات.
26 - عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه، أبو حازم العبدوي الهذلي، له
رواية واحدة.
27 - العنبر بن الطيب بن محمد بن عبد الله العنبري، أبو صالح النيسابوري،
له رواية واحدة.
28 - محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم، الهروي، أبو أسامة، له رواية
واحدة.
29 - محمد بن بكر بن محمد، أبو بكر الطوسي الفقيه، له رواية واحدة.
30 - محمد بن الحسن بن فورك، أبو بكر الأصفهاني، له روايات.
31 - محمد بن الحسين بن داود العلوي، أبو الحسن، له روايات.
32 - محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل بن يعقوب، أبو الحسين
الأزرق القطان، له روايات.
33 - محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي الأزدي،
أبو عبد الرحمن السلمي، له روايات.
34 - محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم، أبو عمر البسطامي، له
روايتان.
35 - محمد بن عبد الله بن أحمد البسطامي، أبو عمرو الرزجاهي، له رواية
واحدة.
36 - محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي، أبو
عبد الله الحافظ، له (125) رواية.
37 - محمد بن محمد بن محمش بن علي بن داود، أبو طاهر الزيادي
النيسابوري الأديب، له روايات.
33

38 - محمد بن موسى بن الفضل شاذان النيسابوري، أبو سعيد الصيرفي، له
روايات.
39 - يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، أبو زكريا المزكي،
له رواية.
40 - هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن
مهيار بن المرزبان، أبو الفتح الحفار، له رواية واحدة.
هذا آخر شيخ من شيوخ الإمام البيهقي في الكتاب.
وأما الشيوخ الذين لم أقف على تراجمهم فهم:
1 - أحمد بن علي الدامغاني، أبو منصور، له رواية واحدة.
2 - أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو سهل المهراني، له روايتان.
3 - سعيد بن محمد بن محمد بن عبد الله، أبو عثمان، له روايتان.
4 - عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني، له روايات.
5 - عبد الله بن محمد، أبو بكر السكري، له رواية واحدة.
6 - عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن، له روايات.
7 - عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، له روايات.
8 - محمد بن أحمد بن إسماعيل البزار، أبو نصر، له رواية واحدة.
9 - محمد بن محمد بن عبد الله بن نوح، أبو منصور النخعي، له رواية
واحدة.
10 - محمد بن يعقوب الفقيه، أبو الحسن، له روايتان.
ثانيا: تلاميذه:
أما أشهر تلاميذه الذين نقلوا عنه، واستفادوا منه، وكثرت ملازمتهم له،
منهم:
1 - إسماعيل بن أحمد بن الحسين أبو علي البيهقي الخسروجردي،
الشافعي، ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، حدث عن أبيه وغيره، وكان
عارفا بالمذهب، مدرسا، جليل القدر، (ت 157 ه‍) ببيهق.
34

التحبير 1 / 83، السير 19 / 313، طبقات السبكي 7 / 44.
2 - تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس، قال فيه الذهبي: الشيخ
الفاضل المؤدب، مسند هراة، أبو القاسم الجرجاني، ولد بعد الأربعين
وخمسمائة، قال السمعاني: وكان ثقة صالحا، يعلم الصبيان،
(ت 531 ه‍).
التحبير 1 / 144، السير 20 / 20، شذرات الذهب 4 / 97.
3 - الحسين بن أحمد بن علي بن حسن بن فطيمة، أبو عبد الله
الخسروجردي الشافعي، قاضي بيهق، ولد سنة بضع وأربعين وأربعمائة،
وسمع كتاب " السنن والآثار " من البيهقي وغيره، حدث عنه: ابن عساكر
والسمعاني وطائفة. (ت 536 ه‍) بخسروجرد.
التحبير 1 / 222، السير 20 / 60، طبقات السبكي 7 / 73.
4 - عبد الجبار بن عبد الوهاب بن عبد الله بن محمد بن الدهان، أبو
الحسن، النيسابوري البيع، قال السمعاني: هو شيخ ثقة، من أهل الخير
والأمانة، عنده تصانيف البيهقي، سمع أبا بكر البيهقي فأكثر، ولم تعرف له
سنة وفاة.
التحبير 1 / 430، السير 20 / 46.
5 - عبد الجبار بن محمد بن أحمد أبو محمد الخواري البيهقي، ولد
سنة خمس وأربعين وأربعمائة، قال الذهبي في نعته: الشيخ الإمام المفتي
المعمر الثقة، إمام جامع نيسابور المنيعي، سمع من أبي بكر البيهقي فأكثر،
وقال السمعاني: سمعت منه كتاب " فضائل الأوقات " من جمع البيهقي بروايته
عنه، وسمع منه كذلك " معرفة السنن والآثار "، (ت 536 ه‍).
التحبير 1 / 423، السير 20 / 71، طبقات السبكي 7 / 144.
6 - عبيد الله بن محمد بن أحمد بن الحسين بن علي، أبو الحسن
35

البيهقي الخسروجردي، ولد سنة تسع وأربعين وأربعمائة، قال الذهبي:
الشيخ المسند، حفيد البيهقي، سمع الكتب من جده، (ت 523 ه‍) ببغداد.
السير 19 / 503، شذرات الذهب 4 / 67.
7 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن حسين بن القاسم، أبو المعالي
الفارسي، ثم النيسابوري، قال السمعاني: ثقة مكثر، سمع " السنن الكبير "
من أبي بكر البيهقي، وسمع أيضا كتاب " المدخل إلى السنن " من البيهقي،
وقال الذهبي في نعته: الشيخ الثقة الجليل المسند، (ت 539 ه‍).
التحبير 2 / 97، السير 20 / 93، شذرات الذهب 4 / 124.
8 - محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس أبو عبد الله،
الصاعدي الفراوي، النيسابوري الشافعي، قال الذهبي في نعته: الشيخ
الإمام، الفقيه المفتي، مسند خراسان، فقيه الحرم، سمع من أبي بكر
البيهقي وطبقته، وأثنى عليه عبد الغافر والسمعاني (ت 530 ه‍).
تبيين كذب المفتري ص 322، السير 19 / 615، طبقات السبكي
6 / 166.
9 - يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن
قنده أبو زكريا العبدي الأصبهاني، قال السمعاني: ثقة حافظ، مكثر صدوق،
كثير التصانيف، سمع من أبي بكر البيهقي وخلق كثير، (ت 511 ه‍).
التحبير 2 / 378، المنتخب من السياق ص 1656، السير 19 / 395.
36

المبحث الثاني
مصنفاته:
سبقني في الكتابة عن هذا الموضوع أساتذة فضلاء منهم السيد أحمد
صقر والدكتور الشريف نايف الدعيس والدكتور أحمد بن عطية الغامدي
والدكتور محمد ضياء الأعظمي والدكتور نجم عبد الرحمن خلف، وجميعهم
أجادوا وأفادوا، وليس عندي زيادة على ما ذكروه إلا في أشياء بسيطة،
وسأختصر الحديث ما أمكن فأذكر الكتاب ونسخه الخطية، وقد رتبت الكتب
على حروف المعجم ليسهل الانتفاع منها.
1 - إثبات عذاب القبر:
منه نسخة خطبة في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (1137 / 6) وعنها
نسخة مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (485)
عقيدة. ونسخة أخرى في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (195)
عام و (80) خاص.
وقد طبع الكتاب بتحقيق د. شرف محمود القضاة - الأردن - دار الفرقان
سنة (1403 ه‍ 1983 م).
2 - (الأجزاء الكنجروذيات):
وهي أجزاء حديثية انتخبها الإمام البيهقي وخرجها من حديث الحافظ
أبي سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي.
37

3 - أحاديث الشافعي:
منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
4 - أحكام القرآن:
منه نسخة خطية في المدينة المنورة بعنوان " مجموعة كلام الشافعي في
أحكام القرآن ". وقد طبع في برلين في جزئين بتحقيق محمد زاهد
الكوثري وعني بنشره عزات العطار سنة (1371 ه‍ 1951 م).
5 - الآداب:
منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (43) حديث، وعنها نسخة
مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (787) حديث.
وقد طبع الكتاب بتحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا - طبعة بيروت -
دار الكتب العلمية، سنة (1406 ه‍ 1986 م).
6 - الأربعون الصغرى:
منه نسخة خطية في مكتبة عاشر أفندي بالمكتبة السليمانية بتركيا ضمن
مجموع برقم (1179).
ونسخة أخرى خاصة بحوزة الشيخ عبد العزيز بن صالح المرشد
بالرياض.
وقد طبع الكتاب بتحقيق محمد نور بن محمد أمين المراعي، طبع في
إدارة إحياء التراث الإسلامي بقطر سنة (1403 ه‍ 1983 م) ثم طبع
بتحقيق محمد السعيد بن بسيوني زغلول.
7 - الأربعون الكبرى:
منه نسخة خطية في مكتبة عاشر أفندي بالمكتبة السليمانية بتركيا برقم
38

[1179]، وعنه نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم
[879] عام مجموع (81).
8 - الأسماء والصفات:
منه نسخة خطية في مكتبة فيض الله بتركيا برقم (1307)، ونسخة
أخرى في مكتبة الأحقاف باليمن برقم (57) حديث، وعنها نسخة مصورة في
مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (1066) حديث.
وقد طبع بالهند بتحقيق محمد محيي الدين الجعفري سنة (1313 ه‍)
وطبع أيضا بمصر في دار السعادة سنة (1358 ه‍) بتحقيق محمد زاهد
الكوثري.
9 - الألف مسألة:
منه نسخة خطية في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (1127)
مجاميع، ونسخة أخري في لهوب قاب بتركيا برقم (339)، وعنها نسخة مصورة
في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (586) عقيدة.
ونسخة أخرى في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (557) وعنها نسخة
مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (585) عقيدة.
10 - البعث والنشور:
منه في تركيا ثلاث نسخ:
نسخة شهيد علي برقم (1572)، وعنها نسخة مصورة في مكتبة مركز
إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (44) عقيدة.
ونسخة في المكتبة السليمانية برقم (2872).
ونسخة في مكتبة متحف برقم (2665، 2666).
ونسخة في مكتبة شستربتي بلندن برقم (3909)، والأخرى برقم
(3280)، وعنها نسخة مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى
برقم (149، 150) عقيدة.
39

ونسخة مكتبة الموصل بالعراق برقم (228 / 17).
ونسخة مكتبة برلين برقم (2734).
وقد حقق عبد العزيز الصاعدي - النصف الأول - ونال بها درجة
الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
11 - بيان خطأ من أخطأ على الشافعي:
منه نسخة خطية في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (195)
عام (80) خاص قسم المجاميع.
وقد طبع الكتاب بتحقيق د. الشريف نايف الدعيس - بيروت - مؤسسة
الرسالة سنة (1403 هت. 1983 م).
12 - تخريج أحاديث الأم:
الجزء الأول منه في مكتبة شستربتي بلندن برقم (3417)، وعنها نسخة
مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (352) حديث.
والجزء الثاني في دار الكتب المصرية برقم (911)، وعنها نسخة
مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (926) حديث.
13 - الترغيب والترهيب:
ذكره الذهبي وابن قاضي شهبة وابن العماد الحنبلي وغيرهم.
14 - جامع أبواب قراءة القرآن:
ذكره البغدادي في " هدية العارفين ".
40

15 - الجامع في الخاتم:
منه نسخة خطية في مكتبة أحمد الثالث بتركية برقم (1127 / 3)
مجموع، ونسخة أخرى في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، وعنها
نسخة مصورة في الجامعة الإسلامية برقم (498 / 20) مجاميع.
16 - الجامع في شعب الإيمان:
نسخة منه في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (499) من ثلاث
مجلدات، وعنها نسخة مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى
برقم (229) حديث (104، 228، 231، 87، 89).
ونسخة أخرى في مكتبة نور عثمانية بتركيا برقم (801، 1124،
1125)، وعنها نسخة مصورة في مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم
(925، 233، 277) حديث.
ويقوم مجموعة من طلاب الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية
بتحقيقه.
17 - حياة الأنبياء في قبورهم:
نسخة خطية في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (2 / 1127).
وقد طبع بالقاهرة بالمطبعة المحمودية سنة (1357 ه‍) بتعليق الشيخ
محمد الخانجي.
18 - الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة:
نسخة خطية منه في مكتبة سليم أغا بتركيا.
ونسخة أخرى بدار الكتب المصرية برقم (94) فقه شافعي، وهي
الجزء الثاني، وذكر أن له نسخة أخرى في مكتبة عبد الرحيم صديق بمكة
المكرمة الجزء الأول.
41

ونسخة أخرى في مكتبة الشيخ فتحي فهمي بمكة المكرمة الجزء
الثاني.
19 - الدعوات الصغير:
ذكره السمعاني في " الأنساب " وحاجي خليفة في " كشف
الظنون ".
20 - الدعوات الكبير:
منه نسخة خطية في المكتبة الآصفية بحيدر آباد بالهند برقم (14)،
وعنها نسخة مصورة في معهد المخطوطات برقم (3063).
21 - دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة:
مطبوع في سبع مجلدات بتحقيق د. عبد المعطي قلعجي - بيروت -
بدار الكتب العملية سنة (1405 ه‍ 1985 م).
وقد حصل المحقق على عشرة نسخ خطية من أماكن متعددة.
22 - الرد على الانتقاد على الشافعي في اللغة:
منه نسخة خطية في مكتبة دار الحديث بالمدينة المنورة، وعنها نسخة
مصورة بالجامعة الإسلامية برقم (498) عام، (20) مجموع.
ونسخة أخرى في مكتبة شستربتي بلندن برقم (3854 / 2).
23 - رسالة إلى أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين:
منها نسخة خطية في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (1127) مجاميع.
وقد طبعت ضمن طبقات الشافعية للسبكي.
42

24 - رسالة البيهقي إلى عميد الملك:
ذكرها السبكي في طبقاته إلى الكبرى كاملة، وقد طبعت معه.
25 - الزهد الصغير:
ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " والبغدادي في " هدية
العارفين ".
62 - الزهد الكبير:
منه نسخة خطية في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (142)
حديث، وعنها نسخة مصورة في مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم
(522) حديث.
ونسخة أخرى في مكتبة حيدر آباد بالهند برقم (31216 / 1135)،
وعنها نسخة مصورة في مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (950)
حديث.
وقد طبع بتحقيق الدكتور تقي الدين الندوي - الكويت - دار القلم - سنة
(1403 ه‍ - 1983 م).
27 - السنن الصغرى:
منه نسخة خطية في مكتبة المتحف بتركيا برقم (2664).
ونسخة أخرى في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (269)، وعنها صورة
بمركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (23) حديث.
28 - السنن الكبرى:
منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية برقم (254 - 267) حديث.
43

ونسخة أخرى في مكتبة المتحف بتركيا برقم (2644 - 3660)، وفي
الهند أكثر من أربع نسخ خطية هي:
أ - النسخة المدارسية. ب - النسخة الزينية.
ج‍ - النسخة الخديوية. د - النسخة الرامغورية.
ه‍ - النسخة السندية. و - النسخة الرشيدية.
وقد طبع الكتاب بالهند في عشر مجلدات قام بتحقيقه جماعة من
العلماء الفضلاء.
29 - فضائل الأوقات:
وهو الكتاب الذي بين يديك. انظر وصف النسخة في الفصول التالية.
30 - فضائل الصحابة:
ذكره السمعاني في " التحبير "، وياقوت الحموي في " معجم
البلدان "، وحاجي خليفة في " كشف الظنون " والبغدادي في " هدية
العارفين ".
31 - العيون في الرد على أهل البدع:
منه نسخة خطية في مكتبة أمبروزيانا في ميلانو بإيطاليا برقم (66)،
وعنها نسخة مصورة في دار الكتب القطرية.
32 - القراءة خلف الإمام:
منه نسخة في مكتبة أحمد الثالث، وعنها نسخة مصورة في معهد
المخطوطات برقم (123) فقه شافعي.
44

وقد طبع بالهند طبعة حجرية سنة (1315 ه‍) بعناية " تلطف شين ".
ثم أعيد طبعه سنة (1405 ه‍) بتحقيق محمد السعيد بن بسيوني
زغلول - بيروت - دار الكتب العلمية.
33 - القضاء والقدر:
منه نسخة خطية في مكتبة شهيد على باشا بتركيا برقم (1488)، وعنها
صورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (1097) حديث.
34 - أيام أبي بكر الصديق:
ذكره عبد المعطي قلعجي في مقدمته لكتاب " دلائل النبوة ".
35 - كتاب الإيمان:
ذكره الأستاذ سيد صقر في مقدمته لكتاب " معرفة السنن والآثار ".
36 - كتاب الرؤية:
ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون "، والبغدادي في " هدية
العارفين "، كما ذكر بروكلمان نسخة منه في مكتبة محمد حسين
بحيدر آباد إلا أنه سماه " رسالة في الرواية ".
37 - كتاب الأسرى:
هكذا في " تذكرة الحفاظ " للذهبي، و " طبقات الشافعية " للسبكي،
وفي " السير " للذهبي، و " كشف الظنون " لحاجي خليفة باسم " الإسراء " وفي
" هدية العارفين " للبغدادي باسم " الأسرار ".
45

38 - كتاب الاعتقاد:
منه نسخة خطية في مكتبة لاله لي بتركيا برقم (2423)، ونسخة
أخرى في مكتبة نور عثمانية بتركيا برقم (1208) ومجاميع (1208 / 2).
ونسخة أخرى في مكتبة شستربتي بلندن برقم (35) مجموع.
ونسخة بدار الكتب المصرية برقم (21115 ب) ورقمه بمركز إحياء
التراث بجامعة أم القرى عقيدة.
وقد طبع في مصر بتصحيح أحمد محمد مرسي سنة (1380 ه‍ -
1961 م).
وطبع مرة أخرى كذلك بتحقيق أحمد عصام الكاتب في بيروت، دار
الآفاق الجديدة سنة (1401 ه‍).
39 - المبسوط:
ذكره السبكي وقال: بأنه لم يصنف مثله.
كما ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون ".
40 مختصر دلائل النبوة:
منه نسخة في المكتبة الظاهرية، وعنها نسخة مصورة بالجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (2238، 2241).
41 - مختصر السنن الكبرى:
ذكره السمعاني في " التحبير " فقال في ترجمة أبي محمد الخواري:
سمعت منه كتاب " مختصر السنن " لأبي بكر البيهقي بروايته عنه.
46

42 - المدخل إلى دلائل النبوة:
منه نسخة خطية في المكتبة الأحمدية، وعنها نسخة مصورة بالجامعة
الإسلامية برقم (133)، وهو مطبوع مع " دلائل النبوة ".
43 - المدخل إلى كتاب السنن:
منه نسخة خطية في مكتبة الجمعية الأسيوية بكلكتا بالهند برقم
(368)، وعنها نسخة مصورة في مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى
برقم (829) حديث.
ونسخة ناقصة في مكتبة الشيخ عبد الرحيم صديق بمكة المكرمة.
وقد طبع الكتاب بتحقيق الدكتور محمود ضياء الأعظمي - الكويت - دار
الخلفاء للكتاب الإسلامي - سنة (1405 ه‍ - 1985 م).
44 - معالم السنن:
ذكره البغدادي في " هدية العارفين ".
45 - معرفة السنن والآثار:
منه عدة نسخ:
نسخة مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (271)، وعنها نسخة مصورة
بمركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (116، 117، 118، 119،
121) حديث ونسخة أخرى في مكتبة جار الله بتركيا برقم (399)، وعنها
نسخة مصورة بمركز إحياء التراث بجامعة أم القرى برقم (1303) حديث.
ونسخة أخرى في مكتبة الآصفية بحيدر آباد بالهند، وعنها نسخة
مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (819).
ونسخة أخرى في مكتبة الإسكوريال بإسبانيا، وعنها نسخة مصورة
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (1294).
47

ونسخة أخرى بدار الكتاب المصرية، وعنها نسخة مصورة بالجامعة
الإسلامية برقم (819).
ونسخة أخرى بدار الكتب التونسية بالعطارين - بتونس -، وعنها نسخة
مصور بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة برقم (617).
وذكر بروكلمان نسخا أخرى.
وقد طبع الجزء الأول منه بتحقيق الأستاذ السيد أحمد صقر - المجلس
الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة سنة (1389 ه‍ - 1969 م).
46 - معرفة علوم الحديث:
ذكره يا قوت الحموي في " معجم البلدان ".
47 - مناقب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل:
ذكره الذهبي في " السير "، كما ذكره حاجي خليفة في " كشف
الظنون ".
48 - مناقب الإمام الشافعي:
منه ثلاث نسخ في مكتبة أحمد الثالث بتركيا برقم (270) حديث،
(819، 718)، وقد طبع في مجلدين بتحقيق السيد أحمد صقر - القاهرة -
مكتبة الدار التراث سنة (1391 ه‍ 1971 م).
49 - نصوص الشافعي:
ذكره الذهبي في " السير " كما ذكره حاجي خليفة في " كشف
الظنون ".
50 - ينابيع الأصول:
ذكره البغدادي في " هدية العارفين ".
48

الباب الثاني
دراسة الكتاب، ويشتمل على فصلين
الفصل الأول
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول:
- اسم الكتاب.
المبحث الثاني:
- توثيق نسبة الكتاب للمصنف.
المبحث الثالث:
- توثيق النسخة.
49

المبحث الأول
اسم الكتاب:
جاء على غلاف النسخة (كتاب " فضائل الأوقات " تصنيف الشيخ الإمام
أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي) وفي ختامها (تم " فضائل
الأوقات " بحمد الله وحسن توفيقه، وصلى الله على محمد خير خلقه، وعلى
آله وصحبه، وسلم تسليما).
51

المبحث الثاني
توثيق نسبة الكتاب للمصنف:
قال الإمام عبد الكريم بن محمد السمعاني عند ترجمة شيخه
عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري البيهقي قال: (وسمعت منه كتاب
" فضائل الأوقات " من جمع البيهقي بروايته عنه).
وقال يا قوت الحموي عندما ترجم للبيهقي: ومن تصانيفه... وكتاب
" فضائل الأوقات ".
وقال الذهبي: وانقطع مقبلا على الجمع والتأليف فعمل... وكتاب
" فضائل الأوقات " مجيليد.
وقال ابن حجر في " المجمع المؤسس " عند ترجمة شيخه علي بن
أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمود المرداوي: (وقرأت عليه من
أول " فضائل الأوقات " للبيهقي إلى باب فضل رمضان، وسمعت عليه من ثم
إلى آخر الكتاب، بسماعه له محضرا على عائشة بنت محمد بن المسلم
الحرانية، بسماعها على إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا منصور بن علي
الطبري، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري عنه)،
وأضاف في " المعجم المفهرس " (وهو في مجلد لطيف).
52

وقال كذلك في المجمع المؤسس عند ترجمة شيخه عمر بن محمد بن
أحمد بن عمر بن سلمان بن علي بن سالم البالسي ثم الصالحي: (قرأت عليه
الكثير وسمع معي هو الكثير على المشايخ ومما قرأت عليه... كتاب " فضائل
الأوقات " لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ما بين قراءة وسماع، بسماعه
على إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا منصور بن علي الطبري، قال: أخبرنا
عبد الجبار بن أحمد الخواري، قال: أخبرنا البيهقي).
وقد روى ابن حجر في كتابه " تبيين العجب " حدثنا بسنده من طريق
شيخه أبي الحسن المرداوي به، إلى البيهقي في " فضائل الأوقات " قال فيه:
(أخبرنا أبو الحسن المرداوي بصالحية دمشق، أنبأنا أحمد بن علي الجزري،
وعائشة بنت محمد بن المسلم، قراءة عليهما، وأنا حاضر وإجازة إبراهيم بن
خليل الآدمي، أنبأنا منصور بن علي الطبري، أنبأنا عبد الجبار بن محمد
الفقيه، أنبأنا الحافظ أبو بكر البيهقي به).
كما روى ابن حجر في كتابه " الأحاديث الأربعين العوالي " حديثا آخر
بسنده ومن طريق شيخه أبي الحسن المرداوي به، وإلى البيهقي في " فضائل
الأوقات " قال فيه: قرأت على العدل الصالح أبي الحسن علي بن أحمد بن
محمد بن عبد الله المرداوي، بسفح قاسيون عن عائشة بنت محمد بن المسلم
الحرانية سماعا أن إبراهيم بن خليل، أخبرهم، أخبرنا منصور بن علي
الطبري، أخبرنا عبد الجبار بن محمد الخواري، أخبرنا الحافظ أبو بكر
أحمد بن الحسين البيهقي به.
53

و ذكره السخاوي في كتابه " ثبت السخاوي " عند ترجمة شيخه أبي
الحسن علي بن أحمد بن محمد المرداوي، قال: (كتاب " فضائل الأوقات "
للبيهقي قرئ على عائشة بنت محمد بن المسلم الحرانية، وهو حاضر
وأجازته، قالت: أخبرنا إبراهيم بن خليل الآدمي، أخبرنا منصور بن علي
الطبري، أخبرنا عبد الجبار بن أحمد الخواري، أخبرنا البيهقي به).
كما ذكره الروداني في كتابه " صلة الخلف بموصول السلف " وهو فهرس
لمروياته وأشياخه، فقال: (" فضائل الأوقات " لأبي بكر أحمد بن الحسين
البيهقي به إلى أبي الحجاج المزي، عن أحمد بن أبي الخير بن سلامة، عن
منصور بن علي الطبري، عن عبد الجبار بن أحمد الخواري عنه).
وذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " وقال: (" فضائل الأوقات " لعبد
الجبار بن محمد البيهقي) وأظنه وهم، فإن الكتاب للبيهقي، وعبد الجبار بن
محمد البيهقي هو راوي الكتاب عن البيهقي كما تقدم.
وذكره بروكلمان في " تاريخ الأدب العربي " وقال: (هو كتاب في
الصلاة) وهذا خطأ، فإن الكتاب في الصوم.
كل هذا يؤكد نسبة الكتاب للبيهقي.
54

المبحث الثالث
توثيق النسخة:
بعد أن تأكد لدينا أن للبيهقي كتابا بعنوان " فضائل الأوقات " لم يبق إلا
أن نثبت اقتباسات المؤلفين ونقولهم عن الكتاب ونسبتها إليه.
فالأول: هو تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي
السبكي الذي قال: (ذكره البيهقي في " فضائل الأوقات " في الكلام على
صوم رجب، بعد ما ذكر حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم رجب كله،
وضعفه، ثم قال: إن صح فهو محمول على التنزيه، لأن الشافعي قال في
القديم: " وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل
رمضان " قال: " وكذلك يوما من بين الأيام " قال: " وإنما كرهته ألا يتأس
جاهل فيظن أن ذلك واجب، وإن فعل فحسن ".
قال البيهقي: فبين الشافعي جهة الكراهية ثم قال: " وإن فعل فحسن "،
وذلك لأن من العلم العام فيما بين المسلمين ألا يجب بأصل الشرع صوم
غير صوم رمضان، فارتفع بذلك معنى الكراهية).
والثاني: هو الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي،
في كتابه تفسير القرآن العظيم قال: (وروى البيهقي في كتابه " فضائل
الأوقات " عن علي أثرا غريبا في نزول الملائكة ومرورهم على المصلين ليلة
القدر وحصول البركة للمصلين).
55

والثالث: هو سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد بن
محمد بن عبد الله ابن الملقن في كتابه " تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج " قال:
(قال البيهقي في " فضائل الأوقات " تصفيد الشياطين في رمضان يحتمل أن
تكون الرواية أيام حياته عليه السلام خاصة، وأراد الشياطين التي تسترق
السمع، ألا ترى أنه قال: " مردة الشياطين " لأن شهر رمضان كان وقتا لنزول
القرآن إلى السماء الدنيا، وكأن الحراسة قد وقفت بالشهب كما قال (وحفظا
من كل شيطان مارد) فزيد التصفيد في رمضان مبالغة في الحفظ، ويحتمل
أن يكون المراد أيامه وبعده، والمعنى فيه أن الشياطين لا يخلصون في
رمضان من افساد الناس إلى ما يخلصون فيه في غيره لاشتغال أكثر المسلمين
بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات، وإلى هذا
المعنى أشار عليه السلام في حديث آخر من طريق أبي هريرة: وتصفد فيه
الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما يخلصون في غيره). ثم نقل أربعة نقول
أخرى في كتابه، وعزاها للبيهقي في " فضائل الأوقات ".
والرابع: هو الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في
كتابه " تبيين العجب بما ورد في فضل رجب " فقد أكثر النقل في كتابه عن
" فضائل الأوقات " حي بلغت ثمانية نقول.
والخامس: هو أبو الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني في كتابه
" تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة "، ذكر حديثا في
فضيلة الدعاء ليلة عرفة، وقال عقبه: (ورواه البيهقي في " فضائل الأوقات "
أيضا، وقال - أي البيهقي -: إن بعض رواته زاد فيه: " أن يكون على وضوء،
فإذا فرغت من آخره صليت على النبي صلى الله عليه وسلم واستأنف حاجتك " والله تعالى أعلم).
56

الفصل الثاني
التعريف بالكتاب
ويشتمل على ستة مباحث:
المبحث الأول:
- موضوع الكتاب.
المبحث الثاني:
- منهج المصنف.
المبحث الثالث:
- أهمية الكتاب.
المبحث الرابع:
- الكتب المصنفة في فضائل الأوقات.
المبحث الخامس:
- موارده.
المبحث السادس:
وصف النسخة:
57

ويشتمل على:
أ - عدد أوراقها ومسطرتها.
ب - خطها.
ج‍ - ناسخها.
د - تاريخ نسخها.
ه‍ - ملاحظات عامة حول النسخة.
58

المبحث الأول
موضوع الكتاب:
جمع الإمام البيهقي في كتابه جملة من الأحاديث النبوية، بدأها بفضل
شهر رجب، وذلك لعظمته وحرمته، ثم بفضل شعبان ورمضان وشوال وذي
الحجة والمحرم، ثم بفضل يوم الجمعة، ويوم الاثنين، والخميس وختمها
بالأيام البيض.
والمطالع للكتاب يجد أن وحدته الموضوعية التي تجمع أبوابه هي
الصوم، وأخطأ بروكلمان في كتابه " تاريخ الأدب العربي " لما قال: (كتاب
في الصلاة).
59

المبحث الثاني
منهج المصنف في الكتاب:
أ - أوضح الإمام البيهقي منهجه في جميع مصنفاته فقال: (وعادتي في
كتبي المصنفة في الأصول والفروع الاقتصار من الأخبار على ما يصح
منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح، ليكون
الناظر فيها من أهل السنة على بصيرة مما يقع الاعتماد عليه، لا يجد
من زاغ قلبه من أهل البدع عن قبول الأخبار مغمزا فيما اعتمد عليه
أهل السنة من الآثار...).
ب - حسن الترتيب والتبويب، فبدأ بذكر فضل شهر رجب وشعبان ورمضان
وشوال وذي الحجة والمحرم، ووزع مادته العلمية في (78) بابا.
ج - يذكر الباب ثم يتبعه بآية تناسب عنوان الباب، ثم يذكر الأحاديث والآثار.
د - روايته الأحاديث النبوية والآثار مسندة على طريقة المحدثين.
ه‍ - تعرضه لبعض المسائل الفقهية ومناقشتها.
و - جمعه للروايات المتعارضة.
ز - شرحه لبعض الألفاظ المشكلة في العقيدة أو الفقه أو تفسير آية.
ح - إذا كان الحديث في الصحيحين عزاه إليهما أو لأحدهما.
ط - العطف بين الشيوخ، ويذكر أحيانا البلد الذي سمع فيه من شيخه.
ي - التحويلة بين الأسانيد.
60

المبحث الثالث
أهمية الكتاب:
أ - إن كتاب " فضائل الأوقات " للبيهقي، والبيهقي معروف بجلالة
قدره، وعلو منزلته، وحسن تأليفه، قال الذهبي: (فتصانيف البيهقي عظيمة
القدر غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر فينبغي للعالم أن
يعتني بهؤلاء).
ب - انفرد بنقل بعض المسائل الفقهية عن الشافعي، فقد ذكر مسألة
في النهي عن صوم رجب كله، فقال: (قال الشافعي في القديم: وأكره أن
يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل رمضان قال: وإنما
كرهته ألا يتأس جاهل فيظن أن ذلك واجب، وإن فعل فحسن.
قال السبكي: وهذه الزيادة وهي قول الشافعي (إن فعل فحسن) لم
أجدها في نصوص الشافعي المسمى ب‍ " جامع الجوامع " لأبي سهل بن
العفرس، وهو كتاب حافل، ذكر فيه هذا النص عن القديم، وليس فيه هذه
الزيادة، ولو لم تكن ثابتة عند البيهقي لما ذكرها وهو من أعرف الناس
بالنصوص).
ج‍ - ومما يدل على أهمية الكتاب كثرة نقول العلماء عنه والاستفادة
منه، مثل ابن كثير وابن الملقن وابن حجر وابن عراق والسخاوي وغيرهم.
61

د - إنه الوحيد - من بين العلماء المتقدمين - الذي أفرد هذا الموضوع
بمصنف مستقل، وجمع فيه هذا الجمع المبارك من آيات وأحاديث وآثار.
62

المبحث الرابع
الكتب المصنفة في " فضائل الأوقات ":
إن أكثر الكتب المدونة في السنة النبوية قد أفردت بابا أو فصلا في
فضائل الأوقات، كفضل شهر رمضان، أو ليلة القدر، أو يوم عرفة وغيرها
ضمن أبواب وفصول كثيرة، أو رسالة صغيرة، أو مجلس إملاء في فضل شهر
معين.
ولكنني لم أجد كتابا مستقلا في فضائل الأوقات مثل كتاب البيهقي
رحمه الله.
إلا أن هناك كتبا شاركت البيهقي في مصنفه هذا بالعنوان فقط مثل:
1 - النور في فضائل الأيام والشهور لعبد الرحمن بن علي ابن الجوزي
(ت 597 ه‍).
2 - العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور لعمر بن دحية الكلبي
(ت 633 ه‍).
3 - لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لزين الدين بن رجب بن
عبد الرحمن الحنبلي (ت 795 ه‍).
4 - فضائل الشهور والأيام لعبد الغني بن إسماعيل النابلسي (ت 1143 ه‍).
الكتب الثلاثة الأولى مجالس وعظ وإرشاد، وأما الكتاب الرابع فإنه
محذوف الأسانيد ومختصر.
63

وقد ذكر حاجي خليفة في " كشف الظنون " كتاب " فضائل الأوقات "
وعزاه لعبد الجبار بن محمد البيهقي، وأظنه وهم فإن الكتاب لأحمد بن
الحسين البيهقي، ولم يكن لعبد الجبار بن محمد البيهقي كتاب بهذا الاسم،
وإنما هو الراوي لكتاب " فضائل الأوقات " عن أحمد بن الحسين
البيهقي، والله أعلم.
64

المبحث الخامس
موارده في الكتاب:
1 - أحد مصنفات أسد السنة (175).
2 - الأم للشافعي (150، 151، 152).
3 - الجامع لابن جريج (197، 220).
4 - تفسير سعيد بن إياس الجريري (114).
5 - تفسير سعيد بن جبير عن ابن عباس (81، 82، 171، 172، 219).
6 - تفسير سفيان الثوري (168).
7 - تفسير قتادة برواية سعيد بن أبي عروبة (83).
8 - تفسير الكلبي (205).
9 - تفسير مجاهد برواية ابن أبي نجيح (77).
10 - السنن لأبي داود السجستاني برواية داسة، رقم (6 مكرر، 30، 97،
102، 143، 147، 270).
11 - السنن لسعيد بن منصور (111، 112، 204، 228).
12 - صحيح ابن خزيمة (46، 153).
13 - الصحيفة الصادقة، وهي صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، عن
النبي صلى الله عليه وسلم، برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، (192).
14 - كتاب لابن أبي الدنيا (157، 245).
15 - كتاب لابن خزيمة، رقم (13، 165).
16 - كتاب لابن الضريس (49، 308).
65

17 - كتاب لأبي سعيد الأعرابي، رقم (20، 36).
18 - كتاب لابن المبارك (306).
19 - كأب الجامع لسفيان بن عيينة، رقم (18، 39، 73، 86، 100،
101، 146، 166، 200، 233، 273).
20 - كتاب الجامع لعبد الله بن وهب (19، 32، 40، 58، 61، 62،
66، 122، 123، 137، 180، 202، 203، 252، 253،
287).
21 - كتاب للحاكم، رقم (5، 6، 10، 11، 14).
22 - كتاب لعبد الله بن المبارك، رقم (53).
23 - كتاب لعبد الباقي بن قانع (67).
24 - كتاب الكامل لابن عدي (72، 289).
25 - كتاب لمحمد بن إسحاق (212).
26 - كتاب ليزيد بن هارون (113).
27 - كتاب ليعقوب بن سفيان الفسوي (210).
28 - المستدرك للحاكم (33).
29 - مسند أبي داود الطيالسي (91، 93، 95، 139، 190، 291،
293، 295، 296).
30 - المسند لأبي يعلى الموصلي (56).
31 - مسند أحمد (268).
32 - مسند الحسن بن سفيان الفسوي (47).
33 - المسند لعبد الله بن سليمان بن الأشعث وهو ابن أبي داود (155).
34 - المسند لعبيد الله بن موسى العبسي الكوفي (31، 163، 183).
35 - مسند علي بن الجعد (127).
36 - مسند مسدد (104، 230، 234).
37 - مصنف ابن أبي شيبة، رقم (1، 18، 63، 64، 65).
38 - المصنف لحماد بن سلمة (76، 211، 294، 298).
66

39 - المصنف لعبد الرزاق (103، 120، 134، 149، 227، 235،
242).
40 - معالم السنن للخطابي، قبل حديث رقم (252).
41 - المغازي لابن إسحاق، رقم (13).
42 - المنهاج للحليمي، عقب حديث (292).
43 - الموطأ (222).
44 - الموطأ برواية ابن بكير (182، 191، 251).
45 - موطأ مالك برواية إسماعيل بن أبي أويس (119).
46 - الموطأ برواية الشافعي (138).
47 - موطأ مالك برواية القعنبي، رقم (16، 78، 88، 118، 121،
126، 128، 129، 130، 189، 239).
48 - نسخة إبراهيم بن سعد عن الزهري (70).
49 - نسخة أبي سلمة عن أبي هريرة (41، 42، 80، 132).
50 - نسخة أبي صالح السمان الزيات عن أبي هريرة (201، 286،
292).
51 - نسخة أبي الهذلي عن الزهري (69).
52 - نسخة الأعرج عن أبي هريرة (284).
53 - نسخة حميد الطويل عن أنس (92، 93).
54 - نسخة سعيد بن المسيب عن أبي هريرة (174).
55 - نسخة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رقم (2).
56 - نسخة المقبري عن أبي هريرة، رقم (59).
67

المبحث السادس
وصف النسخة:
اعتمدت في التحقيق على نسخة واحدة فقط، وهي نسخة مكتبة فيينا
بالنمسا برقم (22 / 531)، ولدى مكتبة مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى
نسخة مصورة عنها برقم (1352) حديث، ولم أستطع الحصول على نسخة
أخرى، والله أعلم.
أ - عدد أوراقها ومسطرتها:
تقع النسخة في (98) ورقة.
وعدد الأسطر في كل صفحة من الكتاب (17) سطرا، في كل سطر
(9) كلمات.
ب - خطها:
نسخي واضح خال من الضبط.
ج‍ - ناسخها:
لم يحرر اسم الناسخ.
د - تاريخ نسخها:
فرغ من نسخها وقت الزوال من يوم الخميس (14) من شهر ذي
الحجة الحرام سنة (809 ه‍).
ه‍ - ملاحظات عامة حول النسخة:
النسخة كاملة، وأول ورقة منها مكتوب في وسطها (كتاب " فضائل
68

الأوقات " تصنيف الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي
رضي الله عنه وعن جميع العلماء العاملين)، وفي آخر الكتاب (تم " فضائل
الأوقات " بحمد الله وحسن توفيقه وصلى الله على محمد خير خلقه وعلى آله
وصحبه وسلم تسليما).
ثم قال الناسخ: بلغ مقابلة بأصله المنقول منه، فصح على يد كاتبه
عفا الله عنه، وقال: نقل من نسخة سقيمة.
ضم الكتاب بين دفتيه ثلاثة وثلاثين بابا وأربعة فصول، وبلغ عدد
أحاديثه ثلاثمائة وثمانية أحاديث، من ضمنها بعض الآثار.
69

القسم التحقيقي " النص المحقق "
1 - قمت بترقيم الأحاديث والآثار ترقيما تسلسليا، وجعلتها بين معكوفتين،
وعملت معظم الفهارس على هذه الأرقام فأحيل عليها.
2 - ضبط النص وتحقيقه:
ذكرت فيما تقدم بأني اعتمدت على نسخة واحدة وحتى الآن لم أحصل
على نسخة ثانية، وبما أن أغلب أحاديث الكتاب وجدتها بنفس السند
والمتن في السنن الكبرى والجامع لشعب الإيمان للبيهقي، لذلك قمت
بمقابلة أحاديث الكتاب، وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الناسخ
بالاعتماد عليهما، فأثبت الصحيح في المتن، واضعا إياه بين قوسين،
مشيرا إلى ذلك في الحاشية.
3 - أضفت كلمات يقتضيها السياق، وكلمات ساقطة استدركتها من السنن
الكبرى والجامع لشعب الإيمان ووضعتها بين معكوفتين، مشيرا إلى هذه
الزيادة في الحاشية.
4 - ضبط الألفاظ الغربية وشرحها وتصحيح ما وقع فيها من تصحيف
وتحريف معتمدا في ذلك على كتب السنة ومعاجم اللغة العربية وكتب
غريب الحديث، كما ضبطت أسماء الأماكن مع بيان مواضعها.
5 - ترجمت مصطلحات الأداء " ثنا " و " أنا " إلى " حدثنا " و " أخبرنا " وذلك
تيسيرا على القارئ.
6 - تخريج الأحاديث والآثار من مظانها المعتمدة من كتب السنة وخاصة
الكتب الستة و " مسند أحمد " و " موطأ مالك " و " السنن الكبرى "
و " الجامع لشعب الإيمان " للبيهقي وغيرها.
70

7 - درست الإسناد من خلال ترجمة رجاله، واقتصرت على ذكر الجرح
والتعديل لابن أبي حاتم، والكاشف للذهبي، والتهذيب، والتقريب
لابن حجر، وقد أزيد فأذكر مصادر أخرى وخاصة في الراوي الضعيف،
واعتمدت قول ابن حجر في التوثيق والتضعيف، ومن تقدمت ترجمته
فلا أترجم له، وقد أحيل إليها أحيانا.
8 - حكمت على الأحاديث والآثار صحة، وحسنا، وضعفا، ووضعا، في
ضوء أحوال الرواة، وقدمت الحكم وجعلته في بداية كل حديث وذلك
تسهيلا على القارئ.
9 - نبهت إلى بداية كل صفحة من صفحات الأصل وذلك بوضع رقم اللوحة
في الهامش الأيسر للورقة المطبوعة ليسهل الوقوف عليها.
10 - التعليق على بعض المسائل الفقهية المهمة، وبيان أقوال الفقهاء فيها،
وذلك بالرجوع إلى الكتب الفقهية.
11 - بيان مواضع الآيات من السور.
12 - ذيلت هذا العمل بخاتمة تشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها
أثناء البحث.
13 - عمل الفهارس:
أ - فهرس الآيات.
ب - فهرس الأعلام.
ج - فهرس المراجع والمصادر.
ه‍ - فهرس الموضوعات.
والله أسأل أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل عملي مباركا فيه،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
71

صورة من النسخة المخطوطة
72

صورة من النسخة المخطوطة
73

صورة من النسخة المخطوطة
74

صورة من النسخة المخطوطة
75

صورة من النسخة المخطوطة
76

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
باب في فضل شهر رجب
اعلم أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي قال الله عز وجل:
[إن] عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم
خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا
فيهن أنفسكم... الآية.
[1] أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب، حدثنا أبو بكر
77

الإسماعيلي، أخبرنا الفريابي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،
حدثنا عبد الوهاب، حدثنا أيوب، عن ابن سيرين، [عن ابن
أبي بكرة] عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
78

" إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة
اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة،
وذو الحجة، والمحرم، ورجب، شهر مضر، الذي بين جمادى
وشعبان ".
79

[2] أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق المزكي، أخبرنا أبو الحسن
[2 ب] الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد الله / بن صالح،
حدثني معاوية بن صالح، عن ابن أبي طلحة، عن ابن عباس في
80

قوله عز وجل: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا
في كتاب الله إلى قوله - منها أربعة حرم [ذلك الدين القيم] فلا
تظلموا فيهن أنفسكم) قال: لا تظلموا أنفسكم في كلهن، ثم
اختص من ذلك أربعة أشهر، فجعلهن حرما، وعظم حرماتهن، وجعل
الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.
قال الشيخ رحمه الله: وكان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر
الحرم، وخاصة شهر رجب، فكانوا لا يقاتلون فيهن.
[3] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أخبرنا
81

أبو عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا حسن بن
الربيع، حدثنا مهدي بن ميمون قال: سمعت أبا رجاء
العطاردي، يقول: كنا في الجاهلية إذا دخل رجب نقول: جاء منصل
[3 أ] الأسنة، لا ندع حديدة في سهم، ولا حديدة في رمح إلا انتزعناها /
82

فألقيناها.
[4] وأخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى، حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا
أبي، حدثنا زهير، عن بيان، قال: سمعت قيس بن أبي
83

حازم، وذكر رجبا، فقال: كنا نسميه [الأصم] في الجاهلية،
من حرمته، أو شدة حرمته في أنفسنا.
قال الشيخ رضي الله عنه: إنما كانوا يسمون رجبا الأصم، لأنه
كان لا يسمع فيه قعقعة السلاح، وقد روي فيه حديث بإسناد
ضعيف.
[5] وهو ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا خلف بن محمد
الكرابيسي ببخارى، حدثنا مكي بن خلف، حدثنا نصر بن
84

الحسين وإسحاق بن حمزة، حدثنا عيسى الغنجار، عن أبين بن
سفيان، عن غالب بن عبيد الله، عن عطاء، عن عائشة
رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن رجبا
شهر الله ويدعى الأصم، وكان أهل الجاهلية إذا دخل رجب يعطلون
85

[3 ب] أسلحتهم، / ويضعونها، فكان الناس يأمنون وتأمن السبل، ولا يخافون
بعضهم بعضا حتى ينقضي ".
قال الشيخ رضي الله عنه: وهذا الذي يروى في هذا الحديث
مشهور عند أهل العلم بالتواريخ، وكان كذلك في أول الإسلام إلا أن
يقاتلوا، ثم أذن الله تعالى في قتال المشركين في جميع الأوقات،
وبقيت حرمة الأشهر الحرم في تضعيف الأجور والأوزار فيهن، حتى خص
الله تعالى هذه الأشهر بزيادة المنع فيهن عن الظلم، ولذلك غلظ
الشافعي رضي الله عنه دية من قتل خطأ في الأشهر الحرم، وإذا كان
الذنب فيهن أعظم وزرا، كان البر فيهن أكثر أجرا.
وقد روي في الصوم في الأشهر، هو ما:
[6] أخبرنا أبو عبد الحافظ، حدثتا أبو العباس محمد بن يعقوب،
حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء،
قال:
86

حدثنا سعيد الجريري.
[6 مكرر] وأخبرنا أبو علي الروذباري، واللفظ له، قال: حدثنا أبو
بكر بن داسة، / حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل، [4 أ] حدثنا
حماد، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن مجيبة
87

الباهلية، عن أبيها أو عمها، أنه أتى رسول الله صلى عليه وسلم
ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله
أو ما تعرفني؟ قال: " عرف أنت "، قال أنا الباهلي الذي جئتك
عام الأول قال: " فما غيرك فقد كنت حسن الهيئة؟ "، قال: ما
أكلت طعاما منذ فارقتك إلا بليل، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " عذبت نفسك " ثم قال: " صم شهر الصبر ويوما من كل
شهر "، قال زدني فإن بي قوة، قال: صم يومين "، قال: زدني
فإن بي قوة، قال: " صم ثلاثة أيام "، قال زدني فإن بي قوة، قال:
" صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك صم من الحرم
واترك "، فقال: بأصابعه الثلاث، فضمها ثم أرسلها.
88

قال الشيخ رضي الله عنه: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
في هذا الخبر أمر استحباب أن يصوم من أشهر / الحرم بعضا ويترك
بعضا، وكذلك كان يصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه
الأشهر.
[7] أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي،
رحمه الله، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن دلويه الدقاق، حدثنا
أبو الأزهر، حدثنا محمد بن عبيد، عن عثمان بن حكيم، قال
89

سألت: سعيد بن جبير عن صوم رجب كيف ترى فيه؟ قال: حدثني
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا
يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم. وقال: وقد روي في فضيلة
صوم رجب أحاديث في أسانيدها بعض الضعف منها:
[8] أخبرنا أبو الحسن بن بشران، حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان
90

الفقيه، حدثنا محمد بن غالب، حدثني محمد بن رزق، حدثنا
منصور بن زيد، حدثنا
موسى بن عمران، قال: سمعت أنس بن
مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في / الجنة نهرا
يقال له: رجب أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، من صام من
رجب يوما سقاه الله من ذلك النهر ".
91

[9] وأخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، حدثنا أحمد بن
سلمان، حدثنا أحمد بن محمد بن دلان، حدثنا الوليد بن شجاع،
حدثنا عثمان بن مطر، عن عبد الغفور، عن عبد العزيز بن سعيد،
92

عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام يوما
من رجب كان كصيام سنة، ومن صام سبعة أيام غلقت عنه سبعة
أبواب جهنم، ومن صام ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومن
صام عشرة أيام لم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه ومن صام
خمسة عشر يوما نادى مناد من السماء قد غفر لك ما سلف فاستأنف
العمل، قد بدلت سيئاتك حسنات، ومن زاد زاده الله، وفي رجب
حمل نوح في السفينة، فصام نوح عليه السلام، وأمر من معه أن
يصوموا، وجرت بهم السفينة ستة أشهر إلى آخر ذلك لعشر خلون من
المحرم ".
93

[10] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا خلف بن محمد الكرابيسي
ببخارى، أخبرني [حفص بن] أحمد بن نصير، قال حدثني
جدي نصير بن يحيى، حدثنا عيسى بن موسى، عن نوح بن أبي
مريم، عن زيد العمي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك
94

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرة الله من الشهور شهر
رجب، وهو شهر الله عز وجل، من عظم شهر رجب فقد عظم أمر الله،
ومن عظم أمر الله أدخله جنات النعيم، وأوجب له رضوانه الأكبر،
وشعبان شهري، فمن عظم شهر شعبان فقد عظم أمري، ومن عظم
أمري كنت له فرطا وذخرا يوم القيامة، وشهر رمضان شهر أمتي، فمن
عظم شهر رمضان وعظم حرمته ولم ينتهكه، وصام نهاره وقام ليله
وحفظ جوارحه، خرج من رمضان وليس عليه ذنب يطلبه الله به " هذا
منكر بمرة.
[11] ومنها ما أخبرنا أبو عبد الحافظ، رحمة الله عليه، قال:
حدثني أبو نصر رشيق بن عبد الله الرومي إملاء من أصل كتابه
بالطابران، حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري، حدثنا خال بن
95

الهياج، عن أبيه، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن
سلمان الفارسي قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " في
رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم، وقام تلك الليلة كان كمن صام
من الدهر مائة سنة، وقام مائة سنة، وهو لثلاث بقين من رجب وفيه
بعث
محمد صلى الله عليه وسلم ".
96

وروي ذلك بإسناد آخر.
[12] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو صالح خلف بن
محمد ببخارى، حدثنا مكي بن خلف، وإسحاق بن أحمد، قالا:
حدثنا نصر بن الحسين، حدثنا عيسى، وهو الغنجار، عن محمد بن
الفضل، عن أبان، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال: " في رجب ليلة يكتب للعامل فيها حسنات مائة سنة، وذلك
لثلاث بقين من رجب، فمن صلى فيها اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل
97

ركعة فاتحة الكتاب وسورة من القرآن [يتشهد في كل ركعتين ويسلم
في آخرهن] ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله
إلا الله، والله أكبر، مائة مرة ويستغفر الله مائة مرة، ويصلي على النبي
صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ويدعو لنفسه ما شاء من أمر دنياه
وآخرته، ويصبح صائما، فإن الله يستجيب دعاءه كله إلا أن يدعو في
معصية ".
قال الشيخ رضي الله عنه الإسناد الذي قبله أمثل من هذا، وقد
روي في استجابة الدعاء في الأشهر الحرم، ورجب منهن، حديث
حسن الإسناد في مثل هذا:
[13] أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى
السلمي، رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن أبي
98

خالد الأصفهاني العدل، قال: سمعت محمد بن إسحاق بن
خزيمة، يقول: حدثنا محمد بن عمرو بن التمام، قال: حدثنا
عثمان بن صالح، قال حدثني ابن لهيعة، أخبرني / عطاء بن أبي
رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا نحن عند عمر بن
الخطاب رضي الله عنه في يوم يعرض فيه الديوان إذ مر به رجل
أعمى، أعرج، قد عنى قائده، فقال عمر حين رآه وأعجبه شأنه: من
يعرف هذا؟ قال رجل من القوم: هذا رجل من بني صبغاء،
بهلة بريق، قال وما بريق؟ قال: رجل من أهل اليمن، قال:
99

أشاهد هو؟ قال: نعم فأتي به عمر فقال: ما شأنك وشأن بني
صبغاء؟ قال: إن بني صبغاء كانوا اثني عشر رجلا، وإنهم جاوروني
في الجاهلية، فجعلوا يأكلون مالي، ويشتمون عرضي، وأنا أشتهيهم
وناشدتهم الله والرحم، فأبوا علي، فأمهلتهم حتى إذا كان الشهر
الحرام دعوت الله عليهم، وقلت:
اللهم أدعوك دعاء جاهدا * اقتل بني صبغاء إلا واحدا
ثم اضرب الرجل فذره قاعدا * أعمى إذا ما قيد عنى القائدا
فلم يحل الحول حتى هلكوا غير واحد، وهو هذا كما ترى قد
عنى قائده، فقال عمر: سبحان الله إن في هذا لعبرا وعجبا، فقال
رجل آخر من القوم ألا أحدثك يا أمير المؤمنين مثل / هذا وأعجب
منه؟ فقال: بلى، قال: فإن رجالا من خزاعة جاوروا رجلا منهم،
فقطعوا رحمه، وأساءوا مجاورته، وإنه ناشدهم الله والرحم إلا أعفوه
مما يكره، فأبوا عليه فأمهلهم حتى إذا جاء الشهر الحرام دعا عليهم
فقال:
اللهم رب كل آمن وخائف * وسامعا هتاف كل هاتف
إن الخزاعي أبا تقاصف * لم يعطني الحق ولم يناصف
100

فاجمع له الأحبة إلا لاطف * بين القران السوء والنواصف
أجمعهم في جوف كل راجف
قال: فبينا هم عند قليب ينزفونها، فمنهم من هو فيها ومنهم
من هو فوقها تهور القليب بمن كان عليها وعلى من كان فيها
وصارت قبورهم حتى الساعة، قال عمر: سبحان الله إن في هذا
لعبرة وعجبا، فقال رجل من القوم (آخر) يا أمير المؤمنين، ألا
أخبرك بمثل هذا وأعجب منه؟ قال: بلى، قال: فإن رجلا من
هذيل ورث فخذه التي هو فيها، حتى لم يبق منهم / أحد غيره،
فجمع مالا كثيرا فعمد إلى رهط من قومه، يقال لهم: بني المؤمل
فجاورهم ليمنعوه، وليردوا عليه ماشيته، وأنهم حسدوه على ماله
ونفسوه ماله فجعلوا يأكلون من ماله، ويشتمون عرضه، وأنه
101

ناشدهم الله والرحم إلا عدلوا عنه ما يكره، فأبوا عليه، فجعل رجل
منهم يقال له، رباح، أو رياح يكلمهم فيه، ويقول يا بني المؤمل،
ابن عمتكم اختار مجاورتكم على من سواكم، فأحسنوا مجاورته، فأبوا
عليه فأمهلهم حتى إذا كان الشهر الحرام دعا عليهم فقال:
اللهم أزل عني بني المؤمل * وارم على أقفائهم بمنكل
بصخرة أو عرض جيش جحفل * إلا رباحا إنه لم يفعل
قال فبينما هم ذات يوم نزول إلى أصل جبل انحطت عليهم
صخرة من الجبل، لا تمر بشئ إلا طحنته، حتى مرت بأبياتهم
فطحنتها طحنة واحدة، إلا رباحا الذي استثناه، فقال: سبحان الله إن
في هذا لعبرة وعجبا، فقال رجل من القوم: ألا / أخبرك يا أمير
المؤمنين مثله وأعجب منه؟ قال بلى؟ قال: فإن رجلا من جهينة جاور
قوما من بني ضمرة في الجاهلية، وكان رجل من بني ضمرة يقال له: رميثة
يعدو عليه، فلا يزال ينحر بعيرا من إبله وإنه كلم قومه فيه، فقالوا:
إنا خلعناه، فانظر أن نقتله، فلما رآه لا ينتهي أمهله حتى إذا كان
الشهر الحرام دعا عليه، فقال:
أصادق رميثة يال ضمرة * أن يسره الله عليه قدره
أما يزال شارف أو بكره * يطعن منها في سواء الثغره
بصارم ذي رونق أو شفرة * اللهم إن كان بعدي فجره
102

فاجعل أمام العين منه جذره * يأكله حتى يوافي الحفره
قوله: فسلط الله (عليه) أكلة فأكلته حتى مات قبل الحول، فقال
عمر سبحان
الله إن في هذا (لعبرة) وعجبا، وإن كان الله ليصنع
هذا بالناس في جاهليتهم لينزع بعضهم من بعض، فلما أتى الله
بالإسلام أخر الله العقوبة إلى يوم القيامة وذلك أن الله تعالى /
قال: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين)، (بل الساعة موعدهم
والساعة أدهى وأمر)، وقال: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا
ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى).
103

قال الشيخ رضي الله عنه: هذا حديث قد رواه أيضا محمد بن
إسحاق بن يسار عمن سمع عكرمة عن ابن عباس، دون ذكر بني
ضمرة، وذلك يؤكد رواية ابن لهيعة.
وروي أيضا عن نصير بن أبي الأشعث، قال: قسم عمر بن
الخطاب قسما فنظر إلى رجل أعمى فذكره.
قال الشيخ رضي الله عنه. وروي في الدعاء عند دخول رجب
حديث ليس بالقوي.
[14] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن
المؤمل، قال حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، قال: حدثنا
القواريري، قال: حدثنا
زائدة، حدثنا زياد النميري، عن أنس
104

قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل رجب قال:
" اللهم بارك لنا في / رجب وشعبان وبلغنا رمضان " وكان يقول: " ليلة
الجمعة ليلة غراء، ويوم الجمعة يوم أزهر ".
تفرد به زائدة (بن) أبي الرقاد عن زيادة النميري.
وأما الحديث الذي:
105

[15] أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد السكري، أخبرنا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي بمكة، قال: حدثنا
محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا
داود بن عطاء، (عن) زيد بن عبد الحميد، عن سليمان بن
علي، عن أبيه، عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه
106

وسلم نهى عن صوم رجب كله ".
فهكذا رواه داود بن عطاء، وليس بالقوي وإنما الرواية عن ابن
عباس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما قدمنا ذكره، فحرف الفعل
إلى النهي، ثم وإن صح فهو محمول على التنزيه، والمعنى فيه ما
ذكره (الشافعي في القديم) قال: وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر
107

يكمله من بين الشهور كما يكمل شهر رمضان، واحتج بالحديث /
الذي:
[16] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالا:
حدثنا أحمد بن عبدوس، حدثنا (عثمان) بن سعيد، قال: حدثنا
القعنبي فيما قرأ على مالك بن أنس، عن أبي النضر مولى
عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أم
المؤمنين، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
108

يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهرا قط إلا رمضان، وما
رأيته أكثر صياما منه في شعبان.
قال الشافعي: وكذلك يوما من بين الأيام، قال: وإنما كرهته
لئلا يتأسى جاهل فيظن أن ذلك واجب، وإن فعل فحسن، فبين
الشافعي الكراهة، ثم قال: وإن فعل فحسن، وذلك لأن من العلم
العام فيما بين المسلمين ألا يجب بأصل الشرع صوم غير صوم
رمضان، فارتفع بذلك معنى الكراهة، والله أعلم.
109

أخبرنا محمد بن عبد الحافظ وعبد الرحمن بن أبي حامد
(المقرئ)، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب هو الأصم
(قال): حدثنا إبراهيم بن
سليمان، قال: حدثنا عبد الله بن
يوسف، حدثنا عامر بن شبل قال: سمعت أبا قلابة يقول: في
الجنة قصر لصوم رجب.
قال الشيخ رضي الله عنه وأبو قلابة من كبار التابعين، لا يقول
مثل هذا إلا عن بلاغ ممن فوقه.
110

باب في فضل شعبان
[18] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، رحمه الله، قال أخبرنا أبو بكر بن
إسحاق، قال أخبرنا بشر بن موسى، قال: حدثنا الحميدي،
قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة قال:
111

سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول قد
أفطر، ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه شعبان، كان يصوم
شعبان كله إلا قليلا. ورواه الشافعي رحمه الله -، من شعبان -، فقال في الحديث: كان
يصومه كله، بل كان / يصومه إلا قليلا. ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن سفيان، وقال في الحديث:
وكان يصوم شعبان كله، كان يصوم إلا قليلا.
112

[19] أخبرنا (محمد) بن عبد الله الحافظ (و) يحيى بن
إبراهيم بن محمد بن يحيى، وأحمد بن الحسن، قالوا: حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا بحر بن نصر، قال: حدثنا
عبد الله بن وهب، قال، أخبرني معاوية بن صالح، عن عبد الله بن
أبي قيس أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول: أحب الشهور
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.
113

[20] حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، قال: أخبرنا
أبو سعيد بن الأعرابي، قال حدثنا محمد بن عبد عبد الملك
(الدقيقي)، حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا صدقة
بن موسى قال: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قيل يا
114

رسول الله، أي الصوم أفضل؟ قال: " صوم شعبان تعظيما لرمضان "
قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: صدقة في رمضان ".
[21] / أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق المؤذن، قال: أخبرنا أبو
بكر محمد بن أحمد بن خنب البخاري، قال حدثنا ابن أبي
طالب، قال: حدثنا زيد بن (الحباب)، قال: حدثنا ثابت
115

الغفاري قال: حدثني المقبري، عن أبي هريرة، عن أسامة
بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، إني أراك تصوم في شهر ما
لا أراك تصوم في شهر ما تصوم فيه، قال: " أي شهر؟ " قلت:
شعبان، " (قال: شعبان) بين رجب وشهر رمضان، يغفل الناس عنه
(ترفع له) أعمال العباد فأحب ألا يرفع عملي إلا وأنا صائم "،
قلت: أراك تصوم يوم الاثنين والخميس ولا تدعهما، قال: " إن أعمال
العباد ترفع فيهما، فأحب ألا يرفع عملي إلا وأنا صائم ".
116

ورواه (ابن أبي أويس) عن أبي الغصن ثابت بن قيس الغفاري
عن أبي سعيد المقبري
عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه
وسلم.
117

باب فضل ليلة النصف من شعبان
[22] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الله إسحاق بن محمد / بن يوسف
السوس وأبو بكر محمد بن الحسن قالوا أخبرنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد
الدمشقي، قال: حدثنا هشام بن خالد، قال: حدثنا أبو خليد -
118

وهو عتبة بن حماد -، عن الأوزاعي، (وابن ثابت) - وهو
عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان -، عن أبيه، عن مكحول، عن
مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، عن
119

قال: " يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه في ليلة النصف من
شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ".
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد قيل عن مكحول كما:
[23] أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا أبو
حامد بن بلال، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال:
120

حدثنا المحاربي، عن الأحوص بن حكيم، عن (المهاصر) بن
حبيب، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله
إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع / أهل الحقد
121

(بحقدهم) حتى يدعوه ".
ورواه الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن كثير بن مرة
الحضرمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الحسن بن الحسن عن مكحول موقوفا عليه.
[24] وحدثنا أبو محمد (عبد الله) بن يوسف الأصفهاني، قال:
122

أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس (المكي)، حدثنا
محمد بن علي بن زيد الصائغ، قال: حدثنا الحسن بن علي، قال:
حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا بن أبي سبرة، عن إبراهيم بن
محمد، عن معاوية، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن
123

علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها، وصوموا يومها،
فإن الله تبارك وتعالى يقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق
فأرزقه، ألا سائل فأعطيه، ألا كذا، حتى يطلع الفجر ".
[25] أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل
ببغداد، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو / الرزاز، قال: حدثنا
124

محمد بن أحمد الرياحي، حدثنا جامع بن الصبيح الرملي، حدثنا
مرحوم بن عبد العزيز، عن داود بن عبد الرحمن، عن هشام بن
حسان، عن (الحسن، عن) عثمان بن أبي العاص، عن النبي
125

صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى
مناد: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ فلا يسأل أحد
شيئا إلا أعطي، إلا زانية بفرجها، أو مشرك ".
[26] حدثنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثني أبو صالح خلف بن
محمد ببخارى، قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي الحافظ،
قال: حدثنا محمد بن عباد، قال: حدثني حاتم بن إسماعيل
المدني، عن (النضر) بن كثير، عن يحيى بن سعد، عن
126

عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كانت ليلة
النصف من شعبان انسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مرطي،
ثم قال: والله ما كان مرطنا من خز ولا قز، ولا كرسف ولا
كتان ولا صوف، فقلنا: سبحان الله، فمن / أي شئ؟ قالت: إن كان
سداه لشعر، وإن كانت لحمته لمن وبر الإبل، قالت: فخشيت أن
يكون أتى بعض نسائه، فقمت ألتمسه في البيت، فيقع قدمي على
قدميه وهو ساجد، فحفظت من قوله وهو يقول: " سجد لك سوادي
وخيالي وآمن لك فؤادي، وأبوء لك بالنعم، واعترف بالذنوب العظيمة،
ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بعفوك من
عقوبتك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ برضاك من سخطك،
127

وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك "،
قالت: فما زال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي قائما وقاعدا
حتى أصبح، فأصبح وقد (اصمعدت) له قدماه، فإني لأغمزها وقلت:
بأبي أنت وأمي، أتعبت نفسك، أليس قد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر؟ أليس قد فعل الله بك؟ أليس؟ أليس؟ فقال: " بلى يا
عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا؟ هل تدرين ما في / هذه الليلة؟ "
قالت: ما فيها يا رسول الله؟ فقال: " فيها يكتب كل مولود من بني آدم
في هذه السنة، وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة،
وفيها ترفع أعمالهم، وفيها تنزل أرزاقهم "، فقالت: يا رسول الله، ما
أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله؟ فقال: " ما من أحد يدخل الجنة إلا
برحمة الله "، قلت: ولا أنت يا رسول الله فوضع يده على هامته
فقال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة " يقولها ثلاث مرات.
[27] حدثنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو حعفر محمد بن صالح بن
128

هانئ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الغسيلي، قال: حدثنا
وهب بن بقية، قال: أخبرنا سعيد بن عبد الكريم الواسطي، عن
أبي النعمان السعدي، عن أبي الرجاء العطاردي، عن أنس بن
مالك قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل عائشة
رضي الله عنها في حاجة، فقلت لها: أسرعي فإني تركت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحدثهم / عن ليلة النصف من شعبان فقالت: يا
أنيس اجلس حتى أحدثك بحديث ليلة النصف من شعبان، وإن تلك
الليلة كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي
صلى الله عليه وسلم، ودخل معي في لحافي، فانتبهت من الليل فلم
أجده، فقمت فطفت في حجرات نسائه فلم أجده فقلت: لعله ذهب
إلى جاريته مارية القبطية، فخرجت فمررت في المسجد، فوقعت
129

رجلي عليه وهو ساجد، وهو يقول: " سجد لك سوادي وخيالي، وآمن
بك فؤادي وهذه يدي جنيت بها على نفسي، فيا عظيم هل يغفر
الذنب العظيم إلا الرب العظيم، فاغفر لي الذنب العظيم " قالت: ثم
رفع رأسه وهو يقول: " اللهم هب لي قلبا تقيا نقيا من الشر، بريا لا
كافرا ولا شقيا " ثم عاد فسجد وهو يقول: " أقول لك كما قال أخي
داود عليه السلام: أعفر وجهي في التراب لسيدي، وحق لوجه سيدي
أن تعفر الوجوه لوجهه "، ثم رفع رأسه فقلت: بأبي / وأمي، أنت في
واد وأنا في واد، قال: " يا حميراء، أما تعلمين أن هذه الليلة ليلة
النصف من شعبان، إن لله في هذه الليلة عتقاء من النار بقدر شعر
غنم كلب "، قلت: يا رسول الله، وما بال شعر غنم كلب؟ قال: " لم
يكن في العرب قبيلة قوم أكبر غنما منهم، لا أقول: ستة نفر: مدمن
خمر ولا عاق لوالديه، ولا مصر على زنا، ولا مصارم، (ولا
مصور) ولا قتات ".
[28] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن
130

سلمان الفقيه، قال: حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا يزيد بن
هارون، قال حدثنا الحجاج، يعني - ابن أرطاة - عن يحيى بن أبي
كثير، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت النبي
صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا
رأسه إلى السماء، " فقال يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله
عليك ورسوله؟ " قالت: قلت: وما بي ذلك، ولكنني ظننت أنك
أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله عز وجل ينزل / ليلة النصف من
131

شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ".
[29] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، قال: حدثنا أبو
الأسود المصري، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن الزبير بن سليم،
عن الضحاك بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال سمعت أبا موسى
132

الأشعري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ينزل
ربنا إلى سماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لأهل الأرض، إلا
مشرك أو مشاحن ".
قال الشيخ رحمه الله: سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت
أبا محمد أحمد بن عبد الله المزني يقول: حديث النزول قد ثبت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه صحيحة، وورد في
133

التنزيل ما يصدقه وهو قوله تعالى (وجاء ربك والملك صفا صفا)
والنزول والمجئ صفتان منفيتان عن الله من طريق الحركة / والانتقال
من حال إلى حال بل هما صفتان من صفات الله بلا تشبيه جل عما
يقول المعطلة لصفاته والمشبهة محمد بها علوا كبيرا.
134

باب ما جاء في شهر رمضان
قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون - إلى قوله - شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
[30] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، قال: حدثنا
محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا عمرو بن
مرزوق، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت
135

ابن أبي ليلى، يقول حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام ثم أنزل رمضان،
وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديدا، فكان من
لم يصم يطعم مسكينا، / فنزلت هذه الآية (فمن شهد منكم الشهر
فليصمه) فكان الرخصة للمريض والمسافر وأمروا بالصيام قال:
وحدثنا أصحابنا وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى
يصبح، فجاء عمر فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت فظن أنها تعتل
فأتاها، فجاء رجل من الأنصار، فأراد طعاما فقالوا: حتى نسخن لك
شيئا، فنام، فلما أصبحوا نزلت هذه الآية فيها (أحل لكم ليلة الصيام
الرفث إلى نسائكم).
136

قال الشيخ رحمه الله: وحين صار صوم رمضان فرضا متعينا صار
من الأركان الخمس التي بني عليهن الإسلام وذلك فيما:
[31] أخبرنا أبو محمد جناح بن (نذير) بن جناح القاضي
بالكوفة، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي دحيم الشيباني،
قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي (غرزة)، قال: أخبرنا عبيد الله بن
موسى، قال: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت
عكرمة بن خالد يحدث / طاوسا، قال جاء رجل إلى ابن عمر
137

فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تغزو؟ فقال إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا
إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ".
قال رضي الله عنه: وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم في فضيلة شهر رمضان وفضل صيامه أحاديث كثرة منها ما:
[32] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى، قالا: حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا الربيع بن سليمان،
حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن
138

ابن أبي أنس، أن أباه حدثه أن أبا هريرة يقول، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت
أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين ".
[33] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن
139

أحمد بن السماك ببغداد قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال:
حدثنا أبو بكر / بن عياش عن الأعمش، عن أبي صالح،
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان
أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب
النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنان، فلم يغلق منها
باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله
عتقاء من النار ".
140

وزاد أبو كريب عن أبي بكر بن عياش - وذلك عند كل ليلة -.
[34] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الصفار، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال:
حدثنا سليمان بن حرب، وعارم، قالا: حدثنا حماد بن زيد،
141

عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يبشرهم قال: " جاءكم
رمضان، جاءكم شهر مبارك، إفترض الله عليكم صيامه (تفتح) فيه
أبواب الجنان، و (تغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه
الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ".
قال رضي الله عنه: وتصفيد الشياطين في شهر رمضان:
يحتمل أن يكون المراد به أيام النبي صلى الله عليه وسلم خاصة،
وأراد الشياطين التي هي مسترقة السمع ألا تراه قال: مردة
الشياطين؟، لأن شهر رمضان كان وقتا لنزول القرآن إلى السماء
142

الدنيا، وكانت الحراسة قد وقعت بالشهب كما قال الله تعالى:
(وحفظا من كل شيطان مارد) والتصفيد في شهر رمضان مبالغة في
الحفظ والله أعلم، ويحتمل أن يكون المراد به أيامه وبعده والمعنى
فيه: أن الشياطين لا يخلصون في شهر رمضان من إفساد الناس، إلى
ما يخلصون إليه في غيره، لاشتغال أكثر المسلمين بالصيام الذي فيه
قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات والله أعلم، وإلى
هذا المعنى الإشارة فيما:
[35] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس
محمد / بن يعقوب قال: حدثنا (الحسن) بن مكرم، قال حدثنا
يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام بن أبي هشام عن محمد بن
143

محمد بن الأسود، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت أمتي في شهر رمضان
خمس خصال لم تعط أمة قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله
من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل
يوم جنته ثم يقول: يوشك عبادي الصائمون أن يلقى عنهم
المؤنة والأذى ويصيرون إليك، وتصفد فيه الشياطين، فلا يخلصون فيه
إلى ما يخلصون في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل: يا
رسول الله: هي ليلة القدر؟ قال لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا
قضى عمله
144

[36] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني حدثنا أبو
سعيد بن الأعرابي أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة، حدثنا
محمد / بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء
الخفاف، قال: حدثنا الهيثم بن الحواري، عن زيد العمى، عن
أبي بصرة قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم
يعطهن نبي قبلي، أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان
نظر الله عز وجل إليهم، ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا، وأما الثانية:
فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك،
وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة:
145

فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك
أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة: فإنه
إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا، فقال رجل من القوم: أهي ليلة
القدر؟ فقال: لا ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم
وفوا أجورهم ".
[37] حدثنا أبو عبد الرحمن / محمد بن الحسين بن محمد بن
موسى السلمي، قال: حدثنا جدي أبو عمرو إسماعيل بن نجيد،
قالا: حدثنا جعفر بن محمد بن سوار، قال أخبرني علي بن حجر، قال:
146

حدثنا يوسف بن زياد، عن همام بن يحيى، عن علي بن
(زيد) بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان رضي الله
عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من
شعبان، فقال: أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم، فيه ليلة خير
من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه
بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه
147

فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر
والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه،
من فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له
مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شئ، قالوا: يا رسول الله،
ليس كلنا نجد ما / يفطر الصائم؟ قال: " يعطي الله عز وجل هذا
الثواب من فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن
أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة،
وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من خفف
فيه عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه
من أربع خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غناء بكم
عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله
إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما، فتسألون الله
الجنة وتعوذون به من النار ".
148

ورواه غيره عن علي بن حجر فقال في أوله: " قد أظلكم شهر
عظيم شهر مبارك ".
[38] حدثنا أبو سعد الزاهد، حدثنا (أبو عمرو) بن مطر، حدثنا
جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا علي بن حجر، فذكره
بإسناده.
149

[39] / حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، حدثنا أبو
سعيد أحمد بن محمد بن زياد، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح
الزعفراني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".
ورواه الحميدي، عن سفيان - في صيام رمضان وقيام ليلة
القدر -.
وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة.
150

[40] وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبو سعيد
أحمد بن محمد بن مزاحم الصفار، وأبو عبد الرحمن محمد بن
الحسين السلمي، وأبو الحسن علي بن محمد (السبيعي)، وأبو
سعيد بن أبي عمرو، قالوا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب،
حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس،
عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة، أن أبا هريرة، قال: سمعت
رسول / الله صلى الله عليه وسلم يقول لرمضان: " من قامه إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".
151

وكذلك عقيل بن خالد وغيره عن ابن شهاب، ورواه محمد بن
عمرو، عن أبي سلمة في الصيام والقيام جميعا، كما:
[41] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى، قالا حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن الخطاب، حدثنا عبد
الوهاب بن عطاء، قال أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من صام
شهر رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام
ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما مضى من ذنبه ".
152

[42] ورواه (النضر بن شيبان الحداني، عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف، عن أبيه عن النبي) صلى الله عليه وسلم قال:
إن الله عز وجل افترض صوم رمضان، وسنيت إلى قيامه، فمن صامه
إيمانا واحتسابا أو يقينا، كان كفارة لما مضى أو لما سلف " أو كما
قال:
/ أخبرنا (أبو) عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب حدثنا العباس بن محمد (الدوري)، حدثنا مسلم بن
153

إبراهيم، حدثنا أبو عقيل، حدثنا النضر بن شيبان، فذكره
بإسناده فرواه محمد بن عمر وغيره عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أصح.
[43] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سهل أحمد بن محمد بن
المهراني، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالوا أخبرنا أبو محمد
عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ببغداد، حدثنا الحسين بن
علي العنزي، حدثنا هشام بن يونس اللؤلؤي، حدثنا محمد بن
154

(مروان) السدي، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة
العبدي، وعن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أول ليلة من رمضان
فتحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى يكون آخر ليلة من
رمضان فليس من عبد مؤمن يصلي في ليلة منها، إلا كتب الله
له ألفا وخمسين مائة حسنة، بكل سجدة، وبنى له بيتا في الجنة من
155

ياقوتة (حمراء) لها ستون ألف باب لكل باب منها، قصر من
ذهب موشح بياقوتة حمراء، فإذا صام أول يوم من رمضان غفر له ما
تقدم من ذنبه إلى مثل ذلك اليوم، ومن شهد رمضان استغفر له كل
يوم سبعون ألف ملك، من صلاة الغداة إلى أن توارى بالحجاب،
وكان له بكل سجدة سجدها في شهر رمضان بليل أو نهار شجرة يسير
الراكب في ظلها خمس مائة عام ".
[44] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو يحيى السمرقندي،
حدثنا علي بن إسحاق الحنظلي، حدثنا محمد بن مروان، بإسناده
نحوه غير أنه قال: (سبعين ألف باب) بدل (ستين)، وزاد (وكان له
بكل يوم يصومه من شهر رمضان قصر له ألف باب من ذهب، وقال
156

في آخره مائة عام).
[45] قال حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الهمذاني
بهمذان حدثنا، أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأسدي، حدثنا
يوسف بن موسى / المروروذي، حدثنا أيوب بن محمد الوزان،
حدثنا الوليد بن الوليد الدمشقي حدثنا، (ابن ثوبان) عن،
157

عمرو بن دينار، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الجنة تزخرف لرمضان، من رأس الحول إلى حول قابل،
قال: فإذا كان أول يوم من رمضان، هبت ريح تحت العرش من فرق
الجنة على الحور العين، فيقلن يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجا
تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا ".
[46] وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، حدثنا والدي،
قال: قرئ على محمد بن إسحاق بن خزيمة، أن الخطاب زياد بن
158

يحيى أخبرهم، حدثنا سهل بن حماد أبو عتاب، حدثنا جرير بن
أيوب البجلي، عن الشعبي، (عن) نافع بن بردة، عن
(أبي) مسعود الغفاري، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
159

وسلم ذات يوم وأهل (رمضان)، فقال: لو يعلم العباد ما رمضان
لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها "، فقال رجل من خزاعة: يا
نبي الله: حدثنا فقال: " إن الجنة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى
الحول / فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش
فصفقت ورق الجنة، (فتنظر) الحور العين إلى ذلك، فيقلن يا رب:
اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقر أعيننا بهم، وتقر أعينهم
بنا، قال: فما من عبد يصوم يوما من رمضان إلا زوج زوجة من الحور
العين في خيمة من درة مجوفة مما نعت الله تعالى: (حور
مقصورات في الخيام) على كل امرأة منهن سبعون حلة ليس منها
حلة على لون آخر، ويعطون سبعون
ألف لون من الطيب ليس
منه لون على ريح الآخر، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة
لحاجتها وسبعون ألف وصيفة مع كل وصيفة صحيفة من (ذهب) فيها
لون طعام يجد (لآخر) لقمة منها لذة لم يجدها لأوله لكل امرأة
منهن سبعون سريرا من ياقوتة حمراء موشحة بالدر، على كل سرير
160

سبعون فراشا بطائنها من إستبرق فوق كل فراش سبعون أريكة
ويعطى زوجها مثل / ذلك على (سرير) من ياقوتة حمراء (موشحا)
بالدر، عليه سواران من ذهب، هكذا كل بكل يوم صامه من رمضان
سوى ما عمل من الحسنات ".
مجلس آخر:
[47] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الوليد الفقيه، حدثنا
161

الحسن بن سفيان، حدثنا هارون بن سعيد، حدثنا ابن وهب، عن
أبي صخر، عن عمر بن إسحاق مولى زائدة، حدثه عن أبيه،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان،
مكفرات ما بينهما، إذا اجتنبت الكبائر ".
162

قال الشيخ رضي الله عنه: وقد روي من وجه آخر عن أبي
هريرة على (تفصيل) الكبائر التي استثناها في هذه الرواية.
[48] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، حدثنا
الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي،
حدثنا أبو الربيع، حدثنا (هشيم)، حدثنا العوام بن حوشب،
163

حدثنا عبد الله بن السائب الكندي، عن أبي هريرة، قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة المكتوبة إلى الصلاة / التي
قبلها كفارة ما بينهما، والجمعة إلى الجمعة التي قبلها كفارة ما
بينهما، والشهر إلى الشهر - يعني شهر رمضان - كفارة ما بينهما إلا من
ثلاث: الإشراك بالله، وترك السنة، ونكث الصفقة "، قال أبو هريرة:
فعلمت أن ذلك لأمر حدث، فقلت يا رسول الله: أما الإشراك بالله
فقد عرفنا، فما نكث الصفقة وترك السنة: قال: " أما نكث الصفقة (فأن
تبايع رجلا بيمينك ثم تخالف إليه فتقاتله بسيفك، وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة ".
164

قال الشيخ رضي الله عنه: وقد روي في حديث آخر ما يدل على
أن المراد باجتناب الكبائر اجتناب الشرك فمن ما
[49] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق
الفقيه، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا
عمرو بن حمزة أبو أسيد، حدثنا أبو الربيع، عن أنس بن مالك،
قال: لما أقبل شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: /
" سبحان الله ماذا تستقبلون؟ ماذا يستقبلكم؟ " فقال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وحي نزل أو عدو حضر،
قال: " لا ولكن شهر رمضان يغفر الله تعالى في [أول] ليلة لكل
165

أهل هذه القبلة " قال: وفي القوم رجل يهز رأسه [فيقول] بخ بخ،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " كأنه ضاق صدرك بما سمعت "؟
قال: لا والله، لا يا رسول الله، [و] لكن ذكرت المنافق، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: " المنافق كافر وليس للكافرين في ذا شئ ".
ومنها ما: [50] أخبرنا أبو الحسن (محمد) بن يعقوب بالطابران، حدثنا
أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، [حدثنا أحمد بن
166

يحيى، حدثنا سعيد بن سليمان، عن ابن نمير، عن
الأعمش، عن حسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي
أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله عز وجل
167

عند كل فطرة عتقاء من النار ".
قال الشيخ رضي الله عنه: وليس في هذا الحديث بيان عدد
العتقاء وقد روي في حديث آخر ما:
[51] أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد / بن محمد بن عبدان
النيسابوري، أخبرنا أبو بكر بن المؤمل، حدثنا أبو جعفر
النسوي، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا أبو أيوب الدمشقي،
168

حدثنا (ناشب) بن عمرو - قال: وكان نفسه صائما قائما - حدثنا
مقاتل بن حيان، عن ربعي بن حراش، عن عبد الله بن مسعود،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان أول ليلة من شهر
رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب واحد الشهر كله،
[وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله]، وغلت
عتاة الجن، ونادى مناد من السماء كل ليلة إلى انفجار الصبح، يا
باغي الخير تمم وأبشر ويا باغي الشر أقصر وأبصر، هل من
مستغفر يغفر له، هل من تائب يتوب عليه، هل من داع يستجاب
له، [هل من سائل يعطى سؤله]، ولله عند كل فطر من شهر
رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون ألفا، فإذا كان يوم الفطر، أعتق
169

مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفا ستين ألفا ".
[52] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا إبراهيم بن مضارب،
حدثنا جعفر بن محمد بن / الحسين، حدثنا الحسين بن منصور،
حدثنا مبشر بن عبد الله بن رزين، حدثنا أبو الأشهب جعفر بن
الحارث، عن أبي سهل، عن الحسن، قال: قال رسول الله
170

صلى الله عليه وسلم: " إن لله عز وجل في كل ليلة من رمضان ستمائة
ألف عتيق من النار، فإذا كان في آخر ليلة أعتق بعدد من
مضى " هكذا. جاء هذا الحديث مرسلا.
قال رضي الله عنه: والمراد بالعدد المذكور في مثل (هذا)
عند علمائنا الكثرة دون أعيان العدد المذكور في الخبر والله أعلم.
171

باب فيمن عرف حدود هذا الشهر وحفظ حقوقه
[53] وقد أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد
الحسن بن حليم، (سم)، قال: أخبرنا أبو الموجه، حدثنا
عبدان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا يحيى بن أيوب،
172

حدثني عبد الله بن (قريط) أن عطاء بن يسار، حدثه أنه سمع أبا
سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من صام رمضان فعرف حدوده، و (تحفظ) له ما ينبغي له أن يتحفظ
فيه، كفر ما قبله ".
173

[54] أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أخبرنا أبو جعفر
محمد بن عمرو الرزاز، أخبرنا أحمد بن الوليد الفحام، حدثنا أبو
أحمد الزبيري، ح قال: وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف
الأصفهاني، واللفظ له حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد
البصري بمكة إملاء حدثنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزبرقان،
حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا كثير بن زيد، عن عمرو بن
تميم، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله
174

عليه وسلم: " أظلكم شهر رمضان بمحلوف رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما مضى على المسلمين شهر خير لهم منه، ولا (بالمنافقين شهر
شر لهم) منه بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله
يكتب أجره ونوافله من قبل أن يدخل، ويكتب وزره وشقاءه قبل أن
يدخل، وذلك أن المؤمن يعد له النفقة للعبادة، وأن المنافق يعد فيه
غفلات المسلمين واتباع عوراتهم، فهو غنم / للمؤمن يغتنمه الفاجر ".
وفي رواية - الفحام - (فهو غنم للمؤمن، معصية على
الفاجر)، يعني " شهر رمضان ".
[55] أخبرنا القاضي أبو عمرو محمد بن الحسين بن محمد بن
الهيثم البسطامي رحمه الله، حدثنا أحمد بن محمود القاضي
175

بالأهواز حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري، حدثنا إبراهيم بن
حمزة، الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن
زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ارتقى المنبر قال: " آمين آمين آمين "، فقيل له: يا
يا رسول الله ما كنت تصنع هذا؟ فقال: قال لي جبريل عليه السلام:
" رغم أنف عبد دخل عليه رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين، ثم
قال: رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين، ثم
176

قال: رغم أنف عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة،
فقلت: آمين ".
[56] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس القاسم بن
القاسم السياري بمرو، أخبرنا أبو الموجه، أخبرنا أحمد بن
يونس، حدثنا ابن أبي / ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن
177

أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا لم يدع الصائم
قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه ".
[57] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو محمد عبد الله بن يوسف
الأصفهاني، قالا: أخبرنا (أبو) عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني
178

الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، أخبرنا روح بن
عبادة، حدثنا ابن جريج، أخبرني عطاء، عن أبي صالح
الزيات، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به،
والصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولا
يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امروء صائم، والذي
179

نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من
ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرح بهما، إذا أفطر فرح بفطره،
وإذا لقي ربه فرح بصومه ".
[58] أخبرنا أبو زكريا بن أبي / إسحاق المزكي، حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال: حدثنا بحر بن نصر، حدثنا عبد الله بن
وهب، أخبرني جرير بن حازم، عن (ابن أبي سيف) عن
180

الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف، عن أبي عبيدة بن
الجراح، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الصوم جنة ما لم تخرقه ".
181

[59] حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء،
حدثنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا (إبراهيم بن علي الذهلي)، حدثنا
يحيى بن يحيى، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، (عن عمرو) بن
أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة أنه سمع
182

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رب قائم حظه من قيامه
السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ".
[60] أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد،
أخبرنا الحسين بن يحيى بن (عياش) القطان حدثنا إبراهيم بن
183

(مجشر)، حدثنا هشيم، (عن مجالد، عن الشعبي عن
علي رضي الله عنه أنه كان يخطب إذا حضر رمضان / ثم يقول: هذا
الشهر المبارك الذي فرض الله صيامه ولم يفرض قيامه ليحذر الرجل
أن يقول: أصوم إذا صام فلان، وأفطر إذا أفطر فلان، ألا إن الصيام
ليس من الطعام والشراب، ولكن من الكذب والباطل واللغو (ألا لا
تقدمن) الشهر، إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن
غم عليكم (فأتموا) العدة - قال: كان يقول ذلك بعد صلاة الفجر
وصلاة العصر.
184

قال: وحدثنا هشيم، عن مجالد، عن الشعبي، عن
مسروق، أن عمر رضي الله عنه كان يقول مثل ذلك.
قال الشيخ رحمه الله: وهذا الذي كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
وعلي رضي الله عنهما يخطبان به في تنزيه الصيام عن الكذب
والباطل واللغو قد روينا معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[61] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، قال قرئ على ابن
وهب، أخبرك أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن، /
عن عمه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
185

وسلم: ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو
والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم ".
[62] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، وأبو عبد الرحمن
السلمي، ويحيى بن إبراهيم، وأحمد بن الحسن، قالوا: حدثنا
بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، أخبرني محمد بن عمرو، عن
186

ابن جريج، عن سليمان بن موسى، قال، قال جابر بن عبد الله:
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم،
ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل
يوم فطرك وصومك سواء.
[63] أخبرنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني، حدثنا عبد الله بن منازل، حدثنا إسماعيل بن قتيبة، حدثنا أبو بكر بن
187

أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، عن أبي العميس،
عن عمرو بن مرة، عن أبي صالح / الحنفي، عن أخيه طليق بن
قيس، قال: قال أبو ذر: إذا صمت فتحفظ ما استطعت، فكان
طليق إذا كان يوم صومه دخل ولم يخرج إلا للصلاة.
188

[64] قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، ومحمد بن
بشر، عن مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري: أن
امرأة كانت تصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في لسانها -
يعني - سبا، فقال ما صامت "، فتحفظت، فقال صلى الله عليه
وسلم: " الآن ".
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن
189

ليث، عن مجاهد، قال: خصلتان من حفظهما سلم له صومه
الغيبة والكذب.
قال الشيخ رضي الله عنه: وكما يحترز في صيامه عما لا يليق
به، يجتهد في شهر رمضان في طاعة الله ما أمكنه فقد:
[66] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا ربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا
سليمان بن بلال، أخبرني عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن /
190

عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا دخل [شهر رمضان] شد مئزره، ثم لم
يأت فراشه حتى ينسلخ.
[67] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالا:
حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا أحمد بن علي الخراز، حدثنا
محمد بن عبد المجيد التميمي، حدثنا أبو داود، حدثنا (قرة) بن
191

خالد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل رمضان تغير لونه، وكثرت
صلاته، وابتهل في الدعاء، وأشفق منه.
[68] حدثنا أبو سعد بن عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، حدثنا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن عثمان الدينوري بمكة، حدثنا
عبد الله بن حمدان بن وهب، حدثنا أبو صالح أحمد بن منصور،
192

حدثنا عبد الرحمن بن قيس الضبي، حدثنا هلال بن عبد الرحمن،
عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن (المسيب)، عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم / يقول: " ذاكر الله في رمضان يغفر له، وسائل الله فيه لا
يخيب ".
[69] أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحبيب المفسر،
193

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا محمد بن
عبد الله بن سليمان، حدثنا يحيى بن (عبد الحميد الحماني)،
حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطي كل
194

سائل.
قال الشيخ رضي الله عنه: كذا رواه أبو بكر الهذلي، عن
الزهري، وإنما رواه الحفاظ عن الزهري.
[70] كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو جعفر محمد بن
صالح بن هانئ، حدثنا الفضل بن محمد بن (المسيب)، حدثنا أبو
ثابت محمد بن عبيد الله المدني، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن
195

الزهري، [عن] عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما
يكون / في رمضان، (حين) يلقاه جبريل عليه السلام كل ليلة في
رمضان حتى ينسلخ، يعرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا
لقيه جبريل عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود
بالخير من الريح المرسلة.
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد مضى في باب فضل شعبان
حديث صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس، قال: قيل يا رسول الله أي
الصدقة أفضل؟ قال: " صدقة في رمضان ".
196

[71] وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا
حسين الجعفي، عن زائدة، عن عبد الملك بن أبي سليمان،
عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من فطر صائما كان له مثل (أجر من عمله)
من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا، ومن جهز غازيا، أو خلفه في
أهله كان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيئا ".
197

[72] أخبرنا أبو سعد / أحمد بن محمد بن الخليل الماليني،
أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا محمد بن
198

إبراهيم بن ميمون، حدثنا (عبيد الله) بن عمر يعني (الحسني)،
حدثنا حكيم بن (خذام)، حدثنا علي بن زيد، عن سعيد بن
المسيب، عن سليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من فطر صائما في رمضان، أي من كسب حلال، صلت عليه
الملائكة في ليالي رمضان كلها، وصافحه جبريل عليه السلام، ومن
يصافحه جبريل يرق قلبه، وتكثر دموعه "، قال رجل يا رسول الله فإن
لم يكن ذاك عنده، قال: " قرصة من طعام "، قال: أرأيت من لم يكن
ذاك عنده؟ قال: " فعلقة خبز "، قال: أفرأيت إن لم يكن ذاك عنده؟
قال: " فمذقة لبن "، قال: أفرأيت من لم يكن ذاك عنده؟ قال: " فشربة
من ماء ".
199

باب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان
[73] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، حدثنا أبو
سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن
(أبي يعفور) / العبدي، عن مسلم، عن مسروق، قال: سمعت
عائشة رضي الله عنها تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل
201

العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر.
[74] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو الحسن علي بن
محمد بن (سختويه) حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا عارم بن
الفضل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحسن بن
202

(عبيد الله)، قال: سمعت إبراهيم بن يزيد يحدث، عن الأسود
ابن يزيد، أن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ما لا يجتهد في
غيرها.
203

[75] قال أخبرنا علي بن محمد بن بشران ببغداد، حدثنا
إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا
محمد بن الصباح، حدثنا (هشيم)، حدثنا شعبة، عن أبي
إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان العشر الأواخر من رمضان شمر
المئزر واعتزل النساء.
204

[76] أخبرنا / محمد بن الحسن بن فورك، حدثنا عبد الله بن
جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حماد بن
سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي بن كعب: أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر
عاما فلم يعتكف، فلما كان من قابل اعتكف عشرين يوما.
205

باب في فضل ليلة القدر
قال الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أنزلناه في ليلة
القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هي حتى مطلع الفجر).
[77] وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الأسفراييني
أخبرنا، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصفهاني، حدثنا
عبد الله بن محمد بن زكريا الأصفهاني، حدثنا سعيد بن يحيى بن
سعيد الأموي، حدثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن (ابن أبي
207

نجيح، عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من
بني إسرائيل، لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون
من ذلك، فأنزل الله عز وجل /: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) إلى قوله:
(خير من ألف شهر) (التي) لبس فيها ذلك الرجل السلاح في
سبيل الله ألف شهر. [78] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، حدثنا أبو الحسن
208

أحمد بن محمد الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا القعنبي،
فيما قرأ على مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري
أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن
لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله
ليلة القدر، خيرا من ألف شهر.
[79] قال: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن
209

عمرويه الصفار ببغداد، حدثنا أحمد بن زهير بن حرب، حدثنا
210

موسى بن إسماعيل، حدثنا القاسم بن الفضل، حدثنا يوسف بن
مازن، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي رضي الله عنه (قال:
يا مسود وجه المؤمنين)، فقال الحسن رضي الله عنه: لا تؤنبني،
رحمك الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى بني أمية
يخطبون على منبره رجلا فرجلا فساءه ذلك، فنزلت: (إنا أعطيناك
الكوثر) نهر في الجنة، ونزلت: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، [وما
أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر] تملكه (بنو)
أمية، فحسبنا ذلك، / فإذا هو لا يزيد ولا ينقص.
211

[80] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق،
وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي، أخبرنا أبو مسلم، حدثنا
مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن
212

أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام ليلة القدر
إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا
واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه ".
قال الشيخ الإمام رضي الله عنه: ومعنى ليلة القدر الليلة التي
يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على أيديهم من
تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم، إلى ليلة القدر من السنة القابلة،
وكان يدخل في هذه الجملة أيام حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) أي
يقدر فيها ما هو منزله من القرآن إلى مثلها من العام القابل، فقال الله
تعالى في وصف هذه الليلة: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) أي مبارك
213

فيها لأولياء الله عز وجل، فإنها جعلت خيرا من ألف شهر أحيوها،
فقدروها حق قدرها، واقطعوها أو بالصلاة وقراءة / القرآن والذكر، دون
اللغو واللهو، ثم قال: (إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أي
كل أمر مبني على السداد والحكمة، ومعنى (يفرق) يفصل ليكون ما
يلقى إلى الملائكة في السنة مقدرا بمقدار يحصره عليهم.
[81] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ، أخبرنا
الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي،
حدثنا أبو الربيع، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة
القدر) قال: أنزل الله عز وجل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر،
يعني: إلى السماء الدنيا، فكان بمواقع النجوم، فكان الله عز وجل
214

ينزله على رسوله (صلى الله عليه وسلم) بعضه في إثر بعض، ثم قرأ:
(وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به
فؤادك ورتلناه ترتيلا).
[82] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني محمد بن صالح بن
هانئ، حدثنا حسين بن محمد بن زياد، حدثنا أبو عثمان سعيد بن
يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي، حدثنا عثمان / بن حكيم،
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إنك لترى الرجل يمشي في
215

الأسواق، وقد وقع اسمه في الموتى، ثم قرأ: (إنا أنزلناه في ليلة
مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم، ويعني: ليلة
القدر (ففي) تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل.
[83] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء،
حدثنا سعيد، عن قتادة، في قول الله عز وجل: (فيها يفرق كل أمر
216

حكيم، قال يفرق فيها أمر السنة إلى السنة.
[84] قال: وأخبرنا عبد الوهاب، حدثنا أبو مسعود الجريري،
عن أبي نضرة، قال: يفرق أمر السنة كلها، في ليلة القدر بلاؤها
ورخاؤها ومعاشها إلى مثلها من السنة.
قال الشيخ رحمه الله: وليلة القدر التي ورد القرآن بفضيلتها باقية
إلى يوم القيامة، وهي في كل رمضان بدليل ما:
[85] أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله (الحرفي) ببغداد،
217

حدثنا أبو أحمد حمزة بن محمد عباس، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا
موسى بن مسعود، حدثنا عكرمة، / يعني ابن عمار، عن (أبي)
زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، قال قلت لأبي ذر: سألت
218

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، قال: أنا كنت أسأل
عنها، - يعني أشد الناس مسألة عنها - فقلت: يا رسول الله، أخبرني
عن ليلة القدر؟ في رمضان هي أو في غيره؟ فقال " لا بل في
شهر رمضان " فقلت: يا نبي الله: أتكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا
قبضت الأنبياء، ورفعوا رفعت معهم؟ أو هي إلى يوم القيامة؟ قال:
" لا بل هي إلى يوم القيامة " قال: قلت: أخبرني في أي شهر؟
قال: " في رمضان " هي التمسوها في العشر الأواخر، والعشر الأول "
ثم حدث النبي صلى الله عليه وسلم وحدث، فاهتبلت غفلته، فقلت:
يا نبي الله، أخبرني في أي عشر هي؟ قال: " التمس في العشر
الأواخر ولا تسألني عن شئ بعدها 2 ثم حدث وحدث، فاهتبلت
غفلته فقلت: أقسمت عليك يا رسول الله بحقي عليك أن تحدثني في
أي عشر هي؟ فغضب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا ما
غضبه علي من قبل ولا بعد، / ثم قال: " التمسوها في السبع
الأواخر، ولا تسألني عن شئ بعدها ".
219

فصل في الترغيب في طلبها في الوتر من العشر الأواخر
[86] قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أنبأنا أبو
سعيد الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن
الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، يبلغ به النبي صلى الله
عليه وسلم قال: رأى رجل ليلة القدر في العشر الأواخر، فقال
[رسول الله] صلى الله عليه وسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت على
هذا، فاطلبوها في العشر الأواخر ".
221

زاد فيه غيره عن سفيان " فاطلبوها في الوتر ".
[87] وروينا في حديث عائشة وغيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ".
222

فصل في الترغيب في طلبها
ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين
[88] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا (أبو النضر) الفقيه، حدثنا
عثمان بن سعيد، حدثنا القعنبي، فيما قرأ على مالك، عن
يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، / عن أبي سعيد أنه قال:
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعتكف العشر الأوسط من
223

رمضان فاعتكف عاما، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة
التي يخرج فيها من اعتكافه قال: " من اعتكف معي فليعتكف العشر
الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد صبيحتها
في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر "
قال أبو سعيد: فمطرت تلك الليلة، وكان المسجد على عريش،
فوكف المسجد، قال أبو سعيد: فأبصرت (عيناي) رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين، صبيحة
إحدى وعشرين.
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد خالفه في هذا عبد الله بن أنيس
فقال في حديثه (ثلاث وعشرين) وذلك فيما:
[89] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو نصر أحمد بن علي
224

(الفامي)، قالا: حدثنا محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا محمد بن
شاذان، حدثنا علي بن خشرم، حدثنا أبو ضمرة، عن
الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن
(بسر) بن سعيد، عن (عبد الله) بن أنيس أن رسول / الله (صلى الله
عليه وسلم) قال: " (أريت) ليلة القدر ثم أنسيتها وأراني صبيحتها
أسجد في ماء وطين قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم انصرف، وإن أثر الماء والطين
225

لعلى أنفه وجبهته. قال: وكان عبد الله بن أنيس يقول: ثلاث
وعشرين.
[90] أخبرنا محمد بن يعقوب الفقيه الطابراني (بها)، حدثنا أبو
النضر) الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا سعيد بن أبي
مريم، حدثنا يحيى (بن) أيوب، قال حدثني ابن الهاد، أن أبا
بكر [بن] محمد بن عمرو بن حزم أخبره، عن عبد الرحمن بن
226

كعب بن مالك، عن (عبد الله بن أنيس، قال: كنا بالبادية فقلنا:
إن قدمنا بأهلنا شق علينا، وإن خلفناهم أصابتهم (ضيقة)، قال:
فبعثوني وكنت أصغرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت
له قولهم، فأمرنا بليلة ثلاث وعشرين.
قال ابن الهاد: فكان محمد بن إبراهيم يجتهد تلك الليلة.
227

فصل في الترغيب في طلبها
في السبع الأواخر من شهر رمضان
[91] أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر (/ محمد بن الحسن) بن
فورك، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو
داود، حدثنا شعبة، عن عقبة بن حريث، سمع من [ابن] عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في القدر: " تحروها في العشر
الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن عن السبع
البواقي ".
228

[92] أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفقيه، أخبرنا أبو طاهر محمد بن
الحسن بن (محمد) المحمد أباذي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله
السعدي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حميد الطويل، عن
أنس بن مالك، عن عبادة بن الصامت، قال: خرج إلينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر (فتلاحى)
229

رجلان من المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني
خرجت إليكم (وأنا أريد) أن أخبركم بليلة القدر، فكان بين فلان
وفلان لحاء، فرفعت وعسى أن يكون خيرا، فالتمسوها في العشر
الأواخر، في الخامسة والسابعة والتاسعة ".
[93] ورواه حماد بن سلمة عن ثابت، وحميد، عن أنس، عن
عبادة بن الصامت / أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وهو يريد
أن يخبر أصحابه بليلة القدر، فتلاحى رجلان، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر،
فتلاحى رجلان، فاختجلت) مني، فاطلبوها في العشر الأواخر، في
سابعة تبقى، أو تاسعة تبقى، أو خامسة تبقى ".
230

أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن الأصفهاني، حدثنا
عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود،
حدثنا حماد، فذكره.
[94] وكذلك رواه أيوب عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي
صلى الله عليه وسلم وبمعناهما رواه أبو بكرة نفيع وأتم منه:
[95] حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك، حدثنا عبد الله بن
جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا عيينة بن
231

عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي
بكرة، فقال أبو بكرة: أما أنا فلست التمسها إلا: (في العشر الأواخر
بعد حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" (التمسوها) / في العشر الأواخر، لتاسعة تبقى، أو سابعة تبقى، أو
خامسة تبقى، أو ثالثة تبقى، أو آخر ليلة، فكان أبو بكرة يصلي في
عشرين من رمضان كما كان يصلي في سائر السنة، فإذا دخل العشر
اجتهد.
232

قال الشيخ رضي الله عنه، وهذا يحتمل أن يكون المراد
بقوله: (لتاسعة تبقى)، أي الليلة التاسعة من العدد الذي يبقى من
الشهر بعد العشرين، وكذلك في سائر الأعداد التي ذكرناها، فيكون
ذلك راجعا إلى طلبها من أوتار العشر كما مضى في الحديث الذي
قدمنا ذكره.
ويحتمل أن يكون المراد به، ليلة الثاني والعشرين والرابع
والعشرين وهكذا إلى آخر الشهر، وهي الليلة التي تبقى بعدها من
الشهر العدد المذكور فيه، فيكون تحريضا على طلبها من أشفاع
العشر الأواخر، لأنها إذا عدت من آخر الشهر كانت هذه الأشفاع
أوتارا وعلى هذا يدل ما روى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري:
[96] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء،
حدثنا / أبو مسعود يعني الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد،
233

فذكر الحديث بمعنى حديث عبادة بن الصامت وأتم منه ثم قال: قال
أبو نضرة: فقلت لأبي سعيد: إنكم أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، أعلم بالعدد منا فكيف تعدهن، قال: أجل نحن أحق بذلك
منكم، إذا مضت أحد وعشرون فالتي تليها الخامسة، وفي رواية أخرى
قال: إذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، وإذا مضت خمس
وعشرون فالتي تليها الخامسة.
وهذا يصرح بكونها فن أوتار العشر إذا عدت من آخرها وهي
أسباعها إذا عدت من أولها، وبهذا المعنى روي عن أبي ذر في أصح
الروايتين عنه في قيام النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت مجموع ما
ذكرنا من الأخبار، طلبها، من جميع العشر، وقد روي عن عبد الله بن
مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما:
[79] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، حدثنا محمد بن
234

بكر، حدثنا أبو داود، حدثنا حكيم بن سيف (الرقي)، / حدثنا
عبيد الله يعني ابن (عمرو) عن زيد، يعني ابن أبي أنيسة، عن
أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه عن ابن
مسعود، قال: لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اطلبوها ليلة
سبع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين " ثم
سكت.
235

[98] ورواه إبراهيم النخعي، عن الأسود، قال: قال عبد الله
يعني ابن مسعود: تحروا ليلة القدر ليلة سبع عشرة، صبيحة بدر، أو
إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين.
[99] وروي عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر، فقال ليلة
236

تسع عشرة ما نشك، قال: (يوم الفرقان يوم التقى الجمعان).
كذا روي عنهما تسع عشرة، والرواية الأولى عن ابن مسعود
سبع عشرة وهي أصح، والشهور عند أهل المغازي أن قتال بدر كان
اليوم السابع عشر من شهر رمضان، فأحب طلب ليلة القدر من ليلته،
وبالله التوفيق.
237

فصل في الترغيب في طلبها ليلة سبع وعشرين
[100] أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله / بن بشران
ببغداد، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، وإسماعيل بن
(محمد) الصفار، قالا: حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن
عيينة ح.
[101] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن
إسحاق، حدثنا بشر بن موسى، قال الحميدي: حدثنا سفيان، حدثنا
عبدة بن أبي لبابة، وعاصم بن بهدلة، أنهما سمعا زر بن
238

حبيش قال: قلت لأبي بن كعب: يا أبا المنذر إن أخاك ابن
مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال:
(يرحمه) الله، لقد أراد أن لا يتكلوا، ولقد علم أنها من شهر
رمضان وأنها في العشر الأواخر وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف
لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين.
قال: قلنا يا أبا المنذر بأي شئ تعرف ذلك؟ قال: بالعلامة
أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس
تطلع من ذلك اليوم
لا شعاع لها
239

لفظ حديث الحميدي، وحديث سعدان مختصر من قول أبي
دون قصة ابن مسعود.
وقد روي في حديثين ضعيفين في صفة (الهونطة عليه) ليلة
القدر، / فقال في أحدهما: إنها ليلة سمحة طلقة، لا حارة ولا باردة،
تصبح شمسها صبيحتها ضعيفة حمراء.
وفي الحديث الآخر معناه.
240

[102] وأخبرنا أبو علي الروذباري، حدثنا أبو بكر بن داسة، حدثنا
أبو داود، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة،
عن قتادة سمع مطرفا عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي
صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر سبع وعشرين.
241

فرواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة فوقفه على معاوية.
[103] وأخبرنا أبو القاسم (عبيد الله) بن عمر بن علي (الفامي)
الفقيه ببغداد، حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان، حدثنا إبراهيم بن
إسحاق، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا
242

معمر، عن قتادة، وعاصم أنهما سمعا عكرمة يقول: قال ابن
عباس رضي الله عنهما: دعا عمر رضي الله عنه أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا (أنها) في
العشر الأواخر، فقلت لعمر: إني لأعلم وإني
لأظن أي ليلة هي
[قال: وأي ليلة هي؟] قلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من
العشر الأواخر، قال: ومن أين تعلم؟ قال: قلت: خلق الله سبع
سماوات، / وسبع، أرضين وسبعة أيام، وإن الدهر يدور في سبع،
وخلق الإنسان يأكل ويسجد على سبعة أعضاء، والطواف سبع،
والجمار سبع، فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له.
243

قال الشيخ رضي الله عنه: وكل هذا استدلال، وليس بيقين،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها في الابتداء، غير أنه
لم يكن مأذونا له في الإخبار بها لئلا يتكلوا على علمها فيحيوها دون
سائر الليالي، ثم إنه صلى الله عليه وسلم أنسيها لئلا يسأل عن شئ
من أمر الدين فلا يخبر به، والذي تدل عليه هذه الأخبار وما في
معناها، ما يؤثر عن السلف رضي الله عنهم في رؤيتها أنها تدور في
ليالي العشر، وفي سنة تكون ليلة إحدى وعشرين، وفي سنة تكون ليلة
أخرى، لأنها إنما تفضل بعد نزول القرآن فيها بنزول الملائكة، وكان
نزول الملائكة بإذن الله، لتسليمهم على عباد الله يختلف في هذه
الليالي، فأية ليلة نزلت فيها للتسليم تضاعف فيها عمل الخيرات
وبالله التوفيق. [104] أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد / بن عبدان، أخبرنا
أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا
244

مسدد، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتيت وأنا نائم في رمضان، فقيل
لي: إن الليلة ليلة القدر، فقمت وأنا ناعس، فتعلقت ببعض أطناب
فسطاط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو يصلي، فنظرت في الليلة، فإذا هي ليلة ثلاث
وعشرين، قال: فقال ابن عباس: إن الشيطان يطلع مع الشمس كل
يوم إلا ليلة القدر، وذلك أنها تطلع يومئذ ولا شعاع لها.
245

[105] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا الصغاني، حدثنا روح، حدثنا موسى بن عبيدة،
عن أيوب بن خالد، قال: كنت في البحر (فأجنبت) ليلة ثلاث
وعشرين من رمضان، فاغتسلت من ماء البحر فوجدته عذبا فراتا.
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد وجد مثل ذلك في ليلة سبع
وعشرين، وهو فيما:
246

[106] أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، حدثنا أبو سهل بن
زياد، حدثنا عبد الله / بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا
إبراهيم بن خالد (الصنعاني)، حدثنا رباح، حدثني أبو
عبد الرحمن يعني عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن
247

الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة، قال: ذقت ماء البحر ليلة سبع
وعشرين من رمضان، فإذا هو عذب.
[107] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت (أبا منصور)
الحمشاذي، يقول: سمعت أبا سعيد بن الأعرابي، يقول: سمعت أبا
يحيى بن أبي (مسرة)، يقول: طفت ليلة السابع والعشرين من شهر
رمضان، فأريت الملائكة تطوف في الهواجر إلى البيت.
[108] قال رضي الله عنه: سمعت أبا سعد عبد الملك بن أبي
248

عثمان الزاهد، يقول: سمعت أبا محمد المصري بمكة يقول:
كنت ليلة معتكفا في مسجد بمصر، وبين يدي أبو علي اللعكي،
ما فأشرفت على النوم، فرأيت كأن السماء فتحت أبوابا والملائكة ينزلون
بالتهليل والتكبير، فانتبهت وكنت أقول هي ليلة القدر، وكان ليلة
السابع والعشرين.
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد روي / في فضل شهر رمضان،
وليلة القدر حديث في إسناده بعض ما لا يعرف، غير أن في التنزيل
ما يصدقه في نزول الملائكة ليلة القدر للتسليم على المؤمنين، وفيما
ذكرنا من الأحاديث في فضل شعبان ما يصدقه وهو فيما:
[109] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله، حدثنا أبو الحسين
عبد الصمد بن علي بن مكرم البزاز ببغداد، حدثنا يعقوب بن
يوسف القزويني، حدثنا القاسم بن الحكم (العرني)، حدثنا
249

(هشام) بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسي البصري، شيخ
لنا يكنى (أبا الحسن)، عن الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن
عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الجنة
لتتحلى وتتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا
(كانت) أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال
لها المثيرة تصفق ورق أشجار الجنان، وحلق المصاريع يسمع لذلك
[طنين] لم يسمع السامعون أحسن منه فيثبن الحور العين حتى
يشرفن [على] شرف / الجنة، فينادين هل من خاطب إلى الله عز
وجل فيزوجه؟، ثم يقلن الحور العين، يا رضوان الجنة، ما هذه
الليلة؟ فيجبهن بالتلبية، ثم (يقول): هذه أول ليلة من شهر
250

رمضان، فتحت أبواب الجنة للصائمين من أمة محمد صلى الله عليه
وسلم، قال: ويقول الله عز وجل: يا رضوان افتح أبواب الجنان، ويا
مالك: أغلق أبواب الجحيم على الصائمين من أمة محمد صلى الله
عليه وسلم، ويا جبريل: اهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين،
وغلهم بأغلال، ثم اقذفهم في البحار، حتى لا يفسدوا على أمة
محمد حبيبي صلى الله عليه وسلم صيامهم، قال: ويقول عز وجل في
كل ليلة من شهر رمضان لمناد ينادي ثلاث مرات: هل من سائل
فأعطيه سؤله، هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له،
من يقرض الملئ غير المعدوم، والوافي غير الظلوم، قال: ولله عز
وجل في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من
النار، كلهم قد استوجبوا النار، فإذا كان آخر يوم / من شهر رمضان
أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره، وإذا
كانت ليلة القدر، يأمر الله عز وجل جبريل عليه السلام فيهبط في
كبكبة من الملائكة إلى الأرض، ومعهم لواء أخضر، فيركز اللواء
على ظهر الكعبة، وله مائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في
تلك الليلة فينشرهما في تلك الليلة، فيجاور المشرق إلى المغرب
فيحث جبريل عليه السلام الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل
قائم وقاعد ومصل وذاكر ويصافحونهم، فيؤمنون على دعائهم حتى
يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر ينادي جبريل: معاشر الملائكة الرحيل
الرحيل، فيقولون يا جبريل: فما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم؟، فيقول: نظر الله إليهم في هذه الليلة
فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة فقلنا: يا رسول الله من هم؟ قال:
251

مدمن خمر، وعاق والديه،
وقاطع رحم ومشاحن، / قلنا: يا
رسول الله وما المشاحن؟ قال: هو المصارم، فإذا كانت ليلة الفطر
سميت تلك الليلة، ليلة الجائزة، فإذا كانت غداة الفطر بعث الله الملائكة
في كل بلاد، فيهبطون [إلى] الأرض، فيقومون على أفواه
السكك فينادون بصوت يسمع من خلق الله عز وجل إلا الجن والإنس
فيقولون يا أمة محمد: اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل، ويعفو
[عن الذنب] العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم، يقول الله عز
وجل للملائكة: ما جزاء الأجير إذا عمل عمله قال: فتقول الملائكة:
إلهنا وسيدنا جزاؤه أن توفيه أجره، قال: فيقول: فإني أشهدكم يا
ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامهم
رضاي ومغفرتي، ويقول: عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا
تسألوني) اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم ولا لدنياكم
إلا نظرت لكم، وعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني،
وعزتي لا أخزيكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الأخدود،
انصرفوا مغفورا لكم، قد راضيتموني، ورضيت عنكم، فتفرح
252

الملائكة، وتستبشر بما أعطى الله عز وجل هذه الأمة إذا أفطروا / من
رمضان.
[110] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو محمد بن عبد الله بن
إسحاق (الخراساني) ببغداد، حدثنا محمد بن عبيد بن أبي
هارون حدثنا عبيد بن إسحاق، حدثنا سيف بن عمر، عن
253

سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن علي رضي الله عنه قال: أنا
حرضت عمر رضي الله عنه على القيام في شهر رمضان، أخبرته: أن
فوق السماء السابعة حضيرة، يقال لها حضيرة القدس، يسكنها قوم
يقال لهم الروح، فإذا كان ليلة القدر استأذنوا ربهم في النزول إلى
الدنيا، فلا يمرون بأحد يصلي أو على الطريق إلا أصابته منهم
بركة، فقال له عمر: يا أبا الحسن فتحرض على الناس على الصلاة حتى
تصيبهم البركة، فأمر الناس بالقيام.
قال الشيخ رضي الله عنه: تفرد به عبيد بن إسحاق العطار عن
254

سيف بن عمر وهو إن صح مع ما قبله ففيهما إخبار عن نزول
الملائكة، وتسليمهم على المسلمين ليلة القدر، وفي كتاب الله تعالى
بيان ذلك.
[111] أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، قال:
أخبرنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد [بن] نجدة، حدثنا
سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، عن أبي / إسحاق، عن
الشعبي: في قوله عز وجل: (من كل أمر، سلام هي حتى مطلع
255

الفجر، (قال: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى
يطلع الفجر.
[112] وبإسناده: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عيسى بن
يونس، حدثنا الأعمش، عن مجاهد في قوله تعالى: سلام
هي) قال: هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا، ولا
يحدث فيها أذى.
قال الشيخ رضي الله عنه: والله أعلم بمن عرف قدر هذه الليلة
وقام بحقها وبالله التوفيق.
وأما الدعاء المأثور في هذه الليلة فهو مما:
256

[113] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا يزيد بن هارون،
حدثنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن (بريدة) أن عائشة
رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وافقت
ليلة القدر فما أقول؟ قال قولي: " اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف
عني ". قال يزيد: لا أعلمه إلا قال ثلاثا.
257

[114] ورواه سعيد الجريري، عن عبد الله بن (بريدة)، عن
عائشة قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت لو رأيت ليلة القدر ما كنت
أسأل ربي وأدعو به ربي؟ / قال، قولي: " اللهم إنك عفو تحب العفو
فاعف عني ". أخبرنا أبو طاهر الإمام، حدثنا أبو العباس الأصم،
حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا
الجريري فذكره.
قال الشيخ رضي الله عنه: ومسألة العفو من الله مستحبة في
جميع الأوقات وخاصة في هذه الليلة وقد:
[115] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعد سعيد بن محمد
258

(الشعبي)، (قالا) سمعنا أبو عمرو بن أبي جعفر، يقول:
سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل كثيرا يقول في مجلسه وفي غير
المجلس: عفوك يا عفو عفوك، وفي المحيا عفوك، وفي الممات
عفوك، وفي القبور عفوك، وعند النشور عفوك، وعند تطاير الصحف
عفوك، وعند ممر الصراط عفوك، وعند الميزان عفوك، وفي جميع
الأحوال عفوك يا عفو عفوك، قال أبو عمرو: (ورؤي) أبو عثمان
في المنام بعد وفاته بأيام، فقيل له ماذا انتفعت (من أعمالك في
الدنيا؟) فقال: بقولي عفوك عفوك.
259

[116] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر بن داود الزاهد،
حدثني محمد بن الفتح السامري، / حدثنا [عباس بن الربيع بن
ثعلب، حدثني أبي، حدثنا] يحيى بن عقبة، عن محمد بن
حجادة، عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من صلى
المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان، فقد أصاب من
ليلة القدر بحظ وافر ".
260

[17] وقد روينا، عن عقبة بن (أبي الحسناء) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من صلى العشاء
الآخرة في جماعة في رمضان، فقد أدرك ليلة القدر ".
[118] وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا (أبو الحسن
261

الطريفي)، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا القعنبي، فيما قرأ على
مالك أنه بلغه عن سعيد بن (المسيب) أنه كان يقول: من شهد
العشاء ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها.
262

باب
صلاة التراويح في شهر رمضان
[119] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس عبد الله بن
الحسين القاضي بمرو، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا
إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن
263

عروة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته
ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة
أو الرابعة، ولم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما
أصبح قال: / قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم
إلا إني خشيت أن تفرض عليكم، قال: وذلك في رمضان.
[120] أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد عبد الله بن بشران، حدثنا
إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا
264

عبد الرزاق، عن معمر، [عن] الزهري، عن أبي سلمة، عن
أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام
رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا
واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، فتوفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم والأمر على ذلك، في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر
رضي الله عنه.
265

[121] أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أخبرنا
(أبو الحسن) الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا يحيى بن
بكير، قال: وحدثنا القعنبي، فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب،
عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: خرجت
مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا
الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل
[فيصلي] (بصلاته) الرهط، فقال عمر بن الخطاب: والله إني
لأرى لو جمعت هؤلاء على / قارئ واحد، لكان أمثل، ثم عزم
فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس
يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون
266

عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون
أوله.
قال الشيخ رضي الله عنه: وهذا الذي منع أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، فإن كانت بدعة فهي بدعة محمودة لأنها لم
تكن بخلاف ما مضى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد روينا
أنهم صلوها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي، وإنما
تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجماعة خشيت أن تفرض
عليهم، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكمل الدين
وتناهت الفرائض، لم يخش عمر بن الخطاب ما خشي رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ورأى أن جمعهم على قارئ واحد أمثل، فأمر
به، وكان رضي الله عنه رشيدا لأمر كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه يقول: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر.
267

قال الشيخ رضي الله عنه: وقد روينا عن النبي صلى الله عليه
وسلم / أنه رأى بعض (أصحابه) يصلون بصلاة أبي بن كعب في
رمضان فحسنها وذلك فيما:
[122] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب، أخبرني
بكر بن مضر، وعبد الرحمن بن سلمان، عن ابن الهاد، أن
ثعلبة بن أبي مالك القرظي حدثه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات ليلة في رمضان، فرأى ناسا في ناحية المسجد يصلون،
فقال: " ما يصنع هؤلاء؟ "، قال قائل: يا رسول الله هؤلاء ناس ليس
لهم من معه قرآن وأبي بن كعب يقرؤهم معه، يصلون بصلاته،
قال: " قد أحسنوا "، أو " قد أصابوا "، ولم يكره ذلك لهم. قال ابن
وهب: وأحدهما يزيد على صاحبه الكلمة ونحوها.
268

[123] قال رضي الله عنه: ورواه أيضا مسلم بن خالد الزنجي،
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحو من
269

ذلك، وفيه دلالة على فعل صلاة التراويح بالجماعة أفضل، لمن لا
يكون حافظا للقرآن، فأما من كان حافظا، فقد ذهب ابن عمران أن
فعلها بالانفراد أولى، ومن قال / بقوله احتج بما:
[124] أخبرنا محمد بن عبد [الله] الحافظ، حدثنا أبو أحمد
بكر بن محمد الصيرفي بمرو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل
البلخي، حدثنا علي بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي
هند عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت،
270

قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حجرة يعني
من حصير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من
الليل فيصلي فيها، قال: فيتبع له رجال، فكانوا إذا رأوه يصلي
صلى الله عليه وسلم يصلون بصلاته، وكانوا يأتون كل ليلة حتى إذا
كان ليلة من الليالي، لم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا بابه، فخرج إليهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم مغضبا، فقال لهم: " أيها الناس ما زال بكم
صنيعكم، حتى ظننت أن ستكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في
بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ".
271

قال رضي الله عنه: ومن قال إن فعل صلاة التراويح بالجماعة
أفضل حمل حديث زيد بن ثابت على غير صلاة التراويح، أو على
زمان / النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يخشى أن تكتب عليهم.
وقد روينا في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال " إن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتبت له بقية
ليلة ".
وقد ذهب أكثر الصحابة إلى ما فعل عمر بن الخطاب من جمعه
الناس على قارئ واحد.
وكذلك روي عن علي بن أبي طالب وذلك فيما:
[125] أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الدينوري، حدثنا
موسى بن محمد بن علي بن عبد الله، حدثنا أحمد
272

ابن عيسى بن ماهان الرازي، ببغداد، حدثنا هشام بن عمار،
حدثنا مروان بن معاوية، عن أبي عبد الله الثقفي، حدثنا عرفجة
الثقفي، قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس
بقيام شهر رمضان، ويجعل للرجال إماما وللنساء إماما، وقال عرفجة:
(فكنت أنا إمام النساء).
273

باب ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان
في عهد عمر ومن بعده.
[126] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أخبرنا [أبو] الحسن
الطرائفي، حدثنا عثمان / بن سعيد، حدثنا ابن بكير، حدثنا
مالك، حدثنا القعنبي، فيما قرأ على مالك، عن محمد بن يوسف
ابن أخت السائب، عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر عمر بن
274

الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما للناس
إحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ (بالمئين) حتى كنا نعتمد
على العصى من طول القيام، وما كنا ننصرف (إلا في فروع)
الفجر.
هكذا في هذه الرواية، وهي موافقة لرواية عائشة رضي الله
عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدد ركعات قيامه في شهر
رمضان وغيره، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بهذا العدد
زمانا ثم أمر بما:
275

أخبرنا [أبو عبد الله الحسين] بن محمد بن الحسين
الدينوري، حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، حدثنا
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا
ابن أبي ذئب، عن يزيد (بن) خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال:
كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين
ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمائتين وكانوا (يتوكؤون) / على
عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام.
276

قال الشيخ رضي الله عنه: وبمعناه رواه يزيد بن رومان، عن
عمر بن الخطاب مرسلا.
وروينا عن (شتير) بن شكل وكان من أصحاب علي
277

رضي الله عنه أنه كان يؤمهم في شهر رمضان بعشرين ركعة ويوتر
بثلاث.
وعن سويد بن غفلة: أنه كان يؤمهم في رمضان فيصلي خمس
ترويحات عشرين ركعة.
وروينا عن أبي عثمان النهدي أنه قال: دعا عمر بن الخطاب
رضي الله عنه [بثلاث] قراء فاستقرأهم، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ
للناس في رمضان ثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمسا
وعشرين، وأمر أبطأهم أن يقرأ [للناس] عشرين آية.
[128] وقد أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو الحسن
الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا ابن بكير حدثنا مالك،
278

ح قال وحدثنا القعنبي، فيما قرأ على مالك، عن داود بن الحصين،
أنه سمع عبد الرحمن [بن] هرمز الأعرج، يقول: ما أدركت الناس
إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: (فكان) / القارئ يقوم
بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإذا قام بها في (اثنتي عشرة) ركعة
رأى أنه قد خفف.
[129] وبهذا الإسناد عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال:
279

سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل
الخادم بالطعام، مخافة الفجر.
[130] به ح وبهذا الإسناد عن مالك، عن هشام (بن) عروة، عن
أبيه أن ذكوان أبا عمرو كان عبدا لعائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم فأعتقته عن دبر منها، وكان (يقوم يقرأ لها) في رمضان.
[131] وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الدينوري، حدثنا
280

الفضل بن الفضل الكندي، حدثنا حمزة بن الحسين بن عمر
البغدادي، حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي، حدثنا حفص بن
عمر (العدني)، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قالت
عائشة رضي الله عنها: كنا نأخذ الصبيان من الكتاب ليقوموا بنا في
شهر رمضان، (فنعمل) لهم القلية والخشكنانج.
281

باب
" النهي عن استقبال شهر رمضان بصوم يوم أو يومين "
(يوما يتعلق به وجوب الصوم والإفطار)
[132] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه، / حدثنا
محمد بن أيوب، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا
يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم ولا
يومين، إلا رجل كان يصوم صوما، فليصم ذلك اليوم ".
283

[133] أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو جعفر محمد بن
(عمرو) الرزاز، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا روح بن عبادة،
حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا عمرو بن دينار أن محمد بن حنين
أخبره أنه سمع ابن عباس يقول: إني لأعجب من هؤلاء الذين
يصومون قبل رمضان، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدوا
ثلاثين.
284

وروينا عن عمار بن ياسر أنه قال: من صام يوم الشك، فقد
عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
وروينا في النهي عن يوم يوم الشك عن عمر بن الخطاب
وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس بن
مالك وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
285

باب
النية في الصوم
[134] حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود / العلوي
رحمه الله، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أبو
الأزهر، قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج، عن ابن
شهاب، عن سالم، عن ابن عمر، عن حفصة أن النبي
286

صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام
له قال رضي الله عنه: وبمعناه رواه يحيى بن أيوب وابن لهيعة
عن عبد الله بن أبي بكر عن ابن شهاب.
287

وهذا ورد في صوم الفرض، فأما التطوع فإنه يجوز بنية النهار
بدليل ما:
[135] أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني،
وأبو نصر أحمد بن علي القاضي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
الشيباني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا
شعبة وسفيان الثوري، كلاهما عن طلحة بن يحيى.
قال أبو عبد الله: وحدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا
يعلى بن عبيد، حدثنا طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة،
288

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة أم المؤمنين: " أصبح
عندكم شئ تطعمونا "، قالت ما أصبح عندنا شئ نطعمك، قال:
" فإني إذا لصائم "، ثم دخلت عليه عائشة فقالت: يا رسول الله أهديت
لنا هدية فخبأناها لك، قال: " وما هي؟ قالت: حيس قال: " أما
إني قد أصبحت وأنا صائم "، ثم أدنيتها منه فأكل.
289

هذا لفظ حديث يعلى، وفي رواية سفيان وغيره عن طلحة
عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي
صلى الله عليه وسلم بمعناه واللفظ مختلف.
290

باب
استحباب السحور
[136] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عبد الرحمن بن الحسن
القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا شعبة،
حدثنا عبد العزيز بن صهيب، قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تسحروا فإن في السحور
بركة ".
291

[137] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، قال:
أخبرني موسى بن علي عن أبيه، عن أبي قيس، عن عمرو بن
العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن (فصل) ما
292

بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة (السحر) ".
293

باب
ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور
[138] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي،
أخبرنا مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا
الفطر ".
294

[139] أخبرنا أبو بكر بن فورك، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا
يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا طلحة، عن عطاء،
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا
معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا، ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا
على شمائلنا في الصلاة ".
295

قال الشيخ رضي الله عنه: وإنما استحب تأخير السحور ما دام
يعلم بقاء الليل، وإنما استحب تعجيل الفطر إذا علم غروب
الشمس، فقد ورد التغليظ على من أفطر قبل غروب الشمس وهو
فيما:
[140] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا بحر بن نصر بن سابق، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سليم بن عامر الكلاعي، حدثني
أبو أمامة الباهلي، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتياني جبلا وعرا،
296

(فقالا) لي: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله /
لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات
شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم
انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، (تسيل)
أشداقهم دما، قال قلت: من هؤلاء؟ قال هؤلاء الذين يفطرون قبل
(تحلة صومهم) ".
297

باب
ما يستحب أن يفطر عليه
[141] أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن عبد الخالق المؤذن، حدثنا
علي بن محتاج بن حمويه الكشاني، حدثنا علي بن عبد العزيز
البغوي، حدثنا معلى بن أسد العمي، حدثنا عبد العزيز بن
المختار، عن عاصم الأحول، قال: حدثتني حفصة بنت
سيرين، عن (الرباب)، عن (عمها سلمان) بن عامر الضبي
298

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أفطر أحدكم، فليفطر
على التمر إن وجد، فإن لم يجد، فعلى الماء فإن الماء طهور ".
299

باب
استحباب الدعاء عند الفطر
[142] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن
عبد الرحمن الدباس بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي،
حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا الوليد بن / مسلم، حدثنا إسحاق
يعني ابن (عبيد الله) قال: سمعت عبد الله بن [أبي] بن مليكة،
300

يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " للصائم عند فطره: (دعوة)
ما ترد " قال: وسمعت عبد الله (يقول) عند فطره: اللهم إني
أسألك رحمتك التي وسعت كل شئ أن تغفر لي ذنوبي.
[143] وأخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا
أبو داود، حدثنا (مسدد)، حدثنا هشيم عن حصين، عن
301

معاذ بن زهرة، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
أفطر قال: " اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت ".
قال الشيخ رضي الله عنه: ورواه الثوري، عن حصين، عن
رجل عن معاذ، غير أنه قال: الحمد لله الذي أعانني فصمت،
ورزقني فأفطرت.
وروينا عن ابن عمر أنه كان يقول عند إفطاره: يا واسع المغفرة
اغفر لي.
302

باب
في فضل العيد
[144] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء،
حدثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، وحميد الطويل، عن
ابن / مالك قالا: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم
يومان يلعبون فيهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز
وجل قد أبدلكم بيومين هذين (يومين) خيرا منهما الفطر والأضحى ".
فزاد الحسن فيه فقال: أما يوم الفطر فصلاة وصدقة،
303

قال: يعني الصاع، وأما يوم الأضحى فصلاة ونسك، يعني ذبائحكم.
قال الشيخ رضي الله عنه، أما الكلام في يوم الأضحى فإنا
نوفره قال إلى ذكر ذي الحجة، وأما يوم الفطر فالأصل فيه قوله تبارك
وتعالى: (قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى) قيل في بعض
التفاسير: (قد أفلح من تزكى) بزكاة الفطر، (وذكر اسم ربه) بالتكبير
" فصلى " صلاة العيد.
[145] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد،
حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا محمد بن إسحاق
المسيبي، حدثنا عبد الله بن نافع، عن كثير بن عبد الله بن
304

عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: (قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه
فصلى) قال: هي زكاة الفطر ".
305

قال الشيخ رضي الله عنه: وروينا عن ابن عمر أنه كان /
يقول: (نزلت) هذه الآية في زكاة رمضان.
وعن أبي العالية: (قد أفلح من تزكى) قال: يعطي صدقة
ثم يصلي.
[146] وحدثنا أبو طاهر الفقيه رحمه الله، قال: أخبرنا أحمد بن
محمد بن يحيى بن بلال، حدثنا يحيى بن الربيع، حدثنا سفيان،
306

عن جعفر بن برقان، قال: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز تصدقوا
قبل الصلاة: (قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى، وقولوا
كما قال أبوكم (آدم) ربنا ظلمنا أنفسنا...) الآية، وقولوا كما
قال نوح عليه السلام: (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من
الخاسرين)، وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام: (والذي أطمع أن يغفر لي
خطيئتي يوم الدين)، وقولوا كما قال موسى عليه
السلام: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور
الرحيم)، وقولوا كما قال ذو النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني
307

كنت من الظالمين) وأراه كتب من لم يكن عنده ما يتصدق
به، فليصم، يعني - والله أعلم - بعد العيد
[147] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري رحمه الله،
حدثنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا محمود بن خالد
الدمشقي، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، حدثنا مروان،
حدثنا (أبو يزيد) الخولاني، حدثنا سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة / عن
308

عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم (عن) اللغو
والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي، زكاة مقبولة،
ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
[148] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا أبو عتبة، حدثنا ابن أبي فديك، حدثنا
309

الضحاك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان، على كل نفس من
المسلمين حر أو عبد، رجل أو امرأة، صغير أو كبير، صاعا من تمر
أو صاعا من شعير. قال ابن أبي فديك: والحنطة عندنا بمنزلة التمر
والشعير.
310

قال الشيخ رضي الله عنه: وروي هذا الحديث من وجه آخر عن
عبد الله بن ثعلبة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة
الفطر، ومن الزيادة، غني أو فقير، فأما الغني فيزكيه الله، وأما الفقير
فيرد عليه أكثر مما أعطاه.
[149] أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، إجازة أن أبا عبد الله محمد بن
علي الصنعاني، أخبرهم حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا
عبد الرزاق، قال: أخبرني / من سمع (ابن البيلماني)، يحدث عن
311

أبيه، عن ابن عمر قال: خمس ليالي لا يرد (فيهن) الدعاء، ليلة
الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلتا
العيد.
[150] أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى، حدثنا أبو العباس
الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي رحمه الله، حدثنا إبراهيم بن
محمد قال: قال ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي
312

الدرداء، قال: من قام ليلتي العيدين، (لله محتسبا)، لم يمت
قلبه حين تموت القلوب.
قال الشافعي رحمه الله: وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء
يستجاب في خمس ليال، فذكر ما روينا عن ابن عمر.
[151] وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد،
قال: رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي
صلى الله عليه وسلم ليلة العيدين، فيدعون ويذكرون الله حتى تذهب
ساعة من الليل.
313

قال الشافعي رحمه الله: وأنا استحب كلما حكيت في هذه
الليالي من غير أن يكون فرضا.
قال الشافعي رحمه الله: وأحب أن يكبر الإمام خلف المغرب
والعشاء والصبح وبين ذلك، وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى يوم
العيد / يعني يوم الفطر - واحتج بقول الله عز وجل (ولتكملوا
العدة) يعني عدة صوم شهر رمضان: (ولتكبروا الله على ما
هداكم) يعني عند إكماله على ما هداكم.
[152] وروى الشافعي رحمه الله بإسناده عن ابن عمر أنه كان يغدو
إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس، فيكبر حتى يأتي المصلى
يوم الفطر، ثم يكبر حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير.
314

[153] أخبرنا (أبو حازم عمر بن أحمد الحافظ)، أخبرنا أبو
أحمد محمد بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن
خزيمة، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي،
قال: حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع عن، عبد الله أن
315

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن
العباس، وعبد الله، والعباس، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين،
وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة، وأيمن بن أم أيمن، رافعا صوته
بالتهليل والتكبير، (فيأخذ طريق) الحدادين حتى يأتي المصلى،
فإذا فرغ رجع إلى الحذائين حتى يأتي منزله.
[154] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق
الفقيه، أخبرنا علي بن (عبد العزيز) حدثنا / أبو غسان مالك بن
إسماعيل، حدثنا زهير، حدثنا (عتبة) بن حميد الضبي، حدثنا
316

عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، قال: سمعت أنسا يقول: ما خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر حتى يأكل تميرات ثلاثا
أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر من ذلك وترا.
317

[155] أخبرنا (أبو سعد) عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، أخبرنا
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن رجاء، أخبرنا عبد الله بن سليمان بن
الأشعث، حدثنا محمد بن عبد العزيز الأزدي، حدثنا أصرم بن
حوشب، حدثنا محمد بن يونس الحارثي عن قتادة، عن
أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان
318

ليلة القدر نزل جبريل عليه السلام، في كبكبة من الملائكة يصلون
على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله، فإذا كان يوم عيدهم - يعني
يوم فطرهم - باهى بهم ملائكته، قال: يا ملائكتي ما جزاء أجير وفى
عمله قالوا ربنا جزاؤه أن يوفى أجره قال: ملائكتي عبيدي وإمائي
قضوا فريضتي عليهم، ثم خرجوا يعجون إلي بالدعاء، وعزتي وجلالي
وكرمي وعلوي [وارتفاع مكاني] لأجيبنهم، فيقول ارجعوا فقد
غفرت لكم، وبدلت سيأتكم حسنات، قال: فيرجعون مغفورا
لهم ".
تفرد به أصرم بن حوشب الهمذاني بهذا الإسناد، وقد رويناه في
الحديث الطويل في ليلة القدر.
وروي عن كعب الأحبار في فضل صوم شهر رمضان (وبروز)
المسلمين يوم الفطر لعيدهم ما:
[156] حدثنا عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، حدثنا عبد الله بن
319

محمد (الأشعري)، حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا عبد الله بن
عبد الله (البصري)، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا موسى بن
سعيد (الراسبي)، عن هلال بن عبد السلام الوزان، عن كعب
الأحبار، قال: أوحى الله تعالى إلى موسى صلى الله عليه وسلم إني
افترضت على عبادي الصيام وهو شهر رمضان، يا موسى من وافى القيامة وفي
صحيفته عشر رمضانات، فهو من الأبدال، ومن وافى القيامة وفي
صحيفته عشرون فهو من المخبتين، ومن وافى القيامة وفي صحيفته
ثلاثون رمضان فهو من أفضل الشهداء عندي ثوابا، [يا موسى] إني
آمر حملة عرشي إذا دخل شهر رمضان أن يمسكوا عن العبادة، فكلما
دعا صائمو رمضان بدعوة أن يقولوا آمين، وإني أوجبت / على نفسي
أن لا أرد دعوة صائمي رمضان، يا موسى إني ألهم في رمضان
السماوات والأرض والجبال والطير والدواب والهوام، أن يستغفروا
لصائمي رمضان، يا موسى اطلب ثلاثة ممن يصوم رمضان، فصل
معهم، وكل واشرب معهم، فإني لا أنزل عقوبتي ولا نقمتي في بقعة
فيها ثلاثة ممن يصوم رمضان، يا موسى إن كنت مسافرا فاقدم، وإن
كنت مريضا فمرهم أن يحملوك، وقل للنساء الحيض والصبيان
الصغار أن يبرزوا معك حيث (يبرز) صائمو رمضان وعند تصرم
رمضان، وإني لو أذنت لأرضي وسمائي لسلمتا عليهم ولكلمتاهم
320

وبشرتاهم بما أخبرهم، إني أقول: عبادي الذين صاموا رمضان ارجعوا
إلى رحالكم فقد أرضيتموني وجعلت ثوابكم من صيامكم أن أعتقكم
من النار، وأن أحاسبكم حسابا يسيرا، وأنا أقيل العثرة، وإن أخلف
لكم النفقة، وإني لا أفضحكم بين يدي أحد، وعزتي لا تسألوني شيئا
بعد صيام رمضان وموقفكم هذا من آخرتكم إلا أعطيتكم، ولا
تسألوني شيئا من أمر دنياكم إلا نظرت لكم.
[157] أخبرنا / أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله السمسار
ببغداد، حدثنا أحمد بن (سلمان) الفقيه، حدثنا عبد الله بن أبي
الدنيا، حدثني هارون بن عبد الله، حدثنا محمد بن يزيد بن
خنيس، قال: تفرق الناس ذات يوم من العيد، فرأى وهيب
321

- يعني ابن الورد - الناس وهم يمرون به في ذلك الزي، فنظر إليهم
ساعة ثم قال: عفى الله عنا وعنكم لئن كنتم أصبحتم مستيقنين أن الله
عز وجل قد يقبل منكم هذا الشهر، لقد كان ينبغي لكم أن تصبحوا
مشاغيل عما أنتم فيه، بطلب الشكر، وإن (كانت) الأخرى خائفين
(ألا) يكون تقبل منكم، لقد كان ينبغي لكم أن تكونوا أشغل قلوبا
عما أنتم فيه اليوم.
[158] وأخبرنا أبو القاسم، أنبأنا أحمد، حدثنا عبد الله،
حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي، حدثنا سفيان، قال: رأى
وهيب قوما يضحكون يوم الفطر فقال: إن كان يقبل منهم صيامهم فما
هذا فعل الشاكرين، وإن كان هؤلاء لم يقبل منهم صيامهم فما هذا
322

فعل الخائفين.
[159] حدثنا أبو سعد الزاهد، حدثنا محمد بن عبد الواحد
الخزاعي، حدثنا محمد بن هارون الثقفي، حدثنا أحمد بن
محمد بن مسروق، / حدثنا محمد بن الحسين، حدثني أبو الحسين
الباقي، حدثنا سلمان بن سالم الحلبي، قال: مر غزوان
323

الرقاشي ونظر إلى الناس في يوم العيد يزاحم بعضهم بعضا
فبكى، فقال: ما رأيت شيئا أشبه بوقوف القيامة من هذا اليوم، ثم
رجع إلى منزله مريضا.
324

باب
فضل صوم شوال
[160] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله، وأبو
محمد بن عبد الله بن يوسف الأصفهاني، قالا: حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا محاضر بن
المورع، حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري، أخبرني عمرو بن ثابت
الأنصاري، قال: سمعت أبا أيوب الأنصاري، يقول سمعت
325

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صام رمضان ثم أتبعه ستا
من شوال فذاك صيام الدهر ".
[161] أخبرنا أحمد بن الحسن، ومحمد بن موسى، قالا:
326

حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا
عبد الله بن يوسف، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني يحيى بن
الحارث أنه سمع أبا أسماء الرحبي يحدث عن ثوبان مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم [أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم / قال: صيام شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعده بشهرين
فذاك تمام السنة، يعني رمضان وستة أيام بعده.
327

[162] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا ابن أبي السري، قال: حدثنا بقية الحمصي، عن إسماعيل بن بشير، عن
328

عكرمة عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار ".
[163] أخبرنا أبو منصور (الظفر) بن محمد بن أحمد العلوي
[فيما قرأت عليه من أصله] حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن
دحيم، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، أخبرنا الفضل بن
دكين، وعبيد الله بن موسى، قالا: حدثنا هارون بن سلمان،
329

حدثني مسلم بن عبيد الله القرشي أن أباه أخبره أنه سأل النبي
صلى الله عليه وسلم أو سئل [النبي صلى الله عليه وسلم] عن
الصوم، فقال يا رسول الله: أصوم الدهر كله؟ فسكت عنه،
ثم سأله الثانية؟ [فسكت]، ثم [سأله] الثالثة? فقال: يا نبي الله أصوم
الدهر كله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: " من
السائل عن الصوم؟ " فقال: أنا يا نبي الله، فقال: " إن لأهلك عليك
حقا، صم رمضان / والذي يليه وكل أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر ".
330

قال رضي الله عنه: كذلك قال عنهم مسلم بن عبد الله، وقيل:
عن عبيد الله بن موسى عن هارون عن عبيد الله بن مسلم القرشي
عن أبيه.
قال الشيخ رضي الله عنه: ولشهر شوال فضيلة أخرى وهو أنه
من أشهر الحج التي قال الله عز وجل: (الحج أشهر معلومات).
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا عبد الله بن نمير عن
عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر (الحج أشهر معلومات)
قال: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
331

قال رضي الله عنه: وروينا عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن
مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير مثل ذلك، وإنما أراد
بالعشر من ذي الحجة عن ليال، فإذا طلع الفجر من يوم العاشر فقد
ذهب وقت الإهلال بالحج.
[165] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا علي بن حمشاد،
حدثنا محمد بن إسحاق بن / جزيمة / حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو
خالد الأحمر، عن شعبة بن الحجاج، عن الحكم عن
332

مقسم، عن ابن عباس، قال: لا يحرم بالحج إلا في أشهر
الحج، فإن من سنة الحج، أن يحرم بالحج، في أشهر الحج.
[166] أخبرنا أبو طاهر الفقيه أخبرنا أبو حامد بن بلال، حدثنا
محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا المحاربي، عن سفيان، عن
ابن جريج، عن عطاء، قال: من أحرم بالحج في غير أشهر
الحج، (جعلها) عمرة.
333

قال الشيخ رضي الله عنه ولشهر ذي القعدة وذي الحجة فضيلة
أخرى وهي أنهما من أشهر الحرم، وقد ذكرنا فضيلة الأشهر الحرم عند ذكر رجب.
334

باب
في فضل شهر ذي الحجة
قد ذكرنا أن شهر ذي الحجة من الأشهر الحرم، وذكرنا بعض
ما بلغنا في فضل الأشهر الحرم في ذكر رجب.
[167] أخبرنا القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد بن
الهيثم، أخبرنا أحمد بن محمود بن خرزاذ الكازروني، حدثنا
موسى بن إسحاق الأنصاري، حدثنا خالد بن زيد، حدثنا يزيد بن
عبد الملك، عن صفوان / بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي
سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيد
335

الشهور شهر رمضان، وأعظمها حرمة ذو الحجة ".
336

باب
تخصيص الأيام العشر من ذي الحجة بالاجتهاد
في العمل فيهن لما فيهن من الفضائل
قال الله تعالى: " والفجر (1) وليال عشر (2) والشفع والوتر.
[168] حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن
بالويه، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا
(سفيان)، عن الأغر (عن خليفة بن حصين بن قيس) عن أبي
337

نصر) عن ابن عباس (والفجر) قال: فجر النهار (وليال عشر)
قال: عشر الأضحى (هل في ذلك قسم لذي حجر) قال: لذي
حجا.
[169] وأخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن بكر الطوسي الفقيه،
338

حدثنا أبو بشر الحاضري، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير،
حدثنا عبد الله بن هاشم، حدثنا يحيى، حدثنا عوف، حدثنا
زرارة بن أوفى، قال: قال ابن عباس: العشر التي أقسم الله
بهن ليالي عشر ذي الحجة، - والشفع يوم الذبح، والوتر - يوم
339

عرفة.
[170] قال رضي الله عنه: وفي حديث (خير) بن نعيم عن أبي
الزبير عن جابر قال: قال رسول الله / صلى الله عليه وسلم:
(والفجر (1) وليال عشر قال: العشر عشر الأضحى، - والوتر - يوم
عرفة، - والشفع - يوم النحر ".
340

وهذا فيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا الحسن علي بن
محمد بن (عبيد) القرشي أخبرهم، حدثنا الحسن بن علي بن عفان
العامري، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا (عياش بن عقبة
الحضرمي)، حدثنا (خير) بن نعيم فذكره.
[171] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار [حدثنا] أبو معاوية، عن
341

الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل
الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني العشر "، قالوا يا
رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ [قال: " ولا الجهاد في
سبيل الله، قال:] إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع منها
بشئ ".
342

[172] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو علي الحسين بن
علي الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، حدثنا
العباس بن الوليد الرملي، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، حدثنا
يحيى بن أيوب البجلي، عن عدي بن ثابت، عن / سعيد بن
جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما
343

من أيام أفضل عند الله، ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز وجل من
هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير فإنها أيام
التهليل والتكبير وذكر الله، وإن صيام يوم منها يعدل صيام سنة،
والعمل فيهن يضاعف (سبعمائة) ضعف ".
[173] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن
القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس هو الأصم، حدثنا أحمد بن
عبد الجبار، حدثنا ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن
مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه، من
عمل فيهن من هذه الأيام، أيام العشر، فأكثروا فيها من التحميد
والتهليل والتكبير ".
344

قال رضي الله عنه: ورواه علي بن عاصم، عن يزيد فزاد
فيه - والتسبيح - غير أنه قال عن ابن عباس بدل ابن عمر.
[174] أخبرنا أبو سعد بن أبي عثمان الزاهد، أخبرنا أبو عمرو بن
مطر، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا محمد بن عبد الرحمن
العنزي، حدثنا مسعود بن واصل، حدثنا النهاش بن (قهيم)
345

من عن قتادة، عن / سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام من أيام الدنيا العمل
فيها أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيها من أيام العشر، يعدل صيام
كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة بقيام ليلة القدر ".
[175] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى، قالا:
حدثنا أبو العباس هو الأصم، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا
أسد بن موسى، حدثنا أبو عوانة، عن الحر بن الصباح، عن
346

هنيدة بن خالد عن امرأته، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم لتسع ذي
الحجة ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من
الشهر وخميسين.
347

قال رضي الله عنه: وهذا الحديث أولى مع ما سبق ذكره من
الحديث الذي روي عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط، (لأن) هذا مثبت فهو
أولى من النافي.
348

باب
في فضل يوم عرفة
قال الله تعالى فيما أقسم به: (وشاهد ومشهود).
[176] أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، حدثنا إسماعيل بن
محمد الصفار، حدثنا أبو قلابة، / حدثنا (عمرو) بن مرزوق،
حدثنا شعبة، عن يونس بن عبيد، عن عمار مولى بني هاشم،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
(وشاهد ومشهود) قال: " الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة
349

[177] قال الشيخ: ورواه علي بن زيد، عن عمار عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم.
[178] فروي أيضا عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اليوم الموعود) يوم القيامة،
و (الشاهد) يوم الجمعة، و (المشهود) يوم عرفة.
وروي من أوجه أخر مرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
350

[179] حدثنا أبو منصور (الظفر) بن محمد بن أحمد العلوي
إملاء، وأبو عبد الله الحافظ، وأبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن
(مأتي) بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا جعفر بن
عون، عن أبي العميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن
شهاب [عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه] أن رجلا من اليهود
قال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو
وعلينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
351

دينا)، فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي /
أنزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يوم
جمعة.
قال رضي الله عنه: وروينا عن ابن عباس أنها نزلت يوم عرفة،
يوم الجمعة.
[180] أخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب،
حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني، حدثنا ابن وهب، عن مخرمة بن
352

بكير، عن أبيه، قال: سمعت يونس يحدث عن سعيد بن
المسيب، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم] قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه
عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي الملائكة فيقول:
ما أراد هؤلاء ".
353

قال الشيخ رضي الله عنه: قوله - وإنه ليدنو - يعني والله أعلم
برحمته لقوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) يعني
قريب برحمتي وسرعة إجابتي لعبادي.
[181] أخبرنا علي بن محمد بن بشران، حدثنا أبو بكر أحمد بن
سلمان الفقيه، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو
نعيم، حدثنا مرزوق، عن أبي الزبير عن، جابر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم عرفة فإن الله تبارك
وتعالى يباهي بهم الملائكة فيقول انظروا إلى عبادي أتوني / شعثا
غبرا ضاجين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم "،
354

(فتقول الملائكة، إن فيهم فلانا مراهقا وفلانا قال: يقول الله تعالى:
قد غفرت لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فما من يوم
أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ".
قال الشيخ رضي الله عنه: فروي من وجه آخر عن أبي الزبير
وفيه من الزيادة - يسألوني رحمتي ويتعوذون بي من عذابي ولم
يروني أخبرنا -.
[182] أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني،
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم
العبدي، أخبرنا ابن بكير، حدثنا مالك، عن إبراهيم بن أبي
355

عبلة، عن طلحة بن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ما رؤي الشيطان يوما [هو] فيه أصغر ولا (أدحر) ولا أحقر
ولا أغيظ، منه يوم عرفة، وما ذاك إلا مما يرى من تنزيل الرحمة
(وتجاوز) الله من الذنوب، إلا ما رأى يوم بدر ".
هذا مرسل حسن، وروي من وجه آخر ضعيف، عن طلحة عن
أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[183] أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله النخعي /
356

بالكوفة، قال: أخبرنا أبو جعفر بن دحيم، حدثنا أحمد بن
حازم، حدثنا (عبيد الله) بن موسى، أخبرنا سكين بن
عبد العزيز، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان الفضل بن عباس
ردف النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، قال: فجعل الفتى يلاحظ
النساء، وينظر إليهن، [وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف
بيده ووجهه خلفه، وجعل الفتى يلاحظهن] فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إن هذا يوم، من ملك فيه سمعه وبصره
ولسانه غفر له ".
357

باب
في فضل صوم يوم عرفة
[184] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو
عبد الرحمن السلمي، قالوا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب،
حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا روح بن عبادة وعمرو بن حكام
قالا: حدثنا شعبة قال: سمعت غيلان بن جرير يحدث عن
358

(عبد الله) بن معبد الزماني، عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: يكفر السنة
الماضية، والسنة القابلة.
[185] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عمر محمد بن (عبد
الواحد) الزاهد، قال: حدثنا محمد بن عثمان العبسي، حدثنا
359

أحمد بن (عبد الرحمن) / بن بكار، حدثنا الوليد بن مسلم،
حدثنا سليمان بن موسى، حدثني دلهم بن صالح، عن أبي
إسحاق، عن مسروق أنه دخل على عائشة رضي الله عنها يوم
360

عرفة، فقال: اسقوني، فقالت: يا جارية اسقيه عسلا، وما أنت يا
مسروق
بصائم؟ فقال: لا، إني أتخوف أن يكون يوم أضحى، فقالت
عائشة: ليس كذلك، يوم عرفة، يعرف الإمام، ويوم النحر، ينحر
الإمام، أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يعدله بصوم ألف عام.
[186] ورواه أيضا سليمان بن أحمد الواسطي، عن الوليد بن
مسلم، فقال في الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " صيام عرفة كصيام ألف يوم ".
361

[187] وروي من وجه آخر عن مسروق عن عائشة أنها قالت: ما
من يوم من السنة أصومه أحب إلي من يوم عرفة. أخبرنا أبو طاهر
الفقيه، أخبرنا أبو بكر القطان حدثنا إبراهيم بن الحارث، حدثنا
يحيى بن أبي (بكير)، حدثنا شعبة (عن)، أبي قيس، قال:
362

سمعت (هزيلا) يحدث عن مسروق فذكره.
[188] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أحمد بن سهل
الفقيه، حدثنا صالح / بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن
عمرو بن جبلة، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثني هارون بن
موسى، قال: سمعت الحسن، يحدث عن أنس بن مالك قال:
363

كان يقال في أيام العشر كل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف،
قال: يعني في الفضل.
قال الشيخ رضي الله عنه: وهذا إنما يختلف باختلاف
الصائمين، في الإخلاص والتحفظ في الصوم، فكل من كان أشد
تحفظا وأكثر يقينا كان صومه أكثر ثوابا وبالله التوفيق.
وهذا إنما يستحب لغير الحاج وأما الحاج فقد قال الشافعي
رحمه الله ترك صوم عرفة للحاج، أحب إلي من صوم يوم
[عرفة] لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صوم يوم عرفة،
والخير في كل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن المفطر
أقوى في الدعاء من الصائم وأفضل الدعاء يوم عرفة.
[189] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه،
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد الله بن (مسلمة) القعنبي،
عن مالك بن أنس فيما قرأت عليه عن أبي النضر مولى عمر بن
364

عبد الله، عن عمير مولى ابن عباس عن أم الفضل (بنت)
الحارث أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم،
فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه.
365

[190] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: أخبرنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو داود
الطيالسي، حدثنا حوشب بن عقيل، حدثني مهدي، عن عكرمة،
عن أبي هريرة قال نهى: رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم
يوم عرفة بعرفات.
366

باب
فضل الدعاء يوم عرفة
[191] أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني
أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم
العبدي، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا مالك، عن زياد (بن)
أبي زياد مولى ابن عباس، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الدعاء يوم عرفة وأفضل
ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ".
367

قال رضي الله عنه: هذا مرسل حسن، وقد روي من حديث
مالك موصولا بإسناد آخر فوصله ضعيف، وروي من وجه آخر منها:
[192] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أخبرنا / أبو الحسن
أحمد بن الحسن بن يزيد القزويني بالري، حدثنا محمد يعني ابن
مسندة الأصفهاني، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا محمد بن أبي
حميد، حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:
368

" كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير، وهو
على كل شئ قدير ".
قال الشيخ رضي الله عنه: هذا وإن كان ثناء فإنما، سماه دعاء،
لأن الثناء مقدمة الدعاء فسماه باسمه، وأيضا فقد:
[193] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن الروذباري، أخبرنا
369

الحسين بن الحسن النسوي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا
الحسين بن الحسن المروزي وكان جاور بمكة حتى مات بها، قال:
سألت سفيان بن عيينة عن (تفسير) قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم " أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير "، وإنما هي
ذكر ليس فيه دعاء، قال سفيان: سمعت حديث منصور عن مالك بن
الحارث " يقول الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل
ما أعطي السائلين "؟. قلت: نعم، قال: ذلك تفسير هذا، ثم قال: /
أتدري ما قال أمية حين أتى ابن جدعان يطلب نائلة قلت لا قال:
لما أتاه قال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حياؤك إن شيمتك الحياء
370

إذ أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضك الثناء
وقال غيره: من تعرضه الثناء، قال سفيان: فهذا مخلوق حين
ينسب إلى الجود، قيل: يكفينا من تعرضك الثناء عليك حتى تأتي
على حاجتنا فكيف بالخالق.
قال الشيخ رضي الله عنه: وبمعنى هذا أيضا أجاب سالم بن
عبد الله فيما:
[194] أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي المجاور بمكة، قدم
علينا بخسروجرد، أخبرنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم بن السري
371

(ابن يحيى التميمي) بالكوفة، حدثني [أبي] أبو القاسم بن
السري، حدثنا أبي أبو عبيدة السري بن يحيى التميمي، حدثنا
عثمان بن زفر، حدثنا صفوان بن أبي الصهباء، عن بكير بن
عتيق، قال حججت فتوسمت رجلا أقتدي به، فإذا رجل (معفر)
لحيته، وإذا هو سالم بن عبد الله، فإذا هو في الموقف يقول لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو
على كل شئ قدير، لا إله إلا الله، إلها واحدا ونحن له مسلمون، /
لا إله إلا الله ولو كره المشركون، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا
الأولين، قال: فلم يزل يقول هذا حتى غابت الشمس، ثم نظر إلي
372

فقال: (قد رأيت لوذانك بي اليوم) ثم قال: حدثني أبي عن أبيه
عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله
تبارك وتعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي
السائلين.
قال الشيخ الإمام أحمد البيهقي رضي الله عنه: وقد روي في
حديث آخر ليس بالقوي ما:
[195] أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أخبرنا أبو محمد بن
373

حيان الأصفهاني، حدثنا محمد بن العباس، حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي، حدثنا (عبيد الله) بن موسى، حدثنا موسى بن
عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن علي بن أبي طالب رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثر دعائي ودعاء
الأنبياء من قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، اللهم اجعل في قلبي نورا،
وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، اللهم اشرح لي صدري، ويسر
374

لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدور، وشتات الأمور، وفتنة
القبر، اللهم إني أعوذ بك / من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج
في النهار، وشر ما تهب به الرياح، ومن شر بوائق الدهر ".
قال رضي الله عنه: فروي أيضا عن خليفة بن حصين، عن
النبي صلى الله عليه وسلم.
[196] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن
إبراهيم الحافظ بهمذان، حدثنا علي بن الحسن بن عبد الصمد
375

الطيالسي علان الحافظ، حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، حدثنا
عبد الرحمن بن محمد الطلحي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد
المحاربي، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن
جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من
مسلم يقف عشية [عرفة] بالموقف، فيستقبل القبلة، بوجهه ثم
يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو
على كل شئ قدير، مائة مرة، ثم يقرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة،
ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وعلينا معهم مائة [مرة]،
إلا قال الله تبارك وتعالى يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا، سبحني،
وهللني، وكبرني، وعظمني، وعرفني، وأثنى علي، وصلى على نبيي،
376

اشهدوا / ملائكتي، أني قد غفرت له، وشفعته في نفسه ولو سألني
عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف كلهم ".
قال: كذلك قال شيخنا عبد الرحمن بن محمد الطلحي،
والصواب عبد الله.
377

باب
مسألة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته عشية عرفات
[197] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن
يعقوب، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز،
حدثنا ابن جريج عن حسين بن عبد الله الهاشمي، عن عكرمة،
عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة
يداه إلى صدره كاستطعام المسكين.
378

[198] وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، حدثنا أبو
بكر محمد بن الحسين بن الحسن القطان، حدثنا علي بن الحسن
الهلالي، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا عبد القاهر بن السري،
حدثنا ابن كنانة ابن مرداس السلمي، عن أبيه، عن جده
عباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية يوم
عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء فأوحى الله إليه: إني قد
فعلت، إلا طلم بعضهم لبعض. / وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد
379

غفرتها، فقال: يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من
مظلمته وتغفر لهذا الظالم، فلم يجبه تلك العشية فلما كان غداة
المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله تعالى: إني قد غفرت لهم، قال:
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض أصحابه: يا
رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها، قال: " تبسمت من
عدو الله إبليس، إنه لما علم أن الله تعالى قد استجاب لي في أمتي
أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثو على رأسه التراب ".
380

قال الشيخ رضي الله عنه: يحتمل أن تكون هذه الإجابة في
الظلم في العاقبة، حتى لا يخلد في النار بظلمه الذي هو دون
الشرك، فيحتمل أن يكون في الابتداء قبل أن يعاقبه بشئ من ذنوبه،
فسبيلنا أن نجتنب من المظالم ما استطعنا. وبالله التوفيق.
قال الشيخ رضي الله عنه: وفي كتاب الله وفي سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم دلالة على أن ما دون الشرك من الذنوب في
مشيئة الله تعالى قال الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء).
[199] / وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن
يعقوب، حدثني محمد بن نعيم، حدثني إسماعيل بن سالم،
أخبرنا هشيم، حدثنا خالد عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث
381

(الصنعاني) عن عبادة بن الصامت، قال: أخذ علينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم، كما أخذ على النساء، ألا نشرك بالله شيئا، ولا
نسرق، ولا نزن، ولا نقتل أولادنا، ولا (يعضه) بعضنا بعضا،
فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو
كفارته، ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء (غفر له).
382

قال رضي الله عنه: ما وقع ما دون الشرك في مشيئة الله تعالى،
إن كان في مشيئته تعذيب بعضهم فإنه لا يدوم، ويخرج من النار،
ويرد إلى الجنة بإيمانه: قال الله عز وجل: (إن الله لا يظلم مثقال
ذرة) وقال: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) وفي تخليد
المؤمن في النار مع الكفار تضييع ما أحسن من الإيمان بالله وكتبه
ورسله. وقال الله عز وجل: إنا لا نفعل ذلك.
[200] حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، حدثنا أبو
سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان / بن عيينة،
سمع عمرو بن دينار، جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول: " إن الله يخرج قوما من النار
فيدخلهم الجنة ".
383

[201] وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، حدثنا إسماعيل بن محمد
الصفار، حدثني محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا يعلى بن عبيد،
عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " أن لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت
دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة وهي نائلة منكم - إن شاء الله
تعالى - من مات لا يشرك بالله شيئا ".
384

[202] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو بكر بن عبد الله،
أخبرنا (الحسن بن سفيان)، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن
وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبي سفيان
حدثه أن أبا هريرة قال لكعب الأحبار: إن نبي الله صلى الله عليه
وسلم قال: إن لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته،
وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي إلى يوم القيامة، فهي نائلة - إن
شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا " قال كعب لأبي
هريرة: أنت سمعت / هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال
385

أبو هريرة: نعم.
[203] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا ابن وهب،
أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن
حارثة الثقفي أخبره أن كعبا قال لأبي هريرة: ألا أخبرك عن
إسحاق بن إبراهيم النبي عليه السلام، قال أبو هريرة: بلى، قال
كعب: (لما رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق) قال الشيطان: والله لئن
لم أفتن أحدا منهم أبدا، فتمثل الشيطان لهم رجلا يعرفونه، فأقبل
حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة امرأة إبراهيم
فقال لها: أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق، قالت سارة: غدا لبعض
حاجته، قال الشيطان: لا والله ما غدا لذلك، قالت سارة: فلم غدا
به؟ قال: غدا به ليذبحه، قالت سارة: ليس من ذلك شئ، لم يكن
ليذبح ابنه، قال الشيطان: بلى والله، قالت سارة: ولم يذبحه؟)
386

قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قالت سارة: فقد أحسن أن يطيع ربه
إن كان أمره بذلك، (فخرج الشيطان من عند سارة حتى) أدرك
إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، قال: أين / أصبح أبوك غاديا؟ قال:
غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله وقد غدا بك
ليذبحك، قال إسحاق: ما كان أبي ليذبحني، قال: بلى، قال:
لم؟ قال: [زعم] أن ربه أمره بذلك، قال إسحاق: [فوالله] إن
أمره ليطيعنه، فتركه الشيطان، وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين
أصبحت غاديا بابنك؟ قال: غدوت لبعض حاجتي، قال: لا والله ما
غدوت إلا لتذبحه، قال: ولم أذبحه؟ قال: زعمت أن الله أمرك
بذلك، قال فوالله إن كان أمرني لأفعلن، قال: فلما أخذ إبراهيم
إسحاق ليذبحه سلم [الله] إسحاق عافاه وفداه بذبح عظيم، قال
إبراهيم لإسحاق، قم أي بني، فإن الله قد أعفاك، وأوحى الله إلى
إسحاق: إني أعطيتك دعوة استجبت لك فيها، قال إسحاق، اللهم
فإني أدعوك أن تستجيب لي، أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا
يشرك بك شيئا فأدخله الجنة.
387

[20] وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، حدثنا أبو منصور النضروي،
حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن
محمد، عن شريك بن عبد الله، عن عطاء بن يسار، قال: خرج
نبي الله إبراهيم / بابنه إسماعيل وناس يقولون: هو إسحاق، فذكر
معنى ما روينا عن كعب، ثم قال إبراهيم: (يبني إني أرى في المنام
أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن
شاء الله من الصبرين) ويا أبت أوثقني رباطا لا ينتضح عليك من
دمي، فقام إليه إبراهيم بالشفرة، فبرك عليه فجعل ما بين لبته إلى منخره
نحاسا، لا تحيك فيه الشفرة، ثم إن إبراهيم التفت (وراءه) فإذا
388

هو بكبش، فقال له:
يا بني قم فإن الله عز وجل قد فداك، فذبح
إبراهيم الكبش وترك ابنه، ثم إن إبراهيم قال: يا بني إن الله قد
أعطاك بصبرك اليوم، فسل اليوم ما شئت تعطه، قال: فإني أسأل ألا
يلقاه عبد له، مؤمن به، يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا
غفر له، وأدخله الجنة.
[205] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو القاسم الحسن بن محمد
المفسر، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الدرداء
هاشم بن محمد الأنصاري، حدثنا عتبة بن السكن، عن إسماعيل
(ابن عياش)، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس
389

[70 أ] قال: إنما سميت تروية وعرفة، لأن / إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي
في منامه أن يذبح ابنه، فروى في نفسه: أمن الله هذا أم من
الشيطان؟ وأصبح صائما، فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي، فعرف أنه
الحق من ربه، فسميت عرفة، كذا قال في هذه الرواية.
[206] وروي أبو الطفيل عن ابن عباس أن إبراهيم عليه السلام
لما ابتلي، يعني بذبح ابنه أتاه، يعني جبريل عليه السلام، فأراه
مناسك الحاج، ثم ذهب به إلى عرفة، قال: فقال ابن عباس: فهل
تدري لم سميت العرفة عرفة؟ قلت: ولم؟، قال: إن جبريل عليه
السلام قال لإبراهيم: هل عرفت؟ قال: نعم قال ابن عباس: فمن
ثم سميت عرفة.
390

باب
الدعاء ليلة جمع وهي عشية عرفة ليلة النحر
[207] حدثنا أبو عبد الله الحافظ وعبدان بن يزيد الدقاق بهمذان،
حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا
(عزرة) بن قيس، حدثتنا أم الفيض مولاة (عبد الملك بن مروان)
قالت: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ما من عبد ولا أمة دعا الله
ليلة عرفة بهذه الدعوات، وهي عشر كلمات، ألف مرة إلا (لم
391

يسأل) الله شيئا إلا أعطاه إياه إلا قطيعة / رحم، أو مأثم: سبحان
الذي في السماء عرشه سبحان الذي في الأرض موطئه، سبحان
الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي
في الجنة رحمته، سبحان الذي في القبور قضاؤه، سبحان الذي في
الهواء روحه، سبحان الذي رفع السماء، سبحان الذي وضع
الأرضين، سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه. قالت أم
الفيض فقلت لعبد الله بن مسعود: أنت سمعت هذا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
392

قال الشيخ رضي الله عنه: ورواه عاصم بن علي عن
(عزرة) بن قيس بإسناده، وزاد: قال: تكون على وضوء، فإذا فرغت
من آخره صليت على النبي صلى الله عليه وسلم، واستأنفت حاجتك.
393

باب
في فضل يوم النحر
قال الله تعالى: (فصل لربك وانحر)، قال قتادة: الصلاة
صلاة الأضحى، والنحر نحر البدن. وهي رواية الكلبي عن أبي
صالح عن ابن عباس قال: يقول: صل لربك قبل أن تذبح، ثم انحر
البدن. قال الكلبي: ويقال في قوله: (وانحر) يعني: استقبل القبلة
بنحرك إذا كبرت.
وروي عن علي / وابن عباس وأنس بن مالك رضي الله عنهم
394

أنهم قالوا: هي وضع اليمين على الشمال في الصلاة عند النحر.
[208] وروي من وجه آخر عن علي مرفوعا عن جبريل عليه
السلام أنه قال: إنها ليست بنحر، ولكنه يأمرك أن ترفع يديك إذا
كبرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع.
وروينا عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة أنهم قالوا في هذه
الآية: فصل الصلاة، وانحر البدن.
[209] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، حدثنا أبو
بكر بن (محمويه) العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي،
395

حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا (زبيد الأيامي) قال:
سمعت الشعبي يحدث عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم
نرجع فننحر (فمن) فعل ذلك فقد أصاب السنة، ومن نحر قبل
الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شئ، فقال
رجل من الأنصار يقال له أبو بردة بن نيار: يا رسول الله [إني] قد
ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة فقال له: " اجعلها مكانها ولن
توفي، أو لن تجزي عن / أحد بعدك ". فرواه مطرف عن الشعبي
396

وقال في الحديث: جذعة من المعز.
397

[210] أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان
البغدادي بها، حدثنا عبد الله بن جعفر النحوي، حدثتا يعقوب بن
سفيان، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، عن
إسحاق بن بزرج، عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: أمرنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب
بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد، والبقرة عن سبعة،
والجزور عن سبعة، وأن تظهر التكبير، وعلينا السكينة والوقار.
398

[211] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو
عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا
عارم بن الفضل، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن
عقيل، عن [عبد] الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه أن النبي
399

صلى الله عليه وسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين عظيمين موجوءين،
فأضجع أحدهما، فقال: " بسم الله والله أكبر، اللهم / هذا عن
محمد، [ثم أضجع الآخر فقال: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا
عن محمد وأمته] فمن شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ ".
وروي من وجه آخر في هذا الحديث في الكبش الأول: " عن
محمد وآل محمد ".
[212] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي،
400

عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي
عياش، عن جابر قال: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم كبشين
يوم العيد، فلما وجههما قال: " إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا
أول المسلمين، قال: اللهم منك ولك، عن محمد وأمته وسمى
وذبح ".
401

ورواه إبراهيم، (بن طهمان عن محمد بن إسحاق وقال في
الحديث: " وجهها إلى القبلة حين ذبح ".
وقيل: عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن خالد بن أبي عمران
عن أبي عياش عن جابر رضي الله عنه).
[213] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد،
حدثنا إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم، حدثنا معقل بن مالك، حدثنا
(النضر) بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير
402

عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " / يا
فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من
دمها كل ذنب عملته، وقولي: (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
قلت: يا رسول الله، هذا لك ولأهل بيتك خاصة، فأهل ذلك أنتم، أم
للمسلمين عامة؟ قال بل للمسلمين عامة.
قال الشيخ رضي الله عنه: والسنة لمن أراد أن يضحي أن لا
يأخذ من شعره، ولا من ظفره، إذا أهل هلال ذي الحجة حتى
يضحي.
403

[214] أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن (عمر) الحمامي
المقرئ ببغداد، أخبرنا أحمد بن (سلمان)، حدثنا عبد الملك بن
محمد، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا شعبة، عن مالك بن أنس،
عن عمر أو عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل العشر، وأراد
أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ".
404

قال الشافعي رضي الله عنه: وفي هذا الحديث دلالة على أن
الضحية ليست بواجبة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
405

" فأراد أحدكم أن يضحي " ولو / كانت واجبة أشبه أن يقول: " فلا يمس
من شعره حتى يضحي " ولم يعلقه بالإرادة،
قال الشيخ رضي الله عنه: والسنة في عيد الأضحى أن لا يأكل
حتى يذبح أضحيته بعد الصلاة، ثم يرجع فيأكل من كبد أضحيته.
[215] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، حدثنا أحمد بن عبيد،
حدثنا أبو مسلم، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا ثواب بن
عتبة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر، حتى يطعم، ولا يأكل يوم
الأضحى حتى يرجع، فيأكل من كبد أضحيته.
406

ورواه عقبة بن الأصم، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: وفي
الحديث " حتى يرجع فكان إذا رجع أكل من كبد أضحيته " كما لا يجوز
صوم هذا اليوم، كما لا يجوز صوم يوم الفطر.
[216] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن
الحسن البزاز، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق
الفاكهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن مسرة، حدثنا المقرئ،
407

حدثنا موسى بن علي بن رباح قال: سمعت أبي يحدث عن
عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يوم عرفة،
ويوم النحر، وأيام التشريق / (عيدنا) أهل الإسلام، وهي أيام أكل
وشرب ".
قال الشيخ رضي الله عنه: وأراد بالفطر يوم عرفة في حق
الحاج، والمعنى في فطرهم هذه الأيام.
[217] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا (محمد) بن عبد الله بن
408

الجراح العدل بمرو، حدثنا عيسى بن عبد الله القرشي، حدثنا
صدقة بن حرب الدينوري، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، قال،
سمعت أبا سليمان الداراني عبد الرحمن بن عطية، قال: سئل
علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الوقوف بالجبل ولم [لم]
يكن في الحرم؟ قال: لأن الكعبة بيت الله، والحرم باب الله،
فلما قصدوه وافدين أوقفهم بالباب يتضرعون. قيل: يا أمير المؤمنين،
فالوقوف بالمشعر الحرام؟ قال (لأنه) لما أذن لهم بالدخول إليه
أوقفهم بالحجاب الثاني، وهو مزدلفة فلما أن طال تضرعهم أذن لهم
بتقريب قربانهم بمنى، فلما قضوا تفثهم، وقربوا قربانهم فتطهروا بها
من الذنوب التي كانت لهم أذن لهم بالزيارة إليه على الطهارة
قيل: يا أمير المؤمنين، فمن أين حرم الصيام في أيام التشريق؟
409

قال: لأن القوم (زوار الله وهم في / ضيافته) ولا يجوز لضيف أن
يصوم دون إذن من أضافه. قيل يا أمير المؤمنين، فتعلق الرجل بأستار
الكعبة لأي معنى هو؟ قال: هو مثل الرجل بينه وبين صاحبه جناية،
0 (فيتعلق بثوبه، ويتنصل) إليه - أي يتضرع ليهب له جنايته.
قال الشيخ رضي الله عنه: وليوم النحر فضيلة أخرى، وهي
أن الله تعالى سماه يوم الحج الأكبر.
[218] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ محمد بن عبد الله، وأبو محمد
عبد الله بن يوسف الأصفهاني، قالا: أخبرنا عبد الله بن محمد بن
إسحاق الفاكهي بمكة، حدثنا (أبو يحيى بن أبي مسرة)، حدثنا أبو
جابر، قال: حدثنا هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر،
410

قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات
في حجة الوداع، فقال: أي يوم هذا؟ (قالوا يوم النحر)، قال:
فأي البلد هذا؟ قالوا: البلد الحرام قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: الشهر
الحرام، قال: هذا يوم الحج الأكبر، فدماؤكم وأموالكم، وأعراضكم
عليكم حرام، كحرمة هذا البلد، في هذا اليوم، ثم قال: " هل
بلغت؟ " قالوا: نعم، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" اللهم اشهد " ثم ودع الناس، / فقالوا: هذه حجة الوداع.
قال الشيخ رضي الله عنه: إنما سماه يوم الحج الأكبر، لوقوع
كثير من أعمال الحج فيه، وهي رمي جمرة العقبة ضحى يوم
النحر، وذبح النسيكة وحلق الشعر، وطواف الزيارة، وإن جاز تأخير
بعضها فالسنة فعلها في هذا اليوم، وهو أيضا من أيام العشر التي
411

سماهن الله تعالى الأيام المعلومات، وحض على أن يذكروه فيها
على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.
412

باب
في فضل أيام التشريق
قال الله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات)
[219] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عفان بن مسلم، عن
هشيم، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
الأيام المعلومات أيام العشر، والمعدودات أيام التشريق.
413

[220] وأخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس، حدثنا إبراهيم،
حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، قال رأيت
ابن عباس يكبر يوم النحر بمكة، ويتلو: (واذكروا الله في أيام
معدودات). [221] أخبرنا أبو القاسم / عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق
المؤذن، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب، حدثنا محمد بن
إسماعيل الترمذي، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، [حدثني أبو
414

بكر بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال]، عن يحيى بن سعيد
أنه سمع يوسف بن مسعود بن الحكم الأنصاري ثم الزرقي يحدث
إن جدته حدثته أنها رأت، وهي بمنى في زمان رسول الله صلى الله
عليه وسلم راكبا يصيح يقول: (أيها) الناس، []، إنها أيام
أكل وشرب ونساء وبعال وذكر الله تعالى قالت: فقلت من هذا؟ قالوا:
علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
415

قال الشيخ رضي الله عنه: إنما كان ينادي بذلك عن أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد، والله أعلم، بالنساء والبعال
بيان إباحة مباشرتهن للحاج بعد التحلل برمي جمرة العقبة، والحلق،
وطواف الزيارة، وهو كقوله عز وجل: (وإذا حللتم فاصطادوا)
يعني الإباحة بعد التحريم.
وأما ذكر الله فقد روينا أيضا في حديث نبيشة عن النبي
صلى الله عليه وسلم: " أيام التشريق، أيام أكل وشرب، وبعال،
وذكر الله ".
والمراد بالذكر، والله أعلم، التكبير في أيام التشريق، يبتدئ
به [] يوم الأضحى، خلف صلاة الظهر، إلى أن يكبر خلف
صلاة الصبح، من آخر أيام التشريق، وهذا القول مروي عن ابن
عمر، وابن العباس، وروي أيضا عن عثمان، وزيد بن ثابت، وأبي
سعيد الخدري.
416

وقد استحب الشافعي، رحمه الله، ما حكي عن بعض السلف
أنه كان يبتدئ بالتكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة، والأصل فيه
ما:
[222] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك،
حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا بشر بن عمر وأبو
نعيم، قالا: حدثنا مالك بن أنس، عن محمد بن أبي بكر
الثقفي، قال: قلت لأنس بن مالك ونحن غاديان من منى إلى عرفة
كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ قال: كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر
عليه.
417

[223] وأخبرنا أبو عبد الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه،
حدثنا (عبد الله) بن محمد، حدثنا هناد، حدثنا حسين بن علي،
عن زائدة، عن عاصم، عن شقيق / قال: كان علي يكبر بعد
418

صلاة الفجر غداة عرفة، ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام
التشريق، ثم يكبر بعد العصر.
[224] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبو بكر محمد بن
أحمد بن بالويه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي،
حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا الحكم بن فروخ، عن عكرمة، عن
ابن عباس أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام
التشريق.
419

قال الشيخ رضي الله عنه: وروي فيه عن النبي صلى الله عليه
وسلم بإسناد فيه ضعف وهو ما:
[225] أخبرنا أبو عبد الله، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إسحاق
البغوي ببغداد، حدثنا أبو قلابة، حدثنا نائل بن نجيح، حدثنا
(عمرو بن شمر، عن جابر، يعني الجعفي، عن عبد الرحمن بن
سابط) وأبي جعفر، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله
420

عليه وسلم كان إذا صلى الصبح غداة عرفة قال لأصحابه: " على
مكانكم " ثم يقول: " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد " فيكبر عن غداة عرفة إلى صلاة
العصر من أيام التشريق.
قال الشيخ رضي الله عنه: تابعه عبد الرحمن بن مسهر، عن
421

عمرو بن شمر دون ذكر أبي جعفر مختصرا.
وروي من وجه آخر كما:
[226] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، / أخبرنا (أبو) الحسن علي بن
محمد بن عقبة الشيباني، حدثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي،
حدثنا سعيد بن عثمان، حدثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن، حدثنا
(فطر) بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن علي (وعمار) رضي الله
422

عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات
ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر
من يوم عرفة، صلاة الغداة، ويقطعها صلاة العصر، آخر أيام
التشريق.
قال الشيخ رضي الله عنه: قال لنا أبو عبد الله الحافظ: لا أعلم
في رواته منسوبا إلى الجرح.
423

[227] أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد
الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر،
عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، قال: (كان
سلمان) يعلمنا التكبير يقول: كبروا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
كبيرا - أو قال: تكبيرا، اللهم أنت أعلى وأجل من أن تكون لك
صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون
لك ولي من الذل، وكبره تكبيرا، اللهم اغفر لنا، اللهم ارحمنا، ثم
قال: والله لتكتبن هذه، لا تترك هاتان، ولتكونن شفعا لهاتين.
قال الشيخ: ولهذه الأيام فضيلة أخرى، وهي أنها أيام رمي
الجمرات الثلاث بعد الزوال، وهي أيام الذبح، حتى [إن] كل من
لم ينحر / هديه أو أضحيته يوم النحر، فنحرها في هذه الأيام جاز،
424

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أيام التشريق كلها
ذبح ".
425

باب
في فضل شهر المحرم
قال الله عز وجل فيما أقسم به: (والفجر (1) وليال عشر).
[228] [أخبرنا أبو نصر بن قتادة]، أخبرنا أبو منصور النضروي،
حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا نوح بن
قيس، حدثنا عثمان بن محصن أن ابن عباس كان يقول في
(والفجر (1) وليال عشر) قال: الفجر هو " المحرم " فجر السنة.
426

قال الشيخ رضي الله عنه: وشهر المحرم من الأشهر الحرم التي
قد خصهن الله بالذكر في كتابه، وكان أهل الجاهلية يعظمونه، غير أن
بعض العرب كانوا يحرمونه [عاما] ويحلونه عاما، ويجعلون بدله
صفرا، فأبطل الله تعالى حلمهم، وأنزل قوله تعالى: (إن عدة الشهور
عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) إلى آخر الآيات التي يروون
في هذا المعنى.
[229] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ محمد بن عبد الله، حدثنا أبو
نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، أخبرنا قيس بن أنيف، حدثنا
قتيبة، حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن محمد [عن] ابن
أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إن الزمان قد استدار كهيئته يوم / خلق الله السماوات والأرض، السنة
اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ": ذو القعدة، وذو
427

الحجة، والمحرم، ورجب [شهر] مضر، الذي بين جمادى
وشعبان، ثم قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، (قال:
فسكت) حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟
قلنا بلى يا رسول الله [قال] فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله
أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس
البلدة هي؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: فأي يوم هذا؟
قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه،
قال: أليس هذا يوم النحر؟ فقلنا: بلى يا رسول الله، قال: فإن
دماءكم وأموالكم - قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم - عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم
فيسألكم عن أعمالكم فلا ترجعن بعدي ضلالا، يضرب بعضكم
رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فلعل بعض من
يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه، (قال: فكان محمد -
يعني ابن سيرين - إذا ذكره يقول: صدق رسول الله صلى الله عليه
428

وسلم / وقد كان ذلك) ثم، قال: ألا هل بلغت؟ ".
قال الشيخ رضي الله عنه: فصار قتال المسلمين وقتلهم وأخذ
أموالهم بغير حق محرما في جميع السنة بهذا الحديث وغيره، وصارت
زيادة حرمة الأشهر في تغليظ الدية في قتل الخطأ، وتضعيف
[الإثم] بالظلم فيهن، وتضعيف الأجر بالطاعة فيهن. وبالله التوفيق.
[230] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه،
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل
ومسدد [قالا]، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن
عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله
المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل ".
429

[231] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن
عثمان بن يحيى الأدمي ببغداد، حدثنا أبو جعفر أحمد بن حرب
(حباب)، حدثنا عثمان بن مسلم، حدثنا أبو عوانة، عن
430

عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن
عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة قال: سمعت رسل الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " أفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة
الليل، وأفضل الصيام، بعد شهر رمضان، / شهر الله الذي تدعونه
المحرم ".
[232] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
431

يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا (أبو) معاوية، عن
عبد الرحمن بن إسحاق، عن ابن سعد قال: أتى عليا رجلا فقال:
يا أمير المؤمنين، أخبرني شهرا أصومه بعد رمضان، قال (لقد
سألت) عن شئ ما سمعت أحدا يسأل عنه بعد رجل (سأل) عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن كنت صائما شهرا بعد
رمضان، فصم المحرم، فإنه شهر الله، وفيه [يوم] تاب قوم، ويتاب على آخرين ".
432

باب
تخصيص يوم عاشوراء بالذكر
[233] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق،
أخبرنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا
أيوب السختياني، أخبرني عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن
ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود
تصوم يوم عاشوراء، فقال: " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ " قالوا: هذا
يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى، وأغرق فرعون فيه، فصامه موسى
شكرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فنحن أحق بموسى
منكم " فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، / وأمر بصيامه.
434

[234] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن
يعقوب، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا (مسدد)،
حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت
435

معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة
عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: " من كان أصبح صائما
فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا (فليتم) بقية يومه " قالت: وكنا
نصومه بعد ذلك، ونصوم صبياننا الصغار، ونجعل لهم اللعبة من
العهن، ونذهب بهم إلى المسجد، فإذا بكى أحدهم على الطعام
أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار.
436

[235] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري
ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور،
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج عن (عبيد الله) بن أبي يزيد أنه
سمع ابن عباس يقول: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتحرى صيام يوم يلتمس فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم
عاشوراء، وشهر رمضان.
437

[236] أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن علي
المهرجاني، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن
علي بن عفان حدثنا (أبو) داود / الحفري، عن سفيان، عن
منصور، عن أبي الخليل، عن حرملة الشيباني، عن مولى لأبي
قتادة، [عن أبي قتادة] قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " صوم عاشوراء كفارة سنة، وصوم عرفة كفارة سنتين، سنة قبله
438

وسنة بعده ".
قال الشيخ الإمام رضي الله عنه: وهذا فيمن صادفه صومه وله
سيئات يحتاج إلى ما يكفرها، فإن صادفه صومه وقد كفرت سيئاته
بغيره انقلبت زيادة في درجاته، وبالله التوفيق.
قال الشيخ رضي الله عنه: وروي في فضل صوم يوم عاشوراء
حديث في إسناده بعض من يجهل.
[237] وأخبرنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي
قراءة عليه، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي رحمه الله إملاء قالا:
439

أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا
(عبد الرحمن) بن منيب، حدثنا حبيب بن محمد المروزي،
(عن) إبراهيم الصائغ، عن ميمون بن (مهران) عن ابن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام يوم عاشوراء
كتبت له عبادة ستين سنة، بصيامها وقيامها، ومن صام يوم عاشوراء،
أعطي ثواب عشرة آلاف ملك ومن صام، عاشوراء أعطي ثواب ألف
440

حاج ومعتمر، / ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف
شهيد، ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سماوات، ومن أفطر
عنده مؤمن في يوم عاشوراء، فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد عليه
السلام، ومن أشبع جائعا في يوم عاشوراء، فكأنما أطعم جميع فقراء
أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأشبع بطونهم، ومن مسح يده على
رأس يتيم في يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة على رأسه درجة في
الجنة " قال: قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله لقد فضلنا الله عز
وجل في يوم عاشوراء، قال: نعم، خلق الله السماوات في يوم
عاشوراء، الأرضين كمثله، وخلق العرش في يوم عاشوراء، والكرسي
كمثله، وخلق الجبال في يوم عاشوراء، والنجوم كمثله، وخلق القلم
في يوم عاشوراء واللوح كمثله، وخلق جبريل عليه السلام في يوم
عاشوراء، وملائكته في يوم عاشوراء، وخلق آدم عليه السلام في يوم
عاشوراء، وحواء كمثله، وخلق الجنة في يوم عاشوراء، وأسكن آدم
عليه السلام في يوم عاشوراء وولد إبراهيم خليل الرحمن في يوم
عاشوراء ونجاه الله من النار في يوم عاشوراء، وفداه الله عز وجل في
يوم عاشوراء، وأغرق / فرعون في يوم عاشوراء، ورفع إدريس عليه
السلام في يوم عاشوراء، وكشف الله عن أيوب في يوم عاشوراء،
ورفع عيسى بن مريم في يوم عاشوراء، وولد في يوم عاشوراء،
وتاب الله على آدم في يوم عاشوراء، وغفر ذنب داود عليه السلام في
يوم عاشوراء، وأعطي ملك سليمان في يوم عاشوراء، وولد النبي عليه
سلام في يوم عاشوراء، واستوى الرب عز وجل على العرش في يوم
عاشوراء، ويوم القيامة في يوم عاشوراء ".
441

قال القاضي أبو بكر: استوى من غير مماسة، ولا حركة كما
يليق بذاته.
قال الشيخ رضي الله عنه: هذا حديث منكر وإسناده ضعيف
بمرة، وأنا أبرأ إلى الله من عهدته، وفي متنه ما لا يستقيم، وهو ما
روي فيه من خلق السماوات والأرضين والجبال كلها في يوم عاشوراء،
والله تعالى يقول: (الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام
ثم استوى على العرش) ومن المحال أن تكون السنة كلها في يوم
عاشوراء، فدل ذلك على ضعف هذا الخبر والله أعلم.
واختلفوا في صوم يوم عاشوراء، هل كان واجبا في الابتداء ثم
نسخ أو لم يكن واجبا قط، فمن زعم أنه كان واجبا في الابتداء ثم /
نسخ استدل بما:
[238] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله
المزني، حدثنا علي بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو اليمان،
442

أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة
رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام
يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض صيام شهر رمضان،
كان من شاء صام عاشوراء، ومن شاء أفطر.
443

قال الشيخ رضي الله عنه: ومن زعم أنه لم يكن واجبا قط وهو
الصحيح احتج بما:
[239] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه، حدثنا
عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، عن ابن
شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع معاوية بن
أبي سفيان يوم عاشوراء عام حج وهو على المنبر يقول: يا أهل
المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن هذا اليوم يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، فمن شاء
فليصم، ومن شاء فليفطر ".
444

قال الشيخ: قوله (ولم يكتب عليكم صيامه) يدل على أنه
لم يكن واجبا / قط لأن لم للماضي وفيه ما دل على أن أمره بصومه
كان على طريق الاستحباب.
قال الشيخ: ورواه عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنها عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم عاشوراء: " يوم كان يصومه
أهل الجاهلية، فمن أحب أن يصومه فليصمه، ومن أحب أن يتركه
فليتركه ".
445

باب
استحباب صوم اليوم التاسع مع العاشر
[240] حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي إملاء،
حدثنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل، حدثنا عبد الله بن حماد
الآملي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب،
حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف يقول:
446

سمعت عبد الله بن عباس يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله (إنه يوم
تعظمه) اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فإذا كان العام المقبل، صمنا [يوم] التاسع إن شاء الله تعالى "،
قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم. [241] أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو الفضل بن حمرويه،
حدثنا ابن نجدة، حدثنا أحمد / بن يونس، حدثنا ابن أبي
ذئب، عن القاسم بن (عباس) أو ابن عياش، عن عبد الله بن
447

عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن عشت إن شاء الله إلى قابل، صمت التاسع "، قال: مخافة أن
يفوته يعني يوم عاشوراء -.
قال الشيخ رضي الله عنه: وقد أشار الشافعي، رضي الله عنه
في صوم يوم التاسع إلى هذا المعنى.
[242] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري
448

ببغداد، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور،
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء أنه سمع ابن
عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود.
قال الشيخ رضي الله عنه: وهذا موقوف على ابن عباس، وهو
يوافق رواية أبي غطفان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
في عزمه على صيام التاسع مخالفة لليهود، وهو أحد المعنيين في
يوم صوم التاسع مع العاشر، وقد روي من وجه آخر مرفوعا كما:
[243] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد (المقرئ)، أخبرنا
الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي،
حدثنا أبو الربيع، حدثنا هشيم، حدثنا ابن أبي ليلى، عن
449

داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، وصوموا
قبله يوما (أو) بعده يوما ".
450

باب
ما روي في التوسيع على / العيال في يوم عاشوراء
[244] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن السقا الفقيه
الإسفراييني حدثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله البزاز ببغداد، حدثنا
جعفر بن محمد بن (كزال)، حدثني علي بن مهاجر البصري،
حدثنا هيصم بن شداخ الوراق، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم،
452

عن علقمة، عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من وسع على عياله يوم عاشوراء، وسع الله عليه في سائر سنته ".
[245] وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا خالد بن خداش، حدثنا
453

عبد الله بن نافع، حدثني أيوب بن سليمان بن (ميناء)، عن رجل
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من وسع على أهله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته.
قال الشيخ رضي الله عنه: فروي من وجهين آخرين عن جابر
وأبي هريرة مرفوعا.
454

باب
في الاكتحال يوم عاشوراء
[246] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عبد العزيز بن محمد بن
إسحاق [حدثنا علي بن محمد] الوراق، حدثنا الحسين بن
بشر، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا جويبر، عن الضحاك،
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ".
455

قال الشيخ رضي الله عنه: / وكذلك رواه بشر بن حمدان بن
بشر بن القاسم النيسابوري، عن عمه الحسين بن بشر، ولم أر ذلك
في رواية غيره، وجويبر ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس والله
أعلم.
456

باب
في فضل يوم الجمعة
قال الله تعالى فيما أقسم (وشاهد ومشهود).
[247] أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إسماعيل البزار
بطابران، حدثنا عبد الله بن أحمد بن منصور الطوسي، حدثنا
محمد بن إسماعيل الصائغ، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا موسى بن
عبيدة، أخبرني أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليوم الموعود يوم
القيامة، والشاهد، يوم الجمعة، والمشهود، يوم عرفة ".
قال الشيخ رضي الله عنه: ومما فضل الله تعالى به هذا اليوم أن
457

جعله وقتا لما فرض عليهم من صلاة الجمعة وخص المسلمين من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة
من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع).
قال قتادة فالسعي أن تسعى يا ابن آدم بقلبك وعملك وهو
المشي إليها.
[248] أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، حدثنا جدي
يحيى بن / منصور القاضي، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا هناد بن
458

السري حدثنا ابن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي
حازم، عن أبي هريرة، وعن ربعي، عن حذيفة اليماني قالا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضل الله عن الجمعة من كان
قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله
بنا فهدانا ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم
تبع لنا يوم القيامة، ونحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم
القيامة، المقضي (لهم قبل) الخلائق ".
459

قال الشيخ رضي الله عنه.
[249] وروينا في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال في قصة ذكرتها: " تدرين على ما حسدونا - يعني
اليهود -؟ قالت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنهم حسدونا على القبلة
التي هدينا لها، وضلوا عنها، وعلى الجمعة التي هدينا لها وضلوا
عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين ".
[250] أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو محمد بن يوسف قالا: أخبرنا أبو بكر
القطان، حدثنا إبراهيم بن الحارث، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا
زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد (بن) عقيل، عن عبد الرحمن بن
460

يزيد، عن أبي لبابة بن / عبد المنذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إن يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظمها عند الله من يوم
الفطر ويوم الأضحى، وفيه خمس خلال: خلق الله تعالى فيه
آدم، وفيه أهبط من الجنة آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله تعالى آدم
وفيه ساعة لا يسأل الله العبد شيئا إلا أتاه، ما لم يسأل حراما،
وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبال ولا بحر إلا هن
يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة ".
461

[251] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أخبرنا أحمد بن
محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا ابن بكير،
حدثنا مالك.
قال: وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، عن يزيد (بن)
عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أنه قال: خرجت إلى الطور،
فلقيت كعب الأحبار، فجلست معه، فحدثني عن التوراة، وحدثته عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان فيما حدثته، أن قلت: قال
رسول الله صلى لله عليه وسلم، " خير يوم طلعت فيه الشمس، يوم
الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه
تقوم الساعة، وما من دابة / إلا وهي مسيخة يوم الجمعة، من حين
تصبح حتى تطلع الشمس، شفقا من الساعة، إلا الجن والإنس، وفيه
ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله تعالى فيها شيئا إلا
462

أعطاه الله إياه "، فقال كعب: ذلك في كل سنة يوم، فقلت: بل هو
في كل جمعة، قال: وقرأ كعب التوراة، فقال صدق رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فقال أبو هريرة، فلقيت (بصرة بن أبي بصرة
الغفاري) فقال: من أين أقبلت: قال: قلت: من الطور، قال: لو
أدركتك قبل أن تخرج إليه، ما خرجت، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " لا تعمل [المطي] إلا إلى (ثلاثة مساجد)،
المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا، وإلى مسجد إيلياء، أو بيت
المقدس " يشك أيهما قال: [فقال] أبو هريرة، ثم لقيت عبد الله بن
سلام، فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار، وما حدثته في يوم
الجمعة، فقلت: له قال كعب ذلك في كل سنة يوم، فقال عبد الله:
كذب كعب، فقلت: نعم، ثم قرأ كعب التوراة، فقال: بل هي في
كل جمعة، فقال عبد الله بن سلام: صدق كعب، ثم قال عبد الله بن
سلام: قد علمت أية ساعة هي، قال أبو هريرة: / فقلت له: فأخبرني
بها ولا تصمت عني، قال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة من يوم
الجمعة، [قال أبو هريرة: وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة]
463

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يصادفها عبد مسلم وهو
يصلي " وتلك ساعة لا يصلى فيها؟، فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جلس مجلسا ينتظر الصلاة،
فهو في صلاة حتى يصلي؟ " قال أبو هريرة قلت: بلى، قال: هو
ذاك.
قال الشيخ رضي الله عنه: قوله (مسيخة) يعني مصيخة، قال أبو
سليمان الخطابي رحمه الله: معناه مصغية مستمعة، فقال: أصاخ
واستاخ هذه بمعنى واحد.
464

قال الشيخ رضي الله عنه: وقد روي (عن) النبي صلى الله
عليه وسلم ما يوافق قول عبد الله بن سلام في بيان ساعة الجمعة.
[252] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، قال قرئ علي ابن وهب، حدثك
عمرو بن الحارث، عن الجلاح مولى عبد العزيز أن أبا سلمة بن
عبد الرحمن، حدثه عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه (قال:).
" يوم الجمعة لا يوجد عبد مسلم، (يسأل) الله شيئا إلا آتاه
إياه، فالتمسوها / آخر ساعة بعد العصر ".
465

قال الشيخ رضي الله عنه: روي عن فاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنها، إذا تدلى عين الشمس للغروب.
وروي من وجه آخر:
[253] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن
سليمان بن الأشعث، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن صالح،
حدثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي بردة
(ابن) أبي موسى الأشعري، قال: قال لي عبد الله بن عمر: أسمعت
466

أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة
الجمعة؟ [قال] قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن
يقضي الصلاة ".
قال الشيخ رضي الله عنه: وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يعلم هذه الساعة بعينها ثم أنه أنسيها كما نسيت ليلة القدر، ليستغرق
العبد جميع النهار بالذكر والدعاء.
[254] أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي
ببغداد، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو (الرزاز)، حدثنا
467

عبد الكريم بن الهيثم (أبو) يحيى القطان، حدثنا الربيع بن نافع
أبو توبة، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا أبو معبد حفص بن
غيلان، عن طاووس، / عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى يبعث الأيام يوم القيامة
على هيئتها، ويبعث الجمعة زهراء منيرة، أهلها يحفون بها كالعروس
تهدى إلى كريمها تضيئ لهم يمشون في ألوانهم كالثلج بياضا،
وريحهم يسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور، ينظر إليهم
الثقلان، لا يطرقون تعجبا، حتى يدخلون الجنة لا يخالطهم أحد إلا
المؤذنون المحتسبون ".
468

[255] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا الحسن بن يعقوب
العدل، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا نصر بن علي
الجهضمي]، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا هشام، عن محمد بن
469

سيرين، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهن ".
زاد فيه غيره عن هشام - ما اجتنبت الكبائر -.
[256] أخبرنا أبو أسامة محمد بن أحمد المقرئ بمكة، أخبرنا
470

أبو بكر محمد بن علي بن الحسن النقاش، حدثنا أحمد بن علي بن
المثنى، حدثنا محمد [بن] بحر الهجيمي، حدثنا يحيى بن
(سليم) الطائفي، حدثنا الأزور بن غالب البصري، عن ثابت
471

البناني، وسليمان التيمي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن لله عز وجل في كل جمعة / ستمائة ألف عتيق،
يعتقهم من النار كلهم قد استوجبوا النار ".
472

فصل
في فرض صلاة الجمعة
قال الله تعالى: (وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر
الله).
[257] أخبرنا أبو علي بن الحسين بن محمد الروذباري، وأبو عبد الله
الحافظ، قالا: حدثنا الحسين بن (الحسن) بن أيوب الطوسي،
حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا (أبو) توبة، حدثنا معاوية بن
سلام، عن أخيه زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام، يقول:
473

حدثني الحكم بن ميناء، أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة حدثاه، أنهما
سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو على أعواد منبره:
" لينتهين أقوام عن ودعهم (الجمعات)، أو ليختمن [الله] على
قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين ".
474

[258] أخبرنا أبو منصور الظفر بن محمد بن أحمد العلوي، أخبرنا
أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم [بن] أبي
(غرزة)، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا زهير، عن (أبي)
إسحاق، بن أبي الأحوص، عن عبد الله هو ابن مسعود: أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال، لقوم يتخلفون عن الجمعة: " لقد هممت
أن آمر رجلا / يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون، عن
الجمعة بيوتهم ".
475

[259] أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله
البصري، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا خالد بن مخلد،
حدثنا محمد بن جعفر، حدثني محمد بن عمرو بن علقمة، عن
عبيدة بن سفيان الحضرمي، عن (أبي الجعد) الضمري، قال:
476

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ترك الجمعة، ثلاث مرات،
تهاونا بها طبع [الله] على قلبه "
[260] أخبرنا (أبو طاهر الفقيه)، أخبرنا أبو عثمان، حدثنا
477

محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا يعلى بن عبيد، حدثنا محمد بن
عمرو بن علقمة فذكر بإسناده مثله.
[261] أخبرنا (أبو) الحسين علي بن محمد بن بشران ببغداد،
أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا محمد بن عبد الملك
الدقيقي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا فضيل بن مرزوق، حدثني
الوليد بن بكير، حدثنا عبد الله بن محمد، عن علي بن زيد،
478

عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم على منبره يقول: " يا أيها الناس توبوا إلى الله
عز وجل قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة، وصلوا الذي
بينكم وبين ربكم، بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية،
تؤجروا وتحمدوا وترزقوا، واعلموا أن الله عز وجل قد فرض
عليكم الجمعة، فريضة مكتوبة في مقامي هذا، في شهري هذا في
عامي هذا، إلى يوم القيامة، من وجد إليها سبيلا، فمن تركها في
حياتي أو بعدي جحودا بها، واستخفافا بها، وله إمام جائر أو عادل
فلا جمع الله شمله، [ألا] ولا بارك [الله] له في أمره ألا، ولا
صلاة له، ألا، ولا وضوء له، ألا ولا زكاة له، ألا، ولا حج له،
ألا، ولا بر له، حتى يتوب، فإن تاب، تاب الله عليه، ألا ولا
(تؤمن) امرأة رجلا، ألا، ولا يؤمن أعرابي مهاجرا، ألا، (ولا
يؤمن) فاجرا مؤمنا، إلا أن يقهره (سلطان) يخاف سيفه
وسوطه ".
479

قال الشيخ رحمه الله:
[262] ورواه أيضا عبيد بن يعيش، عن الوليد بن بكير بإسناده غير
أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة،
فقال: " يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، من قبل أن تموتوا وبادروا
بالأعمال الصالحة الزاكية، من قبل أن تشغلوا " ثم ساق الحديث
بمعناه، وهذا الحديث / تفرد به بهذا الإسناد عبد الله بن محمد العدوي
هذا والله أعلم.
حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا أبو بكر (أحمد) بن طاهر
النسوي بنسا، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أيوب البجلي، حدثنا
480

(عبيد) بن يعيش فذكره.
[263] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله، حدثنا أبو بكر بن
إسحاق الفقيه أخبرنا (عبيد) بن محمد العجل، حدثني العباس بن
عبد العظيم، حدثني إسحاق بن منصور، حدثنا هريم بن
سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن
مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، عن النبي
481

صلى الله عليه وسلم، قال: " الجمعة حق واجب على كل مسلم في
جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ".
قال الشيخ رضي الله عنه: تفرد بوصله عبيد العجل، ورواه أبو
داود السجستاني عن عباس، دون ذكر أبي موسى.
[264] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو بكر أحمد بن
482

(سلمان) الفقيه، حدثنا محمد بن الهيثم، حدثنا محمد بن
كثير، قال: سمعت الأوزاعي، يقول: كان عندنا رجل صياد يسافر
يوم الجمعة، يصطاد ولا ينتظر الجمعة، فخرج يوما فخسف ببغلته،
فلم يبق منها / إلا أذنها.
قال الشيخ رضي الله عنه: وروينا:
[265] عن مجاهد، أن قوما سافروا يوم الجمعة حين زالت
الشمس، فاضطرم عليهم خبأهم، من غير أن يروا نارا.
483

قال الشيخ رضي الله عنه: هذا لأن حضور الجمعة يتعين بعد
زوال الشمس، فإذا تركها من غير عذر، استحق الوعيد إلا أن
يعفو الله، فأما إذا كان مسافرا فلا بأس له بترك الجمعة.
[266] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد،
حدثنا علي بن الحسن بن بيان، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا
محمد بن طلحة بن مصرف، عن الحكم (بن) عمرو عن ضرار بن
(عمرو)، عن أبي عبد الله (الشامي) عن تميم الداري، عن
484

النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجمعة واجبة، إلا على صبي، أو
مملوك، أو مسافر ".
قال الشيخ الإمام رضي الله عنه: ورواه إسماعيل بن أبان، عن
محمد بن طلحة وزاد فيه - المرأة والمريض -.
485

فصل
في هيئة الجمعة والتبكير إليها
[267] أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي
البيهقي رضي الله عنه، أخبرنا أبو الحسين / محمد بن الحسين
القطان ببغداد، أخبرنا أبو عمرو بن السماك، حدثنا محمد بن
عبيد الله بن المنادي، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا ابن أبي ذئب،
عن (سعيد) بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن
وديعة، عن سلمان الخير، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
486

قال: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، (ثم) يمس من دهنه، أو طيب
أهله، ثم يأتي المسجد، ولا يفرق بين اثنين ثم ينصت إذا تكلم
الإمام، إلا غفر له، ما بينه وبين الجمعة الأخرى ".
ورواه غيره عن ابن أبي ذئب، وزاد فيه - ويتطهر ما استطاع
من طهر -.
[268] وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله،
أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،
487

حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، حدثني
محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن
سهل، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، قالا: سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " من اغتسل يوم الجمعة، واستن،
ومس من طيب، إن كان عنده، ولبس أحسن ثيابه، ثم جاء إلى /
المسجد، ولم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع، ثم
أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة
التي كانت قبلها ". يقول أبو هريرة: (وزيادة ثلاثة أيام)، إن الله
تعالى قد جعل الحسنة بعشرة أمثالها.
488

[269] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا أحمد بن (عبد الحميد) الحارثي، حدثنا حسين بن
علي الجعفي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي
الأشعث (الصنعاني)، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله
489

صلى الله عليه وسلم وذكر يوم الجمعة: " من غسل واغتسل، وغدا
وابتكر، ودنا وأنصت واستمع، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة
ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا ".
ورواه (حسان بن عطية)، عن أبي الأشعث، غير أنه قال:
" ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغ،
كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها ".
490

[270] أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا
أبو داود، حدثنا محمد بن حاتم (الجرجرائي)، حدثنا ابن
المبارك، / عن الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، حدثني أبو
الأشعث، حدثني أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر
وابتكر... " فذكره.
491

قال الشيخ رضي الله عنه: قوله - غسل - أراد به والله، أعلم،
غسل رأسه - يعني من الخطمي وغيره - ثم اغتسل، وهذا قول
مكحول وسعيد بن عبد العزيز.
[271] وفي حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم... ". [272] وفي حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم الجمعة، اغتسل الرجل، وغسل رأسه... ". دليل على
صحة هذا التأويل.
ومنهم من رواه - غسل - " بالتشديد " والمراد به أوجب الغسل
492

على امرأته بمباشرته إياها لكي يمنعه ذلك من النظر إلى المحارم،
والصحيح هو الأول.
[273] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف، أخبرنا أبو سعيد
الأعرابي، حدثنا أبو عثمان سعدان بن نصر المخرمي، حدثنا سفيان بن
عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة يبلغ به
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم / الجمعة، كان على
كل باب من أبواب المسجد ملائكة، يكتبون الأول فالأول، فالمهجر،
إلى الصلاة كالمهدي بدنة، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة، ثم الذي
493

يليه كالمهدي كبشا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة فإذا جلس الإمام،
طويت الصحف واجتمعوا للخطبة ".
[274] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا (أبو) حامد بن الحسين
الخسروجردي، حدثنا داود بن الحسين، حدثنا محمد بن الهاشم
494

البعلبكي، حدثنا سويد بن عبد العزيز، عن أبي نصير الواسطي، -
وقال غيره: عن أبي نضرة - عن أبي (رجاء) العطاردي، عن أبي
بكر الصديق رضي الله عنه أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: يا رسول الله بلغني عنك أنك تقول: " الجمعة إلى
الجمعة، والصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم "، - ثم زاده رسول الله
صلى الله عليه وسلم - فقال: " الغسل يوم الجمعة كفارة، والمشي إلى
الجمعة كل قدم منها كعمل عشرين سنة، فإذا فرغ من صلاة الجمعة
أجيز بعمل مائتي سنة.
495

فصل
في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قال: / ليلة الجمعة، ويوم الجمعة، وفضل قراءة سورة الكهف.
[275] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي، حدثنا
حسين بن علي الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن [أبي
الأشعث الصنعاني] عن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه (خلق)
آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي [من] الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله، [و]
كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ - يقولون [و] قد بليت؟ - قال:
[إن] الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ".
497

[276] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الأسفراييني،
حدثني والدي أبو علي الحافظ، حدثنا أبو رافع أسامة بن علي بن
سعيد الرازي بمصر، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، حدثتنا
498

حكامة بنت عثمان بن دينار [أخي مالك بن دينار] عن أنس بن
مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم [قال: قال النبي صلى الله
عليه وسلم:] " إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم
علي صلاة في الدنيا، من صلى علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة،
قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الآخرة، / وثلاثين من
حوائج الدنيا، ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل
عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عترته فأثبته
عندي في صحيفة بيضاء ".
[277] أخبرنا أبو سهل أحمد بن [محمد بن] إبراهيم المهراني،
499

حدثنا محمد بن جعفر (السختياني)، حدثنا أبو خليفة، حدثنا
عبد الرحمن بن سلام، أخبرنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي
إسحاق، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة، وليلة الجمعة، فمن صلى علي
صلاة، صلى الله عليه عشرا ".
500

[278] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا علي بن الفضل
السامري ببغداد، حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي، حدثنا
علي بن محمد الفزاري، حدثنا عباد بن يعقوب، عن رزين
الخلقاني، عن جعفر بن محمد رضي الله عنه، قال: إذا كان يوم
(الخميس) عند العصر أهبط الله ملائكته من السماء إلى الأرض،
معها صفائح من قضب، بأيديها أقلام من ذهب، تكتب الصلاة على
محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم وتلك الليلة [إلى الغد]
إلى غروب الشمس.
501

[279] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا عبد الباقي / بن (قانع)
الحافظ، حدثنا أسلم بن سهل الواسطي، حدثنا يزيد بن مخلد،
حدثنا هشيم، عن أبي هاشم الرماني، عن أبي مجلز، عن
قيس بن عبادة، عن أبي سعيد الخدري، قال: [قال] رسول الله
502

صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له
من النور ما بينه وبين [البيت] العتيق ".
قال الشيخ رضي الله عنه: ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم
بإسناده موقوفا على أبي سعيد الخدري.
[280] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن
503

يعقوب حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا جعفر، حدثنا أبو
عميس عن عون بن عبد الله، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت،
من قرأ يوم الجمعة بفاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد)، و (قل أعوذ
برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس)، سبع مرات حفظ ما بينه
وبين الجمعة الأخرى.
قال الشيخ رضي الله عنه: ورواه حميد بن زنجويه، عن
جعفر بن عون بإسناده، موقوفا، وقال: من قرأ بعد الجمعة.
504

فصل
في فضل صوم الجمعة
[281] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عثمان سعيد بن محمد بن
محمد بن عبدان وأبو الحسن علي بن محمد السبعي، قالوا: أخبرنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، / حدثنا علي بن
الحسن بن شقيق، حدثنا أبو حمزة السكري، حدثنا عاصم بن
بهدلة، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال كان رسول الله
505

صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثا من غرة كل شهر، (وقلما) كان
يفوته صوم الجمعة.
[282] أخبرنا أبو علي (الحسين) بن محمد الروذباري، حدثنا
الحسين بن أيوب الطوسي، حدثنا أبو خالد العقيلي، حدثني أحمد
ابن أبي [بكر] الزهري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن صفوان بن
506

سليم، عن رجل من بني جشم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من صام يوم الجمعة، كتب الله له عشرة أيام
عددهن من أيام الآخرة، لا يشاكلهن أيام الدنيا ".
قال الشيخ رضي الله عنه: تابعه سعيد بن عبد العزيز الدراوردي.
[283] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا
أبو الأسود، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن
الوليد بن قيس أن أبا سعيد الخدري أخبره أن رسول الله صلى الله
507

عليه وسلم يقول: " من وافق صيام يوم الجمعة، وعاد مريضا، وشهد
جنازة، وتصدق، وأعتق رقبة، وجبت له الجنة / ذلك اليوم إن شاء الله
تعالى ".
[284] وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد،
حدثنا ابن أبي قماش، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي،
حدثنا ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " من أصبح يوم الجمعة صائما، وعاد
مريضا وشهد جنازة، وتصدق بصدقة، فقد أوجب ".
508

قال الشيخ رضي الله عنه:
[285] ورواه الخليل بن مرة بإسناده عن جابر مرفوعا بمعنى هذا
غير أنه قال: " [لم] يتبعه ذنب أربعين سنة ".
قال الشيخ رضي الله عنه: فصوم يوم الجمعة إنما يجوز إذا
صام قبله يوما أو بعده يوما، ويكره إفراده بالصوم.
[286] أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس
509

محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا (أبو)
معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يصوم أحدكم
يوم الجمعة، إلا أن يصوم قبله يوما أو بعده يوما " و
510

[287] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس وهو الأصم،
حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح،
عن أبي بشر، عن عامر بن (لدين) الأشعري أنه سأل أبا هريرة
عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: على الخبير وقعت: سمعت /
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن يوم الجمعة يوم عيد
وذكر، فلا تجعلوا عيدكم يوم صيامكم، ولكن اجعلوه يوم الذكر، إلا
أن تخلطوه بأيام ".
511

[288] أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الماليني، حدثنا أبو بكر
محمد بن بكر، حدثنا محمد بن (عبيد الله) بن الشخير، حدثنا عبد الله
بن سليمان بن الأشعث، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا خالد بن
الحارث، حدثنا شعبة، حدثنا يعلى بن عطاء، قال: سمعت
الوليد بن عبد الرحمن، يحدث أن ابن عمر قال لحمران: أما بلغك
512

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن " أفضل الصلوات
عند الله، صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ".
[289] أخبرنا أبو منصور أحمد بن علي الدامغاني، أنبأنا أبو
أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا القاسم بن عبد الله بن
مهدي، حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، حدثنا
عبد العزيز [بن أبي] حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد
الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكم في
513

كل جمعة حجة وعمرة، فالحجة الهجيرة للجمعة، والعمرة انتظار
العصر بعد الجمعة ".
قال الشيخ رضي الله عنه: هذان حديثان غريبان في فضل
شهود صلاة الصبح يوم الجمعة بالجماعة، / وانتظار العصر بعد
الجمعة، فنسأل الله تعالى استعمالهما وبالله التوفيق.
514

باب
في فضل يوم الاثنين ويوم الخميس
[290] أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين القطان ببغداد، أخبرنا
عبد الله جعفر النحوي، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو
النعمان، والحجاج، [قالا:] أخبرنا مهدي بن ميمون، حدثنا
غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة
الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله
صوم يوم الاثنين؟ قال: " فيه ولدت، وفيه أنزل علي القرآن "
515

[291] أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله، أخبرنا
عبد الله بن جعفر بن أحمد، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود،
حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير أن (عمر) بن الحكم بن
ثوبان حدثه أن مولى قدامة بن مظعون حدثه أن مولى أسامة بن
زيد كان يركب إلى مال له بوادي القرى، وكان يصوم الاثنين
والخميس، فقلت له أتصوم وقد كبرت ورققت؟ فقال: إني رأيت
516

رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين والخميس،
[فقلت: يا رسول الله أتصوم يوم الاثنين والخميس؟] فقال: " إن
الأعمال تعرض يوم الاثنين والخميس ".
[292] أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الفقيه / رحمه الله حدثنا
حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم بن منيب، حدثنا جرير بن
عبد الحميد، أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تفتح أبواب السماء
517

في كل اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا امرؤ
بينه وبين أخيه شحناء، قال: (فيقال): انتظر هذين حتى
يصطلحا ".
قال الشيخ الإمام أحمد رضي الله عنه: وبلغني عن الحاكم
أبي عبد الله [عن] الحليمي رحمه الله أنه قال في عرض الأعمال:
يحتمل أن الملائكة الموكلين بأعمال بني آدم يتناوبون، فيقيم معهم
518

فريق من الاثنين إلى الخميس ثم يعرجون وفريق من الخميس إلى
الاثنين ثم يعرجون، وكلما عرج أحد الفريقين قرأ ما كتب في الموقف
[الذي] له من السماوات، فيكون ذلك عرضا في الصورة،
ويحسبه الله تعالى عبادة (للملائكة)، فأما هو جل جلاله في نفسه
فغني عن عرضهم (بسبحهم) وهو أعلم بما كسبه العباد (من)
العباد.
قال: ويشبه أن يكون توكيل ملائكة الليل، وملائكة النهار
بأعمال بني آدم عبادة تعبدوا بها، ويكون المعنى في العرض
خروجهم من عهدة الطاعة، ثم قد يظهر الله تعالى / لهم ما يريد أن
يفعل من عرض عمله، فيكون المعنى في غفرانه، إظهار ذلك
لملائكته والله أعلم.
519

باب
في فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر،
وذكر الأيام التي يصومهن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويأمر بصيامهن من هذه الثلاثة أيام
[293] أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أخبرنا عبد الله بن
جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا [أبو] داود، حدثنا شعبة،
عن عباس الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة قال:
أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، الوتر قبل النوم، وصيام
ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى.
520

[294] أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، حدثنا
أبو سهل بن زياد القطان حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي
حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أبي عثمان
النهدي، أن أبا هريرة كان في سفر له فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو
يصلي ليطعم، فقال للرسول: إني صائم فلما وضع الطعام (وكادوا)
521

يفرغون - قال - فجاء فجعل يأكل فنظر القوم إلى رسولهم (فقال:) ما
تنظرون؟ قد أخبرني أنه صائم، فقال أبو هريرة: صدق، إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: / " صوم شهر الصبر، وصوم
ثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر (فقد) صمت ثلاثة أيام من
الشهر، (فأنا) مفطر في تخفيف الله، وصائم في تضعيف
[الله] ".
[295] وأخبرنا أبو بكر محمد بن فورك، أخبرنا عبد الله بن جعفر،
حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حماد بن سلمة، عن
الأزرق (بن) قيس، عن رجل من بني تميم، قال: كنا على باب
معاوية ومعنا أبو ذر فذكر أنه صائم، فلما دخلنا وضعت الموائد،
522

فجعل أبو ذر يأكل [قال:] فنظرت إليه، فقال: يا أحمر مالك؟ أتريد
أن تشغلني عن طعامي؟ قال: ألم تخبر، أو (قال:) ألم تزعم أنك
صائم، قال بلى، أقرأت القرآن، قلت: نعم، قال: لعلك قرأت
المفردة منه، ولم تقرأ المضعف (من جاء بالحسنة فله عشر
أمثالها) ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، حسبته (قال) صوم
الدهر، ولكن هذا الذي لا شك فيه يذهب (مغلة) الصدر "، قال:
قلت: وما مغلة الصدر؟ قال: " (رجز) الشيطان ".
[296] حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن
جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا
523

شيبان، عن عاصم، عن زر، / عن عبد الله بن مسعود أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر.
524

[297] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله في آخرين، أخبرنا أبو
العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا روح بن
عبادة، حدثنا همام، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن
قتادة بن ملحان القيسي، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض، (ثلاث عشرة، وأربع عشرة،
وخمس عشرة) قال: هي كهيئة الدهر.
525

[298] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا عفان، حدثنا
حماد بن سلمة، أخبرنا عاصم بن بهدلة، عن سواء الخزاعي، عن
حفصة زوج قبل النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يصوم من الشهر ثلاثة أيام، الاثنين والخميس والاثنين من
الجمعة الأخرى.
526

[299] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا (ابن) فضيل، عن
الحسن بن (عبيد الله)، عن هنيدة الخزاعي، عن أمه، عن أم
سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني / أن أصوم
ثلاثة أيام من الشهر، (الاثنين والخميس والخميس).
527

[300] حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، حدثنا أحمد بن
عبيد، حدثنا الأسفاطي، وهو عباس بن الفضل، حدثنا أحمد بن
يونس، حدثنا شريك، عن الحر بن صياح، عن ابن عمر قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر الخميس والاثنين
الذي يليه، ثم الخميس أو الاثنين، ثم الخميس الذي يليه، ثم
الاثنين، يصوم ثلاثة أيام.
[301] حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي، حدثنا يونس بن محمد،
528

حدثنا عبد الوارث، عن يزيد الرشك، عن معاذة العدوية، أنها
سألت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر
ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت: من أي أيام الشهر [كان يصوم?]
قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم.
529

قال الشيخ رضي الله عنه: وفي هذا (دلالة) على أنه
صلى الله عليه وسلم كان يدور على جميع ما ذكرنا، فكل من رآه
يفعل نوعا من هذه الأنواع أو يأمر به أخبر عنه وعائشة رضي الله عنها
حفظت الجميع فقالت: ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم.
[302] أخبرنا أبو محمد / الحسن بن علي بن المؤمل، حدثنا
(أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري)، حدثنا أبو عمرو أحمد بن
المبارك المستملي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرني
530

عبد الله بن واقد، حدثني أيوب بن نهيك مولى سعد بن أبي
وقاص عن عطاء، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " من صام يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وتصدق بما
قل أو كثر، غفر الله له ذنوبه وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
531

[303] قال أيوب بن نهيك: وحدثني محمد بن علي بن عبد الله بن
عباس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه كان يستحب أن يصوم
الأربعاء والخميس والجمعة، ويخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يأمر بصومهن ويتصدق بما قل أو كثر، فإن فيه الفضل الكثير.
[304] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو محمد بن يوسف في
آخرين، أخبرنا [أبو] العباس محمد بن يعقوب هو الأصم، حدثنا
أبو عتبة، حدثنا بقية، عن (أبي بكر العنسي عن أبي قبيل)،
532

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
صام الأربعاء، والخميس، والجمعة بنى الله له قصرا في الجنة من /
لؤلؤ وياقوت وزمرد، وكتب الله له براءة من النار ".
قال الشيخ رضي الله عنه:
[305] وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال: دعا النبي صلى الله
عليه وسلم يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له
يوم الأربعاء، بين الصلاتين الظهر والعصر، فعرفنا البشر في وجهه، قال
جابر: فلم ينزل بي أمر معهم إلا توجهت تلك الساعة من ذلك اليوم
فدعوت الله، فأعرف الإجابة.
533

[306] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا الحسن بن (حليم)
المروزي، [أخبرنا] أبو الموجه، حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله
هو ابن المبارك، حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن
أبيه أن كريبا مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس وناسا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها عن:
أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياما؟
فقالت: [يوم] السبت والأحد، فرجعت إليهم فأخبرتهم فكأنهم
534

أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا في
كذا، وكذا، فذكر أنك قلت كذا، وكذا، فقالت: صدق، إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم
السبت، والأحد وكان يقول: إنهما يوما عيد (للمشركين وأنا) أريد
أن أخالفهم. / وأما الحديث الذي روي:
[307] عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصماء، قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يصومن أحدكم يوم السبت، إلا
535

فيما افترض الله عليه، فإن لم يجد إلا لحاء شجرة، فليمضغه ".
فأخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، حدثنا أحمد بن عبيد،
حدثنا الباغندي، حدثنا أبو عاصم، عن ثور، عن خالد بن
536

معدان، عن عبد الله بن بسر فذكره.
قال الشيخ الإمام رضي الله عنه: فكأنه إن صح هذا الخبر، إنما
نهى عن إفراد يوم السبت بالصوم تعظيما له، فيكون فيه تشبيها
باليهود، فكرهه لأجل ذلك والله أعلم.
[308] أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، حدثنا
محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ، أخبرنا أحمد بن
محمد بن يزيد، وابن عفير، قالا: حدثنا محمد بن يحيى
بن الضريس (لصد)، حدثنا يعقوب بن موسى، عن
537

(مسلمة) بن راشد، عن راشد أبي محمد، عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام ثلاثة أيام من شهر حرام،
الخميس والجمعة والسبت، كتبت له عبادة سبع مائة سنة، قال
يعقوب: صمت أذناي إن لم أكن سمعت راشدا يقول، وقال: صمت
أذناي إن لم أكن سمعت أنسا يقول، / وقال أنس: صمت أذناي إن
لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا، قال
محمد بن يحيى: وأنا أقول، صمت أذناي إن لم أكن سمعت يعقوب
يقول هذا، وقال أبو علي أحمد بن محمد: صمت أذناي إن لم أكن سمعت
محمد بن يحيى يقول هذا، وقال الحجاجي: صمت أذناي إن لم أكن
سمعتهما يقولان ذلك، وقال السلمي: صمت أذناي إن لم أكن
سمعت أبا الحسين الحجاجي يقول ذلك، قال الشيخ أبو بكر أحمد بن
الحسين البيهقي رحمه الله: صمت أذناي إن لم أكن سمعت أبا
عبد الرحمن السلمي يقول ذلك ".
538

تم فضائل الأوقات بحمد الله وحسن توفيقه، (و) صلى الله على
محمد خير خلقه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، وذلك وقت
الزوال من يوم الخميس الرابع عشر من شهر ذي الحجة الحرام
سنة تسع وثمانمائة، تم.
بلغ مقابلة بأصله المنقول منه: فصح على يد كاتبه عفى الله
عنه. نقل من نسخة سقيمة.
539