الكتاب: دلائل النبوة
المؤلف: إسماعيل الأصبهاني
الجزء: ١
الوفاة: ٥٣٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: أبو عبد الرحمن مساعد بن سليمان الراشد الحميد
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع
ردمك:
ملاحظات:

دلائل النبوة
تأليف
الإمام الحافظ موفق الدين أبي القاسم
إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني
الملقب: قوام السنة
(457 ه‍ - 535 ه‍)
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وقدم له
أبو عبد الرحمن
مساعد بن سليمان الراشد الحميد
عفا الله عنه
الجزء الأول
دار العاصمة
للنشر والتوزيع
235

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مدبر الليل والنهار، مقلب القلوب والأبصار،
ذي النعم والآلاء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في
السماء، أحمده حمد شاكر لآلائه، مقر بنعمائه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عدة للقائه،
وأمانا من عذابه،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم أنبيائه، صلى الله
عليه، وعلى آله، وأصحابه، وأهل بيته، وأزواجه، وسلم
تسليما.
ثم إن جماعة من أهل العلم سألوني أن أملي عليهم
مختصرا في دلائل النبوة، ومعجزات النبي صلى الله عليه
وسلم، يعتمدون عليه، ويسكنون إليه، فأجبتهم إلى ذلك،
وتوخيت الاختصار والإيجاز، وضممت إلى ذلك طرفا من
237

مبعثه، ومغازيه، ومولده صلى الله عليه وسلم وسراياه،
مستعينا بالله، وراغبا إليه أن ينفعني به، والناظرين فيه، جعلنا
الله ممن يعمل بالعلم مؤديا لحقه، ولا جعلنا ممن يستخف به،
وصلى الله على من ذلت النفوس لدلائل نبوته، ودانت
العقول لقبول معجزته، وعلى آله، وأصحابه، وعترته.
238

1 - فمن علامات نبوة النبي
صلى الله عليه وسلم ما كان قبل مولده
1 - ما أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرنا هبة الله بن
الحسن، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس،
قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا علي بن
الجعد، قال: حدثنا فرج بن فضالة /، عن لقمان بن عامر،
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قيل يا رسول الله!
ما كان بدؤ أمرك؟ قال:
(دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي خرج منها
نور أضاءت له قصور الشام).
239

2 - فصل
ومن علامات نبوته [صلى الله عليه و سلم]
في حال صباه
2 - أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرنا هبة الله بن
الحسن، قال: أخبرنا محمد بن الحسين الفارسي، قال: أخبرنا
جعفر بن محمد بن الحسن بن عبد العزيز الجروي، قال: حدثنا
أبو الأشعث: أحمد بن المقدام، قال: حدثنا أبو داود
الطيالسي، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي،
قال: حدثني عمر بن عروة بن الزبير، قال: سمعت عروة بن
الزبير، يحدث عن أبي ذر الغفاري رضي الله قال: قلت:
يا رسول الله! كيف علمت أنك نبي أول ما علمت حتى علمت
ذاك، واستيقنت؟ قال:
(يا أبا ذر! أتاني ملكان وأنا ببطحاء مكة، فوقع أحدهما
في الأرض، والآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما
لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو، قال: زنه برجل، فوزنت
برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة، فوزنوني بعشرة،
فوزنتهم، فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة، فوزنوني بمائة،
فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنوني بألف، فرجحتهم،
248

فجعلوا ينثرون علي من كفة الميزان، فقال أحدهما للآخر:
لو وزنته بأمته رجحها،
ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه، فشق بطني، ثم قال
أحدهما لصاحبه: أخرج قلبه - أو قال: شق قلبه - فشق
قلبي، فأخرج مغزى الشيطان / و علق [ا] لدم فطرحها،
ثم قال أحدهما للآخر: اغسل بطنه غسل الإناء، و اغسل قلبه
غسل الملاءة، ثم رمى بسكينة كأنها زمردة بيضاء فأدخلت
قلبي، ثم قال أحدهما للآخر: خط بطنه، فخاط بطني، فجعل
249

الخاتم بين كتفي، فما هو إلا أن وليا عني فكأنما أعاين الأمر
معاينة).
250

3 - أخبرنا عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني،
251

قال: أخبرنا عبد الغافر الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن
عيسى، قال: حدثنا إبراهيم بن سفيان، قال: حدثنا مسلم
قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال:
252

حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، (أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع
الغلامان، فأخذه، فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب،
فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله
في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه،
وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن
محمدا قد، قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون)،
قال أنس رضي الله عنه: (وقد كنت أرى أثر ذلك
المخيط في صدره).
253

4 - وفي رواية أنس، عن أبي ذر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج
صدري، ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب
مملوء حكمة وإيمانا، فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ
بيدي فعرج بي [إلى] السماء).
وذكر حديث الإسراء.
255

5 - وفي رواية أنس، عن مالك بن صعصعة - رجل
من قومه - قال: قال / نبي الله صلى الله عليه وسلم:
(بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا
يقول: أحد الثلاثة بين الرجلين، فأتيت، فانطلق بي، فأتيت
بطست من ذهب فيها من ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا
- قال قتادة: قلت للذي معي: ما يعني؟ قال: إلى أسفل
بطنه - فاستخرج قلبي، فغسل بماء زمزم، ثم أعيد مكانه،
ثم حشي إيمانا وحكمة، ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق
257

فوق الحمار ودون البغل، يقع خطوه عند انقضاء طرفه
فحملت عليه، ثم انطلقنا حتى أتين السماء الدنيا).
وذكر حديث المعراج.
258

3 - فصل
ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم
ما روي من انشقاق القمر
6 أخبرنا أبو محمد السمرقندي، قال: أخبرنا
عبد الصمد العاصي، قال: حدثنا أبو العباس البجيري، قال:
حدثنا أبو حفص البجيري، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال:
حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس رضي الله
عنه، قال: (سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية،
فانشق القمر بمكة، فنزلت: (اقتربت الساعة وانشق القمر)
[القمر: 1]).
262

7 - وفي رواية عبد الله رضي الله عنه قال: انشق القمر
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اشهدوا، اشهدوا).
267

4 - فصل
ومن علامات نبوته صلى الله عليه
وسلم ما روى أنهم كانوا يسمعون تسبيح
الطعام وهو يؤكل، وما روي أن الماء
جعل ينبع من بين أصابعه
8 - أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد، قال أخبرنا
عبد الصمد العاصمي، قال: أخبرنا أبو العباس البجيري، قال:
حدثنا أبو حفص البجيري، قال: حدثنا محمد بن بشار، /
قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا إسرائيل، عن
منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، رضي الله
عنه قال: (إنكم تعدون الآيات عذابا، وإنا كنا نعدها بركة على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد كنا نأكل مع النبي
صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام!
قال: وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، فوضع يده
فيه، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، قال النبي صلى الله
عليه وسلم:
(حي على الطهور المبارك، والبركة من السماء).
274

حتى توضأنا كلنا).
275

5 - فصل
9 - أخبرنا محمد بن عبد الله الشاهد، قال: أخبرنا
القاضي أبو بكر: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، قال:
حدثنا عبد الله محمد بن مندويه، قال: حدثنا ابن حكيم،
قال: حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: حدثنا أبو نعيم، قال:
حدثا مسعر، عن عبد الجبار بن وائل بن حجر، قال: حدثني
أهلي، عن أبي، قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بدلو
من ماء فشرب، ثم مج في الدلو، ثم صب في البئر ففاح منها
ريح المسك).
279

6 - فصل
10 - أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم في (كتابه)،
قال: أخبرنا أبو طاهر: عمر بن محمد المنوحي، قال: أخبرنا
أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس في (كتابه)، قال: حدثنا
علي بن الحسن بن خلف، قال: حدثنا عبد الرحمن بن
عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا المقرئ، قال: حدثنا
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، قال: حدثنا زياد بن نعيم،
قال: سمعت زياد بن الحارث الصدائي، قال: (أتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام، فأخبرت
أنه قد بعث جيشا إلى قومي، فقلت: يا رسول الله! أردد
الجيش، وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم، قال:
(اذهب فردهم)،
281

قلت: يا رسول الله! / إن راحلتي قد كلت، ولكن ابعث
إليهم رجلا، قال: فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجلا، وكتبت معه إليهم فردهم،
قال الصدائي: فقدم وفدهم بإسلامهم فقال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(يا أخا صداء! إنك لمطاع في قومك)،
قلت: بل الله هداهم للإسلام، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(أفلا أؤمرك عليهم؟)
قلت: بلى، فكتب لي كتابا، قلت: يا رسول الله! مر لي
بشيء من صدقاتهم، فكتب لي كتابا آخر بذلك، وكان ذلك في
بعض أسفاره، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا، فأتى
أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم، يقولون: أخذنا بشيء كان
بيننا وبينه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أو فعل؟)
قالوا: نعم،
فالتفت إلى أصحابه، وأنا فيهم، فقال:
(لا خير في الإمارة لرجل مؤمن)،
قال الصدائي: فدخل قوله في نفسي، ثم إنه أتاه آخر
282

فقال: يا رسول الله! أعطني، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
(من سأل الناس عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس،
وداء في البطن)،
فقال السائل: فأعطني من الصدقة، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(إن الله لم يرض فيه بحكم نبي ولا غيره، حتى حكم
فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك
- أو أعطيناك - حقك)،
قال الصدائي: فدخل ذلك في نفسي، لأني سألته من
الصدقات وأنا غني،
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتشى من
أول الليل فلزمته، وكنت قويا، وكان أصحابه ينقطعون عنه
ويستأخرون، حتى لم يبق معه / أحد غيري، فلما كان أوان
صلاة الصبح أمرني فأذنت، وجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟
فينظر إلى ناحية المشرق فيقول:
(لا)،
283

حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرز، ثم انصرف إلي وقد
تلاحق أصحابه، فقال:
(هل من ماء يا أخا صداء؟)
فقلت: لا، إلا شيء قليل لا يكفيك. قال:
(اجعله في إناء ثم إئتني به)،
ففعلت، فوضع كفه في الإناء، فرأيت بين كل إصبعين
من أصابعه عينا تفور، فقال:
(لولا أني أستحيي من ربي يا أخا صداء لسقينا
واستقينا، ناد في الناس: من له حاجة بالماء؟)
فناديت فيهم، فأخذ من أراد منهم، ثم جاء بلال فأراد أن
يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن أخا صداء هو أذن، ومن أذن فهو يقيم)،
قال الصدائي: فأقمت، فلما قضى رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلاته أتيته بالكتابين، فقلت: يا رسول الله! أعفني
من هذين، فقال:
(وما ذاك؟)
فقلت: إني سمعتك تقول: لا خير في الإمارة لرجل
مؤمن، وأنا أؤمن بالله ورسوله، وسمعتك تقول للسائل: من
سأل عن ظهر غنى فهو صداع في الرأس وداء في البطن، وقد
284

سألتك وأنا غني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(هو ذاك، إن شئت فاقبل، وان شئت فدع)،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فدلني على رجل أؤمره عليهم)،
فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه، فأمره
علينا،
ثم قلنا: يا رسول الله! إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا
ماؤها واجتمعنا عليها، وإذا كان الصيف قل ماؤها وتفرقنا على
مياه / حولنا، وقد أسلمنا وكل من حولنا لنا عدو، فادع الله لنا
في بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرق،
قال: فدعا بسبع حصيات فعركهن في يده و دعا فيهن.
ثم قال:
(اذهبوا بهذه الحصيات، فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة
واحدة، واذكروا اسم الله)،
قال الصدائي: ففعلنا، فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر في
285

قعرها - يعني البئر).
286

11 - أخبرنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن علي
السمسار، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا
أحمد بن محمد بن سليم المخرمي، قال: حدثنا الزبير بن
بكار، قال: حدثنا أبو ضمرة، عن هشام بن عروة، عن وهب بن
كيسان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه أخبره أن أباه
توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر
فأبى أن ينظره، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له
إليه، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ
ثمرة نخلة بالدين فأبى، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
النخل فمشى فيها، ثم قال لجابر:
(جد له، فأوفه الذي له)،
294

فجد له بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا، فجاء جابر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي فعل، فوجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر، فلما انصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه، فأخبره أنه قد أوفاه وأخبره
بالفضل الذي فضل له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أخبر عمر)،
فذهب جابر إلى عمر رضي الله عنهما / فأخبره، فقال له
عمر رضي الله عنه: (لقد علمت حين مشي فيها ليباركن الله
تعالى فيها).
295

12 - أخبرنا محمد بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم،
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سليم، قال: حدثنا الزبير،
قال: حدثنا أبو غزية، عن فليح بن سليمان، عن سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه
فأرملوا، فجاء ناس من أصحابه يستأذنونه في نحر إبلهم، فأذن
لهم. فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله!
إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم، بل ادعهم بغبرات الزاد، فجاء
الناس بما بقى معهم فجمعه، ثم دعا بالبركة، ثم دعا بأوعيتهم
فملؤوا كل وعاء، وفضل فضل كثير، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم عند ذلك:
(أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني عبده ورسوله، من
لقي الله عز وجل غير شاك دخل الجنة).
296

قال الإمام - رحمه الله -:
* (الجد): القطع، يقال: جددت الثمرة أجده: إذا
307

صرمته، وأيام الجداد: أيام الصرام.
و (الوسق): الحمل.
و (الإنظار): التأخير والتأجيل.
و (أرملوا): نفذ زادهم.
308

و (الغبرات): البقايا، يقال: غبر إذا بقي.
13 - أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي، قال: أخبرنا
عبد الصمد العاصمي قال: حدثنا أبو العباس البجيري، قال:
حدثنا أبو حفص البجيري، قال: حدثنا محمود بن خداش،
قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا عوف الأعرابي عن
أبي رجاء العطاردي، قال: حدثنا عمران بن حصين الخزاعي،
قال: (كنا مع / رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وإنا
سرينا ليلة حتى إذا كان في أخر الليل وقعنا تلك الوقعة ولا
وقعة عند المسافر أحلى منها،
309

قال: فما أيقظنا إلا حر الشمس، و كان أول من استيقظ
فلان، ثم فلان - يسميهم أبو رجاء، ويسميهم عوف - ثم
عمر بن الخطاب رضي الله عنه - الرابع -، وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو الذي
يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر
فرأى [ما] قد أصاب الناس - وكان رجلا جليدا أجوف -
جعل يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شكى الناس إليه الذي
أصابهم فقال:
(لا ضير)،
- قال عوف: أو قال: (لا يضير) -.
(فارتحلوا)،
310

فارتحلوا، وكان غير بعيد، ثم نزل، فنودي بالصلاة،
فصل بالناس، فلما سلم إذا هو برجل معتزل لم يصل في
الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا فلان! ما لك لم تصل في الناس؟)
قال: أصابتني جنابة يا رسول الله! ولا ماء. قال:
(عليك بالصعيد، فإنه يكفيك)،
ثم سار / فلما سار شكى الناس إليه العطش. فدعا فلانا
- يسميه أبو رجاء ونسيه عوف - ودعا عليا رضي الله عنه وقال
لهما:
(اذهبا فابغيا [نا] الماء)،
فانطلقا فيلقيان امرأة على بعير لها من مزادتين من ماء
- أو سطيحتين - فقالا لها: متى عهدك بالماء؟ فقالت: أمس
311

هذه الساعة، قالت: و نفرنا خلوف: فقالا: انطلقي إذا،
قالت: أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قالت: إلى هذا الذي يقال الصابئ؟ قال: هو الذي تعنينه،
انطلقي، فجاءا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثاه
الحديث، فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا رسول الله صلى الله عليه
وسلم بإناء، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين - أو السطيحتين -
ثم مضمض، ثم أعاده في الإناء، ثم أعاده في أفواههما
312

وأوكاهما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: أن اسقوا،
واستسقوا، فسقى من سقى، واستسقى من استقى، وآخر
ذلك أن أعطى الرجل الذي أصابته الجنابة إناء من ماء / وقال:
(أفرغه عليك)،
وهي قائمة تنظر إلى ما يصنع بمائها، قال: وأيم الله،
لقد أقلع عنها حين أقلع وإنه لا يخيل إليها أنها أشد ملأة مما
313

كانت حيث ابتدأ فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما رزأناك من مائك من شيء، ولكن الله هو
سقانا)،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اجمعوا لها)،
فجمعوا لها بين دقيقة وسويقة وعجوة حتى جمعوا لها
منه طعاما فجعلوه في ثوب [ثم] حملوه بين يديها، فأتت
أهلها وقد احتبست عليهم، فقالوا: ما حبسك يا فلانة؟ فقالت:
العجب! لقيني رجلان فذهبا بي إلي هذا الذي يقال له
الصابئ ففعل بمائي كذا وكذا للذي كان فوالله! إنه لأسحر
من بين هذه وهذه - تعني السماء والأرض - أو إنه لرسول الله
حقا!
وكان المسلمون من بعد يغيرون على من حولهم ولا
يصيبون القوم التي هي منه، فقالت لقومها: والله! ما أدري
314

أعن عمد يدعنا هؤلاء؟! فهل لكم في الإسلام؟ فطاوعوها
فجاءوا جميعا فدخلوا في الإسلام).
315

قال الامام رحمه الله:
وقعنا تلك الوقعة، أي: تمنى تلك النومة الثيلة.
قوله: كان رجلا جليدا أجوف اي: قويا رفيع
الصوت. /
والمزادة: القربة الكبيرة وكذلك السطيحة.
316

وقولها: ونفرنا خلوف اي: غاب الرجال وبقي
النساء والصبيان.
وأفرغ اي: صب.
والعزالي جمع العزلاء وهي فم القربة من
جانبها.
317

واقلع اي: كف وأمسك
والملاة والملاة الامتلاء.
ما رزأناك اي: ما نقصناك.
فابغيانا اي: فابغيا لنا يقال: بغيته الشئ، اي:
طلبته له.
318

والهاء في: دقيقة وسويقد تدل على القلة أي:
قطعة من الدقيق قليلة، وكذلك من السويق.
والصرم: أبيات مجتمعة ونفر يسير.
وقوله: أوكاهما أي: شد أفواههما.
319

7 - فصل
أخبرنا حكيم بن أحمد الأسفراييني قدم
علينا قال: أخبرنا جدي أبو الحسن علي بن محمد
الأسفراييني قال: حدثنا الأصم ثنا إبراهيم بن سليمان البرلسي ثنا، قال حدثنا ضرار بن صرد قال: حدثنا
عائذ ابن حبيب عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله
المدني قال سمعت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله
320

عنهما يقول كان فلان يجلس إلي النبي صلى الله عليه
وسلم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم اختلج بوجهه
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
كن كذلك
فلم يزل يختلج حتى مات
321

قال الإمام
الاختلاج الارتعاد كان يحرك شفتيه وذقنه
استهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم يحكي ما فعل النبي
صلى الله عليه وسلم فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم
فبقي كذلك يرتعد بوجهه إلى أن مات
322

فصل
في ذكر رجل من اليهود أخبر بما أنزل الله
عز وجل في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه
وسلم في مرضه وآمن به ثم مات
15 - أخبرنا أبو زكريا قال وجدت في كتاب جدي
أبي عبد الله أن محمد بن سعد وعلي بن محمد بن نصر
وأحمد بن إسحاق قالوا حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا
أبو سلمة موسى بن إسماعيل قال: حماد بن سلمة
عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة بن عبد الله ن مسعود
عن أبيه أنه قال ابتعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بإدخال
رجل الجنة فدخل الكنيسة فإذا هو بيهود يقرأون التوراة فأتوا
على صفة النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأوا النبي
صلى الله عليه وسلم أمسكوا وفي ناحية الكنيسة رجل مريض
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما لكم أمسكتم
فقال المريض إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا ثم
جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأها حتى أتى على
صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال: هذه صفتك
323

وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم
مات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لوا أخاكم.
324

16 - قال أبو عبد الله وأخبرنا محمد بن عبد الله بن
المنذر وعلي بن نصر قالا حدثنا: محمد بن أيوب قال:
حدثنا أبو سلمة ثنا حماد بن سلمة قال سعيد
الجريري عن عبد الله بن قدامة بن صخر العقيلي قال:
حدثني أعرابي قال قدمت المدينة بجلوبة لي فقلت لأسمعن
من هذا الرجل فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما واضع يديه عليهما قال:
ورجل يقرأ التوراة على ابن له مريض فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم:
أنشدك بالذي أنزل التوراة عليكم هل تجد صفتي
ومخرجي
فقال لا فوضع يديه على الصفة فقال ابنه: بلى
327

والذي أنزلها إن فيه لصفتك وصفة أمتك ومخرجك وأنا
أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ثم مات فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لوا أخاكم.
328

قال الإمام
قوله: يحبو أي يمشي على عجزه كما يفعل الصبي
الطفل الذي لا يقدر على القيام
332

وقوله: لوا أمر الجماعة من قولك: ولي يلي على
وزن قوا أنفسكم أي تولوا غسله وتكفينه ودفنه.
والجلوبة الإبل التي تجلب من مكان إلى مكان.
333

فصل
في ذكر العكة التي كانت فارغة فعادت ممتلئة
قال أهل اللغة: العكة وعاء السمن
17 - أخبرنا أحمد بن أبي الفتح قال: أخبرنا
عبد الرحمن بن أبي بكر قال: عبد الله بن محمد بن
محمد قال: أحمد بن عمرو قال: شيبان بن
فروخ قال: محمد بن زياد البرجمي قال: حدثنا
أبو ظلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن أمه رضي الله
عنها قالت كانت لي شاة فجمعت سمنها في عكة فبعثت
بها مع زينب فقلت يا زينب أبلغي هذه العكة رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأتدم بها
قالت: فجاءت زينب بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقالت: يا رسول الله هذه سمن بعثت بها أم سليم. قال:
ففرغوا لها عكتها
341

ففرغت العكة ودفعت إليها فجاءت وأم سليم ليست
في البيت فعلقت العكة على وتد فجاءت أم سليم فرأت
العكة ممتلئة تقطر سمنا فقالت يا زينب أليس أمرتك أن
تبلغي هذه العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها
قالت: قد فعلت فإن لم تصدقيني فتعالي معي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال: فذهبت أم سليم وزينب معها إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني بعثت إليك
معها بعكة فيها سمن فقال:
قد جاءت بها
فقالت: والذي بعثك بالهدى ودين الحق إنها ممتلئة
سمنا تقطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أتعجبين أم سليم أن الله أطعمك كما أطعمت
نبيه
342

18 - قال: وحدثنا أحمد بن عمرو قال: حدثنا
أبو بكر قال: حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا عطاء بن
السائب عن يحيى بن جعدة عن رجل حدثه قال:
346

جاءت أم مالك الأنصارية بعكة سمن إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال
فعصرها ثم دفعها إليها فرجعت فإذا هي مملوءة فأتت النبي
صلى الله عليه وسلم فقالت: نزل في شئ يا رسول الله قال:
وما ذاك يا أم مالك
قالت: رددت علي هديتي قال: فدعا بلال فسأله عن
ذلك فقال: والذي بعثك بالحق لقد عصرتها حتى استحييت
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هنيئا لك يا أم مالك هذه بركة عجل الله لك ثوابها.
347

10 - فصل
أخبرنا أبو الخير: محمد بن أحمد بن هارون
قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه قال: حدثنا محمد بن
349

علي بن دحيم قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال:
حدثنا بكر بن عبد الرحمن القاضي قال: حدثنا زياد بن
عبد الله البكائي قال: حدثنا محمد بن إسحاق ح
20 - قال أبو بكر بن مردويه: وحدثنا محمد بن
سعيد بن داود قال: حدثنا علي بن محمد بن سعيد قال:
حدثنا منجاب بن الحارث قال: قال إبراهيم بن يوسف، عن
زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق، ح.
21 - قال أبو بكر بن مردويه: وحدثنا سليمان بن
351

أحمد، قال: حدثنا الحسن بن العباس الرازي، قال: حدثنا
سهل بن عثمان، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة،
عن محمد بن إسحاق، ح،
22 - قال أبو بكر بن مردويه: وحدثنا سليمان، قال:
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا ابن نمير،
قال: حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق عن
عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن
عباس رضي الله عنه قال: حدثني سلمان حديثه من فيه، قال:
(كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان
أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل
بي حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية،
352

فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار: أوقدها
لا أتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة، فشغل
يوما، فقال لي: يا بني! إني قد شغلت هذا اليوم عن
ضيعتي، فاذهب إليها فطالعها، وأمر فيها ببعض ما تريد،
ثم قال لي: لا تحتبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي
من ضيعتي، وشغلتني عن كل شيء من أمري،
فخرجت أريد ضيعته أسير إليها، فمررت بكنيسة / من
كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت
لا أدري ما أمر الناس: يحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت
أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني
353

صلواتهم ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله! خير من الدين
الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس
وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم: من أبصركم بهذا الدين؟
قالوا: رجل بالشام، ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في
طلبي، وقد شغلته عن عمله، قال: أي بني! أين كنت؟ ألم
أعهد إليك ما عهدت؟ قلت: إني مررت بناس يصلون في
كنيسة لهم، فدخلت إليهم، فما زلت عندهم، وهم يصلون
حتى غربت الشمس، قال أبي: أي بني! ليس في ذلك الدين
خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته،
354

وبعثت إلى النصارى فقلت: إذا قدم عليكم ركب من
الشام فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من
النصارى، فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم
وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني، فلما أرادوا الرجعة إلى
بلادهم / أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت
معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل
هذا الدين علما؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، فجئته،
فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأتعلم منك، وأصلي
معك، قال: فادخل، فدخلت، وكان رجل سوء: يأمر بالصدقة
ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه، فلم يعط
إنسانا منها شيئا، حتى جمع قلالا من ذهب وورق!
فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت
إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء:
يأمركم بالصدقة، ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه،
355

ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قلت
لهم: فأنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، فدللتهم عليه،
فاستخرجوه: ذهبا وورقا فلما رأوها قالوا: والله! لا ندفنه أبدا،
فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه
مكانه)،
قال: يقول سلمان: (فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس
أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب
ليلا ونهارا منه، فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط، فما زلت / معه
زمانا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان! إني قد كنت معك
فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قط، وقد حضرك ما ترى من أمر
الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني! والله!
ما أعلم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا،
وتركوا كثيرا مما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل، وهو فلان،
وهو على ما كنت عليه، فالحق به،
فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له:
يا فلان! إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك
على أمره، قال: فأقم عندي، فأقمت عنده فوجدته خير رجل
على أمر صاحبه، فلم ألبث أن مات، فلما حضرته الوفاة
356

قلت له: يا فلان! إن فلانا أوصى بي إليك، وأمرني أن ألحق
بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي؟ وما
تأمرني؟ قال: يا بني! ما أعلم بقي أحد آمرك أن تأتيه إلا رجلا
بعمورية بأرض الروم على مثل ما نحن عليه، فلما مات
وغيب لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري، فقال: أقم
عندي، فأقمت عند رجل على هدي أصحابه وأمرهم،
واكتسبت حتى كانت عندي بقيرات / وغنيمة، ثم نزل به أمر
الله، فلما حضر قلت له: يا فلان! إني كنت مع فلان، فأوصى
بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي
357

فلان إليك، فإلى من توصي بي، وإلى من تأمرني؟ قال:
والله! ما أعلم أصبح على مثل ما نحن عليه أحد من الناس
آمرك أن تأتيه، ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين
إبراهيم عليهما السلام بأرض العرب، [مهاجرة] إلى أرض
- أظنه قال: - ذات نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية
ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن
تلحق بتلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية
ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار، فقلت
لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه
وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم، فأعطيتهم وحملوني معهم، حتى إذا
قدموا وادي القرى ظلموني، فباعوني من رجل يهودي،
فكنت عنده فرأيت النخل، فرجوت البلد الذي وصف لي
صاحبي، ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم
له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة، فوالله!
358

ما هو / إلا أني رأيتها،
عرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، فبعث الله رسوله
صلى الله عليه وسلم، وأقام بمكة ما أقام، ما أسمع له بذكر مع
ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله! إني
لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي
جالس، إذ أقبل ابن عم له، حتى وقف عليه فقال: قاتل الله
ابني قيلة والله! إنهم ليجتمعون على رجل قدم عليهم من
مكة اليوم، يزعمون أنه نبي،
فلما سمعتها أخذني الفرح حتى ظننت أني ساقط
على سيدي، ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك:
ما تقول؟ فغضب سيدي، فلطمني لطمة شديدة، ثم قال:
359

ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء، إنما أردت أن
أستثبته عما قال،
وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته، ثم
ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت
عليه، فقلت له: إنه بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب
لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي صدقة، فرأيتكم
أحق به من غيركم، وقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأصحابه:
(كلوا)،
وأمسك هو، فلم يأكل منه، فقلت / في نفسي: هذه
واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا - فتحول رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى المدينة - ثم جئته، فقلت: رأيتك
لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، فأكل رسول الله
صلى الله عليه وسلم منها، وأمر أصحابه فأكلوا، فقلت في
نفسي: هاتان ثنتان،
360

ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد
قد اتبع جنازة رجل من الأنصار، وهو جالس فسلمت عليه، ثم
استدرت أنظر هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما
رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرت عرف أني
أستثبت من شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى
الخاتم، فعرفته، فأكببت عليه أقبله، وأبكي، فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(تحول)،
فتحولت، فجلست بين يديه، فقصصت عليه حديثي كما
حدثتك يا ابن عباس! فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يسمع ذلك أصحابه،
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم بدر وأحد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كاتب يا سلمان)،
فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة أحييها له،
وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أعينوا أخاكم)،
361

فأعانوني في النخل: / الرجل بثلاثين، والرجل
بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر، والرجل
بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاث مئة نخلة، فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا سلمان! فأرني حتى أكون أنا أضعها بيدي)،
ففقرت لها، وأعانني أصاحبي ذلك حتى إذا فرغت جئته
فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها،
فجعلت أقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيده، ما مات منها ودية واحدة!
362

فأديت النخل، وبقي علي المال، فأتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض
المغازي، فقال:
(ما فعل الفارسي المكاتب)؟
فدعيت له، فقال:
(خذ هذه فأد ما عليك)،
فقلت: وأين يقع هذه يا رسول الله! مما علي؟ فقال:
(خذها فإن الله سيؤديها عنك)،
فوزنت له منها - والذي نفس سلمان بيده! - أربعين
أوقية، وأوفيتهم حقهم،
وعتق سلمان، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
363

الخندق، ثم لم يفته مشهد).
364

قال الإمام رحمه الله:
* قوله: (قاطن النار)، يعني: الذي يقوم بتعهدها،
وإيقادها.
* (تخبو) أي: تطفأ، يقال: خبت النار: إذا طفئت.
وقوله: (ابني قيلة)، يعني: الأوس والخزرج /.
365

* و (العذق): النخلة أ
* (ففقرت)، أي: حفرت حفيرة يغرس فيها النخل.
* و (الودي): النخل الصغار تغرس.
366

11 - فصل
23 - أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، قال: أخبرنا
أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي،
قال: حدثنا عبد الله بن مطيع، قال: حدثنا إسماعيل بن
جعفر، قال: حدثنا حمد ح،
24 - قال البغوي: وحدثني جدي وهارون بن عبد الله
وابن زنجويه، قالوا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا
حميد، قال: (سئل أنس ابن مالك رضي الله عنه: هل كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء؟ قال:
نعم، بينا هو جمعة يخطب الناس، فقيل: يا رسول الله! قحط
المطر، وأجدبت الأرض فادع الله عز وجل، فرفع يديه،
حتى رأيت بياض إبطيه فاستسقى، وما أرى في السماء سحابة،
368

فما قضينا الصلاة حتى إن الشاب القريب الدار ليهمه الرجوع
إلى أهله، فدامت جمعة، فلما كانت الجمعة قالوا:
يا رسول الله! تهدمت البيوت، واحتبس الركبان، وهلك المال،
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ثم] قال بيديه هكذا،
ففرق بين يديه:
(اللهم حوالينا، ولا علينا)،
قال: فتكشطت عن المدينة).
369

قال الإمام - رحمه الله -:
قال أهل اللغة: (القحط): احتباس المطر.
* و (الجدب): ضد الخصب.
* و (أهمه الأمر)، أي: أحزنه وأزعجه.
* و قوله: (حوالينا)، أي: أمطر حولنا.
374

* (فتكشطت)، أي: فتكشفت / والكشط:
القشط.
25 - أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، قال: أخبرنا
إبراهيم بن عبد الله بن خورشيد قولة، قال: أخبرنا أبو عيسى
حمزة بن الحسين السمسار، قال: حدثنا طاهر بن خالد، قال:
حدثنا أبي، قال: حدثنا القاسم بن مبرور، عن يونس
375

الأيلي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله
عنها، أنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه،
وسلم قحوط المطر، قالت: فأمر بمنبر، فوضع له في
المصلى، ووعد الناس يوما يخرجون فيه،
قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا
حاجب الشمس، وقعد على المنبر، فحمد الله، ثم قال:
(إنكم شكوتم جدب جنابكم واستئخار المطر عن إبان
زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم ان يستجيب
لكم)،
ثم قال:
(الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين، لا إله
376

إلا الله يفعل ما يريد من ذلك، لا إله إلا أنت الغني ونحن
الفقراء، أنزل علينا الغيث، وتجعل ماءه لنا قوة وبلاغا إلى
حين)،
ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى يرى بياض إبطيه،
ثم حول إلى الناس ظهره، و قلب - أو حول - رداءه وهو رافع
يديه، ثم أقبل على الناس، ثم نزل، فصلى بنا ما شاء الله
وما يرى سحاب، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم
يأت مسجده حتى سال السيول / فضحك حتى بدت نواجذه،
وقال:
(أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله
ورسوله).
377

قال الإمام رحمه الله:
* قال أهل اللغة: (الجناب): الفناء والناحية.
379

و (استئخار المطر): مصدر استأخر أي: تأخر.
و (الإبان): الوقت.
و (البلاغ): الكفاية.
380

12 - فصل
في سجود الشجر والحجر له
[صلى الله عليه وسلم]
26 - أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب بن أبي عبد الله،
قال: أخبرنا والدي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد
ومحمد بن يعقوب، قالا: حدثنا عباس بن محمد الدوري،
قال: حدثنا قراد: أبو نوح، قال: حدثنا يونس بن
أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى
الأشعري رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج
مع أبي طالب إلى الشام في تجارة، فلقيه راهب)،
* وفي رواية: (فخرج معه رسول الله صلى الله عليه
وسلم بأشياخ قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا
رواحلهم، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله
381

صلى الله عليه وسلم: فقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب
العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ
قريش: ما علمك؟ قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق
شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي، وإني
أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، /
فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به - وكان هو عليه السلام في
رعية الإبل - فقال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما
دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس
مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء هذه الشجرة مال
عليه،
قال: فبينا هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى
الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت فإذا هو
بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم، فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟
قالوا: جئنا لهذا النبي، بلغنا أنه خارج في هذا الطريق،
ولم يبق طريق إلا وقد بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره فمضينا
إلى طريقك، فقال لهم: هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير
منكم؟ قالوا: لا، إنما أخبرنا خبره - أو قال: اخترنا خيرة -
382

فمضينا إلى طريقك هذا، قال: أفرأيتم أمر أراد الله عز وجل أن
يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا،
قال: فتابعوه، وأقاموا،
قال: فأتاهم فقال: أنشدكم أيكم وليه؟ فقال أبو طالب:
[أنا]،
قال /: فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب، وبعث معه
أبو بكر رضي الله عنه بلالا، وزوده الراهب من الكعك
والزيت).
383

27 - وأخبرنا أبو عمرو، قال: أخبرنا والدي، قال:
أخبرنا عمر بن الربيع بن سليمان، قال: حدثنا بكر بن سهل،
قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا موسى بن
عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن
عباس رضي الله عنه.
28 - وعن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس
رضي الله عنه: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه صحب
389

النبي صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان عشرة، والنبي
صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة - وهم يريدون الشام في
تجارة، حتى إذا نزلوا منزلا فيه سدرة قعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ظلها، ومضى أبو بكر رضي الله عنه إلى راهب
يقال له بحيرا يسأله عن شيء، فقال له: من الرجل الذي في
ظل السدرة؟ فقال له: ذلك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
فقال: هذا والله! نبي، ما استظل تحتها بعد عيسى بن مريم
عليه السلام إلا محمد!
390

النبي صلى الله عليه و سلم اتبعه).
391

13 - فصل /
29 - أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد
السمرقندي، قال: أخبرنا عبد الصمد العاصمي قال: حدثنا
أبو العباس البجيري، قال: حدثنا أبو حفص البجيري: قال:
حدثني أبي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الواحد بن
أيمن، قال: سمعت أبي، عن جابر رضي الله عنه قال: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى
شجرة - أو نخلة -، فقالت امرأة من الأنصار - أو رجل -:
يا رسول الله! ألا نجعل لك منبرا؟ قال:
(إن شئتم)،
فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة ذهب إلى المنبر،
فصاحت النخلة صياح الصبي، فنزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فضمها إليه، فكانت تئن أنين الصبي الذي يسكت! قال:
(كانت تبكي على ما تسمع من الذكر عندها).
394

30 - قال: وحدثنا أبو حفص البجيري، حدثنا
عمرو بن علي، قال: حدثنا عثمان بن عمر ويحيى بن كثير،
قالا: حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله
عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى
جذع، فلما أتخذ المنبر حن الجذع، حتى أتاه فالتزمه (*)).
395

31 - أخبرنا أبو نصر الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر
المخلص، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا
شيبان بن فروخ، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، قال: حدثنا
الحسن، عن أنس رضي الله عنه / قال: (كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة،
مسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال:
(ابنوا لي منبرا)،
قال: فبنوا له منبرا له عتبتان، فلما قام على المنبر يخطب
حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال أنس: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين
الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكنت).
فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال:
396

(يا عباد الله! الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
شوقا إليه لمكانه من الله عز وجل، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى
لقائه).
397

قال الإمام - رحمه الله -:
* قوله: (عتبتان) أي: درجتان.
399

* و (الواله): الذاهب العقل لشدة تصيبه، أو مصيبة
تناله.
و (احتضنها)، أي: ضمها إلى حضنه، والحضن: ما دون
الإبط.
400

14 - فصل
في تسبيح الحصى في يده
[صلى الله عليه و سلم]
32 - أخبرنا أحمد بن علي المقرئ، قال: حدثنا
هبة الله بن الحسن، أخبرنا محمد بن الحسين الفارسي،
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الصراري، قال: حدثنا
إسحاق بن إبراهيم: شاذان، قال: حدثنا قريش بن أنس، ح،
33 - قال هبة الله: و أخبرنا القاسم بن جعفر، قال:
أخبرنا علي بن إسحاق، قال: ثنا علي بن حرب، / قال:
حدثنا قريش بن أنس، قال: حدثنا صالح بن أبي الأخضر،
عن الزهري، عن سويد بن يزيد السلمي، قال: مررت
بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أبو ذر رضي الله عنه،
فسلمت وجلست إليه - فذكر عثمان - فقال: (لا أقول أبدا إلا
خيرا - ثلاث مرات - لشيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم في خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يعلم
404

منه، فمر بي فتابعته حتى انتهى إلى موضع - قد سماه -
فجلس فقال:
(يا أبا ذر! ما جاء بك؟)
قلت: الله ورسوله أعلم، إذ جاء أبو بكر رضي الله عنه،
فسلم وجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء
عمر، فسلم وجلس عن يمين أبي بكر، إذ جاء عثمان، فسلك
وجلس عن يمين عمر رضي الله عنه،
فتناول النبي صلى الله عليه وسلم سبع - أو تسع -
حصيات، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل، ثم
وضعهن فخرسن، ثم أخذهن فوضعهن في يد أبي بكر فسبحن
حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن،
ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا
كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في
يد / عثمان، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل،
ثم وضعهن فخرسن).
* قال هبة الله: (اللفظ لحديث علي بن حرب).
405