الكتاب: إثبات عذاب القبر
المؤلف: البيهقي
الجزء:
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: الدكتور شرف محمود القضاة - كلية الشريعة - الجامعة الأردنية
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ١٤١٣ - ١٩٩٢ م
المطبعة: دار الفرقان
الناشر: دار الفرقان
ردمك:
ملاحظات:

إثبات عذاب القبر
1

الطبعة الثالثة
حقوق الطبع محفوظة
1413 ه‍ - 1992 م
دار الفرقان
2

إثبات عذاب القبر
تأليف
الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي 384 ه‍ - 458 ه‍
تحقيق
الدكتور شرف محمود القضاة
كلية الشريعة - الجامعة الأردنية
دار الفرقان
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستهديه وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا
إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة،
وأدى الأمانة، ونصح الأمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين.
وبعد: فإن العقيدة الصحيحة أهم ما في الإسلام، رغم أهمية ما سواها،
وهي الأساس السليم لكل التشريعات، ولذلك كان التركيز عليها واضحا جدا في
العهد المكي بطوله.
ومما لا شك فيه أن الإيمان باليوم الآخر، وما فيه من حساب وجزاء، وجزء
مهم من هذه العقيدة، وأن التذكير به أسلوب إسلامي لتوجيه الناس نحو الخير،
وإبعادهم عن الشر، فلو لم يكن هنالك يوم آخر لازداد الذين ينحرفون عن دين الله
زيادة كبيرة، ولا نخفض الذين يلتزمون بمنهج الله تعالى انخفاضا شديدا، ولذلك نرى
في النصوص ربطا قويا بين الإيمان بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم
ضيفه).
والجزاء الأخروي يتم على مراحل، ومن هذه المراحل مرحلة القبر وما فيه من
سؤال ونعيم أو عذاب، ولا شك أن الإيمان بذلك يساعد على الالتزام بطاعة الله
تعالى ويعين على الابتعاد عن معصيته، فقد ورد في الحديث الصحيح " أكثروا ذكر
هاذم اللذات، الموت " والمراد تذكر الموت وما بعده.
وقد شرح الله صدري لتحقيق هذا المخطوط في إثبات عذاب القبر ونعيمه،
فعزمت أمري وتوكلت على الله، فحققته في حدود ما آتاني الله من توفيق وعلم ووقت وقدرة.
5

أما عملي في التحقيق فهو كما يلي:
1 - كتبت مقدمة ذكرت فيها:
أ - آراء العلماء في عذاب القبر.
ب - ترجمة مختصرة للبيهقي مؤلف الكتاب.
ج - لمحة عن الكتاب والنسخة التي حققتها.
د - هل صنف أحد في عذاب القبر.
ه‍ - لمحة عن أبواب الكتاب.
و - أسماء من روى البيهقي عنهم من الصحابة في هذا الكتاب.
2 - خرجت الآيات الواردة في الكتاب.
3 - خرجت الأحاديث الواردة، وقد كنت في كثير من الأحيان أعزو الحديث إلى
أكثر من مصدر.
4 - شرحت الكلمات الصعبة، معتمدا في ذلك على النهاية لابن الأثير والفائق للزمخشري، فإن لم أجد فيهما ما أريد بحثت عنها في لسان العرب أو القاموس
أو مختار الصحاح.
5 - ترجمت لبعض الرواة، إذ ليس بالإمكان الترجمة لهم جميعا فعددهم في الكتاب
لا يحصى، فترجمت لبعض الصحابة، ولبعض من كثر ذكره في الكتاب من
غير الصحابة.
6 - أحصيت عدد ما ورد في الكتاب من أحاديث وآثار عن بعض الصحابة
والتابعين فوجدتها (240) وقد كتبت بجانب كل حديث رقمه.
6

7 - أحصيت عدد ما ورد في الكتاب من أحاديث مخرجة في الصحيحين أو
أحدهما، فوجدتها (73) حديثا، وأما بقية الأحاديث فكثير منها على
شرطهما أو شرط أحدهما وبعضها صحيح أو حسن، وقسم منها أحاديث
ضعيفة وهي ليست كثيرة.
8 - أحصيت عدد الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر في
هذا الكتاب فوجدتهم (39) صحابيا وسيأتي ذكرهم بعد قليل، وقد روى
عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم عدد أكثر منهم من التابعين وأتباع
التابعين. وبذلك تكون أحاديث إثبات عذاب القبر متواترة تواترا معنويا كما
صرح بذلك كثير من العلماء.
9 - وضعت في آخر الكتاب فهرسا يبين أبوابه ليسهل الرجوع إليها.
هذا وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم إنه
سميع قريب مجيب.
7

بحث في عذاب القبر
اتفق أهل السنة والجماعة على أن الانسان يسأل في قبره وينعم أو يعذب
فيه، وأن ذلك يقع على الروح والجسد معا.
وخالف في ذلك قليل من العلماء، اختلفوا فيما بينهم على عدة أقوال وهي:
1 - نفاه مطلقا بعض الخوارج وبعض المعتزلة كضرار بن عمرو، وبشر المريسي،
واستدلوا لما ذهبوا إليه بما يلي:
(أ) قوله تعالى: (وما أنت بمسمع من في القبور) فاطر 22. وأجاب
الجمهور: بأن هذه الآية معناها أن الله هو الذي يسمعهم فهي مثل
قوله تعالى: (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي) أي ان الله هو
الذي يسمع ويهدي، أو أن معني الآية التي احتجوا بها أنك لا
تسمعهم سماعا ينفعهم، أو لا تسمعهم إلا أن يشاء الله.
(ب) أننا نرى شخصا يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه ولا نشاهد
فيه إحياء ولا مسائلة، وكيف يعذب من أكلته السباع والطيور وتفرقت
أجزاؤه في بطونها، ومن أحرق حتى يفتت ثم تذري أجزاؤه في الرياح.
وأجاب الجمهور: بأن ذلك لا يمنع تعذيبه، ولا يستعصي على قدرة الله
تعالى، فهو قادر على أن يعيد الحياة إلى جزء من الجسد ويقع عليه
السؤال كما هو قادر على أن يجمع أجزاءه بعد تفرقها، وهو قادر أيضا
على أن يوقع العذاب على أجزائه وهي متفرقة ويشعر الروح بهذا
العذاب. وهذه الأدلة التي ذكروها لا تقف أمام الآيات والأحاديث
المتواترة.
8

2 - قال جماعة من الكرامية يقع على الجسد فقط، وأن الله يخلق فيه إدراكا
بحيث يسمع ويعلم ويلذ ويألم.
واستدلوا بقصة مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب القليب في بدر، فقد
كان يخاطبهم قبل أن تعود الروح إليهم وكانوا يسمعونه، وهكذا يكون
السؤال في القبر. وأجاب الجمهور: بأن هذا لا يصلح دليلا لما يدعونه،
والأحاديث الصحيحة الكثيرة بخلاف ذلك، وهي تنص على الإقعاد
والمخاطبة، وإجابة الانسان على أسئلة الملكين وغير ذلك مما يدل على وجود
الروح.
3 - وقال ابن حزم وابن هبيرة إن السؤال يقع على الروح فقط واستدلوا بأن
الميت قد يشاهد في قبره حال المسألة ولا أثر فيه من إقعاد ولا غيره، ولا
ضيق في قبره ولا سعة.
وأجاب الجمهور: بأن ذلك غير ممتنع في قدرة الله تعالى، بل له نظير في
العادة وهو النائم، فإنه يجد لذة وألما لا يدركه من يشاهده، بل إن اليقظان
قد يدرك ألما ولذة لما يفكر به ولا يدرك ذلك جليسه، والمريض يتألم بجسمه
ولكننا لا ندرك ذلك إلا إذا صرخ من الألم مثلا. وقد كان جبريل عليه
السلام يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حضور فيراه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا
يراه أحد من أصحابه.
والظاهر أن الله تعالى صرف أبصار العباد وأسماعهم عن مشاهدة
ذلك فلا يسمعه الثقلان إلا من شاء الله.
4 - قال أبو الهذيل ومن تبعه إن الميت لا يشعر بالتعذيب ولا بغيره إلا بين
النفختين، فهو كالنائم والمغشي عليه لا يحس بالضرب إلا بعد الإفاقة.
وليس لهم دليل على ذلك فيما أعلم. والأحاديث بخلافه.
5 - قال بعض المعتزلة: إنه يقع على الكفار دون المؤمنين - واستدلوا بقوله
تعالى: (وحاق بآل فرعون سوء العذاب... الآية) غافر 45، 46.
9

وأجاب الجمهور: بأن ذلك لا يعني عدم وقوعه على المؤمنين،
وأحاديث عذاب عصاة المؤمنين في القبر كثيرة منها أحاديث عذاب القبر
في البول والغيبة، وقد خصص البيهقي رحمه الله بابا في تخويف أهل الإيمان
من عذاب القبر. 6 - قال بعضهم: يسأل المؤمن والمنافق، وأما الكافر فلا يسأل، واستدلوا بما
رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين قال: إنما
يفتن رجلان: مؤمن ومنافق، وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا
يعرفه.
وأجاب الجمهور: بأن هذا موقوف، والأحاديث الناصة على أن
الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهي أولى بالقبول.
وأما أدلة الجمهور فهي كثيرة جدا منها:
(أ) قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة
باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون)
الأنعام 93.
قال ابن عباس وغيره: هذا عند الموت، والبسط هو الضرب،
يضربون وجوههم وأدبارهم.
(ب) قوله تعالى: (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم
وأدبارهم) الأنفال 50.
وهذا العذاب وان كان قبل الدفن فهو من جملة العذاب
الواقع قبل يوم القيامة، والعذاب إنما أضيف إلى القبر لكون
معظمه يقع فيه.
(ج) قوله تعالى: (سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم)
التوبة 101.
قال الطبري بعد أن ذكر الخلاف في ذلك:
والأغلب أن إحدى المرتين عذاب القبر، والثانية إما الجوع أو
السبي أو القتل أو الإذلال أو غير ذلك.
10

(د) قوله تعالى: (وحاق بآل فرعون سوء العذاب، النار يعرضون عليها
غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر
45، 46 قال القرطبي: الجمهور على أن هذا العرض يكون في
البرزخ.
(ه‍) قوله تعالى: (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا
يعلمون) الطور 47. أي عذابا قبل يوم القيامة، وهو إما في الدنيا أو
في القبر كما ورد ذلك تحت رقم 69، 70، من هذا الكتاب.
وأما الأحاديث التي تؤيد مذهب أهل السنة والجماعة فهي كثيرة جدا تكاد
لكثرتها ألا تحصى.
قال القسطلاني في ارشاد الساري / 2 / 460.
قال في مصابيح الجامع: وقد كثرت الأحاديث في عذاب القبر حتى قال غير
واحد أنها متواترة، وإن لم يصح مثلها لم يصح شئ من أمر الدين.
وقال العيني في عمدة القاري / 8 / 145: ولنا أيضا أحاديث صحيحة وأخبار
متواترة.
وقال صاحب شرح العقيدة الطحاوية / 450.
وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان
أهلا لذلك، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به.
وأما من قال من العلماء بأن أحاديث عذاب القبر غير متواترة فإنهم والله أعلم لم
يطلعوا على كل ما في الموضوع من أحاديث، إذ لا يمكن لمن اطلع عليها أن ينفي
تواترها.
وحسبنا هذا الكتاب دليلا على تواتر أحاديث عذاب القبر، فقد أورد فيه
مؤلفه رحمه الله أحاديث عن (39) تسعة وثلاثين صحابيا، رواها عنهم من التابعين
وأتباعهم من هم أكثر عددا منهم.
وقد ذكر البيهقي في كتابه هذا معظم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع
ولكنه لم يستوعبها جميعا. والله أعلم.
11

حكم الحديث المتواتر:
إن الحديث المتواتر يفيد العلم القطعي، ويجب الإعتقاد بما فيه، ويكفر
منكره، لأنه حديث لا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله، فيكون منكره مكذبا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا اتفق العلماء على تواتر حديث ما فيعتبر منكره كافرا، أما إذا اختلفوا في
تواتره فلا يحكم بكفر منكره، وإنما يكون منكره آثما.
وبما أن أحاديث عذاب القبر مختلف في تواترها، فلا يكفر منكرها، ولكنه
يكون آثما لإنكاره مجموعة من الأحاديث الصحيحة. والله أعلم.
12

البيهقي
الامام الحافظ العلامة أبو يكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسرجردي
البيهقي.
ولادته ونشأته ووفاته:
عاش أربعا وسبعين سنة، فقد ولد في بيهق في شعبان سنة أربع وثمانين
وثلاثمائة (384 ه‍)، ونشأ وترعرع فيها، وتوفي في جمادى الأولى سنة ثمان
وخمسين وأربعمائة (458 ه‍).
رحلته في طلب العلم:
طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان ذلك سنة (399 ه‍) ورحل
إلى العراق والجبال والحجاز فحج، وسمع في نوقان، واسفرايين، وطوس،
والمهرجان، وأسداباذ، وهمذان، والدامغان وأصبهان، والري، والطابران،
ونيسابور، وروذبار، وبغداد، والكوفة، ومكة، بالإضافة إلى سماعة بخسرجرد وبيهق.
شيوخه:
لقد أخذ البيهقي في هذه البلاد عن كثير من العلماء الذين زاد عددهم على
مائة (100) شيخ، ساهموا في تعليمه ورعايته وصقل مواهبه، وكان لكثير منهم
مزيد اعتناء به لما عرفوا عنه من ذكاء واخلاص ونبوغ مبكر، وكان كثير منهم أسوة
حسنة في العلم والعمل والزهد والاخلاص، اقتدى بهم البيهقي ونهل من علومهم
ومعارفهم، فكان خلفا لهم في بث العلم، ونشر السنة، والذود عنها، وإقامة حجة
الله في الأرض. ومن أهم مشايخه:
1 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الحاكم المعروف بابن البيع،
صاحب المستدرك، وعلوم الحديث، وتاريخ نيسابور، وغيرها، توفي عام
405 ه‍.
13

2 - أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني، ألف قرابة مائة مصنف
منها (مشكل الحديث) توفي عام 406 ه‍.
3 - أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني وهو من مشايخ الخطيب البغدادي،
وأبي إسحاق الشيرازي، له مصنفات في الحديث، توفي عام 425 ه‍.
4 - أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، صاحب التفسير، والفرق
بين الفرق، وفضائح الكرامية، وفضائح المعتزلة، وتأويل متشابه الأخبار، توفي عام
429 ه‍.
5 - أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني، له مستخرج على الصحيحين
وسنن الترمذي، وأبي داود، توفي عام 428 ه‍.
تآليفه ومصنفاته: بدأ البيهقي التأليف سنة 406 ه‍ وعمل كتبا لم يسبق إلى تحريرها، منها:
(1) السنن الكبير، الذي قال عنه الذهبي: ليس لأحد مثله، طبع في الهند في
عشر مجلدات كبار سنة 1353 - 1355 ه‍.
(2) الأسماء والصفات، طبع في الهند سنة 1313 ه‍ ثم في مصر سنة
1358 ه‍.
(3) القراءة خلف الإمام، طبع في الهند سنة 1915 م.
(4) الاعتقاد على مذهب السلف، أهل السنة والجماعة، طبع سنة
1379 ه‍.
(5) أحكام القرآن، طبع سنة 1371 ه‍ بتحقيق الشيخ عبد الغني عبد
الخالق.
(6) مناقب الشافعي، طبع في القاهرة سنة 1390 ه‍.
(7) دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، طبع بالقاهرة سنة
1390 ه‍.
(8) حياة الأنبياء في قبورهم، طبع في مصر سنة 1349 ه‍.
14

(9) البعث والنشور.
(10) الزهد الكبير.
(11) اثبات عذاب القبر.
(12) مختصر السنن.
(13) القدر.
(14) المدخل إلى السنن.
(15) الترغيب والترهيب.
(16) الخلافيات.
(17) نصوص الشافعي.
(18) الآداب.
(19) فضائل الأوقات.
(20) فضائل الصحابة.
(21) الأربعون الصغرى.
(22) الأربعون الكبرى.
(23) الدعوات الصغير.
(24) الدعوات الكبير.
(25) الاسراء.
(26) مناقب أحمد بن حنبل.
(27) اثبات الرؤية.
(28) الايمان.
(29) شعب الايمان.
(30) الجامع في الخاتم.
(31) المبسوط في نصوص الشافعي.
تقدير العلماء لمؤلفاته:
يقول السبكي في طبقات الشافعية / 4 / 9: ثم اشتغل بالتصنيف بعد أن صار
أوحد زمانه، وفارس ميدانه، وأحذق المحدثين، وأحدهم ذهنا، وأسرعهم فهما،
وأجودهم قريحة، وبلغت تصانيفه ألف (1000) جزء ولم يتهيأ لأحد مثلها.
أما (السنن الكبير) فما صنف في علم الحديث مثله، تهذيبا، وترتيبا،
وجودة.
وأما (معرفة السنن والآثار) فلا يستغني عنه فقيه شافعي.
وإما (المبسوط) في نصوص الشافعي، فما صنف في نوعه مثله.
وأما (الأسماء والصفات) فلا أعرف له نظيرا.
وأما كتاب (الاعتقاد) وكتاب (دلائل النبوة) وكتاب (شعب الايمان)
وكتاب (مناقب الشافعي) وكتاب (الدعوات الكبير) فأقسم ما لواحد منها
نظير.
15

وأما كتاب الخلافيات، فلم يسبق إلى نوعه، ولم يصنف مثله، وهو طريقة
حديثية مستقلة، لا يقدر عليها الا مبرز في الفقه والحديث، قيم بالنصوص، ولا
أعرف أحدا بعده جمع النصوص - نصوص الشافعي - لأنه سد الباب على من
بعده.
وقال امام الحرمين: ما من شافعي الا وللشافعي عليه منة الا أبا بكر البيهقي،
فان له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه.
وقال الذهبي: عمل كتبا لم يسبق إلى تحريرها. ولذلك نجد أن الذهبي قد
اعتنى بها كثيرا واختصر بعضها مثل:
(1) السنن الكبير. (2) البعث والنشور.
(3) الزهد. (4) القدر.
وممن اختصر السنن الكبير أيضا قاضي القضاة ابن عبد الحق المتوفى عام
744 ه‍.
تلاميذه: يسر الله للامام البيهقي من الطلاب من حمل علمه الغزير، ونشره في الآفاق،
فحفظ الله بذلك علمه من الضياع. ومن أشهرهم:
(1) أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، روى عن البيهقي دلائل النبوة،
والأسماء والصفات، والدعوات، والبعث. توفي عام 530 ه‍.
(2) أبو القاسم زاهر بن طاهر المستملي، روى عن البيهقي كتاب الزهد.
(3) أبو المظفر القشيري، روى كتاب المناقب توفي عام 532 ه‍.
(4) أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد، حفيد البيهقي روى عنه عدة كتب
توفي عام 523 ه‍.
(5) ابن منده يحيى بن عبد الوهاب الأصبهاني، صاحب التاريخ توفي عام
511 ه‍.
16

إخراجه من بلده:
عاش البيهقي في فترة من الفترات التي كانت تموج بالفتن والقلاقل والتي كانت
تثار بين طوائف المسلمين باسم الدين، وقد تعرض البيهقي في هذه الفترة للإيذاء
والاخراج من بلده نيسابور، وذلك على يد أبي نصر منصور بن محمد الكندري وزير
السلطان طغرلبك أول سلاطين السلاجقة، وكان الكندري معتزليا رافضيا غاليا
فيهما، ولم يعد البيهقي إلى موطنه الا بعد أن قتل الكندري.
زهده وورعه:
كان البيهقي رحمه الله على سيرة العلماء، قانعا باليسير، متجملا في زهده
وورعه.
لمحة عن المخطوطة
أما كتاب البيهقي الذي بين أيدينا واسمه (اثبات عذاب القبر وسؤال الملكين
على ما وردت به الشريعة بالآيات المتلوة والأخبار المروية وأقاويل سلف هذه الأمة مع
جواز ذلك بالعقل في قدرة الله سبحانه وتعالى).
هذا الكتاب أشار إليه مؤلفه الامام البيهقي في كتابه آخر له، فقال في كتابه
(الاعتقاد على مذهب السلف أهل السنة والجماعة) صفحة (110) ما يلي:
(والأخبار في عذاب القبر كثيرة وقد أفردنا لها كتابا مشتملا على ما ورد فيها
من الكتاب والسنة والآثار).
وكذلك فقد ذكره حاجي خليفة في كتاب كشف الظنون 1 / 9.
أما الكتب التي ترجمت للبيهقي فقد اطلعت على كثير منها، ولم أجد له
ذكرا، الا ما ذكر في مقدمة المحقق لكتاب البيهقي (معرفة السنن والآثار).
17

والسبب في عدم التعرض لذكره، أن البيهقي من أصحاب التصانيف الكثيرة
فقد ألف نحوا من ألف جزء، ومن العسير جدا أن تذكر جميع مؤلفاته في كتب
التراجم، لذلك نجدهم يذكرون أشهر الكتب التي ألفها دون التعرض لغيرها.
ولقد اعتمدت في التحقيق على نسخة واحدة فقط، ولم أستطع حتى الآن
الحصول على نسخة أخرى.
أما النسخة التي بين يدي فقد كتبها عبد الله بن أحمد بن خليل الشافعي في
غرة شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة (731) ه‍. وقد كتبها بخط
جعلني أعاني كثيرا في سبيل الوصول إلى الحقيقة، فكثيرا ما تكون الكلمات غير
واضحة وخاصة في رجال السند، وكنت أرجع إلى كثير من كتب الحديث والرجال
حتى أستطيع أن أتبين حقيقتها وقد ساعدني على ذلك أن معظم المخطوطة انما هي
أحاديث بأسانيدها، كنت أجدها في كتب الحديث الأصلية وكتب الرجال، ولو
كان فيها الكثير من كلامه وتعليقاته لما استطعت تحقيقها الا بوجود نسخ أخرى.
وعدد أوراق المخطوط (45) ورقة قياس 5 ر 18 * 26 سم والمخطوطة موجودة في
تركيا في مكتبة أحمد الثالث تحت رقم 1137 / 6.
وتوجد صورة عنها في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة،
قسم الحديث رقم (9).
هل صنف أحد في عذاب القبر:
عذاب القبر من مسائل العقيدة التي اهتم فيها المسلمون قديما وحديثا فنجد له
مجالا فسيحا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كلام الصحابة رضي الله عنهم، ولما
جاء عصر التدوين، وبدأ الجمع والتصنيف في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كل من
دون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يورد ما وصله من أحاديث عن سؤال القبر وعذابه أو
نعيمه وكان بعضهم يتوسع في ذلك وبعضهم لا يذكر منها الا القليل كأصحاب
السنن وذلك لأن أحاديث عذاب القبر ليست داخلة في موضوع كتبهم.
18

وعلى كل حال فقد وجدت أن أكثر من دون في السنة قد أفرد بابا أو فصلا أو
غير ذلك في سؤال القبر وعذابه أو نعيمه بالإضافة إلى ما يذكر ضمن الأبواب
الأخرى كالطهارة والغيبة والشهادة والتفسير والدعاء. ولكنني لم أجد أحدا قبل البيهقي أفرد كتابا مستقلا ومبسوطا في اثبات عذاب
القبر كما فعل أبو بكر البيهقي رحمه الله. والله أعلم.
وأما ما فعله البيهقي فهو أنه قد جمع ما وصله من أحاديث بالأسانيد التي
وصلته بها، وهو وإن كان قد دون في هذا الكتاب معظم ما ورد في هذا الباب من
أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الا أنه مع ذلك لم يستوعب كل ما ورد في ذلك من
الأحاديث.
ويلاحظ القارئ لهذا الكتاب أن كثيرا من أحاديثه رواها الشيخان أو
أحدهما.
لمحة عن أبواب الكتاب:
ونبدأ الآن بذكر لمحة عن الكتاب وأبوابه، فنجد المؤلف رحمه الله يبدأ فورا
بصلب الكتاب دون أية مقدمة اطلاقا.
ثم نجد المؤلف قد قسم كتابه إلى واحد وثلاثين بابا وهي:
(1) باب: ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من بشارة المؤمنين
بالتثبيت عند سؤال الملكين، وفيه (7) أحاديث.
(2) باب: ما في هذه الآية من الوعيد للكفار بعذاب القبر، قال الله تعالى:
ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، وفيه (5) أحاديث.
(3) باب: أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بان المؤمن والكافر جميعا يسألان ثم يثبت المؤمن
ويعذب الكافر، وفيه (20) حديثا.
(4) باب: نزول الملائكة عند الموت ببشرى المؤمن ووعيد الكافر، وفيه (8)
أحاديث.
19

(5) باب: الاسراع بالجنازة، وفيه حديث واحد فقط.
(6) باب: قول الجنازة قدموني، وفيه حديث واحد فقط.
(7) باب: الدليل على أنه تعاد روحه في جسده ثم يسأل فيثاب المؤمن ويعاقب
الكافر، وفيه (3) أحاديث.
(8) باب: الدليل على أنه بعد السؤال يعرض على مقعده بالغداة والعشي، وفيه
(6) أحاديث.
(9) باب: ما يكون على المنافقين من العذاب في القبر قبل العذاب في النار،
وفيه (5) أحاديث.
(10) باب: ما يكون على من أعرض عن ذكر الله تعالى من العذاب في القبر قبل
عذاب يوم القيامة، وفيه (14) حديثا.
(11) باب: جواز الحياة في جزء منفرد وأن البنية ليست من شرط الحياة، وفيه
(3) أحاديث.
(12) باب: الدليل على أن الله تعالى يخلق على من فارق الدنيا أحوالا لا نشاهدها
ولا ندركها يتنعم فيها قوم ويتألم آخرون، وفيه (26) حديثا.
(13) باب: تخويف أهل الايمان بعذاب القبر، وفيه (17) حديثا.
(14) باب: عذاب القبر في النميمة والبول. وفيه (14) حديثا.
(15) باب: ما يخاف من عذاب القبر في النياحة على الميت، وفيه (2)
حديثان.
(16) باب: ما يخاف من عذاب القبر في الغلول، وفيه (2) حديثان.
(17) باب: ما يخاف من عذاب القبر في الدين، وفيه (4) أحاديث.
(18) باب: ما جاء في طاعة الله تعالى من الأمن من عذاب القبر، وفيه (2)
حديثان.
(19) باب: ما يرجى في الرباط من الأمان من فتنة القبر، وفيه (3) أحاديث.
(20) باب: ما يرجى في الشهادة من الأمن من عذاب القبر، وفيه (3)
أحاديث.
20

(21) باب: ما يرجى في قراءة سورة الملك من المنع من عذاب القبر، وفيه (5)
أحاديث.
(22) باب: ما يرجى للمبطون من الأمان من عذاب القبر، وفيه (3) أحاديث.
(23) باب: ما يرجى في الموت ليلة الجمعة من البراءة من فتنة القبر، وفيه (4)
أحاديث.
(24) باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة بتوسيع المدخل على صاحبها
ووقايته من فتنة القبر، وفيه (3) أحاديث.
(25) باب: ما يرجى في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الجنائز من النور في القبور، وفيه
حديث واحد فقط.
(26) باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين بعذاب القبر، وفيه (10) أحاديث.
(27) باب: استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر وأمره بها، وفيه (38) حديثا.
(28) باب: الدعاء للمؤمن بالتثبيت بعد الفراغ من الدفن، وفيه (2) حديثان.
(29) باب: تمني من غفر له أن يعلم قومه بما أكرمه الله به، وفيه (4)
أحاديث.
(30) باب: تأويل قول الله عز وجل: " ونفع في الصور.. " وفيه (4)
أحاديث.
(31) باب: ما حضرني من أقاويل السلف رضي الله عنهم في اثبات عذاب القبر
وما كانوا يخافونه من هول المطلع، وفيه (20) حديثا.
وقد ذكر في هذا الباب أقوالا لعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي موسى وأبي
الدرداء وأبي هريرة وعائشة وأسماء بنت أبي بكر وابن عباس، وابن عمر وأنس
بن مالك رضي اللهم عنهم أجمعين.
أسماء من روى عنهم من الصحابة:
وفي ختام دراستي لهذا الكتاب، وجدت أن من المفيد أن أحصي عدد
الصحابة الذين رووا في عذاب القبر فوجدتهم (39) صحابيا، وهذه أسماؤهم مرتبة
حسب ورودهم في هذا الكتاب.
21

1 - البراء بن عازب. 2 - أبو هريرة.
3 - عبد الله بن مسعود. 4 - ابن عباس.
5 - عائشة. 6 - أنس بن مالك.
7 - أسماء بنت أبي بكر. 8 - عثمان بن عفان.
9 - ابن عمر. 10 - أبو سعيد الخدري.
11 - جابر بن عبد الله. 12 - أبو أيوب الأنصاري.
13 - زيد بن ثابت. 14 - أم مبشر بنت البراء بن معرور.
15 - بلال بن رباح. 16 - سمرة بن جندب.
17 - أبو أمامة الباهلي. 18 - أبو رافع.
19 - عمر بن الخطاب. 20 - عبد الله بن عياش.
21 - حذيفة بن اليمان. 22 - أبو بكرة.
23 - عبد الرحمن بن حسنة. 24 - سمرة بن حبيب.
25 - سلمان الفارسي. 26 - فضالة بن عبيد.
27 - قيس الجذامي. 28 - سليمان بن صرد.
29 - خالد بن عرفطة. 30 - عبد الله بن عمرو بن العاص.
31 - عوف بن مالك الأشجعي. 32 - علي بن أبي طالب.
33 - سعد بن أبي وقاص. 34 - أم خالد بنت خالد بن سعيد ابن العاص.
35 - أبي بن كعب. 36 - زيد بن أرقم.
37 - ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم. 38 - أبو موسى الأشعري.
39 - أبو الدرداء.
رضي الله عنهم أجمعين والحمد لله رب العالمين
22

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب اثبات عذاب القبر وسؤال الملكين على ما وردت به الشريعة
بالآيات المتلوة والأخبار المروية وأقاويل سلف هذه الأمة، مع جواز ذلك بالعقل
في قدرة الله سبحانه وتعالى.
تأليف
الامام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي
رحمه الله
26

باب
ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من بشارة المؤمنين بالتثبيت
عن سؤال الملكين.
قال الله عز وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي
الآخرة).
1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن
سليمان الفقيه، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا الحوضي، (ح)، وأخبرنا أبو
زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أبو عثمان سعيد بن محمد عبدان،
قالا ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، نا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أبو
عمر، ثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن
عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المؤمن إذا شهد أن لا إله إلا الله، وعرف محمدا
صلى الله عليه وسلم في قبره، فذلك قول الله عز وجل: (يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت
في الحياة الدنيا) رواه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن أبي
عمر حفص بن عمر الحوضي.
27

2 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد
ابن إسحاق الصغاني، نا هشام بن عبد الملك (ح) وأخبرنا أبو علي الحسين بن
محمد بن محمد بن علي الروذ باري أنا أبو بكر محمد بن بكر بن عبد الرزاق ثنا أبو
داود سليمان بن الأشعث السجستاني ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبة بن علقمة
ابن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن
المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذلك قول الله عز وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي
الآخرة) لفظ حديث أبي داود.
وفي حديث الصغاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، رواه البخاري في
الصحيح عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك.
ورواه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري عن محمد بن المثنى عن أبي
الوليد فيما زعم شيخنا أبو عبد الله الحافظ فأما أنا فإني لم أره في كتاب مسلم إلا من
رواية محمد بن جعفر غندر عن شعبة.
3 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن
عبيدة عن البراء بن عازب في قوله (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا...) إذا جاء الملك الرجل في القبر حين يدفن فقال له: من ربك
28

فقال: ربي الله، فقال: وما دينك قال: ديني الإسلام، وقال له: من نبيك
قال: نبيي محمد فذلك التثبيت في الحياة الدنيا.
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية وقال: إذا جاء الملكان الرجل في
القبر.
4 - أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي ببغداد ثنا عثمان بن أحمد بن
السماك (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد وأبو
العباس محمد بن يعقوب قالوا ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن
أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن والكافر ثم ذكر
أشياء لم أحفظها فقال إن المؤمن إذا سئل في قبره قال ربي الله فذلك قول الله عز
وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) الآية.
50 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي
بهمذان ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا آدم بن أبي إياس ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن
عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (يثبت الله الذين
آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فقال: ذلك إذا قيل له في القبر
من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول: الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي جاءنا
بالبينات من عند الله فآمنت به وصدقته فيقال: صدقت على هذا حييت وعليه
تبعث إن شاء الله.
6 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي المؤمل بن الحسن بن عيسى رحمه
الله قراءة عليه من أصله ثنا أبو عثمان عمرو بن عبيد الله البصري نا أبو أحمد محمد
ابن عبد الوهاب أنا جعفر بن عون أبنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن
المخارق عن المخارق بن سليم قال قال عبد الله يعني ابن مسعود إذا حدثناكم بحديث
آتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله عز وجل إن المسلم إذا دخل قبره أجلس
فيه فقيل من ربك وما دينك يعني ومن نبيك قال فيثبته الله عز وجل
29

فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال فيوسع له قبره ويروح له
فيه ثم قرأ: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) الآية.
وإن الكافر إذا دخل قبره أجلس فيه فقيل له من ربك وما دينك ومن
نبيك فيقول لا أدري فيضيق عليه قبره ويعذب فيه ثم قرأ عبد الله (ومن أعرض
عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى).
7 - أخبرنا أبو عبد الرحمن الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو سعيد محمد
ابن موسى قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق ثنا يحيى بن أبي
بكير ثنا شريك عن سالم عن سعيد عن ابن عباس قال: (يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا) قال: المخاطبة في القبر يقول من ربك وما دينك
ومن نبيك وفي الآخرة مثل ذلك.
30

باب
ما في هذه الآية من الوعيد للكفار بعذاب القبر.
قال الله تعالى: (ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
8 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو الفضل بن إبراهيم ثنا أحمد بن
سلمة ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد
ابن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال نزلت في عذاب القبر يقال له
من ربك فيقول ربي الله ونبيي محمد فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول
الثابت. رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار ورواه مسلم أيضا
عن محمد بن بشار.
9 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني ثنا روح بن عبادة ثنا الثوري (ح)
وأخبرنا أبو عبد الله أنا محمد بن يعقوب يعني الشيباني ثنا أحمد بن سهل نا محمد بن
بشار ثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن خيثمة عن البراء بن
عازب (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال:
نزلت في عذاب القبر. رواه مسلم في الصحيح عن بشار وغيره.
10 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران العدل ببغداد أنا أبو عمرو
عثمان بن أحمد بن عبد الله ثنا جعفر بن محمد الرازي ثنا الهيثم بن اليمان ثنا إسماعيل
ابن زكريا حدثني محمد يعني ابن عون عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله عز
وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)
الشهادة يسألون عنها في قبورهم بعد موتهم قال قلت لعكرمة ما هو قال: يسألون
عن إيمان محمد صلى الله عليه وسلم وأمر التوحيد قال: (ويضل الله الظالمين) قال تلك
الشهادة فلا يهتدون أبدا.
وهكذا رواه غيره عن ابن عباس.
31

11 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا محمد بن عمرو الأسلمي، قال
عبد السلام بن حفص ثنا عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بي يفتتن أهل القبور وفي نزلت هذه الآية (يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت) قال أبو العباس أحسبه قال وفيه نزلت.
12 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا ثنا أبو العباس ثنا محمد بن إسحاق
ثنا معاوية بن عمرو بن أبي إسحاق الفزاري عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) في عذاب
القبر.
32

باب
أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن والكافر جميعا يسألان ثم يثبت المؤمن
ويعذب الكافر.
13 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل ثنا
يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب عن سعيد يعني بن أبي عروبة عن قتادة عن
أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه
أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقولان ما كنت تقول في هذا
الرجل يعني محمدا صلى الله عليه وسلم قال: فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال
له: انظر إلى مقعدك في النار قد أبدلك الله مقعدا في الجنة فيراهما جميعا. رواه
مسلم في الصحيح عن عمرو بن زرارة عن عبد الوهاب وروي ذلك عن عبد
الوهاب بن عطاء أبسط من ذلك.
14 - أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا أبو
سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان ثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب
ابن عطاء أنا سعيد (ح). وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى بن
الفضل قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد ابن إسحاق الصغاني نا محمد
ابن عبد عبد الله الرزي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك
33

أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لبني النجار فسمع صوتا ففزع فقال: من أصحاب
هذه القبور؟ قالوا: يا نبي الله ناس ماتوا في الجاهلية فقال نعوذ بالله من عذاب
القبر وعذاب النار وفتنة الدجال قالوا وما ذاك يا رسول الله قال: إن هذه
الأمة تبتلى في قبورها وإن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له ما كنت
تعبد فإن الله هداه - وفي رواية القطان فإن هداه الله عز وجل - فيقول كنت
أعبد الله - فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول هو عبد الله ورسوله
قال فما سئل عن شئ غيرها فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له هذا
بيتك كان في النار ولكن الله عز وجل عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنة
فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له أسكن. وإن الكافر إذا وضع
في قبره أتاه ملك فينهره فيقول ما كنت تعبد فيقول لا أدري فيقول لا دريت
ولا تليت فيقول ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول كنت أقول ما يقول
الناس قال فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير
الثقلين. لفظهما سواء.
وهكذا رواه أحمد بن حنبل عن عبد الوهاب بن عطاء.
15 - أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أنا أبو بكر الإسماعيلي أنا
أبو يعلي والحسن قالا ثنا محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع قال أبو بكر وأخبرني
الفاريابي والحسن قالا ثنا العباس بن الوليد ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا وضع في قبره
وتولى عنه أصحابه حتى إنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما
كنت تقول في هذا الرجل محمد فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله
34

فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا في الجنة قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم تراهما كلاهما أو قال جميعا قال قتادة فذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون
ذراعا ويملأ عليه - خضرا إلى يوم القيامة ثم رجع إلى حديث أنس قال وأما
الكافر أو المنافق فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت
أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة
بين أذنيه فيصيح صيحة سمعها من يليه غير المثقلين.
هذا حديث الفريابي رواه البخاري في الصحيح فقال وقال لي خليفة ثنا
يزيد بن زريع فذكره، ورواه مسلم عن محمد بن المنهال مختصرا. ورواه شيبان بن
عبد الرحمن عن قتادة.
16 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق الصغاني ثنا حسين بن محمد ثنا شيبان عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال قال نبي الله
صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال
يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فأما المؤمن فيقول
أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا
من الجنة قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا. رواه مسلم في الصحيح.
17 - كما أخبرنا عبد الله بن يوسف ثنا أبو عبد الله بن يزيد وأبو أحمد بن
عيسى نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبد بن حميد ثنا يونس
ابن محمد نا شيبان بن عبد الرحمن فذكره بمثله وزاد في آخره قال قتادة وذكر لنا أنه
يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.
وعن أسماء بنت أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
35

18 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا محمد بن
غالب ثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك (ح) وأخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن
الحسين العدل أنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ثنا محمد بن إبراهيم العبدي ثنا بن
بكير ثنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر
أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام
يصلون وإذا هي قائمة قالت فقلت ما للناس فأشارت بيدها إلى السماء وقالت
سبحان الله فقلت: آية فأشارت أن نعم، فقمت حتى تجلاني الغشي
فجعلت أصب فوق رأسي الماء فلما انصرف حمد الله - رسول الله وأثنى عليه ثم
قال ما من شئ كنت لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد
أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال فأما المؤمن أو
الموقن - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له نم صالحا قد علمنا إن كنت
لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: لا
أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلت: رواه البخاري في الصحيح عن عبد
الله بن مسلمة القعنبي ورواه مسلم من وجه آخر عن هشام بن عروة.
19 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن الخليل الأصبهاني
ثنا موسى بن إسحاق الخطمي القاضي ثنا منجاب بن الحارث أنا علي بن مسهر عن
هشام بن عروة فذكره بإسناده ومعناه وفي آخره وأنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في
القبر مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم فيقول: ما تقول في هذا
الرجل؟ فأما المؤمن فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محمد جاءنا بالبينات
والهدى فأجبنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحا إن كنا لنعلم ان كنت لتؤمن به
وأما المنافق أو المرتاب فيقول: ما أدري سمعت الناس قالوا شيئا فقلت كما قالوا
فيعذب في قبره.
36

وروي في ذلك عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا مشروحا.
20 - حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر
الأصبهاني ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن
المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب.
قال أبو داود حدثناه عمر بن ثابت سمعه من المنهال بن عمرو عن زاذان
عن البراء بن عازب وحديث أبي عوانة أتمهما.
قال البراء خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى
القبر ولم يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير
فجعل يرفع بصره ينظر إلى السماء ويخفض بصره وينظر إلى الأرض ثم قال: أعوذ
بالله من عذاب القبر قالها مرارا ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة
وانقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فيقول: اخرجي أيتها النفس
المطمئنة إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج نفسه فتسيل كما يسيل قطر
السماء (قال عمرو في حديثه لم يقله أبو عوانة وإن كنتم ترون غير ذلك) وتنزل
ملائكة من الجنة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان
الجنة وحنوط من حنوطها فيجلسون منه مد البصر فإذا قبضها لم يدعوها في
يده طرفة عين فذلك قوله (توفته رسلنا وهم لا يفرطون) قال: فتخرج
نفسه كأطيب ريح وجدت فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء
والأرض إلا قالوا ما هذه الروح فيقال: فلان، بأحسن أسمائه حتى ينتهوا إلى
أبواب سماء الدنيا فيفتح له وتشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهى به إلى السماء
السابعة فيقال اكتبوا كتابه في عليين ثم يقال: ردوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني
منها خلقتهم وفيها نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى قال: فيرد إلى الأرض وتعاد
روحه في جسده ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان: من
37

ربك وما دينك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام، فيقولان: ما تقول في هذا
الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان: وما يدريك؟
فيقول: جاءنا بالبينات من ربنا فآمنت به وصدقته، قال: وذلك قوله (يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ثم قال: وينادي
مناد من السماء أن قد صدق عبدي فألبسوه من الجنة وأفرشوه منها وأروه منزله
منها فيلبس من الجنة ويفرش منها ويرى منزله فيها ويفسح له مد بصره ويمثل له
عمله في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول: أبشر بما أعد
الله لك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، فيقول: بشرك الله بخير
من أنت؟ فوجهك الوجه الذي جاءنا بالخير، فيقول: هذا يومك الذي كنت
توعد، والأمن الذي كنت توعد، أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت
سريعا في طاعة الله، بطيئا عن معصيته، فجزاك الله خيرا فيقول: يا رب أقم
الساعة كي أرجع إلى أهلي ومالي، قال: وإن كان كافرا فاجرا
وكان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك فجلس عند رأسه فقال:
أخرجي أيتها النفس الخبيثة أبشري بسخط الله وغضبه فتنزل ملائكة سود الوجوه
معهم مسوح فإذا قبضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين قال
فتفرق في جسده فيستخرجها تقطع معها العروق والعصب كالسفود
الكثير الشعب في الصوف المبلول فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجدت
فلا تمر على جند فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون
هذا فلان بأسوأ أسمائه حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فلا يفتح له فيقول: ردوه
إلى الأرض إني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى،
قال: فيرمى من السماء فتلا هذه الآية (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء
فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق قال: فيعاد إلى الأرض
وتعاد فيه روحه ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان:
38

فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه، ويقال: محمد،
فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك، فيقال: لا دريت، فيضيق عليه
قبره حتى تختلف أضلاعه ويتمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه منتن
الريح قبيح الثياب فيقول: أبشر بعذاب الله وسخطه فيقول: من أنت؟
فوجهك الوجه الذي جاء بالشر فيقول: أنا عملك الخبيث والله ما علمتك إلا
كنت بطيئا في طاعة الله سريعا في معصيته (قال عمرو في حديثه عن منهال عن
زاذان عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم) فيقيض له أصم أبكم معه مرزبة لو
ضرب فيها فيل صار ترابا أو قال رميما فيضربه ضربة تسمعها الخلائق إلا الثقلين ثم
تعاد فيه الروح فيضربه ضربة أخرى. هذا حديث كبير صحيح الإسناد رواه
جماعة من الأئمة الثقات عن الأعمش. وأخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث
السجستاني في كتاب السنن.
21 - كما أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن علي الروذباري أنا أبو
بكر محمد بن بكر بن عبد الرزاق المعروف بابن داسة نا أبو داود السجستاني نا
عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير (ح) قال وثنا هناد بن السري ثنا أبو معاوية عن،
الأعمش عن المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فذكر الحديث بنحو منه،
وحديث أبي عوانة أتم.
قال أبو داود في ذكر المؤمن زاد في حديث جرير فذلك قول الله عز وجل
(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) الآية.
وقال في ذكر الكافر زاد في حديث جرير قال ثم يقيض له أعمى أبكم معه
مرزبه من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا قال فيضربه بها بضربة يسمعها ما بين
المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير ترابا قال ثم تعاد فيه الروح.
39

22 - ورواه جماعة عن المنهال مثل رواية الأعمش أبو خالد الدالاني وعمرو
ابن قيس الملائي والحسن بن عبيد الله النخعي عن يونس بن حباب عن المنهال بن
عمرو عن زاذان عن أبي البختري الطائي قال سمعت البراء بن عازب فذكره.
23 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن
مكرم البزاز ببغداد ثنا جعفر بن محمد بن بشران ثنا أبو إبراهيم الترجماني ثنا شعيب
ابن صفوان ثنا يونس بن حباب فذكره قال أبو عبد الله الحافظ ذكر أبي البختري في
هذا الحديث وهم لإجماع الثقات على روايته عن يونس بن خباب عن المنهال بن
عمرو عن زاذان أنه سمع البراء.
24 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي إملاء
ثنا علي بن عبد العزيز ثنا إبراهيم بن زياد (سبلان) ثنا عباد بن عباد قال أتيت
يونس بن خباب بمنى عند المنارة وهو يقص فسألته عن حديث عذاب القبر
فحدثني به عن المنهال بن عمرو عن زاذان أنه سمع البراء ابن عازب قال خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فذكر الحديث. ورواه معمر ومهدي بن ميمون عن يونس بن
خباب عن المنهال عن زاذان عن البراء نحو رواية الجماعة.
ورواه عبد الله بن نمير عن الأعمش فبين في الحديث سماع زاذان عن البراء كما
بينه عباد بن عباد عن يونس.
25 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن
إسحاق الصغاني ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا أبي ثنا الأعمش عن المنهال بن
عمرو عن زاذان أبي عمر قال سمعت البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكر الحديث.
26 - وأخبرنا أبو علي الروذباري ثنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا هناد بن
السري ثنا عبد الله بن نمير ثنا الأعمش نا المنهال عن أبي عمر زاذان قال سمعت البراء
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر بنحوه.
ورواه زائدة بن قدامة عن الأعمش فبين سماع المنهال من زاذان وسماع زاذان من
البراء.
40

27 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد ثنا عثمان
ابن عمر الضبي ثنا عبد الله بن يعلي بن رجاء ثنا زائدة عن الأعمش عن المنهال بن
عمرو نا زاذان نا البراء قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار
فانتهينا إلى القبر ولما يلحد وذكر الحديث.
وروي عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب في هذه القصة نحوا من رواية
زاذان عن البراء.
وروي عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
28 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني أبو الحسن محمد بن عبد الله العمري
ثنا محمد بن إسحاق ثنا علي بن المنذر ثنا محمد بن فضيل حدثني أبي عن أبي حازم
عن أبي هريرة نحوا من حديث البراء إلا أنه قال: ارقد رقدة المتقين المؤمنين،
ويقال للفاجر: ارقد منهوشا قال فما من دابة إلا ولها في جسده نصيب.
وروي عن عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما من وجه آخر.
29 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف أنا أبو سعيد بن الأعرابي ثنا سعدان بن
نصر ثنا شبابة بن سوار ثنا ابن أبي ذئب. (ح).
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب ثنا محمد بن إسحاق أنا يحيى بن أبي بكير ثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أبي
ذئب أنا محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان أن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخلت علي يهودية فقالت: أطعميني أعاذك الله من فتنة الدجال وفتنة القبر
قالت: فلم أزل أحبسها حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ما تقول
هذه اليهودية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقول؟ قلت: تقول أعاذك الله من فتنة
الدجال وفتنة القبر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه مدا يستعيذ
من فتنة الدجال وفتنة القبر، ثم قال: أما الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر
أمته وسأحذركموه تحذيرا لم يحذره نبي أمته إنه أعور وإن الله ليس بأعور، مكتوب
بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن، وأما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تسألون فإذا
41

كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف فيقال له: فيم
كنت فيقول: في الإسلام، فيقال: ما هذا الرجل فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاءنا بالبينات من عند الله فآمنا وصدقنا فيقال له هل رأيت الله؟ فيقول ما
ينبغي لأحد أن يرى الله عز وجل، فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها
يحطم بعضها بعضا، فيقال له انظر إلى ما وقاك الله عز وجل ثم يفرج له
فرجة قبل الجنة فينظر إلى ما فيها من زهرتها وما فيها فيقال له ها هنا مقعدك
ويقال على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله، وإذا كان الرجل
السؤ أجلس في قبره فزعا مشعوفا فيقال له فيم كنت فيقول لا أدري، فيقال ما
هذا الرجل؟ فيقول سمعنا الناس يقولون، فيفرج فرجة قبل الجنة، فينظر إلى
زمرتها وما فيها فيقال له انظر ما صرف الله عنك ويفرج له فرجة قبل النار فينظر
إليها يحطم بعضها بعضا فيقال: هذا مقعدك ثم يقال على الشك كنت وعليه
مت وعليه تبعث إن شاء الله. هذا لفظ حديث يحيى بن أبي بكر.
وحديث شبابة بمعناه وزاد في آخر خبره قال وعليه تبعث إن شاء الله قال ثم
يعذب.
30 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا ثنا أبو العباس ثنا محمد بن إسحاق
الصغاني ثنا يحيى بن أبي بكير نا محمد بن عبد الرحمن يعني ابن أبي ذئب عن محمد
بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر ما في حديث
عائشة.
31 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني خلف بن محمد الكرابيسي ثنا صالح
بن محمد بن حبيب قال سمعت محمد بن يحيى وحدث بحديث القبر وفيه اللفظة
فيقال له هل رأيت الله فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله. قال محمد بن يحيى هذه
في الدنيا فإن أهل الجنة ينظرون إلى الله بأبصارهم. وروي في ذلك عن أبي سعيد
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
42

32 - أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه أنا أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله الصفار ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي نا أبو عامر ثنا عباد -
يعني ابن راشد - عن داود بن أبي هند عن أبي بصرة عن أبي سعيد الخدري
قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة فقال: يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى
في قبورها، فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق
فأقعده فقال ما تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمنا قال: أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا عبده ورسوله فيقول له صدقت ثم يفرج له باب إلى النار فيقول هذا
كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت به فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة
فيريد أن ينهض إليه فيقول له أسكن، ويفسح له في قبره، وإن كان كافرا أو
منافقا يقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون
شيئا فقلت، فيقول: لا دريت ولا تليت ولا هديت ثم يفتح له باب إلى الجنة
فيقال له هذا لك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت به فإن الله عز وجل أبدلك به
هذا ويفتح له باب إلى النار ثم يقمعه بالمطراق سمعها خلق الله كلهن غير
الثقلين، فقال بعض القوم يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطرقة إلا
هيل عند ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يثبت الله الذين آمنوا بالقول
الثابت).
43

باب
نزول الملائكة عند الموت ببشرى المؤمن ووعيد الكافر
قال الله جل ثناؤه (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة
أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) وقال (يا أيتها
النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وادخلي
جنتي).
وقال " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم
أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم
عن آياته تستكبرون ".
33 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه إملاء أنا علي ابن
الصقر بن نصر ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا حماد بن زيد ثنا بديل عن
عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال: إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان
يصعدانها قال حماد فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال: ويقول أهل السماء
روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه
فينطلق به إلى ربه ثم يقول انطلقوا به إلى آخر الأجل.
قال وإن الكافر إذا خرجت روحه قال حماد ذكر من نتنها وذكر لعنا ويقول
أهل السماء روح خبيثة من قبل الأرض قال ويقال انطلقوا به إلى آخر الأجل قال
أبو هريرة فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عمر القواريري.
44

34 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق أنا عبد الوهاب بن عطاء نا خالد الحذاء عن
عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال: إن المؤمن إذا احتضر حضره ملكان يقبضان
روحه في حريرة فيصعدان به إلى السماء فتقول الملائكة روح طيبة جاءت من
الأرض فيصعدان به فيقال أبشر بروح وريحان ورب غير غضبان ثم يقال ردوه إلى
آخر الأجلين، وإن كان كافرا يقبضان روحه في مسح ثم يصعدان به إلى السماء
فتأخذ الملائكة على أنفها ويقولون ريح خبيثة جاءت من الأرض فيصعدان به فيقال
أبشر بعذاب الله وهوانه ثم يقال ردوه إلى آخر الأجل أو الأجلين.
35 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس ثنا محمد بن
إسحاق ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا محمد بن عبد الرحمن يعني ابن أبي ذئب عن محمد
ابن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن
الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس المطمئنة
كانت في الجسد. اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فما
يزال يقال له ذلك حتى تخرج فيعرج بها حتى ينتهي بها إلى السماء. فيستفتح لها
فيقال من هذا فيقال: فلان بن فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد
الطيب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال
يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء - أظنه أراد السماء السابعة - قال
وإذا كان الرجل السوء قالوا اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث
ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال له ذلك
حتى تخرج فينتهى بها إلى السماء فيقال: من هذا فيقال: فلان بن فلان فيقال لا
مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة فإنه لا تفتح لك
أبواب السماء فترسل إلى الأرض ثم تصير إلى القبر.
45

36 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري المهرجاني بها ثنا الحسن
ابن محمد بن إسحاق أنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمد بن أبي بكر ثنا معاذ
بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن المؤمن إذا حضر أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية
مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح مسك
حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتى يأتون به باب السماء فيقولون: ما
أطيب هذه الريح جاءتكم من قبل الأرض فكلما أتوا سماء قالوا ذلك حتى يأتوا به
أرواح المؤمنين، فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه، ويسألونه ما فعل
فلان فيقولون دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال لهم أما أتاكم فإنه
قد مات يقولون ذهب إلى أمه الهاوية وأما الكافر فإن ملائكة العذاب تأتيه
بمسح فيقولون: أخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله وسخطه
فتخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون به إلى باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح
كلما أتوا على أرض قالوا ذلك حتى ينتهوا به إلى أرواح الكفار.
37 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله أخبرني أبو النضر محمد بن محمد
ابن يوسف الفقيه ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا محمد بن كثير ثنا همام (ح) وأخبرنا
أبو الحسن بن أحمد بن عبدان نا أحمد بن عبيد الصفار ثنا تمتام محمد بن غالب نا
هدبة ثنا همام ثنا قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قالت عائشة
رضي الله عنها أو بعض أزواجه: انا لنكره الموت قال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا
حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء
الله والله أحب لقاءه وإن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله وعقوبته فليس
شئ أكره له مما أمامه فكره لقاء الله فكره الله لقاءه لفظ حديث هدبة.
46

رواه البخاري في الصحيح عن حجاج بن منهال ورواه مسلم عن
هدبة بن خالد كلاهما عن همام بن يحيى.
38 - أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن حمويه العسكري ثنا جعفر بن
محمد القلانسي ثنا آدم ثنا شعبة ثنا الأعمش عن مجاهد عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس.
39 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن
إسحاق الصغاني ثنا يحيى بن معين ثنا هشام بن يوسف نا عبد الله بن بحير القاضي
عن هانئ مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان عثمان رضي الله عنه إذا
وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي
من هذا. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا
منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده شر منه قال: وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه.
40 - وأخبرنا أبو عبد الله ثنا أبو العباس ثنا العباس بن محمد الدوري نا يحيى
ابن معين ثنا هشام بن يوسف الصنعاني ثنا عبد الله بن بحير عن هانئ مولى عثمان
رضي الله عنه يقول: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة عند قبر وصاحبه يدفن فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفروا لصاحبكم وسلوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل.
47

باب
الإسراع بالجنازة لما تقدم إليه من الخير إن كانت صالحة
41 - نا أبو محمد عبد الله بن يوسف إملاء أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن
زياد المصري بمكة أنا الحسن بن محمد الزعفراني ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة فإن تكن
صالحة فخير تقدموها إليه وإن تكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. رواه
البخاري في الصحيح عن علي، ورواه مسلم عن أبي بكر وغيره عن ابن
عيينة.
48

باب
إخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم بقول الجنازة بعد المعاينة
42 - أخبرنا أبو الحسن علي بن عبدان نا أحمد بن عبيد الصفار ثنا ملحان
نا يحيى بن بكير (ح) وأخبرنا أبو الحسن ثنا أحمد ثنا محمد بن العباس المؤدب ثنا
قتيبة بن سعيد قالا: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه انه سمع أبا سعيد
الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على
أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا
ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان
لصعق.
رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة بن سعيد وغيره.
49

باب
الدليل على أنه تعاد روحه في جسده ثم يسأل فيثاب المؤمن ويعاقب الكافر
قال الله جل ثناؤه (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند
ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من
خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
وقال في الكفار (ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى
الإيمان فتكفرون، قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى
خروج من سبيل).
ويذكر عن محمد بن كعب القرظي أنه قال هذا قول الكفار، فموت الكافر في
حياته في الدنيا على الكفر والثانية موته فهما موتتان واحدى الحياتين حياته في قبره
بعد موته والثانية حياته للبعث.
43 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز أنا أبو منصور العباس بن الفضل الضبي ثنا
أحمد بن نجدة، نا سعيد بن منصور ثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال:
الكافر حي الجسد ميت القلب، وهو قوله: أو من كان ميتا فأحييناه
يقول: أفمن كان كافرا فهديناه، فموت الكافر وحياته، موته وحياته بعد موته
الذي لا يأكل فيه ولا يشرب، ثم حياته للبعث.
ويذكر عن غيره أنه قال: إحدى الموتتين موته بعد حياته في دار الدنيا،
والأخرى موته حين ينفخ في الصور النفخة الأولى، واحدى الحياتين حياته بعد موته
لسؤال الملكين والإحساس بالعذاب، والأخرى حياته للبعث، وقد قيل فيها غير
ذلك. وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنصيص على أنه تعاد روحه في جسده لذلك.
وهو فيما:
44 - أخبرنا أبو عبد الله بن يوسف بن أحمد الأصفهاني رحمه الله انا
أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة ثنا سعدان بن نصر المخرمي ثنا
أبو معاوية الضرير ثنا الأعمش عن المنهال عن عمرو عن زاذان
50

أبي عمر عن البراء بن عازب قال: خرجنا في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى
القبر ولما يلحد قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير
وفي يده عود ينكت به قال: فرفع رأسه وقال: استعيذوا بالله من عذاب
القبر فإن الرجل المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل
إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن على وجوههم الشمس معهم حنوط من
حنوط الجنة وكفن من كفن الجنة حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس
المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال: فتخرج نفسه فتسيل كما تسيل
القطرة من في السقاء فأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى
يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ثم يخرج منها كأطيب نفحة
ريح مسك وجدت على ظهر الأرض فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه
الريح الطيبة فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا
حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء
التي تليها حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب
عبدي في عليين في السماء السابعة وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها
أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه
فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربي الله فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني
الإسلام فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيقولان: ما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله عز وجل فآمنت به وصدقت
قال فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من
الجنة وافتحوا له بابا من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد
بصره ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك فهذا
يومك الذي كنت توعد فيقول: من أنت فوجهك الذي يجيء بالخير فيقول: أنا
عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي
51

ومالي قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من
الدنيا وإقبال من الآخرة
نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح حتى يجلسوا منه مد
البصر ثم يأتيه ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي
إلى سخط من الله وغضب قال: فتتفرق في جسدها فينتزعونها ومعها العصب
والعروق كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذونها فيجعلونها في تلك
المسوح قال: ويخرج منها كأنتن جيفة وجدت على ظهر الأرض فلا يمرون بها
على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة قال: فيقولون فلان بن
فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا
فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تفتح لهم أبواب
السماء) إلى آخر الآية قال: فيقول الله تبارك وتعالى: اكتبوا كتابه في
سجين في الأرض السابعة السفلي وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها
نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى، قال: فتطرح روحه طرحا ثم قرأ رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح
في مكان سحيق) قال: ثم تعاد روحه في جسده، قال: فيأتيه ملكان
فيجلسانه فيقولان له؟ من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري، قال: فيقولان
له ما دينك فيقول: هاه هاه لا أدري، قال: فيقولان له ما هذا الرجل الذي
بعث فيكم فيقول: هاه هاه لا أدري، قال: فينادي مناد من السماء أن كذب
عبدي فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابا من النار، ويأتيه من
حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، قال: ويأتيه
رجل قبيح الوجه منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي
كنت توعد، فيقول: ومن أنت فوجهك الذي يجيء بالشر، قال: فيقول أنا
عملك الخبيث، قال: فيقول: رب لا تقم الساعة رب لا تقم الساعة.
52

45 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا الأحوص بن جواب ثنا
عبد الجبار بن العباس الشيباني عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن حذيفة
أنه قال: الروح بيد الملك والجسد يقلب فإذا حملوه تبعهم فإذا وضع في القبر
بثه فيه.
53

باب
الدليل على أنه بعد السؤال يعرض على مقعده بالغداة والعشي
قال الله جل ثناؤه: (وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها
غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب).
قال مجاهد: يعني بقوله يعرضون عليها غدوا وعشيا، ما كانت الدنيا.
46 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا إبراهيم بن
الحسين ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فذكره وقال قتادة يرد عليه يقال
لهم يا آل فرعون هذه منازلكم توبيخا لهم وصغارا ونقمة.
47 - وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس بن يعقوب ثنا
يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب أنا سعيد عن قتادة فذكره.
48 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد أخبرني يحيى بن منصور
القاضي ثنا محمد بن عبد السلام ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم إذا مات عرض على مقعده
بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار
فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعث الله إليه رواه البخاري في
الصحيح عن إسماعيل، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
وكذلك رواه جماعة من أصحاب نافع عن نافع.
54

49 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الفضل بن إبراهيم ثنا أحمد بن
سلمة ثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن يحيى قالا: ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن
الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات الرجل
عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة وإن كان من أهل
النار فالنار - فقيل لعبد الرزاق في الحديث - يقال هذا مقعدك الذي تبعث
إليه يوم القيامة؟ قال: نعم. رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن
عبد الرزاق.
50 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني ثنا محمد بن عمر الواقدي أنا
سلمة بن أخي عمر عن عمر بن شبه بن أبي كثير الأشجعي عن نافع عن ابن عمر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض
الجنة.
51 - أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز أنا أبو منصور العباس بن الفضل
ابن زكريا البصروي نا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم عن يعلى بن
عطاء عن ميمون بن ميسرة قال كانت لأبي هريرة صرختان في كل يوم غدوة وعشية
كان يقول في أول النهار ذهب الليل وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع صوته
أحد إلا استعاذ بالله من النار، وإذا كان العشي قال ذهب النهار وجاء الليل
وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع صوته أحد إلا استعاذ بالله من النار.
55

باب
ما يكون على المنافقين من العذاب في القبر قبل العذاب في النار.
قال الله جل ثناؤه: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة
مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب
عظيم).
قال قتادة في قوله سنعذبهم مرتين قال: عذاب في القبر وعذاب في النار.
52 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: نا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح
قراد ثنا شعبة عن قتادة فذكره.
53 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن
إسحاق الصغاني ثنا أبو النضر ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك
قال: كان فينا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب لرسول
الله صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب قال: فرفعوه قالوا: هذا كان
يكتب لمحمد صلى الله عليه وسلم فأعجبوا به فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم فحفروا له فواروه
فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهه فتركوه منبوذا. رواه مسلم في الصحيح
عن محمد بن رافع عن أبي النضر.
54 - وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الفقيه أنا أبو طاهر محمد بن الحسن
المحمد اباذي ثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي أنا يزيد بن هارون أنا حميد الطويل عن
أنس بن مالك أن رجلا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد قرأ البقرة وآل
عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل فينا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي
عليه غفورا رحيما فيقول: أكتب عليما حكيما؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب
كيف شئت، ويملي عليه عليما حكيما فيقول: أكتب سميعا بصيرا فيقول له النبي
صلى الله عليه وسلم: اكتب كيف شئت، قال: فارتد ذلك الرجل عن الإسلام ولحق بالمشركين
56

وقال: أنا أعلمكم بمحمد صلى الله عليه وسلم إني كنت لأكتب كيف شئت، فمات ذلك
الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الأرض لا تقبله، قال أنس: فحدثني أبو طلحة أنه
أتى الأرض التي مات فيها فوجده منبوذا فقال أبو طلحة: ما شأن هذا الرجل
قالوا: قد دفناه مرارا فلم تقبله الأرض. ورواه أيضا عبد العزيز بن صهيب عن
أنس بمعناه. ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
55 - أخبرنا أبو الحسين محمد بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا عبد الله بن
جعفر بن دستوريه ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو صالح حدثني الليث حدثني يونس
عن ابن شهاب أخبرني المطلب بن عبد الله يعني بن حنطب أنه بلغه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر يسير على بغلة له بيضاء في المقابر ببقيع الغرقد فحادت به بغلته حيدة
فوثب إليها الرجال من المسلمين ليأخذوا بلجامها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوها
فإنها سمعت عذاب سعد بن زرارة يعذب في قبره وكان رجلا منافقا.
56 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري أنا الحسن بن محمد بن
إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا مسدد ثنا بشر بن المفضل (ح) قال
يوسف وحدثنا محمد بن أبي بكر ثنا يزيد بن زريع وهذا لفظ يزيد قالا: ثنا عبد
الرحمن بن إسحاق نا سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إذا قبر أحدكم - أو الإنسان - أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر
وللآخر نكير فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم،
فهو قائل ما كان يقول، إن كان مؤمنا قال: هو عبد الله ورسوله، وشهد أن لا
إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قالا فيقولان: إن كنا لنعلم أنك تقول
ذلك، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ذراعا، وينور له فيه، ثم
يقال له: نم، فيقول دعوني أرجع إلى أهلي أخبرهم، فيقال له: نم كنومة
العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله عز وجل من
57

مضجعه ذلك، وإن كان منافقا، قال: لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون
ذلك فكنت أقوله، فيقولان: إنا كنا لنعلم أنك تقول ذلك، ثم يقال للأرض
التئمي عليه، فتلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه
الله عز وجل من مضجعه ذلك.
58

باب
ما يكون على من أعرض عن ذكر الله تعالى من العذاب في القبر قبل
عذاب يوم القيامة. قال الله عز وجل: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره
يوم القيامة أعمى).
57 - أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن شبابة بن الساهد بهمدان ثنا
أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي أنا أبو خليفة الفضل بن حباب
الجمحي ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن له معيشة ضنكا قال: عذاب القبر.
58 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا إبراهيم بن
الحسين ثنا آدم ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المعيشة الضنك: عذاب القبر.
59 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك أنا أبو زكريا يحيى بن
محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا النضر بن شميل ثنا
حماد بن سلمة عن أبي حازم المديني عن النعمان ابن أبي عياش عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معيشة ضنكا قال عذاب القبر. كذا
أخبرناه مرفوعا.
وكذلك رواه حفص بن عبد الرحمن عن حماد مرفوعا.
59

60 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
محمد بن إسحاق الصنعاني ثنا الحسن بن موسى الأشيب ثنا حماد بن سلمة عن أبي
حازم المديني عن النعمان بن عباس (ح) وأخبرنا عمر بن عبد العزيز بن قتادة أنا أبو
منصور العباس بن الفضل الضبي أنا أحمد بن نجدة نا سعيد بن منصور نا سفيان ثنا
أبو حازم ثنا أبو سلمة عن أبي سعيد الخدري في قوله معيشة ضنكا قال: يضيق
عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيه.
61 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس ثنا
محمد بن إسحاق ثنا عبد الله بن صالح حدثني يحيى بن أيوب عن عبد الله بن
سليمان عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن المعيشة
الضنك إن سلط عليه تسعة وتسعون تنينا ينهشه في القبر.
62 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد ثنا أبو العباس نا مخلد ثنا أبو نعيم نا أبو
العباس عن عبد الله بن المخارق عن أبيه عن عبد الله - يعني ابن مسعود - في
قوله معيشة ضنكا قال: عذاب القبر.
63 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس نا محمد نا قبيصيه
نا سفيان عن إسماعيل عن أبي صالح فإن له معيشة ضنكا قال: عذاب القبر.
64 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس نا محمد بن قراد
ابن نوح أنا شعبة عن السدي في قوله معيشة ضنكا، قال: عذاب القبر.
65 - وروى عن الحسن البصري مثل ذلك.
66 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ثنا إبراهيم
ابن الحسين ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد معيشة ضنكا قال:
ضيقة، يضيق عليه قبره.
60

67 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد
أنا أبو الحسن علي بن محمد البصري ثنا مالك بن يحيى أبو غسان نا عبد الوهاب بن
عطاء أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن
الميت إذا وضع في قبره، إنه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمنا
كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن يساره وكان فعل
الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى
من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام
ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل
رجليه فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس.
قبلي مدخل، فيقال له: اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت
للغروب، فيقال له: هذا ما تقول فيه، فيقول دعوني أصلي، قال: فيقولان:
إنك ستفعل هذا فأخبرنا عما نسألك عنه قال: عما تسألوني، قال: ماذا تقول
في هذا الرجل الذي فيكم وبماذا تشهد عليه فيقول: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاء بالحق من عند الله، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك
تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيقال انظر إلى مقعدك
منها وما أعد الله عز وجل لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم يفسح له في قبره
سبعون ذراعا وينور له، ويعاد الجسد كما بدأ، منه وتجعل نسمته من النسيم الطيب
وهي طائر يعلق في شجر الجنة - قال محمد وسمعت عمر بن الحكم بن
ثوبان قال: فينام نومة العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله عز
وجل، ثم عاد إلى حديث أبي هريرة قال: - وهو قول الله عز وجل: (يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين
ويفعل الله ما يشاء)، وإن كان كافرا أتي من قبل رأسه فلم يوجد شئ ثم أتي
عن يمينه فلم يوجد شئ ثم أتي عن يساره فلم يوجد شئ ثم أتي من قبل رجليه
فلم يوجد شئ فيقال له اجلس فيجلس خائفا مرعوبا فيقال له أرأيتك هذا الرجل
61

الذي كان فيكم، أي رجل هو؟ ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟
فيقول: أي رجل؟ فيقال الذي كان فيكم، فلا يهتدي لاسمه حتى يقال محمد،
فيقول: ما أدري، سمعت الناس قالوا قولا فقلت كما قال الناس، فيقال له على
ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من
أبواب النار فيقال له ذلك مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسرة
وثبورا ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له هذا مقعدك من الجنة وما
أعد الله لك فيها لو أطعته، فيزداد حسرة وثبورا، ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف
أضلاعه قال أبو هريرة: فذلك قول الله عز وجل (فإن له معيشة ضنكا ونحشره
يوم القيامة أعمى).
68 - أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أنا جدي يحيى بن منصور
القاضي نا محمد بن إسماعيل الإسماعيلي نا هارون بن سعيد الأيلي أنا عبد الله بن وهب
حدثني يحيى بن منصور أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن في قبره في روضة خضراء ويرحب قبره
سبعون ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر، أتدرون فيم أنزلت هذه الآية؟ فإن له
معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى؟ أتدرون ما المعيشة الضنك؟ قالوا: الله
ورسوله أعلم قال: عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده أنه ليسلط عليه
تسعة وتسعون تنينا، أتدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية تسعة رؤوس
ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة.
69 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد أنا عبد الله بن جعفر نا
يعقوب بن سفيان نا أبو نعيم وقبيصة قالا ثنا سفيان عن العلاء بن عبد الكريم عن
أبي كربة أو كرمة قال أبو نعيم هكذا قال سفيان عن زاذان، (وإن للذين ظلموا
عذابا دون ذلك) قال: عذاب القبر.
62

70 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو الحسن الطرائقي ثنا عثمان بن
سعيد ثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي ابن أبي طلحة عن ابن
عباس في قوله (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك) يقول: عذاب القبر قبل
عذاب يوم القيامة.
63

باب
جواز الحياة في جزء منفرد وأن البنية ليست من شرط الحياة كما ليست من
شرط الحي وفي ذلك جواز تعذيب الأجزاء المتفرقة.
قال الله عز وجل (وربك يخلق ما يشاء ويختار).
وقال (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
وقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم).
وقال (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير).
71 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسين علي بن محمد
بن سختويه ثنا محمد بن أيوب أنا موسى بن إسماعيل وعلي بن عثمان وهدبة بن خالد
قالوا ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فقال: يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن
خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا
فإني وجدت ما وعدني ربي حقا، فسمع عمر رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: يا رسول الله كيف يسمعون وأني يجيبوا وقد جيفوا، فقال: والذي
نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا
فألقوا في قليب بدر. رواه مسلم في الصحيح عن هداب ابن خالد.
64

وبمعناه رواه قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك ثم قال قتادة: أحياهم الله
بأعيانهم حتى يسمعوا قوله توبيخا، وصغارا ونقمة وندامة.
72 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو عمر المقري وأبو بكر الفقيه
قالا: أنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن خلاد الباهلي ثنا عبد الأعلى بن عبد الاعلى نا
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فذكره.
وفي ذلك كالدلالة على أن تغيرهم عن حالهم لم يمنع خلق الحياة فيهم حتى
سمعوا كلامه، كذلك إذا تفتتوا.
73 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو بكر محمد بن مؤمل ثنا الفضل
ابن محمد بن المسيب نا سعيد بن داود ثنا خلف بن خليفة عن أبيه قال شهدت
مقتل سعيد بن جبير فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله ثم قالها الثالثة ولم
يتممها.
65

باب
الدليل على أن الله تعالى يخلق على من فارق الدنيا أحوالا لا نشاهدها ولا
ندركها يتنعم فيها قوم ويتألم آخرون.
قال الله جل ثناؤه فيمن أنعم عليه بالايمان والاستقامة (تتنزل عليهم الملائكة
ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).
قال مجاهد: ذلك عند الموت.
74 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ثنا إبراهيم
ابن الحسين نا آدم بن أبي اياس ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فذكره.
75 - أخبرنا أبو الطيب أحمد بن علي بن محمد الجعفري بالكوفة ثنا أبو أحمد
عبيد الله بن موسى بن أبي قتيبة ثنا أبو عمر الضرير ثنا عبد الحميد بن صالح عن ابن
المبارك عن سفيان في قوله: تتنزل عليهم الملائكة، أي عند الموت ألا تخافوا أمامكم
ولا تحزنوا على ما خلفكم من ضيعاتكم وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون قال: يبشر
بثلاث بشارات، عند الموت، وإذا خرج من القبر، وإذا فزع، نحن أوليائكم في
الحياة الدنيا: كانوا معكم.
66

وقال فيمن أنعم عليهم بالشهادة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل
أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله) فقطع عليهم بأنهم
أحياء وهم ذا يرون في دار الدنيا متلطخين في الدماء قد
صاروا جيفة تأكلهم سباع
الطيور والوحوش وفي ذلك دلالة على جواز خلق الله تعالى عليهم أحوالا يستمتعون
فيها وإن كنا لا نقف عليها.
76 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي ثنا حاجب بن أحمد ثنا محمد بن
حماد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن ميسرة عن مسروق قال: سألنا
عبد الله يعني ابن مسعود عن هذه الآية:
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال: أرواحهم كطير خضر تسرح في الجنة في
أيها شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش قال: فبينما هم كذلك إذ اطلع
عليهم ربك إطلاعة فقال: سلوني ما شئتم فقالوا: يا ربنا ما نسألك ونحن نسرح
في الجنة في أيها شئنا، فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا: نسألك أن
ترد أرواحنا إلى أجسادنا في الدنيا تقتل في سبيلك، قال: فلما رأى أنهم لا
يسألون إلا هذا تركوا.
77 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن أبي علي المهرجاني أنا الحسن بن محمد بن
إسحاق نا يوسف بن يعقوب ثنا أبو موسى فذكر معناه. رواه مسلم في الصحيح
عن يحيى بن يحيى، وغيره عن أبي معاوية. وهكذا قاله جرير بن عبد الحميد وعيسى
ابن يونس وجماعة عن الأعمش كطير خضر، وقال بعضهم: في جوف طير
خضر.
67

78 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي بمرو ثنا
الحارث أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق ثنا الحارث بن فضيل
الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة
وعشيا.
قال الشيخ رحمه الله الحديث الأول أصح من هذا.
وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث ابن مسعود، فإن صلح هذا
فإنه في قوم منهم والحديث الأول في آخرين، ولأهل الجنة منازل ودرجات وكذلك أهل
النار أحوالهم فيما يعذبون به مختلفات وعلى ذلك يحمل ما روينا في أنواع الثواب
والعقاب فيصنع بقوم هكذا وبقوم كذلك، لا أن شيئا من هذه الأخبار يخالف
صاحبها خلاف تناقض، ولكن أحوالهم تختلف في أنواع ما يجزون به من الثواب
والعقاب.
79 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق ابنا العباس بن
الفضل الاسقاطي ثنا أبو الوليد الطيالسي نا شعبة عن محمد بن المنكدر قال:
سمعت جابر بن عبد الله يقول: لما قتل أبي يوم أحد جعلت أبكي وأكشف الثوب
عن وجهه، وجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ينهوني عن ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم لا
ينهاني عن ذلك، وجعلت عيني تبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبك أو ما
يبكيك ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد وأخرجه من وجه آخر عن
شعبة، ورواه ابن جريج وابن عيينة عن محمد بن المنكدر.
68

80 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا سعيد عمرو بن محمد بن منصور
العدل ثنا محمد بن غالب ثنا أبو الوليد ومسلم وأبو عمر قالوا: نا شعبة عن عدي
قال سمعت البراء يقول: لما توفي إبراهيم عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن له
مرضعا في الجنة.
81 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا إبراهيم بن
عبد الله أبو مسلم نا سليمان بن حرب ثنا شعبة فذكره بإسناده قال: لما مات إبراهيم
ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد
سليمان بن حرب.
فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم عليه السلام بأن له مرضعا في الجنة
وهو مدفون ببقيع الغرقد في مقبرة المدينة وأخبر عن إظلال الملائكة عبد الله بن عمرو
ابن حرام وإن كان أصحابه لا يقفون على شئ من ذلك معاينة.
وفي كل ذلك وفيما روي من أمثاله - تركناه لأجل التخفيف وترك التطويل -
دلالة على ما قصدناه من جواز حدوث هذه الأحوال على من فارق الدنيا وإن كنا لا
نشاهدها ولا نقف عليها، ووجب اعتقادها عند ورود الخبر الصحيح بها، وقد قال
الله جل ثناؤه فيمن حكم بالعذاب: (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا
الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم
وأن الله ليس بظلام للعبيد).
وقال: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم
أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم
عن آياته تستكبرون).
69

وقال في آل فرعون (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة
ادخلوا آل فرعون أشد العذاب).
فحكم عليهم بضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم حين تتوفاهم وإن كنا لا
نشاهده، وبما تقول لهم الملائكة عند الموت وهم باسطوا أيديهم وإن كنا لا نسمعه،
وعلى آل فرعون بعرضهم على النار غدوا وعشيا ما دامت الدنيا وإن كنا لا نقف
عليه، وفي كل ذلك دلالة على ما قلناه.
82 - وفي مثل ذلك ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو طاهر الفقيه وأبو زكريا
ابن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا أبي وشعيب بن الليث قالا: ثنا الليث عن ابن
الهادي عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول من
سيب السائبة.
مخرج في الصحيحين من حديث الزهري ومن حديث يزيد بن الهاد في
كتاب البخاري.
وثبت ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها وأبي الزبير عن جابر بن عبد الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم.
70

83 - أما حديث عائشة فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو محمد عبد
الله بن محمد بن زياد ثنا علي بن الحسين بن دينار ثنا محمد بن أبي يعقوب ثنا حسان
ابن إبراهيم عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
خسفت الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، قال: لقد رأيت جهنم
يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني أتأخر ورأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار
وهو أول من سيب السوائب. رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن أبي
يعقوب، ورواه مسلم من وجه آخر عن يونس بن يزيد.
84 - وأما حديث أبي الزبير عن جابر فأخبرناه محمد بن الحسن بن فورك ابنا
عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر
بن عبد الله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث
قال: وجعل يتقدم ويتأخر ثم أقبل على أصحابه فقال: انه عرضت علي الجنة
والنار، فقربت من الجنة حتى لو تناولت منها قطفا قصرت يدي عنه أو قال:
نلته - شك هشام - وعرضت علي النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشاكم،
ورأيت امرأة حميرية سوداء طويلة تعذب في هرة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها
ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ورأيت فيها أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر
قصبه في النار مخرج في كتاب مسلم من حديث هشام الدستوائي.
85 - وأخبرنا أبو الحسن المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق عن يوسف
ابن يعقوب ثنا محمد بن أبي بكر ثنا يحيى بن سعيد بن عبد الملك بن سليمان ثنا
عطاء عن جابر قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث إلى
أن قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي فإنه ليس من
شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، حتى لقد جيء بالنار، فذلك حين
رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، قلت: أي رب وأنا فيهم؟ حتى
71

رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار كان يسرق الحاج بمحجنه
فإذا فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به، حتى رأيت فيها
صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض
حتى ماتت جوعا. مخرج من كتاب مسلم من حديث عبد الملك بن أبي
سليمان.
86 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى بنيسابور
وأبو عبد الله محمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد قالوا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن
سلمان ثنا الحسن بن مكرم نا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه عن البراء بن عازب عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين
وجبت الشمس فقال هذه أصوات يهود تعذب في قبورها.
87 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو
ثنا سعيد بن مسعود ثنا النضر بن شميل ثنا شعبة ثنا عون بن أبي جحيفة قال سمعت
أبي قال سمعت البراء بن عازب عن أبي أيوب (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو
عبد الله محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا مسدد نا يحيى ثنا شعبة عن
عون بن أبي جحيفة عن أبيه عن البراء بن عازب عن أبي أيوب قال خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس ثم ذكره.
وفي حديث النضر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما حين وجبت الشمس ثم ذكر
الباقي مثله. رواه البخاري ومسلم جميعا في الصحيح عن محمد بن المثنى عن
يحيى، فأشار البخاري إلى حديث النضر.
88 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن
الحسن القاضي قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن سليمان أنا
72

الشافعي ثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد
الرحمن أنها سمعت عائشة رضي الله عنها وذكرت لها أن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت عائشة رضي الله عنها أما إنه لم
يكذب ولكنه أخطأ أو نسي، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية وهي يبكي
عليها أهلها فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها رواه البخاري في
الصحيح عن عبد الله بن يوسف، ورواه مسلم عن قتيبة كلاهما عن
مالك بن أنس.
89 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بنيسابور وأبو الحسن علي بن
أحمد بن عمر بن حفص المقري المعروف بابن الحمامي ببغداد قالا: ثنا أبو بكر
أحمد بن سليمان النجاد قال قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع ثنا عبد الوهاب بن
عطاء أبنا سعيد بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن زيد بن ثابت قال: دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا لبني النجار وهو على بغلة له فمرت على قبور خمسة أو
ستة فحادت به البغلة فقال: أيكم يعرف أصحاب هذه القبور فقال رجل: أنا
يا رسول الله قال: ما هم؟ قال: ماتوا في الاشراك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن
هذه الأمة تبتلى في قبورها ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب
القبر - يعني الذي هم فيه - ثم قال: تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا
بالله من عذاب النار، ثم قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ثم
قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال.
73

رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية
عن الجريري بإسناده ومعناه.
90 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو عن محمد بن
يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا حسن الأشيب ثنا حماد بن سلمة عن
ثابت البناني وحميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على بغلة شهباء فمر على
حائط لبني النجار فإذا هو بقبر يعذب صاحبه فحاصت البغلة فقال: لولا أن لا
تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر.
91 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد وأبو صادق بن أبي الفوارس قالوا: ثنا
أبو العباس ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب حدثني عبد الله بن عمر عن
حميد الطويل قال سمعت أنس بن مالك يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوتا من
قبر فقال: متى مات هذا قالوا: مات في الجاهلية فكأنه أعجبه ذلك، فقال
لولا أن لا تدافنوا - أو كما قال - لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم عذاب
القبر.
92 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد أبنا أبو
جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز أبنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا يزيد بن
هارون أبنا شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن لا تدافنوا
لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة.
93 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني إملاء ابنا أبو سعيد
أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة نا محمد بن سعيد بن غالب وسعيد بن نصر
قالا ثنا سفيان بن عيينة نا قاسم (الرحال) عن أنس بن مالك قال: دخل
74

رسول الله صلى الله عليه وسلم خربا لبني النجار كأنه يقضي حاجة فخرج وهو مذعور فقال:
لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني.
وهذا إسناد صحيح شاهد لما تقدم.
94 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أنا أبو جعفر بن دحيم
الشيباني بالكوفة ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين ثنا عبد الله بن عمر وأبو
معمر نا عبد الوارث ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: بينما رسول
الله صلى الله عليه وسلم في نخل لأبي طلحة فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر فقام حتى مر إليه بلال
فقال: ويحك يا بلال هل تسمع ما أسمع فقال: صاحب القبر يعذب، قال
فسأل عنه فوجد يهوديا.
95 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن
إسحاق الصغاني نا ابن نمير نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن
أم مبشر قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حائط لبني النجار فيه
قبور منهم، وهو يقول: استعيذوا بالله من عذاب القبر فقلت: يا رسول الله
للقبر عذاب؟ فقال: إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم.
وهذا أيضا شاهد لما تقدم.
96 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أبنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أبنا
علي بن الحسين بن الحسن ثنا المعافى بن سليمان الحراني ثنا فليح بن سليمان
حدثني هلال بن علي - هو ابن أبي معاوية عن أنس بن مالك قال: بينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وبلال يمشيان في البقيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بلال هل تسمع ما
أسمع؟ فقال لا والله يا رسول الله ما أسمع، فقال ألا تسمع أهل القبور يعذبون.
قال الشيخ وهذا أيضا اسناد صحيح شاهد لما تقدم.
75

وفي كل ذلك دلالة لمن آمن بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم على جواز تعذيب من
انتقضت بنيته في رؤيتنا أو صار رميما في أعيننا عذابا يسمعه من أراد الله سبحانه أن
يسمعه دون من لم يرد، ويشاهده من أراد الله تعالى أن يشاهده دون من لم يرده،
فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصوات من يعذب منهم ولم يسمعها من كان معه من
أصحابه، ورأى حين صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار ومن يعذب في
السرقة، والمرأة التي كانت تعذب في الهرة، وقد صاروا في قبورهم رميما في أعين أهل
زمانه، ولم ير من صلى معه من ذلك ما رأى، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خبر
صحيح عنه في منامه - ورؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم وحي - جماعة يعذبون في
مواقع متفرقة في جرائم مختلفة ولعلهم صاروا رميما في قبورهم في أعيننا.
97 - وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو النضر محمد بن
محمد بن يوسف الفقيه بالطابران ثنا محمد بن أيوب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا
جرير بن حازم ثنا أبو رجاء عن سمرة بن جندب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى
صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا قال: فإن رأى أحد
قصها فيقول ما شاء الله، فسألنا يوما فقال - هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا،
قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض مقدسة،
فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه
حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيضع
الكلوب قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق انطلق فانطلقنا حتى أتينا على رجل
مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشرخ به
76

رأسه فإذا ضربه تدهده الحجر فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى
يلتئم رأسه وعاد رأسه كما كان فعاد إليه فضربه قلت: من هذا؟ قالا: انطلق
انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا
فإذا اقترت ارتفعوا حتى كادوا يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء
عراة فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه
رجل قائم على شاطئ النهر ورجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر
فأراد أن يخرج فرمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما أراد أن
يخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا قالا انطلق فانطلقنا حتى
أتينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان، وإذا رجل
قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها فصعدوا بي إلى الشجرة، وأدخلاني دارا لم
أر قط أحسن منها فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان ثم أخرجاني منها
فصعدا بي إلى الشجرة فأدخلاني دارا هي أفضل وأحسن فيها شيوخ وشباب،
قلت: طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت قالا: نعم، الذي رأيته يشق شدقه
فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة،
والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه
بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة، والذي رأيته في الثقب فهم الزناة والذي رأيته
في النهر آكلوا الربا، والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام والصبيان
حوله أولاد الناس، والذي يوقد النار مالك خازن النار، والدار الأولى التي
دخلت، دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء وأنا جبريل وهذا
ميكائيل فارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب قالا: ذاك منزلك،
قلت دعاني أدخل منزلي، قالا إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملته أتيت
منزلك.
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل.
77

98 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا العباس بن الوليد بن يزيد أخبرني أبي ثنا ابن جابر حدثني
سليمان بن عامر أبو يحيى الكلاعي حدثني أبو أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي وآتيا بي جبلا فقالا لي
اصعد فقلت إني لا أطيقه فقالا إنا سنسهله لك قال فصعدت حتى إذا كنت في
سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة فقلت ما هذه الأصوات قال هذا عواء
أهل النار ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم منشقة أشداقهم تسيل أشداقهم
دما، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هم الذين يفطرون قبل تحلة
صومهم، فقال أبو أمامة: خابت اليهود والنصارى - فقال سليم لا أدري أشيئا
سمعه أبو أمامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيئا من رأيه - ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم
أشد شئ انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوئه منظرا قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء قتلى
الكفار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم أشد شئ انتفاخا وأنتنه ريحا وأسوئه منظرا
كأن ريحهم المراحيض، قلت من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني، ثم
انطلق بي فإذا بنساء ينهشن ثديهن الحيات، قلت من هؤلاء؟ قال هؤلاء اللاتي
يمنعن أولادهن ألبانهن، ثم انطلق بي فإذا بغلمان يلعبون بين نهرين، قلت من
هؤلاء؟ قال هؤلاء ذراري المؤمنين ثم شرف بي شرفا فإذا بنفر ثلاثة يشربون من
خمر لهم قلت: من هؤلاء؟ قال: هذا جعفر وزيد وابن رواحة ثم شرف بي شرفا
آخر فإذا بنفر ثلاثة قلت من هؤلاء؟ قال: هذا إبراهيم وموسى وعيسى بن مريم
وهم ينتظرونك.
99 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
العباس بن محمد الدوري ثنا مصعب الزبيري ثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن
عبد الله بن الهاد عن عبادة بن عبد الله بن أبي رافع عن جدته عن أبي رافع قال:
بينا أنا في بقيع الغرقد مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أمشي خلفه إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا هديت ولا اهتديت، ثلاث مرات، فقال أبو رافع مالي يا رسول الله قال:
78

لست إياك أريد، أريد صاحب هذا القبر يسئل عني غير أنه لا يعرفني وإذا قبر
مرشوش عليه ماء حين دفن صاحبه.
وقيل عن عباد بن عبد الله عن أبي رافع.
وقيل عن عباد بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع.
79

باب
تخويف أهل الايمان بعذاب القبر
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا
قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا
نصيرا).
حكى أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب في تفسيره عن الحسن بن أبي
الحسن البصري في قوله: ضعف الممات، قال: هو عذاب القبر.
100 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو
العباس بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق نا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفرازي
عن سفيان عن جابر عن عطاء في قوله وضعف الممات قال: عذاب القبر.
101 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا
حسين بن حسن بن مهاجر ومحمد بن إسماعيل بن مهران قالا: ثنا هارون بن سعيد
الأيلي نا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن
عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود
وهي تقول هل شعرت أنكم تفتنون في القبور؟ قالت فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال: إنما يفتتن يهود، قالت عائشة رضي الله عنها: فلبثنا ليالي ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: أشعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة رضي الله
عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر. رواه مسلم في
الصحيح عن هارون الأيلي.
80

102 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن
عبدوس ثنا عثمان بن سعيد ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن
شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
تقول: قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر التي يفتن فيها المرء في قبره، فلما
ذكر ضج المسلمون ضجة حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما سكتت ضجتهم قلت لرجل قريب مني أي بارك الله فيك ماذا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في آخر قوله قال: قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا من فتنة
الدجال. رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب.
103 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى بن الفضل قالا:
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا منصور بن أبي
مزاحم ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا عمر كيف بك إذا أنت أعد لك من الأرض
ثلاث أذرع وشبر في عرض ذراع وشبر، ثم قام إليك أهلوك فغسلوك وكفنوك
وحنطوك ثم احتملوك حتى يغيبوك ثم يهيلوا عليك التراب ثم انصرفوا عنك، فأتاك
فتانا القبر منكر ونكير، أصواتهما مثل الرعد القاصف، وأبصارهما مثل
البرق الخاطف، قد سدلا شعورهما، فتلتلاك وتوهلاك وقالا: من ربك وما
دينك؟ قال: يا نبي الله ويكون معي قلبي الذي معي اليوم قال: نعم، قال:
إذا كفيتهما بالله تعالى.
104 - وأخبرنا محمد بن عبد الله ومحمد بن موسى قالا ثنا أبو العباس ثنا
محمد بن إسحاق ثنا محمد بن عمر ثنا عبد الله بن الفضيل بن أبي عبد الله عن أبيه
عن أبي غطفان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت يا عمر
إذا انتهى بك إلى الأرض فحفر لك ثلاثة أذرع وشبر، ثم أتاك منكر ونكير،
81

أسودان، يجران أشعارهما، كأن أصواتهما الرعد القاصف، وكأن أعينهما البرق
الخاطف، يحفران الأرض بأنيابهما، فأجلساك فزعا، فتلتلاك وتوهلاك، قال يا
رسول الله وأنا يومئذ على ما أنا عليه؟ قال: نعم، قال: أكفيتهما بإذن الله يا
رسول الله.
105 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في التاريخ أخبرني سليمان بن محمد بن
ناجية ثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ثنا علي بن عبد الله المديني ثنا مفضل بن صالح
عن إسماعيل بن خالد عن أبي سهيل عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر كيف أنت إذا كنت في أربع من الأرض في
ذراعين فرأيت منكرا ونكيرا، قال يا رسول الله وما منكر ونكير؟ قال: فتانا
القبر، أبصارهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، معهما مرزبة لو
اجتمع عليها أهل منى ما استطاعوا رفعها، هي أهون عليهما من عصاي هذه،
فامتحناك فإن تعاييت أو تلويت ضرباك ضربة تصير بها رمادا، قال: يا رسول
الله، وإني على حالتي هذه قال: نعم، قال: أرجو أكفيكهما.
106 - أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري نا أبو بكر محمد بن حمويه
نا جعفر بن محمد الغلايني نا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم نا نافع
مولى عبد الله بن عمر عن صفية امرأة ابن عمر عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن للقبر ضغطة لو نجا أحد منها لنجا سعد بن معاذ.
107 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقري ببغداد انا أحمد بن
سليمان النجاد ثنا عبد الملك بن محمد ثنا أبو عائشة ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم
عن نافع عن صفية امرأة ابن عمر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد بن معاذ. وقيل عن نافع عن ابن
عمر.
82

108 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد أبنا إسماعيل الصفار ثنا
محمد بن صالح الأنماطي نا أبو حذيفة ثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن
ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدا نجا من عذاب القبر لنجا
سعد بن معاذ، ثم قال بأصابعه الثلاث مجمعها كأنه يقللها ثم قال: لقد ضغط
ثم عوفي.
109 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد محمد بن موسى
قالا: ثنا العباس بن يعقوب نا العباس الدوري ثنا إسماعيل بن أبي مسعود ثنا عبد الله
ابن إدريس ثنا عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا العبد الصالح،
الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفا من
الملائكة لم يهبطوا إلى الأرض قبل ذلك، ولقد ضم ضمة ثم أفرج عنه، يعني
سعد بن معاذ. تابعه عمرو بن محمد القرشي عن ابن إدريس.
وقد روي من وجه آخر عن عائشة وعن عمر رضي الله عنهما.
110 - أما حديث عائشة، فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد
ابن يعقوب نا أبو الزنباع روح بن الفرج حدثني عمرو بن خالد ثنا ابن لهيعة عن
عقيل انه سمع سعد بن إبراهيم يخبر عن عائشة بنت سعد انها حدثت عن عائشة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخلت يهودية فحدثتني وذكر الحديث في قصة اليهودية
وإخبار عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها، قالت: فلم يرجع إلي شيئا
فلما كان بعد ذلك قال: يا عائشة تعوذي بالله من عذاب القبر فإنه لو نجا منها
أحد لنجا سعد بن معاذ ولكنه لم يزد على ضمه.
83

111 - وأما حديث ابن عمر فحدثنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرني
عبد الله بن محمد بن موسى ثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن
فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبره - يعني قبر سعد - فاحتبس فلما خرج قيل يا رسول الله ما حبسك قال:
ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشفه عنه.
وروي عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، يقال أنه قد رأى النبي
صلى الله عليه وسلم، وولد بأرض الحبشة.
112 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا عبد الله بن جعفر
ابن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان حدثني أبو صالح حدثني الليث حدثني خالد بن
يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي النضر عن زياد بن أبي عياش عن ابن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد على قبر سعد بن معاذ ثم استرجع فقال: لو نجا أحد من
فتنة القبر أو لمه أو ضمه لنجا سعد بن معاذ، لقد ضمه ضمة ثم رخي
عنه.
وورد في حديث جابر بن عبد الله.
113 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد
الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني معاذ بن رفاعة بن رافع أخبرني
محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح عن جابر بن عبد الله قال: لما وضع
سعد بن معاذ في حفرته سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح الناس معه وكبر وكبر القوم
معه، قيل يا رسول الله مم سبحت فقال: هذا العبد الصالح لقد تضايق عليه
قبره حتى فرجه الله عنه.
84

114 - وبإسناده عن أبي إسحاق حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض
أهل سعد ما بلغكم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا، فقالوا: ذكر لنا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول.
115 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا موسى بن داود ثنا محمد
ابن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة قال: كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما بلغ القبر جعل ينظر فيه فقال: عجبت منه يضغط المؤمن فيه
ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا.
116 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس نا محمد ثنا عقبة
ابن مكرم نا عمرو بن سفيان القطعي ثنا الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن
سعيد بن المسيب. ان عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله انك منذ يوم
حدثتني بصوت منكر ونكير، وضغطة القبر ليس ينفعني شئ، قال: يا عائشة
إن أصوات منكر ونكير في أسماع المؤمنين كالأثمد في العين وإن ضغطة القبر على
المؤمن كالأم الشفيقة يشكو إليها ابنها الصداع فتغمز رأسه غمزا رفيقا، ولكن يا
عائشة ويل للشاكين في الله كيف يضغطون في قبورهم كضغطة البيضة على
الصخرة.
85

باب
عذاب القبر في النميمة والبول
117 - ثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه لفظا، وأبو عبد الله
يوسف وأبو سعيد بن موسى بن الفضل قراءة عليهما، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب، قال: ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي أنا وكيع عن الأعمش، قال سمعت
مجاهدا يحدث عن طاوس عن ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين
فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما
الآخر فكان لا يستتر من بوله - قال وكيع: لا يتوقاه - قال: فدعا بعسيب
رطب، فشقه اثنتين، ثم غرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا، ثم قال:
لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا. رواه البخاري في الصحيح عن أبي موسى
ويحيى.
ورواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم، وغيره كلهم عن وكيع.
118 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكره
بإسناده ومعناه، إلا أنه قال في الحديث، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول،
قال: ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم جعل في كل قبر واحدة، قال قالوا:
يا رسول الله لم فعلت هذا، قال، فقال: لعلهما أن يخففا عنهما ما لم ييبسا.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى، وغيره عن أبي معاوية.
119 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد ثنا أبو
الحسين بن أحمد بن عثمان الأودمي املأ ثنا أبو قلابة ثنا معلي ابن أسد ثنا عبد الواحد بن
زياد عن الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين
فقال: انهما ليعذبان بالنميمة والبول وأخذ جريدة رطبة فشقها باثنتين وجعل على
كل قبر واحدة وقال: لعله أن يخفف عنهما ما داما رطبتين.
86

رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يوسف عن معلى بن أسد.
ورواه منصور بن المعتمر عن مجاهد عن ابن عباس.
وحديث الأعمش أصح، قاله البخاري فيما حكى عنه أبو عيسى الترمذي.
120 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد نا أبو
جعفر محمد بن عمرو الرزاز ثنا أحمد بن زهير ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن
أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثر عذاب القبر في البول.
قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمدا - يعني البخاري - عن حديث أبي
عوانة فقال: حديث صحيح. وهذا غير ذاك الحديث.
121 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا محمد بن سابق ثنا إسرائيل
عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عامة
عذاب القبر من البول فتنزهوا من البول.
122 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن بكر الحضرمي ثنا عبد الله بن
وهب عن عمرو بن الحارث عن عبد العزيز بن صالح أن الحسناء حدثته عن أبي
هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مر بقبرين فأخذ سعفة أو جريدة فشقها
فجعل أحدهما على أحد القبرين والشقة الأخرى على القبر الآخر - قال ابن
وهب أرى سئل عن فعلته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رجل كان لا يتقي من البول
وامرأة كانت تمشي بين الناس بالنميمة فانتظر بهما العذاب إلى يوم القيامة.
87

123 - وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي
عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد نا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا
محمد بن عبيد ثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: مر رسول الله
صلى الله عليه وسلم على قبر فوقف فقال: إيتوني بجريدتين فجعل إحداهما عند رأسه والأخرى
عند رجليه فقلنا له يا رسول الله أينفعه ذلك قال: لن يزال يخفف عنه بعض
عذاب القبر ما دام فيهما ندو.
124 - ثنا أبو بكر محمد بن الحسن الأصولي أنا عبد الله بن جعفر ثنا
يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا الأسود بن شيبان عن محمد بن صفوان البكري عن
أبي بكرة قال بينما أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يمشي بيننا إذ أتى على قبرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صاحبي هذين القبرين
ليعذبان الآن في قبورهما فأيكم يأتيني من هذا النخل بعسيب فاستبقت أنا
وصاحبي فسبقته وكسرت من النخل عسيبا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فشقه نصفين
من أعلاه فوضع على أحدهما نصفا وعلى الآخر نصفا وقال: انه يهون عليهما ما
دام فيهما من بلولتهما شئ إنهما ليعذبان في الغيبة والبول.
وهكذا رواه وكيع عن الأسود، ورواه مسلم بن إبراهيم.
125 - كما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد
الصفار ثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الأسود ابن شيبان عن
بحر بن مرار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال ثنا أبو بكرة قال بينا النبي صلى الله عليه وسلم بيني
وبين رجل آخر إذ أتى على قبرين فقال: إن صاحبي هذين القبرين يعذبان فأتياني
بجريدة، قال أبو بكرة فاستبقت أنا وصاحبي فسبقته فأتيته بجريدة فشقها بنصفين
فوضع في هذا القبر واحدة وفي ذا واحدة، وقال: لعله أن يخفف عنهما ما
دامتا رطبتين، أما إنهما ليعذبان بلا كبير الغيبة والبول.
88

126 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن
سلمه عن عاصم بن بهدلة عن حبيب بن أبي جبيرة عن يعلي بن سيابة أن النبي
صلى الله عليه وسلم مر بقبر يعذب في غير كبير، ثم دعا بجريدة فوضعها على قبره، فقال:
لعله يخفف عنه ما كانت رطبة.
هكذا رواه حماد، وقال: أبان بن يزيد عن عاصم عن محمد بن أبي جبيرة عن
يعلى.
127 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أنا عثمان بن أحمد السماك ثنا
الحسين بن حميد بن الربيع ثنا عبيد بن عبد الرحمن التيمي ثنا عيسى بن طهمان (ح)
وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد واللفظ لهما قالا: ثنا أبو العباس نا أبو أمامة الكلبي
ثنا عبيد بن الصباح ثنا عيسى بن طهمان عن أنس بن مالك قال: مر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بقبرين لبني النجار وهما يعذبان بالنميمة والبول فأخذ سعفة فشقها باثنين
فوضع على هذا القبر شقة وعلى هذا القبر شقة وقال: يخفف عنهما ما زالتا
رطبتين.
128 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أبو بكر محمد بن
أحمد بن محمويه العسكري ثنا عثمان بن خرزاد ثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل
ثنا خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يعذب في
قبره من النميمة.
129 - حدثنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا محمد
بن يزيد قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر فنفرت بغلته الشهباء فأخذ القوم بلجامها
89

فقال خلوا عنها فإن صاحب القبر يعذب فإنه لا يستنزه من البول.
130 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي عن المؤمل أنا أبو عثمان عمرو بن
عبد الله البصري ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب أنا يعلي بن عبيد نا الأعمش عن
زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال: كنت أنا وعمرو بن العاص
جالسين فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده درقة فبال وهو جالس فتكلمنا بيننا
فقلنا يبول كما تبول المرأة فأتانا فقال: أما تدرون ما لقي صاحب بني إسرائيل كان
إذا أصابهم بول قرضوه فنهاهم فتركوه فعذب في قبره.
90

باب
ما يخاف من عذاب القبر في النياحة على الميت
قال بعض أهل العلم إذا كان قد أوصى بها.
131 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر بن
أحمد بن فارس نا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة. (ح) وأخبرنا أبو
عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الميت ليعذب في قبره بالنياحة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان عن أبيه عن شعبة.
132 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب المعدل
ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة -
عن قتادة فذكره باسناده قال: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه.
مخرج في الصحيحين من حديث ابن أبي عروبة.
91

باب
ما يخاف من عذاب القبر في الغلول
133 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا محمد
ابن عبد الله بن عبد الحكم المصري نا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس عن ثور
ابن زيد الديلي عن سالم بن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة قال: خرجنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فلم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غنمنا المتاع والأموال ثم
انصرفنا نحو وادي القرى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، وهبه له رفاعة بن زيد
رجل من بني ضبيب فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم عائر فأصابه فمات، فقال له الناس هنيئا له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا
والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها يوم خيبر في الغنائم لم تصبها المقاسم
لتشتعل عليه نارا، فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكان من نار.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك. ورواه
مسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب.
134 - أخبرنا أبو الحسن المقري نا الحسن بن محمد بن إسحاق أبنا يوسف
ابن يعقوب ثنا أحمد بن عيسى ثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج عن منبوذ - رجل
من آل أبي رافع - عن الفضل بن عبيد الله عن أبي رافع قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث عندهم حتى ينحدر
إلى المغرب، قال وذكر الحديث وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا فلان بن فلان
بعثته ساعيا على بني فلان فغل نمرة فدرع الآن مثلها من نار.
92

باب
ما يخاف من عذاب القبر في الدين
135 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف أنا أبو سعيد أحمد بن محمد ابن
زياد البصري بمكة ثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ثنا إسحاق بن يوسف
الأزرق ثنا زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.
136 - وأخبرنا أبو محمد جناح بن زيد بن جناح القاضي المحاربي بالكوفة ثنا
أبو جعفر بن دحيم ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين القزاز ثنا الفضل - يعني
ابن دكين - ثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين.
137 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد
ابن إسحاق الصغاني ثنا يحيى بن حماد وعفان بن مسلم قالا ثنا أبو عوانة عن فراس
عن الشعبي عن سمرة بن حبيب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال:
ها هنا أحد من بني فلان؟ فإذا قلنا لا يجيب أحد ثم قال: إن الرجل الذي
مات منكم قد احتبس عن الجنة من أجل الدين الذي عليه، فإن شئتم فافدوه،
وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله.
138 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر ثنا
يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا زائدة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر بن عبد الله قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به النبي صلى الله عليه وسلم
ليصلي عليه فخطا خطا ثم قال: هل عليه دين قلنا: نعم، قال: صلوا على
93

صاحبكم، فقال أبو قتادة: يا رسول الله دينه علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هما عليك
حق الغريم وبرء الميت؟ قال نعم، فصلى عليه ثم لقيه في الغد فقال ما فعل
الديناران فقال: يا رسول الله إنما مات أمس، ثم لقيه من الغد فقال ما فعل
الديناران فقال يا رسول الله قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت
عليه جلده.
94

باب
ما جاء في طاعة الله تعالى من الأمن من عذاب القبر
قال الله جل ثناؤه: " ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ". قال
مجاهد: في القبر.
139 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو
قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهاب أبنا
محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت إذا
وضع في قبره إنه ليسمع خفق نعالهم حين يولوا عنه فإن كان مؤمنا كانت الصلاة
عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن يساره، وكان فعل الخيرات من
الصدقة والصلة والمعروف والاحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه
فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي
مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه
فيقول فعل الخيرات، من الصدقة والصلة والمعروف إلى الناس ما قبلي مدخل،
وذكر الحديث بطوله.
140 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أبنا حاجب بن أحمد ثنا
محمد بن حماد ثنا يحيى بن سليم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله عز
وجل: فلأنفسهم يمهدون. قال: في القبر.
95

باب
ما يرجى في الرباط من الأمان من فتنة القبر
141 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو النضر ثنا عثمان بن سعيد
الدارمي ثنا أبو داود الطيالسي ثنا الليث بن سعد عن أيوب بن موسى عن مكحول
عن شرحبيل بن السمط عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يوم وليلة كصيام شهر وقيامه فإن مات جرى عليه الرباط،
ويؤمن من الفتان، ويقطع له رزق في الجنة.
142 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا هشام بن
علي ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك فذكره بإسناده ومعناه، إلا أنه قال: خير
من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله أو جرى عليه ما كان
يعمل، وأمن الفتان.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الوليد.
143 - أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة ثنا داود ثنا سعيد
ابن منصور ثنا عبد الله بن وهب ثنا أبو هانئ عن عمرو بن مليك. عن
فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل ميت يختم على عمله إلا
المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتان القبر.
96

باب
ما يرجى في الشهادة في سبيل الله من الأمن من عذاب الله في القبر.
144 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عبد الله بن حمشاذ العدل ثنا العباس
ابن الفضل الاسقاطي ثنا إسماعيل بن أبي أويس نا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي طلحة عن أنس قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة
ثلاثين غداة على رعل وذكوان ولحيان وعصية عصت الله ورسوله.
قال أنس: أنزل الله في الذين قتلوا قرآنا ثم نسخ بعد، أن بلغوا قومنا أن قد
لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
145 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا علي بن عيسى الحيري ثنا مسدد بن
قطن ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل
ابن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار
الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش،
فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء
في الجنة نرزق، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب، فقال الله تبارك
وتعالى: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله عز وجل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون إلى آخر الآيات.
فقد تقدم في ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
97

146 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
حميد بن داود بن إسحاق العبسي نا يزيد بن خالد حدثني عبد الرحمن بن ثابت عن
أبيه عن مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجذامي قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن للقتيل عند الله ست خصال، تغفر له خطيئته في أول دفقة من دمه،
ويجار من عذاب القبر، ويحلا حلة الكرامة، ويرى مقعده من الجنة، ويؤمن
من الفزع الأكبر، ويزوج من الحور العين.
98

باب
ما يرجى في قراءة سورة الملك من المنع من عذاب القبر
147 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق نا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن عمرو
ابن مرة عن مرة عن عبد الله قال: توفي رجل فأتي من جوانب قبره فجعلت سورة
من القرآن تجادل عنه حتى منعته قال: فنظرت أنا ومسروق فإذا هي سورة
الملك.
148 - وأخبرنا أبو الحسن بن بشران أبنا أبو جعفر الرزاز ثنا يحيى بن جعفر
ثنا وهب بن جرير نا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن عمرة بنت مرة عن مسروق
عن عبد الله قال: جادلت سورة تبارك عن صاحبها حتى أدخلته الجنة.
149 - وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله أخبرني محمد بن أحمد بن
بالوية قراءة عليه أنا محمد بن غالب ثنا عمرو بن مرزوق ابنا شعبة عن عاصم عن زر
عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: سورة تبارك هي المانعة تمنع بإذن الله تبارك
وتعالى من عذاب القبر، أتي رجل من قبل رأسه فقالت له لا سبيل لك على هذا
إنه كان قد دعا في - سورة الملك - وأتي من قبل رجليه فقالت رجلاه لا سبيل
لكم على هذا إنه كان يقوم بي - بسورة الملك - فمنعته بإذن الله من عذاب
القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطاب.
وبمعناه رواه سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود.
150 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار
ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب نا يحيى بن عمرو بن
مالك النكري قال: سمعت أبي يحدث عن أبي الجوزاء عن أبي العباس قال: ضرب
بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا فيه
99

إنسان يقرأ سورة تبارك حتى ختمها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني
ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحس أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة الملك حتى
ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب
القبر.
تفرد به يحيى بن عمرو بن مالك وهو ضعيف.
وروي في فضل قراءة هذه السورة حديث آخر، حسن الاسناد.
151 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم
ابن مرزوق ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة (ح) وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأ أحمد
ابن عبيد ثنا يوسف القاضي ثنا عمرو ابنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في القرآن سورة ثلاثون آية
شفعت لصاحبها حتى غفر له، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ
قدير.
لفظ حديث عمرو بن مرزوق.
100

باب
ما يرجى للمبطون من الأمان من عذاب القبر
152 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ابنا عبد الله بن جعفر نا
يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة أخبرني جامع بن شداد عن عبد الله
ابن يسار قال: كنت جالسا عند سليمان بن صرد وخالد بن عرفطة
فذكرا رجلا مات في بطنه، فأحبا أن يحضرا جنازته، فقال أحدهما للآخر أو لم
تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الذي يقتله بطنه لن يعذب في قبره، قال:
بلى.
153 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا
ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا إبراهيم بن بكر المروزي ثنا زكريا بن عدي ثنا
عبد الله بن عمر عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي صخرة عن عبد الله بن يسار الجهني
قال: جلست إلى سليمان بن صرد وخالد بن عرفطة فقال سليمان لله أبوك أما
كنت تؤذننا بذلك الرجل الصالح نشهد جنازته، فقال: كنا... وكان مبطونا
فبادرناه فأقبل سليمان على خالد فقال: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يقتله
بطنه لم يعذب في قبره قال: نعم.
وأخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن أحمد العلوي ابنا أبو جعفر بن دحيم
ثنا أحمد بن حازم ثنا أبو غسان وأبو نعيم قالا: ثنا قيس أنا جامع بن شداد،
فذكره بمعناه إلا أنه قال: فقال أحدنا لصاحبه: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: من يقتله بطنه لا يعذب في قبره، قال: بلى.
101

154 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو صادق بن أبي الفوارس وأبو سعيد
ابن أبي عمرو قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني
ثنا حجاج قال: قال ابن جريج عن إبراهيم بن محمد عن موسى بن وردان عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات مريضا مات شهيدا أو وقي من عذاب
القبر.
زاد أبو عبد الله وأبو سعيد في روايتهما وغدي وريح عليه برزق من الجنة
تفرد به إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى السلمي.
102

باب
ما يرجى في الموت ليلة الجمعة من البراءة من فتنة القبر
155 - أخبرنا الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان
ببغداد أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو صالح وأبو
بكر قالا ثنا الليث بن سعد حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة
ابن سيف أن عبد الرحمن بن محرم أخبره: أن ابنا لعياض بن عقبة توفي يوم الجمعة
فاشتد وجده عليه فقال له رجل من الصرف يا أبا يحيى ألا أبشرك بشئ سمعته من
عبد الله بن عمرو بن العاص سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم
يموت في ليلة الجمعة إلا برئ من فتنة القبر.
وروي من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو.
156 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا سليمان بن آدم ثنا بقية حدثني
معاوية بن سعيد التجيبي قال سمعت أبا قبيل المصري يقول: سمعت عبد الله بن
عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات يوم الجمعة أو ليلة
الجمعة وقي فتنة القبر. وروي موقوفا.
157 - أخبرنا أبو عبد الله سعيد قالا ثنا أبو العباس نا محمد نا عثمان بن
صالح ثنا ابن وهب أخبرني ابن الهيعة عن سنان بن عبد الرحمن الصدفي أن عبد الله
بن عمرو بن العاص كان يقول من توفي يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقي الفتان.
وروي ذلك عن أنس بن مالك مرفوعا.
103

158 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو حامد بن بلال ثنا أبو الأزهر نا زيد
ابن الحباب العكلي عن عبد الله بن مؤمل قال: سمعت عكرمة بن خالد المخزومي
يقول: من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة ختم بخاتم الايمان ووقي عذاب القبر.
104

باب
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة بتوسيع المدخل على صاحبها ووقايته
فتنة القبر.
159 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء المصري بمكة
حرمها الله ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت إملاء نا العباس بن محمد المصري
ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب ثنا عمر - وهو ابن الحارث - عن أبي حمزة بن
سليم الحمصي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن جبير بن نفير عن عوف بن
مالك الأشجعي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى على جنازة، يقول
اللهم اغفر له، وارحمه، وأعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله،
واغسله بماء وثلج وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس،
وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه. وقه
فتنة القبر وعذاب النار.
قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا ذاك الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
لذلك الميت.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر، وغيره عن ابن وهب.
160 - أخبرنا عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد
قال: قرئ على أبي الحسن علي بن الحسن بن عبد الله وأنا أسمع ثنا شاذان الأسود
ابن عامر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي
صلى الله عليه وسلم، صلى على المنفوس ثم قال: اللهم أعذه من عذاب القبر.
هكذا رواه مرفوعا، وإنما رواه غيره عن شاذان موقوفا.
161 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أبنا أبو جعفر الرزاز ثنا أحمد
ابن الوليد ثنا شاذان ابنا شعبة ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
بنحوه موقوفا.
وكذلك رواه شاذان عن الثوري عن يحيى بن سعيد موقوفا.
105

باب
ما كان يرجى في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الجنائز من النور في القبور
وذهاب الظلمة
عن أهلها.
162 - أخبرنا أبو الخير جامع بن أحمد الوكيل النيسابوري ثنا أبو طاهر
محمد بن الحسن المحمد اباذي نا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا مسدد ثنا حماد بن زيد
عن ثابت البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة أن إنسانا أسود أو إنسانة سوداء
كانت تقم المسجد أو يقم فماتت أو مات ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما
فعل ذلك الإنسان قالوا: ماتت أو مات، قال: فهلا كنتم آذنتموني بها أو به،
وكأنهم صغروا أمرها، فقال: دلوني على قبرها، فأتى قبرها فصلى عليها، ثم
قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي
عليهم.
مخرج في الصحيح من حديث حماد بن زيد.
106

باب
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين بعذاب القبر.
163 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو عبد الرحمن
محمد بن عبد الله بن أبي الوزير ثنا أبو حاتم الرازي، حدثني هشام بن حسان ثنا
محمد بن سيرين ثنا عبيدة السلماني حدثني علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فقال: ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن
صلاة الوسطى حتى غابت الشمس وهي صلاة العصر.
رواه البخاري عن محمد بن المثنى عن محمد بن عبد الله الأنصاري.
ورواه مسلم من أوجه، عن هشام بن حسان، وأخرجه من حديث قتادة عن
أبي حسان الأعرج عن عبيدة.
164 - أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الروذباري أبنا أبو محمد بن عبد الله
ابن عمر بن أحمد بن شوذب المصري بواسط ثنا شعبة عن أيوب ثنا وهب بن جرير
عن شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يوم الأحزاب قاعدا على فرضة من فرض الخندق فقال: شغلونا عن صلاة
الوسطى حتى غربت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا أو بطونهم.
107

165 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ثنا عبد الله بن جعفر ثنا
يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة، فذكره باسناده نحوه، إلا أنه قال: ملأ الله
قبورهم وبيوتهم نارا أو قبورهم وبطونهم نارا.
أخرجه مسلم من حديث وكيع ومعاذ بن معاذ عن شعبة.
166 - حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي إملاء ابنا أبو
حامد بن الشرقي ثنا عبد الله بن محمد الفراء ثنا حفص بن عبد الله حدثني إبراهيم بن
طهمان عن الأعمش عن أبي الضحى (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عبد الله بن
محمد الكعبي نا محمد بن أيوب أنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى - صلاة العصر - ملأ الله
بيوتهم وقبورهم نارا، ثم صلاها بين العشائين بن المغرب والعشاء. لفظ
حديث أبي معاوية.
167 - وفي رواية ابن طهمان قال: شغل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب
عن صلاة العصر حتى صلوا بين المغرب والعشاء، فقال: شغلونا عن الصلاة
الوسطى - صلاة العصر - ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره.
168 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان ابنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا عباس
ابن الفضل ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس نا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر
قال: قلنا لعبيدة سل عليا رضي الله عنه عن صلاة الوسطى فسأله فقال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن صلاة الوسطى - صلاة العصر -
ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا.
108

169 - أخبرنا القاضي أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة
أبنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة ابنا الفضل بن
دكين وعون بن سلام قالا ثنا محمد بن طلحة عن زبيد اليامي عن مرة عن عبد الله بن
مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق: شغلونا عن صلاة الوسطى
صلاة العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا.
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن عون بن سلام.
170 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد
الصفار أبنا محمد بن الفضل بن جابر السقطي ثنا عبد الجبار بن عاصم ثنا عبد الله
ابن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن زر عن حذيفة قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق: شغلونا عن صلاة العصر - فلم
يصلها يومئذ حتى غابت الشمس - ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا.
171 - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الغضائري ببغداد ثنا عثمان
ابن أحمد السماك ثنا حامد بن سهل الثغري ثنا عبد الله بن جعفر ثنا عبيد الله بن
عمرو، فذكره باسناده قال: شغل المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر يوم
الخندق فلم يصلها حتى غابت الشمس فقال: شغلونا عن صلاة العصر ملأ الله
قبورهم وبيوتهم نارا.
172 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو الطيب محمد بن عبد الله الشعيري
ثنا محمش بن عصام ثنا حفص بن عبد الله حدثني إبراهيم بن طهمان عن مسلم عن
مجاهد عن ابن عباس قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين حتى فاتتهم الصلاة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شغلونا عن صلاة الوسطى - صلاة العصر - ملأ الله
قبورهم وأجوافهم نارا.
109

باب
استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر وأمره بها.
173 - أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر ثنا جدي يحيى بن منصور القاضي
ثنا أحمد بن سلمة ثنا هناد بن السري ثنا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن
أبيه عن مسروق قال: دخلت يهودية على عائشة رضي الله عنها فقالت: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شيئا في عذاب القبر؟ فقالت عائشة رضي الله عنها.
وما عذاب القبر، قالت: فسليه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عائشة رضي الله عنها
عن عذاب القبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عذاب القبر حق، فما صلى بعد
ذلك صلاة إلا سمعته يتعوذ من عذاب القبر.
رواه مسلم في الصحيح عن هناد بن السري.
174 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أنا عبد الله محمد بن
يعقوب ثنا أحمد بن سلمة وحسين بن محمد وجعفر بن محمد قالوا ثنا إسحاق بن
إبراهيم أبنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها
قالت: دخلت عجوزان من عجائز يهود المدينة فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في
قبورهم فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن عجوزين دخلتا علي
فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال: صدقتا إنهم يعذبون في قبورهم
عذابا يسمعه البهائم، فما رأيته بعد في صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير.
ورواه مسلم عن إسحاق بن أبي إبراهيم وغيره.
175 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس
ابن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن أشعث - يعني ابن أبي الشعثاء - قال سمعت
110

أبي يحدث عن مسروق قال: جاءت يهودية إلى عائشة رضي الله عنها تسألها
فقالت لعائشة رضي الله عنها: أعاذك الله من عذاب القبر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم
فسألته عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عذاب القبر حق، قالت عائشة رضي الله
عنها: فما سمعته يصلي بعد صلاة إلا تعوذ فيها من عذاب القبر.
176 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو بكر أحمد بن بكر بن محمد
ابن حمدان الصيرفي بمرو ثنا أبو الموجه ثنا عبدان ابنا أبي عن شعبة عن الأشعث عن
أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب
القبر، قالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر فقال: نعم، عذاب القبر حق، قالت عائشة
رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة الا تعوذ من عذاب
القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان.
177 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري ببغداد
أبنا أحمد بن سلمان النجاد ثنا إسحاق بن الحسن عن القعني ثنا مالك بن يحيى بن
سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية جاءت
تسألها فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عائذا من ذلك ثم ركب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا فخسفت الشمس، فذكر الحديث في صلاة
النبي صلى الله عليه وسلم، قالت ثم انصرف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، ثم
أمرهم أن يستعيذوا من عذاب القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
111

178 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا
محمد بن عبد الوهاب العبدي ثنا عبد الله بن مسلمة ثنا سليمان بن بلال عن يحيى
عن عمرة أن يهودية أتت عائشة رضي الله عنها تسألها فقالت: أعاذك الله من
عذاب القبر، فقالت عائشة رضي الله عنها: فقلت يا رسول الله يعذب الناس في
القبور؟ قالت عمرة: فقالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذا بالله، ثم ركب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا فخسفت الشمس فذكر الحديث في صلاة
الخسوف فقالت: فقال: إني قد رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال قالت
عمرة: فسمعت عائشة رضي الله عنها تقول فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد
ذلك يتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن مسلمة القعنبي.
179 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله أخبرني أبو محمد أحمد بن
عبد الله المزكى فيما قرأت عليه ببخارى ابنا علي بن محمد بن عيسى ثنا أبو اليمان
أخبرني شعيب عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة، اللهم أعوذ بك من عذاب القبر
وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من المأثم والمغرم قالت: فقال له
قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله، فقال: إن الرجل إذا غرم
حدث فكذب ووعد فأخلف.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن إسحاق الصغاني عن أبي اليمان.
ورواه في الاستعاذة من عذاب القبر جماعة عن الزهري عن عروة عن عائشة.
180 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد ابنا إسماعيل
ابن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن هشام بن
112

عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ
بك من فتنة النار وعذاب النار وأعوذ بك من فتنة القبر وعذاب القبر، وأعوذ
بك من شر فتنة الفقر ومن شر فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال،
اللهم نق قلبي من خطيئتي كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين
خطيئتي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم
والمغرم والمأثم.
مخرج في الصحيحين من أوجه كثيرة عن هشام بن عروة.
181 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
محمد بن إسحاق ثنا يعلي بن عبيد ثنا قدامة بن عبد الله عن عمرة قالت: حدثتني
عائشة قالت فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا قال في دبرها: اللهم رب
جبريل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حر النار وعذاب القبر.
182 - وحدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله إملاء
وقراءة أخبرنا أبو حامد بن الشرقي ثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي
حدثني إبراهيم بن طهمان عن سفيان الثوري عن أبي حسان فليت العامري عن
جسرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم رب جبريل
وميكائيل وإسرافيل أعوذ بك من عذاب النار وعذاب القبر.
183 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد
ابن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن عبد
الملك بن عمير عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يأمر بالخمس ويقول: إن
113

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بهن، اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من
الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا،
وأعوذ بك من عذاب القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي اياس عن شعبة.
184 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ابنا أبو بكر بن إسحاق ابنا أبو مسلم
ثنا سهل بن بكار ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عمرو بن ميمون
الأودي قال كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان،
ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة اللهم إني أعوذ بك من
الجبن وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ
بك من عذاب القبر. فحدثت به مصعبا فصدقه. رواه البخاري في الصحيح
عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة.
185 - وأخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البزاز
ببغداد في الكرخ من أصل كتابه، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق
الفاكهي بمكة ثنا يحيى بن أبي مسرة ثنا خلاد بن يحيى بن صفوان الكوفي بمكة ثنا
يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي عن أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق المنبر وهو يتعوذ
من خمس، اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من سوء العمر،
وأعوذ بك فتنة الصدر وأعوذ بك من عذاب القبر. وكذلك رواه إسرائيل
عن إسحاق.
186 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن أبي
إسحاق إملاء ابنا العباس بن الفضل الأسفاطي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حسين
ابن علي الجعفي عن زائدة عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد
114

الرحمن بن يزيد عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا اله إلا الله، وحده لا
شريك له، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها، وأعوذ بك من
شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل، والهرم، وسوء الكبر وفتنة
الدنيا وعذاب القبر.
قال الحسن بن عبيد الله: وزادني فيه زبيد عن إبراهيم بن سويد عن عبد
الرحمن بن يزيد عن عبد الله رفعه أنه قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له
الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.
187 - أخبرنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة أنا أبو
جعفر محمد بن علي بن دحيم ثنا أحمد بن حازم ابنا جعفر بن عون (ح) وأخبرنا أبو
عبد الله الحافظ واللفظ له ابنا الحسن بن يعقوب العدل ثنا محمد بن عبد الوهاب أنا
جعفر بن عون ابنا مسعر حدثني علقمة بن مرثد عن المغيرة اليشكري عن المعرور
ابن سويد عن عبد الله بن مسعود قال: قالت أم حبيبة بنت أبي سفيان: اللهم
أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: انك دعوت الله لآجال معلومة، وأرزاق مقسومة، وآثار مبلوغة لا يعجل
شئ منها من قبل حلها ولا يؤخر شئ منها بعد حلها، فلو دعوت الله عز وجل أن
يعافيك وسألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر لكان خيرا
أو لكان أفضل.
وهكذا رواه سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث مسعر وسفيان.
115

188 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو نضر محمد بن محمد بن
يوسف الفقيه ثنا محمد بن أيوب ثنا مسلم بن إبراهيم (ح) وأخبرنا أبو عبد الله محمد
ابن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد ابنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب البزاز
ثنا إبراهيم بن عبد الله البصري ثنا مسلم ثنا هشام بن يحيى عن أبي سلمة عن أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وعذاب
النار وفتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال.
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم.
ورواه ابن الحجاج عن أبي موسى عن ابن عدي عن هشام الدستوائي.
189 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ابنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ابنا بشر
ابن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان (ح) وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي
المقري ابنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا إبراهيم بن بشار ثنا
سفيان ثنا عمرو عن طاوس عن أبي هريرة وأبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به
النبي صلى الله عليه وسلم قال: عوذوا بالله من فتنة عذاب الله، وعوذوا بالله من فتنة عذاب
القبر، وعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات، وعوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال.
لفظ حديث إبراهيم بن بشار.
رواه مسلم بن الحجاج عن محمد بن عباد عن سفيان، وقال في
حديث عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
190 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن
يوسف السوسي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ابنا العباس بن الوليد بن يزيد
أنا أبي وعقبة بن علقمة قالا: ثنا الأوزاعي ثنا حسان بن عطية حدثني محمد بن أبي
116

شيبة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فرغ أحدكم من
التشهد فليتعوذ بالله من أربع، من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا
والممات، ومن شر المسيح الدجال.
رواه مسلم في الصحيح من أوجه عن الأوزاعي.
191 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله ثنا محمد بن يعقوب ثنا حسين
ابن حسن ومحمد بن إسماعيل قالا: ثنا هارون بن سعيد ثنا ابن وهب أخبرني يونس
ابن يزيد عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن سعيد وغيره.
192 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا
إبراهيم بن مرزوق ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة ثنا بديل بن ميسرة عن
عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من عذاب
القبر وعذاب جهنم وفتنة الدجال.
أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى عن غندر عن شعبة.
ورواه أيضا أبو صالح ومحمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في
الاستعاذة من عذاب القبر.
193 - أما حديث أبي صالح، فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس
ابن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق نا يوسف بن موسى القطان نا عبد الرحمن بن مغراء
الدوسي ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تعوذوا بالله من جهنم، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من المسيح
الدجال، تعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات.
117

194 - وأما حديث محمد بن زياد، فأخبرناه أبو الخير جامع ابن أحمد
الوكيل أنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد اباذي ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ثنا
موسى بن إسماعيل ثنا حماد - وهو ابن سلمة - ثنا محمد بن زياد عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ بالله من شر المحيا والممات، وعذاب القبر، ومن
شر المسيح الدجال.
195 - أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكى نا
أبو العباس المعقلي ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثني
سليمان التيمي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذوا بالله من عذاب القبر.
196 - وأخبرنا أبو علي الروذباري ابنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا
مسدد ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي قال: سمعت أنس بن مالك
يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك
من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن محمد بن عبد الأعلى عن المعتمر بن سليمان، وأخرجه
أيضا من حديث شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك.
197 - وأخبرنا أبو عبد الله - هو الحافظ - ثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا روح ثنا هشام ثنا قتادة عن أنس أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن
والبخل والهرم وعذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات.
118

198 - وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري الفقيه ثنا أبو حاتم
محمد بن عيسى بن محمد الوسقندي بالري، نا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي نا
محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني حميد قال: سئل أنس بن مالك عن عذاب
القبر وعن الدجال فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من
الكسل والهرم والجبن والبخل وفتنة الدجال وعذاب القبر.
199 - وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرني أبو بكر محمد بن
أحمد بن بالويه ثنا موسى بن الحسن بن عباد ثنا معلى بن أسد ثنا وهيب عن موسى بن
عقبة قال: حدثتني أم خالد بنت خالد بن سعيد العاصي انها سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عذاب القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن معلي بن أسد.
200 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ابنا أحمد بن عبيد
الصفار ثنا إسماعيل القاضي ثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير المكي عن
طاوس اليماني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم
السورة من القرآن، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من
عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا
والممات.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن مالك، وروي ذلك عن طاوس
عن أبيه عن ابن عباس في الدعاء، بمعناه.
119

201 - أخبرنا أبو علي الروذباري ابنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا
وهب بن بقية ثنا عمر بن يونس اليمامي حدثني محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه
عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التشهد: اللهم إني
أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة
الدجال الأعور، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات.
202 - وروي من وجه آخر عن ابن عباس، أخبرنا أبو الحسن علي بن
أحمد بن المقري ببغداد ثنا أحمد بن سليمان قال: قرئ على محمد بن الهيثم وأنا
أسمع، نا محمد بن الصلت ثنا أبو كريمة عن قابوس عن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن
عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر ومن
المغرم ومن عذاب القبر ومن فتنة الصدر.
203 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب والحسين
ابن يعقوب العدل قالا: ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا سعيد
الجريري (ح) وأخبرنا أبو عبد الله قال: وأخبرني أبو عمرو نا الحسن بن سفيان ثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عليه عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد
الخدري، قال: ثنا زيد بن ثابت قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار
على بغلة له ونحن معه فحادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو
أربعة، فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا، فقال: متى
مات هؤلاء؟ فقال: ماتوا في الاشراك، فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها،
فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي اسمعني، ثم
أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر، قلنا نعوذ بالله من عذاب
القبر، قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قلنا نعوذ بالله من
الفتن ما ظهر منها وما بطن قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال، قلنا نعوذ بالله من
فتنة الدجال. لفظ حديث أبي عمرو بن حمدان.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة:
120

204 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان ثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد
الطبراني ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن
جابر، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا لبني النجار فسمعهم يعذبون في
قبورهم، فخرج مذعورا، يقول: أعوذ بالله من عذاب القبر.
205 - أخبرنا أبو بكر بن فورك أبنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب
ثنا أبو داود (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ابنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا
محمد بن إسحاق، ثنا روح بن عبادة، ثنا شعبة، أنا حبيب بن الزبير، قال:
سمعت عبد الله بن أبي الهذيل العنزي يحدث عن عبد الرحمن بن أبزى أن عبد الله بن
خباب حدثه أن أبي بن كعب قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم - الدجال،
فذكر الحديث وقال فيه فتعوذوا بالله من عذاب القبر. لفظ حديث روح بن
عبادة.
206 - أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد، أنا أبو
جعفر محمد بن عمر بن البختري الرزاز ثنا محمد بن عبيد الله ثنا روح بن عبادة،
ثنا عثمان الشمام حدثني مسلم بن أبي بكرة أنه مر بوالده وهو يدعو ويقول:
اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر، فأخذتهن عنه فكنت أدعو
بهن في دبر الصلاة فمر بي وأنا أدعو بهن فقال: يا بني أنى علمت هؤلاء
الكلمات؟ قلت: يا أبتاه سمعتك تدعو بهن في دبر الصلاة فأخذتهن عنك،
قال: فألزمهن يا بني فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن في دبر الصلاة.
وروي ذلك عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.
121

207 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد
ابن إسحاق ثنا محاضر بن مورع، ثنا عاصم يعني الأحول عن عبد الله بن الحارث
عن زيد بن أرقم قال: قلنا: علمنا أو حدثنا، قال: لا أعلمكم إلا ما
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل
والبخل والجبن والهرم وعذاب القبر.
208 - أخبرنا أبو عبد الله ثنا أبو العباس محمد بن صالح حدثني الليث
حدثني ابن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمغرم والمأثم، وأعوذ
بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من عذاب القبر.
209 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، ابنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا
أحمد بن إبراهيم بن ملحان ثنا يحيى - يعني ابن بكير - ثنا الليث عن ابن الهاد،
فذكره بمثله، إلا أنه لم يذكر قوله: وأعوذ بك من عذاب النار.
210 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا حمزة بن محمد بن العباس، نا
محمد بن غالب، ثنا موسى بن مسعود، ثنا عكرمة بن عمار عن طارق بن القاسم
122

ابن عبد الرحمن عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال لها: يا ميمونة تعوذي
بالله من عذاب القبر، قالت يا رسول الله: إنه لحق؟ قال: نعم، وإن من أشد
عذاب القبر الغيبة والبول.
123

باب
الدعاء للمؤمن بالتثبيت بعد الفراغ من الدفن
211 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أبنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا محمد
ابن غالب بن حرب وإبراهيم بن عبد الله، واللفظ لتمتام حدثني علي بن عبد الله بن
جعفر ثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن بجير، عن هانئ مولى عثمان بن
عفان، عن عثمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت
قال: استغفروا لميتكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسال.
212 - وأخبرنا علي أنا أحمد ثنا يعقوب بن إسحاق المروزي ثنا أبي ثنا
هشام فذكره بإسناده، إلا أنه قال: كان إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه
فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل.
124

باب
تمني من غفر له أن يعلم قومه بما أكرمه الله به
قال الله جل ثناؤه فيمن أنعم عليه بالمغفرة (قيل ادخل الجنة قال يا ليت
قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين).
قال مجاهد: ذلك حين رأى الثواب. قال غيره: يا ليت قومي يعلمون بما
غفر لي ربي، أي بإيماني بربي وتصديقي إياه فيؤمنوا فيدخلون الجنة كما دخلت الجنة.
213 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار ثنا تمتام - وهو محمد بن غالب - ثنا أبو عمر عن همام، عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة عن أنس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خاله حرام بن عثمان
أخو أم سليم في سبعين رجلا إلى بني عامر، فلما قدموا قال لهم خاله أتقدمكم
فإن أمنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والا كنتم قريبا، فتقدم فبينما هو
يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أومؤوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه فقال: الله
أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجل أعرج
كان فيهم فصعد الجبل، قال فحدثنا أنس أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنهم لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم، قال أنس فكان فيما يقرأ من القرآن:
بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، قال ثم نسخ بعد، فدعا رسول
الله صلى الله عليه وسلم عليهم أربعين صباحا على رعل وذكوان وعصية الذين عصوا الله
ورسوله.
أخرجه البخاري في الصحيح عن ابن عمر، وأخرجه من حديث قتادة عن
أنس.
وأخرجه مسلم من حديث إسحاق وثابت عن أنس.
214 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنا أبو سهل بن
زياد القطان، ثنا محمد بن عثمان العبسي ثنا منجاب بن الحارث نا أبو عامر
الأسدي، عن سفيان الثوري عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن
125

عباس، قال: لما أصيب من أصيب ورأوا ما أعد الله لهم من الرزق قالوا: ليت
إخواننا يعلمون، فأنزل الله عز وجل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل
أحياء...) الآية.
قال وثنا محمد بن عثمان ثنا منجاب بن الحارث ثنا حاتم عن أسامة بن زيد عن
إسماعيل بن أمية عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
215 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن القاضي قالا: ثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا العباس بن محمد الدوري، ثنا يوسف الصفار
مولى بني أمية نا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن
عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل المؤمن قبره أتاه ملكان فزبراه
فيقوم... قال: فيسألانه من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي
والإسلام ديني ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي، فيقولان له: صدقت كذلك كنت، فيقال:
أفرشوه من الجنة فيقول: دعوني حتى أخبر أهلي فيقولان له أسكن.
216 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو الأسود أنا ابن لهيعة
عن أبي الزبير قال: سألت جابرا عن القبر فقال جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا دخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه،
جاءه ملك شديد الانتهار، فيقول له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول المؤمن:
كنت أقول إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبده، فيقول له الملك انظر إلى مقعدك الذي
كنت ترى من النار يعني قد ابدل مكانه مقعدك الذي ترى في الجنة، فيراهما
كلاهما، فيقول المؤمن: دعوني أبشر أهلي، فقال له أسكن، وأما المنافق فيقعد
126

إذا تولى عنه أهله، فيقال ما كنت تقول في هذا الرجل: فيقول: لا أدري،
أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت هذا مقعدك الذي كان لك من الجنة
قد أبدل مكانه مقعدك من النار.
قال جابر فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يبعث كل عبد على ما مات،
المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه.
127

باب
تأويل قول الله عز وجل (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون
قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) الآية.
ذكر الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر رحمه الله في
تفسيره عن ابن عباس أنه قال: إنما يقولون هذا لأن الله رفع عنهم العذاب فيما بين
النفختين، فنسوا عذابهم وظنوا أنهم كانوا نياما، فإذا خرجوا من قبورهم قالوا: يا
ويلنا من بعثنا من مرقدنا أي من منامنا، قالت لهم الملائكة: هذا ما وعد الرحمن
وصدق المرسلون.
وعن قتادة قال: خفف عنهم العذاب أربعين سنة.
217 - أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإمام رحمه
الله ابنا عبد الخالق بن الحسن السقطي، ثنا عبد الله بن ثابت، أخبرني أبي، عن
الهذيل عن مقاتل بن سليمان عن من روى تفسيره عنه من التابعين في قوله: يا ويلنا
من بعثنا من مرقدنا، وذلك أن أرواح الكفار كانوا يعرضون على منازلهم من النار
طرفي النهار، فلما كان بين النفختين رفع عنهم العذاب، فرقدت تلك الأرواح بين
النفختين. فلما بعثوا في النفخة الأخرى وعاينوا في يوم القيامة ما كانوا يكذبون به في
الدنيا من البعث والحساب، دعوا بالويل فقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، وفي
قراءة ابن مسعود من ميتتنا، قالت لهم حفظتهم من الملائكة: هذا ما وعد الرحمن
على ألسنة الرسل، أنه يبعثكم بعد الموت، فكذبتم به، وصدق المرسلون بأن
البعث حق.
وقال في قوله: ونفخ في الصور، وهو القرن، فصعق يعني مات، من في
السماوات ومن في الأرض من الحيوان من شدة الصوت والفزع، ثم استثنى إلا من
شاء الله فاستثنى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يأمر ملك الموت أن
يقبض روح ميكائيل ثم روح جبريل ثم روح إسرافيل، ثم يأمر ملك الموت
فيموت، ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة، ثم تكون النفخة
الأخرى فيحيى الله إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية، فذلك قوله: (ثم نفخ فيه
أخرى فإذا هم قيام ينظرون) على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به في
الدنيا،.
128

وذكر بعض أهل المعاني أن الكفار إذا عاينوا جهنم وأنواع عذابها صار ما
عذبوا به في القبور في جنبها كالنوم، فقالوا من بعثنا من مرقدنا.
قال الشيخ رحمه الله قلت أنا: وفي التنزيل من قوله (النار يعرضون عليها
غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب). ثم في الأخبار
الصحيحة ما دل على صحة ما قال أهل التفسير في تأويل هذه الآية، منها ما مضى
وصفها.
218 - ومنها ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء
ثنا موسى بن إسحاق ثنا عبد الله بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية نا الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين النفختين أربعون، قالوا يا أبا هريرة
أربعون يوما، قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرا، قال: أبيت، قال ثم ينزل الله
من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، قال: وليس من الانسان شئ إلا يبلى
إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، وفيه يركب الخلق يوم القيامة.
219 - وأخبرنا أبو عبد الله أخبرني أبو الوليد ثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو
كريب نا أبو معاوية فذكره بإسناده ومعناه، وزاد: قالوا أربعين سنه قال: أبيت.
رواه البخاري في الصحيح عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش.
ورواه مسلم عن أبي كريب.
وكأن أبا هريرة لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد بالأربعين، وأهل التفسير
يقولون: هي أربعون سنة.
220 - أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أنا أبو بكر أحمد بن
إبراهيم الإسماعيلي، أخبرني أبو يعلى، ثنا أبو خيثمة، نا حجين بن المثنى، نا عبد
129

العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبد الرحمن
الأعرج عن أبي هريرة قال: بينما يهودي يعرض سلعة فأعطي بها شيئا كرهه أو لم
يرضه - شك عبد العزيز - فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر،
فسمعه رجل من الأنصار، فلطم وجهه، قال: يقول والذي اصطفى موسى على
البشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، قال: فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: يا أبا القاسم إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: لم لطمت وجهه، فقال يا رسول الله قال: والذي اصطفى موسى
على البشر وأنت بين أظهرنا، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب
في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فصعق من في
السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى فأكون أول من
بعث أو في أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقة
الطور أو بعث قبلي، ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متي.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي خيثمة بن حرب.
وأخرجه البخاري عن ابن بكير عن الليث عن عبد العزيز.
130

باب
ما حضرني من أقاويل السلف رضي الله عنهم في إثبات عذاب القبر وما
كانوا يخافونه من هول المطلع.
221 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء أنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا
يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا داود بن أبي هند، عن عامر عن
ابن عباس قال: دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن فقلت،
أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس، وقبض رسول الله وهو عنك راض، ولم يختلف في
خلافتك اثنان، وقتلت شهيدا، فقال أعد علي، فأعدت عليه، فقال: والله
الذي لا اله غيره لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من
هول المطلع.
222 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، ابنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا
محمد ابن غالب بن حرب وإبراهيم بن عبد الله واللفظ لتمتام، قال: حدثني علي
بن عبد الله ابن جعفر ثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ
مولى عثمان بن عفان قال: كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبر
بكى حتى يبل لحيته فيقال له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا،
قال: فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن القبر أول منازل الآخرة، فمن
نجا منه فما بعده أيسر منه، ومن لم ينج منه فما بعده أشد منه، قال: فقال
عثمان رضي الله عنه: ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه.
223 - أخبرنا أبو نصر عمر بن العزيز بن عمر بن قتادة من أصل
كتابه، أبنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن
إبراهيم العبدي، ثنا أحمد بن حنبل ثنا علي بن عبد الله المديني، فذكره بإسناده
نحوه، إلا أنه قال في آخره: فقال والله ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه، لم
يذكره عن عثمان.
ورواه يحيى بن معين عن هشام فذكره من قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
131

224 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأنا أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ابنا ابن الأصبهاني عن حكام
الرازي عن عمرو بن أبي قيس عن الحجاج بن المنهال عن زر بن حبيش عن علي
رضي الله عنه قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ألهاكم التكاثر حتى
زرتم المقابر. فقد روينا في الثابت عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه على
المشركين يوم الأحزاب بعذاب القبر.
225 - أخبرنا محمد بن عبد الله ومحمد بن موسى بن الفضل قالا: ثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا حسن الأشيب، ثنا حماد
عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن
أحدكم ليجلس في قبره إجلاسا فيقال له: ما أنت؟ فإن كان مؤمنا قال: أنا
عبد الله حيا وميتا أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
فيفسح له في قبره ما شاء الله فيرى مكانه من الجنة وينزل عليه كسوة يلبسها من
الجنة، وأما الكافر فيقال له: ما أنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت
ولا نليت، فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه أو تتماس أضلاعه، ويرسل
عليه حيات من جوانب قبره ينهشنه ويأكلنه فإذا جزع فصاح قمع بمقمع من نار
من حديد.
226 - وأخبرنا محمد بن عبد الله ومحمد بن موسى قالا: ثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب ثنا محمد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا حسين بن علي عن زائدة عن
عاصم فذكره باسناده ومعناه إلا أنه قال في الأول: فيوسع قبره ما شاء الله ويفتح
له باب إلى الجنة فيدخل عليه من روحها حتى يبعث وزاد في الآخرة: ويفتح له
باب إلى النار.
227 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: نا أبو العباس، ثنا محمد، نا
حسن الأشيب، ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري، عن قسامة بن زهير، عن
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: اعمقوا لي قبري قال: وذكر كل حديث
عاصم.
132

228 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس، نا محمد، ثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن سفيان عن
أبي موسى قال: تخرج نفس المؤمن وهي أطيب ريحا من المسك، قال: فتصعد
بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم الملائكة دون السماء، فيقولون: من هذا
معكم؟ فيقولون: فلان ويذكرونه بأحسن عمله فيقولون: حياكم الله، وحيا من
معكم، قال فتفتح له أبواب السماء، فيشرق وجهه قال: فيأتي الرب تعالى
ووجهه برهان مثل الشمس، قال: وأما الآخر فتخرج نفسه وهي أنتن من
الجيفة، فتصعد بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون
من هذا معكم؟ فيقولون: فلان ويذكرونه بأسوأ عمله، قال: فيقولون ردوه
ردوه فما ظلمه الله شيئا. فقرأ أبو موسى رضي الله عنه (لا يدخلون الجنة حتى
يلج الجمل في سم الخياط.
229 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس ثنا محمد نا أبو
بكر بن أبي شيبة عن غندر عن شعبة بن عطاء حدثني عمير بن سلمة قال: جاء
رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه وهو مريض فقال: يا أبا الدرداء، إنك قد
أصبحت على جناح فراق الدنيا، فمرني بأمر ينفعني الله به، وأذكرك به،
فقال: إنك بين أمة معافاة، فأقم الصلاة، وأد زكاة مالك إن كان لك، وصم
رمضان، وأجتنب الفواحش، ثم أبشر، فأعاد الرجل على أبي الدرداء رضي الله
عنه، فقال أبو الدرداء: اجلس، ثم أعقل ما أقول لك، أين أنت من يوم ليس
لك من الأرض إلا عرض ذراعين في طول أربعة أذرع أقبل بك أهلك الذين كانوا
لا يحبون فراقك، وجلساؤك واخوانك فأتقنوا عليك البنيان، ثم أكثروا عليك
التراب ثم تركوك، ثم جاءك ملكان، أسودان، أزرقان، جعدان، أسماؤهما منكر
ونكير، فأجلساك ثم سألاك ما أنت؟ أم على ماذا كنت؟ أم ماذا تقول في هذا
الرجل؟ فإن قلت: والله ما أدري سمعت الناس قالوا قولا فقلت قول الناس،
فقد والله رديت وهويت، فإن قلت: محمد رسول الله، أنزل عليه كتابه،
فآمنت به وبما جاء معه، فقد والله نجوت وهديت، ولن تستطيع ذلك إلا
بتثبيت من الله تعالى، مع ما ترى من الشدة والتخويف.
230 - أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد، أنا أبو جعفر
الرزاز، ثنا أحمد بن الوليد، نا شاذان، أنا سفيان بن سعيد، عن يحيى بن سعيد،
133

عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه صلى على منفوس ثم قال: اللهم إني
أعيذه من عذاب القبر.
231 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد، قالا: ثنا أبو العباس، نا محمد،
نا معاوية بن عمرو، ثنا جرير بن حازم، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة
يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت: إن الكافر يسلط عليه قبره شجاع
أقرع، فيأكل لحمه من رأسه إلى رجله، ثم يكسى اللحم فيأكل من رجله إلى
رأسه فهو كذلك.
232 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: نا أبو العباس، نا محمد، ثنا
محمد بن عمر الأسلمي ثنا مصعب بن ثابت، عن عمر بن عبد الله بن عروة بن
الزبير، عن أم خارجة مولاة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها حضرت امرأة
تموت، فجعلت تقول لها، إنك تسألين عن ربك وعن النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت
تثبتها.
233 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا ابن كامل القاضي، أنا
محمد بن سعد بن الحسن بن عطية العوفي، نا أبي، حدثني عمي، حدثني أبي،
عن أبيه عطية، عن ابن عباس، في قوله (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين،) قال: إن المؤمن إذا حضره الموت
شهدته الملائكة يسلمون عليه ويبشرونه بالجنة، فإذا مات مشوا مع جنازته، ثم
صلوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له من ربك فيقول ربي
الله، ويقال له من رسولك، فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له: ما شهادتك،
فيقول: أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيوسع له في قبره مد
بصره، وأما الكافر فتنزل الملائكة فيبسطوا أيديهم، والبسط هو الضرب يضربون
وجوههم وأدبارهم عند الموت، فإذا دخل قبره أقعد فقيل له من ربك فلم يرجع
134

إليهم شيئا، وأنساه الله ذكر ذلك، وإذا قيل له من رسولك الذي بعث إليك.
لم يهتد له، ولم يرجع إليهم شيئا، يقول الله (كذلك يضل الله الظالمين).
234 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو سعيد بن
أبي عمرو قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي يعني ابن
عفان العامري ثنا عباءة بن كليب الليثي عن جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر
قال: بينا أنا صادر عن غزوة الأبواء إذ مررت بقبور فخرج علي رجل من قبر
يلتهب نارا وفي عنقه سلسلة يجرها وهو يقول: يا عبد الله اسقني سقاك الله،
قال: فوالله ما أدري باسمي يدعوني أو كما يقول الرجل للرجل يا عبد الله إذ خرج
على أثره أسود بيده ضغث من شوك وهو يقول: يا عبد الله لا تسقه فإنه كافر،
فأدركه فأخذ بطرف السلسلة ثم ضربه بذلك الضغث، ثم اقتحما في القبر وأنا
أنظر إليهما حتى التأم عليهما.
وروي في ذلك قصة عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد
الله بن عمر عن أبيه، وفي الآثار الصحيحة غنية.
235 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: ثنا أبو العباس، نا محمد بن
إسحاق الصغاني، نا يونس بن محمد، ثنا عبد العزيز بن مختار عن عبد الله الداناج
قال شهدت أنس بن مالك وقال له رجل يا أبا حمزة إن قوما يكذبون بعذاب
القبر، قال: فلا تجالسوا أولئك وذكر الحديث.
236 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن حفص المفسر رحمه الله
ببغداد، أنا أحمد بن سليمان النجاد، قال: قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع،
أنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا سعيد بن أبي عروبة، عن عبد الله بن زريق عن
الحسن يعني ابن أبي الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على بغلة له شهباء
فحادت به، فقال: حادت ولم تحد عن كبير، حادت عن رجل يعذب في قبره
من أجل النميمة، وآخر يعذب من الغيبة.
135

237 - وبإسناده قال: أخبرنا سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم - يعني
النخعي - أن رجلين كانا يعذبان في قبورهما، فشكى ذلك جيرانهما إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا كربتين واجعلوهما في قبورهما يرفه عنهما العذاب ما لم
ييبسا قال: فسئل فيما عذبا؟ قال: في النميمة والبول.
238 - وبإسناده قال: أنا سعيد عن قتادة قال: عذاب القبر ثلاثة
لثلاث، ثلث من الغيبة، وثلث من النميمة، وثلث من البول.
239 - حدثناه مرفوعا أبو حازم عمر بن أحمد العبادي الحافظ أنا أبو
حامد أحمد بن محمد بن حسنويه الفقيه بهراة، ثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن محمد بن
قريش الهروي، ثنا مالك بن وابص الطالقاني، ثنا أبو مطيع، ثنا مقاتل بن حيان،
عن قتادة عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن
عذاب القبر من ثلاثة، من الغيبة والنميمة والبول وإياكم وذلك.
الصحيح رواية ابن أبي عروبة عن قتادة من قوله.
وقد روينا معناه في الأحاديث الثابتة فيما تقدم.
240 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا
العباس بن محمد، نا مسلم بن إبراهيم، نا أبو عقيل عن يزيد بن عبد الله بن
الشخير، قال: بينما رجل يسير في أرض إذ انتهي إلى قبر فسمع صاحبه يقول:
آه، آه، فقام على قبره قال: فضحك عملك وافتضحت.
تم بحمد الله وعونه، وصلواته على محمد وآله وأصحابه، وسلم تسليما
كثيرا.
أنهاه كتاب الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه عبد الله بن أحمد بن خليل الشافعي،
عفا الله تعالى عنه، في غرة شهر رمضان المعظم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة،
حامدا لله، ومصليا على رسوله صلى الله عليه وسلم، وداعيا لمالكه بطول البقاء ودوام النعماء
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والحمد لله رب العالمين.
136