الكتاب: دلائل النبوة
المؤلف: إسماعيل الأصبهاني
الجزء: ٤
الوفاة: ٥٣٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: أبو عبد الرحمن مساعد بن سليمان الراشد الحميد
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع
ردمك:
ملاحظات:

دلائل النبوة
تأليف
الإمام الحافظ موفق الدين أبي القاسم
إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني
الملقب: قوام السنة
(457 ه‍ - 535 ه‍)
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وقدم له
أبو عبد الرحمن
مساعد بن سليمان الراشد الحميد
عفا الله عنه
الجزء الرابع
دار العاصمة
للنشر والتوزيع
81 - فصل
184 - ذكر الطبراني في (دلائل النبوة): قال: حدثنا
مسعدة بن سعد العطار المكي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر
الحزامي، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، قال: حدثني
عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم، عن أبيهما، عن
عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنه (أن أربد بن قيس
وعامر ابن الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فانتهيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس،
فجلسا بين يديه، فقال عامر بن الطفيل: يا محمد! ما تجعل لي
إن أسلمت؟ / فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم)،
قال عامر: أتجعل لي الأمر من بعدك إن أسلمت؟ قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل)،
قال: لنا الآن أعنة الخيل بنجد، اجعل لي الوبر ولك
1137

المدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا)،
فلما قفى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
عامر: أما والله! لأملأنها عليك خيلا ورجالا، فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم:
(يمنعك الله عز وجل)،
فلما خرج أربد وعامر، قال عامر: يا أربد! إني أشغل
1138

عنك محمدا بالحديث، فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلت
محمدا لم يزيدوا عن أن يرضوا بالدية، فسنعطيهم الدية، قال
أربد: أفعل،
فأقبلا راجعين، فقال عامر: يا محمد! قم معي أكلمك،
فقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه، وسل أربد
السيف فلما وضع يده على سيفه يبست على قائم السيف،
فلم يستطع سل السيف وأبطأ أربد على عامر بالضرب، فالتفت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع فانصرف
عنهما،
فلما خرج عامر وأربد من عند النبي صلى الله عليه وسلم
حتى إذا كانا بالحرة - حرة وأقم - نزلا، فخرج / إليهما
سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا: اشخصا يا عدوي الله!
لعنكما الله، فقال عامر: من هذا يا سعد! قال: هذا أسيد بن
حضير مجمع الكتائب،
1139

قال: فخرجا حتى إذا كانا بالرقم، أرسل الله على
أربد صاعقة فقتلته، وخرج عامر حتى إذا كان بالخريب
أرسل الله عليه قرحة فأخذته، وأدركه الليل في بيت امرأة من
بني سلول فجعل يمس قرحته في حلقه، ويقول: غدة كغدة
الجمل في بيت سلولية، يرغب أن يموت في بيتها، ثم ركب
1140

فرسه فأحضره حتى مات عليه راجعا، فأنزل الله عز وجل فيهما:
(الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) إلى قوله
تعالى: (وما لهم من دونه من وال) [الرعد: 8 - 11]:
قال: المعقبات من أمر الله يحفظون محمد صلى الله
عليه وسلم، ثم ذكر أربد وما هم به، فقال (هو الذي يريكم
البرق خوفا وطمعا) إلى قوله: (وهو شديد المحال) [الرعد:
12 - 13]).
1141

185 - قال الطبراني: وحدثنا بشر بن موسى، قال:
حدثنا يزيد بن مهران: أو خالد الخباز، قال: حدثنا أبو بكر بن
عياش، عن الأجلح، عن الذيال بن حرملة، عن ابن عباس
رضي الله عنه قال: (جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
1142

فقالوا: يا رسول الله إن بعيرا لنا في حائط لنا قد غلبنا،
فجاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
تعال
فجاء مطأطئا رأسه حتى خطمه صلى الله عليه وسلم
وأعطاه أصحابه فقال له أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله
كأنه علم انك نبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما بين لابتيها أحد الا يعلم اني نبي الا كفرة الجن والإنس.
1143

186 - قال الطبراني: حدثنا موسى بن هارون قال:
حدثنا إسحاق بن عمر بن سليط قال: حدثنا عبد العزيز بن
مسلم القسملي قال: حدثنا يزيد بن أبي منصور عن
أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أصبت بثلاث: موت
النبي صلى الله عليه وسلم، وكنت صويحبه وخويدمه وقتل
عثمان، والمزود
قالوا: يا أبا هريرة وما المزود قال: كنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصاب الناس مخمصة
فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أبا هريرة هل من شئ؟
قلت: نعم شئ من تمر في المزود فقال:
إئتني به
فأتيته به فادخل يده فاخرج قبضة فبسطها ثم قال:
ادع في عشرة.
1147

فدعوت عشرة فأكلوا حتى شبعوا فما زال يصنع ذلك
حتى أطعم الجيش كلهم وشبعوا ثم قال:
خذ ما جئت به وادخل يدك، واقبض ولا تكبه
قال أبو هريرة رضي الله عنه: فقبضت على أكثر مما
جئت به.
ثم قال أبو هريرة: الا أحدثكم كم اكلت منه؟ (أكلت)
حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أبي بكر
وأطعمت وحياة عمر وأطعمت وحياة عثمان وأطعمت فلما
قتل عثمان رضي الله عنه انتهبت يعني المدينة - وذهب
المزود.
1148

82 - فصل
187 - أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب بن
أبي عبد الله قال: أخبرنا والدي قال: أخبرنا عبد الله بن
يعقوب بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن زكريا بن أبي بكير
الكرماني قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن سالم
أبي العلاء المرادي عن عمرو بن هرم عن ربعي بن
جراش وأبي عبد الله رجل من أصحاب حذيقة بن
اليمان عن حذيقة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنا جلوسا
عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
اني لست أدرى قدر مقامي فيكم فاقتدوا باللذين من
بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنه عنهما
1151

واهدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد
1152

قال الامام رحمه الله:
في هذا الحديث من دلالة النبوة انه أخبر ان الخليفة
1161

بعده يكون أبا بكر، وأن الخليفة بعد أبي بكر يكون عمر، فكان
كما أخبر.
1162

188 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن خورشيذ قوله، قال: حدثنا
عمر بن الحسن الشيباني إملاء قال: حدثنا إسماعيل بن
الفضل بن مسمار، قال: حدثنا قتيبة والحسن بن عمر، قالا:
حدثنا جرير، عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن
عبد الله قال: خطبنا علي رضي الله عنه على المنبر
1171

فقال: ما ينتظر الأشقى عهد إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ليخضبن هذه من هذه.
1172

189 - قال: وحدثنا عمر بن الحسن الشيباني قال:
1187

حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا داود بن عمرو قال:
حدثنا فضيل بن عياض، عن الأعمش، عن حبيب بن
أبي ثابت، عن ثعلبة الحماني قال: سمعت عليا رضي الله عنه
يقول: اشهد أنه كان فيما يسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
ليخضبن هذه من هذه.
قال الامام رحمه الله:
قوله: هذه يعني: لحيته.
من هذه يعني: من هامته أي: يضربك الأشقى
على رأسك فيخصب لحيتك من دم رأسك
فضرب على رأسه رضي الله عنه حين قتل.
1188

83 - فصل
190 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي قال:
أخبرنا أبو سعيد النقاش قال: أخبرنا أبو جعفر: أحمد بن
إبراهيم بن يوسف الضرير قال: حدثنا أبو بكر: عبد الله بن
محمد بن النعمان التيمي قال: حدثنا بشر بن حجر السامي، قال: حدثنا علي بن منصور - هو الابناوي -، عن عثمان بن
1190

عبد الرحمن - هو الوقاصي -، عن محمد بن كعب القرظي
قال: (بينما عمر بن الخطاب / رضي الله عنه جالس في مسجد
المدينة، ومعه ناس إذ مر رجل في ناحية المسجد، فقال له
رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! أتعرف هذا؟ قال: لا، فمن
هو؟ قال: هذا رجل من أهل اليمن له فيهم شرف وموضع يقال
له (سواد بن قارب)، وهو الذي أتاه رأيه التابع من الجن بظهور
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: علي به،
فدعي الرجل فقال له عمر: أنت سواد بن قارب؟ قال:
نعم يا أمير المؤمنين! قال: أنت الذي أتاك رأيك بظهور
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فأنت على
ما كنت عليه من كهانتك؟ فغضب الرجل غضبا شديدا، وقال:
يا أمير المؤمنين! ما استقبلني أحد بهذا منذ أسلمت! فقال عمر
رضي الله عنه: يا سبحان الله! ما كنا عليه من الشرك أعظم مما
كنت عليه من كهانتك!!
1191

أخبرني بإتيانك رأيك بظهور رسول الله صلى الله عليه
وسلم، قال: نعم يا أمير المؤمنين! بينما أنا ذات ليلة بين النائم
واليقظان إذ أتاني رئيي فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن
قارب! فافهم واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من بني
لؤي ابن غالب يدعو إلى الله / وإلى عبادته، ثم أنشأ الجني
يقول:
عجبت للجن وتجساسها * وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * واسم بعينيك إلى رأسها
قال: فلم أرفع بقوله رأسا، فقلت: دعني أنام فإني
أمسيت، ناعسا، فلما أن كان الليلة الثانية أتاني فضربني برجله
وقال: قم يا سواد بن قارب! فافهم واعقل إن كنت تعقل، إنه
قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته
ثم أنشأ يقول الجني:
عجبت للجن وأخبارها * وشدها العيس بأكوارها
1192

تهوى إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمن الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها
قال: فلم أرفع بقوله رأسا، فقلت: دعني، فإني أمسيت
ناعسا، فلما كان الليلة الثالثة، أتاني فضربني برجله وقال: قم
يا سواد بن قارب! فافهم! واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث
رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وعبادته، ثم أنشأ
الجني يقول:
عجبت للجن وتطلابها * وشدها العيس بأقتابها
تهوى إلى مكة تبغي الهدى * ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس قداماها كأذنابها
قال: فوقع في قلبي حب الإسلام ورغبت فيه، فلما
أصبحت شددت على راحلتي رحلها، وانطلقت متوجها إلى
مكة، فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي صلى الله عليه
وسلم قد هاجر إلى المدينة، فقدمت المدينة فسألت عن النبي
1193

صلى الله عليه وسلم، فقيل: هو في المسجد، فانتهيت إلى
المسجد فعلقت ناقتي، ودخلت المسجد فإذا رسول الله
صلى الله عليه وسلم والناس حوله، فقلت: اسمع مقالتي
يا رسول الله! فقال:
(ادنه)،
فلم يزل يدنيني حتى صرت بين يديه فقال:
(هات فأخبرني بإتيانك رأيك)،
فقلت:
أتاني نجيي بعد هدأ ورقدة * ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت من ذيل الإزار ووسطت * بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب
/ وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأولين الأطايب
1194

فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * يكون بمغن عن سواد بن قارب
قال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
بمقالتي فرحا شديدا حتى رؤي ذلك في وجوههم!
قال: فوثب إليه عمر رضي الله عنه فالتزمه، وقال: لقد
كنت أحب أن أسمع هذا الحديث منك فأخبرني عن رأيك:
هل يأتيك اليوم؟ فقال: أما منذ قرأت كتاب الله فلا، ونعم
العوض كتاب الله من الجن).
1195

قال الإمام - رحمه الله -:
تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث:
* (الرأي): الجني الذي يتبع الإنسي ويأتيه بالأخبار
ويظهر له.
* و (التجساس): تفعال من الجاسوس، وهو الذي
يتعرف الأخبار.
* و (العيس): الإبل.
1209

* و (الأحلاس): على جمع حلس، وهو: كساء يطرح على
ظهر البعير.
* وقوله: (إلى رأسها)، يعني: إلى رئيسها، يعني:
رئيس بني هاشم.
* و (الأكوار): جمع الكور، وهو: الرحل.
* و (الروابي): جمع الرابية، وهي: المكان
المرتفع.
* و (قداماها): متقدمها،
1210

* و (أذنابها): متأخرها،
يعني: ليس من تقدم في الإسلام كمن تأخر /،
أو يعني: ليس متقدم بني هاشم كمتأخرهم.
* و (الهدأ): السكون، يريد: سكون الناس بالليالي
عن التصرف.
* و (الذعلب): الناقة القوية.
1211

* و (الوجناء): الصلبة.
* و (السباسب): جمع سبسب، وهو: المفازة.
1212

84 - فصل
191 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، قال: أخبرنا
أبو عمر بن مهدي، قال: أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش،
قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال حدثنا عفان،
قال: حدثنا حماد، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى، عن
المقداد، رضي الله عنه قال: (قدمت وصاحبان لي فتعرضنا
للناس ما يضيفنا أحد، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا
ذلك له، فذهب بنا إلى منزله وعنده أربعة أعنز فقال:
(احلبهن يا مقداد! ثم جزأهن أربعة أجزاء وأعط كل
إنسان جزأه)،
فكنت أفعل ذلك، فرفعت للنبي صلى الله عليه وسلم
جزأه ذات ليلة، فاحتبس، واضطجعت على فراشي، فقالت لي
نفسي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أهل بيت من
الأنصار، فلو قمت فشربت هذه الشربة، فلم أزل حتى أقدمت
فشربت، فلما دخل في بطني وتقار أخذني ما قدم وما حدث،
وقلت: يجيء النبي صلى الله عليه وسلم جائعا ظمآن فلا يرى
في القدح شيئا، فسجيت ثوبا على وجهي،
1213

وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم تسليما / يسمع
اليقظان ولا يوقظ النائم، ثم أتى الإناء فكشف عنه فلم ير فيه
شيئا فرفع رأسه إلى السماء ثم قال:
(اللهم! أطعم من أطعمني واسق من سقاني)،
فاستغنمت دعوته فأخذت الشفرة ودنوت من الأعنز
أجسهن أيتهن أسمن لأذبحها، فوضعت يدي على ضرع
إحداهن فإذا هي حافل، ونظرت إلى الأخرى فإذا هي
حافل ونظرت إلى كلهن فإذا هن حفل، فحلبت في الإناء ثم
أتيته فقلت: اشرب، فقال:
(ما الخبر)؟
فقلت: اشرب، فقال:
(بعض سوأتك يا مقداد!)،
فشرب، ثم قال:
(يا مقداد!)
قلت: اشرب يا نبي الله! فشرب حتى تضلع، ثم أخذته
فشربت، ثم أخبرته الخبر، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:
1214

(هيه)،
فقلت: كان كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم:
(هذه بركة أنزلت من السماء، أفلا أخبرتني حتى أسقي
صاحبيك)؟!
فقلت: إذا شربت أنا وأنت البركة فلا أبالي من
أخطأت).
1215

192 - قال: وأخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني،
قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة،
عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد قال:
(أقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعهما وأبصارهما من
الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا / على أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلس أحد يقبلنا، فانطلقنا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ژ
(احلبهن)،
فذكر نحوه، وزاد فيه: (وعلي شملة من صوف كلما
رفعت على رأسي خرجت قدمي، وإذا أرسلت على قدمي خرج
رأسي، فجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما، فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم كما يسلم ثم أتى
المسجد يصلي).
1216

قال الإمام - رحمه الله -:
* قوله: (وتقار)، أي: استقر، يعين اللبن.
* وقوله: (أخذني ما قدم وما حدث)، أي: ندمت
واهتممت.
* وقوله: (حافل)، أي: كثيرة اللبن، والحفل:
جمع.
* وقوله: (بعض سوآتك) أي: بعض حيلك.
1218

* وقوله: (تضلع)، أي: امتلأ ريا.
1219

* وقوله: (هيه)، أي: زدني من خبر اللبن وحاله.
* وقوله: (فلا أبالي من أخطأت): التاء لتأنيث البركة،
أي: من جاوزته البركة، أي: من لم تنله الشربة إذا نالتك
ونالتني.
1220

85 - فصل
193 - أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي وعمر بن
أحمد السمسار، قالا: أخبرنا أبو سعيد النقاش، قال: أخبرنا
أبو الحسن، محمد بن محمود بن عبد الله المروزي، قال:
حدثنا أبو بكر: عبد الله بن سليمان ح،
194 - قال أبو سعيد: وأنا عبد الله بن حامد بن /
محمد الفقيه قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد البزار،
قالا: حدثنا علي بن حرب الطائي، قال: حدثنا يعلى بن
النعمان البجلي، قال: حدثنا مخزوم بن هانئ، عن أبيه
1221

- وكانت له عشرون ومئة سنة -، قال: (لما ولد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى فسقطت منه أربع
عشر شرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف
سنة!
ورأى الموبذان: كأن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى
عبرت دجلة وانتشرت في فارس!
فتجلد كسرى وجلس على سرير الملك ولبس تاجه،
وأرسل إلى الموبذان، فقال: يا موبذان! إنه سقط من إيواني
أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل اليوم بألف
عام! فقال: وأنا أيها الملك! قد رأيت: كأن إبلا صعابا تقود
خيلا عرابا حتى عبرت دجلة وانتشرت في بلاد فارس، قال:
فما ترى ذلك يا موبذان؟! - وكان رأسهم في العلم -، قال:
حدث يكون من قبل العرب،
1222

فكتب حينئذ من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن
المنذر: أن ابعث إلي رجلا من العرب يخبرني بما أسأله عنه،
فبعث إليه عبد المسيح بن حبان بن بقيلة، فقال له:
يا عبد المسيح! هل عندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟
قال: / يسألني الملك فإن كان عندي منه علم أعلمته، وإلا
فأعلمته بمن عمله عنده فيخبرك به، [فأخبره بما رأى]،
فقال: علمه عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له:
سطيح،
قال: فأذهب إليه فسله فأخبرني بما يخبرك به،
فخرج عبد المسيح عمرو حتى قدم على سطيح وهو مشرف
على الموت، قال: فسلم عليه وحياه فلم يجبه سطيح، فأقبل
يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن * أم فاز فازلم به شأو العنن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن * أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذيب بن حجن * تحملني وجنا وتهوي به وجن
1223

حتى أتى عاري الجآجي والقطن * أزرق بهم الناب صرار الأذن
قال: فرفع رأسه إليه، وقال:
عبد المسيح يهوي إلى سطيح * وقد أوفى
على الضريح * بعثك ملك بني ساسان * لارتجاس / الإيوان *
وخمود النيران * ورؤيا الموبذان * رأى إبلا صعابا * تقود خيلا
عرابا *
قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلاد فارس،
يا عبد المسيح! إذا ظهرت التلاوة * وغارت بحيرة
ساوه * وفاض وادي السماوة * وخرج منها صاحب الهراوة *
فليست الشام بالشام يملك منهم ملوك وملكات * على عدد
الشرفات * وكل ما هو آت آت *
ثم مات، فقام عبد المسيح وهو يقول:
1224

شمر فإنك ماضي الدهر شمير * لا يفزعنك تشريد وتغرير
فربما كان قد أضحوا بمنزلة * يهاب صولهم الأسد المهاصير
منهم أخ الصرح بهرام وإخوته * والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا * أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم إما أن رأوا نشيا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مجموعان في قرن * فالخير متبع والشر محذور)
1225

قال أبو سعيد النقاش: لفظ حديث المحمودي عن
ابن أبي داود.
1226

قال الإمام - رحمه الله -:
شرح الألفاظ الغريبة في الحديث: /
* قوله: (ارتجس)، أي: اضطرب وتحرك حتى سمع
صوته، ورعد رجاس: كثير الصوت.
1228

* و (الموبذان): قاضي المجوس.
* و (أشفى على الموت)، أي: أشرف.
* و (تجلد): أي: تصبر، وأظهر الجلادة من نفسه.
* و (الغطريف): السيد.
1229

* و (فاز)، أي: مات وروى: (فاد) - بالدال -
ومعناه: مات، أيضا.
* (فاز لم)، أي: قبض.
* و (شأو العنن)، الشأو: السباق، والعنن:
1230

بالموت، يريد: عرض له الموت فقبضه، قال أهل اللغة:
عن لي كذا أي: عرض.
* (أعيت من ومن)، أي: أعيت فلانا وفلانا.
* وفي رواية:
[أبيض] فضفاض الرداء والبدن
رسول قيل العجم يسري للوسن
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
يجوب في الأرض علنداة شزن
يرفعني يحيى وجن ويهوى بي وجن
حتى أتى عاري الجآجي والقطن
1231

يلفه في الريح بوغاء الدمن
[كأنما حثحث من حضني ثكن]
* (الفضفاض) الواسع، وسعة الرداء والبدن: كناية
عن سعة الصدر وكثرة العطاء،
قال الشاعر:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا
علقت لضحكته رقاب المال
وقال:
معي كل فضفاض القميص كأنه
إذا ما سرى فيه المدام فنيق
* / وقوله: (للوسن)، يعني: للرؤيا التي رآها.
* و (القيل): الملك.
1232

* (يجوب): يقطع.
* (علنداة): صلبة.
* (شزن)، أي: قد أعي من الحفا، يقال: شزن البعير
شزنا، فهو شزن، وقيل: الشزن، الذي يمشي في شق،
ويقال: بات فلان على شزن، أي: على قلق، يتقلب من جنب
إلى جنب،
1233

قال ابن هرمة:
إلا تقلب مكروب على شزن
كما تقلب تحت القرة الصرد
* وقوله: (يرفعني وجن): الوجن: جمع وجين، وهي:
الأرض الغليظة، يقول: لم يزل هذا البعير يرفعني مرة
ويخفضني أخرى.
1234

* و (الجاجيء): عظام الصدر،
* و (القطن)، ما بين الوركين،
يقول: إن السير قد هزلها وأخذ من لحمها حتى عرى منه
وبدت عظامه.
* و (البوغاء): دقاق التراب.
* و قوله: (بهم الناب): كذا في (الكتاب)، وفي
1235

رواية: (مهم الناب) - بالميم - وكأن معناه: تام السن،
ولست أقف على حقيقته.
* و (الضريح): القبر.
1236

* و (أوفى)، أشرف.
* و (فاض)، كثر ماؤه.
* و (صاحب الهراوة)، يعني: النبي صلى الله عليه
وسلم، كان يمسك بيده - كثيرا - قضيبا، أو غصن نخل،
وكان يمشي بالعصا بين يديه ويغرز له / فيصلي إليه، ويحمل
معه إذا ذهب لقضاء حاجته فكان يخدش به الأرض الصلبة لئلا
يترشش عليه البول إذا بال.
1237

* وفي رواية: (عبد المسيح * على جمل مشيح *)،
المشيح: الجاد.
1238

86 - فصل
195 - ذكر ابن قتيبة في (أعلام النبي صلى الله عليه
وسلم)، قال:
(و من أعلام نبوته أن ناقة له ضلت، فأقبل يسأل الناس
عنها، فقال المنافقون: هذا محمد يخبركم عن خبر السماء وهو
لا يدري أين ناقته؟! فحمد الله وأثنى عليه وحكى قولهم، ثم
قال:
(و إني لا أعلم إلا ما علمني ربي، وقد أخبرني أنها في
وادي - كذا - متعلق زمامها بشجرة)،
فبادر الناس فوجدوها كذلك).
1239

196 - قال: (ومن ذلك قوله لخالد حين بعثه
إلى أكيدر بدومة الجندل:
(أما إنكم ستأتونه فتجدونه يصيد البقر)،
فوجدوه كذلك).
197 - قال: (ومن ذلك قوله للعباس عمه رضي الله
1242

عنه حين أسره:
(افد نفسك وابني أخيك - يعني عقيل بن أبي طالب،
ونوفل بن الحارث - فإنك ذو مال)،
فقال: لا مال عندي، قال:
(فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل وليس
معكما أحد فقلت: إن أصبت في سفري فللفضل كذا،
ولعبد الله كذا، ولفلان / كذا)،
فقال العباس: (والذي بعثك بالحق! ما علم بهذا أحد
غيري، وإنك لرسول الله).
و أسلم هو وعقيل).
1243

87 - فصل
198 - قال ابن قتيبة - في كلام ذكره قال -: (ومما
يدل على صدقه: أن الأعمال تدل على صدق أهلها، ومما
يوجب تصديقه أنه كان أشرف الأشراف، وأحلم الحلماء،
وأجود الأجواد، وأنجد الأنجاد، وأزهد الزهاد: كان يرقع
ثوبه، ويخصف نعله، ويصلح خصه، ويتوسد يده،
ويمهن أهله، ويأكل بالأرض، ويقول:
(إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبيد).
1245

ويلبس العباء، ويجالس المساكين، ويمشي في
الأسواق، ولم ير ضاحكا ملء فيه، ولا آكلا وحده، ولا ضاربا
بيده إلا في سبيل ربه، وقام حتى تورمت قدماه، وكان يسمع
لجوفه إذا قام بالليل للصلاة: أزيز كأزيز المرجل من
البكاء! وقال:
(شيبتني هود وأخواتها).
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:
1248

(اللهم! ارزقني عينين هطالتين تذرفان الدموع،
تشفياني من مخافتك قبل أن تكون الدموع دما والأضراس
جمرا).
1249

وأقص صلى الله عليه وسلم من نفسه، وقبض ودرعه
مرهونة على شعير / اقترضه لطعمه، ولم يورث ولده، وقال:
(إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة).
1251

وقد مدحه الله بجميع أخلاقه فقال: (وإنك لعلى خلق
عظيم) [القلم: 4]، فمن استبعد منهم هذه الأشياء، وأتهم
بعض هذه الأخبار: فهذه حجرته التي كان ينزل فيها هو وأهله
وبها مقبرة، وهذه برده التي يلبسها الخلفاء في الأعياد، وهذا
1255

قدحه الذي كان يشرب فيه، وهذه نعله، وهذه كتبه في أكارع
الأديم).
199 - قال ابن قتيبة: (وهذه شريعته أسهل الشرائع
وأطيبها: أحل فيها الطيبات، وحرم الخبائث، وأمر ببر
الوالدين، وصلة الرحم، والصدقة والعفو، والأمر بالمعروف،
والصفح عن الجاهلين، و مجانبة الغيبة، والكذب، والنميمة،
والفواحش، وشرب الخمر والقمار، وحض على كل حسن،
وردع عن كل قبيح، وبين للناس ما يأخذون وما يتقون في
فرائضهم، وأحكامهم، وزكاتهم، وطلاقهم، وعتقهم،
وحجهم، ومعاملاتهم، وسائر أمور دينهم،
وأغنامهم عن جميع الأمم، وعن أهل الكتب، وأحوج
المخالفين لهم إلى ما عندهم: فالنصارى تستعمل في كثير من
المواريث فرائضهم، وتستعمل في المعاملات / أحكامهم،
وكذلك اليهود تلجأ في أحكام إلى حكماء المسلمين.
1256

وليس أمة من الأمم إسناده كإسنادهم: رجل عن رجل،
ثقة عن ثقة حتى يبلغ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصحابته، يبين الصحيح والسقيم، والمنقطع والسليم).
200 - قال: (وفي بعض ما اقتصصنا كفاية لمن عقل،
وبلاغ لمن اعتبر، وشفاء لمن شك، فما يمنع من كانت له أذن
تسمع، وقلب يفقه، وعين تبصر: أن يفيء إلى الله تعالى،
وينيب إلى الحق قبل الفوت بمفاجأة الموت، فإنه ليس من
الدين عوض، ولا من الله مهرب، ولا بعد الموت مستعتب،
ولا دار إلا الجنة أو النار).
1257

88 - فصل
201 - أخبرنا أبو بكر: محمد بن الحسن بن سليم،
قال: حدثنا عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ - إملاء -،
قال: أخبرنا أبو الحسن: أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي،
قال: حدثنا محمد بن نصر بن عبد الرحمن القطان، قال:
حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، قال: حدثنا عبد الله بن
عبد العزيز، عن محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب، عن
عبد الرحمن بن أنس السلمي، عن العباس بن مرداس
السلمي، (أنه كان في لقاح له في نصف النهار إذ طلعت عليه
نعامة عليها راكب عليه ثياب / مثل اللبن، فقال لي: يا عباس!
أم تر إلى السماء كفت أحراسها؟ وأن الحرب جرعت
أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي جاء بالبر
والتقى يوم الاثنين ليلة الثلاثاء: صاحب الناقة القصواء!
قال: فخرجت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت، حتى
جئت وثنا لنا - كان يدعى الضماد، وكنا نعبده ونكلم من
1258

جوفه -: كنست ما حوله وقمت، ثم تمسحت به وقبلته، فإذا
صائح يصيح من جوفه:
قل للقبائل من سليم كلها
هلك الضماد، وفاز أهل المسجد
هلك الضماد، وكان يعبد مرة
قبل الصلاة على النبي محمد
إن الذي جاء بالنبوة والهدى
بعد ابن مريم من قريش مهتدي
قال: فخرجت مرعوبا حتى جئت قومي، فقصصت
1259

عليهم القصة وأخبرتهم الخبر، فخرجت في ثلاثمائة من قومي
- من بني حارثة - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة، فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله صلى الله عليه
وسلم تبسم، ثم قال لي:
(يا عباس! كيف كان إسلامك)؟
فقصصت عليه القصة، فقال:
(صدق)،
وسر بذلك، فأسلمت أنا وقومي).
1260

202 - أخبرنا سليمان بن إبراهيم في (كتابه)، قال:
أخبرنا شيخ لنا، / قال: حدثنا فاروق، قال: حدثنا زياد، قال:
حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فليح، قال:
1263

حدثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري قال:
(لما رجع فل المشركين إلى مكة وقد قتل الله منهم
من قتل: أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى
صفوان بن أمية الجمحي في الحجر، فقال صفوان: قبح الله
العيش بعد قتلى بدر، قال: أجل، والله! ما في العيش خير
بعدهم، ولولا دين علي لا أجد قضاءه وعيال لا أدع لهم شيئا
لخرجت إلى محمد فقتلته إن ملأت عيني منه، فإن لي عنده
علة أعتل بها، أقول: قدمت على ابني هذا الأسير!
ففرح صفوان بقوله، وقال: علي دينك، وعيالك أسوة
عيالي في النفقة، لا يسعني شيء ويعجز عنهم،
فحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصقل وسم،
وقال عمير لصفوان: اكتمني أياما،
فأقبل عمير حتى قدم المدينة، فنزل بباب المسجد وعقل
راحلته وأخذ السيف فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
فنظر إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو في نفر من
الأنصار يتحدثون عن وقعة بدر ويذكرون نعمة الله فيها - فلما
رآه عمر معه / السيف فزع، فقال: عندكم الكلب! فهذا عدو
الله! الذي حرش بيننا يوم بدر وحزرنا للقوم،
1264

ثم قام عمر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد متقلدا سيفا هو
الغادر الفاجر يا رسول الله! لا تأمنه على شيء، قال:
(أدخله علي)،
فخرج عمر فأمر أصحابه أن أدخلوا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ثم احترسوا من عمير،
فأقبل عمر وعمير فدخلا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومع عمير سيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمر:
(تأخر عنه)،
فلما دنا منه عمير، قال: انعموا صباحا - وهي تحية أهل
الجاهلية -، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(قد أكرمنا الله عن تحيتك، و جعل تحيتنا تحية أهل
الجنة هي السلام)،
فقال عمير: إن عهدك بها لحديث، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(قد أبدلنا الله بها خيرا منها، فما أقدمك يا عمير!)
1265

قال: قدمت في أسيري عندكم ففادونا في أسيركم،
فإنكم العشيرة والأصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما بال السيف في رقبتك؟)
قال عمير: قبحها الله من سيوف فهل أغنت عنا من
شيء؟ إنما نسيته في رقبتي حين نزلت، لعمري! إن لي لهما
غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: /
(اصدقني ما أقدمك؟)
قال: قدمت في أسيري، قال:
(فما الذي شرطت لصفوان بن أمية في الحجر؟)
(تحملت له بقتلي على أن يعول بنتك ويقضي دينك!
والله تعالى حائل بينك وبين ذلك)،
قال عمير: أشهد أنك رسول الله وأشهد أن لا إله
إلا الله، كنا يا رسول الله! نكذبك بالوحي وبما يأتيك من
السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر،
لم يطلع عليه أحد غيره وغيري فأخبرك الله به، فآمنت بالله
ورسوله والحمد لله الذي ساقني هذا المساق،
ففرح المسلمون حين هداه الله، وقال عمر: والذي
نفسي بيده! لخنزير كان أحب إلي من عمير حين طلع، ولهو
1266

اليوم أحب إلي من بعض بني، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
(اجلس يا عمير نواسك)،
وقال لأصحابه:
(علموا أخاكم القرآن)،
وأطلق له أسيره فقال عمير: يا رسول الله! قد كنت
جاهدا ما استطعت في إطفاء نور الله، فالحمد لله الذي ساقني
وهداني من الهلكة، فائذن لي يا رسول الله! فألحق بقريش،
فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام! لعل الله أن يهديهم
ويستنقذهم من الهلكة، فأذن له رسول الله صلى الله عليه
وسلم / فلحق بمكة،
وجعل صفوان بن أمية يقول لقريش في مجالسهم:
أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر! وجعل يسأل عن كل راكب
يقدم من المدينة: هل كان بها من حدث؟ وكان يرجوا ما قال له
عمير حتى قدم عليهم رجل من المدينة، فسأله صفوان عنه،
فقال: قد أسلم، فلعنه المشركون، وقالوا: صبأ، فقال صفوان:
لله! علي أن لا أنفعه بنفع أبدا ولا أكلمه من رأسي كلمة أبدا،
1267

فقدم عليهم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم جهده،
فأسلم بشر كثير).
1268

قال الإمام - رحمه الله -:
* قال أهل اللغة: (الفل): القوم المنهزمون.
* وقوله: (عندكم الكلب): إغراء، أي: احفظوا
الكلب واجتنبوه.
* و قوله: (من رأسي)، أي: مما يستقبلني من الزمان.
1273

89 - فصل
203 - أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، قال: حدثنا
عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو الحسن:
أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي، قال: حدثنا محمد بن
نصر، قال: حدثنا علي بن سعيد، قال: حدثنا إدريس بن
عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن سليمان بن خارجة بن زيد
ثابت، عن أبيه قال: (خرج جابر بن عبد الله رضي الله عنه في
طلب حديث سمعه هو و صاحب له من رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى بيت المقدس، فلما انتهى إلى جبال بيت
المقدس فإذا رهبان جلوس - نحو من ثلاثين راهبا - فقال لهم
جابر: / ما حبسكم هاهنا؟ قالوا: صاحب لنا في الجبل نجيئه
في كل سنة في هذا اليوم، فنستفيد من علمه،
قال جابر: والله! لأفرغن نفسي اليوم لله عز وجل: هل
علم إلا علم محمد صلى الله عليه وسلم؟!
قال: فخرج عليهم شيخ بيده عصا أسود وعليه مسوح،
وقد وقع حاجباه على عينيه، فالتفت إلى القوم فإذا جابر بن
عبد الله عليه البياض، فقال لهم: من هذا؟ قالوا: هذا جابر بن
عبد الله جليس محمد صلى الله عليه وسلم، فقال الشيخ:
ادنه، فدنا، فقال: أمن علمائهم أنت أم من جهالهم؟ فقال
جابر: لست من علمائهم ولا من جهالهم، فقال: زعمتم أن
1274

أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون: فهل نظيره في الدنيا؟
قال: نعم، قال: وما هو؟ قال: الوليد في بطن أمة تسعة أشهر
يأكل ويشرب بأكل أمه، ولا يتغوط، قال: ألست تقول إني
لست من علمائهم ولا من جهالهم؟ قال: نعم، لست من
علمائهم ولا من جهالهم،
قال: فإن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة ولا ينقص من
ثمار الجنة شيئا، هل له نظير في الدنيا؟ قال: نعم، العالم يأتيه
الألف و الألفان والثلاثة يأخذون من علمه ولا ينقص من علمه
شيئا، ولا من كتاب الله عز وجل، قال: ألست تقول إنك لست
من علمائهم ولا من جهالهم؟ / قال: نعم، لست من علمائهم
ولا من جهالهم،
قال: فإن الله عز وجل يقول: (له مقاليد السماوات
و الأرض [الزمر: 63] [الشورى: 12] ما هذه المقاليد؟ أمن
ذهب أو فضة أو نحاس أو حديد؟ قال: ما هي من ذهب ولا
فضه ولا نحاس، ولا حديد، بل هو التسبيح والتهليل والتقديس
والتكبير، فغضب الشيخ وقال: ألست تقول إني لست من
علمائهم ولا من جهالهم؟ قال: لست من علمائهم ولا من
جهالهم،
قال: يقول الله عز وجل: هم الأولون وهم الآخرون،
1275

قال: صدق الله عز وجل: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
هي أول أمة تدخل الجنة، هم آخر أمة أخرجت للناس، قال:
ادنه واستفد من علمي، قال: ما أرجو من علم أستفيد منك
وأنت تدعي مع الله إلها آخر!
قال القس: لكني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأن محمدا رسول الله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن
الله عز وجل يبعث من في القبور،
والله! لقد أحببت محمدا وأنا ابن سبع سنين، ولقد
وجدت نعته في الإنجيل، فإن أنت لقيت محمدا فاقره مني
السلام وإن لم ألقه ليذهبن في قلبي منة غصة، قم فأنت والله!
الناظر لأهل ملتك، المزين لأهل دينك،
وأسلم طائفة منهم وتفرق الآخرون).
1276

90 - فصل
204 - أخبرنا / حكيم بن أحمد الإسفرايني، قال:
أخبرنا جدي أبو الحسن: علي بن محمد الإسفرايني، قال:
أخبرنا أبو الطيب: محمد بن محمد بن عبد الله الحناط، قال:
حدثنا محمش بن عصام المعدل النيسابوري، قال: حدثنا
حفص - هو ابن عبد الله بن راشد السلمي -، قال: حدثنا
إبراهيم بن طهمان ح،
205 - قال أبو الطيب: وحدثنا الحسين بن الفضل،
قال: حدثنا محمد بن سابق، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان،
عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن
أبعث).
1277

206 - أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، قال: أخبرنا
عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، قال: حدثنا حمزة بن
محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني
السلمي -، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن
الضحاك الزبيدي قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن
عبد الله بن سالم الأشعري، عن الزبيدي: محمد بن الوليد بن
عامر، قال: حدثنا الوليد بن عبد الرحمن، أن جبير بن نفير،
قال: حدثنا شداد بن أوس قال: (قلنا يا رسول الله! كيف
أسري بك ليلة أسري بك؟ قال:
(صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما، فأتاني
جبريل عليه السلام بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل،
فقال: اركب، فاستصعبت علي فرازها بأذنها، ثم حملني
عليها، فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى
بلغنا أرضا ذات نخيل، فقال: انزل، فنزلت، ثم قال: صل
فصليت، ثم ركبنا، / فقال: أتدري أين صليت؟ قال: قلت:
1278

الله أعلم، قال: صليت بأثرب: صليت: بطيبة،
فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى
بلغنا أرضا، فقال: انزل، فنزلت، ثم قال: صل، فصليت، ثم
ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قال: قلت: الله أعلم،
قال: صليت بمدين، صليت عند شجرة طوى، ثم انطلقت
تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضا بدت لنا
قصور، فقال: انزل، فنزلت، قال: صل، فصليت، ثم ركبنا،
فقال: أتدري أين صليت قال: قلت: الله أعلم، قال:
صليت ببيت اللخم حيث ولد عيسى: المسيح بن مريم،
ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى
قبلة المسجد فربط فيه دابته، فدخلنا المسجد من باب فيه تميل
الشمس والقمر، وصليت في المسجد حيث شاء الله، وأخذني
1279

من العطش أشد ما أخذني، فأوتيت بإناءين في أحدهما لبن
وفي الآخر عسل أرسل إلي بهما جميعا، فعدلت بينهما ثم
هداني الله فأخذت اللبن فشربت حتى قرعت به جبيني، وبين
يدي شيخ متكئ، فقال: أخذ صاحبك الفطرة، إنه لمهدي!
ثم انطلق بي، حتى أتينا الوادي الذي في المدينة، فإذا
جهنم تنكشف عن مثل الزرابي)،
قلت: يا رسول الله! كيف وجدتها؟ قال:
(مثل الحمة السخن، / ثم انصرف بي فمررنا على عير
قريش - بمكان كذا وكذا - قد أضلوا بعيرا لهم قد جمعه
فلان، فسلمت عليهم، فقال بعضهم: هذا صوت محمد، ثم
أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة، فأتاني أبو بكر، فقال:
يا رسول الله! أين كنت الليلة؟ فقد التمستك في مظانك!)،
فقال:
(علمت أني أتيت بيت المقدس الليلة؟ فقال:
يا رسول الله! إنه مسيرة شهر! فصفه لي)،
قال:
(ففتح لي صراط كأني أنظر إليه، لا يسألوني عن شيء
إلا أنبأتهم عنه)،
قال أبو بكر رضي الله عنه: أشهد أنك رسول الله، فقال
المشركون: انظروا إلى ابن أبي كبشة! يزعم أنه أتى بيت
المقدس الليلة، فقال:
1280

(إن آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم - بمكان كذا
وكذا - قد أضلوا بعيرا لهم فجمعه فلان، ينزلون بكذا ثم
كذا، ويأتوكم يوم كذا وكذا، يقدمهم جمل آدم عليه مسح
أسود وغرارتان سوداوان)،
فلما كان ذلك اليوم، أشرف الناس ينظرون حتى كان
قريبا من نصف النهار حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل
الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال الإمام - رحمه الله -: (هذا حديث شامي الطريق
واضح الإسناد).
1281

91 - فصل
207 - أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، قال: أخبرنا
والدي: أبو عبد الله، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن جامع،
قال: حدثنا جامع بن القاسم البغدادي، قال: حدثنا
أبو المعارك: الشماخ بن المعارك بن مرة ابن صخر بن بجير بن
بجرة الطائي بفيد، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه
بجير بن بجرة قال: (كنت في جيش خالد بن الوليد رضي الله
عنه، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأكيدر
ملك دومة الجندل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إنك ستجده يصيد البقر)،
قال: فوافيناه في ليلة مقمرة وقد خرج كما نعته رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فأخذناه وقتلنا أخاه - كان قد حاربنا -
وعليه قباء ديباج، فبعث به خالد إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم أنشدته:
تبارك سائق البقرات إني * رأيت الله يهدي كل هاد
فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فإنا قد أمرنا بالجهاد
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
1284

(لا يفض الله فاك)،
فأتت عليه تسعون سنة وما تحركت له سن ولا ضرس).
1285

92 - فصل
208 - ذكر الطبراني في " دلائل النبوة "، قال: حدثنا
أبو مسلم الكشي، / قال: حدثنا عمرو بن حكام، قال: حدثنا
المثنى بن سعيد القصير، قال: حدثنا أبو جمرة، أن ابن عباس
رضي الله عنه أخبرهم عن بدء إسلام أبي ذر رضي الله عنه:
(لما بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي بعث أخاه، فقال:
ائت مكة حتى تسمع منه وتأتني بخبره،
فانطلق أخوه إلى مكة فسمع من نبي الله صلى الله عليه
وسلم، فانصرف إلى أبي ذر، فأخبره أنه يأمر بالمعروف وينهى
عن المنكر، ويأمر بمكارم الأخلاق، فقال: ما شفيتني! ثم أخذ
شنة فيها ماء وزاده، ثم انطلق حتى أتى مكة، ففرق أن يسأل
أحدا عن شيء، ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
أجنه الليل، فلما أعتم مر به علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فقال: من الرجل؟ قال: رجل من غفار، قال: فانطلق إلى
منزلك، فانطلق به إلى منزله لا يسأل واحدا منهما صاحبه عن
شيء،
فلما أصبح غدا فلم يلقه، فنام في ناحية المسجد فمر به
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: أما آن للرجل أن
يعرف منزله!
فانطلق معه لا يسأل أحد منهما صاحبه عن شيء، فلما
1288

كان اليوم الثالث أخذ على علي رضي الله عنه لئن أخبره /
بالذي يريد ليكتمن عليه، ففعل، فقال: إنه بلغني
أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي، فبعثت بأخي، فلم يأتني
بما يشفيني، فجئت بنفسي لأخبر خبره، فقال له علي رضي الله
عنه: إني غاد فاتبع أثري، فإني إن رأيت ما أخاف عليك منه
قمت كأني أبول، ورجعت إليك، وإن لم أر شيئا فاتبع أثري،
فغدا علي رضي الله عنه، وغدا أبو ذر رضي الله عنه على
إثره، حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره
خبره، وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم،
فقال: يا رسول الله! مرني بأمرك، فقال:
(ارجع إلى قومك حتى إذا بلغك خبري فأتني)،
فقال: لا والله! حتى أصرخ بالإسلام فخرج، إلى
المسجد فنادى بالصلاة، ونادى أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله، فقال المشركون: صبأ الرجل، صبأ الرجل،
ثم ضربوه حتى سقط! فمر به العباس بن عبد المطلب رضي الله
عنه فانكب عليه، ثم قال: يا معشر قريش! أنتم تجار،
وطريقكم على غفار، تريدون أن يقطع الطريق عليكم؟ فأمسكوا
عنه،
فلما كان اليوم الثاني عاد لمثل مقامه فعادوا لضربه، فمر
عليه العباس رضي الله عنه فقال لهم مثل ذلك،
1289

فهذا كان بدء إسلام أبي ذر رضي الله عنه).
1290

/ قال الإمام - رحمه الله -:
* (روي إسلام ذر رضي الله عنه من وجوه، منها:
رواية البصريين عن المثنى بن سعيد).
209 - وقد روي من طريق الشاميين، حدث به
الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم: أبو عبد الملك
القرشي الدمشقي، قال: حدثنا محمد بن عائذ، قال: حدثنا
الوليد ين مسلم، قال: حدثنا أبو طرفة: عباد بن الريان
اللخمي، قال: سمعت عروة بن رويم اللخمي، يقول: حدثني
عامر بن لدين - قاضي الناس مع عبد الملك بن مروان -،
1291

قال: سمعت أبا ليلى الأشعري، يقول: حدثني أبو ذر رضي الله
عنه قال: (إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا،
فأصابتنا السنة، فاحتملت أمي وأخي - وكان اسمه أنيسا - إلى
أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فلما رأى ذلك
رجل من الحي مشى إلى خالي فقال: تعلم أن أنيسا يخالفك
[إلى أهلك]؟ فقال: فحز في قلبه، فانصرفت من رعية
إبلي فوجدته كئيبا يبكي، فقلت: ما أبكاك يا خال؟ فأعلمني
الخبر، فقلت: حجز الله عن ذلك، إنا نعاف الفاحشة وإن كان
الزمان قد أخل بنا، وقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به،
ولا سبيل إلى اجتماع!
فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة، فقال أخي:
1292

إني مدافع رجلا / على الماء بشعر - وكان رجلا شاعرا -،
فقلت: لا تفعل فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن
الصمة: صرمته إلى صرمته، وأيم الله! لدريد يومئذ أشعر من
أخي، فتقاضيا إلى خنساء ففضلت أخي على دريد! و ذاك أن
دريدا خطبها إلى أبيها، فقالت: شيخ كبير لا حاجة لي فيه،
فحقدت ذلك عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، فكانت لنا
هجمة،
ثم أتيت مكة و ابتدأت بالصفا، فإذا عليها رجالات
قريش، وقد بلغني أن بها صابئا أو مجنونا أو شاعرا
أو ساحرا فقلت: أين هذا الذي يزعمونه؟ قالوا: ها هو ذاك
حيث ترى، فانقلبت إليه، فوالله! ما جزت عنهم قيس حجر
حتى أكبوا على كل عظم وحجر ومدر فضرجوني بدمي، فأتيت
البيت فدخلت بين الستور والبناء، وبقيت فيه ثلاثين يوما لا آكل
1293

ولا أشرب إلا من ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء
أضحيان أقبلت امرأتان من خزاعة، فطافتا بالبيت، ثم ذكرتا
إسافا ونائلة - وهما وثنان كانوا يعبدونهما - فأخرجت رأسي من
تحت الستور، فقلت: احملوا أحدهما على صاحبه! فغضبتا،
ثم قالتا: أما والله! لو كانت رجالنا حضورا ما / تكلمت بهذا،
ثم ولتا، فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال:
(ما أنتما وما جاء بكما)؟
فأخبرتاه الخبر، فقال:
(أين تركتما الصابئ)؟
فقالتا: تركناه بين الستور والبناء فقال لهما:
(هل قال لكما شيئا)؟
فقالتا: نعم، كلمة تملأ الفم! فتبسم رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم انسلتا، وأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم سلمت عليه عند ذاك، فقال:
(من أين أنت؟ ومن أين جئت؟ وما جاء بك)؟
فأنشأت أعلمه الخبر، فقال:
(من أين كنت تأكل وتشرب)؟
1294

فقلت: من ماء زمزم، فقال:
(أما إنه طعام طعم)،
ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! أئذن لي
أن أعشيه، قال:
(نعم)،
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأخذ
أبو بكر بيده حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب
أبي بكر، ثم دخل أبو بكر بيته، ثم أتى بزبيب من زبيب
الطائف، فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ونحن نأكل منه حتى تملأنا
منه، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا أبا ذر!)
فقلت: لبيك، فقال:
(إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات ماء لا أحسبها إلا
تهامة، فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه)،
قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر،
فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه / فأسلما، ثم
خرجنا، فأعلمت قومي، فقالوا: إنا قد صدقناك ولكنا نلقى
محمدا،
فلما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيناه،
1295

فقالت له غفار: يا رسول الله! إن أبا ذر أعلمنا ما أعلمته وقد
أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله!
ثم تقدمت أسلم خزاعة، فقالوا: يا رسول الله! إنا قد
رغبنا ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
(أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها)،
ثم أخذ أبو بكر رضي الله عنه بيدي، فقال: يا أبا ذر!
فقلت: لبيك يا أبا بكر! فقال: هل كنت تأله في الجاهلية؟
قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس فلا أزال مصليا حتى
يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء! فقال لي: فأين كنت توجه؟
قلت: لا أدري إلى حيث وجهني الله عز وجل حتى أدخل الله
عز وجل علي الإسلام).
1296

قال الإمام - رحمه الله -:
وروي إسلام أبي ذر رضي الله عنه من وجه آخر،
210 - روي عن أبي يزيد المدني، عن ابن عباس
رضي الله عنه، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: (كان لي أخ
يقال له أنيس، وكان شاعرا، فتنافر هو وشاعر آخر: قال أنيس:
أنا أشعر منك! وقال الآخر: أنا أشعر منك! فقال أنيس: أترضى
أن / يكون بيننا كاهن مكة، قال: نعم،
فخرجنا إلى مكة فاجتمعنا عند الكاهن، فأنشده هذا
1298

كلامه وهذا كلامه، فقال لأنيس: قضيت لنفسك، قال: فكأنه
فضل شعر أنيس،
فرجع أنيس فقال: يا أخي! رأيت بمكة رجلا يزعم أنه
نبي وهو على دينك!
قال ابن عباس رضي الله عنه: فقلت: أي شيء كنت
تعبد؟ قال: لا شيء، كنت أصلي من الليل حتى أسقط كأني
خفاء حتى يوقظني حر الشمس، فقلت: أين كنت توجه
وجهك؟ قال: حيث وجهني ربي عز وجل،
قال أبو ذر: قلت: إني أريد أن آتيه فتجهزت، ثم
خرجت فقال لي أنيس: لا تظهر أنك تطلبه فإني أخاف عليك
أن تقتل دونه!
قال أبو ذر رضي الله عنه: فجئت حتى دخلت مكة،
فكنت بين الكعبة وأستارها خمس عشرة ليلة ويوما، أخرج
كل ليلة فأشرب من ماء زمزم شربة، فما وجدت على كبدي
سخفة وجوع، ولقد تعكن بطني، فجعلت امرأتان تدعوان ليلة
آلهتهما، وتقول إحداهما: يا إساف! هب لي غلاما، وتقول
الأخرى: يا نائلة! هب لي كذا وكذا، فقلت: هن بهن، فولتا /
1299

وجعلتا تقولان: الصابئ بين الكعبة وأستارها إذ مر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يمشي وراءه، فقالتا: الصابئ
بين الكعبة وأستارها، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بكلام قبح ما قالتا،
قال أبو ذر رضي الله عنه: فظننت أنه رسول الله صلى الله
عليه وسلم فخرجت إليه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله!
فقال:
(وعليك السلام ورحمة الله - ثلاثا -)،
ثم قال لي:
(منذ كم أنت هاهنا)؟
فقلت: منذ خمس عشرة يوما وليلة، قال:
(فمن أين كنت تأكل)؟
قلت: آتي زمزم كل ليلة نصف الليل فأشرب منها، فما
وجدت على كبدي سخفة جوع، ولقد تعكن بطني، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن هذا طعم وشرب وهي مباركة - قالها ثلاثا -)،
ثم سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ممن أنت)؟
قلت: من غفار - وكانت غفار يقطعون على الحاج -
1300

فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبض عني فقال
لأبي بكر:
(انطلق يا أبا بكر!)
فانطلق بي إلى منزله، فقرب زبيبا، فأكلنا معه، فأقمت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الإسلام، وقرأت
من القرآن شيئا، فقلت: يا رسول الله! إني أريد أن / أظهر
ديني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إني أخاف عليك أن تقتل)،
قلت: لابد منه يا رسول الله! وإن قتلت، قال: فسكت
عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش حلق يتحدثون
في المسجد، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله!
فتنقضت قد الحلق فقاموا إلي فضربوني حتى تركوني كأني
نصب أحمر، وكانوا يرون أنهم قد قتلوني، فقمت فجئت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي:
(ألم أنهك)،
فقلت: يا رسول الله! كانت حاجة في نفسي فقضيتها،
1301

فقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي:
(الحق بقومك، فإذا بلغك ظهوري فأتني)،
قال أبو ذر رضي الله عنه: ثم أتيت أمي فلما رأتني
بكت، وقالت: يا بني! أبطأت علينا حتى تخوفت أن قد
قتلت، ألقيت صاحبك الذي طلبت؟ قلت: نعم، أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قالت: فما صنع
أنيس؟ قلت: أسلم، قالت: و الله! ما بي عنكما رغبة: أشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
قال: فأقمت في قومي فأسلم منهم ناس كثير حتى بلغنا
ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته).
1302

211 - وفي رواية: / (قال أنيس: وقد ساموه
- يعني النبي صلى الله عليه وسلم -).
1306

212 - وفي رواية: (فرأى ما بي من الحال فقال لي:
(ألم أنهك)؟
213 - و في رواية ابن الصامت: (قال أبو ذر رضي الله
عنه: صليت قبل الناس بأربع سنين، قلت له: من كنت تعبد؟
قال: إله السماء).
1307

214 - وفي روايته: (فجعلوا يقولون: ساحر، ويقولون
له: كاهن، و يقولون له: شاعر، ولقد حملت كلامه على أقراء
الشعر فلم يلتئم، ولا يلتئم على لسان أحد بعدي).
215 - وفي رواية: (حتى تركوني مثل النصب الأحمر،
فلما ضربني برد السحر أفقت).
1309

216 - وفي رواية: (حتى إذا كان ذات ليلة ضرب على
آذان أهل مكة، فلم يطف بالبيت أحد غير امرأتين أقبلتا
تسبحان إسافا ونائلة، فقلت: زوجوا أحدهما بالآخر، فقالتا:
1310

أما والله! لو كان هاهنا من أنفارنا أحد).
قال الإمام - رحمه الله -:
الألفاظ الغريبة في الحديث:
* (الشنة): القربة الخلق.
* (ففرق): فخاف.
1311

* (أجنه الليل): ستره.
* (أعتم): دخل في ظلام الليل.
* و (الصرمة): القطيع من الغنم.
* (مدافع رجلا): أي: مفاخر رجلا.
1312

* و (ليلة إضحيان)، أي: مضيئة.
* و قوله: (احملوا أحدهما على صاحبه)، / معناه: معنى
قوله (زوجوا أحدهما بالآخر).
* و قوله: (كلمة تملأ الفم)، أي: أستعظم أن أتكلم
بها.
* وقوله: (قبضا قبضا)، روي بالضاد والصاد، والقبصة
- بالصاد - دون القبضة.
1313

* وقوله: (تاله) و (تأله)، أي: تعبد.
* و (الخفاء): الكساء.
* (فتنافر): فتحاكم.
* (ساموه)، أي: كلفوه التعب.
* (سخفة جوع): شدة جوع.
1314

* (تعكن بطني)، أي: تكسر من السمن.
* (هن بهن): الهن كناية عن الفرج، أي: اجمعوا
بينهما، يستهزئ بالصنم وعابدي الصنم.
* و (النصب): حجارة يذبح عليها ما يتقرب به إلى
الأصنام من النعم.
* (أقراء الشعر): أوزانه وطرقه.
1315

* (تسبحان إسافا): أي: تذكرانه بالتعظيم، وفي
رواية: (تمسحان).
* (الأنفار): جمع النفر، وهم: الجماعة.
1316

93 - فصل
217 - أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب قال: أخبرنا
والدي، قال: أخبرنا عمرو بن عبد الله النيسابوري، قال:
حدثنا الحسين بن محمد بن زياد، قال: حدثنا زكرياء بن
يحيى: أبو سكين الطائي، قال: حدثني عم أبي: زحر بن
1317

حصين، قال: حدثني جدي: حميد بن منهب، قال: حدثني
خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي، قال: (هاجرت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت / عليه منصرفة من
تبوك فأسلمت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي، وهذه الشيما
بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود)،
1319

فقلت: يا رسول الله! نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما
تصف فهي لي؟ قال:
(هي لك)،
ثم أقبلنا على الطريق الطف نريد الحيرة، فلما دخلنا كان
أول من تلقانا شيما بنت بقيلة الأزدية، كما قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود،
فتعلقت بها، فقلت: هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم،
فدعاني خالد عليها بالبينة، فأتيته بها، فكانت البينة:
محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاري، فسلمها إلي).
1322

قال الإمام - رحمه الله -:
* قوله: (معتجرة)، أي: متقنعة، والمعجر: المقنعة.
1325

* (شهباء): بيضاء.
* (الطف): موضع بقرب الكوفة.
1326

218 - أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا
أبو بكر بن مردويه قال: حدثني مكي بن بندار، قال: حدثنا
محمد بن أحمد الجوهري، قال: حدثنا يحيى بن الفضيل،
قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا أبو عمرو بن العلاء، قال:
حدثني موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم بنت أبي سلمة
قالت: (لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة
رضي الله عنها قال: لها /:
(إني قد أهديت إلى النجاشي آواقا من مسك وحلة،
ولا أرى النجاشي إلا وقد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد)،
قالت: فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فمات النجاشي وردت الهدية، فأعطى رسول الله صلى الله عليه
1327

وسلم كل امرأة من نسائه وقية من ذلك المسك، وأعطاني
سائره).
1328

219 - أخبرنا أبو الخير الهروي، قال: أخبرنا
أبو الحسن الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد بن حمويه،
قال: حدثنا عيسى بن عمر السمرقندي، قال: حدثنا عبد الله بن
عبد الرحمن الدارمي، قال: أخبرنا زيد بن عوف، قال: حدثنا
أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن ذكوان أبي صالح،
عن كعب قال: (في السطر الأول: محمد رسول الله عبدي
المختار، لا فظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يجزي
بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة، وهجرته بطيبة،
وملكه بالشام،
وفي السطر الثاني: محمد رسول الله، أمته الحمادون:
1332

يحمدون الله في السراء والضراء: يحمدون الله في كل منزلة،
ويكبرونه على كل شرف، رعاة الشمس، يصلون الصلاة إذا
جاء وقتها ولو كانوا على رأس / كناسة، ويأتزرون على
أوساطهم، ويوضئون أطرافهم، و أصواتهم بالليل في جو
السماء: كأصوات النحل).
1333

220 - قال: و حدثنا الدارمي، قال: حدثنا
مجاهد بن موسى، قال: حدثنا معن - هو ابن عيسى -، قال:
حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي فروة، عن ابن عباس
رضي الله عنه أنه سأل كعب الأحبار: كيف تجد نعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ فقال كعب:
(نجده: محمد بن عبد الله، يولد بمكة، ويهاجر إلى طابة،
ويكون ملكه بالشام، وليس بفحاش، ولا سخاب في الأسواق،
ولا يكافئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر،
1335

أمته الحمادون: ويحمدون الله في كل سراء [و ضراء]،
ويكبرون الله على كل نجد، يوضئون أطرافهم، ويأتزرون في
أوساطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم
في مساجدهم كدوي النحل، يسمع مناديهم في جو
السماء).
1336

221 - قال: وحدثنا الدارمي، قال: أخبرنا عبد الله بن
صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني خالد - هو
ابن يزيد -، عن سعيد - هو ابن أبي هلال -، عن هلال بن
أسامة، عن عطاء بن يسار، عن ابن سلام رضي الله عنه
أنه كان يقول: (إنا لنجد صفة رسول الله صلى الله عليه
وسلم /: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين،
أنت عبدي ورسولي، سميته المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ،
ولا سخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو
1337

ويتجاوز، لن أقبضه حتى يقيم الملة المتعوجة، بأن تشهد أن
لا إله إلا الله، نفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا
غلفا).
1338