الكتاب: جامع بيان العلم وفضله
المؤلف: ابن عبد البر
الجزء: ٢
الوفاة: ٤٦٣
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٩٨
المطبعة: بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
باب ما جاء في مسائلة الله عز وجل العلماء يوم القيامة
عما عملوا فيما علموا حدثنا سعيد بن نصر وأحمد بن قاسم قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا نعيم قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا شريك بن عبد الله عن هلال يعني الوزان عن عبد الله بن حكيم قال سمعت ابن مسعود بدأ باليمين قبل الحديث فقال والله ما منكم من أحد ألا سيخلو به ربه عز وجل كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر أو قال لليلته ثم يقول يا ابن آدم ما غرك بي ابن آدم ما غرك بي ما عملت فيما علمت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين وبهذا الاسناد عن ابن المبارك قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن الهلال قال قال أبو الدرداء ان أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي قد علمت فماذا عملت فيما علمت حدثنا عبد الرحمن ابن عبد الله بن خالد قال حدثنا إبراهيم بن علي بن محمد بن غالب قال حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان الأسدي الجيزي قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار قال تفرج الناس عن أبي هريرة فقال له بابل الشامي أيها الشيخ حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد في سبيل الله فأتى به ربه فعرفه نعمه فعرفها فقال فما عملته فيها قال قاتلت حتى قتلت قال كذبت ولكن قاتلت ليقال هو جريء وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه به فعرفها فقال فما عملت فيها قال تعلمت فيك العلم وعلمته
2

وقرأت القرآن قال كذبت ولكن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القى في النار ورجل أوسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن أنفق فيها إلا أنفقت فيها قال كذبت ولكن ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار وهذا الحديث فيمن لم يرد بعلمه ولا عمله وجه الله وقد قيل في الرياء أنه الشرك الأصغر ولا يزكو معه عمل عصمنا الله برحمته حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود قال لما حضرت شداد بن أوس الوفاة قال أخوف ما أخاف على هذه الأمة الرياء والشهوة الخفية قال يونس وأخبرني خالد بن نزار عن سفيان قال الشهوة الخفية الذي يحب أن يحمد على البر حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير ابن مرة عن أبي الدرداء قال لا أخاف أن يقال لي يوم القيامة يا أبا الدرداء ما عملت فيما جهلت ولكن أن يقال لي يا عديم ما عملت فيما علمت ومن حديث عطاء بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسئل عن خمس خصال عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه ومن حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وعن أبي الدرداء أنه قال إنما أخاف أن يقال لي يوم القيامة أعلمت أو جهلت فأقول علمت فلا تبقى آية من كتاب الله عز وجل آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فريضتها فتسألني الآمرة هل ائتمرت والزاجرة هل ازدجرت فأعوذ بالله من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله بن يونس قال حدثني بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المجازي عن ليث عن عدي عن الصنابحي عن معاذ قال لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن جسده فيما ابلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه كيف عمل فيه حدثنا
3

عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا قاسم بن زهير قال حدثنا يحيى بن يوسف الزمي قال سمعت أبا الأحوص سلام بن سليم يقول سمعت الثوري يقول وددت إني قرأت القرآن ثم وقفت وسمعته يقول وددت أني أفلت من هذا الامر لا لي ولا علي قال سفيان وما أدركت أحدا أرضاه إلا قال ذلك حجثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد بن سجاع قال حدثني ابن وهب قال أخبرني معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال بلغني أن في بعض الكتب أن الله يقول أبث العلم في آخر الزمان حتى يعلمه الرجل والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير فإذا فعلت ذلك بهم أخذتهم بحقي عليهم
باب جامع القول في العمل بالعلم
أخبرنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار قال حدثنا آدم بن أبي اياس العسقلاني قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن المطعم وهو أبوالمقداد وعنبسة بن سعيد الكلاعي تصح العنسي عن ركب المصري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبا لمن تواضع في غير منقصة وذل في نفسه في غير مسكنة وأنفق مالا جمعه في غير معصية وخالط أهل الفقه والحكمة ورحم أهل الذل والمسكنة طوبا لمن طاب نسبه وصلحت سريرته وكرمت علانيته وعزل عن الناس شره طوبا لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكريمي قال حدثنا عبد الله بن داود الخريبي قال حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال أبو الدرداء ويل لمن لا يعلم ولا يعلم مرة وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات وقال بعض الحكماء لولا العقل لم يكن علم ولولا العلم لم يكن عمل ولئن أدع الحق جهلا به خير من أدعه زهدا فيه وقالوا من حجب الله عنه العلم عذبه على الجهل وأشد منه عذابا من أقبل عليه العلم فأدبر عنه
4

ومن أهدى الله إليه علما فلم يعمل به وقالوا قالت الحكمة ابن آدم ان التمستني وجدتني في حرفين تعمل بخير ما تعلم وتدع شر ما تعلم وروى عن ثور بن يزيد عن عبد العزيز بن ظبيان قال قال عيسى عليه السلام من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماوات أخذه بكر بن حماد فقال وإذا امرؤ عملت يداه بعلمه نودي عظيما
في السماء مسودا وهذا البيت في قصيدة له يرثي بها أحمد بن حنبل ويقال أن في الإنجيل مكتوبة لا تطلب علما مالم تعمل حتى تعملوا بما علمتم وقال عيسى عليه السلام للحواريين نحن أقول لكم أن قائل الحكمة وسامعها شريكان وأولاهما بها من حققها بعمله يا بني إسرائيل ما يغنى عن الأعمى معه نور الشمس وهو لا يبصرها وما يغني عن العالم كثرة العلم وهو لا يعمل به وقال رجل لإبراهيم بن أدهم قال الله عز وجل ادعوني استجب لكم فما لنا ندعوا فلا يستجاب لنا فقال إبراهيم من أجل خمسة أشياء فقال وما هي قال عرفتم الله فلم تؤدوا حقه وقرأتم القرآن فلم تعملوا بما فيه وقلتم نحب الرسول وتركتم سنته وقلتم نلعن إبليس وأطعتموه والخامس تركتم عيوبكم وأخذتم في عيوب الناس وقال عبد الله بن مسعود إني لأحسب الرجل ينسي العلم بالخطيئة يعملها وإن العالم من يخشى الله وتلي إنما يخشى الله من عباده العلماء حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس قال أخبرني سفيان عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن السمور قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له آتيك يا رسول الله لتعلمني من غرائب العلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنعت في رأس العلم قال وما رأس العلم قال هل عرفت الرب قال نعم قال فما صنعة في حقه قال قال ما شاء الله قال هل عرفت الموت قال نعم قال فما أعددت له قال ما شاء الله قال اذهب فاحكم ما هنالك قال ثم تعال نعلمك من غرائب العلم حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أو الفتح نصر بن المغيرة قال قال سفيان كتب ابن منبه إلى مكحول إنك امرؤ قد أصبت فيما ظهر من علم الإسلام شرفا فاطلب بما بطن علم الإسلام عند الله محبة وزلفى واعلم أن احدى المحبتين سوف تمنع منك الأخرى وقال الحسن
5

البصري يبعث الله لهذا العلم أقواما يطلبونه ولا يطلبونه حسبه وليس لهم فيه نيه يبعثهم الله في طلبه كيلا يضيع العلم حتى لا يبقى عليه حجه وروينا من حديث ابن عباس الدوري عن محمد بن بشر خارجه بن مصعب عن أسامة بن زيد عن ابن معن قال قال عمر لكعب ما يذهب العلم من قلوب العلماء بعد ان حفظوه ورعوه فقال يذهبه الطمع وتطلب الحاجات إلي الناس وعن أبي بن كعب قال تعلموا العلم واعملوا به ولا تتعلموه لتتجملوا به فإنه يوشك ان طال بكم زمان ان يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه حدثنا أحمد بن قاسم وسعيد بن نصر قالاحدثنا قاسم قال حدثنا الترمذي قال حدثنا نعيم قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن يزيد بن جابر قال قال معاذ بن جبل اعلموا ما شئتم ان تعلموا فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا وعن مكحول عن عبد الرحمن بن غنم قال حدثني عشرة من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم قالوا كنا نتدارس العلم في مسجد قبا إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعلموا ما شئتم ان تعلموا فلن ياجركم الله حتى تعملوا وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قول معاذ من رواية عباد ابن عبد الصمد عن انس وفيه زيادة ان العلماء همتهم الوعايه وان السفهاء همتهم الرواية وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا كامل بن طلحه قال حدثنا عباد بن عبد الصمد قال سمعت انس بن مالك يقول تعلموا ما شئتم ان تعلموا فان الله لا يأجركم على العلم حتى تعملوا به ان العلماء همتهم الوعايه وان السفهاء همتهم الرواية هكذا حدثنا به موقوفا وهو أولى من رواية من رواه مرفوعا وعباد بن عبد الصمد ليس ممن يحتج به حدثنا أحمد حدثنا قاسم حدثنا محمد حدثنا نعيم حدثنا المبارك قال حدثنا إسماعيل ابن أبي خالد عن عمران بن أبي الجعد قال قال عبد الله بن مسعود أن الناس أحسنوا القول كلهم فمن وافق فعله قوله فذلك الذي أصاب حضه ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ بنفسه وبه عن ابن المبارك قال أخبرنا معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن قال اعتبروا والناس بأعمالهم ودعوا أقوالهم فإن الله لم يدع قولا إلا جعل عليه دليلا
6

من عمل يصدقه أو يكذبه فإذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه فإن وافق قوله فعله فنعم ونعمة عين وذكر مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد قال أدركت الناس وما يعجبهم القول إنما يعجبهم العمل وقال المأمون نحن إلى أن نوعظ بالأعمال أحوج منا أن نوعظ بالأقوال وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال يا حملة العلم اعملوا به فإنما العالم من علم ثم عمل وواقف علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيم تخالف سريرتهم علانيتهم ويخالف عملهم علمهم يقعدون حلقا فيباهى بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله عز وجل وعن ابن مسعود قال كونوا للعلم وعاة ولا تكونوا له رواة فإنه قد يرعوى ولا يروى ولا يرعوى وذكر ابن وهبة عن معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء قال لا تكون تقيا حتى تكون عالما ولا تكون بالعلم جميلا حتى تكون به عاملا قال أبو عمر من قول أين الدرداء هذا والله أعلم أخذ القائل قوله كيف هو متقى ولا يدري ما يتقى وعن الحسن قال العالم الذي وافق علمه عمله ومن خالف علمه عمله فذلك رواية حديث سمع شيئا فقاله ويروي أن سفيان الثوري كان ينشد متمثلا وهي لسابق البربري في شعر له مطول إذا العلم لم تعمل به كان حجة عليك ولم تعذر بما أنت جاهل فإن كنت قد أوتيب علما فإنما يصدق قول المرء ما هو فاعله ويروى أن الحسن بن أبي الحسن البصري كان يتمثل بها والله أعلم وأنشد الرياشي رحمه الله مامن روى أدبا فلم يعمل به ويكف عن زيغ الهوى بأديب حتى يكون بما تعلم عاملا من صالح فيكون غير معيب ولقلما تجدى أصابة عالم أعماله أعمال غير مصيب وقال منصور ليس الأديب أخا الروا ية للنوادر والغريب ولشعر شيخ المحدثين أبي نواس أو حبيب بل ذو التفضل والمرو ءة والعفاف هو الأديب
7

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عثمان بن زفر قال سمعت أخي مزاحم بن زفير يذكر عن سفيان قال ما عملت عملا أخوف عندي من الحديث قال مزاحم أو غيره عنه ولوددت أني قرأت القرآن وفرضت الفرائض ثم كنت من عرض أبي ثور قال وحدثنا عثمان بن زفر قال سمعت شريح العابد يذكر عن أبي أسامة عن سفيان قال وددت أنها قطعت من ههنا ولم أرو الحديث وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا الحكم بن موسى قال حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن مكحول في قول الله عز وجل واجعلنا للمتقين إماما قال أئمة في التقوى تقتدي بنا المتقون وقال الثوري العلماء إذا علموا عملوا فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا وقال بشر بن الحارث إنما أنت متلدد تسمع وتحكي إنما يراد من العلم العمل اسمع وتعلم واعلم وعلم واهرب ألم تر إلى سفيان كيف طلب العلم فعلم وعلم وهرب وهكذا العلم إنما يدل على الهرب عن الدنيا ليس على طلبها قال الحسن لا ينتفع
بالموعظة من تمر على أذنيه صفحا كما أن المطر إذا وقع في ارض سبخة لم تنبت وانشد ابن عائشة إذا قسا القلب لم تنفعه موعظة كالأرض أن سبخت لم يحيها المطر والقطر تحيا به الأرض التي قحطت والقلب فيه إذا مالان مزدجر وقال مالك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب وقال الأصمعي سمعت اعرابيا بقول إذا دخلت الموعظة أذن الجاهل مرقت من الأذن الأخرى وقال مالك بن دينار أن العالم إذا لم يعمل زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا وكان سوار يقول كلام القلب يقرع القلب وكلام اللسان يمر على القلب صفحا وقال زياد بن أبي سفيان إذا خرج الكلام من القلب وقع في القلب وإذا خرج من اللسان لم يجاوز الأذان وأنشد رجاء بن سهل وكأن موعظة امرء متنازح عن قوله بفعاله هذيان وعن سلمان قال يوشك أن يظهر العلم ويخزن العمل يتواصل الناس بألسنتهم ويتقاطعون بقلوبهم فإذا فعلوا ذلك طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم
8

وبعضهم يروي هذا الحديث عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا وقال بعض الحكاء إذا كان حياتي حياة السفيه وموتي موت الجاهل فما يغني عني ما جمعت من غرائب الحكمة وقال الحسن بن آدم ما يغني عنك ما جمعت من حكمة الحكماء وأنت تجري في العمل مجرى السفهاء وقال أبو عبد الرحمن القطري أي شيء تركت يا عارفا بالله للممترين والجهال وقال منصور الفقيه أيها الطالب الحريض تعلم أن للحق مذهبا قد ضللته لو ركبت السحاب في نيل مالم يقدر الله نيله ما أخذته أو جرت عاصفات ريحك كي تسبق أمرا مقدرا ما سبقته فعلام العناء ان كان في الحق سواء طلبته أو تركته ليس بجدى عليك علمك أن لم تك مستعملا لما قد علمته قد لعمري اغتربت في طالب العلم وحاولت جمع فجمعته ولقيت الرجال فيه وزاحمت عليه الجميع حتى سمعته ثم ضيعت أو نسيت وما ينفع علم نسيته أو أضعته وسواء عليك علمك أن لم يجد علما عليك أو ما جهلته يا ابن عثمان فازدجر والزم البيت وعش قانعا يما رزقته كم إلا كم تخادع النفس جهلا ثم تجري خلاف ما قد عرفته تصف الحق والطريق إليه فإذا ما عملت خالفت سمته قد لعمري محضتك النصح يا عمرو بن عثمان جاهد ان قبلته وقال عبد الملك بن إدريس الحزيري الوزير الكاتب والعلم ليس بنافع أربابه ما لم يفد عملا وحسن تبصر سيان عندي علم من لم يستفد عملا به وصلاة من لم يظهر فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها لا ترض بالتضييع وزن المخسر حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا بشر بن حجر قال حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود تعلموا تعلموا فإذا علمتم فاعملوا
9

حدثنا خلف بن القاسم حدثني يحيى بن الربيع حدثنا محمد بن حماد الصيصي حدثنا حسين بن علي الجعفي قال حدثنا نجاد التمار قال رأيت أبا حنيفة في النوم فقلت له ما فعل الله بك يا أبا حنيفة فقال غفر لي فقلت له بالعلم فقال هيهات للعلم شروط وآفات قل من ينجو منها قلت فيم ذا قال بقول الناس في مالم يعلمه الله أو مالم أكن عليه وأنشدني ابن الأنباري قال أنشدنا أحمد بن محمد بن مسروق إذا كنت لا ترتاب إنك ميت ولست لبعد الموت تسعى وتعمل فعلمك ما يجدي وأنت مفرط وذكرك في الموتى معد محصل وقال منصور بن إسماعيل الفقيه إذا كنت تعلم أن الفراق في فراق الحياة قريب قريب وإن المعد جهاز الرحيل ليوم الرجيل مصيب مصيب وأن المقدم مالا يفو ت على ما يفوت معيب وأنت عن ذاك لا ترعوي فأمرك عندي عجيب عجيب وقال الحسن الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يفوقهم في العمل وقال فضيل ابن عياض قال لي ابن المبارك أكثركم علما ينبغي أن يكون أكثركم خوفا وقال بعض الحكماء ما هذا الاغترار مع ما نرى من الاعتبار وعن الحسن في قوله عز وجل وعلمتم ملم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قال علمتم فعلمتم ولم تعملوا فوالله ماذالكم بعلم وقال سفيان الثوري يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل وروى أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ما ساتغنى أحد بالله إلا احتاج إليه الناس وما عمل أحد بما علمه الله إلا احتاج الناس إلى ما عنده وأخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا وهب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا زهير عن سفيان قال قال إبراهيم من تعلم علما يريد به وجه الله والدار الآخرة آتاه الله من العلم ما يحتاج إليه ويروي أن عيسى عليه السلام قال للحواريين لست أعلمكم لتعجبوا إنما أعلمكم لتعملوا ليست الحكمة القول بها إنما الحكمة العمل بها وكان بعض الحكماء يقول نفعنا الله وإياكم بالعلم ولا جعل حظنا منه الاستماع والتعجب وقال أيوب السختياني قال لي أبو قلابة يا أبا أيوب إذا أحدث الله لك علما فأحدث له عبادة ولن يكن همك أن تحدث به
10

وقال علي بن الحسين كان نقش خاتم حسين بن علي علمت فاعمل وعن مالك بن مغول في قوله فنبذوه وراء ظهورهم قال تركوا العمل له ومن حديث علي رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله ما ينفي عني حجة الجهل قال العلم قال فما ينفي عني حجة العلم قال العمل وقال الحسن أن أشد الناس حسرة يوم القيامة رجلان رجل نظر إلى ماله في ميزان غيره سعد به وشقى هو به ورجل نظر إلى علمه في ميزان غيره سعد به وشقى هو به وروينا عن الشعبي أنه قال كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به وكنا نستعين على طلبه بالصوم وقال ابن وهب عن مالك أنه سمعه يقول أن حقا على من طلب الحديث أن يكون له وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعا لآثار من مضى قبله قال وقال لي مالك أن من إزالة العلم أن يكلم العالم كل من يسأله ويجيبه وقال يحيى ابن يمان سمعت سفيان الثوري يقول العالم طبيب هذه الأمة والمال داؤها فإذا كان الطبيب يجر الداء إلى نفسه فكيف يعالج غيره قال أبو عمر المال المذموم عند أهل العلم هو المطلوب من غير وجهه والمأخوذ من غير حله والآثار والواردة بذم المال نحو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وإنهما مهلكاكم ونحو قوله عليه الصلاة والسلام ماذئبان جائعان أرسلا في خطيرة غنم بأفسد لها من حب المرء للمال والشرف وما كان في معناه من حديثه صلى الله عليه وسلم ونحو قول عمر بن الخطاب ما فتح الله الدينار والدرهم والذهب والفضة على قوم إلا سفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم ونحو هذا مما روى عنه وعن غيره من السلف في هذا المعنى فوجه ذلك كله عند أهل العلم والفهم في المال المكتسب من الوجوه التي حرمها الله ولم يبحها وفي كل مال مالم يطع الله جامعه في كسبه وعصى ربه من أجله وبسببه واستعان به على معصية الله وغضبه ولم يؤد حق الله وفرائضه فيه ومنه فذلك هو المال المذموم والمكسب المشؤم واما إذا كان المال مكتسبا من وجه ما أباح الله وتأدت منه حقوقه وتقرب فيه إليه بالإنفاق في سبيله ومرضاته فذلك المال محمود ممدوح كاسبه ومنفقه لا خلاف بين العلماء في ذلك ولا يخالف فيه إلا من جهل أمر الله وقد اثنى الله على انفاق المال في غير آية ومحال أن
ينفق مالا يكتسب قال الله عز وجل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى الآية
11

وقال ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية وقال لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل وقال الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم إلى ية وقال لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وقال يمحق الله الربا ويربي الصدقات وقال من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له الآية وما في القرآن من هذا المعنى كثير جدا وكذلك السنن الصحاح كلها تنطق بهذا المعنى وهو الثابت عن الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين قال صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة وقال اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا المعطية والسفلى السائلة وقال لسعد بن أبي وقاص لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وأنك لن تنفق نفقة إلا أجرت فيها الحديث وقال صلى الله عليه وسلم أفضل درهم درهم تنفقه على عيالك والآثار في هذا متواترة جدا وقال صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاصي هل لك أن أرسلك في جيش يغنمك الله ويسلمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة فنعم المال الصالح للرجل الصالح وقال أبو بكر الصديق لعائشة رضي الله عنها ما أحد من خلق الله أحب إلي إلى غنى بعدي منك ولا أعز على فقر بعدي منك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر مما أفاء الله عليه من صفاياه من فدك وغيرها قوت سنة ويجعل الباقي في الكراع والسلاح في سبيل الله وهذه آثار مشهورة كرهت سياقتها بأسانيدها خشية التطويل حدثني عبد الوراث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا محمد بن بشار بندار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن حكيم بن قيس بن عاصم أن أباه قال يا بني عليكم بالمال فإنه منبه للكريم ويستغني به عن اللئيم وأخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قل أخبرنا أحمد بن الفضل بن العباس قال حدثنا محمد بن جرير الطبري قال حدثنا محمد ابن المثنى ومحمد بن عبد الله بن صفوان قال أحدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت مطرفا يحدث عن حكيم بن قيس بن عاصم أن أباه حين
12

حضرته الوفاة قال لبنيه يا بني عليكم بالمال واصطناعه فإنه منبه للكريم ويستغنى به عن اللئيم قال وحدثنا ابن المثنى قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن قتادة عن مطرف عن حكيم بن قيس عن أبيه مثله قال وحدثنا أبو كريب قال حدثنا ابن إدريس قال حدثنا ليث عن ماهد عن امرأة من نساء عبد الرحمن بن عوف أنها أصابها في ربع الثمن نيف وثمانون ألفا رواه يونس ابن عبد الأعلى عن سفيان بن عيينة عن عمر بن دينار عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مثله سواء ألا أنه قال من ثلث الثمن حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا مطرف حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير وحدثنا يونس فذكره قال وحدثنا خلاد بن سلم قال أخبرنا النضر بن شميل قال أخبرنا ابن عون عن ابن سرين قال كان ممن ترك الصامت عبد الرحمن بن عوف وكان ممن لم يدع صامتا أبو بكر وعمر قال وحدثنا أحمد بن حماد الدولابي قال حدثنا سفيان عن عمر بن صالح بن إبراهيم قال صالحنا امرأة عبد الرحمن بن عوف التي طلقها في مرضه من ربع الثمن على ثلاثة وثمانين ألفا قال وحدثنا ابن البرقي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال سمعت الأوزاعي يحدث قال حدثني رجل منا نهيك بن يريم عن مغيث عن كعب قال كان للزبير ألف مملوك يؤدون الخراج لم يكن يدخل بيته منها درهما قال وحدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية قال حدثنا أيوب عن نافع ان ابنا لعمر باع ميراثه من ابن عمر بمائة ألف درهم وحدثنا ابن بشار قال حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال حدثنا قرة بن خالد قال سألنا الحسن أوصى عمر بن الخطاب بثلث ماله أربعين ألفا قال لا والله لماله كان أيسر من أن يكون ثلثه أربعين ألفا ولكنه لعله أوصى بأربعين ألفا فأجازوها قال وحدثنا إسماعيل بن سيف العجلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عاصم عن ذر قال مات عبد الله بن مسعود وترك سبعين ألف درهم قال وحدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثا سفيان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال لا خير فيمن لا يجمع المال يكف به وجهه ويؤدي أمانته قال وحدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه ترك أربعمائة دينار وقال إني والله ما ركتها
13

إلا لأصون بها عرضي أو وجهي قال وحدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة قال لا تضركم دنيا إذا شكرتموها لله قال أيوب وكان أبو قلابة يقول لي يا أيوب الزم سوقك فإن الغنى من العافية قال وحدثنا ابن بشار قال حدثنا مسلم بن قتيبة قال حدثنا أيوب عن أبي إسحاق عن أبيه قال سمعت عبد الحرمن بن أيزي يقول نعم العون على الدين اليسار قال وحدثني الحسين بن الزبرقان النخعي قال حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن الوليد المزني عن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري عن أبي ظبيان الأزدي قال قال لي عمر بن الخطاب ما مالك يا أبا الظبيان قال قلت أنا في الفين وخمسمائة قال فاتخذ سأئما فإنه يوشك أن يجيء أغيلمة من قريش يمنعون هذا العطاء قال وحدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثا أبو زرعة وهب الله بن راشد عن يونس قال قال ابن شهاب أخبرني سليمان بن عبد الملك أن عبد الرحمن بن هبيرة أخبره أن عبد الله بن عمر ركب الغابة فمر على ابن هبيرة وهو في بيته فقال ألا تركب معنا فركبت معه حمارا فسرنا قال فسكت أحدث نفسي قال عبد الله بن عمر مالك قلت سكت أتمنى قال ابن عمر لو كان عندي أحد ذهبا أعلم عدده واخرج زكاته ما كرهت ذلك أو ماخشيت أن يضرني حدثنا خلف بن القاسم حدثنا يعقوب بن المبارك بن أحمد الكوفي بمصر حدثنا الفضل بن جعفر بن همام البصري حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا أبو أحمد الزبيري أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رزق الدنيا على الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مات والله عنه راض حدثنا خلف بن القاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان أخبرنا إبراهيم بن عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا يحيى بن عثمان قال حدثنا أبوب السختياني قال قال لي أبو قلابة يا أيوب الزم سوقك فإن فيها غنى عن الناس وصلاحا في الدين وذكر أبو حازم الرازي قال كتب إلى عبد الله بن جبيق الأنطاكي قال سمع يوسف بن أسباط قال قال لي سفيان الثوري لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس أخبرنا عبد الله بن محمد
14

ابن يوسف وعبد الرحمن بن مروان قالا حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو بكر ابن البنا بمصر قال حدثا محمد بن محمد بن بدر الباهلي قال حدثنا سليمان بن داود ابن
أخي رشدين قال حدثنا سعيد بن الجهم الجيزي ال جمع عبد الرحمن بن شريح وعمرو بن الحارث الصف في المسجد فلما سلم الإمام قال ابن شريح لعمرو بن الحارث يا أبا أمية ما تقول في رجل ورث مالا حلال فأراد أن يخرج من جميعه إلى الله زهدا في الدنيا ورغبة فيما عنده قال لا يفعل قال ابن شريح فقلت لعمرو سبحان الله لا يفعل لا يزهد في الدنيا فقال عمرو بن الحارث ما أدب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم أفضل من ذلك قال الله تبارك وتعالى ولا تجعل يدل مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ولكن يقدم بعضا ويمسك بعضا قال أبو عمر هذه الآثار كله إنما أوردناها ههنا لئلا يظن ظان جاهل بما يقرأ في هذا الباب أن طلب المال من وجهه للكفاف والاستغناء عن الناس هو طلب الدنيا المكروه الممنوع منه فإنه ليس كذلك رحم الله أبا الدرداء حيث يقول من فقه الرجل المسلم استصلاحه معيشته وقال أبو الدرداء أيضا صلاح المعيشة من صلاح الدين وصلاح الدين من صلاح العقل وقال الشاعر الحكيم ألا عائذا بالله من بطر الغني ومن رغبة يوما إلى غير مرغب حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا ضمرة عن علي بن أبي جملة قال لما قفل الناس من القسطنطينية لقيت يحيى بن راشد أبا هشام الطويل قال فقال لي وجدت الدين الخير قال علي بن أبي جملة رأيت بلال بن أبي الدرداء أميرا على دمشق وقال أبو الدرداء ليس من حبك الدنيا التماسك بما يصلحك منها وكان يقول من فقهك عويمر اصلاحك معيشتك وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا معشر القراء استبقوا الخيرات واتبغوا من فضل الله ولا تكونوا عيالا على النا ولقد أحسن منصور الفقيه في قوله وقد تنسب لغيره أفضل من ركعتي قنوت ونيل حظ من السكوت ومن رجال بنوا حصونا تصونهم داخل البيوت
15

غدو عبد إلى معاش يرجع منه بفضل قوت ثم يقول أن الزهد في الحلال وترك الدنيا مع القدرة عليها أفضل من الرغبة في حلاها وهذامالا خلاف فيه بين علماء المسلمين قديما وحديثا وقد اختلف الناس في حدود الزهد والعبارة عنه بما يطول ذكره وأحين ما قيل فيه قول ابن شهاب الزهد في الدنيا أن لا يغلب الحرام صبرك ولا الحلال شكرك وكان سفيان الثوري ومالك بان أنس يقولان الزهد في الدنيا قصر الأمل حدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا محمد حدثنا موسى حدثنا وكيع قال سمعت سفيان الثوري وسئل عن الزهد في الدينا فقال قصر الأمل قال وقال مالك بن انس مثل ذلك وذكر ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال سألت فضيل بن عياض عن الزهد فقال الزهد القناعة وفيها الغنى قال وسألته عن الورع فقال اجتناب المحارم والاكثار عن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين في فضل الصبر عن الدنيا والزهد فيها وفضل القناعة والرضا بالكفاف والاقتصار على ما يكفي دون التكاثر الذي يلهي ويطغي أكثر من أن يحيط بها كتاب أو يشتمل عليها باب والذين زوى الله عنهم الدنيا من الصحابة أكثر من الذين فتحها عليهم أضعافا مضاعفة روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عز وجل ليحمي عبده الدينا كما يحمي أحدكم مريضه الطعام يشتهيه وهذا والله أعلم نظر منه عز وجل لذلك العبد فرب رجل كان الغني سبب فسقه وعصيانه لربه وانتهاكه لحرمة ورب رجل كان الفقر سبب ذلك كله له وربما كان سبب كفره وتعطيل فرائضه وهما طرفان مذمومان عند العلماء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك من قوله عليه السلام اللهم أني أعوذ بك من غنى مبطر مطغ وفقر منس وكان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من الفقر والفاقة والقلة والذلة وأن اظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعافية والغنى والدليل على أن التقلل من الدنيا والاقتصاد فيها والرضا بالكفاف منها والاقتصار على ما يكفي ويغني عن الناس أفضل من الاستكثار
16

منها والرغبة فيها وأقرب إلى السلامة ما حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا الحرث بن أبي أسامة ومحمد بن إسماعيل الترمذي قالا حدثنا هودة ح وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن هارون قالا حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن يزيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها المساكين وإذا أصحاب الجد محبوسون إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار وقمت على باب النار فإذا عامة من يدخلها النساء ورواه عن سليمان التيمي معمر بن راشد وخالد بن عبد الله الواسطي وجماعة بإسناد مثله سواء والجد عندهم الغنى في هذا الموضع لا يختلفون فيه وقد جاء في هذا الحديث منصوصا وجدت في أصل سماع أبي رحمه الله بخطه أن محمد بن أحمد بن قاسم بن بلال حدثهم قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا أسباط بن محمد عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد يعني الأغنياء محبوسون إلا أصحاب النار وقد أمر بهم إلى النار وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال حدثنا يوسف ين يزيد قال حدثنا أسد بن موسى فذكره باسناده سواء إلى آخره وحدثنا يعيش قال أخبرنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا وهب بن بقية قال حدثنا خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيد صوت أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وروينا عن عبد الرحمن بن عوف أنه لما حضرته الوفاة بكا بكاءا شديدا فقيل له ما يبكيك يا أبا محمد فقال كان مصعب بن عمير خيرا مني توفي ولم يترك ما يكفن فيه ولم توجد له إلا بردة كان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطت بها رجلاه بدت رأسه وبقيت بعده حتى أصبت من الدنيا وأصابت مني وما أحسبني إلا سأحبس عن أصحابي بما فتح الله علي من ذلك وجعل يبكي حتى فاضت نفسه وفارق الدنيا رحمه الله حدثنا سعيد بن
17

نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن أبي لبيبة عن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الرزق ما يكفي وأفضل الذكر الخفي حدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أخبرنا أحمد بن
محمد قال حدثنا وهب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا موسى بن عبيدة عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أبشركم يا معشر الفقراء أن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم خمسمائة عام حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمسمائة عام فهذه الآثار يؤيد بعضها في فضل القناعة والرضى بالكفاف حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمر بن كثير بن أفلح عن عبيد سنوطا عن خولة بنت حكيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا خضرة حلوة فمن أخذها بحقها بورك له فيها ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم يلقاه وحدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال دخل معاوية على خاله أبي هشام بن عتبه يعوده فبكى فقال له معاوية ما يبكيك يا خالي أوجع تجده أم حرص على الدنيا قال كلا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلي فقال يا أبا هاشم إنها لعلك تدرك أموال
18

يؤتاها أقوام فإنهما يكفيك من المال خادم ومركب في سبيل الله وأراني قد جمعت وحدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين عن زائدة عن منصور عن أبي وائل عن سمرة بن سهم قال دخل معاوية على خاله فذكر مثل حديث أبي معاوية عن الأعمش وحدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن مولى عن بريدة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكفي أحدكم من الدنيا خادم ومركب وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصايغ قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن ابن مسعود وسعد بن مالك عادا سلمان قال فبكى فقالا له ما يبكيك قال عهد عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحفظه أحد قال ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب أخذه أبو العتاهية فأحسن في قوله إذا كنت بالدنيا بصيرا فإنما بلاغك منها مثل زاد المسافر حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا محمد بن القاسم أبو إسحاق قال حدثنا الحسين بن محمد بن الضحاك قال حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده قال أتى عبد الرحمن بن عوف بطعام فقال قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني فلم يوجد له إلا بردة يكفن فيها وقتل حمزة أو رجل آخر قال إبراهيم أنا أشك وكان خيرا مني فلم يوجد له إلا بردة يكفن بها ما أظننا إلا قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا وجعل يبكي فإن ظن ظان جاهل أن الاستكثار من الدنيا ليس به بأس أو غلب عليه الجهل فظن أن ذلك أفضل من طلب الكفاف منها وشبه عليه بقول الله عز وجل ووجدك عائلا فأغنى فيما عدد الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم من نعمة عنده فإن ذلك ليس كما ظن وفي الآثار التي قدمنا ما يوضح لك أن الغني ليس ما ذهب إليه واحتسبه بل هو غنى القلب فمن وضع الله الغناء في قلبه فقد أغناه وكان صلى الله عليه وسلم أغنى عباد الله قلبا وقد روى عنه بذلك صلى الله عليه وسلم آثار كثيرة تدل على ما قلنا
19

منها ما حدثناه عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي غالب بمصر قال حدثنا محمد بن محمد بن بدر الباهلي قال حدثنا رزق الله بن موسى قال حدثنا شبابة بن سواك قال حدثنا ورقاء بن عمرو ح حدثنا أحمد بن قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد ابن إسحاق وحدثنا سعيد وحدثنا قاسم حدثنا محمد حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن عيينة كلهم عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى من كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس ورواه مالك عن أبي الزناد بإسناده مثله ورواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد باسناده أيضا مثله وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال حدثنا سعيد بن حمير وسعيد بن عثمان قالا حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس ولقد حدثنا ولقد أحسن عثمان بن سعد ان الموصلي في نظمه معنى هذا الحديث حيث يقول تقنع بما يكفيك واستعمل الرضى فإنك لا تدري أتصبح أم تمسي فليس الغنى عن كثرة المال إنما يكون الغنى والفقر من قبل النفس وأخذه الخليل بن أحمد أيضا فقال في جاوبه سليمان بن حبيب بن المهلب أبلغ سليمان إني عنه في سعة وفي غنى غير أني لست ذا مال سخى بنفسي أني لا أرى أحدا يموت هزلا ولا يبقى على حال الرزق عن قدر لا العجر بنقصه ولا يزيجك فيه حول محتال والفقر في النفس لا في المال تعرفه كذا يكون الغني في النفس لا المال وأنشدني عبد الله بن يوسف تقنع كل ما فاتك ولا تيأس لما فاتك ولا تغتر بالدنيا أما تذكر أمواتك وقال بكر بن أذينة كم من فقير غني النفس تعرفه ومن غني فقير النفس مسكين
20

قال أبو عمر كان فضيل بن عياض رحمه اله يقول إنما الفقر والغنى بعد العرض على الله أي ذلك هو الفقر حقا وقال محمود الوراق الققر في النفس وفيها الغنى وفي غنى النفس الغنى الأكبر ومن كان ذا مال كثير ولم يقنع فذلك المعسر وكل من كان قنوعا وإن كان مقلا فهو المكثر وقال أيضا محمود غنى النفس يغنيها إذا كنت قانعا وليس يغنيك الكثير مع الحرص وقال أبو حاتم إن كان ما يكفيك لا يغنيك فليس شيء في الدينا يغنيك وقال أبو العتاهية في هذا المعنى إن كان لا يغنيك ما يكفيكا فكل ما في الأرض لا يغنيكا وقال حسبك مما تبتغيه القوت أكثر قوتا لمن يموت وقال أبو فراس الحمداني غنى النفس لمن يعقل خير من غنى المال وفضل الناس في الأنفس ليس الفضل في الحال حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال قال سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلم كل العيش جربناه لينه وشديده فوجدنا يكفي منه أدناه وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال قال سليمان بن داود أوتينا ما أوتي الناس وما لم يؤتوا وعلمنا مما علم الناس ومما لم يعلموا فلم نجد شيئا أفضل من تقوى الله في السر والعلانية وكلمة العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر قال يونس قال سفيان
وزادني فيه غير ابن أبي نجيح قال وقال سليمان لا يضر مع هذا ملك والكلام في هذا الباب وتقصي القول فيه والآثار فيه لا سبيل إليه ولخروجنا بذلك عن تأليفنا
21

وعماله قصدنا وإنما حملنا على أن عرجنا على ذكرنا فيه المعنى الذي اعترضنا مما وصفنا وبالله التوفيق
باب الخبر عن العلم أنه يقود إلى الله عز وجل على كل حال
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو يعلي محمد بن زهير القاضي بالآيلة قال حدثنا الحسن بن زياد العتكي قال حدثنا عبد الله بن غالب قال حدثنا الربيع بن صبيح قال سمعت الحسن يقول كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إلى الآخرة وحدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن معاوية الأموي قال حدثنا أبو يعلي القاضي قال حدثنا الحسن بن مهدي قال حدثنا عبد الرزاق قال سمعت معمرا يقول كان يقال من طلب العلم لغير الله يأبى عليه العلم حتى يصيره إلى الله حدثنا خلف بن القاسم وعلي بن إبراهيم قالا أخبرنا الحسن بن رشيق قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي قال حدثنا سويد بن سعيد وحدثنا خلف ابن سعيد قالا حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا سويد بن سعيد حدثنا بعد الرزاق عن معمر قال أن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله حدثنا عبد الرحمن بن يحيى حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن النعمان قال حدثنا محمد بن علي بن مروان قال حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني قالوا حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني معمر قال كان يقال أن الرجل يتعلم العلم لغير الله فيأبى العلم عليه حتى يكون العلم لله حدثنا سعيد ابن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا محمد ابن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن حبيب بن أبي ثابت قال طلبنا هذا الأمر وليس فيه نية ثم جاءت النية بعد أخبرنا محمد بن إبراهيم ويوسف ابن محمد بن يوسف قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا محمد بن زهير القاضي
22

الآيلي قال سمعت ابن زكريا الواسطي قال سمعت وكيع بن الجراح يقول سمعت سفيان الثوري يقول كنا نطلب العلم في الدنيا فجرنا إلى الآخرة حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا سلمة بن قاسم حدثنا أسامة بن علي بن سعيد يعرف بابن عليك قال حدثنا عباس بن السندي قال سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول سمعت ابن عيينة منذ أكثر من ستين سنة يقول طلبنا هذا الحديث إلى غير الله فأعقبنا الله ما ترون وقال الحسن لقد طلب أقوام هذا العلم ما أرادوا به الله وما عنده فما زال بهم حتى أرادوا به الله وما عندهم
باب معرفة أصول العلم وحقيقته وما الذي يقع عليه اسم الفقه والعلم مطلقا
حدثنا أبو عبد الله محمد بن خليفة رحمه الله قال حدثنا محمد بن الحسين البغدادي بمكة قال حدثنا أبو جعفر حدثنا محمد بن خالد البرذعي قال حدثنا بحر ابن نصر الخولاني وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن أبي سليمان قال حدثنا سحنون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن عبد الله ابن عمرو بن العاصي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة ورواه عبد الرحمن بن زياد جماعة كما رواه ابن وهب وفيما أجاز لنا أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي قال حدثنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي بدمشق قال أخبرنا أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي قال حدثنا هشام بن خالد أبو مروان القرشي قال حدثنا بقية عن ابن جريح عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فرأى جمع من الناس على رجل فقال وما هذا قالوا يا رسول الله رجلا علامة قال وما العلامة قالوا أعلم الناس بأنساب العرب وأعلم الناس بعربية وأعلم الناس بشعر وأعلم الناس بما اختلف فيه العرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر
23

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم ثلاثة وما خلا فهو فضل علم آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عاجلة قال أبو عمر في اسناد هذا الحديث رجلان لا يحتج بهما وهما سليمان وبقية فإن صح كان معناه أنه علم لا ينفع مع الجهل بالآبة المحكمة والسنة القائمة ولا فريضة العادلة ولا ينفع في وجه ما وكذلك لا يضر جهله في ذلك المعنى وشبهه وقد ينفع ويضر في بعض المعاني لأن العربية والنسب عنصرا أعلم الأدب حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي بمصر قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن عبد العزبز العمري قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا سعيد ابن داود بن أبي زبير عن مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن طاوس عن عبد الله ابن عمر قال العلم ثلاثة أشياء كتاب ناطق وسنة ماضية ولا أدري رواه أبو حذافة عن مالك عن نافع عن ابن نافع عن ابن عمر قال العلم ثلاثة فذكره حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثا أحمد بن خالد قال حدثا علي ابن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن عمار القرظي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الأمور ثلاثة أمر تبين لك رشده فاتبعه وأمر تبين لك زيغه فاجتنبه وأمر اختلفت فيه فكله إلى عالمه حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا أحمد بن دحيم قال حدثنا محمد بن إبراهيم الدؤلي قال حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال حدثنا الحسني عن كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الوراث بن سفيان قال حدثنا قاسم الأصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا ليث بن سعد عن أبي هانئ الخولاني عن رجل عن أبي نظرة الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سألت ربي الا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها وفي كتاب عمر بن عبد العزبز إلي عروة كتبت إلي تسألني عن القضاء بين الناس وأن راس القضاء اتباع ما في كتاب الله ثم القضاء بسنة رسول الله ثم بحكم أتمة الهدي ثم استشارة ذوي العلم والرأي وذكر ابن عمر عن سفيان ابن عيينة قال كان ابن شبرمة يقول ما في القضاء شفاعة لمخاصم عند اللبيب ولا الفقيه العالم
24

هون علي إذا قضيت بسنة أو بالكتاب برغم أنف راغم وقضيت فيما لم أجد أثرا به بنظائر معروفة ومعالم حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا يحيى بن مالك قال حدثنا محمد
بن سليمان بن أبي الشريق قال حدثنا أبو الحسين بن المنتاب القاضي المالكي قال حدثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي قال حدثنا أبو ثابت عن ابن وهب قال قال مالك الحكم حكمان حكم جاء به كتاب الله وحكم أحكمته السنة قال ومجتهد رأيه فلعله يوفق قال ومتكلف فطعن عليه أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن دليم ووهب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن يحيى عن ابن وهب قال قال لي مالك الحكم الذي يحكم به بين الناس حكمان ما في كتاب الله أو أحكمته السنة فذلك الحكم الواجب لك الصواب والحكم الذي يجتهد فيه العالم برأيه فلعله يوفق وثالث متكلف فما أحراه الا يوفق وقال مالك الحكمة والعلم نور يهدي به الله من يشاء وليس بكثرة المسائل وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب سمعت مالكا يقول ليس الفقه بكثرة المسائل ولكن الفقه يؤتيه الله من يشاء من خلقه قال ابن وضاح وسئل سحنون أيسع العالم أن يقول لا أدري فيما يدري فقال أما ما في كتاب قائم أو سنة ثابتة فلا يسعه ذلك وأما ما كان من هذا الرأي فإنه يسعه ذلك لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ وذكر ابن وهب في كتاب العلم من جامعه قال سمعت مالكا يقول أن العلم ليس بكثرة الرواية ولكنه نور جعله الله في القلوب وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب وقال مالك العلم والحكمة نور يهدي به الله من يشاء وليس بكثرة السؤال أخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن أحمد بن منير قال حدثنا أبو بكر بن جناد قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا قرة عن عون بن عبد الله قال قال عبد الله بن مسعود ليس العلم عن كثرة الحديث إنما العلم خشية الله وذكر ابن وهب عن ابن مهدي عن قرة بن خالد عن عون بن عبد الله قال قال ابن مسعود ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم خشية الله حدثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى وعبد العزيز بن عبد الرحمن قالوا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان بالقيروان وإن قال حدثنا
25

محمد بن علي بن مروان البغدادي بالإسكندرية قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الرحمن ابن زياد قال حدثنا الحسن بن عمر الفقيمي عن أبي فزارة قال قال ابن عباس إنما هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن قال بعد ذلك شيئا برأيه فما أدري أفي حسناته يجده أم في سيئاته وحدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن يحيى بن عبد العزبز قال حدثنا أسلم بن عبد العزبز قال حدثنا المزني والربيع بن سليمان قالا قال الشافعي ليس لأحد أن يقول في شيء حلالة ولا حرام إلا من جهة العلم وجهة العمل ما نص في الكتاب أو في السنة أو في الاجماع أو القياس على هذه الأصول ما في معناها قال قال ابن عمر أما الاجماع فمأخوذ من قول الله ومن يتبع غير سبيل المؤمنين لأن الاختلاف لا يصح معه هذا الظاهر وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجتمع أمتي على ضلالة وعندي أن أجماع الصحابة لا يجوز خلافهم والله أعلم لأنه لا يجوز على جميعهم جهل التأويل وفي قول الله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس دليل على أن جماعتهم إذا اجتمعوا حجة على من خالفهم كما أن الرسول حجة علي جميعهم ودلائل الاجماع من الكتاب والسنة كثير ليس كتابنا هذا موضعا لتقصيها وبالله التوفيق وقال محمد بن الحسن العلم على أربعة أوجه ما كان في كتاب الله الناطق وما أشبه وما كان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المأثورة عليها وما أشبهها وما كان فيما أجمع عليه الصحابة رحمهم الله وما أشبه وكذلك ما اختلفوا فيه لا يخرج عن جميعه فإن أوقع الاختيار فيه على قول فهو علم تقيس عليه ما أشبه وما استحسن عامة فقهاء المسلمين وما أشبه وكان نظيرا له قال ولا يخرج العلم عن هذه الوجوه الأربعة قال أبو عمر قول محمد بن الحسن وما أشبه يعني ما أشبه الكتاب وكذلك قوله في السنة واجماع الصحابة يعني ما أشبه ذلك كله فهو القياس المختلف فيه الأحكام وكذلك قول الشافعي أو كان في معنى الكتاب والسنة هو نحو قول محمد بن الحسن ومراده من ذلك القياس عليها وليس هذا الموضع القول في القياس وسنفرد لذلك بابا كافيا في كتابنا هذا إن شاء الله وانكار العلماء للاستحسان أكثر من انكارهم للقياس وليس هذا موضع بيان ذلك حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة والقعنبي قالا حدثنا عبد الغزبز بن محمد
26

عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال ظننت يا أبا هريرة أنه لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث أن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه وذكره البخاري قال حدثنا عبد العزبز بن عبد الله قال حدثا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو بإسناده مثله أخبرنا سعيد قال أخبرنا قاسم قال أخبرنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا عاصم ليث بن سعد عن يزيد ابن حبيب عن سالم بن أبي سالم عن معاوية الهذلي عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا رد إليك ربك في الشفاعة فقال والذي نفس محمد بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك لما رأيت من حرصك على العلم وذكر الحديث قال أبو عمر في الخبر الأول لما رأيت من حرصك على الحديث وفي هذا لما رأيت من حرصك على العلم فمسي الحديث علما على الاطلاق ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها غيره فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه فسمى الحديث فقها مطلقا وعلما وقد ذكرنا أسانيد هذا الخبر فيما تقدم من كتابنا هذا وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاصي إذ أذن له أن يكتب حديثه قيد العلم فقال له يا رسول الله وما تقييده قال الكتاب فأطلق على حديثه اسم العلم لمن تدبره وفهمه حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا ناصر بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الأعلى عن الجرير عن أبي سليم عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي المنذر أبا آية معك في كتاب الله أعظم مرتين قال قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال فضرب في في صدري وقال ليهنك بالعلم أبا المنذر وذكر تمام الحديث أخبرنا خلف ابن أحمد بن سعيد بن حزم وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن علي قال حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان قال حدثنا يوسف بن سعيد قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريح قال أخبرني بن أبي عاصم أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال بينما أنا وأبو هريرة عند ابن عباس جاءته امرأة فقالت توفى عنها
27

زوجها وهي حامل فذكرت أنها وضعت لأدنى من أربعة أشهر من يوم فات عنها زوجها فقال ابن عباس أنت لآخر الأجلين قال أبو سلمة فقلت أن عندي من هذا علما وذكر حديث سبيعة الأسلمية وروي مالك عن محمد بن شهاب عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب حين
خرج إلى الشام فأخبر أن الوبا قد وقع فيها واختلف عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الرحمن بن عوف فقال إن عندي من هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به بأرض وذكر الحديث أخبرنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن سهل الأسناني قال حدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن المبارك عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح في قول الله عز وجل فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول قال إلى الله إلى كتاب الله وإلى الرسول قال ما دام حيا فإذا قبض قال سنته حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وخلف بن أحمد و يحيى بن عبد الرحمن قالوا أخبرنا أحمد بن سعيد قال حدثنا ابن الزراد وأحمد بن خالد قالا حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يعقوب بن كعيب وقاسم بن عيسى قالا حدثنا عبد الواحد ابن سليمان قال سمعت ابن عون يقول ثلاث أحبهن لي ولأخواني هذا القرآن يتدبره الرجل ويتفكر فيه فيوشك أن يقع علي علم لم يكن يعلمه وهذه السنة يتطلبها ويسال عنها ويذر الناس إلا من خير قال أحمد بن خالد هذا هو الحق الذي لا شك فيه قال وكان ابن وضاح يعجبه هذا الخبر ويقول جيد جيد وذكر أبو بكر محمد بن الحسن النقاش قال حدثنا عبد الله بن محمود قال سمعت يحيى بن أكثم يقول ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء وعلى المتعلمين وعلى كافة المسلمين من علم ناسخ القرآن ومنسوخه لأن الأخذ بناسخه واجب فرضا والعمل به واجب لازم ديانة والمنسوخ لا يعمل به ولا ينتهى إليه فالواجب على كل عالم علم ذلك لئلا يوجب على نفسه وعلى عباد الله أمرا لم يوجبه الله أو يضع عنهم فرضا أوجبه الله قرأت على سعيد بن نصر ان قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثني موسى بن معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا ابن المبارك عن عبد الملك بن أبي سليمان
28

عن عطاء في قوله عز وجل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول قال طاعة الله ورسوله اتباع الكتاب والسنة وأولي الأمر منكم قال أولي العلم والفقه قال وحدثنا ابن مهدي عن الحسن بن جعفر عن ليث عن مجاهد قال أولى الفقه قال ابن مهدي وأخبرنا الحسن ابن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال أولي الخير أخبرنا أحمد ابن فتح قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح الفقيه الشافعي المعروف بابن المفسر في داره بمصر قال حدثنا أبو الحسن محمد بن يزيد عن عبد الصمد قال حدثنا موسى بن أيوب النصيبي قال حدثنا بقية بن الوليد قال قال لي الأوزاعي يا بقية العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وما لم يجيء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم يا بقية لا تذكر أحدا من أصحاب محمد نبيك صلى الله عليه وسلم إلا بخير ولا أحدا من أمتك وإذا سمعت أحدا يقع في غيره فاعلم أنه إنما يقول أنا خير منه أخبرنا عبدا لوارث قال حدثني قاسم قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا المسيب بن واضح قال حدثنا بقية قال سمعت الأوزاعي يقول العلم ما جاء عن أصحاب محمد وما لم يجيء عن واحد منهم فليس بعلم حدثني خلف ابن القاسم قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح المعروف بابن المفسر الدمشقي بمصر قال حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله عز وجل ويرى الذين أوتواالعلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا دحيم قال حدثنا عمر بن عبد الواحد قال سمعت الأوزاعي عن ابن المسيب أنه سئل عن شيء فقال اختلفت فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أرى لي معهم قولا قال ابن وضاح هذا هو الحق قال أبو عمر معناه ليس له أن يأتي بقول يخالفهم به وحدثني خلف بن القاسم قال حدثنا أبو أحمد المفسر قال حدثنا أحمد بن علي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي وهارون بن إسحاق قالا حدثنا المحاربي عن ليث عن مجاهد قال العلماء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن شعبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن
29

يونس حدثنا منصور حدثنا شجاع بن الوليد حدثنا خصيف عن سعيد بن جبير قال مالم يعرف البدريون فليس من الدين حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد ابن الحسين أبو بكر البغدادي بمكة قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال حدثنا زيد بن أخزم قال حدثنا أبو قتيبة قال حدثنا إسرائيل عن سماك ابن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله عز وجل كنتم خير أمة أخرجت للناس هم الدين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم وذكر أبو يوسف بعقوب بن شيبة قال حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون قال حدثني يعقوب بن إبراهيم ابن سعد قال قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن عبد الله بن الزبير قال أنا والله لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج أن أتموا الحج وخلصوه في أشهر الحج فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فإن الله قد وسع في الخير فقال له على عمدت إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخصة رخص للعباد بها في كتابه تضيق عليهم فيها وتنهي عنها وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار ثم أهل بعمرة وحجة معا فأقبل عثمان على الناس فقال وهل نهيت عنها أني لم أنه عنها إنما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه قال فما انسى قول رجل من أهل الشام مع مع حبيب بن مسلمة انظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين والله لو أمرني لضربت عنقه قال فرفع حبيب يده فضرب بها في صدره وقال اسكت فض الله فاك فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما يختلفون فيه أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا عبيد بن محمد قال حدثنا محمد بن يوسف وإبراهيم بن عباد قالا حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال سئل عطاء عن المستحاضة فقال تصلي وتصوم وتقرأ القرآن وتستثفر بثوب ثم تطوف فقال له سليمان بن موسى أيحل لزوجها أن يصيبها قال نعم قال سليمان أرأي أم علم قال بل سمعنا أنها إذا صامت وصلت حل لزوجها أن يصيبها وذكر عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج قال سألت عطاء عن رجل غريب قدم في غير أشهر الحج معتمرا
30

ثم بدا له أن يحج في أشهر الحج أيكون متمتعا قال يكون متمتعا حتى يأتي من ميقاته في أشهر الحج قلت أرأي أم علم قال بل علم وذكر سنيد عن محمد بن كثير عن ابن شوذب عن أيوب عن ابن سيرين أنه سئل عن المتعة بالعمرة إلى الحج قال كرهها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فإن يكن علما فهما أعلم مني وإن يكن رأيا فرأيهما
أفضل حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال سمعت الأعمش يقول سمعت أبا وائل شقيق بن سلمة يقول لما كان يوم صفين وحكم الحكمان سمعت سهل ابن حنيف يقول يا أيها الناس اتهموا رأيكم فلقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أبي جندل ولو نستطيع أن نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددناه وذكر الحديث أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الباقي بن قانع أبو الحسين القاضي ببغداد قال حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال حدثنا طلق بن غنام قال أبطأ حفص بن غياث في قضية فقلت له فقال إنما هو رأيي ليس فيه كتاب ولا سنة وإنما أحز في لحمي فما عجلني أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثني أحمد بن محمد بن هانئ أبو بكر الأثرم قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل وقد عاوده السائل في عشرة دنانير ومائة درهم فقال أبو عبد الله برأي استعفي منها وأخبرك أن فيها اختلافا وإن من الناس من قال يزكي كل نوع على حدة ومنهم من يرى أن يجمع بينهما وتلح على تقول فما تقول أنت فيها وما عسى أن أقول فيها أنا أستعفي منها كل قد اجتهد فقال له رجل ولا بد أن نعرف مذهبك في هذه المسئلة لحاجتنا إليها فغضب وقال أي شيء بدا إذا هاب الرجل شيئا أيحمل على أن يقول فيه ثم قال وإن قلت فإنما هو رأي وإنما العلم ما جاء من فوق ولعلنا أن نقول القول ثم نرى بعده غيره ثم ذكر أبو عبد الله حديث عمر بن دينار عن جابر بن زيد أنه قيل له يكتبون رأيك قال تكتبون ما عسى أن أرجح عنه غدا قال أبو بكر الأثرم ولم يزل به السائل حتى جعل يجنح لقول من لا يرى الجمع بينهما وكأني رأيت مذهبه أن يزكي كل نوع مهما على حدته وذكر إسماعيل
31

القاضي قال قال محمد بن مسلمة إنما على الحاكم الاجتهاد فيما يجوز فيه الرأي وليس أحد في رأى على حقيقة أنه الحق وإنما حقيقته الاجتهاد أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاضي المالكي قال حدثنا موسى ابن إسحاق قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا معن بن عيسى قال سمعت مالك ابن أنس يقول إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأي فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه وذكر أحمد بن مروان المالكي عن أبي جعفر بن رشد عن إبراهيم بن المنذر عن معن عن مالك مثله أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا عبد الملك بن بحر قال حدثنا محمد بن إسماعيل الصايغ قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا مطرف قال سمعت مالكا يقول قال لي ابن هرمز لا تمسك على شيء مما سمعت مني من هذا الرأي فإنما أفتجرته أنا وربيعة فلا تتمسك أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر والثوري عن ابن أبجر قال قال لي الشعبي ما حدثوك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ به وما قالوا فيه برأيهم فبل عليه رواه مالك بن مغول عن الشعبي مثله سواء حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا محمد بن الصابح الدولابي قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عصام الأحول قال كان ابن سيرين إذا سئل عن شيء قال ليس عندي فيه إلا رأي أتهمه فيقال له قل فيه على ذلك برأيك فيقول لو أعمل أن رأيي يثبت لقلت فيه ولكني أخاف أن أرى اليوم رأيا وأرى غدا غيره فاحتاج أن اتبع الناس في دروهم وذكر وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن سالم بن عبد الله بن عمر أن رجلا سأله عن شيء فقال له سالم لم أسمع في هذا بشيء فقال له الرجل إني أرضى برأيك فقال له سالم لعلي أخبرك برأي ثم تذهب فأرى بعدك رأيا آخر غيره فلا أجدك قال ابن وهب وأخبرني عمرو بن الحارث أن عمرو بن دينار أخبره أنا طاوسا أخبره عن عبد الله بن عمرو أنه كان إذا سئل عن شيء لم يبلغه فيه شيء قال إن شئتم أخبرتكم بالظن وقد تقدم ذكر قول أبي السمح رحمه الله أنه سيأتي
32

على الناس زمان يسمن الرجل راحلته ثم يسير عليها حتى تهزل يلتمس من يفتيه بسنة فلا يجد من يفتيه بالظن وروى عن مالك رحمه الله أنه كان يقول إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين وذكر خالد بن الحارث عن عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة ومفتيها أنه قال في نفقة الولد البالغ المدرك أنه لا تلزم الوالد قيل له أفيعطهيم الوالد من زكاة ماله قال إنما قولي لا تلزمه نفقتهم رأى ولا أدري لعله خطأ وأكره أن يغرر بزكاته فيعطيها ولده الكبار وهو يجد موضعا لا شك فيه وأخبرنا أحمد بن سعيد قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا إبراهيم بن محمد ابن يوسف الفريابي قال حدثنا ضمرة بن ربيعة عن عثمان عن عطاء عن أبيه قال سئل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فقال إني لأستحي من ربي أن أقول في أمتي محمد برأي وقال عطاء وأضعف العلم أيضا علم النظر أن يقول الرجل رأيت فلانا يفعل كذا ولعله قد فعله ساهيا ومن فصل لابن المقفع في اليتيمة قال ولعمري أن لقولهم ليس الدين خصومة أصلا يثبت وصدقوا ماالدين بخصومة ولو كان خصومة لكان موكولا إلى الناس يثبتونهم بآرائهم وظنهم وكل موكول إلى الناس رهينة ضياع وما ينقم على أهل البدع إلا أنهم ااتخذوا الدين رأي وليس الرأي ثقة ولا حتما ولم يتجاوز الرأي منزلة الشك والظن إلا قريبا ولم يبلغ أن يكون يقينا ولا ثبتا ولستم سامعين أحدا يقول لأمر قد استيقنه وعلمه أرى أنه كذا وكذا فلا أجد أحدا استخفافا بدينه ممن اتخذ رأيه ورأي الرجال دينا مفروضا قال أبو عمر إلى هذا المعنى والله أعلم أشار مصعب الزبيري في قوله فاترك ما علمت لرأي غيري وليس الرأي كالعلم اليقين وهي أبيات كثيرة أنشدها مصعب ثم ذكر ابن أبي خيثمة أنها شعره وسنذكر الأبيات بتمامها في باب ما تكره المناظرة والجدال من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ولا أعلم بين متقدمي علماء هذه الأمة وسلفها خلافا أن الرأي ليس بعلم حقيقة وأفضل ما روي عنهم في الرأي أنهم قالوا نعم وزير العلم الرأي الحسن وأما أصول العلم فالكتاب والسنة فتنقسم السنة قسمين أحدهما اجماع تنقله الكافة عن الكافة فهذا من الحجج القاطعة للأعذار إذا لم يوجد هناك خلاف ومن
33

رد إجماعهم فقد رد نصا من نصوص الله يجب استتابته عليه وإراقة دمه إن لم يتب لخروجه عما أجمع عليه المسلمون وسلوكه غير سيل جميعهم والضرب الثاني من السنة خبر الآحاد الثقات الأثبات المتصل الإسناد فهذا يوجب العمل عند جماعة علماء الأمة الذين هم الحجة والقدوة ومنهم من يقول أنه يوجب العلم والعمل جميعا وللكلام في ذلك موضع غير هذا حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا جرير يعني ابن عبد الحميد عن
عاصم الأحول عن مورق العجلي قال قال عمر بن الخطاب تعلموا الفرائض والسنة كما تتعلموا القرآن حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا عبيد بن عمرو قال لي إسحاق بن راشد كان الزهري إذا ذكر أهل العراق ضعف علمهم فقلت له إن بالكوفة مولى لبني أسد يعني الأعمش يروي أربعة آلاف حديث قال أربعة آلاف حديث قلت نعم إن شئت حدثنك ببعض حديثه أو قال بعض علمه قال فجيء به فجئت به فملا قرأه قال والله إن هذا لعلم وما كنت أرى أن بالعراق أحدا يعلم هذا حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا أبي قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن محمد قال قال شريح إما اقتفى الأثر فما وجدت في الأثر حدثتكم به وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الحوطي حدثنا إسماعيل بن عياش عن سوادة ابن زياد وعمرو بن مهاجر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى النسا أنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الرحمن بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن علي بن مروان حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال سمعت عبدان بن عثمان يقول سمعت ابن المبارك يقول ليكن الأمر الذي يعتمدون عليه هذا الأثر وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث قال وحدثنا ابن أبي رزمة قال أخبرني أبي قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان قال إنما الدين بالآثار أنشدني عبد الرحمن بن يحيى قال أنشدنا أبو علي بن الخضر الأسيوطي بمكة قال أنشدنا أبو القاسم محمد بن جعفر
34

الأخباري قال أنشدنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى آثار لا ترغبن عن الحديث وآله فالرأي ليل والحديث نهار ولربما جهل الفتي أثر الهدى والشمس بازغة لها أنوار قال بشر بن السرى السقطي نظرت في العلم فإذا هو الحديث والرأي فوجدت في الحديث ذكر النبيين والمرسلين وذكر الموت وذكر ربوبية الرب وجلاله وعظمته وذكر الجنة والنار وذكر الحلال والحارم والحث على صلة الأرحام وجمام الخير ونظرت في الرأي فإذا فيه المكر والخديعة والتشاح واستقصاء الحق والمماكسة في الدين واستعمال الحيل والبعث على قطع الأرحام والتجري على الحرام أخبرني عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبيد الله بن عمر قال حدثنا أزهر عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال كانوا يرون أنهم على الطريق ما داموا على الأثر وقد زدنا هذا المعنى بيانا في باب الرأي وقلت أنا مقالة ذي نصح وذات فوائد إذا من ذوي الألباب كان استماعها عليكم بآثار النبي فإنها من أفضل أعمال الرشاد اتباعها أخبرني عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو بشر الدولابي قال حدثنا إسحاق بن سيار قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا سلام أبو الهيثم قال سمعت أبا بكر الهذلي يقول قال لي الزهري يا هذلي يعجبك الحديث قلت نعم قال أما أنه يعجب ذكور الرجال ويكرهه مؤنثوهم وذكر أبو جعفر الطبري في التاريخ الكبير أنه بلغه عن المبارك الطبري أنه سمع أبا عبيد الله الوزير يقول سمعت أبا جعفر المنصور يقول للمهدي يا أبا عبد الله لا تجلس وقتا إلا ومعك من أهل العلم من يحدثك فإن محمد بن شهاب الزهري قال الحديث ذكر ولا يحبه إلا ذكور الرجال وصدق أخو زهرة وروى حماد بن زيد عن أيوب السختياني قال قلت لعثمان البتي دلني على باب من أبواب الفقه قال اسمع الاختلاف أخبرنا أبو ذر عبد ابن أحمد بن محمد الهروي فيما كتب إلى إجازة قال أخبرنا إبراهيم بن أحمد البلخي قال حدثنا أبو العباس محمود بن عنبر بن نعيم النسفي بنسف قال حدثنا أبو نصر فتح بن
35

عمرو الوراق قال حدثنا أبو أسامة قال سمعت سفيان الثوري يقول إنماالعلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنة كل أحد أخبرنا أبو عمر أحمد بن عبد الله ابن محمد بن علي قال أخبرني أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا محمد بن علي البجلي قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى عن سفيان بن عيينة عن معمر قال إنما العلم أن تسمع بالرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنة كل أحد أخبرني أبو القاسم خلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا ذو النون أحمد بن إبراهيم بن صالح قال حدثنا عبد الباري بن إسحاق بن أخي ذي النون عن عمه أبي الفيض ذي النون بن إبراهيم أنه سمعه يقول من أعلام البصر بالدين معرفة الأصول لتسلم من البدع والخطأ والأخذ بالأوثق من الفروع احتياطا لتأمن وأخبرني أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد عن أبي القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد قال إن من حق البحث والنظر والاضطراب عن الكلام في فروع لم تحكم أصولها والتماس ثمرة لم تغرس شجرتها وطلب نتيجة لم تعرف مقدماتها قال أبو عمر ولقد أحسن القائل وكل علم غامض رفيع فإنه بالموضع المنيع لا يرتقي إليه إلا عن درج من دونها بحر طموح ولجج ولا ينال ذروة الغايات إلا عليم بالمقدمات وقال صالح بن عبد القدوس لن تبلغ الفرع الذي رمته إلا ببحث منك عن أسه وقال الأصمعي سمعت اعرابيا يقول إذا ثبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع والله يعلم أن قلبي لك شاكر ولساني لك ذاكر وهيهات أن يظهر الود المستقيم من القلب السقيم
باب العبارة عن حدود علم الديانات وسائر العلوم المنتحلات
عند جميع أهلا المقالات حد العلم عند العلماء المتكلمين في هذا المعنى هو ما استيقنته وتبينته وكل من استقن شيئا وتبينه فقد علمه وعلى هذا من لم يستيقن الشيء وقال به تقليدا أفلم يعلمه
36

والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع لأن الاتباع هو ان تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ولا وجه القول ولا معناه وتأبى من سواه أو أن يتبين لك خطأوه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه والعلم عند غير أهل اللسان العربي ذكروا يجوز أن يترجم باللسان العربي ويترجم معرفة ويترجم فهما والعلوم تنقسم قسمين ضروري ومكتسب فحد الضروري مالا يمكن العالم أن يشكك فيه نفسه ولا يدخل فيه على نفسه شبهه ويقع له العلم بذلك قبل الفكرة والنظر ويدرك ذلك من جهة الحس والعقل كالعلم بإستحالة كون الشيء متحركا ساكنا أو قائما قاعدا أو مريضا صحيحا في حال واحدة ومن الضروري أيضا وجه آخر يحصل بسبب من جهة الحواس الخمس كذوق الشيء يعلم به المرارة والحلاوة ضرورة إذا سلمت الجارحة من آفة وكرؤية الشيء يعلم بها الألوان والأجسام وكذلك السمع يدرك به الأصوات ومن الضروري أيضا علم الناس أن في الدنيا مكة والهند ومصر والصين
وبلدانا عرفوها وأمما قد خلت وأما العلم المكتسب فهو ما كان طريقه الاستدلال والنظر ومنه الخفي والجلي فما قرب من العلوم الضرورية كان أجلى وما بعد منها كان أخفى والمعلومات على ضربين شاهد وغائب فالشاهد ما علم ضرورة والغائب ما علم بدلالة من الشاهد والعلوم عند جميع أهل الديانات ثلاثة علم أعلى وعلم أسفل وعلم أوسط فالعلم الأعلى عندهم علم الدين الذي لا يجوز لأحد الكلام فيه بغير ما أوله الله في كتبه وعلى ألسنة أنبيائه صلوات الله عليهم نصا والعلم الأوسط هو معرفة علوم الدنيا التي يكون معرفة الشيء منها بمعرفة نظيره ويستدل عليه بجنسه ونوعه كعلم الطب والهندسة والعلم الأسفل هو أحكام الصناعات وضروب الأعمال مثل السباحة والفروسة والزي والخط وما أشبه ذلك من الأعمال التي هي أكثر من أن يجمعها كتاب أو يأتي عليها وصف وإنما تحصل بتدريب الجوارح فيها وهذا التقسيم في العلوم كذلك هو عند أهل الفلسفة إلا أن العلم الأعلى عندهم هو علم القياس في العلوم العلوية التي ترتفع عن الطبيعة والفلك مثل الكلام في حدوث العالم وزمانه والتشبيه ونفيه وأمور لا يدرك شيء منها بالمشاهدة ولا بالحواس قد أغنت عن الكلام فيها كتب الله
37

الناطقة بالحق المنزلة بالصدق وما صح عن الأنبياء صلوات الله عليهم ثم العلم الأوسط والأسفل عندهم على ما ذكرنا عن أهل الأديان إلا أن العلم الأوسط ينقسم عندهم على أربعة أقسام هي كانت عندهم رؤس العلوم وهي علم الحساب والتنجيم والطب وعلم الموسيقى ومعناه تأليف اللحون وتعديل الأصوات ووزن الأنقار وأحكام صنوف الملاهي فأما علم الموسيقى واللهو فمطرح ومنبوذ عند جميع أهل الأديان على شارئط العلم والإيمان وأما علم الحساب فالصحيح عندهم منه معرفة العدد والضرب والقسمة والتسمية واخراج الجذور ومعرفة جمل الأعداد ومعنى الخط والدائرة والنقطة واخراج الأشكال بعضها من بعض وما شاكل ذلك والحساب علم لا يكاد يستغنى عنه ذو علم من العلوم وأما التنجيم فثمرته وفائدته عند جميع أهل الأديان جرية الفلك ومسير الداري ومطالع البروج ومعرفة ساعة الليل والنهار وقوس الليل من قوس النهار في كل بلد وفي كل يوم وبد كل بلد من خط الاستواء ومن المجر الشمالي والأفق الشرقي والغربي ومولد الهلال وظهوره واطلاع الكواكب للأنواء وغيرها ومشيها واستقامتها وأخذها في الطول والعرض وكسوف الشمس والقمر ووقته ومقداره في كل بلد ومعنى سنى الشمس والقمر سنى الكواكب ومن أهل العلم من ينكر شيئا مما وصفنا أنه لا يعلم أحد بالنجامة شيئا من الغيب ولا علمه أحد قط علما صحيحا إلا أن يكون نبيا خصه الله بما لا يجوز إدراكه قالوا ولا يدعى معرفة الغيب بها اليوم على القطع إلا كل جاهل منقوص مغتر متخرص إذ في أقدارهم أنه لا يمكن تحديثها إلا في أكثر من عمر الدنيا ما يكذبهم في كل ما يدعون معرفته بها والمتخرصون بالنجامة كالمتخرصين بالعيافة والزجر وخطوط الكف والنظر في الكتف وفي مواضع قرض الفاروافي الخيلان والعلاج بالفكر وملك الجن وما شاكل ذلك مما لا قبله العقول ولا يقوم عليه برهان ولا يصح من ذلك كله بشيء لأن ما يدركون منه يخطؤون في مثله مع فساد أصله وفي أداركهم الشيء وذهاب مثله أضعافا ما يدلك على فاسد ما زعموه ولا صحيح على الحقيقة إلا ما جاء في أخبار الأنبياء صلوات الله عليهم حدثنا أحمد بن عبد الله ابن محمد بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال قال عمر تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم أمسكوا
38

قال أبو بكر وحدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال لا بأس أن تتعلم من النجوم ما تهتدي به و حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم حدثنا بكر حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد وقال مسدد ما زاد زاد وروى طاوس عن ابن عباس في قوم ينظرون في النجوم أولئك لا خلاف لهم ذكره ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن يحيى بن أيوب عن عبد الله ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا شاذ بن فياض قال حدثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن العباس بن عبد المطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد طهر الله هذ الجزيرة من الشرك أن لم تضلهم النجوم وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النيسابوري قال حدثنا الحسين بن أبي زيد قال حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال حدثنا أبو سعد البقال عن أبي محجن قال أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أخاف على أمتي بعدي ثلاثا حيف الأئمة وإيمان بالنجوم وتكذيب بالقدر وأما الطب فلفهم طبائع نبات الأرض وشجرها ومياهها ومعادنها وجواهرها وطعومها وروائحها ومعرفة العناصر والأركان وخواص الحيوان وطبائع الأبدان والغرائز و الأعضاء والآفات العارضة وطبائع الأزمان والبلدان ومنافع الحركة والسكون وضروب المداواة والرفق والسياسة فهذا هو العلم الثاني الأوسط وهو علم الأبدان والعلم والأول الأعلى علم الأديان والعلم الثالث الأسفل ما دربت على عمله الجوارح كما قدمنا ذكره واتفق أهل الأديان ان العلم الأعلى هو على الدين وأتفق أهل الإسلام أن الدين تكون معرفته على ثلاثة أقسام أولها معرفة خاصة الإيمان والإسلام وذلك معرفة التوحيد والاخلاص ولا يوصل إلى علم ذلك إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو المؤدي عن الله والمبين لمراده وبما في القرآن من الأمر بالاعتبار في خلق الله بالدلائل من آثار صنعته في بريته على توحيده
39

وأزليته سبحانه والاقرار والتصديق بكل ما في القرآن وبملائكة الله وكتبه ورسله والقسم الثاني معرفة مخرج خبر الدين وشرائعه وذلك معرفة النبي صلى الله عليه وسلم الذي شرع الله الدين على لسانه ويده ومعرفة أصحاب الدين أدوا ذلك عنه ومعرفة الرجال الذين حملوا ذلك وطبقاتهم إلى زمانك ومعرفة الخبر الذي يقطع العذر لتواتره وظهوره وقد وضع العلماء في كتب الأصول من تلخيص وجوه الاخبار ومخارجها ما يكفي الناظر فيه ويشفيه وليس هذا موضع ذكر ذلك لخروجنا به عن تأليفنا وعن ماله قصدنا والقسم الثالث معرفة السنن واجبها وأدبها وعلم الأحكام وفي ذلك يدخل خبر الخاصة العدول ومعرفته ومعرفة الفريضة من النافلة ومخارج الحقوق والتداعي ومعرفة الاجماع من الشذوذ قالوا ولا يوصل إلا الفقه إلا بمعرفة ذلك وبالله التوفيق قال أبو إسحاق الحوفي العلوم ثلاثة علم دنياوي وعلم دنياوي وأخروي وعلم لا للدنيا ولا للآخرة فالعلم الذي للدنيا علم الطب والنجوم وما أشبه ذلك والعلم الذي للدنيا والآخرة علم القرآن والسنن والفقه فيهما والعلم الذي ليس للدنيا ولا للآخرة علم الشعر
والشغل به
باب مختصر في مطالعة كتب أهل الكتاب والرواية عنهم
حدثنا عبد الوراث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا ابن نمير عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج أخبرنا أحمد بن عبد الله بن حكم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن حريث بن ظهير قال قال عبد الله بن مسعود لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أن تكذبوا الحق أوتصدقوا بباطل قرأت علي محمد بن إبراهيم أن أحمد بن مطرف حدثهم قال حدثنا سعيد ابن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى بن جعدة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب في كتف فقال
40

كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله عز وجل أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم الآية ورواه الفريابي وابن وهب والحميدي وأبو الطاهر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء وحدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا المطلب بن شعيب قال حدثنا عبد الله ابن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني ابن أبي نملة أن أب أنملة الأنصاري أخبره أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من اليهود فقال يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أعلم فقال اليهودي أنا أشهد أنها تتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم وإن كان باطلا لم تصدقوهم وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا عثمان بن عمر حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن ابن أبي نملة أن أباه أخبره أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ورواه عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني ابن أبي نملة الأنصاري أن أبا نملة أخبره بينما هو جالس فذكر مثل حديث عقيل سواء إلى آخره إلا أنه قال فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه قال وأخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ان ابن عباس قال كيف تسألونهم عن شيء وكتاب الله بين أظهركم قال وأخبرني الثوري عن سعيد بن إبراهيم عن عطاء ابن يسار قال كانت يهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيسبحون كأنهم يتعجبون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسملون وذكره ابن أبي شيبة عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن سعد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار مثله
41

قال عبد الرزاق وأخبرنا الثوري عن الأعمش عن عمارة عن حريث بن ظهير قال قال عبد الله لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم فتكذبون بحق وتصدقون بباطل قال وزاد معن عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله في هذا الحديث أنه قال إن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه قال وأخبرنا الثوري عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي في الأمم وأنا حظكم من النبيين وأخبرنا خلف بن قاسم قال حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان قال حدثنا الحسين بن محمد ابن الضحاك قال حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال حدثنا إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال كيف تسئلون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم بين أظهركم أحدث الكتب عهدا بربه غضا لم يشب ألم يخبركم الله في كتابه أنهم قد غيروا كتاب الله وبدلوه وكتبوا الكتاب بأيديهم فقالوا هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم العلم الذي جاءكم عن مسئلتهم والله ما رأينا رجلا منهم قط يسئلكم عما أنزل الله إليكم وذكر البخاري عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن عيد الله بن عباس مثله وحدثنا أحمد بن عبد الله حدثني أبي قال حدثنا عبد الله قال حدثنا بقي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا هشيم عن مخالد عن الشعبي عن جابر أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بكتاب أصابه من بعض الكتب فقال يا رسول الله إني أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب قال فغضب وقال امتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتم بها بيضاء نقية لا تسئلوهم عن شيء فيحدثونكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني قال أبو بكر وحدثنا حاتم بن ورادان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال تسئلون أهل الكتاب عن كتبهم وعندكم كتاب الله أقرب الكتب عهد بالله تقرؤنه غضا لم يشب وقال
42

عمر بن الخطاب لكعب ابن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها آناء الليل والنهار
باب من يستحق أن يسمى فقيها أو عالما حقيقة لا مجازا
ومن يجوز له الفتيا عند العلماء عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان حدثنا يعقوب ابن سفيان قال حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وكان منقطع القرين وعبد الرحمن بن المبارك العايشي قالا حدثنا الصعق بن حزن عن عقيل الجعدي عن أبي إسحاق الهمداني عن سويد بن غفلة عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله قال أتدري أي الناس أفضل قلت الله ورسوله أعلم قال فإن أفضل الناس أفضلهم عملا إذا فقهوا في دينهم قال يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله قال أتدري أي الناس أعلم قلت الله ورسوله أعلم قال أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العمل وإن كان يزحف على أسته وأخبرنا عبد الله حدثنا الحسن حدثنا يعقوب حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد حدثنا بكير بن معروف عن مقاتل ابن حيان عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده عبد الله بن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله فذكر مثله أو نحوه قال أبو يوسف وهذه صفة الفقهاء حدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن الفضل بن
النعمان قال حدثنا الصعق بن حزن الشعبي عن عقيل الجعدي عن أبي إسحاق الهمداني عن سويد بن غفلة عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله ثلاث مرات قال أتدري أي عرى الإيمان أوثق قال قلت الله ورسوله أعلم قال الولاية في الله الحب فيه والبغض فيه ثم قال يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله ثلاث مرات قال أتدري أي الناس أفضل قال قلت الله ورسوله أعلم قال إن أفضل الناس أفضلهم عملا إذا فقهوا في دينهم ثم قال
43

يا عبد الله بن مسعود قلت لبيك يا رسول الله ثلاث مرار قال أتدري أي الناس أعلم قال قلت الله ورسوله أعلم قال أعلم الناس ابصرهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العمل وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا الصعق بن حزن البكري قال حدثنا عقيل الجعدي فذكر بإسناده مثله سواء إلا أنه قال في موضع أفضلهم عملا أفضلهم علما وقال في آخره وإن كان مقصرا في العمل وإن كان يزحف على استه حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحم بن زهير قال حدثنا الحوطي يعني عبد الوهاب بن نجدة قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا الحجاج بن مهاجر الخولاني عن أبي مرحوم المليكي قال سمعت أم الدرداء تقول أفضل العلم المعرفة ومن هنا أخذ الشاعر قوله والله أعلم خيرنا أفضلنا معرفة و إذا ما عرف الله عبد حدثنا عبد الوراث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الوليد بن شجاع قال قال حدثني مبشر بن إسماعيل قال حدثنا عبد الرحمن بن عمر والأوزاعي عن حسان بن عطية قال ما أزداد عبد بالله علما إلا ازداد الناس منه قربا وكان الحسن البصري كثيرا ما يتمثل بهذا البيت يسر الفتى ما كان قدم من تقى إذا عرف الداء الذي هو قاتله وذكر سنيد بن حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله عز وجل وما خلقت الجن والإنس إلا يعبدون قال ألا ليعرفون وقال ابن جريج ألا ليعلموا ما جبلتهم عليه من الشقوة والسعادة حدثنا عبد الرحمن بن يحيى ويحيى بن عبد الرحمن قالا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن زيان قال حدثنا الحارث بن مسكين قال حدثا ابن وهب قال أخبرني عقبة بن نافع عن إسحاق بن أسيد عن أبي مالك وأبي إسحاق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه قالوا بلى قال من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يومنهم من مكر الله ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه ولا علم ليس فيه تفهم لا قراءة ليس فيها تدبر
44

قال أبو عمر لا يأتي هذا الحديث مرفوعا إلا من هذا الوجه وأكثرهم يوقفونه على علي وقيل للقمان أي الناس أغنى قال من رضي بما أوتى قالوا فأيهم أعلم قال من ازداد من علم الناس إلى علمه وعن كعب أن موسى قال يا رب أي عبادك أعلم قال عالم غرثان العلم قال ابن وهب يريد الذي لا يشبع من العلم وعن عمر مولى غفرة ان موسى قال يا رب أي عبادك اعلم قال الذي يلتمس علم الناس إلى علمه وقال عبد الله بن مسعود كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا حدثنا خلف بن القاسم قال أخبرنا أبو محمد سعيد بن أحمد بن جعفر بن أحمد بن سعيد الفهري قال حدثنا عبد الله بن أبي مريم قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي قال حدثنا صدقة ابن عبد الله عن إبراهيم ابن أبي بكر عن أبان بن أبي عياش عن أبي قلابة عن شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يفقه العبد كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ولا يفقه العبد كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة قال أبو عمر صدقة ابن عبد الله هذا يعرف بالسمين هو ضعيف عندهم مجمع على ضعفه وهذا حديث لا يصح مرفوعا وإنما الصحيح فيه إنما هو من قول أبي الدرداء حدثنا محمد بن رشيق قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن زيان قال حدثنا سلمة بن شبيب قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال لن تفقهوا كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة ولن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك من الناس أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا ابن الأعرابي قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة قال أبو داود حدثنا محمد بن عبيد بن حماد بن زيد قال قلت لأيوب أرأيت قوله حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة فسكت يتفكر قلت هو أن يرى له وجوها فهاب الاقدام عليه قال هو هذا هو هذا حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب عن أيوب قال قال إياس بن معاوية أنه لتأتيني القضية أعرف لها وجهين فأيهما أخذت به عرفت أني قضيت بالحق حدثنا سعيد بن أسيد قال
45

حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا ابن وضاح قال حدثاه إبراهيم بن محمد الشافعي قال حدثنا أبو عصام رواد بن الجراح عن سعيد عن قتادة قال من لم يعرف الاختلاف لم يشم الفقه بأنفه حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وخلف بن أحمد قالا حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان حدثنا محمد بن علي بن مروان قال سمعت عبيد الله بن عمر يقول سمعت يزيد بن زريع يقول سمعت سعيد بن أبي عروبة يقول من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما حدثنا خلف بن القاسم وعبد الله بن محمد بن أسد قالا حدثنا محد بن عبد الله بن أشته الأصبهاني المقري قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الثقفي المقر المعروف بالكسائي أن أحمد بن النمار حدثهم قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا عبد الله بن الزبير قال حدثنا رواد بن الجراح العسقلاني قال سمعت سعيد بن بشير قال سمعت قتادة يقول من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه قال قال محمد بن عيسى وسمعت هشام بن عبيد الله الرازي يقول من لم يعرف اختلاف القراء فليس بقارئ ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقية وأخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا محمد بن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي قال حدثنا حمزة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء عن أيبه قال لا ينبغي لا حد أن يفتي الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس فإنه لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه وحدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول سمعت أبا أيوب السختياني يقول أجسر الناس على على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء قال وقال ابن عيينة العالم الذي يعطي حديث حقه وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا إبراهيم بن عثمان حدثنا حمدان بن عمرو حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت ابن عيينة يقول أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما
باختلاف العلماء أخبرنا عبد الرحمن ابن مروان وعبد الله بن محمد بن يوسف قالا حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن محمد الباهلي قال حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود ابن أخي رشدين قال حدثا
46

ابن وهب قال حدثنا سليمان بن القاسم عن الحارث بن يعقوب قال إن الفقيه كل الفقيه من فقه في القرآن وعرف مكيدة الشيطان وروي عيسى بن دينار عن ابن القاسم قال سئل مالك قيل له لمن تجوز الفتوى فقال لا تجوزالفتوى إلا لمن علم ما اختلف الناس فيه قيل له اختلاف أهل الرأي قال لاختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والناسخ والمنسوخ من القرآن ومن حديث الرسول عليه السلام وكذا يفتيى وقال عبد الملك بن حبيب سمعت ابن الماجشون يقول كانوا يقولون لا يكون إماما في الفقه من لم يكن إماما في القرآن والآثار ولا يكون إماما في الآثار من لم يكن إمام في الفقه قال وقال لي ابن الماجشون كانوا يقولون لا يكون فقيها في الحادث من لم يكن عالما بالماضي أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن علي قال حدثنا أبو القاسم مسملة ابن قاسم قال حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الهمداني قال سمعت محمد بن عبد العزيز يقول سمعت علي بن الحسين بن شقيق يقول سمعت عبد الله بن المبارك يسئل متى يسع الرجل أن يفتي قال إذا كان عالما بالأثر بصيرا بالرأي أخبرنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال كتب إلى أبو مصعب الزهري حدثنا يوسف بن الماجشون عن محمد بن المنكدر قال ما كنا ندعو الرواية إلا رواية الشعر وماكنا نقول هذا يروي أحاديث الحكمة الاعالم وقال عبد الرحمن بن مهدي لا يكون إماما في الحديث من تتبع شواذ الحديث أو حدث بكل ما يمسع أو حدث عن كل أحد وقال يحيى بن سلام لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول هذا أحب إلي حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا علي بن سعيد الرازي قال حدثنا محمد ابن المثنى قال حدثنا عيسى بن إبراهيم قال سمعت يزيد بن زريع يقول سمعت سعيد بن أبي عروبة يقول من لم يسمع الاختلاف فلا تعده عالما أخبرنا خلف بن القاسم قال حدثنا محمد بن شعبان القرظي قال حدثنا إبراهيم بن عثمان قال حدثنا عباس الدوري قال سمعت قبيصة بن عقبة يقول لا يلفح من لا يعرف اختلاف الناس حدثني أحمد بن فتح وخلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا علي بن سعيد بن بشير أبو الحسن الرازي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا
47

النضر بن شميل قال سمعت الخليل بن أحمد يقول الرجال أربعة رجل يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فعلموه ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك غافل فنبهوه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك مائق فاحذروه حدثنا عبد الوارث ابن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا علي بن المديني قال حدثنا أيوب بن المتوكل عن عبد الرحمن بن مهدي قال لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم ولا يكون إماما في العلم من روى عن كل أحد ولا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع وروى مالك بن أنس عن سعيد بن المسيب بلغه عنه أنه كان يقول ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلى وفيه عيب ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله كما أنه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله وقال غيره لا يسلم العالم من الخطأ فمن أخطأ قليلا وأصاب كثيرا فهو عالم ومن أصاب قليلا وأخطأ كثيرا فهو جاهل وقال مالك بن أنس رحمه الله لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه معلن السفه وصاحب هوى يدعو إليه ورجل معروف بالكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ورجل له فضل وصلاح لا يعرف ما يحدث به وقد ذكرنا هذا الخبر عن مالك من طرق في كتاب التمهيد فأغنى عن ذكره ههنا وأشرنا إليه في هذا الباب لأنه منه حدثني عبد الرحمن بن يحيى حدثنا أحمد ابن سعيد حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي ح وأخبرنا سعيد بن نصر وسعيد بن عثمان قالا أخبرنا أحمد بن دحيم قال حدثنا أبو عيسى يوسف بن يعقوب بن مهران ح وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا علي بن الحسن علان قالوا حدثنا عباس الدوري قال حدثنا يحيى بن معين قالوا حدثنا الأبار عن سفيان عن أبي حيان التيمي قال العلماء ثلاثة عالم بالله وبأمر الله وعالم بالله وليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله وليس بعالم بالله فأما العالم بالله وبأمره فذلك الخائف لله العالم بسنته وحدوده وفرائضه واما العالم بالله وليس العالم بأمر الله فذلك الخائف لله وليس بعالم بسنته ولا حدوده ولا فرائضه واما العالم بأمر الله وليس بعالم بالله فذلك العالم بسنته وحدوده وفرائضه وليس بخائف له وأخبرت عن الحسن بن سعد قال أخبرني عبيد بن محمد الكشوري قال حدثنا ميمون بن الحكم قال حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر عن هشام يعني ابن يوسف
48

عن ابن جريج عن عطاء في قوله إنما يخشى الله من عباده العلماء قال من خشي الله فهو عالم وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ إنما يخشى الله من عباده العلماء به وكذلك في مصحفه أخبرنا علي بن إبراهيم قال أخبرنا الحسن بن رشثق قال حدثنا رجاء ابن محمد بن سهيل قال حدثنا سلمة بن شبيب ح وأخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال أخبرنا أحمد بن خالد قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قالا أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال العلماء ثلاثة رجل عاش بعلمه ولم يعش الناس معه به أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا سهل ابن إبراهيم قال أخبرنا محمد بن محمد بن فطيس قال حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال حدثنا حين بن علي الجعفي عن ليث عن مجاهد قال الفقيه من خاف الله أخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو محمد التيمي صاحبنا قال حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان ابن موسى قال يجلس إلى العالم ثلاثة رجل يأخذ كل ما سمع ورجل لا يحفظ شيئا وهو جليس العالم ورجل ينتقي وهو خيرهم قال وإذا كان علم الرجال حجازيا خلقه عراقيا وطاعته شامية يعني أنه الرجل وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن ابن عمر بدمشق قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أبو مسهر قال حدثنا سعيد ابن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال يجلس إلى العالم ثلاثة رجل يكتب كل ما يسمع فذلك كحاطب ليل ثم ذكر مثله إلا أنه قال إذا كان فقه الرجل حجازبا وأدبه عراقيا فقد كمل إلى ههنا انتهى حديثه لم يقل وطاعته شامية
باب ما يلزم العالم إذا سئل عما لا يدريه من وجوه العلم قرأت على عبد الرحمن بن يحيى أن عمر بن أحمد بن محمد بن أحمد الجمحي حدثهم بمكة قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قال حدثنا جرير يعني بن عبد الحميد عن عطاء بن السايب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي البقاع خير قال لا أدري
49

فقال أي البقاع شر فقال لا أدري قال سل ربك فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال يا جيريل أي البقاع خير قال لا أدري فقال أي البقاع شر فقال لا أدري فقال سل ربك فانتفض جبريل انتفاضة كاد يصعق منها محمد صلى الله عليه وسلم وقال ما أسأله عن شيء فقال الله عز وجل لجبريل سألك محمد أن البقاع خير فقلت لا أدري وسألك أي البقاع شر فقلت لا أدري فأخبره أن خير البقاع المساجد وأن شر البقاع الأسواق حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا الحسين بن جعفر الزيات قال حدثنا يوسف بن يزيد قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا أنس بن عياض وعثمان بن مقبل قالا حدثنا الحارث بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن مهران مولى لأبي هريرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحب البلاد إلى الله مساجدها وابغض البلاد غلي الله أسواقها حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا عمر قال حدثنا علي قال حدثنا الزبير بن بكار القاضي عن سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أدري أعزير نبي أم لا وما أدري أتبع ملعون أم لا وحدثنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا الحسن بن علي الطرز قال حدثنا محمد بن زيان قال حدثنا خيش بن أصرم قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري تبع لعين أم لا وما أدري ذو القرنين نبي أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا زعم الدارقطني أنه انفرد عبد الرزاق بهذا الاسناد قال أبو عمر حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أن الحدود كفارة وهو أثبت وأصح اسنادا من حديث أبي هريرة هذا أخبرنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم ابن أصبغ حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي حدثنا الحميدي حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن عبادة قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وذكر الحسن ابن علي الحلواني قال حدثنا عارم قال حدثنا حماد بن زيد عن سعيد بن أبي صدقة
50

عن ابن سيرين قال لم يكن أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أهيب لما لا يعلم من عمرو أن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله منها أصلا ولا في السنة أثرا فاجتهد رأيه ثم قال هذا رأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله أخبرنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا الأعمش أو أخبرت عنه عن مسلم ابن صبيح عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه سمعه يقول أيها الناس من علم منكم شيئا فليقل لما لا يعلم الله أعلم فإن من علم المرء أن يقول لما لا يعلم الله أعلم وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من التكلفين إن قريشا لما أبطؤا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام وذكر الحديث أخبرنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثنا عبد الملك بن بحر بن شاذان قال حدثنا محمد إسماعيل الصايغ قال حدثنا سنيد قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال أيها الناس من سئل عن علم يعلمه فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم أن الله تبارك وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين وسئل الشعبي عن مسئلة فقال هي زباء هلباء ذات وبر لا أحسنها ولو ألقيت على بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعضلت به وإنما نحن في العنوق ولسنا في النوق فقال له أصحابه قد استحيينا لك مما رأينا منك فقال لكن الملائكة المقربين لم تستحي حين قالت لا علم لنا إلا ما علمتنا حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا محمد ابن كثير قال حدثنا سفيان بن سعيد عن الأعمش ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود قال إن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم قال الله تبارك
51

وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المكلفين وأخبرنا محمد بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله قالا حدثنا محمد بن معاوية قالا حدثنا الفضل ابن الحباب القاضي قال حدثنا محمد بن كثير وذكر بإسناده مثله أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن محمد بن زياد قال حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا الحماني قال حدثنا حفص عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم النخعي عن أبي معمر عن أبي بكر الصديق أنه قال أي سماء تظلني واي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله بغير علم وذكر مثل هذا عن أبي بكر رضي الله عنه ميمون بن مهران وعامر الشعبي وابن أبي مليكة أخبرنا عبد الله بن محمد ومحمد ابن محمد قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا موسى بن هارون الحمال قال حدثنا الحماني قال حدثنا خالد عن عطاء عن زاذان وأبي البختري عن علي بن أبي طالب أنه قال أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله مالا أعلم أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون بن سعيد قال حدثنا ابن وهب قال حدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن شيء فقال لا أدري فلما ولى الرجل قال نعما قال عبد الله بن عمر سئل عما لا يعلم فقال لا علم لي به وقال ابن وهب وسمعت مالكا يحدث عن عبد الله بن زيد بن هرمز قال إني لأحب أن يكون من بقايا العالم بعده لا أدري ليأخذ به من بعده وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن ابن عمر مثل حديثه عن العمري عن نافع عن ابن عمر سواء حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وخلف بن أحمد قالا حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن علي بن مروان حدثنا أحمد بن عمر وحدثنا وكيع بن الجراح حدثنا الأعمش عن مجاهد قال سئل ابن عمر عن فريضة من الصلب فقال لا أدري فقيل له ما يمنعك أن تجيبه فقال سئل ابن عمر عما لا يدري فقال لا أدري قال محمد بن علي وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثا حماد بن زيد عن أيوب بن زيد عن أيوب قال تكاثروا على القاسم بن محمد يوما بمعنى فجعلوا يسئلونه فيقول لا أدري ثم قال إنا والله ما نعلم كل ما يسألونا عنه ولو علمنا
52

ما كتمناكم ولا حل لنا أن نكتمكم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد بن شجاع قال حدثنا ابن نمير قال حدثنا
عبد الملك بن أبي سليمان قال سئل سعيد بن جبير عن شيء فقال لا أعلم ثم قال ويل للذي يقول لما لا يعلم إني أعلم وذكر الشعبي عن علي رضي اله عنه أنه خرج عليهم وهو يقول ما أبردها على الكبد فقيل له وما ذلك قال أن تقول للشيء لا تعلمه الله أعلم وذكر الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال يا أهل العراق إنا والله لا نعلم كثيرا مما تسألونا عنه ولئن يعيش المرء جاهلا لا يعلم ما افترض عليه خير له من أن يقول على الله ورسوله مالا يعلم قال الحسن وحدثنا نعيم بن حماد قال سمعت بعض أصحاب عون أظنه حسين بن حسن عن ابن عون قال كنت عند القاسم بن محمد إذ جاءه رجل فسأله عن شيء فقال القاسم لا أحسنه فجعل الرجل يقول إني رفعت إليك لا أعرف غيرك فقال القاسم لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي والله ما أحسنه فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه يا ابن أخي ألزمها فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم فقال القاسم والله لأن يقطع لساني أحب إلي من أن أتكلم بما لا علم لي به حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب قال سمعت مالكا يقول سأل عبد الله ابن نافع أيوب السختياني عن شيء فلم يجبه فقال له لا أراك فهمت ما سألتك عنه قال بلى قال فلم لا تجبني قال لا أعلمه أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا عبد الله ابن محمد بن إبراهيم الرازي بمكة قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال حدثنا أحمد بن سنان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال له يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدي مسئلة أسألك عنها قال فسل فسأله الرجل عن المسئلة فقال لا أحسنها قال فبهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء فقال أي شيء أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم قال تقول لهم قال مالك لا أحسن وذكر ابن وهب أيضا في كتاب المجالس قال سمعت مالكا يقول ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول لا أدري فإنه عسى أن
53

يهيأ له خير قال ابن وهب وكنت أسمعه كثيرا ما يقول لا أدري وقال في موضع آخر لو كتبنا عن مالك لا أدري لملأنا الألواح قال ابن وهب وسمعت مالكا وذكر قول القاسم بن محمد لأن يعيش الرجل جاهلا خير من أن يقول على الله مالا يعلم ثم قال هذا أبو بكر الصديق وقد خصه الله بما خصه به من الفضل يقول لا أدري وقال ابن وهب وحدثني مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام المسلمين وسيد العالمين يسئل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي وذكر عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بعض هذا وفي روايته هذه الملائكة قد قالت لا علم لنا وذكر أبو داود في تصنيفه لحديث مالك حدثنا عباس العنبري قال حدثنا عبد الرزاق قال قال مالك كان ابن عباس يقول إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله قال وحدثنا محمود بن خالد قال حدثنا مروان بن محمد قال وحدثني بعض أصحابنا عن مالك عن يحيى بن سعيد قال قال ابن عباس إذا ترك العالم لا أعلم فقد أصيبت مقاتله قال وحدثنا أحمد ابن حنبل قال حدثنا محمد بن إدريس قال سمعت مالكا يقول سمعت ابن عجلان يقول إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتلة أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن علان ببغداد قال حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال سمعت مالك بن أنس يقول سمعت ابن عجلان يقول إذا اغفل العالم لا أدري أصيب مقاتله وذكر أبو داود عن ابن السرح عن ابن وهب عن معاوية بن الصالح قال كان يقال وذكر معناه أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي ابن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني حفص بن عاصم عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم قال صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا فكان كثيرا ما يسئل فيقول لا أدري ثم يلتفت إلي فيقول أتدري ما يريد هؤلاء يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسرا إلى جهنم وقال أبو الدرداء قول الرجل فيما لا يعلم لا أعلم نصف العلم وقال الراجز فإن جهلت ما سئلت عنه ولم يكن عندك علم من فلا تقل فيه بغير فهم إن الخطا مزر بأهل العلم
54

وقل إذا أعياك الأمر مالي بما تسأل عنه خبر فذاك شطر العلم عند العلما كذلك ما زالت تقول الحكما وقال غيره إذا ما قتلت الأمر علما فقل به وإياك والأمر الذي أنت جاهله حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الحوطي قال حدثنا أبو عمر عثمان بن كثير بن دينار عن أبي الذيال قال تعلم لا أدري ولا تعلم أدري فإنك إن قلت لا أدري علموك حتى تدري وإن قلت أدري سألوك حتى لا تدري وقال أحمد ابن زهير سمعت الحوطي يقول عثمان بن كثير بن دينار ريحانة الشام عندنا حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثنا عبد الملك بن بحر قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا سنيد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال قال إن من يقتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون قال الأعمش فذكرت ذلك للحكم بن عتيبة فقال لو سمعت هذا منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كلما أفتي وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن شعبان حدثنا إبراهيم بن عثمان حدثنا حمدان ابن عمرو حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت ابن عيينة يقول أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما وقد أفردنا بابا في تدافع الفتوى وذم من سارع إليها يأتي في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى
باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة
قرأت على عبد الوارث بن سفيان حدثكم قاسم بن أصبغ قال نعم حدثنا قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى القطان عن شعبة قال حدثني أبو عون عن الحرث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ عن معاذ أنه قال لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال كيف تقضي وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن أبي عون وهو محمد بن عبيد الله الثقفي قال سمعت الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل أن النبي صلى
55

الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال كيف تقضي ثم اتفقا إذا عرض لك قضاء قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أجتهد رأيي ولا آلو قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله ولفظ حديث القطان على لفظ معاذ فضرب صدري وقال لي نحو هذا وأخبرنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا
عبد الله ابن روح المدايني قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا شعبة عن أبي عون عن الحارث ابن عمرو أخي المغيرة بن شعبة عن أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له كيف تصنع أن عرض لك قضاء قال أقضي بما في كتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم يكن في سنة رسول الله قال اجتهد رأيي ألو قال فضرب بيده في صدري وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله وأخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي إجازة قال حدثنا أبو العباس أحمد بن موسى الباغندي بجرجان قراءة عليه قال حدثنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد الفقيه قال حدثنا داود بن علي ابن خلف قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن الشيباني عن الشعبي عن شريح أن عمر كتب إليه إذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم يسن فيه رسول الله فاقض بما اجمع عليه الناس فإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم فيه أحد فأي الأمرين شئت فخذ به هكذا قال وقد حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الشيباني قال حدثنا عامر الشعبي قال كتب عمر بن الخطاب إلى شريح إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض به ولا تلتفت إلى غيره وإذا أتى شئ أراه قال ليس في كتاب الله وليس في سنة رسول الله ولم يقل فيه أحد قبلك فإن شئت أن تجتهد رأيك فتقدم وإن شئت أن تتأخر فتأخر وما أرى التأخير إلا خيرا لك قال وحدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا
56

الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال أكثر الناس يوما على عبد الله يسألونه فقال أيها الناس إنه قد أتى علينا زمان ولسنا نقضي ولسنا هناك فمن ابتلى بقضاء بعد اليوم فليقض بما في كتاب الله فإن أتاه ما ليس في كتاب الله ولم يقل فيه نبيه فليقض بما قضى به الصالحون فإن أتاه امر لم يقض به الصالحون وليس في كتاب الله ولم يقل فيه نبيه فليجتهد رأيه ولا يقولن إني أرى وأخاف فإن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات فدعوا ما يريبكم لمالا يريبكم قال أبو عمر هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم وأنه لا يجتهد إلا عالم بها ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف ولم يجز له أن يحيل على الله قولا في دينه لا نظير له من أصل ولا هو في معنى أصل وهو الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديما وحديثا فتدبره أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير قال حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هيثم قال حدثنا سيار عن الشعبي قال لما بعث عمر شريحا على قضاء الكوفة قال له انظر ما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يتبين لك فيه السنة فاجتهد رأيك حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن حازم قال حدثنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال من عرض له منه قضاء فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم فإن جاءه أمره ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قضى به الصالحون فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يقض به الصالحون فليجتهد رأيه فليقر ولا يستحي وهذا أوضح بيانا فيما ذكرنا لقوله فإن لم يحسن ومن لا علم له بالأصول فمعلوم أنه لا يحسن أخبرنا أبو عثمان سعيد بن عثمان قال حدثنا أبو عمر أحمد بن دحيم قال حدثنا أبو جعفر الدؤلي قال حدثنا أبو عبيد الله سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد قال سمعت ابن عباس إذا سئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يكن في
57

كتاب الله وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به فإن لم يكن في كتاب الله ولا عن رسول الله وكان عن أبي بكر وعمر قال به فإن لم يكن في كتاب الله ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أبي بكر ولا عن عمر اجتهد رأيه وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن أحمد قال حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد قال رأيت ابن عباس إذا سئل عن شيء هو في كتاب الله قال به فإن لم يكن في كتاب الله وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به فإن لم يكن في كتاب الله ولم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاله أبو بكر أو عمر قال به وإلا اجتهد رأيه وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا ابن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال سمعت سفيان بن عينة يحدث عن عبيد الله بن أبي يزيد قال رأيت ابن عباس إذا سئل عن شيء ثم ذكره سواء أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا فضيل بن عبد الرحمن به قال حدثنا شريك عن ميسرة عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عبد الملك بن أبحر عن الشعبي عن مسروق قال سألت أبي بن كعب عن شيء فقال أكان هذا قلت لا قال فاجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا وروينا عن ابن عباس أنه أرسل إلى زيد ابن ثابت أفي كتاب الله ثلث ما بقي فقال زيد إنما أقول برأيي وتقول برأيك وعن ابن عمر أنه سئل عن شيء فعله أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا أو شيء رايته قال بل شيء رايته وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان إذا قال في شيء برأيه قال هذه من كيسي ذكره ابن وهب عن سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن وليد بن رباح عن أبي هريرة وعن ابن مسعود أنه قال في غير ما مسألة أقول فيها برأي وعن أبي الدرداء أنه كان يقول إياكم وفراسة العلاء احذروا أن يشهدوا عليكم شهادة تكبكم على وجوهكم في النار فوالله إنه الحق يقذفه الله في قلوبهم ويجعله على أبصارهم
58

وقد روى مرفوعا إياكم وفراسة العلماء فإنهم ينظرون بنور الله حدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال حدثنا إبراهيم ابن أبي الفياض البرقي الشيخ الصالح قال حدثنا سليمان بن بديع الإسكندراني قال حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد ابن المسيب عن علي بن أبي طالب قال قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن ولم تمض منك فيه سنة قال أجمعوا له العالمين أو قال العابدين من المؤمنين اجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد قال الخشني كتب عن الرياشي هذا الحديث وحدثنا خلف بن القاسم وعلي بن إبراهيم قالا حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا موسى بن الحسن بن
موسى الكوفي قال حدثنا إبراهيم بن أبي الفياض البرقي قال حدثنا سليمان بن بديع عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب عن علي بن أبي طالب قال قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل به القرآن ولم نسمع منك فيه شيئا قال اجمعوا له العابدين من المؤمنين واجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد قال أبو عمر هذا حديث لا يعرف من حديث مالك إلا بهذا الاسناد ولا أصل له في حديث مالك عندهم ولا في حديث غيره وإبراهيم البرقي وسليمان بن بديع ليسا بالقويين ولا ممن يحتج به ولا يعول عليه وعن عمر أنه قال لعلي وزيد لولا رايكما اجتمع ورأيي ورأي أبي بكر كيف يكون ابني ولا أكون أباه يعني الجد وعن عمر أنه لقى رجلا فقال ما صنعت فقال قضى علي وزيد بكذا فقال لو كنت أنا لقضيت بكذا قال فما يمنعك والأمر إليك قال لو كنت أردك إلى كتاب الله أو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعلت ولكني أردك إلى رأيي والرأي مشترك فلم ينقض ما قال علي وزيد وهذا كثير لا يحصى أخبرنا
59

عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد ابن شجاع قال حدثنا بقية قال حدثنا الأوزاعي قال سمعت الزهري أو قال حدثني الزهري قال نعم وزير العلم الرأي الحسن أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن عبيدة قال قال علي اجتمع رأيي ورأي عمر على عتق أمهات الأولاد ثم رأيت بعد أن أرقهن فقلت له إن رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحده في الفرقة وقال ابن وهب عن ابن لهيعة أن عمر بن عبد العزيز استعمل عروة ابن محمد السعدي من بني سعد بن بكر وكان من صالح عمال عمر بن عبد العزيز على اليمن وأنه كتب إلى عمر يسأله عن شيء من أمر القضاء فكتب إليه عمر لعمري ما أنا بالنشيط على الفتيا ما وجدت منها بدا وما جعلتك إلا لتكفيني وقد حملتك ذلك فاقض فيه برأيك وقال عبد الله بن مسعود ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المؤمنون قبيحا فهو عند الله قبيح وذكر محمد بن سعد قال أخبرني روح بن عبادة قال حدثنا حماد بن سلمة عن الجديدي أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن أرأيت مايفتي به الناس أشيء سمعته أم برأيك فقال الحسن لا والله ماكل ميفتي به الناس سمعناه ولكن رأينا لهم خير من رأيهم لأنفسهم وقال أبو بكر النهشلي عن حماد قل ما رأيت أحضر قياسا من إبراهيم وحدثنا خلف بن أحمد قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن خالد حدثنا مروان حدثنا علي بن يحيى بن محمد الجاري بالمدينة قال حدثنا أبو عبد الرحمن القديدي من ولد عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلمة عن عبد الله بن الحارث الجمحي قال كان ربيعة في صحن المسجد جالسا فجاز ابن شهاب داخلا من باب دار مروان بحذاء المقصورة يريد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فعرض له ربيعة فلقيه فقال له يا أبا بكر ألا تسخر لهذه المسائل فقال وما أصنع بالمسائل فقال إذا سئلت عن مسئلة فكيف تصنع قال أحدث فيها بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم فعن أصحابه رضي الله عنهم فإن لم يكن عن أصحابه اجتهدت رأيي ثم قال ما تقول في مسئلة كذا وكذا فقال حدثنا فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال ربيعة
60

طلبت العلم غلاما ثم سكنت به إداما قال لي علي بن يحيى وإداما ضيعة لابن شهاب على نحو ثمان ليال وقال محمد بن الحسن من كان عالما بالكتاب والسنة وبقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما استحسن فقهاء المسلمين وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلى به ويقضي به ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه وجميع ما أمر به ونهى عنه فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل وسعه العمل بذلك وإن أخطاء الذي ينبغي أن يقول له به وقال الشافعي لا يقيس إلا من جمع آلات القياس وهي العلم بالأحكام من كتاب الله فرضه وأدبه وناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه وارشاده وندبه ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسليمن فإذا لم يكن سنة ولا اجماع فالقياس على كتاب الله فإن لم يكن فالقياس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فالقياس على قول عامة السلف الذين لا يعلم لهم مخالفا ولا يجوز القول في شيء من العلم إلا من هذه الأوجه أو من القياس عليها ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالما بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف واجماع الناس واختلافهم ولسان العرب ويكون صحيح العقل حتى يفرق بين المشتبه ولا يعجل بالقول ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه لأن له في ذلك تنبيها على غفلة ربما كانت منه أو تنبيها على فضل ما اعتقد من الصواب وعليه بلوغ غاية جهده والأنصاف من نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقوله قال وإذا قاس من له القياس واختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أداه غليه اجتهاده والاختلاف على وجهين فما كان منصوصا لم يحل فيه الاختلاف وما كان يحتمل التأويل أو يدرك قياسا فذهب المتأول أو القياس إلى معنى يحتمل وخالفه غيره لم أقل أنه يضيق عليه ضيق الاختلاف في المنصوص قال أبو عمر هذا باب يتسع فيه القول جدا وقد ذكرنا منه كفاية وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم من اجتهاد الرأي والقول بالقياس على الأصول عند عدمها ما يطول ذكره وسترى منه ما يكفي في كتابنا هذا إن شاء الله وممن حفظ عنه إنه قال وأفتي مجتهدا رأيه وقايسا على الأصول فيما لم يجد فيه نصا من التابعين فمن أهل المدينة سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم ابن عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبو سلمة بن عبد الرحمن
61

وخارجة بن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وإبان بن عثمان وابن شهاب وأبو الزناد وربيعة ومالك وأصحابه وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن أبي ذئب ومن أهل مكة واليمن عطاء ومجاهد وطاوس وعكرمة وعمرو ابن دينار وابن جريج ويحيى بن أبي كثير ومعمر بن راشد وسعيد بن سالم وابن عيينة ومسلم بن خالد والشافعي ومن أهل الكوفة علقمة والأسود وعبيدة وشريح القاضي ومسروق ثم الشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير والحارث العكلي والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك وسائر فقهاء الكوفيين ومن أهل البصرة الحسن وابن سيرين وقد جاء عنهما وعن الشعبي ذم القياس ومعناه عندنا قياس على غير أصل لئلا يتناقض ما جاء عنهم وجابر بن زيد أبو الشعثاء وإياس بن معاوية وعثمان البتي وعبيد لله بن الحسن وسوار القاضي ومن أهل الشام مكحول وسليمان بن موسى والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ويزيد بن جابر ومن أهل مصر يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث والليث بن سعد وعبد الله بن وهب وسائر أصحاب مالك ابن القاسم واشهب وابن عبد الحكم ثم أصبغ أصحاب الشافعي المزني والبويطي والربيع ومن أهل بغداد وغيرهم من الفقهاء أو ثور وإسحاق بن
راهويه وأبو عبيد القاسم ابن سلام وأبو جعفر الطبري واختلف فيه عن أحمد بن حنبل وقد جاء عنه منصوصا إباحة اجتهاد الرأي والقياس على الأصول في النازلة تنزل وعلى ذلك كان العلماء قديما وحديثا عندما ينزل بهم ولم يزالوا على إجازة القياس حتى حدث إبراهيم ابن سيار النظام وقوم من المعتزلة سلكوا طريقة في نفي القياس والاجتهاد في الأحكام وخالفوا ما مضى عليه السلف فمن تابع النظام على ذلك جعفر بن حرب وجعفر بن مبشر ومحمد بن عبد الله الإسكافي وهؤلاء معتزلة أئمة في الاعتزال عند منتحليه واتبعهم من أهل السنة على نفي القياس في الأحكام داود بن علي بن خلف الأصبهاني ولكنه أثبت الدليل وهو نوع واحد من القياس سنذكره إن شاء الله وداود غير مخالف للجماعة وأهل السنة في الاعتقاد والحكم بأخبار الآحاد وذكر أبو القاسم عبيد الله ابن عمر في كتاب القياس من كتبه في الأصول فقال ما علمت أن أحدا من البصريين
62

ولا غيرهم ممن له نباهة سبق إبراهيم بن النظام إلى القول بنفي القياس والاجتهاد ولم يلتفت إيه الجمهور وقد خالفه في ذلك أبو الهذيل وقمعه فيه ورده عليه هو وأصحابه قال وكان بشر بن المعتمر شيخ البغداديين ورئيسهم من أشد الناس نصرة للقياس واجتهاد الرأي في الأحكام هو وأصحابه وكان هو وأبو الهذيل كأنهما ينطقان في ذلك بلسان واحد قال أبو عمر بشر بن المعتمر وأبو الهذيل من رؤساء المعتزلة وأهل الكلام وأما بشر بن غياث المريسي فمن أصحاب أبي حنفة المغرقين في القياس الناصرين له الداينين به ولكنه متبدع أيضا قائل بالمخلوق وسائر أهل السنة وأهل العلم على ما ذكرت لك إلا أن منهم من لا يرى القول لذلك إلا عند تزول النازلة ومنهم من أجاز الجواب فيها لمن يأتي بعد وهم أكثر أئمة الفتوى وبالله التوفيق حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال حدثنا سليمان بن داود قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا يحيى عن ابن أيوب عن بكر بن عمرو عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان الطنبذي رضيع عبد الملك بن مروان قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفتى بغير علم كان أثمة على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد في غره فقد خانه قال أبو عمر اسم أبي عثمان الطنبذي مسلم بن يسار وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني سفيان عن أبي سنان الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال من أفتى بفتيا وهو يعمي عنها كان إثمها عليه حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد بن شجاع قال حدثنا عبيدة بن حميد عن أبي سنان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال من أفتى بفتيا يعمى فيها فإنما إثمها عليه حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود قال لا يقولن أحدكم إني أرى وإني أخاف دع ما يريبك إلى مالا يريبك وقال ابن عمر يريد هؤلاء أن يجعلوا ظهورنا جسر إلى جهنم وقد تقدم ذكرنا لهذا الخبر باسناده فيما سلف من كتابنا هذا والله حسبنا
63

باب نكتة يستدل بها على استعمال عموم الخطاب في السنن والكتاب
وعلى إباحة ترك ظاهر العموم للاعتبار بالأصول أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق ببغداد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أبو بكر الأثرم قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد الغزيز بن محمد بن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي كعب وهو يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي فالتفت إليه ولم يجبه وصلى فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي ما منعك أن تجيبني إذا دعوتك فقال يا رسول الله كنت أصلي قال أفم تجد فيما أوحى إلي أن استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى يا رسول الله ولا أعود إن شاء الله أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحو هذه القصة المروية في أبي وروي عن ابن مسعود أنه جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فسمعه يقول اجلسوا فجلس بباب مسجد فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له تعالى يا عبد الله بن مسعود ذكره أبو داود في كتاب الجمعة من السنن وسمع عبد الله بن رواحة وهو بالطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول اجلسوا فجلس في الطريق فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما شأنك فقال سمعتك تقول اجلسوا فجلست فقال له النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله طاعة ويدخل في هذا الباب قول عثمان بن مظعون للبيد بن ربيعة حين سمعه ينشد في المسجد الحرام ألا كل شيء ما خلا الله باطل فقال عثمان صدقت فقال لبيد وكل نعيم لا محالة زائل فقال كذبت وإنما صدقه في الأولى لأنه عموم لا يلحقة خصوص وكذبه في الثانية لأن نعيم الجنة دائم لا يزول وكان لبيد حينئذ كافرا وهذا الباب كثير جدا لا سبيل إلى تقصيه لكثرته أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن
64

قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب لا يصلي أحد العصر إلا في بني قريظة فأدركهم وقت العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي ولم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدة من الطائفتين قال أبو عمر هذه سبيل الاجتهاد على الأصول عند جماعة الفقهاء ولذلك لا يردون ما اجتهد فيه القاضي وقضى به إذا لم يرد إلا إلى اجتهاد مثله وأما من أخطأ منصوصا فقوله وفعله عندهم مردود إذا ثبت الأصل فافهم باب مختصر في اثبات المقايسة في الفقه قد تقدم ذكر اجتهاد الرأي وذكرنا في ذلك الباب حديث معاذ وغيره وهو الحجة في اثبات القياس عند جميع الفقهاء القائلين به وقال الله تبارك وتعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وهذا تمثيل الشيء بعدله ومثله وشبهه ونظيره وهو نفس القياس عند الفقهاء وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال له رجل في حديث أي ذر وغيره يا رسول الله في حديث ذكروه أيقضي أحدنا شهوته ويؤجر قال أرأيت لو وضعها في حرام أكان يأثم قال نعم قال فكذلك يوجر أفتجزون بالشر ولا تجزون بالخير ومن هذا الباب حديث أبي هريرة أن رجلا من فزارة جاء إلى رسول الله
65

صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود الحديث لأنه بين له فيه أن الحمر من الإبل قد تنتج الأورق إذا نزعه عرق فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود إذا نزعه عرق وقال صلى الله عليه وسلم لعمر حين سأله عن قبلة الصائم امرأته أرأيت لو تمضمض بماء ومجه وهو صائم فقال عمر لا بأس قال فكذلك هذا وفي حديث الخثعمية في الحج عن أبيها أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ذلك ينفعه قالت نعم قال فدين الله أحق وقال صلى الله عليه وسلم محرم الحلال كمستحل الحرام وقال يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وفي كتاب عمر إلى أبي موسى وإلا أعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور وقايس زيد بن ثابت علي بن أبي طالب في المكاتب وقايسه أيضا في الجد واتفقا في أنه لا يحجب الأخوة فقاسه على وشبهه بسيل انشعبت منه شعبة ثم انشعبت من الشعبة شعبتان وقاسه زيد على شجرة انشعبت منها غصن وانشعب من الغصن غصنان لأن قولهما في الجد واحد في أنه يشارك الأخوة ولا يحجبهم وقاس ابن عباس الأضراس بالأصابع وقال عقلهما سواء اعتبرها بها وقال الشعبي أنا نأخذ في زكاة البقر فيما زاد على الأربعين بالمقاييس وقال إبراهيم النخعي ما كل شيء نسأل عنه نحفظه ولكنا نعرف الشيء بالشيء ونقيس الشيء بالشيء وفي رواية أخرى قيل له أكل ما يفتي به الناس سمعته قال لا ولكن بعضه سمعت وقست مالم أسمع على ما سمعت وعن إبراهيم أيضا أنه قال إني لا سمع الحديث فاقيس عليه مائة شيء وقال المزني الفقهاء من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جمع الأحكام في أمر دينهم قال وأجمعوا أن نظير الحق
66

حق ونظير الباطل باطل قال فلا يجوز لأحد انكار القياس لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها قال أبو عمر ومن القياس المجمع عليه صيد ما عدا الكلاب من الجوارح قياسا على الكلاب لقوله وما علمتم من الجوارح مكلبين وقال جل وعز والذين يرمون المحصنات فدخل في ذلك المحصنون قياسا وكذلك قوله في الإماء فإذا أخصن فدخل في ذلك العبيد قياسا عند الجمهور إلا من شذ ممن لا يكاد يعد خلافا وقال في جزاء الصيدالمقتول في الحرم ومن قتله منكم متعمدا فدخل فيه قتل الخطأ قياسا عند الجمهور إلا من شذ وقال يا أيها الدين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهم من عدة تعتدونها فدخل في ذلك الكتابيات قياسا فكل من تزوج كتابية وطلقها قبل المسيس لم يكن عليها عدة والخطاب قد ورد بالمؤمنات وقال في الشهادة في المداينات فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان فدخل فمعنى قوله إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى قياسا المواريث الودائع والغصوب وسائلا الأموال وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياسا على الأختين وهذا كثير جدا يطول الكتاب بذكره وقال فيمن أعسر بما بقي عليه من الربا وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فدخل في ذلك معسر بدين حلال وثبت ذلك قياسا والله أعلم ومن هذا الباب توريث الذكر ضعف ميراث الأنثى منفردا وإنما ورد النص في اجتماعهما بقوله يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاثنين وقال وإن كانوا اخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين ومن هذا الباب أيضا قياس التظاهر بالبنت على التظاهر بالأم وقياس الرقبة في الظهار على الرقبة في القتل بشرط الإيمان وقياس تحريم الأختين وسائر القرابات من الإماء على الحرائر في الجمع في التسري النكاح وهذا لو تقصيناه لطال به الكتاب والله الموفق للصواب وقال أبو محمد اليزيدي في القياس وذلك فيما حدث به شيخنا أبو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان قال حدثنا أبو الحسن ابن مقسم قال حدثنا أبو الحسين بن المنادى قال أنشدني أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن محمد بن علي ابن عبد العزيز العمري الموصلي خال أبي علي البياض الهاشمي قال أنشدت لأبي محمد اليزيدي في قوله في القياس
67

ما جهول لعالم بمداني لا ولا الغي كائن كالبيان فإذا ما عميت فائل تخبر إن بعض الأخبار مثل العيان ثم قس بعض ما سمعت ببعض وائت فيما تقول بالبرهان لا تكن كالحمار يحمل أسفارا كما قد قرأت في القرآن إن هذا القياس في كل أمر عند أهل العقول كالميزان لا يجوز القياس في الدين إلا لفقيه لدينه صوان ليس يغني عن جاهل قول مفت عن فلان وقوله عن فلان إن أتاه مسترشدا أفتاه بحديثين فيهما معنيان إن من يحمل الحديث ولا يعرف فيه التأويل كالصيدلاني حين يلقي لديه كل دواء وهو بالطب جاهل غير وان حكم الله في الجزاء ذوي عدل من الصيد بالذي يريان لم يوقت ولم يسم ولكن قال فيه فليحكم العدلان ولنا في النبي صلى عليه الله والصالحون كل أوان أسوة في مقالة لمعاذ أقضى بالرأي أن أتى الخصمان وكتاب الفاروق يرحمه الله إلى الأشعري في تبيان قس إذا أشكلت عليك أمور ثم قل الصواب للرحمن وقال أبو عمر القياس والتشبيه والتمثيل من لغة العرب الفصيحة التي نزل بها القرآن ألا ترى إلى قوله تعالى كأنهن الياقوت والمرجان وقوله كأن لم تغن بالأمس وقوله جل وعز مثل نوره يعني في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح وقوله عز وجل كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار وقوله فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور وقوله وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج وما كان مثله من ضربه جل وعز الأمثال للاعتبار وحكمه للنظير يحكم النظير ومثله كثير والمعنى في ذلك كله وما كان مثله الاشتباه في بعض المعاني وهو الوجه الذي جرى الحكم لأن الاشتباه لو وقع في جميع الجهات كان ذلك الشيء بعينه ولم يوجد تغاير أبدا أن النشور ليس كإحياء الأرض بعد موتها إلا من جهة
68

واحدة وهي التي جرى إليها الحكم المراد وكذلك الجزاء بالمثل من النعم لا يشبه الصيد من كل جهة وكذلك قول الله في الكفار كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة و إن هم إلا كالأنعام وقع التشبيه من جهة عمي القلوب والجهل ومثل هذا كثير روى الخشني عن عن ابن عمر عن سفيان بن عيينة قال قال ابن شبرمة احكم بما في كتاب الله مقتديا وبالنظائر فاحم بالمقاييس وأنشد أبو عبيدة معمر بن المثنى لقس بن ساعدة وأنشدها غيره للاقيس الأشعري والقول قول أبي عبيدة يا أيها السائل عما مضى من علم هذا الزمن الذاهب إن كنت تبغي العلم أو نحوه في شاهد يخبر عن غائب فاعتبر الشيء باشباهه واعتبر الصاحب الصاحب وقال منصور تأن في الأمر إذا رمته تبين الرشد من الغي لا تتبعن كل نار ترى فالنار قد توقد للكي وقس علي الشئ باشكاله يدلك الشيء على الشيء وقال غيره إذا أعيا الفقيه وجود نص تعلق لا محالة بالقياس
باب في خطأ المجتهدين من المفتيين والحكام
حدثنا عبيد بن محمد ومحمد بن عبد الملك قالا حدثنا عبد الله بن مسرور قال حدثنا عبيد بن مسكين قال حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر قال حدثنا الحسن ابن بشر قال
حدثنا شريك عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عنابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة قاض قضى بغير الحق وهو يعلم فذلك في النار وقاض قضى وهو لا يعلم فأهلك حقوق
69

الناس فذلك في النار وقاض قضى بالحق وهو يعلم بذلك في الجنة أخبرنا عبد الوارث ابن سفيان ويعيش بن سعيد قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو بكر محمد بن أبي العوام البغدادي قال سمعت أبي يقول حدثنا خلف بن خليفة قال قال أبو هاشم الرماني لولا حديث ابن بريدة لقلت إن القاضي إذا اجتهد فليس عليه سبيل ولكن قال ابن بريدة عن أبيه قال النبي صلى الله عليه وسلم القاضة ثلاثة قاض في الجنة واثنان في النر قاض عرف الحق فقضى به فذلك في الجنة وقاض قضى بالجهل فذلك في النار وقاض عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار وحدثا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا عبد الله بن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير عن أبي بريدة قال أراد يزيد بن المهلب أن يستعمله على قضاء خراسان فقال ابن بريدة لقد حدثني أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء حديثا لا أقضي بعده قال القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة قاض علم الحق فقضى به فهو من أهل الجنة وقاض علم الحق فجار متعمدا فهو من أهل
70

النار وقاض قضى بغير الحق واستحيا أن يقول لا أعلم فهو في النار حدثنا أحمد ابن قاسم بن عيسى قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أبا العالية قال قال علي القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة فأما اللذان في النار فرجل جار متعمدا فهو في النار ورجل اجتهد فأخطأ فهو في النار وأما الذي في الجنة فرجل اجتهد فأصاب الحق فهو إلى الجنة قال قتادة فقلت لأبي العالية ما ذنب هذا الذي اجتهد فأخطأ قال ذنبه ألا يكون قاضيا إذا لم يعلم وروى المعتمر بن سليمان عن عبد الملك بن أبي جميلة أنه سمعه يحدث عن عبد الله بن موهب أن عثمان بن عفان قال لابن عمر أذهب فأفت بين الناس قال أو تعافيني يا أمير المؤمنين قال فما تكره من ذلك وكان أبوك يقضي قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحرا أن ينقلب منه كفافا فما أرجو بعد ذلك قرأت على أحمد بن عبد الله أن الحسن بن إسماعيل حدثهم بمصر قال حدثنا عبد الملك بن بحر قال حدثنا محمد ابن إسماعيل قال حدثنا سنيد قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن بسطام بن مسلم عن عامر الأحول عن الحسن بن أبي الحسن قال والله لولا ما ذكره الله من أمر هذين الرجلين يعني داود وسليمان لرأيت أن القضاة قد هلكوا فإنه أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير وحدثني عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا المطلب بن شعيب قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن أبي الهادي عن محمد بن إبراهيم عن بشر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاصي عن عمرو بن العاصي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا حكم الحاكم واجتهد وأصاب فله أجران وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا
71

حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ورواه الادراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهادي فحدثت هذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة فجعل مكان أبي بكر بن عبد الرحمن أبا سلمة والقول قول الليث والله أعلم ذكره الشافعي وأبو المصعب وغيرهما عن الداروردي وروى عبد الرزاق عن معمر عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبي سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر قال البخاري لم يرو هذا الحديث عن معمر غير عبد الرزاق وأخشى أن يكون وهم فيه يعني في اسناده قال أبو عمر اختلف الفقهاء في تأويل هذا الحديث فقال قوم لا يؤجر من أخطأ لأن الخطأ لا يؤجر أحد عليه وحسبه أن يرفع عنه المأثم وردوا هذا الحديث بحديث بريدة المذكور في هذا الباب وبقوله تجاوز الله لأمتي عن خطائها ونسيانها وبقول الله ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ونحو هذا وقال آخرون يؤجر في الخطأ أجرا واحدا على ظاهر حديث عمرو بن العاصي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرق بين أجر المخطئ والمصيب فدل أن المخطئ يؤجر وهذا نص ليس لأحد أن يرده وقال الشافعي ومن قال بقوله يؤجر ولكنه لا يؤجر على الخطأ لأن الخطأ في الدين لم يؤمر به أحد وإنما يؤجر لإرادته الحق الذي أخطأه قال المزني فقد أثبت الشافعي في قوله هذا أن المجتهد المخطئ أحدث في الدين مالم يؤمر به ولم يكلفه وإنما أجر في نيته لا في خطئه قال أبو عمر لم نجد لمالك في هذا الباب شيئا منصوصا إلا أن ابن وهب ذكر عنه في كتاب العلم من جامعه قال سمعت مالكا يقول من سعادة المرء أن يوفق للصواب والخير ومن شقوة المرء أن لا يزال يخطئ وفي هذا دليل أن المخطئ عنده وإن اجتهد فليس بمرضى الحال والله أعلم وذكر إسماعيل القاضي في المبسوط قال قال محمد بن مسلمة إنما على الحاكم الالجتهاد فيما يجوز فيه الرأي فإذا اجتهد أراد الصواب يجهد نفسه قد أدى ما عليه أخطأ أو أصاب قال وليس أجد في رأي علي حقيقته أنه الحق وإنما حقيقته الاجتهاد فإن اجتهد وأخطأ في عقوبة إنسان فمات لم يكن عليه كفارة ولا دية لأنه قد عمل بالذي أمر به قال وليس يجوز لمن لا يعلم الكتاب
72

والسنة ولا ماضي عليه أولو الأمر أن يجتهد رأيه فيكون اجتهاده مخالفا للقرآن والسنة والأمر المجمع عليه هذا كله قول محمد بن مسلمة علي ما ذكره عنه إسماعيل القاضي وذكر عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي البغدادي في كتابه في القياس جملا مما ذكر الشافعي رحمه الله في كتابه في الرسالة البغدادية وفي الرسالة المصرية في كتاب جماع العلم وفي كتاب اختلاف الحديث في القياس وفي الاجتهاد وقال في هذا من قول الشافعي دليل على ترك تخطئة المجتهدين بعضهم لبعض إذ كل واحد منهم قد أدى ما كلف باجتهاده إذا كان ممن اجتمعت فيه آلة القياس وكان ممن له أن يجتهد ويقيس قال وقد اختلف أصحابنا في ذلك فذكر مذهب المزني قال وقد خالفه غيره من أصحابنا قال ولا أعلم خلافا بين الحذاق من شيوخ المالكيين ونظارهم من البغداديين مثل إسماعيل ابن إسحاق القاضي وابن بكير وأبي العباس الطيالسي ومن دونهم مثل شيخنا عمرو بن محمد أبي الفرج المالكي وأبي الطيب محمد بن محمد بن إسحاق بن راهويه وأبي الحسن ابن المنتاب وغيرهم من الشيوخ البغداديين والمصريين المالكيين كل يحكي أن مذهب مالك رحمه الله في اجتهاد المجتهدين والقائسين إذا اختلفوا فيما يجوز فيه التأويل من نوازل الأحكام أن الحق من ذلك عند الله واحد من أقوالهم
واختلافهم إن أن كل مجتهد إذا اجتهد كما أمر وبالغ ولم يأل وكان من أهل الصناعة ومعه آلة الاجتهاد فقد أدى ما عليه وليس عله غير ذلك وهو مأجور على قصده الصواب وإن كان الحق عند الله من ذلك واحدا قال وهذا القول هو الذي عليه عمل أكثر أصحاب الشافعي قال وهو المشهور من قول أبي حنيفة فيما حكاه محمد بن الحسن وأبو يوسف وفيما حكاه الحذاق من أصحابهم مثل عيسى بن أبان ومحمد بن شجاع البلخي ومن تأخر عنهم مثل أبي سعيد البرذعي ويحيى بن سعيد الجرجاني وشيخنا أبي الحسن الكرخي وأبي بكر البخاري المعروف بحد الجسم وغيرهم ممن رأينا وشاهدنا حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا الخثني حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم قال أتي عمر في زوج وأم وأخوة لأم وأخوة لأب وأم فأعطي الزوج النصف وأعطي الأم السدس وأعطي الثلث الباقي للأخوة للأم دون بني الأب
73

والأم فلما كان من قابل أتى فيها فأعطى الزوج النصف والأم السدس وشرك بين بني الأم وبني الأب والأم في الثلث وقال أن لم يزدهم الأب قربا لم يزدهم بعدا فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين شهدتك عام الأول قضيت فيها بكذا وكذا فقال عمر تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا
باب نفي الالتباس في الفرق بين الدليل والقياس
وذكر من ذم القياس على غير أصل قال أبو عمر لاخلاف بين فقهاء الأمصار وسائر أهل السنة وهم أهل الفقه والحديث في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام إلا داود بن علي بن خلف الأصبهاني ثم البغدادي ومن قال بقوله فإنهم نفوا القياس في التوحيد والأحكام جميعا وأما أهل البدع فعلى قولين في هذا الباب سوى القولين المذكورين منهم من أثبت القياس في التوحيد والأحكام جميعا ومنهم من أثبته في التوحيد ونفاه في الأحكام وأما داود ابن علي ومن قال بقوله فأنهم أثبتوا الدليل والاستدلال في الأحكام وأوجبوا الحكم بأخبار الآحاد العدول كقول سائر فقهاء المسلمين في الجملة والدليل عند داود ومن تابعه نحو قول الله جل وعز واشهدوا ذوي عدل منكم لو قال قائل فيه دليل على رد شهادة الفساق كان مستدلا مصيبا وكذلك قوله ان جاءكم فاسق بنبأ كان فيه دليل على قول خبر العدل ونحو قول الله جل وعز إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله دلل على أن كل مانع من السعي إلى الجمعة تركه واجب لأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن جميع أضاده ونحو قول النبي صلى الله عليه وسلم من باع نخلا قد أبرت فثمنها للبائع إلا أن يشترط المبتاع دليل على أنها إذا بيعت ولم تؤبر فثمرتها للمبتاع ومثل هذا النحو حيث كان من الكتاب والسنة وقال سائر العلماء في هذا الاستدلال قولان أحدهما أنه نوع من أنواع القياس وضرب منه على ما رتب الشافعي وغيره من مراتب القياس وضروبه وأنه يدخله ما يدخل القياس من العلل والقول الآخر أنه هو النص بعيبنه وفحوى خطابة قال أبو عمر القياس الذي لا يختلف أنه قياس هو تشبيه الشيء بغيره إذا اشتبه والحكم للنظير بحكم نظيره إذا كان في معناه والحكم للفرع بحكم أصله إذا قامت
74

فيه العلة التي من أجلها وقع الحكم ومثال القياس أن السنة المجتمع عليها وردت بتحريم البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والذهب بالذهب والورق بالورق والملح بالملح إلا مثلا بمثل ويدا بيد فقال قائلون من الفقهاء القايسين حكم الزبيب والسلت والدخن والأرز كحكم البر والشعير والتمر وكذلك الحمص والفول وكل ما يكال ويؤكل ويدخر ويكون قوتا واداما وفاكهة مدخرة لأن هذه العلة في البر والشعير والتمر والملح موجودة وهذا قول مالك وأصحابه ومن تابعهم وقال آخرون العلة في البر وما ذكر معه في الحديث من الذهب والورق والبر والشعير أن ذلك كله موزون أو مكيل بكل مكيل أو موزون فلا يجوز فيه إلا ما يجوز فيها من النساء والتفاضل هذا قول الكوفيين ومن تابعهم وقال آخرون العلة في البر أنه مأكول وكل مأكول فلا يجوز إلا مثلا بمثل يدا بيد سواء كان مدخرا أو غير مدخر وسواء كان يكال أو يوزن أو لايكال ولا يوزن هذا قول الشافعي ومن ذهب مذهبه وقال بقوله وعلل الشافعي الذهب والورق بأنهما قيم المتلفات وأثمان المبيعات فليستا كغيرهما من المذكورات معها لأنهما يجوز ان يسلما في كل شيء سواهما وإلى هذا مالا أصحاب مالك في تعليل الذهب والورق خاصة وقال داود البر بالبر والشعير بالشعير والذهب بالذهب والورق بالورق والتمر بالتمر والملح بالملح هذه الستة الأصناف لا يجوز شيء منها بجنسه إلا مثلا بمثل يدا بيد ولا يجوز شيء منها بجنسه ولا بغير جنسه منها نسيئة وما عدا ذلك كله فبيعه جائز نيسئة ويدا بيد متفاضلا وغير متفاضل لعموم قوله جل وعز وأحل الله البيع وحرم الربا فكل بيع حلال إلا ما حرمه الله في كتابه أو على لسان رسوله ولم يحكم لشيء بما في معناه ولم يعتبر المعاني والعلل وما أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول إلا طائفة من أهل البصرة وأما فقهاء الأمصار فكل واحد منهم سلف من الصحابة والتابعين وقد ذكرنا حجة كل واحد منهم وما اعتل به من جهة الأثر والنظر في كتاب التمهيد فأغنى عن ذكره ههنا وأما داود فلم يقس على شيء من المذكورات الست في الحديث غيرها ورد العلماء عليه هذا القول وحكموا لكل شيء مذكور بما في معناه وردوا على داود ما أصل بضروب من القول وألزموه صنوفا
75

من الالتزامات يطول ذكرها لا سبيل إلى الاتيان بها في كتابنا هذا وحجج الفريقين كثيرة جدا من جهة النظر قد أفردوا لها كتاب واحتج من ذهب مذهب داود من جهة الأثر بما حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثني عيسى بن يونس عن جرير بن عثمان الرحبي قال حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف ابن مالك الأشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها على أمتي فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله وحدثنا أحمد بن سعيد بن بشر وأحمد بن محمد قالا حدثنا وهب بن مسرة قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا محمد بن ماهان قال سمعت محمد ابن كثير عن ابن شوذب عن مطر عن الحسن قال أول من قاس إبليس قال خلقتني من نار وخلقته من طين وبهذا الاسناد عن ابن ماهان قال سمعت يحيى بن سليم الطائفي غير مرة أخبرنا داود بن أبي هند عن ابن سيرن قال أول من قاس إبليس وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا محمد بن محبوب قال حدثنا أبو عوانة عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن مسروق قال إني أخاف أن أقيس فتزل قدمي قال أحمد بن زهير وحدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا جابر عن عامر قال قال مسروفي لا أقيس شيئا بشئ قلت لم قال
أخشى أن تزل رجلي وذكر نعيم بن حماد قال حدثنا ابن إدريس عن عمه داود عن الشعبي عن مسروق قال لا أقيس شيئا بشيء فتزل قدمي بعد ثبوتها قال نعيم وحدثنا وكيع عن عيسى الخياط عن الشعبي قال إياكم والقياس وإنكم إن أخذتم به أحللتم الحرام وحرمتم الحلال ولأن اتغنى غنية أحب إلي من أن أقول في شيء برأيي وذكر الشعبي مرة أخرى القياس فقال أيرى في القياس وقال الشعبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تهلك أمتي حتى تقع في المقاييس فإذا وقعت في المقاييس فقد هلكت وقد ذكرن امن هذا المعنى زيادة في باب ذم الرأي من هذا الكتاب لأنه معنى منه وبالله التوفيق واحتج من نفي القياس
76

بهذه الآثار ومثلها وقالوا في حديث معاذ أن معناه أن يجتهد رأيه على الكتاب والسنة وتكلم داود في أسناد حديث معاذ ورده ودفعه من أجل أنه عن أصحاب معاذ ولم يسموا وحديث معاذ صحيح مشهور رواه الأئمة العدول وهو أصل في الاجتهاد والقياس على الأصول وسائر الفقهاء قالوا في هذه الآثار وما كان مثلها في ذم القياس إنه القياس على غير أصل والقول في دين الله بالظن وأما القياس على الأصول والحكم اللشيء بحكم نظيره فهذا مالا يختلف فيه أحد من السلف بل كل من روى عنه ذم القياس قد وجد له القياس الصحيح منصوصا لا يدفع هذا إلا جاهل أو متجاهل مخالف للسلف في الأحكام أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال مسروق الوراق كنا من الذين قبل اليوم في سعة حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس قاموا من أسوق إذ قلت مكاسبهم فاستعملوا الرأي عند الفقر والبوس أما العريب فقوم لا عطاء لهم وفي المولى علامات المفاليس فلقيه أبو حنيفة فقال هجوتنا نحن نرضيك فبعث إليه بدراهم فقال إذا ما أهل مصر بادهونا بآبدة من الفتيا لطيفة أتيناهم بمقياس صحيح صليب من طراز أبي حنيفة إذا سمع الفقيه به وعاه وأثبته بحبر في صحيفة قال أبو عمر اتصلت هذه الأبيات ببعض أهل الحديث والنظر من أهل ذلك الزمن فقال إذا ذو الرأي خاصم عن قياس وجاء ببدعة منه سخيفة أتيناهم بقول الله فيها وآثار مبرزة شريفة أنشدنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال أنشدنا محمد بن محمد بن وضاح ببغداد على باب أبي مسلم الكشي قال قال لي غلام خليل انشدني بعض البصريين لبعض شعرائهم يهجو أبا حنيفة وزفر بن الهذيل إن كنت كاذبة بما حدثتني فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر الواثبين على القياس تعديا والناكبين عن الطريقة والأثر
77

خلت البلاد فارتعوا في رحيها ظهر الفساد ولا سبيل إلى الغير قال لنا أبو القاسم قال لنا قاسم محمد ولد ابن وضاح كان أدرك غلام خليل ومات محمد بن محمد بن وضاح بجزيرة اقريطش قال أبو عمر بلغني أن أبا جعفر الطحاوي رحمه الله أنشد هذه الأبيات فقليك غثم أبي حنيفة أوزفر فقال وددت أن لي أجرهما وحسناتهما وعلي إثمهما وسيئاتهما وكان من أعلم الناس بسير القوم واخبارهم لأنه كان كوفي المذهب وكان عالما بجميع مذاهب الفقهاء رحمه الله وقد رويت في ذم الرأي والقياس آثار كثيرة وسنفرد لها بابا في كتابنا هذا إن شاء الله
باب جامع بيان ما يلزم الناظر في اختلاف العلماء
قال أبو عمر اختلف الفقهاء في هذا الباب على قولين أحدهما أن اختلاف العلماء من الصحابة ومن بعدهم من الأئمة رحمة واسعة وجائز لمن نظر في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بقول من شاء منهم وكذلك الناظر في أقاويل غيرهم من الأئمة مالم يعلم أنه خطأ فإذا بأن له انه خطأ لخلافه نص الكتاب أو نص السنة أو اجماع العلماء لم يسعه اتباعه فإذا لم بين له ذلك من هذه الوجوه جاز له استعمال قوله وان لم يعلم صوابه من خطائه وصار في حيز العامة التي يجوز لها أن تقلد العالم إذا سألته عن شيء وإن لم تعلم وجهه هذا قول يروي معناه عن عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وعن سفيان الثوري إن صح وقال به قوم ومن حجتهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم وهذا مذهب ضعيف عند جماعة من أهل العلم وقد رفضه أكثر الفقهاء وأهل النظر ونحن نبين الحجة عليه في هذا الباب إن شاء الله على ما شرطناه من التقريب والاختصار ولا قوة إلا بالله على أن جماعة من أهل الحديث متقدمين ومتأخرين يميلون إليه وقد نظم أبو مزاحم الخاقاني ذلك في شعر له أنشدناه عبد الله بن محمد بن يوسف قال أنشدنا يحيى بن مالك قال أنشدنا الدعلجي قال أنشدنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان لنفسه
78

أعوذ بعزة الله السلام وقدرته من البدع العظام أبين مذهبي فيمن أراه إماما في الحلال وفي الحرام كما بينت في القراء قولي فلاح القول معتليا أمامي ولا أعدو ذوي الآثار منهم فهم قصدي وهم نور التمام أقول الآن في الفقهاء قولا على الانصاف جدبه اهتمامي أرى بعد الصحابة تابعيهم لذي فتياهم بهم ائتمامي علمت إذا عزمت على اقتدائي بهم إني مصيب في اعتزام وبعد التابعين أئمة لي سأذكر بعضهم عند انتظام فسفيان العراق ومالك في حجازهم وأوزاعي شآم ألا وابن المبارك قدوة لي نعم والشافعي أخو الكرام ولم أر ذكرى النعمان فيهم صوابا إذ رموه بالسهام وممن أرتضى فأبو عبيد وارضى بابن حنبل الإمام فآخذ من مقالهم اختياري وما أنا بالمباهى والمسام وأخذى باختلافهم مباح لتوسيع الآلة على الأنام ولست مخالفا إن صح لي عن رسول الله قول بالكلام إذا خالفت قول رسول الله ربي خشيبت عقاب رب ذي انتقام وما قال الرسول فلا خلاف له يا رب أبلغه سلامي وقال أبو عمر قد يحتمل قوله فآخذ من مقالهم اختياري وجهين أحدهما أن يكون مذهبة في ذلك كمذهب القاسم بن محمد ومن تابعه من العلماء أن الاختلاف سعة ورحمة والوجه الآخر أن يكون أراد ى خذ من مقالهم اختياري أي أصير من أقاويلهم إلى ما قام عليه الدليل فإذا بان لي صحته اخترته وهذا أولى من أن يضاف إلى أحد الأخذ بما أراده في دين الله بغير برهان ونحن نبين هذا إن شاء الله حدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد ابن شجاع وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون بن سعيد قالا حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني أفلح
79

ابن حميد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعمالهم لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة ورأى أنه خير منه قد عمله رواه هارون بن سعيد الآيلي عن يحيى بن سلام الآيلي عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد قال لقد أوسع الله على الناس باختلاف أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم أي ذلك أخذت به لم يكن في نفسك منه شيء أخبرنا عبد الوراث قال حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا ضمرة عن رجاء بن جميل قال اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث قال فجعل عمر يجيء بالشيء مخالفا فيه القاسم قال وجعل ذلك يشق على القاسم حتى تبين فيه فقال له عمر لا تفعل فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم وذكر ابن وهب عن نافع عن أبي نعيم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا لأنه لو كانوا قولا واحدا كان الناس في ضيق وانهم أئمة يقتدى بهم فلو أخذ رجل يقول أحدهم كان في سعة قال أبو عمر هذا فيما كان طريقه الاجتهاد وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا أحمد بن دحيم بن خليل قال حدثنا إبراهيم ابن حماد بن إسحاق قال حدثني عمي إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا إبراهيم ابن حمزة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن أسامة بن زيد قال سألت القاسم بن محمد عن القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر فيه فقال إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وذكر الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عبد الله بن اصلح قال حدثني الليث عن يحيى بن سعيد قال ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه قال أبو عمر فهذا مذهب القاسم بن محمد ومن تابعه وقال به قوم وأما مالك والشافعي ومن سلك سبيلهما من أصحابهما وهو قول الليث بن سعد والأوزاعي وأبي ثور وجماعة أهل النظر أن الاختلاف إذا تدافع فهو خطأ وصواب والواجب عند إختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والاجماع والقياس على الأصول منها وذلك
80

لا يعدم فإن استوت الأدلة وجب الميل مع الأشبه بما ذكرنا بالكتاب والسنة فإذا لم يبين ذلك وجب التوقف ولم يجز القطع إلا بيقين فإن اضطر أحد إلى استعمال شيء من ذلك في خاصة نفسه جاز له ما يجوز للعامة من التقليد واستعمل عند إفراط التشابه والتشاكل وقيام الأدلة على كل قول بما يعضده قوله صلى الله عليه وسلم البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر فدع ما يريبك لمالا يريبك هذا حال من لا يمعن النظر وأما المفتون فغير جائز عند أحد ممن ذكرنا قوله لا أن يفتي ولا يقضي حتى يتبين له وجه ما يفتي به من الكتاب أو السنة أو الاجماع أو ما كان في معنى هذه الأوجه حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن ذكوان قال حدثنا مجالد بن سعيد قال حدثني الشعبي قال اجتمعنا عند ابن هبيرة في جماعة من قراء أهل الكوفة والبصرة فجعل يسألهم حتى انتهي إلى محمد بن سيرين فجعل يسأله فيقول له قال فلان كذا وقال فلان كذا وقال فلان كذا فقال ابن هبيرة قد أخبرتني عن غير واحد فأي قول آخذ قال اختر لنفسك فقال ابن هبيرة قد سمع الشيخ علما لو أعين برأي وذكر تمام الحديث أخبرني قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال حدثنا محمد بن وطيس قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت أشهب يقول سئل مالك عن اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خطأ وصواب فانظر في ذلك وذكر يحيى بن إبراهيم بن مزين قال حدثني أصبغ قال قال ابن القاسم سمعت مالكا والليث يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كما قال ناس فيه توسعة ليس كذلك إنما هو خطا وصواب قال يحيى وبلغني أن الليث بن سعد قال إذا جاء الاختلاف أخذنا فيه بالأحوط حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا محمد بن زيان قال حدثنا الحارث بن مسكين عن ابن مسكين عن ابن القاسم عن مالك أنه قال في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد أخبرني خلف بن القاسم قال حدثني أبو إسحاق ابن شعبان قال أخبرني محمد بن أحمد عن يوسف بن عمرو عن ابن وهب
81

قال قال لي مالك يا عبد الله إذ ما سمعت وحسبك ولا تحمل لأحد على ظهرك واعلم إنما هو خطأ وصواب فانظر لنفسك فإنه كان يقال أخسر الناس من باع آخرته بدنياه وأخسر منه من باع آخرته بدنيا غيره وذكر إسماعيل بن إسحاق في كتابه المبسوط عن أبي ثابت قال سمعت ابن قاسم يقول سمعت مالكا والليث بن سعد يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن أناسا يقولون فيه توسعة فقالا ليس كذلك إنما هو خطأ وصواب قال إسماعيل القاضي إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعة في اجتهاد الرأي فأما أن تكون توسعة لأن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غر أن يكون الحق عنده فيه فلا ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا كلام إسماعيل هذا حسن جدا وفي سماع أشهب سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتراه من ذلك في سعة فقال لا والله حتى يصيب الحق وما الحق إلا واحد قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا ما الحق والصواب إلا واحد وذكر محمد بن حارث قال حدثنا محمد بن عباس النحاس قال حدثني أبو عثمان سعيد بن محمد الحداد قال حدثني أبو خالد الخاصي قال قلت لسحنون تقرأ لي كتاب القسمة فقال على أن لا أقول منه إلا بخمس أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا الميمون بن حمزة الحسيني بمصر قال حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن الحسن بن شعيب بن زيادة المداني قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال قال الشافعي في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصير منها إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الاجماع أو كان أصح في القياس وقال في قول الواحد منهم إذا لم يحفظ له مخالفا منهم صرت إليه وأخذت به إن لم أجد كتابا ولا سنة ولا اجماعا ولا دليلا منها هذا إذا وجدت معه القياس قال وقل ما يوجد ذلك قال المزني فقد بين أنه قبل قوله بحجة ففي هذا مع اجتماعهم على أن العلماء في كل قرن ينكر بعضهم على بعض فيما اختلفوا فيه قضاء بين على أن لا يقال إلا بحجة وأن الحق في وجه واحد والله أعلم قال أبو عمر وقد ذكر الشافعي في كتاب أدب القضاة أن القاضي والمفتي
82

لا يجوز له أن يقضي ويفتي حتى يكون عالما بالكتاب وما قال أهل التأويل في تأويله وعالما بالسنن والآثار وعالما باختلاف العلماء حسن النظر صحيح إلا ود ورعا مشاورا فيما اشتبه عليه وهذا كله مذهب مالك وسائر فقهاء المسلمين في كل مصر يشترطون أن القاضي والمفتي لا يجوز أن يكون إلا في هذه الصفات واختلف قول أبي حنيفة في هذا الباب فمرة قال أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فآخذ بقول من شئت منهم ولا أخرج عن قول جميعهم وإنما يلزمني النظر في أقاويل من بعدهم
من التابعين ومن دونهم قال أبو عمر جعل للصحابة في ذلك مالم يجعل لغيرهم وأظنه مال إلى ظاهر حديث أصحابي كالنجوم والله أعلم وإلى نحو هذا كان أحمد بن حنبل يذهب ذكر العقيلي قال حدثنا هارون بن علي المقري قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال قلت لأحمد بن حنبل إذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسئلة هل يجوز نلا أن ننظر في أقوالهم لنعلم مع من الصواب منهم فنتبعه فقال لي لا يجوز النظر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كيف الوجه في ذلك قال تقلد أيهم أحببت قال أبو عمر لم ير النظر فيما اختلفوا فيه خوفا من التطرق إلى النظر فيما شجر بينهم وحارب فيه بعضهم بعضا وقد روي السمتي عن أبي حنيفة أنه قال في قولين للصحابة أحد القولين خطأ والمأثم فيه موضوع وروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه حكم في طست ثم غرمه للمقضى عليه فلو كان لا يشك إن الذي قضى به هو الحق لما تأثم عن الحق الذي ليس عليه غيره ولكنه خاف أن يكون قضى عليه بقضاء أغفل فيه فظلم من حيث لا يعلم فتورع فاستحل ذلك بغرمه له وقد جاء عنه في غير موضع في مثل هذا قد مضى القضاء وقد ذكر المزني رحمه الله في هذا حججا أنا أذكرها هنا إن شاء الله قال امزني قال الله تبارك وتعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيها اختلافا كثيرا فذم الاختلاف وقال ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا الآية وقال فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا وعن مجاهد وعطاء وغيرهما في تأويل ذلك قال إلى الكتاب والسنة قال المزني فذم إليه الاختلاف وأمر عنده بالرجوع إلى الكتاب والسنة فلو كان الاختلاف من دينه ما ذمه
83

ولو كان التنازع من حكمه ما أمرهم بالرجوع عنده إلي الكتاب والسنة قال وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال احذروا زلة العالم وعن عمر ومعاذ وسلمان مثل ذلك في التخويف من زلة العالم قال وقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطأ بعضهم بعضا ونظر بعضهم في أقاويل بعض وتعقبها ولو كان قولهم كله صوابا عندهم لما فعلوا ذلك وقد جاء عن ابن مسعود في غير مسألة أنه قال أقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمنى وأستغفر الله وغضب عمر بن الخطاب من اختلاف أبي بن كعب وابن مسعود في الصالة في الثوب الواجد إذ قال أبي الصلاة في الثوب الواحد حسن جميل وقال ابن مسعود إنما كان ذلك والثياب قليلة فخرج عمر مغضبا فقال اختلف رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ينظر إليه ويؤخذ عنه وقد صدق أبي ولم يال ابن مسعود ولكني لا أسمع أحدا يختلف فيه بعد مقامي هذا إلا فعلت به كذا وكذا وعن عمر في المرأة التي غاب عنها زوجها وبلغه عنها أنه يتحدث عندها فبعث عليها يعظها ويذكرها ويوعدها إن عادت فمخضت فولدت غلاما فصوت ثم مات فشاور أصحابه في ذلك فقالوا والله ما نرى عليك شيئا ما أردت بهذا إلا الخير وعلى حاضر فقال له ما ترى يا أبا حسن فقال قد قال هؤلاء فإن يك هذا جهد رأيهم فقد قضواما عليهم وإن كانوا قاربوك فقد غشوك أما الإثم فارجو أن يضعه الله عنك بنيتك وما يعلم منك وأما الفلام فقد والله غرمت فقال أنت والله صدقتني أقسمت لا تجلس حتى تقسمها على بني أبيك حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا خالد بن يزيد قال حدثني أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه قال إقامة الدين اخلاصه ولا تتفرقوا فيه يقول لا تتعادوا عليه وكونوا عليه إخوانا قال ثم ذكر بني إسرائيل وحذرهم أن يأخذوا بسنتهم قال وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم
84

بغيا بينهم فقال أبو العالية بغيا على الدنيا وملكها وزخرفها وزينتها وسلطانها وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب قال من هذا الاخلاص
باب ذكر الدليل في أقاويل السلف على أن الاختلاف خطأ وصواب
يلزم طلب الحجة عنده وذكر بعض ما خطأ فيه بعضهم بعضا وأنكره بعضهم على بعض عند اختلافهم وذكر معنى قوله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم حدثنا سعيد بن نصر وسعبد بن عثمان قالا حدثنا أحمد بن دحين قال حدثنا محمد بن إبراهيم الدبيلي قال حدثنا أبو عبيد الله المخزومي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا عمرو بن دينار قال أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس أن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل فقال كذب حدثنا أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله قال أبو عمر قد رد أبو بكر الصديق رضي الله عنه قول الصحابة في الردة وقال والله لو منعوني عقالا مما أعطوه رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه وقطع عمر بن الخطاب اختلاف أصحاب رسول اله صلى الله عليه وسلم في التكبير على الجنائز وردهم إلى أربع وسمع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان الضبي بن معبد مهلا بالحج والعمرة معا فقال أحدهما لصاحبه لهذا أضل من بعير أهله فأخبر بذلك عمر فقال لو لم يقولا شيئا هديت لسنة نبيك وردت عائشة قول أبي هريرة تقطع المرأة الصلاة وقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بينه وبين القبلة وردت قول عمر الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقالت وهم أبو عبد الرحمن أو أخطأ أو نسي وكذلك قالت له في عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ زعم ابن عمر أنه اعتمر أربع عمر فقالت عائشة هذا وهم منه على أنه قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمره كلها ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثا وأنكر ابن مسعود على أبي هريرة قوله من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وقال فيه قولا شديدا وقال يا أيها الناس لا تنجسوا من موتاكم وقيل لابن مسعود إن سلمان بن ربيعة وأبا موسى الأشعري قالا في بنت وبنت ابن وأخت إن المال بين البنت ولأخت نصفان ولا شيء لبنت الابن وقالا
85

للسائل وائت ابن مسعود سيتابعنا فقال ابن مسعود لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين بل أقضى فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة للثلثين وما بقي فللأخت وأنكر جماعة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضاع الكبير ولم تأخذ واحدة منهن بقولها في ذلك وأنكر ذلك أيضا ابن مسعود على أبي موسى الأشعري وقال إنما الرضاعة ما أنبت اللحم والدم فرجع أبو موسى إلى قوله وأنكر ابن عباس على علي أنه أحرق المرتدين بعد قتلهم واحتج ابن مسعود بقوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاضربوا عنقه فبلغ ذلك عليا فأعجبه قوله قال أبو عمر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل فاضربوا عنقه ثم
أحرقوه ورفع إلى علي بن أبي طالب أن شريحا قضى في رجل وجد آبقا فأخذه ثم ابق منه أنه يضمن العبد فقال علي أخطأ شريح وأساء القضاء بل يحلف بالله لابق منه وهو لا يعلم وليس عليه شيء وعن عمر في الجارية النوبية التي جاءت حاملا إلى عمر فقال لعلي وعبد الرحمن ما تقولان فقالا أقضاء غير قضاء الله تلتمس قد أقرت بالزنا فحدها وعثمان ساكت فقال عمر لعثمان ما تقول فقال أراها تستهل به وإنما الحد على من علمه فقال عمر القول ما قلت مالحد إلا على من علمه وقيل لابن عباس أن عليا يقول لا تؤكل ذبائح نصارى العرب لأنهم لم يتمسكوا من النصرانية إلا بشرب الخمر فقال ابن عباس تؤكل ذبائحهم لأن الله يقول ومن يتولهم منكم فإنه منهم وعن ابن عمر في الذي توالى عليه رمضانان بدنتان مقلدتان فأخبر ابن عباس بقوله فقال وما للبدن وهذا يطعم ستين مسكينا فقال ابن عمر صدق ابن عباس امض لما أمرك به وقال على المكاتب يعتق إذا عجز يعتق منه بقدر ما أدى فقال زيد هو عبد ما بقي عليه درهم وقال عبد الله بن مسعود إذا أدى الثلث فهو غريم وعن عمر بن الخطاب إذا أدى الشطر فلا رق عليه وقال شريح إذا أدى قيمته فهو غريم وعن ابن مسعود أيضا مثله وقال زيد وابن عمر وعثمان وعائشة وأم سلمة هو عبد ما بقي عليه درهم وروى وكيع عن إسماعيل بن عبد الملك قال سألت سعيد ابن جبير عن ابنة وابن عم أحدهما أخ لام فقال للأبنة النصف وما بقي فلابن العم الذي ليس باخ لام قال وسألت عطاء فقال أخطأ سعيد بن جبير الابنة النصف وما بقي
86

بينهما نصفان قال يحيى بن آدم القول عندنا قول عطاء لأن الابنة والأخت لا تحجب العصبة ولم تزده الأم إلا قربا وذكر عبد الرزاق عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت للشعبي إن إبراهيم قال في الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل فيضع له بعضا ويجعل له بعضا إنه لا باس به وكرهه الحكم فقال الشعبي أصاب الحكم وأخطأ إبراهيم وقيل لسعيد بن خبير ان الشعبي يقول العمرة تطوع فقال أخطأ الشعبي وذكر لسعيد بن المسيب قول شريح في المكاتب فقال أخطأ شريح حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عاصم قال حدثنا شعبة قال قتادة أخبرني قال قلت لسعيد بن المسيب أن شريحا قال يبدأ بالمكاتبة قبل الدين أو يشرك بينهما شك شعبة قال ابن المسيب أخطأ شريح وإن كان قاضيا قال زيد بن ثابت يبدأ بالدين وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة قال ما رأيت الشعبي وحماد تماريا في شيء إلا غلبه حماد إلا هذا سئل عن القوم يشتركون في قتل الصيد وهم حرم فقال حماد عليهم جزاء واحد وقال الشعبي على كل واحد منهم جزاء ثم قال الشعبي أرأيت لو قتلوا رجلا ألم يكن على كل واحد منهم كفارة فظهر عليه الشعبي وقال عبد الرزاق عن الثوري في رجل قال لرجل يعني نصف دارك مما يلي داري قال هذا بيع مردود لأنه لا يدري أين ينتهي بيعه ولو قال أبيعك نصف الدار أو ربع الدار جاز قال عبد الرزاق فذكرت ذلك لعمر قال هذا قول سواء كله لا بأس به وروى همام عن قتادة ان إياس بن معاوية أجاز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق قال قتادة فسئل الحسن عن ذلك فقال لا تجوز شهادة النساء في الطلاق قال فكتب إلى عمر ابن عبد العزيز بقول الحسن وقضاء أناس فكتب عمر أصاب الحسن واخطأ إياس قال أبو عمر هذا كثير في كتب العلماء وكذلك اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من المخالفين وما رد فيه بعضهم على بعض لا يكاد يحيط به كتاب فضلا عن أن يجمع في باب وفيما ذكرنا منه دليل على ما عنه سكتنا وفي رجوع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض ورد بعضهم على بعض دليل واضح على أن اختلافهم عندهم خطأ وصواب ولذلك كان يقول كل واحد منهم جائز ما قلت أنت وجائز
87

ما قلت أنا وكلانا نجم يهتدي به فلا علينا شيء من اختلافنا والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم والنظر يأبى أن يكون الشيء وضده صوابا كله ولقد أحسن القائل إثبات ضدين معا في حال أقبح ما يأتي من المحال ومن تدبر رجوع عمر إلى قول معاذ في المرأة الحامل وقوله لولا معاذ هلك عمر علم صحة ما قلنا وكذلك رجع عثمان في مثلها إلى قول على وروي أنه رجع في مثلها إلى قول ابن عباس وروي أن عمر إنما رجع فيها إلى قول علي وليس كذلك إنما رجع عمر إلى قول معاذ في التي أراد رجمها حاملا فقال له معاذ ليس لك على ما في بطنها سبيل ورجع إلى قول علي في التي وضعت لستة أشهر روى قتادة عن ابن أبي حرب ابن أبي الأسود عن أبيه أنه رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر فهم عمر برجمها فقال له علي ليس ذلك لك قال الله تبارك وتعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وقال وحمله وفصاله ثلاثون شهرا لا رجم عليها فخلى عمر عنها فولدت مرة أخرى لذلك الحد ذكره عفان عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ورجع عثمان عن حجبة الجد بالأخ إلى قول علي ورجع عمر وابن مسعود عن مقاسمة الجد إلى السدس إلى قول زيد في المقاسمة إلى الثلث ورجع علي عن موافقته عمر في عتق أمهات الأولاد وقال له عبيدة السلماني رأيك مع عمر أحب إلي من رأيك وحدك وتمادى علي على ذلك فأرقهن ورجع ابن عمر إلى قول ابن عباس فيمن توالي عليه رمضانان وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ردوا الجهالات إلى السنة وفي كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجح فيه إلى الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال لو كانت الأهواء كلها واحدا لقال القائل لعل الحق فيه فلما تشعبت وتفرقت عرف كل ذي عقل أن الحق لا يتفرق وعن مجاهد ولا يزالون مختلفين قال أهل الباطل إلا من رحم ربك قال أهل الحق ليس بينهم اختلاف وقال أشهب سمعت مالكا يقول ما الحق إلا
88

واحد قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا ما الحق والصواب إلا واحد قال أشهب وبه يقول الليث قال أبو عمر الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله قال المزني يقال لمن جوز الاختلاف وزعم أن العالمين إذا اجتهدا في الحادثة فقال أحدهما حلال والأخر حرام فقد أدى كل واحد منهما جهده وما كلف وهو في اجتهاده مصيب الحق أبأصل قلت هذا أم بقياس فإن قال بأصل قيل كيف يكون أصلا والكتاب أصل ينفي الخلاف وإن قال بقياس قيل كيف تكون الأصول تنفي الخلاف ويجوز لك أن تقيس عليها جواز الخلاف هذا ما لا يجوزه عاقل فضلا عن عالم ويقال له أليس إذا ثبت حديثان مختلفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى واحد أحله أحدهما وحرمه الآخر وفي كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على اثبات أحدهما ونفى الآخر أليس
يئبت الذي يثبته الدليل ويبطل الآخر ويبطل الحكم به فإن خفي الدليل على أحدهما واشكل الأمر فيهما وجب الوقوف فإذا قال نعم ولا بد من نعم وإلا خالف جماعة العلماء قيل له فلم لا تصنع هذا برأي العالمين المختلفين فيثبت منهما ما يثبته الدليل ويبطل ما أبطله الدليل قال أبو عمر ما الزمه المزني عندي لازم فلذلك ذكرته وأضفته إلى قائله لأنه يقال إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله وهذا باب يتصل فيه القول وقد جمع الفقهاء من أهل النظر في هذا وطولوا وفيما لوحنا مقنع ونصاب كاف لمن فهمه وأنصف نفسه ولم يخادعها بتقليد الرجال حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال سمعت سحنون يقول قال ابن القاسم من صلى خلف أهل الأهواء يعيد في الوقت قلت لسحنون ما تقول أنت قال أقول إن الإعادة ضعيفة قلت له إن أصبغ بن الفرج يقول يعيد أبدا في الوقت وبعده إذا صلى خلف أحد من أهل الأهواء والبدع فقال سحنون لقد جاء من رأى الإعادة عليهم في الوقت وبعده ببدعة أشد من بدعة صاحب البدعة قال أبو عمر لأصحابنا من رد بعضهم لقول بعض بدليل وبغير دليل شيء لا يكاد يحصى كثرة ولو تقصيته لقام منه كتاب كبير أكبر من كتابنا هذا ولكني رأيت القصد إلى ما يلزم أولى وأوجب فاقتصرنا على الحجة عندنا وبالله عصمتنا وتوفيقنا وهو نعم المولى ونعم المستعان قال المزني رحمه الله في قول
89

رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم قال إن صح هذا الخبر فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليهم فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به لا يجوز عندي غير هذا وأما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا ولا أنكر بعضهم على بعض ولا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر أخبرنا محمد بن إبراهيم ابن سعد قراءة مني عليه أن محمد بن أحمد بن يحيى حدثهم قال حدثنا أبو الحسن محمد بن أيوب الرقي قال قال لنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار سألتهم عما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما في أيدي العامة يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما مثل أصحابي كمثل النجوم أو أصحابي كالنجوم فبأيها اقتدوا اهتدوا وهذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وربما رواه عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم ابن زيد لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه والكلام أيضا منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي فعضوا عليها بالنواجذ وهذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت فكيف ولم يثبت والنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه والله أعلم هذا آخر كلام البزار قال أبو عمر قدر وي أبو شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم وهذا إسناد لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به وليس كلام البزار بصحيح على كل حال لأن الالقتداء بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منفردين إنما هو لمن جهل ما يسئل عنه ومن كانت هذه حاله فالتقليد لازم له ولم يأمر أصحابه أن يقتدي بعضهم ببعض إذا تأولوا تأويلا سائغا جائزا ممكنا في الأصول وإنما كل واحد منهم نجم جائز أن يقتدي به العامي الجاهل بمعنى ما يحتاج إليه من دينه وكذلك سائر العلماء مع العامة والله أعلم وقد روي في هذا الحديث اسناد غير ما ذكر البزار حدثنا أحمد بن عمر قال حدثنا عبد بن أحمد قال حدثنا علي بن عمر قال حدثنا القاضي أحمد بن كامل قال حدثنا
90

عبد الله بن روح قال حدثنا سلام بن سليم قال حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم قال أبو عمر هذا اسناد لا تقوم به حجة لأن الحرث بن غصين مجهول حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا سعيد بن عامر قال حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة قال ليس أحد من خلق الله ألا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا ابن أبي العقب بدمشق قال حدثنا أبو زرعة قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ليس أحد من خلق الله إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن وهب قال سمعت سفيان يحدث عن عبد الكريم عن مجاهد أنه قال ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الكريم عن مجاهد قال ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك وأخبرنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا أحمد ابن محمد بن زياد البصري بمكة قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم عن مجاهد قال ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك قال أبو عمر وافق الحسن الزعفراني ويونس بن عبد الأعلى ابن وهب في اسناد هذا الحديث وخالفهم ابن أبي عمر وكلا الحديثين صحيح إن شاء الله وجائز أن يكون عند ابن عيينة هذا الحديث عن عبد الكريم الجزري وابن أبي نجيح جميعا عن مجاهد أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الغلابي قال حدثنا خالد بن الحرث قال قال لي سليمان التيمي لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشرك كله وذكره الطبري عن أحمد بن إبراهيم عن غسان بن الفضل قال أخبرني خالد بن الحرث
91

قال قال لي سليمان التيمي إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله قال أبو عمر هذا اجماع لا أعلم فيه خلافا
باب ما يكره فيه المناظرة والجدال والمراء
قال أبو عمر الآثار كلها في هذا الباب المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وردت في النهي عن الجدال والمراء في القرآن وروى سعيد بن المسيب أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال المراء في القرآن كفر ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه غير هذا بوجه من الوجوه والمعنى أن يتمادى اثنان في آية يجحدها أحدهما ويدفعا أوي صير فيها إلى الشك فذلك هو المراء الذي هو الكفر وأما التنازع في احكام القرآن ومعانيه فقد تنازع أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم في كثير من ذلك وهذا يبين لك أن المراء الذي هو كفر هو الجحود والشك كما قال عز وجل ولا يزال الذين كفروا في مرية منه ونهى السلف رحمهم الله عن الجدال في الله جل ثناؤه في صفاته وأسمائه وأما الفقه فاجمعوا على الجدال فيه والتناظر لأنه علم يحتاج فيه إلى رد الفروع على الأصول للحاجة إلى ذلك وليس الاعتقادات كذلك لأن الله عز وجل لا يوصف عند الجماعة أهل السنة إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت الأمة عليه وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو بأنعام نظر وقد نهينا عن التفكير في الله وأمرنا بالتفكر في خلقه الدال عليه وللكلام في ذلك موضع غير هذا والدين قد وصل إلى العذراء في خدرها والحمد لله قرأت على سعيد بن نصر أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا ابن وضاح
92

قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا سلام بن أبي مطيع عن يحيى بن سعيد قال قال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه عرضا للخصومات أكثر التنقل وبه عن ابن مهدي قال حدثنا هشيم عن المغيرة عن إبراهيم قال كانوا يكرهون التلون في الدين قال وحدثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن إبراهيم النخعي فأغرينا بينهم العداورة والبغضاء قال الخصومات والجدال في الدين قال وحدثنا هشيم بن بشير عنا لعوام بن حوشب قال غياكم والخصومات في الدين فإنها تحبط الأعمال قال وحدثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز قال إذا رأيت قوما بتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة قال وحدثنا سفيان عن حبيب ابن أبي ثابت عن خالد بن سعد قال دخل أبو مسعود على حذيفة قال اعهد أبي قال أولم يأتك اليقين قال بلى قال فإن الضلالة حق الضلالة إن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف وإياك التلون في دين الله فإن دين الله واحد وقال الأوزاعي بلغني إن الله إذا أراد بقوم شرا الزمهم الجدل ومنعهم العمل وحدثنا عبد الرحمن الوارث حدثنا اقسم حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عثمان بن صالح عن ابن وهب عن بكر بن نصر قال إذا أراد الله بقوم شرا الزمهم الجدال ومنعهم العمل وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الحوطي قال حدثنا أشعث بن شعبة قال سمعت الفزاري قال سئل عمر بن عبد العزيز عن قتال أهل صفين قال تلك دماء كف الله عنها يدي لا أريد أن الطخ بها لساني ذكر سنيد قال حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي في قوله أغيرينا بينهم العداوة والبغضاء قال الخصومات بالجدل في الدين وقال معاوية بن عمرو إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال وروى سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة عن أبي يعلى منذر بن يعلى الثوري عن ابن الحنفية قال لا تنقضي الدنيا حتى تكون خصوماتهم في ربهم وقال ابن عباس لا يزال أمر هذه الأمة مقاربا حتى يتكلموا في الولدان والقدر وقد أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن سليمان النجاد قال حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي قال حدثنا حسين بن حفص الأصبهاني قال حدثنا سفيان الثوري عن سهيل بن أبي
93

صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقول الساعة حتى تكون خصومات الناس في ربهم قال عبد الملك فذكرت ذلك لعلي بن المديني فقال ليس هذا بشيء إنما أراد حديث محمد بن الحنفية لا تقوم الساعة حتى تكون خصومتهم في ربهم وقال الهيثم بن جميل قلت لمالك بن أنس يا أبا عبد الله الرجل يكون عالما بالسنة أيجادل عنها قال لا ولكن يخبر بالسنة فإن قبلت منه والا سكت أخبرني عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن زهير قال لي مصعب بن عبد الله ناظرني إسحاق بن أبي إسرائيل فقال لا أقول كذا ولا أقول غيره يعني في القرآن فناظرته فقال لم أقف على الشك ولكني أقول كما قال اسكت كما سكت القوم قال فأنشدته هذا الشعر فأعجبه وكتبه وهو شعر قيل منذ أكثر من عشرين سنة أأقعد بعد ما رجفت عظامي وكان الموت أقرب ما يليني أجادل كل معترض خصيم واجعل دينه غرضا لديني فاترك ما علمت لرأي غيري وليس الرأي كالعلم اليقين وما أنا والخصومة وهي ليس تصرف في الشمال وفي اليمين وقد سنت لنا سنن قوام يلحن بكل فج أو وجين وكان الحق ليس له خفاء أغر كغرة الفلق المبين وما عوض لنا منهاد جهم بمنهاج ابن آمنة الأمين فأما ما علمت فقد كفاني وأما ما جهلت فجنبوني فلست مكفرا أحدا يصلي وما أحرمكم أن تكفروني وكنا أخوة نرمي جميعا فنرمي كل مرتاب ظنين فما برح التكلف أن رمينا بشأن واحد فوق الشؤون فأوشك أن يخر عماد بيت وينقطع القرين عن القرين قال أبو عمر وكان أبو مصعب بن عبد الله الزبيري شاعرا محسنا ذكر له ابن أخيه الزبير بن بكار أشعارا حسانا يرثي بها أباه عبد الله بن مصعب بن ثابت وهذا الشعر عندهم لا شك فيه له والله أعلم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول
94

كان مالك بن أنس يقول الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل فأما الكلام في دين الله وفي الله عز وجل السكوت أحب إلا لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل قال أبو عمر قد بين مالك رحمه الله أن الكلام فيما تحته عمل هو المباح عنده وعند أهل بلده يعني العلماء منهم رضي الله عنهم وأخبر أن الكلام في الدين نحو القول في صفات الله وأسمائه وضرب مثلا فقال نحو قول جهم والقدر والذي قاله مالك رحمة الله عليه جماعة الفقهاء والعلماء قديما وحديثنا من أهل الحديث والفتوى وإنما خالف ذلك أهل البدع المعتزلة وسائر الفرق وأما الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه الله إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ضلال عامة أو نحو هذا قال ابن عيينة سمعت من جابر الجعفي كلاما خشيت أن يقع علي وعليه البيت وقال يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يوم ناظره حفص الفرد قال لي يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الكلام لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه وقال أحمد بن حنبل رحمه الله أنه لا يفلح صاحب كلام أبدا ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل وقال مالك أرأيت إن جاء من هو أجدل منه ايدع دينه كل يوم لدين جديد وذكر ابن أبي خيثمة قال حدثنا محمد بن شجاع البلخي قال سمعت الحسن ابن زياد اللؤلؤي وقال له رجل في زفر بن الهذيل أكان ينظر في الكلام فقال سبحان الله ما أحمقك ما أدركت مشيختنا زفر وأبا يوسف وأبا حنيفة ومن جالسنا واخذنا عنه يهمهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدمهم وروينا أن طاوسا ووهب ابن منبه التقيا فقال طاوس لوهب يا أبا عبد الله بلغني
عنك أمر عظيم فقال ما هو قال تقول إن الله حمل قوم لوط بعضهم على بعض قال أعوذ بالله ثم سكتا قال فقلت هل اختصما قال لا قال أبو عمر أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصر إن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان
95

والميز والفهم أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن قال حدثنا إبراهيم بن بكر قال سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويز منداد المصري المالكي قال في كتاب الإجارات من كتابه في الخلاف قال مالك لا تجوز الإجارات في شيء من كتب الأهواء والبدع والتنجيم وذكر كتبا ثم قال وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ الإجارة في ذلك قال وكذلك كتب القضاء بالنجوم وعزايم الجن وما أشبه ذلك وقال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء قال أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدأ ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استيب منها قال أبو عمر ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال حدثنا بقية عن الأوزاعي قال كان مكحول والزهري يقولان أمروا هذه الأحاديث كما جاءت وقد روينا من مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات إنهم كلهم قال أمروها كما جاءت نحو حديث التنزل وحديث أن الله خلق آدم على صورته وأنه يدخل قدمه في جهنم وما كان مثل هذه الأحاديث وقد شرحنا القول في هذا الباب من جهة النظر والأثر وبسطناه في كتاب التمهيد عند ذكر حديث التنزل فمن أراد الوقوف عليه تأمله هناك وبالله التوفيق حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا زائدة بن قدامة عن هشام قال كان الحسن يقول لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد حدثنا معتمر بن سليمان عن جعفر عن رجل من فقهاء أهل المدينة قال إن الله تبارك وتعالى علم علما علمه العباد وعلم علما لم يعلمه العباد فلم نكلف العلم الذي لم يعلمه
96

العباد لم يزدد منه إلا بعدا قال والقدر منه حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا محمد بن منصور حدثنا شجاع بن الوليد حدثنا خصيف عن سعيد بن جبير قال مالم يعرفه البدريون فليس من الدين وقال جعفر بن محمد الناظر في القدر كالناظر في عين الشمس كلما ازداد نظرا ازداد حيرة قال أبو عمر رواها السلف وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علما وأوسعهم فهما وأقلهم تكلفا ولم يكن سكوتهم عن عي فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر حدثنا محمد بن خليفة حدثنا محمد بن الحسين حدثنا أبو بكر بن عبد الحميد الواسطي حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا حكام بن سلم الرازي عن عمر بن قيس عن عبد ربه قال كان الحسن في مجلس فذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوما اختارهم الله لصحبه نبيه صلى الله عليه وسلم فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم ورب الكعبة على الهدى المستقيم حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن عبد الله بن عون عن إبراهيم قال لم يدخر لكم شيء خبئ من القوم لفضل عندكم حدثنا أحمد ابن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد حدثنا يحيى بن زكريا عن ابن عون عن إبراهيم عن حذيفة أنه كان يقول اتقوا اله يا معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم فلعمري لئن ابتعتموه فلقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا قال وحدثنا سنيد قال حدثنا معتمر عن سلام بن مسكين عن قتادة قال قال ابن مسعود من كان منكم متأسيا فليتاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأقومها هديا وأحسنها حالا قوما اختارهم الله لصحبه نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم قال وحدثنا سنيد قال حدثنا يحيى بن اليمان عن الحجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
97

ما ضل قوم بعد هدى إلا لقنوا الجدل ثم قال ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه ونهوا عن الجدال في الاعتقاد لأنه يؤول إلا الانسلاخ من الدين ألا ترى مناظرة بشر في قوله جل وعز ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم حين قال هو بذاته في كل مكان فقال له خصمه هو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمار تعالى الله عما يقولون حكى ذلك وكيع رحمه الله وأنا والله أكره أن أحكي كلامهم قبحهم الله فمن هذا وشبهه نهي العلماء وأما الفقه فلا يوصل إليه ولا ينال أبدا دون ناظر فيه وتفهم له ذكر ابن وهب في جامعه قال سمعت سليمان بن بلال يقول سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة وغنما أنزلت بالمدينة فقال ربيعة قد قدمتا وألف القرآن على علم ممن الفه وقد اجتمعوا على العلم بذلك فهذا مما ننتهي إليه ولا نسأل عنه أخبرنا أحمد ابن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا يحيى بن إبراهيم قال حدثنا عيسى بن دينار عن ابن وهب قال حدثنا عيسى بن دينار عن ابن وهب قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال وأيم الله إن كنا لنلتقط السنن من أهل الفقه والثقة ونتعلمها شبيها بتعلمنا آي القرآن وما برح من أدركنا من أهل الفقه والفضل من خيار أولية الناس يعيبون أهل الجدل والتنقيب والأخذ بالرأي وينهون عن لقائهم ومجالستهم ويحذرون مقاربتهم أشد التحذير ويخبرون إنهم أهل ضلالا وتحريف لتأويل كتاب الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كره المسائل وناحية التنقيب والبحث وزجر عن ذلك وحذره المسلمين في غير موطن حتى كان من قوله كراهية لذلك ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم ولقد أحسن القائل قد نقر الناس حتى أحدثوا بدعا في الدين بالرأي لم تبعث بها الرسل حتى استخف بين الله أكثرهم وفي الذي حملوا من جينه شغل قال مصعب الزبيري ما رأيت أحدا من علمائنا يكرمون أحدا ما يكرمون عبد الله
98

ابن حسن وعنه روى مالك حديث السدل قرأت على عبد الوارث بن سفيان إن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا يحيى بعني القطان عن ابن جريج قال حدثنا سليمان بن عتيق عن طلق بن حبيب عن الأحنف بن قيس عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألاهلك المنتطعون ألا هلك المتنطعون الا هلك المتنطعون ثلاثا وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا محمد بن نمير قال حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن عتيق عن طلق بن حبيب عن الأحنف عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ولم يقل ثلاثا أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا عبد الله بن محمد القزويني حدثنا زكريا بن يحيى قال سمعت الأصمعي يقول قال عبد الله بن حسن المراء يفسد الصداقة القديمة ويحل العقدة الوثيقة وأقل ما فيه أن تكون المغالبة والمغالبة أمتن أسباب القطيعة أخبرنا أحمد بن محمد ومحمد بن زكريا قالا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن محمد ومحمد بن زكريا قالا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا مروان بن عبد الملك قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا جعفر بن عون قال سمعت مسعرا يقول يخاطب ابنه قداما إني منحتك يا قدام نصيحتي فاسمع لقول أب عليك شفيق أما المزاحة والمراء فدعهما خلقان لا أرضاهما لصديق إني بلوتهما فلم أحمدهما لمجاور جارا ولا لرفيق والجهل يزري بالفتى في قومه وعروقه في الناس أي عروق وقدر رويت هذا الخبر عن مسعر بن قدام من وجوه فاقتصرت منها على ما حضرني ذكره
باب اثبات المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة
قال الله عز وجل وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك
99

أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين وقال ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وقال قل هل عندكم من سلطان بهذا قال المفسرون من حجة قالوا والسلطان الحجة وقال الله عز وجل قل فلله الحجة البالغة وقال يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها حدثنا خلف بن القاسم حدثنا أحمد بن محمد ابن يزيد الحلبي القاضي قال حدثنا أحمد بن علي بن سهل المروزي قال حدثنا محمد بن حميد الرازي قال حدثنا مهران ابن أبي عمر عن سفيان عن عبيد المكتب عن الفضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس بن مالك في قوله اليوم نختم على أفواههم قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه وقال هل تدرون مم ضحكت وذكر شيئا ثم قال في مجادلة العبد ربه يوم القيامة قال يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال بلى قال فإني لا أجيز على اليوم شاهدا إلا من نفسي قال كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا كذا قال فيختم علي فيه ويقال لإركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكم فعنكم كنت أناضل وقال إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قال ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيى ويميت قال إنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب فبهت الذي كفر يقول فانقطع وخصم ولحقه البهت عند أخذ الحجة له ووصف الله عز وجل خصومة إبراهيم صلى الله عليه وسلم قومه ورده عليهم وعلى أبيه في عبادة الأوثان إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون إلى قوله أف لكم ولما تعبدون من دون الله الآيات كلها ونحو هذا في سورة الظلة إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون فحادوا عن جواب سؤاله هذا إذ انقطعوا وعجزوا عن الحجة فقالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون وهذا ليس بجواب عن هذا السؤال ولكنه حيدة وهرب عما لزمهم وهو ضرب من الانقطاع وقال عز وجل وتلك حجتنا آتيناها ابرايهم على قومه نرفع درجات من نشاء قالوا فالعلم والحجة وقال في قصة نوح قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا الآيات إلى قوله وأنا بريء مما تجرمون وقال في قصة موسى صلى الله عليه وسلم قال فمن ربكما يا موسى الآيات إلى قوله
100

تارة أخرى وكذلك قول فرعون وما رب العالمين إلى قوله أولو جئتك بشيء مبين يعني والله أعلم بحجة واضحة غذ خص بها حجتك قال جل وعز قل هل من شركائكم من يبدء الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فإني تؤفكون إلى قوله أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون فهذا كله تعليم من الله للسؤال والجواب والمجادلة وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وبأهلهم بعد الحجة قال الله عز وجل إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب الآية ثم قال فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم الآية قال صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض الحديث وجادل عمر بن الخطاب اليهود في جبريل ومكائيل فقال جماعة من المفسرين كان لعمر أرض بأعلى المدينة فكان يأتيها وكان طريقه على موضع مدارسة اليهود وكان كلما مر دخل عليهم فسمع منهم وإنه دخل عليهم ذات يوم فقالوا يا عمر ما من أصحاب محمد أحد أحب إلينا منك إنهم يمرون بنا فيؤذوننا وتمر بن أفلا تؤذينا وإنا لنطمع فيك فقال لهم عمر أي يمين فيكم أعظم قالوا الرحمن قال فبالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سينا أتجدون محمدا عندكم نبيا فسكتوا قال تكلموا ما شأنكم والله ما سألتكم وأنا شاك في شيء من ديني فنظر بعضهم لبعض فقام رجل منهم فقال أخبروا الرجل أو لأخبرنه قالوا نعم إنا نجده مكتوبا عندنا ولكن صاحبه من الملائكة الذي يأتيه بالوحي هو جبريل وجبريل عدونا وهو صاحب كل عذاب وقتال وخسف ولو أنه كان وليه مكائيل لآمنا به فإن مكائيل صاحب كل رحمة وكل غيث قال لهم فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سنا أن ميكائيل وأين جبريل من الله قالوا جبريل عن يمينه ومكائيل عن يساره قال عمر فأشهد أن الذي هو عدو للذي عن يمينه هو عدو الذي عن يساره والذي هو عدو للذي عن يساره هو عدو للذي عن يمينه وإنه من كان عدوا لهما فإنه عدو لله ثم رجع عمر ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه قل من كان عدو لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين
101

من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين الآيات فقال عمر والذي بعثك بالحق لقد جئت وما أريد إلا أخبرك فهذا مما صدق الله فيه قول عمر واحتجاجه وهو باب من الاحتجاج لطيف مسلوك عند أهل النظر وتركنا اسناد هذا الخبر سائر ما أوردناه من الأخبار في هذا الباب والباب الذي قبله وبعده لشهرتها في التفاسير والمصنفات وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم إن آدم احتج مع موسى قال صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى وقال جل وعز هذان خصمان اختصموا في
ربهم فأثنى على المؤمنين أهل الحق وذم أهل الكفر والباطل قال المفسرون نزلت هذه الآية في حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحرث وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري قال حدثنا الحسن بن علي الرافعي قال حدثنا حاجب بن سليمان قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال سمعت أبا ذر يقسم لنزلت هذه الآيات هذان خصمان اختصموا في ربهم إلى قوله العزيز الحميد في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر في علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد الملطب وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب وعتبة بن بيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وتجادل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السقيفة وتدافعوا وتقرروا وتناظروا حتى صار الحق في أهله وتناظروا بعد مبايعة أبي بكر في أهل الردة وفي فصول يطول ذكرها واحتجوا على أبي بكر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها حثنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فقال أبو بكر من حقها الزكاة والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ولو منعوني عناقا ويروي عقالا لقاتلهم عليه فبان لعمر وغيره من الصحابة الذين خالفوا أبا بكر في ذلك أن الحق معه فبايعوه وقوله صلى الله عليه وسلم إلا بحقها مثل قوله عز وجل ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وحدثني أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا محمد بن أبي دليم قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا ابن ماهان قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب الطائي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال لما جمع أبو بكر أهل الردة قال اختاروا مني حربا مجلية أو سلما مخزية قالوا فالحرب أما الحرب
102

المجلية فقد عرفناها فما السلم المخزية قال تدون قتلانا ولا ندى قتلاكم فقام عمر بن الخطاب فقال قتلانا قتلوا في سبيل الله لا يؤدون ونزع عنكم الحلقة والكراع يعني السلاح والخيل قاله ابن ماهان قال وتلزمون إذ ناب الإبل حتى يرى الله خليفة رسوله والمؤمنين ما شاء وحدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا ابن دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن مسعود قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان الثوري قال حدثنا قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب فذكر مثله حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان حدثنا شعبة عن عاصم بن بهذلة عن زر بن حبيش قال قلت لحذيفة صلى رسول الله الله عليه وسلم في بيت المقدس فقال أنت تقول صلى فيه يا أصلع قلت نعم بيني وبينك القرآن قال حذيفة هات من احتج بالقرآن فقد أفلح فقرأت عليه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فقال حذيفة بن نجدة صلى فيه وذكر الحديث وناظر علي رضي الله عنه الخوارج حتى انصرفوا وناظرهم ابن عباس أيضا بمالا مدفع فيه من الحجة من نحو كلام علي ولولا شهرة ذلك وخشية طول الكتاب لاجتليت ذلك على وجهه حدثنا إبراهيم بن شاكر قال حدثنا محمد بن محمد بن عثمان قال حدثنا سعيد ابن حمير قال حدثنا سعيد بن عثمان قالا حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل قال حدثني ابن عباس قال لما اجتمعت الحرورية يخرجون على علي قال جعل يأتيه الرجل فيقول يا أمير المؤمنين القوم خارجون عليك قال دعوهم حتى يخرجوا فلما كان ذات يوم قلت يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة فلا تفتني حتى آتى القوم قال فدخل عليهم وهم قائلون فإذا هم مسمهة وجوههم من السهر وقد أثر اسجود في جباههم كأن أيديهم ثفن الإبل عليهم قمص مرحضة فقالواما جاء بك يا ابن عباس وما هذه الحلة عليك قال قلت ما تعيبون مني فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من ثياب اليمنية قال ثم قرأت هذه الآية قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات
103

من الرزق فقالوا ما جاء بك قال جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم قال بعضهم لا تخاصموا قريشا فإن الله يقول بل هم قوم خصمون فقال بعضهم بلى فلنكامنه قال فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة قال قلت ماذا نقمتم عليه قالوا ثالثا فقلت ما هن قالوا حكم الرجال في أمر الله وقال الله إن الحكم إلا الله قال قلت هذه واحدة وماذا أيضا قال فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسيبهم قال قلت وماذا أيضا قالوا ومحا نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين قال قلت أرأيتكم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله ما ينقض قولكم هذا أرجعون قالوا وما لنا لا نرجع قال قلت أما حكم الرجال في أمر الله فإن الله قال في كتابه يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم بحكم به ذوا عدل منكم وقال في المرأة وزوجها وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فصير الله ذلك إلى حكم الرجال فنشدتكم الله أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين واصلاح ذات بينهم أفضل أو في حكم أرنب ثمن ربع درهم وفي بضع امرأة قالوا بلى هذا أفضل قال أخرجت من هذه قالوا نعم قال فأما قولكم قاتل فلم يسب ولم يغنم أفتسبون أمكم عائشة فإن قلتم نسبيها فنستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم فأنتم ترددون بين ضلالتين أخرجت من هذه قالوا بلى قال وأما قولكم محا نفسه من امرة المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون إن نبي الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا فقال أبو سفيان وسهيل ابن عمرو ما نعلم أنك رسول الله ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم تعلم إني رسولك أمح يا علي واكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو قال فرجع منهم الفان وبقى بقيتهم فخرجوا فقتلوا أجمعين حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا بكر بن
104

سهل قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن البختري والشعبي وأصحاب علي عن علي أنه لما ظهر على البصرة يوم الجمل جعل لهم ما في عسكر القوم من السلاح ولم يجعل لهم غير ذلك فقالوا كيف تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا أموالهم ولا نساؤهم قال هاتوا سهامكم فاقرعوا على عائشة فقالوا نستغفر الله فخصمهم علي وعرفهم إنها إذا لم تحل لم تحل بنوها أخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار قال حدثنا هشام بن يحيى الغساني عن أبيه قال خرجت الحرورية بالموصل فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز بمخرجهم فكتب إلي يأمرني بالكف
عنهم وأن أدعو رجالا منهم فأحملهم على مراكب من البريد حتى يقدموا على عمر فجادلهم فإن يكونوا على الحق اتبعهم وإن يكن عمر على الحق اتبعوه وأمرني أن أرتهن منهم رجالا وأن أعطيهم رهنا يكون في أيديهم حتى تنقضي الأمور وأجلهم في سيرهم ومقامهم ثلاثة أشهر فلما قدموا على عمر أمر بنزولهم ثم أدخلهم عليه فجادلهم حتى إذا لم يجد لهم حجة رجعت طائفة منهم ونزعوا عن رأيهم وأجابوا عمر وقالت طائفة أخرى لسنا نجيبك حتى تكفر أهل بيتك وتلعنهم وتتبر أمنهم فقال عمر إنه لا يسعكم فيما خرجتم له إلا الصدق أعلموني هل تبرأتم من فرعون أو لعنتموه أو ذكرتموه في شيء من أموركم قالوا لا قال فكيف وسعكم تركه ولم يصف الله عبدا بأخبث من صفته إياه ولا يسعني ترك أهل بيتي ومنهم المحسن والمسيء والمخطئ والمصيب وذكر الحديث وأخبرنا أحمد حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا نعيم قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا جرير بن حازم عن محمد ابن سليم أحد بني ربيعة بن حنظلة بن عدي قال بعثني وعون بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز إلى خوارج خرجت بالجزيرة فذكر الخبر في مناظرة عمر للخوارج وفيه قالوا خالفت أهل بيتك وسميتهم الظلمة فأما أن يكونوا على الحق أو يكونوا على الباطل فإن زعمت أنك على الحق وهم على الباطل فالعنهم وتبرأ منهم فإن فعلت فنحن منك وأنت منا وإن لم تفعل فلست منا لسنا منك فقال عمر إني قد علمت إنكم لن تتركوا الأهل والعشائر وتعرضتم القتل والقتال إلا وأنتم ترون إنكم مصيبون ولكنكم
105

أخطأتم وضللتم وتركتم الحق أخبروني عن الدين أواحد أو اثنان قالوا إبل واحد قال فليسعكم في دينكم شيء يعجز عني قالوا لا قال أخبروني عن أبي بكر وعمر ما حالهما عندكم قالوا أفضل أسلافنا أبو بكر وعمر قال ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي ارتدت العرب فقاتلهم أبو بكر فقتل الرجال وسبى الذرية والنساء قالوا بلى قال عمر بن عبد العزيز فلما توفي أبو بكر قام عمر رد النساء والذراري على عشائرهم قالوا بلى قال عمر فهل تبرأ عمر من أبي بكر ولعنه بخلافه إياه قالوا لا قال فتتولونهما على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فما تقولون في بلال بن مرداس قالوا من خير أسلافنا بلال بن مرداس قال أفلستم قد علمتم أنه لم يزل كافا عن الدماء والأموال وقد لطخ أصحابه أيديهم في الدماء والأموال فهل تبرأت احدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت إحداهما الأخرى قالوا لا قال فتتولونهما جميعا على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فأخبروني عن عبد الله بن وهب الراسبي حين خرج من البصرة هو وأصحابه يريدون أصحابكم بالكوفة فمروا بعبد الله بن خباب فقتلوه وبقروا بطن جاريته ثم عدوا على قوم من بني قطيعة فقتلوا الرجال وأخذوا الأموال وغلوا الأطفال في المراجل وتأولوا قول الله إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ثم قدموا على أصحابهم من أهل الكوفة وهم كافون عن الفروج والدماء والأموال فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت أحداهما الأخرى قالوا لا قال عمر فتتولونهما على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام لم يتبرأ بعضهم من بعض على اختلاف سيرتهم ووسعهم ووسعكم ذلك ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم أخبروني عن العن أفرض على العباد قالوا نعم قال عمر لأحدهما متى عهدك بلعن فرعون قال مالي بذلك عهد منذ زمان فقال عمر هذا رأس من رؤوس الكفر ليس لك عهد بلعنه منذ زمان وأنا لا يسعني العن من خالفتهم من أهل بيتي وذكر تمام الخبر قال أبو عمر هذا عمر عبد العزيز رضي الله عنه وهو ممن جاء عنه التغليظ في النهي عن الجدال في الدين وهو القائل من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل ولما اضطر وعرف الفلج في قوله ورجبيء أن يهدي الله به لزمه البيان
106

فبين وكان أحد الراسخين في العلم رحمه الله قال بعض العلماء كل مجادل عالم وليس كل عالم مجادلا يعني أنه ليس كل عالم يتأتى له الحجة ويحضره الجواب ويسرع إليه الفهم بمقطع الحجة ومن كانت هذه خصاله فهو أرفع العلماء وأنفعهم مجالسة ومذاكرة والله يؤتي فضله من يشاء والله ذو الفضل العظيم قال أبو إبراهيم المزني رحمه الله لبعض مخالفيه في الفقه من أين قلتم كذا وكذا ولم قلتم كذا وكذا فقال له الرجال قد علمت يا أبا إبراهيم أنا لسنا لمية فقال المزني إن لم تكونوا لمية فأنتم إذن في عميه أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا يوسف بن أحمد إجازة عن أبي جعفر العقيلي قال حدثنا محمد بن عتاب بن المربع قال سمعت العباس بن عبد العظيم العنبري قال كنت عند أحمد بن حنبل وجاءه علي بن المديني راكبا على دابة قال فتناظرا في الشهادة وارتفعت أصواتهما حتى خفت أن يقع بينهما جفاء وكان أحمد يرى الشهادة وعلي يأبى ويدفع فلما أراد علي الانصراف قام أحمد فأخذ بركابه وسمعت أحمد في ذلك المجلس يقول لا ننظر بين أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم ونكل أمرهم إلى الله والحجة في ذلك حديث حاطب وأما تناظر العلماء وتجادهلم في مسائل الأحكام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أكثر من أن تحصى وسنذكر منها شيئا يستدل به قال زيد بن ثابت لعلي في المكاتب أكنت راجمه لو زنى قال لا قال فكنت تجيز شهادته قال لا قال فهو عبد ما بقي عليه درهم وقد ذكر معمر عن قتادة أن عليا قال في المكاتب يورث بقدر ما أدى وأحتج زيد أيضا على من خالفه من الصحابة إذ خاصموه في ذلك بأن المكاتبين كانوا يدخلون على أمهات المؤمنين ما بقي على أحد من كتابتهم شيء ويقول زيد يقول فقهاء الأمصار وناظر عبيد الله بن عمر أباه في المال الذي أعطاه إياه أبو موسى الأشعري هو وأخاه وقال عبيد الله لو تلف المال ضمناه فلنا ربحه بالضمان قال سليمان بن سالم في الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها ولد آخر إن لزوجها عليها الرجعة وقال عكرمة لا رجعة له عليها لأنها قد وضعت فقال له سليمان أيحل لها أن تتزوج قال لا قال خصم العبد وقال ابن عباس ليتق الله زيد أيجعل ولد الولد بمنزلة الولد لا يجعل أب الأب بمنزلة الأب إن شاء باهلته عند الحجر الأسود وعن ابن عباس من شاء باهلته إن الظهار ليس من الأمة إنما قال الله من
107

نسائهم وقيل لمجاهد في هذه المسئلة أليس الله جل وعز يقول والذين يظاهرون من نسائهم فليس الأمة من النساء فقال مجاهد قد قال الله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم أفليس العبد من الرجال افتجوز شهادته يقول كما أن العبد من الرجال غير المراد بالشهادة فكذلك الأمة من النساء غير المراد بالظهار وهذا عين القياس وناظر أبو هريرة عبد الله بن سلام في الساعة التي في يوم الجمعة على حسب ما ذكره مالك في موطئه وناظر سعيد بن المسيب ربيعة في أصابع المرأة وناظر عمر بن الخطاب أبا عبيدة في حديث الطاعون قوله أرأيت لو كانت لك إبل هبطت بها واديا الحديث وهذا أكثر من أن يحصى وفي قول الله عز وجل فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم دليل
على أن الاحتجاج بالعلم مباح سائغ لمن تدبر ومن مليح الاحتجاج والكر على الخصم ما روى حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس أن الأحنف ابن قيس كان يكره الصلاة في المقصورة فقال له رجل يا أبا بحر لم لا تصلي في المقصورة قال له الأحنف وأنت لم تصل فيها قال لا أترك قال الأحنف فلذلك لا أصلي فيها وهذا ضرب من الاحتجاج والزام الخصم بديع وقال المزني لا تعدو المناظرة احدى ثلاث أما تثبيت لما في يديه أو انتقال من خطأ كان عليه أو ارتياب فلا يقدم من الدين على شك قال وكيف ينكر المناظرة من لم ينظر فيما به يردها قال وحق المناظرة أن يراد بها الله عز وجل وأن يقبل منها ما يتبين وقالوا لا تصح المناظرة ويظهر الحق بين المتناظرين حتى يكونا متقاربين أو متساويين في مرتبة واجدة من الدين والفهم والعقل والانصاف وإلا فهو مراء ومكابرة وقال سليمان بن عمران سمعت أسد ابن الفرات يقول بلغني أن قوما كانوا يتناظرون بالعراق في العلم فقال قائل من هؤلاء فقيل قوم يقتسمون ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ابن مزين قال حدثنا عيسى عن ابن القاسم عن مالك قال قال عمر بن عبد العزيز رأيت ملاحاة الرجال تلقيحا لألبابهم قال مالك وقال عمر بن عبد العزيز ما رأيت أحدا لاحى الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم قال يحيى بن مزين يريد بالملاحاة هنا المخاوضة والمراجعة على وجه التعليم والتفهم والمدارسة والله أعلم
108

باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع
قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وروي عن حذيفة وغيره قالوا لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم وقال عدي بن حاتم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال لي يا عدي الق هذا الوثن من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله قال قلت يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا قال بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه فقلت بلى فقال تلك عبادتهم حدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن أبي البختري في قوله عز وجل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ارابابا من دون الله قال أما أنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية قال وحدثنا ابن وضاح حدثنا موسى بن معاوية حدثنا وكيع حدثنا سفيان ولأعمش جميعا عن حبيب ابن أبي ثابت عن أبي البختري قال قيل لحذيفة في قوله اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أكانوا يعبدونهم فقال لا ولكن كانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه وقال جل وعز وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قربة من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأحدى مما وجدتم عليه آباءكم فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا إنا بما أرسلتم به كافرون وفي هؤلاء ومثلهم قال الله جل وعز إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون وقال إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وقال جل وعز عائبا لأهل الكفر وذاما لهم ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون وقال إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ومثل هذا
109

في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء وقد احتج العلماء بهذه الآيات في أبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر وقلد آخر فأذنب فقلد آخر في مسئلة دنياه فأخطأ وجهها كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه وقال الله عز وجل وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وقد ثبت الاحتجاج بما قدمنا في الباب قبل هذا وفي ثبوته أبطال التقليد أيضا فإذا بطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها وهي الكتاب والسنة أو ما كان في معناهما بدليل جامع بين ذلك أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة قال وما هي يا رسول الله قال أخاف عليهم من زلة العالم ومن حكم جائر ومن هوى متبع وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تركتم فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثني موسى قال حدثنا ابن مهدي عن إسرائيل عن ابن حصين عن الشعبي عن زياد بن جرير قال قال عمر ثلاث يهدمن الدين زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون وبه عن ابن مهدي عن جعفر بن حيان عن الحسن قال قال أبو الدرداء فيما أخشى عليكم زلة عالم وجدال المنافق بالقرآن والقرآن حق وعلى القرآن منار كأعلام الطريق أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن عثمان الآدمي قال حدثنا عباس الدوري قال حدثنا محمد بن بشر العبدي قال حدثنا مجالد عن عامر عن زياد بن جدير قال قال عمر بن الخطاب ثالث يهدمن الدين زيغة العالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون وذكر ابن مزين عن أصبغ عن جرير الضبي عن المغيرة عن الشعبي عن زياد بن جدير قال أتيت عمر بن الخطاب فذكر معناه وحدثنا
110

عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن ابن علان عن ابن شهاب أن معاذ ابن جبل كان يقول في مجلسه كل يوم قل ما يخطئه أن يقول ذلك الله حكم قسط هلك المرتابون أن وراءكم فتنا يكثر المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والمرأة والصبي والأسود والأحمر فيوشك أحدهم أن يقول قد قرأت القرآن فما أظن أن تتبعوني حتى ابتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن كل بدعة ضلالة وإياكم وزيغة الحكيم فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة وإن المنافق قد يقول كلمة الحق فتلقوا الحق عمن جاء به فإن على الحق نورا قالوا وكيف زيغه الحكيم قال هي الكلمة تروعكم وتنكرونها وتقولون ما هذه فاحذروا زيغته ولا يصدنكم عنه فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق وإن العلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة فمن ابتغاهما وجدهما أخبرنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا موسى قال حدثنا ابن مهدي عن شبعة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال معاذ بن جبل يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث دنيا تقطع أعناقكم وزلة
عالم وجدال منافق بالقرآن فسكتوا فقال أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وإن افتتن فلا تقطعوا منه اناتكم فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب وأما القرآن فله منار كمنار الطريق لا تخفى على أحد فما عرفتم منه فلا تسألوا عنه وما شككتم فكلوه إلى عالمه وأما الدنيا فمن جعل الله الغنى في قلبه فقد أفلح ومن لا فليس بنافعته دنياه أخيرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن أحمدب بن يحيى قال حدثنا أبو سعيد البصري بمكة قال حدثنا الحسن بن عفان العامري قال حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال قال سلمان كيف أنتم عند ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وأما مجادلة منافق بالقرآن فإن للقرآن منارا كمنار الطريق فما عرفتم منه فخذوه وما لم تعرفوه فكلوه إلى الله وأما دنيا تقطع أعناقكم فانظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم وشبه الحكماء زلة العالم بإنكسار السفينة لأنها إذا غرقت غرق معها خلف كثير وإذا صح وثبت أن العالم يزل ويخطئ لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وحهه حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال
111

حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال سمعت سفيان يعني ابن عيينة يحدث عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن سمعود أنه كان يقول أغد عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك قال ابن وهب فسألت سفيان عن الأمعة فحدثني عن أبي الزعراء عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال كنا ندعوا الأمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو فيكم البوم المحقب دينه الرجال وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن أحمد قال حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال حدثنا يونس قال حدثنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول أغد عالما أو متعلما ولا تغد أمعة فيما بين ذلك وبه عن يونس أخبرنا سفيان قال وحدثني أبو الزعراء عن أبي الأحوص عن ابن مسعود أنه قال كنا ندعوا الأمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بآخر وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال وحدثنا محمد قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد وسعيد قالا حدثنا يونس فذكر الخبرين جميعا بإسنادهما سواء أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن قاسم قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي قال حدثنا اليمن الأسدي قال حدثنا حماد بن زيد عن المثنى بن سعيد عن أبي العالية الرياحي قال سمعت ابن عباس يقول ويل للأتباع من عثرات العالم قيل كيف ذلك قال يقول العالم شيئا برايه ثم يجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منه فيترك قوله ذلك ثم تمضي الأتباع وقال علي بن أبي طالب رضي الله عليه لكميل بن زياد النخعي وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني عن الاسناد لشهرته عندهم يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاه وهمج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ثم قال إن ههنا لعلما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة لقد أصبت لقنا غير
112

مأمون يستعمل الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على معاصيه أف لحامل حق لايصيره له ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق إن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر مشغوف بما لا يدري حقيقته فهو فتنة لمن افتتن به وإن من الخير كله من عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف دينه أخبرنا أبو نصر هارون بن موسى قال حدثنا أبو علي إسماعيل بن القاسم قال حدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي الهاشمي قال حدثنا نهشل ابن دارم عن أبيه عن جده عن الحارث الأعور قال سئل علي بن أبي طالب عن مسألة فدخل مبادرا ثم خرج في حذاء ورداء وهو متبسم فقيل له يا أمير المؤمنين إنك كنت إذا سئلت عن المسئلة تكون فيها كالمسلة المحماة قال إني كنت حاقنا ولا رأي لحاقن ثم أنشأ يقول إذا المشكلات تصدين لي كشفت حقائقها بالنظر فإن برقت في مخيل الصواب عمياء لا يجتليها البصر مقنعة بغيوب الأمور وضعت عليها صحيح الفكر لسانا كشقشقة الأرحبي أو كالحسام اليماني الذكر وقلبا إذا استنطقته الفنو ن أبر عليها بواه درر ولست بأمعة في الرجا ل يسائل هذا وذا ما الخبر ولكنني مذرب الأصغرين أبين مع ما مضى ما غبر قال أبو علي المخيل السحاب يخال فيه المطر والشقشقة ما يخرجه الفحل من فيه عند هياجه ومنه قيل لخطباء الرجال شقاشق وأبر زاد علي ما تستنطقه والأمعة الأحمق الذي لا يثبت على رأي والمذرب الحاد وأصغراه قلبه ولسانه قال أبو عمر من الشقاشق ما حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن محمد قال حدثنا عمر ابن حفص قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبو ضمرة أنس ابن عياض قال حدثنا حميد عن أنس أن عمر رأى رجلا يخطب فأكثر فقال عمر أن كثيرا من الخطب من شقاشق الشيطان حدثنا عبد الوارث بن سفيان ويعيش
113

ابن سعيد قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا بشر بن حجر قال حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء يعني ابن السائب عن أبي البختري عن علي قال إياكم والاستنان بالرجال فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة فإن كنتم لا بد فاعلين فبالأموات لا با الأحياء وقال ابن مسعود ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن وإن كفر كفر فإنه لا أسوة في الشر وأنشد الصولي عن المراغي قال أنشدني أبو العباس الطبري عن أبي سعيد الطبري قال أنشدني الحسين بن علي ابن الحسين بن علي بن عمر بن علي رضي الله عنه لنفسه وكان أفضل أهل زمانه تريد تنام على ذي الشبه وعلك إن نمت لم تنتبه فجاهد وقلد كتاب الآله لتلقى الله إذا مت به فقد قلد الناس رهبانهم وكل يجادل عن راهبة وللحق مستنبط واحد وكل يرى الحق في مذهبه ففيما أرى عجب غير أن بيان التفرق من أعجبه وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرناه في كتابنا هذا أنه قال تذهب العلماء ثم تتخذ الناس رؤسا جهالا يسئلون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون وهذا كله نفي للتقيد وإبطال له لمن فهمه وهدى لرشده وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة قال اضطجع ربيعة مقنعا رأسه وبكى فقيل له ما يبكيك فقال رياء ظاهر وشهوة خفية والناس عند علمائهم كالصبيان في حجور أمهاتهم ما نهوهم عنه انتهوا وما أمروهم به ائتمروا وقال أيوب رحمه الله ليس تعرف خطأ معلمك حتى تجالس غيره وقال عبيد الله بن المعتز لا فرف بين بهيمة تقاد وإنسان يقلد وهذا كله لغير العامة فإن العامة لا بد لها من تقليد
عملائها عند النازلة تنزل بها لأنها لا تتبين موقع الحجة ولا تصل بعدم الفهم إلى علم ذلك لأن العلم درجات لا سبيل منها إلى أعلاها إلا بنيل أسفلها وهذا هو الحائل بين العامة وبين طلب الحجة
114

والله أعلم ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها وإنهم المرادون بقول الله عز جل فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى مايدين به لا بد له من تقليد عالمه وكذلك لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا وذلك والله أعلم لجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحليل والتحريم والقول في العلم وقد نظمت في التقليد وموضعه أبياتا رجوت في ذلك جزيل الأجر لما علمت أن من الناس من يسرع إليه حفظ المنظوم ويتعذر عليه المنثور وهي منقصيدة لي يا سائلي عن موضع التقليد خذ عني الجواب بفهم لب حاضر وأصخ إلى قولي ودن بنصيحتي واحفظ علي بوادري ونوادري لا فرق بين مقلد وبهيمة تنقاد بين جنادل ودعاثر تبا لقاض أو لمفت لا يرى عللا ومعنى للمقال السائر فإذا اقتديت فبالكتاب وسنة المبعوث بالدين النيف الطاهر ثم الصحابة عند عدمك سنة فأولاك أهل نهي وأهل بصائر وكذلك اجماع الذين يلونهم من تابعيهم كابرا عن كابر اجماع أمتنا وقول نبينا مثل النصوص لدى الكتاب الزاهر وكذا المدينة حجة أن أجمعوا متتابعين أوائلا بآواخر وإذا الخلاف اتى فدونك فاجتهد ومع الدليل فمل بفهم وافر وعلى الأصول فقس فروعك لا تقس فرعا بفرع كالجهول الحائر والشر ما فيه فديتك أسوة فانظر ولا تحفر بزلة ماهر أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني سعيد ابن أبي أيوب عن بكر ابن عمرو عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال علي من لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشار أخاه فأشار عليه بغير رشده فقد خانه ومن أفتى بفتيا عن غير تثبت فإنما أثمها على من أفتاه وهذا الحديث في موضع آخر من كتاب العلم في جامع ابن وهب قال حدثنا
115

يحيى بن أيوب عن بكر عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان الطنبذي رضيع عبد الملك بن مروان قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء فمرة قال يحيى بن أيوب ومرة قال سعيد بن أبي أيوب وخرجه أبو داود من حديث ابن وهب عن يحيى بن أيوب بإسناده المذكور وقد حدثنا عبد الوارث بن سفيان ويعيش بن سعيد قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا يحيى بن أيوب عن بكر بن عمرو عن عمرو بن أبي نعيمة المعافري أن أبا عثمان الطنبذي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن أفتى بغير علم كان أثمه على من أفتاه ومن أشار إلى أخيه بأمر وهو يعلم أن غيره أرشد منه فقد خانه وكان أبو عثمان رضيع عبد الملك بن مروان وحدثنا محمد بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا سعيد بن أحمد بن عبد ربه قال حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي سنان الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال من أفتى بفتيا وهو يعمى عنها كان إثمها عليه وقد احتج جماعة من الفقهاء وأهل النظر على من أجاز التقليد بحجج نظرية عقلية بعد ما تقدم فأحسن ما رأيت من ذلك قول المزني رحمه الله وأنا أورده قال يقال لمن حكم بالتقليد هل لك من حجة فيما حكمت به فإن قال نعم أبطل التقليد لأن الحجة أوجبت ذلك عنده لا التقليد وإن قال حكمت فيه بغير حجة قيل له فلم أرقت الدماء وأبحت الفروج وأتلفت الأموال وقد حرم الله ذلك إلا بحجة قال الله جل وعز هل عندكم من سلطان بهذا أي من حجة بهذا قال فإن قال أنا أعلم إني قد أصبت وإن لم أعرف الحجة لأني قلدت كبيرا من العلماء وهو لا يقول إلا بحجة خفيت على قيل له إذا جاز لك تقليد معلمك لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت على معلمك كما لم يقل معلمك إلا بحجة خفيت عليك فإن قال نعم ترك تقليد معلمه إلى تقليد معلم معلمه وكذلك من هو أعلى حتى ينتهي الأمر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أبي ذاك نقض قوله وقيل له كيف تجوز تقليد من هو أصغر منك وأقل علما ولا تجوز تقليد من هو أكبر وأكثر علما وهذا متناقض فإن قال لأن معلمي
116

وإن كان أصغر فقد جمع علم من هو فوقه إلى علمه فهو أبصر بما أخذ واعلم بما ترك قيل له وكذلك من تعلم من معلمك فقد جمع علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمه فيلزمك تقليده وترك تقليد معلمك وكذلك أنت أولى أن تقلد نفسك من معلمك لأنك جمعت علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمك فإن أعاد قوله جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصاحب عنده يلزمه تقليد التابع والتابع من دونه في قياس قوله والأعلى الأدنى أبدا وكفى بقول يؤول إلى هذا قبحا وفسادا قال أبو عمر وقال أهل العلم والنظر حد العلم التبيين وادراك المعلوم على ما هو به فمن بان له الشيء فقد علمه قالوا والمقلد لا علم له ولم يختلفوا في ذلك ومن ههنا والله أعلم قال البختري عرف العالمون فضلك بالعلم وقال الجهال بالتقليد وأرى الناس مجمعين على فضلك من بين سيد ومسود وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه وذلك ممنوع منه في الشريعة والاتباع ما ثبت عليه حجة وقال في موضع آخر من كتابه كل من ابتعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده والتقليد في دين الله غير صحيح وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع وذكر محمد بن حارث في اخبار سحنون بن سعيد عن سحنون قال كان مالك بن أنس وعبد العزيز بن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم بن دينار وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز فكان إذا سأله مالك وعبد العزيز فتجيبهما وأسألك أنا وذوي فلا تجيبنا فقال أوقع ذلك يا بن أخي في قلبك قال نعم إني قد كبرت سني ورق عظمي وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثل الذي خالطني في بدني ومالك وعبد العزيز عالمان فقيهان إذا سمعا مني حقا قبلاه وإذا سمعا خطأ تركاه وأنت وذووك ما أجبتكم به قبلتموه قال محمد بن حارث هذا والله هو الدين الكامل والعقل الراجح لا كمن يأتي بالهذيان ويريد أن ينزل من القلوب منزلة القرآن قال أبو عمر يقال لمن قال بالتقليد لم قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا فإن قال قلدت لأن كتاب الله جل وعز لا علم
117

لي بتأويله وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية سنة عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض فما حجتك في تقليد بعض دون بعض وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه فإن قال قلدته لأني علمت أنه صواب قيل له علمت ذلك بدليل من كتاب أو سنة أو اجماع فقد أبطل التقليد وطولب بما ادعاه من الدليل وإن قال قلدته لأني أعلم منه قيل له فقلد كل من هو أعلم منك فإنك تجد من ذلك خلقا كثيرا ولا تخص من قلدته إذ علتك فيه أنه أعلم منك فإن قال قلدته لأنه أعلم الناس قيل له فهو إذا أعلم من الصحابة وكفى بقول مثل هذا قبحا وإن قال إنما أقلد بعض الصحابة قيل له فما حجتك في ترك من لم يقلد منهم ولعل من تركت قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله على أن القول لا يصح لفضل قائله وإنما يصح بدلالة الدليل عليه وقد ذكر ابن مزين عن عيسى ابن دينار عن ابن القاسم عن مالك قال ليس كلما قال رجل قولا وإن كان له فضل يتبع عليه يقول الله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فإن قال قصري وقلة علمي يحملني على التقليد قيل له أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالما بما يتفق له على علمه فيصدر في ذلك عنما يخبره به فمعذور لأنه قد أتى ما عليه وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله ولا بد له من تقليد عالمه فيما جهله لاجماع المسلمين إن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك ولكن من كانت هذه حالة هل تجوز له الفتوى في شرائع دين الله فيحمل غيره على إباحة الفروج وإراقة الدماء واسترقاق الرقاب وإزالة الأملاك وتصييرها إلى غير من كانت في يديه بقول لا يعرف صحته ولا قام له الدليل عليه وهو مقرأن قائله يخطئ ويصيب وأن مخالفه في ذلك ربما كان المصيب فيما خالفه فيه فإن أجاز الفتوى لمن جهل الأصل والمعنى لحفظه الفروع لزمه أن يجيزه للعامة وكفى بهذا جهلا وردا للقرآن قال الله عز وجل ولا تقف ما ليس لك به علم وقال أتقولون على الله مالا تعلمون وقد أجمع العلماء أن مالم يتبين ويستيقن فليس بعلم وإنما هو ظن والظن لا يغني من الحق شيئا وقد مضى في هذا الباب
118

عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس فيمن أفتى بغتيا وهو يعمى عنها أن أثمها عليه وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الاكثار حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق ابن إبراهيم بن نعمان قال حدثنا محمد بن علي بن مروان قال حدثنا أبو حفص حرملة ابن يحيى قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني أبو عثمان بن سنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العلم بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى يومئذ للغرباء قال أبو بكر بن محمد بن علي بن مروان وحدثنا سعيد بن داود بن
119

أبي زنبر قال حدثني مالك بن أنس عن زيد بن سلم في قول الله جل وعز نرفع درجات من نشاء قال بالعلم حدثنا خلف بن القاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن يونس حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا زكريا بن عبد الله حدثنا الحنيني عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء قيل يا رسول الله ومن الغرباء قال الذين يحيون سنتي ويعمونها عباد الله وكان يقال العلماء غرباء لكثرة الجهال
باب ذكر من ذم الاكثار من الحديث دون التفهم والتفقه فيه
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا عمر بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا خالد بن عبد الله عن بيان عن الشعبي عن قرظة بن كعب قال خرجنا فشيعنا عمر إلى صرار ثم دعا بماء فتوضأ ثم قال لنا أتدرون لم خرجت معكم قلنا أردت أن تشيعنا وتكرمنا قال إن مع ذلك الحاجة خرجت لها إنكم تأتون بلدة لاأهلها دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم قال قرظة فما حدثت بعده حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا عمر بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان بن عيينة عن بيان عن الشعبي عن قرظة أن عمر قال له أقل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون بن سعيد قال حدثنا ابن وهب قال سمعت سفيان ابن عيينة يحدث عن بيان عن عامر الشعبي عن قرظة بن كعب وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس ابن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان عن بيان عن عامر الشعبي عن قرظة بن كعب ولفظهما سواء قال خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر إلى صرار فتوضأ فغسل اثنتين ثم قال أتدرون لم مشيت معكم قالوا نعم نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيت معنا فقال إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم
120

جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امضوا وأنا شريككم فلما قدم قرظة قالوا حدثنا قال نهانا عمر بن الخطاب قال ابن وهب وحدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت ألا يعجبك أبو هريرة جاء يجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم وعن أبي هريرة أنه قال لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر بن الخطاب لضربني عمر بالدرة قال أبو عمر احتج بعض من لا علم له ولا معرفة من أهل البدع وغيرهم الطاعنين في السنن بحديث عمر هذا قوله أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما ذكرنا في هذا الباب من الأحاديث وغيرها وجعلوا ذلك ذريعة إلى الزهد في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا يوصل إلى مراد كتاب الله إلا بها والطعن على أهلها ولا حجة في هذا الحديث ولا دليل على شيء مما ذهبوا إليه من وجوه قد ذكرها أهل العلم منها أن وجه قول عمر إنما كان لقوم لم يكونوا أحصوا القرآن فخشى عليهم الاشتغال بغيره عنه اذهو الأصل لكل علم هذا معنى قول أبي عبيد في ذلك واحتج بما رواه عن حجاج عن المسعودي عن عون بن عبد الله بن عتبة مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا يا رسول الله حدثنا فأنزل الله جل وعز الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم إلى آخر الآية قال ثم ملوا ملة أخرى فقالوا يا رسول الله حدثنا شيئا فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص
فأنزل الر تلك آيات الكتاب المبين إلى قوله نحن نقص عليك أحين القصص بما أوحينا إليك الآية قال فإن أرادوا الحديث دلهم على أحسن الحديث وإن أرادوا القصص دلهم على أحسن القصص وقال غيره أن عمر إنما نهى عن الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة وطعن غيرهم في حديث قرظة هذا وردوه لأن الآثار الثابتة عن عمر خلافة منها ما روى مالك ومعمر وغيرهما عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب في حديث السقيفة أنه خطب يوم جمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
121

أما بعد فأني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها من وعاها وعقها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فإني لا أحل له أن يكذب علي ان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما أنزل معه الرجم وذكر الحديث وهذا يدل على أن هيه عن الاكثار وأمره بالاقلال من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان خوف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوفا أن يكونوا مع الاكثار يحدثون بما لم يتيقنوا حفظه ولم يعوه لأن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط المستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي لا يؤمن مع الاكثار فلهذا أمرهم عمر من الاقلال من الرواية ولو كره الرواية وذمها لنهى عن الاقلال منها والاكثار ألا تراه يقول فمن حفظها ووعاها فليحدث بها فكيف يأمرهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وينهاهم عنه هذا لا يستقيم بل كيف ينهاهم عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم بالاقلال منه وهو يندبهم إلى الحديث عن نفسه بقوله من حفظ مقالتي ووعاها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته ثم قال ومن خشي أن لا يعيها فلا يكذب علي وهذا يوضح لك ما ذكرنا والآثار الصحاح عنه من رواية أهل المدينة بخلاف حديث قرظة هذا وإنما يدور على بيان عن الشعبي وليس مثله حجة في هذا الباب لأنه يعارض السنن والكتاب قال الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقال وما آتاكم الرسول فخذوه وقال فيه النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته وقال وإنك لتهدي إلى صراط مستقم صراط الله ومثل هذا في القرآن كثير ولا سبيل إلى ابتاعه والتأسي به والوقوف عند أمره إلا بالخبر عنه فكيف بتوهم أحد على عمر أنه يأمر بخلاف ما أمر الله به وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نضر الله عبد اسمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها الحديث وفيه الحض الوكيد على التبليغ عنه صلى الله عليه وسلم وقال وخذوا عني في غير ما حدثت وبلغوا عني والكلام في هذا أوضح من النهار لأولي النهى والاعتبار ولا يخلو الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون خيرا أو شرا فإن كان خيرا ولا شك فيه أنه خير فالاكثار من الخير أفضل وأن كان شرا ولا يجوز أن يتوهم أن عمر يوصيهم بالاقلال من الشر وهذا يدلك إنه إنما أمرهم بذلك خوف مواقعة الكذب على رسول
122

الله صلى الله عليه وسلم وخوف الاشتغال عن تدبر السنن والقرآن لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غيره متدبر ولا متفقه وذكر مسلم بن الحجاج في كتاب التمييز قال حدثنا الفضل بن موسى قال حدثنا الحسين بن واقد الرديني بن أبي مجلز عن أبيه عن قيس ابن عباد قال سمعت عمر بن الخطاب يقول من سمع حديثا فأداه كما سمع فقد سلم ومما يدل على هذا ما قد ذكرناه فيما يروي عن عمر انه كان يقول تعلموا الفرائض والسنة كما تتعلمون القرآن فسوي بينهما وحدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى قال حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن عاصم الأحول عن مورق العجلي قال كتب عمر تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تتعلمون القرآن رواه ابن وهب عن ابن مهدي بإسناد مثله وحدثنا أحمد قال حدثني أبي حدثنا عبد الله حدثنا بقي أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن مورق عن عمر مثله قالوا اللحن معرفة وجوه الكلام وتصرفه والحجة به وعمر هو الناشد للناس في غير موقف بل في مواقف شتى من عنده علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا نحو ما ذكره مالك وغيره عنه في توريث المرأة من دية زوجها وفي الجنين يسقط ميتا عند ضرب بطن أمه وغير ذلك مما لو ذكرناه طال به كتابنا وخرجنا عن حد ماله قصدنا وكيف يتوهم على عمر ما توهمه الذين ذكرنا قولهم وهو القائل إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وقد ذكرنا هذا الخبر بإسناده عن عمر في بابه من كتابنا هذا وعمر أيضا هو القائل خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله حدثنا أحمد بن قاسم ومحمد بن عبد الله قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن الأشج أن عمر بن الخطاب قال سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل وقد يحتمل عندي أن تكون الآثار كلها عن عمر صحيحة متفقة ويخرج معناها على أن من شك في شيء تركه ومن حفظ شيئا وأتقنه جاز له أن يحدث به وإن كان الاكثار يحمل الإنسان على التقحم في أن يحدث بكل ما سمع من جيد ورديء وغث وثمين وقد قال رسول
123

الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع من حديث شعبه عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان مذهب عمر ما ذكرنا لكانت الحجة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون قوله فهو القائل نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها وبلغها وقد تقدم ذكره في هذا الكتاب وقال النبي صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثني أبي عمران بن محمد قال حدثني ابن أبي ليلى يعني محمد بن عبد الرحمن عن عيسى يعني ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم قال أبو عمر الذي عليه جماعة فقهاء المسلمين وعلمائهم ذم الاكثار دون التفقه ولا تدبر والمكثر لا يأمن مواقعة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لروايته عمن يؤمن وعمن لا يؤمن حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا عمر بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو شهاب عن محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن مالك قال سمعت أبا قتادة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم وكثرة الحديث ومن قال عني فلا يقولن إلا حقا حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا مسلمة بن قاسم حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا إبراهيم بن أحمد قال سمعت وهب بن بقية يقول سمعت خالد بن عبد الله يقول سمعت ابن شبرمة يقول أقلل الرواية تفقه وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي
بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا ابن لهيعة عن قيس
124

ابن رافع قال سمعت شفى الأصبحي يقول لتفتحن على هذه الأمة خزائن كل شيء حتى تفتح عليهم خزائن الحديث أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد ابن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان قال حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن مروان قال حدثنا علي بن جميل قال حدثنا علي بن سعيد قال حدثنا شعيب بن حرب قال كنا عند سفيان يوما فتذاكرنا الحديث فقال لو كان في هذا الحديث خير لنقص كما ينقص الخير ولكنه شر فأراه يزيد كما يزيد الشر حدثنا عبد الرحمن حدثنا أحمد حدثنا إسحاق حدثنا محمد بن علي حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا حماد ابن زيد قال قال لي سفيان الثوري يا أبا إسماعيل لو كان هذا الحديث خيرا لنقص كما ينقص الخير أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثني يحيى بن مالك قال حدثنا محمد بن سليمان بن أبي الشريف قال حدثني محمد بن موسى قال سمعت زكريا القطان يقول رأيت سفيان بن عيينة وقد ألجأه أصحاب الحديث إلى الميل الأخضر فالتفت إليهم فقال ما أدري الذين تطلبونه من الخير ولو كان من الخير لنقص كما ينقص الخير قال أبو عمر هذا كلام خرج على ضجر وفيه لأولي العلم نظر وقد أخذه بكر ابن حماد فقال لقد جفت الأقلام بالخلق كلهم فمنهم شقي خائب وسعيد تمر الليالي بالنفوس سريعة ويبدئ ربي خلقه ويعيد أرى الخير في الدنيا يقل كثيره وينقص نقصا والحديث يزيد فلو كان خيرا قل كالخير كله وأحسب أن الخير منه بعيد ولابن معين في الرجال مقالة سيسئل عنها والمليك شهيد فإن يك حقا قوله فهي غيبة وإن يك زورا فالقصاص شهيد وكل شياطين العباد ضعيفة وشيطان أصحاب الحديث مريد قال أبو عمر قد رد هذا القول على بكر بن حماد جماعة نظما فمن ذلك ما أخبرني غير واحد عن مسلمة بن القاسم قال ذاكرت أبا الأصابع عبد السلام بن يزيد بن غياث الأشبيلي رفيقي أبيات بكر بن حماد هذه ونحن في المسجد الحرام وسألته الرد عليه فعارضه بشعر أوله
125

تبارك من لا يعلم الغيب غيره ومن بطشه بالمعتدين شديد وفيه تعرضت يا بكر بن حماد خطة بأمثالها في الناس شاب وليد تقول بأن الخير قل كثيره وأخبرتنا أن الحديث يزيد وصيرته إذ زاد شرا وقام في ضميرك أن الخير منه بعيد فلم تأت فيه الحق إذ قلت فيه بالعموم وأنت المرء كنت تحيد وما زال ذا قسمين حقا وباطلا فهذا خلاخيل وذاك قيود وذا ذهب محض وذلك آنك وذا ورق صاف وذاك حديد وهذا أمير في الأنام معظم وذاك طريد في البلاد شريد فذمك هذا في المقال مذمم وذمك هذا في الفعال حميد وألزمت هذا ذنب ذا كمعاقب ظباء يذنب قارفته أسود وهل ضرأ حرارا كراما أعزة إذا جوزتهم في الندى عبيد ولولا الحديث المحتوى سنن الهدى لقامت على رأس الضلال بنود وقول رسول الله يعرف حده فليس له عند الرواة مزيد وما كان من إفك وزور فإنه كعدة رمل تحتويه زرود وليس له حد وفي كل ساعة يزيد جديدا يقتفيه جديد ولابن معين في الذي قال أسوة ورأي مصيب للصواب سديد وأجر به يعلى الآله محله وينزله في الخلد حيث يريد يناضل عن قول النبي ويطرد الأ باطيل عن أحواضه ويزود وجلة أهل العلم قالوا بقوله وما هو في شيء أتاه فريد وقلت وليس الصدق منك سجية وشيطان أصحاب الحديث مريد وما الناس إلا اثنان بر وفاجر فقولك عن سبل الصواب حيود وكل حديثي تأزر بالتقى فذاك امرؤ عند الآله سعيد ولو لم يقم أهل الحديث بديننا فمن كان يروي علمه ويفيد هم ورثوا علم النبوة واحتووا من الفضل ما عنه الأنام رقود وهم كمصابيح الدجى يهتدي بهم وما لهم بعد الممات خمود
126

عليك ابن غياث لزوم سبيلهم فحالهم عند الآله حميد وقال أبو علي بن ملولة القيرواني يعارض بكر بن حماد ولابن معين في الرجال مقالة تقدمه فيها شريك ومالك فإن يك ما قاله سهلا وواسعا فقد سهلت لابن المعين المسالك وإن يك زورا منهم أو نميمة فما منهم في القول إلا مشارك وأنشدني أحمد بن عصفور رحمه الله لنفسه يعارض بكر بن حماد أجل أن حكم الله في الخلف سابق وما لا مريء عما يحم محيد هو الرب لا تخفى عليه خفية عليم بما تخفى الصدور شهيد جرت بقضاياه المقادير في الورى فمقترب من خيرها وبعيد أيا قادح في العلم زند عمائه رويجا بما تبدي به وتعيد جعلت شياطين الحديث مريدة إلا أن شيطان الضلال مريد وجرحت بالتكذيب من كان صادقا فقولك مردود وأنت عنيد ذوو العلم في الدنيا نجوم هداية إذا غار نجم لاح بعد جديد بهم عز دين الله طرا وهم له معاقل من أعدائه وجنود حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال قال مطر الوراق العلماء مثل النجوم فإذا أظلمت تكسع الناس وبهذا الإسناد عن ابن شوذب عن مطر أنه سأله رجل عن حديث فحدثه به فسأله عن تفسيره فقال لا أدري إنما أنا زاملة فقال له الرجل جزاك الله من زاملة خيرا فإن عليك من كل حلو وحامض وبه عن مطر أنه قال في قول الله جل وعز ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر قال هل من طالب علم فيعان عليه قال أبو عمر أما طلب الحديث على ما يطلبه كثير من أهل عصرنا اليوم دون تفقه فيه ولا تدبر لمعانيه فمكروه عند جماعة أهل العلم أخبرني خلف بن القاسم حدثنا أحمد بن صالح بن عمر حدثنا أحمد بن جعفر بن عبيد الله المنادي قال حدثت عن أحمد بن أبي الحواري قال سمعت أبا سليمان الداراني يقول دخلنا على سفيان بن سعيد الثوري وهو بمكة في بيت جالسا في زاويته على جلد فقال
127

لنا ما جاء بكم فوالله لأنا إذا لم أركم خير مني إذا رايتكم قال أبو سليمان فسكتنا وتكلم بعضنا بكلام فقطعه علينا فما برحنا حتى تبسم إلينا وحدثنا أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الباقي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن المثني البزار قال سمعت بشر بن الحارث يقول سمعت أبا خالد الأحمر يقول يأتي على الناس زمان تعطل فيه المصاحف لا يقرأ فيها يطلبون الحديث والرأي ثم قال إياكم وذلك فإنه يصفق الوجه ويكثر الكلام ويشغل القلب حدثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى وعبد العزيز بن عبد الرحمن قالوا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان قال حدثنا محمد بن علي بن مروان قال سمعت أبا عبد الرحمن الضرير يقول سمعت وكيعا يقول قيل لداود الطائي ألا تحدث قال ما راحتي في ذلك أكون مستمليا على الصبيان فيأخذون على سقطي فإذا قاموا من عندي يقول قائل منهم أخطأ في كذا ويقول آخر غلط في كذا ما راحتى في ذلك ترى عندي شيئا ليس عند غيري قال وقيل لداود الطائي كم تلزم بيتك ألا تخرج قال أكره أن أحمل رحلي في غير حق وبه عن محمد بن علي قال سمعت أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري يقول قلت لأبي بكر ابن عياش حدثنا قال دعونا من الحديث فإنا قد كبرنا ونسينا
الحديث جيئونا بذكر المعاد والمقابر إن أردتم الحديث فأذهبوا إلى هذا الذي في بني داواس يعني وكيعا قلت أي رجل من أهل الشام قال ذاك أهون لك عندي وبه عن محمد بن علي قال حدثني أحمد بن عبد الله بن يونس قال سمعت الفضيل بن عياض يقول أن لم نؤجر على هذا الحديث لقد شقينا أخبرني أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن قال حدثنا إبراهيم بن نصر أبو إسحاق السرفسطي قال حدثنا أحمد بن مندوس قال حدثنا ابن أبي الحواري قال أتينا فضيل بن عياض سنة خمس وثمانين ومائة ونحن جماعة فوقفنا على الباب فلم يأذن لنا بالدخول فقال بعض القوم إن كان خارجا لشيء فسيخرج لتلاوة القرآن قال فأمرنا قارئا فقرأ فاطلع علينا من كوة فقلنا السلام عليك ورحمة الله فقال وعليكم السلام قلنا كيف أنت يا أبا علي وكيف حالك قال أنا من اله في عافية ومنكم في أذى وإن ما أنتم فيه حدث في
128

الإسلام فإنه لله وإنا إليه راجعون ما هكذا كنا نطلب العلم ولكنا كنا نأتي المشيخة فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم في الحق فنجلس دونهم ونسترق السمع فإذا مر الحديث سألناهم إعادته وقيدناه وأنتم تطلبون العلم بالجهل وقد ضيعتم كتاب الله ولو طلبتم كتاب الله لوجد فيه شفاء لما تريدون قال قلنا قد تعلمنا القرآن قال إن في تعليمكم القرآن شغلا لإعماركم وأعمال أولادكم قلنا كيف يا أبا علي قال لن تعلموا القرآن حتى تعرفوا اعرابه ومحكمة من متشابهه وناسخه من منسوخه فإذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة ثم قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قال بفضل الله وبرحمته فلذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أحمد بن هارون قال حدثنا سيف ابن هارون عن عفان أو عمار رجل من أهل البراجم قال سمعت الضحاك بن مزاحم يقول يأتي على الناس زمان يعلق فيه المصحف حتى يعشعش عليه العنكوت لا ينتفع بما فيه ويكون أعمال الناس بالروايات والأحاديث وحدثني خلف بن القاسم قال حدثنا ابن السكن قال حدثنا محمد بن محمد بن ديدر الباهلي قال حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال حدثنا حسن بن زياد قال سمعت فضيل بن عياض يقول لأصحاب الحديث لم تكرهوني على أمر تعلمون إني كاره له لو كنت عبدا لكم فكرهتكم كان نولكم أن تتبعوني ولو أعلم إني لو دفعت إليكم ردائي هذا ذهبتم عني لدفعته إليكم حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو بكر بن النضر قال سمعت أبا أسامة يقول سمعت سفيان الثوري يقول ليس طلب الحديث من عدد الموت ولكنه علة يتشاغل به الرجل وحدثنا قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا قطبة بن العلاء بن المنهال الغنوي قال سمعت سفيان الثوري يقول أنا فيه يعني الحديث منذ ستين سنة وددت غني خرجت منه كفافا لا على ولا لي وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن صالح المقري حدثنا ابن المنادى حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع السكوتي قال
129

حدثني أبي وقبيصة عن سفيان الثوري قال ليتني انفلت منه كفافا لا لي ولا على قال وحدثنا الثوري عمن سمع الشعبي يقول ليتني انفلت من علمي كفافا لا لي ولا علي وحدثنا خلف بن القاسم حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن المنادى حدثنا العباس ابن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول سمعت ابن عيينة يقول عن سفيان الثوري أنه قال ما تريد إلى شيء إذا بلغت منه الغاية تمنيت أن ينفلت معه كفافا وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحداد قال سمعت يموت ابن المزرع يقول إذا رأيت الشيخ يعدو فاعلم أن أصحاب الحديث خلفه حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا محمد بن سلام قال قال عمرو بن الحارث ما رأيت علما أشرف ولا أهلا أسخف من أهل الحديث حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا علي بن سعيد حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا سفيان بن عيينة قال سمعت مسعرا يقول من أبغضني جعله الله محدثا وددت أن هذا العلم كان محل قوارير حملته على رأسي فوقع فتكسر فاسترحت من طلابه حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا مسلمة بن قاسم حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا إبراهيم بن أحمد حدثنا إبراهيم بن سعيد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول ونظر إلى أصحاب الحديث فقال أنتم سخنة عين لو أدركنا وأياكم عمر بن الخطاب لا وجعنا ضربا أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جيرير الطبري قال حدثنا محمد بن عبد الله الدورقي قال حدثنيا محمد بن بكار العيشي قال سمعت ابن أبي عدي يقول قال شعبة كنت إذا رأيت رجلا من أهل الحديث يجيء أفرح به فصرت اليوم ليس شيء أبغض إلا من أن أرى واحدا منهم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبيد الله بن عمر قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال سمعت شعبة يقول إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون قال أبو عمر بلغني عن جماعة من العلماء إنهم كانوا يقولون إذا حدثوا بحديث شعبة هذا واي شيء كان يكون شعبة لولا الحديث قال أبو عمر إنما عابوا الإكثار خوفا من أن يرتفع التدبر والتفهم ألا ترى إلى ما حكاه بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال سألني الأعمش عن مسألة وأنا هؤلاء غير فأجبته فقال لي من أين
130

قلت هذا يا يعقوب فقلت بالحديث الذي حدثتني أنت ثم حدثته فقال لي يا يعقوب إني لا حفظ هذا الحديث من قبل أن يجمع أبواك ما عرفت تأويله إلى الآن وروي نحو هذا أنه جرى بين الأعمش وأبي يوسف وأبي حنيفة فكان من قول الأعمش أنتم الأطباء ونحن الصيادلة ومن ههنا قال الزبيدي إن من يحمل الأحاديث ولا يعرف فيه التأويل كالصيدلاني وقد تقدم ذكر هذه الأبيات بتمامها في كتابنا هذا أخبرني خلف بن قاسم قال حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان قال حدثنا إبراهيم بن عثمان بن سعيد قال حدثنا علان بن المغيرة قال حدثنا علي بن المغيرة قال حدثنا علي بن معبد بن شداد قال حدثنا عبيد الله بن عمرو قال كنت في مجلس الأعمش فجاءه رجل فسأله عن مسئلة فلم يجبه فيها ونظر فإذا أبو حنيفة فقال يا نعمان قل فيها قال القول فيها كذا قال من أين قال من حيث حدثتناه قال فقال الأعمش نحن الصيادلة وأنتم الأطباء حدثني أحمد ابن عبد الله بن محمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد قال سمعت أبا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول سمعت شريح بن يونس يقول سمعت يحيى بن يمان يقول يكتب أحدهم الحديث ولا يتفهم ولا يتدبر فإذا سئل أحدهم عن مسئلة جلس كأنه مكاتب قال أبو عمر في مثل هذا يقول الشاعر زوامل للأشعار لا علم عندهم بجيدها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا غدا بأحماله أو راح ما في الغرائز وقال عمر الكلبي إن الرواة على جهل بما حملوا مثل الجمال عليها يحمل الودع لا الودع ينفعه حمل
الجمال له ولا الجمال بحمل الودع تنتفع وأنشد الخشني رحمه الله قطعت بلاد الله للعلم طالبا فحملت أسفار افصرت حمارها إذا ما أراد الله حتفا بنملة أتاح جناحين لها فاطارها وقال منذر بن سعيد انعق بما شئت تجد أنصارا ورم أسفارا تجد حمارا
131

يحمل ما وضعت من أسفار مثله كمثل الحمار يحمل أسفارا له وما درى إن كان ما فيها صوابا أو خطأ إن سئلوا قالوا كذا روينا ما إن كذبناه ولا اعتدينا كبيرهم يصغر عند الحفل لأنه قلد أهل الجهل قال أبو يوسف القاضي من يتبع غرائب الأحاديث كذب ومن طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيماء أفلس وروى ابن المبارك عن سفيان بن حسين قال قال بي غياس بن معاوية أراك تطلب الأحاديث والتفسير فإياك والشناعة فإن صاحبها لن يسلم من العيب حدثني أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثني أبو السائب قال سمعت حفص بن غياث يقول سمعت الأعمش يقول يعني لأصحاب الحديث لقد رددتموه حتى صار في حلقي أمر من العلقم ما عطفتم على أحد ألا حملتموه على الكذب حدثنا خلف بن أحمد حدثنا أحمد ابن سعيد حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن علي قال سمعت يحيى بن معين يقول سمعت أبا بكر بن عياش يقول سمعت مغيرة الضبي يقول والله لأنا أشد خوفا منهم من الفساق يعني أصحاب الحديث وفيما رواه عبدان عن ابن المبارك أنه قال ليكن الذي تعتمد عليه الأثر وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث وقال وكيع كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به وكنا نستعين على طلبه بالصوم حدثنا عبد الوارث ابن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا ابن الأصبهاني حدثنا حفص عن ابن أبي ليلى قال لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن أسد رحمه الله يقول سمعت حمزة بن محمد بن علي الكناني يقول خرجت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم من مائتي طريق أو نحو من مائتي طريق يشك أبو محمد قال فداخلني من ذلك من الفرح غير قليل وأعجبت بذلك قال فرأيت ليلة من الليالي يحيى بن معين في المنام فقلت له يا أبا زكريا خرجت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم من مائتي طريق قال فسكت عني ساعة ثم قال أخشى أن يدخل تحت هذا ألهاكم التكاثر وقال عمر بن رزيق لابنه ورآه يطلب الحديث يا بني اعمل بقليله تزهد في كثيره حدثنا خلف بن قاسم حدثنا بكير
132

ابن الحسن الرازي أبو القاسم بمصر قال حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم البغدادي قال حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش الموصلي قال حدثنا أبي عن أبي عبد الرحمن الجراح بن مليح عن بكر بن زرعة الخولاني عن أبي عبتة الخولاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك وتعالى لا يزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته قال أبو يعقوب بلغني عن أحمد بن حنبل قال هم أصحاب الحديث وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن حدثنا أبو العباس أحمد ابن عبد الله الفرائضي ببغداد قال حدثنا أبو عيسى محمد بن مالك الخزاعي قال حدثنا عياش الدوري قال حدثنا قراد أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان قال سمعت شعبة يقول إذا رأيت المحبرة في بيت إنسان فارحمه وإن كان في كمك شيء فاطعمه
باب ما جاء في ذم القول في دين الله بالرأي والظن والقياس
على غير أصل وعيب والالكثار من السمائل دون اعتبار حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثني علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال حد علينا عبد الله بن عمرو بن العاص فجلست إليه فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا ينزع العلم من الناس بعد إذ أعطاهموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون برأيهم فيضلون ويضلون قال عروة فحدثت بذلك عائشة ثم إن عبد الله ابن عمرو حج بعد ذلك فقالت لي عائشة يا بان أختي انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الحديث الذي حدثتني به عنه قال فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها فعجبت وقالت والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو قال ابن وهب وأخبرني عبد الرحمن بن شريح عن أبي الأسود عن عروة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أيضا وحدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد حدثنا ابن المبارك قال حدثنا عيسى بن يونس عن جرير بن عثمان الراجي قال حدثنا
133

عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون به ما أحل الله ويحلون به ما حرم الله وأخبرنا أحمد بن قاسم ويعيش ابن سعيد قالا أنبأنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا نعيم قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا جرير عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحللون الحرام ويحرمون الحلال حدثنا عبيد بن محمد قال حدثنا عبد الله ابن محمد القاضي بالقلزم قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله الرازي قال حدثا الحارث بن عبد الله بهمدان قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله وبرهة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعملون بالرأي فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا وأخبرنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن الليث قال حدثنا جبارة بن المغلس قال حدثنا حماد بن يحيى الأبح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله ثم تعمل برهة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تعمل بعد ذلك بالرأي فإذا عملوا بالرأي ضلوا حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثني علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لان الله كان يريه وإنما هو منا الظن والتكلف وبه عن ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عمر بن الخطاب قال أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يرووها فاشتقوا الرأي قال ابن وهب وأخبرني عبد الله بن عياش عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عمر أن عمر بن
الخطاب قال اتقوا الرأي في دينكم قال سحنون يعني
134

البدع وقال ابن وهب وأخبرني رجل من أهله المدينة عن ابن عجلان عن صدقة بن أبي عبد الله أن عمر بن الخطاب كان يقول أن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين سئلو أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنن برأيهم فإياكم وإياهم أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال حدثني أبي وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا سهل بن إبراهيم قالا جميعا محمد بن فطيس قال حدثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي قال حدثنا عبد الرحمن حدثنا ابن شريك قال حدثني أبي عن مجالد بن سعيد عن عامر يعني الشعبي عن عمرو بن حريث قال قال عمر إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا أخبرنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن عبد الملك القزاز قال حدثنا ابن مريم قال حدثنا نافع بن يزيد عن ابن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي قال قال عمر بن الخطاب إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها فقالوا بالدين برأيهم قال أبو بكر إن أبي داود أهل الرأي هم أهل البدع وهو القائل في قصيدته في السنة ودع عنك آراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أزكى وأشرح حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد حدثنا يحيى بن زكريا عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال لا يأتي عليكم زمان إلا وهو شر من الذي قبله إما أني لا أقول أمير خير من أمير ولا عام أخصب من عام ولكن فقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا ويجيء قوم يقيسون الأمور برأيهم أخبرنا عبد الرحمن قال حدثنا علي قال حدثنا أحمد قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود إنه قال ليس عام إلا الذي بعده شر منه لا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام ولا أمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام ويثلم وحدثنا محمد بن إبراهيم قالحدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد
135

ابن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن المجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود قال ليس عام إلا الذي بعده شر منه ولا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام ولا أمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام ويثلم وحدثنا يونس بن عبد الله قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال قال عبد الله بن مسعود قراؤكم وعلماؤكم يذهبون ويتخذ الناس رؤسا جهلال يقيسون الأمور برأيهم حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثنا عبد الملك بن بحر قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا سنيد ابن داود قال حدثنا محمد بن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خيثم أنه قال يا عبد الله ما علمك الله في كتابه من علم فأحمد الله وما استأثر عليك به من علم فكله إلى عالمه ولا تتكلف فإن الله جل وعز يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين قال وحدثنا سنيد قال حدثنا محمد بن فضيل عن داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها وحد حدودا فلا تعتدوها وعفى عن أشياء رحمة لكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها حدثنا عبد الرحمن حدثنا أحمد حدثنا إسحاق حدثنا محمد بن علي حدثنا عفان حدثنا عبد الرحمن بن زياد حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي فزارة قال ابن عباس إنما هو كتاب الله وسنة رسوله فمن قال بعد ذلك برأيه فما أدري أفي حسناته يجد ذلك أم في سيئاته أخبرنا عبد الرحمن حدثنا علي حدثنا أحمد حدثنا سحنون حدثنا ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر قال قال عمر بن الخطاب السنة ما سنة الله ورسوله لا تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة قال ابن وهب وأخبرني يحيى بن أيوب عن هشام ابن عروة أنه سمع أباه يقول لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى أدرك فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوا بني إسرائيل قال ابن وهب وأخبرني عن
136

عيسى بن أبي عيسى عن الشعبي أنه سمعه يقول إياكم والمقايسة فوالذي نفسي بيده لئن أخذتم لتحلن الحرام ولتحرمن الحلال ولكن ما بلغكم من حفظ عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحفظوه حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا عبد الله بن محمد الضعيف حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا صالح بن مسلم عن الشعبي قال إنما هلكتم حين تركتم الآثار وأخذتم بالمقاييس حدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن شعبان حدثنا محمد بن محمد بن بدر حدثنا أبو همام حدثنا الأشجعي عن جابر عن الشعبي عن مسروق قال لا أقيس شيئا بشيء قلت لمه قال أخاف أن تزل رجلي حدثنا ابن قاسم حدثنا ابن شعبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق حدثنا النضر بن شميل حدثنا ابن عون عن ابن سيرين قال كانوا يرون أنه على الطريق ما دام على الأثر حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وعبد العزيز بن عبد الرحمن قالا حدثنا أحمد ابن سعيد حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن علي حدثنا محمد بن عبد العزيز حدثنا النضر بن شميل حدثنا ابن عون عن ابن سيرين قال كانوا يرون أنه على الطريق ما دام على الأثر قال حدثنا محمد بن عبد العزبز قال سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول لرجل إن ابتليت بالقضاء فعليك بالأثر قال وحدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال حدثنا أبي قال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن سفيان قال إنما الدين الآثار قال وحدثنا ابن أبي رزمة قال سمعت عبدان عثمان يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول ليكن الذي تعتمد عليه هذا الأثر وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث وعن شريح أنه قال إن السنة سبقت قياسكم فاتبعوا ولا تبتدعوا فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر وروى عمرو ابن ثابت عن المغيرة عن الشعبي قال إن السنة لم توضع بالمقاييس وروى الحسن بن واصل عن الحسن قال إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل وحادوا عن الطريق فتركوا الآثار وقالوا في الدين برأيهم فضلوا وأضلوا وذكر نعيم بن حماد عن أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال من يرغب برأيه عن أمر الله يضل وذكر
137

ابن وهب قال أخبرني بكر بن مضر عن رجل من قريش أنه سمع ابن شهاب يقول وهو يذكر ما وقع فيه الناس من هذا الرأي وتركهم السنن فقال إن اليهود والنصارى إنما
استحلوا من العلم الذي كان بأيديهم حين اشتقوا الرأي وأخذوا فيه قال واخبرني يحيى بن أيوب عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول السنن السنن فإن السنن قوام الدين قال وكان عروة يقول ازهد الناس في عالم أهله أخبرنا محمد بن محمد قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا ابن الاعرابي قال حدثنا ابن الزيادي قال حدثنا يزيد بن أبي حكيم قال حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام عن عروة قال إن بني إسرائيل لم يزل أمرهم معتدلا حتى نشأ فيهم مولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فضلو أو أضلوا وحدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أبو بكر بن عبد الحميد الواسطي قال حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى قال حدثنا حجاج ابن منهال قال حدثنا حماد بن سلمة عن غير واحد عن الزهري قال إياكم وأصحاب الرأي أعيتهم الأحاديث أن يعوها قال أبو عمر اختلف العلماء في الرأي المقصود إليه بالذم والعيب في هذه الآثار المذكورة في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم وعن التابعين لهم باحسان فقالت طائفة الرأي المذموم هو البدع المخالفة للسنن في الاعتقاد كرأي جهم وسائر مذاهب أهل الكلام لأنهم قوم قياسهم وآراؤهم في رد الأحاديث فقالوا ألا يجوز أنى يرى الله عز وجل في القيامة لأنه عز وجل يقول لا دركه الأبصار وهو يدرك الأبصار فردوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ترون ربكم يوم القيامة وتأولوا في قول الله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة تأويلا لا يعرفه أهل اللسان ولا أهل الأثر وقالوا لا يجوز أن يسأل الميت في قبره لقول الله عز وجل أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فردوا الأحاديث المتواترة في عذاب القبر وفتنته وردوا الأحاديث في الشفاعة على تواترها وقالوا لن يخرج من النار من دخل فيها وقالوا لا نعرف حوضا ولا ميزانا ولا نعقل ما هذا وردوا السنن في ذلك كله برأيهم وقياسهم إلى أشياء يطول ذكرها من كلامهم في صفات الباري تبارك وتعالى وقال جماعة من أهل العلم إنما الرأي المذموم المعيب المهجور الذي لا يحل النظر فيه ولا الاشتغال به الرأي المتبدع وشبهه من ضروب البدع حدثنا محمد بن خليفة قال
138

حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أبو بكر أبي داود قال حدثنا أحمد بن سنان قال سمعت الشافعي يقول مثل الذي ينظر في الرأي ثم يتوب منه مثل المجنون الذي عولج حتى برئ فاعقل ما يكون قد هاج به وحدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثني أبو بكر بن أبي داود قال سمعت أبي يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول لا يكاد نرى أحدا نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل وقال آخرون وهم جمهور أهل العلم الرأي المذموم المذكور في هذه الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصصحابه والتابعين هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون والاشتغال بحفظ المعضلات والاغلوطات ورد الفروع والنوازل بعضها على بعض قياسا دون ردها على أصولها والنظر في عللها واعتبارها فاستعمل فيها الرأي قبل أن تنزل وفرعت وشققت قبل أن تقع وتكلم فيها قبل أن تكون بالرأي المضارع للظن قالوا ففي الاشتغال بهذا والاستغراق فيه تعطيل للسنن والبعث على جهلها وترك الوقوف على ما يلزم الوقوف عليها منها ومن كتاب الله عز وجل ومعانيه واحتجوا على صحة ما ذهبوا إليه من ذلك بأشياء منها ما أخبرنا به خلف بن أحمد قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثني أسد بن موسى قال حدثنا شريك عن ليث عن طاوس عن ابن عمر قال لا تسألوا عن مالم يكن فإني سمعت عمر يلعن من سأل عن مالم يكن وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد ابن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال حدثنا عيسى ابن يونس عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات وأخبرنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات فسره الأوزاعي قال يعني صعاب المسائل وحدثنا خلف ابن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن عبادة بن نسي عن الصنابحي عن معاوية
139

ابن أبي سفيان إنهم ذكروا المسائل عنده أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عضل المسائل واحتجوا أيضا بحديث سهل بن سعد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها وبأنه صلى الله عليه وسلم قال إن الله يكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا مالك عن الزهري عن سهل بن سعد قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها هكذا ذكره أحمد بن زهير بهذا الاسناد وهو خلاف لفظ الموطأ وقال الدارقطني لم يرو عبد الرحمن بن مهدي عن مالك من حديث اللعان إلا هذه الكلمة وتابعه على ذلك قداد أبو نوح ونوح بن ميمون المضروب عن مالك فذكر حديث عبد الرحمن بن مهدي من رواية أبي خيثمة سواء قال وأخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزار قال حدثنا عباس بن محمد قال حدثنا قداد قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها قال وحدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سعيد والحسين بن صفوان قالا حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا نوح بن ميمون أبو محمد بن نوح قال قال أنبأنا مالك عن ابن شهاب قال أخبرني سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كره المسائل وعابها حدثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى قالا حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان حدثنا محمد بن علي بن مروان حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي قال حدثنا ضمرة قال حدثنا الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة قال وددت أن أحظي من أهل هذا الزمان أن لا أسألهم عن شيء ولا يسألوني عن شيء يتكاثرون بالمسائل كما يتكاثر أهل الدارهم بالدراهم أنبأنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا شرحبيل بن مسلم إنه سمع الحجاج بن عامر الثمالي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم كثرة السؤال وفي سماع أشهب سئل
140

مالك عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال فقال أما كثرة السؤال فلا أدري أهو ما أنتم فيه مما أنهاكم عنه من كثرة المسائل فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها وقال الله تعالى لا تسألوا عن أشياء إن لكم تسؤكم فلا أدري أهو هذا أم السؤال في مسألة الناس في الاستعطاء وقد ذكرنا
القول في قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال مبسوطا في كتاب التمهيد والحمد لله واحتجوا أيضا بما رواه ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أباه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته رواه عن ابن شهاب معمر وابن عيينة ويونس بن يزيد وغيرهم وهذا لفظ حديث يونس بن يزيد من رواية ابن وهب عنه وروى ابن وهب أيضا قال حدثني ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذروني ما تركتكم فإنما أهلك الذين من قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم قال وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعبد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال حدثنا سعيد بن أحمد ابن عبد ربه قال حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن طاوس قال قال عمر بن الخطاب وهو على المنبر أحرج بالله على كل امرئ سأل عن شيء لم يكن فإن الله قد بين ما هو كائن وحدثنا محمد قال حدثنا أحمد قال حدثنا سعيد بن عثمان وسعيد بن حمير قالا حدثنا يونس فذكر باسناده مثله وروى جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعبد بن جبير عن ابن عباس قال ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن ثلاثة عشر مسئلة حتى قبض صلى الله عليه وسلم كلهم في القرآن يسئلونك عن المحيض يسئلونك عن الشهر الحرام يسألونك عن اليتامى ما كانوا يسئلون إلا عما ينفعهم قال أبو عمر ليس في الحديث من الثلاث
141

عشرة مسئلة إلا ثلاث قالوا ومن تدبر الآثار المروية في ذم الرأي المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين في ذلك علم أنه ما ذكرنا قالوا ألا ترى أنهم كانوا يكرهون الجواب في مسائل الأحكام مالم تنزل فكيف بوضع الاستحسان والظن والتكلف وتسطير ذلك واتخاذه دينا وذكروا من الآثار أيضا ما حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن طاوس عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها فإنكم أن لا تفعلوا أوشك أن يكون فيكم من إذا قال سدد أو وفق فإنكم إن عجلتم تشتتت بكم الطرق ههنا وههنا حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل الصانع حدثنا سنيد حدثنا يزيد بن زريع عن حبيب بن الشهيد عن ابن طاوس عن أبيه قال قال عمر أنه لا يحل لأحد أن يسئل عما لم يكن أن الله تبارك وتعالى قد قضى فيما هو كائن قال وحدثنا سنيد قال حدثنا سفيان عن عبد الملك بن بحر عن الشعبي عن مسروق قال سألت أبي بن كعب عن مسئلة فقال أكانت هذه بعد قلت لا قال فاجمني حتى تكون وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان لا يقول برأيه في شيء يسئل
142

عنه حتى يقول أنزل أم لا فإن لم يكن نزل لم يقل فيه وإن يكن وقع تكلم فيه قال وكان إذا سئل عن مسئلة فيقول أوقعت فيقال له يا أبا سعيد ما وقعت ولكنا نعدها فيقول دعوها فإن كانت وقعت أخبرهم قال ابن وهب وأخبرني ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال ما سمعت أبي يقول في شيء قط برايه قال وربما سئل عن الشيء فيقول هذا من خالص السلطان وروينا عن بشر بن الحرث قال قال سفيان بن عيينة من أحب أن يسئل وليس بأهل أن يسئل فما ينبغي أن يسأل قال ابن وهب وأخبرني بكر بن مضر عن ابن هرمز قال أدركت أهل المدينة وما فيها إلا الكتاب والسنة والأمر ينزل فينظر فيه السلطان قال وقال لي مالك أدركت أهل هذه البلاد وإنهم ليكرهون هذا الاكثار الذي في الناس اليوم قال ابن وهب يريد المسائل وقال مالك إنما كان الناس يفتون بما سمعوا وعلموا ولم يكن هذا الكلام الذي في الناس اليوم قال ابن وهب وأخبرنا أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن ابن سيرين قال قال عمر بن الخطاب لأبي مسعود عقبة بن عمرو ألم أنبأ انك تفتي الناس ولست بأمير ولي حارها من تولى قارها وكان عمر بن الخطاب يقول إياكم وهذه العضل فإنها إذا نزلت بعث الله إليها من يقيمها ويفسرها قال ابن وهب وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان سأل ابن شهاب عن شيء فقال له ابن شهاب أكان هذا يا أمير المؤمنين قال لا قال فدعه فإنه إذا كان أتى الله بفرج حدثنا عبد الوارث ابن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال يا أيها الناس لا تسألوا عما لم يكن فإن عمر كان يلعن من سأل عما لم يكن وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال كان زيد بن ثابت إذا سأله إنسان عن شيء قال الله أكان هذا فإن قال نعم نظر وإلا لم يتكلم حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد حدثنا يحيى بن زكريا عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال أتى زيد بن ثابت قوم فسألوه عن أشياء فأخبرهم بها فكتبوها ثم قالوا لو أخبرناه قال فأتوه فأخبروه فقال اعذرا لعل كل
143

شيء حدثتكم به خطأ إنما اجتهدت لكم رأيي قال وحدثنا سنيد قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قال قيل لجابر بن زيد إنهم يكتبون ما يسمعون منك قال إنا لله وإنا إليه راجعون يكتبون رأيا ارجع عنه غدا قال حدثنا سنيد قال حدثنا يزيد عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع قال كان إذا جاء الشيء من القضاء ليس في الكتاب ولا في السنة سمى صوافي الأمراء فدفع إليهم فجمع له أهل العلم فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحق وذكر الطبري في كتاب تهذيب الآثار له حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال قال مالك قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الامر واستكمل فإنما ينبغي أن تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتبع الرأي فإنه متى اتبع الرأي جاء رجل آخر أقوى في الرأي منك فاتبعه فأنت كلما جاء رجل عليك اتبعته أرى هذا لا يتم وقال عبدان سمعت عبد الله بن المبارك يقول ليكن الذي تعتمد عليه الأثر وخذ من الرأي ما تفسر به الحديث قال قال ابن المبارك قال مالك بن دينار لقتادة أي علم رفعت قمت بين الله وبين عبادة فقلت هذا لا يصلح وهذا لا يصلح وذكر الحسن ابن علي الحلواني قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا معن بن عيسى قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد قال جاء رجل إلى سعيد بن المسيب فسأله عن شيء فأملاه عليه ثم سأله عن رأيه فأجابه فكتب الرجل فقال رجل من جلساء سعيد أيكتب يا أبا محمد رأيك فقال سعيد للرجل ناولنيها فناوله الصحيفة
فخرقها قال وحدثنا نعيم قال حدثنا ابن المبارك عن عبد الله بن موهب أن رجلا جاء إلى القاسم بن محمد فسأله عن شيء فأجابه فلما ولى الرجل دعاه فقال له لا تقل إن القاسم زعم إن هذا هو الحق ولكن إن اضطررت إليه عملت به حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا عباس بن الوليد بن مزيد قال أخبرني أبي قال سمعت الأوزاعي يقول عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول ورواه غيرالفريابي عن العباس بن الوليد عن أبيه عن الأوزاعي مثله قال وإن زخرفوه بالقول وذكر البخاري عن بكير عن الليث قال قال ربيعة لابن شهاب يا أبا بكر إذا حدثت الناس برأيك
144

فأخبرهم أنه رأيك وإذا حدثت الناس بشيء من السنة فأخبرهم إنه سنة لا يظنوا إنه رأيك حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال قال لي مالك بن أنس وهو ينكر كثرة الجواب للمسائل يا عبد الله ما علمته فقل به ودل عليه وما لم تعلم فاسكت عنه وإياك أن تتقلد للناس قلادة سوء أخبرني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي حدثني أبي حدثنا محمد بن عمر بن لبابة قال حدثنا مالك بن علي القرشي قال أنبأنا عبد الله ابن مسلمة القعنبي قال دخلت على مالك فوجدته باكيا فسلمت عليه فرد علي ثم سكت عني يبكي فقلت له يا أبا عبد الله ما الذي يبكيك فقال لي يا ابن قعنب إنا لله على ما فرط مني ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط ولم يكن فرط مني ما فرط من هذا الرأي وهذه المسائل قد كانت لي سعة فيما سبقت إليها وذكر محمد بن حارث بن أسد الخشني قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عباس النحاس قال سمعت أبا عثمان سعيد بن محمد الحداد يقول سمعت سحنون بن سعيد يقول ما أدري ما هذا الرأي سفكت به الدماء واستحلت به الفروج واستخفت به الحقوق غير أنا رأينا رجلا صالحا فقلدناه أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا مضر بن محمد قال حدثنا إبراهيم بن عثمان المصيصي قال حدثنا مخلد بن الحسين عن الأوزاعي قال إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه الأغاليط وروينا عن الحسن أنه قال أن شرار عباد الله الذين يجيئون بشرار المسائل يعتنون بها عباد الله حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول سمعت حماد بن زيد يقول قيل لأيوب مالك لا تنظر في الرأي فقال أيوب قيل للحمار مالك لا تجتر قال أكره مضغ الباطل وروينا عن رقبة بن مصقلة عن أبي حنيفة إنه قال لرجل رآه يختلف إلى أبي حنيفة يا هكذا يكفيك من رأيه ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة وسئل رقبة بن مصقلة عن أبي حنيفة فقال هو أعلم الناس بما لم يكن وأجهلهم بما قد كان وقد روى هذا القول عن حفص بن غياث في أبي حنيفة يريد أنه لم يكن له علم بآثار من مضى والله أعلم
145

حدثنا حميد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل قال حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سنيد قال حدثنا مبارك بن سعيد عن صالح بن مسلم قال سمعت الشعبي يقول والله لقد بغض هؤلاء القوم إلى المسجد حتى لهو أبغض إلي من كناسة داري قلت من هم يا أبا عمرو قال ألارائبون قال ومنهم الحكم وحماد وأصحابهم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا يوسف بن عدي قال حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب قال قال الربيع بن خيثم إياكم أن يقول الرجل لشيء أن الله حرم هذا أو نهى عنه فيقول الله كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه قال أو يقول أن الله أحل هذا وأمر به فيقول كذبت لم أحله ولم آمر به وذكر ابن وهب وعتيق بن يعقوب انهما سمعا مالك بن انس يقول لم يكن من امر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحدا اقتدى به يقول في شيء هذا حلال وهذا حرام ما كانوا يجترئون على ذلك وانما كانوا يقولون نكره هذا ونرى هذا حسنا ونتقي هذا ولا نرى هذا وزاد عتيق بن يعقوب ولا يقولون حلال ولا حرام أما سمعت قول الله عز وجل قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله اذن لكم أم على الله تفترون الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله قال أبو عمر معنى قول مالك هذا ان ما أخذ من العلم رأيا واستحسانا لم نقل فيه حلال ولا حرام والله أعلم وقد روى عن مالك أنه قال في بعض ما كان ينزل فيسئل عنه فيجتهد فيه رأيه ان نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين ولقد أحسن أبو العتاهية حيث قال وما كل الظنون تكون حقا ولا كل الصواب على القياس حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا علي بن هاشم بن البريد قال حدثنا الزبرقان السراج قال قال أبو وائل لا تقاعد أصحاب أرأيت
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبي قال حدثنا الأشجعي عن ابن أبي خالد عن الشعبي قال ما كلمة أبغض إلى من رأيت وقال أبو ذر الهروي أخبرنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني بالري قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال حدثنا محمد بن
146

إسماعيل الأحمسي قال حدثنا وهب بن إسماعيل عن داود الأودي قال قال الشعبي احفظ عني ثلاثا لها شأن إذا سألت عن مسئلة فأجبت فيها فلا تتبع مسألتك أرأيت فإن الله يقول في كتابه * (أرأيت من اتخذ إلهه هواه) * حتى فرغ من الآية والثانية إذا سئلت عن مسئلة فلا تقس شيئا بشيء فربما حرمت حلالا أو حللت حراما والثالثة إذا سئلت عما لا تعلم فقل لا أعلم وأنا شريكك وأخبرنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا ابن عبد الحميد قال حدثنا زيد بن محمد المروزي قال أنبأنا عبيد الله بن موسى عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال إنما هلك من كان قبلكم في أرأيت وذكر العقيلي في التاريخ الكبير قال حدثنا يحيى بن عثمان قال أنبأنا عبد الغني بن سعيد الثقفي قال سمعت الليث بن سعد يقول رأيت ربيعة بن أبي عبد الرحمن في المنام فقلت له يا أبا عثمان ما حالك فقال صرت إلى خير إلا أني لم أحمد على كثير مما خرج مني من الرأي
أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال وأخبرني يحيى بن أيوب قال بلغني أن أهل العلم كانوا يقولون إذا أراد الله لا يعلم عبده خيرا شغله بالأغاليط
حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا مروان بن عبد الملك قال حدثنا العباس بن الفرج قال ابن الشاذكوني قال حدثنا سفيان ابن عيينة قال قال ابن شبرمة أنا أول من سمي أصحاب المسائل الهداهد وقال
(سألنا ولما نألوا عم سؤالنا
* وكم من عريف طوحته الهداهد)
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ ووهب بن مسرة قالا حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو جعفر هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي قال حدثنا عبد الله بن مسلمة القرشي قال سمعت مالكا يقول ما زال هذا الأمر معتدلا حتى نشأ أبو حنيفة فأخذ فيهم بالقياس فما أفلح ولا أبجح
قال ابن وضاح وسمعت أبا جعفر الأيلي يقول سمعت خالد بن نزار يقول سمعت مالكا يقول لو خرج أبو حنيفة على هذه الأمة بالسيف كان أيسر عليهم مما أظهر فيهم يعني من القياس والرأي
وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو طالب محمد بن زكريا قال حدثنا موسى بن هارون بن إسحاق الهمداني عن الحميدي عن ابن عيينة قال لم يزل أمر أهل الكوفة معتدلا حتى نشأ فيهم أبو حنيفة قال موسى
147

وهو من أبناء سبايا الأمم أمه سندية وأبوه نبطي والذين ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبايا الأمم وهو ربيعة بالمدينة وعثمان البتي بالبصرة وأبو حنيفة بالكوفة
قال أبو عمر أفرط أصحاب الحديث في ذم أبي حنيفة وتجاوز الحد في ذلك والسبب والموجب لذلك عندهم إدخاله الرأي والقياس على الآثار واعتبارهما وأكثر أهل العلم يقولون إذا صح الأثر بطل القياس والنظر وكان رده لما رد من أخبار الآحاد بتأويل محتمل وكثير منه قد تقدمه إليه غيره وتابعه عليه مثله ممن قال بالرأي وجل ما يوجد له من ذلك ما كان منه اتباعا لأهل بلده كإبراهيم النخعي وأصحاب ابن مسعود إلا أنه أغرق وأفرط في تنزيل النوازل هو وأصحابه والجواب فيها برأيهم واستحسانهم فأتى منه من ذلك خلاف كبير للسلف وشنع هي عند مخاليفهم بدع وما أعلم أحدا من أهل العلم إلا وله تأويل في آية أو مذهب في سنة رد من أجل ذلك المذهب سنة أخرى بتأويل سائغ أو ادعاء نسخ إلا أن لأبي حنيفة من ذلك كثيرا وهو يوجد لغيره قليل
وقد ذكر يحيى بن سلام قال سمعت عبد الله بن غانم في مجلس إبراهيم بن الأغلب يحدث عن الليث بن سعد أنه قال أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسئلة كلها مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مما قال مالك فيها برأيه قال ولقد كتبت إليه في ذلك
قال أبو عمر ليس لأحد من علماء الأمة يثبت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرده دون ادعاء نسخ عليه بأثر مثله أو باجماع أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه أو طعن في سنده ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته فضلا عن أن يتخذ إماما ولزمه إثم الفسق ونقموا أيضا على أبي حنيفة الإرجاء ومن أهل العلم من ينسب إلى الارجاء كثير لم يعن أحد بنقل قبيح ما قيل فيه كما عنوا بذلك في أبي حنيفة لامامته وكان أيضا مع هذا يحسد وينسب إليه ما ليس فيه ويختلق عليه ما لا يليق وقد أثني عليه جماعة من العلماء وفضلوه ولعلنا إن وجدنا نشطة أن نجمع من فضائله وفضائل مالك أيضا والشافعي والثوري والأوزاعي كتابا أملنا جمعه قديما في أخبار أئمة الأمصار إن شاء الله
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا عياش بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول أصحابنا يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه فقيل له أكان أبو حنيفة يكذب فقال كان أنبل من ذلك
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال حدثنا يوسف بن يعقوب
148

البجيرمي بالبصرة قال حدثنا العباس بن الفضل قال سمعت مسلمة بن شبيب يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار
حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب بن عبد الله قال حدثنا الدراوردي قال إذا قال مالك وعليه أدركت أهل بلدنا والمجتمع عليه عندنا فإنه يريد ربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن هرمز..... وذكر محمد بن الحسين الأزدي الحافظ الموصلي في الأخبار التي في آخر كتابه في الضعفاء قال يحيى بن معين ما رأيت أحدا أقدمه على وكيع وكان يفنى برأي أبي حنيفة وكان يحفظ حديثه كله وكان قد سمع من أبي حنيفة حديثا كثيرا قال وقيل ليحيى بن معين يا أبا زكريا أبو حنيفة كان يصدق في الحديث قال نعم صدوق وقيل له والشافعي كان يكذب قال ما أحب حديثه ولا ذكره قال وقيل ليحيى بن معين أيما أحب إليك أبو حنيفة أو الشافعي أو أبو يوسف القاضي فقال أما الشافعي فلا أحب حديثه وأما أبو حنيفة فقد حدث عنه قوم صالحون وأبو حنيفة لم يكن من أهل الكذب وكان صدوقا ولكن ليس أرى حديثه يجزي وقال الحسن بن علي الحلواني قال لي شبابة بن سوار كان شعبة حسن الرأي في أبي حنيفة وكان يستنشدني أبيات مساور الوراق
(إذا ما الناس يوما قايسونا
* بآبدة من الفتيا لطيفة)
وذكر الأبيات وقال علي بن المديني أبو حنيفة روي عنه الثوري وابن المبارك وحماد بن زيد وهشيم ووكيع بن الجراح وعباد بن العوام وجعفر بن عون وهو ثقة لا بأس به وقال يحيى بن سعيد ربما استحسنا الشيء من قول أبي حنيفة فنأخذ به قال يحيى وقد سمعت من أبي يوسف الجامع الصغير ذكره الأزدي
قال حدثنا محمد بن حرب سمعت علي بن المديني فذكره من أوله إلى آخره حرفا بحرف
قال أبو عمر الذين رووا عن أبي حنيفة وثقوه وأثنوا عليه أكثر من الذين تكلموا فيه والذين تكلموا فيه من أهل الحديث أكثر ما عابوا عليه الاغراق في الرأي والقياس والارجاء وكان يقال ستدل على نباهة الرجل من الماضين بتباين الناس فيه قالوا ألا ترى إلى علي بن أبي طالب أنه
149

هلك فيه فتيان محب أفرط ومبغض أفرط وقد جاء في الحديث أنه يهلك فيه رجلان محب مطر ومبغض مفتر وهذه صفة أهل النباهة ومن بلغ في الدين والفضل الغاية والله أعلم قال أبو عمر بلغني عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال ما أحدث أحد في العلم شيئا إلا سئل عنه يوم القيامة فإن وافق السنة سلم وإلا فهو العطب وقد ذكرنا من الآثار في باب أصول العلم وفي باب صفة العالم ما يغني عن الكلام في هذا الباب وبالله التوفيق
باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض
حدثنا سعيد بن نصر قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حرب ابن شداد عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني يعيش بن الوليد أن مولى الزبير بن العوام حدثه عن الزبير بن العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء البغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم أفشوا السلام بينكم وحدثنا أحمد بن محمد بن أحمد قال حدثنا وهب بن مسرة قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يزيد بن هارون عن شيبان وهشام عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى الزبير عن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء فذكر الحديث وحدثنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي قال حدثنا موسى بن خلف العمي عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن مولى الزبير عن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر لكن تحلق الدين والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم أفشو السلام بينكم وحدثناه أبو محمد عبد الله بن
150

محمد قال حدثنا ابن جامع قال حدثنا علي بن عبد العزيز فذكره باسناده سواء حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال حدثنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال حدثنا الحسن بن محمد الرافعي قال حدثني عبد الرحمن بن سلام قال حدثنا بشير ابن زاذان عن الحسن بن السكن عن داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زربها وحدثنا أحمد بن محمد بن أحمد حدثنا أحمد ابن الفضل حدثنا الحسن بن علي الرافعي قال حدثنا عبد الرحمن بن سلام حدثنا بشير ابن زاذان عن الحسن بن السكن عن داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال استمعوا فذكره حرفا بحرف إلى آخره وروى مقاتل بن حيان وعطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال خذوا العلم حيث وجدتم ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزربية حدثنا أحمد ابن قاسم قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا علي بن عبد العزيز وحدثنا سعيد ابن عثمان قال حدثنا أحمد بن دحيم قال حدثنا أبو عيسى أحمد بن محمود قال حدثنا أحمد بن علي الوراق قالا حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن أبي جعفر قال سمعت مالك بن دينار يقول يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض فإنهم أشد تحاسدا من التيوس تنصب لهم الشاة الضارب فينب هذا من ههنا وهذا من ههنا وقال سعيد في حديثه فإني وجدتهم أشد تحاسدا من التيوس بعضها على بعض حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني الوليد بن شجاع قال حدثني ابن وهب قال أخبرني عبد الله بن عياش عن يزيد بن فودر عن كعب قال قال موسى يا رب أي عبادك أعلم ال عالم غرثان من العلم ويوشك أن تروا جهال الناس يتباهون بالعلم ويتغايرون عليه كما تتغاير النساء على الرجال فذاك حظهم منه حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا سحنون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني عبد العزيز ابن حازم قال سمعت أبي يقول العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقى العالم من هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة وإذا لقى من هو مثله ذاكره و إذا لقى من هو دونه
151

لم يزه عليه حتى كان هذا الزمان فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه ولا يذاكر من هو مثله ويزهى على من هو دونه فهلك الناس قال أبو عمر هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر وأما من لم تثبت إمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت لعدم الحفظ والاتقان روايته فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد من الطاعنين أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير في حال الغضب ومنه ما حمل عليه الحسد كما قال ابن عباس ومالك بن دينار وابن حازم ومنه على جهة التأويل مما لا يلزم تقليدهم في شيء منه دون برهان ولا حجة توجبه ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلة الثقاة السادة بعضهم في بعض ما لا يجب أن يلتفت فيهم إليه ولا يخرج عليهم ما يوضح لك صحة ما ذكرنا وبالله التوفيق حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن حماد أنه ذكر أهل الحجاز فقال قد سألتهم فلم يكن عندهم شيء والله لصبيانكم أعلم منهم بل صبيان صبانكم حدثنا خلف بن أحمد حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا محمد بن أحمد حدثنا ابن وضاح حدثنا ابن أبي مريم حدثنا نعيم حدثنا سفيان بن عيينة قال قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن الزهري لو جلست للناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية عمرك قال فقال رجل للزهري إما أنه ما يشتهى أن يراك قال فقال الزهري إما أنه لا ينبغي أن أفعل ذلك حتى أكون زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وروينا عن ابن شهاب إنه قيل
152

له تركت المدينة ولزمت شغبا وإداما وتكت العلماء بالمدينة يتامى فقال أفسدها علينا العبدان ربيعة وأبو الزناد حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال
حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا جرير عن مغيرة قال قال حماد لقيت عطاء وطاوسا ومجاهدا فصبيانكم اعلم منهم بل صبيان صبيانكم قال مغيرة هذا بغي منه قال أبو عمر صدق مغيرة وقد كان أبو حنيفة وهو أقعد الناس بحماد يفضل عطاء عليه أخبرنا حكم بن منذر قال أخبرنا يوسف ين أحمد قال حدثنا أبو رجاء محمد بن حماد المقري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد قال سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت أفضل من عطاء بن أبي رباح وأخبرنا حكم قال حدثنا يوسف قال حدثنا أبو عبد الله محمد خيران الفقيه العبد الصالح قال حدثنا شعيب بن أيوب سنة ستين ومائتين قال سمعت أبا يحيى الحماني يقول سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت أحد أفضل من عطاء بن أبي ولا رأيت أحدا أكذب من جابر الجعفي وحدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل بن العباس الخفاف قال حدثنا محمد بن جرير بن يزيد قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال قدم علينا حماد بن أبي سليمان من مكة فأتيناه لنسلم عليه فقال لنا أحمد والله يا أهل الكوفة فإني لقيت عطاء وطاوسا ومجاهدا فلصينكم وصبيان صبيانكم أعلم منهم وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا ابن أبي ذؤيب عن الزهري قال ما رأيت قوما انقض لعرى الإسلام من أهل مكة ولا رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية قال أحمد بن يونس يعني الرافضة قال أبو عمر فهاذ حماد بن أبي سليمان وهو فقيه الكوفة بعد النخعي القائم بفتواها وهو معلم أبي حنيفة وقيل لإبراهيم النخعي من نسأل بعدك قال حماد وقعد مقعده بعده يقول في عطاء وطاوس ومجاهد وهم عند الجميع أرضى منه وأعلم وفوقه في كل حال ما ترى ولم ينسب واحد منهم إلى الأرجاء وقد نسب إليه حماد هذا وعيب به وعنه أخذه أبو
153

حنيفة والله أعلم وهذا ابن شهاب قد أطلق على أهل مكة في زمانه إنهم ينقضون عرى الإسلام ما استثنى منهم أحدا وفيهم من جلة العماء من لاخفاء بجلالته في الدين وأظن ذلك والله أعلم لما روي عنهم في الصرف ومتعة النساء وذكر الحسن بن علي الخولاني قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال كنت عند الشعبي فذكروا إبراهيم فقال ذاك رجل يختلف إلينا ليلا ويحدث الناس نهارا فأثبت إبراهيم فأخبرته فقال ذلك يحدث عن مسروق والله ما سمع منه شيئا قط حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثني زكريا بن يحيى قال حدثنا قاسم بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال ذكر إبراهيم النخعي عند الشعبي فقال ذاك الأعور الذي يستفتيني بالليل ويجلس يفتي الناس بالنهار قال فذكرت ذلك لإبراهيم فقال ذاك الكذاب لم يسمع من مسروق شيئا وذكر ابن أبي خيثمة هذا الخبر عن أبيه قال كان هذا الحديث في كتاب أبي معاوية فسألناه عنه فأبى أن يحدثنا به قال أبو عمر معاذ الله أن يكون الشعبي كذابا بل هو إمام جليل والنخعي مثله جلالة وعلما ودينا وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحرث الهمداني حدثني الحرث وكان أحد الكذابين ولم يبن من الحرث كذب وإنما نقم عليه افراطه في حب على وتفضيله له على غيره ومن ههنا والله أعلم كذبه الشعبي لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من أسلم وروى علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت عائشة ما علم أنس بن مالك وأبو سعيد الخدري بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كانا غلامين صغيرين وذكر المروزي في كتاب الانتفاع بجلود الميتة في قصة عكرمة زبا عنه ودفعا لما قيل فيه ما يجب أن يكون في بابنا هذا فمن ذلك أنه ذكر حديث سمرة إنه قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان يعين في الصلاة عند قرائته فبلغ ذلك عمران بن الحصين قال كذب سمرة فكتبوا إلى أبي ابن كعب فكتب أن قد صدق سمرة وهذا الحديث مشهور جدا ومثله قول المروزي حدثنا إسحاق بن راهويه وأحمد بن عمرو قالا حدثنا جرير عن منصور عن حبيب ابن أبي ثابت عن طاوس قال كنت جالسا جالسا عند ابن عمر فأتاه رجل فقال أن أبا هريرة يقول أن الوتر ليس بحتم فخذوا منه ودعوا فقال ابن عمر كذب أبو هريرة جاء رجل
154

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن صلاة اليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فواحدة وكذبت عائشة ابن عمر في عدد عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقد ذكرنا ذلك في كتاب التمهيد وقد كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلة العلماء عند الغضب كلام هو أكثر من هذا ولكن أهل الفهم والعلم والميز لا يلتفتون إلى ذلك لأنهم بشر يغضبون ويرضون والقول في الرضا غير القول في الغضب ولقد أحسن القائل لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب ومن أشنع شيء روي في هذا الباب وأشده نوكا ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال كان الضحاك بن مزاحم يكره المسلك فقيل له أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتطيبون به قال نحن اعلم منهم وذكر المروزي قال حدثنا الحلواني قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا جرير بن حازم عن أيوب قال قدم علينا عكرمة فلم يزل يحدثني حتى صرت بالمربد ثم قال أيحسن حسنكم مثل هذا قال أبو عمر وقد علم الناس أن الحسن البصري يحسن أشياء لا يحسنها عكرمة وإن كان عكرمة مقدما عندهم في تفسير القرآن والسير وقيل لعروة بن الزبير أن ابن عباس يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث بمكة بعد أن بعث ثلاث عشرة سنة فقال كذب إنما أخذه من قول الشاعر قال أبو عمر والشاعر هو أبو قيس صرمة بن أنس الأنصاري ويقال ابن أبي أنس هو القائل ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مواتيا في شعر قد ذكرناه في كتاب الصحابة عند ذكر أبي قيس هذا وعن سعيد بن حميد أنه قال في العمرة أنها واجبة فقيل له أن الشعبي يقول ليست بواجبة فقال كذب الشعبي وعن الحسن بن علي أنه سئل عن قول الله جل وعز وشاهد ومشهود فأجاب فيها فقيل له أن ابن عمر وابن الزبير قالا كذا وكذا خلاف قوله فقال كذبا وعن علي بن أبي طالب أنه قال كذب المغيرة بن شعبة وعن عبادة بن الصامت أنه قال كذب أبو محمد يعني في وجوب الوتر وأبو محمد هذا اسمه مسعود بن أوس أنصاري بدري قد ذكرناه في الصحابة ونسبناه وتكذيب عبادة له من رواية مالك وغيره في قصة
155

الوتر واستشهد عبادة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد الحديث قال المروزي وحدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن أيوب قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن رجل نذر نذرا لا ينبغي له من المعاصي فأمره أن يوفي له بنذره فسأل الرجل عكرمة فأمره أن يكفر عن يمينه
ولا يوفى بنذره فرجع الرجل إلى سعيد بن المسيب فأخبره بقول عكرمة فقال ابن المسيب لينتهين عكرمة أو ليوجعن الأمراء ظهره فرجع الرجل إلى عكرمة فأخبره فقال عكرمة أما إذ بلغتني فبلغه أما هو فقد ضربت الأمراء ظهره وأوقفوه في تبان من شعر وسله عن نذرك أطاعه هو لله أم معصية فإن قال هو طاعة فقد كذب على الله لأنه لا تكون معصية الله طاعة وإن قال هو معصية فقد أمرك بمعصية الله قال المروزي فلهذا كان بين سعيد بن المسيب وبين عكرمة ما كان حتى قال فيه ما حكى عنه إنه قال لغلامه يرد لا تكذب علي كما كذب كعرمة على ابن عباس وكذلك كان كلام مالك في محمد بن إسحاق لشيء بلغه عنه تكلم به في نسبه وعلمه قال أبو عمر والكلام ما رويناه من وجوه عن عبد الله بن إدريس أنه قام قدم علينا محمد بن إسحاق فذكرنا له شيئا عن مالك فقال هاتوا علم مالك فإنا بيطاره قال ابن إدريس فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لمالك بن أنس فقال ذلك دجال الدجاجلة ونحن أخرجناه من المدينة قال ابن إدريس وما كنت سمعت بجمع دجال قبلها على ذلك الجمع وكان ابن إسحاق بقوله فيه إنه مولى لبني تيم قريش وقال فيه ابن شهاب أيضا فكذب مالك ابن إسحاق لأنه كان أعلم ينسب نفسه وإنما هم خلفاء لبني تيم في الجاهلية وقد ذكرنا ذلك وأوضحناه في صدر كتاب التمييز وربما كان تكذيب مالك لابن إسحاق في تشيعه وما نسب إليه من القول بالقدر وأما الصدق والحفظ فكان صدوقا حافظا اثنى عليه ابن شهاب ووثقه شعبة والثوري وابن عيينة وجماعة جلة وقد روي عن مالك أنه قيل له من أين قلت في محمد بن إسحاق أنه كذاب فقال سمعت هشام بن عروة يقول وهذا تقليد لا برهان عليه وقيل لهشام بن عروة من أين قلت ذلك هو يروي من امرأتي ووالله ما رآها قط وقال أحمد بن حنبل عند ذكر هذه الحكاية قد يمكن ابن إسحاق أن يراها أو يسمع منها من وراء حجاب من حيث لم يعلم هشام
156

أخبرنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو الميمون البجلي قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أحمد بن صالح قال سألت عبد الله بن وهب عن عبد الله بن يزيد بن سمعان فقال ثقة فقلت أن مالكا يقول فيه كذاب فقال لا يقبل قول بعضهم في بعض حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا مسلمة بن القاسم حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن فيروز حدثنا علي بن خشرم قال سمعت الفضل بن موسى يقول دخلت مع أبي حنيفة على الأعمش نعوده فقال أبو حنيفة يا أبا محمد لولا التثقيل عليك الزدت في عيادتك أو قال لعدتك أكثر مما أعودك فقال له الأعمش والله إنك علي لثقيل وأنت في بيتك فكيف إذا دخلت علي قال الفضل فما خرجنا من عنده قال أبو حنيفة أن الأعمش لم يصم رمضان قط ولم يغتسل من جنابة فقلت للفضل ما يعني بذلك قال كان الأعمش يرى الماء من الماء ويتسحر على حديث حذيفة حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن وهب قال مالك وذكر عنده أهل العراق فقال انزلوهم منكم منزلة أهل الكتاب لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهمكم واحد الآية وروينا عن محمد بن الحسن أنه دخل على مالك بن أنس يوما فسمعه يقول هذه المقالة التي حكاها عنه ابن وهب في أهل العراق ثم رفع رأسه فنظر مني فكأنه استحيا وقال يا أبا عبد الله أكره أن تكون غيبة كذلك أدركت أصحابنا يقولون وقال سعيد بن منصور كنت عند مالك بن أنس فأقبل قوم من أهل العراق فقال تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا وروى أبو سملة موسى بن إسماعيل التبوذكي قال سمعت جبير بن دينار قال سمعت يحيى بن أبي كثير قال لا يزال أهل البصرة بشر ما أبقي الله فيهم قتادة قال وسمعت قتادة يقول متى كان العم في السماكين يعرض بيحيى بن أبي كثير كان أهل بيته سماكين وذكر أبو يعقوب يوسف بن أحمد المكي قال حدثنا جعفر بن إدريس المقري قال حدثنا محمد بن أبي يحيى قال حدثنا محمد بن سهل قال سمعت ليث بن طلحة يقول سمعت سلمة بن سليمان يقول قلت لابن المبارك وضعت من رأي أبي حنيفة ولم تضع من رأي مالك قال لم أره علما وهذا مما ذكرنا مما لا يسمع من قولهم ولا يلتفت
157

إليه ولا يعرج عليه حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن يحيى المصري قال سمعت عبد الله بن وهب يقول سئل مالك عن مسألة فأجاب فيها فقال له السائل أن أهل الشام يخالفونك فيها فيقولون كذا وكذا فقال ومتى كان هذا الشأن بالشام إنما هذا الشأن وقف على أهل المدينة والكوفة وهذا خلاف ما تقدم من قوله في أهل الكوفة وأهل العراق وخلاف المعروف عنه من تفضيله للأوزاعي وخلاف قوله في أبي حنيفة المذكور المذكور في الباب قبل هذا لأن شأن المسائل في الكوفة مداره على أبي حنيفة وأصحابه والثوري قال عبد الله بن غانم قلت لمالك إنا لم نكن نرى الصفرة ولا الكدرة شيئا ولا نرى ذلك إلا في الدم العبيط فقال مالك وهل الصفرة إلى دم ثم قال إن هذا البلد إنما كان العمل فيه بالنبوة وإن غيرهم إنما العلم فيهم بأمر الملوك وهذا من قوله أيضا خلاف ما تقدم وقد كان أهل العراق يضيفون إلى أهل المدينة إن العمل عندهم بأمر الأمراء مثل هشام بن إسماعيل المخزومي وغيره وهذا كله تحامل من بعضهم على بعض وروينا أن منصور بن عمار قص يوما على الناس وأبو العتاهية حاضر فقال إنما سرق منصور هذا الكلام من رجل كوفي فبلغ قوله منصورا فقال أبو العتاهية زنديق أما ترونه لا يذكر في شعره الجنة ولا النار وإنما يذكر الموت فقط فبلغ ذلك أبا العتاهية فقال فيه يا واعظ الناس قد أصبحت متهما إذا عبت منهم أمورا أنت تأتيها كالملبس الثوب من عرى وعورته للناس بادية ما أن يواريها وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه في كل نفس عماها عن مساويها عرفلنها بعيوب الناس تبصرها منهم ولا تبصر العيب الذي فيها فلم تمض إلا أيام يسرة حتى مات منصور بن عمار فوقف أبو العتاهية على قبره وقال يغفر الله لك أبا السرى ما كنت رميتني به قال أبو عمر قد تدبرت شعر أبو العتاهية عند جمعي له فوجدت فيه ذكر البعث والمجازاة والحساب والثواب والعقاب حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن زيد القاضي بمصر حدثنا أحمد بن الخليل حدثنا الأصمعي عن زهير بن إسحاق السلولي إمام مسجد بني سلول قال ذكر سعيد بن أبي عروبة عند سليمان التيمي فقال سليمان والله ما كنت
158

أجيز شهادة سعيد ولا شهادة معلمه يعني قتادة قال الأصمعي من أجل القدر حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم قال حدثنا عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى قال كنت آتي ابن القاسم فيقول لي من أين فأقول من عند ابن وهب فيقول الله الله اتقي الله فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العمل قال ثم آتى ابن وهب فيقول لي من أين فأقول من عند ابن القاسم فيقول اتق الله فإن أكثر هذه المسائل رأي حدثنا عبد الوراث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال
حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال كان أبو سعيد الرازي يماري أهل الكوفة ويفضل أهل المدينة فهجاه رجل من أهل الكوفة ولقبه شرشير وقال كلب في جهنم اسمه شرشير فقال عندي مسائل لا شرشير يحسنها إن سيل عنها ولا أصحاب شرشير وليس يعرف هذا الدين نعرفه إلا حنيفة كوفية الدور لا تسألن مدينيا فتحرجه إلا عن أليم والمثناة والزير قال سليمان قال أبو سعيد فكتب إلى أهل المدينة قد هجيتم بكذا فأجيبوا فأجابه رجل من المدينة فقال لقد عجبت لغاو ساقه قدر وكل أمر إذا ما حم مقدور قال المدينة أرض لا يكون بها إلا الغناء إلا اليم والزير لقد كذبت لعمر الله إن بها قبر الرسول وخير الناس مقبور وهذا كله مما ذكرت لك من قول بعضهم في بعض وقد علم الناس فضل المدينة وأهلها في العلم حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال أبو زرعة قال حدثنا أبو مسهر قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال سمعت سليمان بن موسى يقول إذا كان فقه الرجل حجازيا وأدبه عراقيا فقد كمل وذكر ابن وهب عن مالك قال كان أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقول إذا وجدت أهل المدينة مجتمعين على أمر فلا تشك أنه الحق فرواية هذا وشبهه وكتابه أولى من رواية انطلاق الألسنة في أعراض أهل الديانات والفضل ولكن أولو الفهم قليل والله المستعان وقد كان ابن معين عفا الله عنه يطلق في أعراض الثقاة الأئمة لسانه بأشياء
159

أنكرت عليه منها قوله عبد الملك بن مروان ابخر الفم وكان رجل سوء ومنها قوله كان أبو عثمان النهدي شرطيا ومنها قوله في الزهري إنه ولى الخراج لبعض بني أمية وإنه فقد مرة مالا فاتهم به غلاما له فضربه فمات من ضربه وذكر كلاما خشنا في قتله على ذلك غلامه تركت ذكره لأنه لا يليق بمثله ومنها قوله في الأوزاعي إنه من الجند ولا كرامة وقال حديث الأوزاعي من الزهري ويحيى بن أبي كثير ليس يثبت ومنها قوله في طاوس أنه كان شيعيا ذكر ذلك كله الأزدي محمد بن الحسين الموصلي الحافظ في الأخبار التي في آخر كتابه في الضعفاء عن الغلابي عن ابن معين وقد رواه مفترقا جماعة عن ابن معين منهم عباس الدوري وغيره ومما نقم على ابن معين وعيب به أيضا قوله في الشافعي أنه ليس بثقة وقيل لأحمد بن حنبل أن يحيى بن معين يتكلم في الشافعي فقال أحمد ومن أين يعرف يحيى الشافعي هو لا يعرف الشافعي ولا يقول ما يقول الشافعي أو نحو هذا ومن جهل شيئا عاداه قال أبو عمر صدق أحمد بن حنبل رحمه الله إن ابن معين كان لا يعرف ما يقول الشافعي وقد حكى عن ابن معين أنه سأل عن مسألة من التيمم فلم يعرفها ولقد أحسن أكثم بن صيفي في قوله ويل لعالم أمر من جاهله من جهل شيئا عاداه ومن أحب شيئا استعبده حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن زهير قال سأل يحيى بن معين وأنا حاضر عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها فقال سل عن هذا أهل العلم وقد كان عبد الله الأمير ابن عبد الرحمن بن محمد الناصر يقول إن ابن وضاح كذب على ابن معين في حكاية عنه أنه سأله عن الشافعي فقال ليس بثقة وزعم عبد الله أنه رأى أصل ابن وضاح الذي كتبه بالمشرق وفيه سألت يحيى بن معين عن الشافعي فقال هو ثقة قال وكان ابن وضاح يقول ليس بثقة فكان عبد الله الأمير يحمل على ابن وضاح في ذلك وكان خالد بن سعد يقول إنما سأله ابن وضاح عن إبراهيم بن محمد الشافعي ولم يسأله عن محمد ابن إدريس الشافعي الفقيه وهذا كله عندي تخرص وتكلم علي الهوي وقد صح عن ابن معين من طرق أنه كان يتكلم في الشافعي علي ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل وقال له لم ترى عيناك قط مثل الشافعي وقد تكلم ابن أبي دؤيب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة كرهت ذكره وهو مشهور عنه قاله إنكارا منه لقول مالك
160

في حديث البيعين بالخيار وكان إبراهيم بن سعد يتكلم فيه ويدعوا عليه وتكلم في مالك أيضا فيما ذكره الساحي في كتاب العلل عبد العزيز بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن إسحاق وابن أبي يحيى وابن أبي الزناد وعابوا أشياء من مذهبه وتكلم فيه غيرهم لتركه الرواية عن سعد بن إبراهيم وروايته عن داود بن الحصين وثور بن زيد وتحامل عليه الشافعي وبعض أبي أصحاب حنيفة في شيء من رأيه حسدا لموضوع إمامته وعابه قوم في إنكاره المسح على الخفين في الحضر والسفر وفي كلامه في علي وعثمان وفي فتياه باتيان النساء في الأعجاز وفي قعوده عن مشاهدة الجماعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبوه بذلك إلى مالا يحسن ذكره وقد برأ الله عز وجل مالكا عما قالوه وكان إن شاء الله عند الله وجيها وما مثل من تكلم في مالك والشافعي ونظرائهما من الأئمة إلا كما قال الأعشى كناطح صخرة يوما ليوهيها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل أو كما قال الحسين بن حميد يا ناطح الجبل العالي ليكلمه اشفق على الرأس لا تشفق على الجبل وكلام أبي الزناد في ربيعة هو من هذا الباب أيضا ولقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما وللناس قال بالظنون وقيل وهذا خير من قول القائل وما اعتذارك من شيء إذا قيل فقد رأينا البغي والحسد قديما ألا ترى إلى قول الكوفي في سعد بن أبي وقاص أنه لا يعدل في الرعية ولا يغزو في السرية ولا يقسم بالسوية وسعد بدري وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة الذي جعل عمر بن الخطاب الشورى فيهم وقال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وروي أن موسى صلى الله عليه وسلم قال يا رب اقطع عني ألسن بني إسرائيل فأوحى الله إليه يا موسى لم أقطعها عن نفسي فكيف أقطعها عنك قال أبو عمر والله لقد تجاوز الناس الحد في الغيبة والذم فلم يقنعوا بذم العامة دون الخاصة ولا بذم الجهال دون العلماء وهذا كله يحمل الجهل والحسد قيل لابن المبارك فلان يتكلم في أبي حنيفة فأنشد بيت ابن الرقيات
161

حسدوك أن رآوك فضلك الل ه بما فضلت به النجباء وقيل لأبي عاصم النبيل فلان يتكلم في أبي حنيفة فقال هو كما قال نصيب سلمت وهل حي علي الناس يسلم وقال أبو الأسود الدؤلي حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمة الاثبات بعضهم في بعض فليقبل قول من ذكرنا قوله من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بعضهم في بعض فإن فعل ذلك ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا وكذلك إن قبل في سعيد بن المسيب قول عكرمة وفي الشعبي والنخعي وأهل الحجاز وأهل مكة وأهل الكوفة وأهل الشام على الجملة وفي مالك والشافعي وسائر من ذكرنا في هذا الباب ما ذكرنا عن بعضهم في بعض فإن لم يفعل ولن يفعل إن هداه الله وألهمه رشده فليقف عندما شرطنا في أن لا يقبل فيمن صحت عدالته وعلمت بالعلم عنايته وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتعاون وكان خيره غالبا وشره أقل عمله فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به فهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله قال أبو العتاهية بكى شجوه الإسلام من علمائه فما أكثر ثوا لما رأوا من بكائه فأكثرهم مستقبح لصواب من يخالفه مستحسن لخطائه فأيهم المرجو فينا لدينه وايهم الموثوق فينا برأيه والذين أثنوا على سعيد بن المسيب وعلى سائر من
ذكرنا من التابعين وأئمة المسلمين أكثر من أن يحصوا وقد جمع الناس فضائلهم وعنوا بسيرهم وأخبارهم فمن قرأ فضائل مالك وفضائل الشافعي وفضائل أبي حنيفة بعد فضائل الصحابة والتابعين وعني بها ووقف على كريم سيرهم وهديهم كان ذلك له عملا زاكيا نفعنا الله بحب جميعهم قال الثوري رحمه الله عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض الحسد والشهوات دون والغضب والشهوات أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق ودخل في الغيبة وحال عن الطريق جعلنا الله وإياك ممن يسمع القول فيتبع أحسنه وقد افتتحنا هذا الباب بقوله صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء وفي ذلك كفاية
162

وقد أكثر الناس من القول في الحسد نظما ونثرا وقد بينا ما يجب ذلك وأوضحناه في كتاب التمهيد عند قوله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ومن صحبه التوفيق أغناه من الحكمة يسيرها ومن المواعظ قليلها إذا فهم واستعمل ما علم وما توفيقي إلا بالله وهو وحسبي ونعم والوكيل وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا ابن دحمون قال سمعت محمد بن بكر بن داسة يقول سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث السجستاني يقول رحم الله مالكا كان إماما رحم الله الشافعي كان إماما رحم الله أبا حنيفة كان إماما
باب تدافع الفتوى وذم من سارع إليها
أخبرني أحمد بن القاسم وسعيد بن نصر قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه قال في المسجد فما كان منهم محدثا إلا ودان أخاه قد كفاه الحديث ولا مفتي إلا ودان أخاه كفاه الفتياه وبهذا الاسناد عن ابن المبارك قد حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة قال ابن مسعود لتميم بن حزلم يا تميم بن حزلم إن استطعت أن تكون المحدث فافعل أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي وأحمد بن حنبل قالا حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا ودان أخاه كفاه ولا يحدث حديثا إلا يود أن أخاه كفاه حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجار ببغداد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثني جرير عن عطاء ابن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أدركت عشرين ومائة فذكروه سواء قرأت على عبد الرحمن بن يحيى ابن أبي علي الحسن بن الخضر الأسيوطي حدثهم قال حدثنا أبو الطاهر وحدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال
163

حدثنا محمد بن زريق بن جامع قالا حدثنا خلف بن القاسم قال أبو المصعب الزهري قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن بكير بن الأشج أخبره عن معاوية بن أبي عياش أنه كان جالسا عند عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر قال فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا تريان فقال عبد الله بن الزبير إن هذا الأمر مالنا فيه قول فاذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا فذهب فسألهما فقال ابن عباس لأبي هريرة افته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة فقال أبو هريرة الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا مالك بن أنس عن يحيى ابن سعيد قال قال ابن عباس أن من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه لمجنون رواه وهب عن مالك قال بلغني عن عبد الله بن عباس فذكره قال مالك وبلغني عن ابن مسعود مثل ذلك ذكره أبو داود أيضا عن الحرث بن مسكين عن وهب عن مالك وذكره يحيى بن مزين عن القعنبي عن مالك حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا الوليد بن شجاع قال أخبرني عبد الله بن وهب قال أخبرني محمد بن سليمان المرادي عن شيخ من أهل المدينة يكنى أبا إسحاق قال كنت أرى الرجل في ذلك الزمان وأنه ليدخل يسأل عن الشيء فيدفعه الناس من مجلس إلى مجلس حتى يدفع إلى مجلس سعيد بن المسيب كراهية الفتيا وكانوا يدعون سعيد بن المسيب الجريء حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثا يوسف بن عدي قال حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن شقيق بن سلمة قال عبد الله إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون وذكر الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا ابن عون كنت جالسا في حلقة فيها القاسم بن محمد فجاءه رجل ومعه جارية فقال إني أعتقت هذه الجارية عن دبر مني فولدت أولادا أفأبيع من أولادها شيئا فقال القاسم ما أدري ما هذا فقال رجل في المجلس قضى عمر بن عبد العزيز أن أولادها بمنزلتها إذا أعتقوا بعتقها فقال القاسم ما أرى رأيه إلا معتدلا وهذا رأي وما أقول أنه
164

الحق وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عثمان بن السماك قال حدثنا محمد بن عبدك القزاز قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون حدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن شعبان حدثنا إبراهيم بن عثمان حدثنا حمدان بن عمر حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت ابن عيينة يقول أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد بن مسرور قال حدثنا أحمد بن أبي سليمان قال سمعت سحنون بن سعيد يقول أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم فيظن أن الحق كله فيه قال سحنون أني لأحفظ مسائل منها ما فيه ثمانية أقوال من ثمانية أئمة من العلماء فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب حتى أتخير فلما ألام على حبسي الجواب حدثنا أحمد ابن سعيد قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو الفضل صالح ابن عبيد قال سمعت ابن مهدي يقول عن حماد عن زيد أنه ذكر رجلا فأثنى عليه فلم يكن يستفتي ولا يفتى حدثني أبو محمد قاسم بن محمد قال حدثنا خالد بن سعد قال محمد بن فطيس قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير وأبو داود وبشر بن عمر قالوا حدثنا شعبة قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت وسليمان الأعمش وأبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال من أفتى الناس في كل ما استفتوه فيه فهو مجنون هذا لفظ حديث وهب بن جرير ولم يذكر أبو داود وبشر بن عمر في حديثهما سليمان الأعمش وأنا جمعت حديثهم حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا
سحنون قال حدثنا ابن وهب قال أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن ابن سيرين قال قال حذيفة إنما يفتي الناس أحد ثلاثة من يعلم ما نسخ من القرآن قال عمر أو أمير لا يجد بدا أو أحمق متكلف قال فما قال ابن سيرين فلست واحد من هذين ولا أحب أن أكون الثالث قال ابن وهب وأخبرني موسى بن علي أنه سأل ابن شهاب عن شيء فقال ابن شهاب ما سمعت فيه شيئا وما نزل بنا فقلت إنه قد نزل ببعض اخوانك قال ما سمعت فيه بشيء وما نزل بنا وما أنا بقائل فيه شيئا قال ابن وهب وأخبرنا
165

أشهد بن حاتم عبد الله بن عون عن ابن سيرين قال قال عمر لأبي مسعود عقبة ابن عمر ألم أنبأ أنك تفتي الناس ولحارها من تولى قارها حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا عبد الملك بن بحر حدثنا محمد بن إسماعيل سنيد حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال قال حذيفة إنما يفتي الناس أحد ثلاثة رجل يعلم ناسخ القرآن ومنسوخه وأمير لا يجيد بدا وأحمق متكلف قال ابن سيرين فأنا لست بأحد هذين وأرجوا أن لا أكون متكلفا حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمي ببغداد قال حدثنا عباس بن محمد الدوري قال حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن حبيب بن أبي ثابت قال سمعت أبا المنهال قال سألت زيد بن أرقم والبراء بن عازب عن الصرف فجعل كلما سألت أحدهما قال سل الآخر فإنه خير مني وأعلم مني وذكر الحديث في الصرف حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا يحيى بن الربيع قال حدثنا محمد بن حماد المصيصي قال حدثنا إبراهيم بن واقد قال حدثنا المطلب بن زياد قال حدثني جعفر بن الحسن أمامنا قال رأيت أبا حنيفة في النوم فقلت ما فعل الله بك يا أبا حنيفة قال غفر لي فقلت له بالعلم قال ما أضر الفتيا على أهلها فقلت فيما قال بقول الناس في مالم يعلم الله مني قال سحنون إنا لله ما أشقى المفتي والحاكم ثم قال ها أنا ذا يتعلم مني ما تضرب به الرقاب وتوطأ به الفروج وتؤخذ به الحقوق أما كنت عن هذا غنيا وقال أبو عثمان بن الحداد القاضي أيسر مأتما وأقرب إلى السلام من الفقه لأن الفقيه من شأنه اصدار ما يرد عليه من ساعته بما حضره من القول والقاضي شأنه الإناءة والتثبيت ومن تأنى وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة
باب رتب الطلب والنصيحة في المذهب
قال أبو عمر طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديه ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله ومن تعدى سبيلهم عامدا ضل ومن تعداه مجتهدا زل فأول العلم حفظ كتاب الله جل وعز وتفهمه وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه ولا أقول أن حفظه كله فرض ولكن أقول أن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالما
166

ليس من باب الفرض حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا ميمون أبو عبد الله عن الضحاك في قوله كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب قال حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها فمن حفظه قبل بلوغه ثم فرغ إلى ما يستعين به على فهمه من لسان العرب كان له ذلك عونا كبيرا على مراده منه ومن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينظر في ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكامه ويقف علي اختلاف العلماء واتفاقهم في ذلك وهو أمر قريب على من قربه الله عليه ثم ينظر في السنن المأثورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يصل الطالب إلى مراد الله جل وعز في كتابه وهي تفتح له أحكام القرآن فتحا وفي سير رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبيه على كثير من النساخ والمنسوخ في السنن ومن طلب السنن فليكن معوله على حديث الأئمة الثقات الحفاظ الذين جعلهم الله خزائن العلم دينه وأمناء على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم كمالك بن أنس الذيي قد اتفق المسلمون طرأ على صحة نقله وتفاوت حديثه وشدة توقيه وانتقاده ومن جرى مجراه من ثقات علماء الحجاز والعراق والشام كشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري والأوزاعي وابن عيينة ومعمر وسائر أصحاب ابن شهاب الثقات كابن جريج وعقيل ويونس وشعيب والزبيدي والليث وحديث هؤلاء عند ابن وهب وغيره وكذلك حديث حماد بن زيد وحماد بن سلمة ويحيى بن سعيد القطان وابن المبارك وأمثالهم من أهل الثقة والأمانة وعلى حديثهم اعتمد المصنفون لسنن الصحاح ومسلم وأبي داود والنسائي ومن سلك سبيلهم كالعقيلي والترمذي وابن السكن ومن لا يحصى كثرة وإنما صار مالك ومن ذكرنا معه أئمة عند الجميع لأن علم الصحابة والتابعين في أقطار الأرض انتهى إليهم لبحثهم عنه رحمهم الله والذي يشد عنهم يسير نذر في جنب ما عندهم حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم بن بكير بن عمران حدثنا محمد بن الحسين ابن أحمد الأسدي حدثني هارون بن عيسى حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال سمعت علي بن المديني يقول دار علم الثقات على ستة اثنين بالحجاز واثنين بالكوفة واثنين بالبصرة فأما اللذان بالحجاز فالزهري وعمرو بن دينار واللذان بالكوفة
167

أبو إسحاق السبيعي والأعمش واللذان بالبصرة قتادة ويحيى بن أبي كثير ثم دار علم هؤلاء على ثلاثة عشر رجلا ثلاثة بالحجاز وثلاثة بالكوفة وخمسة بالبصرة وواحد بواسط وواحد بالشام فاللذان بالحجاز ابن جريج ومالك ومحمد بن إسحاق واللذان بالكوفة سفيان الثوري وإسرائيل وابن عيينة واللذان بالبصرة شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي ومعمر وحماد بن سملة والذي بواسط هشيم والذي بالشام الأوزاعي ومما يستعان به على فهم الحديث ما ذكرناه من العون على كتاب الله وهو العلم بلسان العرب ومواقع كلامها وسعة لغتها واستعارتها ومجازها وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصة وسائر مذاهبها لمن قدر فهو شيء لا يستغنى عنه وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق أن يتعلموا السنة والفرائض واللحن يعني النحو كما يتعلم القرآن وقد تقدم ذكر هذا الخبر عنه فيما سلف من كتابنا وحدثناه أيضا محمد بن عبد الله بن حكم قال حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو خليفة الفضل ابن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا شعبة عن عاصم الأحوال عن أبي عثمان قال كان في كتاب عمر تعلموا العربية وحدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله قال حدثنا بقي قال حدثنا أبو بكر قال حدثني عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن زيد قال كتب عمر إلى أبي موسى أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وبه عن أبي بكر قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضرب ولده على اللحن وقال الشعبي النحو في العلم كالملح في الطعام وقال شعبة مثل الذي يتعلم في الحديث ولا يتعلم النحو مثل برنس لا رأس له
وقال الخليل بن أحمد أي شيء من اللباس على ذي السر أنهى من اللسان البهي ينظم الحجة الشتيتة في السلك من القول مثل عقد الحلي وترى اللحن بالحسيب أخي الهيئة مثل الصدا على المسرفي فاطلب النحو للحجاج وللشعر مقيما والمسند المروي والخطاب البليغ عند جواب القول يزهوا بمثله في الندى أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدثنا
168

أبو القاسم عبيد الله بن عمر المعروف بالشافعي قال حدثني جماعة منهم الحسن بن حبيب الدمشقي عن الريبع بن سليمان قال سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول من حفظ القرآن عظمت قيمته ومن طلب الفقه نبل قدره ومن كتب الحديث قويت حجته ومن نظر في النحو رق طبعه ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم وأخبرناه أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال سمعت أبا القاسم عبيد الله بن عمر الشافعي يقول قال الشافعي رحمه الله من حفظ القرآن عظمت حرمته ثم ذكر مثله سواء إلى آخره ويلزم صاحب الحديث أن يعرف الصحابة المؤدين للدين عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ويعني بسيرهم وفضائلهم ويعرف أحوال الناقلين عنهم وأيامهم وأخبارهم حتى يقف على العدول منهم من غير العدول وهو أمر قريب كله على من اجتهد فمن اقتصر على علم إمام واحد وحفظ ما كان عنده من السنن ووقف على غرضه ومقصده في الفتوى حصل على نصيب من العلم وافر وحظ منه حسن صالح فمن قنع بهذا اكتفى والكفاية غير الغنى والاختيار له أن يجعل أمامه في ذلك إمام أهل المدينة دار الهجرة ومعدن السنة ومن طلب الإمام في الدين وأحب أن يسلك سبيل الذين جاز لهم الفتيا نظر في أقاويل الصحابة والتابعين والأئمة في الفقه إن قدر على ذلك نأمره بذلك كما أمرناه بالنظر في أقاويلهم في تفسير القرآن فمن أحب الاقتصار على أقاويل علماء الحجاز اكتفى واهتدى إن شاء الله و إن أحب الأشراف عليه مذاهب الفقهاء متقدميهم ومتأخريهم بالحجاز والعراق وأحب الوقوف على ما أخذوا وتركوا من السنن وما اختلفوا في تثبيته وتأويله من الكتاب والسنة كان ذلك له مباحا ووجها محمودا إن فهم وضبط ما علم أو سلم من التخليط نال درجة رفيعة ووصل إلى جسيم من العلم واتسع ونبل إذا فهم ما أطلع وبهذا يحصل الرسوغ لمن فقهه الله وصبر على هذا الشأن واستحلى مرارته واحتمل ضيق المعيشة فيه وأعلم رحمك الله أن طلب العلم في زماننا هذا وفي بلدنا قد حال أهله عن طريق سلفهم وسلكوا في ذلك ما لم يعرفه أئمتهم وابتدعوا في ذلك ما بان به جهلهم وتقصيرهم عن مراتب العلماء قبلهم فطائفة منهم تروي الحديث وتسمعه قد رضيت بالدؤوب في جمع مالا تفهم وقنعت بالجهل في حمل مالا تعلم فجمعوا الغث والثمين والصحيح والسقيم والحق والكذب في كتاب واحد وربما في
169

ورقة واحدة ويدينون بالشيء وضده ولا يعرفون ما في ذلك عليهم قد شغلوا أنفسهم بالاستكثار عن التدبر والاعتبار فألسنتهم تروي العلم وقلوبهم قد خلت من الفهم غاية أحدهم معرفة الكتب الغريبة والاسم الغريب أو الحديث المنكر وتجده قد جهل مالا يكاد يسع أحدا جهله من علم صلاته وحجه وصيامه وزكاته وطائفة هي في الجهل كتلك أو أشد لم يعنوا بحفظ سنة ولا الوقوف على معانيها ولا بأصل من القرآن ولا اعتنوا بكتاب الله جل وعز فحفظوا تنزيله ولا عرفوا ما للعلماء في تأويله ولا وقفوا على أحكامه ولا تفقهوا في حلاله وحرامه قد اطرحوا علم السنن والآثار وزهدوا فيهما واضربوا عنهما فلم يعرفوا الاجماع من الاختلاف ولا فرقوا بين التنازع والائتلاف بل عولوا على حفظ ما دون لهم من الرأي والاستحسان الذي كان عند العلماء آخر العلم والبيان وكان الأئمة يبكون على ما سلف وسبق لهم فيه ويودون أن حظهم السلامة منه ومن حجة هذه الطائفة فيما عولوا عليه من ذلك أنهم يقصرون وينزلون عن مراتب من له القول في الدين لجهلهم بأصوله وإنهم مع الحاجة إليهم لا يستغنون عن أجوبة الناس في مسائلهم وأحكامهم فلذلك اعتمدوا على ما قد كفاهم الجواب فيه غيرهم وهم مع ذلك لا ينفكون من ورود النوازل عليهم فيما لم يتقدمهم فيه إلى الجواب غيرهم فهم يقيسون على ما حفظوا من تلك المسائل ويفرضون الأحكام فيها ويستدلون منها ويتركون طريق الاستدلال من حيث استدل الأئمة وعلماء الأمة فجعلوا ما يحتاج أن يستدل عليه دليلا على غيره ولو علموا أصول الدين وطريق الأحكام وحفظوا السنن كان ذلك قوة لهم على ما ينزل بهم ولكنهم جهلوا ذلك فعادوه وعادوا صاحبه فهم يفرطون في انتقاص الطائفة الأولى وتجهيلها وعيبها وتلك تعيب هذه بضروب من العيب وكلهم يتجاوز الحد في الذنب وعند كل واحد من الطائفتين خير كثير وعلم كبير أما أولئك فكالخزان الصيدلانين وهؤلاء في جهل معاني ما حملوه مثلهم إلا إنهم كالمعالجين بأيديهم لعلل لا يقفون على حقيقة الداء المولود لها ولا على حقيقة طبيعة الدواء والمعالج به فأؤلئك أقرب إلى السلامة في العاجل والآجل وهؤلاء أكثر فائدة في العاجل وأكبر غرورا في الآجل وإلى الله نفزع في التوفيق لما يقرب من رضاه ويوجب السلامة من سخطه فإنما ينال ذلك برحمته وفضله وأعلم يا أخي أن
170

المفرط في حفظ المولدات لا يؤمن عليه الجهل بكثير من السنن إذا لم يكن تقدم علمه بها وإن المفرط في حفظ طرق الآثار دون الوقوف على معاينها وما قال الفقهاء فيها أصغر من العلم وكلاهما قانع بالشم من المطعم ومن الله التوفيق والحرمان وهو حسبي وبه أعتصم واعلم يا أخي أن الفروع لا حد لها تنتهي إليه أبدا ولذلك تشعبت فمن رام أن يحيط بآراء الرجال فقد رام مالا سبيل له ولا لغيره إليه لأنه لا يزال يرد عليه مالا يسمع ولعله أن ينسى أول ذلك بآخره لكثرته فيحتاج أن يرجع إلى الاستنباط الذي كان يفزع منه ويجبن عنه تورعا بزعمه أن غيره كان أدرى بطريق الاستنباط منه فلذلك عول على حفظ قوله ثم أن الأيام تضطره إلى الاستنباط مع جهله بالأصول فجعل الرأي أصلا واستنبط عليه وقد تقدم في كتابنا هذا كيف وجه القول واجتهاد الرأي على الأصول عندما ينزل بالعلماء من النوازل في أحكامهم ملخصا في أبواب مهذبة من تدبرها وفهمها وعمل عليها نال حظه ووفق لرشده إن شاء الله واعلم أنه لم تكن مناظرة بين اثنين أو جماعة من السلف إلا لتفهم وجه الصواب فيصار إليه ويعرف أصل القول وعلته فيجرى عليه أمثلته ونظائره وعلى هذا الناس في كل بلد إلا عندنا كما شاء الله ربنا وعند من سلك سبيلنا من أهل المغرب فإنهم لايقيمون علة ولا يعرفون للقول وجها وحسب أحدهم أن يقول فيها رواية لفلان ورواية لفلان ومن خالف هندهم الرواية التي لا يقف على معناها وأصلها وصحة وجهها فكأنه قد خالف نص الكتاب وثابت السنة ويجيزون حمل الروايات المتضادة في الحلال والحرام وذلك خلاف أصل مالك وكم وكم لهم من خلاف أصول مذهبه مما لو ذكرناه لطال الكتاب بذكره ولتقصيرهم عن علم الأصول مذهبهم صار أحدهم إذا لقى مخالفا ممن يقول بقول أبي حنيفة أو الشافعي أو راود بن علي أو غيرهم من الفقهاء وخالفه في أصل
قوله بقي متحيرا ولم يكن عنده أكثر من حكاية قول صاحبه فقال هكذا قال فلان وهكذا روينا ولجأ إلى أن يذكر فضل مالك ومنزلته فإن عارضه الآخر بذكر فضل إمامه أيضا صار في المثل كما قال الأول شكونا إليهم خراب العرا ق فعابوا علينا شحوم البقر فكانوا كما قيل فيما مضى أريها السها وتربني القمر وفي مثل ذلك يقول منذر بن سعيد رحمه الله
171

عذيري من قوم يقولون كلما طلبت دليلا هكذا قال مالك فإن عدت قالوا هكذا قال أشهب وقد كان لا تخفى عليه المسالك فإن زدت قالوا قال سحنون مثله ومن لم يقل ما قاله فهو آفك فإن قلت قال الله ضجوا وأكثروا وقالوا جميعا أنت قرن مماحك وإن قلت قد قال الرسول فقولهم أتت مالكا في ترك ذاك المسالك وأجازوا النظر في اختلاف أهل مصر وغيرهم من أهل المغرب فيما خالفوا فيه مالكا من غير أن يعرفوا وجه قول مالك ولا وجه قول مخالفه منهم ولم يبيحوا النظر في كتب من خالف مالكا إلى دليل يبينه ووجه يقيمه لقوله وقول مالك جهلا منهم وقلة نصح وخوفا من أن يطلع الطالب على ما هم فيه من النقص والتقصير فيزهد فيهم وهم مع ما وصفنا يعيبون من خالفهم ويغتابونه ويتجاوزون القصد في ذمه ليوهموا السامع إنهم على حق وإنهم أولى باسم العلم وهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا وإن أشبه الأمور ما هم عليه ما قاله منصور الفقيه خالفوني وأنكروا ما أقول قلت لا تعجلوا فإني سؤول ما تقولون في الكتاب فقالوا هو نور على الصواب دليل وكذا سنة الرسول وقد أفلح من قال ما يقول الرسول واتفاق الجميع أصل وما تنكر هذا وذا وذاك العقول وكذا الحكم بالقياس قفلنا من جميل الرجال يأتي الجميل فتعالوا نرد من كل قول ما نفى الأصل أو نفته الأصول فأجابوا فناظروا فإذا العلم لديهم هو اليسير القليل فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها واعلم أن من عنى بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن ونظر في أقاويل الفقهاء فجعله عونا له على اجتهاده ومفتاحا لطرائق النظر وتفسيرا لجمل السنن المحتملة للمعاني ولم يقلد أحدا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه ونبهوا عليه وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم ولم يبرأهم من الزلل كما لم يبرئوا
172

أنفسهم منه فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح وهو المصيب لحظه والمعاين لرشده والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى صحابته رضي الله عنهم ومن أعف نفسه من النظر وأضرب عما ذكرنا وعارض السنن برأيه ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل ومن جهل ذلك كله أيضا وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى وأضل سبيلا لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي وقد علمت أنني لا أسلم من جاهل معاند لا يعلم ولست بناج من مقالة طاعن ولو كنت في غار علي جبل وعر ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه ومن جهل الأصل لم يصل الفرع أبدا وقال ابن وهب حدثني مالك أن إياس بن معاوية قال لربيعة أن الشيء إذا بني على عوج لم يكد يعتدل قال مالك يريد بذلك المفتي الذي يتكلم على أصل يبني عليه كلامه قال أبو عمر ولقد أحسن صالح بن عبد القدوس حيث يقول يا أيها الدارس علما ألا تلتمس العون على درسه لن تبلغ الفرع الذي رمته ببحث منك عن أسه ولمحمود الوارق القول ما صدقه الفعل والفعل ما صدقه العقل لا يثبت الفرع إذا لم يكن بقوله من تحته الأصل ومن ابيات لابن معدان وكل ساع بغير علم فرشده غير مستبان والعلم حق له ضياء في القلب والعقل واللسان قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد أن محمد بن معاوية حدثهم قال حدثنا إسحاق ابن أبي حسان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الحميد بن حبيب قال حدثنا الأوزاعي قال حدثنا حسان بن عطية أن أبا الدرداء كان يقول لن
173

تزالوا بخير ما أحببتم خياركم وما قيل فيكم الحق فعرفتموه فإن عارفه كفاعله وقال ابن وهب عن مالك سمعت ربيعة يقول ليس الذي يقول الخير ويفعله بخير من الذي يسمعه ويقبله قال مالك وقال ذلك للثناء على عمر بن الخطاب ما كان بأعلمنا ولكنه كان أسرعنا رجوعا إذا سمع الحق قال أبو عمر رحم الله القائل لقد بان للناس الهدي غير أنهم غدوا بجلابيب الهوى قد تجلببوا أخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي الأسود الدؤلي قال خطب عمر بن الخطاب يوم الجمعة فقال إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله وقال أبو العتاهية رأيت الحق لا يخفى ولا تخفى شواكله لعمرك ما استوى في الا مر عالمه وجاهله وله أيضا إذا اتضح الصواب فلا تدعه فإنك كلما ذقت الصوابا وجدت له على اللهوات بردا كبرد الماء حين صفا وطابا وليس بحاكم من لا يبالي أأخطأ في الحكومة أم أصابا و قرأت على أحمد بن قاسم بن محمد بن معاوية حدثهم قال حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي قال حدثنا يحيى بن معين وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن المفسر حدثناأحمد بن علي بن سعيد قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا الأشجعي عن موسى ابن قزوي عن الحسن قال إن أزهد الناس في عالم أهله وشر الناس أو قال شر الأهل أهل ميت يبكون عليه ولا يقضون دينه وقال كعب الأحبار لقوم من أهل الشام كيف رأيكم في أبي مسلم الخولاني فذكروا أشياء فقال كعب أزهد الناس في عالم أهله ويروى عن عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن قال له ألست ابن يوسف النجار وأمك بغى قال أنه لا يسب النبي ولا يحقر إلا في مدينته وبيته أو قال بلده حدثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى قالا حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نعمان بالقيروان قال حدثنا محمد بن علي بن مروان البغدادي
174

بالإسكندرية قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان يقال أزهد الناس في عالم أهله وحدثنا خلف بن أحمد حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا إسحاق ابن إبراهيم حدثنا محمد بن علي حدثنا محمد بن العلاء قال سمعت حماد بن أسامة يقول سمعت سفيان الثوري يقول تفسير الحديث خير من سماعه وقرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن الغاز قال حدثنا عيسى بن إسماعيل قال حدثنا ابن عنبسة قال كانت للناس جلة ونابتة وكانت النابتة تأخذ عن الجلة فذهبت الجلة والنابتة ثم جاء قوم يسمعون تلك الأخلاق كأنها أحلام حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا أبو سعيد قال حدثنا
ابن الاعرابي قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا أبو الأشهب قال سمعت الحسن يقول إن أجبناهم أكثروا علينا وإن تركناهم تركناهم إلى غي طويل
باب في العرض على العالم وقول أخبرنا وحدثنا
واختلافهم في ذلك وفي الإجازة والمناولة حدثنا عبد الرحمن بن مروان قال حدثنا أبو الطيب أحمد بن سليمان بن عمر البغدادي قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي قال اختلف أهل العلم في الرجل يقرأ على العالم ويقر له العالم به كيف يقول فيه أخبرنا أو حدثنا فقال طائفة منهم لا فرق بين أخبرنا وحدثنا وله أن يقول أخبرنا وحدثنا وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن كما حدثنا ابن أبي عمران قال حدثنا سليمان بن بكار قال حدثنا أبو قطن قال قال لي أبو حنيفة اقرأ علي وقل حدثني وقال لي مالك اقرأ علي وقل حدثني وكما حدثنا روح بن الفرج قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال لما فرغنا من قراءة الموطأ على مالك رحمه الله قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله كيف نقول في هذا فقال إن شئت فقل حدثنا وإن شئت فقل أخبرنا وإن شئت فقل حدثني وأخبرني وأراه قال وإن شئت فقل سمعت قال أبو جعفر وقالت طائفة منهم في العرض أخبرنا ولا يجوز أن يقال حدثنا إلا فيما سمعه
175

من لفظ الذي يحدثه به قال أبو جعفر ولما اختلفوا نظرنا فيما اختلفوا فيه فلم نجد بين الحديث وبين الخبر في هذا في كتاب اله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما ما في كتاب الله فقوله جل وعز يومئذ تحدث أخبارها فجعل الحديث والخبر واحدا وقال لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وهي الأشياء التي كانت منهم وقال في مثله هل أتاك حديث الجنود وقال ولا يكتمون الله حديثا وقال الله نزل أحسن الحديث كتابا وهل أتاك حديث الغاشية و حديث ضعيف إبراهيم المكرمين وقال جعفر وكان المراد في هذا كله أن الخبر والحديث واحد قال وكذلك روي عن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر فذكر حديث مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن وحديث فاطمة بنت قيس أنه قال أخبرني تميم الداري فذكر قصة الدجال وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو أية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحديث جابر في الرؤيا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للاعرابي لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام وحديث أنس عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يخبرهم بليلة القدر فتلاحى رجلان وحديث أنس أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أول أشراط الساعة قال أخبرني جبريل أن نارا تحشرهم من المشرق وحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخير دور الأنصار وحديث رافع بن خديج قال مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتحدث فقال ما تحدثون فقلنا نتحدث عنك قال تحدثوا وليتبوأ من كذب علي مقعده من جهنم قال أبو عمر وذكر أخبارا من نحو هذا تركت ذكرها لأنها في معنى ما ذكرنا ثم قال هذا كله يدل على أن لا فرق بين أخبرنا وحدثنا قال وقد ذهب قوم فيما قريء على العالم فأجازه وأقر به أن يقال فيه قرئ على فلان ولا يقال فيه حدثنا ولا أخبرنا قال ولا وجه لهذا القول عندنا قال وسواء عندنا القراءة على العالم وقراءة العالم ولكل واحد ممن سمع بشيء من ذلك أن يقول حدثنا أو أخبرنا قال أبو عمر هذا قول الطحاوي دون لفظه أنا عبرت عنه وأنا
176

أورد في هذا الباب أخبارا يستدل بها على مذاهب القوم وبالله العون أخبنرا عبد الله ابن محمد بن يحيى قال حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه النجاد ببغداد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن الحسن الواسطي قال حدثنا عوف أن رجلا سأل الحسن فقال يا أبا سعيد أن منزلي نائي والاختلاف يشق علي ومعي أحاديث فإن لم يكن بالقراءة بأس قرأت عليك فقال ما أبالي قرأت علي أو قرأت عليك فقال يا أبا سعيد فأقول حدثني الحسن فقال نعم قل حدثني الحسن وحدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن سليمان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال سألت منصور بن المعتمر وأيوب السختياني عن القراءة على العالم فقالا جيد حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال سمعت إبراهيم بن الوليد رجلا من بني أمية يسأل الزهري وعرض عليه كتابا من علمه فقال أأحدث بهذا عنك يا أبا بكر قال نعم فمن يحدثكموه غيري قال معمر ورأيت أيوب يعرض على الزهري وبه عن عبد الرزاق قال سمعت معمرا يقول كنا نرى أن قد أكثرنا عن الزهري وبه حتى قتل الوليد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه من علم الزهري وقال عبد الرزاق عرضنا وسمعنا وكل سماع أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن سلمان حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر قال سمعت إبراهيم ابن الوليد رجلا من بني أمية يسأل الزهري وعرض عليه كتابا من علم فقال أحدث بهذا عنك يا أبا بكر قال فمن يحدثكموه غيرى قال معمر ورأيت أيوب يعرض عليه العلم فيجيزه قال معمر وكان منصور لا يرى بالعرض بأسا حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن حدثنا محمد بن أحمد القاضي المالكي حدثنا محمد بن علي حدثنا محمد بن الحسن بن مكرم حدثنا قطن بن إبراهيم النيسابوري حدثنا الحسن بن الوليد عن مالك بن أنس قال لما قدم الزهري أخذت الكتاب لأقرأ عليه فقال من أنت فقلت أنا مالك بن أنس وانتسبت له فقال ضاع الكتاب ثم
177

أخذ الكتاب محمد بن إسحاق يقرأ وانتسب له فقال هل ضع الكتاب ثم أخذ الكتاب عبيد الله بن عمر وقال أنا عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب فقال اقرأ فجميع ما سمع الناس يومئذ مما قرأ عبيد الله أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا ابن جامع قال حدثنا المقدامي قال حدثنا عبد الله بن عبد الحكم عن ابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه قيل له أرأيت ما عرضنا عليك أنقول فيه حدثنا قال نعم قد يقول الرجل إذا قرأ على الرجل أقرأني فلان وإنما قرأ عليه ولقد قال ابن عباس كنت أقري عبد الرحمن بن عوف فقيل لمالك أفيعرض عليك الرجل أحب إليك أن تحدثه قال بل يعرض إذا كان يثبت في قراءته فربما غلط الذي يحدث أو ينسى وقال الذي يعرض أعجب إلي في ذلك وقال ابن أبي أويس عن مالك نحو رواية ابن القاسم وابن وهب عنه على حسب ما ذكرنا قال وقال لي ألست أنت قرأت على نافع وتقول أقرأني نافع وقال أبو الطاهر أحمد بن عمر بن الصرح أخبرنا ابن وهب قال قلت لمالك يا أبا عبد الله كيف نقول فيما سمعناه يقرأ عليك من هذه العلوم أخبرنا أو حدثنا قال
قولوا إن شئتم حدثنا وإن شئتم أخبرنا فقد رأيت العلم يقرأ على ابن شهاب وأخبرنا أحمد بن قاسم ومحمد بن إبراهيم قالا حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا إبراهيم بن موسى بن جميل قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا الأصمعي قال حدثنا عبد الله بن عمر قال رأيت مالك بن أنس يقرأ على الزهري قال فحدثت بذلك سفيان بن عيينة ففرح بذلك وجعل يقول قرأ قرأ أخبرنا عبد الوراث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا أحمد بن زهير قال ضمرة عن عبيد الله ابن عمر قال كنت أرى الزهري يأتيه الرجل بالكتاب لم يقرأه عليه ولم يقرأ عليه فيقال له أرويه عنك قال نعم قال أبو عمر هذا معناه أنه كان يعرف الكتاب بعينه ويعرف ثقة صاحبه ويعرف أنه من حديثه وهذه هي المناولة وفي معناها الإجازة إذا صح تناول ذلك حدثنا خلف بن القاسم قراءة مني عليه قال حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن ابن عمر بن راشد البجلي قال حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر والدمشقي قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال قلت للأوزاعي في المناولة
178

أقول فيها حدثنا قال إن كنت حدثتك فقل حدثنا فقلت أقول أخبرنا قال لا قلت فكيف أقول قال قل عن أبي عمرو أو قال أبو عمرو حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال حدثنا أبو زرعة قال حدثني صفوان بن صالح قال حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال دفع إلى يحيى بن أبي كثير صحيفة فقال أروها عني ودفع إلى الزهري فقال أروها عني حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن أحمد ابن كامل حدثنا ابن رشدين حدثنا أحمد بن صالح قال كان عمر بن أبي سلمة حسن المذهب كان عنده شيء سمعه من الأوزاعي وشئ أجازه له فكان يقول فيما سمع حدثنا الأوزاعي ويقول فيما أجازه له قال الأوزاعي وسمعت أحمد يقول وقد سئل عن الرجل يحدث الرجال يقول أحدهم حدثني أو يحدث الرجل وحده أو يقول حدثنا قال نعم ذلك كله جائز في كلام العرب قال وسمعت أحمد بن صالح يقول إذا عرض الرجل على عالم ثم قال حدثنا لم أخطئه ولم أكذبه وأحب إلي أن يقول قرأت على فلان ولا يقول حدثنا حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا أبو القاسم نصر بن الفتح مولى الحسن بن الحارث بن قطن المرادي قال حدثنا أبو الزنباع روح ابن الفرج القطان قال سمعت يحيى بن عبد الله بن بكر يقول لما فرغنا من عرض الموطأ على مالك قال له رجل من أهل المغرب يا أبا عبد الله هذا الذي قرأ عليك كيف نقول حدثنا أو حدثني أو أخبرنا أو أخبرني فقال ما شئت أن تقول من ذلك فقل قال أبو عمر الآثار في هذا الباب كثيرة على نحو ما ذكرنا فرأيت الاقتصار أولى من الإكثار واختلف العلماء في الإجازة فأجازها قوم وكرهها آخرون وفيما ذكرنا في هذا الباب دليل على جوازها إذا كان الشيء الذي أجيز معينا أو معلوما محفوظا مضبوطا وكان الذي يتناوله عالما بطرق هذا الشأن وإن لم يكن ذلك على ما وصفت لم يؤمن أن يحدث الذي أجيز له عن الشيخ بما ليس من حديثه أو ينقص من اسناده الرجل والرجلين من أول اسناد الديوان فقد رأيت قوما وقعوا في مثل هذا وما أظن الذين كرهوا الإجازة كرهوها إلا لهذا والله أعلم وذكر ابن عبد الحكم عن ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنه سئل عن الرجل يقول له العالم هذا كتابي فأحمله عني وحدث بما فيه عيني قال لا أرى هذا يجوز ولا يعجبني لأن هؤلاء إنما يريدون
179

الحمل الكثير بالإقامة اليسيرة فلا يعجبني ذلك حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ابن خالد قال حدثنا أبو الخير محمد بن علي بن الحسن بمرو قال سمعت أبا بكر محمد ابن عبد الله بن يزداد الرازي يقول سمعت أبا العباس عبد الله بن عبيد الله الطيالسي ببغداد يقول كنا عند عبيد الله أبي الأشعث أحمد بن المقدام العجلي إذ جاءه قوم يسألونه إجازة كتاب قد حدث به فأملى عليهم كتابي إليكم فافهموه فإنه رسولي إليكم والكتاب رسول فهذا سماعي من رجال لقيتهم لهم ورع في فقههم وعقول فإن شئتم فارووه عني فإنما تقولون ما قد قلته وأقول قال أبو عمر تلخيص هذا الباب أن الإجازة لا تجوز إلا لماهر بالصناعة حاذق بها يعرف كيف يتناولها ويكون في شيء معين معروف لا يشكل اسناده فهذا هو الصحيح من القول في ذلك والله أعلم حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن مسعود قال قاسم وأخبرنا الخشني قال حدثنا بندار قالا سمعنا يحيى بن سعيد يقول أخبرنا وأخبرني واحد وحدثنا وحدثني واحد أنبأنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاضي المالكي حدثني عبد الله بن محمد الهمداني حدثنا عبد الله بن حمران بن وهب الدينوري حدثنا سعيد ابن عمرو بن أبي سلمة عن أبيه عن مالك في قول الله تبارك وتعالى وأنه لذكر لك ولقومك قال هو قول الرجل حدثني أبي عن جدي قال عبد الله بن حمران سمعه مني إسماعيل بن إسحاق
باب الحض على لزوم السنة والاقتصار عليها
قال صلى الله عليه وسلم تركت فيكم اثنتين لن تضلواما تمسكم بهما كتاب الله وسنتي حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى ابن عون قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال
180

سمعت مرة الهمداني قال قال عبد الله أن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين وحدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا موسى قال أخبرنا ابن مهدي عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ابن مسعود أنه كان يقوم يوم الخميس قائما فيقول إنما هما اثنان الهدي والكلام فافضل الكلام أو أصدق الكلام كلام الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها إلا وكل محدثه بدعة ألا لا يتطاولن عليكم الأمر فتقسو قلوبكم ولا يلهينكم الأمل فإن كل ما هو آت قريب ألا أن بعيدا ما ليس آتيا وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح وأحمد بن يزيد قالا حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا معاوية بن صالح الحمصي عن ضمرة ابن حبيب بن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري السلمي أنه سمع عرباض بن سارية يقول وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء المهتدين الراشدين وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا عضوا عليها بالنوجذ فإنما المؤمن كالجمل الآنف كلما قيد انقاد حدثنا عبد
الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثنا معاوية بن صالح النضمرة بن حبيب حدثه أن عبد الرحمن بن عمرو السلمي حدثه أنه سمع من عرباض بن سارية يقول وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره حرفا بحرف إلى آخره حدثنا عبيد بن محمد ومحمد بن عبد الملك قال حدثنا عبد الله بن مسعود قال حدثنا عيسى بن مسكين قال حدثنا محمد بن سنجر قال حدثنا أبو عاصم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان
181

عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي عن عرباض بن سارية قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقيل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصانا قال عليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين عضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بعدعة ضلالة ورواه الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر الكلاعي جميعا عن العرباض ابن سارية مثله سواء إلى آخره ألا أنه قال إياكم ومحدات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا أبو الحسن الصموت قال سمعت أبا بكر أحمد بن عمرو البزار يقول حديث عرباض بن سارية في الخلفاء الراشدين حديث ثابت صحيح وهو أصح اسنادا من حديث حذيفة اقتدوا بالذين من بعدي لأنه مختلف في اسناده ومتكلم فيه من أجل مولى ربعي هو مجهول عندهم قال أبو عمر هو كما قال البزار حديث عرباض حديث ثابت وحديث حذيفة حديث حسن وقد روى عن مولى ربعي عبد الملك بن عمير وهو كبير ولكن البزار وطائفة من أهل الحديث يذهبون إلا أن المحدث إذا لم يرو عنه رجلان فصاعدا فهو مجهول وحديث حذيفة حدثناه جماعة منهم أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا قبيصة بن عقبة الكومي قال حدثنا سفيان وسعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان بن سعيد عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي بن خراش عن ربعي بن خراش عن حذيفة وحدثنا سعيد حدثنا قاسم حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بن عينية حدثنا زائدة بن قدامة عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي عن الربعي عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر واهتدوا بهدى عمار وتمسكوا بهدي ابن أم عبد وهذا لفظ
182

حديث الحميدي قال أبو عمر رواه جماعة عن ابن عينية عبد الملك بن عمير الربعي عن حذيفة هكذا لم يذكروا مولى ربعي والصحيح ما ذكرناه من رواية الحميدي عنه وكذلك رواه الثوري وهو أحفظ وأتقن عندهم حدثنا خلف بن القاسم قال حدثنا أبو طالب محمد بن زكريا ببيت المقدس قال حدثنا أبو عمران موسى بن نصر البغدادي قال حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيدي قال حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنا سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير عن هلال مولى ربعي بن خراش عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر حدثنا أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحارث ابن أبي اسامة قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثني ابن الخيثم عن رجل من أهل أن رجلا من الصحابة حدثنا قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة مضت منها الجلود وذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائلنا يا نبي الله كإن هذا منك وداع لو عهدت إلينا قال الزموا سنتي وسنة الخلافاء الراشدين من بعدي الهادية المهدية فعضوا عليها بالنواجد وإن استعملوا عليكم عبدا حبشيا مجدعا فاسمعوا له وأطيعوا فإن كل بدعة ضلالة حدثنا عبد الله بن محمد بن يحى قال حدثنا محمد بن بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا ثور ابن يزيد قال حدثني خالد بن معدان قال حدثنا عبد الرحمن بن عمر والسلمي وحجر قالا اتينا العراباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ولا على اللذين إذا ما آتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه فسلمنا وقلنا آتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين وقال العرباض صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كإن هذا موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإن من يعيش منكم سيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة قال أبو عمر الخلافاء الراشدون المهديون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهم أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد حدثنا ابن أبي دليم
183

حدثنا ابن وضاح حدثنا دحيم حدثنا ابن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقول كلام الحرورية ضلالة وكلام الشيعة هلكة قال ابن عباس ولا أعرف الحق إلا في كلام قوم فوضوا أمورهم إلى الله ولم يقطعوا بالذنوب العصمة من الله وعلموا أن كلا بقدر الله حدثنا عبد الوراث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير وإبراهيم بن إسحاق القاضي واللفظ له قالا حدثنا علي بن الجعد قال أخبرني حماد بن سملة عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا ثم قال امسك خلافة أبي بكر سنتان وعمر عشر وعثمان ثنتا عشرة وعلي ست قال علي بن الجعد قلت لحماد سفينة القائل لسعيد قال نعم قال أبو عمر قال أحمد بن حنبل حديث سفينة في الخلافة صحيح وإليه أذهب في الخلفاء حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد إجازة قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حمدان الفقيه بعكبرا قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن مطهر قال سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن التفضيل فقال يقول أبو بكر وعمر وعثمان ونقف على حديث عمر ومن قال علي لم أعنفه ثم ذكر حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة في الخلافة فقال أحمد علي عندنا من الخلفاء الراشدين المهديين وحماد بن سلمة عندنا الثقة المأمون وما نزداد كل يوم فيه إلا بصيرة قال أبو عمر قد روى عبد الله بن أحمد بن حنبل وسملة بن شبيب وطائفة عن أحمد بن حنبل مثل رواية محمد بن مطهر الفرق بين التفضيل والخلافة على حديث ابن عمر وحديث سفينة وروت عنه طائفة تقديم الأربعة والاقرار لهم بالفضل والخلافة وعلى ذلك جماعة أهل السنة ولم يختلف قول أحمد في الخلافة والخلفاء وإنما اختلف قوله في التفضيل أخبرنا عبد بن أحمد إجازة قال حدثنا أبو الحسين ابن أحمد ابن الليث الرازي قال سألت أحمد بن حنبل فقال يا أبا عبد الله من تفضل قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهم الخلفاء المهديون الراشدون ورد الباب في وجهي قال أبو علي ثم قدمت الري فقلت
لأبي زرعة وسألت أحمد وذكرت له
184

القصة فقال لا نبالي من خالفنا نقول أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في الخلافة والتفضيل جميعا هذا ديني الذي أدين الله به وأرجو أن يقبضني الله عليه وأخبرنا عبد بن أحمد إجازة قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن شاذان قال حدثنا أبو يزيد حاتم بن محبوب الشامي قال حدثنا سملة بن شبيب قال قلت لأحمد بن حنبل من تقدم قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في الخلافة قال سلمة وكتبت إلى إسحاق بن راهويه من تقدم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إلي لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض أفضل من أبي بكر ولم يكن بعده أفضل من عمر ولم يكن بعده أفضل من عثمان ولم يكن بعد عثمان على الأرض خير ولا أفضل من علي حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى حدثنا ابن حبابة حدثنا البغوي قال حدثنا هارون بن إسحاق قال سمعت قبيصة يذكر عن عباد السماك قال سمعت سفيان يقول الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز وفيما أجازه لنا عبد بن أحمد قال حدثنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم بن السري الدارمي قال حدثني أبي قال حدثنا قبيصة قال سمعت عباد السماك قال سمعت سفيان الثوري يقول الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزبز وما سوى ذلك فهم منتزون قال أبو عمر قدروري عن مالك وطائفة نحو قول سفيان هذا وتأبى جماعة من أهل العلم أن تفضل عمر بن عبد العزيز على معاوية لمكان صحبته ولكلا القولين آثار صحاح مرفوعة يحتج بها الفريقان أخبرنا عبد بن أحمد إجازة قال حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان قال حدثنا الحسين بن أحمد بن بسطام قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال سألت أبا أسامة أيما كان أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز فقال لا نعدل بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدا وأخبرنا قال حدثنا أبو الحسن الدارقطني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا عبد الله بن الحسين بن جابر قال حدثنا أبو نوبة قال سمعت أبا إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس ومخلد بن حسين يقولون أبو بكر
185

وعمر وعثمان وعلي قال وحدثنا أبو القاسم إدريس بن علي بن إسحاق قال سمعت أبا بكر النيسابوري يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول أقول في الخلافة والتفضيل بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أخبرنا محمد بن زكريا قال حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا أحمد بن خالد حدثنا مروان بن عبد الملك قال سمعت هارون بن إسحاق يقول سمعت يحيى بن معين يقول من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسلم لعلي سابقته فهو صاحب سنة ومن قال أبو بكر وعمر وعثمان وسلم لعثمان سابقته فهو صاحب سنة فذكرت له هؤلاء الذين يقولون أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم بكلام غليظ وأخبرنا عبد بن أحمد إجازة قال حدثنا أحمد بن عبدان قال حدثنا عبد الله بن سليمان قال حدثنا إبراهيم بن الحسن القسمي قال حدثنا حجاج بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة قال وفدت مع أبي إلى معاوية وفدنا إليه زياد فدخلنا على معاوية فقال حدثنا يا أبا بكرة فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخلافة ثلاثون ثم يقول الملك قال فأمر بنا فوجي في أقفاينا حتى أخرجنا أخبرنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا أبو عمر ومحمد بن علي بن محمد الصيدلاني قال حدثنا محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي قال حدثنا سعيد ابن سليمان سعدويه قال حدثنا هشيم قال حدثنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلافة بالمدينة والملك بالشام أخبرنا أبو عبد الله محمد بن رشيق قال حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن داود بمصر قال حدثنا ابن المقرى قال حدثنا جدي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الحكم بن ابان أنه يسأل عكرمة عن أهات الأولاد فقال هن أحرار قلت بأي شيء قال بالقرآن قلت باي شيء في القرآن قال قال الله جل وعز يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وكان عمر من أولي الأمر قال عتقت ولو بسقط حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح وأحمد بن يزيد المعلم قالا حدثنا موسى بن معاوية
186

قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس قال قال عمرو بن عبد العزيز سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق بكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله من عمل بها مهتدي ومستنصر بها منصور ومن خالفها ابتع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وصلاه جهنم وساءت مصيرا حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر حدثنا صالح بن كيسان قال اجتمعت أنا والزهري ورحنا نطلب العلم فقلنا نكتب السنن فكتبناه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة وقلت أنا ليس بسنة ولا نكتبه قال فكتبه الزهري ولم أكتبه فأنجح وضيعت حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم حدثنا ابن وضاح وأحمد بن يزيد قالا حدثنا موسى بن معاوية حدثنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب لما قدم المدينة قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إنه قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة ألا أن تضلوا يمينا وشمالا وروى الشعبي عن مسروق عن عمر أنه خطب الناس فقال ردوا الجهالات إلى السنة حدثنا خلف بن القاسم حدثنا أبو أحمد بن الحسين بن إبراهيم بن جعفر الزيات بمصر حدثنا يحيى بن أيوب بن بادي حدثنا حامد بن يحيى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن كناسة قال حدثا جعفر بن برقان عن ميسون بن مهران في قول الله جل وعز فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله قال الرد إلى الله إلى كتابه والرد إلى الرسول ما كان حيا فإذا مات سنته حدثني خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الكوفي حدثنا محمد الصباح حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا حماد قال سمعت الشعبي يقول قال مسروق حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة ورواه طائفة عن ابن عيينة عن خالد بن سملة عن الشعبي عن مسروق مثله وروى عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة وحدثنا الخلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا أبو الفيض ذو النون بن أحمد بن إبراهيم بن صالح قال حدثني عبد الباري بن
187

إسحاق بن أخي ذي نون عن عمه أبي الفيض ذو النون قال ثلاث من أعلام السنة المسح على الخفين والمحافظة على صلوات الجمع وحب السلف رحمهم الله وكان
إبراهيم التيمي يقول اللهم اعصمني بدينك وبسنة نبيك من الاختلاف بالحق ومن ابتاع الهوى ومن سبيل الضلالة ومن مشتبهات الأمور من الزيف والخصوامات وروى عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة
باب موضع السنة من الكتاب وبيانها له
قال الله تعالى ذكره وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم وقال فاليحذر الذي يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وقال وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم طراط الله وفرض طاعته في غير آية من كتاب الله وقرنها بطاعته جل وعز فقال وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا أخبرنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة أن امرأة من بني أسد أتت عبد الله بن مسعود فقالت له أنه بلغني أنك لعنت ذيت وذيت والواشمة والمتسوشمة وإني قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول وإني لأظن على أهلك منها فقال لها عبد الله فادخلي فانظري فدخلت فنظرت فلم تر شيئا فقال لها عبد الله أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فهو ذاك وروى عن عبد الرزاق قال أخبرني الثوري عن منصور عن ابارهيم عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود لعن الله الواشمات والسمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلف الله قال فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فقالت يا عبد الرحمن بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن في كتاب الله قالت إني لا قرأ ما بين اللوحين فما أجده قال إن كنت قارئة لقد وجدتيه أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني لأظن أهلك
188

يفعلون بعض ذلك قال فاذهبي فانظري قال فدخلت فلم تر شيئا قال فقال عبد الله لو كانت كذلك لم نجامعها حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين البغدادي بمكة قال حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال حدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة بن عبد العزيز وأبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى محرما عليه ثيات فنهى المحرم فقال آتيني باية من كتاب الله تنزع ثيابي قال فقرأ عليه وما آتام الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا ابن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير قال كان طاووس يصلي ركعتين بعد العصر فقال له ابن عباس اتركهما فقال إنما نهى عنهما أن يتخذ سنة فقال ابن عباس قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة بعد صلاة العصر فلا أدري اتعذب عليها أم تؤجر لأن الله تبارك وتعالى قال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمر أن يكون له الخيرة من أمرهم حدثنا خلف بن القاسم حدثنا ابن المفسر قال حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا بقية بن الوليد عن محفوظ بن المسور الفهري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك بأحدكم يقول هذا كتاب الله ما كان فيه في حلال أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ألا من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب الله ورسوله والذي حدثه حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو النضر مولي عمر بن عبد الله بن معمر عن عبيد الله بن رافع عن أبيه قال سفيان وحدثناه ابن المنكدر مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه قال سفيان وأنا لحديث ابن المنكدر احفظ لأني سمعته أولا وقد سمعت هذا أيضا أخبرنا أحمد بن عبد الله ابن محمد قال أخبرني أبي قال حدثها أحمد بن خالد قال حدثني علي بن عبد العزيز قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سالم المكي عن موسى بن عبد الله بن قيس عن عبيد الله أو عبد الله بن أبي رافع عن أبيه أبي رافع قال
189

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الا لا أعرفن ما بلغ أحدا منكم حديث أن كان شيئا أمرت به أو نهيت عنه فيقول وهو متكئ على أريكته هذا القرآن ما وجدنا فيه اتبعناه وما لم نجد فيه فلا حاجة لنا به حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال حدثنا الحسن بن حارثة أنه سمع المقدام بن معدي كرب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك رجل منكم متكئا على أريكته يحدث بحديث عني فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي حرم الله حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبو نعيم قال حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول الآية قال الرد إلي الله الرد إلى كتابه والرد إلى رسوله إذا كان حيا فلما قبضه الله فالرد إلى سنته قال أبو عمر قال صلى الله عليه وسلم ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عن رواه المطلب بن حنطب وغيره عنه صلى الله عليه وسلم وقال الله تبارك وتعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقال فوربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماوقال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم الآية والبيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين بيان المجمل في الكتاب العزيز كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها وكبيانه للزكاة وحدها ووقتها وما الذي تؤخذ منه الأموال وبيانه لمناسك الحج قال صلى الله عليه وسلم إذ حج بالناس خذوا عني مناسككم لأن القرآن إنما ورد بجملة فرض الصلاة والزكاة والحج دون تفصيل والحديث مفصل وهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وكتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع إلى أشياء بطول ذكرها قد لخصتها في موضع آخر وقد أمر الله جل وعز بطاعته واتباعه أمرا مطلقا مجملا لم يقيد بشيء كما أمرنا بأتباع كتاب الله ولم يقل وافق كتاب الله كما قال بعض أهل الزيغ قال
190

عبد الرحمن بن مهدي الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث يعني ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله
فأنا قلته وإن خالف كتاب الله فلم أقل وإنما أنا موافق كتاب الله وبه هداني الله وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك قالوا فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالف لكتاب الله لأنا لم نجد في كتاب الله إلا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به والأمر بطاعته ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن الحسين بن سهل الأشباني قال حدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال حدثني يحيى بن آدم قال حدثنا ابن المبارك عن معمر عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين أنه قال لرجل أنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعة لا تجهر فيها بالقراءة ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ثم قال أتجد في كتاب الله مفسرا أن كتاب الله أبهم هذا وأن السنة تفسر ذلك حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب أن رجلا قال لمطرف بن عبد الله ابن الشخير لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال له مطرف والله ما نريد بالقرآن بدلا ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك قال الأوزاعي الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب قال أبو عمر يريد أنها تقضي عليه وتبين المراد منه وروي حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى كتاب وبه عن الأوزاعي قال يحيى بن أبي كثير السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب قاضيا على السنة وقال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل وسئل عن الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب فقال ما أجسر على هذا أن أقوله أن السنة قاضية
191

على الكتاب أن السنة تفسر الكتاب وتبينه قال الفضل وسمعت أحمد بن حنبل يقول لا تنسخ السنة شيئا من القرآن قال لا ينسخ القرآن إلا القرآن قال أبو عمر قول الشافعي أن القرآن لا ينسخه إلا قرآن مثله لقوله جل وعز وإذا بدلنا آية مكان آية وقوله ما ننسخ من آية الآية وعلى هذا جمهور أصحاب مالك إلا أبا الفرج فإنه نسب إلى مالك قول الكوفيين في ذلك حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قال حدثنا ابن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا محمد ابن الكثير قال حدثنا سليمان بن كثير والزهري عن سنان بن أبي سنان عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس كتب عليكم الحج فقيل يا رسول الله أفي كل عام قال لا ولو قلتها لوجبت الحج مرة واحدة فما زاد فهو تتطوع قال أبو عمر الآثار في بيانه لمجملات التنزيل قولا وعملا أكثر من أن تحصى وفيما لو حن به هداية وكفاية والحمد لله وكان أبو إسحاق إبراهيم بن سيار يقول بلغني وأنا أحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث فم القربة والشرب منه قال فكنت أقول أن لهذا الحيث لشأنا وما في الشرب من فم القربة حتى يجيء فيها هذا النهي فلما قيل لي أن رجلا شرب من فم قربة فوكعته حية فمات وأن الحيات والأفاعي تدخل في أفواه القرب علمت أن كل شيء لا أعلم تأويله من الحديث أن له مذهبا وإن جهلته أخبرنا خلف بن القاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر قال حدثنا عبد الله بن الحسين الأشقر أبو بلال قال حدثنا دافر بن سليمان عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن معاذ ثلاث أنا فيهن رجلا كما ينبغي وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا قط إلا علمت أنه حق من الله ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغيرها ما تقول ويقال لها حتى انصرف عنها قال سعيد بن المسيب هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي
192

باب من تأول القرآن أو تدبره وهو جاهل بالسنة
قال أبو عمر أهل البدع أجمع أضربوا عن السنن وتأولوا الكتاب على غير ما بينت السنة فضلوا وأضلوا نعوذ بالله من الخذلان ونسأله التوفيق والعصمة برحمته وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير عن ذلك في غير ما أثر منها ما حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمنبن يحيى قال حدثنا الحسين بن عثمان الأدمي قال حدثنا عباس الدوري قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي قبيل قال سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلاك أمتي في الكتاب واللين فقيل يا رسول الله وما الكتاب واللين قال يتعلمون القرآن ويتأولونه على غير ما أنزله الله ويحبون اللين ويدعون الجماعات والجمع ويبدون حدثنا أحمد بن قاسم قال أخبرنا أحمد بن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح حدثنا دحيم قال حدثنا أبو صالح عن ليث عن أبي قبيل عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أخوف ما أخاف على أمتي الكتاب واللين فأما اللبن فينتجعه أقوام لحبه ويتركون الجماعات وأما الكتاب فيفتح لا قوام فيه فيجادلون به الذبن آمنوا وقرأت على عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد المعروف ببكير بمكة قال حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني أبو السمح قال حدثنا أبو قبيل أنه سمع عقبة بن عامر يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أخوف ما أخاف على أمتي اثنتان القرآن واللبن فأما القرآن فيتعلمه المنافقون ليجادلوا به المؤمنين وأما اللبن فيتبعون الريف يتبعون الشهوات ويتركون الصلوات وقال صلى الله عليه وسلم أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن حدثنا سلمة بن سعيد قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا العباس بن محمد البصري قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثنا عباد بن كثير عن أبي قلابة عن مسعود قال ستجدون أقواما يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم فعليكم بالعلم وإياكم والتبدع وإياكم والتنطع وعليكم بالعتيق حدثني
193

سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قال قال عمر إنما أخاف عليكم رجلين رجل يتأول القرآن على غير تأويله ورجل ينافس الملك على أخيه أخبرنا محمد بن أحمد قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن محمد ابن زياد الأعرابي قال حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا ابن عون عن رجاء بن حيوة عن رجل قال كنا جلوسا عند معاوية فقال إن
أغرى الضلالة لرجل يقرأ القرآن فلا يفقه فيه فيعلمه الصبي والعبد والمرأة والأمة فيجادلون به أهل العلم حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الوليد بن شجاع قال حدثنا مبشر بن إسماعيل قال حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال إن هذا القرآن قد أخلق في صدور كثير من الناس فالتمسوا ما سواه من الأحاديث وإن ممن يبتغي هذا العلم يتخذه بضاعة ليلتمس به الدنيا ومنهم من يتعلمه ليماري به ومنهم من يتعلمه ليشار عليه وخيرهم الذي يتعلمه فيطيع الله فيه قال أبو عمر معنى قوله إن هذا القرآن قد أخلق والله أعلم أي أخلق علم تأويله من تلاوته ألا بالأحاديث عن السلف العالمين به ففي الأحاديث الصحاح عنهم يوقف على ذلك لا بما سولته النفوس وتنازعته الآراء كما صنع أهل الأهواء قال الحسن عمل قليل في سنة خير من كثير في بدعة وذكر ابن الأعرابي أيضا قال حدثنا موسى بن هارون الحمال قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه ولا من فاسق بين فسقه وكلتي أخاف عليها رجلا قد قرأ القرآن حتى أزلقه بلسانه ثم تأوله على غير تأويله
باب فضل السنة ومباينتها لسائر أقاويل علماء الأمة
حدثنا أحمد بن فتح قال حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا النيسابوري قال حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قال حدثنا أحمد بن سعيد الرباطي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثني أبي عن علي بن الحكم عن
194

الضحاك قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال أمرهم أن يطيعوه ويشرفوه ويدعوه باسم النبوة قال ابن جريج عن مجاهد أمرهم أن يدعوه في لين وتواضع وذكر سنيد قال حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال لما نزلت لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قال أبو بكر والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السرار حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا الأثرم قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبان قال حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز القاري المأزري إنه سأل عبد الله بن عمرو عن الصلاة في السفر فقال ركعتان من خالف السنة كفر وقد بينا معنى قوله في هذا الحديث كفر في كتاب التمهيد فأغنى عن اعادته ههنا حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا أحمد بن محمد البرقي قال حدثنا معمر قال قاسم حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا دحيم قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أن رجلا قال للقاسم بن محمد عجبنا من عائشة كيف كانت تصلي في السفر أربعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين فقال يا ابن أخي عليك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف وأن الله سيحفظ دينه قال عبد الله فما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فعلمت أنه لم يكن يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وأنه غيره مستخلف حدثنا خلف بن القاسم بن سهل الحافظ قال حدثنا يوسف بن يعقوب الكندي حدثنا أبو الوليد عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني أبي قال حدثني غرابي بن معاوية عن عبد الله بن هبيرة السبائي قال حدثنا بلال بن عبد الله بن عمران أبا عبد الله بن عمر قال يوما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد فقلت أنا إما أنا فسأمنع أهلي فمن شاء فليسرح أهله فالتفت إليا وقال لعنك الله لعنك الله لعنك الله تسمعني أقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن لا يمنعن وقام مغضبا وذكر عبد الرازق قال حدثنا معمر عن أيوب قال قال عروة لابن عباس ألا تتقي الله ترخص في المتعة فقال بن عباس سل أمك يا عرية فقال عروة أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا فقال
195

ابن عباس والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله نحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتحدثونا عن أبي بكر وعمر وذكر الحديث قال أبو عمر يعني متعة الحج وهو فسخ الحج في عمرة وقرأت على عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا حجاج بن محمد قال حدثنا شريك عن الأعمش عن فضيل بن عمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عروة نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس ما تقول يا عرية قال نقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال أراهم سيهلكون أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون قال أبو بكر وعمر وقال أبو الدرداء من يعذرني من معاوية أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني برأيه لا أساكنك بأرض أنت بها حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أبو بكر الأثرم قال حدثنا أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال حدثنا الحجاج قال حدثنا شريك عن الأعمش عن الفضيل بن عمرو ورواه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال تمتع النبي صلى الله عليه وسلم فقال عروة بن الزبير نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس أراهم سيهلكون أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون نهى أبو بكر وعمر حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي ح وحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا الميمون ابن حمزة قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي ح وحدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أحمد بن محمد بن هانئ أبو بكر الأثرم الوراق قال حدثنا سعيد بن منصور قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال عمر إذا رميتم الجمرة سبع حصايات وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا الطيب والنساء قال سالم وقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت قال سالم فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع واللفظ لحديث الحميدي حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا
196

الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي ح وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا عبد الحميد بن أحمد قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أحمد ابن محمد بن هانئ أبو بكر الأثرم الوراق قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال عمر إذا رميتم الجمرة سبع حصايات وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا الطيب والنساء قال سالم وقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف في
البيت قال سالم فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع واللفظ لحديث الحميدي حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا الميمون بن حمزة قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الحميد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر واستوى عليه اضطربت تلك السارية وحنت كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكتت حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن النعمان قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا حبان بن هلال أبو حبيب المقري عن مبارك عن الحسن قال حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب مسندا ظهره إلى خشبة فلما كثر الناس قال ابن لي منبرا قال فبنوا له منبرا والله ما كان إلا عتبتين فلما تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخشبة إلى المنبر حنت الخشبة قال أنس والله تحني حنين الواله قال فما زالت تحني حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنها قال فقال الحسن يا عباد الله إن الخشب يحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إلى لقائه فليس الرجال الذين يرجون لقاء الله أحق أن يشتاقوا إليه وروي عن وهب بن منه أنه قال قرأت في سبعين كتابا أن جميع ما أعطى الناس من بدء الدنيا إلى انقطاعها من العقل في جنب عقل محمد خاتم النبين صلى الله عليه وسلم وسلم كحبة رمل وقعت من جميع رمل الدنيا وأجده مكتوبا أرجحهم عقلا وافضهلم رأيا قالوا ولم يبعث الله نبيا حتى يستكمل من العقل ما يكون أفضل من عقل جميع أمته وعسى أن يكون في أمته
197

من هو أشد منه اجتهادا ببدنه وجوارحه ولما يضمر النبي صلى الله عليه وسلم في عقله ونيته وفكره أفضل من عبادة جميع المجتهدين أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا علي بن عبد العزبز قال حدثنا زكريا بن يحيى رحمويه قال حدثنا صالح بن عمر قال حدثنا داود بن هند عن أبي خضرة عن أبي سعيد قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكرنا أنفسنا وكيف لا ننكر أنفسنا والله سبحانه يقول واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن الحرث بن عبد الله بن أوس قال أتيت عمر بن الخطاب فسألته عن المرأة تطوف بالبيت ثم تحيض فقال ليكن آخر عهدها الطواف بالبيت قال الحرث فقلت كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر تبت يداك أو ثكلتك أمك سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخالفه حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا ابن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن سالم بن أبي الجعد عن منذر عن الربيع بين خيثم قال كنا نقول نعم المرء محمد صلى الله عليه وسلم كان ضالا فهداه الله وعائلا فأغناه الله شرح الله صدره ويسر الله له أمره ثم يقول حرف وما حرف من يطع الرسول فقد أطاع الله فوض الله إليه فإنه لا يأمر بخير صلى الله عليه وسلم
باب ذكر بعض من كان لا يحدث عن رسول اله إلا وهو على وضوء
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو الحسن عبد الباقي بن قانع ببغداد قال حدثنا مطين قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة قال حدثنا محمد ابن الربيع المصفري عن الأعمش عن ضرار بن مرة قال كانوا يكرهون أن يحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم على غير وضوء قال إسحاق فرأيت الأعمش إذا أراد أن يحدث وهو على غير وضوء تيمم وأخبرنا أحمد ابن قاسم بن عيسى حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا البغوي حدثنا ابن زنجويه
198

حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لقد كان يستحب ألا يقرأ الأحاديث التي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهور حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا إسماعيل بن محمد قال حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا أحمد ابن منصور حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لقد كان يستحب أن لا يقرأ الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على وضوء حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقري قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة البغدادي ببغداد قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة قال كان قتادة لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على طهارة وذكر أحمد بن مروق المالكي قال حدثنا محمد بن عبد العزيز قال سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول سمعت مالك بن أنس يقول كان جعفر بن محمد لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو طاهر وأخبرني خلف بن القاسم قال حدثنا ابن شعبان قال حدثنا أحمد بن سلام قال حدثنا المفضل بن محمد الجندي قال سمعت أبا مصعب يقول كان مالك بن أنس لا يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على وضوء اجلال لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الزبير بن بكار قال حدثني أبو غزية عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال ذكر سعيد بن المسيب حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض فقال اجلسوني فإني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع فذكره ابن وهب قال حدثني ابن أبي الزناد قال كان سعيد بن المسيب وهو مريض يقول اقعدوني فإني أعظم أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع في حديث ذكره
باب في انكار أهل العلم ما يجدونه من الأهواء والبدع
حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد حجثنا علي ين عبد العزيز قال حدثنا القعنبي عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال
199

حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو بشر بكر بن خلف ختن المقري قال حدثنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا عثمان بن أبي داود قال سمعت الزهري يقول دخلنا على أنس ن مالك بدمشق وهو وحده وهو يبكي قلت ما يبكيك قال لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت وقال الحسن البصري لو خرج عليكم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عرفوا منكم إلا قبلتكم وذكر يعقوب بن شبيبة بن الصلت قال حدثنا محمد بن سعيد الأصفهاني قال حدثنا علي بن مسهر عن هشام ابن عروة عن
عثمان بن الوليد قال قال لي عروة بن الزبير ألم أخبر أن الناس يضربون إذا صلوا على الجنائز في المسجد قلت نعم قال فوالله ما صلى على أبي بكر الصديق إلا في المسجد قال حدثنا يعيش بن سعيد الوراق قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا الفريابي قال حدثنا عباس العنبري قال حدثنا عبد الرازق عن مالك قال قدم علينا ابن شهاب قدمة يعني من الشام فقلت له طلبت العلم حتى إذا كنت وعاء من أوعيته تركت المدينة ونزلت إداما فقال كنت أسكن المدينة والناس ناس فلما تغير الناس تركتهم حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح وحدثنا أحمد من عبد الله بن محمد بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن فطيس قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن محمد ابن دليم قال حدثنا عمر بن أبي تمام قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أنس قال حدثنا أنس بن عياض قال سمعت هشام بن عروة يقول لما اتخذ عروة بن الزبير قصره بالعقيق قال له الناس قد جفوت عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية وكان فيما هنالك عما أنتم فيه عافية زاد أحمد بن سعيد في حديثه عن ابن أبي دليم عن ابن وضاح قال لي أبو الطاهر أحمد بن عمرو سمعت غير أنس بن عياض يقول عوتب عروة في ذلك فقال وما بقي إنما بقي شامة بنكبة أو حاسد على نعمة وذكر الزبير ابن أبي بكر هذا الخبر عن أنس بن عياض بن أبي ضمرة الليثي عن هشام بن عروة عن عروة مثله سواء إلى قوله عافة وزاء قال وحدثني سعيد بن عمرو عن
200

عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة أن عروة بن الزبير قال في قصره بالعقيق حين فرغ من بنيانه بنيناهه فأحكمنا بناه بحمد الله في خير العقيق تراهم ينظرون إليه شزرا يلوح لهم على وضح الطريق فساء الكاشحين وكان غيظا لا عدائي وسربه صديقي يراه كل مختلف وسار ومعتمر إلى البيت العتيق قال الزبير وأنشدنيها عمي مصعب بن عبد الله ومصعب بن عثمان ومحمد بن الحسن ألا البيت الأخير قال الزبير وحدثنا سعيد بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول يا بني تعلموا الشعر قال وربما قال الأبيات ينشؤها من عنده ثم يعرضها علينا قال أبو عمر رضي الله عنه له أشعار كثيرة حسان رحمه الله منها قوله صار الأسافل بعد الذل أسنمة وصارت الروس بعد العز أذنابا لم تبق ماثرة يعتدها رجل إلا التكاثر أوراق وإذهابا وذكر الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن حسن عن سفيان بن حمزة عن كثير ابن زبيد عن المطلب بن عبد الله ابن أبي ربيعة انه مر بعروة بن الزبير وهو يبني قصره بالعقيق فقال أردت الهرب يا أبا عبد الله قال لا ولكنه ذكر لي أنه سيصيبها عذاب يعني المدينة فقلت أن أصابها شيء كنت منتحيا عنها حديثنا أحمد بن سعيد ابن بشر قال حدثنا ابن أبي دليم قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا محمد بن يحيى بن إسماعيل الصدفي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني مالك قال أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة بن عبد الرحمن فوجده بيكي فقال له ما يبكيك وارتاع لبكائه فقال له أمصيبة دخلت عليك فقال لا ولكن استفتى من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم قال ربيعة ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق وحدثنا عبد الروارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن وضاح قال حدثنا دحيم قال حدثنا الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء قال مالي أرى علماءكم يموتون وجهالكم لا يتعلمون لقد
201

خشيت أن يذهب الأول ولا يتعلم الآخر ولو أن العالم طلب العلم لازداد علما ولو أن الجاهل طلب العلم لوجد العلم قائما مالي أراكم شباعا من الطعام جياعا من العلم وقال أبو حزم صار الناس في زماننا يعيب الرجل من هو فوقه في العلم يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه ولا يذاكر من هو مثله ويزهى عن متن هو دونه فذهب العلم وهلك الناس حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب بن عبد الله قال حدثنا الداروردي قال إذا قال مالك علي هذا أدركت أهل العلم ببلدنا أو الأمر المجتمع عليه عندنا فإنه يريد ربيعة وابن هرمز
باب فضل النظر في الكتب وحمد العناية بالدفاتر
حدثني أحمد بن محمد وعبد الرحمن بن يحيى وخلف بن أحمد وغيرهم قالوا حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي قال حدثنا أحمد بن عمران قال كنت عند أبي أيوب أحمد بن محمد بن شجاع وقد تخلف في منزله فبعث غلاما من غلمانه إي عبد الله بن الاعرابي صاحب الغريب يسئله المجيء إليه فعاد إليه الغلام فقال قد سألته ذلك فقال لي عندي قوم من الاعراب فإاذ قضيت أربى معم أتيت قال الغلام وما رأيت عنده أحدا إلا أن بين يديه كتبا ينظر فيها فينظر في هذا مرة وفي هذا مرة ثم ما شعرنا حتى جاء فقال له أبو أيوب يا أبا عبد الله سبحان الله العظيم تخلفت عنا وحرمتنا الأنس بك ولقد قال لي الغلام إنه ما رأى عندك أحدا وقلت أنت مع قوم من الاعراب فإذا قضيت أربي معهم أتيت فقال ابن الاعرابي لنا جلساء ما نمل حديثهم الباء مأمونون غيبا ومشهدا يفيدوننا من علمهم علم ما مضى وعقلا وتأديبا ورأيا مسددا بلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة ولا نتقي منهم لسانا ولا يدا فإن قلت أموات فما أنت كاذبا وإن قلت أحياء فلست مفندا قيل لأبي العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب توحشت من الناس جدا فلو تركت لزوم البت بعض الترك وبرزت للناس كانوا ينتفعون بك وينفعك الله بهم فمكث
202

ساعة ثم أنشأ يقول إن صحبنا الملوك تاهوا علينا واستخفوا كبرا بحق الجليس أو صحبنا التجار صرنا إلى البؤ س وصرنا إلا عداد الفلوس فلزمنا البيوت نستخرج العلم ونملأ به بطون الطروس ولغيره لمحبرة تجالسني نهاري أحب إلي من أنس الصديق ورزمة كاغد في البيت عندي أحب إلي من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخد مني ألذ لدي من شرب الرحيق وقال محمد بن بشير في شعر له أقبلت أهرب لا آلو مباعدة في الأرض منهم فلم يحصني الهرب لما رأيت بأني لست معجزهم فوتا ولا هربا قد بت أحتجب فصرت في البيت مسرورا تحدثني عن علم ما غاب عني في الورى الكتب فردا تخبرني الموتى وتنطق لي فليس لي من أناس غيرهم أرب لله من جلساء لا جليسهم ولا خليطهم للسوء مرتقب لا بادرات الأذى يخشى رفيقهم ولا يلاقيه منهم منطق ذرب ابقوا لنا حكما تبقى منافعها أخرى الليالي على الأيام وانشعبوا إن شئت من محكم الآثار يرفعها إلى النبي ثقات خيرة نجب أو شئت من عرب علما بأولهم في الجاهلية تنبيني بها العرب أو شئت من سير الأملاك عن عجم تنبي وتخبر كيف الرأي
والأدب حتى دني قد شاهدت عصرهم وقد مضت دونهم من دهرنا حقب ما مات قوم إذا ابقوا لنا أدبا وعلم دين ولا بانوا ولا ذهبوا ومما يحفظ قديما نعم المؤانس والجليس كتاب تخلو به أن ملك الأصحاب لا مفشيا سرا ولا متكبرا وتفاد منه حكمه وصواب وأنشدني أحمد بن محمد بن أحمد رحمه الله وألذ ما طلب الفتى بعد التقى علم هناك يزينه طلبه ولكل طالب لذة متنزه والذ نزهة عالم كتبه وسألني أن أزيد فيها فزدته بحضرته يسلى الكتاب هموم قارئه ويبين عنه أن قرأ نصبه نعم الجليس إذا خلوت به لا مكره يخشى ولا شغبه وقال بعض البصريين العلم آنس صاحب أخلو به في وحدتي فإذا اهتممت فسلوتي وإذا خلوت فلذتي ويروى وإذا نشطت فلذتي وأنشدني محمد بن هارون الدمشقي لنفسه أو لغيره لمحبرة تجالسني نهارا أحب إلي من أنس الصديق الأبيات المتقدمة وقال عمرو بن العلاء ما دخلت على رجل قط ولا مررت ببابه فرأيته ينظر في دفتر وجليسه فارغ إلا حكمت عليه واعتقدت أن أفضل منه عقلا وكان عبد الله بن عبد الله بن عبد العزبز بن عمر بن عبد العزبز لا يجالس الناس ونزل المقبرة فكان لا يكاد يرى إلا وفي يده دفتر فسئل عن ذلك فقال لم أر قط أوعظ من قبر ولا أنفع من دفتر ولا أسلم من وحدة وروى الحسن اللؤلؤي أن صح عنه أنه قال لقد غبرت لي أربعون عاما ما قمت ولا نمت إلا والكتاب على صدري وسئل عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري عن دواء للحفظ فقال ادمان النظر في الكتب وانشدت لعبد الملك بن إدريس الوزير من قصيدة له مطولة وأعلم بأن العلم أرفع رتبة وأجل مكتسب وأسنى مفخر فاسلك سبيل المقتنين له تسد ان السيادة تقتنى بالدفتر والعالم المدعو حبرا إنما سماه باسم الحبر حمل المحبر وبضمر الأقلام يبلغ أهلها ما ليس يبلغ بالجياد الضمر وقد أكثر أهل العلم والأدب في جمع ما في هذا الباب من المنظوم والمنثور فرأيت الاقتصار من ذلك على القليل أولى من الإكثار وبالله التوفيق قم والحمد لله
203