الكتاب: معرفة السنن والآثار
المؤلف: البيهقي
الجزء: ٤
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: سيد كسروي حسن
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: لبنان/ بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
((565 - باب التلبية))
2810 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أن تلبية رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك '.
قال نافع: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها:
لبيك لبيك وسعديك والخير بك لبيك والرغباء إليك والعمل.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2811 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع /
3

الشافعي قال) /
أخبرنا بعض أهل العلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالتوحيد:
لبيك الله لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا
شريك لك '.
وأخرجاه في كتاب السنن من حديث يحيى القطان عن جعفر وفيه من الزيادة قال:
والناس يزيدون: ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي [صلى الله عليه وسلم] يسمع فلا يقول لهم شيئا.
2812 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال: وذكر عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة قال:
كان من تلبية رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لبيك إله الحق لبيك '.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة: كما روى جابر وابن عمر:
كانت أكثر تلبية رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهي التي أحب أن تكون تلبية المحرم إلا أن يدخل ما روى أبو هريرة لأنه مثلها في المعنى لأنه تلبية والتلبية إجابة.
فأبان إنه أجاب إله الحق لبيك أولا وآخرا.
2813 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني حميد الأعرج عن مجاهد أنه قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يظهر من التلبية:
4

' لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك '.
قال: حتى إذا كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها:
' لبيك إن العيش عيش الآخرة '.
قال ابن جريج: وحسبت أن ذلك يوم عرفة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وهذه تلبية كالتلبية التي رويت عنه وأخبر أن العيش عيش الآخرة لا عيش الدنيا وما فيها.
قال الشافعي:
ولا ضيق على أحد في مثل ما قال ابن عمر، ولا / غيره من تعظيم الله ودعائه مع التلبية.
غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من التلبية.
2814 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن القاسم بن معن عن محمد بن عجلان
عن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال:
سمع سعد بن أبي وقاص بعض بني أخيه وهو يلبي يا ذا المعارج. فقال سعد:
المعارج إنه لذو المعارج وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
((566 - باب ما يستحب من القول في إثر التلبية))
2815 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
5

وإذا فرغ من التلبية صلى على النبي [صلى الله عليه وسلم] وسأل الله رضاه والجنة واستعاذ برحمته من النار فإنه يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
2816 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة واستعفاه برحمته من النار.
تابعه عبد الله بن عبد الله الأموي عن صالح.
2817 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
أخبرنا إبراهيم بن محمد أن القاسم بن محمد:
كان يأمر إذا فرغ من التلبية أن يصلي على النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه عبد الله الأموي عن صالح عن القاسم قال: كان يؤمر.
وزاد الشافعي على هذا في المناسك فقال:
ومعقولا أن الملبي وافد الله وأن منطقه بالتلبية منطقه بإجابة داعي الله وأن تمام الدعاء ورجاء إجابته الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] وأن يسل في إثر كمال ذلك بالصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] الجنة ويتعوذ من النار فإن ذلك ما يسأل ويسأل / بعدها ما أحب.
((567 - باب تلبية المرأة وإحرامها))
روينا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال:
لا ترفع المرأة صوتها.
6

وعنه أنه قال:
إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه.
وروي ذلك عنه في المرأة مرفوعا ورفعه ضعيف.
وروينا عن سعد وابن عباس وعائشة:
كراهية البرقع والنقاب للمرأة المحرمة.
وهو فيما حكاه ابن المنذر.
2818 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
والمرأة في تلبيتها مثل الرجل إلا أنها لا ترفع الصوت بالتلبية لذهاب أكثر أهل العلم إلى ذلك وأنها مأمورة بالخفر والستر عن كل ما دعي إليه السترة من الرجال.
قال: وتلبس المرأة الخمار والخفين والسراويل من غير ضرورة والدرع والقميص والقباء ولا بأس أن تلبس القفازين.
كان سعد بن أبي وقاص يأمر بناته أن تلبس القفازين في الإحرام.
قال ابن المنذر: ورخصت فيه عائشة.
قال الشافعي:
وإحرامها من لبسها في وجهها.
وقال في موضع آخر:
ولا تلبس المحرمة قفازين ولا برقعا.
واحتج في القديم بما رواه مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول:
لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين.
7

2819 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
وهذا حديث قد رواه مالك وأيوب موقوفا على ابن عمر.
ورواه الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مدرجا في حديث.
ما لا يلبس المحرم من الثياب.
وتابعه على ذلك: موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة. وجويرية بن أسماء ومحمد بن إسحاق.
وأخرجه البخاري في الصحيح وأكده بمن تابعه.
ورواه الشافعي في رواية حرملة عن الثقة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرفوعا.
2820 - أخبرناه أبو عبد الله قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان أخبرنا حبان عن ابن المبارك عن موسى بن عقبة فذكره.
2821 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب - يعني ابن إبراهيم بن سعد - حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال [فان] نافعا مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا.
8

2822 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال:
تدلى عليها من جلابيبها ولا تضرب به.
قلت: وما تضرب به؟
فأشار لي كما تجلبب المرأة ثم أشار إلى ما على خدها من الجلباب فقال لا تغطيه فتضرب به على وجهها فذلك الذي يبقى عليها ولكن تسدله على وجهها كما هو مسدولا [ولا] تقلبه ولا تضرب به ولا تغطيه.
2823 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه قال:
لتدني - أو قال لتدلي - المرأة الحرام ثوبها على وجهها ولا تنتقب.
قال أحمد:
قد روينا عن عائشة قالت:
كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
2824 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة. فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله / بن عبيدة وعبد الله بن دينار قالا: من السنة أن تمسح المرأة بيديها عند الإحرام بشيء من الحناء ولا تحرم وهن غفال - أو قال غفل -.
9

قال الشافعي:
وكذلك أحب لها.
قال أحمد:
وروينا عن عائشة قالت:
كنا نخرج إلى مكة فنضرب جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي [صلى الله عليه وسلم] فلا ينهانا.
((568 - باب ما يجتنبه المحرم ما يلبس المحرم من الثياب))
2825 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن عبد الله عن أبيه:
أن رجلا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فسأله ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال له:
' لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا الخفين إلا لمن لا يجد نعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
2826 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أن رجلا سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] ما يلبس المحرم من الثياب؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يلبس القمص ولا السرويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد
10

لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وقد سقط من رواية الشافعي عن ابن عيينة:
' ولا ثوبا مسه زعفران ولا ورس '.
وسقط أيضا من روايته عن مالك:
' ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس '.
2827 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني علي بن محمد بن سحنويه حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا الزهري. فذكره بإسناده
ومعناه.
2828 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني / أبو النضر الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأه على مالك. فذكره بإسناده ومعناه.
وقد أخرجاهما في الصحيح بهذه الزيادة.
ولعل الشافعي أخر هذه اللفظة إلى مسألة الطيب ثم لم يتفق له إيرادها.
وقد أوردها ها هنا فيما:
2829 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس وقال:
' ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
11

قال أحمد:
وقد روينا في حديث سفيان الثوري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
أن رجلا قام إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: ' لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا القباء '.
ثم ذكر ما بعده.
2830 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان فذكره.
569 - [باب]
المحرم لا يجد الإزار والنعل
2831 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت أبا الشعثاء يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب وهو يقول:
' إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين وإذا لم يجد إزارا لبس سراويل '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
وذكره البخاري من حديثه وحديث غيره.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فكما قلنا عن ابن عمر أن زاد في الخفين القطع ولم يذكره ابن عباس فكذلك
12

قلنا عن ابن عباس أنه سمع من النبي [صلى الله عليه وسلم] / يرخص للمحرم أن يلبس سراويل إذا لم يجد إزارا.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله ولا يقطع من السراويل لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يأمر بقطعه.
2832 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال في كتاب علي:
من لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما.
قلت: أيقين بأنه كتاب علي؟
قال: ما أشك أنه كتابه.
وليس فيه: وليقطعهما.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
من لم يكن له إزار وله ثياب أو سراويل فليلبسهما.
قال سعيد بن سالم:
لا يقطع الخفان.
قال الشافعي:
وأرى أن يقطعا لأن ذلك في حديث وإن لم يكن في حديث ابن عباس
وكلاهما صادق وحافظ.
وليس زيادة إحدايهما على الآخر شيئا لم يؤده الآخر.
إما عن رغبة؛ وإما شك فيه فلم يؤده.
وإما سكت عنه. وإما أداة فلم يؤد عنه لبعض هذه المعاني اختلافا.
13

570 - [باب]
ما جاء في عقد الإزار والرداء
2833 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن هشام بن حجير عن طاوس قال:
رأيت ابن عمر يسعى بالبيت وقد حزم على بطنه بثوب.
2834 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن إسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن ابن عمر لم يكن عقد الثوب عليه إنما غرز طرفه على إزاره.
2835 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن مسلم بن جندب قال:
جاء رجل يسل ابن عمر، وأنا معه قال: أخالف بين طرفي ثوبي من ورائي ثم أعقده وأنا محرم؟
فقال عبد الله بن عمر:
لا تعقد شيئا.
2836 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا محتزما بحبل أبرق فقال:
' انزع الحبل ' مرتين.
2837 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن / أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم قال الربيع _ أظنه عن ابن جريج عن عطاء _:
أنه كان لا يرى بأسا أن يحرم المحرم ساجا.
14

ما لم يزره عليه فإن زره عليه عمدا افتدى كما يفدي إذا تقمص عمدا.
قال الشافعي:
وبهذا نأخذ.
2838 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
ويلبس المحرم من الثياب ما لم يهل فيه.
قال أحمد:
قد روينا في معناه عن جابر.
وروينا عن عكرمة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم.
571 - [باب]
ما تلبس المرأة من الثياب
2839 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه:
أنه كان يفتي النساء إذا أحرمن أن يقطعن الخفين حتى أخبرته صفية عن عائشة أنها تفتي النساء أن لا يقطعن فانتهى عنه.
2840 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني الحسن عن صفية بنت شيبة أنها قالت:
كنت عند عائشة إذ جاءتها امرأة من نساء بني عبد الدار يقال لها: تملك فقالت لها:
يا أم المؤمنين إن ابنتي فلانة حلفت أن لا تلبس حليها في الموسم؟
فقالت عائشة:
15

قولي لها إن أم المؤمنين تقسم عليك إلا لبست حليك كله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
ولا يلبس واحدا منهما _ يعني الرجل والمرأة _ ثوبا مصبوغا بزعفران ولا ورس ويلبسان المصبوغ بالمدر لأن المدر ليس بطيب.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء:
أنه كان لا يرى بالممشق للمحرم بأسا أن يلبسه.
وقال: إنما هو مدرة.
قال: وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان لا يرى بدرس العصفر والزعفران للمحرم بأسا ما لم يجد ريحا.
قال الشافعي:
أما العصفر فلا بأس به وأما الزعفران فكان إذا مسه الماء ظهرت رائحته فلا يلبسه وإن لبسه افتدى.
/
572 - [باب]
المحرم يغطي وجهه إن شاء ولا يغطي رأسه
2841 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي:
أيخمر المحرم وجهه؟ فقال: نعم ولا يخمر رأسه.
فقلت للشافعي:
إنا نكره تخمير الوجه للمحرم ويكره صاحبنا _ يعني مالكا _ ويروي فيه عن ابن عمر أنه قال:
16

ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة.
أنه رأى عثمان بن عفان [بالعرج] يغطي وجهه وهو محرم.
2842 - وبإسناده حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم.
وقال في موضع آخر:
وهم محرمون.
قال الشافعي:
فكيف أخذت بقول ابن عمر دون قول عثمان ومع عثمان زيد بن ثابت ومروان بن الحكم؟
قال أحمد:
قال ابن المنذر: وروي ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وابن الزبير:
ورخص فيه سعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله.
قال الشافعي:
وما هو أقوى من هذا كله.
قال الربيع: قلت وما هو؟
قال: أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بميت مات أن يكشف عن رأسه دون وجهه ولا يقرب طيبا ويكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما فدلت السنة على أن للمحرم تخمير وجهه.
وبسط الكلام في هذا.
17

وقد مضى إسناد هذا الحديث في كتاب الجنائز.
2843 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء في المحرم يحمل المكتل على رأسه. فقال: نعم لا بأس بذلك وسئل عن العصابة أيعصب بها المحرم رأسه؟ فقال: لا
العصابة تكفت شعرا كثيرا.
573 - [باب]
المحرم يحتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقه وافتدى
2844 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة / حدثنا المزني وابن عبد الحكم قالا: حدثنا الشافعي عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لعلك أذاك هوامك '.
فقلت: نعم فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' احلق رأسك وصم ثلاثة أيام واطعم ستة مساكين أو انسك شاة '.
أخرجه البخاري من حديث مالك.
2845 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال:
مر بي النبي [صلى الله عليه وسلم] وأنا [أوقد] تحت قدر [له] القمل يتهالب من رأسي فقال:
18

' يا كعب أتؤذيك هوامك '.
قلت: نعم: قال:
' فاحلق رأسك واذبح شاة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين '.
قال أبو جعفر: سمعت الربيع يقول:
كان الشافعي يقول:
هي الحديبية بالتخفيف.
قال أحمد: أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن أبي نجيح.
2846 - وبهذا الإسناد حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال:
أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] علي زمن الحديبية وأنا كثير الشعر فقال:
' كأن هوام رأسك يؤذيك '.
فقلت: أجل. قال:
' فاحلقه واذبح شاة لنسكه أو صم ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة أصوع تمر بين ستة مساكين '.
أخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
2847 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن نافع عن أسامة بن زيد عن محمد بن كعب بن عجرة عن كعب بن عجرة قال:
أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين أذاني القمل أن أحلق رأسي ثم أصوم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك.
((574 - [باب]
لبس المحرم وطيبه جاهلا))
2848 - / أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا
19

الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه: أن أعرابيا أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] وعليه _ إما قال قميص وإما قال جبة _ وبه أثر صفرة فقال:
أحرمت وهذا علي؟ فقال:
' إنزع - إما قال قميصك وإما قال: جبتك _ واغسل هذه الصفرة منك وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك '.
أخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء ولم يشكوا في الجبة.
2849 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال: كنا عند النبي [صلى الله عليه وسلم] بالجعرانة فقام رجل وعليه مقطعة _ يعني جبة _ وهو متضمخ بالخلوق فقال: يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة وهذه علي فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما كنت تصنع في حجك '؟.
قال: كنت أنزع هذه المقطعة وأغسل هذا الخلوق فقال [صلى الله عليه وسلم]:
' فما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ولم يأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] بكفارة.
قال: وهكذا كان عطاء يقول ويفتي المكيين فيما لم يتلف به شيئا ولم يفته.
20

قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن عطاء قال: أتى النبي [صلى الله عليه وسلم] رجل وبه أثر صفرة فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك '.
2850 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بإسناده مرسلا أتم من ذلك وقد ذكره من حديث ابن جريج موصولا.
ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء / عن يعلى وفيه من الزيادة:
إني أحرمت بالنمرة وإن الناس يسخرون مني.
ورواه أبو بشر عن عطاء وفيه من الزيادة:
' اخلع جبتك '.
فخلعها من رأسه.
ورواه الحجاج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه هكذا.
ورواه الليث بن سعد عن عطاء عن أبي يعلى عن أبيه: فأمره أن ينزعها نزعا ويغتسل مرتين أو ثلاثا.
2851 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يقول:
من أحرم من قميص أو جبة فلينزعها نزعا ولا يشقها.
قال الشافعي:
والسنة كما قال عطاء لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر صاحب الجبة أن ينزعها ولم يأمره بشقها.
قال الشافعي:
والسنة كما قال عطاء لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر صاحب الجبة أن ينزعها ولم يأمره
بشقها.
21

قال: وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال:
قلت لعطاء:
أرأيت لو أن رجلا أهل من ميقاته وعليه جبة ثم سار أميالا ثم ذكرها فنزعها أعليه أن يعود إلى ميقاته فيحدث إحراما؟
قال: لا حسبه الإحرام الأول.
قال الشافعي:
وهذا كما قال عطاء إن شاء الله.
((575 - [باب]
شم الريحان))
قال الشافعي في القديم:
واختلف أصحابنا في الريحان فلم ير به بعضهم بأسا وكذلك قال عطاء حتى كان لا يعد الأدهان الفارسية طيبا وكان يذهب إلى أن الطيب ما يبقى على الماء.
2852 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن مخلد حدثنا سعد أن بن نصر حدثنا أبو معاوية الضرير عن ابن جريج عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس قال:
المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام وينزع ضرسه ويفقأ القرحة وإذا انكسر ظفره أماط عنه الأذى.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر: أنه كره شم الريحان للمحرم.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر: أنه كره شم الريحان للمحرم.
قال الشافعي:
22

وهذا القول أحوط وبه نأخذ.
قال أحمد:
وقد رويناه في كتاب السنن من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ولم أجده عن مالك فيما عندنا / من الموطأ.
2853 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر بمثله.
قال الشافعي في الجديد:
والريحان عندي طيب وذكر ما:
2854 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر:
أنه سئل أيشم المحرم الريحان والدهن والطيب؟ فقال: لا.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال:
ما أرى الورد والياسمين إلا طيبا.
كذا وجدته لم يجاوز به ابن جريج.
((576 - [باب]
يدهن المحرم جسده دون رأسه ولحيته بما ليس بطيب))
روينا عن حماد بن سلمة عن فرقد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أدهن بزيت غير مقتت وهو محرم _ يعني غير مطيب _.
وقيل: عنه عن ابن عمر.
23

2855 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن الحسين بن الأعرابي بالكوفة أخبرنا الأسود بن عامر أخبرنا حماد بن سلمة عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر فذكره دون التسفير.
2856 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم عن الربيع عن
الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
يدهن المحرم قدميه إذا تشققت بالودك ما لم يكن طيبا.
قال: وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء:
أنه سأله عن المحرم يتشقق رأسه ليدهن الشقاق منه بسمن.
قال: لا ولا بودك غير السمن إلا أن يفتدى.
فقلت له: ليس بطيب. قال:
ولكنه يرجل رأسه.
فقال: إن القدم ليست كالشعر إن الشعر يرجل.
قال عطاء: واللحية في ذلك مثل الرأس.
((577 - [باب]
لبس المعصفرات))
/ قد مضى حديث ابن عمر في لبس النساء المعصفر.
2857 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر.
أنها كانت تلبس المعصفرات المشبعات وهي محرمة ليس فيها زعفران.
وروينا عن ابن أبي مليكة عن عائشة:
24

أنها كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي محرمة.
قال ابن المنذر: وبه قال ابن عمر وجابر.
قال: وروينا عن عقيل بن أبي طالب:
أنه أحرم في موردين.
2858 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي جعفر قال:
أبصر عمر بن الخطاب على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم فقال عمر:
ما هذه الثياب؟ فقال علي بن أبي طالب: ما أخال أحدا يعلمنا بالسنة.
فسكت عمر.
2859 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه سمعه يقول:
لا تلبس المرأة ثياب الطيب وتلبس الثياب المعصفرة لا أرى المعصفر طيبا.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة:
ولو تركا ذلك - يعني الرجل والمرأة - ولبسا البياض كان أحب إلي للذي يقتدى به ولا يقتدى به.
أما الذي يقتدى به فما قال عمر بن الخطاب:
يراه الجاهل فيذهب إلى أن الصبغ واحد فليس المصبوغ بالطيب.
2860 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكر حدثنا مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر:
25

أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال له عمر: ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟
فقال طلحة: يا أمير المؤمنين إنما هو مدر.
قال عمر بن الخطاب.
إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال: إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة / في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة.
قال الشافعي:
وأما الذي لا يقتدى به فأخاف أن يساء الظن به حتى يترك مستحقا بإحرامه وبسط الكلام فيه.
وأما الحناء فقد:
2861 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى بن بكير حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن خولة بنت حكيم عن أبيها أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب '.
وهذا إسناد ضعيف.
ابن لهيعة غير محتج به.
وروينا عن عكرمة: أن عائشة وأزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] كن يتخضبن بالحناء وهن محرمات. ذكره ابن المنذر.
وروينا عن عائشة أنها سئلت عن خضاب الحناء فقالت:
كان خليلي [صلى الله عليه وسلم] لا يحب ريحه.
26

ومعلوم أنه كان يحب الطيب فيشبه أن يكون الحناء غير داخل في جملة الطيب.
((578 - [باب]
ما يجب بحلق الشعر))
2862 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
في الشعرة مد وفي الشعرتين مدان وفي الثلاث فصاعدا دم.
وروى هشام عن الحسن وعطاء أنهما قالا:
في ثلاث شعرات دم الناسي والمتعمد فيه سواء.
وحكى ابن المنذر عن الحسن أنه قال:
في الشعرة مد وفي الشعرتين مدان وفي الثلاث دم.
((579 - باب اكتحال المحرم))
2863 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان إذا رمد وهو محرم أقطر في عينيه الصبر إقطارا.
وأنه قال: يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد ما لم يكتحل بطيب ومن غير رمد.
ابن عمر القائل:
قال أحمد:
27

وروينا في الحديث عن نبيه بن وهب / قال: خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله بن معمر عينه فلما كنا بالروحاء اشتد وجهه فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله فأرسل إليه: أن اضمدها بالصبر فإن عثمان بن عفان حدث عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدها بالصبر.
2864 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا محمد بن أيوب أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
2865 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن إنسانا سأله عن عطاء عن كحل الإثمد للمرأة المحرمة الذي ليس فيه طيب قال: أكرهه لأنه ابتداء زينة وإنما هي أيام تخشع وعبادة.
ولم يجعل الشافعي فيه فدية.
((580 - [باب]
الغسل بعد الإحرام))
2866 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه أن ابن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه.
وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه.
فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغسل بين القرنين وهو
28

يستتر بثوب قال فسلمت فقال: من هذا؟ فقلت: أبا عبد الله أرسلني إليك ابن عباس أسألك: كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يغسل رأسه وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يديه على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال: لإنسان يصب عليه أصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال: هكذا رأيته [صلى الله عليه وسلم] يفعل.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2867 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا / قالا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عطاء:
أن صفوان بن يعلى أخبره عن أبيه يعلى بن أمية أنه قال:
بينما عمر بن الخطاب يغتسل إلى بعير وأن أستر عليه بثوب إذ قال عمر بن الخطاب يا يعلى أصبب على رأسي.
فقلت: أمير المؤمنين أعلم.
فقال عمر بن الخطاب: والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا فسمى الله ثم أفاض على رأسه.
ورواه في القديم عن مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج.
قال في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن عطاء: أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منية، وهو يصبب على عمر وهو يغتسل:
أصبب على رأسي. فقال له يعلى:
أتريد أن تجعلها لي إن أمرتني صببت؟
فقال له عمر: فلن يزيده الماء إلا شعثا.
2868 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن
29

إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره بنحوه.
2869 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: ربما قال لي عمر بن الخطاب تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفسا ونحن محرمون.
2870 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة.
2871 - (ح) وأنبأني أبو عبد الله إجازة وسياق الحديث له:
أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن أسلم مولى عمر قال تماقل عاصم بن عمرو وعبد الرحمن بن زيد وهما محرمان وعمر ينظر.
2872 - وبإسناد أبي عبد الله عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء:
أنه بلغه أن ناسا تماقلوا بين يدي عمر بن الخطاب فنظر إليهم فلم ينكره عليهم.
قال: وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
الجنب المحرم وغير المحرم إذا اغتسل دلك جسده إن شاء ولا يدلك رأسه.
قال ابن جريج:
فقلت له: لم يدلك جلده إن شاء ولا يدلك رأسه؟ قال:
من أجل أن يبدو / له من جلده ما لا يبدو له من رأسه.
2873 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
30

مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام.
قال الشافعي:
ونحن ومالك لا نرى بأسا أن يغسل المحرم رأسه من غير احتلام.
ونروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه اغتسل وهو محرم.
ثم ساق الكلام إلا أن قال:
وقد تذهب على ابن عمر وغيره السنن ولو علمها ما خالفها ولا رغب عنها إن شاء الله تعالى.
قال الشافعي في الإملاء:
وقد أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بالميت الحرام أن يغسل بماء وسدر ولا يقرب طيبا فإن غسل رأسه ولحيته بخطمى أو سدر أو أشنان أو شيء غير طيب فلا فدية عليه.
واستحب فيه في موضع آخر أن لا يفعل ذلك في الرأس واللحية لأن ذلك يرجله ويذهب شعثه.
قال ابن المنذر: كره جابر بن عبد الله غسل المحرم رأسه بالخطمى.
((580 مكرر - [باب]
دخول الحمام))
2874 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
ولا بأس أن يدخل المحرم الحمام.
أخبرنا الثقة أخبرنا سفيان.
وأخبرنا غيره عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس.
أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم.
31

2875 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن أيوب ابن أبي تميمة عن عكرمة عن ابن عباس: أنه دخل حماما وهو بالجحفة وهو محرم وقال:
ما يعبأ الله بأوساخكم شيئا.
2876 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى:
أن الزبير بن العوام أمر بوسخ في ظهره فحك وهو محرم.
قال أحمد:
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال في حك المحرم رأسه قال:
ببطن أنامله.
وعن عمر: أنه حكه بأنامله.
وعن عائشة: أنها أباحت للمحرم حك جسده.
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال:
المحرم يغتسل ويغسل / ثوبه إن شاء.
وعن ابن عمر: أنه أباح للمحرمة غسل ثوبها وقال: إن الله لا يصنع بدرنك شيئا.
وروي عن ابن عباس:
أنه أباح دلكه.
((581 - [باب]
النظر في المرآة))
2877 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
32

الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر:
أنه نظر في المرآة وهو محرم.
((582 - [باب]
الحجامة للمحرم))
2878 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس وعطاء أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] احتجم وهو محرم.
قال أحمد:
أخرجه البخاري ومسلم عن مسدد ومسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عمرو وعنهما بلا شك.
2879 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن الطرائفي قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت علي بن المديني يقول: قال سفيان سمعته - يعني عمرو بن دينار - يقول: أخبرني عطاء عن ابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] احتجم وهو محرم.
قال سفيان: ثم لبث ما شاء الله ثم قال: أخبرني طاوس عن ابن عباس.
قال سفيان: فقلت في وهم رجع عن الآخر ثم قلت لعله سمعهما منهما جميعا.
رواه البخاري عن علي دون ذكر الوهم.
وهذا يدل على صحة ضبط الشافعي وإتقانه في رواية الحديث بالشك والله أعلم.
33

قال الشافعي في كتاب حرملة:
وكذلك يحتجم في رأسه بلا فدية لأن هذا ليس بليوس.
وقيل: أن حجامة النبي [صلى الله عليه وسلم] كانت في رأسه.
قال أحمد:
وهذا في رواية ابن بحينة.
2880 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد جعفر بن إبراهيم النحوي حدثنا إسحاق بن صدقة حدثنا خالد بن مخلد / حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا علقمة بن أبي علقمة قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج قال سمعت عبد الله بن بحينة قال:
احتجم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بلحى (موضع) جمل وهو محرم وسط رأسه.
ورواه البخاري عن خالد بن مخلد.
وروى ذلك أيضا في حديث سليمان بن يسار مرسلا.
ومن ذلك الوجه رواه الشافعي.
2881 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
2882 - (ح) وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] احتجم في رأسه وهو محرم وهو يومئذ بلحي جمل.
2883 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا يحتجم
34

المحرم إلا أن يضطر إليه مما لا بد منه.
قال: وقال مالك مثل ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
لعل ابن عمر كره ذلك ولم يحرمه ولعله أن لا يكون سمع هذا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ولو سمعه ما خالفه إن شاء الله.
وبسط الكلام فيه.
((583 - باب نكاح المحرم))
2884 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
2885 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أحد بني عبد الدار عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
35

2886 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا / قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن شهاب قال أخبرني يزيد بن الأصم: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكح وهو حلال قال عمرو: قلت لابن شهاب أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس؟
قال أحمد:
ورواه الحميدي عن سفيان.
وزاد فيه: نكح ميمونة وهي حلال وهي خالته.
قال فقلت لابن عباس:
أتجعل أعرابيا بوالا على عقبيه إلى ابن عباس وهي خالة ابن عباس أيضا.
وقد ذكر الشافعي في رواية المزني عنه.
قال الشيخ أحمد:
هذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعنا في روايته ولو كان مطعونا في الرواية لما احتج به ابن شهاب الزهري وإنما قصد عمرو بن دينار بما قال ترجيح رواية ابن عباس على رواية يزيد بن الأصم.
والترجيح يقع بما قال عمرو لو كان يزيد يقوله مرسلا كما كان ابن عباس يقوله مرسلا إذ لم يشهد عمرو القصة كما لم يشهدها يزيد بن الأصم إلا أن يزيد إنما رواه عن ميمونة وهي صاحبة الأمر وهي أعلم بأمرها من غيرها.
2887 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن أحمد النسوي حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم حدثنا جرير بن حازم حدثنا أبو فزارة عن يزيد بن الأصم قال حدثتني ميمونة بنت الحارث:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تزوجها وهو حلال.
قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
وكذلك رواه ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن ميمونة موصلا.
36

وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمون مرسلا فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان ومعه الوليد بن زروان كلاهما عن ميمون بن مهران موصولا ومع روايتهما عن ميمون رواية أبي فزارة عن يزيد موصلا.
وكل بحمد الله ثقة فلا معنى للطعن في رواية الثقات.
2888 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع / أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث أبا رافع مولاه. ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة والنبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة.
قال أحمد:
قوله بالمدينة يحتمل أن يكون المراد به بعثه وهو بالمدينة ثم كان التزويج بعد فراغه من الإحرام.
وحديث سليمان بن يسار من هذا الوجه مرسل.
وقد رواه مطر الوراق موصولا.
2889 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا سليمان بن حرب وحازم قالا: حدثنا حماد عن مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تزوج ميمونة حلالا وكنت الرسول بينهما.
37

قال أحمد:
مطر بن طهمان الوراق قد احتج به مسلم بن الحجاج ومن يحتج في كتابه بمثل أبي بكر ابن أبي مريم والحجاج بن أرطأة وموسى بن عبيدة وابن لهيعة ومحمد بن دينار الطاحي ومن هو أضعف منهم لا ينبغي أن يرد رواية مطر الوراق.
كيف والحجة عليه في أصله برواية مالك قائمة.
2890 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن مسلمة الأموي عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب قال أوهل فلان:
ما نكح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ميمونة إلا وهو حلال.
2891 - أخبرنا أبو عبد الله أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقد روى بعض قرابة ميمونة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نكح ميمونة محرما.
يريد ابن عباس.
قال الشافعي:
فكان أشبه الأحاديث أن يكون ثابتا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكح ميمونة حلالا.
فإن قيل ما يدل على أنه أثبتها عن أن ينكح المحرم ولا ينكح وعثمان متقدم الصحبة ومن روى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نكحها محرما لم يصحبه إلا بعد السفر الذي نكح فيه ميمونة / وإنما نكحها قبل عمرة القضية وقيل له إذا اختلف الحديثان فالمتصل الذي لا شك فيه أولى عندنا أن يثبت لو لم تكن الحجة إلا فيه نفسه ومع حديث عثمان ما يوافقه وإن لم يكن متصلا اتصاله.
38

فإن قيل فإن لمن روى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نكحها وهو محرما قرابة يعرف نكاحها.
قيل: ولابن أختها يزيد بن الأصم ذلك المكان منها.
ولسليمان بن يسار منها مكان الولاية شبيها أن يعرف نكاحها.
فإذا كان يزيد بن الأصم وسليمان بن يسار مع مكانتهما منها يقولان نكحها حلالا.
وكان ابن المسيب يقول نكحها حلالا.
ذهبت العلة في أن يثبت من قال نكحها وهو محرم بسبب القرابة.
وبأن حديث عثمان بالإسناد المتصل لا شك في اتصاله أولى أن يثبت مع موافقة ما وصفت.
فأي محرم نكح أو أنكح فنكاحه مفسوخ بما وصفت من نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن نكاح المحرم.
قال أحمد:
وقول الشافعي: نكحها قبل عمرة القضية خرج على ظاهرة رواية سليمان بن يسار ورواية ميمونة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تزوجها بعد ما أحل أصح.
وكذلك قاله: سعيد بن المسيب وقولهما مذكور في النكاح من كتاب السنة.
وحديث سليمان بن يسار يحتمل أن يكون موافقا لهما على ما ذكرنا فيما تقدم. والله أعلم.
وروى الشافعي في النكاح بإسناده عن عمر بن الخطاب أنه رد نكاح محرم.
ورواه عن ابن عمر، وزيد بن ثابت.
ورويناه عن علي بن أبي طالب وهو قول عثمان فهؤلاء ثلاثة من الخلفاء الراشدين أجمعوا على رد نكاح المحرم ومعهم إمامان آخران زيد بن ثابت وابن عمر.
وذلك أولى مما رواه إبراهيم عن ابن مسعود مرسلا.
ومما روي عن أنس وهو دون هؤلاء في الإمامة والتقدم في العلم.
وبالله التوفيق.
39

((584 - [باب]
كلام المحرم))
2892 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
لا بأس / أن يفتى في الطلاق والزنا والنكاح وكل ذكر للنساء.
قد كان ابن عباس ينشد وهو محرم وهن يمشين:
* وهن يمشين بنا هميسا
* إن تصدف الطير تبك علينا
*
فقيل له: يا ابن عباس: أترفث؟
فقال لهم: إنما الرفث ما روجع به النساء.
قال الشافعي:
وأحب للمحرم والحلال أن يكون قولهما بذكر الله فيما يعود عليهما منفعته في دين أو دنيا وليس يضيق على واحد منهما أن يتكلم بما لا يأثم فيه.
والشعر والكلام غير الشعر سواء لا فرق بينهما.
2893 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن أبي بكر ابن عبد الرحمن عن مروان بن الحكم عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن من الشعر حكمة '.
هكذا رواه الشافعي عن إبراهيم بن سعد مرسلا.
ورواه أبو داود عن إبراهيم موصولا.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن ابن شهاب كذلك موصولا بذكر أبي بن كعب فيه.
40

ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
2894 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم عن هشام بن عروة أبيه.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه '.
2895 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه أن عمر بن الخطاب ركب راحلة له وهو محرم فتدلت به فجعلت تقدم يدا وتؤخر أخرى.
قال الربيع: أظنه قال عمر:
* كأن راكبها غصن بمروحة
* إذا تدلت به أو شارب ثمل
*
ثم قال: الله أكبر الله أكبر.
قال أحمد:
وروينا عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من حج هذا البيت فلم يرفث _ أو لم يفسق _ رجع كيوم ولدته أمه '.
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
الرفث: الجماع.
والفسوق: المعاصي.
والجدال: المراء.
41

((585 - [باب]
المنطقة والسيف))
2896 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع / حدثنا الشافعي حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن عبد الله بن أبي بكر:
أن أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قدموا في عمرة القضية متقلدين السيوف وهم محرمون.
قال أحمد:
وقد روينا في الحديث الثابت عن البراء بن عازب في الصلح:
هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله واشترطوا أن يقيموا ثلاثا ولا يدخلوا مكة بسلاح إلا جلبان السلاح.
قال أبو إسحاق السبيعي بقرابة.
2897 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع: أن ابن عمر كان يكره لبس المنطقة للمحرم.
قال الشافعي:
وروى مالك عن ابن المسيب:
لا بأس بلبس المنطقة للمحرم.
قال الشافعي:
من استجاز خلاف ابن عمر ولم يرو خلافه إلا عن ابن المسيب لحقيق أن لا يخالف سنة النبي [صلى الله عليه وسلم] لقول ابن عمر.
قال أحمد:
رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه:
42

أنه لا بأس بذلك إذا جعل في طرفيها جميعا سيرين يعتمد بعضهما إلى بعض.
2898 - أخبرناه أبو أحمد أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره.
قال مالك: وهذا أحب ما سمعت في المنطقة إلي.
قال أحمد:
وروينا عن ابن عباس وعائشة في الرخصة في الهميان للمحرم.
((586 - باب الاستظلال في الإحرام))
روينا في الحديث الثابت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة الحج قال:
وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة فسار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها.
وفي الحديث الثابت عن أم الحصين قالت:
حججت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
2899 - وأخبرنا / أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن
عباس بن ربيعة قال:
صحبت عمر بن الخطاب في الحج فما رأيته مضطربا فسطاطا حتى رجع.
قال الشافعي:
43

وأظنه قال في حديثه: كان ينزل تحت الشجر ويستظل بنطع أو بكساء والشيء.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فأما قول ابن عمر: اضج لما خرجت له فلعله أراد أن ما أصاب في ذلك مما يشق عليه كان أخير له وما أمره في ذلك بفدية ولا ضيقه عليه.
((587 - باب المحرم يموت))
2900 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فخر رجل محرم عن بعيره فوقص فمات فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما فإنه يبعث يوم القيامة يهل _ أو يلبي '.
وأخبرنا به في كتاب الجنائز وقال:
' ميت ولا تخمروا رأسه '.
2901 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي فذكره بإسناده وقال: فوقص فمات فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة يهل _ أو يلبي '.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شبية عن سفيان بإسناده كما رواه
44

المزني إلا أنه قال:
' فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا '.
وأخرجاه من حديث حماد عن عمر.
2902 - وبهذين الإسنادين قال الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان قال أخبرني إبراهيم بن أبي حرة.
وقال المزني: حدثنا الشافعي عن سفيان عن إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله وزاد فيه: ' ولا تقربوه طيبا '.
2903 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس / أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب:
أن ابنا لعثمان بن عفان توفي وهو محرم فلم يخمر رأسه ولم يقربه طيبا.
((588 - [باب]
دخول مكة))
2904 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يغتسل لدخول مكة.
2905 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وروي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عثمان بن عروة عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بات بذي طوى حتى صلى الصبح ثم اغتسل بها ودخل مكة.
قال: وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه:
45

أن علي بن أبي طالب كان يغتسل بمنزله بمكة حين يقدم قبل أن يدخل المسجد.
قال: وروي عن صالح بن محمد بن زائدة عن أم ذرة:
أن عائشة كانت تغتسل بذي طوى حين تقدم [مكة].
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان إذا خرج حاجا أو معتمرا لم يدخل مكة حتى يغتسل ويأمر من معه فيغتسلوا.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن أيوب السختياني عن نافع:
أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا.
ويذكر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه فعله.
وروينا في الحديث الثابت عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يدخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء ويخرج من السفلى.
قال: الشافعي في رواية حرملة:
أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل من أعلى مكة وخرج من أسفلها.
2906 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا
46

الحسن بن سفيان أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى.
وأخرجه البخاري من حديث أبي أسامة عن هشام وقال في الحديث:
دخل عام الفتح / من كداء وخرج من كداء قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله:
إنما هو: كدي. وكدآء.
وهما ثنيتان.
وحديث أسماء وعائشة قد مضى ذكره في الغسل للإحرام.
((589 - [باب]
القول عند رؤية البيت))
2907 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال:
' اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما وبهاء وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا '.
2908 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان حين ينظر إلى البيت يقول: اللهم أنت
47

السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام.
2909 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا رأى البيت قال: فذكر هذا الدعاء الذي رواه ابن جريج وذكر عن ابن المسيب.
قال الشافعي:
وقد كان بعض من مضى من أهل العلم يتكلم بكلام عند رؤية البيت وربما تكلم به على الصفا والمروة ويقول ما زلنا نحل عقدة ونشد أخرى ونهبط واديا ونعلو أخرى حتى أتيناك غير محجوب أنت دوننا فيا من إليه جدا حبنا وببيته حجنا ارحم ملقى رحالنا بفناء بيتك.
2910 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: حدثت عن نعيم مولى عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع عند الجمرتين وعلى الميت '.
كذا في روايتهما.
وفي المبسوط: ' وعند الجمرتين '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في الإملاء:
وليس في رفع شيء أكرهه ولا أستحبه عند رؤية البيت وهو عندي حسن.
قال أحمد:
وكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم / عن مقسم عن ابن عباس.
48

وعن نافع عن ابن عمر مرة موقوفا ومرة مرفوعا دون ذكر الميت.
وروين عن المهاجر المكي:
أنه ذكر لجابر بن عبد الله رفع اليدين عند رؤية البيت فقال:
ما كنت أرى أحدا يفعل هذا إلا اليهود.
قد حججنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم نكن نفعله.
وفي رواية أخرى أفكنا نفعله.
وقد روينا عن ابن جريج عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال:
فذكر الدعاء الذي ذكر هنا.
ورواه سفيان الثوري عن أبي سعيد الشامي عن مكحول عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وروى سليمان عن حبيب عن طاوس قال:
لما رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] البيت رفع يديه فوقع زمام ناقته فأخذه بشماله ورفع يده اليمنى.
فهذه المراسيل انضمت إلى حديث مقسم فوكدته وليس في حديث جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نفي ما أثبتوه من فعل النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا نفي ما أثبت في رواية مقسم من قوله.
إنما في حديث جابر نفى فعله وفعل رفقائه.
ولو صرح جابر بأنه لم ير رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفعل ذلك وأثبته غيره كان القول قول المثبت وإن كان إسناد حديثه دون إسناد حديث جابر متنا اجتمع فيه شرائط القبول.
وحديث ابن عباس وابن عمر برواية ابن أبي ليلى اجتمع فيه شرائط القبول عند بعض من يدعي الجمع بين الآثار.
فهو يحتج به وبأمثاله ونحن لا نحتج بما ينفرد به لسوء حفظه لكن حديثه هذا صار مؤكدا بانضمام ما ذكرنا من الشواهد إليه فهو إذن حسن كما قال الشافعي رحمه وليس فيه كراهية. والله أعلم.
49

((590 - [باب]
افتتاح الطواف بالاستلام))
قال الشافعي:
وأحب أن يفتتح الطائف الطواف بالاستلام وروي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قبل الركن الأسود فكذلك أحب.
وإن استلمه بيده قبل يده.
قال: وأحب أن يستلم الركن اليماني بيده ويقبلها / ولا يقبله لأني لم أعلم روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قبل إلا الحجر.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع.
وروينا عن الزبير بن عدي أن رجلا سأل ابن عمر عن استلام الحجر.
قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يستلمه ويقبله.
2911 - وأخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن عابس قال: رأيت عمر رضي الله عنه يستقبل الحجر.
2912 - (ح) وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أحمد بن سليمان الفقيه حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: رأيت عمر رضي الله عنه قبل الحجر وقال: والله إني لأعلم
50

أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قبلك ما قبلتك.
قال عابس بن ربيعة: ثم تقدم فقبله.
أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش.
وأخرجه مسلم أيضا من حديث حماد.
2913 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء:
هل رأيت أحدا من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا استلموا قبلوا أيديهم؟
فقال: نعم رأيت جابر بن عبد الله وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة إذا استلموا قبلوا أيديهم.
قلت: وابن عباس؟
قال: نعم حسبت كثيرا.
قلت: هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك؟
قال: فلم استلمه إذا.
قال أحمد:
وروينا عن نافع أنه رأى ابن عمر استلم الحجر بيد وقبل يده وقال:
ما تركته منذ رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يفعله.
((591 - باب السجود على الحجر الأسود مع التقبيل))
2914 - / أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن جعفر قال: رأيت ابن عباس جاء يوم
51

التروية مسبدا رأسه فقبل الركن ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثلاث مرات.
2915 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
ولا بأس أن خلي له الركن الأسود أن يقبله ثم يسجد عليه.
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر قال:
رأيت ابن عباس أتى الركن الأسود مسبدا فقبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه.
2916 - وأخبرنا بالحديث أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس فذكره دون الكلام في أوله.
ورويناه عن جعفر بن عبد الله القرشي عن محمد بن عباد بن جعفر:
أنه رأى ابن عباس قبله ثم سجد عليه وقال ابن عباس:
رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه ثم قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعل هكذا.
2917 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس أنه كان لا يستلم الركن إلا أن يراه خاليا. قال: وكان إذا استلمه قبله ثلاث مرات وسجد عليه على إثر كل تقبيلة.
قال الشافعي:
وإن ترك استلام الركن لم أحب ذلك له ولا شيء عليه.
خبرنا سعيد بن سالم عن إبراهيم بن نافع قال: طفت مع طاوس فلم يستلم.
52

شيئا من الأركان حتى فرغ من طوافه.
2918 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن أبي مسلمة عن إبراهيم بن ميسرة قال:
ذكر ابن طاوس قال: كان لا يدع الركنين أن يستلمهما قال: لكن أفضل منه كان يدعهما أبوه.
((592 - [باب] ما يستلم من الأركان))
2919 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن ابن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رأيتك / تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال:
ما هن يا ابن جريج؟
قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين.
ورأيتك تلبس النعال السبتية.
ورأيتك تصبغ بالصفرة.
ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية.
فقال عبد الله بن عمر:
أما الأركان فإني لم أر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يمس إلا اليمانيين.
وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها.
وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها. وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يهل حتى تنبعث به راحلته.
ورواه في القديم مختصرا وقال:
53

عن عبيد بن جريج.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا أيضا حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال:
لم أر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين.
وفي حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال:
ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر الأسود في شدة ولا رخاء منذ رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يستلمهما.
2920 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبد الله فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن محمد بن المثنى وغيره عن يحيى القطان.
2921 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم قال: أخبرني موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب القرظي:
أن ابن عباس كان يمسح على الركن اليماني والحجر.
وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها ويقول: لا ينبغي لبيت الله أن يكون شيء منه مهجورا.
وكان ابن عباس يقول:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) *.
قال الشافعي:
الذي يفعل ابن عباس أحب إلي / لأنه كان يرويه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
54

وقد رواه ابن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وليس ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر يدل على أن منهما مهجورا وكيف يهجر ما يطاف به.
ولو كان ترك استلامهما هجرانا لهما كان ترك استلام ما بين الأركان هجرانا لها.
قال أحمد:
وروي عن معاوية مثل ما روينا عن ابن الزبير.
فقال ابن عباس: إنما كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يستلم اليماني والحجر.
قال الشافعي:
والعلة فيهما _ يعني في الركنين الآخرين فيرى أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم [عليه السلام] فكان كسائر البيت إذا لم يكونا مستوطفا بهما البيت فإن مسحهما رجل كما يمسح سائر البيت فحسن إلا أني أحب أن يقتدي برسول الله [صلى الله عليه وسلم].
((593 - باب تعجيل الطواف بالبيت حين يدخل مكة))
2922 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
لما دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مكة لم يلو ولم يعرج.
زاد في القديم: مسلما مع سعيد وقال في متنه لما قدم مكة لم يعرج حتى طاف بالبيت.
قال الشافعي:
فإن فعل فلا بأس إن شاء الله لأنه عمل بغير وقت وقد بلغنا عن علي بن أبي
55

طالب: أنه كان يأتي منزله قبل أن يطوف بالبيت أخبرنا بذلك رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي.
2923 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قال عطاء فيمن قدم معتمرا فقدم المسجد: لأن يطوف ولا يمنع الطواف فلا يصلي تطوعا حتى يطوف وإن وجد الناس في المكتوبة فليصل معهم ولا أحب أن يصلي بعدها شيئا حتى يطوف.
ومن جاء قبل الصلاة فلا يجلس ولا ينتظرها وليطف فإن قطع الإمام طوافه فليتم بعده.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال:
قلت / لعطاء لا أركع قبل تلك المكتوبة إن لم أكن ركعت ركعتين.
قال: لا إلا ركعتي الصبح إن لم تكن ركعتهما فاركعهما ثم طف لأنهما أعظم شأنا من غيرهما.
وذكر الشافعي معي ركعتي الفجر مكتوبة تشبهها أو الوتر نسيه فيبدأ به.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء المرأة تقدم نهارا قال:
ما أبالي إن كانت مسورة أن تقدم نهارا.
قال أحمد:
هكذا وجدته وأنا أظنه إن كانت غير سيرة أو غير مسورة _ يعني غير جميلة.
قال الشافعي في المرأة لها شباب ومنظر:
أحب أن تؤخر الطواف حتى الليل.
56

قال في الإملاء:
قد طاف بعض أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلا في ستر فيما بلغنا.
قال أحمد:
وروينا عن عائشة أنها كانت تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم.
((594 - [باب]
ما يقال عند استلام الركن))
2924 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
استلم الركن الأسود إن قدر على استلامه.
وقال عند استلامه:
اللهم إيمانا بك وتصديقا بك ووفاء بعدك واتباع سنة نبيك محمد [صلى الله عليه وسلم].
2925 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرت عن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: يا رسول الله كيف نقول إذا استلمنا؟ قال:
' قولوا بسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا بما جاء به محمد [صلى الله عليه وسلم] '.
قال الشافعي:
ويقول كلما حاذى الركن بعد الله أكبر ولا إله إلا الله وما ذكر الله به وصلى على رسوله فحسن.
((595 - [باب]
الاضطباع))
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله إجازة.
57

2926 - أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] اضطبع بردائه حين طاف.
/ وقال في القديم:
أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن يعلى بن أمية: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] طاف مضطبعا بالبيت وبين الصفا والمروة.
2927 - وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد حدثنا جعفر بن عمرو حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عبد الحميد عن ابن يعلى عن أبيه قال:
رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يطوف بالبيت مضطبعا.
وقال غيره عنه عن ابن جريج عن رجل عن ابن يعلى عن يعلى وقال:
برداء حضرمي. وقيل: ببرد أخضر.
وروينا عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى.
2928 - أخبرنا على الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره.
2929 - أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب استلم الركن ليسعى ثم قال: لمن نبدي اليوم مناكبنا ومن نرائي قد أظهر الله الإسلام. والله على ذلك لأسعين كما سعى.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
58

يعني رمل مضطبعا والاضطباع أن يشتمل بردائه على منكبه الأيسر ومن تحت منكبه الأيمن فيكون منكبه الأيمن بارزا حتى يكمل سبعة.
قال أحمد:
هذا الحديث من هذا الوجه مرسل.
2930 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن جعفر الفارسي حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال أخبرني زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أن عمر بن الخطاب قال للركن: أما والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استلمك ما استلمتك ثم قال: ما لنا وللرمل إنما كنا رائينا به المشركين / وقد أهلكهم الله ثم قال:
شيء صنعه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلا نحب أن نتركه ثم رمل.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي مريم.
ورواه هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم وقال فيه: فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب ثم ذكر معناه.
((596 - [باب]
استحباب الاستلام في الوتر))
2931 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن عثمان _ يعني بن الأسود _ عن مجاهد أنه كان [لا] يكاد يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل وتر من طوافه.
2932 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس أنه قال: استلموا هذا لنا خامس.
59

((597 - [باب]
الاستلام في الزحام))
2933 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لعبد الرحمن بن عوف:
' كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن الأسود '؟.
فقال عبد الرحمن: استلمت وتركت.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
' أصبت '.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وأحسب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لعبد الرحمن ' أصبت ' أنه وصف له أنه استلم في غير زحام وترك في زحام لأنه لا يشبه أن يقول له ' أصبت ' في فعل وترك إلا إذا اختلفا بحال في الفعل والترك.
2934 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن أبي يعفور قال: سمعت رجلا من خزاعة حين قتل ابن الزبير بمكة وكان أميرا على مكة يقول: قال نبي الله [صلى الله عليه وسلم] لعمر:
' يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلم وإلا فكبر وامض '.
60

قال سفيان: وهو عبد الرحمن بن الحارث:
كان الجراح استعمله عليها منصرفة منها حين قتل ابن الزبير.
2935 - أخبرنا أبو بكر / وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال:
إذا وجدت على الركن زحاما فانصرف ولا تقف.
2936 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه: أنها كانت عند عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أم المؤمنين فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها:
يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا.
فقالت عائشة:
لا آجرك الله لا آجرك الله تدافعين الرجال ألا كبرت ومررت.
2937 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع أخبرنا [الشافعي] عن سعيد عن رجل عن عائشة بنت سعد أنها قالت: كان أبي يقول لنا إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن وإلا فكبرن وامضين.
61

((597 - [باب]
الرمل))
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس وعبد العزيز بن محمد ورجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف.
2938 - أخبرناه أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي. فذكره بمثله.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف.
2939 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكر الحديثين بنحوه.
2940 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يرمل من الحجر إلى الحجر ثم يقول:
هكذا فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قد روينا عن عبيد الله بن عمر أخي عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال:
62

رمل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرج أيضا حديث مالك عن جعفر بن محمد.
2941 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سعى في عمره كلهن الأربع بالبيت وبالصفا والمروة إلا أنهم ردوه في الأولى [و] الرابعة من الحديبية.
2942 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رمل من سبعة ثلاثة أطواف خببا ليس بينهن مشى.
2943 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
سعى أبو بكر عام حج إذ بعثه النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال: ثم أبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء هلم جرا يسعون [كذلك].
قال الشافعي:
والرمل والخبب لا شدة السعي.
((598 - [باب]
من أين يبدأ بالطواف))
2944 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن منصور عن
63

أبي وائل عن مسروق عن عبد الله بن مسعود:
أنه رآه بدأ فاستلم الحجر ثم أخذ عن يمينه فرمل ثلاثة أطواف ومشى أربعة ثم أتى المقام فصلى خلفه ركعتين.
2945 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال:
يلبي المعتمر حتى يفتتح الطواف مشيا أو غير مشي.
هكذا رواه الأصم.
والصواب: مستلما أو غير مستلما.
وإنما أورده الشافعي في هذا الباب ليبين أن الطواف يبدأ به من الركن الأسود.
قال أحمد:
روينا عن الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا.
2946 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي الحضرمي وأحمد بن شعيب النسائي قالا: / حدثنا عبد الأعلى بن واصل حدثنا يحيى بن آدم أخبرنا سفيان فذكره.
((599 - باب من لم يطف طواف القدوم))
قال الشافعي:
64

رمل في طوافه بالبيت بعد عرفة.
2947 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم:
أنه رأى مجاهد يرمل يوم النحر.
ومن رمل في طواف القدوم أو أحرم بالحج من مكة لم يرمل من طوافه بعد عرفة.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن نافع:
أن ابن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى.
قال: وكان لا يسعى إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة.
قال الشافعي:
يعني لا يرمل:
2948 - أخبرنا أبو النضر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد أخبرنا محمد بن إبراهيم أخبرنا ابن بكير أخبرنا مالك فذكره.
وروينا عن عطاء عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه.
((600 - [باب]
كيف تمشي في الأربعة))
2949 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
حكى جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رمل ثلاثة أطواف في الطواف _ أظنه قال: _ غير الواجب عليه ومشى أربعة.
65

لم يحك أنه زايل سجية مشيه ولم يبلغنا أن أحدا ممن مضى زايل سجية مشيه في الطواف في الزحام إلا عبد الله بن الزبير فإنه كان يسرع المشي في الطواف وكان ربما رمل كله.
مر بعبد الله بن عمر، ابن الزبير محرما فقال له ابن عمر:
أرمل الأشواط الثلاثة فرمل السبع كله وكان ابن الزبير يستلم الأركان الأربعة.
قال الشافعي:
فأحب أن يزايل الرجل سجية مشيه في الطواف.
((601 - باب لا سعي على النساء))
2950 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبيد الله بن عمر وعن نافع عن ابن عمر أنه قال:
ليس على النساء سعي بالبيت ولا بين الصفاء والمروة.
2951 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل عطاء أيسعى النساء؟
فأنكره نكرة شديدة.
قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج كذا في الأصل أنه قال:
رأت عائشة نساء يسعين بالبيت فقالت:
أما لكن فينا أسوة ليس عليكن سعي.
66

((602 - باب القول في الطواف))
2952 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
وأحب ما حاذى به _ يعني بالحجر الأسود _ أن يكبروا وأن يقول في رمله:
اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا.
ويقول في الطواف الأربعة:
اللهم اغفر وارحم وعفوا عما تعلم وأنت الأعز الأكرم اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
2953 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن يحيى بن عبيد مولى السائب عن أبيه عن عبد الله بن السائب أنه سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول فيما بين ركن بني جمع والركن الأسود:
* (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) *.
((603 - باب إقلال الكلام في الطواف))
2954 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة عن طاوس أنه سمعه يقول: سمعت ابن عمر يقول:
أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة.
67

2955 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: طفت خلف ابن عمر، وابن عباس فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه.
قال أحمد:
وقد روينا عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس / عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' الطواف بالبيت صلاة ولكن الله أحل فيه المنطق فمن نطق فيه فلا ينطق إلا
بخير '.
2956 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا الحسين بن الحسن بن أيوب أخبرنا ابن أبي ميسرة أخبرنا الحميدي حدثنا فضيل بن عياض عن عطاء بن السائب فذكره.
رفعه عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه.
وروي عنه موقوفا والموقوف أصح.
ورواه يزيد بن هارون أخبرنا القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الله عز وجل:
* (طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) *.
فالطواف قبل الصلاة.
وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير '.
68

2957 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد السماك حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا يزيد بن هارون فذكره هكذا.
2958 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء:
أنه كان يكره الكلام في الطواف إلا الشيء اليسير منه إلا ذكر الله وقراءة القرآن.
قال الشافعي:
وبلغنا أن مجاهدا كان يقرأ عليه القرآن في الطواف.
2959 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن إبراهيم بن نافع الأعور قال:
طفت مع طاوس فكلمته في الطواف وكلمني.
قال الشافعي:
وقد بلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تكلم في الطواف وكلم.
فمن تكلم في الطواف فلا يقطع الكلام طوافه وذكر الله أحب إلي فيه من الحديث.
وقال الشافعي:
وإن قطع عليه الطواف لصلاة بنى من حيث قطع عليه.
قال أحمد:
ويروى هذا عن ابن عمر. وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد في حكاية ابن المنذر.
((604 - باب الشرب في الطواف))
2960 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
69

وقد روي عن ابن عباس:
أنه شرب وهو يطوف فجلس على جدار الحجر.
/ وروي عن وجه لا نثبته:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] شرب وهو يطوف.
قال أحمد:
روينا عن عبد السلام بن حرب عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] شرب ماء في الطواف.
2961 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا العباس الدوري حدثنا مالك بن إسماعيل أخبرنا عبد السلام. فذكره.
وهذا الحديث بهذا اللفظ والمشهور عن سعيد وغيره عن عاصم:
شرب من زمزم وهو قائم.
ليس فيه ذكر الطواف.
((605 - باب الطواف على غير طهارة))
قال الشافعي:
لا يجزيه ألا ترى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [أمر عائشة _ رضي الله عنها _ أن].
تعمل عمل الحج إلا الطواف.
2962 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة:
أنها حاضت فذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
70

' افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت '.
وروينا في الحديث الثابت عن عروة قال:
قد حج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت.
((606 - [باب]
كمال الطواف وموضعه))
2963 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ألم تر أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام '.
فقلت: يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟
قال:
' لولا حدثان قومك بالكفر لرددتها على ما كانت عليه '.
فقال ابن عمر:
لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما أرى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ترك
71

استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن / البيت لم يتم على قواعد إبراهيم عليه السلام.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
2964 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة حدثنا هشام _ يعني بن حجير _ عن طاوس فيما أحسب أنه قال: عن ابن عباس أنه قال:
الحجر من البيت.
وقال الله تعالى:
* (وليطوفوا بالبيت العتيق) *.
وقد طاف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من وراء الحجر.
ورواه الحميدي عن سفيان من غير شك في إسناده.
2965 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان قال حدثني عبيد الله بن أبي يزيد قال أخبرني أبي قال:
أرسل عمر إلى شيخ من بني زهرة فجئت معه إلى عمر وهو في الحجر فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية فقال الشيخ:
أما البطنة فمن فلان وأما الولد فعلى فراش فلان.
فقال: صدقت ولكن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى بالولد للفراش.
فلما ولى الشيخ دعاه عمر فقال: أخبرني عن بناء البيت فقال:
إن قريشا كانت تقوت لبناء البيت فعجزوا فتركوا بعضها من الحجر.
فقال له عمر: صدقت.
2966 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
72

أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال:
ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت [كله].
2967 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك أنه سمع ابن شهاب يقول سمعت بعض علمائنا: فذكره.
قال الشافعي:
سمعت عددا من أهل العلم من قريش يذكرون أنه ترك من الكعبة في الحجر نحو من ستة أذرع.
قال أحمد:
قد روينا هذا من حديث سعيد بن مينا عن عبد الله بن الزبير عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا وزدت فيها ستة / أدرع من الحجر فإن قريشا اقتصرت بها حين بنت الكعبة '.
وفي رواية عطاء عن ابن الزبير عن عائشة:
' خمسة أدرع '.
وفي رواية أخرى عن عائشة:
' قريبا من سبعة أدرع '.
والستة أشهر.
73

قال الشافعي:
وكل طواف طافه على شذروان الكعبة وفي الحجر وعلى جدار الحجر كما لم يطف.
قال الشافعي:
أما الشذروان: فأحسبه مبنيا على أساس الكعبة ثم مقتصر بالبنيان عن استيظافة.
وأما الحجر: فإن قريشا حين بنت الكعبة استقصرت عن قواعد إبراهيم فتركت في الحجر أذرعا من البيت فهدمه ابن الزبير وابتناه على قواعد إبراهيم فهدم الحجاج زيادة ابن الزبير التي استوظف بها القواعد.
فهم بعض الولاة بإعادته فكره ذلك بعض من أشار إليه وقال:
أخاف أن لا يأتي وال إلا أحب أن يرى [له] في البيت أثر ينسب إليه والبيت أجل من أن يطمع فيه وقد أقره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم خلفاؤه من بعده.
((607 - باب كمال عدد الطواف))
2968 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك، وعبد العزيز عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر.
قال الشافعي:
وأخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
74

أنه كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف بالبيت ومشى أربعة ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة.
رواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر عن أنس بن عياض.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن موسى.
وروي عن علي بن أبي طالب فمن شك في طوافه فإنه يبني على اليقين.
وبه قال عطاء والشافعي:
واحتج الشافعي في ذلك بسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الذي شك ثلاثا صلى أو أربعا أن يصلي / ركعة [فكان في ذلك إلغاء الشك] ويبني على اليقين فكذلك إذا شك في شيء من الطواف.
2969 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه كان يكره أن يقول شوط دور للطواف ولكن ليقل طواف طوافين.
قال الشافعي:
أكره [من ذلك] ما كره مجاهد لأن الله تعالى قال:
* (وليطوفوا بالبيت العتيق) *.
[فسمي طوافا لأن الله تعالى سمى جماعه طوافا].
75

((608 - [باب]
ركعتي الطواف))
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل وعبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما فرغ من الطواف بالبيت قال:
* (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) *.
فصلى خلف المقام ركعتين.
2970 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد.
فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال:
لا أدري كيف قرأ: (واتخذوا).
وزاد قال: جعفر أبي يقول قرأ فيهما بالتوحيد:
* (قل يا أيها الكافرون) *.
و * (قل هو الله أحد) *.
قال أحمد:
وقد روينا في الحديث الصحيح عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
حين أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ:
* (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) *.
76

فجعل المقام بينه وبين البيت.
فكان أبي يقول ولا أعلم ذكر إلا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ في الركعتين:
* (قل هو الله أحد) *.
و * (قل يا أيها الكافرون) *.
ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن.
2971 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا جعفر بن محمد فذكره.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
2972 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
/ وقد ذهب بعض القراء إلى أن الصلاة المكتوبة تجزي عنه.
وأحب إلي [أن] يركع ركعتي الطواف حيثما ذكرهما حيث كان.
وروي في القديم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى [بن] قمطة عن سالم بن عبد الله وغيره أنه قال: الفريضة تجزي عن ركعتي الطواف.
وحكاه ابن المنذر عن عطاء وجابر بن زيد والحسن البصري وسعيد بن جبير.
وقال الزهري: لا تجزيه.
قال أحمد:
(........) ركعتي الطواف وذكر في (........).
واحتج بحدث يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن
77

استلم الحجر بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين.
2973 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا يزيد فذكره.
قال ولو كانتا نافلة لأشبه أن يصليهما على الراحلة وقد صلاهما بالأرض.
وقال في غير هذا الحديث.
' خذوا عني مناسككم '.
قال أحمد:
وفي حديث يزيد بن أبي زياد لفظة لم يوافق عليها وهي قوله: وهو يشتكي.
وقد بين ابن عباس في رواية غيره وجابر وعائشة معنى طوافه على الراحلة.
وذلك مذكور في موضعه.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف مع عمر بن الخطاب بالكعبة فلما قضى طوافه نظر فلم ير الشمس فركب حتى أناخ بذي طوى فسبح ركعتين.
2974 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي:
وقد بلغنا عن عمر أنه حج من قابل فصلى.
قال أحمد:
وقد روينا عن أبي ذر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
78

' لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة '.
/ قال الشافعي:
_ يعني والله أعلم _ من طاف.
2975 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي ببيت المقدس حدثنا ابن مقلاص حدثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن ميسور بن سعد
عن مجاهد عن أبي ذر:
أنه قام فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم قال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
فذكر هذا الحديث.
((609 - باب الخروج إلى الصفا والمروة))
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا قال ' نبدأ بما بدأ الله
به '.
79

فبدأ بالصفا.
قال: وأخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول:
' لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير '.
يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
قال: وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع أنه سمع ابن عمر وهو على الصفا يدعو ويقول:
اللهم إنك قلت: * (ادعوني أستجب لكم) *.
وإنك لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني عليه وأنا مسلم.
2976 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكر هذه الأحاديث الثلاثة.
2977 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أحب أن يخرج إلى الصفا من باب الصفا ويظهر فوقه في موضع يرى منه البيت ثم يستقبل البيت فيكبر فيقول:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد والله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما هدانا وأولانا [و] لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ولا إله إلا الله صدق وعده ونصر عبده وهزم
80

الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
ثم يدعو ويلبي ثم يعود فيقول مثل هذا القول حتى يقوله ثلاثا ويدعو فيما بين كل تكبيرتين بما بدا له في دين أو دنيا.
قال أحمد:
وقد روينا بعض هذه الألفاظ في حديث جابر بن إسماعيل.
قال الشافعي:
ثم يهبط عن الصفا فإذا كان دون الميل الأخضر الذي في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع عدا حتى يحاذي الميلين المقابلين بفناء المسجد ودار العباس بن عبد المطلب ثم يظهر على المروة جهده حتى يبدو له البيت إن بدا له ثم يصنع عليها مثل ما صنع على الصفا حتى يكمل الطواف بينهما سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا نزل من الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه.
2978 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا أبن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي في القديم:
وبلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صعد على الصفا حتى بدا له البيت.
قال أحمد:
قد روينا هذا في حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي:
وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
81

أنه كان إذا طاف بين الصفا والمروة بدأ بالصفا فرقي عليه حتى يبدو له البيت.
2979 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي:
وإن لم يظهر عليهما ولم يكبر ولم يدعو ولم يسع في المسعى فقد ترك فضلا ولا إعادة عليه ولا فدية.
2980 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال أخبرني من رأى عثمان بن عفان يقوم في حوض في أسفل الصفا ولا يظهر عليه.
((610 - باب السعي بين الصفا والمروة واجب لا يجزي غيره))
2981 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل العائذي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني ابنت أبي تجرأة إحدى نساء بني عبد الدار قالت:
دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين تنظر إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي حتى [إني] لأقول إني لأرى ركبتيه وسمعته يقول:
' اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي '.
82

قال أحمد:
ورواه ابن المبارك عن معروف بن مشكان عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية عن نسوة من بني عبد الدار اللائي أدركن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فذكره.
قال الشافعي رحمه الله في القديم.
وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الرجل يقع على امرأته قبل أن يطوف بين الصفا والمروة فقال:
لا يقرب امرأته حتى يطوف بين الصفا والمروة.
2982 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال:
سألنا ابن عمر عن الرجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟
فقال:
قدم النبي [صلى الله عليه وسلم] فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا وقال:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) *.
قال عمرو: وسألنا جابرا فقال:
لا يقربها حتى يطوف بين الصفا والمروة.
83

رواه البخاري عن الحميدي عن سفيان.
وأما قوله عز وجل:
* (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) *.
فقد روى الزهري قال: قال عروة بن الزبير: سألت عائشة فقلت لها:
أرأيت قول الله: فذكر هذه الآية ثم قال:
والله / ما أجد على أحد جناحا أن لا يطوف بين الصفا والمروة.
قالت عائشة:
بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه الآية لو كانت على ما أولتها عليه كانت:
لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل فكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة فلما أسلموا سألوا النبي [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك فقالوا:
يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله عز وجل:
* (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * إلى آخر الآية.
قالت عائشة:
ثم قد بين النبي [صلى الله عليه وسلم] الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بهما.
2983 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد المزني أخبرنا علي بن محمد بن عيسى حدثنا أبو اليمان قال أخبرني سعيد عن الزهري فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وبمعناه رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
84

ورواه أبو معاوية عن هشام بن عروة وقال في الحديث قالت:
كانت الأنصار يهلون في الجاهلية لصنم على شاطئ البحر ثم يحلون فيطوفون بين الصفا والمروة فيحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون بينهما في الجاهلية فأنزل الله هذه الآية فعاد الناس فطافوا.
وروينا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنها أنزلت في الفريقين كلاهما.
وبمعنى ما رواه أبو معاوية عن هشام رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهو أنه كان على الصفا صنم يقال له: إساف وعلى المروة صنم يقال له: نائلة. وكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوهما فلما أسلم المسلمون كرهوا الطواف بينهما لمكان الصنمين لما كانوا يصنعون بينهما في الجاهلية فأنزل الله عز وجل:
* (إن الصفا والمروة من شعائر الله) *.
2984 - أخبرناه أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون أخبرنا حمد بن محمد بن نصر حدثنا يوسف بن بلال حدثنا محمد / بن مروان عن الكلبي. فذكره.
قال: وحدثنا محمد بن مروان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس:
أنه كان يقرأ هذه الآية:
إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت إن اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما.
فنسختها هذه الآية.
* (ومن يرغب من ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) *.
فلما نزلت * (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) *.
85

يعني: دين إبراهيم إلا من سفه نفسه طافوا بين الصفا والمروة.
هما من أمر المناسك فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه _ يعني _ لا حرج عليه أن يطوف بهما _ يعني _ بينهما الفريضة ثم قال:
ومن تطوع خيرا فزاد في الطواف حول البيت بعد الواجب فإن الله شاكر يقبله منهم عليم بما نووا.
هذه القراءة الشاذة قد رواها غيره عن عبد الملك.
وهذه الزيادة التي رواها محمد بن مروان عن عبد الملك إن صحت تدل على أن الأمر فيه صار إلى الوجوب وإنما يعتقد كونه فريضة والاعتماد على ما ذكرنا من الروايتين فيه عن عائشة.
وروى السدي عن أبي مالك عن ابن عباس بقريب من معنى رواية الكلبي.
((611 - [باب]
الطواف راكبا))
2985 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] طاف بالبيت على راحلته واستلم الركن بمحجنه.
وفي رواية أبي سعيد:
يستلم الركن بمحجنه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب وفيه من الزيادة قال: طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن.
2986 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
86

الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثله.
قال أحمد:
وروينا عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس ورواه / يزيد بن أبي زياد وليس بالقوي عن عكرمة عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قدم بمكة وهو يشتكي فطاف بالبيت على راحلته.
وروينا عن أبي الطفيل عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كثر عليه الناس يقولون هذا محمد حتى خرجت العواتق من البيوت وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يضرب الناس بين يديه فلما كثر عليه ركب _ يعني في الطواف _ بين الصفا والمروة.
قال والمشي والسعي أفضل.
وفي رواية أخرى فطاف _ يعني _ بين الصفا والمروة على بعيره ليسمعوا كلامه ويروا مكانه ولا تناله أيديهم.
وروينا عن عائشة أنها قالت:
طاف النبي [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره كراهية أن يضرب عنه الناس.
وبمعناه قاله جابر بن عبد الله.
2987 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمعه يقول:
طاف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة
87

ليراه الناس وليشرف لهم أن الناس عشوه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
وأخرج أيضا حديث أبي الطفيل عن ابن عباس.
الرواية الأولى وحديث عائشة وفي كل ذلك دلالة على ضعف ما رواه يزيد بن أبي زياد.
قال الشافعي رحمه الله:
وقال سعيد بن جبير طاف من شكوى ولا ندري عن من قبله.
وقول جابر أولى أن يقبل من قوله لأنه لم يدركه.
2988 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] طاف بالبيت وبالصفا والمروة راكبا.
فقلت: ولم؟
قال: لا أدري. قال: ثم نزل فصلى ركعتين.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
أما سعيه الذي طاف لمقدمه فعلى قدميه / لأن جابرا المحكي عنه فيه أنه رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة فلا يجوز أن يكون جابر يحكي عنه الطواف ماشيا وراكبا في سبع واحد وقد حفظ أن سعيه الذي ركب فيه في طوافه يوم النحر. وذكر
الحديث الذي:
2989 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر أصحابه أن يهجروا بالإفاضة وأفاض في نسائه ليلا على
88

راحلته فاستلم الركن بمحجنه أحسبه قال: ويقبل طرف المحجن.
قال أحمد:
والذي روي عنه أنه طاف بين الصفا والمروة راكبا فإنما أراد والله أعلم في سعيه بعد طواف القدوم فأما بعد طواف الإفاضة فلم يحفظ عنه أنه طاف بينهما.
والذي يدل عليه ما تقدم من الآثار أنه طاف طواف القدوم ماشيا وسعى بين الصفا والمروة في بعض أعواده ماشيا فلما كثر عليه الناس ركب في باقيه ثم طاف طواف الإفاضة طافه بالبيت راكبا. والله أعلم.
2990 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الأحوص بن حكيم قال:
رأيت أنس بن مالك يطوف بين الصفا والمروة [راكبا] على حمار.
2991 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] قالت: شكوت إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أني أشتكي فقال:
' طوفي من وراء الناس وأنت راكبة '.
قالت: فطفت ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ * (والطور وكتاب مسطور) *.
89

أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وقال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة أن عروة بن الزبير كان إذا رآهم يطوفون على الدواب وهو يطوف ونحن معه ينهاهم أشد النهي / فيعتلون به بالمرض حياء منه فيقول لنا فيما بيننا وبينه: لقد خاب هؤلاء وخسروا.
2992 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا محمد بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك. فذكره.
قال الشافعي:
يعني تركوا موضع الفضل ولو كان لا يجزئهم لقال لهم: لا يجزيكم.
وقد طاف أم سلمة وأنس بن مالك وغيرهما ركبانا.
((612 [باب]
ما يفعل المرء بعد الصفا والمروة))
قال الشافعي في مبسوط كلامه:
فإن كان معتمرا وكان معه هدي نحر وحلق أو قصر والحلق أفضل وقد فرغ من العمرة.
2993 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' اللهم ارحم المحلقين '.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله. قال:
' اللهم ارحم المحلقين '.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله. قال:
' والمقصرين '.
90

2994 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن نصر العدل ببغداد حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد - يعني بن غالب - حدثنا محمد بن إدريس الشافعي بهذا الحديث.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2995 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي حسين عن أبي علي الأزدي قال:
سمعت ابن عمر يقول للحالق: يا غلام أبلغ العظم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهو هذا العظم الذي عند منقطع الصدغين.
قال الشافعي:
وإذا قصر أخذ من جانبه الأيمن قبل جانبه الأيسر.
2996 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: أخبرني حجام أنه قصر ابن عباس فقال: ابدأ بالشق الأيمن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهكذا يحب إذا حلق لأنه نسك اقتداء بالنبي [صلى الله عليه وسلم] كان يحب التيامن في أمره كله.
قال أحمد:
وقد روينا في حديث أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال يوم النحر للحلاق:
' خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر '.
91

2997 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع: أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.
وهذا أورده على طريق الإلزام فيما خالف فيه أصحاب مالك بن عمر.
ورواه ابن جريج عن نافع وزاد فيه: وأظفاره.
واستحب الشافعي لمن لم يكن على رأسه شعر أن يأخذ من شعر لحيته وشاربيه ليضع من شعره شيئا لله وليس ذلك بلازم لأن النسك إنما هو في الرأس لا في الوجه.
قال الله تعالى:
* (محلقين رءوسكم ومقصرين) *.
قال أحمد:
ورويناه عن عطاء واحتج بما احتج به الشافعي في الآية.
وروينا عن ابن عمر في الأصلع يمر الموسى على رأسه.
ولا يصح مرفوعا البتة.
وروينا عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير '.
92

((316 - [باب]
لا يقطع المحرم التلبية حتى يفتتح الطواف))
2998 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في المعتمر يلبي حتى يستلم الركن.
2999 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال:
يلبي المعتمر حتى يفتتح الطواف مستلما أو غير مستلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وروى ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لبى في عمره حتى استلم الركن.
ولكنا هبنا روايته لأنا وجدنا حفاظ المكيين يقفونه على ابن عباس.
قال أحمد:
قد رواه زهير وهشيم وغيرهما عن ابن أبي ليلى مرفوعا.
ورفعه خطأ وكان ابن أبي ليلى كثير الوهم وخاصة إذا روى عن عطاء فيخطئ كثيرا / ولأجل ذلك ضعفوه في الرواية مع كبر محله في الفقه.
3000 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر '.
93

قال أبو داود: رواه عبد الملك بن أبي سليمان وغيره عن عطاء عن ابن عباس موقوفا.
3001 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله:
أنه لبى على الصفا في عمرة بعدما طاف بالبيت.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا ولا أحد من الناس علمناه إنما اختلف الناس عندنا فمنهم من يقول:
تقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
وهو قول ابن عمر:
ومنهم من يقول:
إذا استلم الركن.
وهو قول ابن عباس.
وبهذا نقول ويقولون هم أيضا.
وأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد.
أورده إلزاما للعراقيين فيما خالفوا فيه عبد الله بن مسعود.
94

الجزء الثالث والعشرون
((614 - [باب]
يقيم القارن والمفرد على إحرامهما من الحج وكم يكفي القارن من الطواف))
3002 - أخبرنا أبو إسحاق حدثنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت:
خرجنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا '.
قالت: فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة '.
قالت: ففعلت فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت.
قال:
' هذه مكان عمرتك '.
قالت: فطاف الذين أهلوا / بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم
95

طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجتهم.
وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
ولفظ الذين أهلوا بالحج سقط من بعض الروايات عن مالك فقالوا:
وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة.
وقد حفظهما جميعا الشافعي ويحيى بن عبد الله بن بكير وغيرهما عن مالك.
والمراد بهذا الطواف والسعي بين الصفا والمروة وذلك بين في رواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال:
لم يطف النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول.
3003 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وزعم بعض من يدعي تصحيح الأخبار على مذهبه أنها أرادت بهذا الجمع جمع متعة لا جمع قران.
قالت: فإنما طافوا طوافا واحدا - أي في حجتهم - لأن حجتهم كانت مكية والحجة المكية لا يطاف بها قبل عرفة.
وكيف استجاذ لدينه أن يقول مثل هذا وفي حديثها أنها أفردت من جمع بينهما جمع متعة أولا بالذكر فذكرت كيف طافوا في عمرتهم ثم كيف طافوا في حجتهم ثم لم يبق إلا المفردون والقارنون فجمعت بينهم في الذكر وأخبرت أنهم إنما طافوا طوافا
96

واحدا وإنما أرادت بين الصفا والمروة بما ذكرنا من الدلالة مع كونه معقولا.
ولو اقتصرت على اللفظة الأخيرة لم يجز حملها أيضا على ما ذكر لأنها تقتضي اقتصارا على طواف واحد لكل ما حصل به الجمع والجمع إنما حصل بالعمرة والحج جميعا فيقتضي اقتصارا على طواف واحد لهما جميعا لا لأحدهما والمتمتع لا يقتصر على طواف واحد بالإجماع.
دل أنها أرادت بهذا الجمع جمع قران.
وهذا أبين في هذا الخبر من أن يمكن تلبيسه بمثل هذا الكلام.
والله المستعان.
3004 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا / أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لعائشة:
' طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك '.
3005 - وهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
وربما قال سفيان عن عطاء عن عائشة.
وربما قال أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لعائشة.
قال أحمد:
وقد رواه إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة أنها حاضت بسرف وطهرت بعرفة فقال لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك '.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
3006 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الفاكهي حدثنا أبو
97

يحيى بن أبي مسرة حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا إبراهيم بن نافع. فذكره غير أنه قال:
' يجزيك طواف واحد بين الصفا والمروة لحجك وعمرتك '.
قال الشافعي في القديم:
فهذا يدل على أنه يكفي طواف واحد عن الحج والعمرة وقال: على أن عائشة لم تخرج عن عمرتها وإنما أدخلت عليها الحج فصارت قارنة.
قال أحمد:
وهذا الذي ذكره الشافعي بين في رواية أبي الزبير عن جابر.
3007 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال:
أقبلنا مهلين مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالحج مفردا وأقبلت عائشة مهلة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت حتى إذا قدمنا طفنا الكعبة وبالصفا والمروة.
فأمرنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يحل منا من لم يكن معه هدي.
فقلنا: حل ماذا؟ قال: الحل كله.
فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية.
ثم دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على عائشة فوجدها تبكي فقال:
' وما شأنك '
فقالت: شأني أني قد حضت وقد حل.
/ الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن. فقال:
' إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج '.
ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة ثم قال:
' قد حللت من حجك وعمرتك جميعا '.
فقالت: يا رسول الله:
98

إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين حججت فقال:
' إذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم '.
وذلك ليلة الحصبة.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد.
ورواه مطر عن أبي الزبير وفيه من الزيادة:
وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها [عليه].
3008 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
فإن ذهب ذاهب إلى أن عائشة اعتمرت من التنعيم بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] فلو كانت عمرتها فائتة كان عليها أن تقضيها من حيث أهلت بها من ذي الحليفة لا من التنعيم ولكنها قالت للنبي [صلى الله عليه وسلم] حين قال لها:
' طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك '.
إني أجد في نفسي أني لم أطف قبل عرفة وطاف نساؤك وأكثرت الترديد عليه فأمر عبد الرحمن أخاها أن يعمرها من التنعيم.
ذكر هذا مسلم عن ابن جريج عن عطاء وطاوس أنهما حكياه على معنى ما ذكرت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعائشة رضي الله عنها.
قال أحمد:
وقد رواه عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة موصولا أنها أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها وقد أهلت الحج
99

فقال لها النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم النحر:
' يسعك طوافك لحجك وعمرتك ' فأبت فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج.
3009 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن غالب حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهب حدثنا ابن طاوس فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وأما الحديث الذي:
3010 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا / أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] قالت: أهللت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع فكنت ممن تمتع بالعمرة ولم أسق الهدي فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت عرفة قالت: فقلت يا رسول الله هذا يوم عرفة ولم أطهر بعد وإنما كنت تمتعت بالعمرة فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج وامسكي - أو اسكتي - عن عمرتك '.
ففعلت فلما قضينا الحج ونفر الناس أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرني من التنعيم.
فكانت عمرتي التي سكت عنها.
فقد قال الشافعي في القديم:
100

قول النبي [صلى الله عليه وسلم] لها:
' أهلي بالحج واسكتي عن عمرتك '.
لا تعملي لها. والله أعلم.
ولو قال: أتركيها كان معناه عندنا - والله أعلم - اتركي العمل لها.
قال أحمد:
وهذا بما ذكرنا من الدلائل التي توجب حمل هذه اللفظة على ما حملها عليه الشافعي حتى يستقيم ما روي عنها في ذلك ولا يتضاد.
وبالله التوفيق.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر:
أنه قرن فطاف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه ورأى أن ذلك يجزي عنه.
3011 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
3012 - (ح) قال وحدثنا أبو عبد الله الشيباني حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع:
أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمرا وقال:
إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فخرج فأهل بعمرة وسار حتى إذا ظهر على البيداء التفت إلى أصحابه فقال:
ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا / وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه ورأى أنه يجزي عنه وأهدى.
لفظ حديث يحيى بين يحيى رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
101

وأخرجه مسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع وفيه من الزيادة قال:
وكان يقول:
من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد ولم يحل حتى يحل منهما جميعا.
وهذا من قول ابن عمر صحيح ثابت.
ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر هذه الزيادة.
وفيما ذكرنا عن هذه الرواية كفاية.
3013 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا يحيى بن صاعد والحسين بن إسماعيل قالا: حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحرم بالحج والعمرة أجزاه طواف وسعي واحد ولا يحل من واحد منهما حتى يحل منهما جميعا '.
واحتج أصحابنا بما روينا من حديث جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة '.
وقالوا معناه دخلت في أجزاء الحج فاتحدتا في العمل كما اتحدتا في الإحرام.
قال الشافعي في القديم:
102

أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال في القارن.
يطوف طوافين ويسعى سعيا.
قال الشافعي:
وهذا على معنى قولنا - يعني يطوف حين يقدم بالبيت وبالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت للزيارة.
قال وقال بعض الناس في القارن:
عليه طوافان وسعيان.
واحتج فيه برواية ضعيفة عن علي وجعفر يروي عن علي قولنا.
قال أحمد:
أصح ما روي عن علي في الطوافين حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث ذكره:
ثم يحرم بهما جميعا ويطوف لهما طوافين.
هكذا رواه سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث.
وكذلك رواه الثوري وشعبة وبعضهم قال:
عن منصور عن / مالك بن الحارث وزاد فيه غيرهم السعي.
ويشبه أن يكون ذكر السعي فيه غير محفوظ.
وأن يكون معناه ما قال الشافعي في رواية جعفر والله أعلم.
ورواه عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه عن علي قال:
القارن يطوف طوافين.
قال البخاري: ولا يصح.
وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت عن علي خلاف قول ابن عمر.
إنما رواه مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي.
103

وأبو نصر رجل مجهول مع أنه لو كان ثابتا كان قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أولى.
قال أحمد:
وأما الخطبة يوم السابع من ذي الحجة فقد روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في وجه.
ورويناه عن أبي بكر الصديق في الحجة التي أمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عليها.
((615 - [باب]
الخروج إلى منى يوم التروية ثم الغدو منها ليوم عرفة))
3014 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
3015 - (ح) وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع:
أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو من منى إذا طلعت الشمس إلى عرفة.
لفظ حديث ابن بكير.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
راح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم التروية بعد الزوال فأتى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم غدا إلى عرفة فقائل يقول: حين طلعت الشمس على ثبير. وقائل يقول: حين أسفر.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
ثم حل الناس كلهم وقصروا إلا النبي [صلى الله عليه وسلم] ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية ووجهوا إلى منى أهلوا بالحج ركب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى بمنى الظهر والعصر
104

والمغرب والعشاء والصبح / ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3016 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل فذكره.
3017 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني من رأى ابن عباس يأتي عرفة بسحر.
((616 - [باب]
التلبية يوم عرفة))
3018 - أخبرنا بو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قال: كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3019 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن ابن عمر قال:
كل ذلك قد رأيت الناس يفعلونه وأما نحن فنكبر.
3020 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقطع
105

التلبية في الحج.
انقطع الحديث من الأصل وتمامه:
كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا ترك التلبية وكان يترك التلبية في العمرة إذا انتهى إلى الحرم.
3021 - وقد أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
وقد رغب الشافعي عن قوله في العمرة بما روي فيه عن ابن عباس وغيره.
ورغب عن قوله في الحج مما مضى من حديث أنس بن مالك.
3022 - وبما أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس / أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس قال أخبرني الفضل بن العباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة.
أخرجاه في الصحيح.
قال الشافعي:
وروى ابن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
3023 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى حدثنا محمد بن أيوب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن حصين عن [كثير] بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله:
ونحن بجمع سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام:
' لبيك اللهم لبيك '
106

رواه مسلم في الصحيح عن ابن بكر بن أبي شيبة.
وروينا عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود في قصة طويلة:
إنه لم يقطع التلبية حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر.
3024 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
ويلبي الإمام على المنبر يوم عرفة.
حدثنا سفيان بن عيينة عن سعد بن إبراهيم قال أخبرني ذلك الشيخ الذي كان يكثر الحج - يعني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد - عن أبيه أنه صعد إلى ابن الزبير وهو على المنبر بعرفة فقال: ما يمنعك أن تلبي فإن عمر رضي الله عنه كان يلبي على المنبر فلبي ابن الزبير.
((617 - [باب]
خطبة يوم عرفة والجمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين))
3025 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله في حجة الإسلام [قال]: فراح النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم أخذ النبي [صلى الله عليه وسلم] في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان / ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.
قال أحمد:
هذا التفصيل في ابتدأ بلال بالأذان وأخذ النبي [صلى الله عليه وسلم] في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان.
107

مما تفرد به ابن أبي يحيى ومعناه موجود في الحديث الثابت عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر فإنه ذكر في حديثه ركوب النبي [صلى الله عليه وسلم] بعد ما زاغت الشمس وخطبته.
قال: ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا.
3026 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن ابن جريج:
أن ابن هشام جهر بالقراءة بعرفة فسبح به سالم بن عبد الله فسكت.
3027 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الحسن بن مسلم بن يناق قال:
وافق يوم الجمعة يوم التروية في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فوقف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بفناء الكعبة فأمر الناس أن يروحوا إلى منى وراح فصلى بمنى الظهر.
قال أحمد:
هذا منقطع وحديث عمر بن الخطاب أن يوم الجمعة وافق يوم عرفة والنبي [صلى الله عليه وسلم] بعرفات حديث موصول ثابت فهو أولى من هذا.
وفي جامع الثوري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال:
كان ابن عمر يجمع بينهما إذا فاته مع الإمام الظهر والعصر يوم عرفة.
وعن ابن جريج عن عطاء قال:
إن فاته مع الإمام إن شاء جمع بينهما وإن شاء فرق.
وحكاه أبو ثور عن الشافعي.
((618 - [باب]
الوقوف بعرفات))
3028 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه
108

أخبرنا محمد بن سفيان حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله:
* (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *
قال كانت قريش قبائل وقبائل / معها لا يقفون في عرفات وكانوا يقولون نحن الحمس لم نسب قط ولا دخل علينا في الجاهلية وليس نفارق الحرم وكان سائر الناس يقفون بعرفات فأمرهم الله أن يقفوا مع الناس بعرفة.
قال أحمد:
وقد روينا معنى بعض هذا عن عائشة.
3029 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال:
ذهبت أطلب بعيرا لي يوم عرفة فخرجت فإذا النبي [صلى الله عليه وسلم] واقف بعرفة مع الناس فقلت: إن هذا من الحمس فما له خرج من الحرم - يعني بالحمس قريشا - وكانت قريش تقف بالمزدلفة وتقول نحن الحمس لا نجاوز الحرم.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان مختصرا.
3030 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن عبد الله بن صفوان عن خال له - إن شاء الله - يقال له يزيد بن شيبان قال: كنا في موقف لنا بعرفة.
قال سفيان: يباعده عمرو من موقف الإمام جدا فأتانا أبي مربع الأنصاري فقال لنا: إني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم هذه فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام.
109

قال أحمد:
وفيه دلالة على أن كل عرفة موقف.
وفي الحديث الثابت عن جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' وقفت ها هنا [بعرفة] وعرفة كلها موقف '.
وفي رواية غيره:
' وارتفعوا عن عرفة '.
3031 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ناقته فأحب لمن كان راكبا أن يقف راكبا ولمن كان بالأرض أن يقف على الأرض قائما.
ويروح إلى الموقف عند موقف الإمام عند الصخرات ثم يستقبل القبلة فيدعو حتى الليل ويصنع ذلك / الناس وحيثما وقف الناس من عرفة أجزأهم لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' هذا الموقف وكل عرفة موقف '.
قال: وترك صوم يوم عرفة للحاج أحب إلي من صومه لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ترك صوم يوم عرفة والخير في كل ما صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال في سنن حرملة:
ولأن المفطر أقوى على الدعاء من الصائم وأفضل الدعاء يوم عرفة.
قال أحمد:
قد روى طلحة بن عبيد الله بن كريز عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا:
110

' أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له '.
3032 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن شعبة عن عمرو بن مرة عن زاذان قال:
سأل رجل عليا عن الغسل فقال:
اغتسل كل يوم إن شئت. فقال: لا الغسل الذي هو الغسل.
قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر.
((619 - باب الدفع من عرفة بعد مغيب الشمس))
3033 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
أفاض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
3034 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه:
أنه سأل أسامة بن زيد. كذا قال والصواب:
أنه سئل أسامة وأنا جالس معه: كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسير في حجة الوداع
حين دفع؟
قال: كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص.
111

قال مالك قال هشام عروة والنص فوق العنق.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وأخرجه / مسلم من وجه آخر عن هشام.
3035 - وبإسناده حدثنا الشافعي عن سفيان عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال: سئل أسامة بن زيد وأنا جالس معه إلى جنبه وكان رديف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من عرفة حتى أتى الموقف: كيف كان يسير رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قال: كان يسير العنق فإذا وجد فرجة نص قال هشام: والنص فوق العنق.
3036 - وبإسناده أخبرنا الشافعي عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول:
دفع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ فلم يصبغ وضوءه فقلت له الصلاة. فقال:
' الصلاة أمامك ' فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأصبغ وضوءه ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري عن عبد الله بن يزيد الخطمي:
أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أنه صلى مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع
112

المغرب والعشاء جميعا يعني بالمزدلفة.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يحيى.
3037 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ويصلي بالمزدلفة بإقامتين وقال جمع النبي [صلى الله عليه وسلم] بين المغرب والعشاء لم يناد لواحد منهما إلا بإقامة.
قال أحمد:
وقد مضت الرواية فيه في كتاب الصلاة وفي حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ولم يصل بينهما شيئا.
3038 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان / عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود تنقل بين المغرب والعشاء بجمع.
قال: وقال الشافعي فيما بلغه عن الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على إثر واحدة منهما.
قال الشافعي:
وبهذا نقول.
((620 - باب الخروج من المزدلفة بعد نصف الليل))
3039 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
113

الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان أنه سمع عبد الله بن أبي يزيد يقول سمعت ابن عباس يقول:
كنت فيمن قدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من ضعفة أهله من المزدلفة إلى منى.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
ورواه عطاء عن ابن عباس قال:
بعث بي من جمع بسحر مع ثقله.
3040 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي عن داود بن عبد الرحمن العطار وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
دار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى أم سلمة يوم النحر فأمرها أن تعجل للإفاضة من جمع حتى تأتي مكة فتصلي بها الصبح وكان يومها فأحب أن توافقه.
وفي رواية أبي سعيد: فأحب أن توافيه.
وقال في روايته أيضا أملى علينا الشافعي.
3041 - وبهذا الإسناد عن جماعتهم غير أبي عبد الله قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من أثق به من المشرقيين عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثله.
3042 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن شوال عن أم حبيبة قالت:
كنا نغلس من جمع إلى منى على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
أخرجه / مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
114

ورواه عطاء عن ابن شوال عن أم حبيبة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر بعض أزواجه أن تنفر من جمع بليل.
وروينا عن عائشة قالت:
استأذنت سودة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة المزدلفة أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة فأذن لها.
((621 - [باب]
أخذ حصى الجمرة يوم النحر))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقدر الحصى الذي ترمي الجمار مثل حصى الخذف وهو أصغر من الأنامل.
3043 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر أنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] رمى الجمار مثل حصى الخذف.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
3044 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن حميد بن قيس عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن رجل من قومه من بني تميم يقال له: معاذ أو ابن معاذ:
رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] ينزل الناس بمنى منازلهم وهو يقول:
' ارموا بمثل حصى الخذف '.
115

قال أحمد:
رواه عبد الوارث عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي.
وروينا عن الفضل بن عباس قال قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
غداة يوم النحر.
' هات القط لي حصى '. فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف فوضعهن في يده فقال:
' بأمثال هؤلاء بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو '.
قال الشافعي في سنن حرملة:
أخبرنا أنس بن عياض عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي الزبير عن جابر:
كأني أنظر إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غداة جمع وهو كاف ناقته وهو يقول:
' أيها الناس عليكم بالسكينة '.
فلما جاء محسر قال:
' عليكم بحصى الخذف '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ومن حيث أخذه أجزأه / إلا أني أكرهه [من ثلاث مواضع].
من المسجد لئلا يخرج حصى مسجد منه.
وأكرهه من الحش لنجاسته [ومن كل موضع نجس].
116

وأكرهه من الجمرة لأنه حصى غير متقبل وأنه قد رمى به مرة.
قال أحمد:
قد روينا عن ابن عباس أنه قال:
وكل به ملك ما يقبل منه رفع وما لم يقبل منه ترك.
وعن أبي سعيد الخدري: ما تقبل منه رفع.
((622 - باب الاختيار في الدفع من المزدلفة))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأحب أن يقيم حتى يصلي الصبح في أول وقتها ثم يقف على قزح.
وقال في موضع آخر:
بالمزدلفة حتى يسفر ثم يدفع قبل أن تطلع الشمس كذلك دفع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
قد رويناه في حديث جابر بن عبد الله.
3045 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال:
خطب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس حين تكون كأنها عمائم الرجال في وجوههم وإنا لا ندفع من عرفة حتى تغرب الشمس وتدفع من
117

المزدلفة قبل أن تطلع الشمس هدينا مخالف لهدى أهل الأوثان والشرك '.
3046 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه قال:
كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل [أن] تغيب الشمس ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرف ثبير كيما نغير فأخر الله هذه وقدم هذه.
وقال في موضع آخر في روايتهم:
أشرق ثبير وزاد _ يعني _ قدم المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وآخر عرفة إلى أن تغيب الشمس.
3047 - وبإسنادهم أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر.
3048 - (ح) وبهذا الإسناد عن جماعتهم أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع / عن ابن الحويرث وفي موضع آخر عن جويبر بن حريث قال: رأيت أبا بكر الصديق واقفا على قزح وهو يقول: أيها الناس أصبحوا أيها الناس [أصبحوا].
وقال في موضع: أيها الناس انفروا.
ثم دفع فكأني أنظر إلى فخذه مما يحرش بعيره بمحجنه.
وفي رواية أبي سعيد:
الحرش: نخس البعير.
هكذا جمع بين هذين الإسنادين في مختصر الكبير وذلك يوهم أن يكون جابر روى عن أبي بكر مثل ما روى ابن الحويرث.
118

وعندي أنه ذكر إسناد حديث حاتم ولعله شك في شيء من متن حديثه فتركه وصار إلى حديث أبي بكر.
ولجابر رواية في قصة دفع النبي [صلى الله عليه وسلم] من المزدلفة حين أسفر جدا قبل أن تطلع الشمس.
فيشبه أن يكون حديث أبي الزبير في معناه أو أراد حديث أبي الزبير عن جابر في إفاضة النبي [صلى الله عليه وسلم] وعليه السكينة وأمره بها وأن يرموا الجمار بمثل حصى الخذف وإيضاعه في وادي محسر. والله أعلم.
وقد روى الشافعي بهذا الإسناد عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رمى الجمار بمثل حصى الخذف مختصرا.
فكأنه لم يذكر متنه بتمامه حين أراد ذكره مع أثر أبي بكر وغيره فتركه حتى يرجع إلى كتابه فضم الراوي إسناده إلى إسناد حديث أبي بكر وهو غلط. والله أعلم.
والذي رواه ابن مخرمة وطاوس في الإفاضة من المزدلفة قد رواه عمر بن الخطاب بمعناه في إسناد صحيح عنه.
((623 - [باب]
الإيضاع في وادي محسر))
3049 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وأحب أن يحرك في بطن [محسر] قدر رمية بحجر.
3050 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة ابن أبي يحيى أو سفيان أو هما عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن عمر كان يحرك في محسر ويقول:
* إليك تعدو قلقا وضينها
* مخالفا دين النصارى دينها
*
119

/ قال الشافعي في رواية أبي سعيد.
وروي عن عائشة أنها كانت تأمر فيضرب بها في بطن محسر.
وروي ذلك عن حسين بن علي.
قال أحمد:
قد روينا في حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: حتى إذا أتى محسر حرك قليلا.
وروينا في حديث أبي الزبير عن جابر.
وفي حديث عبيد الله بن أبي رافع عن علي كلاهما عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وحديث عمر رواه مسلمة بن قعنب عن هشام عن أبيه عن المسور بن مخرمة عن عمر.
ورويناه عن ابن عمر وعائشة وابن مسعود وحسين بن علي رضي الله عنهم.
وأما الذي:
3051 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه قال:
دفع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من مزدلفة فلم ترفع ناقته يدها واضعه حتى رمى الجمرة.
هكذا قال طاوس وكان ينكر الإيضاع.
وكذا روي عن ابن عباس وعن الفضل بن عباس وعن عطاء.
وبذلك قال الشافعي في الإملاء:
120

ولا أكره للرجل أن يحرك راحلته في بطن محسر.
ولم يقل وأستحب.
ولعله بلغه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ما روينا عنه حين قال في مختصر الكبير:
وأحب أن يحرك في وادي محسر.
((624 - [باب]
رمي جمرة العقبة راكبا))
3052 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن أيمن بن نائل قال أخبرني قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي قال رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء ليس ضرب ولا طرد وليس قيل إليك إليك.
وفي رواية أبي سعيد في موضع آخر وليس طرد وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:
رمى الجمار ركوب يومين ومشى يومين.
وكذلك قال الشافعي في يوم النفر لاتصال ركوبه الصدر / قياسا على يوم النحر.
وروى عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيا ذاهبا وراجعا ويخبرهم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يفعل ذلك.
فإن صح هذا كان أولى بالاتباع. والله أعلم.
قال الشافعي:
121

ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي.
قال أحمد:
قد روينا عن عبد الله بن مسعود:
أنه أتى جمرة العقبة فاستبطن الوادي فاستعرضها فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاه.
وقال: هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
وفي رواية أخرى: جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه.
3053 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك: أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم من أين كان يرمي القاسم جمرة العقبة؟
فقال: من حيث تيسر.
قال الشافعي:
وقال مالك: لا أحب أن يرمها إلا من بطن المسيل.
قال أحمد:
ولعله بلغه حديث عبد الله بن مسعود فقال به. والله أعلم.
3054 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد ين يعقوب حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي عن أمه قالت: سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو في بطن الوادي وهو يرمي الجمرة وهو يقول:
' أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بإسناده ومعناه.
122

3055 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا علي هو ابن المديني حدثنا سفيان عن زناد بن سعد - إن شاء الله شك سفيان - عن أبي الزبير عن أبي معبد عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ارفعوا عن بطن محسر وعليكم بمثل حصى الخذف '.
رواه الشافعي عن سفيان ولم يذكر الشك.
ورواه / غيرهما عن سفيان وزاد فيه:
' أربعوا عن بطن محسر '.
يريد به البيتوتة بمنى.
((625 - [باب]
الاختيار في رمي جمرة العقبة))
3056 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا مسعر عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس قال: حملنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات ثم جعل يلطخ أفخاذنا ويقول:
' أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن ابن عبيد عن مسعر والثوري.
قال الشافعي في رواية الربيع:
ومن أوقاتها أن ترمى بعد الفجر وجائز فيها أن ترمى قبل الفجر وبعد نصف الليل.
123

3057 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا داود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام عن أبيه قال:
دار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى أم سلمة يوم النحر وأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى ترمي الجمرة وتوافي صلاة الصبح بمكة وكان يومها فأحب أن توافقه أو توافيه.
3058 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. نحوه.
قال الشافعي:
فدل على أن خروجها بعد نصف الليل وقبل الفجر وأن رميها كان قبل الفجر لأنها لا تصلي الصبح بمكة إلا وقد رمت قبل الفجر بساعة.
قال أحمد:
هكذا رواه أبو معاوية محمد بن حازم الضرير عن هشام بن عروة موصولا.
3059 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمرها أن توافيه صلاة الصبح بمكة يوم النحر.
قال أحمد:
هكذا رواه جماعة عن أبي معاوية.
/ ورواه أسد بن موسى عن أبي معاوية بإسناده قالت:
أمرها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة.
124

3060 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن حازم - وهو أبو معاوية - فذكره.
فتعلق به بعض من يدعي تصحيح الآثار على مذهبه وزعم أنه أمرها بذلك يوم النحر لتوافي معه صلاة الصبح من غد يوم النحر بمكة واستشهد برواية من روى عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
أنه أخر طواف الزيارة إلى الليل.
ثم نقل ما حكي عن أحمد بن حنبل وغيره من الطعن في هذا الخبر وليس من الإنصاف أن نترك رواية الجمهور ونأخذ برواية واحد لم يكن عندهم بمصر بالحافظ جدا.
كيف وقد رواه الثوري وابن عيينة والدراوردي وحماد بن سلمة وداود بن عبد الرحمن عن هشام بمعنى رواية الجماعة عن أبي معاوية في متن الحديث.
ورواية أسد بن موسى تحتمل أن تكون موافقة لروايتهم وليس فيها ولا في رواية غيره ذكر الغد.
وأما إفاضة النبي [صلى الله عليه وسلم] ففي الحديث الثابت عن نافع عن ابن عمر:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى.
قال نافع: وكان ابن عمر يفيض يوم النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] فعله.
3061 - أخبرناه أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. فذكره. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق واستشهد به البخاري.
ونحن لا نعلم في الأسانيد إسنادا أصح من هذا.
125

وفي الحديث الثابت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ما دل على إفاضة النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم النحر.
وفي الحديث الثابت عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:
حججنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأفضنا يوم النحر.
وإنما روى أبو الزبير عن عائشة وابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] / أخر الطواف يوم النحر إلى الليل.
وفي سماع أبي الزبير عن عائشة نظر.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة:
أفاض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى.
وكل واحد من الأسانيد الثلاثة أصح من هذين الإسنادين ثم ليس في شيء من هذه الأحاديث إلا في شيء من المراسيل التي رويت في معناها.
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قام بمكة تلك الليلة وأصبح بها وصلى بها صلاة الصبح حتى يمكن حمل حديث أم سلمة على ما حمل عليه بل في حديث القاسم بن محمد عن عائشة ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق.
وأما ما ذكر من حكاية أحمد: فإنما أنكروا قوله: ' توافيه ' أو ' توافي معه صلاة الصبح ' إذ لم يكن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمكة وقت صلاة الصبح.
3062 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني حدثنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال قال أحمد - يعني ابن حنبل -:
ذكرت ليحيى بن سعيد حديث أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة:
126

أمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] أن توافيه صلاة الصبح بمكة:
فقال: قال هشام أخبرني أبي مرسل ' توافي ' قال أحمد: حدثني عبد الرحمن عن سفيان يعني عن هشام عن أبيه مرسل ' توافي '. وقال ابن عيينة مثله.
وأما وصل أبي معاوية هذا الحديث عن هشام فأبو معاوية حجة قد أجمع الحفاظ على قبول ما تفرد به. ثم قد وصله الضحاك عن ابن عثمان وهو من الثقات الأثبات.
3063 - كما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت:
أرسل النبي [صلى الله عليه وسلم] بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك / اليوم اليوم الذي يكون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عندها.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن هكذا وهذا إسناد صحيح لا غبار عليه.
وكأن عروة حمله من الوجهين جميعا فكان هشام يرسله مرة ويسنده أخرى وهذه عادتهم في الرواية.
3064 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني عطاء قال أخبرني مخبر عن أسماء:
أنها رمت الجمرة.
قلت: إنا رمينا الجمرة بليل.
قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
ويشبه أن يكون هذا المخبر عبد الله مولى أسماء فقد روى الثوري عن ابن جريج عن مولى لأسماء: أن أسماء كانت ترمي بليل - يعني أسماء بنت أبي بكر -.
127

3065 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال أخبرني الثقة أنه رأى عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد يرمون الجمرة قبل الفجر.
((626 - [باب]
ما يفعل بعد رمي جمرة العقبة من النحر والحلق))
3066 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن يحيى الترمذي حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الترمذي حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حلق في حجة الوداع.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن أنس بن عياض - وهو أبو ضمرة -.
ورواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر وأخرجه مسلم من وجه آخر عن موسى بن عقبة.
3067 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أنس بن مالك:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما رمى جمرة العقبة ونحر نسكه فأولى الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم ناوله النبي [صلى الله عليه وسلم] أبا طلحة ثم ناول / الحالق شقه الأيسر فحلقه ثم أمر أبا طلحة أن يقسمه بين الناس.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان.
3068 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رجلا أتى القاسم بن محمد فقال: إني أفضت وأفضت معي بأهلي فعدلت إلى شعب فذهبت أدنوا منها.
128

فقالت: امرأتي لم أقص من شعري شيء بعد فأخذت من شعر رأسها بأسناني ثم وقعت بها. قال: فضحك القاسم وقال:
مرها فلنأخذ من رأسها بالجلمين.
قال الشافعي:
وهذا كما قال القاسم إذا قصر من رأسها بأسنانه أجزى عنها من الجلمين.
وقال مالك: تهريق دما وخالف القاسم لقول نفسه.
قال أحمد:
وهذا لأنهما كانا قد أفاضا ولو لم يكونا أفاضا لم يحل لهما الوطئ بالتحلل الأول.
قال الشافعي في الإملاء في رواية أبي سعيد:
ومن لبد شعره أو عقصه أو ضفره حلق اختيارا ولم يقصر وقد كان ابن عباس يقول: هو ما نوى - يريد أن له أن يحلق أو يقصر - ولو قصر لم أر عليه فدية لقول الله عز وجل:
* (آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين) *
فدعا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للمحلقين مرتين أو ثلاثة ودعا للمقصرين مرة.
وقال في القديم:
يجب عليه الحلاق.
وهكذا روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعمر.
قال أحمد:
أما الرواية الصحيحة في ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه أهل ملبدا وأنه حلق.
رواهما جميعا في التلبيد والحلق ابن عمر.
129

وقد روى عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من لبد رأسه للإحرام فقد وجب عليه الحلاق '.
وروي أيضا من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا كلاهما ضعيف.
والصحيح رواية مالك وشعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب.
ورواية سالم عن ابن عمر عن عمر:
من ضفر فليحلق.
وفي رواية ابن المسيب عن عمر.
من عقص أو ضفر أو لبد فقد / وجب عليه الحلاق.
وروينا عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال:
من لبد أو ضفر أو فتل أو عقص فهو على ما نوى من ذلك.
قال: وقال ابن عمر:
حلق لا بد.
وفي رواية الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال:
إن كان نوى أن يحلق فليحلق وإن كان لم ينو شيئا من ذلك فليقصر.
وعن ابن عمر:
إذا فعل المحرم شيئا من ذلك فليحلق إن كان نوى أو لم ينو.
وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في كتاب السنن.
130

((627 - [باب]
التلبية حتى ترمى جمرة العقبة))
3069 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء بن عباس قال أخبرني الفضل بن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
3070 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن أبي حرملة عن كريب عن ابن عباس عن الفضل عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن أبي حرملة.
قال الشافعي:
ولبى عمر حتى رمى جمرة العقبة.
وقال في القديم في كتاب العيدين:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن ابن عباس قال:
سمعت عمر بن الخطاب يلبي عند الجمرة فقلت:
يا أمير المؤمنين فيما التلبية ها هنا؟
فقال: وهل قضينا نسكنا بعد؟!
3071 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا أحمد بن شيبان حدثنا سفيان بن عيينة. فذكره بإسناده ومعناه.
إلا أنه سقط من كتابي عن أبيه.
ورواه عطاء بن يسار عن ابن عباس قال:
سمعت عمر يهل بالمزدلفة.
131

قال الشافعي في رواية أبي سعيد.
ولبى ابن مسعود حين رمى جمرة العقبة ولبت ميمونة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] حتى رمت الجمرة وابن عباس / وغيرهم عطاء وعكرمة بن خالد وابن أبي مليكة وغيرهم وقال في موضع آخر:
وابن عباس حتى رمى الجمرة وعطاء وطاوس ومجاهد.
قال أحمد:
وقد مضى في الحديث الثابت عن ابن مسعود في رميه جمرة العقبة بسبع حصيات.
ومن حديث جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
وفي ذلك دلالة على أنه قطع التلبية بأول حصاة ثم كان يكبر مع كل حصاة.
وروي أيضا في حديث أبي وائل عن عبد الله قال: ومقت النبي [صلى الله عليه وسلم] فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة بأول حصاة.
((628 - [ب]
أب ما يحل بالتحلل الأول))
3072 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب:
إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم ما حرم عليكم إلا النساء والطيب.
قال سالم قالت عائشة:
أنا طيبت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لحله وإحرامه.
132

قال سالم: وسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحق أن تتبع.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون وأهل العلم.
((629 - [باب]
التقديم والتأخير في عمل يوم النحر))
3073 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: وقف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال:
' اذبح ولا حرج '.
فجاء رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال:
' ارم ولا حرج '.
/ فما سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
ورواه معمر عن الزهري وقال فيه:
كنت أظن أن الحلق قبل الرمي فحلقت قبل أن أرمي. قال:
' ارم ولا حرج '.
ثم ذكر الحلق قبل النحر.
133

ورواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري فذكر الحلق قبل الرمي والذبح قبل الرمي والإفاضة قبل الرمي.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
ورواه عكرمة عن ابن عباس في الذبح قبل الرمي والحلق قبل الذبح.
وقال فيه إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس:
ولم يأمر بشيء من الكفارة.
وروينا عن أنس بن مالك.
أنه سئل عن قوم حلقوا من قبل أن يذبحوا قال أخطأتم السنة ولا شيء عليكم.
وروينا من حديث صالح بن كيسان وابن جريج عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بينا هو يخطب يوم النحر.
وروينا في خطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم النحر عن أبي بكرة وأبي أمامة والهرماس بن زياد ورافع بن عمرو.
وروينا في خطبته أوسط أيام التشريق عن رجلين من بني بكر، وعن سراء بنت نبهان.
((630 - [باب]
الشرب من سقاية الحاج))
3074 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الله بن طاوس عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أفاض فأتى السقاية فقال لعباس ' اسقني '.
فقال له: إن هذا شراب قد أنقل وخاضته الأيدي ووقع فيه الذباب وعندنا في البيت هو أصفى منه فقال:
134

' منه فاسقني '.
فشرب منه [صلى الله عليه وسلم].
قال ابن طاوس:
فكان أبي يقول: فشرب النبيذ من تمام الحج.
قال الشافعي:
وسقى النبيذ في الجاهلية وعلى عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقعد إلى اليوم غير أنا لا نشك فيما أوتي إلينا من الأخبار أنهم إنما / سقوه حلوا أو مجاوزا للحلاوة قبل أن يسكر فإذا سقي مسكرا فلا يحل شربه وإذا كان غير مسكر فشربه أحب إلي.
3075 - وبإسناده حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رجلا وقف على ابن عباس فقال:
أرأيت هذا النبيذ الذي يستقونه أسنة هو أم تجدونه أهون عليكم من العسل واللبن؟
فذكر إفاضة النبي [صلى الله عليه وسلم] وشربه.
3076 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حميد عن بكر بن عبد الله قال قال رجل لابن عباس:
فما بال أهل البيت يسقون النبيذ وبنو عمهم يسقون اللبن والعسل والسويق؟ أبخل بهم أم حاجة؟
فقال ابن عباس:
ما بنا من بخل ولا بنا من حاجة ولكن دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على راحلته وخلفه أسامة بن زيد فدعا بشراب فأتي بنبيذ فشرب منه ودفع فضله إلى أسامة بن زيد فشرب [منه] ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
135

' أحسنتم وأجملتم كذلك فافعلوا '.
فنحن لا نريد أن نغير ما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وكذلك رواه يزيد بن زريع عن حميد.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
((631 - باب الرمي في أيام التشريق إلى الجمرات))
3077 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وترمى الجمار أيام منى وهن ثلاث كل واحد منها بسبع ولا يرمها حتى تزول الشمس في شيء من أيام منى بعد يوم النحر.
ثم ذكر كيفية الرمي والوقوف والدعاء ورواه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وذلك موجود فيما:
3078 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني أخبرنا عثمان بن عمر أخبرنا يونس عن الزهري:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد / مسجد منى رماها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو وكان يطيل الوقوف ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة وينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها.
قال الزهري:
136

سمعت سالم بن عبد الله يحدث بمثل هذا الحديث عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال: وكان ابن عمر يفعله.
أخرجه البخاري في الصحيح فقال: وقال محمد يقال: إنه ابن يحيى حدثنا عثمان بن عمر.
وروينا عن ابن عمر أنه قال:
كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا.
وروينا عن جابر بن عبد الله:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رمى الجمرة أول يوم ضحى ثم لم يرم بعد ذلك حتى زالت الشمس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فإن تعجل في يومين بعد يوم النحر فذلك له وإن غربت الشمس من يوم الثاني أقام حتى يرمي الجمار يوم الثالث بعد الزوال.
قال أحمد:
وقد روينا هذا عن ابن عمر.
وذكر الشافعي ما لرعاء الإبل من الرخصة في تأخير الرمي اليوم الأول من أيام التشريق إلى اليوم الثاني وهو النفر الأول.
وقد روينا عن أبي البداح عن عاصم بن عدي عن أبيه: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد أو من بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر.
((632 - باب الرخصة لأهل سقاية العباس في ترك المبيت بمنى))
3079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
137

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا / بمكة ليالي منى.
قال أحمد:
رواه أبو أسامة وابن نمير وأنس بن عياض عن عبيد الله: أن العباس استأذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له.
ورواه عيسى بن يونس عن عبيد الله:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رخص للعباس فذكره.
وهو مخرج في الصحيحين.
3080 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء بمثله.
وزاد عطاء: من أجل سقايتهم.
((633 - [باب]
ما ورد في حج الصبي والمملوك))
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله:
أن الله جل ثناؤه بفضل نعمته أثاب الناس على الأعمال أضعافها ومن على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم ووفر عليهم أعمالهم فقال:
* (ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء) *.
فلما من على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل كان أن من عليهم ثان فيكتب لهم على البر في الحج وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى.
138

وقد جاءت الأحاديث في أطفال المسلمين أنهم يدخلون الجنة والحجة فيه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث الذي:
3081 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قفل فلما كان بالروحاء لقي ركبا فسلم عليهم وقال:
' من القوم '؟
فقال: المسلمون. فمن القوم؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' رسول الله '.
فرفعت إليه امرأة صبيا لها من محفة فقالت:
يا رسول الله ألهذا حج؟ قال:
' نعم ولك أجر '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان بن عيينة.
3082 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك / أخبرنا إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها هذا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأخذت بعضد صبي كان معها فقالت:
ألهذا حج؟. فقال:
' نعم ولك أجر '.
139

هكذا رواه الربيع عن الشافعي موصولا.
وكذلك روي عن ابن صعصعة عن مالك ورواه الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي منقطعا دون ذكر ابن عباس فيه.
وكذلك رواه غيره عن مالك.
واختلف فيه على سفيان الثوري عن إبراهيم فرواه عنه أبو نعيم موصولا وقال في الحديث في رواية محمد بن غالب:
رفعت امرأة ابنا لها في محفة ترضعه في طريق مكة.
ورواه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وعبد العزيز بن أبي سلمة كلاهما عن إبراهيم بن عقبة موصولا.
ورواه جماعة عن سفيان الثوري عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس موصولا.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
وروينا عن أبي الزبير عن جابر قال:
حججنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومعنا الصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.
3083 - أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا محمد بن أبان بن ميمون السراج حدثنا عمرو الناقد حدثنا ابن عيينة عن أيمن عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
قال الشافعي في قوله: ' ولك أجر ':
يعني والله أعلم إحجاجها إياه.
3084 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبي السفر قال قال ابن عباس:
140

أيها الناس إسمعوني ما تقولون وافهموا ما أقول لكم: أيما مملوك حج به أهله فمات قبل أن يعتق فقد مضى حجه وإن عتق قبل أن يموت فليحجج. وأيما غلام حج به أهله فمات قبل أن يدرك فقد قضى عنه حجته وإن بلغ فليحجج.
ورواه مطرف عن أبي السفر / بمعناه إلا أنه لم يذكر الموت وقال:
ما دام صغيرا ما دام عبدا.
ومن ذلك الوجه أخرج البخاري صدر الحديث دون سياق.
وروي عن ابن ظبيان عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا.
3085 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
تقضي حجة العبد عنه حتى يعتق فإذا عتق وجبت عليه من غير أن تكون واجبة عليه _ يعني قبل العتق _.
3086 - وبهذا الإسناد عن ابن جريج قال لعطاء: أرأيت إن حج العبد تطوعا أذن له سيده فحج لا آجر نفسه ولا حج به أهله يخدمهم؟
قال: سمعت أنه إذا أعتق حج لا بد.
3087 - وبإسناده عن ابن جريج عن ابن طاوس أن أباه كان يقول:
تقضي حجة الصغير عنه حتى يعقل فإذا عقل وجبت عليه حجة لا بد منها والعبد كذلك أيضا.
قال الشافعي:
قالا: وأخبرنا ابن جريج أن قولهم هذا عن ابن عباس.
قال الشافعي:
وقولهم إذا عقل الصبي إذا احتلم. والله أعلم.
وقد يروى عن عمر في الصبي والمملوك مثل معنى هذا القول.
141

قال الشافعي في القديم:
وقد أوجب الله بعض الفرض على من لم يبلغ فذكر العدة وذكر ما يلزمه فيما استهلك من أمتعة الناس.
قال: وإنما معنى قول علي: رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم.
أن يبلغ المأثم. فأما غيره فلا.
ألا ترى أن عليا كان هو أعلم بمعنى ما قال.
كان يؤدي الزكاة من أموال اليتامى الصغار.
قال أحمد:
وإنما نسب الشافعي هذا الكلام إلى علي لأنه عنه يصح.
وقد رفعه بعض أهل الرواية في حديث علي ووقفه عليه أكثرهم.
3088 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء:
أن غلاما من قريش قتل حمامة من حمام الحرم فأمر ابن عباس أن يفدي / عنه بشاة قال في القديم:
أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثل معناه.
قال: وقال ابن جريج كان غلاما لم يبلغ.
((634 - باب دخول البيت والصلاة فيه))
3089 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال:
دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الكعبة هو وبلال وعثمان بن طلحة _ وأحسبه قال _ وأسامة فلما خرج سألت بلالا كيف صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ فقال جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمده وراءه ثم صلى.
142

وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وهكذا قاله يحيى بن يحيى:
عمودين عن يساره.
ورواه الشافعي في كتاب الصلاة فقال:
عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره.
وكذلك قاله عبد الله بن يوسف وغيره.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك فقال عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره.
وكذلك قاله ابن أبي أويس ويحيى بن بكير وهو الصحيح واختلف فيه عن القعنبي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحدا بدخوله لأنه يروي فيه أنه من دخله دخل في حسنه وخرج من سيئه وخرج مغفورا له وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخله.
قال أحمد:
أما دخوله [صلى الله عليه وسلم] فقد رويناه وأما ترغيبه فيه فقد:
3090 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا الحسن بن علي السري حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عبد الله بن مؤمل عن ابن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من دخل البيت دخل في حسنه وخرج سيئه مغفورا له '.
143

((635 - [باب]
الصلاة بالمحصب))
3091 - / أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا مالك عن نافع: أن ابن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت.
قال أحمد:
ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في صلاته بها قال: ويهجع ويذكر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعل ذلك.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
وأخرج مسلم حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يرى التحصيب سنة.
قال نافع: قد حصب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والخلفاء من بعده.
3092 - حدثنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه قال:
ليس المحصب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ورواه الشافعي في سنن حرملة.
3093 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن سليمان النجاد حدثنا أحمد بن محمد البرتي حدثنا أبو نعيم وأبو حذيفة حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: إنما كان منزلا نزله رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليكون أسمع لخروجه.
144

رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام،
ورواه الشافعي في سنن حرملة:
عن سفيان بن عيينة عن هشام قال الشافعي وأخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان سمع سليمان بن يسار يحدث عن أبي رافع مولى النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: إنما ضربت قبة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولم يأمرني فجاء النبي [صلى الله عليه وسلم] فنزل بالأبطح وهو المحصب.
3094 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو سهل بن زياد حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا أبو معمر القطيعي حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه وقال:
بالأبطح ولم يقل وهو المحصب.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
((636 - [باب]
طواف الوداع))
3095 - / أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس قال:
كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا ينفرن أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت '.
ورواه في الإملاء بهذا الإسناد وزاد قال:
وهو سليمان بن أبي مسلم خال ابن أبي نجيح وكان ثقة وقال: لكل وجه.
وقال: ' لا يصدرن ' بدل: ' لا ينفرن '.
145

رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور وزهير بن حرب عن سفيان.
3096 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال:
أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت. إلا أنه رخص للمرأة الحائض.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
3097 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر [أن عمر بن الخطاب] قال:
لا يصدرن أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت.
قال مالك: وذلك فيما نرى والله أعلم.
لقول الله عز وجل:
* (ثم محلها إلى البيت العتيق).
فجعل الشعائر وانقضائها إلى البيت العتيق.
3098 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد:
أن عمر بن الخطاب رد رجلا من مر الظهران لم يكن ودع البيت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وفي أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الحائض أن تنفر قبل أن تطوف طواف الوداع.
146

دلالة على أن ترك طواف الوداع لا يفسد حجا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
ومنها _ يعني من أعمال الحج _ ما إذا تركه ثم رجع إليه سقط عنه الدم وإن لم يرجع لزمه الدم.
وذلك مثل الميقات في الإحرام ومثله _ والله / أعلم _ طواف الوداع.
ثم ساق [الكلام] إلى أن قال:
وقد أخبرنا عن ابن عباس أنه قال:
من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما.
وقد مضى هذا بإسناده.
واستحب في الإملاء: أن يهرق مكانه دما إذا لم يرجع حتى بلغ ما تقصر فيه الصلاة.
((637 - [باب]
ترك الحائض الوداع))
3099 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت:
حاضت صفية بعد ما أفاضت فذكرت حيضتها لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' أحابستنا هي '.
فقلت: يا رسول الله إنها حاضت بعد ما أفاضت قال:
' فلا إذا '.
147

3100 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم. بنحوه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة.
3101 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذكر صفية بنت حيي فقيل إنها حاضت فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لعلها حابستنا '.
قيل أنها قد أفاضت. قال:
' فلا إذا '.
قال مالك:
قال هشام قال عروة قالت عائشة: ونحن نذكر ذلك فلم يقدم الناس نساءهم إن كان [ذلك] لا ينفعهم.
ولو كان ذلك الذي يقول لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض [كلهن قد أفاضت].
3102 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس قال:
كنت مع ابن عباس إذ قال له زيد بن ثابت: أتفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟
قال: نعم.
قال: فلا تفت بذلك.
148

فقال ابن عباس: إمالي فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قال: فرجع زيد بن ثابت يضحك ويقول: ما أراني إلا قد صدقت.
أخرجه مسلم من حديث ابن جريج.
3103 - / وأنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي حسين قال:
اختلف ابن عباس وزيد بن ثابت في المرأة الحائض فقال ابن عباس: تنفر.
وقال زيد: لا تنفر. فقال له ابن عباس: سل أم سليم وصواحباتها.
قال: فذهب زيد فكبت عنه ثم جاءه وهو يضحك فقال: القول ما قلت.
3104 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الرحال عن أمه عمرة أنها أخبرته أن عائشة كانت إذا حجت معها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر فأفضن فإن حضن بعد ذلك لم تنتظر بهن أن يطهرن تنفر بهن وهن حيض.
3105 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن القاسم بن محمد: أن عائشة كانت تأمر النساء أن يعجلن الإفاضة مخافة الحيض.
3106 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار وإبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال:
جلست إلى ابن عمر فسمعته يقول:
لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت فقلت: ما له أما سمع ما سمع أصحابه؟
149

ثم جلست إليه في العام المقبل فسمعته يقول: زعموا أنه رخص للمرأة الحائض.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
كان ابن عمر _ والله أعلم _ سمع الأمر بالوداع ولم يسمع الرخصة للحائض فقال به على العام فلما بلغه الرخصة للحائض ذكرها.
وأخبرنا عن ابن شهاب قال: جلت عائشة للناس عن ثلاث:
صدر الحائض إذا أفاضت بعد المغرب ثم حاضت قبل الصدر.
((638 - [باب] الوقوف في الملتزم))
روينا عن ابن عباس: ما بين الركن والباب يدعى الملتزم لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه.
3107 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: أحب له إذا ودع / البيت أن يقف في الملتزم وهو بين الركن والباب فيقول:
اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني بالعافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني.
قال: وما زاد من ذلك أجزأه إن شاء الله.
((639 - باب الشرب من ماء زمزم))
3108 - أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا
150

يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' منذ كم أنت ها هنا '؟
قال قلت: منذ ثلاثين يوما وليلة. قال:
' فما كان طعامك '؟
قلت: ما كان لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم ولقد سمنت حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على كبدي سخفة جوع.
قال: فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنها مباركة وهي طعام طعم شفاء سقم '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسلام أبي ذر.
((460 - [باب]
ما يكره من تسمية الصرورة وغيرها))
3109 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
وأكره أن يقال للرجل الصرورة ولكن يقال: لم يحج.
وأكره أن يقال: بحجة الوداع ولكن يقال: حجة الإسلام.
وأكره أن يقال للمحرم: صفر ولكن يقال له: المحرم.
وإنما كرهت أن يقال للمحرم: صفر من قبل أن أهل الجاهلية كانوا يعدون فيقولون:
صفران للمحرم وصفر وينسئون فيحجون عاما في شهر وعاما في غيره / ويقولون:
إن أخطأنا موضع الحرم في عام أصبناه في غيره فأنزل الله تعالى:
151

* (إنما النسيء زيادة في الكفر) *. الآية.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض فلا شهر ينسأ '.
وسماه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المحرم.
أخبرنا بذلك عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الزمان قد استدار '.
وانقطع الحديث من الأصل وتمامه:
' أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مضر بين جمادى وشعبان '.
وفي الحديث: في تحريم الدماء والأموال والأعراض قد أخرجناه بطوله في كتاب السنن.
قال أحمد:
ويشبه أن يكون الشافعي كره أن يقال للرجل: صرورة لإطلاق ما روينا في حديث عكرمة عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا صرورة في الإسلام '.
152

ومعناه _ والله أعلم إن صح وصله ورفعه _ أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج حتى لا تكون صرورة في الإسلام.
وقد قيل: أن الصرورة هو الرجل الذي انقطع عن النكاح وتبتل على مذهب رهبانية النصارى فنهى عن ذلك.
وقد روي في بعض طرق هذا الحديث أنه نهى أن يقال للمسلم صرورة.
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
لا يقولن أحدكم أني صرورة. فإن المسلم ليس بصرورة.
وقد مضت هذه الآثار بأسانيدها في كتاب السنن.
((641 - باب ما يفسد الحج))
3110 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
وإذا أصاب الحاج امرأته فيما بينه وبين أن يرمي الجمرة أو يطوف / مضى في حجه كما كان يمضي فيه لو لم يفسده.
فإذا كان قابل حج وأهدى بدنة ويحجها واختار إذا بلغ الموضع الذي أصابها فيه أن يتفرقا فلا يجتمعان حتى يقضيا نسكهما.
ولو لم يتفرقا لم يكن عليهما في ذلك فدية ولا إعادة.
قال الشافعي:
والذي يجب عليه في إفساد الحج أن ينحر بدنة عنه وعن امرأته أكرهها أو طاوعته.
وهكذا الآثار كلها عن جميع من تكلم فيه من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
لا يثبت عن واحد منهم أنه زعم أن على كل واحد منهما بدنة.
153

قال أحمد:
قد روى عطاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في محرم بحجة أصاب امرأته وهي محرمة:
يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما ويفترقان حتى يتمان حجهما.
قال عطاء: وعليهما بدنة أطاعته أو استكرهها فإنما عليهما بدنة واحدة.
3111 - أخبرناه أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو الشيخ الأصفهاني حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أحمد بن عبد العزيز حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا أبو عمرو _ يعني الأوزاعي _ عن عطاء. فذكره.
رواه مجاهد عن عمر قال:
يقضيان حجهما _ والله أعلم _ بحجهما ثم يرجعان حلالا [كل واحد منهما لصاحبه] فإذا كانا من قابل حجا وأهدي وتفرقا في المكان الذي أصابها.
وفيما بلغ مالك بن أنس عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا: ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج من قابل والهدي.
وقال علي: فإذا أهلا بالحج عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما.
3112 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك. فذكره.
3113 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى الذهلي وغيره قالوا: حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الله / بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن
154

رجلا أتى عبد الله بن عمرو فسأله عن محرم وقع بإمرأه فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال:
إذهب إلى ذاك فسله.
قال شعيب: فلم يعرفه الرجل فذهبت معه فسأل ابن عمر فقال:
بطل حجك.
فقال الرجل: فما أصنع؟
قال أخرج مع الناس واصنع ما يصنعون فإذا أدركت قابل فحج وأهد.
فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره فقال: إذهب إلى ابن عباس فسله. قال شعيب: فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله فقال له كما قال ابن عمر.
فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره بما قال ابن عباس ثم قال: ما تقول أنت؟ فقال: قولي مثل ما قالا.
وفي الحديث دلالة على صحة سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ومن ابن عمر، وابن عباس.
وقال أبو بشر: سمعت رجلا من بني عبد الدار قال: أتى رجل ابن عباس فسأله عن محرم وقع بامرأته فقال يقضيان ما بقي من نسكهما فإذا كان قابل حجا فإذا أتيا المكان الذي أصابا فيه ما أصابا تفرقا وعلى كل واحد منهما هدي _ أو قال عليهما الهدي _.
قال أبو بشر: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: هكذا كان ابن عباس يقول.
3114 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله الصفار حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن أبي بشر فذكره.
قال أحمد:
155

هكذا ورد بالشك وقد رواه ابن المنذر عن ابن عباس أن على كل واحد منهما هدي واختاره.
وقد روينا عن أبي الطفيل عن ابن عباس قال:
أقضيا نسككما وارجعا إلى بلدكما فإذا كان عام قابل فأخرجا حاجين فإذا أحرمتما فتفرقا [ولا تلتقيا] حتى تقضيا نسككما وأهديا هديا.
وفي رواية أخرى عن أبي الطفيل عن ابن عباس:
ثم أهلا من حيث أهللتما أول مرة.
وروينا عن ابن المسيب:
ينفذان لوجوههما فإذا فرغا رجعا وإذا أدركهما / الحج فعليهما الحج والهدي ويهلان من حيث كانا أهلا بحجهما الذي كانا أفسدا ويتفرقا حتى يقضيا حجهما.
وعن أبي الشعثاء:
يتمان حجهما وعليهما الحج من قابل وإن كان ذا ميسرة أهدى جزورا.
وحكى ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال: (............).
وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.
وفي رواية مجاهد عن ابن عباس قال:
إذا جامع فعلى كل واحد منهما بدنة.
وفي رواية عطاء عن ابن عباس:
يجزي بينهما جزور.
وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس:
156

إن كانت أعانتك فعلى كل واحد منكما ناقة حسناء جملاء وإن كانت لم تعنك فعليك ناقة حسناء جملاء.
قال الشافعي:
وما تلذذ به من امرأته دون الجماع فشاة تجزيه فيه ولا يعتد حجه.
قال أحمد:
قد روي في القبلة شاة عن علي وابن عباس.
وفي أنه يتم حجه عن ابن عباس.
قال الشافعي:
وإذا لم يجد المفسد بدنة ذبح بقرة وإذا لم يجد بقرة ذبح سبعا من الغنم.
وإذا كان معسرا عن هذا كله قومت البدنة [له] دراهم بمكة والدراهم طعاما ثم أطعم.
فإن كان معسرا عن الطعام صام عن كل مد يوما.
وجعل الشافعي رحمه الله ما يفعله المحرم من فعل يجب عليه فيه فديه وكأن ذلك الفعل ليس بفائته قياسا على المتمتع بالعمرة إلى الحج في أن ليس له أن يفديه بغير النعم وهو يجد النعم وجعل كل شيء أفيت قد منع المحرم من إفاتته قياسا على الصيد ثم على حلق الشعر في أنه جزائه بالخيار بين النعم وغيرها.
((642 - [باب]
الخيار في فدية الأذى))
3115 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا الشافعي عن مالك عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة: أنه كان مع رسول
157

الله [صلى الله عليه وسلم] فأذاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وقال:
' صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين مدين لكل إنسان أو أنسك شاة أي ذلك فعلت أجزي عنك '.
قال الشافعي:
غلط مالك في هذا الحديث الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.
قال أحمد:
إنما سقط ذكر مجاهد من إسناده في العرضة التي حضرها الشافعي وكذلك في العرضة التي حضرها القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير.
وقد ذكره في العرضة التي حضرها عبد الله بن وهب وذكر غيره عن عبد الكريم.
3116 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثل معنى حديث مالك عن عبد الكريم.
3117 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في المناقب حدثنا أبو العباس بن محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان [أخبرنا الشافعي] أخبرنا سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد فذكره. ولم أجده في المبسوط.
3118 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في غير المختصر: حكم الله تعالى يدل على أن كل نسيكة كانت في حج أو عمرة فمحلها
158

إلى البيت العتيق.
ومعقول في حكمه أنه أراد أن يكون في جيران البيت العتيق من أهل الحاجة فما كانت فيه منفعة فلا يكون إلا حيث الهدي وذلك الصدقة.
فأما الصوم فلا منفعة فيه لأحد فيصوم حيث شاء في الفدية.
قال أحمد:
وقد روينا هذا المذهب عن طاوس.
وحكاه ابن المنذر في جزاء الصيد عن ابن عباس ثم عن عطاء.
وقال الشافعي في رواية أبي عبد الله فيمن أعوز بما لزمه:
ولو صام في فوره ذلك كان أحب إلي.
3119 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا / سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صيام المفتدي:
ما بلغني في ذلك من شيء وإني لأصنعه في فوره ذلك.
وعن ابن جريج قال:
كان مجاهد يقول: فدية من صيام أو صدقة أو نسك في حجه ذلك أو عمرته.
وعن ابن جريج: أن سليمان بن موسى قال في المفتدي: بلغني أنه فيما بين أن صنع الذي وجبت عليه فداء الفدية وبين أن يحل إن كان حاجا وأن ينحر إن كان معتمرا بأن يطوف.
قال الشافعي:
وهذا _ إن شاء الله _ هكذا. ثم بسط الكلام في حجه ثم قال:
وقد روي أن ابن عباس: أمر رجلا أن يصوم ولا يفتدي وقدر له نفقته. فكأنه
159

لولا أنه رأى الصوم يجزيه في سفره لسأله عن يسره ولقال أخر هذا حتى تصير إلى مالك إن كنت موسرا.
((643 - باب ما يجب بالإصابة بعد التحلل الأول))
3120 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس:
أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو محرم بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة.
قال الشافعي:
وبهذا نأخذ.
قال مالك: عليه عمرة وبدنة وحجه تام.
ورواه عن ربيعة فترك قول ابن عباس لرأي ربيعة ورواه عن ثور بن يزيد عن عكرمة يظنه عن ابن عباس في الذي يصيب أهله قبل أن يفيض ويعتمر ويهدي.
قال الشافعي:
ومالك سئ القول في عكرمة لا يرى لأحد أن يقبل حديثه.
وهو يروي بيقين عن عطاء عن ابن عباس خلافه وعطاء الثقة عنده وعند الناس وبسط الكلام في هذا ثم قال:
وما علمت أحدا من مفتي الأمصار قال هذا قبل ربيعة إلا ما روي عن عكرمة.
وهذا من قول ربيعة عفا الله عنا وعنه من ضرب من أفطر يوما من رمضان قضى بإثني عشر يوما ومن قبل امرأته وهو صائم اعتكف ثلاثة أيام.
وما أشبه هذا.
160

قال أحمد:
وفي رواية العلاء بن المسيب عن عطاء عن ابن عباس / في هذا قال:
وينحران جزورا بينهما وليس عليهما الحج من قابل.
((644 - [باب]
العمرة))
قال الشافعي فيمن أهل بعمرة من ميقات فأفسدها: فلا يجزيه أن يقضيها إلا من الميقات الذي ابتدأ منه العمرة ولا نعلم القضاء إلا بعمل مثله.
ومن قال له أن يقضيها خارجا من الحرم إنما ذهب إلى أن عائشة كانت مهلة بعمرة وأنها قضت العمرة وأمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] بأن تقضيها من التنعيم.
وليس هذا كما روي إنما أمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] أن تدخل الحج على العمرة فكانت قارنا. وإنما كانت عمرتها شيء استحبته فأمرها النبي [صلى الله عليه وسلم] بها لا أن عمرتها كانت قضاء.
واحتج بما روينا في مسألة طواف القارن.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب فيمن أفسد حجه عليه الحج من قابل من حيث كان أحرم.
وقال ابن عباس:
يحرم من المكان الذي كان أهل بالحجة التي أفسدها.
وبه قال سعيد بن المسيب.
وروينا عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس:
أنه سئل عن ' امرأة قدمت معتمرة فطافت بالبيت وبالصفا والمروة فوقع بها زوجها قبل أن تقضي عمرتها _ أو قيل _ قبل أن تقصر.
قال: لتهد بعيرا أو بقرة.
161

وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس:
فقضت مناسكها إلا التقصير وقال: انحري ناقة أو بقرة أو شاة.
وفي رواية أخرى عن سعيد قبل أن تطوف بالصفا والمروة بعد ما طاف بالبيت. فقال ابن عباس: فدية من صيام أو صدقة أو نسك.
فقال: أي ذلك أفضل؟. قال: جزور أو بقرة.
قال: فأي ذلك أفضل؟. قال: جزور.
والرواية الأولى عن سعيد أصح.
((645 - [باب]
إدراك الحج بإدراك عرفة))
قال الشافعي في سنن حرملة:
أخبرنا سفيان بن عيينة حدثنا سفيان الثوري / قال سمعت بكير ين عطاء الليثي يقول سمعت عبد الرحمن بن معمر قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الحج عرفات من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاث * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) *.
3121 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي إملاء حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا سفيان بن عيينة عن سفيان بن سعيد الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الحج عرفات فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة أيام * (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) *.
162

قال سفيان بن عيينة قلت لسفيان الثوري ليس عندكم بالكوفة حديث أشرف من هذا.
3122 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن ابن أبي السفر قال سمعت الشعبي يحدث عن عروة بن مضرس بن أوس _ وهو ابن حارثة بن سام _ قال: أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بجمع فقلت: هل لي من حج؟ فقال:
' من صلى معنا هذه الصلاة ووقف معنا هذا الموقف حتى نفيض وأفاض قبل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه '.
ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي قال:
أتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو واقف بجمع فقلت: يا رسول الله جئتك من جبلي طيء وقد أكللت مطيتي وأتعبت نفسي ووالله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من أدرك معنا هذه الصلاة وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد قضى تفثه وقضى حجه '.
3123 - أخبرناه / أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المعدل بمر وأخبرنا أبو الوجه أخبرنا عبدان أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد فذكره.
3124 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب العيدين أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع
163

أخبرنا الشافعي قال:
ويجوز الحج إذا وقف بعرفة على الروية وإن علموا بعد الوقوف بعرفة أن يوم عرفة هو يوم النحر.
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قلت لعطاء: رجل حج أول ما حج فأخطأ الناس بيوم عرفة أيجزي عنه؟
قال: نعم أي لعمري إنها لتجزئ عنه.
قال الشافعي:
وأحسبه قال قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون ' وأراه قال:
' وعرفة يوم تعرفون '.
قال أحمد:
وقد رويناه عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا:
' يوم عرفة الذي يعرف فيه الناس '.
وأما قوله: ' فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون '.
فقد رويناه في حديث ابن المنكدر عن أبي هريرة مرفوعا.
((646 - [باب]
دخول مكة بغير إرادة حج ولا عمرة))
3125 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
164

قال الله تبارك وتعالى:
* (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) * إلى: * (الركع السجود) *.
قال الشافعي:
المثابة في كلام العرب: الموضع يثوب الناس إليه ويثوبون يعودون إليه بعد الذهاب عنه.
وقد يقال: ثاب إليه اجتمع إليه.
فالمثابة تجمع الاجتماع ويئوبون يجتمعون إليه راجعين بعد ذهابهم عنه ومبتدين.
قال ورقة بن نوفل فذكر البيت:
* مثابا لا فناء القبائل كلها
* تخب إليه اليعملات الذوامل
*
وقال خداش بن زهير [النصري]:
* فما برحت بكر تثوب وتدعى
* ويلحق منهم أولون وآخر
*
قال الشافعي:
وقال الله تبارك وتعالى:
* (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم) *.
يعني والله أعلم: آمنا من صار إليه لا يتخطف اختطاف / من حولهم.
_ إلى ها هنا قرأ علي أبي عبد الله الحافظ وأنا أسمع وما بعد ذلك إجازة _.
قال الشافعي:
وقال الله تعالى لإبراهيم خليله عليه السلام:
165

* (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) *.
قال الشافعي:
وسمعت من أرضى من أهل العلم يذكر أن الله تبارك وتعالى لما أمر بهذا إبراهيم عليه السلام وقف على المقام فصاح صيحة: عباد الله أجيبوا داعي الله.
فاستجاب له حتى من في أصلاب الرجال وأرحام النساء.
فمن حج البيت بعد دعوته فهو ممن أجاب دعوته ووافاه من وافاه يقولون:
ليتك داعي ربنا لبيك.
قال الله جل ثناؤه:
* (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) *.
فكان ذلك دلالة كتاب الله فينا وفي الأمم على أن الناس مندوبون إلى إتيان البيت بإحرام.
قال الله تعالى:
* (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) *.
وقال:
* (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) *.
قال: فكان مما ندبوا له إلى إتيان الحرم بالإحرام.
166

قال: وروي عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة [ابن عبد الرحمن أنه] قال:
لما أهبط الله آدم عليه السلام من الجنة طأطأه فشكى الوحشة إلى أصوات الملائكة فقال:
يا رب ما لي لا أسمع حس الملائكة؟
فقال: خطيئتك يا آدم ولكن إذهب فإن لي بيتا بمكة فأته فافعل حوله نحو ما رأيت الملائكة يفعلون حول عرشي.
فأقبل يتخطى موضع كل قدم قرية وما بينهما مفازة فلقته الملائكة بالردم فقالوا: بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن محمد بن كعب القرظي _ أو غيره _ قال:
حج آدم فلقيته الملائكة فقالوا:
بر نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام.
3126 - أخبرناه أبو زكريا وأبو بكر [قالا]: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
ويحكى أن النبيين صلوات الله عليهم كانوا يحجون فإذا جاءوا الحرم مشوا إعظاما له / ومشوا حفاة ولم يحك لنا عن أحد من النبيين ولا الأمم الخالين أنه جاء البيت أحد قط إلا حراما ولم يدخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مكة علمناه إلا حراما إلا في حرب الفتح.
167

فبهذا قلنا إن سنة الله [تعالى] في عباده أن لا يدخلوا الحرم إلا حرما.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
إلا أن من أصحابنا من رخص للحطابين ومن مدخله إياها لمنافع الناس والكسب لنفسه ثم علق القول فيهم وقطع في الإملاء بالرخصة لهم.
3127 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وأكره لكل من دخل مكة من الحل من أهلها وغير أهلها أن يدخلها إلا محرما وإن كثر اختلافه إلا الذين يدخلونها في كل يوم من خدم أهلها من الحطابين وغيرهم فإني أرخص لأولئك أن يدخلوها بغير إحرام ويحرمون في بعض السنة إحراما واحدا ولو أحرموا أكثر منه كان أحب إلي.
وهذا الذي قلت: معنى قول ابن عباس وعطاء إلا أن فيه زيادة على قول ابن عباس: يحرمون في السنة [إحراما واحدا] وهو قول عطاء وزيادة على قول عطاء لو أحرموا أكثر منها كان أحب إلي.
قال أحمد:
ورويناه عن حماد بن سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يدخل غلمانه الحرم بغير إحرام وينتفع بهم.
وهذا فيما:
3128 - أنبأنيه أبو عبد الله إجازة عن أبي الوليد حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن أبي شيبة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن حباب عن حماد. فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله.
168

ومن المدنيين من قال: لا بأس أن يدخل بغير إحرام واحتج بأن ابن عمر دخل مكة غير محرم.
3129 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بقديد جاءه خبر من المدينة فرجع فدخل مكة بغير إحرام.
قال الشافعي:
وابن عباس يخالفه ومعه ما وصفنا ولأن في موضع آخر ما:
3130 أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قال: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع / أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء:
أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز المواقيت غير محرم.
وروينا عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال:
ما يدخل مكة أحد من أهلها ولا من غير أهلها إلا بإحرام.
قال الشافعي:
ومن دخل مكة خائفا بحرب فلا بأس أن يدخلها بغير إحرام.
دخلها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام الفتح غير محرم [للحرب].
3031 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله:
أن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة.
169

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أقتلوه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال مالك: ولم يكن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يومئذ محرما.
((647 - [باب]
فوت الحج بلا إحصار))
3132 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه قال:
من أدرك ليلة النحر من الحاج فوقف بحيال عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج ومن لم يدرك عرفة فيقف بها قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا وليطف بين الصفا والمروة سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هديه فلينحره قبل أن يحلق فإذا فرغ من طوافه وسعيه فلحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإن أدركه الحج قابل فليحج إن استطاع وليهد [في] حجه فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
3133 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب خرج حاجا حتى إذا كان بالنازية بطريق مكة
170

أضل رواحله وأنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر فذكر ذلك / له فقال له:
إصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركت الحج قابل حج وأهد ما استيسر من الهدي.
3134 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء وعمر ينحر بكره.
لم يزد على هذا وتمامه فيما:
3135 - أخبرنا أبو عبد الله المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال:
يا أمير المؤمنين أخطأنا العدد كنا نظن هذا اليوم يوم عرفة.
فقال له عمر: إذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هديا إن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع [إلى أهله].
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وبهذا كله نأخذ وفي حديث يحيى عن سليمان دلالة عن عمر أنه يعمل عمل معتمر لا أن إحرامه عمرة.
قال الشافعي:
وخالفنا بعض الناس فقال: لا هدي عليه وروي فيه حديثا عن عمر أنه لم يذكر
171

فيه أمره بالهدي قال: وسألت زيد بن ثابت بعد ذلك بعشرين سنة فقال كما قال عمر.
قال أحمد:
وهذه رواية شعبة عن مغيرة الضبي عن إبراهيم الأسود عن عمر وزيد بن ثابت.
قال الشافعي:
فقلت: روينا عن عمر مثل قولنا في أمره بالهدي.
[قال: رويتموه منقطعا وحديثنا متصل. قلنا].
فحديثك يوافق حديثنا عن عمر وحديثنا يزيد عليه الهدي والذي يزيد في الحديث أولى بالحفظ من الذي لم يأت بالزيادة [عندنا وعندك].
قال الشافعي:
ورويناه عن ابن عمر كما قلنا متصلا.
قال أحمد:
وروينا في قصة ابن حزابة عن ابن عمر وابن الزبير ما دل [على] وجوب الهدي.
وروينا عن ابن عباس أنه قال: من نسي شيئا من نسكه أو تركه فليهرق دما.
وروى الثوري في حديث الأسود وليس عليه هدي.
فيحتمل أن يكون تفريعا من بعض الرواة فقد رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وليس فيه هذه الزيادة.
172

ورواه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن عمر وليس فيه / هذه الزيادة.
فإن كانت محفوظة وقع فيها التعارض.
وحديث الأسود متصل وحديث سليمان بن يسار من الوجه الذي ذكره الشافعي منقطع إلا أن حديث سليمان مثبت إثباتا لا يشبه الغلط لذكره الهدي عند وجوده والرجوع إلى بدله عند عدمه.
وحديث الأسود يشبه أن يكون بعض رواته استدل بسكوته عن الهدي على أن ليس عليه هدي.
ومع رواية سليمان بن يسار قول ابن عمر وابن الزبير وعموم قول ابن عباس. والله أعلم.
ثم قد روى إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان بن يسار عن هبار بن الأسود أنه حدثه أنه فاته الحج حتى يوم النحر فقال له عمر:
ما شأنك؟ فقال له هبار: خرجت من الشام وأخطأت العدد وكان معي أهلي.
فقال له عمر: تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم احلق أو قصر فإن أدركت حج قابل فاحجج أنت ومن كان معك واهدوا فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع:
قال: وقال نافع:
كان عبد الله بن عمر يفتي بذلك من حديث عمر بن الخطاب.
3136 - أخبرناه الإمام أبو عثمان بن أبي نصير رضي الله عنه أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن علي السيوري أخبرنا أبو بكر بن دلويه الدقاق حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان.
فصار حديث هبار موصولا من جهة موسى بن عقبة حيث ذكر فيه سماع سليمان بن يسار من هبار وحيث عزى فتوى ابن عمر بذلك إلى عمر وهو زائد فهو أولى بكل حال وبالله التوفيق:
قال أحمد:
173

وهذه الزيادة ألحقها بعد سماع الجماعة المذكورة على ظهر الجزء مع المشايخ في الكرة الأولى.
((648 - [باب]
العبد يتمتع بإذن سيده ثم يموت))
3137 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
إن أذنت لعبدك فتمتع فمات فأغرم عنه.
ثم ذكر الشافعي الفرق بينه حيا وميتا ثم قال: وإنما أجزنا أن يتصدق عنه بالخبر عن النبي / [صلى الله عليه وسلم] أنه أمر سعدا أن يتصدق عن أمه.
((649 - [باب]
من أهل بحجتين))
3138 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال: وإذا كان عمر بن الخطاب وكثير ممن حفظنا عنهم لم نعلم منهم اختلافا يقولون:
إذا أهل بحج ثم فاته عرفة لم يقم حراما وطاف وسعى وحلق ثم قضى الحج الفائت له لم يجزأ أبدا في الذي لم يفته الحج أن يقيم حراما بعد الحج يحجج وإذا لم يجز لم يجز إلا سقوط إحدى الحجتين. والله أعلم.
وقد روي في وجه عن عطاء أنه قال: إذا أهل بحجتين فهو مهل بحج. وتابعه الحسن بن أبي الحسن.
174

((650 - [باب]
الإجارة بالحج))
قال الشافعي رحمه الله:
ولا بأس بالإجارة على الحج والعمرة وعلى تعليم القرآن والخير.
أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زوج امرأة بسورة من القرآن.
3139 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك. فذكره.
قال الشافعي:
والنكاح لا يجوز إلا بما له قيمة من الإجارات والأثمان.
قال في القديم:
وبلغنا عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري أن رجلا رقى رجلا بقرآن فبرأ فأهدى له قطيعا من الغنم فأبى أن يقبلها فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' اقبلها واضرب لي فيها بسهم '.
أو نحو هذا.
3140 - أخبرناه أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحبار أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش أخبرنا أبو الأشعث حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن حسان عن محمد عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري قال:
نزلنا منزلا فجاءتنا جارية فقالت: إن سيد الحي سليم فهل في القوم من راق؟ فقام رجل فقال: نعم ما كنا نظنه يرقية ولا نراه بحسنها.
فذهب فرقاه فأمر له بثلاثين شاة وحسبت أنه قال: وسقانا لبنا فلما جاء قلنا: ما كنا نراك تحسن / رقية قال: ولا أحسنها إنما رقيته بفاتحة الكتاب.
175

قال: فلما قدمنا المدينة قلت:
لا تحدثوا فيها شيئا حتى آتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأذكر ذلك له.
قال: فأتيته فذكرت ذلك له فقال:
' ما كان يدريه أنها رقية اقتسموها واضربوا بسهمي معكم '.
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام وقال بعضهم في الحديث:
بقطيع من الغنم.
((651 - [باب]
قتل المحرم الصيد عمدا أو خطأ))
قال الشافعي رحمه الله:
قال الله عز وجل:
* (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاءه مثل ما قتل من النعم) *.
قال الشافعي:
يجزي من قتله عمدا أو خطأ قال:
والجناية على قاتل الصيد عمدا لا يحظر أن يوجب على قاتله خطأ قياسا على القرآن والسنة والإجماع.
ثم ذكر إيجاب الله تعالى الكفارة في قتل النفس الممنوعة بالإسلام أو العهد خطأ.
وبسط الكلام فيه إلى أن قال:
فلما كان الصيد محرما كله في الإحرام كان كذلك كل ممنوع من الصيد من
176

الإحرام لا يتفرق كما لم يفرق المسلمون في الغرم من الممنوع من الناس والأموال بين العمد والخطأ إلا المأثم في العمد.
قال الشافعي:
وقد قاله ممن قلنا غيري.
3141 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال: قلت لعطاء قول الله عز وجل:
* (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا) *
قلت له: فمن قتله خطأ أيغرم؟
قال: نعم تعظم بذلك حرمات الله ومضت به السنن.
3142 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال:
رأيت الناس يغرمون في الخطأ.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فإن قال قائل: فهل شيء أعلى من هذا؟
قيل: شيء يحتمل هذا المعنى ويحتمل خلافه.
فإن قال: ما هو؟ قيل:
أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير.
177

انقطع الحديث من الأصل.
وإنما. أراد ما:
3143 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني حدثنا محمد بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن عبد الملك بن قرير البصري / عن محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال:
إني أجريت أنا وصاحبي فرسين لنا نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى في ذلك؟
فقال عمر: لرجل إلى جنبه تعال حتى أحكم أنا وأنت قال فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه فسمع عمر قول الرجل فسأله هل يقرأ سورة المائدة؟.
فقال: لا. فقال: هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا. فقال عمر:
لو أنك أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا.
ثم قال: إن الله تعالى قال في كتابه:
* (يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) *
وهو عبد الرحمن بن عوف.
قال الشافعي:
فيحتمل أن يكونا أوطآ الظبية مخطئين بإبطائه.
قلت: وروي عن عمر من وجه آخر في من ذبح ظبيا وهو ناس لإحرامه أنه حكم عليه وكذلك عبد الرحمن وسعد.
178

3144 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أن محرما ألقى جوالق فأصاب يربوعا فقتله فقضى فيه ابن مسعود بجفر أو جفرة.
3145 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال كان مجاهد يقول:
* (ومن قتله منكم متعمدا) *
غير ناس لحرمه ولا مريدا غيره فأخطأ به فقد أحل وليست له رخصة.
ومن قتله ناسيا لحرمه أو أراد غيره فأخطأ به فذلك العمد المكفر عليه النعم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
قوله: أجل أحتسبه ذهب إلى عقوبة الله.
قال: ومعناه في الصيد أنه لا يكفر العمد الذي لا يخلطه خطأ ويكفر العمد الذي يخلطه الخطأ.
[قال: فنصه؟ قلت]:
يذهب إلى أنه إن عمد قتله ونسي إحرامه [ففي هذا خطأ من جهة نسيان الإحرام وإن] عمد غيره فأصابه - يعني - كفر.
3146 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
179

أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله:
* (ومن قتله منكم متعمدا) *.
قال: قتله ناسيا لحرمه فذلك / الذي يحكم عليه.
ومن قتله متعمدا لقتله ذاكرا لحرمه لم يحكم عليه.
قال الشافعي:
وقال عطاء: يحكم عليه.
ويقول عطاء نأخذ.
((652 - باب من عاد لقتل الصيد))
3147 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء:
قول الله:
* (عفا الله عما سلف) *
قال: عفا عما كان في الجاهلية.
قلت: وقوله:
* (ومن عاد فينتقم الله منه) *
قال: من عاد في الإسلام فينتقم الله منه وعليه في ذلك الكفارة.
قال: وإن عمد فعليه الكفارة.
فقلت له: هل في العود من حد يعلم؟
قال: لا. قلت: أفترى حقا على الإمام أن يعاقبه؟
180

أظنه قال: لا إنما ذلك فيما بينه وبين الله ويفتدي.
3148 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم أنه قال في المحرم يقتل الصيد عمدا: يحكم عليه كلما قتل.
((653 - [باب]
جزاء الصيد فدية النعام))
3149 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء الخراساني أن عمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية قالوا: في النعامة يقتلها المحرم بدنة من الإبل.
قال الشافعي:
هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث وهو قول الأكثر ممن لقيت فبقولهم أن في النعامة بدنة وبالقياس قلنا في النعامة بدنة لا بهذا.
قال أحمد:
وإنما قال ذلك لأنه منقطع وذلك لأن عطاء الخراساني ولد سنة خمسين.
قاله يحيى بن معين وغيره.
فلم يدرك عمر، ولا عثمان ولا عليا ولا زيدا ولو كان في زمن معاوية صبيا ولم يثبت له سماع من ابن عباس وإن كان يحتمل أن يكون سمع منه لأن ابن عباس توفي
181

سنة ثمان وستين وعطاء الخراساني مع انقطاع حديثه ممن سمينا ممن تكلم فيه أهل العلم بالحديث.
وقد روينا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال ذلك وفيه أيضا إرسال.
وروي من وجه آخر عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وإسناده حسن.
3150 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: فكانت ذات جنين حين سميتها أنه جزاء النعامة ثم ولدت فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه؟
قال: لا. قلت: فابتعتها ومعها ولدها فأهديتها فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه؟ قال: لا.
قال الشافعي:
وهذا يدل على أن عطاء يرى في النعامة بدنة.
وبقوله نقول في البدنة والجنين في كل موضع فيه بدنة.
((654 - [باب]
بقرة الوحش وحمار الوحش))
احتج الشافعي رحمه الله في الواجب فيها بأنه المثل ثم قال: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: في بقرة الوحش بقرة وفي حمار الوحش بقرة وفي الأروى بقرة.
قال: وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال: في بقرة الوحش بقرة وفي الإبل بقرة.
وهذان فيما:
182

3151 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فذكرهما.
وقد روينا عن عطاء عن ابن عباس في النعامة جزور وفي البقرة بقرة وفي الحمار بقرة.
((655 - باب الضبع))
3152 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش.
3153 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
قال الشافعي:
وهو قول من حفظت عنه من مفتيينا المكيين.
3154 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول:
في الضبع كبش.
3155 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس يقول:
أنزل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ضبعا صيدا وقضى فيها كبشا.
183

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
و [هذا] حديث لا يثبت مثله لو انفرد.
قال أحمد:
وإنما قال هذا لانقطاعه.
وقد روي عن الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس موصولا مرفوعا وليس بالقوي.
قال الشافعي:
وإنما ذكرناه أن مسلما أخبرنا عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هي؟ فقال: نعم فقلت: أتوكل؟ قال: نعم فقلت: سمعته من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: نعم.
3156 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم فذكره.
قال أحمد:
حديث ابن أبي عمار هذا حديث حسن.
قال أبو عيسى: سألت عنه البخاري فقال: هو حديث صحيح.
قال أحمد:
وقد رواه جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بإسناده مرفوعا: هي صيد وجعل فيها كبشا إذا أصابها المحرم.
ورواه إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وفي هذا بيان أنه إنما يفدي ما يؤكل من الصيد دون ما لا يؤكل.
184

قال الشافعي:
أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: أن علي بن أبي طالب قال في الضبع صيد وفيها كبش إذا أصابها [المحرم].
كذا قال في كتاب المناسك وفي القديم.
3157 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية.
كذا في كتاب علي وعبد الله عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي في الضبع كبش.
قال: وقال فيما بلغه عن ابن أبان عن سفيان عن سماك عن عكرمة:
أن عليا قضى في الضبع بكبش.
قال الشافعي:
وبهذا نقول وهو يوافق ما روي عن عمر، وغيره من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهم يقولون بغرم قيمتها لا يجعلون / فيها شيئا مؤقتا.
((656 - [باب]
الغزال))
3158 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب قضى في الغزال بعنز.
ليس في رواية أبي سعيد: سفيان. وهو في روايتهما قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة:
وبهذا نقول والغزال لا يفوت العنز.
185

قال: وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس في الظبي تيس أعفر أو شاة مسنة.
قال: وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة: أن رجلا بالطائف أصاب ظبيا وهو محرم فأتى عليا فقال إهد كبشا [أو قال: تيسا] من الغنم قال سعيد ولا أراه إلا قال: إلا تيسا.
قال الشافعي:
وبهذا نأخد لما وصفت قبله مما يثبت - يريد حديث عمر - فأما هذا فلا يثبته أهل العلم بالحديث.
قال أحمد:
لانقطاعه فإن عكرمة لم يدرك عليا.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: في الغزال شاة.
((657 - [باب]
الأرنب))
3159 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر: أن عمر قضى في الأرنب بعناق.
ليس في رواية أبي سعيد ذكر سفيان.
3160 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
186

أخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال في الأرنب شاة.
قال أحمد:
كذا وجدته في ثبت نسخ والصواب عن ابن عباس في الأرنب عناق.
وسقطت رواية سعيد عن ابن جريج عن عطاء في الأرنب شاة.
ودخل حديث عطاء في حديث ابن عباس.
وكلامه يدل على صحة ما قلت.
قال الشافعي:
الصغيرة والكبيرة من الغنم يقع عليها شاة فإن كان عطاء ومجاهد أرادا صغيرة فكذلك نقول ولو كانا أرادا مسنة خالفناهما وقلنا قول عمر بن الخطاب وما روي عن / ابن عباس أن فيها عناقا دون المسنة.
وكان أشبه بمعنى كتاب الله عز وجل.
قال الشافعي:
وقد روى عطاء ما يشبه قولهما.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد عن ربيع بن صبيح عن عطاء أنه قال في الأرنب عناق أو حمل.
قال أحمد:
رحم الله الشافعي ما كان أتقنه.
قال: قلنا قول عمر بن الخطاب لأنه عنه صحيح موصول.
ثم قال: وما روي عن ابن عباس لأن الضحاك بن مزاحم لا يثبت سماعه عند أهل العلم بالحديث من ابن عباس فلم يطلق القول بأنه قول ابن عباس.
فكذلك ينبغي لأصحابه أن يفعلوا في التثبت والإتقان في الرواية.
وبالله التوفيق.
187

((658 - [باب]
اليربوع))
3161 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب قضى في اليربوع بجفرة.
لم يذكر أبو سعيد، ابن عيينة في إسناده وذكراه.
3162 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ابن مسعود:
أنه قضى في اليربوع بجفر أو جفرة.
3163 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا [ابن عيينة عن] ابن أبي نجيح عن مجاهد أن ابن مسعود:
حكم في اليربوع بجفر أو جفرة.
3164 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن صبيح عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:
في اليربوع جفرة.
قال الشافعي:
وبهذا كله نأخذ.
188

((659 - [باب]
الثعلب))
3165 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
في الثعلب شاة.
وعن سعيد عن ابن جريج عن عياش بن عبد الله بن معبد أنه قال:
في الثعلب شاة.
3166 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح أنه قال: لو كان معي حكم حكمت في الثعلب بجدي.
((660 - [باب]
الضب))
3167 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة أخبرنا مخارق عن طارق بن شهاب قال: خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال أربد ضبا ففزر ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد فقال [له عمر]:
أحكم يا أربد فيه فقال:
أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم.
فقال [له] عمر: إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني.
189

فقال أربد: أرى فيه جديا قد جمع الماء والشجر.
فقال عمر: فذاك فيه.
3168 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: في الضب شاة.
قال الشافعي:
إن كان عطاء أراد شاة صغيرة فبذلك نقول وإن كان أراد مسنة خالفناه.
وقلنا بقول عمر فيه وكان أشبه بالقرآن.
((661 - [باب]
الوبر))
3169 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد أن مجاهدا قال: في الوبر شاة.
قال الشافعي:
فإن كانت العرب تأكل الوبر ففيه جفرة فليس بأكبر من جفرة بدنا.
((662 - [باب]
أم حبين))
3170 أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن أبي السفر: أن عثمان بن عفان قضى في أم حبين بحلان من الغنم.
190

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والحلان: الحمل.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فإن كانت العرب تأكله فهذا كما روي عن عثمان يقضي فيها بولد شاة حمل أو مثله من المعز مما لا يفوته.
((663 - [باب]
المحرم يقتل الصيد الصغير والناقص))
3171 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: في صغار الصيد صغار الغنم وفي المعيب منها المعيب من الغنم ولو فداها بكبار صحاح من الغنم كان أحب إلي.
3172 - وبهذا الإسناد في موضع آخر عن عطاء قال من أصاب ولد ظبي صغير فداه بولد شاة مثله وإن أصاب صيدا أعور فداه بأعور مثله أو منقوصا فداه بمنقوص مثله أو بمريضا فداه بمريض مثله وأحب إلي لو فداه بواف.
3173 - وبهذا الإسناد في موضع آخر عن مسلم وسعيد بن سالم كلاهما عن ابن جريج عن عطاء بهذا المعنى.
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص في من أصاب ولد أرنب وهو محرم قال: فيه ولد شاة.
((664 - [باب]
الخيار في جزاء الصيد))
3174 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي حدثنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
191

* (هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما) *
قال عطاء:
فإن أصاب إنسان نعامة كان له ذا يسار أن يهدي جزورا أو عدلها طعاما أو عدلها صياما.
أيتهن من أجل قول الله تبارك وتعالى فجزاء كذا وكذا وكل شيء في القرآن أو، أو فليختر منه صاحبه ما شاء.
قال ابن جريج: فقلت لعطاء أرأيت إذا قدر على الطعام ألا يقدر على عدل الصيد الذي أصاب.
قال: ترخيص الله عسى أن يكون طعام وليس عنده ثمن الجزور وهي الرخصة.
3175 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا [قالا]: أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار في قول الله تبارك وتعالى:
* (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) *
أيتهن شاء.
وعن عمرو بن دينار قال:
كل شيء في القرآن أو، أو له أية يشاء.
قال ابن جريج:
إلا قول الله عز وجل:
192

* (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) *
فليس بمخير فيها.
قال الشافعي:
كما قال ابن جريج وغيره في المحارب وغيره في هذه المسألة أقول.
3176 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن ابن عباس عن الربيع قال قلت للشافعي:
هل قال أحد ليس بالخيار؟ فقال: نعم.
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم قال: من أصاب ما بلغ فيه مثله فذلك الذي قال الله:
* (فجزاء مثل ما قتل من النعم) *
وأما * (كفارة طعام مساكين) * فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدر العصفور يقتل فلا يكون فيه هدي قال: * (أو عدل ذلك صياما) * عدل النعامة وعدل العصفور.
قال ابن جريج: فذكرت ذلك لعطاء قال ابن جريج.
فقال عطاء: كل شيء في القرآن أو، أو، يختار منه صاحبه ما شاء.
قال الشافعي:
ويقول عطاء في هذا أقول.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما قوله: * (أو عدل ذلك صياما) *؟
193

قال: إن أصاب ما عدله شاة فصاعدا أقيمت الشاة طعاما ثم جعل مكان كل مد يوما يصومه.
قال الشافعي:
وهذا إن شاء الله كما قال عطاء وبه أقول.
وهكذا بدنة إن وجبت وهكذا مد إن وجب [عليه في] قيمة شيء من الصيد صام مكانه يوما.
فإن أصاب من الصيد ما قيمته أكثر من مد وأقل من مدين صام يومين وهكذا كل ما يبلغ مدا صام مكانه يوما.
أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء هذا المعنى.
قال الشافعي:
وأخبرنا سعيد عن ابن جريج: أن مجاهدا كان يقول مكان كل مدين يوما.
والشافعي إنما قال في هذا بقول عطاء واستدل بكفارة المجامع في شهر رمضان وبما روي في الحديث أن في العرق الذي أمره بالتصدق منه على ستين مسكينا كان خمسة عشر صاعا.
قال الشافعي:
ومعروف أن العرق يعمل على خمسة عشر صاعا ليكون الوسق به أربعة.
وبسط الكلام في شرحه.
((665 - باب أين هدي الصيد))
قال الله عز وجل:
194

* (هديا بالغ الكعبة) *
قال الشافعي:
لا يجزي شيء من الهدي حيوان كان أو طعاما إلا بمكة.
3177 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قلت لعطاء:
* (فجزاء مثل ما قتل من النعم) * إلى * (هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين) *.
قال: من أجل أنه أصابه في حرم يريد البيت كفارة ذلك عند البيت.
3178 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
مرة أخرى يتصدق الذي يصيب الصيد بمكة؛ قال الله:
* (هديا بالغ الكعبة) *
قال: فيتصدق بمكة.
قال الشافعي:
يريد عطاء ما وصفت من أن الطعام والنعم كله هدي. والله أعلم.
قال أحمد:
وروينا عن ابن عباس أنه قال:
يتصدق به على مساكين مكة.
وفي حكاية ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال: الدم والطعام بمكة والصوم حيث شاء.
195

((666 - [باب]
ما يأكل المحرم من الصيد))
3179 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أنه أهدى لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال: فلما رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما في وجهي قال:
' إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال أحمد:
وبهذا المعنى رواه شعيب بن أبي حمزة وصالح بن كيسان والليث بن سعد ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب ومحمد بن إسحاق بن يسار ومحمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري أنه أهدى له حمارا وحشيا وكان ابن عيينة يضطرب فيه فرواية العدد الذين لم يشكوا فيه أولى.
واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والمحفوظ عن حبيب: حمار وحش وعن الحكم: عجز حمار.
وقيل عن حبيب: كما قال الحكم.
3180 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج.
قال أحمد:
فذكر هذا الإسناد إلى ابن جريج ثم ذكر حديث مالك بإسناده عن أبي قتادة فتوهم أبو عمرو بن مطر أو غيره ممن خرج المسند من المبسوط أنه مضموم إليه في
196

حديث أبي قتادة وليس كذلك وإنما أراد والله أعلم ما:
3181 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال حدثني محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أبيه قال:
كنا مع طلحة بن عبيد الله وهم حرم فأهدي له لحم طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما استيقظ أخبر بذلك قال:
فوافق من أكله وقال: أكلناه مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان عن ابن جريج.
قال أحمد:
وظاهر في كلام الشافعي بعد هذا أنه أراد بحديث ابن جريج هذا ولكنه حين كان بمصر في آخر عمه كانت كتبة غائبة عنه فربما كان يكتب من إسناد حديث بعضه ويترك البياض أو يكتب كله دون متنه ويدع البياض ليتمه إذا رجع إلى كتابه ويكتب بعده حديثا آخر فأدركته المنية قبل إصلاحه فتوهم من لم يعلم علم ذلك أنه مضموم إلى ما بعده وقد يثبت في كتابي هذا وغيره ما بلغه علمي من ذلك وبالله التوفيق.
3182 - أخبر أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله بن عمر التيمي عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة الأنصاري أنه كان مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا فسألهم رمحه فأبوا فأخذ رمحه فشد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبى بعضهم فلما أدركوا النبي [صلى الله عليه وسلم] سألوه عن ذلك فقال:
' إنما هي طعمة أطعمكموها الله '.
197

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3183 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس / حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة في الحمار الوحشي مثل حديث أبي النضر إلا أن في حديث زيد: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' هل معكم من لحمه شيء '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3184 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وليس يخالف والله أعلم حديث الصعب بن جثامة حديث طلحة بن عبيد الله وأبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكذلك لا يخالفهما حديث جابر بن عبد الله وبيان أنها ليست مختلفة في حديث جابر.
3185 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن [عبد الله بن] حنطب عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لحم الصيد لكم في الإحرام حلال ما لم تصده أو يصاد لكم '.
198

قال في رواية أبي سعيد في الإملاء:
وهكذا أخبرني الثقة عن سليمان بن بلال عن عمرو عن المطلب عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي رواية الباقين أخبرنا من سمع سليمان بن بلال يحدث فذكره.
3186 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
هكذا قال الشافعي وابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي وسليمان مع ابن أبي يحيى.
قال أحمد:
وكذلك رواه يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني ويحيى بن عبد الله بن سالم وغيرهما عن عمرو عن المطلب عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فإن كان الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] الحمار حيا فليس لمحرم ذبح حمار وحشي حي وإن كان أهدى له لحما فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيد له فرده.
/ ومن سنته [صلى الله عليه وسلم] أن لا يحل للمحرم ما صيد له.
وبسط الكلام في شرحه.
3187 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه على أبي معاوية عن الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث أن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا علي فإنه كره ذلك.
199

قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم يقولون بهذا أما نحن فنقول بحديث أبي قتادة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمرهم أن يأكلوا لحم الصيد وهم حرم.
أخبرنا بذلك مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة قال:
وقال سفيان عن صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة: نحوه.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
ولم أر في شيء من الروايات أن أبا قتادة اصطاده لأصحابه الذين أذن لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الأكل منه وإنما في رواية عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال:
خرجت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حمارا فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وذكرت أني لم أكن أحرمت وأني اصطدته لك فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له.
3188 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق. فذكره.
قال أبو بكر قوله: اصطدته لك. وقوله: لم يأكل منه.
لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث غير معمر وهو موافق لما روي عن عثمان.
3189 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال:
رأيت عثمان بن عفان بالعرج في يوم صائف وهو محرم وقد غطى وجهه
200

بقطيفة / أرجوان ثم أتى بلحم صيد فقال لأصحابه كلوا. فقالوا: ألا تأكل أنت؟
قال: إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي.
قال الشافعي في سنن حرملة:
حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن أبيه:
كنا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] بصفاح الروحاء فإذا نحن بحمار وحش عقير فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن هذا لرجل أصابه يوشك أن يأتيكم '.
فجاء رجل من بني سليم فقال: يا رسول الله هذا حمار أصبته بالأمس فشأنكم به.
فأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يقسمه في الرقاق ثم خرجنا حتى إذا كنا بالأبواء إذا نحن بظبي حاقف فأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يقف عنده حتى يجوز الناس.
قال الشافعي:
سفيان يخالف في هذا.
يقولون عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن البهزي.
قال أحمد:
هو كما قال الشافعي رحمه الله أخبرنا بحديث سفيان:
3190 - أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو علي الرقاء قال أخبرنا علي بن عبد العزيز حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان بن عيينة. فذكره بإسناده مختصرا وقال عن طلحة.
وأما الذي يخالفه في هذا فمالك بن أنس وغيره.
3191 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال أخبرني محمد بن
201

إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري أنه أخبر عن البهزي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء فذكر معناه إلا أنه قال: فجاء البهزي وهو صاحبه وقال في آخره: أمر رجلا يثبت عنده لا يرميه أحد من الناس حتى يجاوزوه.
وكذلك رواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد.
((667 - باب حرم مكة))
3192 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
حرم الله مكة ثم أبان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الله تبارك وتعالى أنه / حرم ما كان فيها من صيد وشجر فحرمها بذلك من البلدان سواها وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها '.
3193 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد العدل حدثنا جعفر بن أحمد الحافظ حدثنا بشر بن هلال حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الله حرم مكة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد من بعدي وإنما حلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف '.
فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر لصناعتنا وقبورنا وبيوتنا. قال:
' إلا الإذخر '.
202

رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجاه من حديث طاوس عن ابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والفدية في متقدم الخبر عن أبي الزبير وعطاء مجتمعة في أن في الدوحة بقرة. والدوحة: الشجرة العظيمة.
وقال عطاء: في الشجرة دونها شاة.
فهذا الذي عني كأنه يذهب إليه اتباعا.
ويقول في الحشيش وما أشبهه فيه قدر قيمته.
قال الشافعي:
بالقياس لولا ما وصفت فيه أنه يفديه من أصابه بقيمته فإذا قطع دوحة فداها بقيمتها وإذا قطع ما دونها فداه بقيمته.
((668 - باب حرم المدينة وغير ذلك))
3194 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وأي صيد قتله حلال في بلد يعدوا مكة أو شجر قطعه فلا جزاء عليه فيه ونكره أن يقتله أو يقطع الشجر بالمدينة.
وكذلك نكرهه بوج من الطائف فإنهم يزعمون أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حرمها.
203

وكذلك يكره قطع الشجر بكل موضع حماه النبي [صلى الله عليه وسلم].
والموضع الذي حماه النبي [صلى الله عليه وسلم] لإنسان فيه النقيع.
وأما الصيد فلا نكرهه فيه.
3195 - أخبرنا علي بن / أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام حدثنا هدبة حدثنا همام عن قتادة عن أبي حسان أن عليا قال:
ما عهد لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شيئا خاصة دون الناس إلا شيئا سمعته منه في صحيفة في قراب سيفي.
قال: فلم يزل به حتى أخرج الصحيفة. فذكر الحديث.
قال: وإذا فيها:
إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم المدينة ما بين حريتها وحماها لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها _ يعني منشد _ ولا يقطع شعرها إلا أن يعلف رجل بعيرا ولا يحمل فيها سلاح لقتال. وذكر الحديث.
ورواه إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' المدينة حرام ما بين عير إلى ثور '.
204

وروينا في حرم المدينة عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن زيد وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وأنس بن مالك وسهل بن حنيف وجابر بن عبد الله وعبادة بن الصامت كلهم عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورويناه أيضا عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعا.
وروينا فيه عن أبي أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان حدثنا زياد بن سعد عن شرحبيل قال: دخل علينا زيد بن ثابت حائطا ونحن غلمان ننصب فخاخا للطير فطردنا وقال:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حرم صيدها.
3196 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عبق بن محمد حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
إلا أنه قال: وقد اصطدت طيرا فأخذه من يدي فأرسله.
وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه ركب إلى قصره بالعقيق فوجد غلاما يقطع شجرا أو يخبطه فاستلبه فلما رجع جاءه أهل العبد يسألونه أن يرد عليهم [ما أخذ من عبدهم].
فقال: معاذ الله إن أرد شيئا نفلنيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبى أن يرد عليهم.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
قال أحمد:
زعم بعض من ترك القول بما ثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] / في حرم المدينة وقصد إلى تسوية الأخبار على مذهبه وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنما أراد بذلك بقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها كما منع من هدم آطام المدينة لذلك وذكر ما:
3197 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا موسى بن إسماعيل بن إسحاق
205

القاضي حدثنا أبي حدثنا عيسى بن مينا قالون حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن هدم آطال المدينة وقال:
' إنها زينة المدينة '.
قال أحمد:
والنهي عندنا على التحريم حتى تقوم دلالة بأنه على التنزيه دون التحريم.
فاستدل على ما قال بحديث أبي عمير وحبسه النغير بالمدينة وبالوحش الذي كان لآل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم بحديث:
3198 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا زياد بن الخليل التستري حدثنا إبراهيم قال حدثني محمد بن طلحة قال حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن أبي سلمة عن سلمة بن الأكوع قال:
كنت أرمي الوحش وأهدي لحومها إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال: وفقدني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' يا سلمة أين تكون '؟.
قلت: تباعد علي الصيد يا رسول الله وأنا أصيد بصدور فزارة من كذا. فقال:
' أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا ذهبت وتلقيتك إذا جئت فإني أحب العقيق '.
قال أحمد:
أما حديث النغير والوحش فإنه لم يعلم أن من مذهب خصمه أن الصيد إذا أدخل الحرم جاز حبسه فيه وإنما لا يجوز إذا صاده في الحرم.
ودليلنا من وجهة الأثر حديث النغير والوحش وما روي عن هشام بن عروة أنه قال:
206

كان عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين وأصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرونها في الأقفاص القماري واليعاقيب.
فخبر النغير والوحش محمول على أنهما صيدا خارج / حرم المدينة ثم أدخلا المدينة.
وأما حديث موسى بن محمد بن إبراهيم فهو حديث ضعيف تفرد به موسى بن محمد وكان يحيى بن معين يضعفه ويقول:
لا يكتب حديثه وكذلك غيره من الأئمة قد أنكروا عليه ما روي من المناكير التي لم يتابع عليها.
ومن يدعي العلم بالآثار لا ينبغي له أن يعارض ما روي من الأحاديث الثابتة في حرم المدينة بهذا الحديث الضعيف.
وقد يجوز إن كان صحيحا أن يكون الموضع الذي يصيد فيه سلمة خارجا من حرم المدينة.
والموضع الذي رأى فيه سعد بن أبي وقاص غلاما يقطع شجرا من حرم المدينة حتى لا يتنافيا ولو اختلفا كان الحكم لرواية سعد لصحة حديثه وثقة رجاله دون حديث سلمة لما ذكرنا من ضعف بعض رواته.
وقول من زعم أن حديث سعد في إباحة سلب من قطع من شجر المدينة أو صاد بها كان في وقت ما كانت العقوبات التي تجب بالمعاصي في الأموال ثم صار ذلك منسوخا حتى نسخ (......).
دعوى بلا حجة ومن يقول بحديث سعد نطالبه بدليل على أن هذا من جملة ما ذكر.
فقتل صيد الحرم بمكة معصية وجزاءه بالمال واجب لم ينسخ من جملة ما نسخ في دعواثم. صيد المدينة وقطع شجرها ليس بمعصية ولم يكن معصية قط في قول من
207

يدعي هذا النسخ فكيف يجوز له أن يلحقه بالعقوبات التي تجب بالمعاصي؟
هذا الشيخ لو قال بما روي من الآثار الصحيحة في حرم المدينة وسكت عن معارضها بمثل هذه الحجة الضعيفة كان أولى به.
يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قوله:
' إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم المدينة مثل ما حرم ' ثم يرد فيه بأن تحريمها ليس كتحريم مكة فيصرح بالخلاف في نفي التشبيه ثم لا يجعل للتحريم بها أثرا فيجعل قول النبي [صلى الله عليه وسلم] يبقيه على التحريم ويشبهه بتحريم إبراهيم عليه السلام ساقطا من كل الوجوه.
من غير حجة قاطعة بصحة قوله ولا ينكر في نفسه من مخالف وقول من يسقط / وبالله التوفيق والعصمة.
وأما ما روينا في حديث علي رضي الله عنه في حرم المدينة ما بين عير إلى ثور فقد قال أبو عبيد:
أهل المدينة لا يعرفون بها جبلا يقال له: ثور وإنما ثور بمكة فترى أن الحديث أصله ما بين عير إلى أحد.
قال أحمد:
وبلغني عن أبي عبيدة أنه قال في كتاب الخيل بلغني أن بالمدينة جبل يقال له: ثور.
3199 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا حامد بن يحيى حدثنا عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير قال:
أقبلنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من لية حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
208

في طرف القرن الأسود حذوها فاستقبل نخبا ببصرة ووقف حتى اتفق الناس كلهم ثم قال: ' [ألا] إن صيدوج وعضادة حرام محرم الله) وذلك قبل نزوله الطائف وإحضاره لثقيف.
وروينا عن جابر بن عبد الله مرفوعا وموقوفا:
لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولكن يهش هشا رقيقا.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كان يتعهد الحمى أن لا يعضد شجره ولا يخبط.
وقال لجد محمد بن زياد فمن رأيت يعضد شجرا ويخبط فخذ فأسه وحبله.
قال قلت: أخذ ردائه؟ قال: لا.
وروينا عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حمى النقيع للجبل.
ورويناه عن الزهري.
((669 - [باب]
الرعي في الحرم))
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة:
ولا بأس أن يرعى من نبات الحرم شجره ومرعاه ولا خير في أن يحتش منه شيء لأن الذي حرم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من مكة أن يختلى خلاها إلا الإذخر.
والاختلاء: الاحتشاش نتفا وقطعا.
209

وحرم أن يعضد شجرها ولم يحرم أن ترعى.
قال: وقال أبو يوسف: سألت الحجاج بن أرطأة فأخبرني أنه سأل عطاء بن أبي رباح / فقال: لا بأس بأن يرعى وكره أن يحتش.
قال أحمد:
وصحيح عن عبد الله بن عمر أنه شهد الفتح فذهب يختلي لفرسه فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أين عبد الله [أين عبد الله] '؟!.
وهذا إن كان في الحرم فالمراد الرعي فقد روينا في حديثه هذا أن الفرس كان معه.
وما روينا عن علي مرفوعا في حرم المدينة يوافق هذا. والله أعلم.
وثبت مثله أيضا عن أبي سعيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حرم المدينة.
((670 - [باب]
حجارة الحرم وترابه))
قال الشافعي رحمه الله:
لا خير في أن يخرج منها شيء إلى الحل لأن له حرمة ثبتت باين بها من سواها من البلدان فلا أرى والله أعلم أن جائزا لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلد إلى أن يصير كغيره.
3200 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فيما بلغه عن ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وابن عمر أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيئا.
قال الشافعي:
وقد أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه عن عبد
210

الأعلى بن عبيد الله بن عامر قال:
قدمت مع أمي أو قال جدتي [مكة] فأتتها صفية بنت شيبة فأكرمتها وفعلت لها.
فقالت صفية: ما أدري ما أكافئها [به] فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجنا بها فنزلنا أول منزل فذكر من مرضهم وعلتهم جميعا.
قال فقالت أمي أو جدتي ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم.
فقالت لي وكنت أمثلهم: انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها: إن الله وضع في حرمه شيئا فلا ينبغي أن يخرج منه.
قال عبد الأعلى فقالوا لي:
فما هو إلا [أن] تحينا دخولك الحرم فكأنما أنشطنا من عقل.
قال الشافعي:
وقال غير واحد من أهل العلم: لا ينبغي أن يخرج من الحرم شيء إلى غيره.
وحكى الشافعي / عن أبي يوسف أنه قال:
سألت أبا حنيفة عن ذلك فقال: لا بأس به.
قال أبو يوسف: وحدثنا شيخ عن رزين مولى علي بن عبد الله بن عباس أن عليا كتب إليه أن يبعث إليه بقطعة من المروة فيتخذه مصلى يسجد عليه.
قال الشافعي في القديم:
ورخص في ذلك بعض الناس.
واحتج بشراء البرام من مكة.
والبرام على يومين وثلاثة من الحرم:
فأما ماء زمزم فلا أكره الخروج به.
211

وقد بلغنا أن سهيل بن عمرو أهدى النبي [صلى الله عليه وسلم].
والماء ليس بشيء يزول فلا يعود.
قال أحمد:
وروي عن ابن عباس وجابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] استهدى سهيل بن عمرو من ماء
زمزم.
((671 - باب السهم يرسله على صيد فأصابه في الحرم))
قال الشافعي:
كان عليه جزاؤه من قبل أن سهمه كيده.
قال الله تعالى:
* (تناله أيديكم ورماحكم) *.
فزعم بعض أهل التفسير أنه تناله أيديكم بالرمي.
3201 - أخبرنا به أبو سعيد أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي فذكره.
قال أحمد:
وروينا هذا التفسير بمعناه عن مجاهد وغيره.
((672 - باب الحلال يصيد صيدا فيدخل به الحرم))
3202 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا جعفر حدثنا المزني قال قرأنا على الشافعي عن الثقفي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كان لأبي طلحة من أم سليم ابن يقال له: أبو عمير وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يضاحكه إذا دخل وكان له نغير فدخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرأى أبا عمير حزينا فقال:
212

' ما شأن أبي عمير '؟
فقيل يا رسول الله: مات نغيره. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أبا عمير ما فعل النغير '.
213

صفحة فارغة
214

بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
((673 - [باب]
النفر يصيبون الصيد))
3203 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير عن ابن سيرين:
أن عمر قضى ورجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] على رجلين أوطئا ظبيا فقتلاه: بشاة.
3204 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي الثقة المأمون من أصل كتابه يقول سمعت محمد بن إسحاق يعني ابن خزيمة. يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول:
وهم مالك في ثلاث أسامي.
قال: عمر بن عثمان. وإنما هو عمرو بن عثمان.
وقال: عمر بن الحكم. وإنما هو معاوية بن الحكم السلمي.
وقال: عبد الملك بن قرير. وإنما هو عبد العزيز بن قرير.
3205 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد مولى لبني مخزوم
215

وكان ثقة أن قوما حرما أصابوا صيدا فقال لهم ابن عمر: عليكم جزاء.
فقالوا: على كل واحد منا أو علينا كلنا جزاء واحد؟
قال: إنه لمعزز بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد.
3206 - وأخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم قال:
سئل ابن عباس عن نفر أصابوا صيدا فقال: عليهم جزاء.
قيل: على كل واحد منهم جزاء؟
قال: إنه لمغرر بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد.
قال أحمد:
هكذا وجدته في هذا الكتاب وفي كلام الشافعي دلالة على أنه عن ابن عمر. وأن الغلط وقع من الكتاب.
وقد رويناه من حديث يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عمر.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد عن عمار عن رباح عن ابن عمر.
ورويناه عن مجاهد عن ابن / عباس _ معنى قول ابن عمر.
3207 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء في النفر يشتركون في قتل الصيد:
قال: عليهم كلهم جزاء واحد.
قال الشافعي:
وهذا يوافقه القرآن لأن الله تعالى يقول:
216

* (فجزاء مثل ما قتل من النعم) *.
وهذا مثل. ومن قال: عليه مثلان فقد خالف موافقه معنى القرآن.
((674 - [باب]
ما يتوالد في أيدي الناس من الصيد وأهل بالقرى))
3208 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت كل صيد أهل بالقرى فتوالد بها من صيد الطير وغيره أهو بمنزلة الصيد؟
قال: نعم ولا تذبحه وأنت حرام ولا ما ولد في القرية أولادها بمنزلة أمهاتها.
وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر ولم يسمعه منه أنه كان يرى داجنة الطير والظبي بمنزلة الصيد.
قال الشافعي:
وبهذا كله نأخذ.
((675 - [باب]
جزاء الطير))
3209 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
الطائر صنفان حمام وغير حمام فما كان بينة حماما ذكرا أو أنثى فدية الحمام منه شاة إتباعا وأن العرب لم تزل تفرق بين الحمام وغيره من طائر وتقول للحمام سيد
217

الطائر وبسط الكلام في هذا في كتاب المناسك.
3210 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قضى في حمامة من حمام الحرم بشاة.
قال الشافعي:
وقال ذلك عمر، وعثمان ونافع بن عبد الحارث وعبد الله بن عمر، وعاصم بن عمر، وسعيد بن المسيب وعطاء.
3211 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن عمرو بن حسين عن عبد الله [بن] كثير الداري عن طلحة بن أبي حفصة عن نافع بن عبد الحارث / قال:
قدم عمر بن الخطاب مكة فدخل دار الندوة في يوم الجمعة وأراد أن يستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقى رداءه على واقف بالبيت فوقع عليه طير من هذا الحمام فأطاره فانتهزته حية فقتلته فلما صلى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان بن عفان فقال:
أحكما علي في شيء صنعته اليوم إني دخلت هذه الدار وأردت أن أستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقيت ردائي على هذا الواقف فوقع عليه طير من هذا الحمام أن يلطخه بسلحه فأطرته عنه فوقع على هذا الواقف الآخر فانتهزته حية فقتلته فوجدت في نفسي أني أطرته من منزلة كان فيها آمنا إلى موقعة كان فيها حتفه.
فقلت لعثمان بن عفان: كيف ترى في عنز ثنية عفراء نحكم بها على أمير المؤمنين؟ قال: أرى ذلك. فأمر بها عمر.
3212 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن عثمان بن عبد الله بن حميد _ وفي المبسوط _: أن عثمان بن عبيد الله بن حميد قتل ابن له حمامة فجاء ابن عباس فقال ذلك له.
فقال ابن عباس: يذبح شاة فيتصدق بها.
218

قال ابن جريج: فقلت لعطاء أمن حمام مكة؟
قال: نعم.
3213 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قال مجاهدا:
أمر عمر بن الخطاب بحمامة فأطيرت فوقعت في المروة فأخذتها حية فجعل فيها شاة.
وعن ابن جريج عن عطاء قال في الحمام شاة.
قال: وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي عروبة عن قتادة أنه قال إن أصاب المحرم حمامة خارجا من الحرم فعليه دم وإن أصاب من حمام الحرم وفي الحرم فعليه شاة.
قال الشافعي:
وقد ذهب ذاهب إلى أن في حمام مكة شاة وما سواه من حمام غير مكة وغيره من الطائر قيمته.
قال: وأظنه أراد مالكا.
قال الشافعي:
وهذا _ يعني الذي قاله قتادة _ وجه من هذا القول الذي حكيت وليس له وجه يصح من قبل أنه يلزمه أن يجعل في حمام مكة إذا أصيب خارجا من الحرم / وفي غير إحرام فدية ولا أحسبه يقول هذا _ والله أعلم _ أحد يقوله.
لأنه ليست في الحمام حرمة تمنعه إنما يمنع لحرمة البلد أو حرمة القاتل له.
قال أحمد:
وقد حكى ابن المنذر عن ابن عباس وابن المسيب وعطاء أن في حمام الحل
219

شاة _ يعني _ إذا أصابه المحرم.
3214 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال: في القمري الدبسي شاة [شاة].
قال الشافعي:
وما عب في الماء عبا من الطائر فهو حمام.
وما نشربه قطرة قطرة كشرب الدجاج فليس بحمام.
وهكذا أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء.
((676 - باب ما ليس بحمام))
قال الشافعي:
وما كان من الطائر ليس بحمام ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه.
قال أحمد:
روينا عن ابن عباس أنه قال:
ما كان سوى حمام الحرم ففيه ثمنه إذا أصابه المحرم.
3215 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن عبد الله بن أبي عمار أخبره أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الأحبار في أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة حتى إذا كنا ببعض الطريق وكعب على نار يصطلي مرت به رجل من جراد فأخذ جرادتين فقتلهما ونسي إحرامه ثم ذكر إحرامه فألقاهما فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر، ودخلت معهم فقص كعب قصت الجرادتين على عمر فقال: عمر
220

ومن ذلك؟ لعلك بذلك يا كعب: قال: نعم إن حمير تحب الجراد [فقال عمر]:
ما جعلت في نفسك؟ قال: درهمين.
قال: بخ درهمان خير من مائة جرادة اإجعل ما جعلت في نفسك.
3216 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أخبرني بكر بن عبد الله بن الأشج قال سمعت القاسم بن محمد يقول: كنت جالسا عند ابن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم فقال ابن عباس: فيها قبضة من طعام ولتأخذن / بقبضة جرادات ولكن ولو.
قال الشافعي:
قوله ولتأخذن بقبضة جرادات أي إنما فيها القيمة.
وقوله: ولو: يقول تحتاط فتجرح أكثر مما عليك بعد أن أعلمك أنه أكثر مما عليك.
3217 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد في موضع آخر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن بكير بن عبد الله عن القاسم عن ابن عباس أن رجلا سأله عن محرم أصاب جرادة قال: يتصدق بقبضة من طعام.
وقال ابن عباس وليأخذن بقبضة جرادات ولكن على ذلك رأيي.
قال أحمد:
كان هذا لفظ حديث مسلم بن خالد وما قبله لفظ حديث سعيد بن سالم. والله
أعلم.
3218 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
221

وقد ذهب عطاء في صيد الطير مذهبا يتوجه ومذهبنا الذي حكينا أصح منه كما وصفت. والله أعلم.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: في كل شيء صيد من الطير حمامة فصاعدا شاة.
وفي اليعقوب والحجلة والقطاة والكروان والكركي وابن الماء ودجاجة الحبش الخرب شاة شاة.
فقلت لعطاء: أرأيت الخرب فإنه أعظم شيء رأيته قط من صيد الطير أيختلف أن تكون فيه شاة؟ فقال: لا. كل شيء يكون من صيد الطير كان حمامة فصاعدا ففيه شاة.
قال الشافعي:
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: لم أر الضوع فإن كان حماما ففيه شاة.
قال الشافعي:
الضوع: طائر دون الحمام وليس يقع عليه اسم حمام ففيه قيمته.
قال الشافعي:
وقد قال عطاء في الطائر قولا إن كان قاله لأنه يومئذ ثمن الطائر فهو يوافق قولنا.
وإن قال: تحديدا خالفناه فيه للقياس على قول عمر وابن عباس.
وقوله وقول غيره في الجرادة.
222

ثم ساق الكلام إلى أن قال: ولم نأخذ ما أخذنا من قوله _ رحمه الله _ إلا بأمر وافق كتابا أو سنة أو أثرا لا مخالف له أو قياسا. ثم ذكر قوله فقال:
أخبرنا سعيد / عن ابن جريج قال لي عطاء في العصافير قولا بين لي فيه وفسر قال: أما العصفور ففيه نصف درهم.
قال عطاء: وأرى الهدهد دون الحمامة وفوق العصفور ففيه درهم.
قال عطاء: والكعيت عصفور.
قال الشافعي:
ولما قال عطاء من هذا تركنا قوله إذا كان في عصفور نصف درهم عنده وفي هدهد درهم عنده لأنه بين الحمامة والعصفور فكان ينبغي أن يجعل في الهدهد بقربه من الحمام أكثر من درهم.
قال ابن جريج قال عطاء:
فأما الوطواط: فهو فوق العصفور ودون الهدهد ففيه ثلاث دراهم.
قال أحمد:
قياس قول الشافعي في الهدهد والوطواط أن لا جزاء فيهما لأنهما لا يؤكلان.
((677 - [باب]
الجراد في الحرم))
3219 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا [قالا:] أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول:
223

سئل ابن عباس عن صيد الجراد في الحرم فقال: لا ونهى عنه قال: إما قلت له أو رجل من القوم فإن قومك يأخذونه وهم محتبون في المسجد؟ فقال: لا يعلمون.
3220 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله إلا أنه قال: منحنون.
قال الشافعي:
ومسلم أصوبهما.
روى الحفاظ عن ابن جريج: منحنون.
3221 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد ومسلم عن ابن جريج عن عطاء في الجرادة يقتلها وهو لا يعلم قال: إذا يغرمها الجرادة صيد.
قال وأخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الدرة أقتله؟ قال: [لا] ها الله إذا فإن قتلته فأغرم قلت: وما أغرم؟ قال: قدر ما يقوم في الجرادة. ثم أقدر قدر غرامتها من [غرامة] الجرادة.
وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قتلت وأنا حرام جرادا، ودرا وأنا لا أعلمه وقتل ذلك بعيري وأنا عليه.
قال: أغرم كل ذلك تعظم بذلك حرمات الله.
224

وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن طلحة بن عمرو عن عطاء أنه / في الجرادة إذا أخذها المحرم قبضة من طعام.
((678 - [باب]
بيضة النعامة وغيرها يصيب المحرم))
3222 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سعيد بن بشر عن قتادة عن عبد الله بن الحصين عن أبي موسى الأشعري أنه قال في بيضة النعامة يصيبها المحرم: صوم يوم أو إطعام مسكين.
3223 - وبهذا الإسناد أخبرنا سعيد عن سعيد بن بشر عن قتادة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود. بمثله.
ورواه خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: فيه ثمنه. أو قال: قيمته.
قال ابن المنذر: وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.
وقاله ابن عباس.
وروينا عن ابن عباس أنه جعل في كل بيضتين من بيض حمام الحرم درهما.
وهذا يرجع إلى القيمة.
3224 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
إن أصبت بيض نعامة وأنت لا تعلم غرمتها تعظم بذلك حرمات الله.
قال الشافعي:
225

وبهذا نقول لأن بيضة [من] الصيد جزء منها ولأنها تكون صيدا.
ثم بسط الكلام في هذا.
قال الربيع فقلت للشافعي:
هل يروي فيها شيئا عاليا؟
فقال: أما شيئا يثبت مثله فلا.
فقلت: فما هو؟ فقال:
أخبرني الثقة عن أبي الزناد [عن الأعرج] أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' في بيضة النعام يصيبها المحرم قيمتها '.
ثم ذكر حديث أبي موسى وابن مسعود.
قال أحمد:
حديث أبي الزناد قد اختلف عليه في إسناده:
فروي عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' في كل بيض صيام يوم أو إطعام مسكين '.
وروي عن أبي قرة عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبي الزناد عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' صيام يوم '.
وأصح ما روي فيه ما:
3225 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا علي بن سعيد / النسائي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن
226

زياد بن سعد عن أبي الزناد عن رجل عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال في بيض نعام كسره رجل:
صيام يوم في كل بيضة '.
أخرجه أبو داود في المراسيل وقال: هذا هو الصحيح.
قال الشافعي:
وقال قوم: إذا كانت في النعامة بدنة فتحمل على البدنة ورووا هذا عن علي من وجه لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله ولذلك تركناه.
وبأن من وجب عليه شيء لم يجزه بمغيب يكون ولا يكون وإنما يجزيه بقائم.
3226 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور عن الحسن عن علي فيمن أصاب بيض نعام؟ قال: يقرب بقدرهن نوقا.
قيل له: فإن أزلقت منهن ناقة؟
قال فإن من البيض ما يكون مارقا.
قال أحمد:
وروي في هذا من وجه آخر أيضا مرسل عن علي:
أن ذلك كان منه في عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال ما يوافق رواية أبي الزناد.
3227 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب قال: سئل سعيد _ وهو ابن أبي عروبة _ عن بيض النعام يصيبه المحرم؟
فأخبرنا عن مطر عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار أن رجلا كان على
227

راحلته فأوطأ أدحى نعام فانطلق إلى علي فسأله عن ذلك فقال:
عليك في كل بيض ضراب ناقة أو جنين ناقة.
فانطلق الرجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' قد قال علي ما قد سمعت ولكن هلم إلى الرخصة عليك في كل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين '.
قال ابن المنذر في بيض الحمام:
روينا عن علي أنه قال في كل بيضتين درهم.
وبه قال عطاء.
3228 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
كم في بيض حمام مكة؟
قال نصف درهم وفي البيضتين درهم وإن كسرت / بيضة فيها فرخ ففيها درهم.
قال الشافعي:
أرى عطاء أراد بقوله هذا بالقيمة يوم قاله فإن كان أراد هذا فالذي نأخذ به قيمتها في كل ما كسرت وإن كان أراد بقوله أن يكون [قوله] هذا حكما [فيها] فلا نأخذ به.
((679 - باب العلل فيما أخذ من الصيد لغير قتله))
3229 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
228

أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في إنسان أخذ حمامة يخلص ما في رجلها فماتت.
قال: ما أرى عليه شيئا.
وعن الشافعي: أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء بيضة نعامة وجدتها على فراشي.
قال أمطها عن فراشك. فقلت لعطاء: كانت في سترة أو في مكان من البيت كهيئة ذلك معتزلا.
قال: فلا تمطها.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن طلحة بن عمرو عن عطاء قال: لا تخرج بيضة الحمامة المكية وفرخها من بيتك.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
وإن كان جرادا أو دبا وقد أخذ طريقك كلها فلا تجد محيصا عنه ولا مسلكا فقتلته فليس عليك غرم.
قال الشافعي:
يعني إن وطئته فأما أن تقتله بنفسه لغير الطريق فغرمه لا بد.
قال الشافعي:
وقوله هذا يشبه قوله في البيضة تماط عن الفراش وقد يحتمل ما وصفت من أن
229

هذا كله قياسا على ما صنع عمر بن الخطاب في إزالته الحمام عن ردائه فأتلفته حية ففداه.
((680 - باب نتف ريش الطير ومن رمى صيدا))
3230 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن مجاهد عن أبيه عن عطاء أنهما قالا:
من نتف من ريش حمامة أو طير من طيور الحرم فعليه فداؤه بقدر ما نتف.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: إن رمى حرام صيدا فأصابه ثم لم يدر ما فعل الصيد فليغرمه.
قال الشافعي:
وهذا احتياط وهو أحب إلي.
وعن سعيد عن ابن جريج أراه عن عطاء قال في حرام أخذ / صيدا ثم أرسله فمات بعدما أرسله: يغرمه.
قال سعيد بن سالم: إذا لم يدر لعله مات من أخذه إياه أو مات من إرساله [له].
وعن سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: فإن أخذته ابنته فلعبت به فلم يدر ما جعل فليتصدق.
230

قال الشافعي:
الاحتياط أن يجزيه ولا شيء عليه في القياس حتى يعلمه تلف.
((681 - باب ما للمحرم قتله من صيد البحر))
3231 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سئل عن صيد الأنهار وقلات المياه أليس بصيد البحر؟ قال: بلى وتلا:
* (هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا) *.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن إنسانا سأل عطاء عن حيتان بركة القسري _ وهي بئر عظيمة في الحرم _ أتصاد؟ قال: نعم لوددت أن عندنا منه.
((682 - باب أصل ما يحل قتله من الوحش ويحرم عليه))
قال الشافعي رحمه الله:
قال الله جل ثناؤه:
* (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) *.
فلما أثبت الله جل ثناؤه إحلال صيد البحر وحرم صيد البر ما كانوا حرما دل على أن الصيد الذي حرم عليهم ما كانوا حرما كان أكله حلالا [لهم] قبل الإحرام.
231

وبسط الكلام في بيانه.
قال: وسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تدل على معنى ما قلت وإن كان بينا في الآية والله أعلم.
قال الشافعي:
أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' خمس من الدواب لا جناح على من قتلهن في الحل والحرم: الغراب. والحدأة. والفأرة. والعقرب. والكلب العقور '.
وهذا فيما:
3232 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
3233 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو جعفر الرزاز إملاء حدثنا سعدان بن نصر / حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال بلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] وقال: ' في قتلهن '.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وابن أبي عمرو عن سفيان إلا أنه قال في رواية أحدهما في الحرم والإحرام. وفي حديث عروة عن عائشة قالت:
أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بقتل خمس فواسق في الحل والحرم.
وفي حديث ابن المسيب عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' خمس يقتلن في الحل والحرم '.
ثم في بعض الروايات عنه قال: الحية بدل العقرب.
3234 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
232

العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب. والحدأة. والعقرب. والفأرة. والكلب العقور ' أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نأخذ وهذا عندنا جواب على المسألة بكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال وأن يكون يضر قتله المحرم لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا أمر أن تقتل الفأرة والغراب والحدأة مع ضعف ضرهما إذا كانت مما لا يأكل لحمه كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه وضره أكثر من ضرها أولى أن يكون قتله مباحا.
قال الشافعي:
وقد زعم مالك عن ابن شهاب أن عمر رضي الله عنه أمر بقتل الحيات في الحرم.
قال أحمد:
وروي موصولا من أوجه عن عمر.
3235 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي عمار قال: رأيت ابن عمر يرمي غرابا بالبيداء وهو محرم قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأمر عمر أن يقتل الزنبور في الإحرام.
قال أحمد:
قد رواه سويد بن غفلة عن عمر.
3236 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال سمعت أحمد بن الحسن الاصفهاني يقول سمعت عبد الله / بن محمد بن بشر الحافظ يقول سمعت عبيد الله بن محمد بن هارون يقول سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول بمكة سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله وسنة نبيه [صلى الله عليه وسلم] فقال له رجل:
233

أصلحك الله ما تقول في المحرم قتل زنبورا؟ قال:
بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى:
* (ما آتاكم الرسول فخذوه) *.
حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عميز عن ربيعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر '.
وحدثنا سفيان عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طاوس بن شهاب عن عمر أنه أمر بقتل الزنبور.
3237 - وحدثناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا عبد الله بن وهب الدينوري. فذكره بإسناده ومعناه وقال: أنه أمر المحرم بقتل الزنبور.
قال أحمد:
وروينا عن ابن المسيب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يقتل المحرم الحية. والذئب '.
وعن أبي مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' يقتل المحرم السبع العادي '.
3238 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
234

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هيثم أخبرنا يزيد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعيم البجلي عن أبي سعيد الخدري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل عما يقتل المحرم قال:
' الحية. والعقرب. والفويسقة. ويرمي الغراب ولا يقتله. والكلب العقور. والحدأة. والسبع العادي '.
3239 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي عن مالك.
وفي موضع آخر في رواية أبي سعيد أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيرا له في طين بالسقيا وهو محرم.
3240 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيرا / له في طين بالسقيا.
زاد ابن بكير وغيره عن مالك: وهو محرم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقال ابن عباس: لا بأس أن يقتل المحرم القراد والحلمة.
قال أحمد:
فقد رواه عكرمة عن ابن عباس.
قال الربيع فقلت للشافعي: فإن صاحبنا يقول:
لا ينزع المحرم قراد ولا حلمة.
ويحتج بابن عمر كره أن ينزع المحرم قراد أو حلمة من بعيره.
قال الشافعي:
235

وكيف تركتم قول عمر وهو يوافق السنة لقول ابن عمر ومع عمر ابن عباس وغيره وأطال الكلام في هذا.
3241 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال:
لا يفدي المحرم من الصيد إلا ما يؤكل لحمه.
قال الشافعي:
وهذا موافق معنى القرآن والسنة.
3242 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: كيف ترى في قتل الكدم والجندب أتراهما بمنزلة الجرادة؟
قال: [لا] الجرادة صيد يؤكد وهم الا يؤكلان وليستا صيد. فقلت: أقتلهما؟ فقال: ما أحب فإن قتلتهما فليس عليك شيء.
((683 - [باب]
قتل القمل))
3243 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن ميمون بن مهران قال:
جلست إلى ابن عباس فجلس إليه رجل لم أر رجلا أطول شعرا منه فقال له: أحرمت وعلي هذا الشعر.
فقال ابن عباس: اشتمل على ما دون الأذنين منه.
قال: قبلت امرأة ليست بامرأتي.
قال: زنى فوك. قال: رأيت قملة فطرحتها.
236

قال: تلك الضالة لا تبتغى.
وذكره في موضع آخر في رواية أبي بكر وأبي زكريا قال:
كنت عند ابن عباس وسأله رجل فقال: أخذت قملة فألقيتها ثم طلبتها فلم أجدها. فقال ابن عباس: تلك ضالة لا تبتغى.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
إلا أنه إذا كان القمل في رأسه لم أحب له أن يتفلى عنه لأنه / إماطة أذى فأكره له قتله وأمره أن يتصدق [فيه] بشيء وكل شيء يتصدق به فهو خير منه من غير أن يكون واجبا.
((684 - باب قتل النملة))
3244 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وأكره قتل النملة للمحرم وغير المحرم لأنه يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى عن قتل النملة.
فإن قتلها محرم فلا فدية فيها عليه لأنه إنما أمر بفداء الصيد الذي يؤكل لحمه.
قال أحمد:
قد روينا النهي عن قتلها فيما:
3245 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله الصغاني حدثنا إسحاق
237

الدبري أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] [أنه: نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد].
((685 - [باب]
الإحصار))
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله:
قال الله جل ثناؤه:
* (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله) *
قال: فلم أسمع ممن حفطت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفا في أن هذه الآية نزلت بالحديبية حين أحصر النبي [صلى الله عليه وسلم] فحال المشركون بينه وبين البيت وأن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالا ولم يصل إلى البيت ولا أصحابه إلا عثمان بن عفان وحده.
قال أحمد:
أما نزول الآية في ذلك فقد رويناه في أول كتاب الحج في حديث كعب بن عجرة.
ورويناه في المغازي.
وأما نحره بها:
3246 - فأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال:
238

نحرنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
3247 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
ونحر [صلى الله عليه وسلم] في الحل وقد قيل في نحر الحرم وحكاه في موضع آخر عن عطاء.
قال الشافعي:
وإنما ذهبنا / إلى أنه نحر في الحل وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم لأن الله تعالى يقول:
* (وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله) *
والحرم كله محله عند أهل العلم.
قال الشافعي:
فحيثما أحصر ذبح شاة وحل.
قال أحمد:
قد روينا عن مجاهد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحر الهدي بالحديبية حيث حل عند الشجرة.
وروينا في حديث قتادة عن أنس في قصة الحديبية أنهم ذكروا هديهم في أمكنتهم حيث حيل بينهم وبين مناسكهم.
3248 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه خرج إلى مكة زمن الفتنة معتمرا فقال: إن صددت عن البيت صنعت كما صنعنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
239

يعني أحللنا كما أحللنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام الحديبية.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
((686 - [باب]
من قال لا قضاء على المحصر))
3249 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيمن أحصر بعدو:
لا قضاء عليه فإن كان لم يحج حجة الإسلام فعليه حجة الإسلام من قبل قول الله تبارك وتعالى:
* (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) *
ولم يذكر قضاء.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
والذي أعقل في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية وذلك أنا قد علمنا في متواطئ أحاديثهم أن قد كان مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام الحديبية رجال معروفون بأسمائهم ثم اعتمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عمرة القضية وتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال علمته ولو لزمهم القضاء لأمرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - إن شاء الله - بأن لا يتخلفوا عنه ثم ساق الكلام إلى [قال:].
أن العمرة التي اعتمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بعد حصره إنما سميت عمرة القصاص وعمرة القضية إن الله تعالى اقتص برسوله فدخل عليهم كما منعوه لا على أن ذلك وجب عليه.
240

قال أحمد:
وروى الواقدي عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن كان شرطا على المسلمين [أن يعتمروا] قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه.
قال البخاري: وقال روح عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عذرا أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به [وإن استطاع أن يبعث به فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله].
3250 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:
* (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) *
يقول من أحرم بحج أو بعمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه فعليه ذبح ما استيسر من الهدي شاة فما فوقها يذبح عنه.
فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها.
وإن كانت حجة بعد حجة الفريضة فلا قضاء عليه.
قال أحمد:
قوله في المرض إن كان محفوظا فرواية الأكابر عن ابن عباس في أن لا حصر إلا حصر العدو يدل على أن المراد بهذا إذا كان قد شرط التحلل به منه عند إحرامه. والله أعلم.
((687 - [باب]
الإحصار بالمرض))
قال الشافعي رحمه الله:
241

الآية نزلت في الإحصار بالعدو.
وقرأت أن الآية بأمر الله بإتمام الحج والعمرة لله عامة على كل حاج ومعتمر إلا من استثنى الله ثم سن فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الحصر بالعدو.
3251 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وعن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قال:
لا حصر إلا حصر العدو.
وزاد أحدهما: ذهب الحصر الآن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
يعني أنه لا عدو يحول دون البيت.
ويعني أن الآية نزلت في من أحصره العدو لا من حبس بمرض.
وهكذا معنى قول عائشة وابن عمر: لا يحل المريض دون البيت.
3252 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة.
3253 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال:
المحصر لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة زاد الشافعي في رواة هذا الأثر في المبسوط فإن اضطر إلى شيء من لبس الثياب التي لا بد له منها صنع ذلك وافتدى.
قال الشافعي:
242

وهو المحصر بالمرض. والله أعلم.
3245 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ابن عمر، ومروان، وابن الزبير أفتوا ابن حزابة المخزومي وأنه صرع ببعض طريق مكة وهو محرم أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدي فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه وكان عليه أن يحج عاما قابلا ويهدي.
3255 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن رجل من أهل البصرة وكان قديما أنه قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت بالطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر والناس فلم يرخص لي أحد في أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر ثم حللت بعمرة.
3256 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إسماعيل بن علية عن رجل كان قديما وأحسبه قد سماه وذكر نسبه وسمي الماء الذي أقام به الدثنة وحدثنا شبيها بمعنى حديث مالك.
قال أحمد:
روينا عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله قال:
خرجت معتمرا حتى إذا كنت بالدثنية. فذكر معناه.
3257 - وبإسناد أبي عبد الله عن الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عائشة كانت تقول:
المحرم لا يحله إلا / البيت.
243

قال أحمد:
قد رويناه من وجه آخر عن القاسم بن محمد عن عائشة موصولا.
3258 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن شافع أن عبد الله بن عمر كان يقول:
لا يحل محرم بحج ولا عمرة حبسه بلاء حتى يطوف بالبيت إلا من حبسه عدو فإنه يحل حيث حبس ومن حبس في عمرة ببلاء مكث على حرمه حتى يطوف بالبيت العتيق ثم يحل من عمرته فإن منعه عدو في عمرته - قال أبو جعفر: يعني حل حيث حبسه - قال: ثم رجع حلالا ثم اعتمر بعد إذا أمن كما صنع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وإن حبسه بلاء حتى يفوته الحج طاف إذا بلغ البيت وبين الصفا والمروة ثم حلق أو قصر ثم رجع حلالا من حجه حتى يحج عاما قابل ويهدي فإن لم يجد هديا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
قال الشافعي في القديم:
فإن اضطر المحبوس بمرض إلى حلق شعر أو لباس ما ليس له لباسه فعل وافتدى أين كان في حل أو غيره ألا ترى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر كعب بن عجرة أن يذبح شاة وذلك في الحل.
وأن علي بن أبي طالب نسك عن ابنه الحسين بالسقيا وحلق رأسه.
قال أحمد:
أما حديث كعب فقد مضى إسناده وأما حديث علي ففيما:
3259 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء الرحبي مولى عبد الله بن جعفر أنه أخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على حسين بن علي وهو مريض بالسقيا فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج وبعث إلى علي بن أبي
244

طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه ثم أن حسينا أشار إلى رأسه فأمر علي بن أبي طالب برأسه فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا.
قال يحيى: وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان / في سفره ذلك.
قال الشافعي:
وخالفنا بعضهم في المحبوس بالمرض فقالوا: هو المحصر بالعدو لا يفترقان.
وقال يبعث المحصر بالبدن ويواعده يوما يذبحه فيه عنه.
وقال بعضهم: إنا إنما اعتمدنا في هذا على شيء رويناه عن ابن مسعود.
قال أحمد:
روى الأسود وغيره عن ابن مسعود في الذي يلدغ وهو محرم بالعمرة مما حصر فقال عبد الله:
ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمار فإذا ذبح الهدي بمكة حل هذا.
وأجاب الشافعي عنه بجواب مبسوط وجملته أن الذي روينا عنهم مثل مذهبنا قولهم أشبه بالقرآن.
وأنهم عدد فقولهم أولى لأن من قال: يبعث بالهدي ويواعده يوما يحل وهو لا يدري لعل الهدي لم يبلغ محله فيأمر بالخروج من شيء لزمه بالظن.
قال أحمد:
وأما حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى '.
فقد اختلف في إسناده فقيل:
245

عن يحيى بن أبي كثير أن عكرمة مولى ابن عباس حدثه قال حدثني الحجاج بن عمرو.
هكذا قال الحجاج الصواف عن يحيى. وقيل عنه عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو هكذا قاله معمر ومعاوية بن سلام.
وفي الحديث قال عكرمة:
فحديث ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق الحجاج.
والثابت عن ابن عباس برواية أصحابه عنه خلاف هذا.
وذهب أكثرهم إلى أنه لا يحل بنفس الكسر والعرج وخالفوا ظاهر هذا الحديث.
فيشبه أن يكون هذا إن صح وأراد فيمن كان قد اشترط ذلك في عقد الإحرام فعل عند وجود الشرط وعليه حجة أخرى إن كان يقضي فرضا فلم يأت به.
وقد حمله بعض أصحابنا على أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج لغير مرض. والله أعلم.
وأما حديث محمد بن إسحاق بن يسار عن عمرو بن ميمون عن أبي حاضر الحميري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا
عام الحديبية / في عمرة القضاء فهكذا رواه محمد بن سلمة عن ابن إسحاق.
ورواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن عمرو بن ميمونة عن أبي حاضر
الحضرمي عن ابن عباس أنه سئل عما يحرم في الإحصار على بدله؟ قال: نعم فأبدل فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه قد أبدلوا الهدي الذي نحروا عام صدهم المشركون فأبدلوا ذلك في عمرة القضاء.
3260 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا العطاردي حدثنا يونس فذكره.
246

وفي الحديث قصة.
وليس فيه الأمر من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالإبدال ولعله إن صح الحديث استحب الإبدال وإن لم يكن واجبا.
كما استحب الإتيان بالعمرة وإن لم تكن قضاء ما أحصر عنه واجبا بالتحلل.
والله أعلم.
((688 - باب الاستثناء في الحج))
3261 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مر بضباعة بنت الزبير فقال:
' أما تريدين الحج '؟.
فقالت: إني شاكية. فقال لها:
' حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني '.
3262 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة: هل تستثني إذا حججت؟
فقلت لها: ماذا أقول؟ فقالت قولي:
اللهم الحج أردت وله عمدت فإن سيرته فهو الحج وإن حبسني حابس فهي عمرة.
247

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
لو ثبت حديث عروة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الاستثناء لم أعده إلى غيره لأنه لا يحل عندي خلاف، يثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
أما حديث سفيان بن عيينة فقد رواه عنه عبد الجبار بن العلاء موصولا فذكر عائشة فيه.
وقد ثبت وصله أيضا من جهة أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح.
وثبت عن / معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
وثبت عن عطاء وسعيد بن جبير وطاوس وعكرمة عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهو مخرج في كتاب مسلم قرن عكرمة بغيره.
وقد أخرجنا جميع ذلك في كتاب السنن.
3263 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عباد بن العوام عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت:
يا رسول الله إني أريد الحج أشترط؟ قال:
' نعم '.
قالت: فكيف أقول؟ قال:
' قولي لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني '.
248

3264 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أمية حج واشترط فإن لك ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت.
قال أحمد:
وروينا عن ابن مسعود مثل قول عائشة.
وروينا عن أم سلمة أنها كانت تأمر بالاشتراط في الحج وروي عن علي وعمار.
قال الشافعي: في روايتا عن أبي عبد الله بالإجازة:
وبعض أصحابنا يذهب إلى إبطال الشرط وليس يذهب في إبطاله إلى شيء عال أحفظه.
أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سأله عن الاستثناء في الحج فأنكره.
قال أحمد:
ابن شهاب إنما يرويه في رواية يونس بن يزيد عنه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ولو بلغه حديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في ضباعة بنت الزبير لم ينكره كما لم ينكره أبوه. فيما روينا عنه. والله أعلم.
((689 - [باب]
المرأة لا تحرم بغير إذن زوجها))
3265 - أخبرنا أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد / ومسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في المرأة تهل بالحج فمنعها زوجها هي بمنزلة المحصر.
249

قال أحمد:
وروينا عن إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها زوجها في الحج قال:
' ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها '.
3266 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد المزكي حدثنا علي بن الحسين بن بشار حدثنا محمد بن أبي يعقوب حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا إبراهيم الصائغ فذكره.
تفرد به حسان عن إبراهيم ويحتمل أن يكون إن صح قبل إحرامها على الاختيار لها والله أعلم.
((690 - [باب]
من قال ليس له منعها المسجد الحرام لفريضة الحج))
3267 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا بعض أهل العلم عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وإذا خرجن فليخرجن تفلات '.
وذكر الشافعي أيضا حديث ابن عمر في هذا ثم حمله على الخصوص واستدل عليه بما:
3268 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
250

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب يقول:
' لا يخلون رجل بامرأة ولا يحل لامرأة تسافر إلا ومعها ذو محرم '.
فقام رجل فقال: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وأن امرأتي انطلقت حاجة فقال:
' انطلق فاحجج بامرأتك '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان واستدل الشافعي في جواز منعها عن سائر المساجد وعن المسجد الحرام لغير الفريضة بأن الأسفار إلى المساجد نافلة غير السفر للحج وللزوج منعها عن النافلة.
3269 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة أنه سمع عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] تقول:
إن كان ليكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أصومه إلا حتى يأتي شعبان.
أخرجه مسلم من حديث يحيى.
قال الشافعي:
ومنع عمر بن الخطاب أزواج النبي [صلى الله عليه وسلم] الحج لقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما هي هذه الحجة ثم ظهور الحصر '
قال أحمد:
251

قد روينا عن أبي واقد الليثي وأبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ذلك لنسائه في حجته.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه أذن لهن في الحج في آخر حجة حجها.
وفي ذلك دلالة على أنه كان يمنعهن عن ذلك قبله.
قال الشافعي:
ولما لم يختلف العامة أن ليس على المرأة شهود جماعة كما هي على الرجال وأن لوليها حبسها كان هذا اختيارا لا فرضا على الولي أن يأذن للمرأة في ذلك.
((691 - [باب]
خروجها في سفر الحج))
3270 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: قال الله جل ثناؤه:
* (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) *
وروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أن السبيل الزاد والراحلة.
فإذا كانت المرأة ممن تجد مركبا وزادا وتطيق السفر للحج فهي ممن عليه فرض الحج فلا يحل أن تمنع فريضة الحج كما لا تمنع فريضة الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض.
قال وإنما نهيت عن السفر فيما لا يلزم.
واستدل على ذلك بخروجها في كل سفر يلزمها وذلك مثل خروجها إلى الحاكم فيما يلزمها من الحقوق والحدود وخروجها في سفر التغريب إذا زنت وهي بكر وغير ذلك.
3271 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
252

وتؤمر المرأة أن لا تخرج إلا مع محرم فإن لم يكن لها محرم أو كان فامتنع من الخروج معها لم يجبر على الخروج فإن كانت طريقها مأهولة آمنة وكانت مع نساء ثقات / أو امرأة واحدة ثقة خرجت فحجت.
قال في موضع آخر:
وقد بلغنا عن عائشة وابن عمر، وعروة مثل قولنا في أن تسافر المرأة للحج وإن لم يكن معها محرم.
3272 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا حسان بن عبد الله حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها حدثته أنها كانت عند عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] فأخبرت أن أبا سعيد الخدري يخبر عن رسول الله [صلى الله
عليه وسلم] قال:
' لا يحل للمرأة أن تسافر ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم '.
فالتفتت إلينا عائشة فقالت:
ما كلهن لها ذو محرم.
قال الشافعي في القديم:
وبلغا أن ابن عمر سافر بمولاة له ليس هو لها محرم ولا معها محرم.
3273 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عقبة بن خالد حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر سافر بمولاة له يقال لها: صافية على عجز بعير.
وروى بكير بن الأشج عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر مواليات ليس معهن ذو محرم.
وهذا إذا ضم إلى الأول منع من حمله على سفر لا يبلغ ثلاثة فسفر الحج كان يزيد على ذلك.
253

((692 - [باب]
نهي المرأة عن الخروج فيما لا يلزمها من غير محرم))
3274 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم [منها] '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
وحديث ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تسافر ' امرأة إلا مع ذي محرم '.
قد مضى ذكره وفي ذلك منعها من الخروج في قليل السفر وكثيره من غير ذي محرم.
وفي حديث أبي هريرة منعها من ذلك فيما / بلغ يوما وليلة.
وفي إحدى الروايات عن أبي سعيد الخدري: يومين.
وفي رواية: ثلاثة أيام. وفي رواية: فوق ثلاثة أيام وفي رواية ابن عمر ثلاثا.
وكل ذلك عندنا والله أعلم خرج مخرج الجواب فكأنه سئل عن كل عدد من هذه الأعداد فنهى عنه فأدى كل واحد من الرواة ما سمع فلا يجوز خروجها فيما لا يلزمها في قليل السفر وكثيره من غير ذي محرم.
ومن زعم أن هذه الأعداد دون الثلاث صارت منسوخة بخبر الثلاث فإنه يريد تصحيح الأخبار على مذهبه لا يزال يدعي نسخ ما لا يقول به بما نقول به من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
254

ولو زعم آخر أنه منع من ذلك أولا في مسيرة ثلاث ثم خشي الضيعة عليهن في يومين فمنع منها ثم خشي الضيعة عليهن في أقل من ذلك فمنع منه ومن الخلوة بهن كان كهو فيما ادعى من النسخ بلا حجة بل هذا أحسن احتمالا وأحوط عليهن. وبالله التوفيق.
((693 - [باب]
الأيام المعلومات والمعدودات))
3275 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
الأيام المعدودات أيام منى ثلاثة بعد يوم النحر وهي أيام التشريق.
والأيام المعلومات أيام العشر فيها يوم النحر (........) كذلك روي عن ابن عباس.
3276 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر البغدادي حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا علي بن المديني حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في هذه الأيام:
* (واذكروا الله في أيام معدودات) *
قال: هي أيام التشريق. وقال في هذه:
* (واذكروا الله في أيام معلومات) *
قال: أيام العشر.
قال علي: حدثني به هشيم عن أبي بشر.
255

((694 - [باب]
الهدي))
3277 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي / رحمه الله:
من نذر هديا فسمى شيئا فعليه الشيء الذي سمى [صغيرا كان أو كبيرا] ومن لم يسم شيئا أو لزمه هدي ليس بجزاء من صيد فيكون عدله فلا يجزيه من الإبل والبقر والمعز الاثني فصاعدا ويجزيه الذكر والأنثى ويجزي من الضأن وحده الجذع من الموضع الذي يجب عليه فيه الحرم لا محل للهدي دونه إلا أن يسمي الرجل موضعا من الأرض [فينحر فيه هديا] ويحصر رجل بعدو [فينحر حيث أحصر ولا هدي إلا في الحرم لا في غير ذلك].
قال أحمد:
قد روينا عن جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن '.
وقال الله عز وجل:
* (ثم محلها إلى البيت العتيق) *
((695 - باب الاختيار في التقليد والإشعار))
3278 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
والاختيار في الهدي أن يتركه صاحبه مستقبل القبلة ثم يقلده نعلين ثم يشعره
256

في الشق الأيمن.
والإشعار [في الهدي]: أن يضرب بحديدة في سنام البعير [أ] وسنام البقرة حتى تدمى.
قال: ويذكر اسم الله على الإشعار.
3279 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم القداح عن شعبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أشعر من الشق الأيمن.
قال أحمد:
وقد رواه شعبة وغيره عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنه من جانب سنامها الأيمن.
قال شعبة في حديثه: ثم سلت عنها الدم.
وقال هشام: ثم أماط عنها الدم وأهل بالحج.
وقال هشام: وأهل عند الظهر وقلدها نعلين.
3280 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة وهشام فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة وهشام.
وأخرجه البخاري من حديث المسور بن مخرمة عن النبي / [صلى الله عليه وسلم].
3281 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيسر أو في الأيمن.
257

وإنما يقول الشافعي بما روي في ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في القديم:
ويتصدق بالنعال وجلال البدن وذكره عن ابن عمر.
وقد روينا عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يتصدق بجلال بدنه.
قال الشافعي في الجديد:
ولا يشعر المعتمر ويقلد الرقاع وخرب القرب.
قال أحمد:
قد روينا عن عائشة أنها قالت:
أهدى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرة غنما فقلدها.
وقالت عائشة: فتلت قلائدها من عهن كان عندنا.
((696 - باب لا يصير بالتقليد والإشعار وهو يريد الإحرام محرما))
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن زيادا كتب إلى عائشة أن ابن عباس قال: من أهدي هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر [فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي قالت عمرة]:
قالت عائشة:
ليس كما قال ابن عباس أنا قلدت قلائد هدى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيدي ثم قلدها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [بيديده] ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شيء أحله الله له حتى نحر الهدي.
258

3282 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
((697 - [باب]
اشتراك سبعة في بدنة أو بقرة))
3283 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي:
هل يشتري السبعة جزورا فينحرونها عن هدي إحصار أو تمتع؟
فقال: نعم. فقلت: وما الخبر في ذلك؟
فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر قال:
نحرنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
قال الشافعي:
/ وإذا نحروا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام الحديبية بدنة عن سبعة وبقرة عن سبعة فالعلم يحيط أنهم من أهل بيوتات شتى لا من أهل بيت واحد. ثم ساق الكلام إلى [أن] قال:
كان ينبغي أن يكون هذا العمل عندك لا تخالفوه لأنه فعل النبي [صلى الله عليه وسلم] وألف وأربع مائة من أصحابه.
3284 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال:
كنا يوم الحديبية ألف وأربع مائة وقال لنا النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أنتم اليوم خير أهل الأرض '.
259

قال جابر: ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
((698 - باب ركوب البدنة))
3285 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا يسوق بدنة فقال:
' إركبها '.
فقال: يا رسول الله إنها بدنة. قال:
' إركبها ويلك '.
في الثانية أو الثالثة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3286 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا ساق الهدي فليس له أن يركبه إلا من ضرورة وإذا اضطر إليه ركبه ركوبا غير فادح.
قال: وليس له أن يشرب من لبنها إلا بعد ري فصيلها.
قال أحمد:
وهذا لما روينا في الحديث الثابت عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابرا سئل عن ركوب البدنة فقال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا '.
260

3287 - أخبرناه أبو عثمان سعيد بن محمد بن عبدان حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد القطان.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن رجل اشترى بقرة ليضحي بها فتجت.
فقال: / لا تشرب لبنها إلا فضلا فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها عن سبعة.
وروينا عن عروة بن الزبير معنى قول الشافعي في الركوب واللبن جميعا.
((699 - باب كيف النحر))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وتنحر الإبل قياما غير معقولة وإن أحب عقل إحدى قوائمها.
قال أحمد:
روينا عن ابن عمر أنه أتى على رجل وهو ينحر بدن باركة فقال ابعثها قياما مقيدة سنة نبيكم [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأحب إلي أن يذبح النسيكة صاحبها أو يحضر الذبح فإنه يرجى عند سفوح الدم المغفرة.
261

قال أحمد:
روي هذا في حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة كل ذنب '.
3288 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نحر بعض هديه بيده ونحر بعضه غيره.
وفي رواية جابر بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن جابر في هذا الحديث قال:
ثم انصرف إلى المنحر _ يعني النبي [صلى الله عليه وسلم] _ فنحر بثلاثا وستين بدنة وأعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعه فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم أفاض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى البيت فصلى بمكة الظهر.
3289 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل. فذكره.
رواه مسلم عن أبي بكر.
3290 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
والنحر يوم النحر وأيام منى كلها.
قال أحمد:
روينا في حديث منقطع عن جبير بن مطعم عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أيام التشريق كلها ذبح '.
وهو قول عطاء والحسن.
262

وروي عن علي وابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
قال الله عز وجل:
* (محلها إلى البيت العتيق) *.
/ فزعم بعض أهل التفسير أن محلها الحرم.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فجاج مكة منحر '.
وهذا فيما:
3291 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا ابن عبد الحكم حدثنا ابن وهب.
3292 - (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا [الشافعي قال حدثنا] عبد الله بن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد أن عطاء بن أبي رباح حدثه أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' كل عرفة موقف وكل المزدلفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر '.
لفظ حديث أبي زكريا.
((700 - [باب]
الأكل من الهدي الذي يكون تطوعا دون ما كان أصله واجبا))
3293 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
263

قال الله عز وجل:
* (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا) *.
قال: وأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من كل جزور ببضعه فطبخت ثم أكل من لحمها وحسى من مرقعها.
قال أحمد:
قد مر هذا في حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي:
وهدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تطوع لأنه كان مفردا لا هدي عليه منها.
احتمل أن يكون على التطوع منها دون الواجب لأنا وجدنا من لقينا ممن حفظنا عنه يقولون لا يأكل من فدية الرأس ولا جزاء الصيد ولا النذر.
قال: والسنة في كعب بن عجرة تدل على مثل ما وصفنا لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره أن
يتصدق ولم يذكر أكلا وبسط الكلام في هذا.
3294 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا أبو النضر أخبرنا أبو خثيمة حدثنا عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب قال:
أمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها وأن لا أعطي أجر الجزار منها. وقال:
' نحن نعطيه من عندنا '.
وهذا مخرج في الصحيحين في بعض طرق هذا / الحديث أنه أمره يقسمها في المساكين.
وإذا جمعنا بين هذا وبين حديث جابر كان هذا فيما عدا ما أكل منها أو كان
264

ذلك في وقت آخر. والله أعلم.
وروينا عن ابن عمر أن عمر أهدى نجيبا فأعطى بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكر ذلك له وقال:
فابتعها واشتري بثمنها بدنا؟
قال:
' لا انحرها إياها '.
3295 - أخبرناه الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحمن عن جهم بن الجارود عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: أهدى عمر بن الخطاب نجيبا. فذكره.
وبمثل هذا المعنى أجاب الشافعي فيما أوجبه من الهدايا بكلامه.
((701 - [باب]
الهدي الذي أصله تطوع إذا ساقه فعطب وأدرك ذكاته فنحره وصبغ))
3296 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أبو التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل فأمره فيها بأمره فانطلق ثم رجع إليه فقال: أرأيت إن أرجف علينا منها شيء؟ قال:
' فانحرها ثم اصبغ نعليها في دمها ثم اجعلها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن إسماعيل.
3297 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك بن أنس عن هشام بن
265

عروة عن أبيه:
أن صاحب هدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' انحرها ثم ألق قلادتها في دمها ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها '.
3298 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية صاحب بدن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال:
' انحره ثم اغمس قلادته في دمه ثم اضرب بها صفحته ثم خل بينه وبين الناس '.
وأما الهدي الواجب:
فقد قال الشافعي:
كل ما عطب منه / دون الحرم فلم يبلغ مساكن الحرم فعليه بدله وله أن يأكله ويبيعه لأنه قد خرج من أن يكون محرما فيما وجه له.
3299 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل الصفار حدثنا عبد الكريم بن الهيثم حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب قال قال نافع:
كان ابن عمر يقول أيما رجل أهدى بدنة فضلت فإن كانت نذرا أبدلها وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها.
وكذلك رواه مالك عن نافع موقوفا إلا أنه قال: فضلت أو ماتت.
ورواه عبد الله بن عامر الأسلمي _ وليس بالقوي _ عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فاختلف عليه في لفظه.
فقيل: هكذا. وقيل:
266

ومن أهدى هديا تطوعا ثم عطب فإن شاء أكل وإن شاء ترك وإن كان نذرا فليبدل.
وروي عن أبي الخليل عن أبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بخلاف ذلك.
قال في التطوع:
' فلا يأكل منه وإن كان هديا واجبا فليأكل إن شاء فإنه لا بد من قضائه '.
وهذا أشبه وفيه أيضا إرسال بين أبي الخليل وأبي قتادة.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أهدي مرة غنما.
3300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو جعفر أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش فذكره بإسناده مثله.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
3301 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكره بإسناده إلا أنه قال:
أهدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرة غنما فأقلدها رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية.
((702 - [باب]
إتيان المدينة))
3302 - أخبرنا سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في كتاب النذور في مسألة ذكرها:
وأحب إلي لو نذر شيء إلى مسجد المدينة أن يمشي / لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
267

' لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد
بيت المقدس '.
قال أحمد:
هذا الحديث رواه ابن المسيب وغيره عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ويختلفون في لفظه فمنهم من رواه هكذا ومنهم من رواه:
' وإنما تشد الرحال إلى ثلاثة '.
ومنهم من رواه:
' إنما يسافر إلى ثلاثة إلى مساجد '.
وقال [صلى الله عليه وسلم]:
' صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام '.
وروينا عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما من أحد يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتى أرد عليه السلام '.
وكان ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال:
السلام [عليك] يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه.
268

3303 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قد كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يأتي قباء راكبا وماشيا.
3304 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين حدثنا أبو العباس قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأتي قباء ماشيا وراكبا.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله.
((703 - [باب]
ما يقول في القفول))
قال الشافعي رحمه الله في سنن حرملة:
أخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزو فأوفى على فدفد من الأرض قال:
' لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون _ إن شاء الله _ عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده '.
قال: وحدثنا سفيان حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر _ يعني بذلك _ ولم يقل: إن شاء.
قال الشافعي:
هكذا يجب لكل / من قدم من سفر ما كان اقتداء بالنبي [صلى الله عليه وسلم].
3305 - أخبرنا بالحديث أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا سفيان فذكر الإسنادين جميعا.
ومتن حديث الشافعي أتم.
أخرجه البخاري من حديث صالح. وأخرجه هشام من حديث عبيد الله.
269

3306 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان قال:
قلت لابن طاوس ما كان أبوك يقول إذا ركب الداية قال: كان يقول:
اللهم إن هذا من رزقك ومن عطائك فلك الحمد ربنا على نعمتك * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) *.
3307 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار أخبرنا أبو البحتري عبد الله بن محمد بن شاكر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يطرق أهله ليلا يقدم غدوة أو عشيا.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد.
هذا آخر كتاب المناسك.
270

بسم الله الرحمن الرحيم
((13 - كتاب البيوع))
3308 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله قال:
قال الله عز وجل:
* (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) *
وقال الله [تعالى]:
* (أحل الله البيع وحرم الربا) *
ثم ذكر الشافعي ما في آية الإحلال من الاحتمال وبسط الكلام فيه إلى أن قال:
فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضى المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا ما نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منه أو ما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
271

((704 - [باب]
بيع خيار الرؤية))
/ أباح الشافعي رحمه الله هذا البيع في القديم في كتاب الصرف والصلح وغيرهما ثم رجع عنه فقال: لا يجوز بيع الرؤية لما فيه من الغرر.
3309 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الغرر وعن بيع الحصا أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عبيد الله.
3310 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال:
نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع ما ليس عندي.
وأما حديث: ' من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه '.
فإنه إنما رواه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن مكحول رفع الحديث إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو مرسل وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف.
وأسنده عمر بن إبراهيم الكردي من أوجه عن ابن سيرين عن أبي هريرة.
وإنما رواه الثقات من أصحاب ابن سيرين من قوله:
وعمر بن إبراهيم كان يضع الحديث قاله: أبو الحسن الدارقطني رحمه الله في
272

جميع ذلك فيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه.
والأصل في هذا ما روي عن ابن أبي مليكة:
أن عثمان ابتاع من طلحة أرضا بالمدينة ناقله بأرض له بالكوفة فلما تباينا ندم عثمان ثم قال: بايعتك ما لم أره؟ فقال طلحة: إنما النظر لي إنما ابتعت مغيبا وأما أنت فقد رأيت ما ابتعت.
فجعل بينهما [حكما فحكما] جبير بن مطعم فقضى على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة أنه ابتاع مغيبا.
((705 - [باب]
خيار المتبايعين))
3311 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المتبايعان كل واحد منها / على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
3312 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا عن ابن جريج قال أملى علي نافع مولى ابن عمر أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا تبايع المتبايعان البيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكونا بيعهما عن خيار '.
273

قال نافع: كان عبد الله بن عمر إذا ابتاع فأراد أن يوجب البيع مشى قليلا ثم رجع.
3313 - أخبرناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان أخبرنا ابن جريج فذكره بإسناده ومعناه.
قال فكان ابن عمر إذا بايع الرجل ولم يخيره فأراد أن لا يقبله قام هنيهة ثم رجع.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر، وغيره عن سفيان.
3314 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن يحيى بن حبان عن الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإذا خير أحدهما الآخر وتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع '.
رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة.
ورواه مسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح عن الليث.
3315 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة.
3316 - (ح) وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
274

' البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن / خيار فإذا كان البيع عن خيار فقد وجب '.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار.
وأخرجه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار وقالا: في لفظ كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بالخيار.
3317 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن حكيم بن حزام قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا وجبت البركة في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت البركة من بيعهما '.
3318 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا أبو الوليد وحفص بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن قتادة فذكره بإسناده إلا أنه قال: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' المتبايعان بالخيار ' وقال: ' بورك لما في بيعهما '. والباقي سواء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة وهمام عن قتادة.
وروينا في كتاب السنن عن عمرو بن شعيب قال: سمعت شعيبا يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' أيما رجل ابتاع من رجل بيعة فإن كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة خيار '.
275

3319 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن ابن الوضيء قال: كنا في غزاة فباع صاحب لنا فرسا من رجل فلما أردنا الرحيل خاصمه فيه إلى أبي برزة فقال أبو برزة سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا '.
قال الشافعي:
والحديث ما بين هذا أيضا لم يحضرني الذي حدثني حفظه وقد سمعته من غيره أنهما باتا ليلة ثم غدوا عليه فقال: لا أراكما تفرقتما / وجعل له الخيار إذا باتا مكانا واحدا بعد البيع.
قال أحمد:
ومعنى هذا قد رواه سليمان بن حرب عن حماد بن زيد.
ورواه مسدد عن حماد بن هشام بن حسان قال حدث جميل أنه قال:
لا أراكما افترقتما.
3320 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
إذا وجب البيع خيره بعد وجوبه [قال] يقول: اختر إن شئت فخذ وإن شئت فدع.
قال فقلت: فخيره بعد وجوب البيع فأخذ ثم ندم قبل أن يتفرقا من مجلسهما ذلك أيقبله منه لا بد؟ قال: لا حسبه إذا خيره بعد وجوب البيع.
3321 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بن أبي
276

تميمة عن ابن سيرين عن شريح أنه قال: شاهدان ذوا عدل إنكما تفرقتما بعد رضى ببيع أو خير أحدهما صاحبه بعد البيع.
قال الشافعي:
وبهذا نأخذ وهو قول الأكثر من أهل الحجاز والأكثر من أهل الآثار بالبلدان.
قال أحمد:
وقد روينا في ذلك عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي.
ومن ترك الحديث فلم يقل به حمله على ما يوافق مذهبه فقال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا في الكلام.
وقد أجاب الشافعي عنه فيما قرأت على أبي سعيد بإسناده بأنه محال لا يجوز في اللسان [قال: وما إحالته؟ وكيف لا يحتمله اللسان؟ قلت]: إنما يكونان قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين قبل التبايع ثم يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم متبايعين حتى يتبايعا ويتفرقا في الكلام على التبايع.
ثم بسط الكلام في الدلالة عليه والاستشهاد بحديث الصرف والاستدلال بقول عمر. وهو الرواية على معنى قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ها وها '.
إنه هو لا يتفرقا حتى يتقابضا ثم قال:
أرأيت لو احتمل اللسان ما قلت وما قال من خالفك إما أن يكون من قال بقول الرجل الذي سمع الحديث أولى أن يصار إلى قوله لأنه الذي سمع الحديث فله فضل السماع والعلم بما سمع وباللسان؟
277

قال: بلى. قلت: فلما لم تعط هذا ابن عمر وهو سمع من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا '.
قال: كان إذا اشترى شيئا يعجبه أن يجب له إن فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع.
أخبرنا بذلك سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر.
3322 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال الشافعي: فذكر هذا الحديث.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
[ولم] لم تعط هذا أبا برزة فهو سمع من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' البيعان بالخيار '.
وقضى به وقد تصادقا أنهما تبايعا ثم كانا معا لم يتفرقا في ليلتها ثم غدوا عليه فقضى أن لكل واحد منهما الخيار في [رد] بيعه.
قال أحمد:
وزعم بعض من يدعي العلم بالآثار ويريد تسويتها على مذهبه أن ابن عمر قد قال:
ما أدركته الصفقة حيا فهو من مال المبتاع.
فدل على أنه كان يرى تمام البيع بالقول قبل الفرقة.
وهذا الذي ذكره عن ابن عمر لا ينافي مذهبه في ثبوت الخيار لأن الملك ينتقل بالصفقة مع ثبوت الخيار.
وقد قيل: إذا تفرقا ولم يختر كل واحد منهما اتصح فقد علمنا انتقال الملك
278

بالصفقة ثم كان هو يرى المبيع في يد البائع من ضمان المشتري وغيره يراه من ضمان البائع من ثبوت الخيار فيه حتى يتفرقا أو يخيرا في قوله وقولنا.
ولو قبضه المبتاع في مدة الخيار حتى يكون من ضمانه في قولنا أيضا لم يمنع ثبوت الخيار كذلك إذا لم يقبضه عنده وإذا لم يمنع قولنا أنه من ضمان البائع لزوم البيع لم يمنع قوله أنه من ضمان المبتاع ثبوت الخيار.
وزعم في حديث أبي برزة أنهما كانا قد تفرقا بأبدانهما لأن فيه أن الرجل قام يسرج فرسه وقول أبي برزة حين وجدهما متناكران أحدهما يدعي البيع والآخر ينكره:
ما أراكما تفرقتما.
أي الفرقة التي يتم بها البيع وهي الفرقة بالكلام.
فسوى الحديث هكذا على مذهبه ولم يعلم / أنهما كانا باتا معا عند الفرس وحين قام البائع إلى فرسه يسرجه لم يفترق بهما المجلس.
وفي رواية مسدد عن حماد بن زيد:
فأبى الرجل - يعني المبتاع - وأخذه بالبيع.
وفي رواية هشام عن جميل:
أليس قد بعتنيها. قال: ما في هذا البيع من حاجة قال: ما لك ذلك لقد بعتني.
فإنما تنازعا في لزوم البيع وليس في شيء من الروايات أن صاحبه أنكر البيع لا في الحال ولا حين أتيا أبا برزة.
فالزيادة في الحديث ليستقيم التأويل غير محمودة.
وبالله التوفيق.
3323 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي حكاية عن بعضهم فقال:
فإنا قد روينا عن عمر أنه قال: البيع عن صفقة وخيار.
قال الشافعي:
279

أرأيت إذا جاء عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما وصفت أفترى في أحد مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة؟ قال: عامة من حضره: لا.
قال الشافعي: وليس بثابت عن عمر. وقد رويتم عن عمر مثل قولنا زعم أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي أن عمر قال: البيع عن صفقة أو خيار.
وكذا في كتابنا.
وفي رواية الزعفراني عن الشافعي في هذا الحديث أن عمر قال:
البيعان أو قال المبتاع بالخيار ما لم يتفرقا.
وهذا الذي يليق بكرمه.
قال الشافعي في روايتنا:
وهذا مثل ما روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. قال: هذا منقطع.
قال: قلت وحديثك الذي رويت عن عمر غلط ومجهول ومنقطع فهو جامع لجميع ما ترد به الأحاديث.
قال: لئن أنصفناك ما يثبت بمثله.
فقلت: احتجاجك به مع معرفتك بمن حدثه وعن من حدثه ترك النصفة.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: فما معناه عندك؟ قلت: البيع صفقة بعدها تفرق أو خيار.
وذلك بعد أن أحال تعلق وجوب البيع بالخيار بلا صفقة وظاهره يقتضي وجوبه بأحد أمرين.
قال أحمد:
حديثهم يروى أيضا عن مطرف وتارة عن الشعبي عن عمر.
280

وتارة عن عطاء بن أبي رباح عن عمر:
البيع صفقة أو خيار.
ورواه محمد / بن عبد الرحمن عن نافع.
وليس بمحفوظ.
وقيل عن شيخ من بني كنانة عن عمر.
وكل ذلك منقطع ومجهول كما قال الشافعي.
((706 - باب تفسير بيع الخيار))
3324 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
واحتمل قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إلا بيع الخيار '.
معنيين أظهرهما عند أهل العلم باللسان وأولاهما بمعنى السنة والاستدلال بها والقياس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذ جعل الخيار للمتبايعين والمتبايعان اللذان عقدا البيع حتى يتفرقا إلا بيع الخيار فإن الخيار إذا كان لا ينقطع بعد عقد البيع في السنة حتى يتفرقا وتفرقهما هو أن يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه كان بالتفرق أو بالتخيير وكان موجودا في اللسان والقياس إذا كان البيع يجب بشيء بعد البيع وهو الفراق أن يجب بالثاني بعد البيع فيكون إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع كان الاختيار تحديد شيء يوجبه كما كان التفرق تحديد شيء يوجبه ولو لم يكن فيه سنة تبينه بمثل ما ذهبت إليه كان ما وصفنا أولى المعنيين أن يؤخذ به لما وصفت من القياس مع أن سفيان بن عيينة أخبرنا عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال:
281

خير رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رجلا بعد البيع فقال الرجل عمرك الله ممن أنت؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' امرؤ من قريش '.
قال: فكان أبي يحلف ما الخيار إلا بعد البيع.
قال الشافعي:
وبهذا نقول.
3325 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا: أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال الشافعي أخبرنا سفيان فذكره.
وقد روينا عن أبي الزبير عن جابر موصولا: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] اشترى من أعرابي حمل خبط فلما وجب البيع قال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' اختر '.
وروينا في الحديث الثابت عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن / عمر
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر '.
وفي رواية ابن علية عن أيوب:
' حتى يتفرقا أو يكون بيع خيار '.
قال وربما قال نافع:
' أو يقول أحدهما للآخر اختر '
282

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقد قال بعض أصحابنا يجب البيع بالتفرق بعد الصفقة ويجب بأن يعقد الصفقة على خيار وذلك أن يقول الرجل لك بسلعتك كذا بيعا خيارا فيقول قد اخترت البيع.
قال الشافعي:
وليس نأخذ بهذا وقولنا الأول: أن لا يجب البيع إلا بتفرقهما أو يخير أحدهما صاحبه بعد البيع فيختاره.
((707 - باب خيار الشرط))
3326 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان قال أخبرني محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر:
أن حبان بن منفذ كان سفع في رأسه مأموم فثقل لسانه فكان يخدع في البيع فجعل له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما ابتاع من شيء فهو بالخيار ثلاثا وقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قل لا خلا به '.
قال ابن عمر فسمعته يقول: لا خذا به.
قال الربيع قال الشافعي:
وأصل البيع على الخيار لولا الخبر كان ينبغي أن يكون فاسدا.
فلما شرط رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في المصراه خيار ثلاث بعد البيع.
وروي عنه أنه جعل لحبان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع.
283

انتهينا إلى ما أمر به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من الخيار ما لم يجاوزه.
وبسط الكلام في شرحه.
((708 - [باب]
المقبوض على شرط فيه الخيار وعلى طريق السوم))
قال الشافعي:
قد روى المشرقيون عن عمر بن الخطاب أنه سام بفرس وأخذها بأمر صاحبها فسار بها لينظر إلى مشيتها فكسرت فحاكم عمر صاحبها إلى رجل فحكم عليه أنها ضامنة عليه حتى يردها كما أخذها سالمة.
فأعجب ذلك عمر وأنفذ قضاءه ووافقه عليه واستقضاه.
قال الشافعي:
فإذا كان هذا على مساومة ولا نسميه أنه من أسباب البيع فرأى عمر والقاضي عليه أنه ضامن له فما سمى له ثمن وجعل فيه الخيار أولى أن يكون مضمونا من هذا.
قال أحمد:
وهذا فيما روينا عن شعبة عن سيار بن أبي الحكم عن الشعبي قال:
أخذ عمر بن الخطاب فرسا من رجل على سوم فحمل عليه رجلا فعطب عنده فخاصمه الرجل فقال [عمر]:
اجعل بيني وبينك رجلا.
فقال الرجل فإني أرضى بشريح العراقي. فأتوا شريحا فقال شريح لعمر: أخذته صحيحا سليما وأنت له ضامن حتى ترده صحيحا سالما.
فأعجب عمر بن الخطاب فبعثه قاضيا.
3327 - أخبرناه أبو عبد الله بن الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن
284

القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم حدثنا شعبة:
فذكره.
((709 - [باب]
الربا))
قال الشافعي رحمه الله في كتاب القديم:
قال الله تبارك وتعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) *
قال الشافعي:
وضع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الربا لما أنزلت آية الربا ورد الناس إلى رؤوس أموالهم.
قال أحمد:
روينا في حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وفي خطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] بعرفات قال:
' وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله '.
قال الشافعي:
وكان من ربا الجاهلية:
أن يكون للرجل على الرجل الدين فيحل الدين فيقول صاحب الدين تقضي أو تربي فإن أخره زاد عليه وأخره.
قال أحمد:
وهذا فيما رواه مالك بن أنس في الموطأ عن زيد بن أسلم أنه قال:
285

كان ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال له: غريمه أتقضي أو تربي؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه وأخر عنه في الإبل.
3328 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره.
وروينا معناه عن / مجاهد.
قال الشافعي:
فلما رد الناس إلى رؤوس أموالهم كان ذلك فسخا للبيع الذي وقع على الربا.
((710 - [باب]
الربا في النقد والنسيئة في الأصناف التي ورد الخبر بجريان الربا فيها))
3329 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أنه التمس صرفا بمائة دينار قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال:
حتى تأتي جاريتي من الغابة أو حتى خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع.
فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا
286

إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء '.
قال الشافعي:
قرأته على مالك صحيحا لا شك فيه ثم طال علي الزمان ولم أحفظه حفظا فشككت في جاريتي أو خازني وغيري يقول خازني.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وقال: حتى يأتي خازني.
وأخرجاه من حديث الليث وغيره عن الزهري.
3330 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن مالك بن أوس عن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثل معنى حديث مالك وقال: يأتي خازني من الغابة فحفظته لا شك فيه.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن ابن عيينة.
3331 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز '.
287

أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن أنس.
/ قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي سعيد: وقد ذكره عبادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناهما وأوضح.
3332 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم '.
ونقص أحدهما: ' الملح أو التمر '.
وزاد أحدهما: ' من زاد أو ازداد فقد أربى '.
قال أحمد:
الرجل الآخر يقال هو عبد الله بن عبيد قاله: سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عنهما.
وزعموا أن مسلم بن يسار لم يسمعه من عبادة نفسه إنما سمعه من أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة. كذلك ذكره قتادة عن أبي الخليل عن مسلم المكي عن أبي الأشعث عن عبادة.
3333 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا عفان حدثنا قتادة عن أبي الخليل
288

عن مسلم عن أبي الأشعث الصنعاني أنه شاهد خطبة عبادة يحدث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' الذهب بالذهب وزنا بوزن والفضة بالفضة وزنا بوزن والبر بالبر كيلا بكيل والشعير بالشعير ولا بأس بيع الشعير بالبر والشعير أكثرهما والتمر بالتمر والملح بالملح فمن زاد أو استزاد فقد أربى '.
قال أحمد:
وفي حديث حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث فحدث عن عبادة والحديث ثابت من هذا الوجه مخرج في كتاب مسلم وبعض الرواة يزيد على بعض.
3334 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر / قال حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السجستاني عن أبي قلابة عن أبي الأشعث قال:
كنا في غزاة علينا معاوية فأصبنا ذهبا وفضة فأمر معاوية رجلا أن يبيعها الناس في أعطياتهم فتسارع الناس فيها فقام عبادة بن الصامت فنهاهم فردوها فأتى الرجل معاوية فشكى إليه.
فقام معاوية خطيبا فقال: ما بال رجال يحدثون عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحاديث يكذبون فيها عليه ولم نسمعها [منه] فقام عبادة [بن الصامت] فقال:
والله لنحدثن عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وإن كره معاوية. قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا
289

التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد عينا بعين '.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
3335 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني:
أنه قدم أناس في إمارة معاوية يبتاعون آنية الذهب والفضة إلى العطاء فقام عبادة بن الصامت فقال:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح إلا مثلا بمثل سواء بسواء من زاد أو ازداد فقد أربى.
ورواه سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان
يدا بيد '.
3336 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ورواه الأشجعي عن / الثوري مفسرا في الأصنفا إذا اختلفت.
3337 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يرزقهم طعاما فيه شيء فيستطيبون فيأخذون صاعا
290

بصاعين فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ألم يبلغني ما تصنعون '.
فقلنا: يا رسول الله إنك ترزقنا طعاما فيه شيء فنستطيب فنأخذ صاعا بصاعين:
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' دينار بدينار ودرهم بدرهم وصاع تمر بصاع تمر وصاع شعير بصاع شعير لا فضل في شيء من ذلك '.
3338 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما '.
3339 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا محمد بن إدريس أخبرنا مالك بن أنس فذكره بإسناده مثله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك وغيره.
3340 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه عن جده مالك بن أبي عامر عن عثمان قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ' هكذا رواه مالك مرسلا.
291

ويقال أنه فيما أخذه عن مخرمة بن بكير عن أبيه. فقد رواه ابن وهب عن مخرمة عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار يزعم أنه سمع مالك بن أبي عامر يحدث عن عثمان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال ذلك.
3341 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا الحسن بن داود المصري بمكة أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد حدثنا أبو الطاهر / حدثنا ابن وهب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر.
3342 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا [قالوا:] حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا [صلى الله عليه وسلم] وعهدنا إليكم.
3343 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبيع شيئا من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل في ذلك قدر عمل يدي؟ فنهاه عبد الله بن عمر عن ذلك.
فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله بن عمر ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابته يريد أن يركبها ثم قال عبد الله:
الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم ولا فضل بينهما هذا عهد نبينا [صلى الله عليه وسلم] إلينا وعهدنا إليكم.
قال الشافعي:
هذا خطأ.
أخبرنا سفيان بن عيينة عن وردان الرومي أنه سأل ابن عمر فقال: إني رجل
292

أصوغ الحلى ثم أبيعه وأستفضل فيه قدر أجرتي أو عمل يدي؟
فقال ابن عمر: الذهب بالذهب لا فضل بينهما هذا عهد صاحبنا وعهدنا إليكم.
قال الشافعي:
يعني بصاحبنا عمر بن الخطاب.
قال أحمد:
هو كما قال فالأخبار دالة على أن ابن عمر لم يسمع في ذلك من النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا.
ثم قد يجوز هذا بعهد نبينا [صلى الله عليه وسلم] وهو يريد إلى أصحابه بعدما أثبت له ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث أبي سعيد الخدري وغيره.
3344 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها.
فقال له أبو الدرداء سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن / مثل هذا.
فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسا.
فقال له أبو الدرداء: من يعذرني عن معاوية أخبره عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض.
3345 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرني أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكره بنحوه وزاد فقال: نهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل.
وقال: لا أساكنك بأرض أنت فيها.
293

ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له فكتب عمر إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلا بمثل.
قال الشافعي في القديم:
وروى ذلك أبو بكرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
قد رواه عبد الرحمن بن أبي بكرة قال قال أبو بكرة قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء والفضة بالفضة إلا سواء بسواء وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم '.
3346 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا أبو المثنى حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل حدثنا يحيى بن أبي إسحاق حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن صدقة عن إسماعيل بن علية.
وأخرجاه من حديث عباد بن العوام عن يحيى.
((711 - باب من قال إنما الربا في النسيئة))
3347 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة أنه سمع عبيد الله بن أبي زيد يقول سمعت ابن عباس يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إنما الربا في النسيئة '.
294

أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وروي من وجه غير هذا ما يوافقه.
قال أحمد:
أظنه أراد حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم:
سألنا النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصرف فقال:
' ما كان منه يدا بيد فلا بأس به وما كان منه نسيئة فلا '.
3348 - أخبرناه محمد بن عبد الله / الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن عبيد أخبرنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار وعامر بن مصعب أنهما سمعا أبا المنهال يقول سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقال:
كنا تاجرين على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسألنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فذكره.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح وهو مختصر.
وقد رواه البخاري عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن محمد بن حاتم كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال قال:
باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة إلى المواسم وربما قال نسيئة إلى الموسم أو الحج ثم ذكر الحديث.
ورواه العباس بن يزيد عن سفيان قال:
باع دراهم بقاية بدراهم جياد نسيئة.
ورواه الحميدي عن سفيان وقال:
دراهم بينهما فضل ولم يقل نسيئة.
295

وقد خالفه حبيب بن أبي ثابت عن أبي المنهال فرواه في بيع الورق بالذهب دينا.
3349 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا يعقوب بن إسحاق وبشر بن عمر وعفان بن مسلم قالوا:
حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فسألت البراء فقال:
ايت زيدا فإنه خير مني وأعلم.
فسألت زيدا فقال ايت البراء فإنه خير مني وأعلم فكلاهما قالا:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن نبيع الورق بالذهب دينا.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة.
وفي رواية معاذ بن معاذ وأبي عمر الحوضي عن شعبة ذكر سماع حبيب بن أبي ثابت.
وهذا يدل على أن المنقول عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في رواية عمرو بن دينار إنما ورد في الجنسين إذا بيع أحدهما بالآخر. والله أعلم.
3350 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فكان ابن عباس لا يرى / في دينار بدينارين ولا في درهم بدرهمين يدا بيد بأسا.
ويراه في النسيئة وكذلك عامة أصحابنا وكان يروي مثل قول ابن عباس عن سعيد وعروة بن الزبير رأيا منهما لا يحفظ عنهما عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
فأخذنا بهذه الأحاديث التي توافق حديث عبادة وكانت حجتنا في أخذنا بها وتركنا حديث أسامة بن زيد إذ كان ظاهره يخالفها.
296

وقول من قال أن النفس على الحديث الأكثر أطيب لأنهم أشبه أن يحفظوا من الأقل.
وكان عثمان بن عفان وعبادة أسن وأشد تقدم صحبه من أسامة وكان أبو هريرة وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما علمنا من أسامة.
فإن قال قائل:
فهل يخالف حديث أسامة حديثهم؟
قيل: إن كان يخالفها فيها فالحجة فيها دونه لما وصفنا.
فإن قيل: فأنى ترى هذا أتي؟
قيل له: الله أعلم قد يحتمل أن يكون سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة وتمر بحنطة فقال:
' إنما الربا في النسيئة '.
فحفظه فأدى قول النبي [صلى الله عليه وسلم] ولم يؤد مسألة السائل فكان ما أدى منه عند من سمعه:
' لا ربا إلا في النسيئة '.
قال الشافعي في القديم:
وكبار أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقولون بأن في النقد ربا عمر، وعلي وعثمان وغيرهم.
3351 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله _ هو ابن مسعود _ قال: لا بأس بالدرهم بالدرهمين.
قال الشافعي:
297

ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
قال أحمد:
قد روينا عن أبي إسحاق عن سعد بن إياس عن ابن مسعود أن قدم المدينة فسأل أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] فقالوا:
لا يصلح الفضة إلا وزنا بوزن.
فلما قدم قال لا تحل الفضة بالفضة إلا وزنا بوزن.
وروينا عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال:
قد كنت أفتي بذلك / حتى حدثني أبو سعيد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عنه فأنا أنهاكم عنه.
((712 - [باب]
الربا فيما في معنى الأجناس التي ورد الخبر بجريان الربا فيها دون غيره))
قال الشافعي في القديم:
اختلف أصحابنا فيما شبهوا بهذه الأصناف.
أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول:
لا ربى إلا في ذهب أو ورق أو ما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب.
3352 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
3353 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بإسناده ومعناه.
ثم بسط الشافعي الكلام في ذكر حجة من قال قول ابن المسيب ثم قال:
وقول ابن المسيب في هذا من أصح الأقاويل والله أعلم.
ثم إنه في الحديث ألحق به ما أكل وشرب مما لا يوزن ولا يكال فجعل ذلك قياسا على ما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب.
298

ورد العلة إلى صفة واحدة لاستقامتها بها.
واحتج أصحابنا في ذلك بما:
3354 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه أن بشر بن سعيد حدثه عن ميمون بن عبد الله قال كنت أسمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الطعام بالطعام مثل بمثل '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر وغيره عن ابن وهب قال أحمد:
ولم يجعل الشافعي شيئا من الموزونات قياسا على الذهب والفضة بخلافهما ما سواهما ليس ثمنا للأشياء كما تكون الدنانير والدراهم أثمانا للأشياء المتلفة.
وأن الدينار والدرهم يسلمان في كل شيء ولا (.........) أحدهما في الآخر.
3355 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا / الشافعي أخبرنا القداح عن محمد بن أبان عن حماد عن إبراهيم أنه قال لا بأس بالسلف في الفلوس.
قال سعيد القداح: لا بأس بالسلف في الفلوس.
قال الشافعي رحمه الله في مبسوط كلامه في رواية أبي سعيد رحمه الله:
ولا يحل عندي أن يسلف شيء يؤكل أو يشرب فيما يؤكل أو يشرب كالذهب الذي لا يصلح أن يسلم في الفضة والفضة التي لا تصلح أن تسلم في الذهب.
وإذا تبايعا طعاما بطعام ثم تفرقا قبل أن يتقابضا انتقض البيع بينهما.
كما نقول في الذهب والفضة ولا يكون الرجل لازما لحديث حتى يقول هذا لأن مخرج الكلام فيما حل بيعه وحرم من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واحد.
299

قال أحمد:
وما ذكره من ذلك بين في حديث عمر بن الخطاب وعبادة بن الصامت عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
((713 - [باب]
إسلاف العرض في العرض إذا لم يكن مأكولا ولا موزونا وبيع أحدهما بالآخر متفاضلا))
3356 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] اشترى عبدا بعبدين.
رواه أبو داود عن قتيبة بن سعيد وغيره عن الليث بهذا اللفظ.
وأخرجه مسلم بطوله.
3357 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه سئل عن بعير ببعيرين فقال: قد يكون البعير خيرا من البعيرين.
3358 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب أنه باع بعيرا له يدعى عصيفرا بعشرين بعيرا إلى أجل.
3359 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال:
لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن [ثلاثة عن] المضامين
300

والملاقيح وحبل الحبلة.
3360 - / وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن بعير ببعيرين إلى أجل فقال: لا بأس به.
3361 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن علية _ إن شاء الله شك الربيع _ عن سلمة عن علقمة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الحديد بالحديد فقال:
الله أعلم أما هم فكانوا يتبايعون الدرع بالأدرع.
قال أحمد:
واحتج الشافعي في كتاب السلم:
بحديث أبي رافع وأبي هريرة في تضمين البعير بالصفة.
واحتج أصحابنا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يجهز جيشا وأمره أن يبتاع ظهرا إلى خروج المصدق بأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فابتاع عبد الله بن عمرو البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق بأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3362 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا حفص بن عمر حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يجهز جيشا فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.
3363 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
301

وأما قوله: نهى النبي [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
فهذا غير ثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
هذا الحديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
3364 - وقد أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن فذكره.
وكذلك رواه حماد بن سلمة عن قتادة إلا أن أكثر الحفاظ لا يثبتون / سماع الحسن عن سمرة في غير حديث العقيقة.
وروي عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهو وهم؛ المحفوظ عن معمر عن يحيى عن عكرمة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
كذلك رواه عبد الرزاق وعبد الأعلى عن معمر مرسلا:
وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير مرسلا.
وحكينا عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه وهن رواية من وصله.
وكذلك عن محمد بن إسحاق بن خزيمة في معناه.
ورواه محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. ومحمد بن دينار هذا قد ضعفه يحيى بن معين.
302

وقال أبو عيسى الترمذي سألت محمد _ يعني البخاري _ عن هذا الحديث فقال:
إنما يرويه عن زياد بن جبير بن حية عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
قال أحمد:
ثم قد حمله بعض أهل الفقه على ما لو كان كلاهما نسيئة جمعا بينه وبين ما ذكرنا من حديث عبد الله بن عمرو.
والله أعلم.
3365 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا أبو الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: لا بأن يبيع السلعة بالسلعة إحداهما ناجزة والأخرى دين.
3366 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال له:
أبيع السلعة بالسلعة كلتاهما دين؟ فكرهه.
قال الشافعي:
وبهذا نقول لا يصلح أن يبيع دينا بدين.
وهذا يروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] من وجه.
وقال في خلال كلام له:
أهل الحديث يوهنون هذا الحديث.
قال أحمد:
وهذا حديث قد رواه موسى بن عبيدة الربذي عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ. وموسى بن عبيدة غير قوي.
303

قال أبو عبيد قال أبو عبيدة: يقال هو النسيئة بالنسيئة.
قال أحمد:
وقد غلط بعض الحفاظ في هذا الحديث فتوهم أنه عن موسى بن عقبة وليس لموسى بن / عقبة فيه رواية إنما هو عن موسى بن عبيدة وقد بينت ذلك في كتاب السنن.
((714 - [باب]
اعتبار التماثل بالكيل فيما أصله الكيل من التمر وغيره من المطعومات في قليل ذلك وكثيره))
قد مضى حديث همام بن يحيى بإسناده عن عبادة بن الصامت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الربا وفيه:
' الذهب بالذهب وزنا بوزن والفضة بالفضة وزنا بوزن والبر [بالبر] كيلا بكيل والشعير بالشعير كيلا بكيل '.
3367 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة قال: بينا أنا جالس عند أبي سعيد الخدري إذ غمزني رجل من خلفي فقال:
سله عن الفضة بالفضة بفضل.
فقلت إن هذا يأمرني أن أسألك عن الفضة بالفضة بفضل.
فقال أبو سعيد: هو ربا.
فقال سله برأيه يقول أم سمعه من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
فقال: سمعت من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
304

ما أحدثكم جاءه صاحب نخلة بصاع تمر طيب فقال له: كان هذا أجود من تمرنا.
فقال: إني أعطيت صاعين من تمرنا وأخذت صاعا من هذا التمر. فقال:
' أربيت '.
فقال يا رسول الله: إن سعر هذا في السوق كذا وكذا وسعر هذا كذا وكذا. فقال:
' فبعه بسلعة ثم بع سلعتك بأي تمر شئت '.
قال أبو سعيد: التمر أحق أن يكون فيه الربا أم الفضة؟!
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث داود بن أبي هند.
3368 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن عبد المجيد بن سهيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة أو عن أحدهما عن الآخر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أكل تمر خيبر هكذا '؟
قال: لا والله يا رسول الله / إنا لنأخذ الصاع بالصاعين بالثلاثة.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فلا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا '.
هكذا رواه الشافعي بالشك.
305

وكذلك رواه في القديم بالشك وقال:
أو عن أبي هريرة.
ورواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك بإسناده عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة من غير شك.
وأخرجاه من حديث سليمان بن بلال عن عبد المجيد بن سهيل عن ابن المسيب أن أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه فذكره بنحوه من حديث مالك إلا أن في حديثه فقال:
' لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان '.
وقوله: ' وكذلك الميزان '.
يشبه أن يكون من جهة أبي سعيد الخدري.
وذلك حين سئل عن الفضة بالفضة بفضل فقال:
هو ربا. ثم روى هذا الحديث ثم قال:
وكذلك الميزان. والله أعلم. وكذلك بالفضة التي أصلها الوزن كالتمر الذي أصله الكيل.
وهو كقوله في حديث أبي نضرة حين روى الحديث في التمر بالتمر فقال:
التمر أحق أن يكون فيه الربا أم الفضة؟!
وكان قد سمع الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الذهب والفضة إلا أنه في كيفية اعتبار التماثل قاسها بالتمر أو كان هذا عنده أبين في تحريم التفاضل وكيفية الخروج من الربا.
فقاسهما عليه فقال: وكذلك الميزان _ يعني الذي تسألوني عنه _ وهكذا قوله: وكل ما يكال أو يوزن.
306

وفي حديث أبي زهير حيان بن عبيد الله عن أبي ملجز عن أبي سعيد في مناظرته مع ابن عباس وروايته عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بعض ما يجري فيه الربا يشبه أن يكون من قول أبي سعيد الخدري إن صح ذلك وفيه نظر ينفرد أبي زهير بذلك وطعن بعض الحفاظ فيه. والله أعلم.
قال الشافعي في القديم:
عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار / قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' التمر بالتمر مثلا بمثل '.
فقيل يا رسول الله: إن عاملك على خيبر يأخذ الصاع بالصاعين.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ادعوه [لي] '.
فدعي له. فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أتأخذ الصاع بالصاعين '؟
فقال يا رسول الله: لا يبيعونني الجنيب بالجمع صاعا بصاع؟!
فقال [له] رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم الجنيب '.
3369 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا [الشافعي حدثنا] محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
قال الشافعي في القديم:
وفي أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] عامله على خيبر أن يبيع الجمع بالدراهم ثم يشتري بالدراهم
307

جنيبا ما دل _ والله أعلم _ على أن لا يجوز أن يباع صاع تمر رديء فيجمع مع صاع تمر فاتق ثم يشتري بهما صاع تمر وسط ثم بسط الكلام في بيان ذلك إلى أن قال: فلو كان يجوز أن يجمع الرديء مع الجيد الغائه أمره فيما نرى _ والله أعلم _ أن يضم الرديء إلى الجيد ثم يشتري به وسطا وكان ذلك موجودا.
قال الشافعي في الجديد في رواية أبي سعيد:
ولا يباع ذهب بذهب مع أحد الذهبين شيء غير الذهب.
قال أحمد:
واحتج أصحابنا في ذلك بما:
3370 - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال في آخرين قالوا: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن زيد قال حدثني خالد بن أبي عمران عن حنش عن فضالة بن عبيد قال: أتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام خيبر بقلادة فيها خرز مغلفة بذهب ابتاعها رجل بسبعة دنانير أو بتسعة فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا حتى تميز بينه وبينها '.
قال إنما أردت الحجارة. قال:
' لا حتى تميز بينهما '.
قال: فرده حتى ميز بينهما.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن / ابن المبارك.
والذي روي عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد بإسناده هذا عن فضالة بن عبيد:
أنه اشترى يوم خيبر قلادة فيها اثنا عشر دينارا فيها ذهب وخرز.
وفي رواية أخرى قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز. قال: ففصلها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
308

' لا تباع حتى تفصل '.
قصة أخرى لأن في هذه الرواية أنه بنفسه اشتراها وفي رواية ابن المبارك أن رجلا باعها. واختلفا أيضا في قدر الدنانير غير أنهما اتفقتا في الثمن حتى تفصل.
وفي ذلك دلالة على أن المنع من البيع لأجل الجمع بينهما في صفقة واحدة.
وما روي عن عامر بن لحي المعافري عن حنش:
أنه قال: كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة فطارت لي ولأصحابي قلادة فأردت أن أشتريها.
فسألت فضالة فقال:
انزع ذهبها فاجعله في كفة واجعل ذهبك في كفة ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا بمثل '.
3371 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا أيوب أخبرنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا ابن وهب قال أخبرني أبو هاني الخولاني أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول:
سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري قال: أتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو بخيبر قلائد فيها خرز وذهب وهن من المغانم تباع فأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالذهب الذي في القلادة فنزع ثم قال لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الذهب بالذهب وزنا بوزن '.
309

رواه مسلم في الصحيح عن أبي طاهر عن ابن وهب غير أنه قال: بقلادة فيها خرز وذهب.
وقال: فنزع وحده.
وفي كل ذلك دلالة على أنها لا تباع بحال ما لم يميز من غيره إذا بيعت بالذهب.
والله أعلم.
310

الجزء الرابع والعشرون
((715 - باب الذهب يعطي الضراب ويزاد))
3372 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال:
أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: سألت الشافعي عن الرجل يأتي بذهب إلى دار الضرب فيعطيها الضراب بدنانير مضروبة ويزيده على وزنها قال:
هو الربا بعينه المعجل.
قلت: وما الحجة؟ قال:
أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينها '.
3373 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا الربيع قال أخبرنا
311

الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال:
لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض.
((716 - باب الرطب بالتمر))
3374 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن زيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد:
أيهما أفضل؟ فقال: البيضاء.
فنهى عن ذلك وقال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسئل عن شراء التمر فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أينقص الرطب إذا يبس '؟
فقالوا: نعم. فنهى عن ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
في هذا الحديث رأى سعد نفسه أنه كره البيضاء بالسلت فإن كان كرهها نسية فذلك موافق لحديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبه نأخذ ولعله _ إن شاء الله _ كرهها / لذلك فإن كان كرهها متفاضلة فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد أجاز البر بالشعير متفاضلا وليس في قول أحد مع النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة.
قال: وفي حديثه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دلائل منها:
أنه سأل أهل العلم بالرطب عن نقصانه فينبغي للإمام إذا حضره أهل العلم بما
312

يرد عليه أن يسألهم عنه.
ومنها: أنه [صلى الله عليه وسلم] نظر في متعقب الرطب فلما كان ينقص لم يجز بيعه بالتمر.
وقد حرم أن يكون التمر بالتمر إلا مثلا بمثل.
وكذلك دلت أن لا يجوز رطب برطب لأن الصفقة وقعت ولا تعرف كيف تكونان في المتعقب.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
وقرأت في كتاب أبي سليمان الخطابي رحمه الله فيما حكي عن بعضهم أنه قال:
البيضاء: هو الرطب من السلت.
والأول أعرف إلا أن هذا القول أليق بمعنى الحديث وعليه يدل موضع النسيئة من الرطب بالتمر.
وقرأت في كتاب العرانيين في السلت قال هو: حب بين الحنطة والشعير.
3375 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الزرقي عن سعد أنه سئل عن رجل تبايعا بالسلت والشعير.
قال سعد: تبايع رجلان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بتمر ورطب فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أينقص الرطب إذا يبس '؟
قال: نعم. فنهى عنه.
وكذلك قاله الحميدي عن سفيان بسلت وشعير.
قال أحمد:
ورواه يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد بإسناده قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الرطب بالتمر نسيئة.
313

3376 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال حدثنا أبو الحسن الدارقطني الحافظ.
خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه: نسيئة واجتماع هؤلاء الأربعة على / خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث وفيهم إمام حافظ وهو:
مالك بن أنس.
قال أحمد:
ورواه عمران بن أبي أنس عن أبي عياش نحو رواية مالك وليس فيه هذه الزيادة.
وقد رواه بعض من نصر قول من قال بخلافه عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن عمران أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل سعدا عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل فقال سعد:
نهانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن هذا.
وهذا يخالف رواية الجماعة في غير موضع فإن كان محفوظا فهو إذا حديث آخر.
وقد رواه مخرمة بن بكير عن أبيه وساقه بتمامه وذلك فيما:
3377 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمران بن أبي أنس قال: سمعت أبا عياش يقول: سألت سعدا بن أبي وقاص عن اشتراء السلت بالتمر أو قال بالبر.
فقال سعد: أبينهما فضل؟ قالوا: نعم.
قال: لا يصلح. وقال سعد: سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن اشتراء الرطب بالتمر فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أبينهما فضل '؟ قالوا: نعم الرطب ينقص.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
314

' فلا يصلح '.
قال أحمد:
فالخير يصرح بأن المنع إنما كان لنقصان الرطب في المتعقب وحصول الفضل بينهما بذلك.
وهذا المعنى يمنع من أن يكون النهي لأجل النسيئة فلذلك لم يقبل هذه الزيادة ممن خالف الجماعة بروايتها في هذا الحديث.
وقد روينا في الحديث الثابت عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو إصلاحه ولا تبايعوا الثمر بالتمر '.
وفي الحديث الثابت عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تبيعوا الثمر بالتمر '.
/ وفي رواية إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تبايعوا الثمرة بالثمر ثمر النخل بتمر النخل ' هكذا روي مقيدا.
((717 - [باب]
بيع اللحم بالحيوان))
3378 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع اللحم بالحيوان.
315

3379 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال: قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت [أربعة] أجزاء كل جزء منها بعناق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن يباع حي بميت.
قال: فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا.
ورواه الشافعي في القديم عن سعيد بن سالم عن ابن جريج بمعناه.
فهذا مرسل قد انضم إلى مرسل ابن المسيب فأكده.
3380 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق: أنه كره بيع اللحم بالحيوان.
ورواه في القديم عن رجل عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس:
أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر فجاء رجل بعناق فقال أعطوني جزءا بهذه العناق.
فقال أبو بكر الصديق: لا يصلح هذا.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن:
أنهم كانوا يحرمون بيع اللحم الموضوع بالحيوان عاجلا وآجلا يعظمون ذلك ولا يرخصون / فيه.
فأكد الشافعي حديثه بما روي عن أبي بكر ثم عن فقهاء أهل المدينة من التابعين.
316

ثم قال في القديم:
ولو لم يرد في هذا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيء كان قول أبي بكر الصديق فيه فيما ليس لنا خلافه لأنا لا نعلم أحدا من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه
وسلم] قال بخلافه.
وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن.
قال أحمد:
وروينا عن الحسن عن سمرة بن جندب: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن أن تباع الشاة باللحم.
((718 - باب ثمر الحائط يباع أصله))
3381 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع '.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان.
3382 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
317

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهذا الحديث ثابت عندنا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبه نأخذ وفيه دلالة أن الحائط إذا بيع ولم يؤبر نخله فثمره للمشتري لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا حد فقال:
' إذا أبر فثمره للبائع '.
فقد أخبر أن حكمه إذا لم يؤبر غير حكمه إذا أبر ولا يكون ما فيه إلا للبائع أو للمشتري.
3383 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء أخبره أن رجلا باع على عهد رسول الله صلى الله / عليه وسلم حائطا مثمرا ولم يشترط المبتاع الثمر ولم يشتثن البائع الثمر ولم يذكراه فلما ثبت البيع اختلفا في الثمر واحتكما فيه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقضى بالثمر للذي لقح النخل. البائع.
3384 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول في العبد له المال وفي النخل المثمر يباعان ولا يذكران ماله ولا ثمره فقال: هو للبائع.
3385 - وبإسناده عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت لو أن إنسان باع رقبة حائط مثمر لم يذكر الثمر عند البيع لا البائع ولا المبتاع أو عبدا له مال كذلك فلما ثبت البيع قال المبتاع إني أردت الثمر؟
قال: لا يصدق والبيع جائز.
قال الشافعي:
318

بهذا كله نأخذ في الثمر والعبد.
((719 - باب بيع البقول جزة واحدة))
3386 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في القصب: لا يباع إلا جزة أو قال صرمة.
قال الشافعي:
وبهذا نقول. ويأخذ صاحبه في جزازة عند ابتياعه.
قال أحمد:
وفي الحديث الثابت عن أنس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن المخاضرة.
قال أبو عبيد: المخاضرة:
أن تباع الثمار قبل أن يبدو إصلاحها وهي خضر بعد.
قال: ويدخل في المخاضرة أيضا بيع الرطاب والبقول وأشباهها ولهذا كره من كره بيع الرطاب أكثر من جزة واحدة.
هذا فيما:
3387 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن الكارزي قال أخبرنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد.
((720 - باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار))
3388 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
319

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الثمر حتى / يبدو صلاحه.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان.
3389 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3390 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3391 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عبد الله بن دينار.
3392 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة.
قال عثمان: فقلت لعبد الله متى ذلك؟
320

قال: طلوع الثريا.
3393 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل يا رسول الله:
وما تزهي؟ قال:
' حتى تحمر '.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه '؟
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك كما أشرنا إليه في كتاب السنن.
ورواه جماعة / عن مالك كما رواه الشافعي.
ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد فلم يسند آخره.
وكذلك سفيان رواه عن حميد فجعله من قول أنس بن مالك.
وأسند محمد بن عباد عن الدراوردي عن حميد كما أسنده مالك. والله أعلم.
3394 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن حميد عن أنس أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تزهو.
قيل: وما تزهو؟ قال: يحمر.
3395 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن جابر _ إن شاء الله _ أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
321

قال ابن جريج: فقلت أخص جابر النخل أو الثمر؟
قال: بل النخل ولا نرى كل ثمرة إلا مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
3396 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الدجال عن عمرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة.
3397 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس قال سمعت ابن عمر يقول: لا يباع الثمر حتى يبدو صلاحه.
وسمعنا ابن عباس يقول:
لا يباع الثمر حتى يطعم.
3398 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس أن كان يبيع الثمر من غلامه قبل أن يطعم وكان لا يرى بينه وبين غلام ربا.
3399 - وبإسنادهم قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع السنين.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
3400 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
322

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا كله نقول.
/ قال: وفي سنن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دلائل منها:
أن يبدو صلاح الثمر الذي أحل بيعه أن تحمر أو تصفر ودلالة إذا قال:
' إذا منع الله الثمر فبم يأخذ أحدكم مال أخيه '؟.
إنه إنما نهى عن بيع الثمرة التي تترك حتى تبلغ غاية إبانها لا أنه نهى عما يقطع منها وذلك أن ما يقطع منها لا آفة تأتي عليه تمنعه إنما تمنعه ما تترك مدة تكون فيها الآفة والثلج وكل ما دون البسر يحل بيعه ليقطع مكانه لأنه خارج مما نهى عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] داخل فيما أحل الله من البيع.
قال أحمد:
وقد حمل بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه هذه الأخبار على بيع الثمار قبل أن تكون واستدل عليه بما روينا عن نهيه عن بيع السنين وما ورد في معناه وقد عرفنا بتلك الأخبار نهيه عن بيع الثمار قبل أن تكون.
وعرفنا بهذه الأخبار نهيه عن بيعها مطلقا إذا كانت ما لم يبد فيها الصلاح ألا تراه علق المنع بغاية توجد بعد أن تكون الثمار بمدة.
فقال: ' حتى تزهو '.
وقال في رواية جابر: ' حتى تشقح '.
قيل: وما تشقح؟ قال:
' تحمار أو تصفار ويؤكل منها '.
وقال في رواية أخرى عن جابر:
' حتى تطيب '.
وفي ذلك دلالة على أن حكم الثمار بعد بدو الصلاح فيها في البيع خلاف حكمها قبل أن يبدو الصلاح فيها فيجوز بيعها بعد بدو الصلاح فيها مطلقا.
323

ولا يجوز قبله إلا بشرط القطع. والله أعلم.
((721 - [باب]
بدو الصلاح في بعضها))
3401 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال:
لا يباع حتى يأكل من الرطب قليل أو كثير.
قال ابن جريج فقلت له:
أرأيت إن كان مع الرطب بلح كثير؟
قال: نعم سمعنا إذا أكل منه.
3402 - وبإسناده قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الحائظ تكون فيه النخلة فتزهى / فيؤكل منها قبل الحائط والحائط بلح.
قال: أحسبه إذا أكل منه فليبع.
قال الشافعي:
والسنة مكتفى بها من كل ما ذكر معها غيرها.
ثم بسط الكلام في بيان ذلك من السنة.
((722 - باب الحكم في سائر الثمار غير النخل وفيما تنبته الأرض))
3403 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: فكل ثمرة كذلك لا تباع حتى يؤكل منها؟ قال: نعم.
324

قال ابن جريج: فقلت له من عنب أو رمان أو فرسك؟ قال: نعم. قال ابن جريج فقلت له:
أرأيت إذا كان الشيء من ذلك يخلص ويتحول قبل أن يؤكل منه أيبتاع قبل أن يؤكل منه؟
قال: لا ولا شيء حتى يؤكل منه.
قال الشافعي:
فكل ثمرة من أصل فهي مثله لا تخالفه.
3404 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: القضب أيباع نبته؟
قال: لا إلا كل صرمة عند صلاحها فإنه لا يدري لعله تصيبه في الصرمة الأخرى عاهة.
3405 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن إنسانا سأل عطاء فقال: الكرسف يجنى في السنة مرتين فقال: لا إلا عند كل إجناءة.
3406 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن زيادا أخبره عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول في الكرسف أتبيعه فلقة واحدة قال: يقول فلقة واحدة إجناه واحدة إذا فقح قال ابن جريج: وقال زياد: والذي قلنا عليه إذا فقح الجواز بيع ولم يبع ما سواه.
قال: تلك إجناه واحدة إذا فقح.
قال الشافعي:
وما قال عطاء وطاوس في هذا كما قالا _ إن شاء الله _ وهو معنى السنة والله أعلم.
325

3407 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال:
إن كل شيء تنبته الأرض مما يؤكل من خربز وقثاء أو بقل / لا يباع حتى يؤكل منه كهيئة النخل.
قال سعيد: إنما يباع البقل صرمة صرمة.
قال الشافعي:
وإن حل بيع ثمرة من هذا الثمر نخل أو عنب أو قثاء أو خربز أو غيره لم يحل أن تباع ثمرتها التي تأتي بعدها بحال فإن قال قائل: ما الحجة في ذلك؟
قلنا: لما نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع السنين ونهى عن بيع الغرر ونهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
كان بيع ثمره لم تخلق بعد أولى في جميع هذا.
3408 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا:
حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر قال:
نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة.
((723 - باب ما جاء في بيع الحنطة في سنبلها))
3409 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال قلنا للشافعي:
إن علي بن معبد أخبرنا بإسناد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه أجاز بيع القمح في سنبله إذا ابيض قال: أما هو فغرر لأنه محول دونه لا يرى فإن ثبت الخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قلنا به وكان هذا خاصا مستخرجا من عام لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الغرر وأجاز هذا.
326

وكذلك أجاز بيع الشقص من الدار فجعل فيه الشفعة لصاحب الشفعة وإن كان فيه غرر وكان خاصا مخرجا من عام.
قال الشافعي في كتاب البيوع المسموع:
3410 - بهذا الإسناد:
وقد قال غيري يجوز بيع كل شيء من هذا إذا يبس في سنبله.
ويروى فيه عن ابن سيرين أنه أجازه وروى فيه شيئا لا يثبت مثله عن من هو أعلى من ابن سيرين ولو ثبت اتبعناه ولكنا لم نعرفه ثبت والله أعلم.
وقال في كتاب الصرف المسموع:
3411 - بهذا الإسناد:
وإن كان في بيع الزرع فإنما ثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] / أنه أجازه في حال دون حال فهو جائز في الحال التي أجازه فيها.
وحكى من خلال مناظرة له مع غيره في هذه المسألة انه قيل له إنما أجزناه بالأثر.
قلنا وما الأثر قال:
روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قلت: أيثبت. قال: لا. قلت: وليس في ما لم يثبت حجة. قال: ولكنا نثبته عن أنس بن مالك قلنا: وهو عن أنس بن مالك ليس كما تريد ولو كان ثابتا احتمل أن يكون كبيع الأعيان المغيبة يكون له الخيار إذا رآها.
قال أحمد:
أما الرواية فيه عن ابن سيرين فهي في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن محمد بن سيرين كان يقول:
لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض.
327

3412 - أخبرناه أبو زكريا قال [أخبرنا] أبو الحسن الطرائفي قال أخبرنا عثمان عن الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك أنه بلغه ذلك.
وأما الرواية فيه عن أنس بن مالك فروي عن أبي شيبة عن أنس بن مالك وليس بشيء.
وأما الحديث المرفوع فيه فكأنه ذكر له حديث سفيان عن أبان عن أنس قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الحب حتى يفرك.
وهذا ضعيف لأن أبان بن أبي عياش لا يحتج به.
وقد روى حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الحب حتى يفرك.
والأشبه أن تكون الرواية فيه حتى يفرك بخفض الراء.
فقد رواه عفان وأبو الوليد وحبان بن هلال عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الحب حتى يشتد.
وهذه رواية حسنة وأصح ما روي فيه ما:
3413 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا علي بن حجر قال حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن السنبل حتى يبيض نهى البائع والمشتري.
328

رواه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر وزهير بن حرب وزاد / فيه حتى تبيض وتؤمن العاهة.
وذكر السنبل فيه مما يتفرد به أيوب السختياني من بين أصحاب نافع عن نافع وأيوب عند أهل العلم بالحديث من الثقات الأثبات.
((724 - [باب]
الثنيا في البيع))
3414 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة أن القاسم بن محمد كان يبيع ثمر حائط ويستثني منه.
3415 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي فقال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أن جده محمد بن عمرو باع حائطا له يقال له: الأفراق بأربعة آلاف واستثنى منه بثمانمائة درهم تمرا أو ثمرا.
قال الشافعي:
أنا أشك.
3416 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال عن أمه عمرة أنها كانت تبيع ثمارها وتستثني منها.
3417 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال:
قلت: لعطاء قلت لبيعي أبيعك حائطي إلا خمسين فرقا أو كيلا مسمى ما كان؟.
329

قال: لا. قال ابن جريج: فإن قلت هي من السواد سواد الرطب؟
قال: لا.
3418 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
قلت أبيعك نخلي إلا عشر نخلات.
قال: لا إلا أن تستثني أيتهن قبل البيع تقول هذه وهذه.
قال ابن جريج: فقلت لعطاء أبيعك حائطي إلا عشر نخلات أختارهن.
قال: ولا حتى تستثني أيتهن قبل البيع.
3419 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء أيبيع الرجل نخله أو عنبه أو بره أو عبده أو سلعة ما كانت على أني شريكك بالربع وبما كان من ذلك؟
قال لا بأس بذلك.
3420 - وبإسناده عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أبيعك ثمر حائطي بمائة دينار فضلا عن نفقة الرقيق فقال: لا من قبل أن نفقة الرقيق مجهولة ليس لها وقت فمن ثم فسد البيع.
قال الشافعي:
وما قال عطاء من هذا / كله كما قال _ إن شاء الله _ وهو في معنى السنة.
قال: ولا يجوز الاستثناء إلا على أن يكون البيع واقعا على شيء والمستثنى خارجا من البيع وذلك أن يقول: أبيعك ثمر حائطي إلا كذا وكذا نخلة تعرف بأعيانها
330

فتكون خارجة من البيع.
أو أبيعك ثمره إلا نصفه أو إلا ثلثيه فيكون ما استثنى خارجا من البيع.
قال أحمد:
قد روينا عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الثنيا إلا أن يعلم.
3421 - أخبرناه أبو بكر بن رجاء الأديب قال حدثنا أبو بكر بن بالويه قال حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن حيان البغوي قال حدثنا عباد بن العوام قال أخبرنا سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء فذكره.
ورواه أبو الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] دون قوله: ' إلا أن يعلم '.
ومن ذلك [الوجه] أخرجه مسلم.
وتفسير هذا فيما حكينا عن عطاء ثم عن الشافعي.
3422 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء:
أبيعك ثمر حائطي هذا بأربع مائة دينار فضلا عن الصدقة قال: نعم إن الصدقة ليست لك إنما هي للمساكين.
3423 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
إن بعت ثمرك ولم تذكر الصدقة أنت ولا بيعك فالصدقة على المبتاع.
قال: إنما الصدقة على الحائط. قال: هي [على] المبتاع.
331

قال ابن جريج فقيل له: إن بعته قبل أن يخرص أو بعدما يخرص؟ قال: نعم.
3424 - وبإسناده عن ابن جريج أن عبد الله بن أبي مليكة قال في ذلك مثل قول عطاء إنما هي على المبتاع.
قال الشافعي:
وما قالا من هذا كما قالا إنما الصدقة في عين الشيء بعينه فحيثما تحول ففيه الصدقة.
ثم ذكر أقوال فيهما.
((725 - [باب]
ما جاء في وضع الجائحة))
3425 - / أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع السنين وأمر بوضع الجوائح.
قال الشافعي:
سمعت سفيان يحدث هذا الحديث كثيرا في طول مجالستي له لا أحصي ما سمعته يحدث من كثرته لا يذكر فيه: أمر بوضع الجوائح.
لا يزيد على أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيع السنين.
ثم زاد بعد ذلك: وأمر بوضع الجوائح.
332

قال سفيان: وكان حميد يذكر بعد بيع السنين كلاما قبل وضع الجوائح لا أحفظه.
فكنت أكف عن ذكره لأني لا أدري كيف كان الكلام.
وفي الحديث: أمر بوضع الجوائح.
3426 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
3427 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أم عمرة أنه سمعها تقول ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فعالجه وأقام عليه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع عنه فحلف أن لا يفعل فذهبت أم المشتري إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكرت ذلك له فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تألى أن لا يفعل خيرا '.
فسمع بذلك رب المال [فأتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]] فقال: يا رسول الله هو له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
قال سفيان في حديثه عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في وضع الجوائح ما حكيت فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظ سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعا حصنا على الخير لا حتما وما أشبه ذلك.
ويجوز غيره فلما احتمل الحديث المعنيين معا ولم يكن فيه دلالة / على أنهما أولى به لم يجز عندنا _ والله أعلم _ أن نحكم على الناس في أموالهم بوضع ما
333

وجب لهم بلا خبر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يثبت بوضعه.
قال الشافعي:
وحديث [مالك] عن عمرة مرسل وأهل الحديث ونحن لا نثبت المرسل.
ولو ثبت حديث عمرة كانت فيه والله أعلم دلالة على أن لا توضع الجائحة.
لقولها قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تألى أن لا يفعل خيرا '.
ولو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول ذلك لازم له حلف أو لم يحلف.
قال أحمد:
حديث عمرة قد أسنده حارثة بن أبي الرجال فرواه عن أبيه عن عائشة إلا أن حادثه ضعيف عند أهل العلم بالحديث.
وأسنده يحيى بن سعيد عن أبي الرجال إلا أنه مختصر ليس فيه ذكر الثمر.
وأما حديث سليمان بن عتيق: فقد أخرجه مسلم في الصحيح وأما حديث أبي الزبير عن جابر: فكما رواه الشافعي عن سفيان رواه علي بن المديني عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه وضع الجوائح.
وقد رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك بأن تأخذ منه شيئا بما تأخذ مال أخيك بغير حق '.
وهو مخرج من كتاب مسلم.
وهذا إن لم يكن واردا في بيع الثمار قبل بدو صلاحها كما روينا في حديث
334

مالك عن حميد عن أنس فهو صريح في المنع من أخذ ثمنها إن ذهبت بجائحة.
وقد روي في حديث محمد بن ثور عن ابن جريج:
' إن أصابته جائحة من السماء '.
وفيه نظر ولا يصح حملها على ما يحتاج الناس في الأراضي الخراجية التي خراجها للمسلمين فيوضع ذلك الخراج عنهم.
فأما في الأشياء المبيعات فلا.
وذلك أن حديث جابر ورد في البيع ولم يكن يومئذ على أرض المسلمين خراج.
ولا يمكن حمله على ما لو أصابتها جائحة قبل القبض لأنه خص بهذا الحكم الثمار / وخص تلفها بجائحة من السماء إن كان محفوظا فيما رواه محمد بن ثور ولم يقيده بالقبض وعدم القبض فهو على العموم.
إلا أنه يوافق حديث مالك عن حميد عن أنس في بعض ألفاظه فيشبه أن يكون في معناه ولعل الشافعي لهذا المعنى أو لغيره تكلم على حديث سليمان بن عتيق وسبق القول على ثبوته دون حديث أبي الزبير. والله أعلم.
3428 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار فيمن باع ثمرا فأصابته جائحة قال:
ما أرى إلا أنه إن شاء لم يضع.
قال سعيد: يعني البائع.
قال الشافعي:
وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه باع حائطا له فأصابت مشتريه جائحة فأخذ الثمن منه. ولا ندري أيثبت أم لا.
قال أحمد:
335

ولم يبلغني إسناده لننظر فيه.
وأصح ما نحتج به لهذا القول ما:
3429 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن بكير عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد أنه قال: أصيب رجل في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في ثمار ابتاعها فكثر دينه.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تصدقوا عليه '.
فتصدق الناس عليه.
فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك '.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
واحتج الشافعي لهذا القول بحديث النهي عن بيع الثمر حتى تنجو من الجائحة.
وقوله: ' أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ' قال: ولو كان مالك الثمرة لا يملك ثمن ما احتج من ثمرته ما كان لمنعه أن يبيعها معنى قبل أن يبدو فيها الصلاح.
وبسط الكلام في شرحه.
ثم قال: وإن ثبت الحديث في وضع الجائحة لم يكن في هذا حجة وأمضى
336

الحديث / على وجهه.
قال: وهذا مما أستخير الله فيه.
ولو صرت إلى القول به وضعت كل قليل وكثير.
((726 - باب المزابنة والمحاقلة))
3430 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن المزابنة.
والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3431 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن المخابرة والمحاقلة والمزابنة.
والمحاقلة: بيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة.
والمزابنة: أن يبيع الثمر من رؤوس نخله بمائة فرق ثمر.
والمخابرة: كراء الأرض بالثلث والربع.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان مختصرا.
337

3432 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن المزابنة والمحاقلة.
والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل.
والمحاقلة: استكراء الأرض بالحنطة.
هكذا رواه الربيع عن الشافعي بالشك.
وقد رواه الحسن بن محمد الزعفراني عن الشافعي فقال: عن أبي سعيد لم يشك فيه.
رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف. وأخرجه مسلم من حديث وهب عن مالك من غير شك.
وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن الشافعي من غير شك.
3433 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في جمعه لأحاديث مالك أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي / حدثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري يذكر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر كيلا في رؤوس النخل والمحاقلة: استكراء الأرض بالحنطة.
3434 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن المزابنة والمحاقلة.
والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر.
والمحاقلة: اشتراء الزرع بالحنطة.
338

قال ابن شهاب فسألت _ يعني ابن المسيب _ عن استكراء الأرض بالذهب والفضة.
فقال: لا بأس بذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والمحاقلة في الزرع كالمزابنة في التمر.
3435 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
وما المحاقلة؟ قال: المحاقلة في الحرث كهيئة المزابنة في النخل سواء بيع الزرع بالقمح.
قال ابن جريج فقلت لعطاء: أفسر لكم جابر في المحاقلة كما أخبرتني؟
قال: نعم.
قال الشافعي:
وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي [صلى الله عليه وسلم] منصوصا _ والله أعلم.
ويحتمل أن يكون على رواية من هو دونه والله أعلم.
3436 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه أخبره عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الصبرة من التمر لا تعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
3437 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس / قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
339

الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
سمعت من جابر بن عبد الله خبرا أخبرنيه أبو الزبير عنه في الصبرة وقال: [حسبت] فقلت: كيف ترى أنت في ذلك؟ فنهى عنه.
3438 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس أخبره عن أبيه أنه كان يكره أن تباع صبرة بصبرة من طعام لا تعلم مكيلتهما أو تعلم مكيلة إحداهما ولا تعلم مكيلة الأخرى أو لا تعلم مكيلتهما جميعا هذه بهذه وهذه بهذه.
قال: لا إلا كيلا بكيل يدا بيد.
3439 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما المزابنة؟ فقال: التمر في النخل يباع بالتمر.
فقلت: إن علمت مكيلة التمر أو لم تعلم؟
قال: نعم. قال ابن جريج: فقال إنسان لعطاء: فبالرطب؟ قال: سواء التمر والرطب ذلك مزابنة.
قال الشافعي:
وبهذا نقول إلا في العرايا قال:
وجماع المزابنة أن تنظر كل ما عقدت بيعه مما الفضل في بعضه على بعض يدا بيد فلا يجوز منه شيء يعرف كيله بشيء منه جزاف لا يعرف كيله ولا جزاف منه بجزاف.
وبسط الكلام في شرحه.
340

((727 - [باب]
بيع العرايا))
3440 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا أبو الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن بيع الثمر حتى يبدو إصلاحه وعن بيع الثمر بالتمر.
قال عبد الله: وحدثنا زيد بن ثابت أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أرخص في بيع العرايا.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن سفيان ورواه عقيل عن ابن شهاب عن سالم أنه قال:
وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه أرخص بعد ذلك في بيع / العرية بالرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك.
3441 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل فذكره رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الليث.
3442 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك وزاد يحيى بن يحيى في
341

روايته بخرصها من التمر.
ورواه يحيى بن سعيد عن نافع بإسناده قال:
رخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن تباع العرايا بخرصها تمرا.
3443 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن إسماعيل الشيباني أو غيره قال:
بعث ما في رؤوس نخلي بمائة وسق إن زاد فلهم وإن نقص فعليهم.
فسألت ابن عمر فقال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن هذا إلا أنه أرخص في بيع العرايا.
ورواه الزعفراني والمزني عن الشافعي وقالا:
عن إسماعيل الشيباني لم يشكا.
3444 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره إلا أنه قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الثمرة بالتمر إلا أنه رخص في العرايا.
3445 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان / مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق.
_ شك داود _ وقال: في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق.
رواه مسلم في الصحيح عن القعنبي ويحيى بن يحيى عن مالك.
3446 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
342

وقيل لمحمود بن لبيد _ أو قال محمود بن لبيد _ لرجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] إما زيد بن ثابت وإما غيره.
ما عراياكم هذه؟ قال فلان وفلان وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه مع الناس وعندهم فضلول من قوتهم من التمر.
فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا.
هكذا حكاه في كتاب البيوع.
3447 - وأخبرنا أبو عبد الله في كتاب اختلاف الأحاديث للشافعي قال: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
والعرايا التي أرخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيها فيما ذكر محمود بن لبيد قال:
سألت زيد بن ثابت فقلت: فما عراياكم هذه التي تحلونها؟
فذكر معنى ما حكاه في البيوع.
قال الشافعي:
وحديث سفيان يدل على مثل هذا الحديث.
3448 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشر بن يسار قال سمعت سهل بن أبي حثمة يقول:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الثمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
ورواه سليمان بن بلال عن يحيى وقال فيه:
343

إلا أنه / رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا.
3449 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن المزابنة والمزابنة: بيع الثمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3450 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فأثبتنا التحريم محرما عاما في كل شيء من صنف واحد مأكول بعضه جزاف وبعضه مكيل للمزابنة.
وأحللنا العرايا خاصة بإحلاله من العجلة التي حرم.
ولم يبطل أحد الخبرين بالآخر ولم نجعله قياسا عليه.
قال: فما وجه هذا؟
قلت: يحتمل وجهين:
أولاهما به عندي _ والله أعلم _ أن يكون ما نهى عنه جملة أراد به ما سوى العرايا.
ويحتمل أن يكون رخص فيها بعد دخولها في جملة النهي.
وأيهما كان فعلينا طاعته بإحلال ما أحل وتحريم ما حرم.
3451 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وقوله [صلى الله عليه وسلم]:
' يأكلها أهلها رطبا '.
344

خبر أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها.
وذلك يدل على أن لا رطب له في موضعها يأكله غيرها.
ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا يأكل من حائطه ولم يكن عليه ضرر إلى ابتياع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي.
قال الشافعي:
ونهى النبي [صلى الله عليه وسلم] أن تباع العرايا إلا في خمسة أوسق أو دونها دلالة على ما وصفت من أنه إنما رخص فيها لمن لا تحل له.
و [ذلك أنه] لو كان كالبيوع غيره كان بيع خمسة ودونها وأكثر منها سواء.
ولو كان صاحب الحائط المرخص له خاصة.
/ لأذى الداخل عليه الذي أعراه [وكان إنما أرخص له لتنحية الأذى] كان أذى الداخل عليه في أكثر من خمسة أوسق مثل أو أكثر من أذاه فيما دون خمسة أوسق.
وبسط الكلام في شرحه.
قال في رواية أبي عبد الله:
والعرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر يخرص الرطب رطبا ثم يقدر كم ينقص إذا يبس ثم يشتري بخرصه تمرا فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع.
345

قال في رواية أبي سعيد:
والعرايا ثلاثة أصناف:
* هذا الذي وصفنا أحدها.
* وجماع العرايا كل ما أفرد ليأكله خاصة ولم يكن في جملة البيع من ثمر الحائط إذا بيعت جملته من واحد.
ثم ذكر في الصنف الثاني:
أن يعرى الرجل ثمر نخلة أو نخلتين وأكثر [عرية] يأكلها [وهذه] في معنى المنحة من الغنم.
* وذكر في الصنف الثالث:
أن يعريه النخلة وأكثر من حائطه [ليأكل ثمرها ويهديه ويتمره ويفعل فيه ما أحب ويبيع ما بقي من ثمر حائطه] فتكون هذه مفردة من المبيع منه جملة.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
((728 - [باب]
بيع الطعام قبل أن يستوفى))
3452 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه '.
346

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3453 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يقبضه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبد الله بن دينار.
3454 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال:
أما الذي نهى عنه رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] فهو الطعام أن يباع حتى يستوفى.
وقال ابن عباس برأيه:
ولا أحسب كل شيء إلا مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3455 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن عطاء بن أبي رباح عن حكيم بن حزام قال حكيم:
كنا نشتري الطعام فنهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أبيع طعاما حتى أقبضه.
3456 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القراح عن ابن جريج عن
347

عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن موهب أنه أخبره عن عبد الله بن محمد بن صيفي عن حكيم بن حزام أنه قال قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ألم أنبأ _ أو لم يبلغني _ أو كما شاء الله من ذلك _ أنك تبيع الطعام '.
فقال حكيم: بلى يا رسول الله.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تبيعن طعاما حتى تشتريه وتستوفيه '.
3457 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عطاء ذلك أيضا عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام أنه سمعه منه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
3458 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وبهذا نقول _ يعني بقول ابن عباس _ فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه.
وذلك أن من باع ما لم يقبض فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى مكة:
' إنههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا '.
قال الشافعي:
فهذا بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن.
وهذا القياس على حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى عن بيع الطعام حتى يقبض.
قال أحمد:
وهذا الحديث قد رواه يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله / عليه وسلم أنه قال ذلك لعتاب بن أسيد.
3459 - أخبرناه علي بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال حدثنا
348

مقدام بن داود قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا يحيى بن صالح. فذكره.
ويحيى بن صالح هذا غير قوي.
وروي عن محمد بن إسحاق عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ببعض معناه.
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة:
' أن أبلغهم عني أربع خصال أنه لا يصلح شرطان في بيع ولا بيع وسلف ولا بيع ما لم تملك ولا ربح ما لم تضمن '.
3460 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا العباس بن الوليد بن يزيد قال أخبرني أبي قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني عمرو بن شعيب. فذكره.
وروينا عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام قال: قلت يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال:
' يا ابن أخي لا تبع شيئا حتى تقبضه '.
وفي رواية أخرى:
' إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه '.
((729 - [باب]
قبض ما ينقل بالنقل))
3461 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
من ابتاع طعاما كيلا فقبضه أن يكتاله. ومن ابتاع جزافا فقبضه أن ينقله من موضعه إن كان مثله ينقل.
349

وقد روي ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنهم كانوا يتبايعون طعاما جزافا فبعث النبي [صلى الله عليه وسلم] من يأمرهم بانتقاله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى الموضع غيره.
قال الشافعي:
وهذا لا يكون إلا لئلا يبيعوه قبل أن ينقلوه.
3462 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال:
كنا نبتاع الطعام في زمن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان / سواه قبل أن نبيعه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع.
ومن حديث سالم عن أبيه وفيه من الزيادة ذكر الجزاف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وإن قال اكتاله لنفسي وخذه بالكيل الذي حضرت لم يجز لأنه باع كيلا فلا يبرأ حتى يكتله من مشتريه ويكون له زيادته وعليه نقصانه.
هكذا رواه الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون له زيادته وعليه نقصانه.
3463 - أخبرنا أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا زاهر بن أحمد قال حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري قال حدثنا أحمد بن منصور ومحمد بن إسحاق وإبراهيم بن هاني قالوا: حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري.
350

3464 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا الوليد أخبرهم قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن وعن وكيع عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بنحوه.
وقد روي ذلك في حديث أبي هريرة.
وروي معناه في حديث عثمان بن عفان.
((730 - [باب]
بيع الأرزاق التي يخرجها السلطان قبل قبضها))
روينا عن زيد بن ثابت عن ابن عمر أنهما كانا لا يريان ببيع الرزق بأسا.
قال الشافعي في القديم:
وقد روي ابن جريج عن موسى بن عقبة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخرج طعاما تمرا أو غيره للناس فباع الناس الصكاك قبل قبضها.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن نافع أن حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر بن الخطاب للناس فباع حكيم الطعام قبل أن يقبضه فقال عمر لا تبع طعاما ابتعته قبل أن تقبضه.
3465 - أخبرنا أبو زكريا / قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير أنه قال: حتى تستوفيه.
قال الشافعي:
فلم ينه عمر حكيما أن يبتاع الطعام بالمدينة من الذين أمر لهم بالجار.
وهو يعينه إلا أنهم إنما باعوه بصفة ولم يقبضوه إذ كانوا ملكوه بلا بيع.
351

((731 - [باب]
أخذ العوض عن الثمن الموصوف في الذمة))
أجازه الشافعي في رواية الربيع وعلق القول فيه في رواية حرملة.
وأباه في رواة المزني.
قال المزني: جوازه أولى به والسنة تدل على ذلك وذكر حديث ابن عمر وهو فيما:
3466 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن محبوب _ المعنى الواحد _ قالا: حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال:
كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه فأتيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو في بيت حفصة فقلت:
يا رسول الله رويدك أسلك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وأخذ الدنانير أخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء '.
قال أحمد:
وهكذا رواه إسرائيل في إحدى الروايتين عنه عن سماك.
3467 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال حدثنا أبو عثمان سعيد بن مسعود قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا إسرائيل
عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل ببقيع الغرقد فكنت أبيع الإبل بالدنانير فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فأتيت
352

النبي [صلى الله عليه وسلم] فسألته وهو يريد أن يدخل حجرته فأخذت / بثوبه فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان أحدهم بالآخر فلا تتفرقا _ أو قال لا يفارقك _ وبينك وبينه بيع '.
ورواه عمار بن رزيق عن سماك:
كنت أبيع الإبل بالبقيع فيجتمع عندي من الدراهم فأبيعها من الرجل بالدنانير ويعطينها الغد.
وبقريب من معناه:
روي عن إسرائيل في إحدى الروايتين عنه وعن أبي الأحوص عن سماك.
والحديث ينفرد برفعه سماك بن حرب.
3468 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا عمر بن جعفر البصري ببغداد قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن خراش قال حدثنا أبي قال سمعت علي بن عبد الله يقول سمعت أبا داود الطيالسي يقول: كنا عند شعبة فجاءه خالد بن طليق وأبو ربيع السمان وكان خالد الذي سأله فقال:
يا أبا بسطام حدثنا بحديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر في اقتضاء الورق من الذهب والذهب من الورق.
وقال شعبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، ولم يرفعه وحدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر. ولم يرفعه وحدثنا داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر. ولم يرفعه وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن سالم عن ابن عمر. ولم يرفعه ورفعه لنا سماك بن حرب وأنا أفرقه.
((732 - [باب]
بيع المصراة))
3469 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تصروا الإبل والغنم وإن ابتاع بعد ذلك فهو بخير النظيرين بعد أن يحلبها إن
353

رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3470 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان / عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظيرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر '.
ورواه المزني عن الشافعي وفيه من الزيادة:
' لا تصروا الإبل والغنم للبيع '.
3471 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان فذكره.
وقال: وحدثنا مالك فذكره.
وقال: في متنه: ' فمن ابتاعها بعد ذلك '.
3472 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان.
3473 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال [قال] إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا أبي عمر قال حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من اشترى مصراة فهو بخير النظيرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء '.
354

رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه عن محمد بن عمرو بن جبلة عن أبي عامر العقدي عن قرة عن محمد عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن شاء ردها ورد معها صاعا من طعام لا سمراء '.
3474 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا قرة فذكره.
قال البخاري وقال بعضهم عن ابن سيرين:
' صاعا من طعام ' والتمر أكثر.
قال أحمد:
المراد بالطعام المذكور فيه التمر.
فقد رواه أيوب وهشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء ردها وصاعا من طعام لا سمراء '.
3475 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن / داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن جماعتهم.
وقال ابن عيينة عن أيوب صاعا من تمر لا سمراء.
وروي عن جميع بن عمير عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] إلا أنه قال:
' رد معها مثل أو قال مثلي لبنها قمحا '.
وهذه الرواية غير قوية.
355

3476 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال:
من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها أو صاعا من طعام.
قال الشافعي:
وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون:
أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئا.
قال أحمد:
حديث ابن مسعود موقوفا عليه في المصراة حديث صحيح وهو مخرج في البخاري وقد رفعه أبو خالد الأحمر عن سليمان ورفعه غير محفوظ.
وروي عنه: صاعا من تمر.
3477 - أخبرنا أبو عبد اله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في مبسوط كلامه:
لبن التصرية مبيع من الشاة وكان في ملك البائع فإذا حلبه ثم أرد ردها بعيب التصرية ردها وصاعا من تمر كثر اللبن أو قل لأن ذلك شيء وقته رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم والعلم يحيط أن البانها مختلفة.
واللبن بعده حادث في ملك المشتري لم تقع عليه صفقة البيع كما الخراج في
ملكه.
وفي الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قضى أن الخراج بالضمان.
قال أحمد:
زعم بعض من ترك الحديث أن ذلك حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي فصار هذا أيضا منسوخا.
وهذا منه توهم.
وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري.
فلو كان ذلك / على وجه العقوبة لا شبه أن يجعله على المشتري بلا شيء أو
356

بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجودا حال البيع دون ما حدث بعده.
وهلا جعله شبيها بقضاء النبي [صلى الله عليه وسلم] في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعد ولم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه ثم من أخبره بأن قضاء النبي [صلى الله عليه وسلم] في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخا معها.
وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي [صلى الله عليه وسلم] وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا مخالف له في ذلك من الصحابة.
فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض له كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي [صلى الله عليه وسلم] بالتوهم.
وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه ثم يدعي نسخ خبر المصراة بأنه المشتري ملك لبنا دينا بصاع تمر دين فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين ثم نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من بعد عن بيع الدين بالدين.
وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
فصار ذلك منسوخا به وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جرابه.
أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين.
ومن أتلف على غيره شيئا فالمتلف غير حاضر والذي يلزمه من الضمان غير حاضرا فيجعل دينا بدين حتى لا يوجب الضمان.
ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر.
وقد يكون ما حلب من اللبن حاضرا عنده في آنيته أفيجعل ذلك محل / الدين بالدين أو يكون خارجا في حديث موسى بن عبيدة.
وحديث موسى بن عبيدة لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة
357

عند أهل العلم بالحديث فكيف وليس في حديثه مما توهمه قائل هذا شيء والله المستعان.
((733 - باب الخراج بالضمان والرد بالعيوب وغير ذلك))
3478 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي: قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى أن الخراج بالضمان.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأحسب بل لا أشك _ إن شاء الله _ أن مسلما نص الحديث فذكر: أن رجلا ابتاع عبدا واستغله ثم ظهر منه على عيب فقضى له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالعيب فقال المقضي عليه:
قد استغله. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الخراج بالضمان '.
قال أحمد:
كذلك رواه مسلم بن خالد كما حسبه الشافعي رحمه الله.
3479 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلا اشترى من رجل غلاما في زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] فكان عنده ما شاء الله ثم رده من عيب وجده به.
358

فقال الرجل حين رد عليه الغلام يا رسول الله: إنه كان يستغل غلامي منذ كان عنده فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الخراج بالضمان '.
وقد أخرجه أبو داود في كتاب السنن من وجه آخر عن مسلم بن خالد.
وقد وثق يحيى بن معين: مسلما.
وذلك فيما:
3480 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد يقول سألت يحيى بن معين عن مسلم بن خالد الزنجي؟ فقال: ثقة.
وكذلك قاله في رواية الدارمي عنه وقد تابعه / عمر بن علي المقدمي فرواه عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الخراج بالضمان '.
3481 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الجواليقي قال حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف قال حدثنا عمر بن علي فذكره.
رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف البصري وذكره لمحمد بن إسماعيل البخاري فكأنه أعجبه.
وفيما روى أبو داود عن قتيبة قال هو في كتابي بخطي عن جرير _ يعني ابن عبد الحميد _ عن هشام بن عروة.
3482 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أنهم من أهل المدينة عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف قال:
359

ابتعت غلاما فاستغللته ثم ظهرت منه على عيب فخاصمته فيه إلى عمر بن عبد العزيز فقضى له برده وقضى علي برد غلته.
فأتيت عروة بن الزبير فأخبرته فقال:
أروح إليه العشية فأخبره أن عائشة أخبرتني أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان فعجلت إلى عمر فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال عمر بن عبد العزيز: فما أيسر علي من قضاء قضيته والله يعلم أني لم أرد فيه إلا الحق فبلغني فيه سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأرد قضاء عمر وأنفذ سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فراح إليه عروة فقضى لي أن آخذ الخراج من الذي قضى به علي له.
قال أحمد:
وبمعناه رواه أبو داود الطيالسي عن أبي ذئب وحديث الشافعي أتم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فاستدللنا إذا كانت الغلة لم تقع عليها الصفقة فيكون لها حصة من الثمن وكانت في ملك المشتري في الوقت الذي مات العبد مات من مال المشتري أنه إنما جعلها له لأنها حادثة في ملكه وضمانه.
/ فقلنا كذلك في ثمر النخل ولبن الماشية وصوفها وأولادها وولد الجارية وكل ما حدث في ملك المشتري وضمانه.
وكذلك وطئ الأمة الثيب وخدمتها.
فاحتج من خالفه في وطئ الثيب وما في معناه بحديث علي قال:
وروينا هذا عن علي قال الشافعي:
أيثبت عن علي؟ قال بعض من حضره من أهل الحديث: لا.
قال وروينا عن عمر يردها وذكر عشرا أو نحو ذلك قلت: ويثبت عن عمر؟
قال بعض من حضره: لا.
360

قلت: وكيف يكون يحتج بما لم يثبت وأنت تخالف عمر لو كان قاله.
قال أحمد:
الرواية فيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن علي في رجل اشترى جارية فوطئها فوجد بها عيبا قال: لزمته ويرد البائع ما بين الصحة والداء وإن لم يكن وطئها ردها.
وهذا منقطع بين علي بن الحسين وبين جده علي رضي الله عنه.
وروي موصولا لا يذكر أبيه فيه وليس بمحفوظ.
رواه الثوري ويحيى القطان وحفص بن غياث عن جعفر مرسلا.
وروي عن جويبر عن الضحاك عن علي وهو منقطع.
وجويبر لا يحتج به.
وأما الرواية فيه عن عمر فإنما رواية جابر الجعفي عن عامر عن عمر قال:
إن كانت ثيبا رد معها نصف العشر وإن كانت بكرا رد العشر.
وهذا مرسل. عامر لم يدرك عمر.
3483 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبر أن لها زوجا فردها.
((734 - باب الشرط في مال العبد إذا بيع))
3484 - أخبرنا أبو عبد الله في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن
361

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من باع عبدا له مال / فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من حديث الليث بن سعد عن الزهري.
وفي الحديث:
من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فتمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع '.
فرواهما جميعا سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وخالفه نافع فروى قصة النخل عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وقصة العبد عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه.
فكان مسلم بن الحجاج وأبو عبد الرحمن النسائي في جماعة من الحفاظ يقولون القول ما قال نافع وإن كان سالم أحفظ منه.
وكان البخاري يراهما جميعا صحيحين.
وقد روي عن جماعة عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قصة العبد أيضا منهم:
يحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد وسليمان بن موسى.
ورواه عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من أعتق عبدا وله مال فماله له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له '.
362

وهذا بخلاف رواية الجماعة.
وروي عن ابن مسعود أنه قال لمملوك له ما مالك يا عمير فإني أريد أن أعتقك وإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من أعتق عبدا فماله للذي أعتق '.
وروي عنه أنه أعتقه ثم قال: أما إن مالك لي ثم تركه.
وهذا أصح. والله أعلم.
((735 - باب عهدة الرقيق))
روى الشافعي في رواية أصحابنا عن مسلم بن خالد عن ابن جريج قال:
سألت ابن شهاب عن عهدة السنة وعهدة الثلث فقال:
ما علمت فيها أمرا سالفا.
وفي مختصر البويطي والربيع عن الشافعي قال:
أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن طاوس أنه كان لا يرى العهدة شيئا لا ثلاث ولا أقل ولا أكثر.
قال وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال: لم يكن فيما مضى عهدة في الأرض لا من هيام ولا من جذام ولا / شيء.
فقلت له: ما ثلاثة أيام؟ قال: لا شيء إذا ابتاعه صحيحا لا ترى إلا ذلك الله يحدث من أمره ما يشاء إلا أن يأتي ببينة على شيء كان قبل أن يبتاعه.
وكذلك نرى الأمر الآن.
وأنا أظنه فيما:
3485 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
363

قال أحمد:
وقد روي عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' عهدة الرقيق ثلاث ليال وقيل أربع ليال '.
وكان علي بن المديني وغيره من أهل العلم بالحديث لا يثبتون سماع الحسن عن عقبة.
فهو إذا منقطع.
وقيل: عنه عن ثمرة وليس بمحفوظ. والله أعلم.
قال الشافعي:
والخبر في أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل لحبان بن منقذ عهدة ثلاث خاص.
((736 - باب التدليس والخديعة في البيع حرام))
3486 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مر برجل يبيع طعاما فأعجبه فأدخل يده فيه فإذا هو طعام مبلول فقال:
' ليس منا من غشنا '.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن العلاء بن عبد الرحمن.
3487 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رجلا ذكر لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه يخدع في البيع فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
364

' إذا بايعت فقل لا خلابة '.
قال: وكان الرجل إذا باع يقول: لا خلابة.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه عن عبد الله بن دينار.
((737 - [باب]
بيع البراءة))
قال الشافعي رحمه الله:
إذا باع الرجل العبد أو شيئا من الحيوان بالبراءة من العيوب فالذي نذهب إليه _ والله أعلم _ قضاء عثمان بن عفان أنه برئ من كل / عيب لم يعلمه ولم يبرأ من عيب علمه ولم يسمه [البائع].
3488 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر بالغلام داء لم تسمه فاختصما إلى عثمان بن عفان.
فقال الرجل: باعني عبدا وبه داء لم يسمه لي.
فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة فقضى عثمان على عبد الله باليمين أن
365

يحلف له لقد باعه الغلام وما به داء يعلمه.
فأبى عبد الله أن يحلف له وارتجع العبد فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمس مائة درهم.
قال أحمد:
وروي عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر أنهما كانا يريان البراءة من كل عيب جائزة.
وإسناده ضعيف.
إنما رواه شريك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عنهما.
وقد أنكره ابن المبارك ويحيى بن معين على شريك.
وكان شريح لا يبرئ من الداء حتى يريه إياه.
وكذا روي عن عطاء بن أبي رباح.
وقال إبراهيم هو بريء مما سمي.
((738 - [باب]
المرابحة))
أجاز الشافعي بيع المرابحة.
وروينا فيه ما:
3489 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن المؤمل قال حدثنا الفضل بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا وكيع قال حدثنا مسعر عن أبي بحر عن شيخ لهم قال:
رأيت على علي رضي الله عنه إزارا غليظا فقال: اشتريته بخمسة دراهم فمن
366

أربحني فيه درهما بعته.
وروينا في معناه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
((739 - [باب]
الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل))
3490 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع / قال قال الشافعي: ومن باع سلعة من السلع إلى أجل وقبضها المشتري فلا بأس أن يبيعها من الذي اشتراه منه بأقل من الثمن أو أكثر أو دين ونقد لأنها بيعه غير البيعة الأولى.
وقال بعض الناس: لا يشتريها البائع بأقل من الثمن وزعم أن القياس أن ذلك جائز ولكنه زعم تبع الأثر ومحمود منه أن يتبع الأثر الصحيح.
فلما سئل عن الأثر إذا هو أبو إسحاق عن امرأته عالية بنت أيفع أنها دخلت هي وامرأة أبي السفر على عائشة فذكرت لعائشة بيعا باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إلى العطاء ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدا.
فقالت عائشة: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت أخبرني زيد بن أرقم أن الله عز وجل أبطل جهاده مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا أن يتوب.
قال الشافعي:
فقيل له: أيثبت هذا الحديث عن عائشة؟
فقال: أبو إسحاق رواه عن امرأته.
قيل فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها؟
فما علمته قال شيئا.
فقلت له: ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل بأن تقول
367

حديث امرأة وتحتج بحديث امرأة ليست عندك منها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها.
زاد أبو سعيد في روايته:
قال الشافعي:
قد تكون عائشة _ لو كان هذا ثابتا عنها _ عابت عليها بيعا إلى العطاء لأنه أجل غير معلوم.
قال: ولو اختلف بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] في شيء كان أفضل ما يذهب إليه أنا نأخذ بقول الذي معه القياس.
والذي معه القياس قول زيد بن أرقم.
وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة.
وزيد بن أرقم لا يرى إلا ما يراه حلالا ولا يبتاع إلا مثله.
ولو أن رجلا باع شيئا أو ابتاعه نراه نحن محرما وهو يراه حلالا.
لم تزعم أن الله عز وجل يحبط به من عمله ما شاء.
قال أحمد:
وهذا الأثر قد رواه أيضا يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع أنها دخلت مع أم محبه على عائشة.
والعالية هذه لم يرو عنها / غير زوجها وابنها.
وروينا عن ابن عمر وشريح أنهما لم يريا بذلك بأسا.
3491 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال: سمعت عبد الله بن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب فأراد أن يبيعها قبل أن يقبضها.
فقال ابن عباس:
تلك الورق وكره ذلك.
368

قال الربيع: سبائك.
قال مالك: ذلك فيما نرى لأنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به.
ولو باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن ببيعه بأس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وليس هذا قول ابن عباس ولا تأويل حديثه ثم روي حديث ابن عباس في النهي عن بيع الطعام حتى يقبض.
وقول ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله.
ثم قال: بقول ابن عباس نأخذ لأنه إذا باع شيئا واشتراه قبل أن يقبضه فقد باع مضمونا له على غيره بأصل البيع وأكل ربح ما لم يضمن وخالفتموه فأخرتم بيع ما لم يقبض سوى الطعام من غير صاحبه الذي ابتيع منه.
ولا أعلم بين صاحبه الذي ابتيع منه وبين غيره فرقا وبسط الكلام فيه.
قال أحمد:
هو عن مالك سبائب والسبائب المقانع.
((739 مكرر - [باب]
اختلاف المتبايعين))
3492 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار '.
قال الشافعي في القديم في رواية الزعفراني:
369

هذا حديث منقطع لا أعلم أحدا يصله عن ابن مسعود.
وقد جاء من غير وجه.
3493 - أخبرنا أبو عبد الله / الحافظ في كتاب المستدرك قال حدثنا أبو العباس الأموي قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح قال أخبرنا ابن جريج أن إسماعيل بن أمية أخبره عن عبد الملك بن عمير قال حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأتاه رجلان تبايعا سلعة فقال أحدهما: أخذت بكذا وكذا. وقال الآخر: بعت بكذا وكذا.
فقال أبو عبيدة: أتي عبد الله بن مسعود في مثل هذا. قال حضرت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مثل هذا فأمر البائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك.
3494 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكر هذا الحديث.
قال عبد الله قال أحمد:
أخبرت عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد قال أحمد بن حنبل وقال حجاج الأعور: عبد الملك بن عبيدة.
قال أحمد البيهقي:
هذا هو الصواب.
وقد رواه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عمير كما قال سعيد بن سالم.
ورواية هشام بن يوسف وحجاج عن ابن جريج أصح والله أعلم.
وهو أيضا مرسل. أبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه
370

عن ابن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعيه وليس بينهما بينه فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع '.
ورواه أبو عميس ومعن بن عبد الرحمن وعبد الرحمن المسعودي وأبان بن تغلب كلهم عن القاسم عن عبد الله منقطعا وليس فيه:
' والمبيع قائم بعينه '.
وابن أبي ليلة: كان كثير الوهم في الإسناد والمتن.
وأهل العلم بالحديث لا يقبلون منه ما تفرد به لكثرة أوهامه. وبالله التوفيق.
وأصح إسناد روي في هذا الباب رواية أبي العميس عن عبد الرحمن / بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده قال: اشترى الأشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا فذكر اختلافهما في الثمن فقال الأشعث: أنت بيني وبينك.
قال عبد الله: فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقوله رب السلعة أو يتتاركا '.
3495 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن أبي العميس. فذكره.
((740 - باب الشرط الذي يفسد البيع))
3496 - أخبرنا أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
371

الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة بربرة قالت: ثم قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
' أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب له فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق '.
مخرج في الصحيحين.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين:
وإذا باع الرجل الرجل العبد على أن لا يبيعه أو على أن يبيعه من فلان أو على أن لا يستخدمه فالبيع فاسد ولا يجوز الشرط في هذا إلا في موضع واحد وهو العتق اتباعا للسنة ولفراق العتق لما سواه.
وكأنه أراد ما:
3497 - أخبرنا أبو بكر قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن عائشة أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها.
فقال أهلها: نبتعكها على أن ولاءها لنا.
فذكرت ذلك لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يمنعك ذلك إنما الولاء لمن أعتق '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3498 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثنى شيئا منها جلدا ولا غيره في سفر ولا حضر.
372

ولو كان الحديث يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في السفر أجزناه في السفر والحضر فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل.
وقال في مختصر البويطي والربيع في الإجازات:
وكل شرط في بيع على أن لا يقبض اليوم فلا يجوز إلا أن يصح حديث جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الشرط في البيع.
3499 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن نسير بن ذعلوق عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلا باع نجيبة أو قال: بختيه _ أنا أشك _ واشترط ثنياها فرغب فيها فاختصما إلى عمر فقال: اذهبا بها إلى علي. فقال علي: اذهبا بها إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا وهم يثبتونه عن علي.
وهذا أورده على طريق الإلزام فيما خالفوا عليا.
وثنياها: قوائمها ورأسها.
3500 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا زكريا بن أبي زائدة.
3501 - (ح) قال وأخبرني أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثني أبي قال حدثنا زكريا عن عامر قال حدثني جابر أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فأراد أن يسيبه قال: فلحقني النبي [صلى الله عليه وسلم] فدعا لي وضربه فسار سيرا لم يسر مثله فقال:
' بعنيه بوقية '.
قلت: لا. ثم قال:
' بعنيه [بوفية] '.
373

فبعته بؤقية واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي.
فلما بلغت أتيته بالجمل فنقد لي ثمنه ثم رجعت فأرسل في إثري فقال:
' أتراني ما كستك لأخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك '.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم عن زكريا.
ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير.
وهذا / الحديث قد اختلف في ألفاظه.
فمنها ما يدل على الشرط ومنها ما يدل على أن ذلك كان من النبي [صلى الله عليه وسلم] تفضلا ومعروفا بعد البيع.
فمن ذلك رواية شعبة عن مغيرة عن عامر الشعبي عن جابر قال:
بعت النبي [صلى الله عليه وسلم] جملا فقرني ظهره إلى المدينة.
وقال أبو الزبير عن جابر:
' أفقرناك ظهره إلى المدينة '.
وقد ذكرناها في كتاب السنن.
والإفقار إنما هو إعادة الظهر للركوب.
قوله في آخر الحديث:
' أتراني ما كستك لأخذ جملك '.
يدل على أنه لم يكن من عزمه أن يكون ذلك عقدا إلزاما.
والله أعلم.
((741 - باب النهي عن بيع الغرر وثمن عسب الفحل))
3502 - كتب إلي أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال
374

حدثنا المزني قال الشافعي قال أخبرنا مالك.
3503 - وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الغرر.
وهذا مرسل. وقد رويناه موصولا من حديث الأعرج عن أبي هريرة.
3504 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال:
' نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن عسب الفحل '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن إسماعيل بن علية.
ورواه البخاري عن مسدد.
3505 - أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا موسى بن الحسن الكوفي بمصر قال حدثنا عبد الغني بن عبد العزيز الفقيه قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني سعيد بن سالم القداح عن شبيب بن عبد الله _ هو البجلي من أهل البصرة _ عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
375

' نهى عن ثمن عسب الفحل '.
3506 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال / أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بمثله.
قال: وأخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثل معناه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث روح بن عبادة عن ابن جريج وقال في متنه: عن ضراب الجمل.
3507 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان عن أبي كليب عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد قال:
نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان.
قال أحمد:
واحتج الشافعي بنهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن بيع الغرر في فساد بيع الآبق والضالة وكل ما عقد على أن يكون مرة بيعا ومرة لا بيع.
قال: ومما يدخل في معنى هذا الحديث أن يبيع عبد رجل أو داره من متاعه ولم يوكله ببيعه.
وفي مختصر البويطي والربيع بن سليمان:
وإن صح حديث عروة البارقي فكل من باع أو أعتق ثم رضي فالبيع والعتق جائزان.
3508 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان عن شبيب بن غرقدة سمع قومه يحدثون عن عروة البارقي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعطاه دينارا ليشتري له شاة لا ضحية فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار وأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] بشاة ودينار فدعا النبي [صلى الله عليه وسلم] بالبركة في بيعه وكان لو
376

اشترى التراب ربح فيه.
وهذا حديث منقطع.
إنما سمع شبيب قومه يحدثون به عن عروة وقد تكلم الشافعي عليه في موضع آخر يأتي إن شاء الله.
3509 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن سليمان بن يسار عن ابن عباس:
إنه كان يكره بيع الصوف على ظهور الغنم واللبن في ضروع الغنم إلا بكيل.
قال أحمد:
وقد رواه / أبو إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس كذلك موقوفا.
ورواه عمر بن فروخ عن حبيب بن الزبير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا وروي عنه مرسلا.
والصحيح موقوف.
وفيما حكى الشافعي عن بعض العراقيين أنه قال:
بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
لا يشترى السمك في الماء فإنه غرر.
قال: وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب وإبراهيم النخعي.
قال أحمد:
قد روينا عن هشيم عن يزيد بن أبي الزناد عن المسيب بن رافع عن ابن مسعود قال:
لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر.
377

ورواه محمد بن السماك عن يزيد مرفوعا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3510 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن السماك فذكره مرفوعا.
قال عبد الله قال أبي وحدثنا هشيم ولم يرفعه.
قال البيهقي:
وكذلك رواه الثوري عن يزيد غير مرفوع.
((742 - باب حبل الحبلة والملامسة))
3511 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية.
كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث الليث عن نافع.
قال الشافعي في القديم:
وفي هذا ما دل على أنه لا يحل البيع إلى أجل إلا أن يكون الأجل معلوما وهذا أجل مجهول.
وبسط الكلام فيه.
3512 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن
378

عمر أن رسول الله / [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع حبل الحبلة.
3513 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن علية قال أخبرنا أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير ونافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع حبل الحبلة.
((743 - [باب]
الملامسة والمنابذة))
3514 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن الملامسة والمنابذة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك عنهما.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى.
3515 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيعتين وعن لبستين. فأما البيعتين فالملامسة والمنابذة.
وأما اللبستان فاشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء.
379

رواه البخاري في الصحيح عن علي بن سفيان.
وأخرجه البخاري من حديث يونس بن يزيد وغيره عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبي سعيد الخدري أنه قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن لبستين وبيعتين عن الملامسة والمنابذة في البيع.
والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار لا يقلبه إلا بذلك.
والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر ثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراضي.
3516 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال أخبرني عامر / بن سعد بن أبي وقاص أن أبا سعيد الخدري قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. فذكره.
قال واللبستين: اشتمال الصماء والصماء:
أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب.
واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجه مسلم من حديث ابن وهب عن يونس.
((744 - [باب]
بيع العربان))
3517 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي قال قرأت على مالك بن أنس أنه بلغه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال:
380

نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع العربان.
قال مالك: وذلك فيما نرى _ والله أعلم _ أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه أعطيك دينارا أو درهما أو أقل من ذلك أو أكثر على أني إن أخذت السلعة أو ركيت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك [هو] من ثمن السلعة أو من كراء الدابة وإن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك فهو لك باطل بغير شيء.
قال مالك: فهذا لا ينبغي ولا يصلح وهو الذي نهى عنه فيما نرى والله أعلم.
قال أحمد:
بلغني أن مالك بن أنس أخذ هذا الحديث عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن شعيب.
وقيل عن ابن لهيعة عن عمرو.
وقيل: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عمرو. وفي جميع ذلك ضعف.
((745 - باب بيعتين في بيعة))
3518 - كتب إلى أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن
381

أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيعتين في بيعة.
3519 - / وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيعتين في بيعة.
قال الشافعي:
وهي أن أبيعك على أن تبيعني ومنه أن أقول سلعتي هذه لك بعشرة نقدا أو بخمسة عشر إلى أجل وبسط الكلام في شرحه وجعلهما من بيوع الغرر.
((746 - باب النجش))
3520 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى
الله عليه وسلم]: نهى عن النجش.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3521 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ولا تناجشوا '.
382

3522 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ومالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
3523 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
والنجش: أن يحضر الرجل السلعة تباع فيعطي بها الشيء وهو لا يريد الشراء ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه.
قال الشافعي:
فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالما بنهي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عنه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: البيع جائز لا يفسده معصية رجل ينجش عليه.
قال: وقد بيع فيمن يزيد على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجاز البيع.
وقد يجوز أن يكون [فيمن] زاد من لا يريد الشراء.
قال أحمد:
قد روينا عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نادى / على حلس وقدح في من يزيد فأعطاه رجل درهما وأعطاه آخر درهمين فباعه.
((747 - باب لا يبيع بعضكم على بيع بعض))
3524 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
383

' لا يبيع بعضكم على بيع بعض '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3525 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يبيع الرجل على بيع أخيه '.
وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
3526 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ولا يبيع بعضكم على بيع بعض '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا حديث ابن المسيب من حديث أبي هريرة وكذلك في باب النجش.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فبهذا نأخذ فننهي الرجل إذا اشترى من رجل سلعة فلم يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه أن يبيع المشتري سلعة تشبهها [السلعة التي اشترى أولا] لأنه لعله يرد [السلعة] التي اشترى أولا [و] لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل للمتبايعين الخيار ما لم
384

يتفرقا فيكون البائع الآخر قد أفسد على البائع الأول بيعه.
ثم لعل البائع الآخر يختار نقض البيع فيفسد على البائع والمبتاع بيعه.
قال: ولو كان البيع إذا عقداه لزمهما مضر البائع أن يبيعه رجل سلعة كسلعة. وبسط الكلام في شرحه.
قال الشافعي:
فإذا باع [رجل رجلا] على بيع أخيه في هذه الحالة فقد عصى الله إذا كان عالما بالحديث فيه والبيع لازم لا يفسد.
[فإن قال قائل: وكيف لا يفسد وقد نهى عنه؟ قيل]: بدلالة الحديث نفسه. / أرأيت لو كان البيع يفسد هل كان ذلك يفسد على البائع الأول [شيئا إذا لم يكن للمشتري البيع الآخر فيترك به الأول؟] بل كان ينفع [الأول].
قال الشافعي:
وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا يسوم أحدكم على سوم أخيه '.
فإن كان ثابتا ولست أحفظه ثابتا فهو مثل:
' لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه '.
إذا رضي البائع وأذن بأن يباع قبل البيع حتى لو بيع لزمه.
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: باع فيمن يزيد.
وبيع من يزيد سوم رجل على سوم أخيه ولكن البائع لم يرض السوم الأول حتى طلب الزيادة.
قال أحمد:
385

قد ثبت هذا الحديث من حديث أبي حازم وأبي صالح وغيرهما عن أبي هريرة.
وخالفهم سعيد بن المسيب وعبد الرحمن الأعرج وأبو سعيد مولى عامر بن كريز وغيرهم عن أبي هريرة فروي على اللفظ الأول ولم يجمع بين اللفظين في حديث واحد كما أعلم إلا عمرو الناقد.
فإنه رواه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تناجشوا ولا يبيع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته ولا يسوم الرجل على سوم أخيه بسوم على سوم أخيه ولا يبيع حاضر لباد ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها ولتنكح فإن رزقها على الله '.
3527 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال حدثنا سفيان فذكره ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد.
واختلف فيه على محمد بن سيرين عن أبي هريرة وعلى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة فقيل بلفظ: البيع. وقيل: بلفظ السوم ويشبه أن يكون كلاهما محفوظا كما رواه عمرو الناقد.
أو يكون الحديث في الأصل في البيع.
ومن رواه بلفظ السوم أتى به على المعنى الذي وقع له.
فقد رواه ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في البيع / على بيع بعض.
ورواه عقبة بن عامر في الابتياع على بيع أخيه حتى يذر.
((748 - [باب]
لا يبيع حاضر لباد))
3528 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ _ في المخرج على كتاب مسلم ولم أجده
386

في المبسوط _ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه نهى أن يبيع حاضر لباد.
3529 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يبيع حاضر لباد '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3530 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان قال أبو جعفر أراه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
3531 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يبيع حاضر لباد '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3532 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
387

' لا يبيع حاضر لباد '.
قال أحمد:
هذا الحديث بهذا الإسناد مما يعد في أفراد الربيع عن الشافعي عن مالك.
3533 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه من أصل كتابه قال أخبرنا محمد بن غالب قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يبيع حاضر لباد '.
ولمالك بن أنس مسانيد لم يودعها الموطأ كبار أصحابه / فيشبه أن يكون هذا منها. والله أعلم.
3534 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وزهير بن معاوية عن أبي الزبير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
أهل البادية يقدمون جاهلين بالأسواق وحاجة الناس إلى ما قدموا به ومستثقلين المقام فيكون أدنى من أن يرتخص المشترون سلعتهم وإذا تولى أهل القرية لهم البيع ذهب هذا المعنى.
وبسط الكلام في شرحه ثم قال:
388

فأي حاضر باع لباد فهو عاص إذا علم الحديث والبيع لازم غير مفسوخ بدلالة الحديث نفسه لأن البيع لو كان [يكون] مفسوخا لم يكن في بيع الحاضر للبادي معنى يخاف [أن] يمنع منه أن يرزق بعض الناس من بعض.
((749 - [باب]
تلقي السلع))
3535 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك.
3536 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تلقوا الركبان للبيع '.
وفي رواية الربيع: ' لا تلقوا السلع '.
والصحيح في حديث أبي هريرة رواية المزني.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3537 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تلقوا الركبان '.
389

3538 - أخبرنا / أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قد سمعت في غير هذا الحديث:
' فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق '.
قال الشافعي:
وبهذا نأخذ إن كان ثابتا.
قال أحمد:
هذا ثابت وهو فيما:
3539 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الرازي قال حدثنا إبراهيم بن زهير الحلواني قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه شيئا فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق '.
أخرجه مسلم من حديث ابن جريج عن هشام.
وبمعنا رواه أيوب عن ابن سيرين.
((750 - [باب]
النهي عن بيع وسلف جر منفعة))
3540 - حدثنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا أسباط بن محمد قال حدثنا محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
390

نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن سلف وبيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم تضمن.
3541 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
بيع وسلف الذي نهى عنه أن يعقد العقدة على بيع وسلف وذلك أن أقول: أن أبيعك هذا بكذا على أن تسلفني كذا.
وحكم السلف أنه حال فيكون البيع وقع بثمن معلوم ومجهول والبيع لا يجوز أن يكون إلا بثمن معلوم.
قال: ومن أسلف رجلا طعاما فشرط عليه خيرا منه أو أزيد منه أو أنقص فلا خير فيه.
وإن لم يذكر من هذا شيئا فأعطاه خيرا منه متطوعا أو سرا فتطوع هذا بقوله فلا بأس بذلك.
قال أحمد:
وروينا عن عبد الله بن عمر أنه قال:
من أسلف سلفا فلا يشترط إلا قضاءه.
وروينا عن فضالة بن عبيد أنه قال:
كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا.
وروينا / في معناه عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس وروينا في حسن القضاء بلا شرط حديث أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه استقرض شيئا فلماء جاء عطاه أعطاه شيئا فوق شيئه وقال:
391

' خياركم محاسنكم قضاء '.
وروينا عن أبي قتادة أنه طلب غريما لو فتوارى عنه ثم وجده فقال: إني معسر فقال: آلله قال: آلله.
قال أبو قتادة سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من سره الله أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه '.
3542 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد عبد الله بن إبراهيم البزاز ببغداد قال حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار قال حدثنا خالد بن خداش المهلبي قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريما له بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن خالد بن خداش.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
حدثنا سفيان عن مسعر عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال:
قضاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وزادني.
وهذا فيما:
3543 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر الحيري قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا ثابت بن محمد العابد قال حدثنا مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال:
أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو في المسجد _ أظنه قال ضحى _ فقال لي:
392

' صله أو صل ركعتين '.
قال وكان لي عليه دين فقضاني وزادني.
رواه البخاري في الصحيح عن ثابت بن محمد.
وأما إذا أقرضه مالا ورد بدله ببلد آخر فقد روينا في شبه بذلك عن عمر بن الخطاب أنه نهى عنه.
ويشبه أن يكون المنهي عنه إذا كان ذلك بشرط أن يرده ببلد آخر فإذا كان بغير شرط فقد:
3544 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا جعفر الخالدي قال حدثنا عبد الله بن / همام قال حدثنا علي بن حكيم قال حدثنا شريك عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي أعطى مالا بالمدينة وأخذه ببلد أخرى.
وروينا عن ابن عباس وابن الزبير أنهما لم يريا بذلك بأسا.
((751 - [باب]
تجارة الوصي بمال اليتيم))
قال الشافعي رحمه الله:
قد تجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمال يتيم كان يليه.
وكانت عائشة تبضع أموال بني محمد بن أبي بكر في البحرين وهم أيتام تليهم وتؤدي منها الزكاة.
قال أحمد:
قد روينا هذا عن عمرو عن عائشة بإسناديهما في كتاب الزكاة.
393

((752 - [باب]
النهي عن بيع الكلاب))
3545 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وفي رواية أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' لا يحل ثمن الكلب '.
وفي رواية ابن عباس قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ثمن الكلب وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا.
3546 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضاريا نقص من عمله كل يوم قيراطان '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
394

3547 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك / عن يزيد بن خصيفة أن السائق بن يزيد أخبره أنه سمع شقيق بن أبي زهير وهو رجل من شنؤة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من اقتنى كلبا نقص من عمله كل يوم قيراط '.
قالوا: أأنت سمعت هذا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: أي ورب هذا المسجد.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وفيه من الزيادة:
' من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا '.
3548 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
أمر بقتل الكلاب.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي:
وقد قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من اقتنى كلبا إلا كلب زرع أو ماشية نقص من عمله كل يوم قيراطان '.
قال أحمد:
روينا في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره
395

قيراطان كل يوم '.
3549 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا بحر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب قال الشافعي:
وقال:
' لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة '.
وهذا فيما:
3550 - أخبرنا أبو الحسن العلوي قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن الشرقي قال حدثنا عبد الله بن هاشم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة '.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة.
3551 - وفيما نبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي عن بعض من كان يناظره قال أخبرني بعض أصحابنا عن محمد بن إسحاق عن عمران بن أبي أنس أن عثمان أغرم رجلا ثمن كلب قتله عشرين بعيرا.
قال الشافعي:
فقلت له: لو ثبت هذا عن عثمان كنت لم تصنع شيئا في احتجاجك على شيء يثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
396

والثابت عن عثمان خلافه.
قال فاذكره. قلت: أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن قال سمعت عثمان بن عفان يخطب وهو يأمر بقتل الكلاب.
قال الشافعي:
فكيف يأمر بقتل ما يغرم من قتله قمته.
قال أحمد:
هذا الذي روي عن عثمان في إغرام ثمن الكلب منقطع و [قد] روي من وجه آخر عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه ذكره عن عثمان في قصة ذكرها منقطعة.
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهما.
وقضى في كلب ماشية بكبش.
وروي عنه في كلب الزرع بفرق من طعام.
وفي كلب الدار فرق من تراب.
وإنما يروى عنه من وجه منقطع بين ابن جريج وعمرو بن شعيب.
ومن جهة إسماعيل بن جستاس عن عبد الله وإسماعيل هذا مجهول.
وروينا بإسناد صحيح عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أنه قال:
نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وأجر الكاهن (و كسب الحجام).
وأما الهر:
فروي عن ابن عباس أنه كان لا يرى بثمنه بأسا.
397

وروينا عن أبي الزبير قال: سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور فقال:
زجر النبي [صلى الله عليه وسلم] عن ذلك.
3552 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني قال حدثني سلمة بن شبيب قال حدثنا الحسن بن محمد بن أعين قال حدثنا معقل عن أبي الزبير. فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن سلمة بن شبيب.
وقد حمله أبو العباس الطبري في السنور على الهر إذا توحش فلم يقدر / على تسليمه.
وقال غيره:
يحتمل أن يكون نهيه عن بيع السنور حين كان محكوما بالنجاسة فلما قال في الهرة:
' إنها ليست بنجس '.
صارت محكومة بالطهارة وفيها منفعة فجاز بيعها ولهذا المعنى تعجبت المرأة من إصغاء أبي قتادة الإناء لها.
حتى روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إنها ليست بنجس '.
فصار الأمر الأول منسوخا. والله أعلم.
وروي عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر قال:
نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد.
وروي ذلك عن عطاء عن أبي هريرة.
398

وهذا الاستثناء غير محفوظ في الأحاديث الثابتة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في النهي ثمن الكلب وإنما هو في الأحاديث الثابتة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في النهي عن اقتناء الكلب ولعله شبه على من ذكره في حديث النهي عن ثمنه. والله أعلم.
((753 - [باب]
ما حرم أكله وشربه حرم ثمنه))
3553 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال:
بلغ عمر أن سمرة باع خمرا. فقال: قاتل الله سمرة ألم يعلم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم أن يأكلوا فباعوها '.
وقال غيره: ' فجملوها فباعوها '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3554 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قاعدا خلف المقام فرفع رأسه إلى السماء فنظر ساعة ثم ضحك ثم قال:
' قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه '.
399

((754 - [باب]
بيع فضل الماء))
قال الشافعي في سنن حرملة:
حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد أنه قال:
لا تبيعوا الماء فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نهى عن بيع الماء - لا يدري عمرو أي ماء هو -.
3555 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا ابن خميرويه قال أخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمعه من أبي المنهال سمعه من إياس بن عبد المزني قال لقومه. فذكره بمثله.
3556 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده إلا أنه قال:
نهى عن بيع فضل الماء.
ولم يذكر قول عمرو.
وكذلك رواه داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار.
قال الشافعي:
معنى الحديث - والله أعلم - أن يباع الماء في الموضع الذي خلقه الله عز وجل فيه وذلك أن يأتي بالبادية الرجل له البئر ليسقي بها ماشيته ويكون في مائها فضل عن ماشيته.
فنهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مالك الماء عن بيع ذلك الفضل ونهاه عن منعه لأن في
400

منعه أن يسقي ماشيته منعا للكلأ الذي لا يملك.
وبسط الكلام في شرحه.
((755 - [باب]
كراهية بيع المصاحف وما ورد في بيع المضطر وغير ذلك))
3557 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كره شرى المصاحف وبيعها.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا لا يرون بأسا ببيعها وشرائها.
ومن الناس من لا يرى بشرائها بأسا ونحن نكره بيعها.
قال أحمد:
روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال:
اشتر المصحف ولا تبعه.
وكذا قاله سعيد بن جبير.
وقال عبد الله
بن شقيق: كان أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكرهون بيع المصاحف.
روينا عن زياد مولى سعد أنه سأل ابن عباس عن بيع المصاحف لتجارة فيها.
فقال: لا نرى أن تجعله متجرا ولكن ما عملت بيديك فلا بأس به.
فكأنهم إنما كرهوا ذلك على وجه التنزيه تعظيما للمصحف أن يترك للبيع أو يجعل متجرا. والله أعلم.
401

وأما حديث علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
أنه نهى عن بيع المضطر.
فإنه إنما رواه أبو عامر صالح بن رستم عن شيخ من بني تميم عن علي.
فهو عن مجهول ثم هو محمول عندنا على الذي يضطر على البيع بالإكراه.
والله أعلم.
وإن أراد الذي يضطر إلى البيع بدين ركيه أو فقر أصابه.
فكأنه استحب أن يعان ولا يحوج إلى البيع بترك معونته والتصدق عليه.
وبالله التوفيق.
((756 - [باب]
السلف والرهن))
3558 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس قال:
أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ثم قال:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) *
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فإن كان كما قال ابن عباس أنه في السلف قلنا به في كل دين قياسا عليه لأنه في معناه.
والسلف جائز في سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والآثار وما لا يختلف فيه أهل العلم علمته.
402

3559 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو عبد الله وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قدم المدينة وهم يسلفون في الثمر السنة والسنتين وربما قال السنتين والثلاث فقال:
' من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم '.
قال الشافعي:
حفظته كما وصفت من سفيان مرارا.
وأخبرني من أصدق عن / سفيان أنه قال كما قلت.
وقال في الأجل إلى أجل معلوم.
أخرجه البخاري ومسلم من أوجه عن سفيان وقالوا: في الحديث إلى أجل معلوم.
ورواه سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح.
وقال وهم يسلفون في الثمار في سنتين وثلاث.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' سلفوا في الثمار في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم '.
3560 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول:
لا نرى بالسلف بأسا الورق في شيء الورق نقدا '.
3561 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن ابن عمر كان يجيزه.
403

3562 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يقول:
لا بأس أن يسلف في طعام موصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى.
هكذا وجدته.
ورواه غيره عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
3563 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الرهن في السلف فقال: إذا كان البيع حلالا فإن الرهن مما أمر به.
3564 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار:
أنه كان لا يرى بأسا بالرهن والحميل في السلم وغيره.
3565 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء:
أنه كان لا يرى بأسا أن يسلف الرجل في الشيء يأخذ فيه رهن أو حميلا.
قال: ويجمع الرهن والحميل ويتوثق ما قدر عليه من حقه.
3566 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رهن درعه عن أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر.
3567 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكرا حديث الرهن عند أبي الشحم اليهودي.
3568 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أيوب بن أبي تميمة عن
404

يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن بيع ما ليس عندي.
قال الشافعي:
يعني بيع ما ليس عندك وليس بمضمون عليك.
3569 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا أجاز رسول الله [صلى الله عليه وسلم] السلف في الثمر السنتين بكيل ووزن وأجل معلوم كله.
والثمر قد يكون رطبا فقد أجاز أن يكون الرطب سلفا مضمونا في غير حينه الذي يطيب فيه لأنه إذا سلف سنتين كان بعضها في غير حينه.
قال: والسلف قد يكون بيع ما ليس عند البائع فلما نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حكيما عن بيع ما ليس عنده وأذن في السلف استدللنا على أنه لا ينهي عما أمر به وعلمنا أنه إنما نهى حكيما عن بيع ما ليس عنده إذا لم يكن مضمونا عليه وذلك بيع الأعيان.
3570 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان لا يرى بأسا أن يبيع الرجل شيئا إلى أجل معلوم ليس عنده أصله.
3571 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر: مثله.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وإذا أجاز رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيع الطعام بصفة إلى أجل كان - والله أعلم - بيع الطعام بصفة حالا أجوز وأخرج من معنى الغرر.
وبسط الكلام في شرحه قال: وقوله في كيل معلوم ووزن معلوم / وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم أظنه أراد لما ذكر الوزن مع الكيل دل على أنه أراد:
405

إذا سلف في كيل أن يسلف في كيل معلوم.
وإذا سلف في وزن أن يسلف في وزن معلوم.
وإذا سمي أجلا أن يسمى أجلا معلوما.
3572 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل عطاء فقال له رجل سلفته رهنا في طعام يؤقته قبل الليل ودفعت إليه الذهب قبل الليل وليس الطعام عنده.
قال: لا من أجل الشف وقد علم كيف يكون السوق وكم يكون السعر.
قال ابن جريج: فقلت له لا يصلح السلف إلا في الشيء المستأخر.
قال: لا إلا في الشيء المستأخر الذي لا يعلم كيف يكون السوق إليه يربح أم لا.
قال ابن جريج: ثم رجع عن ذلك بعد.
قال الشافعي:
يعني أجاز السلف حالا.
وقوله الذي رجع إليه أحب إلي [من قوله الذي قاله أولا] وليس في علم واحد منهما كيف السوق شيء يفسد بيعا.
وبسط الكلام فيه.
3573 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا يحيى بن سلام قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
ابتاع من أعرابي جزورا بتمر وكان يرى أن التمر عنده فإذا بعضه عنده وبعضه ليس عنده قال:
406

' هل لك أن تأخذ بعض تمرك وبعضه إلى الجذاذ ' فأبى فاستلف له النبي [صلى الله عليه وسلم] فدفعه إليه.
تابعه يحيى بن عمير مولى بن أسد عن هشام.
وفي هذا دلالة على جواز السلم الحال.
وروينا في حديث طارق بن عبد الله في ابتياع النبي [صلى الله عليه وسلم] جملا بكذا وكذا صاعا من تمر خارج المدينة وأخذه الجمل ورجوعه إلى المدينة ثم إنقاده بالتمر.
وقول الرسول أنا رسول الله [[صلى الله عليه وسلم]] إليكم وهو يأمركم أن تأكلوا من هذا التمر حتى تشبعوا وتكتالوا حتى تستوفوا.
((757 - باب في استقراض الحيوان والسلف فيه وبيع بعضه ببعض متفاضلا))
3574 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد بن يوسف وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: استلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بكرا فجاءته إبل من إبل الصدقة.
فقال أبو رافع: فأمرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أقضي الرجل بكره. فقلت يا رسول الله: إني لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء '.
أخرجه مسلم من حديث مالك.
3575 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
407

قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
3576 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
كان لرجل على النبي [صلى الله عليه وسلم] سن من الإبل فجاء يتقاضاه فقال:
' اعطوه '.
فطلبوا فلم يجدوا إلا سنا فوق سنه فقال:
' اعطوه '.
فقال: أوفيتني. أو قال: الله.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن خياركم أحسنكم قضاء '.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سفيان.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل عن عبد المجيد بن سهيل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
قال الشافعي في الجديد:
فهذا الحديث الثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبه آخذ وفيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] ضمن بعيرا بالصفة.
وفي هذا ما دل على أنه يجوز أن يضمن الحيوان كله بصفة في السلف وغيره.
وفيه دليل على أن لا بأس أن يقضي أفضل مما عليه متطوعا.
408

واحتج الشافعي بأمر الدية فقال:
قد قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالدية مائة من الإبل ولم أعلم المسلمين اختلفوا أنه بأسنان معروفة في مضي ثلاث سنين.
وأنه عليه السلام أفدى كل من لم يطب عنه نفسا من قسم له من سبي هوازن بإبل سماها ست أو خمس إلى أجل.
قال أحمد:
وهذا فيما رواه أهل المغازي.
وفيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
3577 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب: أنه باع جملا له يدعى عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل.
3578 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قال:
جاء عبد فبايع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على الهجرة ولم يشعر أو قال: لم يسمع أنه عبد فجاء سيده يريده فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' بعنيه '.
فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحدا بعده حتى يسله أعبد هو أو حر.
3579 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الكريم الجزري أخبره أن زياد بن أبي مريم مولى عثمان بن عفان أخبره: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] بعث معبد فأجاءه بظهر مسنات فلما رآه النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' هلكت وأهلكت '.
409

فقال: يا رسول الله إني كنت أبيع البكرين والثلاث بالبعير المسن يدا بيد.
وعلمت من حاجة النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الظهر فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فذاك إذا '.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
هذا منقطع.
وقوله إن كان قاله: ' هلكت وأهلكت ' يعني أثمت و ' أهلكت ' أموال / الناس إذ أخذت منهم ما ليس عليهم.
وقوله: علمت حاجة النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الظهر يعني: ما يعطيه أهل الصدقة في سبيل الله ويعطي ابن السبيل منهم وغيرهم من أهل السهمان. والله أعلم.
وذكر الشافعي ها هنا حديث ابن عباس في جواز بيع البعير بالبعيرين وقد مر في أول كتاب البيوع وروينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:
أنه كان لا يرى بأسا بالسلف في الحيوان.
3580 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال أخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال أخبرنا عبيدة عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس بذلك.
وذكر الشافعي قول ابن شهاب في بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل لا بأس به وقد مضى ذكره.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال:
لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاث: عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة.
قال: والمضامين: ما في بطون الإناث.
410

والملاقيح: ما في ظهور الجمال.
وحبل الحبلة: بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه كان الرجل يتبايع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج ما في بطنها.
3581 - وهذا فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال: أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك فذكره.
3582 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بإسناده ومعناه.
وذكر تفسير المضامين والملاقيح مدرجا في الحديث وأنا أظن أن هذا التفسير من جهة مالك.
وفي رواية المزني عن الشافعي أنه قال:
المضامين: ما في ظهور الجمال.
والملاقيح: ما في بطون الإناث.
قال المزني: وأعلمت بقوله عبد الملك بن هشام فأنشدني شاهدا له من شعر العرب.
قال أحمد:
وكذلك فسره أبو عبيد كمال قال / الشافعي:
3583 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
ولبيع البعير بالبعيرين يدا بيد وعلى أحدهما زيادة ورق والورق نسيئة.
قال الشافعي:
وبهذا كله أقول.
قال الشافعي:
411

فخالقنا بعض الناس في الحيوان فقال: لا يجوز أن يكون الحيوان نسيئة أبدا.
فناقضهم بالدية وبالكتابة على الوصفاء بصفة وبإصداق العبيد والإبل بصفة.
قال: فإنما كرهنا السلم في الحيوان لأن ابن مسعود كرهه.
قال الشافعي:
هو منقطع عنه.
قال أحمد:
وهذا لأنه إنما يرويه عنه إبراهيم النخعي.
قال الشافعي:
وزعم الشعبي الذي هو أكبر من الذي روي عنه كراهية أنه إنما أسلف له في لقاح فحل إبل بعينه وهذا مكروه عندنا وعند كل أحد.
هذا بيع الملاقيح والمضامين أو هما.
قال الشافعي:
وقلت لمحمد بن الحسن: أنت أخبرتني عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري أن بني عم لعثمان بن عفان أتوا واديا فصنعوا شيئا في إبل رجل قطعوا به لبن إبله وقتلوا فصالها.
فأتى عثمان بن عفان وعنده ابن مسعود فرضي بحكم ابن مسعود. فحكم أن يعطى بواديه إبلا مثل إبله وفصالا مثل فصاله.
فأنفذ ذلك عثمان.
فيروى عن ابن مسعود أنه يقضي في حيوان بحيوان مثله دينا لأنه إذا قضى به
412

بالمدينة وأعطيه بواديه كان دينا.
ويزيد أن يروي عن عثمان أنه يقول بقوله:
وأنتم تروون عن المسعودي عن عبد القاسم بن عبد الرحمن قال: أسلم لعبد الله بن مسعود في وصفاء أحدهم أبو زيادة - أو أبو زائدة - مولانا.
أو تروون عن ابن عباس أنه أجاز السلم في الحيوان.
وعن رجل آخر من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
روينا عن الشيباني عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أسلم عبد الله في وصفاء.
وروى أبو حسان الأعرج قال سألت ابن عمر / وابن عباس عن السلم في الحيوان فقالا:
إذا سمى الأسنان والآجال فلا بأس.
وروي عن أبي نصر أنه سأل ابن عمر عن السلف في الوصفاء فقال: لا بأس به.
وروي عن ابن عمر أنه كرهه.
وكذلك عن حذيفة والحديث عنهما منقطع.
وهو عن ابن عمر وابن عباس موصول بقولنا.
وقال الشافعي في القديم:
وقد يكون ابن مسعود كرهه تنزها عن التجارة فيه لا على تحريمه.
((758 - باب نقد رأس المال في السلم وتسمية الأجل فيما أسلف فيه مؤجلا))
3584 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
413

وقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من سلف فليسلف في كيل معلوم '.
إنما قال: فليعط ولم يقل ليتبايع ولا يعطي ولا يقع اسم التسليف فيه حتى يعطيه ما سلفه فيه قبل أن يفارقه.
قال: وقوله: ' وأجل معلوم ' يدل على أن الآجال لا تحل إلا أن تكون معلومة.
وكذلك قال الله تعالى:
* (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) *
3585 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال:
لا تبيعوا إلى العطاء ولا إلى الأندر ولا إلى الدياس.
3586 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء سئل عن رجل باع طعاما فإن أحالت علي العام فطعامك في قابل سلف.
قال: لا إلا إلى أجل معلوم وهذان أجلان لا يدري إلى أيهما يوفيه طعامه.
3587 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم وحفص عن الحجاج عن ابن عمرو بن حريث عن أبيه
414

أنه باع عليا درعا مفتوخة بذهب بأربعة / آلاف درهم إلى العطاء.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وإسناده ليس بالقوي.
((759 - [باب]
السلم في الثياب وغيرها))
3588 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل ابن شهاب عن ثوب بثوبين نسيئة فقال: لا بأس به ولم أعلم أحدا كرهه.
قال الشافعي:
وما حكيت من أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل على أهل نجران ثيابا معروف عند أهل العلم بمكة ونجران.
ولا أعلم خلافا في أنه يحل أنه يسلم في الثياب بصفة.
وأجاز السلف في كل ما تقع عليه الصفة ويكون مأمون الانقطاع في الوقت الذي يحل فيه.
وروينا عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال:
كنا نسلم إلى نبيط الشام في الحنطة والشعير والزبيب في كيل معلوم إلى أجل معلوم.
وقيل له: إلى من كان له زرع؟
قال: ما كنا نسألهم عن ذلك.
415

فارغة
416

الجزء الخامس والعشرون
((760 - [باب]
السلم في المسك والعنبر))
3589 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الزنجي عن موسى بن عقبة.
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أهدى للنجاشي أواق مسك فقال لأم سلمة:
' إني قد أهديت للنجاشي أواق مسك ولا أراه إلا قد مات قبل يصل إليه فإن جاءنا وهبت لك كذا '.
فجاءته فوهب لها ولغيرها منه.
3590 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدل قال حدثنا أبو جعفر محمد بن الحجاج قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا مسلم بن خالد - هو الزنجي - عن موسى بن عقبة عن أمه عن أم كلثوم قالت:
لما تزوج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أم سلمة قال لها:
' إني قد أهديت للنجاشي أواق مسك وحلة وإني لا أراه إلا قد مات ولا أرى
417

الهدية / التي قد أهديت إلا سترد إلي - أظنه قال: - فإذا ردت فهي لك - أو قال: - / لكن '.
فكان كما قال النبي [صلى الله عليه وسلم] مات النجاشي وردت إليه الهدية فلما ردت إليه أعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة وأعطاها [الحلة].
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وسئل ابن عمر عن المسك أحنوط هو؟
فقال أوليس من أطيب طيبكم؟
وتطيب سعيد بالمسك والذريرة وفيه المسك وابن عباس بالغالية قبل [أن] يحرم وفيها المسك ولم أر الناس اختلفوا في إباحته.
قال أحمد:
وروينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' المسك أطيب الطيب '.
3591 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال فقال لي:
خيرت أن العنبر شيء ينبذه حوت من جوفه فكيف أحللت ثمنه؟
فقلت: أخبرني عدة ممن أثق بخبره: أن العنبر نبات يخلقه الله في خشاف البحر قال لي منهم نفر حجبتنا الريح إلى جزيرة فأقمنا بها ونحن ننظر من فوقها إلى خشفة خارجة من الماء منها عليها عنبرة أصلها مستطيل كعنق الشاة والعنبرة ممدودة في فرعها ثم كنا نتعاهدها فنراها تعظم فأخرنا أخذها رجاء أن يزيد عظمها فهبت ريح
418

فحركت البحر فقطعتها فخرجت مع الموج.
قال: ولم يختلف أهل العلم به أنه كما وصفوا.
وقد زعم بعض أهل العلم به أنه لا تأكله دابة إلا قتلها فيموت الحوت الذي يأكله فينبذه البحر فيأخذ فيشق بطنه فيستخرج منه.
قال: فما تقول فيما استخرج من بطنه؟
قلت: يفصل عنه شيء إن أصابه من أذاه ويكون حلالا أن يباع ويتطيب به من قبل أن يستجسد.
واحتج بخبر ابن عباس في العنبر وقد مضى في كتاب الزكاة.
((761 - [باب]
الإقالة في السلم / إذا أتاه بشرطه في السلف))
3592 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال:
إذا سلفت فأتاك إذا حل حقك بالذي سلفت فيه كما اشترطت ونقدت فليس لك خيار إذا وفيت شرطك وبيعك.
((762 - [باب]
من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره))
3593 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
ويروى عن ابن عمر، وأبي سعيد أنهما قالا:
من سلف في بيع فلا يصرفه إلى غيره ولا يبيعه حتى يقبضه.
قال أحمد:
أما حديث أبي سعيد:
419

فقد رواه عنه عطية العوفي مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره '.
وهو في سنن أبي داود.
3594 - وقد أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا أبو سعيد الأشج قال حدثنا أبو بدر قال حدثنا زياد بن خثيمة عن سعد الطائي عن عطية عن أبي سعيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. فذكره
وأما حديث ابن عمر:
فرواه حصين عن محمد بن زيد بن خليدة قال: سألت ابن عمر عن السلف فقال:
أسلم في كل صنف ورقا معلومة فإن أعطاكه وإلا فخذ رأس مالك ولا ترده في سلعة أخرى.
3595 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سئل عن رجل ابتاع سلعة غائبة ونقد عنها فلما رآها لم يرضها فأرادا أن يحولا بيعهما في سلعة أخرى قبل [أن] يقبض منه الثمن؟
قال: لا يصلح.
قال الشافعي:
كأنه جاء بها على غير الصفة وتحويلهما بيعهما في سلعة غيرها بيع السلعة قبل [أن] يقبض.
3596 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا / سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
420

رجل أسلف برا في طعام فدعاه إلى ثمن البر يومئذ.
فقال: لا إلا رأس ماله أو بره.
قال الشافعي:
مذهب عطاء في هذا القول أن يباع البر أيضا حتى يستوفى وكأنه يذهب مذهب الطعام.
3597 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء:
طعام سلفت فيه فحل فدعاني إلى طعام غيره فرقا بفرق ليس للذي يعطيني على الذي كان لي عليه فضل.
قال:
لا بأس بذلك ليس ذلك بيع إنما ذلك قضاء.
قال الشافعي:
هذا كما قال عطاء إن شاء الله.
وذلك أنه سلفه في صفة ليست بعين فإذا جاءه بصفة فإنما قضاه حقه.
((763 - باب كيف الكيل))
3598 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال:
لا دق ولا رزم ولا زلزلة.
قال الشافعي:
من سلف في كيل فليس له أن يدق ما في المكيال ولا يزلزله ولا يكف بيديه على رأسه وله ما أخذ المكيال.
قال أحمد:
421

وروينا عن سماك بن حرب عن سويد بن قيس قال:
جلبت أنا ومخرفة العبدي بزا من هجر أو البحرين فلما كنا بمنى أتانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاشترى منا سراويل.
قال: وثم وزان يزن بالأجر فدفع إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الثمن ثم قال:
' زن وأرجح '.
3599 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخزاعي بمكة قال حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال سمعت سفيان بن سعيد الثوري عن سماك بن حرب فذكره.
وفي هذا الحديث دلالة / على جواز الوزن بالأجرة.
وفي معناه الكيل والقسم والحساب.
وفي مخاطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] إياه بالورق دلالة على أن الأجرة على الموفي.
وفيه دلالة على جواز هبة المبتاع لأن الرجحان يجري مجرى الهبة. والله أعلم.
((764 - [باب]
إذا أتاه حقه قبل محله ولا ضرر عليه في أخذه))
3600 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أخبرنا أن أنس بن مالك كاتب غلاما له على نجوم إلى أجل فأراد المكاتب تعجيلها لينعتق وامتنع أنس من قبولها وقال:
422

لا آخذها إلا عند محلها.
فأتى المكاتب عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال عمر: إن أنسا يريد الميراث.
وكان في الحديث: فأمره عمر بأخذها منه وأعتقه.
((765 - [باب]
بيع رباع مكة وكرائها))
3601 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي العمري قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل قال حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي وكان من الإسلام بمكان قال:
رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس.
ورأيت إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن حنبل حاضرين قال أحمد بن حنبل لإسحاق: يا أبا يعقوب تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله.
فقال له إسحاق: لم تر عيناي مثله؟!
قال: نعم. فجاء به فأوقفه على الشافعي.
فذكر القصة إلى أن قال:
ثم تقدم إسحاق إلى مجلس الشافعي وهو مع خاصته جالس فسأله عن سكنى بيوت مكة أراد الكراء.
فقال له الشافعي:
عندنا جائز. قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' وهل ترك لنا عقيل من داره '.
423

فقال له إسحاق بن إبراهيم:
أتأذن لي في الكلام؟ قال تكلم. فقال:
حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أنه لم يكن يرى ذلك.
وأخبرنا أبو نعيم وغيره عن سفيان عن منصور عن إبراهيم:
أنه لم يكن يرى ذلك.
وعطاء وطاوس لم يكونا يريان ذلك.
فقال الشافعي لبعض من عرفه:
من هذا؟ فقال: هذا إسحاق بن إبراهيم / الحنظلي ابن راهويه الخراساني.
فقال له الشافعي: أنت تزعم أهل خراسان أنك فقيههم.
قال إسحاق: هكذا يزعمون.
قال الشافعي: ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك فكنت أأمر بعرك أذنيك.
أنا أقول قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنت تقول عطاء وطاوس والحسن هؤلاء لا يرون ذلك.
وهل لأحد مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجة؟
فذكر قصته إلى أن قال:
فقال الشافعي:
قال الله عز وجل:
* (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم) *.
فنسب الديار إلى المالكين أو إلى غير المالكين؟
قال إسحاق: إلى المالكين.
424

فقال له الشافعي: قول الله عز وجل أصدق الأقاويل وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من دخل دار أبي سفيان فهو أمن '.
ينسب الدار إلى ملك أو إلى غير ملك؟
قال إسحاق: إلى ملك.
فقال له الشافعي:
وقد اشترى عمر بن الخطاب دار الحجامين فأسكنها.
وذكر له جماعة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال له إسحاق: اقرأ أول الآية قال الله تعالى:
* (سواء العاكف فيه والباد) *.
فقال له الشافعي:
اقرأ أول الآية قال:
* (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد) *.
ولو كان هذا كما تزعم لكان لا يجوز أن ينشد فيها ضالة ولا تنحر فيها البدن ولا سير فيها الأوراث.
ولكن هذا في المسجد خاصة.
قال: فسكت إسحاق ولم يتكلم.
فسكت عنه الشافعي.
قال أحمد:
وأما الذي روي عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن
425

باباه عن عبد الله بن عمرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' مكة مناخ لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها '.
فإسماعيل بن إبراهيم هذا وأبوه ضعيفان.
وروي عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو أنه قال:
إن الذي يأكل كراء بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا.
فهكذا رواه عنه جماعة موقوفا.
وروي عنه مرفوعا.
/ ' مكة حرام وحرام بيع رباعها وحرام أجر بيوتها '.
ولو صح مثل هذا لقلنا به إلا أنه لا يصح رفعه وفي ثبوته عن عبد الله بن عمرو أيضا نظر.
وأما الذي روي عن علقمة بن نضلة الكناني أنه قال: كانت بيوت مكة تدعى السوائب لم تبع رباعها في زمن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا أبي بكر ولا عمر من احتاج سكن ومن استغني أسكن.
فهذا خبر عن عادتهم الكريمة في إسكانهم ما استغنوا عنه من بيوتهم.
فأما جواز البيع وجريان الإرث فيها:
فقد روينا عن عبد الرحمن بن فروخ أنه قال اشترى نافع بن عبد الحارث من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب.
426

وروينا عن عمرو بن دينار أنه سئل عن كراء بيوت مكة فقال: لا بأس به الكراء مثل الشرى وقد اشترى عمر بن الخطاب من صفوان بن أمية دارا بأربعة آلاف درهم.
وروينا عن عبد الله بن الزبير أنه كان يعتد بمكة ما لا يعتد بها أحدا [من الناس] أوصت له عائشة بحجرتها واشترى حجرة سودة.
وقال الزبيري: باع حكيم بن حزام دار الندوة من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف.
3602 - وقد حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني علي بن حسين أن عمرو بن عثمان أخبره عن أسامة بن زيد أنه قال: يا رسول الله أتنزل في دارك بمكة؟
قال:
' وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور '؟
وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه علي ولا جعفر شيئا لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن وهب.
3603 - وأخبرنا أبو بكر ابن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية / بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:
* (سواء العاكف فيه والباد) *.
يقول: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.
427

3604 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله:
* (سواء العاكف فيه والباد) *.
العاكف فيه يعني: الساكن بمكة.
والباد يعني: الجالب.
يقول: حق الله عليهما سواء.
428

بسم الله الرحمن الرحيم
((14 - كتاب الرهن))
3605 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) *.
وقال: * (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة) *.
قال: فكان بينا في الآية الأمر بالكتاب في الحضر والسفر وذكر الله الرهن إذا كانوا مسافرين ولم يجدوا كاتبا.
فكان معقولا _ والله أعلم _ [فيها] أنهم أمروا بالكتاب والرهن احتياطا لمالك الحق بالوثيقة والمملوك عليه بأن لا ينسى وأن يذكر لا أنه فرض عليهم أن يكتبوا ولا [أن] يأخذوا رهنا لقوله:
* (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته) *.
429

وكان معقولا أن الوثيقة في الحق في السفر والإعواز غير محرمة _ والله أعلم _ في الحضر وغير الإعواز.
3606 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
رهن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] درعه عند أبي الشحم اليهودي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وروى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مات ودرعه مرهونة.
3607 - أخبرنا / أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا جعفر بن محمد بن نصر الخالدي قال حدثنا الحارث بن محمد التميمي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن سعيد عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
قبض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من أوجه عن الأعمش.
((766 - [باب]
القبض في الرهن))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
قال الله عز وجل:
* (فرهان مقبوضة) *.
قال الشافعي في مبسوط كلامه:
430

فلما كان معقولا أن الرهن غير مملوك الرقبة ولا مملوك المنفعة للمرتهن لم يجز أن يكون رهنا إلا بما أجازه الله به من أن يكون مقبوضا.
3608 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ولو رهن رجل رجلا عبدا وسلطه على قبضه فآجره المرتهن قبل [أن] يقبضه من الراهن أو غيره لم يكن مقبوضا.
3609 - أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال:
قلت لعطاء: ارتهنت عبدا فآجرته قبل أن أقبضه. قال:
ليس ذلك بمقبوض.
قال الشافعي:
يعني ليس الإجازة بقبض وليس برهن حتى يقبض وإذا قبض المرتهن الرهن لنفسه أو قبضه له آخر بأمره فهو قبض كقبض وكيله له.
3610 - أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال:
إذا ارتهنت عبدا فوضعته على يدي غيرك فهو قبض.
قال أحمد:
مذهب عطاء أن منافع الرهن للمرتهن فيجوز له أن يؤآجره من الراهن بعد القبض.
ومراد الشافعي من هذه الحكاية بيان القبض.
3611 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: ارتهنت رهنا فقبضته ثم آجرته منه.
431

قال: نعم هو عبدك الآن آجرته منه.
قال ابن جريج لعطاء /: فأفلس فوجدته عنده. قال: أنت أحق به من غرمائه.
قال الشافعي:
يعني لما وصفت من أنك قبضته مرة ثم آجرته من راهنه فهو كعبد لك آجرته منه لأن رده إليه بعد القبض لا يخرجه من الرهن.
قال أحمد:
مراد الشافعي من هذا أن رجوع الرهن إلى يد الراهن بعد القبض بإجارة على قول عطاء ومن قال بقوله أو بعارية أو غير ذلك لا يبطل الرهن.
((767 - [باب]
إعتاق الراهن))
3612 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
وإن أعتقه فإن مسلم بن خالد أخبرنا عن ابن جريج عن عطاء في العبد يكون رهنا فيعتقه سيده.
فقال: العتق باطل أو مردود.
قال الشافعي:
وهذا أوجه ثم ساق الكلام إلى أن قال: فإن قال قائل لم أجزت العتق فيه إذا كان له مال ولم تقل ما قال عطاء؟
قيل له: كل مالك يجوز عتقه إلا بعلة حق غيره.
فإذا كان عتقه إياه تلف حق غيره لم أجزه وإذا لم يكن يتلف لغيره حقا كنت آخذ العوض منه فأصيره رهنا كهو.
432

فقد ذهبت العلة التي كنت بها مبطل العتق.
وذكر في الرهن الكبير المسموع من أبي سعيد قولين:
* أحدهما: أنه إذا أعتقها فهي حرة لأنه ملك وقد ظلم نفسه.
((768 - باب تخليل الخمر))
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ولا يحل الخمر عندي _ والله أعلم _ أبدا إذا أفسدت بعمل آدمي فإن صار العصير خمرا ثم صار خلا من غير صنعة آدمي فهو رهن بحاله.
قال أحمد:
قد روينا عن أسلم مولى عمر عن عمر بن الخطاب أنه قال:
لا يشرب خل خمرا فسدت حتى بيدي الله فسادها فعند ذلك يطيب الخل.
3613 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا هارون بن موسى قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن السدي عن يحيى بن عباد / عن أنس قال: سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الخمر يتخذ خلا؟ قال:
' لا '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
3614 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أبي هبيرة _ وهو يحيى بن عباد _ عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن أيتام ورثوا خمرا قال:
' أهرقها '.
قال أفلا أجعلها خلا؟ قال:
433

' لا '.
وأما حديث الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم سلمة في قصة الشاة التي ماتت وقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فإن دباغها يحل كما يحل الخل الخمر ' فهو مما تفرد به الفرج بن فضالة.
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عنه ويقول حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث منكرة مقلوبة وضعفه أيضا سائر أهل العلم بالحديث.
وحديث مغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' خير خلكم خل خمركم '.
فهو مما تفرد به مغيرة وليس بالقوي.
وأهل الحجاز يسمون خل العنب خل خمر ثم هو وما قبله محمولان على الخمر إذا تخللت بنفسها إن صحت الرواية _ والله أعلم _.
وعلى ذلك حمل الفرج بن فضالة روايته.
((769 - [باب]
الزيادة في الرهن))
3615 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبي صالح عن
434

أبي هريرة قال: الرهن مركوب ومحلوب.
قال الشافعي:
يشبه قول أبي هريرة _ والله أعلم _ أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درها وظهرها لأن له رقبتها فهي محلوبة ومركوبة كما كانت قبل الرهن.
قال أحمد:
وهذا موقوف.
ويروى من حديث أبي عوانة عن الأعمش مرفوعا ويثبت من وجه آخر كما:
3616 - أخبرنا أبو علي الروذباري / قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هناد عن ابن المبارك عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهونا والظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يحلب ويركب النفقة '.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك.
وبمعناه رواه جماعة عن زكريا بن أبي زائدة.
وزاد بعضهم فيه:
' المرتهن '. وليس بمحفوظ.
فصحيح عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أنه قال:
لا ينتفع من الرهن بشيء.
عن زكريا عن الشعبي في رجل ارتهن جارية فأرضعت له قال:
يغرم لصاحب الجارية قيمة الرضاع.
وهذا يدل على خطأ تلك الزيادة.
435

وإذا لم تصح تلك الزيادة كان محمولا على الراهن فيكون له درها ظهرها كما يكون عليه نفقتها.
وذلك يوافق رواية زياد بن سعد وغيره.
عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه '.
ورواته غيره مرسلا:
' [لا يغلق] الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه '.
وهذا أولى من حمله إلى المرتهن ثم حمله على النسخ بلا حجة.
فما في هذا من حمل عدة الروايات عن أبي هريرة على الموافقة والقول بها دون ترك شيء منها.
3617 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه:
أن معاذ بن جبل قضى في من ارتهن نخلا مثمرا فليحسب المرتهن ثمرتها من رأس المال.
قال: وذكر سفيان بن عيينة شبيها به.
قال الشافعي:
وأحسب مطرفا قال في الحديث:
من عام حج رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
436

كأنهم كانوا يقضون بأن الثمرة للمرتهن قبل حج النبي [صلى الله عليه وسلم] وظهور حكمه فردهم إلى أن لا يكون للمرتهن.
قال: / وأظهر معانيه أن يكون الراهن والمرتهن تراضيا أن تكون الثمرة رهنا ويكون الراهن سلط المرتهن على بيع الثمرة واقتضائها من رأس ماله.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
* ولولا حديث معاذ
* ما رأيته يشبه أن يكون
*
عند أحد جائز.
قال أحمد:
وحديث معاذ هذا منقطع.
ورواه سفيان الثوري عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: كان معاذ بن جبل يقول في الرهن إذا رهنه فيخرج فيه ثمره فهو من الرهن.
وهذا أيضا منقطع.
((770 - [باب]
الرهن غير مضمون))
3618 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يغلق الرهن [الرهن] من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه '.
قال الشافعي:
غنمه: زيادته. وغرمه: هلاكه ونقصه.
3619 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن
437

سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
قال أحمد:
رواه إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب موصولا.
ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف وحديث ابن عياش عن غير أهل الشام ضعيف.
3620 - وقد أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي فيما قرأت عليه من أصله قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا عبد الله بن عمران العائذي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه '.
قال علي: زياد بن سعد من الحفاظ الثقات وهذا إسناد حسن متصل.
3621 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
معنى قول النبي [صلى الله عليه وسلم] _ والله أعلم _:
' لا يغلق الرهن '.
لا يغلق بشيء أي إن ذهب لم يذهب بشيء وإن أراد صاحبه إفتكاكه فلا يغلق في يد الذي هو في يديه والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له والدليل على هذا قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الرهن من صاحبه الذي رهنه '.
ثم بينه ووكده فقال:
' له غنمه وعليه غرمه '.
قال الشافعي:
وغنمه: سلامته وزيادته، وغرمه: عطبه ونقصه.
ولو كان إذا رهن رهنا بدرهم وهو يساوي درهما فهلك ذهب الدرهم فلم يلزم
438

للراهن كأن إنما هلك من مال المرتهن لا مال الراهن هو حينئذ من المرتهن لا من الراهن.
وهذا خلاف ما روي عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وبسط الكلام فيه.
قالوا: روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال:
يترادان الفضل.
قال: قلنا فهو إذا.
قال: يترادان الفضل فقد خالف قولكم وزعم أنه ليس منه شيء بأمانه.
قال: فقد روينا عن شريح أنه قال:
الرهن بما فيه وإن كان خاتما من حديد.
قلنا: وأنت أيضا تخالفه.
أنت تقول إن رهنه مائة بألف فهلك الرهن رجع لصاحب الحق المرتهن على الراهن بتسع مائة من رأس ماله.
وشريح لا يرد واحدا منهما على صاحبه بحال.
قال: فقد روى مصعب بن ثابت عن عطاء:
أن رجلا رهن رجلا فرسا فهلك الفرس فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ذهب حقك '.
فقيل له: أخبرنا إبراهيم عن مصعب بن ثابت عن عطاء قال:
زعم الحسن كذا ثم حكى هذا القول.
قال إبراهيم: كان عطاء يتعجب مما روى الحسن وأخبرنيه غير واحد عن مصعب عن عطاء عن الحسن.
وأخبرني من أثق به أن رجلا من أهل العلم سماه في القديم فقال:
439

أن ابن المبارك رواه عن مصعب عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وسكت عن الحسن.
فقيل له: أصحاب مصعب يروونه عن عطاء عن الحسن فقال: نعم كذلك حدثنا ولكن عطاء مرسل أتقن من الحسن مرسل.
فقال الشافعي:
ومما يدلك على وهن هذا عند عطاء إن كان رواه.
أن عطاء يفتي بخلافه ويقول فيما ظهر هلاكه أمانة وفيما خفي هلاكه يترادان الفضل.
وهذا أثبت الرواية عنه.
وقد روي عنه: يترادان مطلقة.
وما شككنا فيه فلا نشك أن عطاء _ إن شاء الله _ لا يروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثبتا عنده ويقول بخلافه.
مع أني لم أعلم أحدا روى هذا عن عطاء برفعه إلا مصعبا.
قال: والذي روي عن عطاء برفعه موافق قول شريح أن الرهن بما فيه.
فقد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق ومثله وأقل فلم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس.
قال: فكيف قلتم عن ابن المسيب منقطعا.
قلنا: لا يحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تشديده ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعة.
وبسط الكلام في شرح هذا.
قال: فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه.
440

قلنا: إذا ثبت عندنا عن علي رضي الله عنه لم يكن لنا أن نتركه ما جاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى ما جاء عن غيره.
قال: فقد روى عبد الأعلى الثعلبي عن علي بن أبي طالب شبيها بقولنا.
قلنا: الرواية عن علي بن أبي طالب بأن يترادا الفضل أصح عنه من رواية عبد الأعلى.
وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى التي لا يعارضها معارض تضعيفا شديدا فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها منه.
قال الشافعي:
وقيل لقائل هذا القول:
قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء برفعه ومن أصلح الروايتين عن علي وعن شريح وما روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى قول رويته عن إبراهيم وقد / روى عن إبراهيم خلافه.
وبسط الكلام في هذا.
قال أحمد:
أما الذي ذكر الشافعي رحمه الله في مرسلات ابن المسيب فكذلك قال غيره من أهل العلم بالحديث.
قال أحمد بن حنبل: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح لا يرى أصح من مرسلاته.
وأما الحسن وعطاء فليس مراسلهما بذلك هي أضعف المرسلات كأنهما كانا يأخذان عن كل.
3622 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يقول: فذكره.
441

3623 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول: أصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب.
3624 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العبدي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا عبد الله بن صالح المصري قال حدثني الليث قال حدثني يحيى بن سعيد أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان إذا سئل عن مسألة فالتبست عليه قال عليكم بسعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين.
3625 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك من أفقه أهل المدينة؟
قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقها وأبصرهم بما مضى من آراء الناس فسعيد بن المسيب.
قال أحمد:
الحكايات عن السلف في تفضيل سعيد بن المسيب فيما يرويه على أبناء دهره كثيرة.
وللشافعي رحمه الله فيما قال في مراسيل ابن المسيب بهم قدوة.
ثم إنه لم يقتصر في مراسيله على مجرد الدعوى حتى يبين وجه الرجحان في مراسيله.
ثم لم يخص به ابن المسيب بل قد قطع القول لأن من / في مثل حاله قبلنا منقطعة.
وقد حكينا مبسوط كلامه في ذلك في الأصول ثم هذا الحديث قد وصله زياد بن سعد وهو من الثقات وقد سبق ذكرنا له.
442

وأما الذي روي عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة مرفوعا:
' الرهن بما فيه '.
منقطع وإسناده غير قوي.
وروى إسماعيل الذارع عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس وعن سعيد بن راشد عن حميد عن أنس مرفوعا.
' الرهن بما فيه '.
وإسماعيل هذا كان يضع الحديث قاله الدارقطني فيما أخبرونا عنه.
واختلفت الرواية فيه عن علي فروى عبد الأعلى الثعلبي عن ابن الحنيفة عن علي:
إذا كان الرهن أقل رد الفضل وإن كان أكثر فهو بما فيه.
وعبد الأعلى الثعلبي ضعيف.
وقال يحيى بن سعيد القطان:
قلت لسفيان في أحاديث عبد الأعلى عن ابن الحنفية فوهنها.
وفي رواية الحكم عن علي ورواية الحارث عن علي: يترادان الفضل.
وهو منقطع وضعيف.
وفي رواية قتادة عن خلاس عن علي:
إذا كان في الرهن فضل فإن أصابته جائحة فالرهن بما فيه وإن لم تصبه جائحة فإنه يرد الفضل.
وهذه أصح الروايات عن علي وفيها أن أهل العلم بالحديث يقولون ما روى خلاس عن علي أخذه من صحيفة. قاله يحيى بن معين وغيره من الحفاظ.
443

وروي عن عمر بن الخطاب مثل رواية عبد الأعلى وإنما رواه أبو العوام عمران بن داور القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر بن الخطاب.
وعمران بن داور القطان لم يحتج به صاحبا الصحيح وضعفه يحيى بن معين وأبو عبد الرحمن النسائي.
وكان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه وقال: لم يكن من أهل الحديث كتبت عنه أشياء فرميت بها.
3626 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين / يقول:
عمران القطان لم يرو عنه يحيى بن سعيد وليس هو بشيء.
والعجب أن بعض من يدعي بتسوية الأخبار على مذهبه يطعن في مطر الوراق في مسألة نكاح المحرم حين روى حماد عن مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تزوج ميمونة حلالا.
ثم يحتج برواية أبي العوام عنه في هذه المسألة ويجعل اعتماده عليه إذ ليس له فيما يروي عن غيره حجة كما بينه الشافعي.
ثم أنه ذكر حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: من أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم منهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وذكر الفقهاء السبعة في مشيخة من نظرائهم أهل فقه وفضل فذكر ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أنهم قالوا:
' الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته '.
ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] واستدل بهذا على ابن المسيب كان يذهب إلى تضمين الرهن.
444

والراوي أعلم بتأويل الخبر.
دل أن معنى حديثه غير ما ذهبتم إليه.
قلنا: ليس من الإنصاف ترك شيء من الحديث ليستقيم على الباقي ما قصده من الاحتجاج به حديث ابن أبي الزناد قد:
3627 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء قال أخبرنا عثمان بن محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس وعيسى بن مينا قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد أن أباه قال:
كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم فذكر أسمائهم ثم قال:
وربما اختلفوا في الشيء فأخذنا بقول أكثرهم.
فأخبر أبو الزناد أن الذي جمعه واختاره فيما اختلفوا فيه قول بعضهم لا قول جميعهم.
وقد ثبت عن ابن المسيب خلاف ذلك دل أنه لم يرده.
وأما رواية الثقة منهم منقطع كحديث عطاء وفيه / زيادة ليست في حديث عطاء وهي أنه إنما يكون بما فيه إذا عميت قيمته.
وهذا أشبه أن يكون كمذهب مالك في الفرق بين ما يظهر هلاكه مثل الدار والنخل والعبد وبين ما يخفي هلاكه فيجعله بما فيه فيما يخفي هلاكه ويجعله أمانة فيما يظهر هلاكه، ونحن نقول به فيما يظهر هلاكه والمحتج بهذا لا يقول به فيما يخفي هلاكه في حال دون حال ولا يقول به فيما يظهر هلاكه بحال.
فمن المحال أن يحتج بما لا يقول به في أكثر أحواله وهو عندنا لا حجة فيه لانقطاعه ونحن لم نحتج بمراسيل ابن المسيب حتى أكدناها بما تتأكد به المراسيل ثم قد روينا مرسله في هذه المسألة من غير جهة ابن أبي ذئب موصولا فقامت به الحجة واعترض المحتج بهذا المنقطع على الشافعي في تأويله قوله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يغلق الرهن '.
وزعم أنه يخالف تأويل غيره.
445

والشافعي قد ذكر معه تأويل غيره.
واستنبط من الخبر معنى آخر وهو بمكانة من اللغة وكونه من أرباب اللسان دارا ونسبا فمن الغباوة الدخول عليه فيما يقوله في اللغة ثم اعتماده في القديم والجديد على قوله:
الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ولم أجد لقائل هذا عليه كلاما سوى التخصيص وذلك لا يقبل من غير دلالة.
وبالله التوفيق.
446

((15 - كتاب التفليس))
3628 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
' أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به '.
3629 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أنه سمع يحيى بن سعيد يقول أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عمر بن عبد العزيز حدثه أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره '.
447

3630 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا يحيى بن سعيد. فذكره بمثل إسناد الثقفي إلا أنه قال: أخبره مكان حدثه. وقال:
' من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس _ أو إنسان قد أفلس _ فهو أحق به من غيره '.
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
ورواه سفيان بن سعيد الثوري عن يحيى بن سعيد بإسناده عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا ابتاع الرجل السلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء '.
3631 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم قال حدثنا الفريابي قال حدثنا سفيان فذكره.
وبمعناه رواه زيد بن أبي الزرقاء وأبو حذيفة وجماعة عن سفيان.
ورواه عبد الرزاق كما:
3632 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى وأبو الأزهر وأحمد بن يوسف السلمي قالوا: حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث / بن هشام عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما رجل أفلس وعنده سلعة فهو أحق بها من الغرماء '.
448

أيضا وقد رواه جماعة من الرواة سواه صريحا في البيع.
3633 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق عن عبد الله بن محمد قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا هشام بن سليمان عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي حسين أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمر بن عبد العزيز حدثه عن حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن حديث أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الرجل يعدم إذا وجد عنده المبتاع ولم يعرفه أنه لصاحبه الذي بايعه.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
3634 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاء قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني والعباس بن محمد الدوري قالا: حدثنا أبو سلمة الخزاعي قال حدثنا سليمان بن بلال عن خيثم بن عراك عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أفلس الرجل فوجد الرجل عنده سلعته بعينها فهو أحق بها '.
رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر وغيره عن أبي سلمة منصور بن سلمة.
3635 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن عمرو بن دينار عن هشام بن يحيى عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أفلس الرجل فود البائع سلعته بعينها فهو أحق بها دون الغرماء '.
قال أحمد:
هذا إسناد صحيح وهشام بن يحيى هو ابن العاص بن هشام المخزومي ابن عم أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. قاله البخاري.
قال أحمد:
449

وهذه الروايات الصحيحة الصريحة في البيع أو السلعة تمنع من حمل الحكم فيها على الودائع / والعواري والغصوب مع تعليقه إياه في جميع الروايات بالإفلاس ولا تأثير للإفلاس في رجوع أصحاب الودائع والعواري والغصوب في أعيان أموالهم ثم هو على اللفظ الأول عام والتخصيص بغير حجة مردود ومن يدعي المعرفة بالآثار لا ينبغي له أن يترك مثل هذا الحديث الثابت ثم يردفه بقول إبراهيم والحسن هو أسوة الغرماء.
فالتخصيص بقولهما لا يجوز.
وقد روينا عن ابن المسيب أن عثمان بن عفان قضى بذلك.
ورواه ابن المنذر عن عثمان وعلي ثم قال:
ولا نعلم أحدا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] خالف عثمان وعليا في ذلك.
3636 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب قال حدثني أبو المعتمر بن عمرو بن رافع عن ابن خلدة الزرقي وكان قاضي المدينة أنه قال:
جئنا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال:
هذا الذي قضى فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ' أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه '.
قال أحمد:
وهكذا في رواية حرملة: عمرو بن رافع.
وفي بعض الروايات عن الربيع: عمرو بن نافع بالنون وهو أصح.
وابن خلدة هو: عمر بن خلدة.
ويقال: عمرو، وعمر أصح.
450

ورواه أبو داود الطيالسي وغيره عن ابن أبي ذئب وفيه من الزيادة:
' إلا أن يدع الرجل وفاء '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبحديث مالك وعبد الوهاب عن يحيى بن سعيد وحديث ابن أبي ذئب عن ابن المعتمر في التفليس نأخذ.
وفي حديث ابن أبي ذئب ما جاء في حديث مالك والثقفي من حمله التفليس وفيه أن ذلك في الموت والحياة سواء وحدثناهما ثابتان متصلان / ثم تكلم عليه وجعله شبيها بالشفعة فقال له بعض من خالفه:
أفرأيت إن يثبت لك الخبر؟
قال الشافعي:
فقلت إذا نصير إلى موضع الجهل أو المعاندة قال: إنما رواه أبو هريرة وحده قلنا ما يعرف فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] رواية إلا عن أبي هريرة وحده وإن في ذلك لكفاية تثبت بمثلها السنة.
قال: أفتؤخذنا أن الناس يثبتوا لأبي هريرة رواية لم يروها غيره أو لغيره؟
قلت: نعم. قال: وأين هي؟
قلت: قال أبو هريرة قال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها '.
فأخذنا نحن وأنت به ولم يروه أحد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] تثبت روايته غيره.
قال: أجل ولكن الناس أجمعوا عليها.
قلت: بذلك أوجب الحجة عليك أن يجتمع الناس على حديث أبي هريرة وحده ولا يذهبون فيه إلى توهينه بأن الله تعالى يقول:
451

* (حرمت عليكم أمهاتكم) * الآية.
وقال: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) *.
وبسط الكلام في هذا وفي إيراد المفردات.
3637 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قلت للشافعي:
فإنا نوافقك في مال المفلس إذا كان حيا ونخالفك فيه إذا مات.
وحجتنا فيه حديث ابن شهاب الذي قد سمعته.
فقال الشافعي:
قد كان فيما قرأنا على مالك أن ابن شهاب أخبره عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به فإن مات المشتري فصاحب السلعة أسوة الغرماء '.
فقال: فلم لم تأخذ بهذا؟
قال الشافعي:
الذي أخذت به أولى من قبل أن ما أخذت به موصول يجمع فيه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] بين الموت والإفلاس.
وحديث ابن شهاب منقطع ولو لم يخالفه غيره لم يكن مما ثبته أهل / الحديث.
فلو لم يكن في تركه حجة إلا هذا ابتغى لمن عرف الحديث تركه من الوجهين مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة حديثه ليس فيما روى ابن شهاب عنه مرسلا إن كان رواه كله ولا أدري عمن رواه ولعله روى أول الحديث وقال برأيه آخره.
452

وموجود في حديث أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه أنهى بالقول فهو أحق به أشبه أن يكون ما زاد على هذا قول من أبي بكر لا رواية.
3638 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا ابن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أيما رجل أفلس ثم وجد رجل سلعته عنده بعينها فهو أولى بها من غيره '.
قال الليث: بلغنا أن ابن شهاب قال: أما من مات ممن أفلس ثم وجد رجل سلعته بعينها فإنه أسوة الغرماء.
يحدث بذلك عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
هكذا وجدته غير مرفوع إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] في آخره.
وفي ذلك كالدلالة على صحة ما قال الشافعي مع ما روينا من حديث ابن خلدة. والله أعلم.
((771 - [باب]
بيع مال من عليه دين))
في مختصر البويطي والربيع عن الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة:
وإذا وجب على الرجل حق وله مال فقال لا أبع باع السلطان عليه والحجة في ذلك: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] باع على رجل أعتق شركا له في عبد غنيمة له.
وفي حديث معاذ حين خلفه من ماله لغرمائه.
قال أحمد:
أما الحديث الأول فهو في رواية أبي مجلز عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
453

والحديث الثاني / في رواية عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وقد روي موصولا.
3639 - أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمر وقال حدثنا أبو عبد الله الصفار قال حدثنا إبراهيم بن محمد المصري قال حدثنا إبراهيم بن معاوية قال حدثنا هشام بن يوسف قال أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حجر على معاذ بن جبل ماله وباعه في دين كان عليه.
3640 - وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف عن أبيه أن رجلا من جهينة كان يشتري الراوحل فيغالي بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال: أما بعد. أيها الناس فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال سبق الحاج إلا أنه قد أدان معرضا فأصبح وقد رين به فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين غرمائه فإياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب.
ورواه أيوب فقال:
نبئت عن عمر بن الخطاب بمثل ذلك وقال:
نقسم ماله بينهم بالحصص.
((772 - [باب]
حلول الدين على الميت))
3641 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد: قالوا: حدثنا أبو
454

العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عمر أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه '.
((773 - [باب] / لا يؤاجر الحر في دين عليه إذا لم يوجد له شيء))
3642 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال الله جل ثناؤه:
* (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) *
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' مطل الغنى ظلم '.
فلم يجعل على ذي الدين سبيلا في العسرة حتى تكون الميسرة ولم يجعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مطله ظلما إلا بالغنى فإذا كان معسرا فهو ممن ليس عليه سبيل إلى أن يوسر.
455

3643 - أخبرناه أبو عبد [الله] الحافظ قال أخبرني يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا محمد بن عبد السلام قال حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
456

((16 - كتاب الحجر))
3644 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
قال الله تعالى:
* (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) *
قال: فدلت هذه الآية على أن الحجر ثابت على اليتامى حتى يجمعوا خصلتين البلوغ والرشد.
فالبلوغ: استكمال خمس عشرة سنة الذكر والأنثى في ذلك سواء إلا أن يحتلم الرجل أو تحيض المرأة قبل خمس عشرة سنة فيكون ذلك البلوغ.
والرشد: - والله أعلم - الصلاح في الدين حتى تكون الشهادة جائزة.
وإصلاح المال بأن يختبر اليتيم.
وبسط الكلام في بيان ذلك.
3645 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
457

حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
عرضت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة / فلم يجزني.
وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني يوم الخندق.
3646 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
واستشهد الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه بحديث ابن نمير ومحمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر وفيه من الزيادة: في القتال.
3647 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن عبيد. فذكره.
3648 - وأخبرناه أبو عبد الله قال أخبرني محمد بن عبد الله بن قريش قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي قال حدثنا عبيد الله فذكره.
وفي حديثهما من الزيادة: عن نافع قال:
فقدمت على عمر بن عبد العزيز وعمر يومئذ خليفة فحدثته بهذا الحديث فقال: إن هذا لحد بين الصغير والكبير وكتب إلى أعماله أن افرضوا لابن خمس عشرة وما كان سوى ذلك فألحقوه بالعيال.
وفي رواية ابن نمير:
ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير وأخرجاه من أوجه عن عبد الله.
458

واختلف أهل المغازي في المدة التي كانت بين أحد والخندق.
فمنهم من زعم أنها كانت سنة واحدة ومنهم من ذهب إلى أنها كانت سنتين وهو أن أحدا كانت لسنتين ونصف من مقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المدينة والخندق لأربع سنين ونصف من مقدم المدينة.
فقول ابن عمر في يوم أحد: وأنا ابن أربع عشرة سنة يريد طعنت في الرابع عشر.
وقوله في يوم الخندق: وأنا ابن خمس عشرة سنة أي استكملتها وزدت عليها.
إلا أنه لم ينقل الزيادة لعلمه بدلالة الحال فعلق الحكم بالخمس عشرة دون الزيادة والله أعلم.
وأما ما قال الشافعي في معنى الرشد:
فقد روينا عن الحسن البصري أنه قال في قوله:
* (فإن آنستم منهم رشدا) *
قال: صلاحا لدينه وحفظا لماله.
وروينا عن الثوري عن منصور عن مجاهد أنه قال: رشدا في الدين وإصلاحا في المال.
وروينا معناه عن مقاتل بن حيان.
وفي رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية قال: رأيتم منهم صلاحا في دينهم وحفظا لأمر الهم.
459

3649 - أخبرناه أبو عبد الرحمن الدهان قال أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون قال أخبرنا أحمد بن محمد بن نصر قال حدثنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان عن الكلبي. فذكره.
والاعتماد على ما مضى.
وقد روي معناه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس.
* (فإن آنستم منهم رشدا) *
قال: اليتيم يدفع إليه ماله بحلم وعقل ووقار.
((774 - [باب]
الإنبات في أهل الشرك حد البلوغ))
احتج الشافعي في ذلك في رواية أبي عبد الله عنه: بحديث وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال:
كنت فيمن حكم فيه سعد فكان من أنبت قتل ومن لم ينبت ترك فكنت ممن لم ينبت فتركت.
3650 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال حدثنا عبد الملك بن عمير قال حدثنا عطية القرظي قال كنت من سبي قريظة فكانوا ينظرون فمن أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل فكنت فيمن لم ينبت.
قال الشافعي:
وكان حكم سعد في بني قريظة أن يقتل المقاتلة وتسبي الذرية.
فكان العلم في المقاتلة والذرية الإنبات.
واحتج بحديث يحيى بن عباد عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن
460

سهيل عن أبي سعيد الخدري:
أن سعدا حكم في بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم.
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' حكمت / بحكم الله '.
3651 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا عفان قال حدثنا شعبة. فذكره أتم من ذلك.
وقد أخرجاه في الصحيح.
((775 - [باب]
دفع مال المرأة إليها ببلوغها ورشدها وجواز تصرفها))
احتج الشافعي في ذلك بآية الابتلاء وبآية الصداق والعفو والاقتداء والوصية.
واحتج من السنة بما:
3652 - أخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن حبيبة بنت سهل الأنصارية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من هذه '؟
فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله.
فقال:
' ما شأنك '؟
فقالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها.
فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
461

' هذه حبيبة بنت سهل '
فذكرت ما شاء الله أن تذكره.
فقالت: حبيبة: كل ما أعطاني عندي.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خذ منها '.
فأخذ منها.
وخطبت في أهلها.
قال: وأخبرنا مالك عن نافع عن مولاه لصفية بنت أبي عبيد إنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر.
واحتج في رواية البويطي بحديث ميمونة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لها:
' ما فعلت جاريتك '؟
فقالت: أعتقتها. فقال:
' أما إنك لو أعطيتيها بعض أخوالك كان خيرا لك '.
3653 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث عن ابن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث أخبرته أنها أعتقت وليدة / لها ولم تستأذن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي فلانة؟ قال:
' أو فعلت '؟.
462

قالت: نعم قال:
' أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك '؟.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها '.
فهكذا رواه حسين المعلم عن عمرو بن شعيب.
3654 - وأخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود عن حماد قال حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلا بإذنه '.
ورواه داود بن أبي هند عن عمر، وقال في الحديث:
' لا يجوز للمرأة عطية في مالها إذا ملك زوجها عصمتها '.
وهذا كله توسعة في العبارة والمعنى واحد.
3655 - وقد أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ولو ذهب ذاهب إلى الحديث الذي لا يثبت أن ليس لها أن تعطي من دون زوجها إلا ما أذن زوجها لم يكن له وجه إلا أن يكون زوجها وليا لها.
وقال في مختصر البويطي والربيع:
463

قد يمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار كما قيل ليس لها أن تصوم يوما وزوجها حاضر إلا بإذنه.
((776 - [باب]
الحجر على البالغين))
3656 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي:
الحجر على البالغين في آيتين من كتاب الله عز وجل وهما قول الله:
* (فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) *.
وساق الشافعي كلامه / على الآية إلى أن قال:
فأثبت الولاية على السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يمل وأمر وليه بالإملاء عليه لأنه أقامه فيما لا غنى به عنه من ماله مقامه.
قال: وقد قيل: والذي لا يستطيع أن يمل يحتمل المغلوب [أن يكون] على عقله وهي أشبه معانيه والله أعلم.
وقال: والآية الأخرى قول الله تبارك وتعالى:
* (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) *.
464

فأمر [عز وجل] أن يدفع أموالهم إليهم إذا جمعوا بلوغا ورشدا وبسط الكلام في شرحه.
ثم قال لبعض من خالفه:
وجدنا صاحبكم يروي الحجر عن ثلاثة من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخالفتهم ومعهم القرآن.
قال: فأي صاحب؟
قلت: أخبرنا محمد بن الحسن أو غيره من أهل الصدق في الحديث أو هما عن يعقوب بن إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
ابتاع عبد الله بن جعفر بيعا فقال علي:
لأتين عثمان فلأحجرن عليك.
فأعلم ذلك ابن جعفر الزبير.
فقال: أنا شريكك في بيعك.
فأتى علي عثمان فقال:
أحجر على هذا.
فقال الزبير: أنا شريكه.
قال عثمان: أحجر على رجل شريكه الزبير؟!
3657 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: فذكراه.
ورواه عمرو الناقد عن أبي يوسف القاضي بمعناه قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
465

فعلي لا يطلب الحجر إلا وهو يراه والزبير لو كان يرى الحجر باطلا قال لا يحجر على [حر] بالغ وكذلك عثمان بل كلهم يعرف الحجر في حديث صاحبك.
قال أحمد:
وروينا في الحديث الثابت عن عوف بن الحارث ابن أخي عائشة لأمها أن عائشة حدثت أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة:
والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها.
466

3 (17 - كتاب الصلح))
3658 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال / حدثنا الشافعي قال: أصل الصلح أنه بمنزلة البيع فما جاز في البيع جاز في الصلح وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وقد روي عن عمر رضي الله عنه الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
قال: ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول الذي لو كان بيعا كان حراما.
3659 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا ابن كناسة قال حدثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري فذكر الحديث وقال فيه:
والصلح جائز بين المسلمين إلا صلح أحل حراما أو حرم حلالا.
وقد روي هذا من أوجه.
467

وروي ذلك في حديث الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه الشافعي في كتاب حرملة:
عن عبد الله بن نافع عن كثير.
3660 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أتي علي في بعض الأمر فقال: ما أراه إلا جوارا ولولا أنه صلح لرددته.
قال الشافعي:
وهم يخالفون هذا فيزعمون أنه إذا كان جوارا فهو مردود.
ونحن نروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أن من اصطلح على شيء غير جائز فهو رد.
قال أحمد:
ولعله أراد معنى ما روينا عنه في حديث أبي هريرة وعمرو بن عوف.
أو أراد حديث عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد '.
((777 - [باب]
الارتفاق بجدار الرجل بالجذوع بأمره وغير أمره))
3661 - / أخبرنا أبو عبد الله في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة
468

أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره '.
ثم يقول أبو هريرة ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
اتفقا على إخراجه من حديث مالك.
قال أحمد:
حديث دهثم بن قران بأسانيده عن حذيفة في قضائه بالجدار لمن يليه معاقد القمط وتصويب النبي [صلى الله عليه وسلم] إياه.
حديث ضعيف واختلف عليه في إسناده.
((778 - [باب]
الحوالة))
3662 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
وإذا أحال الرجل على الرجل بالحق فأفلس المحال عليه أو مات ولا شيء له لم يكن للمحتال أن يرجع على المحيل من قبل أن الحوالة: تحول حق من موضعه إلى غيره.
469

وما تحول لم يعد والحوالة مخالفة للحمالة.
3663 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي:
واحتج محمد بن الحسن بأن عثمان بن عفان قال في الحوالة أو الكفالة:
يرجع صاحبها لا توي على مال مسلم.
فسألته عن هذا الحديث فزعم أنه عن رجل مجهول عن رجل معروف منقطع عن عثمان.
فهو في أصل قوله يبطل من وجهين ولو كان ثابتا عن عثمان لم يكن فيه حجة لأنه لا يدري أقال ذلك في الحوالة أو الكفالة.
قال أحمد:
هذا حديث رواه شعبة عن خالد بن جعفر عن أبي إياس / معاوية بن قرة عن عثمان.
وأراد بالرجل المجهول خالد بن جعفر فليس بالمعروف جدا ولم يحتج به البخاري في كتابه.
وأما مسلم بن الحجاج فإنه أخرجه مع المستمر بن الريان في الحديث الذي يرويانه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري في المسك وغيره.
470

وكان شعبة يروي عنه ويثني عليه خيرا.
وأراد بالرجل المعروف معاوية بن قرة.
وهو منقطع كما قال الشافعي.
فأبو إياس معاوية بن قرة في الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة فهو لم يدرك عثمان بن عفان ولا كان في زمانه.
والله أعلم.
((779 - [باب]
الضمان))
قال المزني رحمه الله:
قال الله عز وجل:
* (قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) *.
وقال: * (سلهم أيهم بذلك زعيم) *.
وروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' والزعيم غارم '.
قال: والزعيم في اللغة هو: الكفيل.
قال أحمد:
471

روى إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' الزعيم غارم '.
3664 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إسماعيل بن عياش فذكره.
وفي حديث فضالة بن عبيد قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' أنا زعيم والزعيم الحميل لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة '.
وذكر الحديث.
3665 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال أخبرنا ابن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني أبو هاني عن عمرو بن مالك الجنبي أنه سمع فضالة بن عبيد. فذكره.
وذكر المزني حديث أبي سعيد الخدري وإنما بلغنا ذلك من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد.
وروي / في ذلك أيضا عن عطاء بن عجلان عن أبي إسحاق عاصم بن ضمرة عن علي وكلاهما ضعيف.
والحديث الصحيح في ذلك:
حديث سلمة بن الأكوع قال:
أتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بجنازة فقال:
' هل عليه دين '؟
قالوا: نعم: قال:
' هل ترك شيئا '؟
قالوا: لا. قال:
472

' صلوا على صاحبكم '.
قال أبو قتادة: هو علي يا رسول الله.
فصلى عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
3666 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثني مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال حدثنا سلمة بن الأكوع. فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مكي بن إبراهيم.
ورواه أبو سلمة عن جابر بن عبد الله بمعناه.
ورواه عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أتم من ذلك وقال فيه:
فتحملها أبو قتادة _ يعني الدينارين.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' هما عليك حق الغريم وبرئ منهما الميت '؟
قال: نعم. فصلى عليه.
فقال بعد ذلك:
' ما فعل الديناران '؟
فقال إنما مات أمس.
فعاد عليه كالغد فقال: قد قضيتهما. فقال:
' الآن بردت عليه جلده '.
وأما حديث الحمالة فهو مذكور بتمامه في كتاب قسم الصدقات.
473

3667 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا عيسى بن صدقة قال:
دخلت أنا وأبي وإمام الحي على أنس بن مالك فقالوا له: حدثنا حديثا سمعته من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينفعنا الله به. قال:
مات رجل فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلنا يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' هل عليه دين '؟
قلنا نعم. قال:
' أفيضمنه منكم أحد حتى أصلي '؟
قالوا: لا قال:
' فما ينفعكم أن أصلي على رجل مرتهن في قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة فيحاسبه '.
ورواه عبيد الله بن موسى عن صدقة بن عيسى سمع أنسا يقول: وقال في الحديث:
' إن ضمنتم دينه صليت عليه '.
قال أحمد:
والذي يروى عن ابن مسعود وجرير والأشعث في قصة أصحاب ابن النواحة واستتابتهم وتكليفهم عشائرهم كفالة بالبدن في غير مال.
وكذلك ما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي في أخذه من الرجل الذي وقع على جارية امرأته كفلا كفالة في غير المال.
وكان شريح ومسروق والشعبي وإبراهيم يقولون: لا كفالة في حد.
474

وروي ذلك في حديث عمر بن أبي عمر الدمشقي. وهو ضعيف.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
((780 - [باب]
الشركة))
في مختصر البويطي والربيع ورواية أبي الوليد موسى بن أبي الجارود عن الشافعي:
لا تجوز الشركة إلا بالدنانير والدراهم ولا تجوز الشركة بالدنانير والدراهم حتى يخلطا.
قال أحمد:
3668 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن سليمان المصيصي قال حدثنا محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة رفعه قال:
' إن الله جل ثناؤه يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإن خانه خرجت من بينهما '.
3669 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن سليمان الأسدي. فذكره بإسناده مثله غير أنه قال:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال.
قال الشافعي:
ولا تجوز الشركة بالعروض.
قال: وإن اشترك أربعة نفر لأحدهم البذر ولآخر الأرض وللآخر الفدان وللآخر عمل يده.
475

فالزرع لصاحب البذر والشركة فاسدة ولهؤلاء إجازة مثلهم.
فإن احتج رجل / بحديث رافع فالشركة مخالفة لحديث رافع.
لأن حديث رافع غاصب وهؤلاء اجتمعوا على ذلك.
ثم قال في موضع آخر:
والحديث منقطع لأنه لم يلق عطاء رافعا.
وإنما أراد ما:
3670 - أخبرنا الحسين بن محمد قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا شريك عن عطاء عن رافع بن خديج قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته '.
ورواه أبو الوليد الطيالسي عن شريك وقال:
' وترد عليه نفقته '.
وبمعناه رواه جماعة عن شريك.
قال أحمد:
قد قال أبو أحمد بن عدي الحافظ فيما:
3671 - أخبرنا أبو سعيد الماليني عنه كنت أظن أن عطاء عن رافع مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضا عن عطاء مرسل.
ثم رواه بإسناده عن أبي إسحاق عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء.
قال أحمد:
كان موسى بن هارون ينكر هذا الحديث ويضعفه ويقول:
476

لم يسمع عطاء من رافع بن خديج شيئا.
قال أحمد:
وضعفه البخاري أيضا.
ورواه أيضا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق.
وقيس لا يحتج به.
وروى معناه بكير بن عامر عن ابن أبي نعم عن رافع وليس بالقوي.
وروي من وجه آخر منقطع.
وفقهاء الأمصار قد أجمعوا على أن الزرع لا يستحقه صاحب الأرض بأرضه إذا كان البذر لغيره إلا أنه يملك أخذه بتحولة عن أرضه إذا كان الزرع بغير إذنه.
((781 - [باب]
الوكالة))
احتج الشافعي رحمه الله في جواز الوكالة بآية الحكمين وبما روي عن علي رضي الله عنه في بعثه الحكمين عن شقاق الزوجين.
قال الشافعي:
وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر / وغير العذر.
قد كان علي رضي الله عنه وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر وعلي حاضر فقيل ذلك عثمان.
وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب ولا أحسبه كان يوكله إلا عند عمر بن الخطاب ولعل عند أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
قال الشافعي:
وكان علي يقول: أن للخصومة قحما وأن الشيطان يحضرها.
477

وهذا كله فيما:
3672 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
((782 - باب الإقرار))
3673 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أقر ماعز عند النبي [صلى الله عليه وسلم] بالزنا فرجمه وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة رجل: فإن اعترفت بالزنا فارجمها.
قال الشافعي:
فمن أقر من البالغين غير المغلوبين على عقولهم بشيء يلزمه به عقوبة في بدنه [من حد أو قتل أو قصاص أو ضرب أو قطع] لزمه ذلك الإقرار حرا كان أو مملوكا محجورا كان أو غير محجور عليه.
قال: وقد أمرت عائشة بعبد أقر بالسرقة فقطع.
قال: وما أقر به الحران البالغان غير المحجورين في أموالهما [بأي وجه أقرا به] لزمهما [كما أقرا به] وما أقر به الحران المحجوران في أموالهما لم يلزم واحدا منهما [في حال الحجر ولا بعده] في الحكم في الدنيا.
((783 - باب ضمان الدرك))
3674 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
478

عن ابن علية عن عثمان البني عن الحسن أن عليا قضى بالخلاص.
قال أحمد:
وروينا عن الشعبي فيمن باع جارية غيره فوجدت عند المشتري. قال: قال علي يأخذ صاحب الجارية جاريته ويؤخذ البائع بالخلاص.
وهذا يدل على أن المراد بالأول أنه قضى بالخلاص أي بالرجوع بالثمن.
وروينا عن الحسن عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ويتبع البيع من باعه '.
3675 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هثيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن فذكره.
((784 - [باب]
إقرار الوارث بوارث))
3676 - أخبرنا أبو بكر في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن عبد بن زمعة وسعدا اختصما إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في ابن أمه زمعة فقال سعد يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمه زمعة فأقبضه فإنه ابني.
فقال عبد بن زمعة: أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي فرأى شبها بينا بعتبة فقال:
' هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة '.
479

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان وأخرجه أبو داود في السنن عن مسدد بن مسرهد عن سفيان وفيه من الزيادة:
وهو أخوك يا عبد '.
وأخرجه البخاري من حديث يونس بن يزيد عن الزهري وفيه: فقال:
' هو أخوك يا عبد بن زمعة '.
من أجل أنه ولد على فراش أبيه:
قال الشافعي:
فألحقه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بدعوة الأخ وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى من شبهه بعتبة.
فكان في هذا دليل على أنها لم تدفعه وأنها ادعت منه ما ادعى أخوها.
قال أحمد:
والذي روي أنه قال لها:
' وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس لك بأخ '.
لم يثبت إسناده.
((785 - باب العارية))
3677 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال / الشافعي رحمه الله: العارية مضمون كلها استعار رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من صفوان بن أمية سلاحا فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' عارية مضمونة مؤداة '.
قال الشافعي:
480

وقد قال أبو هريرة وابن عباس:
إن العارية مضمونة.
3678 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن محمد وسلمة بن حبيب قالا: حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] استعار منه أدراعا يوم حنين فقلت: أغصب يا محمد فقال:
' لا بل عارية مضمونة '.
وروينا عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' على اليد ما أخذت حتى تؤديه '.
3679 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا محمد بن سليمان قال حدثنا الأنصاري قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن فذكره.
3680 أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال سمعت المزني يقول قرأنا على الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن قال - أبو جعفر هو ابن السائب -: أن رجلا استعار بعيرا من رجل فعطب فأتى به مروان [بن] الحكم فأرسل مروان إلى أبي هريرة فأوقفوه بين السباطين فسأله فقال: يغرم.
قال أحمد:
481

روينا عن ابن أبي مليكة قال: كان ابن عباس يضمن العارية وكتب إلي أن أضمنها.
وأما الذي روى:
' ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان '.
فإنه إنما يصح من قول شريح ولا يصح عن غيره وإنما رواه عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهذا إسناد ضعيف.
عمرو بن عبد الجبار وعبيد بن حسان ضعيفان قاله: الدارقطني الشيخ أبو الحسن وغيره.
((786 - باب الغصب))
3681 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من قتل دون ماله فهو شهيد ومن ظلم من أرض شبرا طوقه من سبع أرضين '.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهيل أخبره أن سعد بن زيد قال: سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول:
482

' ومن ظلم من الأرض شيئا فإنه يطوقه من سبع أرضين '.
3682 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال قرأنا على أبي اليمان أن شعيب بن أبي حمزة أخبره. فذكره. رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
3683 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
ولو غصبه [أرضا] فغرسها نخلا وأصولا وبنى فيها بناء [أو شق فيها أنهارا] كان عليه كراء مثل الأرض بالحال التي اغتصب إياها وكان على الباني والغارس أن يقلع بناءه وغراسه [فإذا قلعه] وضمان ما نقص القلع الأرض لا يكون له أن يثبت [حتى يرد إليه الأرض بحالها حين أخذها يضمن القيمة بما نقصها. قال: وكذلك ذلك في النهر وفي كل شيء أحدثه فيها] لا يكون له أن يثبت فيها عرقا ظالما.
وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ليس لعرق ظالم [حق] '.
3684 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن شهاب عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من أحيا أرضا ميتة لم تكن لأحد قبله فهي له وليس / لعرق ظالم حق '.
483

قال: فلقد حدثني صاحب هذا الحديث أنه أبصر رجلين من بياضة يختصمان إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أجمة لأحدهما غرس فيها الآخر نخلا.
فقضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله.
قال: فلقد رأيته يضرب في أصول النخل بالفؤس وإنه لنخل عم.
قال يحيى: والعم. قال بعضهم: والغم. الذي ليس بالقصير ولا بالطويل.
وقال بعضهم: القديم. وقال بعضهم: الطويل.
ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق إلا أنه قال: فقال رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] - وأكبر ظني أنه أبو سعيد الخدري - فأنا رأيت الرجل يضرب في أصول النخل.
3685 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فإن تأول رجل قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا ضرر ولا ضرار '.
فهذا الكلام مجمل لا يحتمل لرجل شيئا إلا احتمل عليه خلافه.
ووجهه الذي يصح به أن: لا ضرار في أن لا يحمل على رجل في ماله ما
484

ليس بواجب عليه ولا ضرار في أن يمنع رجل من ماله ضررا ولكل ماله وعليه.
قال أحمد:
روينا في حديث عمر بن يثربي الضمري أنه شهد خطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] بمنى وكان فيما خطب به:
' ولا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه ' وروينا في ذلك أيضا عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
وعن أبي هريرة الرقاشي عن عمه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: وإذا ضم بعضه إلى بعض صار قويا.
وأصح ما روي فيه حديث أبي حميد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه '.
وذلك لشدة ما حرم الله مال المسلم على المسلم وروينا في الحديث الثابت عن أبي بكرة وغيره عن / النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال في خطبته بمنى:
' ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا '.
((787 - باب الشفعة))
3686 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن [عن أبي هريرة] أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
485

' الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة '.
3687 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؛ مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
3688 - وأخبرنا أبو طاهر بن محمد بن محمش الفقيه من أصل سماعه قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذي قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال:
إنما جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
رواه البخاري في الصحيح عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق.
وأخرجه أيضا من حديث عبد الواحد بن زياد عن معمر. وزادوا في الحديث: وصرفت الطرق.
3689 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر أحمد بن المؤمل قال حدثنا الفضل بن محمد قال حدثنا نعيم وإسحاق بن إبراهيم قالا: أخبرنا عبد الرزاق بهذا الإسناد قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة '.
3690 وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد الحافظ الأسداباذي قال حدثنا أبو الجديد عبد الوهاب بن سعد قال حدثنا يحيى بن عثمان / قال حدثنا حامد بن يحيى السلمي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي عن محمد بن عبد الرحمن الجندي عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن
486

جابر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا حدت الحدود فلا شفعة '.
وقد تابع معمرا على وصل الحديث صالح بن أبي الأخضر وعبد الرحمن بن إسحاق.
ورواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر.
وأما حديث مالك عن ابن شهاب الزهري عن سعيد وأبي سلمة فقد رواه عنه
عبد الملك بن الماجشون وأبو عاصم ويحيى بن أبي قتيلة عن مالك موصولا بذكر أبي
هريرة فيه.
ورواه ابن جريج وابن إسحاق عن الزهري فقالا: عن سعيد أو أبي سلمة عن أبي هريرة.
وكان ابن شهاب لا يشك في روايته عن أبي سلمة عن جابر موصولا ولا في
روايته عن ابن المسيب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
وإنما كان يشك في روايته عنهما عن أبي هريرة.
وقد قامت الحجة بروايته عن أبي سلمة عن جابر. وكذلك رواه أبو الزبير عن جابر.
وقال المزني رحمه الله:
وأباه في المختصر بعد حديث مالك ووصله من حديث غير مالك.
أبو الزبير وأيوب عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معنى حديث مالك.
وإنما وصله الشافعي من حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر.
ومن حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر فذكر أيوب خطأ وقع في كتاب المزني والله أعلم.
3691 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن إدريس عن ابن
487

جريج عن أبي عن جابر قال:
قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالشفعة في كل شرك لم يقسم ريعه أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باع فهو أحق به.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة / عن ابن جريج بإسناده هذا.
وقال فيه: فإن باع فهو أحق.
3692 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحسين بن علي أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج فذكره بإسناده.
3693 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو علي قالوا: حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة '.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وبهذا نأخذ فنقول: لا شفعة فيما قسم إتباعا لسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال: قد روي حديثان [ذهب صنفان ممن ينسب إلى العلم وكل واحد منهما على خلاف مذهبنا] أما أحدهما: فإن سفيان أخبر عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الجار أحق بشفعته '.
قال الشافعي:
488

وروى حديث بعض (........) كان لأبي رافع بيت في دار رجل فعرض البيت عليه بأربع مائة قال أعطيت به ثمان مائة ولكني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الجار أحق بسقبة '.
قال أحمد:
وهذه الزيادة في حديث (........) ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة إلا أن سفيان كان يروي (..........) بطوله.
وقد أخرجته من حديث سفيان في كتاب السنن من حديث ابن جريج.
3694 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن حمدان الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي عن مكي بن إبراهيم قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد أخبره قال وقف على سعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى رسول / الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا سعد ابتع مني بيتين في دارك.
قال سعد: والله لا أبتعهما.
فقال المسور: والله لتبتاعنهما.
فقال سعد: لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو قال مقطعة.
فقال أبو رافع والله لقد أعطيت بها خمس مائة دينار ولولا أني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' الجار أحق بسقبه '.
ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطي بها خمسة مائة دينار وأعطاه إياهما.
رواه البخاري في الصحيح عن مكي بن إبراهيم.
489

3695 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أبو رافع فيما رويت عنه متطوع بما صنع.
وحديثه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حمله وقولنا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] منصوص لا يحتمل تأويلا.
قال: وقوله:
' الجار أحق بسقبه '.
لا يحتمل إلا معنيين لا ثالث لهما.
[قال: وما هما؟ قلت: أن يكون أجاب عن مسألة لم يخل أكثرها من] أن يكون أراد أن الشفعة لكل جار أو أراد [بعض] الجيران دون بعض.
وقد ثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن لا شفعة فيما قسم فدل على أن الشفعة للجار الذي لم يقاسم دون الجار المقاسم.
قال: يقع اسم الجوار على الشريك؟
قلت: نعم وعلى الملاصق وغير الملاصق.
أنت تزعم أن الجوار أربعون دارا من كل جانب. قال: أفتوجدني ما يدل على أن اسم الجوار يقع على الشريك؟
قلت: زوجتك التي هي في بيتك يقع عليها اسم جوار.
قال: حمل بن مالك بن النابغة:
كنت بين جارتين لي.
يعني ضرتين.
490

وقال الأعشى:
* أجارتنا بيني فإنك طالقة
* وموقوفة ما كنت فينا ووامقة
*
* أجارتنا بيني فإنك طالقة
* كذاك أمور الناس تغدو وطارقة
*
* وبيني فإن البين خير من العصا
* وأن لا تزالي فوق رأسك بارقة
*
* حبستك حتى لامني كل صاحب
* وخفت بأن تأتي لدي ببائقة
*
قال الشافعي في القديم في غير هذه الرواية:
فقال عروة بن / الزبير:
وافق طلاق الأعشى ما نزل من القرآن في الطلاق قال الشافعي في روايتنا:
وروى غيرنا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الجار أحق بشفعته ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كانت الطريق واحدة '.
تكلم الشافعي على الخير ثم قال:
سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول:
نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظا.
قيل له: ومن أين؟ قلت.
إنما رواه عن جابر بن عبد الله.
وقد روى أبو سلمة بن عبد الرحمن [عن جابر بن عبد الله] مفسرا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة '.
491

قال: وأبو سلمة من الحفاظ.
وروى أبو الزبير وهو من الحفاظ عن جابر ما يوافق قول أبي سلمة ويخالف ما روى عبد الملك بن أبي سليمان.
قال الشافعي:
وفيه من الفرق بين الشريك وبين المقاسم [ما وصفت جملته في أول الكتاب] فكان أولى الأحاديث أن يؤخذ بها عندنا _ والله أعلم _ لأنه أثبتها إسنادا وأبينها لفظا عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. وأعرفها في الفرق بين المقاسم وغير المقاسم.
قال أحمد:
قد روينا عن شعبة أنه رغب عن حديث عبد الملك بن أبي سليمان.
وسئل أحمد بن حنبل عن حديثه في الشفعة فقال: هذا حديث منكر.
وقال أبو عيسى الترمذي:
سالت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به.
ويروى عن جابر خلاف هذا.
قال أبو عيسى: وإنما ترك شعبة حديث عبد الملك لحال هذا الحديث.
3696 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحافظ قال حدثنا محمد بن محمد بن سليمان قال حدثني محمد بن أبي صفوان الثقفي قال سمعت أمية بن خالد يقول: قلت لشعبة ما لك لا تحدث عن عبد الملك بن أبي سليمان؟
قال: تركت حديثه.
قال: قلت تحدث عن محمد بن عبيد الله العزرمي / وتدع عبد الملك وقد كان
492

حسن الحديث؟ قال: من حسنها؟ فررت.
3697 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أحمد الدارمي قال سمعت الإمام أبا بكر يقول سمعت أحمد بن سعيد يقول: سمعت مسددا وغيره من أصحابنا عن يحيى بن سعيد قال: قال شعبة لو أن عبد الملك بن أبي سليمان جاء بمثله آخر واثنين لترك حديثه _ يعني الشفعة _.
ورواه ابن قدامة عن يحيى بن سعيد القطان من قوله قال:
لو روى عبد الملك بن [أبي] سليمان حديثا آخر مثل حديث الشفعة لتركت حديثه.
قال أحمد:
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال:
إذا صرفت وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم.
وروينا عن عثمان بن عفان أنه قال:
إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها.
وقد رواه الشافعي في القديم:
عن مالك عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عثمان بن عفان قال ذلك.
3698 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره وزاد في الحديث:
ولا شفعة في بئر ولا فحل نخل.
قال الشافعي في القديم:
وذكر عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد عن
493

أبان بن عثمان عن عثمان مثله.
قال أحمد:
وقد رواه أبو عبيد عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم _ أو عن عبد الله بن أبي بكر _ الشك من أبي عبيد _ عن أبان بن عثمان عن عثمان قال:
لا شفعة في بئر ولا فحل والأرف يقطع كل شفعة.
قال ابن إدريس:
الأرف: المعالم.
وقال الأصمعي:
يقال: منه أرفت الدار والأرض تأريفا إذا قسمتها وحددتها.
3699 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن الكارزي قال حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيدة فذكره.
قال الشافعي:
وهكذا أحفظ عن عمر بن الخطاب / قال: وأخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد العزيز كتب إذا وقعت الحدود فلا شفعة.
3700 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن سعيدا وسليمان بن يسار سئلا: هل في الشفعة سنة؟
فقالا جميعا: نعم الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون الشفعة إلا بين القوم والشركاء.
قال الشافعي:
494

بهذا نأخذ ويأخذ مالك في الجملة وفي هذا نفى أن تكون الشفعة إلا فيما كانت له أرض فإنه يقسم.
وقد روى مالك عن عثمان أنه قال:
لا شفعة في بئر ولا فحل نخل.
3701 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبان عن عثمان بن عفان قال:
لا شفعة في بئر.
قال الشافعي:
لا شفعة في بئر إلا أن يكون فيها بياض يحتمل أن تقسم أو تكون واسعة محتملة القسم.
قال أحمد:
والذي روى عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الشريك شفيع والشفعة في كل شيء '.
لم يثبت وصله.
وإنما رواه موصولا أبو حمزة السكري وقد خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا وهو الصواب.
ووهم أبو حمزة في إسناده.
495

قاله: أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه.
قال أحمد:
وروي من وجه آخر ضعيف لا يحتج بمثله.
وحكى الشافعي في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى عن بعض العراقيين عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عياش.
وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي أنهما قالا: لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم.
ونحن لا نحتج برواية / الحسن بن عمارة وفيما ذكرنا كفاية.
وزعم بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه أن حديثكم في الشفعة لا يخالف حديثنا لأن أبا هريرة قال:
قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالشفعة فيما لم يقسم.
وكان بذلك مخبرا عما قضى به رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ثم قال بعد ذلك فإذا وقعت الحدود فلا شفعة وكان ذلك قولا من رأيه لم يحكه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وهذا لا يصح.
فقد رويناه من أوجه منقولا من لفظ النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال:
إنما جعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
وليس للصحابي أن يقطع بمثل هذا إلا أن يكون سمع ذلك من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقول من قال فيه قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالشفعة أراد به قضاء فتوى وبيان شرع لا قضاء حكم بدليل أنه قال في الرواية التي أودعها البخاري كتابه: قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم.
وفي رواية في كل مال لم يقسم.
496

وقال في الرواية التي أودعها مسلم بن الحجاج كتابه في كل شرك لم يقسم.
ولو كان ذلك قضاء حكم لم يعبر عنه بلفظ الكل.
فمعلوم أن قضاء في عين واحدة لا يكون قضاء في كل ما لم يقسم.
وإذا علق الشفعة بكل ما لم يقسم كان دليلا على انتفائها عن كل ما قد قسم.
والأصل ثبوت ملك المشتري فلم ينقص عليه ملكه إلا سنة ثابتة لا معارض لها أو إجماع _ والله أعلم.
((788 - باب القراض))
3702 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله ابنا عمي خرجا في جيش العراق فلما / قفلا مرا على عامل لعمر فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة وقال:
لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت ثم قال: بلى ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعا من متاع العراق ثم تبتاعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح فقالا: وددنا ففعل.
وكتب إلى عمر رضي الله عنه أن يأخذ منهما المال فلما قدما المدينة باعا
497

فربحا فلما رفعا [ذلك] إلى عمر قال لهما:
أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟
فقالا: لا. فقال عمر: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما.
أديا المال وربحه.
فأما عبد الله فسكت. وأما عبيد الله فقال:
ما ينبغي لك هذا يا أمير المؤمنين.
لو هلك المال أو نقص لضمناه.
فقال: أدياه. فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله.
فقال رجل من جلساء عمر:
يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا [فقال عمر قد جعلته قراضا] فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال.
احتج أصحابنا بهذا في كون القراض عندهم شائعا حتى قالوا هذا.
وحكاه الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن بعض أهل العراق عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده:
أن عمر بن الخطاب أعطى مال يتيم مضاربة وكان يعمل به بالعراق ولا ندري
498

كيف قاطعه على الربح.
عن عبد الله بن علي عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه أن عثمان بن عفان أعطى مالا مقارضة _ يعني مضاربة _.
وعن حماد عن إبراهيم أن ابن مسعود أعطى زيد بن خليدة مالا مقارضة.
وهذا فيما:
3703 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي:
أنه بلغ ذلك وقد جعله الشافعي قياسا على المعاملة في النخل ولا يجوز إلا بالذهب أو الورق ولا يكون بالقروض.
((789 - [باب]
المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه ومن تجر في مال غيره بغير أمره))
3704 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا شبيب بن غرقدة أنه سمع الحي يحدثون عن عروة بن أبي الجعد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أعطاه دينارا ليشتري له به شاة أو أضحية فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار وأتاه بشاة ودينار.
فدعا له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكان لو اشترى ترابا لربح فيه.
قال الشافعي:
وقد روى هذا الحديث غير سفيان عن شبيب بن غرقدة يوصله ويرويه عن عروة بن أبي الجعد بمثل هذه القصة ومعناها.
قال أحمد:
إنما رواه الحسن بن عمارة عن شبيب قال: سمعت عروة وقد سأله ابن عيينة فقال: لم أسمعه من عروة حدثنيه الحي عن عروة.
ورواه سعيد بن زيد عن الزبير بن الحارث عن أبي لبيد عن عروة.
499

وسعيد بن زيد غير قوي في الحديث وروى أبو حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعث معه بدينار ليشتري له أضحية فاشتراها بدينار وباعها بدينارين فرجع فاشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فتصدق به النبي [صلى الله عليه وسلم] ودعا له أن يبارك له في تجارته.
3705 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني قال حدثنا أحمد بن حازم بن أبي عروة قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا سفيان.
3706 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد بن تمتام قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن أبي حصين فذكراه.
ولفظ الحديث لأبي حذيفة.
وليس في رواية عبيد الله: ودعا له.
وذكر الشافعي ها هنا حديث عمر وأمية / وتكلم عليه بما هو منقول في المبسوط ثم قال:
أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن داود بن أبي هند عن رباح بن عبيدة قال:
بعث رجل مع رجل من أهل البصرة بعشرة دنانير إلى رجل بالمدينة فابتاع بها المبعوث معه بعيرا ثم باعه بأحد عشر دينارا فسأل عبد الله بن عمر فقال:
الأحد عشر لصاحب المال ولو حدث بالبعير [حدث] كنت له ضامنا.
وهذا فيما:
3707 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
قال وابن عمر يرى على المشتري بالبضاعة لغيره الضمان ويرى الربح لصاحب البضاعة ولا يجعل الربح لمن ضمن.
500

3708 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال:
آخر قول الشافعي أنه إذا تعدى فاشترى شيئا بالمال بعينه فربح فيه فالشرى باطل مردود.
فإن اشترى بمال لا بعينه ثم نقد المال فالشراء له والربح له والنقصان عليه وعليه مثل المال الذي تعدى فيه.
وكذلك قاله المزني وقال:
ترك الشافعي هذا المذهب واحتج بأن حديث البارقي ليس بثابت عنده.
قال المزني:
ووجه جعل عمر نصف ربح ابنيه للمسلمين عندي عن طيب أنفسهما وأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلاه كله للمسلمين فلم يجيباه فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما.
وبسط الكلام في شرحه.
قال: وإنما ضعف حديث البارقي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي وهم غير معروفين.
وحديث حكم إنما رواه شيخ غير مسمى.
((790 - باب المساقاة))
3709 - أخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لليهود حين افتتح خيبر:
501

' أقركم / ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم '.
فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي.
3710 - وبإسناده قال حدثنا الربيع قال حدثنا الشافعي إملاء قال:
معنى قوله: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي.
أن يخرص النخل كأنه خرصها مائة وسق وعشرة أوسق فقال:
إذا صارت تمرا نقصت عشرة أوسق فصحت منها مائة وسق تمرا فقال:
إن شئتم دفعت إليكم النصف الذي ليس لكم الذي أنا فيه قيم بحق أهله على أن تضمنوا لي خمسين وسقا تمرا [من تمر] يسميه بعينه ولكم أن تأكلوها وتبيعوها رطبا وكيف شئتم.
وإن شئتم فلي أكون هكذا في نصيبكم فأسلم وتسلمون إلى أنصبائكم وأضمن لكم هذه المكيلة.
قال أحمد:
معنى هذا الذي ذكره الشافعي في تأويل الخبر [الذي] قد رواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في هذه القصة قال:
فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبعث عبد الله بن رواحة يخرصه ثم يخبرهم أن يؤخذوها أو يتركوها وأن اليهود أتوا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بعض ذلك فشكوا إليه فدعا عبد الله فقال عبد الله يا رسول الله هم بالخيار إن شاءوا أخذوها وإن تركوها أخذناها فرضيت اليهود
502

وقالت: بها قامت السماوات والأرض.
وروي ذلك في حديث مقسم عن ابن عباس بمعناه.
3711 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو محمد بن حيان قال حدثنا عبدان.
3712 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قالا: حدثنا عبد الواحد بن عتاب قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عبيد الله بن عمر - فيما يحسب - أبو سلمة عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم فغلب على الأرض والزرع والنخل فقالوا: يا محمد دعنا نكون في الأرض نصلحها ونقوم عليها.
ولم يكن لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها فأعطاهم خيبر عن أن لهم الشطر من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم [في كل عام] فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [في عام] شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه فقال:
يا أعداء الله تطعموني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل بينكم فقالوا:
بهذا قامت السماوات.
لفظ حديث المقري.
ولهذا شواهد مخرجة في الصحيح.
إلا أن حديث حماد عن عبيد الله بن عمر أتم.
3713 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء قال
503

أخبرنا أبو المثنى ومحمد بن أيوب قالا: حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثني نافع عن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عامل خيبر على شطر ما يخرج منها من تمر أو زرع.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن أحمد بن حنبل وغيره عن يحيى القطان.
3714 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: حدثنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق.
3715 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أجاز رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المساقاة فأجزناها / بإجازته.
وحرم كراء الأرض البيضاء ببعض ما يخرج منا فحرمناها بتحريمه.
ثم فرق بينهما بما تفترقان به ثم أجاز ذلك في البياض إذا كان بين أضعاف النخل ثم قال:
ولولا الخبر فيه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه دفع إلى أهل خيبر النخل على أن لهم النصف من النخل والزرع وله النصف.
فكان الزرع كما وصفت بين ظهراني النخل لم يجز.
((791 - [باب]
الإجارة))
قال الشافعي رحمه الله:
504

قال الله تبارك تعالى:
* (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) *
فأجاز الإجارة على الرضاع والرضاع يختلف [لكثرة رضاع المولود وقلته وكثرة اللبن وقلته ولكن لما لم يوجد فيه إلا هذا أجازت الإجارة عليه] وإذا جازت عليه جازت على مثله و [ما] هو في مثل معناه وأحرى أن يكون أبين منه وقد ذكر الله الإجارة في كتابه وعمل بها بعض أنبياءه.
قال الله تعالى:
* (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) * الآية:
قال: فذكر الله أن نبيا من أنبيائه صلى الله وسلم عليهم آجر نفسه حججا مسماة ملك بها [بضع] امرأة.
فدل على تجويز الإجارة وعلى أن لا بأس بها على الحجج إن كان على الحجج استجارة.
[وإن كان استأجر على غير حجج فهو تجويز الإجارة على كل حال] وقد قيل استأجره أن يرعى له. والله أعلم.
قال أحمد:
رويناه عن عمر بن الخطاب أنه ذكر هذه القصة ثم قال: فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل في رعاية غنمه.
وعن ابن عباس في أي الأجلين قضى موسى قال: قضى أكبرهما وأطيبهما.
وروى عنه مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم إلى جبريل عليه السلام قال:
505

' أتمها وأكملها '.
قال الشافعي:
فمضت بها السنة وعمل بها غير واحد من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولم يختلف أهل العلم ببلدنا علمته في إجازها وعوام فقهاء الأمصار.
3716 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: / حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن كراء الأرض.
فقال: أبالذهب والورق؟ فقال:
أما بالذهب والورق فلا بأس به.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
3717 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سأل عن
استكراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس به.
3718 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم مثله.
3719 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي
506

حدثنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عوف تكارى أرضا فلم تزل بيده حتى هلك.
قال ابنه فما كنت أراها إلا أنها له من طول ما مكثت بيده حتى ذكرها [لنا] عند موته وأمرنا بقضاء شيء بقي عليه من كرائها من ذهب أو ورق.
قال أحمد:
وروينا في الحديث الثابت عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال الله عز وجل:
ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر. ورجل باع حرا فأكل ثمنه. ورجل استأجر أجيرا استوفى منه ولم يوفيه أجره.
3720 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن أبي عمر حدثهم فقال حدثنا يحيى بن سليم قال سمعت إسماعيل بن أمية يحدث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سليم.
/ وروينا عن ابن صالح وعن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا.
' أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه '.
وعن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم أبي سعيد الخدري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
هذا مرسل.
ورواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
507

' ومن استأجر أجيرا فليعلمه أجره '.
وقد مضى في كتاب الحج حديث ابن عمر في كراء الإبل في طريق مكة.
وذكر الشافعي فيما احتج به وجوب دفع الأجرة بدفع الشيء الذي فيه المنفعة إذا لم يشترطا في الأجرة أجلا جواز أخذها من جهة الصرف.
قال الشافعي:
وهم يروون عن ابن عمر - أو عمر شك الربيع - وقال في رواية الزعفراني: ابن عمر - من غير شك -: أنه تكارى من رجل بالمدينة ثم صارفه قبل أن يركب.
فإن كان ثابتا فهو موافق لنا وحجة لنا عليهم.
قال أحمد:
وروينا عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال: أيما رجل أكرى كراء فجاوز صاحبه ذا الحليفة فقد وجب كراؤه ولا ضمان عليه.
يريد - والله أعلم - قبضه ما اكترى فيكون عليه الكراء حالا ولا ضمان عليه فيما اكترى إذا لم يتعد.
((792 - [باب]
تضمين الأجراء))
3721 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال:
الأجراء كلهم سواء فإذا تلف في أيديهم شيء من غير جنايتهم فلا يجوز أن يقال فيه إلا واحد من قولين. فذكرهما وذكر وجه كل واحد منهما قال:
وليس في هذا سنة علمتها ولا أثر يصح عند أهل الحديث عن أحد من
508

أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقد روي فيه شيء عن عمر وعلي ليس يثبت عند أهل / الحديث عنهما ولو ثبت [عنهما] لزم من يثبته أن يضمن الأجراء من كانوا.
لأن عمر إن كان ضمن الصناع فليس [في تضمين لهم معنى إلا أن يكون ضمنهم] بأنهم أخذوا أجرا ما ضمنوا [فكل من أخذ أجرا فهو من معناهم].
وإن كان علي بن أبي طالب ضمن القصار والصانع فكذلك كل صانع وكل من أخذ أجرا.
3722 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال:
وقد ذهب إلى تضمين القصار شريح فضمن قصارا احترق بيته. فقال: تضمنني وقد احترق بيتي؟!
فقال شريح: أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرك؟!
أخبرنا بهذا عنه ابن عيينة؟
قال الشافعي:
وقد روي من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله: أن عليا بن أبي طالب ضمن الغسال والصباغ وقال: لا يصلح الناس إلا ذلك.
أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد بن عن أبيه أن عليا قال ذلك.
قال أحمد:
قد رواه أيضا سليمان بن بلال عن جعفر إلا أنه منقطع من أبي جعفر وعلي.
509

ورواه قتادة عن خلاس أن عليا كان يضمن الأخير.
إلا أن أهل العلم بالحديث يضعون أحاديث خلاس عن علي ويقولون هو من كتاب.
ورواه جابر الجعفي - وهو ضعيف - عن الشعبي عن علي. وإذا ضمت هذه المراسيل بعضها إلى بعض أحدث قوة.
قال الشافعي:
ويروى عن عمر تضمين بعض الصناع من وجه أضعف من هذا.
ولم نعلم واحدا منهما يثبت. قال: وقد روي عن علي من وجه آخر أنه كان لا يضمن أحدا من الأجراء.
من وجه لا يثبت مثله.
وثابت عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:
لا ضمان على صانع ولا على أجير.
3723 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا إبراهيم بن محمود قال حدثني أبو سليمان - يعني داود الأصبهاني - قال حدثني الحارث ابن سريح النفال.
قال أراد الشافعي / الخروج إلى مكة فأسلم إلى قصار ثيابا بغدادية مرتفعة فوقع الحريق فاحترق دكان القصار والثياب فجاء القصار ومعه قوم يتحمل بهم على الشافعي في تأخيره ليدفع إليه قيمة الثياب.
فقال له الشافعي:
قد اختلف العلماء في تضمين القصار ولم أتبين أن الضمان يجب فلست أضمنك شيئا.
3724 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي
510

فيما بلغه عن شعبة عن سماك عن ابن عبيد بن الأبرص:
أن رجلا استأجر نجار يضرب له مسمارا فانكسر المسمار فخاصمه إلى علي فقال:
أعطه درهما مكسورا.
وهم يخالفون هذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
قال الشافعي:
ومن ضمن الأجير ضمنه قيمة المسمار ولم يجعل له شيئا إذا لم يتم العمل.
((793 - [باب]
ما جاء في تأديب الإمام))
3725 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال:
التعزير أدب لا حد من حدود الله.
وقد كان يجوز تركه ألا ترى أن أمورا قد فعلت على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كانت غير حدود فلم يضرب فيها منها.
الغلول في سبيل الله وغير ذلك.
ولم يؤت بحد قط فعفاه.
قال: وقيل بعث عمر رضي الله عنه إلى امرأة في شيء بلغه عنها فأسقطت فاستشار فقال له قائل: أنت مؤدب.
فقال له علي: إن كان اجتهد فيه فقد أخطأ وإن لم يجتهد فقد غش عليك الدية.
قال: عزمت عليك أن لا تجلس حتى تضربها على قومك.
511

قال: وقال علي بن أبي طالب:
ما أحد يموت في حد فآخذ في نفسي منه شيئا الحق قتله إلا من مات في حد خمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] فمن مات فيه فديته - إما على بيت المال - وإما قال على عاقلة الإمام.
قال أحمد:
حديث عمر قد رواه الحسن البصري عن عمر / مرسلا.
وحديث علي قد رواه أبو حصين عن عمير بن سعيد عن علي موصولا قال:
ما من صاحب حد [أقيم عليه] أجد من نفسي عليه شيئا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات لوديته لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يسنه.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وإنما أراد على لم يسن ما زاد على الأربعين.
وروينا عن ابن جريج عن عطاء في المعلم بضرب الغلام على التأديب فيعطب.
قال: يغرمه.
((794 - [باب]
المزارعة))
3726 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن ابن عمر قال: كنا نجابر ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم رافع أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عنها فتركناها من أجل ذلك.
512

رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
3727 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن كراء الأرض.
فقال: أبالذهب والورق؟
فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به.
أخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وروينا عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سأله عن كراء الأرض فقال: لا بأس به.
قال فقلت له: أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع؟
فقال: أكثر رافع ولو كانت لي أرض أكريتها.
قال الشافعي:
فرافع سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو أعلم بمعنى ما سمع وإنما حكى رافع نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن كرائها بالثلث والربع وكذلك كانت تكرى.
وقد يكون سالم سمع عن رافع فالخبر حمله فرأى أنه حدث عن الكراء بالذهب والورق وقد بينه غير مالك بن أنس عن رافع أن عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها.
3728 - / أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا ابن وهب قال حدثني الليث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وإسحاق بن عبد الله عن حنظلة بن قيس أن سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال:
513

نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها.
قال فسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق.
3729 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج قال: كنا نحاقل على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
فقدم علي بعض عمومته - قال قتادة اسمه ظهير - قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن أمر كان لنا نافعا وطواعية الله ورسوله أنفع لنا وأنفع.
قال القوم: وما ذاك قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكاريها بالثلث ولا بالربع ولا طعام مسمى '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن أبي عروبة.
وقوله: ' ولا طعام مسمى '.
يحتمل أن يكون المراد به مما يخرج من تلك الأرض.
ويشبه أن يكون أراد ما كانوا يشترطونه مما على الماذيانات وهو الأنهار وإقبال الجداول أو غير ذلك.
ففي حديث الأوزاعي عن ربيعة عن حنظلة بن قيس عن رافع أنه قال: فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به.
وروينا عن جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن المخابرة.
514

وعن ثابت بن الضحاك أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن المزارعة وأمرنا بالمؤاجرة. وقال: لا بأس به.
وروينا عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت قال:
نهى رسول الله / [صلى الله عليه وسلم] عن المخابرة.
قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع.
3730 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تدل على أن لا تجوز المزارعة على الثلث ولا الربع ولا جزء ومن أجزاء وذلك أن المزارع يقبض الأرض بيضاء لا أصل فيها ولا زرع ثم يستحدث فيها زرعا والزرع ليس بأصل والذي هو في معنى المزارعة الإجارة ولا يجوز أن يستأجر الرجل [الرجل] على أن يعمل له شيئا إلا بأجر معلوم [يعلمانه قبل أن يعمله المستأجر] لما وصفت من السنة وخلافا للأصل والمال يدفع.
وقال في الأرض إذا كانت بين ظهراني النخل لا يسقى إلا من ماء النخل ولا يوصل إليه إلا من حيث يوصل إلى النخل تجوز المعاملة عليها مع النخل إتباعا لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيما فعل بخيبر ففرق بينهما بالسنة وبما بينهما من الفرق _ المعنى _.
قال أحمد:
ومن العلماء من ذهب إلى تجويز المزارعة وحمل النهي المروي على ما كانوا يلحقون بها من الشروط الفاسدة والله أعلم.
3731 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عبيد الله عن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكري أرضه فأخبر بحديث رافع بن
515

خديج أتاه فسأله عنه فأخبره فقال ابن عمر: قد علمت أهل الأرض قد كانوا يعطون أرضهم على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ويشرط صاحب الأرض لي الماذيانات وما يسقي الربيع ويشترط من الجرين تبنا معلوما.
قال: فكان ابن عمر يظن أن النهي لما كانوا يشترطون.
قال أحمد:
فابن عمر كان يظن هذا ويدعه تورعا وقد عمل به غير واحد من الصحابة منهم علي، وسعد بن مالك، وابن مسعود.
وروي عن عمر / ومعاذ بن جبل وعمل به جماعة من التابعين منهم:
عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير.
وكان ابن المسيب لا يرى بذلك بأسا ويحتج فيه بمعاملة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع أو تمر.
ومذهب الشافعي رحمه الله أن ما يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يكن في قول أحد دونه حجة وقد قال بحديث خيبر فيما ورد فيه وقال اخترنا ما أجاز.
ورددنا ما رد. وفرقنا بفرقه [صلى الله عليه وسلم] بينهما.
((795 - [باب]
قطع السدر))
قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي عن أبي عبد الله محمد بن يوسف عن محمد بن يعقوب بن الفرجي عن أبي ثور قال سألت أبا عبد الله الشافعي عن قطع السدر:
فقال: لا بأس وروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' اغسله بماء وسدر '.
فيما حكى أبو سليمان الخطابي عن المزني أنه احتج بذلك وقال لو كان حراما لم يجز الانتفاع به.
516

فقد سوى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيما حرم قطعه من شجر. الشجر بين ورقه وبين غيره. وأما الذي روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' من قطع سدرا [صوب] الله رأسه في النار ' فإنه روي موصولا ومرسلا وأسانيده مضطربة معلولة وفي بعضها:
' إلا من زرع '.
مدار أكثرها على عروة بن الزبير وقد روى [هشام بن عروة] أن عروة كان يقطعها من أرضه. وقد ذكرنا أسانيده في كتاب السنن ثم أن المزني رحمه الله في حكاية أبي سليمان حمل الحديث على سدر لقوم هجم إنسان على قطعة أرض بغير حق.
فأدرك من روى الحديث جواز النبي [صلى الله عليه وسلم] ولم يدرك المسألة.
وجعل نظير ذلك حديث أسامة بن زيد في الربا كما ذكرناه في كتاب البيوع.
وأما أبو داود السجستاني فإنه حمل الحديث على سدر في خلاه يستظل به ابن السبيل والبهائم فقطعه إنسان عبثا بغير حق. والله أعلم.
((796 - [باب]
/ ما جاء في طرح العذرة في أرض الزرع))
3732 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن عبد الله بن دينار عن عمر:
أنه كان يشترط على الذي كان يكريه أرضه أن لا يعرها وذلك قبل أن يدع عبد الله الكراء.
517

وروينا عن سعد بن أبي وقاص الرخصة في ذلك.
3733 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن شيبان قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما من مسلم يزرع زرعا فيأكل منه طائر ولا جن ولا إنس ولا أحد إلا كان له صدقة '.
رواه الشافعي عن سفيان بهذا الإسناد والمعنى في كتاب حرملة وأخرجه مسلم من حديث الليث عن أبي الزبير.
518

4 (18 - كتاب إحياء الموات))
3734 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
سألت الشافعي عمن أحيا أرضا مواتا فقال:
إذا لم يكن للموات مالك فمن أحياه من أهل الإسلام فهو دون غيره ولا أبالي أعطاه إياه السلطان أو لم يعطه لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أعطاه وعطاء النبي [صلى الله عليه وسلم] أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان.
قلت: وما الحجة فيما قلت؟ قال:
ما رواه مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وعن بعض أصحابه.
3735 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس عرق ظالم حق '.
519

قال أحمد:
هذا مرسل وقد رواه أيوب السختياني عن هشام بن / عروة عن أبيه عن سعد بن زيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس عرق ظالم حق '.
وهو مخرج في كتاب أبي داود.
ورواه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [أنه قال]:
' من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها '.
وهو مخرج في كتاب البخاري.
وقد أخرجتهما في كتاب السنن.
وأما الحديث الذي يروى:
' ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه '.
فإنما رواه إسحاق الحنظلي عن بقية بن الوليد عن رجل لم يسمه عن مكحول في منازعة حرب بن عبيدة وحبيب بن سلمة فقال حبيب: قد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من قتل قتيلا فله سلبه '.
فقال أبو عبيدة إن لم يقل ذلك للأبد وأراد أن يعطيه بعضه.
فسمع معاذ بن جبل ذلك فقال لحبيب: ألا تتقي الله وتأخذ ما طابت به نفس إمامك؟
520

فإنما لك ما طابت به نفس إمامك.
وحدثهم بذلك معاذ بن جبل عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاجتمع رأيهم على ذلك فأعطوه بعد الخمس فباعه حبيب بألف دينار.
وهذا منقطع بين مكحول ومن فوقه وراويه عن مكحول مجهول ولا حجة في مثل هذا الإسناد.
3736 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع [قال أخبرنا الشافعي] قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قال:
من أحيا أرضا ميتة فهي له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
أخبرنا ابن عيينة وغيره بإسناد غير هذا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناه.
قال أحمد:
أما ابن عيينة فإنما رواه عن هشام بن عروة عن أبيه يرفعه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده / عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وفيه من الزيادة:
' في غير حق مسلم '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ولا يترك ذمي يحييه لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جعلها لمن أحياها من المسلمين.
وروي في موضع آخر ما:
3737 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما لم يسمعه الربيع من كتاب إحياء الموات قال:
أخبرنا سفيان عن طاوس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحيا مواتا من الأرض فهو له وعادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم
521

مني ' هكذا وقع في سماعنا.
ورواه في القديم عن سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس.
ورواه أيضا ابن طاوس عن أبيه.
((797 - [باب]
إقطاع الموات وإحياؤه))
3738 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال:
لما قدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المدينة أقطع الناس الدور فقال [له] حي من بني زهرة يقال لهم: بنو عبد بن زهرة نكب عنا ابن أم عبد.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فلم ابتعثني الله إذا إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهم حقه '.
3739 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام _ يعني بن عروة _ عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقطع الزبير أرضا.
وأن عمر بن الخطاب أقطع العقيق أجمع وقال: أين المستقطعون منذ اليوم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والعقييق: قريب من المدينة.
وقوله أين المستقطعون يقطعهم.
قال أحمد:
522

وقد ثبت عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت:
كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي.
((798 - [باب]
الحمى))
3740 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا حمى إلا لله ورسوله '.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة وغيره.
3741 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أخبرنا غير واحد من أهل العلم أن رسول الله حمى النقيع.
قال أحمد:
ورواه يونس بن يزيد عن الزهري قال بلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حمى النقيع وأن عمر حمى الشرف والربذة.
وروى عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حمى النقيع
523

لخيل المسلمين ترعى فيه.
قال الشافعي:
والنقيع بلد ليس بالواسع الذي إذا حمى ضاقت البلاد بأهل المواشي حوله.
قال الشافعي:
وقول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا حمى إلا لله ولرسوله '.
يحتمل أن لا يكون لأحد أن يحمي للمسلمين غير ما حماه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ويحتمل أن ' لا حمى إلا لله ورسوله ' إلا على مثل [ما] حمى عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
في حمى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما فيه من صلاح المسلمين.
ثم قال: وقد حمى من حمى على هذا المعنى وأمر أن يدخل الحمى شبه من ضعف عن النجعة ممن حول الحمى.
قال: وقد حمى بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عمر رضي الله عنه أرضا لم يعلم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حماها وأمر فيها بنحو مما وصفت.
524

الجزء السادس والعشرون
3742 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال: أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
/ أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يقال: هنى على الحمى فقال له: يا هنى ضم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وأن رب الغنيمة [والصريمة] يأتيني بعياله فيقول: يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبالك فالماء والكلأ أهون [علي] من الدنانير والدراهم وأيم الله لعلي ذلك أنهم ليرون أني قد ظلمتهم إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام ولولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت على المسلمين من بلادهم شبرا.
وقوله: ولولا المال إلى آخره.
525

لم يكن في كتاب أبي سعيد في هذه الرواية وهو مذكور بعده في حكاية الشافعي.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك عن زيد بن أسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في معنى قول عمر أنهم يرون أني قد ظلمتهم أنهم يقولون إن منعت لأحد من أحد فمن قاتل عليها وأسلم أولى أن يمنع له.
وهكذا كما قالوا: لو كانت تمنع لخاصة فلما كانت لعامة لم تكن في هذا _ إن شاء الله _ مظلمة.
قال الشافعي في موضع آخر من هذا الكتاب.
ولم يظلمهم عمر وإن رأوا ذلك بل حمى على معنى ما حمى عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لأهل الحاجة دون أهل الغنى.
وبسط الكلام فيه قال:
وإنما نسب الحمى إلى المال الذي يحمل عليه في سبيل الله لأنه كان من أكثر ما عنده مما يحتاج إلى الحمى وقد أدخل الحمى خيلا في سبيل الله وإبل الضوال لغزاة وما فضل عن سهمان أهل الصدقة من إبل الصدقة ومن ضعف عن النجعة ممن قل ماله.
وكل هذا وجه عام النفع للمسلمين. وبسط الكلام في معنى كل واحد من ذلك ثم ذكر ما:
3743 - أخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا: / حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن الثقة _ أحسبه محمد بن علي بن حسين أو غيره _ عن مولى لعثمان بن عفان قال:
بينا أنا مع عثمان في ماله بالعالية في يوم صائف إذ رأى رجلا يسوق بكرين وعلى الأرض مثل الفراش من الحر فقال:
ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح. ثم دنا الرجل فقال انظر [من
526

هذا فقلت أنا رجلا معهما بردائه يسوق بكرين ثم دنا الرجل فقال انظر] فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقلت: هذا أمير المؤمنين فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فأذاه لفح السموم فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟
فقال: بكران من إبل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة فأردت أن ألحقهما بالحمى وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما.
فقال عثمان: يا أمير المؤمنين هلم إلى الماء والظل ونكفيك.
فقال: عد إلى ظلك.
فقلت: عندنا من يكفيك.
فقال: عد إلى ظلك فمضى فقال عثمان:
من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا. فعاد إلينا فألقى نفسه.
3744 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
كان الرجل العزيز من العرب إذا انتجع بلدا مخصبا أوفى بكلب على جبل إن كان [به] أو نشز إن لم يكن جبل ثم استعواه ووقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء فحيث بلغ صوته حماه من كل ناحية ويرعى مع العامة فيما سواه ويمنع هذا من غيره لضعفى سائمته وما أراد قرنه معها. [فيرعى معهما] فيرى أن قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ والله أعلم _:
' لا حمى إلا لله ورسوله '.
لا حمى على هذا المعنى الخاص وأن قوله: لله كل محمي وغيره ورسوله [صلى الله عليه وسلم] _ إن شاء الله _ إنما كان يحمي لصلاح عامة المسلمين لا لما يحمي له غيره من خاصة
527

نفسه وذلك أنه [صلى الله عليه وسلم] لم يملك مالا إلا مالا عنى به وبعياله عنه ومصلحتهم حتى يصير ما ملكه الله من خمس الخمس مردودا في مصلحتهم وكذلك / ماله إذا حبس قوت سنة مردودا في مصلحتهم في الكراع والسلاح عد في سبيل الله وأن ماله ونفسه كان متفرغا لطاعة الله ف [صلى الله عليه وسلم] وجزاه الله خير ما جزى نبيا عن أمته.
قال المزني رحمه الله:
ما رأيت من العلماء من يوجب للنبي [صلى الله عليه وسلم] في كتبه ما يوجبه الشافعي لحسن ذكره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرحمة الله عليه ورضى عنه.
((799 - [باب]
ما يكون إحياء))
3745 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحيا مواتا فهو له وليس لعرق ظالم حق '.
قال الشافعي:
وجماع العرق الظالم كلما حفر أو غرس أو بنى ظلما في حق امرئ بغير خروجه منه.
528

3746 - وبإسناده قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن طاوس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أحيا مواتا من الأرض فهو له وعادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني '.
قال الشافعي:
ففي هذين الحديثين وغيرهما الدلالة على أن الموات ليس ملكا لأحد بعينه وأن من أحيا مواتا من المسلمين فهو له وأن الإحياء ليس هو بالنزول [فيه] ولا ما أشبهه وأن الإحياء الذي يعرفه الناس هو العمارة.
وذكر حديث يحيى بن جعدة.
3747 - وقد أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال: لما قدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المدينة أقطع الناس الدور فقال حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة [لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]] نكب عنا ابن أم عبد فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فلم ابتعثني الله إذا إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف منهم حقه '.
3748 - وبإسناده قال حدثنا / الشافعي عن ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقطع الزبير أرضا وأن عمر أقطع العقيق أجمع.
3749 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
والمدينة بين لابتين تنسب إلى أهلها صنف معمور والآخر خارج من ذلك.
529

فأقطع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الخارج من ذلك من الصحراء.
استدللنا على أن الصحراء وإن كانت منسوبة إلى حي بأعيانهم ليست ملكا لهم كمل [ك ما] أحيوا.
قال: ومما يبين ذلك أن:
مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان الناس يتحجرون على عهد عمر بن الخطاب فقال عمر:
من أحيا أرضا مواتا فهي له.
3750 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبي عن علقمة بن نضلة أن أبا سفيان بن حرب قام بفناء داره فضرب برجليه وقال: سنام الأرض أن لها سناما.
زعم ابن فرقد الأسلمي أني لا أعرف حقي من حقه لي بياض المروة وله سوادها ولي ما بين كداء إلى كدى.
هكذا قالوا: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: ليس لأحد إلا ما أحاطت عليه جدراته إن إحياء الموات ما يكون زرعا أو حفرا أو يحاط بالجدران.
كذا أتوا به موصولا بالحديث.
وقوله: إن إحياء الموات إلى آخره من كلام الشافعي ثم قال بعده:
وهو مثل إبطاله التحجير بغير ما يعمر به مثل ما يحجر.
530

3751 - وقد أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال: حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن عبد الرحمن بن حسن بن القاسم الأزرقي الغساني عن أبيه عن علقمة بن نضلة قال:
ضرب أبو سفيان بن حرب برجله على باب دار ثم قال: سنام الأرض إن لها سناما.
زعم ابن فرقد أني لا أعرف حقي لي ما اسود / من المروة وله ما ابيض منها أو لي ما ابيض من المروة وله ما اسود منها.
_ الشك من الشافعي _ ولي ما بين قدمي هاتين إلى ثحبا.
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال:
كذب ليس لأحد إلا ما أحاطت به جدرانه.
((800 - [باب]
ما لا يجوز إقطاعه))
3752 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
من كان ظاهرا [كالملح] الذي يكون في الجبال ينتابه الناس فهذا لا يصلح لأحد أن يقطعه أحدا بحال والناس فيه شرع وهكذا النهر والماء الظاهر [فالمسلمون في هذا كلهم شركاء] وهذا كالنبات فيما لا يملكه أحد وكالماء فيما لا يملكه أحد.
أخبرنا ابن عيينة عن معمر عن رجل من أهل مأرب عن أبيه أن الأبيض بن حمال سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يقطعه ملح مأرب فأراد أن يقطعه _ أو قال أقطعه إياه _ فقيل له إنه كالماء العد فقال:
' فلا إذا '.
531

قال أحمد:
ورواه يحيى بن آدم عن سفيان بن عيينة عن معمر عن رجل من أهل اليمن عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواه ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن قيس المأربي عن رجل عن أبيض بن حمال.
ورواه جماعة [منهم] نعيم بن حماد وقتيبة بن سعيد وغيرهما عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي عن أبيه عن سمي بن قيس عن سمير عن أبيض بن حمال قال: قدمت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاستقطعت الملح الذي بمأرب فقطعه لي فلما وليت قال له رجل: يا رسول الله أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد؛ فرجع عنه.
3753 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا محمد بن يحيى بن قيس المأربي. فذكره.
رواه أبو داود في السنن عن قتيبة وغيره.
3754 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال كتب إلى محمد بن الحسن البري حدثنا عمر بن عيسى.
3755 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا / أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء الإيزاري قال حدثنا أبو الحسين الغازي قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا ثور _ يعني بن زيد _ عن جرير عن أبي خداش عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: غزوت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] غزوات فسمعته يقول:
532

' المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار '.
قال عمرو بن علي: وسألت عنه معاذا فحدثني قال: حدثني جرير بن عثمان قال حدثنا حبان بن زيد الشرعبي عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال عمرو: لم قدم علينا يزيد بن هارون فحدثنا به قال حدثنا جرير قال حدثنا حبان بن زيد الشرعبي.
لفظ حديث السلمي.
وقال في رواية يزيد حبان بالنصب وفي رواية معاذ: بالخفض.
((801 - [باب]
مقاعد الأسواق))
وروينا عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي الله عنه أنه قال: من سبق إلى مكان في السوق فهو أحق به.
قال: فلقد رأيتنا نبايع الرجل اليوم ها هنا وغدا من ناحية أخرى.
وعن أبي يعفور قال:
كنا في زمن المغيرة بن شعبة من سبق إلى مكان في السوق فهو أحق به إلى الليل.
وبمثل هذا أجاب الشافعي.
533

((802 - [باب]
إقطاع المعادن الباطنة))
قد مضى حديث الشافعي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.
3756 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير أنه قال:
قطع لبلال بن الحارث.
وروينا في الإقطاع موصولا عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال:
/ أعطى النبي [صلى الله عليه وسلم] بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها وحيث يصلح الزرع.
((803 - [باب]
النهي عن فضل الماء))
3757 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا مالك.
3758 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ '.
534

حديث المزني.
3759 - قال: وحدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن أبي الزناد. فذكره بإسناده مثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وغيره.
قال أحمد:
هذا هو الصحيح هذا الحديث بهذا اللفظ.
وكذلك رواه الحسن بن محمد الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي عن مالك.
' لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ '.
وأخطأ فيه الكاتب في كتاب إحياء الموات فقال: ' من منع فضول الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة '.
وهذا الكتاب مما لم يقرأ على الشافعي ولو قرأ عليه لغيره _ إن شاء الله _ ثم حمله الربيع عن الكتاب على الوهم.
وهذا اللفظ ليس في حديث مالك إنما هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة.
ومن وجه آخر عن الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
ويشبه أن يكون الشافعي ذكره ببعض هذه الأسانيد فدخل الكاتب حديث وهذا
535

هو الأظهر والله أعلم.
ومعناه موجود في حديث صحيح عن أبي هريرة.
3760 - حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو النضر محمد بن حمدويه / بن سهل المروزي قال حدثنا محمود بن آدم المروزي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة أراه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل [لا يكلمهم الله يوم القيامة] ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: رجل حلف على يمين على مال مسلم فاقتطعه. ورجل حلف على يمين بعد صلاة العصر أنه أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب. ورجل منع فضل ماء فإن الله سبحانه [وتعالى] يقول: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3761 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله: وفي هذا الحديث دلالة على أن مالك الماء أولى أن يشرب به ويسقى وأنه إنما يعطى فضله عما يحتاج إليه لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من منع فضل الماء '.
وفضل الماء: الفضل عن حاجة مالك الماء وهذا أوضح حديث روي في الماء وأبينه معنى لأن مالك روى عن أبي الرجال عن عمرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يمنع نقع البئر '.
536

قال الشافعي:
فكان هذا جملة ندب للمسلمين إليه في الماء.
قال الشافعي:
فكل ماء في باديه _ يريد _ في عين أو بئر أو نهر بلغ مالكه منه حاجته لنفسه وماشيته وزرع إن كان له فليس له منع فضل عن حاجته من أحد يشرب به أو يسقي ذا روح خاصة دون الزرع والشجر.
زاد في سنن حرملة:
قال: إلا أن يتطوع بذلك مالك الماء.
قال أحمد:
وقد روى عبد الرحمن بن أبي الرجال عن أبيه عن عمرة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يمنع نقع البئر '.
موصولا. وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن أبي الرجال موصولا.
وروينا في ترتيب سقي الماء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قضى السيل المهزور أن يمسك / حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل.
3762 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ فيما قرأ عليه من أصله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الحميد قال الحارثي قال حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن أبي مالك بن ثعلبة عن أبي ثعلبة بن أبي مالك أنه سمع كبرائهم يذكرون:
أن رجلا من قريش كان له سهم في بني قريظة فخاصم إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مهزور السيل الذي يقتسمون ماءه فقضى بينهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن الماء إلى الكعبين لا
537

يحبس الأعلى عن الأسفل.
وإذا اختلف القوم في سعة الطريق المئتاء إلى ما أحيوه.
3763 - فقد حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا القاضي يحيى بن منصور قال حدثنا محمد بن أيوب الرازي قال أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا المثنى بن سعيد قال حدثنا قتادة عن بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذاتدار أتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع '.
زاد أبو داود في السنن عن مسلم بن إبراهيم.
وأخرجه البخاري من حديث عكرمة عن أبي هريرة وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة.
وروينا في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في رجلين اختصما في حريم نخلة فأمر بجريدة من جريدها فدرعت فوجدت سبعة أذرع وفي
رواية خمسة أذرع فقضى بذلك.
وروينا عن عوف الأعرابي عن رجل عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' حريم البئر أربعون ذراعا من جوانبها لأعطان الإبل والغنم '.
وعن ابن المسيب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا:
' حريم بئر العادية خمسون ذراعا وحرم بئر البدي خمسة وعشرون ذراعا '.
قال ابن المسيب من قبل نفسه:
538

وحريم قليب الزرع ثلاثمائة ذراع.
/ وروينا عن أبي قلابة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تضاروا في الحفر وذلك أن يحفر الرجل إلى جنب الرجل ليذهب بمائه '.
((804 - [باب]
من قضى فيما بين الناس بما فيه صلاحهم ودفع الضرر عنهم على الاجتهاد))
ذكر الشافعي رحمه الله في كتاب القديم فيه فصلا طويلا وذكر فيه وفي الجديد ما:
3764 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أن مالكا أخبره عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا ضرر ولا ضرار '.
3765 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يمنع أحدكم جار أن يغرز خشبة في جداره '.
539

قال ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها بمعرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
أخرجه في الصحيح من حديث مالك.
3766 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك. فذكره.
وقال: حشبه من غير تنوين.
قال أبو جعفر: هكذا قرأه المزني علينا خشبه وهو الصواب.
قال: وقال يونس بن عبد الأعلى وجماعة عن ابن وهب: خشبة بالتنوين.
3767 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه '.
فلما حدثهم أبو هريرة نكسوا رؤوسهم.
فقال: ما لي أراكم عنها معرضين أما والله لأرمين بها بين / أكتافكم.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير عن سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
هذا حديث ثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] باتصاله وثقة رجاله وهو يلزم لزوم كل حديث من طريق الانفراد.
ونقول: - والله أعلم - أنه إنما أمر به لمعنى ضرورة الجار مثل معنى ما أمر به من أن لا يمنع فضل الماء يمنع به الكلأ.
ثم ذكر كيفية الضرورة ثم قال:
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن رجلا خاصم رجلا بالمدينة من خشب
540

أو قال في خشب يغرزه أو قال يغرزها في جداره فمنعه فأثبت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هذا الحديث.
قال الشافعي:
- يعني حديث أبي هريرة - عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقضى له على جاره أن يغرز خشبة أو خشبا في جداره.
قال أحمد:
مسلم بن خالد كأنه لم يحفظ إسناده عن ابن جريج.
وقد رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج قال:
أخبرني عمرو بن دينار أن هشام بن يحيى أخبره عن عكرمة بن سلمة بن ربيعة أخبره عن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما أن لا يغرز الآخر خشبا في داره.
فلقيا مجمع بن زيد الأنصاري ورجالا كثيرا من الأنصار فقالوا:
نشهد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر أن لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبا في جداره.
فقال الحالف أي أخي قد علمت أنه يقضي لك علي وقد حلفت فاجعل اسطوانا دون جداري ففعل الآخر فغرز في الاسطوان خشبة قال لي عمرو: فأنا نظرت إلى ذلك.
3768 - أخبرناه أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج: فذكره.
3769 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه: أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض / لمحمد بن مسلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا ابن مسلمة فأمر أن يخلى سبيله.
541

فقال محمد بن مسلمة: لا.
فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفع وهو لك نافع تشرب به أولا وآخرا ولا يضرك.
فقال محمد: لا.
فقال عمر: [لم تمنع] والله ليمرن به ولو على بطنك.
3770 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أنه كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرض فمنع صاحب الحائط.
فكلم عبد الرحمن عمر أن يمر به فمر به.
قال الشافعي في القديم:
وأحسب قضاء عمر في امرأة المفقود من بعض هذه الوجوه التي منع فيها الضرر.
وأشباها لهذا من الحكم _ وأسأل الله التوفيق _ إذا جاءت الضرورات فحكمها مخالف حكم غير الضرورات.
قال أحمد:
أما القضاء في امرأة المفقود فقد خالفه فيه علي.
والقياس مع علي فترك الشافعي في الحديث قوله الأول.
وأما ما روي عن عمر في الخليج والربيع فهو منقطع.
وفيه أن محمد بن مسلمة خالف وقد نجد [من] يدع القول به عموما من أن
542

كل مسلم أحق بماله فيتوسع به في خلافه.
وقد روي في حديث سمرة بن جندب أنه كانت له عضد من نخل من حائط رجل من الأنصار [قال] مع الرجل أهله وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ويشق عليه [فطلب إليه أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى] فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] وذكر ذلك له.
فطلب إليه النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى قال [قال]:
' فهبه لي ولك. كذا وكذا '.
أمر يرغبه فيه. فأبى. فقال:
' أنت مضار '.
وقال [رسول الله [صلى الله عليه وسلم]] للأنصاري:
' اذهب فاقلع نخله '.
وقد روي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله في شبه هذه القصة قال وقال رسول الله / [صلى الله عليه وسلم]:
' ما رأيت أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام ' وليس فيه أنه أمر بقلع عذقه.
وروي عن سعيد بن المسيب في قصة أبي لبابة شبيه بهذه القصة حتى ابتاعه ابن الدحداح بحديقته.
وليس فيه الأمر بالقلع. فالله أعلم.
وأما حديث الخشب في الدار فإنه حديث صحيح ثابت لم نجد في سنن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما يعارضه.
543

ولا يصح معارضته بالعمومات وقد نص الشافعي في القديم والجديد على القول به ولا عذر لأحد في مخالفته.
وبالله التوفيق.
((805 - [باب]
الوقف))
3771 - أخبرنا أبو زكريا بن إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر:
أن عمر ملك مائة سهم من خيبر اشترها فأتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال يا رسول الله: إني أصبت مالا لم أصب مثله قط وقد أردت [أن] أتقرب به إلى الله فقال:
' حبس الأصل وسيل الثمرة '.
3772 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمر بن حبيب القاضي عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر:
أن عمر قال: يا رسول الله أصبت من خيبر مالا لم أصب مالا قط أعجب إلي _ أو أعظم عندي منه _.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن شئت حبست أصله وسبلت ثمره ' فتصدق به عمر.
ثم حكى صدقته به.
544

ورواه الشافعي في القديم عن رجل عن ابن عون قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث ويصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل / والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه.
قال ابن عون فحدثت به ابن سيرين فقال: متأثل مالا.
3773 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الله بن محمد بن علي الجوهري قال حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا أشهل بن حاتم عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال:
أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فاستأمره فيها فقال أصبت أرضا بخيبر لم أصب ملا أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ فقال:
' إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ' قال: فتصدق بها عمر لا تباع ولا توهب ولا تورث وتصدق بها في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضعيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقا غير متمول به.
قال ابن عون: فحدثت محمد بن سيرين فقال: غير متأثل مالا.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن ابن عون.
وأخرجه البخاري من حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر، وفيه من الزيادة قال:
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
545

' تصدق بأصله لا تباع ولا توهب ولا تورث ولكن ينفق ثمره '.
فتصدق به عمر.
وفي رواية عبد العزيز بن المطلب عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر في هذه القصة قال:
فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' تصدق بثمره واحبس أصله لا تباع ولا تورث '.
وهذا دلالة على أن ما شرطه عمر في كتاب صدقته إنما أخذه من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
والذي روي عن ابن شهاب: أن عمر بن الخطاب قال لو لي أني ذكرت صدقتي لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ أو نحو هذا _ لرددتها.
فهو منقطع لا تثبت به حجة ومشكوك في متنه لا ندري كيف قاله.
والظاهر منه مع ما روينا فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] / أنه لولا ذكري إياها لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأمره إياي بحبس أصلها وقوله:
' لا تباع ولا توهب ولا تورث ' لرددتها.
لكنه لما شرع في الوقف بسبب سؤال ما شرع فلا سبيل إلى ردها.
والأشبه بعمر إن كان هذا صحيحا أنه لعله أراد ردها إلى سبيل آخر من سبل الخير فقال:
لولا أني ذكرتها له وأمرني بما شرحت فيها لرددتها إلى سبيل آخر.
إذ لم يتحدد ثم ضرورة إلى ردها إلى ملكه ولا زهادة في الخير بل كان يزداد على الأيام حرصا على الخيرات ورغبة في الصدقات وزهادة في الدنيا ولا يصح مثل هذا عن عمر على الوجه الذي عارض به بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه.
ما أشرنا إليه من الأخبار الثابتة التي انقاد لها أبو يوسف القاضي وترك بها قول
546

من خالفها. والله يرحمنا وإياه.
وتبعها أيضا محمد بن الحسن في بعضها إلا أنه شرط في لزومها القبض.
قال الشافعي في القديم:
والصدقات المحرمات التي يقول بها بعض الناس الوقف عندنا بالمدينة ومكة من الأمور المشهورة العامة التي لا يحتاج فيها إلى نقل خبر الخاصة.
وصدقة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] _ بأبي هو وأمي _ قائمة عندنا وصدقة الزبير قريب منها وصدقة عمر بن الخطاب قائمة وصدقة عثمان وصدقة علي وصدقة فاطمة بنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وصدقة من لا أحصي من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة وأعراصها وصدقة الأرقم بن الأرقم والمسور بن مخرمة بمكة وصدقة جبير بن مطعم وصدقة عمرو بن العاص بالرهط من ناحية الطائف.
وما لا أحصي من الصدقات المحرمات لا يبعن ولا يوهبن بمكة والمدينة وأعراصها.
ولقد بلغني أن أكثر من ثمانين رجلا من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من الأنصار تصدقوا صدقات محرمات (.........) وكل من سمينا وورثة فيهم المرأة الغريبة الحريصة / على أخذ حقها من تلك الأموال.
وعلى بعض ورثتهم والديون التي يطلب أهلها أموال من عليه ديونهم ليباع له في حقه.
وفيهم من يجب بيع ماله في الحاجة ويحب بيعه ليتفرد بمال لنفسه ويحب قسمه.
فأنفذ الحكام ما صنع أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من ذلك ومنعوا من طلب قسم أصولها أو بيعها من ذلك بكل وجه وبسط الكلام في شرح هذا.
وفيه جواب عما قال من ترك السقبة في الوقف من أن ليس في بقاء حبس عمر إلى غايتنا هذه ما يدل على أنه لم يكن لأحد من أهله نقضه وإنما الذي يدل عليه أن لو كانوا خاصموا فيه بعد موته فمنعوا من ذلك ولم يكتف بما شرط عمر في كتابه ولا بأمر
547

النبي [صلى الله عليه وسلم] بتحبيسه ولا بما روينا عنه من قوله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يباع ولا يوهب ولا يورث '.
وجعل جميع ذلك لغوا وزعم أنه يتبع الآثار والله المستعان.
3774 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قال لي قائل: إنما رددنا الصدقات الموقوفات بأمور.
قلت له: وما هي؟
فقال: قال شريح: جاء محمد [صلى الله عليه وسلم] بإطلاق الحبس.
فقلت له: الحبس التي جاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بإطلاقها هي غير ما ذهبت إليه وهي مبينة في كتاب الله عز وجل؛ قال الله عز وجل:
* (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) *.
فهذه الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها فأبطل الله شروطهم فهيا وأبطلها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بإبطال جلى ثناؤه إياها وهي أن الرجل كان يقول: إذا نتج فحل إبله ثم ألقح ما نتج منه فهو حام أي: قد حمى ظهره فحرم ركوبه ويجعل ذلك شبيها بالعتق له.
ويقول في البحيرة والوصيلة على معنى يوافق بعض هذا ويقول لعبده أنت حر سائبة لا يكون لي ولاؤك ولا علي عقلك.
وقيل له أيضا في البهائم قد سيبتك.
فلما كان العتق لا يقع على البهائم رد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ملك البحيرة والوصيلة والحام إلى مالكها وأثبت العتق وجعل الولاء لمن أعتق السائبة.
ولم يحبس أهل الجاهلية علمته دارا ولا أرضا تبررا بحبسها وإنما حبس أهل الإسلام.
548

ثم ذكر الشافعي حديث عمر في التحبيس وبين بذلك أن الحبس التي أطلق غير الحبس التي أمر بتحبسها.
وقال في كتاب البحيرة رواية شيخنا أبي عبد الله في قول شريح: لا حبس عن فرائض الله.
لا حجة فيه لأن يقول قول شريح على الانفراد لا يكون حجة ولو كان حجة لم يكن في هذا حبس عن فرائض الله.
أرأيت لو وهبها لأجنبي أو باعه إياها فحاباه أيجوز؟
فإن قال: نعم: قيل: [فإذا فعل ثم مات أتورث عنه؟ فإن قال: لا. قيل]: أفهذا فرار فرائض الله؟ فإن قال: لا لأنه أعطاه وهو يملك وقبل وقوع فرائض الله [تعالى].
قيل: وهكذا الصدقة يتصدق بها صحيحا وقبل وقوع فرائض الله [تعالى]... لأن الفرائض في الميراث إنما تكون بعد موت المالك وفي المرض.
قال الشافعي:
والذي يقول هذا القول زعم أنه إذا تصدق بمسجد له جاز ذلك ولم يعد في ملكه وبسط الكلام في شرحه.
وقد احتج بعض من نصر قول من أبطلها بما روى عبد الله بن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا حبس عن فرائض الله '.
وفي رواية أخرى لما أنزلت الفرائض في سورة النساء قال:
549

' لا حبس بعد سورة النساء '.
وقد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة وترك الاحتجاج بما ينفرد به وهذا الحديث مما تفرد بروايته عن أخيه.
قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ فيما:
3775 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه لم يسند غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان.
قال أحمد:
والذي يحتج بحديثه ها هنا يطعن في روايته حديث التكبير في العيدين / عن قوم معروفين.
وله شواهد ثم في هذه المسألة حين روى ما يشبه قوله عن مجهول ولا شاهد له إلا عن شريح صار غير مطعون في حديثه مع ما فيه إن كان تأويله ما ذهب إليه من الخلاف لرواية أهل الثقة على أنه إن صح كان المراد به غير الحبس التي أمر بها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جمعا بين الروايات.
وقول شريح: لا حبس عن فرائض الله.
إنما حمله عنه عطاء بن السائب مستفتيا في زمن بشر بن مروان حين لم يبق من الخلفاء الراشدين أحد.
ولو ظهر قوله لمن بقي من الصحابة لم يعجز عن منكرين إياه وعلمهم بالتحبس واحدا بعد آخر كما حكاه الشافعي وغيره يؤدي معنى الإنكار إلى من غفل عنهم وخالف هواه.
((806 - [باب]
تمام الحبس بالكلام دون القبض))
3776 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
550

الشافعي رحمه الله:
لما سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن ماله فأمره أن يحبس أصل ماله وسبل ثمره دل ذلك على إجازة الحبس وعلى أن عمر كان يلي حبس صدقته ويسبل ثمرها بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يليها غيره.
قال: ويحتمل قوله:
' حبس أصلها وسبل ثمرها '.
اشترط ذلك والمعنى الأول أظهرهما وعليه من الخبر دلالة أخرى وهي: إن كان عمر لا يعرف وجه الحبس أفيعلمه حبس الأصل ويسبل الثمر.
ويدع أن يعلمه أن يخرجها من يديه إلى من يليها عليه ولمن حبسها عليه لأنها لو كانت لا تتم إلا بذلك كان هذا أولى أن يعلمه إياه.
وبسط الكلام في بيانه.
قال الشافعي:
ولم يزل عمر بن الخطاب المتصدق بأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يلي فيما بلغنا صدقته حتى قبضه الله.
ولم يزل علي بن أبي طالب يلي صدقته يتبع حتى لقي الله.
ولم تزل فاطمة تلي صدقتها حتى لقيت الله. أخبرنا بذلك أهل العلم من ولد علي / وفاطمة وعمر رضي الله عنهم ومواليهم ولقد حفظت الصدقات عن عدد كبير من المهاجرين والأنصار.
لقد حكى لي عدد من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلون صدقاتهم حتى ماتوا.
ينقل ذلك العامة منهم عن العامة لا يختلفون فيه.
وإن أكثر ما عندنا بالمدينة ومكة من الصدقات لكما وصفت لم يزل يتصدق بها المسلمون من السلف يلونها حتى ماتوا وإن نقل الحديث فيها كالتكليف وإن كنا قد ذكرنا بعضه.
551

ثم بسط الكلام فيها وجعلها شبيهة بالعتق وأما الحديث الذي أشار إليه المزني في المختصر في صدقة فاطمة وعلي فهو مذكور في آخر كتاب العطايا.
((807 - [باب]
رجوع المتصدق في الصدقة غير المحرمة قبل القبض ورجوعها إليه بالميراث وغيره بعد القبض))
3777 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم:
أن عبد الله بن زيد الأنصاري. _ انقطع الحديث من الأصل _ وتمامه فيما:
3778 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني سفيان بن عيينة عن محمد وعبد الله ابني أبي بكر بن حزم وعمرو بن دينار وحميد بن قيس عن أبي بكر بن حزم أن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جاء إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
يا رسول الله كان قوام عيشنا.
فرده رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عليهما ثم ماتا فورثه ابنهما بعدهما.
وهذا منقطع بين أبي بكر بن حزم وعبد الله بن زيد وكأنه تصدق به صدقة تطوع غير محرمة وجعل مصرفه حيث يراه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فرأى أن يضعه في أبويه ثم ماتا فورثه ابنهما بعدهما. والله أعلم.
3779 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا / أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أو سمعت.
وفي رواية أبي سعيد: أو قال سمعت مروان بن معاوية يحدث عن عبد الله بن عطاء المدني عن أبي بريدة الأسلمي عن أبيه:
أن رجلا سأل النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: إني تصدقت على أمي بعبد وإنها ماتت.
552

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
وقد وجبت صدقتك وهو لك بميراثك '.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عطاء.
[قال أحمد]:
الدلالة على رجوعه فيها قبل القبض كالدلالة على رجوع الواهب في هبته قبل القبض.
ونحن نذكرها إن شاء الله.
قال أحمد:
روينا عن ثمامة عن أنس أنه وقف دارا بالمدينة فكان إذا حج مر بالمدينة فنزل داره.
قال الشافعي في القديم:
أنس تصدق بداره على ولده.
وعمرو حين بلغ ولده وولد ولده.
فقد يجوز إذا كان من تصدق عليه فصار يملك سكنى داره أنزل أنس بن مالك كما نزل غيره.
قال أحمد:
وقد حكى الشافعي في مسائل حرملة عن مالك في الرجل يحبس داره على ولده ويستثنى منها لنفسه بيتا يسكنه ما عاش يجوز ذلك ولم ينكره الشافعي.
وفيما روى ابن وهب عن مالك:
أن زيد بن ثابت وابن عمر حبس كل واحد منهما داره وكان يسكن مسكنا منها.
[تم المجلد الرابع بفضل الله وعونه ويليه المجلد الخامس وأوله: باب الهبة].
ونسأل الله لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين حسن الختام.
553