الكتاب: الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء
المؤلف: ابن عبد البر
الجزء:
الوفاة: ٤٦٣
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء
1

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله رب العالمين إله الأولين والآخرين خالق الخلق أجمعين ومفضل بعضهم على بعض في العقل والدين وفي الفقر والغنى وفي الضلالة والهدى وفضل منهم الملائكة والأنبياء ولم يجعل للأنبياء ورثة غير العلماء إذا صحبهم التوفيق والتقى فمن استودعه الله علم دينه وعمل به وعلمه ولم يكتم شيئا منه لمن احتاج اليه كان من ورثة النبيين ومن الأئمة المتقين والله اسأله ضارعا إليه ان يجعلني منهم وأن لا يحيد بي عنهم فأفوز في الفائزين وأن يجعل لي لسان صدق في الآخرين
أما بعد فان طائفة ممن عنى بطلب العلم وحمله وعلم بما علمه الله عظيم بركته وفضله سألوني مجتمعين ومتفرقين أن أذكر لهم من اخبار الأئمة الثلاثة الذين طار ذكرهم في آفاق الاسلام لما انتشر عنهم من علم الحلال والحرام وهم أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي المدني وأبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المكي وأبو حنيفة النعمان بن ثابت
8

الكوفي عيونا وفقرا يستدلون بها على موضعهم من الإمامة في الديانة ويكون ذلك كافيا مختصرا ليسهل حفظه ومعرفته والوقوف عليه والمذاكرة به من ثناء العلماء بعدهم عليهم وتفضيلهم لهم واقرارهم بإمامتهم وقد أكثر الناس في ذلك بما يرغب عن كثير منه فاقتصرت مما ذكروه على عيونه دون حشوه وعلى سمينه دون غثه وسأذكر في كتابي هذا من ذلك إن شاء الله ما يكفى ويشفى مع الاختصار وطرح التكرار والاقتصار على ما يجمل به التذكار والله المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل
باب ذكر مولد مالك ونسبه وحلفه في قريش
قال أبو عمر رضي الله عنه نذكر ههنا مولده ومدة حمل أمه به ونسبه
9

في ذي أصبح وحلفه في قريش وصفته ونؤخر وفاته إلى آخر أخباره إن شاء الله
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال نا محمد بن عيسى بن رفاعة قال نا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف قال سمعت يحيى بن بكير يقول ولد مالك بن انس سنة ثلاث وتسعين من الهجرة وقال يحيى بن بكير نا عطاف بن خالد قال ولد مالك بن انس سنة ثلاث وتسعين قال عطاف وولدت سنة احدى وتسعين قال ابن بكير واخبرني غير عطاف ان أمه حملت به سنتين وقال عمارة بن وثيمة ولد مالك بن انس في ربيع الأول سنة اربع وتسعين وكذلك قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ولد مالك بن انس سنة اربع وتسعين قال وفيها ولد الليث بن سعد قال أبو عمر وغير هؤلاء يقولون ولد مالك بن انس سنة سبع وتسعين من الهجرة ولم يختلف أصحاب التواريخ من أهل العلم بالخبر والسير ان مالكا رحمه الله توفي سنة تسع وسبعين ومائة وسنذكر القائلين بذلك في آخر أخباره من هذا الكتاب إن شاء الله
حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال نا أحمد بن الحسن الرازي بمصر قال نا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان قال سمعت أبا مصعب الزهري يقول مالك بن انس من العرب صليبه وحلفه في قريش في بنى تميم ابن مرة حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال نا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال نا أحمد بن الحسن الأنصاري قال أنا الزبير بن بكار قال نا إسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس قال هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي
10

عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح من حمير بن سبأ حدثنا أحمد بن عبد الله عن أبيه عن عبد الله ابن يونس عن بقي بن مخلد قال قال لنا خليفة بن خياط في كتاب الطبقات مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر من ذي أصبح من حمير يكنى أبا عبد الله وقال البخاري مالك بن أنس كنيته أبو عبد الله كان اماما روى عنه يحيى ابن سعيد الأنصاري وقال البخاري نا إبراهيم بن المنذر قال نا أبو بكر بن أبي أويس قال حدثنا سليمان بن بلال عن نافع بن مالك بن أبي عامر قال قال لي عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي هل لك إلى ما دعانا اليه غيرك فأبينا عليه أن يكون هدمنا هدمك دمنا ودمك ترثنا ونرثك ما بل بحر صوفة وقال الواقدي وهو أبو عبد الله محمد بن عمر القاضي الأسلمي مولى لهم قال مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر من ذي أصبح من حمير له عداد في بنى تيم بن مرة إلى عثمان بن عبيد الله أخي طلحة بن عبيد الله يكنى أبا عبد الله حملت به أمه سنتين قال أبو عمر هذا لا أعلم أن أحدا أنكر أن مالكا ومن ولده كانوا حلفاء لبنى تيم بن مرة من قريش ولا خالف فيه الا ان محمد بن إسحاق زعم أن مالكا وأباه وجده وأعمامه موالي لبنى تيم بن مرة وهذا هو السبب لتكذيب مالك لمحمد ابن إسحاق وطعنه عليه وقد روى عن ابن شهاب انه حدث عن أبي سهيل نافع بن مالك فقال حدثني نافع بن مالك مولى التيميين وهذا عندنا لا يصح عن ابن شهاب
11

وقد ذكر غير الواقدي ان أمه حملت به ثلاث سنين وانه كان أشقر شديد البياض ربعة من الرجال كبير الرأس أصلع وكان لا يخضب شيبه وذكر عبد الملك بن الماجشون فيما روى الزبير وغيره عنه قال بعض ولاة أهل المدينة لمالك يا أبا عبد الله مالك لا تخضب كما يخضب أصحابك فقال له مالك لم يبق عليك من العذل الا أن أخضب وذكر أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى الطباع قال رأيت مالك بن أنس لا يخضب فسألته عن ذلك فقال بلغني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه كان لا يخضب حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري قال نا أبي عبد الله بن مصعب عن أبيه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال ذكر لعامر بن عبد الله بن الزبير أبو مالك بن أنس وأعمامه وأهل بيته فقال اما انهم من العرب قال عبد الله بن مصعب قدم مالك بن أبي عامر المدينة متظلما من بعض ولاة اليمن فمال إلى بعض بنى تيم بن مرة فعاقده وصار معهم
قال أبو عمر روى عن مالك رحمه الله جماعة من شيوخه الذين روى عنهم منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل الأسدي القرشي المعروف بيتيم عروة وزياد بن سعد وروى عنه من الأئمة سوى هؤلاء أبو حنيفة وسفيان الثوري وابن عيينة
12

وشعبة بن الحجاج والأوزاعي والليث بن سعد وكلهم مات قبله الا ابن عيينة وقيل إنه روى عنه ابن شهاب ولا يصح وانما روى ابن شهاب عن
13

عمه أبى سهيل نافع بن مالك حديثا واحدا فقال حدثني نافع بن مالك مولى التيميين وقد روى عن مالك أنه قال ليته لم يرو عنه شيئا قال
14

أبو عمر ما زال العلماء يروى بعضهم عن بعض لكن رواية هؤلاء الأئمة الجلة عن مالك وهو حي دليل على جلالة قدره ورفيع مكانه في علمه ودينه وحفظه واتقانه وأما الذين رووا عنه الموطأ والذين رووا عنه مسائل الرأي والذين رووا عنه الحديث فأكثر من أن يحصوا قد بلغ فيهم أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتاب جمعه في ذلك نحو الف رجل
باب كيف كان أخذ مالك للعلم وعمن أخذ ذلك وانتقاؤه للرجال وانه لم يأخذ الا عن ثقة ولا حدث الا عن ثقة
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أبو يحيى ابن أبي مسرة بمكة قال نا مطرف بن عبد الله قال سمعت مالكا يقول أدركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم شيئا من العلم وانهم لممن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافا فمنهم من كان كذابا في أحاديث الناس ولا يكذب في علمه فتركته لكذبه في غير علمه ومنهم من كان جاهلا
15

بما عنده فلم يكن عندي أهلا للأخذ عنه ومنهم من كان يرمى برأي سوء حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا محمد بن إسماعيل الترمذي قال سمعت ابن أبي أويس يقول سمعت خالى مالك بن أنس يقول إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم لقد أدركت سبعين ممن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أخذت عنهم شيئا وان أحدهم لواؤتمن على بيت مال لكان أمينا الا انهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه وقال الدولابي حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال نا علي بن المديني قال نا سفيان بن عيينة قال سمعت مالك بن أنس يسأل زيد بن أسلم عن حديث عمر انه حمل على فرس في سبيل الله فجعل يرفق به ويسأله عن الكلمة بعد الكلمة والشئ بعد الشئ حدثنا خلف بن قاسم قال نا أبو الطاهر محمد بن أحمد ابن يحيى القاضي بمصر قال نا جعفر بن محمد الفريابي قال نا إبراهيم بن المنذر قال نا معن بن عيسى ومحمد بن صدقة قالا كان مالك بن أنس يقول لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سواهم لا يؤخذ من سفيه ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو إلى بدعته ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس وان كان لا يتهم على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحمل وما يحدث به قال إبراهيم بن المنذر فذكرت ذلك لمطرف بن عبد الله فقال أشهد على
16

مالك لسمعته يقول أدركت بهذا البلد مشيخة لهم فضل وصلاح يحدثون ما سمعت من أحد منهم شيئا قيل لم يا أبا عبد الله قال لم يكونوا يعرفون ما يحدثون قال أبو عمر قد روينا عن ابن أبي أويس واشهب بن عبد العزيز وابن كنانة عثمان وعن بشر بن عمر عن مالك معنى ما ذكرته عن معن ومطرف عن مالك وفى حديث بعضهم عن مالك في المشايخ وان أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان به أمينا الا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ثم قدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه حدثنا أبو عثمان سعيد بن نصر وأبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قالا نا قاسم بن اصبغ قال نا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال نا بشر بن عمر قال سألت مالك بن أنس عن رجل فقال هل رأيته في كتبي قلت لا قال لو كان ثقة لرأيته في كتبي حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أحمد بن الفضل قال نا محمد بن جرير قال نا ابن البرقي قال نا عثمان بن كنانة عن مالك قال ربما جلس الينا الشيخ فيحدث جل نهاره ما نأخذ عنه حديثا واحدا ما بنا أن نتهمه ولكن لم يكن من أهل الحديث حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ابن خالد الهمذاني قال نا أبو بكراحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال نا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي قال نا أبو بكر بن أبي شيبة قال نا عبد الرزاق عن معمر عن موسى الجندي قال رد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة رجل في كذبة كذبها قال معمر لا أدرى أكذب على الله أو على رسوله أو على أحد من الناس قال أبو عمر هذا حجة لمالك في أنه كان لا يروى عمن كان يكذب على الناس وان كان لا يكذب على رسول
17

الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عن حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته يكذب كذبة لم يزل معرضا عنه حتى يحدث لله توبة
باب ذكر حفظه وضبطه واتقانه
ذكر الدولابي في كتاب فضائل مالك وقد ذكرنا الاسناد عنه في غير هذا الموضع قال نا إسماعيل بن إسحاق وقد حدثنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن قال نا إسماعيل بن محمد الصفار قال نا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال نا نصر بن علي قال نا حسين بن عروة عن مالك بن أنس قال قدم علينا الزهري فأتيناه ومعنا ربيعة فحدثنا نيفا وأربعين حديثا ثم أتيناه الغد فقال انظروا كتابا حتى أحدثكم منه أرأيتم ما حدثتكم به أمس أي شئ في أيديكم منه قال فقال له ربيعة ههنا من يرد عليك ما حدثت به أمس قال ومن هو قال ابن أبي عامر قال هات قال فحدثته بأربعين حديثا منها فقال الزهري ما كنت أرى أنه بقي أحد يحفظ هذا غيرى وذكر أبو بشر الدولابي قال نا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن إسحاق بن عيسى قال نا مالك بن أنس قال لقيت ابن شهاب يوما في موضع الجنائز على بغلة له فسألته عن حديث فيه طول فحدثني به فلم أحفظه قال فأخذت بلجام بغلته فقلت يا أبا بكر أعده على فأبى فقلت أما كنت تحب أن يعاد عليك فأعاده قال وحدثنا إسماعيل بن إسحاق قال نا عتيق بن يعقوب قال سمعت مالكا يقول حدثنا ابن شهاب ببضعة
18

وأربعين حديثا ثم قال أيها أعدها على فأعدت عليه أربعين حديثا وأسقطت البضعة
باب ذكر ثناء العلماء على مالك
فمن ذلك قول سفيان بن عيينة ذكر الدولابي أبو بشر قال حدثنا محمد بن إدريس والنضر بن سلمة قالا نا الحميدي عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة) قال الحميدي قال سفيان أظنه مالك بن أنس وكذلك رواه إبراهيم بن المنذر الحزامي عن سفيان بن عيينة قال وكان سفيان يقول أراه مالكا ثم قال أراه أراه عبد الله بن عبد العزيز العمرى العابد وذكر الزبير بن بكار قال كان سفيان بن عيينة إذا حدث بهذا الحديث في حياة مالك قال أراه مالكا فأقام على ذلك زمانا ثم رجع بعد ذلك فقال أراه عبد الله بن عبد العزيز العمرى قال أبو عمر ليس العمرى هذا ممن يلحق في العلم والفقه بمالك بن أنس وان كان عابدا شريفا وهذا الحديث لا يرويه أحد الا بهذا الاسناد وهم أئمة كلهم سفيان بن عيينة أمام وابن جريج مثله وأجل منه وأبو الزبير حافظ متقن وان كان بعض الناس قد تكلم فيه وأبو صالح السمان أحد ثقات التابعين وكان أبو هريرة يقول فيه إذا نظر اليه ما يضر هذا الا أن يكون من بني عبد مناف قال أبو عمر الحديث المسند المذكور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى
19

الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم الا انه لم يروه عن عبيد الله بن عمر غير زهير بن محمد الخراساني ورجل مجهول أيضا حدثنا أبو محمد قاسم ابن محمد قال نا خالد بن سعد قال نا أحمد بن عمرو بن منصور قال نا محمد ابن عبد الله بن سحر قال نا أبو مسلم المستملي قال نا معن بن عيسى قال نا زهير بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يخرج الناس من المشرق والمغرب فلا يجدون عالما أعلم من عالم أهل المدينة)
حدثنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال نا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن ابن الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة) أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال نا أبو علي الحسين بن محمد بن عثمان الفسوي قال نا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال نا أبو بكرالحميدى وسعيد بن منصور قالا نا سفيان ابن عيينة قال نا ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يوجد عالم أعلم من عالم المدينة) قال أبو يوسف ويروى عن معن بن عيسى عن زهير أبي المنذر عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يخرج طالب العلم من المشرق والمغرب فلا يوجد عالم أعلم من عالم
20

المدينة) أو عالم أهل المدينة حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم ابن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا مصعب بن عبد الله الزبيري قال قال لنا سفيان بن عيينة ترى هذا الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (تضرب أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة) انه مالك بن أنس قال مصعب وكان سفيان ابن عيينة إذا لقيته سألني عن أخبار مالك وذكر إسماعيل بن إسحاق قال سمعت علي بن المديني يقول قال سفيان بن عيينة رحم الله مالكا ما كان أشد انتقاءه للرجال وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول قال سفيان ابن عيينة وما نحن عند مالك بن أنس انما كنا نتبع آثار مالك وننظر الشيخ إذا كان كتب عنه مالك كتبنا عنه حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتى قال نا أبو محمد قاسم بن اصبغ قال نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال نا نعيم بن حماد قال نا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة) قيل لسفيان فمن تراه قال نعيم فسمعته مرارا أكثر من ثلاثين مرة ان كان أحدا فهو العمرى وهو العابد بالمدينة يكنى أبا عبد الرحمن عبد الله بن عبد العزيز وروى طاهر بن خالد بن نزار عن أبيه عن سفيان ابن عيينة انه ذكر مالك بن أنس فقال كان لا يبلغ من الحديث الاصحيحا ولا يحدث الا عن ثقات الناس وما أرى المدينة الا ستخرب بعد موت
21

مالك بن أنس وحدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا الطحاوي قال نا يونس بن عبد الأعلى قال سمعت سفيان بن عيينة وذكر حديثا فقيل له ان مالكا يخالفك في هذا الحديث فقال أتقرننى بمالك ما أنا ومالك الا كما قال جرير
(وابن اللبون إذا مالز في قرن
* لم يستطع صولة البزل القناعيس)
قال يونس وسمعت الشافعي يقول مالك وابن عيينة القرينان ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وذكر ابن أبي حاتم الرازي رحمه الله قال نا علي بن الحسين بن الجنيد قال نا أبو عبد الله الظهراني قال قال عبد الرزاق في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فيطلبون العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة) قال عبد الرازق وكنا نراه مالك بن أنس
باب قول أيوب السختياني وحماد بن زيد فيه رضي الله عنهم أجمعين
حدثنا خلف بن قاسم قال نا عبد الله بن محمد بن المفسر قال نا أحمد ابن علي بن سعيد القاضي قال نا عبيد الله بن عمر القواريري قال كنا عند حماد بن زيد فجاءه نعى مالك بن أنس فسالت دموعه وقال يرحم الله أبا عبد الله لقد كان من الدين بمكان ثم قال حماد سمعت أيوب يقول لقد كانت له حلقة في حياة نافع
باب قول شعبة بن الحجاج فيه
حدثنا خلف بن قاسم قال نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد بدمشق قال نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان الدمشقي قال نا
22

محمود بن إبراهيم عن أحمد بن صالح ويحيى بن حسان ووهب بن جرير قالوا عن شعبة قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة ولمالك حلقة
باب قول المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي فيه
روى الحارث بن مسكين قال أنا أشهب بن عبد العزيز قال سألت المغيرة المخزومي مع تباعد ما كان بينه وبين مالك عن مالك وعبد العزيز ابن أبي سلمة فقال ما اعتدلا في العلم قط ورفع مالكا على عبد العزيز
باب قول الشافعي فيه وثنائه عليه
نا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال أنا أبى قال أنا أسلم بن عبد العزيز قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول إذا جاءك الحديث عن مالك فشد به يديك وسمعت الشافعي يقول إذا جاءك الخبر فمالك النجم حدثنا أبو محمد قاسم بن محمد قال نا خالد بن سعد قال نا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن قال نا إبراهيم بن نصر الحافظ قال سمعت يونس ابن عبد الأعلى يقول سمعت الشافعي يقول إذا ذكر العلماء فمالك النجم وما أحد أمن على من مالك بن أنس حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن ابن رشيق المعدل بمصر قال نا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سالم المقدسي قال نا محمد بن أبي عمر العدنى قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول مالك بن أنس معلمي وعنه أخذت العلم أخبرنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن يحيى الفارسي قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول كان مالك بن أنس إذا شك في الحديث طرحه كله نا قاسم بن محمد قال نا خالد بن سعد قال نا عثمان بن عبد الرحمن
23

قال نا إبراهيم بن نصر قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي يقول قال لي محمد بن الحسن صاحبنا أعلم من صاحبكم يعنى أبا حنيفة ومالكا وما كان على صاحبكم أن يتكلم وما كان لصاحبنا أن يسكت قال فغضبت وقلت نشدتك الله من كان أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك أو أبو حنيفة قال مالك لكن صاحبنا أقيس فقلت نعم ومالك أعلم بكتاب الله تعالى وناسخه ومنسوخه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أبي حنيفة فمن كان أعلم بكتاب الله وسنة رسوله كان أولى بالكلام حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن الربيع بن سليمان ومحمد بن سفيان بن سعيد قالا نا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي ذاكرت محمد بن الحسن يوما فدار بيني وبينه
24

كلام واختلاف حتى جعلت أنظر إلى أوداجه تدر وتنقطع أزراره فكان فيما قلت له يومئذ نشدتك بالله هل تعلم أن صاحبنا يعنى مالكا كان عالما بكتاب الله قال اللهم نعم قلت وعالما باختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم نعم
باب قول محمد بن الحسن فيه وثنائه عليه
حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن يحيى الفارسي قال نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك بن انس ثلاث سنين وكسرا وكان يقول إنه سمع منه لفظا أكثر من سبعمائة حديث وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله وكثر الناس عليه حتى يضيق بهم الموضع وإذا حدثهم عن غير مالك من شيوخ الكوفيين لم يجئه الا اليسير وكان يقول ما أعلم أحدا أسوأ ثناء على أصحابكم منكم إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علي الموضع وإذا حدثتكم عن أصحابكم يعني الكوفيين انما تأتون متكارهين
باب قول وهيب بن خالد فيه
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علي بن الحسن علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل قال سمعت علي بن المديني يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول أخبرني وهيب بن خالد وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال انه قدم المدينة قال فلم أر أحدا إلا يعرف وينكر الا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري قال عبد الرحمن بن مهدي لا أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا
25

باب قول يحيى بن سعيد القطان فيه
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل عن علي بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد يقول ما في القوم أصح حديثا من مالك يعنى بالقوم الثوري والأوزاعي وابن عيينة قال ومالك أحب إلى من معمر وقال يحيى بن سعيد سفيان وشعبة ليس لهما ثالث الا مالك حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علي بن الحسن علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول كان مالك بن أنس إماما في الحديث قال وسمعت يحيى يقول سفيان الثوري فوق مالك في كل شئ
باب قول أبى الأسود شيخ مالك فيه
روينا عن ابن بكير أنه قال سمعت ابن لهيعة يقول قدم علينا أبو الأسود سنة احدى وثلاثين ومائة فقلت من للرأي بعد ربيعة بالمدينة قال الغلام الأصبحي قال أبو عمر هو أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي ابن عم عروة بن الزبير وكان عروة قد حضنه
26

ورباه فكان يقال له يتيم عروة وهو من جلة شيوخ مالك الذين أخذ عنهم ثم انتقل من المدينة إلى مصر قال أبو عمر كان مالك يفتى في زمان كان يفتى فيه يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن ونافع مولى ابن عمر ومثلهم حدثنا أحمد بن محمد قال نا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد جريرة قال وذكر أحمد بن زهير ان مصعبا حدثه قال قال لي عبد العزيز ابن أبي حازم جلست إلى مالك في زمن يحيى بن سعيد فسمعته يسأل عن امرأة بكر دخل عليها زوجها ثم خرج عنها فطلقها وقال لم أصبها فقالت صدق لم يصبني فقال مالك لها نصف الصداق فأنكرتها فجئت يحيى بن سعيد فذكرت ذلك له وكان متكئا فجلس وقال أفعل قلت نعم لقد كان هذا من امرأة منا
في زمن عمر بن الحطاب فجاءت بحمل فقيل لها ما هذا فقالت هو منه تعنى زوجها قيل أفليس قد زعمت أنه لم يمسك فقالت أنه قال شيئا وكنت بكرا فاستحييت وصدقته وجاء الامر بما لم أحتسب فقضى لها عمر بالصداق كله قال أبو عمر روينا عن حماد بن زيد أنه قال أفقه من رأيت من أهل المدينة يحيى بن سعيد الأنصاري وقال علي بن المديني لم يكن بالمدينة بعدكبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبى الزناد وبكير بن عبد الله بن الأشج
باب قول عبد الله بن وهب فيه
حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم قال نا محمد بن وضاح قال نا الحارث ابن مسكين قال سمعت عبد الله بن وهب يقول لولا انى أدركت مالكا
27

والليث ببن سعد لضللت قال ابن وضاح وسمعت أبا جعفر الأيلي يقول سمعت ابن وهب مالا أحصى يقول لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت وذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال نا أبى قال نا هارون بن سعيد الأيلي قال سمعت ابن وهب وذكر اختلاف الأحاديث والروايات فقال لولا أن لقيت مالكا لضللت
باب قول عبد الرحمن بن مهدي فيه
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا محمد ابن عبد السلام الخشني قال سمعت ابا حفص عمرو بن علي البصري المعروف بالفلاس يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول مالك في نافع أثبت من عبيد الله ومن موسى بن عقبة ومن إسماعيل بن أمية وقال عبد الرحمن بن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة سفيان الثوري بالكوفة ومالك بالحجاز والأوزاعي بالشام وحماد بن زيد بالبصرة وقال عبد الرحمن ابن مهدي لا يكون اماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم ولا يكون اماما في العلم من روى عن كل أحد ولا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع قال والحفظ الاتقان وروى أبو قدامة عبيد الله بن سعيد قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ما أدركت أحدا الا وهو يخاف
28

هذا الحديث الا مالكا وحماد بن سلمة فإنهما كانا يجعلانه من أعمال البر وكان شعبة يقول إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وقال أبو قدامة كان مالك بن أنس أحفظ أهل زمانه حدثنا أحمد بن محمد قال نا أحمد بن الفضل قال نا محمد بن جرير قال نا عبد الله بن شبويه قال سئل عبد الرحمن بن مهدي من أعلم مالك أو أبو حنيفة فقال مالك أعلم من أستاذ أبي حنيفة يعنى حماد بن أبي سليمان قال ابن مهدي ومالك أعلم عندي من الحكم وحماد وبهذا الاسناد عن ابن مهدي أنه قال ما رأيت أحدا أعقل من مالك بن أنس رضي الله عنه وأرضاه يحيى بن سعيد القطان فيه
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل عن علي بن المديني قال سمعت يحيى ابن سعيد يقول ما في القوم أصح حديثا من مالك يعنى بالقوم الثوري والأوزاعي وابن عيينة قال ومالك أحب إلى من معمر وقال يحيى بن سفيد سفيان وشعبة ليس لهما ثالث الا مالك حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علي بن الحسن علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى يقول سفيان الثوري فوق مالك في كل شئ = باب قول أبى الأسود شيخ مالك فيه
روينا عن ابن بكير أنه قال سمعت ابن لهيعة يقول قدم علينا أبو الأسود سنة احدى وثلاثين ومائة فقلت من للرأي بعد ربيعة بالمدينة قال الغلام الأصبحي قال أبو عمر هو أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي ابن عم عروة بن الزبير وكان عروة قد حضنه يحيى بن سعيد القطان فيه
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل عن علي بن المديني قال سمعت يحيى ابن سعيد يقول ما في القوم أصح حديثا من مالك يعنى بالقوم الثوري والأوزاعي وابن عيينة قال ومالك أحب إلى من معمر وقال يحيى بن سفيد سفيان وشعبة ليس لهما ثالث الا مالك حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا علي بن الحسن علان قال نا صالح بن أحمد بن حنبل قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى يقول سفيان الثوري فوق مالك في كل شئ = باب قول أبى الأسود شيخ مالك فيه
روينا عن ابن بكير أنه قال سمعت ابن لهيعة يقول قدم علينا أبو الأسود سنة احدى وثلاثين ومائة فقلت من للرأي بعد ربيعة بالمدينة قال الغلام الأصبحي قال أبو عمر هو أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي ابن عم عروة بن الزبير وكان عروة قد حضنه
باب قول أحمد بن حنبل منه
حدثنا خلف بن قاسم قال نا ابن سفيان قال نا إبراهيم بن عثمان قال نا أبو داود السجستاني قال سمعت أحمد بن حنبل يقول مالك بن أنس أتبع من سفيان حدثنا عبد الله بن محمد قال نا عبد الحميد قال نا الخضر بن داود قال نا أبو بكر الأثرم قال سمعت أحمد بن حنبل يقول مالك بن أنس أحسن حديثا عن الزهري من ابن عيينة قلت فمعمر قال مالك أتقن
29

ومعمر أكثر حديثا عن الزهري وقال أحمد بن حنبل أصحاب نافع ثلاثة مالك وأيوب وعبيد الله بن عمر وأعلمهم بنافع عبيد الله بن عمر وأقعدهم به وبعد هؤلاء الثلاثة في نافع ابن جريج حدثنا خلف بن قاسم قال نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي بدمشق قال نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان الدمشقي قال سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن سفيان ومالك إذا اختلفا في الرواية فقال مالك أكبر في قلبي قلت فمالك والأوزاعي إذا اختلفا فقال مالك أحب إلى وان كان الأوزاعي من الأئمة قيل له فمالك وإبراهيم النخعي فقال هذا كأنه شنعه ضعه مع أهل زمانه وقيل لاحمد بن حنبل يا أبا عبد الله رجل يريد ان يحفظ حديث رجل واحد بعينه حديث من ترى له قال يحفظ حديث مالك
باب قول يحيى بن معين فيه
حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن يحيى قال نا أحمد بن سعيد قال نا أبو سعيد بن الأعرابي قال نا عباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول مالك أثبت في نافع من أيوب وعبيد الله بن عمر حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول مالك أثبت في نافع من عبيد الله بن عمر وأيوب
30

وقال ابن أبي مريم قلت ليحيى الليث ارفع عندك أومالك قال مالك قلت أليس مالك أعلى أصحاب الزهري قال نعم قلت فعبيدالله أثبت في نافع أو مالك قال مالك أثبت الناس وقال يحيى بن معين كان مالك من حجج الله على خلقه
باب قول علي بن المديني فيه
ذكر أبو حاتم الرازي قال سئل علي بن المديني من أثبت أصحاب نافع فقال مالك واتقانه وأيوب وفضله وعبيد الله وحفظه
باب قول محمد بن إسماعيل البخاري فيه
حدثنا خلف بن قاسم قال نا عبد الله بن جعفر بن الورد قال نا الخفاف قال سمعت البخاري يقول مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي كنيته أبو عبد الله كان إماما روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري
باب قول أحمد بن شعيب النسائي فيه
حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد قال نا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن وحدثنا خلف بن القاسم بن سهل قال نا الحسن بن رشيق قالا جميعا سمعنا أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي يقول أمناء الله عز وجل على علم رسوله عليه السلام شعبة بن الحجاج ومالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان قال والثوري امام الا انه كان يروى عن الضعفاء قال وما أحد عندي بعد التابعين أنبل من مالك بن أنس ولا أحد آمن على الحديث منه ثم شعبة في الحديث ثم يحيى بن سعيد القطان ليس بعد التابعين آمن على الحديث من هؤلاء الثلاثة ولا أقل رواية عن الضعفاء منهم
31

باب قول أبي حاتم الرازي فيه
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي سمعت أبي يقول الحجة على المسلمين الذين ليس فيهم لبس سفيان الثوري وشعبة ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد
باب قول أبي زرعة الرازي فيه
قال أبو زرعة الرازي أول شيء أخذت نفسي بحفظه من الحديث حديث مالك فلما حفظته ووعيته طلبت حديث الثوري وشعبة وغيرهما فلما تناهيت في حفظ الحديث نظرت في رأى مالك والثوري والأوزاعي وكتبت كتب الشافعي
باب قول أبى داود السجستاني فيه
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى رحمه الله قال أنا أبو بكر محمد بن بكر بن عبد الرازق التمار المعروف بابن داسة قال سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني رحمه الله يقول رحم الله مالكا كان اماما رحم الله الشافعي كان اماما رحم الله أبا حنيفة كان اماما
باب قول أيوب بن سويد الرملي منه
حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر قال نا ابن أبي دليم قال نا ابن وضاح قال سمعت أبا الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح يقول سمعت أيوب بن سويد الرملي يقول ما رأيت أحدا قط أجود حديثا من مالك بن أنس
باب قول مالك رحمه الله في أهل الأهواء والبدع
ذكر الدولابي قال نا يزيد بن عبد الصمد قال حدثنا أبو مسهر قال
32

قلت لمالك كلمني رجل في القدر فبلغ الوالي فأرسل إلى فسألني عنه أفأشهد عليه قال نعم قال وحدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال نا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال نا معن بن عيسى قال انصرف مالك يوما من المسجد وهو متكئ على يدي قال فلحقه رجل يقال له أبو الجويرية كان يتهم بالارجاء فقال يا أبا عبد الله اسمع منى شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأي قال فإن غلبتني قال اتبعتني قال فإن غلبتك قال اتبعتك قال فإن جاء رجل فكلمناه فغلبنا قال تبعناه قال أبو عبد الله بعث الله محمدا بدين واحد وأراك تتنقل قال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل قال وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قال نا ابن وهب قال سئل مالك بن أنس عن الايمان فقال قول وعمل قلت أيزيد وينقص قال قد ذكر الله سبحانه في غير آي من القرآن ان الايمان يزيد فقلت له أينقص قال دع الكلام في نقصانه وكف عنه فقلت فبعضه أفضل من بعض قال نعم وفي سماع ابن القاسم قال مالك ما آية قى كتاب الله أشد على أهل الأهواء من هذه الآية * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *) يقول الله تعالى * (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) *
33

قال فأي كلام أبين من هذا ورأيته تأولها على أهل الأهواء قال مالك وبلغنى ان عمر بن عبد العزيز قال إن في كتاب الله لعلما بينا علمه من علمه وجهله من جهله يقول الله تعالى * (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) * وقال مالك ما رأيت أحدا من أهل القدر الا أهل سخافة وطيش وخفة وقال مالك كان عمر بن
عبد العزيز يقول لو أراد الله ألا يعصى ما خلق إبليس قال وهو رأس الخطايا وقال مالك ما أبين هذه الآية على أهل القدر وأشدها عليهم * (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) * فلا بد أن يكون ما قال قال وقال مالك بن أنس ليس الجدال في الدين بشئ قال وقال مالك أهل الأهواء بئس القوم لا يسلم عليهم واعتزالهم أحب إلى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أنا أشهب بن عبد العزيز قال قال مالك أقام الناس يصلون نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم أمروا بالبيت الحرام فقال الله تعالى * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أي صلاتكم إلى بيت المقدس قال مالك وانى لا ذكر بهذه الآية قول المرجئة ان الصلاة ليست من الايمان قال وسمعت مؤمل بن اهاب يقول سمعت عبد الرزاق بن همام يقول سمعت ابن جريج وسفيان الثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس يقولون الايمان قول وعمل يزيد وينقص قال وأخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال نا أبى
34

قال نا سريج بن النعمان قال نا عبد الله بن نافع قال كان مالك بن أنس يقول الايمان قول وعمل ويقول القرآن كلام الله ويقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضربا ويحبس حتى يتوب وكان مالك يقول الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شئ أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال أخبرني القاضي محمد بن أحمد المالكي قال نا إبراهيم بن حماد قال نا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال نا شيخ لنا قال جاء رجل إلى مالك فقال يا أبا عبد الله أسألك عن مسألة أجعلك حجة فيما بيني وبين الله عز وجل قال مالك ما شاء الله لا قوة الا بالله سل قال من أهل السنة قال أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به لاجهمى ولا قدري ولا رافضي قال ونا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال نا أبو مصعب قال نا عبد العزيز بن أبي حازم قال سألت مالكا فيما بيني وبينه من تقدم بعد رسول الله قال أقدم أبا بكر وعمر لم يزد على هذا قال وذكر الزبير
35

عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بن انس قال ليس من امر الناس الذي مضوا عليه ان يفاضلوا بين الناس قال ونا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال انا اشهب بن عبد العزيز قال قال مالك لا ينبغي الإقامة بأرض يكون العمل فيها بغير الحق والسب للسلف قال ونا أحمد بن سعيد الفهري قال نا إبراهيم بن المنذر قال نا معن بن عيسى قال سمعت مالكا يقول ليس لمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفئ حق قد قسم الله الفئ على ثلاثة أصناف فقال * (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) * الآية وقال * (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم) * الآية وقال * (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) * الآية وانما الفئ لهؤلاء الثلاثة الأصناف قال وسمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول سمعت سريج بن النعمان يقول سمعت عبد الله بن نافع الصائغ يقول كان مالك بن أنس يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وذكر أبو إسحاق بن مرين عن عيسى بن دينار عن ابن القاسم قال سأل أبو السمح مالكا فقال يا أبا عبد الله أيرى الله يوم القيامة فقال نعم يقول الله عز وجل * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * وقال لقوم آخرين * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * أخبرنا عبد الوارث ابن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا ابن أبي خيثمة قال نا أبو الهيثم بن خارجة قال نا الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث التي فيها ذكر الرؤية فقالوا أمروها كما جاءت ولا كيف وكان مالك رحمه الله كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر
36

(وخير أمور الدين ما كان سنة
* وشر الأمور المحدثات البدائع)
باب جامع فضائل مالك رحمه الله
ذكر أبو بشر الدولابي قال نا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله ابن وهب قال سمعت مالكا وقال له عبد الرحمن بن القاسم يا أبا عبد الله ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر فقال مالك ومن اين علموا ذلك قال منك يا أبا عبد الله فقال له مالك ما أعلمها أنا فكيف يعلمونها بي قال وأخبرنا أبو موسى العباسي عن الزبير بن بكار قال نا محمد ابن مسلمة المخزومي عن مالك بن أنس قال جنة العالم لا أدري إذا أغفلها أصيبت مقاتله قال وأخبرنا أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب عن مصعب الزبيري قال كان مالك بن أنس يجلس إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعنه أخذ مالك بن أنس العلم ثم اعتزله فجلس اليه أكثر من كان يجلس إلى ربيعة فكانت حلقة مالك في زمن ربيعة مثل حلقة ربيعة أو أكثر وأفتى معه ربيعة عند السلطان حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا الزبير بن بكار قال نا مطرف قال نا مالك قال لما أجمعت تحويلا عن مجلس ربيعة جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد فلما قام ربيعة بن أبي عبد الرحمن من مجلسه عدل الينا فقال يا مالك تلعب بنفسك زفنت وصفق لك سليمان بن بلال أبلغت إلى أن تتخذ مجلسا لنفسك ارجع إلى مجلسك ذكر الدولابي قال نا جعفر ابن محمد قال نا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي
37

يقول سأل رجل مالكا عن مسألة وذكر أنهم أرسلوه يسأله عنها من مسيرة ستة أشهر قال فأخبر الذي أرسلك انى لاعلم لي بها قال ومن يعلمها قال من علمه الله قال عبد الرحمن قالت الملائكة * (لا علم لنا إلا ما علمتنا) * حدثنا خلف بن قاسم قال نا أبو الميمون قال نا أبو زرعة الدمشقي قال نا الوليد بن عتبة قال نا الهيثم بن جميل قال شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدرى وروينا عن خالد بن خداش أنه قال قدمت على مالك من العراق بأربعين مسالة فسألته عنها فما أجابني منها الا في خمس مسائل وقال كان ابن عجلان يقول إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله وقد روى مثل ذلك عن ابن عباس وروى ابن وهب عن مالك بن أنس قال سمعت عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول لا أدرى حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون اليه فإذا سئل أحدهم عما لا يدرى قال لا أدرى قال أبو عمر صح عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال لا أدري نصف العلم ذكر الدولابي قال نا روح بن الفرج قال نا محمد بن رمح قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام منذ أكثر من خمسين ليلة فقلت له يا رسول الله ان مالكا والليث يختلفان فبأيهما نأخذ قال مالك مالك قال ونا بكر بن سهل قال نا إسحاق
بن إسماعيل عن أشهب بن عبد العزيز عن الدراوردي قال رأيت في منامي انى دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ أقبل مالك بن أنس فدخل من باب المسجد فلما أبصره رسول الله صلى
38

الله عليه وسلم قال إلى إلى فأقبل مالك حتى دنا منه فسل خاتمه من خنصره فوضعه في خنصر مالك وذكر أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي رحمه الله قال نا محمد بن عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال نا إسحاق بن إبراهيم قال نا مطرف قال سمعت مالكا يقول قلما كان رجل صادق لا يكذب في حديثه الا متع بعقله ولم يصبه مع الهرم آفة ولا خرف قال أبو عمر كان ابن معين يقول آلة المحدث الصدق حدثنا سعيد بن نصر وعبد الله بن محمد بن يوسف قالا نا عبد الله بن محمد بن علي قال نا الحسن بن عبد الله الزبيدي قال نا محمد بن إسماعيل الأصبهاني في المسجد الحرام قال نا مصعب بن عبد الله الزبيري قال سمعت أبي يقول كنت جالسا مع مالك بن انس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فقال أيكم مالك فقالوا هذا فسلم عليه واعتنقه وضمه إلى صدره وقال والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة جالسا في هذا الموضع فقال ائتوا بمالك فأتى بك ترعد فرائصك فقال ليس بك بأس با أبا عبد الله وكناك وقال اجلس فجلست قال افتح حجرك ففتحته فملأه مسكا منثورا وقال ضمه إليك وبثه في في أمتي قال فبكى مالك وقال الرؤيا تسر ولا تغر وان صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعنى الله حدثنا خلف ابن قاسم قال ثنا عبد الله بن جعفر بن الورد البغدادي بمصر قال نا أحمد بن واضح قال نا محمد بن خلاد الإسكندراني قال نا عبد السلام بن عمر بن خالد من أهل الإسكندرية قال رأى رجل في المنام أن الناس اجتمعوا في جبانة الإسكندرية يرمون في غرض فكلهم يخطئ الغرض فإذا رجل
39

يرمى ويصيب القرطاس فقلت من هذا قالوا هذا مالك بن أنس حدثنا خلف بن قاسم قال نا عبد الرحمن بن عمر قال نا أبو زرعة قال إن أبى قال نا أبو خليد قال قال مالك قال لي أمير المؤمنين المهدى يا أبا عبد الله ألك دار قال قلت لا والله يا أمير المؤمنين ولا حدثنك حديثا حدثناه ربيعة بن أبي عبد الرحمن ان نسب المرء داره
باب في رياسته ووجاهته في علم الدين عند العامة والسلاطين
حدثنا أحمد بن محمد قال نا أحمد بن الفضل قال نا محمد بن جرير قال نا العباس بن الوليد قال نا إبراهيم بن حماد الزهري المدني قال سمعت مالكا يقول قال لي المهدى يا أبا عبد الله ضع لي كتابا أحمل الأمة عليه فقلت له يا أمير المؤمنين أما هذا السقع وأشار إلى المغرب فقد كفيتكه وأما الشام ففيهم الرجل الذي علمته يعنى الأوزاعي وأما أهل العراق فهم أهل العراق قال أبو جعفر محمد بن جرير هكذا حدثني به العباس بن الوليد عن إبراهيم بن حماد وأما محمد بن عمر فذكر هذه القصة عن مالك
40

على خلاف ذلك وما ذكره محمد بن عمر فحدثناه الحارث بن أبي أسامة عن محمد بن سعد عنه قال سمعت مالك بن أنس يقول لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه فحادثته وسألني فأجبته فقال إني عزمت ان آمر بكتبك هذه التي قد وضعت يعنى الموطأ فتنسخ نسخا ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوها إلى غيرها ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث فانى رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم قال فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فان الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وان ردهم عما اعتقدوه شديد فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم فقال لعمري لو طاوعتنى على ذلك لأمرت به وذكر الزبير بن بكار قال نا يحيى بن مسكين ومحمد بن مسلمة قالا سمعنا مالكا يذكر دخوله على أبي جعفر وقوله في انتساخ كتبه في العلم وحمل الناس عليها قال مالك فقلت له يا أمير المؤمنين قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به ورد العامة عن مثل هذا عسير قال محمد بن عمر الواقدي كان مالك يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائر البيت لمن يأتي من قريش والأنصار والناس كان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا
41

مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شئ من المراء واللغط وكان الغرباء يسألونه عن الحديث والحديثين أو قال الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم فقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة وليس أحد ممن حضره يدنو منه ولا ينظر في كتابه ولا يستفهمه هيبة له واجلالا وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال الطبري وسمعت إسماعيل بن موسى الغزارى يقول دخلت على مالك بن أنس وسألته أن يحدثني فحدثني اثنى عشر حديثا ثم أمسك فقلت له زدني أكرمك الله وكان له سودان قيام على رأسه فأمرهم فأخرجونى من داره
حدثنا خلف بن قاسم نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي بدمشق قال نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان الدمشقي قال نا أبو مسهر قال قال مالك قال لي أبو جعفر يا أبا عبد الله ذهب الناس فلم يبق غيرى وغيرك وذكر الدولابي قال نا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله بن وهب قال سمعته يقول يعني مالكا دخلت على أبى جعفر فرأيت غير واحد من بني هاشم يقبل يده المرتين والثلاث ورزقني الله العافية من ذلك فلم أقبل له يدا وذكر الدولابي نا إسماعيل ابن إسحاق القاضي قال نا نصر بن علي قال أنى حسن كذا وقع وصوابه حسين وهو حسين بن عروة قال قدم المهدى المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو بثلاثة آلاف ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال له أمير المؤمنين يجب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال له مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله
42

نا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد نا ابن زهير قال نا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال أملى على ابن مناذر (ومن يبغ الوصاة فإن عندي
* وصاة للكهول وللشباب) خذوا عن مالك وعن ابن عون
* ولاترووا أحاديث ابن دأب)
قال فلما قدمت العراق سمعتهم ينشدونها على غير ما أملاها على خذوا عن يونس وعن ابن عون قال أبو عمر هكذا هذا الخبر في كتاب ابن أبي خيثمة وروينا من وجوه أن أصل البيتين لابن مناذر انما هو (خذوا عن يونس وعن ابن عون
* ولاترووا أحاديث ابن دأب)
وكان عيسى بن دأب عدوا لابن مناذر وكان أحسن هديا من ابن مناذر وسمتا ومروءة وصيانة وذكر يونس في هذا الحديث أشبه لأن عبد الله ابن عون ويونس بن عبيد كانا بصريين جارين متواخيين كلاهما على السنة قد شهرا بها
باب ذكر محنته رحمه الله مع السلطان
نا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أحمد بن الفضل بن العباس أبو بكر الدينوري قال نا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال وكان مالك قد ضرب بالسياط واختلف فيمن ضربه وفي السبب الذي ضرب فيه قال فحدثني العباس بن الوليد قال نا ابن ذكوان عن مروان الطاطري أن أبا جعفر نهى مالكا عن الحديث (ليس على مستكره طلاق) ثم دس
43

اليه من يسأله عنه فحدث به على رؤس الناس فضربه بالسياط قال وحدثني العباس قال أخبرني إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده اليمنى أو يده اليسرى بالأخرى واما محمد بن عمر إنه قال في ذلك ما حدثني الحارث قال نا ابن سعد قال أنا محمد بن عمر قال لما دعى مالك بن أنس وشوور وسمع منه وقبل قوله شنف له الناس وحسدوه وبغوه بكل شئ فلما ولى جعفر بن سليمان على المدينة سعوا به اليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى ايمان بيعتكم هذه بشئ وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز فغضب جعفر بن سليمان فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع اليه عنه ثم جرده ومده فضربه بالسياط ومدت يده حتى انخلعت كتفه وارتكب منه امر عظيم فوالله ما زال مالك بعد ذلك الضرب في رفعة من الناس وعلو من أمره واعظام الناس له وكأنما كانت تلك السياط التي ضرب بها حليا حلى به
باب ذكر وفاة مالك وذكر ما رثي به ومبلغ عمره
نا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أحمد بن الفضل بن العباس قال نا أبو جعفر محمد بن جرير قال نا محمد بن سعيد قال نا إسماعيل بن أبي أويس قال اشتكى مالك بن أنس فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال لله الامر من قبل ومن بعد وتوفى صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة في خلافة هارون
44

وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وهو ابن زينب بنت سليمان بن علي كان يعرف بأمه يقال له عبد الله بن زينب كان أمير المدينة يومئذ واليا عليها لهارون صلى عليه في موضع الجنائز ودفن بالبقيع وكان يوم مات ابن خمس وثمانين سنة قال ابن سعد فذكرت ذلك لمصعب بن عبد الله الزبيري فقال أنا أحفظ الناس لموت مالك مات في صفر سنة تسع وسبعين ومائة قال ابن سعد وأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك وقال رأيت الفسطاط على قبر مالك ابن أنس وقال خليفة بن خياط مالك بن أنس بن أبي عامر من ذي أصبح من حمير يكنى أبا عبد الله مات سنة تسع وسبعين ومائة
ومما رثى به مالك رحمه الله قول عبد الله بن سالم الخياط ذكره محمد ابن الحسن بن زبالة عنه
*
(يأبى الجواب فما يراجع هيبة
* والسائلون نواكس الأذقان)
(أدب الوقار وعز سلطان التقى
* فهو المطاع وليس ذا سلطان)
وكان عثمان بن كنانة ينشد هذه الأبيات لبعض أهل المدينة في مالك رحمه الله (ألا ان فقد العلم في فقد مالك
* فلا زال فينا صالح الحال مالك)
(فلولاه ما قامت حقوق كثيرة
* ولولاه لانسدت علينا المسالك) (يقيم سبيل الحق سرا وجهرة
* ويهدى كما تهدى النجوم الشوابك)
قال أبو عمر تنسب هذه الأبيات إلى ابن أبي المعافى المدني وفيها زيادة
(عشونا اليه نبتغي ضوء ناره
* وقد لزم العى اللجوج المماحك)
45

(فجاء برأي مثله يقتدى به
* كنظم جمان زينته السبائك)
ومما رثى به رحمه الله ما روينا عن اصبغ بن الفرج أنه قال رثت مالكا امرأة فقالت
(بكيت بدمع واكف فقد مالك
* ففي فقده ضاقت علينا المسالك)
(ومالي لا أبكى عليه وقد بكت
* عليه الثريا والنجوم الشوابك)
(حلفت بمن أهدت قريش وحللت
* صبيحة عشر حين تقضى المناسك)
(لنعم وعاء الفقه والعلم مالك
* إذا عز مفقود من الناس هالك)
وقال الزبير بن بكار انشدني عبد العزيز بن عبد الله الأويسي وإسماعيل ابن أبي أويس لابن أبي المعافى
(تحمل علم الدين نورا مثقفا
* بالاسناد عن قوم ثقات من السلف)
(رموه بنبل كان قد راشها لهم
* وعلمهم شد السواعد والاكف)
(فما ساعد منهم تقاوم ظفره
* إذا قست منهم ساعدا ببنان كف)
وأنشد الزبير أيضا لأبي المعافى أو ابن أبي المعافى
(ألا قل لقوم سرهم فقد مالك الا ان فقد العلم إذ مات مالك)
(فمالى لا أبكى على فقد مالك
* وفي فقده سدت علينا المسالك)
(ومالي لا أبكى عليه وقد بكت
* عليه الثريا والنجوم الشوابك)
فذكر نحو الأبيات التي نسبها اصبغ بن الفرج إلى المرأة التي تقدم ذكرها
قال أبو عمر ألف الناس في فضائل مالك وأكثروا وأتوا بما لا فضيلة
46

في بعضه حشوا بها كتبهم فرأيت الاقتصار منها على عيونها أولى من الاكثار وبالله التوفيق
كمل والحمد لله لا شريك له وصلى الله على محمد وآله وسلم وهنا تمت أخبار مالك بن أنس رحمهما الله ويليها أخبار أصحابه رضي الله عنهم
47

أخبار أصحاب مالك
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري رضي الله عنه سألتم رحمكم الله عن التعريف بابن وهب وابن القاسم وأشهب فخذوا الجواب فيهم ومن حضرني ذكره من نظرائهم من أهل الفقه من أصحاب مالك رحمهم الله أجمعين
عبد الله بن وهب
ابن مسلم مولى ريحانة مولاة عبد الرحمن بن يزيد بن أنس الفهري يكنى أبا محمد ولد بمصر سنة خمس وعشرين ومائة في ذي القعدة وقيل بل ولد سنة اربع وعشرين ومائة وفى هذا العام مات ابن شهاب رضي الله عنه روى ابن وهب عن مالك بن أنس والليث بن سعد وابن أبي ذئب وأبي صخر جميلة بن زياد وأبى هانئ حميد بن هانئ ويونس بن يزيد ونحو أربعمائة رجل من شيوخ المحدثين بمصر والحجاز والعراق منهم سفيان الثوري وابن عيينة وجرير بن حازم ومن هو اسن من هؤلاء كابن جريج وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي وسعد بن أبي أيوب وغيرهم حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول عبد الله بن وهب المصري ثقة وقال أحمد بن حنبل عبد الله بن وهب صحيح الحديث يفصل السماع من العرض والحديث من
48

الحديث ما أصح حديثه وأثبته فقيل له أليس كان سئ الاخذ قال قد كان سئ الاخذ ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مالك وجدته صحيحا قال أبو عمر روى عن ابن وهب جماعة يطول ذكرهم وقد روى عنه الليث بن سعد وصرح باسمه وقيل إن مالكا روى عنه عن ابن لهيعة حديث بيع العربان والله أعلم ولم يصرح مالك في حديث العربان عن أحد انما قال عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب ومرة قال إنه بلغه عن عمرو بن شعيب ومن أروى الناس عن ابن وهب اصبغ بن الفرج وأحمد بن صالح المصري وعيسى بن حماد زغبة ويونس بن عبد الأعلى وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح وسحنون بن سعيد وأحمد بن سعيد الدارمي وقد روى عنه ابن بكير وعبد الله بن صالح كاتب الليث وروينا عن أحمد بن صالح أنه قال حدثنا ابن وهب مائة الف حديث وما رأيت حجازيا ولا شاميا ولا مصريا أكثر حديثا من ابن وهب وقع عندنا
منه سبعون الف حديث وقال ابن أبي حاتم سمعت ابا زرعة يقول نظرت في حديث ابن وهب نحو ثمانين الف حديث من حديثه عن المصريين وغيرهم فما أعلم انى رأيت له حديثا لا أصل له وهو ثقة قال وسمعت أبا زرعة يقول ابن وهب أفقه من أبن القاسم قال أبو عمر يقولون إن مالكا رحمه الله لم يكتب إلى أحد كتابا يعنونه بالفقيه الا إلى ابن وهب وكان رجلا صالحا خائفا لله كان سبب موته انه قرئ عليه كتاب الأهوال من جامعه فأخذه شئ كالغشى فحمل إلى داره فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه توفى ابن وهب بمصر في شعبان سنة سبع
49

وتسعين ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وذكر أبو العباس محمد ابن إسحاق السراج في تاريخه قال نا الجوهري قال نا خالد بن خداش قال قرئ على عبد الله بن وهب ما كتبه في أهوال يوم القيامة فخر مغشيا عليه فلم يتكلم بكلمة حتى مات وذلك بمصر سنة سبع وتسعين ومائة
أخبار ابن القاسم
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة مولى زبيد بن الحارث العتقى يكنى أبا عبد الله والعتقاء منهم من نسبهم في كندة وقيل إن زبيد بن الحارث العتقى من حجر حمير وذلك أن العتقاء كانوا جماعات فمنهم من كندة ومنهم من حجر حمير ومن سعد العشيرة ومن كنانة مضر وقد روى من حديث جرير بن عبد الله البجلي عن النبي عليه السلام أنه قال (الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة) ولد عبد الرحمن بن القاسم سنة ثمان وعشرين ومائة وتوفى بمصر سنة إحدى وتسعين ومائة وكان فقيها قد غلب عليه الرأي وكان رجلا صالحا مقلا صابرا وروايته الموطأ عن مالك رواية صحيحة قليلة الخطأ وكان فيما رواه عن مالك من موطئه ثقة حسن الضبط متقنا وقال ابن أبي حاتم سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك فقال مصرى ثقة رجل صالح كان عنده ثلاثمائة جلد أو نحوها عن مالك من مسائل سأله عنها أسد رجل من أهل
50

المغرب كان سأل عنها محمد بن الحسن ثم قدم مصر فسأل ابن وهب أن يجيبه فيما كان عنده فيها عن مالك وما لم يكن عنده عن مالك فيها قال فيها برأيه على ما ذهب اليه مالك فلم يفعل فأتى عبد الرحمن بن القاسم فأجابه فيها قال والناس يتكلمون في هذه المسائل قال أبو عبد الرحمن النسائي عبد الرحمن بن القاسم ثقة قال أبو عمر روى عنه الحارث بن مسكين وأبو زيد بن أبي الغمر ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وسحنون بن سعيد وأبو ثابت محمد بن عبد الله
أخبار أشهب
ابن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي ثم الجعدي يكنى أبا عمر ويقال اسمه مسكين وأشهب لقب ولد سنة أربعين ومائة ومات
51

بمصر سنة أربع ومائتين بعد موت الشافعي بثمانية عشر يوما ولم يدرك الشافعي بمصر من أصحاب مالك الا أشهب وابن عبد الحكم وكان نزوله على ابن عبد الحكم فأكرم نزله وبلغ من بره كثيرا وله في ذلك أخبار حسان وكان أشهب ثقة فيما روى عن مالك وروى عن الليث بن سعد وعن جماعة وصنف كتابا في الفقه رواه عنه سعيد بن حسان وغيره وروينا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت فذكرت ذلك للشافعي فقال متمثلا
(تمنى رجال أن أموت وان أمت
* فتلك سبيل لست فيها بأوحد)
(فقل للذي يبغى خلاف الذي مضى
* تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
*
قال فلما مات الشافعي اشترى أشهب في تركته غلاما كان له ثم مات أشهب بعده بثمانية عشر يوما واشتريت أنا ذلك المملوك في تركة أشهب نا إبراهيم بن شاكر رحمه الله قال نا عبد الله بن عثمان قال نا سعد بن معاذ قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة ونى أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه أنه ذكر قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لمحمد بن عمر بن لبابة فقال ليس هذا عندنا كما قاله محمد وانما قاله لان أشهب شيخه ومعلمه قال أبو عمر أشهب شيخه وابن القاسم شيخه وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذه عنهما
عبد الله بن عبد الحكم
ابن أعين بن الليث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه ولد بمصر سنة
52

خمسين ومائة وقيل سنة خمس وخمسين ومائة ومات لاحدى وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة عشر ومائتين وهو ابن ستين سنة واليه أوصى ابن القاسم واشهب وابن وهب سمع من مالك سماعا نحو ثلاثة أجزاء وسمع الموطأ ثم روى عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب كثيرا من رأى مالك الذي سمعوه منه وصنف كتابا اختصر فيه تلك الاسمعة بألفاظ مقربة ثم اختصر من ذلك الكتاب كتابا صغيرا وعليهما مع غيرهما عن مالك يعول البغداديون من المالكيين في المدارسة وإياهما شرح الشيخ أبو بكر الأبهري رحمه الله وكان ابن عبد الحكم رجلا صالحا ثقة وقال ابن أبي حاتم سئل أبو زرعة عن عبد الله بن عبد الحكم فقال مصري ثقة قال وسمعت أحمد بن صالح يقول كتبت عن عبد الله بن عبد الحكم وكان شيخ مصر قال وسئل أبى عن عبد الله بن عبد الحكم المصري فقال صدوق حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق والعباس بن أحمد قالا نا محمد بن جعفر الوكيعي قال نا أحمد بن عمرو بن السرح قال نا بشر بن بكر قال رأيت مالك بن أنس في النوم بعد ما مات بأيام قال لي ان ببلدكم رجلا يقال له ابن عبد الحكم فخذوا عنه فإنه ثقة
المغيرة بن عبد الرحمن
ابن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أمه قريبة بنت محمد بن عمر بن أبي سلمة المخزومي يكنى أبا هاشم وقيل يكنى أبا هشام روى عن أبيه ويزيد بن أبي عبيد ومحمد بن عجلان وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ومالك بن أنس روى عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري
53

ومصعب بن عبد الله الزبيري وأحمد بن عبدة وأبو مصعب الزهري ويعقوب بن حميد بن كاسب وابنه عياش بن المغيرة قال ابن أبي حاتم سئل أبو زرعة عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة فقال لا بأس به وقال الزبير بن بكار كان المغيرة فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد القضاء بالمدينة على جائزة أربعة آلاف دينار فامتنع فأبى الرشيد الا أن يلزمه ذلك فقال والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقنى الشيطان أحب إلى من أن إلى القضاء فقال الرشيد ما بعد هذا غاية فأعفاه عن القضاء وأجازه بألفي دينار قال أبو عمر كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم بن دينار حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك وعثمان بن كنانة ولم تكن له برواية الحديث عناية وابن نافع وتوفى المغيرة سنة ست وثمانين ومائة
محمد بن إبراهيم بن دينار الجهني
أبو عبد الله كان مفتى أهل المدينة مع مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة وبعدهما كان فقيها فاضلا له بالعلم رواية وعناية روى عن موسى ابن عقبة ويزيد بن أبي عبيد وعبد العزيز بن المطلب روى عنه ابن وهب وذؤيب بن عمامة المديني السهمي وأبو مصعب الزهري قال ابن
54

أبى حاتم سألت عن أبي فقال كان من فقهاء المدينة زمن مالك وكان ثقة
عبد العزيز بن أبي حازم
واسم أبى حازم سلمة بن دينار مولى أسلم يكنى أبا تمام سمع أباه والعلاء بن عبد الرحمن وسهيل بن أبي صالح روى عنه ابن وهب ويحيى ابن صالح الوحاظى وابن أبي أويس وعبد العزيز الأويسي سئل احمد ابن حنبل عنه فقال يقال إن كتب سليمان بن بلال وقعت اليه ولم يسمعها منه وقد روى عنه أقوام لا يعرف له منهم سماع واما كتب أبيه فسمعها منه قال احمد وكان تفقه ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن أصبغ قال نا احمد ابن وهب بن حرب قال سمعت يحيى بن معين يقول عبد العزيز بن أبي حازم صدوق ثقة ليس به بأس توفى عبد العزيز يوم الجمعة أول يوم من صفر سنة خمس وثمانين ومائة
عثمان بن عيسى بن كنانة
كان فقيها من فقهاء المدينة أخذ عن مالك وغلب عليه الرأي وقعد مقعد مالك بعده وليس له في الحديث ذكر توفى بمكة سنة خمس وثمانين ومائة
55

محمد بن مسلمة أبو هشام المخزومي الفقيه المدني
هو محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام ابن الوليد بن المغيرة روى عن مالك بن أنس والضحاك بن عثمان وإبراهيم ابن سعد وشعيب بن طلحة والهديرى قال ابن أبي حاتم سألت أبى عنه فقال كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك وكان من أفقههم وسئل عنه أبى فقال كان ثقة وذكر السراج قال مات محمد بن مسلمة المخزومي سنة ست عشرة ومائتين
عبد الله بن نافع الصائغ
أبو محمد روى عن مالك وابن أبي ذئب حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول عبد الله بن نافع الصائغ ثقة وقال أبو طالب سألت احمد ابن حنبل عن عبد الله بن نافع الصائغ قال لم يكن صاحب حديث كان صاحب رأي مالك وكان يفتي أهل المدينة برأي مالك ولم يكن في الحديث بذاك وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عن عبد الله بن نافع الصائغ فقال ليس بالحافظ هو لين في حفظه وكتابه أصح وسئل أبو زرعة عنه فقال لا بأس به قال أبو عمر توفى عبد الله بن نافع الصائغ بالمدينة في شهر
56

رمضان سنة ست ومائتين وقيل سنة سبع ومائتين وفيها مات الواقدي ببغداد قاضيا للمأمون
عبد الله بن نافع الزبيري
هو عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي يكنى أبا بكر سمع من مالك بن أنس وعبد الله بن محمد بن يحيى ابن عروة بن الزبير روى عنه عباس بن محمد الدوري وغيره حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت يحيى بن معين يقول عبد الله بن نافع من ولد الزبير بن العوام صدوق ليس به بأس قال أبو عمر سأله يحيى بن يحيى الأندلسي عن تفسير بعض الموطأ وحمله عنه كتبناه عن ثلاثة من شيوخنا رحمهم الله قال الزبير كان عبد الله بن نافع الزبيري يسرد الصوم وكان المنظور اليه من قريش بالمدينة في حين وفاته في هديه وفقهه وفضله توفى سنة عشرين ومائتين وقيل بل مات سنة خمس عشرة ومائتين ذكره السراج وقيل توفي سنة ست عشرة ومائتين وهو ابن سبعين سنة
عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون
مولى لبنى تيم من قريش يكنى أبا مروان كان فقيها فصيحا دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته وعلى أبيه عبد العزيز قبله فهو فقيه ابن فقيه وكان ضرير البصر وقيل إنه عمى في آخر عمره روى عن مالك وعن أبيه وكان مولعا بسماع الغناء ارتحالا وغير ارتحال قال أحمد بن حنبل قدم علينا ومعه من يغنيه حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال
نا قاسم بن
57

اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون كان في زمانه مفتى أهل المدينة قال أبو عمر توفي عبد الملك بن الماجشون سنة اثنتي عشرة وقيل سنة أربع عشرة ومائتين
مطرف بن عبد الله
ابن مطرف بن سليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يكنى ابا مصعب وكان أصم روى عن مالك وابن أبي الزناد وعبد الرحمن بن أبي الموالى وعبد الله بن عمر العمرى روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم سئل أبو حاتم من أحب إليك مطرف أو إسماعيل ابن أبي أويس قال مطرف وسئل عنه مرة أخرى فقال صدوق قال ابن أبي حاتم توفى مطرف سنة عشرين ومائتين وقال غيره توفى سنة اربع عشرة ومائتين بالمدينة بعد دخوله العراق
يحيى ين يحيى الأندلسي
يكنى أبا محمد ويعرف بابن أبى عيسى وهو يحيى بن يحيى بن كثير وهو المكنى بأبى عيسى وهو الداخل إلى الأندلس وهو كثير بن وسلاس بن شملل أصله من البربر من مصمودة المشرق رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة فسمع من مالك بن أنس الموطأ غير أبواب من الاعتكاف فحملها عن زياد عن مالك وسمع من نافع بن أبي نعيم ومن القاسم العمرى ومن الحسين بن ضميرة وسمع بمكة من سفيان بن عيينة وسمع بمصر من الليث ابن سعد سماعا كثيرا ومن ابن وهب موطأه وجامعه وسمع من ابن القاسم
58

مسائله وحمل عنه من رأيه عشر كتب كبار أكثرها سؤاله وكتب سماع ابن القاسم من مالك ثم انصرف إلى المدينة ليسمعه من مالك ويسائله عنه فوجد مالكا عليلا فأقام بالمدينة إلى أن توفى مالك وحضر جنازته وسمع من أنس بن عياض وقدم إلى الأندلس بعلم كثير فدارت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار عليه وانتهى السلطان والعامة إلى رأيه وكان فقيها حسن الرأي وكان لا يرى القنوت قى الصبح ولا في سائر الصلوات وقال سمعت الليث بن سعد يقول سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول انما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو أربعين يوما يدعو على قوم ويدعو لآخرين قال وكان الليث لا يقنت وخالف يحيى أيضا مالكا في اليمين مع الشاهد فلم ير القضاء به ولا الحكم وأخذ بقول الليث في ذلك وقال لابد من شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين وكان يرى كراء
59

الأرض بجزء مما يخرج منها على مذهب الليث وقال هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر وقضى براي أمينين إذا لم يوجد في أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك وكان امام أهل بلده والمقتدى به فيهم والمنظور اليه والمعول عليه وكان ثقة عاقلا حسن الهدى والسمت كان يشبه في سمته بسمت مالك بن أنس رحمه الله ولم يكن له بصر بالحديث وقال أحمد بن خالد لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الاسلام من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى واختلف في وقت وفاته فقيل توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وقيل توفى سنة أربع وثلاثين ومائتين وكان يأتي الجامع يوم الجمعة راجلا متعمما
علي بن زياد التونسي
يكنى أبا الحسن أصله من العجم ولد باطرابلس ثم سكن تونس روى عن مالك وغيره وتوفى سنة ثلاث وثمانين ومائة
عبد الله بن غانم الإفريقي
القاضي بها ولد سنة ثمان وعشرين ومائة وكان فقيها سمع من مالك ومن أبى يوسف القاضي
60

معن بن عيسى
ابن يحيى بن دينار القزاز مولى أشجع يكنى أبا يحيى روى عن مالك ابن أنس ومعاوية بن صالح ومخرمة بن بكير ومحمد بن هلال روى عنه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين والحميدي ومحمد بن عبد الله ابن نمير وإبراهيم بن المنذر وأبو بكر بن أبي شيبة ونصر بن علي وغيرهم وكان أشد الناس ملازمة لمالك وكان مالك يتكئ عليه في خروجه إلى المسجد حتى قيل له عصية مالك قال أبو حاتم سمعت إسحاق بن موسى الأنصاري قال سمعت معن بن عيسى يقول كان مالك لا يجيب العراقيين في شئ من الحديث حتى أكون أنا أسأله عنه قال وسمعت معن بن عيسى يقول كل شئ من الحديث في الموطأ سمعته من مالك الاما استثنيت انى عرضته عليه وكل شئ من غير الحديث عرضته على مالك إلا ما استثنيت انى سألته عنه قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن بن عيسى وهو أحب إلى من ابن نافع وابن وهب ذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه قال نا محمد بن رافع قال قدمت المدينة سنة مات سفيان بن عيينة فسألت عن معن بن عيسى فقيل لي توفى منذ أيام قال إبراهيم بن المنذر توفى معن ابن عيسى بالمدينة سنة ثمان وتسعين ومائة
عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي
أبو عبد الرحمن مدنى سكن البصرة روى عن مالك وابن أبي ذئب ومخرمة بن بكير وأفلح بن حميد وسلمة بن وردان روى عنه أبو زرعة
61

الرازي وأبو حاتم الرازي وعلي بن عبد العزيز قال ابن أبي حاتم قلت لأبى القعنبي أحب إليك أم إسماعيل بن أبي أويس فقال القعنبي أحب إلى وسئل أبي عن عبد الله بن مسلمة القعنبي فقال بصري ثقة حجة وسئل أبو زرعة عنه فقال ما كتبت عن أحد أجل في عيني منه وسئل ابن معين عن القعنبي فقال ذاك من در ذاك من دنانير
أبو مصعب الزهري
اسمه أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف قال الزبير بن بكار كان أبو مصعب على شرطة عبيد الله ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ كان واليا للمأمون على المدينة ثم ولاه القضاء ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع قال أبو عمر روى عن مالك
والدراوردي وإبراهيم بن سعد وعطاف بن خالد وغيرهم روى عنه محمد بن يحيى الذهلي وإسماعيل القاضي والبخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وقالا فيه صدوق مات أبو مصعب سنة احدى وأربعين ومائتين
يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي
الحنظلي مولى لهم ويقال مولى بنى منقر بن سعيد بن عمرو بن تميم النيسابوري يكنى أبا زكريا روى عن مالك الموطأ وقيل إنه قرأه عليه وروى عن الليث بن سعد وابن لهيعة وزهير بن معاوية وسليمان بن يسار وغيرهم كانت له حال بنيسابور وله حظ من الفقه وكان ثقة مأمونا
62

مرضيا روى عنه جماعة من أهل بلده وغيرهم وروى عنه من الجلة الحفاظ إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن يحيى الذهلي وروى عنه البخاري ومسلم بن الحجاج ولم يرو مسلم الموطأ الا عنه وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فاثنى عليه خيرا وقال ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى كان من ورعه يشك في الحديث كثيرا حتى سموه الشكاك وقال أبو زرعة الرازي سمعت أحمد بن حنبل ذكر يحيى بن يحيى النيسابوري فذكر من فضله واتقانه أمرا عظيما وأثنى عليه أبو زرعة وقال إسحاق ابن إبراهيم بن راهويه كتبت العلم عمن كتبته فلم اكتب عن أحد أوثق في نفسي من هذين يحيى بن يحيى والفضل بن موسى السيناني قال إسحاق وكان يحيى رجلا عاقلا وكان يحيى بن يحيى يقول من قال القرآن مخلوق فهو كافر لا يكلم ولا يجالس ولا يناكح قال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة من قال القرآن مخلوق فهو مبتدع وذكر السراج عن الحسن بن عبيد قال سمعت محمد بن مسلمة يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت عمن أكتب فقال عن يحيى بن يحيى
انتهى القول في أهل الفقه من أصحاب مالك والحمد لله وكذلك كتاب فضائل مالك وذكر مناقبه بمعونة الله تعالى وصلى الله على محمد وآله
63

الجزء الثاني
فيه أخبار الشافعي وأصحابه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد نبيه ورسوله خاتم النبيين وعلى آله أجمعين
ونذكر أيضا في هذا الجزء بعد ما تقدم من ذكر الاخبار عن امامه مالك وفضله رحمه الله ما قيدناه وكتبناه من عيون أخبار الشافعي محمد بن إدريس رحمه الله
ونقتصر من ذلك على ما يكفى ويدل ويشهد بتقدمه في علم الحلال والحرام وامامته عند جمهور أهل الاسلام والله المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل
65

باب معرفة نسبه وبلده ومولده ومدة عمره
قال أبو عمر لاخلاف علمته بين أهل العلم والمعرفة بأيام الناس من أهل السير والعلم بالخبر والمعرفة بأنساب قريش وغيرها من العرب وأهل الحديث أن والفقيه الشافعي رضي الله عنه هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف بن قصي والنبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف والشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع والى شافع ينسب وقد تقدم انه شافع بن السائب بن عبيد بن عبديزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي فالنبي صلى الله عليه وسلم هاشمي والشافعي مطلبي وهاشم والمطلب اخوان ابنا عبد مناف ولعبد مناف أربعة بنون هاشم والمطلب ونوفل وعبدشمس بنو عبد مناف وكذلك لاخلاف أن الشافعي ولد سنة خمسين ومائة من الهجرة وهو العام الذي توفى فيه أبو حنيفة رحمه الله نا خلف بن
66

قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا أبو بكر محمد بن رمضان بن شاكر الحميري ومحمد بن يحيى الفارسي قال نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال قال لي الشافعي ولدت بغزة سنة خمسين ومائة وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين نا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا عبد الله بن عمر العمرى التميمي قال نا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة فأقام عندنا سنتين ثم رجع إلى مكة ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين فأقام عندنا أشهرا ثم خرج إلى مصر وبها مات وكان يخضب بالحناء وكان خفيف العارضين وذكر الساجي أبو يحيى زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن رحمه الله قال
67

أخبرني عبد الله بن محمد ابن بنت الشافعي قال كان الشافعي رحمه الله مطلبيا وكانت أمه أزدية من الأزد وكان يسكن مكة وينزل منها بالبنية وكانت امرأته أم ولده حمدة بنت نافع بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان قال الحسن ونا علي بن عيسى المرادي قال نا أبو اليمن ياسين بن زرارة القتباني الحميري قال لما قدم الشافعي مصر أتاه جدى وأنا معه فسأله أن ينزل عليه فأبى قال أريد أن أنزل على اخوالى الأزد فنزل عليهم
باب في طلبه للعلم وملازمته
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال نا أبى قال نا أسلم بن عبد العزيز قال نا المزنى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم جميعا قالا جاء الشافعي إلى مالك بن أنس فقال له انى أريد أن أسمع منك الموطأ فقال مالك تمضى إلى حبيب كاتبى فإنه الذي يتولى قراءته فقال له الشافعي تسمع منى رضى الله عنك صفحا فان استحسنت قراءتي قرأته عليك والا تركت فقال له اقرأ فقرأ صفحا ثم وقف فقال له مالك هيه فقرأ صفحا ثم سكت فقال له هيه فقرأ فاستحسن مالك قراءته فقرأه عليه أجمع قال المزنى وابن عبد الحكم فلذلك يقول الشافعي أخبرنا مالك حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن يحيى بن آدم قال نا الربيع ابن سليمان المؤذن قال سمعت الشافعي يقول أتيت مالكا وقد حفظت الموطأ فقال لي اطلب من يقرأ لك فقلت لا عليك أن تسمع قراءتي فان خفت عليك والا طلبت من يقرأ لي فقال لي اقرأ فقرأت
فأعجبه ذلك
68

وقال اقرأ فقرأت عليه الموطأ من أوله إلى آخره حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن يحيى الفارسي قال أنا الربيع ابن سليمان قال سمعت الشافعي يقول حملت عن محمد بن الحسن حمل بخى () ومرة قال وقر بعير ليس عليه الاسماعى منه قال وما رأيت أحدا سئل عن مسألة فيها نظر الا رأيت الكراهة في وجهه الا محمد بن الحسن
69

حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن نا محمد بن رمضان قال نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال قال الشافعي لم يكن لي مال وكنت أطلب العلم في الحداثة وكنت أذهب إلى الديوان استوهب الظهور فأكتب فيها
باب من فضائل الشافعي وثناء العلماء عليه واقرارهم له بالتقدم في علمه
فمن ذلك ثناء سفيان بن عيينة عليه وتفضيله له
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق المضري الاستجى رحمه الله قال نا حماد ابن شقران قال نا أبو سعيد بن الاعرابى بمكة قال نا تميم بن عبد الله الرازي عن سويد بن سعيد أنه قال كنا عند سفيان بن عيينة بمكة فجاء الشافعي فنظر اليه ابن عيينة فقال هذا أفضل فتيان أهل زمانه وباسناده عن سويد بن سعيد قال كنا عند سفيان بن عيينة بمكة فجاء رجل ينعى الشافعي ويقول إنه مات فقال ابن عيينة ان مات محمد بن إدريس فقدمات أفضل أهل زمانه حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني قال نا يوسف بن يعقوب النجيرمى املاء في المسجد الجامع بالبصرة قال نا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي قال نا عبد الله بن محمد ابن بنت الشافعي قال سمعت أبي يقول سمعت سفيان بن عيينة وكان إذا جاءه شئ من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي وقال سلوا هذا وذكر الساجي أيضا في موضع آخر من كتابه قال نا أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي قال سمعت أبي وعمى إبراهيم بن محمد بن العباس يقولان كان سفيان ابن عيينة إذا جاءه شئ من التفسير والفتيا يسأل عنه التفت إلى الشافعي
70

وقال سلوا هذا وبه عن الساجي قال نا إبراهيم بن عبد الوهاب الابزارى قال سمعت محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال كنت عند سفيان بن عيينة فقيل له ههنا فتى يعنون الشافعي يقول عليكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا الرأي فقال سفيان جزى الله هذا من فتى خيرا ثم قال قال الله عز وجل * (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) * وقال الله تعالى (انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)
باب قول مسلم بن خالد الزنجي فقيه مكة فيه
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال نا أبى قال نا أسلم بن عبد العزيز قال نا الربيع بن سليمان أبو محمد قال سمعت الحميدي يقول قال مسلم بن خالد الزنجي للشافعي افت باأبا عبد الله قد آن لك أن تفتى وهو ابن خمس عشرة سنة وذكره الساجي وقال سمعت الربيع بن سليمان قال سمعت الحميدي قال سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول للشافعي قد آن لك أن تفتى وهو ابن خمس عشرة سنة
باب قول يحيى بن سعيد القطان فيه ودعائه له
حدثنا خلف بن القاسم قال نا الحسن بن رشيق نا عبيد الله بن إبراهيم العمرى قال نا الحسن بن محمد الزعفراني قال لي يحيى بن سعيد
71

القطان انى لادعو الله للشافعي في الصلاة وغيرها منذ أربع سنين لما أظهر من القول بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الساجي قال نا داود بن علي الاصفهاني قال سمعت الحارث النقال يقول سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول أنا أدعو الله للشافعي حتى في صلاتي = باب ثناء عبد الرحمن بن مهدي عليه أيضا
ذكر الساجي قال نا محمد بن إسماعيل الاصفهاني قال سمعت موسى ابن عبد الرحمن بن مهدي قال كان أبى احتجم بالبصرة فصلى ولم يحدث وضوءا فعابوه بالبصرة وأنكروا عليه وكان سبب كتابه إلى الشافعي بذلك فوجه بالرسالة إلى أبى فأبى لا يعرف ذلك الكتاب بذلك الخط وذكر الساجي قال نا داود بن علي الأصبهاني قال سمعت الحارث النقال يقول لنا حملت رسالة الشافعي إلى عبد الرحمن بن مهدي وذكر الساجي أيضا قال نا عبد الله بن أحمد النحوي قال نا عمر بن العباس الرازي قال كنت عند عبد الرحمن بن مهدي فجاءته رسالة الشافعي فلما قرأها قال هذا كلام شاب مفهم حدثنا خلف بن أحمد وعبد الرحمن بن يحيى قالا نا أحمد بن سعيد قال نا عبد الله بن محمد القزويني قال سمعت محمد بن يعقوب بن الفرج يقول سمعت علي بن المديني يقول قلت لمحمد بن إدريس الشافعي أجب عبد الرحمن بن مهدي عن كتابه فقد
72

كتب إليك يسألك وهو متشوق إلى جوابك قال فأجابه الشافعي وهو كتاب الرسالة التي كتبت عنه بالعراق وانما هي رسالته إلى عبد الرحمن ابن مهدي
باب ذكر بعض قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم فيه
حدثنا أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال نا أبى قال نا أسلم بن عبد العزيز قال قال لي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لولا الشافعي ما عرفت كيف أرد على أحد وبه عرفت ما عرفت وهو الذي علمني القياس رحمه الله فقد كان صاحب سنة وأثر وفضل وخير مع لسان فصيح طويل وعقل صحيح رصين
باب قول عبد الله بن عبد الحكم فيه
حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال نا يحيى بن مالك بن عابد قال نا محمد بن سليمان بن أبي الشريف قال نا أحمد بن محمد بن جرير قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول لي أبى الزم هذا الشيخ يعنى محمد بن إدريس الشافعي فما رايت أبصر بأصول العلم أو قال أصول الفقه منه
باب قول أحمد بن حنبل فيه وثنائه عليه
حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال ثنا علي بن يعقوب قال ثنا يعقوب بن إسحاق قال كنا نأتى الشافعي فنجد أحمد بن حنبل عنده قد سبقنا اليه وما زال معنا
حتى سمع كتب الشافعي كلها قال وبلغنا عن أبي ثورانه قال كان أحمد بن حنبل يجلس معنا عند الشافعي ويسمع معنا وذكر
73

الساجي وقال ثنا داود بن علي الأصبهاني قال سمعت إسحاق بن راهويه يقول لقيني أحمد بن حنبل بمكة فقال لي تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله فأراني الشافعي أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال نا أحمد بن حمدان قال نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبى يا أبة أي رجل كان الشافعي فانى أسمعك تكثر الدعاء له فقال يا بني كان الشافعي
74

رحمه الله كالشمس للدنيا وكالعافية للناس فانظر هل لهذين من عوض أو خلف حدثنا محمد بن إبراهيم قال نا محمد بن أحمد بن يحيى قال نا محمد بن أيوب الرقى قال سمعت أبا بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار يقول سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني يقول كنت عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل وجرى ذكر الشافعي قال فرأيت احمد يرفعه ويرفع به فقال بلغني أو قال يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس مائة سنة رجلا يقيم لها أمر دينها) قال فكان عمر بن عبد العزيز على رأس كل المائة وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى وذكر أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد غلام ثعلب قال أنا أبو علي الحسن بن عبيد الله الخرقي قال قال لي صالح بن أحمد بن حنبل لقيني يحيى بن معين فقال لي أما يستحى أبوك مما يفعل فقلت وما يفعل قال رأيته مع الشافعي والشافعي راكب وهو راجل ورأيته قد أخذ بركابه فقلت ذلك لأبي فقال لي قل له إذا لقيته ان أردت أن تتفقه فتعال فخذ بركابه الآخر حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال نا ابن حمدان ببغداد قال نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول كان الشافعي من أفصح الناس قلت وكان له سن قال لم يكن بالكبير قال عبد الله وسمعت أبي يقول قال الشافعي لنا أما أنتم فأعلم بالحديث والرجال منى فإذا كان الحديث صحيحا فأعلمونى أن يكون كوفيا أو بصريا أو شاميا اذهب اليه إذا كان صحيحا قال لي أبى قال الشافعي انا قرأت على مالك بن أنس وكانت تعجبه قراءتي قال أبى لأنه كان فصيحا قال
75

أبو يحيى الساجي وسمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول حدثني أبى عن الشافعي عن مالك وحاتم بن إسماعيل حديثا صالحا وكان أبى يكره الآراء كلها الا انه كان حسن القول في الشافعي كان عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول حدثني أبى عنه بحديث كثير عن مالك وعن الدراوردي وذكر الساجي قال نا الحسن بن إدريس السجستاني قال نا محمد بن الهيثم قال سمعت محمد بن فزارة الرازي قال قلت لاحمد بن حنبل انى كتبت الحديث وأكثرت منه فلا بد لي من النظر في الرأي فقال أحمد بن حنبل لا تفعل فقلت لا بد أكتب رأي الأوزاعي أو رأي الثوري أو رأي مالك قال إن كنت لا بد كاتبا للرأي فاكتب رأى الشافعي وعليك بالبويطى فاسمعه منه فان فاتك فأبو الوليد بن أبي الجارود بمكة ذكر الساجي قال نا بعض أصحابنا قال سمعت المروزي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول ما أحد من أصحاب الحديث حمل محبرة الا وللشافعي عليه منة وسمعت الربيع بن سليمان يقول مثل ذلك فقلنا يا أبا محمد كيف ذلك قال إن أصحاب الرأي كانوا يهزأون بأصحاب الحديث حتى علمهم الشافعي وأقام الحجة عليهم وذكر الساجي أيضا قال نا يزيد بن مجاهد قال نا محمد بن الليث الرازي قال سمعت أحمد بن حنبل يقول ما صليت صلاة منذ أربعين سنة الا وأنا أدعو فيها للشافعي قال ونا محمد بن خالد الكرماني قال نا الفضل بن زياد القطان قال قال أحمد بن حنبل هذا الذي ترونه أو عامته منى هو عن الشافعي ومات منذ كذا كذا سنة وأنا أدعو الله للشافعي واستغفر له
76

باب قول إسحاق بن راهويه في الشافعي
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق المضري وقاسم بن محمد بن غسلون قالا نا خالد بن سعد قال نا محمد بن قاسم بن محمد قال نا أحمد بن شعيب النسائي قال نا عبيد الله بن إبراهيم الثقة المأمون قال سمعت إسحاق بن راهويه يقول محمد بن إدريس الشافعي عندنا امام
باب قول هارون بن سعيد الأيلي فيه
ذكر الساجي قال نا عبد الرحمن بن أحمد بن الحجاج نا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي قال ما رأيت مثل الشافعي قط ولقد قدم علينا
77

مصر فقالوا قدم رجل من قريش فقيه فجئناه وهو يصلى فما رأينا أحسن وجها منه ولا أحسن صلاة فافتتنا به فلما قضى صلاته تكلم فما رأينا أحسن منطقا منه قال عبد الرحمن قال لنا هارون بن سعيد لو أن الشافعي ناظر على أن هذا العمود الذي من حجارة من خشب لأثبت ذلك لقدرته على المناظرة
باب في حثه على حفظ السنن والترغيب في ذلك واتباع السنة وكراهته لمذاهب أهل الكلام والبدعة
حدثنا إبراهيم بن شاكر قال نا محمد بن أحمد بن يحيى قال نا إسحاق ابن محمد بن يعقوب قال نا الساجي عن الحسين الكرابيسي قال سئل الشافعي عن شئ من الكلام فغضب وقال كلام مثل هذا يعنى حفصا الفرد وأصحابه أخزاهم الله حدثنا خلف بن قاسم نا الحسن بن رشيق قال نا أحمد بن محمد بن سلامة قال نا يونس بن عبد الأعلى قال ذكر لي الشافعي رحمه الله يوم ناظر حفصا الفرد كثيرا مما جرى بينهما ثم قال لي غبت عنا أبا موسى وكناني واعلم والله انى اطلعت من أهل الكلام على شئ ما ظننته قط ولأن يبتلى الله المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك به خير له من أن ينظر في الكلام حدثنا خلف بن قاسم نا الحسن بن
78

رشيق قال نا محمد بن سفيان بن سعيد الخياط قال نا محمد بن إسماعيل الأصبهاني بمكة قال سمعت الجارودى يقول ذكر عند الشافعي إبراهيم ابن إسماعيل بن علية فقال أنا مخالف له في كل شئ وفى قول لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى عليه السلام تكليما من وراء حجاب وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاما اسمعه موسى من وراء حجاب قال الحسن وحدثنا يعقوب قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * أعلمنا بذلك أن ثم قوما غير محجوبون ينظرون اليه لا يضامون في رؤيته وهم المؤمنون كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ترون ربكم عز وجل يوم القيامة كما ترون الشمس لا تضامون في رؤيتها) قال وحدثنا محمد بن يحيى الفارسي قال نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول
لو علم الناس ما في الكلام والأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد قال الحسن ونا سعيد بن أحمد بن زكريا اللخمي قال نا يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمى أو الشئ غير المشيا فاشهد عليه بالزندقة قال وحدثنا حسن بن الضحاك قال نا حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي يقول في أهل الأهواء أمة أشهد بالزور من الرافضة قال الحسن ونا محمد بن يحيى الفارسي قال أنا محمد بن عبد الله
79

ابن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول سمعت ابن عيينة يقول سمعت من جابر الجعفي كلاما بادرت منه خفت أن يقع علينا السقف قال الحسن ونا محمد بن سفيان قال نا محمد بن إسماعيل قال سمعت الجارودى يقول مرض الشافعي بمصر مرضة أيسوا منه فيها ثم أفاق وكل يقول له من أنا فيجيبه حتى قال له حفص الفرد من أنا يا أبا عبد الله قال أنت حفص الفرد لاحفظك الله ولا رعاك ولا كلأك الا أن تتوب مما أنت فيه قال الحسن ونا محمد بن إبراهيم الأنماطي وعبيد الله بن عمر العمرى قالا نا الحسن بن محمد الزعفراني قال سمعت الشافعي يقول حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل يقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام وذكر الساجي عن أبي ثور والكرابيسى انهما سمعا الشافعي يقول ذلك وذكر الساجي عن الزعفراني قال كان الشافعي يكره الكلام ومن شعره الذي لا يختلف فيه وهو أصح شئ عنه
(وما شئت كان وان لم أشأ
* وما شئت ان لم تشأ لم يكن)
(خلقت العباد على ما علمت
* وفي العلم يجرى الفتى ولعله () المسن)
(على ذا مننت وهذا خذلت
* وهذا أعنت وذا لم تعن)
(فمنهم شقى ومنهم سعيد
* ومنهم قبيح ومنهم حسن)
وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال نا محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج قال نا أبو أحمد منصور بن أحمد الهروي قال نا أبو محمد عبد الله ابن أبي سفيان سمعت أبا إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنى قال سمعت
80

محمد بن إدريس الشافعي ينشد هذه الأبيات لنفسه قال أبو عمر وهذه الأبيات من أثبت شئ في الايمان بالقدر وذكر أبو القاسم عبيد الله ابن عمر البغدادي الشافعي الذي استجلبه الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين واسكنه الزهراء حدثنا محمد بن علي قال نا الربيع قال سمعت الشافعي يقول الايمان قول وعمل واعتقاد بالقلب ألا ترى قول الله عز وجل * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * يعنى صلاتكم إلى بيت المقدس فسمى الصلاة ايمانا وهى قول وعمل وعقد قال الربيع وسمعت الشافعي يقول الايمان يزيد وينقص وروى الربيع بن سليمان وأبو حنيفة قحزم بن عبد الله بن قحزم الاسواني والمزني وحرملة بن يحيى وغيرهم عن الشافعي ان الله عز وجل يراه أولياؤه في الآخرة وهذا هو الصحيح عنه وقد روى عنه بعض أهل الكلام خلاف ذلك ولا يصح عنه والصحيح
81

ما ذكره المزنى عن ابن هرم قال سمعت الشافعي يقول في قول الله تعالى * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * دليل على أن أولياء الله يرونه في الآخرة وهذا الصريح منه رحمه الله قال أبو القاسم وأصل الشافعي رحمه الله ان الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قوله ومذهبه ولا أعلم أحدا من أصحاب الشافعي يختلف في ذلك قال أبو القاسم وحدثنا أبو بكر محمد بن علي المصري قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول القرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق ونا أبو الحسن علي بن إبراهيم المستملى قال نا أبو نعيم عبد الملك بن محمد الجرجاني قال سئل الربيع عن قول الشافعي في القرآن فقال جاء رجل إلى الشافعي فناظره في القرآن فقال القرآن مخلوق فقال له الشافعي كفرت بالله العظيم قال أبو القاسم حدثنا أبو بكر محمد بن علي المصري وأبو علي الحسن بن حبيب قالا نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول أبو بكر وعمر وعثمان وعلى الخلفاء الراشدون المهديون قال ونا محمد بن الربيع بن مالك الأندلسي بمصر قال سمعت حرملة بن يحيى قال سألت الشافعي فقلت
82

يا أبا عبد الله من الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز
باب جامع فضائل الشافعي وأخباره
حدثنا عبد الوارث بن سفيان نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير نا منصور بن أبي مزاحم نا عدى بن الفضل عن أبي بكر بن أبي الجهمة عن أبيه عن ابن عباس قال قال لي علي بن أبي طالب أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لاتؤموا قريشا وائتموا بها ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها فان أمانة الرجل من قريش تعدل أمانة أمينين وان علم عالم قريش يسع طباق الأرض قال الأصمعي قريش الكتبة الحسبة ملح هذه الأمة علم عالمها طباق الأرض كأنه يعم الأرض فيكون طباقا لها قال أحمد بن زهير كانوا يقولون انهم يرونه الشافعي رحمه الله وذكر أبو جعفر العقيلي في التاريخ الكبير حدثنا عبد الله بن محمد قال نا المزنى قال نا سعيد بن أبي أيوب قال نا صالح بن رستم الدمشقي عن عطاء ابن أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أكرموا قريشا فان عالمها يملأ الأرض علما) حدثنا خلف بن قاسم نا محمد بن سفيان بن
83

سعيد الإمام قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان حدثنا خلف بن قاسم نا الحسن ابن رشيق نا علي بن يعقوب بن سويد قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول ليونس بن عبد الأعلى يا أبا موسى عليك بالفقه فإنه كالتفاح الشامي يحمل من عامه حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن نا محمد بن يحيى بن أدم قال نا أحمد بن محمد بن جرير النحوي قال نا الربيع ابن سليمان المرادي قال سمعت الشافعي يقول طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة حدثنا خلف بن قاسم نا الحسن بن رشيق نا محمد بن إسماعيل الكندي قال نا يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول العقل التجربة حدثنا خلف نا الحسن نا محمد بن يحيى بن آدم نا الربيع ابن سليمان قال سمعت الشافعي يقول وهو مريض وددت أن الخلق يعلمون ما في هذه الكتب على أن لا ينسبوا إلى منها شيئا يعنى ما وضع من كتبه حدثنا عبد الرحمن بن يحيى وخلف بن أحمد قالا نا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال نا صالح بن محمد الأصبهاني قال سمعت أبا محمد بن بنت الشافعي يقول سمعت الزعفراني يقول وددت أن الناس يفهمون ما في كتبي من معاني الكتاب والسنة وينشرون ذلك وان لم ينسبوه إلى وروينا عن المزنى قال كنت عند الشافعي يوما ودخل عليه جار له خياط فأمره باصلاح أزراره فأصلحها فأعطاه الشافعي دينارا ذهبا فنظر اليه الخياط وضحك فقال له الشافعي خذه فلو حضرنا أكثر منه ما رضينا لك به فقال له أبقاك الله انما دخلنا عليك لنسلم عليك قال الشافعي فأنت
84

إذا ضيف زائر وليس من المروءة الاستخدام بالضيف الزائر ذكر أبو بكر بن محمد بن اللباد قال نا إبراهيم بن أبي داود البرلسى عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول قال أبو يوسف لأروحن الليلة إلى أمير المؤمنين يعنى الرشيد بقاصمة الظهر على المدنيين في اليمين مع الشاهد فقال له رجل فتقول ماذا قال إنه لا يقضى الا بشاهدين لان الله قد أبى الا الشاهدين وتلا الآية في الدين قال فان قالوا لك فمن الشاهدان
85

اللذان يقبلان ولا يحكم الا بهما قال أقول حران مسلمان عدلان قال فقلت يقال لك فلم أجزت شهادة النصارى في الحقوق وقد قال الله تبارك وتعالى * (من رجالكم) * وقال * (ممن ترضون من الشهداء) * قال فتفكر ساعة ثم قال هذا خفى من أين أن يهتدوا لهذا قال قلت وانما يحتج بقولك على ضعفاء الناس قال ابن اللباد وثنى البرلسى قال ونا المزنى قال سمعت
86

الشافعي يقول ليس أحد يستخرج من الدنيا عصارة عيش الا بحال مكروهة في دينه قال ومن لم يبادر أجله سلبته الأيام فريسته لان صناعة الدهر التقلب وشرطه الإمالة حدثنا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا علي بن أحمد بن علي بن المدايني قال سمعت المزنى والربيع ابن سليمان يقولان سمعنا الشافعي يقول لا تشاور من ليس في بيته دقيق لأنه موله العقل قال الحسن ونا علي بن السرى قال نا محمد بن أحمد بن زكريا قال نا الربيع بن سليمان المؤذن قال سمعت الشافعي يقول أكل الفول يزيد في الدماغ وأكل اللحم يزيد في العقل قال الحسن ونا أحمد بن محمد بن سلامة قال نا يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يكتب بهذا الشعر إلى رجال من قريش في ابن هرم حيث اختلفوا
(جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت
* بنا نعلنا في الواطئين فزلت)
(أبوا أن يملونا ولو أن امنا
* تلاقى الذي لا قوه فينا لملت)
أخبرنا أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف قال أنا أبو الحسن على
87

ابن محمد عبد الله ابن جهضم الهمذاني بمكة قال أنا القاضي عبد الملك بن محمد بن عبد العزيز قال أنا ابن مجاهد قال نا أبو زكريا قال نا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي رحمه الله يقول رأيت وأنا باليمن في المنام كأني جالس في سواء الطواف إذ قيل هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقمت اليه وسلمت عليه وصافحته وعانقته فخلع خاتمة من إصبعه فجعله في اصبعى فلما أصبحت قلت يا عم جئنى بالمعبر فجاءنى به فقصصت عليه الرؤيا فقال ابشر يا ابا عبد الله اما رؤيتك علي بن أبي طالب في المسجد الحرام فهو النجاة من النار وأما مصافحتك إياه فهو الأمان يوم الحساب وأما جعله الخاتم في إصبعك فسيبلغ اسمك في الدنيا حيث بلغ اسم علي بن أبي طالب حدثنا عبد الله قال نا الهمذاني قال نا أبو بكر المدايني قال نا أحمد بن عيسى الفقيه قال سمعت أبا جعفر الكرماني يقول رأيت كأن القيامة قد قامت وأمر بي إلى الجنة وفى كمي مختصر المزنى فقال لي رضوان دعه وادخل فقلت لا أدخل الا بما معي فإذا النداء من قبل الله عز وجل دعه يدخل بما معه حدثنا عبد الله قال نا علي بن عبد الله الهمذاني قال نا أبو حفص عمر بن السرح الجدى قال قال أبو جعفر الترمذي رأيت كأن القيامة قد قامت فأمر بي إلى الجنة وفى كمي مختصر الشافعي أعنى كتاب
88

المزنى فقال لي رضوان دعه وادخل فقلت لا ادخل الا بما معي فإذا النداء من قبل الله عز وجل دعه يدخل بما معه حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ابن خالد قال يوسف بن يعقوب النجيرمي املاء في المسجد الجامع بالبصرة قال أنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي قال سمعت حوثرة بن محمد المنقري يقول تتبين السنة في الرجل في اثنتين في حبه أحمد بن حنبل وكتابة كتب الشافعي نا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال نا يوسف ابن يعقوب النجيرمى قال نا أبو يحيى الساجي نا إبراهيم بن محمد قال سمعت هلال بن العلاء يقول الشافعي فتح اقفال العلم حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال نا أبى قال نا أسلم بن عبد العزيز قال قال لي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لولا الشافعي رحمه الله وأنه الذي علمني القياس ما علمته وبه عرفته فرحمه الله فإنه كان صاحب سنة وأثر وفضل وخير نا خلف قال نا الحسن نا أحمد بن علي المدايني قال سمعت المزنى يقول من شاء من خلق الله ناظرته على ما يوجد في كتب الشافعي من خطأ انه من الكتاب ليس من الشافعي قال الحسن ونا المدانيى أحمد بن علي قال نا المزنى قال قال الحميدي لما خرج الشافعي من مكة إلى مصر وفاتنا بنفسه خرجنا خلفه إلى مصر أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أبو حفص
محمد بن إسماعيل الصائغ قال سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول قال لي محمد بن الحسن إن كان أحد يخالفنا فيثبت خلافه علينا فالشافعي فقيل له فلم قال لبيانه وتثبته في السؤال والجواب والاستماع
89

باب من أخباره وحكاياته
أنا خلف نا الحسن نا محمد بن رمضان الزيات قال نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال دخل رجل من الحرس يوما على الشافعي وأنا آكل معه خبزا فجلس يأكل معنا فلما فرغ قال يا أبا عبد الله ما تقول في طعام الفجاءة فقال الشافعي سرا هلا كان هذا منه قبل الأكل وبهذا الاسناد عن محمد قال كان للشافعي غلام يسمى اطراقا وكان طباخا فبيع في تركة الشافعي فاشتراه أشهب بن عبد العزيز فبيع في تركة أشهب فقال لي أي يا محمد اشتر لنا اطراقا قال فحضرت وقت بيعه والنداء عليه وحضر جماعة من أصحابنا فجعلت أزيد فيه فقال لي يوسف بن عمر وأمسك عن شرائه دفن العلمين في بضعة وعشرين يوما وتشتريه أتحب أن تكون الثالث فاشتريته وتركت التطير قال الحسن ونا محمد بن يحيى الفارسي قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أنا الشافعي عن ابن أبي يحيى قال كل طبع أعياك فبول الحمار يخرجه إلا السمن فإنه إذا غسل ثم اتسخ بان قال ونا علي بن يعقوب بن سويد الوراق القرشي قال نا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي قال لي عمى محمد بن علي قال لي شيخ منا من أظهر شكرك بما لم تأته اليه فاحذر أن يكفر نعمتك فيما أتيت إليه قال ونا حمزة بن محمد بن العباس الكتاني الجوهري قال نا الربيع بن سليمان المؤذن قال حججت مع محمد بن إدريس الشافعي إلى مكة فما كان يصعد شرفا ولا يهبط واديا إلا أنشأ يقول
(يا راكبا قف بالمحصب () من منى
* واهتف بساكن خيفها والناهض)
(سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى
* فيضا كملتطم الفرات الفائض)
90

(إن كان رفضا حب آل محمد
* فليشهد الثقلان أنى رافضي)
قال أبو عمر كان ينسب هذا الشعر إلى الشافعي رحمه الله فيما حدثني غير واحد من شيوخى عن أبي القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي ضيف الحكم رحمه الله الساكن في الزهراء عن شيوخه قال قيل للشافعي ان فيك بعض التشيع قال وكيف قالوا ذلك لأنك تظهر حب آل محمد فقال يا قوم ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده والناس أجمعين) وقال (أن أوليائي من عترتي المتقون) فإذا كان واجبا على أن أحب قرابتي وذوى رحمي إذا كانوا من المتقين أليس من الدين أن أحب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كانوا من المتقين لأنه كان يحب قرابته وأنشد
(يا راكبا قف بالمحصب من منى
*)
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق وقاسم بن محمد قالا نا خالد بن سعد قال نا أبو عبيدة بن أحمد قال نا الربيع بن سليمان قال كتب إلى أبو يعقوب البويطي رحمه الله من السجن وكان الواثق قد سجنه إذ لم يجب في القرآن وكان مما كتب إلى حسن خلقك لأهلك واصبر نفسك للغرباء فانى كثيرا ما كنت أسمع الشافعي يتمثل بهذا البيت
(أهين لهم نفسي لاكرمها بهم
* ولن يكرم النفس الذي لا يهينها)
وذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه قال أحمد بن عبد الله بن عمران المخزومي من ولد الأرقم بن أبي الأرقم قال سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم قال وفد محمد بن إدريس الشافعي على رجل من قومه باليمن كان بها أميرا فأقام عنده أياما ثم سأله الرجوع إلى داره وموضعه فكتب اليه يعتذر وعرض عليه شيئا يسيرا فكتب اليه الشافعي أبياتا في ظهر رقعته
91

(أتاني عذر منك في غير كنهه
* كأنك عن برى بذاك نحيد)
(لسانك هش بالنوال وما أرى
* يمينك ان جاد اللسان تجود)
(فان قلت لي بيت وسبط وسبطة
* وأسلاف صدق قد مضوا وجدود)
(صدقت ولكن أنت خربت ما بنوا
* بكفيك عمدا والبناء جديد)
(إذا كان ذو القربى لديك مبعدا
* ونال الذي يهوى لديك بعيد)
(تفرق عنك الأقربون لشأنهم
* وأشفقت أن تبقى وأنت وحيد)
(وأصبحت بين الحمد والذم واقفا
* فياليت شعري أي ذاك تريد)
فكتب اليه بل أريد منك الحمد بأبى أنت وأمي وقد وجهت إليك خمسمائة دينار لمهماتك وخمسمائة دينار لنفقتك وعشرة أثواب من حبر اليمن وبختيان والسلام
باب في فصاحته واتساعه في فنون العلم
ذكر الحسن قال نا ابن رشيق قال نا أبو بكر محمد بن إبراهيم البغدادي قال نا محمد بن الحسن الزعفراني قال ما رأيت أحدا قط افصح ولا أعلم من الشافعي كان أعلم الناس وافصح الناس وكان يقرأ عليه من كل الشعر فيعرفه ما كان الا بحرا وكان رحمه الله يعتم بعمامة كبيرة كأنه اعرابى وكان إذا سمع اللغط في مجلسه نهى عنه وقال انا لسنا أصحاب كلام ذكر أبو عبد الله محمد بن علي البجلي الشافعي القيرواني وكان فاضلا قال حدثني الربيع بن سليمان قال سمعت ابن هشام صاحب المغازي يقول كان الشافعي حجة في اللغة قال البجلي وقال لي الربيع كان الشافعي إذا خلا في بيته كالسيل يهدر في أيام العرب حدثنا خلف بن قاسم نا
92

الحسن نا أحمد بن علي المدايني قال نا إسماعيل بن يحيى المزنى قال قدم علينا الشافعي وكان بمصر ابن هشام صاحب المغازي وكان عالم مصر بالغريب والشعر فقيل له لو أتيت الشافعي فأبى أن يأتيه فلما كان بعد ذلك قيل له لو أتيته فأتاه فذاكره أنساب الرجال فقال له الشافعي بعد ان تذاكرا طويلا دع عنك انساب الرجال فإنها لا تذهب عنا ولا عنك وخذ بنا في انساب النساء فلما أخذا فيها بقي ابن هشام فكان ابن هشام بعد ذلك يقول ما ظننت ان الله عز وجل خلق مثل هذا وكان يقول قول الشافعي حجة في اللغة وذكر أبو يحيى الساجي قال نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبى يقول كان الشافعي من أفصح الناس قلت لأبى كان للشافعي سن قال لم يكن بالكبير قال أبى قال الشافعي انا قرأت على مالك بن انس وكان يعجبه قراءتي قال أبى لأنه كان فصيحا قال الربيع وسمعت الشافعي يقول لما دخلت بغداد نزلت باب الشام فانصب الناس إلى فاستووا في مجالسهم حتى جاء أبو ثور بمسألة فقلت يا أبا ثور الايناس قبل الاسناس فلم يدر ما قلت له فقال ما هو يا أبا عبد الله فقلت الايناس مسح الناقة بيدك حول ضرعها والاسناس حلب ضرعها بيدك
باب ذكر ما حضرنا من اخلاق الشافعي ومروءته وسخائه
أخبرنا خلف بن قاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا محمد بن يحيى الفارسي قال حدثنا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول لو علمت أن الماء البارد إذا شربته اذهب مروءتى ما شربت الماء الا حارا
93

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا أبي قال أنبأنا اسلم بن عبد العزيز قال أخبرنا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي قال اتيت يوما الشافعي وكان مريضا فقلت له كيف تجدك فقال لي ضعيفا يا ربيع فقلت قوى الله ضعفك فقال اذن يقتلني لأنه إنما هو ضعف وقوة فإذا قوى الله الضعف قتل صاحبه قال الربيع وسمعت الحميدي يقول خرج الشافعي إلى اليمن مع بعض الولاة ثم انصرف إلى مكة بعشرة آلاف درهم فضرب خباء في موضع خارج من مكة فكان الناس يأتونه فما برح من موضعه ذلك حتى فرقها كلها قال الحسن بن رشيق وحدثني سعيد بن حميد اللخمي قال سمعت المزنى يقول خرجت مع الشافعي يوما إلى الأكوام فمر بهدف فإذا برجل يرمى بقوس () عربية فوقف عليه الشافعي ينظر وكان حسن الرمي فأصاب بأسهم فقال له الشافعي أحسنت بارك الله فيك ثم قال لي أمعك شئ قلت معي ثلاثة دنانير قال أعطه إياها واعتذر عنى عنده انى لم يحضرني غيرها حدثنا خلف بن القسم () حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا محمد بن يحيى الفارسي قال سمعت الربيع بن سليمان يقول تزوجت وسألني الشافعي كم أصدقتها قلت ثلاثين دينارا فقال كم أعطيتها قلت ستة دنانير فأرسل إلى بصرة فيها أربعة وعشرون دينارا وأدخلني في اذان الجامع سنة احدى ومائتين أو نحوها أخبرنا خلف أنبأنا الحسن أنبأنا محمد بن رمضان قال سمعت الربيع بن سليمان يقول مر الشافعي يوما بالحذائين فسقط سوطه من يده فقام رجل منهم فأخذ السوط ومسحه بيده ودفعه اليه فقال له مه أي شئ عملت آثرتنى على نفسك كيف أؤدي
94

شكرك ثم تنحى وضرب بيده إلى كمه أو جيبه فأخرج منه دنانير لا أدرى خمسة أو عشرة أو أكثر وأكبر ظني عشرة وقال لي ادفعها اليه واعتذر عنى عنده فإني لم يحضرني غيرها في هذا الوقت أخبرنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقرئ قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ببغداد قال أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن سيف قال حدثني القسم بن نجيح صاحب المزنى قال قال لي المزنى كنت عند الشافعي يوما ودخل عليه جار له خياط فأمره بإصلاح ازراره فأصلحها فأعطاه الشافعي دينارا فنظر اليه الخياط وضحك فقال له الشافعي خذه فلو حضرنا أكثر منه ما رضينا لك به فقال الخياط إنما دخلت إليك لاسلم عليك فقال الشافعي فأنت إذا زائر وضيف وليس من المروءة أن يستخدم بالزائر ولا بالضيف أخبرنا إسماعيل بن إسحاق قال أنبأنا خالد بن سعد قال أنبأنا أبو عبيدة بن أحمد بن أبي عبيدة قال حدثنا الربيع بن سليمان قال سمعت الحميدي يقول قدم الشافعي من صنعاء ومعه عشرة آلاف دينار في منديل فنزل قريبا من مكة وأتاه أصحابه يسلمون عليه فما برح ومعه منها شيء
باب ما امتحن به الشافعي مع هارون الرشيد وهو شاب
اخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن عبادل قال حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم الحراني بمصر عن أبيه قال سمعت أبا إبراهيم المزنى يذكر عن الشافعي أنه قال رفع إلى هارون الرشيد أن بمكة قوما من قريش استدعوا رجلا علويا كان باليمن ثم قدم مكة مجاورا
95

فاجتمع اليه من قريش فتية جماعة يريدون ان يبايعوه ويقوموا به فأمر الرشيد يحيى بن خالد بن برمك ان يكتب إلى عامله بمكة ان يبعث اليه من مكة ثلاثمائة رجل كلهم من قريش مغلولة أيديهم إلى أعناقهم قال الشافعي فأشخصت فيمن أشخص مغلولا فلما وردنا العراق اتى بنا إلى دار يحيى بن خالد فدخلنا عليه وقال لنا يا معشر قريش قد رفع عليكم أمر كبير وعسى الله ان ينجيكم من البلاء ان كنتم قد بغى عليكم والذي أراه ان تقدموا من أنفسكم رجلا يخاطب الرشيد أمير المؤمنين عنكم وعن نفسه فقالوا كلهم هذا الشافعي يخاطبه عنا وأشاروا إلى وكنت أحدثهم سنا قال ثم امر بنا فأدخلنا على هارون فقال يا معشر قريش ما حملكم على ما بلغني عنكم ولا تكثروا على قدموا منكم من يكلمني عنه وعنكم فقالوا قد قدمنا هذا وأشاروا إلى وتقدمت ويدى مغلوله إلى عنقي فلما نظر إلى صعد في البصر وصوبه ثم قال يا معشر قريش ألم أجبر فقيركم وأكبر كبيركم وأتفقد صغيركم وألم شعثكم وأحسن إليكم وأقسم العطاء في كل موسم فيكم وأنتم الآن تدعون الخوارج من آل على لتحملوا على أمة محمد بالسيف فقلت أصلح الله أمير المؤمنين ووفقه لما يرضى به عنه ان بنى على لا يرون قريشا الاكعبيدهم وأنتم تعرفون لقريش حق القرابة فهل يصح دعوى مدع عند من يعقل انه يرضى ان يتأمر عليه من يعده عبدا ويترك ان يتأمر عليه من يراه ابن عمه ومثله في نسبه قال فسكت ساعة ثم قال من أنت قلت انا من ولد المطلب ابن عبد مناف انا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي فقال الرشيد
96

أطلقوا عنه وعن الذين معه من قريش قال الشافعي فحل وثاقي ووثاقهم وأمر لنا بخمسمائة دينار وأمر لي بخمسين دينارا وأمر لي يحيى بن خالد بخمسين دينارا أخرى
قال أبو عمر ولى الرشيد الخلافة سنة سبعين ومائة فأقام خليفة ثلاثا وعشرين سنة ومات سنة ثلاث وتسعين ومائة أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال أنا أبو القسم عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي البغدادي بمنزله في مدينة الزهراء قال حدثني جماعة من شيوخى بمعنى ما اذكره قال حمل الشافعي من الحجاز مع قوم من العلوية تسعة وهو العاشر إلى بغداد وكان الرشيد بالرقة فحملوا من بغداد اليه وأدخلوا عليه ومعه قاضيه محمد بن الحسن الشيباني وكان صديقا للشافعي وأحد الذين جالسوه في العلم وأخذوا عنه فلما بلغه ان الشافعي في القوم الذين اخذوا من قريش بالحجاز واتهموا بالطعن على الرشيد والسعي عليه اغتم لذلك غما شديدا وراعى وقت دخولهم على الرشيد قال فلما ادخلوا على الرشيد سألهم وأمر بضرب أعناقهم فضربت أعناقهم إلى أن بقي حدث علوي من أهل المدينة وأنا فقال للعلوى أأنت الخارج علينا والزاعم انى لا أصلح للخلافة فقال العلوي أعوذ بالله ان ادعى ذلك أو أقوله قال فأمر بضرب عنقه فقال له العلوي ان كان لابد من قتلى فانظرنى أكتب إلى أمي بالمدينة فهي عجوز لم تعلم بخبري فأمر بقتله فقتل ثم قدمت ومحمد بن الحسن جالس معه فقال لي مثل ما قال للفتى فقلت يا أمير المؤمنين لست بطالبى ولا علوي وانما أدخلت في القوم بغيا على وانما انا رجل من بني المطلب بن عبد مناف بن قصي ولى مع ذلك حظ من العلم
97

والفقه والقاضي يعرف ذلك انا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبديزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف فقال لي أنت محمد بن إدريس فقلت نعم يا أمير المؤمنين قال ما ذكرك لي محمد بن الحسن ثم عطف على محمد بن الحسن فقال يا محمد ما يقول هذا هو كما يقوله قال بلى وله من العلم محل كبير وليس الذي رفع عليه من شأنه قال فخذه إليك حتى انظر في امره فأخذني محمد وكان سبب خلاصي لما أراد الله عز وجل منه قال عبيد الله بن أحمد الشافعي حدثني محمد بن يوسف الهروي قال سمعت أبا علي الحسن بن مكرم بن حسان يقول كان الشافعي قد أخذ مع قوم من العلوية فلما وقف بين يدي الرشيد قال والله لأن أكون طاعة لمن يقول هو ابن عمى خير من أن أكون طاعة لمن يقول هو عبدي وكان هارون خلف الستر
باب من كلام الشافعي فيما يجرى مجرى الحكمة
حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا الحسن ابن علي بن إسحاق الخولاني قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزنى قال سمعت الشافعي يقول ليس من قوم يخرجون نساءهم إلى رجال غيرهم ورجالهم إلى نساء غيرهم إلا جاء أولادهم حمقى حدثنا خلف حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا الحسن بن إدريس الخولاني قال سمعت الشافعي يقول ما رأيت قط عاقلا سمينا إلا واحدا وهو محمد بن الحسن قيل له ولم قال لأن العاقل لا تعدوه إحدى خصلتين إما أن يغتم لآخرته ومعاده أو يغتم لدنياه ومعاشه والشحم مع الغم لا يتفق فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم وحمل الشحم
98

وذكر الحسن بن رشيق قال حدثني محمد بن رمضان ومحمد بن يحيى قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال رآني الشافعي وأنا أستمد من دواة على اليسار فقال لي أشعرت أنه يقال إن من الحماقة أن يضع الرجل دواته على يساره قال حدثنا محمد بن الحسن العسقلاني قال حدثنا محمد بن خلف قال قال الشافعي إذا كانت معك نفقة فشدها على كمك الأيمن حتى لا يمكن السارق سرقتها قال وسمعت الشافعي يقول ثلاثة أشياء ليس لطبيب فيها حيلة الحماقة والطاعون والهرم قال وحدثني علي بن يعقوب بن سالم قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول لا ينبغي لأحد أن يسكن بلدة ليس فيها عالم ولا طبيب حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال أنبأنا أبو القسم عبيد الله بن أحمد الشافعي بالزهراء قال وجدت في كتابي عن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول صحبة من لا يخاف الله عار وعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول ليس العاقل الذي يقع بين الشر والخير فيختار الخير إنما العاقل الذي يقع بين الشرين فيختار أيسرهما قال يونس وسمعت الشافعي يقول رياضة ابن آدم أشد من رياضة الدواب قال عبيد الله بن أحمد وحدثنا بعض شيوخنا قال حدثنا الربيع قال سمعت الشافعي يقول ينبغي للرجل أن يتوخى لصحبته أهل الوفاء والصدق كما يتوخى لوديعته أهل الثقة والأمانة قال وسمعت الشافعي يقول أظلم الظالمين لنفسه الذي إذا ارتفع جفا أقاربه وأنكر معارفه واستخف بالأشراف وتكبر على ذوى الفضل قال وسمعت الشافعي يقول إذا أيسر الرجل بعد الاقتار شرهت نفسه إلى أربع ينتفى من ولى نعمته ويتسرى على امرأته
99

ويهدم داره ويبنى غيرها وسمعته يقول إذا اجتمع في الصبى الحياء والرهبة رجى فلاحه قال وسمعته يقول من سأل صاحبه فوق طاقته فقد استوجب الحرمان قال وسمعته يقول لا ينفعك من جار السوء التوقي قال وسمعته يقول من عرف نفسه لم يضره ما قيل فيه قال وسمعته يقول من لم يكن عفيفا لم يزل سخيفا ومن اتهم بالمعاصي لم يزل
خائفا ذليلا ومن عف أمن ومن شرهت نفسه طال همه ومن أكثر المناكح لم يسلم من الفضائح وسمعته يقول ثلاث خصال من كتمها ظلم نفسه العلة من الطبيب والفاقة من الصديق والنصيحة للامام وسمعته يقول المخدوع من اغتر بالأماني وسمعته يقول أربعة أشياء قليلها كثير العلة والفقر والعداوة والنار وسمعته يقول الآمال قطعت أعناق الرجال كالسراب خان من راه وأخلف من رجاه وسمعته يقول وسئل اى الأشياء أوضع للرجال فقال كثرة الكلام وإذاعة () السر والثقة بكل أحد قال وسمعته يقول غضب الأشراف يظهر في افعالها وغضب السفهاء يظهر في ألسنتها قال وسمعته يقول من العجب ان يشغل المرء نفسه بشئ التدبير فيه إلى غيره قال الربيع وسمعت الشافعي يقول من غلب عليه حب الدنيا وشهوتها ألزمته العبودية لأهلها ومن رضى بالقنوع زال عنه الخضوع قال الربيع وسمعت الشافعي يقول من لم تنفعك صداقته فلا تغنم بعداوته قال الربيع وسمعت الشافعي يقول أمير مصر أنظر من يكون حاجبك فإنه يحبك أو يبغضك وانظر من يكون كاتبك فإنه يعبر عن عقلك الظاهر إلى الناس وعف عن أموال الناس يكثر شكرهم لك وإياك والانبساط إلى رعيتك فتذهب
100

بذلك هيبتك قال الربيع وسمعت الشافعي يقول الحلم انصر من الرجال فأول عوض الحليم من حلمه ان الناس أنصاره على الجاهل قال وسمعته يقول حسن الظن بالأيام داعية إلى تغيير النعم ثم أنشأ يقول
(أحسنت ظنك بالأيام إذ حسبت
* ولم تخف سوء ما يأتي به القدر)
(وسالمتك الليالي فاغتررت بها
* وعند صفو الليالي يحدث الكدر)
قال وسمعته يقول من أمل بخيلا فاجرا كانت عقوبته الحرمان قال الربيع وسمعت الشافعي يقول كيف يزهد في الدنيا من لا يعرف قدر الآخرة وكيف يخلص من الدنيا من لا يخلو من الطمع الكاذب وكيف يسلم من الناس من لا يسلم الناس من لسانه ويده وكيف ينطق بالحكمة من لا يريد بقوله الله عز وجل وسئل الشافعي عن مسئلة فسكت فقيل له الا تجيب رحمك الله فقال حتى أدرى اين الفضل في سكوتى أو في الجواب وقال الشافعي من ادعى انه اجتمع حب الدنيا وحب خالقها في قلبه فقد كذب
باب تاريخ موت الشافعي ومدة عمره
انا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق نا محمد بن يحيى بن آدم قال نا الربيع بن سليمان المؤذن قال قدم علينا الشافعي مصر سنة مائتين ومات يوم الخميس ليلا وهو ابن خمس وخمسين سنة في آخر يوم من رجب من سنة أربع ومائتين وكان يخضب رأسه ولحيته بالحناء أحمر قانيا ونا خلف قال نا الحسين بن رشيق قال نا الحسن بن محمد الضحاك قال سمعت الربيع ابن سليمان المرادي يقول توفى الشافعي رحمه الله ليلة الجمعة ودفناه يوم
101

الجمعة بعد صلاة العصر آخر يوم من رجب من سنة أربع ومائتين وصلى عليه السرى بن الحكم أمير مصر نا خلف بن قاسم قال نا الحسن بن رشيق قال نا محمد بن يحيى الفارسي قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول مات الشافعي رحمه الله سنة أربع ومائتين قال ونا الحسن بن رشيق قال نا عبيد الله بن إبراهيم المقرى قال نا الحسن بن محمد الزعفراني قال قال لي أبو عثمان بن الشافعي مات أبى وهو ابن ثمان وخمسين سنة بمصر وروينا عن أبي على الحسن بن محمد الصباح الزعفراني رحمه الله قال لما أراد الشافعي الخروج من العراق إلى مصر أنشد لنفسه
(أخي أرى نفسي تتوق إلى مصر
* ومن دونها أرض المفاوز والقفر)
(فوالله ما أدرى اللفوز والغنى
* أساق إليها أم أساق إلى قبرى)
قال الزعفراني فوالله لقد سيق اليهما جميعا وروينا عن ابن عبد الحكم وحرملة بن يحيى أنهما قالا مثل ذلك لقد سيق اليهما جميعا
باب ذكر المكتوب على البلاطة التي عند رأس الشافعي رحمه الله
قال الحسن بن رشيق قرأت على البلاطة التي عند رأس قبر الشافعي رحمه الله:
هذا ما يشهد عليه محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبديزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك
102

ابن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان بن أدد بن الهميسع بن النبت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله على نبينا وعلى إبراهيم وعلى جميع الأنبياء والرسل أجمعين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توفى ليوم بقي من رجب سنة اربع ومائتين
كملت أخبار الشافعي وفضائله بحمد الله وعونه ويتلوها اخبار أصحابه رحمهم الله
103

ذكر بعض من أخذ عن الشافعي علمه وكتب كتبه وتفقه له وخالفه في بعض قوله
قال أبو عمر رضي الله عنه فممن أخذ عنه من أهل مكة
أبو بكر الحميدي
وكان صاحبه عند سفيان بن عيينة وهو عبد الله بن الزبير بن عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي وكان من الفقهاء المحدثين النبلاء الثقات والحفاظ المأمونين أخذ عن ابن عيينة وهو صاحبه والمتحقق به وعنده عن وكيع وأبى معاوية والناس كان أحمد بن حنبل يعظمه ويفضله على أصحاب ابن عيينة وسئل أحمد بن حنبل من أثبت في ابن عيينة علي بن المديني أو الحميدي فقال الحميدي صاحب الرجل وأعلم الناس بحديث ابن عيينة وأثبتهم فيه توفى الحميدي في ربيع الأول سنة تسع عشرة ومائتين
وممن صحبه بمكة أيضا وأخذ عنه
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن العباس
ابن عثمان بن شافع المطلبي
وهو ابن عمه وروى أيضا عن ابن عيينة وغيره وكان ثقة حافظا للحديث ولم ينتشر عنه كبير شئ في الفقه وكان منشؤه بمكة وتوفى بها سنة سبع وثلاثين ومائتين حدث عنه جماعة
104

وأخذ عنه أيضا بمكة
أبو بكر محمد بن إدريس وراق الحميدي
وكان نبيلا ثقة وكان في سن الحميدي وعنده أكثر شيوخه صحب الشافعي وأخذ عنه لا أعلم في أي سنة مات وأخذ عنه بمكة أيضا
أبو الوليد موسى بن أبي الجارود بن عمران
صحب الشافعي وكتب كتبه وتفقه له وكانت بينه وبين داود بن علي مكاتبة في معنى القياس ولداود اليه رساله في ابطال القياس لا أعلم في اى سنة مات
فهؤلاء النفر صحبوا الشافعي بمكة وأخذوا عنه وتفقهوا بقوله قبل خروجه إلى بغداد
وممن اخذ عنه ببغداد وصحبه وتفقه له
أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح البزار الزعفراني
ويقال انه لم يكن في وقته افصح منه ولا أحسن لسانا ولا أبصر باللغة العربية والقراءة فلذلك اختاروه لقراءة كتب الشافعي وكان يذهب إلى مذهب أهل العراق فتركه وتفقه للشافعي وكان نبيلا ثقة مأمونا قرأ على الشافعي الكتاب كله نيفا على ثلاثين جزءا وكتبه عنه وهو الكتاب المعروف بالبغدادى وبالقديم ويقال لكتابه المصري الذي كتبه بمصر الجديد وكان الزعفراني يقرأ كتب الشافعي ببغداد للناس ولم يقرأ على الشافعي أحد غيره مات في سنة ستين ومائتين وكان قد أخذ عن ابن عيينة
105

وممن اخذ عنه أيضا ببغداد
أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي
وكان عالما مصنفا متقنا وكانت فتوى السلطان تدور عليه وكان نظارا جدليا وكان فيه كبر عظيم وكان يذهب إلى مذهب أهل العراق فلما قدم الشافعي وجالسه وسمع كتبه انتقل إلى مذهبه وعظمت حرمته وله أوضاع ومصنفات كثيرة نحو من مائتي جزء وكانت بينه وبين أحمد بن حنبل صداقة وكيدة فلما خالفه في القرآن عادت تلك الصداقة عداوة فكان كل واحد منهما يطعن على صاحبه وذلك أن أحمد بن حنبل كان يقول من قال القرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال القرآن كلام الله ولا يقول غير مخلوق ولا مخلوق فهو واقفي ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع وكان الكرابيسي وعبد الله بن كلاب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون إن القرآن الذي تكلم به الله صفة من صفاته لا يجوز عليه الخلق وان تلاوة التالي وكلامه بالقرآن كسب له وفعل له وذلك مخلوق وأنه حكاية عن كلام الله وليس هو القرآن الذي تكلم الله به وشبهوه بالحمد والشكر لله وهو غير الله فكما يؤجر في الحمد والشكر والتهليل والتكبير فكذلك يؤجر في التلاوة وحكى داود في كتاب الكافي أن هذا كان مذهب الشافعي وأنكر ذلك أصحاب الشافعي وقالوا هذا قول فاسد ما قاله الشافعي قط وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسينا الكرابيسي وبدعوه وطعنوا عليه وعلى كل من قال بقوله في ذلك توفى حسين الكرابيسي في سنة ست وخمسين ومائتين وممن أخذ عن الشافعي أيضا ببغداد
106

أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي
وكان يذهب إلى مذهب أهل العراق وصحب الشافعي وأخذ عنه سمع منه كتبه وله مصنفات كثيرة يذكر فيها الاختلاف ويحتج لاختياره وهو أحد المذكورين في الفقهاء وله كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي وذكر مذهبه في ذلك وهو أكثر ميلا إلى الشافعي في ذلك الكتاب وفى كتبه كلها وتوفى أبو ثور ببغداد سنة أربعين ومائتين وممن أخذ عن الشافعي ببغداد وجالسه وفضله
أبو عبد الله أحمد بن حنبل
فدام مع المودة وكان محله من العلم والحديث ما لا خفاء به وكان امام الناس في الحديث وكان ورعا خيرا فاضلا عابدا صليبا في السنة غليظا على أهل البدع وكان من اعلم الناس بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وله اختيار في الفقه على مذهب أهل الحديث وهو امامهم لم يجرد للشافعي وتوفى احمد ببغداد يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين قال ابن أبي خيثمة توفى في رجب سنة إحدى وأربعين ومائتين وممن أخذ عن الشافعي ببغداد
أبو عبيد القاسم بن سلام
في جلالته ونبل قدره ومعرفته باللغة صحب الشافعي وكتب كتبه وكان بغدادي الأصل وله اختيار ولم يجرد للشافعي توفى بمكة في المحرم سنة أربع وعشرين ومائتين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة
107

وممن أخذ عن الشافعي ببغداد وتفقه له وكتب كتبه
أبو عبد الرحمن أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري البصري
وكان يعرف بالشافعى لتحققه به وذبه عن مذهبه صحبه ببغداد وكان يناظر على مذهبه وكان من جلة العلماء وحذاق المتكلمين والعارفين بالاجماع والاختلاف وكان رفيعا عند السلطان وذوى الاقدار عالما بالحديث والأثر متسعا في العلم مع تمكن النظر والجدل والاقتدار على الكلام وهو أول من خلف الشافعي بالعراق في الذب عن أصوله ومذهبه والنصرة لقوله حتى عرف به وكان أحد العشرة الذين اختارهم المأمون لمجلسه والكلام بحضرته وسماهم أخوته ورسمهم في الديوان بذلك وله مصنفات كثيرة جليلة توفى ببغداد
وممن أخذ عن الشافعي أيضا ببغداد بعد أن رآه وجالسه بمكة
أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد
يعرف بابن راهويه وهو تميمي من بنى حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم من أهل مرو من خراسان وسكن نيسابور مدة وكان من جلة العلماء وأصحاب الحديث الحفاظ وكان نبيل القدر وله كتب كثيرة ومصنفات في الفقه ولم يتحقق بالشافعى الا انه كتب كتبه وصحبه وله اختيار كاختيار أبي ثور الا أنه أميل إلى معاني الحديث واتباع السلف نحو مذهب أحمد بن حنبل توفى بنيسابور لأربع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وهو ابن سبع وسبعين سنة
108

وممن اخذ عن الشافعي بمصر وكتب كتبه وتفقه له ولم يخالف مذهبه
حرملة بن يحيى بن حرملة بن عمران بن قراد التجيببي
يكنى ابا حفص وكان جليلا نبيل القدر ويقال ان الشافعي نزل عنده وروى عن الشافع ى من الكتب ما لم يروه الربيع منها كتاب الشروط ثلاثة أجزاء ومنها كتاب السنن عشرة أجزاء ومنها كتاب ألوان الإبل والغنم وصفاتها وأسنانها ومنها كتاب الشجاج وكتب كثيرة انفرد بروايتها سوى سماعه مع الربيع توفى بمصر سنة ست وستين ومائتين وكان أسن أصحاب الشافعي وممن أخذ عنه أيضا بمصر
أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي
في كبر سنة وجلالة قدره وفضله ونبله وكان استخلفه في حلقته وكان عالما فقيها لطيفا في أسبابه يدنى الغرباء ويقربهم إذا قدموا للطلب ويعرفهم فضل الشافعي وفضل كتبه حتى كثر الطالبون لكتب الشافعي المصرية وكان يقول كان الشافعي يأمر بذلك ويقول لي اصبر للغرباء وغيرهم من التلاميذ وأنشدني
(أهين لهم نفسي لاكرمها بهم
* ولن يكرم النفس الذي لا يهينها)
وكان ابن أبي الليث الحنفي قاضى مصر يحسده ويعاديه فأخرجه في وقت المحنة في القرآن فيمن أخرج من أهل مصر إلى بغداد ولم يخرج من
109

أصحاب الشافعي غيره وحمل إلى بغداد وحبس فلم يجب إلى مادعى اليه في القرآن وقال هو كلام الله غير مخلوق وحبس ومات في السجن يوم الجمعة قبل الصلاة في سنة احدى وثلاثين ومائتين ومنهم
أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن عمرو بن مسلم المزنى
وكان فقيها عالما راجح المعرفة جليل القدر في النظر عارفا بوجوه الكلام والجدل حسن البيان مقدما في مذهب الشافعي وقوله وحفظه واتقانه وله على مذهب الشافعي كتب كثيرة لم يلحقه أحد فيها ولقد أتعب الناس بعده منها المختصر الكبير نحو ألف ورقة ومنها المختصر الصغير الذي عليه العمل نحو من ثلاثمائة ورقة شرحه قوم كثير منهم أبو إسحاق المروزي وأبو العباس بن سريج ومنها نحو من مائة جزء مسائل منثورة في فنون من العلم ورد على المخالفين له وكان أعلم أصحاب الشافعي بالنظر دقيق الفهم والفطنة انتشرت كتبه ومختصراته إلى أقطار الأرض شرقا وغربا وكان تقيا ورعا دينا صبورا على الاقلال والتقشف وكان من يعاديه وينافسه من أهل مصر يرمونه بأنه كان يقول القرآن مخلوق وهذا لا يصح عنه فهجره قوم كثير من أهل مصر حتى كان يجلس مع نحو عشرة من أصحابه إلى عمود في المسجد وفيه يقول جعفر بن جدار الكاتب
(والمزني الذي اليه
* نعشوا إذا دهرنا ادلهما)
قال أبو عمر حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي بالزهراء قال كان فيما حدثنا شيوخنا
110

من أهل مصر بمصر رجل صالح يقولون إنه من الابدال فرأى في النوم رؤيا فأصبح فوقف في جامع مصر وصاح يا أهل مصر اجتمعوا إلى فاجتمع اليه الناس فقالوا ما نزل بك يا فلان قال أنتم على خطأ كلكم فاستغفروا الله وتوبوا اليه قالوا مم ذا قال نعم رأيت فيما يرى النائم كأني في مسجدكم هذا وكأن القناديل كلها قد أطفئت الا قنديلا واحدا عند بعض هذه الأعمدة التي كان يجلس إليها المزنى صاحب الشافعي تعالوا حتى أريكم إياه فوقفهم على العمود الذي كان يجلس اليه المزنى فتوا في الناس اليه
واستحبوه وعظمت حلقته حتى اخذت أكثر الجامع وزال ما في قلوب الناس من التهمة له وتوفى يوم الأربعاء لست بقين من ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين ومنهم
ابن الشافعي وهو أبو عثمان محمد بن محمد بن إدريس الشافعي
كذا قال قوم كنيته أبو عثمان والصحيح عندنا ان كنيته أبو الحسن وكان يتفقه لأبيه وولى القضاء بالشام توفى سنة اثنتين وأربعين ومائتين وقيل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ومنهم
عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص
مولى خزاعة يكنى ابا على صحب الشافعي وروي عنه وكانت وفاته بمصر سنة اربع وثلاثين ومائتين ومنهم
أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي
وكان جليلا نبيلا من أهل الفقه والقرآن والحديث أدرك سفيان بن عيينة وكتب عنه وروى عن الشافعي كثيرا وروى عن ابن وهب وروى عنه
111

موطأ مالك أيضا وقراءة نافع مأخوذة عنه رواها عن ورش وعن قالون وكان يروى قراءة حمزة أيضا وهو من جلة المصريين بمصر توفى بمصر سنة أربع وستين ومائتين ومنهم
بحر بن نصر بن سابق الخولاني
مولى لبنى سعد من خولان يكنى أبا عبد الله صحب الشافعي وأخذ عنه ولم يكن فقيها وكان رجلا صالحا عنده كتب الزهد عن أسد بن موسى وغيره وكتب ابن وهب توفى بمصر ليلة الاثنين لثمان خلون من شعبان سنة سبع وستين ومائتين وصلى عليه أخوه إدريس بن نصر ومنهم
أبو عبد الله أحمد بن يحيى الوزيري
مولى لتجيب روى عن الشافعي وصحبه ولم يرو عنه الا مسائل توفى بمصر في شوال سنة خمس ومائتين ومنهم
أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي
مولى لهم المؤذن كان يؤذن في الجامع الأكبر إلى أن مات لا يؤذن أحد في المنارة قبله صحب الشافعي طويلا وأخذ عنه كثيرا وخدمه وكانت الرحلة اليه في كتب الشافعي وكانت فيه سلامة وغفلة ولم يكن متيقظا ولا قائما بالفقه توفى بمصر في شعبان سنة سبعين ومائتين ومنهم
أشهب بن عبد العزيز
كانت سنه وسن الشافعي قريبا من قريب وكانا يتصاحبان إذ قدم الشافعي مصر ويتذاكران الفقه وهو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي ثم العامري ثم الجعدي يكنى أبا عمرو واسمه مسكين وأشهب لقب
112

غلب عليه كان فقيها نبيلا حسن المنظر وكان من المالكيين والمتحقعين بمذهب مالك وكان كاتب خراج مصر توفى في رجب سنة أربع ومائتين وفيها مات الشافعي وكان بين موتيهما ثمانية عشر يوما أو نحوها ذكر أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد الشافعي قال نا محمد بن علي قال نا الربيع قال سمعت الشافعي يقول دخلت إلى مصر فلم من أشهب بن عبد العزيز ومنهم
عبد الله بن عبد الحكم
ابن أعين بن الليث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يكنى أبا محمد روى عن الشافعي وأخذ عنه وكتب كتبه لنفسه ولابنه محمد وكان متحققا بقول مالك وكان صديقا للشافعي وعليه نزل إذ جاء من بغداد إلى مصر وعنده مات الشافعي ودفن في وسط قبور بني عبد الحكم بمصر وبنوا على قبره قبة وتوفي عبد الله بن عبد الحكم في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائتين ومنهم
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم
ابن أعين وكان فقيها جليلا نبيلا وجيها في زمانه أخذ عن الشافعي وصحبه وكتب وكتبه وكان أبوه عبد الله بن عبد الحكم قد ضمه اليه وأمره أن يعول عليه وعلى أشهب وكان محمد أقعد الناس بهما قال أبو عبيد الله محمد بن الربيع الجيزى سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت من الشافعي كتاب أحكام القرآن في أربعين جزءا وكتاب الرد على محمد بن الحسن في سبعة أجزاء قال وعندنا عنه جزآن في السنن وروى عن الشافعي كتاب
113

الوصايا ويقولون إنه لم يروه عن غيره ولمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم رد على الشافعي فيما وقع له من خلاف للحديث المسند ينتصر بذلك لمالك رحمه الله في عيب الشافعي له فيما ترك من المسند للعمل عنده وتوفى محمد ابن عبد الله بن عبد الحكم في ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين ومنهم
هارون بن محمد الأيلي
كان جليلا عظيما فقيها صحب الشافعي وأخذ عنه وروى عنه ومنهم
هارون بن سعيد بن الهيثم
مولى لقيس يعرف بالايلى أيضا كان جليلا فقيها نبيلا صحب الشافعي وأخذ عنه وسمع منه توفى يوم الأحد لست خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائتين ومنهم
إبراهيم بن هرم
ويقال ابن الهرم العامري كان من ملوك مصر مشهورا بالطلب والعناية بالعلم شغلته دنياه فخفى ذكره أخذ عن الشافعي وكتب كتبه ومنهم
عمرو بن سواد بن الأسود
ابن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري يكنى أبا محمد توفى في رجب سنة خمس وأربعين ومائتين ومنهم
بشر بن بكر
صحب الأوزاعي وأخذ عنه ثم أخذ عن الشافعي كثيرا من المسائل ومنهم
114

قحزم بن عبد الله بن قحزم الاسوانى
يكنى أبا حنيفة وأصله من القبط أقام بأسوان يفتى بها بمذهب الشافعي صحب الشافعي وأخذ عنه وكتب كثيرا من كتبه وروى عنه عشرة أجزاء في السنن والاحكام توفى بأسوان سنة إحدى وسبعين ومائتين
قال أبو عمر كان دخول الشافعي مصر مع العباس بن موسى بن عيسى ابن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب كان استصحبه بمصر وذلك في سنة ثمان وتسعين ومائة وأخذ عن أصحاب الشافعي المذكورين من المكيين والبغداديين والبصريين خلق كثير لا يحصون كثرة وقد ذكر أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي من أخذ عن الربيع بن سليمان كتب الشافعي ورحل اليه فيها من الآفاق مائتي رجل
كملت اخبار أصحاب الشافعي والحمد لله رب العالمين
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن الحسن ابن حمامى بن جرو بن وهب بن واسع بن سلمة بن حاضر بن حنتم بن ظالم ابن حاضر بن أسد بن عدي بن عمرو بن ملك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحرث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن الأزد بن الغوث يرتى الإمام محمد إدريس الشافعي
(بملتفتيه للمشيب طوالع
* ذوائد عن ورد التصابى روادع)
(تصرفه طوع العنان وربما
* دعاه الصبا فاقتاده وهو طائع)
(ومن لم يزعه لبه وحياؤه
* فليس له من شيب فوديه وازع)
115

(هل النافر المدعو للحظ راجع
* أم النصح مقبول أم الوعظ نافع)
(أم الهمك المهموم بالجمع عالم
* بأن الذي يوعى من المال ضائع)
(وأن قصاراه على فرط ظنه
* فراق الذي أضحى له وهو جامع)
(ويخمل ذكر المرء بالمال بعده
* ولكن جمع العلم للمرء رافع)
(ألم تر آثار ابن إدريس بعده
* دلائلها في المشكلات لوامع)
(معالم يفنى الدهر وهى خوالد
* وتنخفض الاعلام وهى فوارع)
(منهاهج () فيها للهدى متصرف
* موارد فيها للرشاد شوارع)
(ظواهرها حكم ومستنبطاتها
* لما حكم التفريق فيها جوامع)
(لرأى ابن إدريس ابن عم محمد
* ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع)
(إذا المعضلات المشكلات تشابهت
* سما منه نور في دجاهن صادع)
(أبى الله الا رفعه وعلوه
* وليس لما يعليه ذو العرش واضع)
(توخى الهدى واستنقذته يد التقى
* من الزيغ ان الزيغ للمرء صارع)
(ولاذ بأثار النبي فحكمه
* لحكم رسول الله في الناس تابع)
(وعول في احكامه وقضائه
* على ما قضى التنزيل والحق ناصع)
(بطئ عن الرأي المخوف التباسه
* اليه إذا لم يخش لبسا مسارع)
(وأنشاله منشيه من خير معدن
* خلائق هن الباهرات البوارع)
(تسربل بالتقوى وليدا وناشئا
* وخص بلب الكهل مذهو يافع)
116

(وهذب حتى لم تشر بفضيلة
* إذا التمست الا اليه الأصابع)
(فمن يك علم الشافعي امامه
* فمرتعه في ساحة العلم واسع)
(سلام على قبر تضمن روحه
* وجادت عليه المدجنات الهوامع)
(لقد غيبت أثراؤه جسم ماجد
* جليلا إذا التفت عليه المجامع)
(لئن فجعتنا الحادثات بشخصه
* وهن بما حكمن فيه فواجع)
(فأحكامه فينا بدور زراهره
* وآثاره فينا نجوم طوالع)
قال الشافعي رحمه الله لما قتل عبد الله بن الزبير أصيب في تابوت له حق ففتح فإذا فيه بطاقة مكتوب فيها إذا غاض الكرام غيضا وفاض اللئام فيضا وكان الشتاء قيظا والولد غيضا فأعنزعفر في جبل وعر خير من ملك بنى النضر قال اسلم بن عبد العزيز القاضي حدثني الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول وقف اعرابى بهشام بن عبد الملك بن مروان فسلم ثم قال له اى يرحمك الله انه مرت بنا سنون ثلاث اما إحداها فأهلكت المواشي وأما الثانية فانضت اللحم وأما الثالثة فخلصت إلى العظم وعندك مال فان يكن لله فأعطه عباد الله وان يكن لك فتصدق علينا ان الله يجزى المتصدقين قال فأعطاه عشرة آلاف درهم وقال لو كان الناس يحسنون يسئلون هكذا ما حرمنا () أحدا
أنشد الأستاذ الامام زين الاسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رضي الله عنه
(بحمد الله أفتتح المقالا
* وقد جلت أياديه تعالى)
(وأعقب بالصلات على المعلى
* على كل الورى شرفا وحالا)
117

(وقفت على معاني ما سألتم
* من التوحيد اذكره ارتجالا)
(بنظم لامخل بالمعاني
* ولا بسط فيورثكم ملالا)
(سأسعفكم بربى مستعينا
* أؤمل أن يجنبنى الضلالا)
(حكمنا بالحدوث لكل شئ
* وجدناه تغير واستحالا)
(ودل الحدثان على قديم
* يحصلها ولم يقبل زوالا)
(يخالفها فللمخلوق نقص
* وخالقها أبى الا جلالا)
(قدير عالم حي مريد
* سميع مبصر لبس الجمالا)
(ولاستحقاقه هذى الأسامي
* صفات يستحق لها الكمالا)
(ولا يحويه قطر أو مكان
* ولاحد فيستدعى مثالا)
(وراء أو مقابلة وقوفا () وتحتا أو يمينا أو شمالا)
(تقدس أن يكون له شبيه
* تعالى أن يظن وأن يقالا)
(ولا جسم يماثل محدثات
* مؤلفة قصارا أو طوالا)
(يراه المؤمنون بغير شك
* ولم يوجب له وصفا محالا)
(وما القرآن مخلوقا حديثا
* ففي آزاله نادى وقالا)
(ولو في ملكه ما لم يرده
* لكان لنعت عزته انتقالا)
(ويخلق فعلنا خيرا وشرا
* فسادا أو سدادا أو ضلالا)
(فقدرتنا لئن صلحت لخلق
* وحاولنا الجواهر ما استحالا)
(فلا قدر ولا في الدين جبر
* بلا كسب شرحت به المقالا)
(ولم يخرج عن الايمان عبد
* بدون الكفر لم يحسن خصالا)
(ولله العزيز بحق ملك
* تعبد من يكلفه الفعالا)
118

(وأرسل بالهدى رسلا كراما
* لهم برهان صدق قد توالى)
(وخص محمدا بعلو قدر
* وعز قد كساه به جلالا)
(وأعطاه من افضال ومجد
* وأوصاف حميدات خلالا)
(شفاعة أمة وكمال دين
* ومعراجا وما في ذاك نالا)
(فمهد للورى شرعا قويما
* ولم يترك لايهام منالا)
(وبين ان أفعالا حراما
* وأفعالا مباحا أو حلالا)
(فكان الشمس والباقون بدرا
* وكان البدر والباقي هلالا)
(إذا رام الخطيب له بيانا
* أصاب لبسط قالته مجالا)
(على الخيرات قد وعد العطايا
* ومن يعص الآله يذق وبالا)
(وليس الكسب يوجب ما نلاقى
* ولا لجزاء مولانا اعتلالا)
(بل الاكساب والافعال منا
* امارات فدع عنك المحالا)
(ولما أن مضى ترك البرايا
* على بيضاء من در تلالا)
(وبعد وفاته الصديق ثان
* وفاروق تعقبه وآلا)
(وذو النورين بعدهم على
* هم الخلفاء والباقون لالا)
(فلا تذكر صحابيا بسؤء
* ودع ما قد جرى ودع السؤالا)
(وجانب كل منتحل ضلالا
* ومن يختار رفضا واعتزالا)
(وخالف كل مبتدع تصدى
* لتشبيه وتعطيل ومالا)
(وقل أنا مؤمن وبفضل ربى
* أرى منه التجاوز والنوالا)
119

الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله أجمعين وأذكر في هذا الجزء إن شاء الله بعض ما حضرني ذكره من أخبار أبي حنيفة وفضائله وذكر بعض من أثنى عليه وحمده ونبدأ بما طعن فيه عليه لرده بما أصله لنفسه في الفقه ورد بذلك أخبار الآحاد الثقات إذا لم يكن في كتاب الله وما أجمعت الأمة عليه دليل على
ذلك الخبر وسماه الخبر الشاذ وطرحه وكان مع ذلك أيضا لا يرى الطاعات وأعمال البر من الايمان فعابه بذلك أهل الحديث فهذا القول يستوعب معنى ماليح به من طعن عليه من أهل الأثر
وقد اثنى عليه قوم كثير لفهمه ويقظته وحسن قياسه وورعه ومجانبته السلاطين فنذكر في هذا الكتاب عيونا من المعينين جميعا إن شاء الله وهو حسبنا ونعم الوكيل
121

باب ذكر مولد أبي حنيفة ونسبه وسنه رحمه الله
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أبو بكر ابن أبي خيثمة قال سمعت أبي يقول أبو حنيفة النعمان بن ثابت قال أبو بكر وسمعت محمد بن يزيد يقول أبو حنيفة مولى بنى تيم الله بن ثعلبة قال وأخبرنا المدائني قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت مولى لبني تيم الله بن ثعلبة وحدثنا أبو العاصي حكم بن منذر بن سعيد بن عبد الله رحمه الله قال أنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن يوسف المكي الصيدلاني بمكة رحمه الله قال نا أبو علي عبد الله بن أبي رجاء قال نا أبو زرعة الدمشقي قال سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول ولد أبو حنيفة سنة ثمانين وتوفى سنة خمسين ومائة نا خلف بن قاسم رحمه الله قراءة منى عليه قال نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد بدمشق قال نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان الدمشقي قال سمعت أبا نعيم فذكره سواء ونا حكم بن المنذر بن سعيد رحمه الله قال نا يوسف بن أحمد بن يوسف قال نا محمد بن علي بن سهل المروزي قال نا النضر بن محمد بن يسار الشيباني قال نا يحيى بن نضر بن حاجب قال كان مولد النعمان بن ثابت أبي حنيفة في نسا وكان أبوه عبدا مملوكا لرجل من ربيعة من بنى تيم الله بن ثعلبة من فخذ يقال لهم بنو قفل وكان جمالا لعبد الله بن قفل وولد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة ومات ببغداد ليلة النصف من شعبان سنة
122

خمسين ومائة نا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا محمد بن يزيد الرفاعي قال سمعت عمى كثير بن محمد يقول سمعت رجلا من بنى قفل من خيار بنى تيم الله يقول لأبي حنيفة أنت مولاي وقال أنا والله أشرف لك منك لي ونا حكم بن منذر رحمه الله قال نا يوسف بن أحمد قال نا أحمد بن صخر الفارسي وأبو سعيد بن الاعرابى قالا سمعنا عبد الله بن أبي الدنيا قال نا محمد بن سعيد عن الواقدي قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي مولى لهم وحدثنا حكم ابن منذر قال نا يوسف بن أحمد قال نا جعفر بن إدريس المقرى الحذاء قال نا إدريس بن عبد الكريم الحذاء قال سمعت أبا نعيم يقول النعمان بن ثابت ابن زوطى أبو حنيفة مولى لبنى بكر بن وائل ونا حكم بن منذر قال نا يوسف بن أحمد قال سمعت أبا سعيد بن الاعرابى يقول سمعت عبد الرحمن بن الفضل يقول سمعت البخاري يقول أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي مولى لبنى تيم الله بن ثعلبة قال أبو نعيم مات سنة خمسين ومائة قال أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن يوسف نا أحمد بن الحسن الحافظ قال سمعت أحمد بن محمد البرثى القاضي يقول سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول ولد أبو حنيفة سنة ثمانين ومات سنة خمسين ومائة عاش سبعين سنة قال أبو نعيم وكان حسن الوجه حسن الثياب قال أبو يعقوب وسمعت القاضي أبا الحسن أحمد بن محمد النيسابوري يملى قال وأما أبو حنيفة فلا اختلاف في مولده انه ولد سنة ثمانين من الهجرة ومات ليلة النصف من شعبان سنة خمسين ومائة
123

باب ذكر ما انتهى الينا من ثناء العلماء على أبي حنيفة وتفضيلهم له
أبو جعفر محمد بن علي بن حسن
حدثنا حكم بن منذر رحمه الله قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا أبو العباس محمد بن الحسن بن الفارض قال نا علي بن عبد العزيز قال نا أبو إسحق الطائفي قال نا عمر بن هارون عن أبي حمزة الثمالي قال كنا عند أبي جعفر محمد بن علي فدخل عليه أبو حنيفة فسأله عن مسائل فأجابه محمد ابن علي ثم خرج أبو حنيفة فقال لنا أبو جعفر ما أحسن هديه وسمته وما أكثر فقهه قال أبو يعقوب ومن رواية أبي حنيفة عنه ما حدثنا أبو الحسن النعمان بن محمد قال نا محمد بن عيسى قال نا داود بن رستد قال نا يحيى بن سعيد الأموي عن أبي حنيفة أن أبا جعفر محمد بن علي حدثه أن عليا دخل على عمر وهو مسجى عليه بثوب فقال ما من أحد أحب إلى أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى بردائه
حماد بن أبي سليمان
قال أبو يعقوب يوسف بن أحمد نا أبو الحسين القاضي أحمد ابن محمد النيسابوري قال نا محمد بن يزيد قال نا عبد الله بن حماد بن أبي حنيفة قال أنا حماد بن أبي حنيفة عن أبيه قال سأل أبى حماد بن أبي سليمان عن مسئلة من الطلاق فأجابه فجعل أبو حنيفة ينازعه في المسئلة
124

حتى سكت حماد فلما قام أبو حنيفة قال حماد هذا مع فقهه يحيى الليل ويقومه قال ونا أحمد بن مطرف القاضي قال نا عبد الله بن محمد الفقيه قال سمعت الحسن بن مطيع يقول أنى إسماعيل بن هشام قال كنت عند حماد بن أبي سليمان فأقبل أبو حنيفة فلم يزل يكلمه في مسئلة حتى احمر وجهه فلما قام قال حماد هذا على ما ترى منه يقوم الليل كله ويحييه قلت فما كانت المسئلة قال في رجل حلف ان تزوج امرأة من أهل الدنيا فهي طالق إلا فلانة قال يترك النكاح لأنه وقت قال أبو حنيفة فان قال بعد ذلك ان تزوجت فلانة فهي طالق قال يتزوج الآن ما شاء لأنه حرم على نفسه النساء فقال أبو حنيفة سبحان الله إذا وسع ضيقت وإذا ضيق وسعت
مسعر بن كدام
قال أبو يعقوب نا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله المقرى قال نا محمد بن إسحاق سبويه قال نا عبيد الله بن موسى قال سمعت مسعر بن كدام يقول رحم الله أبا حنيفة ان كان لفقيها عالما
أيوب السختياني نا أبو حفص عمر بن شجاع الحلواني قال نا علي بن عبد العزيز قال نا عازم قال سمعت حماد بن زيد يقول أردت الحج فأتيت أيوب أودعه فقال بلغني أن
فقيه أهل الكوفة أبا حنيفة يريدالحج فإذا لقيته فاقرئه منى السلام
125

الأعمش
قال أبو يعقوب نا عمر بن أحمد بن عنزة الموصلي قال نا أبو جعفر بن أبي المثنى قال سمعت محمد بن عبيد الطنافسي يقول خرج الأعمش يريد الحج فلما صار بالحيرة قال لعلي بن مسهر اذهب إلى أبى حنيفة حتى يكتب لنا المناسك قال وحدثنا العباس بن محمد البزار قال نا محمد بن عبيد بن عنام قال نا محمد بن عبد الله بن نمير قال سمعت أبي يقول سمعت الأعمش يقول وسئل عن مسئلة فقال انما يحسن الجواب في هذا ومثله النعمان بن ثابت الخزاز أراه بورك له في علمه
شعبة بن الحجاج
قال أبو يعقوب حدثنا أبو مروان عبد الملك بن الحر الجلاب وأبو العباس محمد بن الحسن الفارض قال نا محمد بن إسماعيل الصائغ قال سمعت شبابة بن سوار يقول كان شعبة حسن الرأي في أبي حنيفة وكان يستنشدنى ابيات مساور الوراق
(إذا ما الناس يوما قايسونا
* بآبدة من الفتيا طريفه)
(رميناهم بمقياس مصيب
* صليب من طراز أبى حنيفة)
(إذا سمع الفقيه به وعاه
* وأثبته بحبر في صحيفة)
قال وحدثنا إسحاق بن أحمد الحلبي قال نا سليمان بن سيف قال نا عبد الصمد بن عبد الوارث قال كنا عند شعبة بن الحجاج فقيل له مات أبو حنيفة فقال شعبة لقد ذهب معه فقه الكوفة تفضل الله علينا وعليه
126

برحمته قال ونا أحمد بن الحسن الحافظ قال نا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال سئل يحيى بن معين وأنا اسمع عن أبي حنيفة فقال ثقة ما سمعت أحدا ضعفه هذا شعبة بن الحجاج يكتب اليه أن يحدث ويأمره وشعبة شعبة
سفيان الثوري
نا محمد بن الحسن الفارض قال نا علي بن عبد العزيز قال نا إسماعيل بن إسحاق الطائفي قال نا الحسين بن واقد قال وقعت مسئلة بمرو فلم أجد أحدا يعرفها فجئت إلى العراق فسألت عنها سفيان الثوري فقال لي يا حسين لا أعرفها بعد أن اطرق ساعة فقلت له أنت تقول لا أعرفها وأنت إمام فقال أقول كما قال ابن عمر سئل عن شئ لم يدره فقال لا أدرى قال فأتيت أبا حنيفة فسألته عنها فأفتاني فيها فذكرت ذلك لسفيان فقال كيف قال لك فيها قلت قال فيها كذا وكذا فسكت ساعة ثم قال يا حسين هو على ما قال لك أبو حنيفة نا علي بن محمد الكوفي المعروف بابن أبى قراد قال نا عبد الله بن سعيد الأشج قال نا أبو خلد الأحمر قال قال رجل لسفيان الثوري قال أبو حنيفة في هذه المسئلة كذا وكذا قال انتهى إلى ما سمع قال ونا أبو محمد موسى بن محمد المرى قال نا محمد ابن عيسى البياضي قال نا نصر بن علي الجهضمي قال سمعت عبد الله بن داود الحرمى يقول كنت عند سفيان الثوري فسأله رجل عن مسئلة من مسائل الحج فأجابه فقال له الرجل إن أبا حنيفة قال فيها كذا فقال هو
127

كما قال أبو حنيفة ومن يقول غير هذا نا أبو علي الاسيوطى قال نا أحمد بن محمد بن سلامة قال نا أحمد بن أبي عمران قال نا محمد بن شجاع قال سمعت الحسن بن أبي مالك يقول سمعت أبا يوسف يقول سفيان الثوري أكثر متابعة لأبي حنيفة منى
المغيرة بن مقسم الضبي
قال ونا جدى رحمه الله قال نا أبو الحسن بن ميسر بواسط قال نا يوسف بن موسى قال نا جرير بن عبد الحميد قال قال مغيرة يا جرير الا تأتى أبا حنيفة
الحسن بن صالح بن حي
حدثنا إسحاق بن أحمد الحلبي قال نا سليمان بن يوسف ونا أبو محمد المقرى قال نا أحمد بن يحيى قالا نا يحيى بن آدم قال سمعت الحسن بن صالح يقول كان النعمان بن ثابت فهما عالما متثبتا في علمه إذا صح عنده الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعده إلى غيره
سفيان بن عيينة
قال وأنا أبو العباس الفارض قال نا محمد بن إسماعيل قال نا سويد بن سعيد الأنباري قال سمعت سفيان بن عيينة يقول أول من اقعدنى للحديث بالكوفة أبو حنيفة أقعدني في الجامع وقال هذا أقعد الناس بحديث عمرو بن دينار فحدثتهم قال ونا أبو الحسن مصعب بن إسماعيل المصيصي وراق علي بن عبد العزيز قال نا علي بن عبد العزيز قال نا إسحاق بن أبي
128

إسرائيل قال سمعت سفيان بن عيينة يقول أتينا سعيد بن أبي عروبة يوما فقال إنه أتتني هدية من عند أبي حنيفة أو قال هدايا وجه بها إلى أبو حنيفة أفنجعل لك فيها حظا قال فقلت متعك الله بنفسك وجزى المهدى إليك عما أهداه إليك خيرا قال ونا أبو بكر بن عثمان بن محمد الصدفي قال نا عثمان بن أحمد الكرخي بطرسوس قال نا حامد بن يحيى البلخي قال كنت عند سفيان بن عيينة فجاءه رجل فسأل عن مسئلة قال إني بعت متاعا إلى الموسم وأنا أريد أن أخرج فيقول لي الرجل ضع عنى وأعجل لك مالك
فقال سفيان قال الفقيه أبو حنيفة إذا بعت بالدراهم فخذ الدنانير وإذا بعت بالدنانير فخذ الدراهم قال ونا أبو الحسن محمد بن الحسن الطوسي وأبو محمد بن المقرى قالا نا محمد بن إدريس بن عمر وراق الحميدي قال نا الحميدي قال نا سفيان بن عيينة قال قال مساور الوراق وكان رجلا صالحا في أبي حنيفة وكان له فيه رأى
(إذا ما الناس يوما قايسونا
* بمعضلة من الفتيا لطيفة)
(رميناهم بمقياس مصيب
* صليب من طراز أبي حنيفة)
(إذا سمع الفقيه به وعاه
* وأثبته بحبر في صحيفة)
حدثنا عبد الوارث قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير أخبرني سليمان بن أبي شيخ قال قال مساور الوراق
(كنا من الدين قبل اليوم في سعة
* حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس)
(قاموا من السوق إذ قلت مكاسبهم
* فاستعملوا الرأي عند الفقر والبؤس)
129

(اما العريب فأمسوا لاعطاء لهم
* وفى الموالى علامات المفاليس)
فلقيه أبو حنيفة فقال هجوتنا نحن نرضيك فبعث اليه بدراهم فقال
(إذا ما أهل مصر بادهونا
* بداهية من الفتيا لطيفة)
(أتيناهم بقياس صحيح
* صليب من طراز أبي حنيفة)
(إذا سمع الفقيه به وعاه
* وأثبته بحبر في صحيفة)
قال وحدثني أبو علي أحمد بن عثمان الأصبهاني قال نا أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد الضبي قال سمعت علي بن المديني يقول سمعت سفيان ابن عيينة يقول كان أبو حنيفة له مروءة وكثرة صلاة
سعيد بن أبي عروبة رضي الله عنه
نا أحمد بن الحسن قال نا يحيى بن أبي طالب قال نا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف قال سئل سعيد بن أبي عروبة عن شئ من علم الطلاق فأجاب فيه فقيل له هكذا قال أبو حنيفة فيها فقال سعيد كان أبو حنيفة عالم العراق قال وقال سعيد ابن أبي عروبة قدمت الكوفة فحضرت مجلس أبي حنيفة فذكر يوما عثمان بن عفان فترحم عليه فقلت له وأنت يرحمك الله فما سمعت أحدا في هذا البلد يترحم على عثمان بن عفان غيرك فعرفت فضله
حماد بن زيد
قال ونا الحسن بن الخضر الاسيوطى قال نا أبو بشر الدولابي قال نا محمد بن سعدان قال نا سليمان بن حرب قال سمعت حماد بن زيد يقول والله انى لاحب أبا حنيفة لحبه لأيوب وروى حماد بن زيد عن أبي حنيفة أحاديث كثيرة
130

شريك القاضي
نا أبو الشريك محمد بن الحسن الاطرابلسى قال نا محمد بن عوف الحمصي قال نا الهيثم بن جميل قال سمعت شريكا النخعي يقول كان أبو حنيفة رحمه الله طويل الصمت دائم الفكر قليل المجادلة للناس
ابن شبرمة
قال ونى جدى رحمه الله قال نا محمد بن حماد قال نا محمد بن مليح بن وكيع قال نا أبى قال نا زيد بن كعب قال قال لي شريك في حديث ذكره قال ابن شبرمة عجزت النساء أن تلد مثل النعمان
يحيى بن سعيد القطان
نا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير بن حرب نا يحيى ابن معين قال قال يحيى بن سعيد القطان أريتم ان عبنا على أبى حنيفة شيئا وأنكرنا
بعض قوله أتريدون أن نترك ما نستحسن من قوله الذي يوافقنا عليه ونا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أبو بكر أحمد بن زهير بن أبي خيثمة قال نا يحيى بن معين قال سمعت رجلا سأل يحيى بن سعيد القطان عن أبي حنيفة فما تزين عند من كان عنده أن يذكره بغيرما هو عليه وقال والله إنا إذا استحسنا من قوله الشئ أخذناه ونا حكم بن منذر بن سعيد رحمه الله قال يوسف بن أحمد بن يوسف قال ونا أحمد بن الحسين البركانى قال نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال سمعت يحيى بن معين قال سمعت رجلا سأل يحيى بن سعيد القطان عن أبي حنيفة قال ما نتزين عند الله بغير ما يعلمه الله عز وجل فانا والله إذا استحسنا من قوله الشئ أخذنا به قال ونا أبو سعيد بن الاعرابى قال نا
131

العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول فذكر مثله ونا محمد بن علي السامري المقرى قال نا أحمد بن منصور الرمادي قال سمعت يحيى بن معين يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول لا نكذب الله عز وجل كم من شئ حسن قاله أبو حنيفة وربما استحسنا الشئ من رأيه فأخذنا به قال يحيى بن معين وكان يحيى بن سعيد يذهب في الفتوى مذهب الكوفيين ونا أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أحمد بن الفضل بن العباس قال نا محمد بن جرير الطبري قال نا عباس قال سمعت يحيى بن معين يقول سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لا نكذب الله ربما ذهبنا إلى الشئ من قول أبي حنيفة فقلنا به
عبد الله بن المبارك
قال ونا أبو حفص عمر بن أحمد بن علي المروزي بمكة عند صناديد المراوزة في ذي الحجة قال نا أبو الموجة قال نا عبد الله ابن عثمان قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول كان أبو حنيفة قديما أدرك الشعبي والنخعي وغيرهما من الأكابر وكان بصيرا بالرأي يسلم له فيه ولكنه كان تهيما في الحديث نا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال نا الوليد بن شجاع قال نا علي بن الحسن بن شقيق قال كان عبد الله بن المبارك يقول إذا اجتمع هذان على شئ فتمسك به يعنى الثوري وأبا حنيفة قال أبو يعقوب وأنا محمد بن أحمد بن يعقوب اجازه قال نا جدى قال نا محمد بن مسلم قال سمعت إسماعيل
132

ابن داود يقول كان ابن المبارك يذكر عن أبي حنيفة كل خير ويزكيه ويقرضه ويثنى عليه وكان أبو الحسن الفزازى يكره أبا حنيفة وكانوا إذا اجتمعوا لم يجترىء أبو إسحاق ان يذكر أبا حنيفة بحضرة ابن المبارك بشئ قال ونا أبو عبد الله محمد بن حرام الفقيه قال نا قاسم ابن عباد قال نا أحمد بن محمد السراج قال نا عبدان قال سمعت عبد الله ابن المبارك وقد طعن رجل في مجلسه في أبي حنيفة فقال له اسكت والله لو رأيت أبا حنيفة لرأيت عقلا ونبلا قال ونا القاسم بن عباد قال نا أبو سليمان الجوزجاني قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول ما رأيت أحدا أتقى لله من سفيان الثوري ولا رأيت أحدا أعقل من أبي حنيفة وعن ابن المبارك روايات كثيرة في فضائل أبي حنيفة ذكرها ابن زهير في كتابه وذكرها غيره وقال أبو يعقوب ونا محمد ابن محمد أبو العباس ابن سابور قال نا علي بن عبد العزيز قال نا الحسن ابن الربيع قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول
(رأيت أبا حنيفة كل يوم
* يزيد نباهة ويزيد خيرا)
(وينطق بالصواب ويصطفيه
* إذا ما قال أهل الجور جورا)
(يقايس من يقايسه بلب
* ومن ذا تجعلون له نظيرا)
(كفانا فقد حماد وكانت
* مصيبتنا به أمرا كبيرا)
(رأيت أبا حنيفة حين يؤتى
* ويطلب علمه بحرا غزيرا)
(إذا ما المشكلات تدافعتها
* رجال العلم كان بها بصيرا)
133

القاسم بن معن
نا عبد الوارث بن سفيان نا قاسم بن اصبغ نا أحمد بن زهير نا سليمان بن أبي شيخ قال نا حجر بن عبد الجبار قال قيل للقاسم ابن معن أنت ابن عبد الله بن مسعود ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة فقال ما جلس الناس إلى أحد انفع مجالسة من أبي حنيفة وقال له القاسم تعال معي اليه فجاء فلما جلس اليه لزمه وقال ما رأيت مثل هذا قال سليمان وكان أبو حنيفة حليما ورعا سخيا
حجر بن عبد الجبار
وذكر الدولابي أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري ثم الدولابي نى أبو الحسن أحمد بن القاسم قال نا سليمان بن أبي شيخ قال نى حجر بن عبد الجبار الحضرمي قال ما رأى الناس أحدا أكرم مجالسة من أبي حنيفة ولا أشد اكراما لأصحابه منه
زهير بن معاوية
قال أبو يعقوب نا أبو جعفر العقيلي قال نا أبو شعيب الحراني قال نا علي بن الجعد قال كنا عند زهير بن معاوية فجاءه رجل فقال له زهير من أين جئت فقال من عند أبي حنيفة فقال زهير ان ذهابك إلى أبى حنيفة يوما واحدا انفع لك من مجيئك إلى شهرا
ابن جريج
نا حكم بن منذر قال نا يوسف بن أحمد قال نا أبو اليسع إسماعيل بن أبي الجعد
134

المصيصي قال نا يوسف بن سعيد بن مسلم قال سمعت حجاج بن محمد يقول سمعت ابن جريج يقول بلغني عن كوفيكم هذا النعمان بن ثابت أنه شديد الخوف لله أو قال خائف لله ونا حكم بن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيدلاني بمكة نا أبو العباس محمد بن الحسن الفارض قال نا محمد بن إسماعيل الصائغ قال نا روح بن عبادة قال كنت عند ابن جريج سنة خمس ومائة فقيل له مات أبو حنيفة فقال رحمه الله قد ذهب معه علم كثير
عبد الرزاق
قال أبو يعقوب يوسف بن أحمد نا أبو علي محمد بن علي السامري قال نا أحمد بن منصور الرمادي قال سمعت عبد الرزاق بن همام يقول ما رأيت أحدا قط احلم من أبى حنيفة لقد رأيته في المسجد الحرام والناس يتحلقون حوله إذ سأله رجل عن مسئلة فأفتاه بها فقال له رجل قال فيها الحسن كذا وكذا وقال فيها عبد الله بن مسعود كذا فقال أبو حنيفة أخطأ الحسن وأصاب عبد الله بن مسعود فصاحوا به قال عبد الرزاق فنظرت في المسئلة فإذا قول ابن مسعود فيها كما قال أبو حنيفة وتابعه أصحاب عبد الله بن مسعود
قول الشافعي فيه
نا الحكم قال نا يوسف نا محمد بن حفص بن عمرويه قدم علينا حاجا على باب التمارين قال سمعت عباس بن عزيز قال سمعت حرملة يقول سمعت الشافعي يقول كان أبو حنيفة وقوله في الفقه مسلما له فيه قال وسمعت
135

حرملة يقول سمعت الشافعي يقول من أراد ان يفتن في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق ومن أراد الفقه فهو عيال على أبى حنيفة
وكيع
نا حكم بن منذر بن سعيد قال نا يوسف بن أحمد بمكة قال نا أبو سعيد بن الاعرابى قال نا عباس الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول ما رأيت مثل وكيع وكان يفتى برأي أبى حنيفة
خلد الواسطي
نا حكم بن منذر قال نا يوسف بن أحمد قال نا محمد بن علي السمناني قال نا أحمد بن حماد قال نا القاسم بن عباد قال نا محمد بن علي قال سمعت يزيد بن هارون يقول قال لي خلد الواسطي انظر في كلام أبى حنيفة لتتفقه فإنه قد احتيج إليك أو قال اليه وروى عنه خلد الواسطي أحاديث كثيرة
الفضل بن موسى السينانى
نا حكم بن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا جعفر بن إدريس المقرى قال نا الحسن بن محمد بن هارون قال نا محمد بن أبي منصور قال نا حاتم بن آدم قال قلت للفضل بن موسى السينانى ما تقول في هؤلاء الذين يقعون في أبي حنيفة قال إن أبا حنيفة جاءهم بما يعقلونه وبما لا يعقلونه من العلم ولم يترك لهم شيئا فحسدوه
عيسى بن يونس
وقال نا جعفر بن إدريس القزويني قال نا محمد بن عيسى الطرسوسي قال سمعت سليمان الشاذكوني قال قال عيسى بن يونس لاتتكلمن
136

في أبي حنيفة بسوء ولا تصدقن أحدا يسئ القول فيه فانى والله ما رأيت أفضل منه ولا أورع منه ولا أفقه منه
وممن انتهى الينا ثناؤه على أبي حنيفة ومدحه له عبد الحميد بن يحيى الحماني ومعمر بن راشد والنضر بن محمد ويونس بن أبي إسحاق وإسرائيل ابن يونس وزفر بن الهذيل وعثمان البتي وجرير بن عبد الحميد وأبو مقاتل حفص بن مسلم وأبو يوسف القاضي وسلم بن سالم ويحيى بن آدم ويزيد ابن هارون وابن أبي رزمة وسعيد بن سالم القداح وشداد بن حكيم وخارجة ابن مصعب وخلف بن أيوب وأبو عبد الرحمن المقرى ومحمد بن السائب الكلبي والحسن بن عمارة وأبو نعيم الفضل بن دكين والحكم بن هشام ويزيد ابن زريع وعبد الله بن داود الحربي ومحمد بن فضيل وزكريا بن أبي زائدة وابنه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة بن وزائدة قدامة ويحيى بن معين ومالك ابن مغول وأبو بكر بن عياش وأبو خلد الأحمر وقيس بن الربيع وأبو عاصم النبيل وعبد الله بن موسى ومحمد بن جابر الأصمعي وشقيق البلخي وعلى ابن عاصم ويحيى بن نصر كل هؤلاء اثنوا عليه ومدحوه بألفاظ مختلفة ذكر ذلك كله أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن يوسف المكي في كتابه الذي جمعه في فضائل أبى حنيفة وأخباره حدثنا به حكم بن منذر رحمه الله
باب جامع في فضائل أبي حنيفة وأخباره
أنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن
137

زهير بن حرب قال أنا سليمان بن أبي شيخ قال أنا الربيع بن عاصم مولى لفزارة قال أرسلني يزيد بن عمر بن هبيرة فقدمت بأبى حنيفة عليه فأراده على بيت المال فأبى فضربه أسواطا عشرين ونا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير بن حرب قال نا سليمان بن أبي شيخ قال نا عبد الله ابن صالح بن مسلم العجلي قال قال رجل
بالشام للحكم بن هشام الثقفي أخبرني عن أبي حنيفة قال كان من أعظم الناس أمانة وأراده سلطان على أن يتولى مفاتيح خزائنه أو يضرب ظهره فاختار عذابهم على عذاب الله فقال ما رأيت أحدا يصف أبا حنيفة بمثل ما وصفته قال هو والله كما قلت لك ونا حكم بن منذر بن سعيد قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا محمد بن علي السمناني قال نا أحمد بن محمد بن العباس بن يزيد قال نا القاسم بن عباد قال نا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال قال أبو يوسف كنا نختلف في المسئلة فنأتى أبا حنيفة فكأنما يخرجها من كمه فيدفعها الينا ونا عبد الوارث ابن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال ناأحمد بن زهير قال أنا سليمان ابن أبي شيخ قال نا أبو سفيان الحميري قال لما أخذ ابن هبيرة الأمان من أبى جعفر بعث به إلى الكوفة يعرضه على أبي حنيفة وابن أبي ليلى فقالا هو جيد مؤكد ونا عبد الوارث نا قاسم نا أحمد بن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال إني العلاء بن عصيم قال قلت لوكيع بن الجراح لقد اخترأت حين قلت الايمان يزيد وينقص ولقد إجترأت أبو حنيفة حين قال الايمان قول بلا عمل ونا عبد الوارث بن سفيان
138

قال نا قاسم نا أحمد بن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال نى حمزة بن المغيرة وتوفى في سنة ثمانين ومائة وله تسعون أو نحوها قال كنا نصلى مع عمر بن ذر في شهر رمضان القيام فكان أبو حنيفة يجئ ويجئ بأمه معه وكان موضعا بعيدا جدا وكان ابن ذر يصلى إلى قرب السحر قال وأنا سليمان بن أبي شيخ قال نا سفيان الحميري قال كان ابن أبي ليلى قاضى الكوفة فسعى اليه ساع بأبى حنيفة قال إن عنده ودائع قد شغلها فان أخذته بها فضحته فأرسل اليه ان عندك أموالا وودائع لأيتام أريد أن أنظر فيها فأمر أبو حنيفة بصندوق ففتح ثم أخرج ما فيه من أموال الناس ومن ودائعهم ثم قال للرسول قل لصالحبك هذا ما عندي على حاله فان أراد أن نحمله اليه حملناه فلما رجع الرسول بذلك امسك عنه ولم يعرض له قال ونا سليمان بن أبي شيخ قال إني بعض الكوفيين قال قيل لأبي حنيفة في المسجد حلقة ينظرون في الفقه قال لهم رأس قالوا لا قال لا يفقه هؤلاء أبدا وذكر الدولابي نا أحمد بن القاسم قال نى ابن أبي رزمة قال نى خلد بن صبيح قال سمعت ابا يوسف يقول كنا نختلف في المسئلة فيأتي أبو حنيفة فنسأله فكأنما يخرجها من كمه فيدفعها الينا قال وما رأيت أحدا اعلم بتفسير الحديث من أبى حنيفة قال وسمعت محمد بن شجاع يقول سمعت الحسن بن أبي ملك يقول سمعت ابا يوسف يقول كأن أبا حنيفة لا يرى أن يروى من الحديث الا ما حفظه عن الذي سمعه منه وسمعت ابا عبد الله محمد بن شجاع يقول سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي
139

سلمان في حلقة أبى حنيفة بالكوفة يقول قال أبو حنيفة هذا الذي نحن فيه رأى لا نجبر أحدا عليه ولا نقول يجب على أحد قبوله بكراهية فمن كان عنده شئ أحسن منه فليأت به حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال نا أبو سفيان الحميري عن علي بن حرملة قال كان أبو يوسف القاضي يقول في دبر صلاته اللهم اغفر لي ولوالدي ولأبي حنيفة نا حكم ابن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا أبو داود أحمد بن محمد القيسارانى قال نا علي بن عمرو بن خلد قال نا أبى قال نا زهير بن معاوية قال سألت أبا حنيفة عن أمان العبد فقال ان كان لا يقاتل فأمانه باطل فقلت له انه حدثني عاصم الأحول عن الفضيل بن يزيد الرقاشي قال كنا نحاصر العدو فرمى إليهم بسهم فيه أمان فقالوا قد أمنتمونا فقلنا انما هو عبد فقالوا والله ما نعرف منكم العبد من الحر فكتبنا بذلك إلى عمر فكتب عمر ان أجيزوا أمان العبد فسكت أبو حنيفة ثم غبت عن الكوفة عشر سنين ثم قدمتها فأتيت أبا حنيفة فسألته عن أمان العبد فأجابني بحديث عاصم ورجع عن قوله فعلمت انه متبع لما سمع وسألت سفيان الثوري عن ذلك فقال أمانه جائز قاتل أو لم يقاتل وذكر حديث عاصم الأحول نا حكم بن منذر قال نا يوسف بن أحمد قال نا أبو العباس الفارض قال نا محمد بن إسماعيل الصائغ قال نا داود بن المحبر قال قيل لأبي حنيفة المحرم لا يجد الإزار يلبس السراويل قال لا ولكن يلبس الإزار قيل له ليس له ازار قال يبيع السراويل ويشترى بها إزارا قيل له فان
140

النبي صلى الله عليه وسلم خطب وقال (المحرم يلبس السراويل إذا لم يجد الإزار) فقال أبو حنيفة لم يصح في هذا عندي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ فأفتى به وينتهى كل امرى إلى ما سمع وقد صح عندنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يلبس المحرم السراويل) فننتهى إلى ما سمعنا قيل له اتخالف النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعن الله من يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم به أكرمنا الله وبه استنقذنا ونا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال ونى حجر بن عبد الجبار قال ما رأى الناس أكرم مجالسة من أبى حنيفة ولا أشد اكراما لأصحابه منه نا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال كان أبو سعيد الرازي يمارى أهل الكوفة ويفضل أهل المدينة فهجاه رجل من أهل الكوفة ولقبه شرشير وقال كلب في جهنم يسمى شرشير فقال
(عندي مسائل لا شرشير يحسنها
* ان سيل عنها ولا أصحاب شرشير)
(وليس يعرف هذا الدين نعلمه
* الاحنيفية كوفية الدوري)
(ولاتسألن مدينيا فتحرجه
* الا عن اليم والمثناة والزير)
قال سليمان قال لي أبو سعيد فكتبت إلى أهل المدينة انكم قد هجيتم بكذا فأجيبوا فأجابه رجل من أهل المدينة فقال
(لقد عجبت لغاو ساقه قدر
* وكل أمر إذا ما حم مقدور)
(قال المدينة ارض لا تكون بها
* الا الغناء والا اليم والزير)
(لقد كذبت لعمر الله ان بها
* قبر الرسول وخير الناس مقبور)
141

قال وحدثني سليمان بن أبي شيخ قال نى عمرو بن سليمان العطار قال كنت بالكوفة أجالس أبا حنيفة فتزوج زفر بن الهذيل فحضره أبو حنيفة فقال له تكلم فخطب فقال في خطبته هذا زفر بن الهذيل وهو امام من أئمة المسلمين وعلم من اعلامهم في حسبه وشرفه وعلمه فقال بعض قومه ما يسرنا ان غير أبي حنيفة خطب حين ذكر خصاله وكره ذلك بعض قومه وقالوا له حضر بنو عمك وأشراف قومك وتسأل أبا حنيفة يخطب فقال لو حضر أبى قدمت أبا حنيفة عليه وزفر بن الهذيل عنبرى من بنى تميم قال ونا يحيى بن معين قال سمعت عبيد بن أبي قرة قال سمعت يحيى بن ضريس يقول شهدت سفيان الثوري وأتاه رجل فقال له ما تنقم على أبي حنيفة قال له وماله قال سمعته يقول آخذ بكتاب الله فمالم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت بقول أصحابه آخذ بقول من شئت منهم وأدع من شئت منهم ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم وذكر الدولابي نا محمد بن حماد بن المبارك الهاشمي قال نا علي بن الحسن بن علي بن شقيق أبو الحسن المروزي قال سمعت أبا بكر يذكر عن ابن المبارك قال سمعت سفيان الثوري يقول كان أبو حنيفة شديد الاخذ للعلم ذابا عن حرم الله أن تستحل يأخذ بما صح عنده من الأحاديث التي كان يحملها الثقات وبالآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أدرك عليه علماء الكوفة ثم شنع عليه قوم يغفر الله لنا ولهم نا عبد الوارث
142

قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير قال نا مصعب بن عبد الله الزبيري قال نا يعقوب الأنصاري قاضى المدينة قال قال لي أسد صاحب أبي حنيفة وكان من أمثلهم كنت عند أبي حنيفة فأتاه رجل في مسألة طلاق فأجابه ثم استوى جالسا فقال كان هذا يعد قالوا نعم قال لتأتيني بمن كان هذا منه حتى أفتيه نا عبد الوارث قال نا قاسم نا أحمد بن زهير قال نا علي بن الجعد قال نا شعبة عن أبي عون وهو عمر بن عبيد الله الثقفي قال سمعت الحرث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب معاذ يعنى ابن جبل أن النبي عليه السلام بعثه يعنى معاذا إلى اليمن وقال له (كيف تقضى إذا عرض لك قضاء قال أقضى بكتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال فبسنة رسول الله قال (فإن لم يكن في سنة رسول الله قال أجتهد رأى لا آلو قال فضرب النبي عليه السلام صدروه وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله ونا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير قال نا يحيى ابن معين قال نا عبد الله بن أبي قرة عن يحيى بن ضريس قال قال أبو حنيفة إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله نظرت في أقاويل أصحابه ولا اخرج عن قولهم إلى قول غيرهم فإذا انتهى الامر أوجاء الامر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعدد رجالا فقوم اجتهدوا فاجتهد كما اجتهدوا قال فسكت سفيان طويلا ثم قال كلمات ما بقي أحد في المجلس الاكتبهن نستمع الشديد من
143

الحديث فنخافه ونستمع اللين فنرجو ولا تحاسب الاحياء ولا يقضى على الأموات نسلم ما سمعنا ونكل ما لم نعلم إلى عالمه ونتهم رأينا لرأيهم حدثنا حكم بن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا عمرو بن علي الجوهري وأبو عبد الله محمد بن حزام الفقيه قالا نا الفضل بن عبد الجبار قال نا علي بن الحسن بن شقيق قال نا أبو حمزة قال سمعت أبا حنيفة يقول إذا جاءنا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذنا به وإذا جاءنا عن الصحابة تخيرنا وإذا جاءنا عن التابعين زاحمناهم قال أبو يعقوب ونا عبد الجبار بن سعيد البركانى قال نا إبراهيم بن هانى النيسابوري قال قيل لنعيم بن حماد ما أشد ازراءهم على أبي حنيفة فقال انما ينقم على أبي حنيفة ما حدثنا عنه أبو عصمة قال سمعت أبا حنيفة يقول ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلناه على الرأس والعينين وما جاءنا عن أصحابه رحمهم الله اخترنا منه ولم نخرج عن قولهم وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال وأما غير ذلك فلا تسمع التشنيع قال أبو يعقوب ونا محمد ابن موسى المروزي قال نا محمد بن عيسى البياضي قال نا محمود بن خداش قال نا علي بن الحسن بن شقيق قال سمعت أبا حمزة السكرى يقول سمعت أبا حنيفة يقول إذا جاء الحديث الصحيح الاسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا به ولم نعده وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا وان جاء عن التابعين زاحمناهم ولم نخرج عن أقوالهم قال أبو يعقوب ونا أبو نصر محمد بن حاتم المازني الحافظ قال نا عبد الصمد ابن الفضل البلخي ببلخ قال سمعت عصام بن يوسف يقول كنا في
144

مأتم بالكوفة فسمعت زفر بن الهذيل يقول سمعت أبا حنيفة يقول لا يحل لمن يفتى من كتبي أن يفتي حتى يعلم من اين قلت قال ونا محمد بن موسى المروزي قال نا محمد بن عيسى البياضي قال نا محمود بن خداش قال نا علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال سمعت ابا حمزة السكرى يقول سمعت أبا حنيفة يقول إذا جاء الحديث الصحيح الاسناد عن النبي عليه السلام أخذنا به وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا وان جاء عن التابعين زاحمناهم ولم نخرج عن قولهم قال ونا محمد بن علي السمناني قال نا أحمد بن حماد بن العباس قال نا القاسم بن عباد قال ذكر لي أن ابن أبي ليلى شكا أبا حنيفة إلى المنصور فقال يا أمير المؤمنين بالكوفة رجل ما اقضى قضية الا خالفني فيها قال من هو قال أبو حنيفة قال فبحق أم بباطل قال بحق قال فوقر ذلك في قلب أبى جعفر وكان سبب اشخاصه اليه وندم ابن أبي ليلى على مقالته قال أبو يعقوب بهذا الاسناد عن القاسم بن عباد قال نا محمد بن شجاع قال نا أبو رجاء وكان من العبادة والصلاح بمكان قال رأيت محمد بن الحسن في المنام فقلت ما صنع الله بك قال غفر لي قلت وأبو يوسف قال هو أعلى درجة منى قلت فما صنع أبو حنيفة قال هيهات هو في أعلى عليين قال أبو يعقوب ونا أحمد بن الحسن الدينوري قال نا القاسم بن عباد قال نا صالح بن محمد بن رزين عن أبي حنيفة قال رأيت في المنام كأني نبشت قبر النبي عليه السلام فأخرجت عظامه فاحتضنتها قال فهالتنى هذه الرؤيا فرحلت إلى ابن سيرين فقصصتها عليه فقال إن صدقت رؤياك لتحيين سنة نبيك
145

محمد صلى الله عليه وسلم قال ونا أحمد بن الحسن قال نا القاسم بن عباد قال ذكر لي عن محمد بن شجاع نحو هذا الخبر في الرؤيا إلا أنه قال فيه فجعل يؤلف عظامه
ويقيمها ثم ذكر مثله قال ونا أحمد بن الحسن قال نا شعيب بن أيوب قال نا عبد الحميد بن يحيى الحماني قال نا يوسف بن عثمان الصباغ قال قال لي رجل رأيت كأن أبا حنيفة ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسألت عن ذلك ابن سيرين ولم أخبره من الرجل قال هذا رجل يحيى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو يعقوب ونا أحمد بن الحسن الحافظ قال نا علي بن الحسن بن بشر قال نا علي بن سلمة قال سمعت عبد الحميد بن عبد الرحمن الحامانى يقول رأيت في المنام كأن نجما سقط من السماء فقيل أبو حنيفة ثم سقط آخر فقيل مسعر ثم سقط آخر فقيل سفيان فمات أبو حنيفة قبل مسعر ثم مسعر ثم سفيان قال ونا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس قال نا موسى ابن هارون قال نا يحيى بن عبد الحميد الحماني عن علي بن مسهر قال كنت عند سفيان الثوري فسأله رجل عن رجل توضأ بماء قد توضأ به غيره فقال نعم هو طاهر فقلت له ان أبا حنيفة يقول لا يتوضأ به فقال لي لم قال ذلك قلت يقول إنه ماء مستعمل ثم كنت عنده بعد ذلك بأيام فجاءه رجل فسأله عن الوضوء بماء قد استعمله غيره فقال لا يتوضأ به لأنه ماء مستعمل فرجع فيه إلى قول أبى حنيفة نا أحمد بن محمد قال نا أحمد بن الفضل قال نا محمد بن جرير قال نا أحمد بن خلد الخلال قال سمعت الشافعي يقول سئل مالك يوما عن عثمان البتي قال كان رجلا مقاربا وسئل عن ابن شبرمة فقال كان رجلا مقاربا قيل فأبو حنيفة قال لو جاء إلى اساطينكم هذه
146

يعنى السواري فقايسكم على أنها خشب لظننتم انها خشب قال أبو يعقوب ونا أبو على أحمد بن عثمان الحافظ قال نا أحمد بن العباس الضبي قال نا سليمان ابن أبي شيخ قال نا محمد بن عمر الحنفي عن أبي عياد الكوفي قال قال لي الأعمش كيف ترك صاحبكم يعنى أبا حنيفة قول ابن مسعود بيع الأمة طلاقها قلت له تركه لحديثك الذي حدثته به فقال وأي حديث فقلت انه يقول انك حدثته به عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ان بريرة حين بيعت وأعتقت خيرت فقال الأعمش ان أبا حنيفة لفقيه وأعجبه ذلك حدثنا أحمد بن محمد قال نا أحمد بن الفضل قال نا محمد بن جرير الطبري قال سمعت محمد بن إسماعيل الضراري يقول سمعت أبا عبد الرحمن المقرء يقول واختلف الناس عنده قوم فقال قوم حدثنا عن أبي حنيفة وقال قوم لا حاجة لنا فيه فقال المقرئ ويحكم أتدرون من كان أبو حنيفة ما رأيت أحدا مثل أبي حنيفة قال الطبري ونا عبد الله بن أحمد ابن سبويه قال نا أبي قال نا علي بن الحسين بن واقد عن عمه الحكم ابن واقد قال رأيت أبا حنيفة يفتى من أول النهار إلى أن يعلى النهار فلما خف عنه الناس دنوت منه فقلت يا أبا حنيفة لو أن أبا بكر وعمر في مجلسنا هذا ثم ورد عليهما ما ورد عليك من هذه المسائل المشكلة لكفا عن بعض الجواب ووقفا عنه فنظر اليه وقال أمحموم أنت يعنى مبرسما
باب ذكر بعض ما ذم به أبو حنيفة وطعن عليه فيه
نا عبد الوارث قال نا قاسم بن اصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا إبراهيم بن بشار الرمادي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول كان أبو حنيفة
147

يضرب لحديث رسول الله الأمثال فيرده بلغه انى حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (البيعان بالخيار مالم يتفرقا) فقال أبو حنيفة أرأيت ان كانوا في سفينة فكيف يفترقون نا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير نا أبو عبد الله المعيطى قال نا أبو أسامة قال مرقوم على رقبة فقال من اين جئتم فقالوا من عند أبى حنيفة جئنا فقال يكفيكم من رأيه من مامضغتم وترجعون إلى أهليكم بغير ثقة نا عبد الوارث نا قاسم نا أحمد بن زهير حدثني إبراهيم بن بشار الرمادي قال نا سفيان بن عيينة قال مر رجل بمسعر بن كدام فقال اين تريد قال أريد أبا حنيفة قال يكفيك من رأيه ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة قال أحمد بن زهير ونا موسى بن إسماعيل قال نا أبو عوانة قال سمعت أبا حنيفة سئل عن الأشربة فما سئل عن شئ الا قال حلال فسئل عن السكر فقال حلال فقلت يا هؤلاء انها زلة من عالم فلا تأخذوا عنه قال أحمد بن زهير نا يحيى بن أيوب قال سمعت مسعدة بن اليسع البصري يقول قال ابن جريج لأبي حنيفة اجهد جهدك هات مسئلة لا أروى لك فيها شيئا قال ونا أحمد بن حنبل قال قال عبد الرحمن بن مهدي سألت سفيان عن حديث عاصم في المرتدة فقال اما من ثقة فلا قال ابن أبي خيثمة وكان أبو حنيفة يروي حديث المرتدة عن عاصم الأحول قال أحمد بن زهير كان أبى يقرأ علينا في أصل كتابه حديث أهل الكوفة فإذا مر بالأحاديث عن أبي حنيفة لم يقرأها علينا نا عبد الوارث قال نا قاسم قال نا أحمد بن زهير قال نا إبراهيم بن بشار قال قال ابن عيينة ما رأيت أحدا اجرأعلى الله من أبى حنيفة أتاه
148

رجل من أهل خراسان بمائة الف مسئلة فقال إني أريد أن أسئلك عنها فقال هاتها قال سمعت سفيان فهل رأيتم أحدا اجرأ على الله من هذا قال ونا إبراهيم بن بشار الرمادي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول كان أبو حنيفة يضرب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمثال فيرده بعلمه حدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) فقال أبو حنيفة أرأيتم ان كانوا في سفينة كيف يفترقون قال سفيان هل سمعتم بشر من هذا
قال أبو عمر كثير من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة لرده كثيرا من أخبار الآحاد العدول لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما اجتمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذا وكان مع ذلك أيضا يقول الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيمانا وكل من قال من أهل السنة الايمان قول وعمل ينكرون قوله ويبدعونه بذلك وكان مع ذلك محسودا لفهمه وفطنته
ونذكر في هذا الكتاب من ذمه والثناء عليه ما يقف به الناظر فيه على حاله عصمنا الله وكفانا شر الحاسدين آمين رب العالمين
فممن طعن عليه وجرحه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي قال نعيم بن حماد نا يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ سمعا سفيان الثوري يقول قيل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين وقال نعيم عن الفزاري كنت عند سفيان بن عيينة فجاء نعى أبى حنيفة فقال لعنه الله كان يهدم الاسلام
149

عروة عروة وما ولد في الاسلام مولود أشر منه هذا ما ذكره البخاري حدثنا حكم بن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا أبو محمد عبد الرحمن بن أسد الفقيه قال نا هلال بن العلاء الرقى قال نا أبى قال نا عبيد الله بن عمرو الرقي قال نا أبي قال نا عبيد الله بن عمرو الرقي قال ضرب أبو حنيفة على القضاء فلم يفعل ففرح بذلك
أعداؤه وقالوا استتابه قال أبو يعقوب ونا أبو قتيبة سلم ابن الفضل قال نا محمد بن يونس الكديمى قال سمعت عبد الله بن داود الخريبي يوما وقيل له يا أبا عبد الرحمن إن معاذا يروى عن سفيان الثوري أنه قال استتيب أبو حنيفة مرتين فقال عبد الله بن داود هذه والله كذب قد كان بالكوفة علي والحسن ابنا صالح بن حي وهما من الورع بالمكان الذي لم يكن مثله وأبو حنيفة يفتى بحضرتهما ولو كان من هذا شئ ما رضيا به وقد كنت بالكوفة دهرا فما سمعت بهذا وذكر الساجي في كتاب العلل له في باب أبي حنيفة أنه استتيب في خلق القرآن فتاب والساجي ممن كان ينافس أصحاب أبي حنيفة وقال ابن الجارود في كتابه في الضعفاء والمتروكين النعمان بن ثابت أبو حنيفة جل حديثه وهم وقد اختلف في اسلامه فهذا ومثله لا يخفى على من أحسن النظر والتأمل ما فيه وقد روى عن مالك رحمه الله أنه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان أنه شر مولود ولد في الاسلام وأنه لو خرج على هذه الأمة بالسيف كان أهون وروى عنه أنه سئل عن قول عمر بالعراق وبها الداء العضال فقال أبو حنيفة وروى ذلك كله عن مالك أهل الحديث وأما أصحاب
150

مالك من أهل الرأي فلا يروون من ذلك شيئا عن مالك وذكر الساجي قال نا أبو السائب قال سمعت وكيع بن الجراح يقول وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن وكيع أنه قال سمعت أبا حنيفة يقول سمعت عطاء ان كان سمعه وذكر الساجي قال نا بندار ومحمد بن المقرى قالا نا معاذ بن معاذ العبدي قال سمعت سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنيفة مرتين وذكر الساجي قال نا أبو حاتم الرازي قال نا العباس بن عبد العظيم عن محمد بن يونس قال انما استتيب أبو حنيفة لأنه قال القرآن مخلوق واستتابه عيسى بن موسى وذكر الساجي قال نى محمد بن روح المدايني قال نى معلى بن أسد قال قلت لابن المبارك كان الناس يقولون انك تذهب إلى قول أبى حنيفة قال ليس كل ما يقول الناس يصيبون فيه قد كنا نأتيه زمانا ونحن لا نعرفه فلما عرفناه تركناه قال وني محمد بن أبي عبد الرحمن المقرى قال سمعت أبى يقول دعاني أبو حنيفة إلى الارجاء غير مرة فلم أجبه قال ونا أحمد بن سنان القطان قال سمعت علي بن عاصم قال قلت لأبي حنيفة حديث إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود ان النبي عليه السلام صلى خمسا قال فأخذ أبو حنيفة شيئا من الأرض ورمى به وقال إن كان جلس في الرابعة مقدار التشهد والا فلا تساوى صلاته هذه قال وحدثنا سعيد بن محمد بن عمرو وعصمة بن محمد قالا نا العباس بن عبد العظيم قال نا أبو بكر بن أبي الأسود عن بشر بن الفضل قال قلت لأبي حنيفة نافع عن ابن عمر أن النبي
151

عليه السلام قال (البيعان بالخيار مالم يفترقا الا بيع الخيار) قال هذا رجز فقلت قتادة عن انس ان يهوديا رضخ رأس جارية بين حجرين فرضخ النبي عليه السلام رأسه بين حجرين فقال هذا هذيان
قال أبو عمر سمع الطحاوي أبو جعفر رجلا ينشده
(ان كنت كاذبة بما حدثتني
* فعليك اثم أبى حنيفة أو زفر)
(الواثبين على القياس تعديا
* والناكبين عن الطريقة والأثر)
فقال أبو جعفر وددت ان لي حسناتهما وأجورهما وعلى اثمهما
ذكر طرف من فطنة أبى حنيفة ونباهته ونبذ من فقهه وحذقه وذكائه رحمه الله
نا حكم بن منذر بن سعيد رحمه الله قال نا يوسف بن أحمد قال نا احمد ابن الحسن الحافظ قال نا القاسم بن عباد قال ثنى محمد بن عبد الله الفقيه قال نا الحسن بن زياد اللؤلؤي قال كانت عندنا امرأة مجنونة يقال لها أم عمران مر بها انسان فقال لها شيئا فقالت يا ابن الزانيين وابن أبي ليلى قائم يسمع فأمر أن يؤتى بها فأدخلها المسجد وهو فيه فضربها حدين حدا لأبيه وحدا لامه فبلغ ذلك أبا حنيفة فقال أخطأ فيها من ستة مواضع المجنونة لا حد عليها وأقام الحد عليها في المسجد ولا تقام الحدود في المساجد وضربها قائمة والنساء يضربن قعودا وأقام عليها حدين ولو أن رجلا قذف قوما ما كان عليه إلا حد واحد وضربها والأبوان غائبان ولا يكون ذلك
152

إلا بمحضرهما لان الحد لا يكون إلا لمن يطلبه وجمع بين الحدين في مقام واحد ومن وجب عليه حدان لم يقم عليه أحدهما حتى يجف الآخر ثم يضرب الحد الثاني فبلغ ذلك ابن أبي ليلى فذهب إلى الأمير فشكاه فحجر الأمير على أبي حنيفة أن يفتى فهذه قصة حجر الأمير في الفتيا على أبى حنيفة ثم وردت مسائل لعيسى بن موسى فسئل عنها أبو حنيفة فأجاب فيها فاستحسن عيسى كل ما جاء به وأذن له فقعد في مجلسه قال أبو يعقوب ونا القاضي محمد بن أحمد السمناني قال نا علي بن محمد قال نا أبو مطيع قال مات رجل وأوصى إلى أبى حنيفة وهو غائب فقدم أبو حنيفة وارتفع إلى ابن شبرمة فذكر ذلك له فأقام البينة ان فلانا مات وأوصى اليه فقال ابن شبرمة يا أبا حنيفة أتحلف ان شهودك شهدوا بحق قال ليس على يمين كنت غائبا قال ضلت مقايسك قال أبو حنيفة ما تقول في أعمى شج فشهد له شاهدان بذلك أعلى الأعمى ان يحلف ان شهوده شهدوا بحق وهو لم ير فحكم لأبي حنيفة بالوصية وأمضاها له نا عبد الوارث بن سفيان قال نا قاسم بن اصبغ قال نا احمد ابن زهير قال نا سليمان بن أبي شيخ قال نا أبو سفيان الحميري قال قال ابن شبرمة كنت شديد الازراء على أبى حنيفة فحضر الموسم وكنت حاجا يومئذ فاجتمع عليه قوم يسألونه فوقفت من حيث لا يعلم من أنا فجاءه رجل فقال يا أبا حنيفة قصدتك أسألك عن امر قد أهمنى واعجزنى قال ما هو قال لي ولد ليس لي غيره فان زوجته طلق وان سريته اعتق وقد عجزت عن هذا فهل من حلة فقال له للوقت اشتر الجارية التي يرضاها
153

هو لنفسك ثم زوجها منه فان طلق رجعت مملوكتك إليك وان اعتق اعتق ما لا يملك قال فعلمت ان الرجل فقيه فمن يومئذ كففت عن ذكره الابخير ونا حكم بن منذر قال نا
أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال نا أبو على أحمد بن عثمان الحافظ الأصبهاني قال نا محمد بن العباس قال نا يحيى بن عبد الله بن بكير قال سمعت الليث بن سعد يقول كنت اسمع بذكر أبي حنيفة وأتمنى أن أراه فكنت يوما في المسجد الحرام فرأيت حلقة عليها الناس منقصفين فأقبلت نحوها فرأيت رجلا من أهل خراسان أتى أبا حنيفة فقال إني رجل من أهل خراسان كثير المال وان لي ابنا ليس بالمحمود وليس لي ولد غيره فذكر نحوه سواء وزاد قال الليث فوالله ما اعجبنى قوله بأكثر مما اعجبنى سرعة جوابه قال أبو يعقوب نا أبو على أحمد بن عثمان الحافظ قال نا عبد الله بن محمد الضبي قال سمعت علي بن المديني يقول حدثت أن رجلا من القواد تزوج امرأة سرا فولدت منه ثم جحدها فحاكمته إلى ابن أبي ليلى فقال لها هات بينة على النكاح فقالت انما تزوجني على أن الله عز وجل الولي والشاهدان الملكان فقال لها اذهبي وطردها فأتت المرأة أبا حنيفة مستغيثة فذكرت ذلك له فقال لها ارجعي إلى ابن أبي ليلى فقولي له انى قد أصبت بينة فإذا هو دعا به ليشهد عليه قولي اصلح الله القاضي يقول هو كافر بالولي والشاهدين فقال له ابن أبي ليلى ذلك فنكل ولم يستطع أن يقول ذلك وأقر بالتزويج فالزمه المهر وألحق به الولد نا حكم بن منذر قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد قال
154

نا جعفر بن إدريس قال نا محمد قال نا بشر بن الوليد قال نى بعض أصحابنا ان أبا جعفر المنصور ولى ببيت المال رجلا من المحدثين من أهل الشام ثم نظر في حسابه فوجد المال ينقص ثمانين ألف درهم فسأله عن ذلك فقال أخذته لان لي ولقرابتي في هذا المال من النصيب مقدار ما أخذته وأكثر ولم اتعد فآخذ ما ليس لي فاشتد ذلك على أبي جعفر وكره ان ينشر هذا المذهب في العامة عن مثله وكره ان يقوم عليه بالضغط فاستشار فيه فأشير عليه بأبى حنيفة فوجه إلى أبي حنيفة فأقدمه عليه وعرفه ما جرى فقال له اجمع بيني وبين الرجل فجمع بينهما فسأله أبو حنيفة عن الوجه الذي أخذ به المال فأخبره بأن له ولقرابته في الفيء مقدار ما أخذ من بيت المال وأنه على أن يفرق ذلك في قرابته فقال له أبو حنيفة أرأيت مالا بيني وبينك على رجل صار إليك منه شئ أليس ذلك الذي صار إليك منه بيني وبينك على قدر مالنا عليه فقال نعم فقال أبو حنيفة انا وجميع المسلمين فيما أخذت من هذا المال شركاء وليس لك أن تختص بشئ دونهم وعليك أن تخرج هذا المال الذي أخذت إلى والى الجماعة من المسلمين فيأخذ كل ذي حق حقه وأمير المؤمنين هو الناظر لجماعة المسلمين فألزمه ذلك وأثبت عليه الحجة ورده إلى بيت المال وأعجب بذلك المنصور وسربه قال أبو يعقوب ونا أبو محمد جعفر بن محمد الطوسي قال سمعت محمد بن إسماعيل الصائغ يقول نا سويد بن سعيد الحدثانى قال نا علي بن مسهر قال كنا عند أبى حنيفة فأتاه عبد الله
155

ابن المبارك فقال له ما تقول في رجل كان يطبخ قدرا فوقع فيها طائر فمات فقال أبو حنيفة لأصحابه ما تقولون فيها فرووا له عن ابن عباس أنه قال يهراق المرق ويؤكل اللحم بعد غسله فقال أبو حنيفة هكذا نقول الا أن فيه شريطة إن كان وقع فيها في حال غليانها ألقى اللحم وأريق المرق وان كان وقع فيها في حال سكونها غسل اللحم واكل ولم يؤكل المرق فقال ابن المبارك من اين قلت هذا قال لأنه إذا وقع في حال غليانها فقد وصل من اللحم إلى حيث يصل منه الخل والماء وإذا وقع فيها في حال سكونها ولم يمكث لم يداخل اللحم وإذا نضج اللحم لم يقبل ولم يدخله من ذلك شئ فقال ابن المبارك رزير يعنى الذهب بالفارسية وعقد بيده ثلاثين كأنه نسب كلام أبي حنيفة إلى الذهب قال ونا أبو علي أحمد بن عثمان الأصبهاني قال نا إبراهيم بن سليمان قال نا كامل بن عبد ربه قال نا أبو معاوية عن أبي حنيفة أنه أخبره قال قلت لعطاء بن أبي رباح ما تقول في قول الله عز وجل * (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) * قال آتاه أهله ومثل أهله قلت أيجوز أن يلحق بالرجل من ليس منه فقال وكيف القول فيه عندك فقلت يا أبا محمد أجور أهله وأجورا مثل أجورهم فقال هو كذا والله أعلم قال ونا محمد بن موسى العطار قال نا موسى بن هارون الحمال قال بلغني أن قتادة قدم الكوفة فجلس في مجلس له وقال سلوني عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجيبكم فقال جماعة لأبي حنيفة قم اليه فسله فقام اليه فقال له ما تقول يا أبا الخطاب في رجل غاب عن أهله فتزوجت امرأته ثم قدم زوجها الأول فدخل عليها وقال يا زانية
156

تزوجت وأنا حي ثم دخل زوجها الثاني فقال لها تزوجت يا زانية ولك زوج كيف اللعان فقال قتادة قد وقع هذا فقال له أبو حنيفة وان لم يقع نستعد له فقال له قتادة لا اجيبكم في شئ من هذا سلوني عن القرآن فقال له أبو حنيفة ما تقول في قوله عز وجل * (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به) * من هو قال قتادة هذا رجل من ولد عم سليمان بن داود كان يعرف اسم الله الأعظم فقال أبو حنيفة أكان سليمان يعلم ذلك الاسم قال لا قال سبحان الله ويكون بحضرة نبي من الأنبياء من هو أعلم منه قال قتادة لا اجيبكم في شئ من التفسير سلوني عما اختلف الناس فيه فقال له أبو حنيفة امؤمن أنت قال أرجو قال له أبو حنيفة فهلا قلت كما قال إبراهيم فيما حكى الله عنه حين قال له * (أو لم تؤمن قال بلى) * قال قتادة خذوا بيدي والله لا دخلت هذا البلد ابدا قال ونا القاضي محمد بن علي السمناني قال نا أحمد بن حماد بن العباس قال نا القاسم بن عباد قال نا بشر بن الوليد قال سمعت ابا يوسف يقول قدم قتادة الكوفة فذكر نحو ما تقدم الا أنه قال في آخر شئ مؤمن إن شاء الله قال أبو يعقوب ونا محمد بن حزام الفقيه قال نا جعفر بن عبد الوهاب السرخسي قال نا محمد بن مقاتل قال سمعت حكام بن سلم الرازي يقول قيل لأبي حنيفة ان العرزمي يقول سافرت عائشة مع غير ذي محرم فقال أبو حنيفة وما يدرى العرزمي ما هذا كانت عائشة أم المؤمنين كلهم فكانت من كل الناس ذات محرم قال أبو يعقوب ونا جعفر بن إدريس المقرى قال نا محمد بن ماجد الحافظ قال نا إسماعيل بن عثمان قال سمعت عثمان بن زائدة قال كنت عند أبى
157

حنيفة فقال له رجل ما قولك في الشرب في قدح أو كأس في بعض جوانبها فضة فقال لا بأس به فقال عثمان فقلت له ما الحجة في ذلك فقال اما ورد النهى عن الشرب في اناء الفضة والذهب فما كان غير الذهب والفضة فلا بأس بما كان فيه منهما ثم قال يا عثمان ما تقول في رجل مر على نهر وقد اصابه عطش وليس معه اناء فاغترف الماء من النهر فشربه بكفه وفى إصبعه خاتم فقلت لا بأس بذلك قال فهذا كذلك قال عثمان فما رأيت احضر جوابا منه قال أبو يعقوب حدثنا أبو عبد الله محمد بن حزام الفقيه قال نا عبد الصمد بن الفضل قال نا شداد بن حكيم قال نا زفر بن الهذيل قال اجتمع أبو حنيفة وابن أبي ليلى وجماعة من العلماء في وليمة لقوم فأتوهم بطيب في
مدهن فضة فأبوا ان يستعملوه لحال المدهن فأخذه أبو حنيفة وسلته بإصبعه وجعله في كفه ثم تطيب به وقال لهم ألم تعلموا ان انس بن مالك اتى بخبيص في جام فضة فقلبه على رغيف ثم اكله فتعجبوا من فطنته وعقله قال أبو يعقوب ونا القاضي أبو الحسين أحمد بن محمد النيسابوري قال نا أحمد بن حامد بن العباس قال نا القاسم بن عباد قال نا أبو عبد الله محمد بن شجاع قال نا أبو الوليد الطيالسي قال قدم الضحاك الشارى الكوفة فقال لأبي حنيفة تب فقال مم أتوب قال من قولك بتجويز الحكمين فقال له أبو حنيفة تقتلني أو تناظرنى فقال بل أناظرك عليه قال فان اختلفنا في شئ مما تناظرنا فيه فمن بيني وبينك قال اجعل أنت من شئت فقال أبو حنيفة لرجل من أصحاب الضحاك اقعد فاحكم بيننا في ما نختلف فيه ان اختلفنا ثم قال للضحاك أترضى بهذا بيني وبينك قال نعم
158

ب قال أبو حنيفة فأنت قد جوزت التحكيم فانقطع الضحاك قال أبو يعقوب سمعت ابا عبد الله محمد بن حزام الفقيه يقول سمعت عبد الصمد ابن الفضل ببلخ يقول سمعت شداد بن حكم يقول سمعت زفر بن الهذيل يقول جاء رجل في جوف الليل إلى أبى حنيفة وهو يبكى فقال إني حلفت على امرأتي ان لم تكلمني حتى تصبح فهي طالق وندمت على يميني وأخاف ان تذهب منى فقال أبو حنيفة اذهب إليها فقل لها انما أبوك حائك على ما قالوا لي فإنها ستكلمك قال فذهب إليها فلما قال لها ذلك قالت بل أنت هو وأبوك فعل الله بك وفعل قال أبو يعقوب حدثنا أبو على أحمد بن عثمان الحافظ قال نا صالح بن محمد لقيته بمرو قال نا حمزة ابن عبد الله الخزاعي ان أبا حنيفة هرب من بيعة المنصور جماعة من الفقهاء قال أبو حنيفة لي فهم أسوة فخرج مع أولئك الفقهاء فلما دخلوا على المنصور اقبل على أبي حنيفة وحده من بينهم فقال له أنت صاحب حيل فالله شاهد عليك انك بايعتني صادقا من قلبك قال الله يشهد على حتى تقوم الساعة فقال حسبك فلما خرج أبو حنيفة قال له أصحابه حكمت على نفسك بيعته حتى تقوم الساعة قال انما عنيت حتى تقوم الساعة من مجلسك إلى بول أو غائط أو حاجة حتى يقوم من مجلسه ذلك قال ونا أحمد بن الحسن الحافظ قال نا القاسم بن عباد قال ذكر لي عن أبي يوسف قال بعث ابن هبيرة إلى أبي حنيفة فأتاه وعنده ابن شبرمة وابن أبي ليلى فسألهم عن كتاب صلح الخوارج وكانت بقيت بقية من الخوارج من أصحاب الضحاك الخارجي فقالت الخوارج نريد أن
159

تكتب لنا صلحا على أن لا نؤخذ بشئ أصبناه في الفتنة ولا قبلها الأموال والدماء فقال ابن شبرمة لا يجوز لهم الصلح على ذلك على هذا الوجه لأنهم يؤخذون بهذه الأموال والدماء قال ابن أبي ليلى الصلح لهم جائز في كل شئ قال أبو حنيفة فقال لي ابن هبيرة ما تقول أنت فقلت اخطآ جمعا فقال ابن هبيرة أفحشت فقل أنت فقلت القول في هذا ان كل مال ودم أصابوا من قبل اظهار الفتنة فان ذلك يؤخذ منهم ولا يجوز لهم الصلح عليه وأما كل شئ أصابوه من مال ودم في الفتنة فالصلح عليه جائز ولا يؤخذون به فقال ابن هبيرة أصبت وقلت الصواب هذا هو القول وقال اكتب يا غلام ما قال أبو حنيفة قال ونا العباس بن أحمد البزار قال نا الحرث بن أسامة قال سمعت علي بن عاصم يقول سألت أبا حنيفة عن درهم لرجل ودرهمين لآخر اختلطت ثم ضاع درهمان من الثلاثة لا يعلم أيهاهى فقال الدرهم الباقي بينهما أثلاثا قال على فلقيت ابن شبرمة فسألته عنها فقال سألت عنها أحدا غيرى قلت نعم سألت أبا حنيفة عن ذلك فقال يقسم الدرهم الباقي بينهما أثلاثا قال أخطأ أبو حنيفة ولكن درهم من الدرهمين الضائعين يحيط العلم انه من الدرهمين والدرهم الباقي بعض الماضيين يحتمل أن يكون الدرهم الثاني من الدرهمين ويحتمل ان يكون الدرهم المنفرد المختلط بالدرهمين فالدرهم الذي بقي بينهما نصفين قال علي بن عاصم فاستحسنت ذلك ثم لقيت أبا حنيفة فوالله لو وزن عقله بعقول أهل المصر يعني الكوفة لرجح بهم فقلت له يا أبا حنيفة خولفت في تلك المسئلة وقلت له لقيت ابن شبرمة فقال كذا وكذا فقال أبو حنيفة ان الثلاثة حين
160

اختلطت ولم تتميز رجعت الشركة في الكل فصار لصاحب الدرهم ثلث كل درهم ولصاحب الدرهمين ثلثا كل درهم فأي درهم ذهب فعلى هذا قال أبو يعقوب ونى جدي رحمه الله قال نا محمد بن حماد قال نا محمد ابن مليح بن وكيع قال نى أبي قال نا الزبير بن كعيب قال قال لي شريك كنا في جنازة غلام من بني هاشم وقد تبعها وجوه الناس وأشرافهم فأنا إلى جنب ابن شبرمة اماشيه إذ قامت الجنازة فقيل ما للجنازة لا يمشي بها قيل خرجت أمه والهة عليه سافرة وجهها في قميص فحلف أبوه بالطلاق لترجعن وحلفت هي بصدقة ما تملك لا رجعت حتى تصلى عليه وكان يومئذ مع الجنازة ابن شبرمة ونظراؤه فاجتمعوا لذلك وسئلوا عن المسئلة فلم يكن عندهم جواب حاضر قال فذهبوا فدعوا بأبى حنيفة وهو في عرض الناس فجاء مغطيا رأسه والمرأة والزوج وقوف والناس فقال للمرأة علام حلفت قالت على كذا وكذا وقال للزوج بم حلفت قال بكذا قال ضعوا السرير فوضع وقال للرجل تقدم فصل على ابنك فلما صلى قال ارجعي فقد خرجتما عن يمينكما احملوا ميتكم فاستحسنها الناس فقال ابن شبرمة على ما حكى عنه شريك عجزت النساء ان تلد مثل النعمان قال أبو يعقوب ونا أبو سعيد بن الاعرابي قال نا عباس الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول دخل الخوارج الكوفة وأبو حنيفة وأصحابه جلوس فقال أبو حنيفة لا تتفرقوا فجاؤوهم حتى وقفوا عليهم فقالوا ما أنتم فقال أبو حنيفة نحن مستجيرون بالله عز وجل الذي يقول * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه) *
161

مأمنه) فقال الخوارج دعوهم واقرؤا عليهم القرآن وأبلغوهم مأمنهم قال أبو يعقوب نا أبو رجاء محمد بن حامد المقرى قال نا محمد بن الجهم السامري قال نا إبراهيم بن محمد بن حماد بن أبي حنيفة قال كان أبو حنيفة من أحسن الناس فراسة قال لداود الطائي يوما أنت رجل ستميل إلى العبادة فكان كما قال وقال لأبي يوسف أنت رجل تميل إلى الدنيا وتميل إليك فكان كما قال وقال لزفر بن الهذيل فذكر كلاما لا أحفظه فكان كما قال وسمعت أبا الحسن جعفر بن محبوب بن مصارع يقول سمعت الحسين بن الحسن المروزي يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول سمعت أبا حنيفة يقول من طلب الرياسة في غير حينه لم يزل في ذل ما بقي وأنشد ابن المبارك
(حب الرياسة داء لا دواء له
* وقلما تجد الراضين بالقسم)
قال أبو يعقوب ونا أبو علي أحمد بن عثمان الأصبهاني قال نا علي بن العباس الضبي قال سمعت عمر بن حماد بن أبي حنيفة يقول سمعت اخى إسماعيل ابن حماد يقول
قال أبو حنيفة اعيانى اثنتان الشهادة على الميت والله ما أدرى ما هي والشهادة على النسب يأتي الرجل فيشهد ان هذا فلان ابن فلانة حتى يرفعه إلى خمسة آباء وأزيد سمعت محمد بن شجاع يقول سمعت الحسن بن أبي ملك يقول أخذ حجام من شعر أبى حنيفة قال فكان في لحيته أو رأسه شعرات بيض فقال للحجام القط هذه الشعرات البيض فقال الحجام ان لقطتها كثرت قال فلو كان تاركا قياسه تركه في هذا الموضع فقال له أبو حنيفة إذا لقطت كثرت فالقط السود حتى تكثر
162

باب مذهب أبي حنيفة فيما يعتقده أهل السنة وما عليه أئمة الجماعة
قال أبو يعقوب نا أحمد بن الحسن الحافظ قال نا محمد بن الفضل بن العباس قال نا محمد بن سلامة قال نا علي بن حبيب عن أبي عصمة نوح ابن أبي مريم قال سألت أبا حنيفة فقلت من أهل الجماعة قال الذي لا ينظر في الله عز وجل ولا يكفر أحدا بذنب ويقدم أبا بكر وعمر ويتولى عليا وعثمان ولا يحرم نبيذ الجر ويمسح على الخفين قال ونا أبو علي أحمد بن عثمان الأصبهاني قال نا أبو محمد بن أبي عبد الله قال نا داود ابن أبي العوام قال حملني أبى إلى مجلس يحيى بن نصر وأنا صغير فأخبرني أبى عن يحيى بن نصر قال كان أبو حنيفة يفضل أبا بكر وعمر ويحب عليا وعثمان وكان يؤمن بالقدر خيره وشره ولا يتكلم في الله عز وجل بشئ وكان يمسح على الخفين وكان من أفقه أهل زمانه وأتقاهم قال ونا محمد بن علي السمناني قال نا أحمد بن محمد بن الهروي قال نا علي بن خشرم قال نا عبد الرحمن بن المثنى قال كان أبو حنيفة يفضل أبا بكر وعمر ثم يقول على وعثمان ثم يقول بعد من كان أكثر سابقة وأكثر تقى فهو أفضل قال ونا محمد بن حفص المرزوي قال نا عبد العزيز بن حاتم قال نا خلف بن يحيى قال سمعت حماد بن أبي حنيفة يقول سمعت أبا حنيفة يقول الجماعة ان فضل أبا بكر وعمر وعليا وعثمان ولا تنتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكفر الناس بالذنوب وتصلى على من يقول لا إله إلا الله
163

وخلف من قال لا آله الا الله وتمسح على الخفين وتفوض الامر إلى الله وتدع النطق في الله جل جلاله قال ونا القاضي أحمد بن مطرف قال نا عبد الله بن محمد الفقيه قال نا السدى بن عاصم وغيره قال نا حامد بن آدم قال نا بشار بن قرط قال قدم الكوفة سبعون رجلا من القدرية فتكلموا في مسجد الكوفة بكلام في القدر فبلغ ذلك أبا حنيفة فقال لقد قدموا بضلال ثم أتوه فقالوا نخاصمك قال فيما تخاصمونى قالوا في القدر قال اما علمتم ان الناظر في القدر كالناظر في شعاع الشمس كلما ازداد نظرا ازداد حيرة أو قال تحيرا قالوا ففي القضاء والعدل قال فتكلموا على اسم الله فقالوا يا أبا حنيفة هل يسع أحدا من المخلوقين ان يجرى في ملك الله ما لم يقض قال لا الا ان القضاء على وجهين منه أمر وحى والآخر قدرة فأما القدرة فإنه لا يقضى عليهم ويقدر لهم الكفر ولم يأمر به بل نهى عنه والامر أمران امر الكينونة إذا امر شيئا كان وهو على غير امر الوحي قالوا فأخبرنا عن امر الله اموافق لإرادته أم مخالف قال امره من ارادته وليس ارادته من امره وتصديق ذلك قول الله عز وجل لإبراهيم * (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * ولم يقل ستجدني صابرا من غير إن شاء الله فكان ذلك من امره ولم يكن من ارادته ذبحه قالوا فأخبرنا عن اليهود والنصارى الذين قالوا على الله عز وجل ما قالوا * (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) * فقضى الله على نفسه ان يشتم وان تضاف اليه الصاحبة والولد فقال أبو حنيفة ان الله
164

لا يقضى على نفسه انما يقضى على عباده ولو كان يقضى على نفسه لجرت عليه القدرة قالوا فأخبرنا عن الله عز وجل إذا أراد من عبده أن يكفر أحسن إليه أم أساء قال لا يقال أساء ولا ظلم الا لمن خالف ما أمر به والله قد جل عن ذلك وقد عرف عباده ما أراد منهم من الايمان به فقالوا يا أبا حنيفة أمؤمن أنت فقال نعم قالوا فأنت عند الله مؤمن قال تسألوني عن علمي وعزيمتى أو عن علم الله وعزيمته قالوا بل نسألك عن علمك ولا نسألك عن علم الله قال فانى بعلمى اعلم انى مؤمن ولا اعزم على الله عز وجل في علمه فقالوا يا أبا حنيفة ما تقول في من جحد حرفا من كتاب الله قال كافر لان الله عز وجل قال مهددا لهم وموعدا * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * قالوا فإن كان هذا من باب الوعيد وقال إني لا أؤمن ولا اكفر قال فقد خصمتم أنفسكم الا ترون أنى ان لم أؤمن فأنا مجبور في إرادة الله عز وجل على الكفر وان لم أكفر فأنا مجبور في إرادة الله عز وجل على الايمان قالوا يا أبا حنيفة حتى متى تضل الناس قال ويحكم إنما يضل الناس من يستطيع أن يهديهم والله يضل من يشاء ويهدى من يشاء قال ونا القاضي السمناني قال نا محمد بن الفضل الفريابي قال سمعت أبا سليم محمد بن فضيل قال سمعت أبا مطيع يقول قال أبو حنيفة ما مسحت على الخفين حتى صار عندي مثل الشمس في صحته قال ونا محمد بن حزام الفقيه قال نا أبى قال نا محمد بن شجاع قال سمعت الحسن بن أبي ملك يقول سمعت أبا يوسف يقول جاء رجل إلى مسجد الكوفة يوم الجمعة فدار على الحلق يسلهم عن القرآن
165

وأبو حنيفة غائب بمكة فاختلف الناس في ذلك والله ما أحسبه الا شيطانا تصور في صورة الانس حتى انتهى إلى حلقتنا فسألنا عنها وسأل بعضنا بعضا وأمسكنا عن الجواب وقلنا ليس شيخنا حاضرا ونكره أن نتقدم بكلام حتى يكون هو المبتدئ بالكلام فلما قدم أبو حنيفة تلقيناه بالقادسية فسألنا عن الأهل والبلد فأجبناه ثم قلنا له بعد أن تمكنا منه رضى الله عنك وقعت مسئلة فما قولك فيها فكأنه كان في قلوبنا وأنكرنا وجهه وظن أنه وقعت مسئلة معنتة وانا قد تكلمنا فيها بشئ فقال ما هي قلنا كذا وكذا فأمسك ساكتا ساعة ثم قال فما كان جوابكم فيها قلنا لم نتكلم فيها بشئ وخشينا ان نتكلم بشئ فتنكره فسرى عنه وقال جزاكم الله خيرا احفظوا عنى وصيتي لا تكلموا فيها ولا تسلوا عنها أبدا انتهوا إلى أنه كلام الله عز وجل بلا زيادة حرف واحد مااحسب هذه المسئلة تنتهى حتى توقع أهل الاسلام في امر لايقومون له ولايقعدون أعاذنا الله وإياكم من الشيطان الرجيم قال ونا أبو حامد أحمد بن إبراهيم قال نا سهل بن عامر قال سمعت بشر بن الوليد يقول كنا عند أمير المؤمنين المأمون فقال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة القرآن مخلوق وهو رأيي ورأى آبائي قال بشر بن الوليد اما رأيك فنعم وأما رأى آبائك فلا قال أبو يعقوب ونا أبو حامد قال نا صلح بن أحمد بن يعقوب قال سمعت أبي يقول سئل أبو مقاتل حفص بن سلم وانا حاضر عن القرآن فقال القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال غير هذا فهو كافر فقال ابنه سلم
166

يا أبت هل تخبر عن أبي حنيفة في هذا بشئ فقال نعم كان أبو حنيفة على هذا عهدي به ما علمت منه غير هذا ولو علمت منه غير هذا لم اصحبه قال وكان أبو حنيفة امام
الدنيا في زمانه فقها وعلما وورعا قال وكان أبو حنيفة محنة يعرف به أهل البدع من الجماعة ولقد ضرب بالسياط على الدخول في الدنيا لهم فأبى قال ونا القاضي محمد بن علي السمناني قال نا عبد الله بن محمد البلخي قال سمعت علي بن حبيب يقول سمعت نوح بن أبي مريم يقول سألت أبا حنيفة هل تشهد لاحد أنه من أهل الجنة سوى الأنبياء فقال كل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم أنه في الجنة بخبر صحيح قال ونا أبو عبد الله محمد بن حزام الفقيه عن أبيه قال نى محمد بن يزيد قال نا حسن بن صالح عن أبي مقاتل سمعت أبا حنيفة يقول الناس عندنا على ثلاثة منازل الأنبياء من أهل الجنة ومن قالت الأنبياء أنه من أهل الجنة فهو من أهل الجنة والمنزلة الأخرى المشركون نشهد عليهم انهم من أهل النار والمنزلة الثالثة المؤمنون نقف عنهم ولا نشهد على واحد منهم انه من أهل الجنة ولا من أهل النار ولكنا نرجو لهم ونخاف عليهم ونقول كما قال الله تعالى * (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم) * حتى يكون الله عز وجل يقضى بينهم وانما نرجو لهم لان الله عز وجل يقول * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * ونخاف عليهم بذنوبهم وخطاياهم وليس أحد من الناس أوجب له الجنة ولو كان صواما قواما غير الأنبياء ومن قالت فيه
167

الأنبياء انه من أهل الجنة قال ونا أبو عبد الله محمد بن حزام الفقيه قال نا عبد الله بن أبي عبد الله العبد الصالح قال نا محمد بن يزيد قال نا الحسن بن صالح عن أبي مقاتل عن أبي حنيفة قال الايمان هو المعرفة والتصديق والاقرار بالاسلام قال والناس في التصديق على ثلاث منازل فمنهم من صدق الله وما جاء منه بقلبه ولسانه ومنهم من صدقه بلسانه وهو يكذبه بقلبه ومنهم من يصدق بقلبه ويكذب بلسانه فأما من صدقه الله عز وجل وما جاء به رسول الله صلى الله عليه بقلبه ولسانه فهم عند الله وعند الناس مؤمنون ومن صدق بلسانه وكذب بقلبه كان عند الله كافرا وعند الناس مؤمنا لان الناس لا يعلمون ما في قلبه وعليهم ان يسموه مؤمنا بما اظهر لهم من الاقرار بهذه الشهادة وليس لهم أن يتكلفوا علم القلوب ومنهم من يكون عند الله مؤمنا وعند الناس كافرا وذلك أن يكون المؤمن يظهر الكفر بلسانه في حال التقية فيسميه من لا يعرفه كافرا وهو عند الله مؤمن
باب في زهده وورعه وكثرة تلاوته وعمله
نا حكم بن منذر رحمه الله قال نا أبو يعقوب يوسف بن أحمد المكي بمكة في المسجد الحرام قال نا محمد بن حفص بن عمرويه كان قدم علينا حاجا قال سمعت أبا بكر محمد بن عمرويه قال سمعت إبراهيم بن عبد الله الخلال يقول سمعت ابن المبارك يقول وذكر عنده أبو حنيفة فقال أتذكرون رجلا عرضت عليه الدنيا بحذافيرها ففر عنها قال ونا أبو نصر محمد بن حاتم السمرقندي قال سمعت أبا يحيى عبد الصمد بن الفضل يقول سمعت
168

سوار بن حكم يوما وذكر أبا حنيفة فقال ما رأيت أورع منه نهى عن الفتيا فبينا هو وابنته يأكلان تخللت ابنته فخرج على خلالها صفرة دم فقالت يا أبة على في هذا وضوء فقال إني نهيت عن الفتيا فحلفت لهم فسلى أخاك حمادا قال ونا القاضي أبو عبد الله محمد بن نافع املاء قال نا عمر بن علي السرخسي قال نا محمد بن شجاع عن بعض أصحابه أنه قيل لأبي حنيفة قد أمر لك أبو جعفر أمير المؤمنين بعشرة آلاف درهم قال فما رضى أبو حنيفة فلما كان اليوم الذي توقع أن يؤتى اليه بالمال صلى الصبح ثم تغشى بثوبه فلم يتكلم فجاء رسول الحسن بن قحطبة بالمال فدخل به عليه فكلمه فلم يكلمه فقال من حضر ما يكلمنا الا بالكلمة بعد الكلمة فقال ضعوا المال في هذا الجراب في زاوية البيت قال ثم أوصى أبو حنيفة بعد ذلك بمتاع بيته فقال لابنه إذا أنامت ودفنتمونى فخذ هذه البدرة فاذهب بها إلى الحسن بن قحطبة فقل له هذه وديعتك التي أودعتها أبا حنيفة فلما دفناه وأخذتها وجئت حتى استأذنت على الحسن بن قحطبة فقلت هذه الوديعة التي كانت لك عند أبي حنيفة قال فقال الحسن رحمه الله على أبيك لقد كان شحيحا على دينه قال ونا أبو القاسم أحمد بن عبد الله الزعفراني قال نا إبراهيم بن مروان قال سمعت عبد الله ابن صالح الكوفي يقول قال رجل بالشام للحكم بن هشام انى عن أبي حنيفة فقال على الخبير سقطت كان أبو حنيفة لا يرد حديثا ثبت عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أعظم الناس أمانة وأراده
169

السلطان على أن يوليه مفاتيح خزائنه فأبى واختار ضربهم وحبسهم على عذاب الله فقال له الرجل والله ما رأيت أحدا وصفه بما وصفته فقال هو والله ما قلت لك قال وبعث يزيد بن عمر بن هبيرة اليه فأقدمه عليه وعرض عليه أن يوليه بيت المال فأبى فضربه عشرين سوطا قلت له وأين مات قال مات ببغداد سنة خمسين ومائة وصلى عليه الحسن بن عمارة وكان قاضيا يومئذ ببغداد قال أبو يعقوب ونا العباس بن أحمد البزاز قال نا محمد بن عثمان بن أبو شيبة قال نا بشر بن عبد الرحمن الوشاء قال سمعت أبا نعيم يقول سمعت زفر بن الهذيل يقول كان أبو حنيفة يجهر بالكلام أيام إبراهيم بن عبد الله بن حسن جهارا شديدا قال فقلت له والله ما أنت بمنته أو توضع الحبال في أعناقنا فلم نلبث ان جاء كتاب أبى حفص إلى عيسى بن موسى أن احمل أبا حنيفة إلى بغداد قال فغدوت اليه فرأيته راكبا على بغلة وقد صار وجهه كأنه مسيح قال فحمل إلى ببغداد فعاش خمسة عشر يوما قال فيقولون انه سقاه وذلك في سنة خمسين ومائة ومات أبو حنيفة وهو ابن سبعين سنة قال ونا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد البزاز قال نا أبى قال سمعت ابن أبي عمران يقول سمعت بشر بن الوليد يقول سمعت أبا يوسف يقول انما كان غيظ المنصور على أبي حنيفة مع معرفته بفضله أنه لما خرج إبراهيم بن عبد الله بن حسن بالبصرة ذكر له أن أبا حنيفة والأعمش يخاطبانه من الكوفة فكتب المنصور كتابين على لسانه أحدهما إلى الأعمش والآخر إلى أبي حنيفة من إبراهيم بن عبد الله بن
170

حسن وبعث بهما مع من يثق به فلما قرأ الأعمش الكتاب أخذه من الرجل وقرأه ثم قام فأطعمه الشاة والرجل ينظر فقال له ما أردت بهذا قال قل له أنت رجل من بني هاشم وأنتم كلكم له أحباب والسلام وأما أبو حنيفة فقبل الكتاب وأجاب عنه فلم يزل في نفس أبى جعفر حتى فعل به ما فعل وذكر الدولابي نى أحمد بن القاسم قال نى يعقوب بن شيبة قال نا عبد الله بن الحسن عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال مررت بالكناسة مع أبي في موضع فبكى فقلت يا أبة ما يبكيك قال يا بنى في هذا الموضع ضرب ابن هبيرة أبى عشرة أيام في كل يوم عشرة أسواط على أن يلي القضاء ولم يفعل قال الدولابي نى محمد بن شجاع قال نى حبان رجل من أصحاب أبي
حنيفة قال قال أبو حنيفة حين ضرب ليلى القضاء ما أصابني في ضربي شئ كان أشد على من غم والدي قال ونا أحمد بن القاسم قال نا يعقوب بن شيبة قال نا عبد الله بن الحسن عن بشر ابن الوليد قال كان أبو جعفر أمير المؤمنين اشخص أبا حنيفة اليه وأراده على أن يوليه القضاء فأبى فحلف عليه أبو جعفر ليفعلن فحلف أبو حنيفة لا يفعل فقال الربيع لأبي حنيفة الا ترى أمير المؤمنين يحلف فقال أبو حنيفة أمير المؤمنين أقدر منى على كفارة ايمانه فأبى ان يلي فأمر به إلى السجن فمات في السجن ودفن في مقابر الخيزران رحمة الله عليه تمت اخبار أبى حنيفة ويليها اخبار أصحابه
171

ذكر بعض أصحاب أبى حنيفة والخبر عنهم
فأولهم وأعلاهم ذكرا
أبو يوسف القاضي
وهو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن حبتة الأنصاري وسعد بن حبتة يعرف بأمه في الأنصار وأمه حبتة بنت مالك من بنى عمرو بن عوف وهو سعد بن عوف بن بحير بن معاوية بن سلمى بن بخيلة حليف لبنى عمرو بن عوف الأنصاري له صحبة ومن حديث جابر بن عبد الله قال نظر النبي عليه السلام إلى سعد بن حبتة يوم الخندق يقاتل قتال شديدا وهو حديث السن فدعاه فقال له (من أنت يا فتى) قال سعد بن حبتة فقال له النبي عليه السلام (أسعد الله جدك اقترب منى) فاقترب منه فمسح على رأسه وذكر ابن الكلبي ان أمه اتت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا فمسح على رأسه ودعا له وذكر ابن الكلبي أيضا ان خنيس بن سعد بن حبتة جد أبى يوسف اليه تنسب رحبة خنيس بالكوفة ويقال لها بالفارسية جهار سوج وتفسيرها بالعربية رحبة مربعة تفترق منها أربعة طرق تنسب إلى خنيس جد أبى يوسف وقد تقصينا خبر جده سعد ابن حبتة في كتاب الصحابة نا أحمد بن محمد بن أحمد قال نا أحمد بن الفضل بن العباس قال نا محمد بن جرير الطبري قال كان أبو يوسف يعقوب ابن إبراهيم القاضي فقيها عالما حافظا ذكر أنه كان يعرف بحفظ الحديث وانه كان يحضر المحدث فيحفظ خمسين وستين حديثا ثم يقوم فيمليها على الناس وكان كثير الحديث وكان قد جالس محمد بن عبد الرحمن بن أبي
172

ليلى ثم جالس أبا حنيفة وكان الغالب عليه مذهب أبى حنيفة وكان ربما خالفه أحيانا في المسئلة بعد المسئلة وذكر عن أبي سفيان الحميري عن علي ابن حرملة قال كان أبو يوسف القاضي يقول في دبر كل صلاة اللهم اغفر لي ولأبي حنيفة قال أبو عمر كان أبو يوسف قاضى القضاة قضى لثلاثة من الخلفاء ولى القضاء في بعض أيام المهدى ثم للهادى ثم للرشيد وكان الرشيد يكرمه ويجله وكان عنده حظيا مكينا وكانت وفاته في ربيع الآخر من سنة اثنتين وثمانين ومائة وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي توفى أبو يوسف القاضي صاحب أبى حنيفة في ربيع الأول لخمس بقين منه قال الطبري تحامى حديثه قوم من أهل الحديث من اجل غلبة الرأي عليه وتفريعه الفروع والمسائل في الاحكام مع صحبة السلطان وتقلده القضاء قال أبو عمر كان يحيى بن معين يثنى عليه ويوثقه واما سائر أهل الحديث فهم كالاعداء لأبي حنيفة وأصحابه
قال أبو عمر واما
زفر بن الهذيل العنبري
ثم التميمي فكان كبيرا من كبار أصحاب أبي حنيفة وأفقههم وكان يقال إنه كان أحسنهم قياسا ولى قضاء البصرة فقال له أبو حنيفة قد علمت ما بيننا وبين أهل البصرة من العداوة والحسد والمنافسة ما أظنك تسلم منهم فلما قدم البصرة قاضيا اجتمع اليه أهل العلم وجعلوا يناظرونه في الفقه يوما بعد يوم فكان إذا رأى منهم قبولا واستحسانا لما يجيئ به
173

قال لهم هذا قول أبي حنيفة فكانوا يقولون ويحسن أبو حنيفة هذا فيقول لهم نعم وأكثر من هذا فلم يزل بهم إذا رأى منهم قبولا لما يحتج به عليهم ورضى به وتسليما له قال لهم هذا قول أبى حنيفة فيعجبون من ذلك فلم تزل حاله معهم على هذا حتى رجع كثير منهم عن بغضه إلى محبته وإلى القول الحسن فيه بعد ما كانوا عليه من القول السيئ فيه وكان زفر قد خلف أبا حنيفة في حلقته إذ مات ثم خلف بعده أبو يوسف ثم بعدهما محمد بن الحسن ومات زفر سنة ثمان وخمسين ومائة وهو ابن ثمان وأربعين سنة
وأما محمد بن الحسن
فولد بواسط سنة خمس وثلاثين ومائة وقيل سنة احدى وثلاثين ومائة وهو مولى لبنى شيبان كان فقيها عالما كتب عن مالك كثيرا من حديثه وعن الثوري وغيرهما ولازم أبا حنيفة ثم أبا يوسف بعده وهو راوية أبي حنيفة وأبى يوسف القائم بمذهبهما وله في ذلك مصنفات وكان الشافعي رحمه الله يثنى على محمد بن الحسن ويفضله ويقول ما رأيت قط رجلا سمينا أعقل منه قال وكان أفصح الناس كان إذا تكلم خيل إلى سامعه أن القرآن نزل بلغته وقال الشافعي كتبت عن محمد بن الحسن وقر بعير وللشافعي في أول قدمة قدمها عليه كتب بها اليه
174

(قل لمن لم تر عين من رآه مثله
* إن لم يكن من قد رآه قد رأى من قبله)
(العلم يأبى أهله أن يمنعوه أهله
* لعله يبذله لأهله لعله)
وتوفى بالري سنة تسع وثمانين ومائة وهو ابن أربع وخمسين سنة وقيل إنه توفى وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان قاضيا للرشيد بالرقة ومات بالري هو وعلي بن حمزة
الكسائي في يوم واحد كانا قد خرجا إليها مع الرشيد فرثاهما اليزيدي فقال
(تصرمت الدنيا فليس خلود
* وما قد ترى من بهجة سيبيد)
(لكل امرئ منا من الموت منهل
* وليس له الا عليه ورود)
(ألم تر شيبا شاملا يبدر الفتى
* وأن الشباب الغض ليس يعود)
(سيأتيك ما افنى القرون التي خلت
* فكن مستعدا فالفناء عتيد)
(أسيت على قاضى القضاة محمد
* وأذريت دمعي والفؤاد عميد)
(وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا
* بايضاحه يوما وأنت فقيد)
(وأقلقني موت الكسائي بعده
* وكادت بي الأرض الفضاء تميد)
(وأذهلنى عن كل عيش ولذة
* وأرق عيني والعيون هجود)
(هما عالمان أوديا وتخرما
* فما لهما في العالمين نديد)
(فحزنى أن تخطر على القلب خطرة
* بذكرهما حتى الممات جديد)
تمت أخبار أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله وبتمامها تم كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهم
175