الكتاب: خصائص مسند الإمام أحمد
المؤلف: محمد بن عمر المديني
الجزء:
الوفاة: ٥٨١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤١٠
المطبعة:
الناشر: مكتبة التوبة - الرياض
ردمك:
ملاحظات:

خصائص
مسند الإمام أحمد
1

بسم الله الرحمن الرحيم
2

سلسلة الرسائل النادرة
خصائص
مسند الإمام أحمد
للحافظ
أبى موسى المديني
المتوفى سنة 581 ه‍
مكتبة
التوبة
3

حقوق الطبع محفوظة
1410 ه‍ - 1990 م
تحقيق مكتب تحقيق مكتبة التوبة
تم الاعتماد على نسخة مطبعة السعادة
المطبوعة في مصر عام 1347 ه‍
مكتبة التوبة
الرياض - المملكة العربية السعودية - شارع جرير
هاتف 4763421 ص. ب 18290 الرمز 11415
4

ترجمة المؤلف
هو الإمام العلامة الحافظ شيخ المحدثين محمد بن عمر بن
أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد، أبو موسى المديني
الأصبهاني الشافعي.
ولد في ذي القعدة سنة إحدى وخمس مئة بأصبهان.
وحرص عليه أبوه فسمعه حضورا، ثم سماعا كثيرا من أصحاب
أبي نعيم الحافظ وطبقتهم.
وارتحل في طلب الحديث والسماع، فسمع من أبي منصور
محمد بن طاهر المقدسي، وأبي زكريا بن مندة، وهبة الله بن
الحسن الأبرقوهي وغيرهم كثير، وقد عمل لنفسه معجما روى فيه
عن أكثر من ثلاث مئة شيخ.
حدث عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو بكر محمد بن موسى
الحازمي، وأبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وأبو
محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، ومحمد بن مكي الأصبهاني،
5

وأبو نجيح محمد بن معاوية، والناصح عبد الرحمن بن الحنبلي
وآخرون.
قال ابن الدبيثي في: " ذيل تاريخ مدينة السلام ": عاش أبو موسى حتى صار أوحد وقته، وشيخ زمانه، إسنادا وحفظا.
وقال عبد القادر الرهاوي: حصل أبو موسى بن المسموعات
بأصبهان ما لم يحصل لأحد في زمانه، وانضم إلى ذلك الحفظ
والاتقان، وله التصانيف التي أربى فيها على المتقدمين، مع الثقة
والعفة، كان له شئ يسير يتربح به وينفق منه، ولا يقبل من أحد
شيئا قط، أوصى إليه غير واحد بمال فيرده، فكان يقال له: فرقه
على من ترى، فيمتنع، وكان فيه من التواضع بحيث إنه يقرئ
الصغير والكبير، ويرشد المبتدىء، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في
الألواح، وكان يمنع من يمشي معه، فعلت ذلك مرة فزجرني،
وترددت إليه نحوا من سنة ونصف، فما رأيت منه ولا سمعت عنه
سقطه تعاب عليه.
وكان أبو مسعود يقول: أبو موسى كنز مخفي.
وقال الذهبي: سمعت شيخنا العلامة أبا العباس ابن تيمية
يثني على حفظ أبي موسى ويقدمه على الحافظ ابن عساكر باعتبار تصانيفه ونفعها.
وقد صنف أبو موسى التصانيف الكثيرة منها: كتاب
6

" الطوالات " وكتاب " ذيل معرفة الصحابة " - استدرك فيه على
كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم الحافظ - وكتاب " تتمة الغريبين "
يدل على براعته في اللغة، وكتاب " اللطائف في رواية الكبار
ونحوهم عن الصغار "، وكتاب " عوالي التابعين " ينبئ بتقدمه في
معرف العالي والنازل، وكتاب " القنوت "، وكتاب " الزيادات " -
جعله ذيلا على كتاب شيخه أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي
المسمى " الأنساب " فذكر من أهمله وما أقتصر فيه - وكتاب
" الوظائف "، وكتاب " تضييع العمر في اصطناع المعروف إلى
اللئام " وغيرها. وحفظ " علوم الحديث " للحاكم وعرضه على
إسماعيل التيمي.
قال الذهبي: كان حافظ المشرق في زمانه.
وقال الحسين بن يوحن الباوري: كنت في مدينة الخان
فسألني سائل عن رؤيا، فقال: رأيت كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي،
فقلت: إن صدقت رؤياك يموت إمام لا نظير له في زمانه، فإن
مثل هذا المنام رئي حال وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل،
قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى
المديني.
وكانت وفاته في تاسع جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين
وخمس مئة بأصبهان، رحمه الله تعالى.
7

* (بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن يا كريم برحمتك) *
قال الشيخ عبد المنعم بن علي بن مفلح الحنبلي: أخبرتني
الشيخة الجليلة الأصيلة المسندة المعمرة أم عبد الله عائشة ابنة
محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن
محمد بن قدامة المقدسي الصالحي إجازة منها، قالت أنبأنا أبو
عبد الله محمد بن أحمد بن تمام بن حسان الصالحي وغيره عن
أبي العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي، قال: أخبرنا
الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي سماعا (ح)
قالت عائشة: وأنبأتنا به عاليا بدرجة أم عبد الله زينب ابنة
عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحمن البجدي عن الحافظ ضياء
الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن
المقدسي. قالا: أنبأنا الحافظ أبو موسى محمد بن عمر بن
أحمد بن عمر الأصبهاني المديني رحمه الله تعالى. قال:
الحمد لله الواسع المنعم، المفضل المكرم، العالم المعلم،
9

الذي أحسن بدءا وغفر آخرا. وصلواته على محمد المختار من
خلقه وعلى آله.
أما بعد: فإن مما أنعم الله علينا، أن رزقنا سماع كتاب
" المسند " للإمام الكبير إمام الدين أبى عبد الله أحمد بن محمد بن
حنبل الشيباني رحمه الله تعالى. فحصل لي والدي رحمه الله وجزاه
عني خيرا، إحضاري رسول قراءته سنة خمس وخمسمائة على الشيخ
المقرئ بقية المشايخ أبي علي الحسن بن الحداد. وكان سماعه
لأكثره عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ - وما فاته منه قرئ
عليه بإجازته له - وأبو نعيم كان يرويه عن شيخه أبي علي
محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، وأبي بكر أحمد بن جعفر بن
حمدان بن مالك القطيعي. على ما تنطق فهرست مسموعاتي بخط
والدي رحمه الله. ثم قرأناه أجمع ببغداد، على الشيخ الرئيس
الثقة أبي القاسم هبة الله محمد بن عبد الواحد بن الحصين
الشيباني، من أصل سماعه إلا ما لم يكن عند شيخه عن أبي
علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي الواعظ عن أبي بكر
10

أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، عن عبد الله بن أحمد
عن أبيه رحمهما الله تعالى.
ولعمري أن من كان قبلنا من الحفاظ يتبجحون بجزء
واحد يقع لهم من حديث هذا الإمام الكبير على ما أخبرني الإمام
الحافظ أستاذي أبو القاسم إسماعيل بن محمد رحمه الله في
إجازته لي، قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه، قال: كتب إلي أبو
حازم العبدوي، يذكر أنه سمع الحاكم أبا عبد الله عند منصرفه من
بخارى يقول: كنت عند أبي محمد المزني، فقدم عليه إنسان
علوي من بغداد وكان أقام ببغداد على كتابة الحديث، فسأله أبو
محمد المزني - وذلك في سنة ست وخمسين وثلاثمائة - عن فائدته
ببغداد وعن باقي إسناد العراق فذكر في جملة ما ذكر: سمعت
مسند أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من أبي بكر بن مالك في
مائة جزء وخمسين جزءا فعجب أبو محمد المزني من ذلك.
11

وقال: مائة وخمسون جزءا من حديث أحمد بن حنبل! كنا ونحن
بالعراق إذا رأينا عند شيخ من شيوخنا جزءا من حديث أحمد بن
حنبل قضينا العجب من ذلك، فكيف في هذا الوقت هذا المسند
الجليل. فعزم الحاكم على إخراج الصحيحين ولم يكن عنده
مسند إسحاق الحنظلي، ولا مسند عبد الله بن شيرويه ولا مسند
أبي العباس السراج. وكان في قلبه ما سمعه من أبي محمد
المزني، فعزم على أن يخرج إلى الحج في موسم سنة سبع
وستين، فلما ورد في سنة ثمان وستين، أقام بعد الحج ببغداد
أشهرا، وسمع جملة المسند من أبي بكر بن مالك. وعاد إلى
وطنه ومد يده إلى إخراج الصحيحين على تراجم المسند.
12

قال شيخنا الحافظ رحمه الله تعالى: وفي هذه السنة مات
ابن مالك في آخر السنة سنة ثمان وستين، وأبو محمد المزني هذا
من الحفاظ الكبار المكثرين.
وهذا الكتاب أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث
انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة فجعله إماما ومعتمدا
وعند التنازع ملجأ ومستندا، على ما أخبرنا والدي وغيره
رحمهما الله تعالى: أن المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين الكتب
إليهما من بغداد: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد ابن
إبراهيم البرمكي قراءة عليه، حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن
رجاء، حدثنا موسى بن حمدون البزار، قال: قال لنا حنبل بن
إسحاق: جمعنا عمي لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند وما
سمعه منه - يعني تاما - غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته
وأتقنته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا فما اختلف المسلمون
فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن كان فيه إلا
فليس بحجة.
13

[وجدت] بخط أبي بكر بن أبي نصر. قال أبو الحسن اللنباني:
سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول: كتب
أبي عشرة آلاف ألف حديث، ولم يكتب سوادا في بياض إلا قد
حفظه. وبه قال: أخبرنا البرمكي قراءة عليه فأقر به، حدثني أبي،
حدثني أبو محمد القاسم بن الحسن الباقلاني بسر من رأى. قال:
سمعت أبا بكر بن أبي حامد الفقيه صاحب بيت المال، سمعت
عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قلت لأبي رحمه الله تعالى: لم
كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا
الكتاب إماما إذا أختلف الناس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إليه.
قال: وحدثني أيضا القاسم، قال: سمعت أبا الحسن بن عبيد
الحافظ، سمعت أبا عبد الرحمن عبد الله ابن أحمد يقول: خرج أبي
المسند من سبعمائة ألف حديث.
قال الشيخ الحافظ أبو موسى رحمه الله: ولم يخرج إلا
عمن ثبت عنده صدقه وديانته، دون من طعن في أمانته. كما
قرأته ببغداد على أبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد
القزاز، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، أخبرنا أبو
الحسن أحمد بن محمد العتيقي، أخبرنا يوسف بن أحمد
الصيدلاني بمكة، حدثنا محمد بن عمرو العقيلي، حدثنا
14

عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن عبد العزيز بن أبان، فقال:
لم أخرج عنه في المسند شيئا، قد أخرجت عنه على غير وجه
الحديث، لما حدث بحديث المواقيت تركته.
فأما عدد أحاديث المسند، فلم أزل أسمع من أفواه الناس
أنها أربعون ألفا. إلى أن قرأت على أبي منصور بن زريق ببغداد،
أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: وقال ابن المنادي: لم يكن في
الدنيا أحد أروى عن أبيه منه - يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل -
لأنه سمع المسند، وهو ثلاثون ألفا. والتفسير، وهو مائة ألف
وعشرون ألفا، سمع منه ثمانين ألفا والباقي وجادة وذكره. فلا
أدري هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به ما لا مكرر فيه، وأراد
غيره من المكرر؟ فيصح القولان جميعا. أو الاعتماد على قول ابن
المنادي دون غيره. ولو وجدنا فراغا لعددناه إن شاء الله تعالى.
فأما عدد الصحابة: فنحو من سبعمائة رجل. وجدت بخط
الشيخ حامد بن أبي الفتح، ذكره أبو عبد الله الحسين بن أحمد
الأسدي في كتابه المسمى " مناقب أحمد بن جنبل " أنه سمع أبا
بكر بن مالك، يذكر أن جملة ما وعاه المسند أربعون ألف حديث
غير ثلاثين أو أربعين. قال: وسمعته - يعني أبا بكر بن مالك -
سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: أخرج أبي هذا المسند
من جملة سبعمائة ألف حديث. وقال أبو عبد الله الأسدي: وقد
15

أفردت لذلك كتابا في جزء واحد، وسميته كتاب " المدخل إلى
المسند " أثبت فيه ذلك أجمع.
وذكر الأسدي: سمعت أبا بكر بن مالك يقول: رأيت أبا
بكر أحمد بن سلمان النجاد في النوم، وهو على حالة جميلة.
فقلت: أي شئ كان خبرك / قال: كل ما تحب. إلزم ما أنت
عليه وما نحن عليه، فإن الأمر هو ما نحن عليه وما أنتم عليه. ثم
قال: بالله إلا حفظت هذا المسند! فهو إمام المسلمين وإليه
يرجعون، وقد كنت قديما أسألك بالله إن أعرت منه أكثر من جزء
لمن تعرفه ليبقى. قال: وسمعت أبا بكر بن مالك يقول: حضرت
مجلس يوسف القاضي سنة خمس وثمانين ومائتين، أسمع منه
كتاب الوقوف. فقال لي: من عنده مسند أحمد بن حنبل والفضائل
إيش يعمل ههنا؟ أو كلاما نحو هذا.
ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد رحمه الله تعالى -
مسنده - قد احتاط فيه إسنادا ومتنا. ولم يورد فيه إلا ما صح
عنده، على ما أخبرنا أبو علي سنة خمس، قال: حدثنا أبو
16

نعيم (ح) وأخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال:
أخبرنا القطيعي قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، قال: حدثنا
محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح، قال: سمعت
أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يهلك
17

أمتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال:
لو أن الناس اعتزلوهم ". قال عبد الله: قال لي أبي في مرضه الذي
مات فيه: إضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله: " اسمعوا وأطيعوا ". وهذا مع ثقة رجال
إسناده حين شذ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه.
فقال عليه ما قلناه. وفيه نظائر له.
[وجدت] بخط أحمد بن البرداني، عن أبي علي بن
الصواف، قال: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: صنف أبي
المسند بعد ما جاء من عند عبد الرزاق.
ذكر علي بن الحسين بن جدي. قال قرأت بخط أبي حفص
عمر بن عبد الله العكبري. قال: سمعت أبا عبد الله عبيد الله بن
محمد، قال: سمعت أبا بكر أحمد ابن سلمان يقول: سمعت أبا
بكر يعقوب بن يوسف المطوعي يقول: جلست إلى أبي عبد الله
أحمد بن حنبل ثلاث عشرة سنة وهو يقرأ المسند على أولاده، ما
كتبت منه حرفا واحدا، وإنما كنت أكتب آدابه وأخلاقه وأتحفظها.
وقال عبيد الله: قال لي أبو بكر بن أيوب: سمعت يعقوب
يقول: كنت أختلف إلى أحمد ثلاث عشرة سنة لا أكتب عنه -
وهو يقرأ المسند - إنما كنت أنظر إلى هديه أتأدب به.
أخبرنا ابن الحصين بإسناده حدثنا عبد الله، حدثني عثمان بن
أبي شيبة حدثنا جرير عن محمد بن سالم، عن أبي إسحاق، عن
18

عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيما سقت السماء العشر، وما يسقى بالغرب
والدالية ففيه نصف العشر ". قال أبو عبد الرحمن: فحدثت أبي
بحديث عثمان عن جرير فأنكره جدا، وكان أبي لا يحدثنا عن
محمد بن سالم لضعفه عنده وإنكاره لحديثه.
وقال عبد الله حدثنا شيبان أبو محمد، حدثنا عبد الوارث بن
سعيد حدثنا الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب بن
أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل عليه السلام فلم يدخل عليه، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تدخل؟ قال: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة
ولا بول ". قال: وحدثناه شيبان مرة أخرى: حدثنا عبد الوارث
عن حسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبة بن أبي حبة
عن عاصم نحوه.
قال: وكان أبي لا يحدث عن عمرو بن خالد - يعني كان
حديثه لا يسوى عنده شيئا - قال: وكان في كتاب أبي عن
عبد الصمد عن أبيه عن الحسن - يعني ابن ذكوان - عن حبيب عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى
أن يمشي في خف واحد أو نعل واحد. وفي الحديث كلام كثير
غير هذا فلم يحدثنا به ضرب عليه في كتابه. فظننت أنه ترك
حديثه من أجل أنه روى عن عمرو بن خالد الذي يحدث عن
زيد بن علي - وعمرو بن خالد لا يسوي شيئا - وهذا أقوى لأنه لم
يرو عمن رواه عن ضعيف وإن كان حاله خالصا
19

وبه، حدثنا أبو عامر حدثنا خارجة بن عبد الله، عن أبي
الرجال، عن أمه عمرة. وبه، حدثنا عصام بن خالد، حدثني
صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الخبايري وأبو اليمان
الهوزي، عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى
وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ".
فقال يزيد بن الأخنس السلمي: والله ما أولئك في أمتك إلا
كالذباب الأصهب في الذباب! فقال رسول الله: " فإن ربي عز
وجل قد وعدني سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا، وزادني
ثلاث حثيات ". قال: فما سعة حوضك يا نبي الله؟ قال: " كما
بين عدن إلى عمان وأوسع وأوسع ". يشير بيده - قال: " فيه مثعبان
من ذهب وفضة ". قال: فماء حوضك؟ قال: ماء أشد بياضا من
اللبن، وأحلى مذاقة من العسل، وأطيب رائحة من المسك، من
شرب منه لم يظمأ بعدها ". وبهذا الإسناد قال عبد الله: وجدت
هذا الحديث في كتاب أبي بخطه وقد ضرب عليه، فظننت أنه قد
ضرب عليه لأنه خطأ، إنما هو عن زيد عن أبي سلام عن أبي
أمامة.
قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا رجل - والرجل كان يسمى في
كتاب أبي عبد الرحمن عمرو بن عبيد - حدثنا أبو رجاء العطاردي،
عن عمران بن حصين، قال ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز مأدوم
حتى مضى لوجهه. قال عبد الله: وكان أبي قد ضرب على هذا
الحديث في كتابه، فسألته وحدثني به وكتب عليه صح صح.
قال: إنما ضرب أبي علي هذا الحديث لأنه لم يرض الرجل
الذي حدث عنه يزيد.
20

قال الشيخ الإمام الحافظ أبو موسى: قد روى لابنه الحديث
لكنه ضرب عليه في المسند لأنه أراد أن لا يكون في المسند إلا
لثقات. ويروي في غير المسند عمن ليس بذاك.
ذكر أبو العز بن كادس أن عبد الله بن أحمد، قال لأبيه: ما
تقول في حديث ربعي عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن
أبي رواد؟ قلت: يصح؟ قال: لا! الأحاديث بخلافه. وقد رواه
الخياط عن ربعي عن رجل لم يسموه. قال: قلت له. فقد ذكرته
في المسند. فقال: قصدت في المسند الحديث المشهور، وتركت
الناس تحت ستر الله تعالى، ولو أردت أن أقصد ما صح عندي
لم أرو من هذا المسند إلا الشئ بعد الشئ، ولكنك يا بني
تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف إذا لم يكن
في الباب ما يدفعه.
قال الشيخ الحافظ: وهذا ما أظنه يصح لأنه كلام متناقض.
لأنه يقول: لست أخالف ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شئ
يدفعه. وهو يقول في هذا الحديث بخلافه وإن صح فلعله كان
أولا ثم أخرج منه ما ضعف لأني طلبته في المسند فلم أجده.
آخر خصائص المسند إملاء الحافظ أبي موسى المديني
رحمه الله تعالى
علقه لنفسه فقير عفو ربه تعالى عبد المنعم بن علي بن مفلح الحنبلي
عفا الله عنه في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثمانمائة أحسن الله تقضيها في
خير.
والحمد لله رب العالمين.
21