الكتاب: نصيحة أهل الحديث
المؤلف: الخطيب البغدادي
الجزء:
الوفاة: ٤٦٣
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: اعتنى بها و خرج أحاديثها وعلق عليها : عبد الكريم أحمد الوريكات
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٨ - ١٩٨٨ م
المطبعة: مكتبة المنار - الأردن - الزرقاء
الناشر: مكتبة المنار - الأردن - الزرقاء
ردمك:
ملاحظات:

نصيحة أهل الحديث
1

نصيحة أهل الحديث
تأليف
الحافظ أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي
(392 - 463 ه‍)
اعتنى بها و خرج أحاديثها وعلى عليها
عبد الكريم أحمد الوريكات
مكتبة المنار
الأردن - الزرقاء
3

حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1408 ه‍ - 1988 م.
4

قال الحافظ أبو بكر بن نقطة:
" كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه ".
" نصيحة أهل الحديث "
5

(...)
6

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا، و سيئآت أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا
هادي له، و أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا
عبده ورسوله.
أما بعد:
فيسرني أن أقدم هذه الرسالة اللطيفة النافعة، للمحدث الفقيه
المؤرخ الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي. في وقت أحوج ما يكون فيه
طلاب الحديث إليها.
و إليك أخي القارئ تعريفا موجزا بهذه الرسالة الموسومة ب‍
" نصيحة أهل الحديث ".
أولا: نسبة الرسالة لمؤلفها:
ذكر هذه الرسالة للخطيب ابن خير الإشبيلي في فهرسته
(ص - 226) وأودعها الخطيب كتابه " الفقيه والمتفقه "
(ج 2 / ص - 77 - 85).
وقد وهم الأستاذ يوسف العش في كتابه " الخطيب البغدادي مؤرخ
بغداد ومحدثها " (ص 126) وهو يعدد مصنفات الخطيب، بأن النصيحة
هي " اقتضاء العلم العمل "، إذ أن " اقتضاء العلم العمل " رسالة أخرى
7

للخطيب، حققها الأستاذ الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني،
وطبعت في المكتب الإسلامي.
ثانيا: موضوع الرسالة وأهميتها:
يعتبر الخطيب البغدادي من الجامعين بين علمي الفقه والحديث،
ومن أكبر الداعين إلى هذا الجمع، فكانت رسالته هذه، وكتابه الفقيه
والمتفقه، مشاركة جادة منه في تقريب الفجوة بين المحدثين والفقهاء. وكم
بعدت بينهم الشقة، في عصر الخطيب وقبله، وبعده أيضا.
ولذا يجدر بكل مشتغل بالحديث أن يطلع على رسالة الخطيب هذه،
لأن الغلو في كتابة الحديث وروايته، ومعرفة طرقه وأسانيده، و الانشغال
بذلك عن معرفة أحكامه وحلاله و حرامه، لا يصلح لطالب العلم الذي
يريد أن يخدم دينه و أمته.
وفي المقابل ينبغي على المشتغلين بالفقه، النظر في الأدلة، ومعرفة
الأحاديث الصحيحة من السقيمة، والرجوع إلى أهل الشأن في ذلك،
والسعيد من جمع بينهما.
ويمكن تلخيص موضوعات هذه الرسالة بالنقاط التالية:
1 - الحث على التكبير في العلم، وتحصيله قبل الانشغال بوظيفة أو أهل.
2 - ضرورة الجمع بين الرواية والدراية، فرواية الحديث فحسب لا
تكفي، بل لا بد معها من الفقه والاستنباط، وإعمال الذهن، مع
معرفة بأصول الفقه. و هذه القضية هي التي كانت تشغل بال
الخطيب، فكانت هي موضوع الرسالة ولبها.
3 - التركيز على ضرورة أخذ العلم من أهله المتقنين له، للرجوع إليهم في
فهم ما يشكل ويستغلق على الطالب.
8

ودعم الخطيب كل ذلك بالأمثلة والشواهد، التي تبين ضرورة ما
يريد الخطيب إيصاله، نصيحة منه لأهل الحديث خاصة، ولأهل العلم
عامة.
ثالثا: الأصول التي اعتمدت عليها في التحقيق.
1 - مطبوعة " مختصر نصيحة أهل الحديث " (1)، والتي طبعت في مصر سنة
1969 م ضمن " مجموعة رسائل في علوم الحديث " (2) حققها وقدم لها
السيد صبحي البدري السامرائي.
وهذه الطبعة خلو من التحقيق والتعليق إلا في النادر، فجاءت
طافحة بالتصحيف والتحريف (3).
2 - الطبعة الثانية لمختصر النصيحة، والتي نشرتها مكتبة المعارف بالطائف
ضمن مجموعة الرسائل الكمالية، وقام بنشرها السيد محمد سعيد
حسن كمال.
وجاءت هذه الطبعة موافقة تماما لسابقتها حتى في أخطائها
وتحريفاتها. لأن السيد المذكور قام بنشر الطبعة السابقة بتعليقاتها لا غير.
9

3 - طبعة النصيحة نفسها بأسانيدها، والتي كانت بدار الحديث في حلوان
بمصر سنة 1401 ه‍، وقام بتحقيقها السيد محمد الطيب بن يسن بن
محمد الخراشي الحسيني، وذكر الأستاذ المذكور أنه راجعها على أكثر
من نسخة، دون أن يذكرها لنا، و من خلال بيانه لفروق النسخ أثناء
التحقيق، تبين لي أنها لا تخرج عما هو في مختصر النصيحة والفقيه
والمتفقه، إلا في النادر، وجاءت هذه الطبعة موافقة لما في الفقيه
والمتفقه إلى حد بعيد.
ويبدو أن الأستاذ المذكور ليس ممن له باع في التحقيق، إذ كان ضأنا
بتعليقاته وتحقيقاته والتي لا تعدو عن بيان الفروق بين النسخ، والتعريف
ببعض الأعلام، أما كلامه على الأحاديث والآثار - إن تكلم - كان بسيطا
لا ينم عن دربة في صنعة الحديث ورسوخ قدم فيه.
4 - كتاب " الفقيه والمتفقه " للمصنف، وقد سبق أنه أودع نصيحة أهل
الحديث هذا الكتاب.
هذا ولم أعتمد طبعة مما سبق بعينها، بل كنت أثبت ما أراه الصواب
منها، و من كتاب " الفقيه والمتفقه ".
وأخيرا أقدم هذه التعليقات المتواضعة، على هذه الرسالة النافعة
المهمة، مع إنشغال البال، وتشتت الأفكار، عسى أن ننال دعوة صالحة
تنفعنا يوم لا ينفع مال ولا بنون.
والله أسأل أن يتقبل منا أعمالنا، ويجعلها في ميزان حسناتنا، إنه
سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
10

وصلى الله على محمد وأصحابه وآله الطاهرين
وكتب:
عبد الكريم أحمد يوسف الوريكات
أبو نصير / البلقاء
5 / ذي الحجة / 1407 ه‍.
الموافق 30 / 7 / 1987 م.
11

(...)
12

التعريف بالمصنف
مصادر ترجمته
1 - معجم الأدباء (4 / 14 - 45).
2 - طبقات الشافعية (3 / 12).
3 - النجوم الزاهرة (5 / 87).
4 - ابن عساكر (1 / 398).
5 - ابن الوردي (1 / 374).
6 - البداية والنهاية (12 / 101).
7 - طبقات الأسنوي (1 / 201).
8 - مرآة الجنان (3 / 87).
9 - الوافي (7 / 190).
10 - المستفاد من ذيل تاريخ بغداد (54 - 61).
11 - العبر (3 / 253).
12 - تذكرة الحفاظ (3 / 1135).
13 - دول الإسلام (1 / 273).
14 - طبقات ابن هداية الله (ص 164).
15 - اللباب (1 / 191).
16 - المنتظم (8 / 265).
17 - مفتاح السعادة (1 / 258).
18 - شذرات الذهب (3 / 311).
19 - الرسالة المستطرقة (ص 52).
13

20 - تبيين كذب المفتري (ص 268).
21 - إرشاد الأريب (1 / 264).
22 - وفيات الأعيان (1 / 92).
23 - الأنساب (5 / 151) 24 - فهرس ابن خير (ص 181).
25 - الكامل لابن الأثير (10 / 68).
26 - المختصر في أخبار البشر (2 / 187).
27 - طبقات الحفاظ (ص 433).
28 - تاريخ الخميس (2 / 358).
29 - سير أعلام النبلاء (18 / 270).
30 - كشف الظنون (1 / 10، 109، 288، 473، 575، 830،
914، 973، 1044، 1384، 1447، 1486، 1499،
1583، 1637، و 2 / 1637).
31 - إيضاح المكنون (1 / 30، 80، 225، 328، 478، 546،
و 2 / 150، 277، 312، 355، 694).
32 - هدية العرافين (1 / 79).
33 - معجم المؤلفين (2 / 3)
34 - الأعلام (1 / 172).
35 - وللكوثري: تأنيب الخطيب على ما سرده في ترجمة أبي حنيفة من
الأكاذيب ".
36 - وللأستاذ يوسف العش " الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها ". 37 - وللأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري " الخطيب البغدادي وموارده
في تاريخ بغداد ".
38 - وللدكتور محمود الطحان " الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث "
وهي رسالته " للدكتوراه ". وغيرها.
14

ترجمة الخطيب *
هو الإمام الأوحد العلامة المفتي، الحافظ، الناقد، محدث الوقت أبو
بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن الخطيب البغدادي
الفقيه، أحد الأئمة المشهورين المصنفين المكثرين، والحفاظ المبرزين، و من
ختم به ديوان المحدثين.
والخطيب: نسبة إلى الخطابة على المنابر.
ولد سنة 392 ه من غير خلاف بين مترجميه، غير أن البلدة التي
ولد فيها مرددة بين غزية من أعمال الحجاز، وبهنيقيه من أعمال نهر الملك
كما في فوات الوفيات.
نشأ الخطيب في بيت علم وقرآن، فقد كان أبوه خطيب جامع
درزيجان و إمامه عشرين سنة. كما جاء في حديث الخطيب عنه في تاريخ
بغداد (11 / 359)، و لذا سمع الخطيب مبكرا فأول سماعه كان سنة
403 ه‍ وهو ابن إحدى عشرة سنة، فقد كان لوالده أكبر الأثر فيه، حيث
كان يحضه على السماع والفقه، وقراءة القرآن، وبعد أن أكثر السماع من
البغداديين، أخذ في الرحلة، وكان عمره وقتها عشرين سنة، فارتحل إلى
البصرة ومكة والشام ونيسابور و أصبهان والكوفة ودمشق والقدس وغيرها
من الأمصار.
والخطيب إذ نشأ هذه النشأة. كانت لها أكبر الأثر في اتساع ثقافته،
فلم يقتصر على الحديث وعلومه، فقد كان متفننا في اللغة والأدب،
والفقه، ويقرض الشعر، وله شعر حسن، ولكن غلب عليه التاريخ
15

والحديث، فكان يشبه بالدارقطني حتى قيل: " ما أخرجت بغداد بعد
الدارقطني مثل الخطيب "، حيث كان آية في معرفة وحفظ وإتقان وضبط
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتفنن في علله وأسانيده، والعلم بصحيحه
وغريبه و فرده ومنكره ومطروحه، ومصنفاته تشهد له بذلك حتى قيل: " كل
من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه ".
ولتعرف أيها القارئ الكريم قدر الخطيب، ومكانته التي تبوأها بين
اقرانه ومعاصريه، إليك طرفا من ثناء أهل العلم عليه.
قال الذهبي: " كتب الكثير. وتقدم في هذا الشأن، وبز الأقران،
وجمع وصنف وصحح، و علل وجرح، وعدل و أرخ و أوضح، وصار احفظ
أهل عصره على الإطلاق ".
وقال ابن ماكولا: " لا يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثل الخطيب ".
وقال مؤتمن الساجي: " ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني مثل الخطيب ".
وقال أبو علي البرداني: " لعل الخطيب لم ير مثل نفسه ".
وقال ابن الجوزي: " انتهى إليه علم الحديث ".
وقال أيضا: " فهذا الذي ظهر لنا من مصنفاته، ومن نظر فيها عرف قدر
الرجل، و ما هيىء له مما لم يتهيأ لمن كان أحفظ منه كالدارقطني وغيرها ".
أما عن مصنفاته فحدث ولا حرج، فما وجد منها فضلا عما فقد،
يدل على ما وصف به، ولحسنها فقد تغنى بها الشعراء، فقال السلفي:
تصانيف ابن ثابت الخطيب * ألذ من الصبي الغض الرطيب
يراها إذ رواها من حواها * رياضا للفتى اليقظ البيب
ويأخذ حسن ما قد ضاع منها * بقلب الحافظ الفطن الأريب
فأية راحة ونعيم عيش * توازي كتبها بل أي طيب
ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر والإستقصاء:
16

تاريخ بغداد، والكفاية، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع،
والسابق واللاحق، وتلخيص المتشابه في الرسم، وشرف أصحاب
الحديث، وموضح أوهام الجمع والتفريق، والأسماء المبهمة في الأنباء
المحكمة. والفقيه والمتفقه، والرحلة في طلب الحديث، وتقييد العلم،
وغيرها كثير، وكل ما ذكر مما تم طبعه بحمد الله وتوفيقه.
وبعد هذه الحياة العامرة بالعلم، وهذا التراث الضخم. الذي خلفه
للأجيال، انتقل الخطيب إلى الدار الآخرة حيث لا يلاقي جزاء ما قدمه
إلا هناك. فكانت وفاته رحمه الله، ضحوة نهار يوم الاثنين سابع ذي
الحجة من سنة 463 ه‍. وتوفي في تلك‌ السنة الحافظ ابن عبد البر،
فقيل: توفي عالم المشرق والمغرب. وكان الخطيب قد أوصى بأن يدفن
بجانب بشر الحافي، فحصل له ذلك.
17

(...)
18

فائدة
" قد يقول قائل: إذا كان المؤلف - أي الخطيب - بتلك المنزلة
العالية، في المعرفة بصحيح الحديث ومطروحه، فما بالنا نرى كتا به هذا
- يعني اقتضاء العلم العمل - وغيره من كتبه قد شحنها بالأحاديث الواهية؟
والجواب: أن القاعدة عند علماء الحديث. أن المحدث إذا ساق
الحديث بسنده، فقد برئت عهدته منه، ولا مسؤولية عليه في روايته، ما
دام أنه قد قرن معه الوسيلة التي تمكن العالم من معرفة ما إذا كان الحديث
صحيحا أو غير صحيح، ألا وهي الإسناد.
نعم، كان الأولى بهم أن يتبعوا كل حديث ببيان درجته من الصحة
أو الضعف، ولكن الواقع يشهد أن ذلك غير ممكن بالنسبة لكل واحد
منهم، وفي جميع أحاديثه على كثرتها، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن،
ولكن أذكر منها أهمها. وهي أن كثيرا من الأحاديث لا تظهر صحتها أو
ضعفها إلا بجمع الطرق والأسانيد، فإن ذلك مما يساعد على معرفة علل
الحديث، وما يصح من الأحاديث لغيره، ولو أن المحدثين كلهم انصرفوا
إلى التحقيق، وتمييز الصحيح من الضعيف لما استطاعوا - والله أعلم - أن
يحفظوا لنا هذه الثروة الضخمة من الحديث والأسانيد، ولذلك انصبت همة
جمهورهم على مجرد الرواية إلا فيما شاء الله، وانصرف سائرهم إلى النقد
والتحقيق، مع الحفظ والرواية، وقليل ما هم " ولكل وجهة هو موليها
فاستبقوا الخيرات ".
19

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ رحمه الله تعالى:
رسمت في هذا الكتاب لصاحب الحديث خاصة، ولغيره عامة، ما أقوله نصيحة مني له، وغيرة عليه، وهو أن يتميز عمن رضي لنفسه بالجهل ولم يكن فيه معنى يلحقه بأهل الفضل، وينظر فيما أذهب فيه
معظم وقته، وقطع به أكثر عمره، من كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعه،
ويبحث عن علم ما أمر به من معرفة حلاله وحرامه، وخاصه وعامه،
وفرضه، وندبه. وإباحته وحظره، وناسخه ومنسوخه، وغير ذلك من أنواع
علومه قبل فوت إدراك ذلك (فيه -).
1 - فقد أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه ثنا محمد بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم السرخسي
ثنا محمد بن المنذر الهروي قال ثنا
الحسن بن عامر النصيبي قال سمعت أحمد بن صالح يقول: قال
الشافعي:
" تفقه قبل أن ترأس، فإذا ترأست فلا سبيل إلى التفقه ".
21

أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي أنا عمر بن أحمد بن
عثمان الواعظ ناموس بن عبيد الله بن يحي قال: حدثني عبد الله بن أبي
22

سعد حدثني أبو محمد المروزي قال: كان يقال:
" إنما تقبل الطينة الختم ما دامت رطبة "
23

أي أن العلم يطلب في طرواة السن.
3 - (قال): وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله
عنه أنه قال: " تفقهوا قبل أن تسودوا ".
أخبرناه علي بن محمد بن عبد الله المعدل أنا إسماعيل بن محمد
الصفار ثنا سعدان بن نصر ثنا وكيع عن ابن عون.
وأخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا حنبل
بن إسحاق ثنا بكار بن محمد ثنا عبد الله بن عون.
وأنا الحسن بن أبي بكر أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن
زياد القطان ثنا محمد بن غالب بن حرب.
وأخبرنا أبو الفرج محمد بن عمر بن محمد الجصاص أنا أحمد بن
يوسف بن خلاد العطار نا أحمد بن علي - هو الخزاز - قالا: ثنا هوذه بن
عون.
وأخبرنا الحسن بن أبي الحسن نا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد
الآدمي القارئ ثنا محمد بن القاسم مولى بني هاشم ثنا أزهر عن ابن عون
عن محمد عن الأحنف، وفي حديث وكيع وبكار عن ابن سيرين عن
الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب:
" تفقهوا قبل أن تسودوا ".
4 - أخبرنا الحسن بن أبي بكر أنا أحمد بن إسحاق بن ينخاب
24

الطيبي ثنا محمد بن يونس القرشي ثنا أزهر ثنا ابن عون عن الحسن عن
الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب: " تفقهوا قبل أن تسودوا ".
كذا قال عن الحسن والصواب عن ابن سيرين كما ذكرناه أولا والله
أعلم.
5 - أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن البادا أنا دعلج بن
أحمد ثنا علي بن عبد العزيز قال:
قال أبو عبيد في حديث عمر: " تفقهوا قبل أن تسودوا ".
يقول: " تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصيروا سادة رؤساء
25

منظورا إليكم فإن لم تعلموا قبل ذلك استحييتم أن تعلموا بعد
الكبر، فبقيتم جهالا تأخذون من الأصاغر فيزري ذلك بكم، وهذا
شبيه بحديث عبد الله، " لن يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن
أكابرهم فإذا أتاهم من أصاغرهم فقد هلكوا ". قال أبو عبيد: وفي الأصاغر تفسير آخر بلغني عن ابن المبارك
أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع، ولا يذهب إلى السن.
26

6 - أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله أنا عمر بن محمد بن
أحمد الجمحي ثنا علي بن عبد العزيز ثنا محمد بن عمار الموصلي ثنا عفيف
بن سالم عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي أمية الجمحي رضي الله
عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشراط الساعة قال: " إن من أشراطها أن يلتمس العلم عند الأصاغر ".
27

7 - وقال علي نا مسلم بن إبراهيم نا شعبة عن أبي إسحاق عن
سعيد بن وهب عن عبد الله قال: " لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم
28

عن أكابرهم، وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوا من صغارهم
وشرارهم هلكوا ". 8 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر نا
أبو عمر محمد بن العباس الخزاز أنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري
عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قال:
29

" سئلت عن قوله: " لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم
عن أكابرهم ". يريد لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ،
ولم يكن علماؤهم الأحداث، لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب،
وحدته، وعجلته، وسفهه، واستصحب التجربة والخبرة، فلا يدخل عليه
في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزله
الشيطان إستزلال الحدث، ومع السن الوقار والجلالة والهيبة، والحدث
قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ، فإذا دخلت عليه
وأفتى، هلك وأهلك ".
30

(قال الخطيب): ولا يقتنع بأن يكون روايا حسب، ومحدثا فقط:
9 - فقد أخبرنا أبو نعيم الحافظ نا إبراهيم بن عبد الله المعدل نا
أحمد بن علي الأنصاري - ومولده بأصبهان - نا أبو الصلت الهروي نا علي
بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كونوا دراة، ولا تكونوا رواة، حديث تعرفون فقهه، خير من ألف
(حديث) تروونه ".
31

10 - أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي أنا علي بن عبد العزيز البردعي نا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: في كتابي عن الربيع بن
سليمان قال: سمعت الشافعي، وذكر من يحمل العلم جزافا فقال:
هذا مثل حاطب ليل يقطع حزمة حطب فيحملها ولعل فيها أفعى فتلدغه
وهو لا يدري ". قال الربيع: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من
32

أين ":.
11 - أخبرنا أبو الحسن: أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي أنا أبو
مسلم: محمد بن أحمد بن علي الكاتب المعبر نا أبو بكر: محمد بن الحسن
بن دريد قال:
" سئل بعضهم متى يكون الأدب ضارا؟ قال: " إذا نقصت
القريحة وكثرت الرواية ".
12 - أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي أنا أبو
الحسن محمد بن جعفر التميمي الكوفي قال: قال لنا أبو العباس بن
33

عقدة يوما، وقد سأله رجل عن حديث فقال:
" أقلوا من هذه الأحاديث فإنها لا تصلح إلا لمن علم تأويلها فقد
روى يحي بن سليمان عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: كثير من
هذه الأحاديث ضلالة، لقد خرجت مني أحاديث لوددت أني ضربت بكل
حديث منها سوطين، وأني لم أحدث به ".
34

ولعله يطول عمره، فتنزل به نازلة في دينه يحتاج أن يسأل عنها فقيه
(وقته)، وعسى أن يكون الفقيه حديث السن، فيستحي أو يأنف من
مسألته، ويضيع أمر الله في تركه تعرف حكم نازلته.
13 - أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عمر بن محمد الجمحي نا علي
بن عبد العزيز نا أبو نعيم الفضل بن دكين عن سعد بن أوس العبسي
الكاتب عن بلال بن يحي أن عمر قال: " قد علمت متى صلاح الناس،
ومتى فسادهم، إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير،
وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا ".
فإن أدركه التوفيق من الله - عز وجل - وسأل الفقيه لم يأمن أن
35

يكون بحضرته من يدري به ويلومه على عجزه في مقتبل عمره،
إذ فرط في التعليم، فينقلب حينئذ واجما، وعلى ما سلف من تفريطه
نادما.
14 - حدثني أبو طاهر محمد بن أحمد بن علي الأشناني نا أحمد بن
إسحاق النهاوندي نا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد نا عبد الله بن أحمد
بن معدان نا أحمد بن حرب الموصلي قال: سمعت محمد بن عبيد يقول:
جاء رجل وافر اللحية إلى الأعمش، فسأله عن مسألة من مسائل
الصبيان، يحفظها الصبيان، فالتفت إلينا الأعمش فقال:
" انظروا إلى لحيته تحتمل (حفظ) أربعة ألآف حديث، ومسألته
مسألة الصبيان ".
36

وليعلم أن الإكثار من كتب الحديث وروايته، لا يصير (بها)
الرجل فقيها، إنما يتفقه بإستنباط معانيه، وإنعام التفكر فيه.
15 - حدثني محمد بن أحمد الأشناني نا أحمد بن إسحاق
النهاوندي نا الحسن بن عبد الرحمن حدثني أحمد بن محمد بن سهيل الفقيه
نا محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الأصبهاني بمكة نا مصعب الزبيري
قال: سمعت مالك بن أنس قال لا بني أخته: أبي بكر وإسماعيل ابني
أبي أويس: " أراكما تحبان هذا الشأن، وتطلبانه؟ قالا: نعم، قال: إن
أحببتما أن تنتفعا به، وينفع الله بكما فأقلا منه وتفقها ".
16 - أخبرنا محمد بن الحسين القطان أنا عبد الله بن إسحاق بن
إبراهيم البغوي نا أحمد بن السري نا سهل بن زنجلة نا سفيان عن
إسماعيل بن أمية عن الأعمش قال: " لما سمعت الحديث قلت: لو جلست
إلى سارية أفتي الناس، قال: فجلست إلى سارية، فكان أول ما سألوني
37

عنه لم أدر ما هو! ".
17 - أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الدقاق نا أحمد بن إسحاق
النهاوندي قال: نا ابن خلاد أبو عمر أحمد بن محمد بن سهيل قال:
حدثني رجل ذكره من أهل العلم. قال ابن خلاد وأنسيت أنا اسمه
- (وأحسبه يوسف بن الصاد) قال:
" وقفت امرأة على مجلس فيه يحي بن معين، وأبو خيثمة، وخلف
بن سالم، في جماعة يتذاكرون الحديث، فسمعتهم يقولون قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قد رواه فلان، وما حدث به غير فلان، فسألتهم عن الحائض
تغسل الموتى وكانت غاسلة، فلم يجبها أحد مهم وجعل بعضهم ينظر إلى
بعض، فأقبل أبو ثور فقالوا لها: عليك بالمقبل، فالتفتت إليه، وقد دنا
منها فسألته، فقال: تغسل الميت لحديث القاسم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لها: " أما إن حيضتك ليست في يدك "، ولقولها: كنت أفرق رأس
38

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وأنا حائض " قال أبو ثور: فإذا فرقت رأس الحي،
فالميت أولى به، فقالوا: نعم، رواه فلان وحدثناه فلان، ويعرفونه من
طرق كذا، وخاضوا في الطرق، فقالت المرأة: فأين كنتم إلى
الآن؟ ".
39

(قال): وإنما أسرعت ألسنة المخالفين إلى الطعن على المحدثين
لجهلهم أصول الفقه وأدلته، في ضمن السنن، مع عدم معرفتهم
بمواضعها، فإذا عرف صاحب الحديث بالتفقه خرست عنه الألسن،
وعظم محله في الصدور والأعين، وخشي من كان عليه يطعن.
18 - أنبأنا محمد بن عبد الله الحنائي نا جعفر بن محمد بن نصير
الخلدي نا عبد الله بن جابر الطرسوسي نا محمد بن العرجي العسكري
قال: سمعت مسلما الجرمي قال: سمعت وكيعا يقول:
" لقيني أبو حنيفة فقال لي: لو تركت كتابة الحديث وتفقهت أليس
كان خيرا؟ قلت: أفليس الحديث يجمع الفقه كله قال: ما تقول في امرأة ادعت الحمل وأنكر الزوج؟ فقلت له: حدثني عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل، فتركني
40

فكان بعد ذلك إذا رآني في طريق أخذ في طريق آخر ".
19 - أخبرني الحسن بن محمد بن الحسن الخلال نا محمد بن العباس
الخزاز نا أبو بكر بن أبي داود نا علي بن خشرم قال: سمعت
وكيعا غير مرة يقول:
" يا فتيان تفهموا فقه الحديث، فإنكم إن تفهمتم فقه الحديث
لم يقهركم أهل الرأي ".
20 - أخبرنا
الحسن بن الحسين بن العباس النعالي أنا أبو بكر أحمد
بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي نا أحمد بن علي الأبار نا علي بن خشرم
المروزي قال: سمعت وكيعا يقول لأصحاب الحديث:
" لو أنكم تفقهتم الحديث وتعلمتموه، ما غلبكم أصحاب
الرأي، ما قال أبو حنيفة في شئ يحتاج إليه إلا ونحن نروي فيه بابا ".
41

قال رحمه الله: ولا (بد) للمتفقه من أستاذ يدرس عليه، ويرجع في تفسير ما
أشكل إليه، ويتعرف منه طرق الإجتهاد، وما يفرق به بين الصحة
والفساد.
42

21 - وقد أخبرنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن
القاسم المحاملي قال: نا عمر بن أحمد بن عثمان المروروذي نا الحسين
بن أحمد بن صدقة نا أحمد بن أبي خيثمة أخبرني سليمان بن أبي شيخ
قال: أخبرني بعض الكوفيين قال: قيل لأبي حنيفة - رحمه الله - في المسجد
حلقة ينظرون في الفقه، فقال: لهم رأس؟ قالوا: لا، قال: لا يفقه
هؤلاء أبدا ".
22 - أخبرنا الحسن بن أبي طالب أنا علي بن عمرو الحريري أن
علي بن محمد بن كأس النخعي حدثهم قال: نا إبراهيم بن إسحاق
43

الزهري نا أبو نعيم قال: كنت أمر على زفر، وهو محتب بثوب
فيقول: يا أحول تعال حتى أغربل لك أحاديثك، فأريه ما قد
سمعت، فيقول: هذا يؤخذ به، وهذا لا يؤخذ به، وهذا (هاهنا)
ناسخ، وهذا منسوخ ".
23 - حدثني محمد بن علي الصوري إملاء أنا عبد الرحمن بن عمر
المصري نا محمد بن أحمد بن عبد الله بن وركان العامري نا إبراهيم بن أبي
داود نا علي بن معبد نا عبيد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى الأعمش
فسأله عن مسألة وأبو حنيفة جالس، فقال الأعمش: يا نعمان قل فيها،
44

فأجابه، فقال الأعمش: من أين قلت هذا؟ فقال: من حديثك الذي
حدثتناه، قال: (نعم) نحن صيادلة وأنتم أطباء ".
24 - أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري أنا عبد
الله بن محمد الشاهد نا مكرم ابن أحمد نا أحمد بن عطية.
وأخبرنا الحسن بن علي الجوهري أنا محمد بن العباس الخزاز نا أبو
بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال: سمعت أبا إبراهيم المزني
قال أنا علي بن معبد نا عبيد الله بن عمرو قال:
" كنا عند الأعمش وهو يسأل أبا حنيفة عن مسائل ويجيبه أبو
حنيفة، فيقول له الأعمش: من أين لك هذا؟ فيقول: أنت حدثتنا عن
إبراهيم بكذا وحدثتنا عن الشعبي بكذا، قال: فكان الأعمش عند ذلك
يقول:
" يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة ".
واللفظ لحديث الصيمري.
45

25 - أخبرنا أبو مسلم جعفر بن بابي الفقيه الجيلي أنا أبو بكر محمد
بن إبراهيم بن المقري بأصبهان نا محمد بن خالد بن يزيد البردعي قال:
سمعت عطية بن بقية يقول: قال لي أبي: كنت عند شعبة بن الحجاج
إذ قال لي: يا أبا محمد إذا جاءتكم مسألة معضلة من تسألون عنها؟
قال: قلت في نفسي: هذا (رجل) قد أعجبته نفسه، قال: قلت: يا أبا
بسطام توجه إليك وإلى أصحابك حتى تفتونا.
46

قال: فما كان إلا هنيهة إذ جاءه رجل فقال: يا أبا بسطام رجل ضرب رجلا على أم رأسه، فادعى المضروب أنه انقطع شمه، قال:
فجعل شعبة يتشاغل عنه يمينا وشمالا، فأومأت إلى الرجل أن ألح عليه،
فالتفت (إلي) وقال: يا أبا يحمد ما أشد البغي على أهله، لا والله ما
عندي فيه شئ، ولكن أفته أنت، (قال): قلت: يسألك وأفتيه أنا؟
قال: فإني قد سألتك، قال: قلت: سمعت الأوزاعي والزبيدي
يقولان: يدق الخردل دقا بالغا ثم يشم، فإن عطس كذب، وإن لم
يعطس صدق.
قال: جئت بها يا فقيه، والله لا يعطس رجل انقطع شمه
أبدا ".
47

انتهت رسالة النصيحة للخطيب، والحمد لله رب العالمين.
وهذه الأبيات للشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وجدت بخطه
في القاعة التي مات فيها، مكتوبة بفحم بخطه رحمه الله:
أنا الفقير إلى رب السماوات * أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي * والخير إن جانا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة * ولا عن النفس في دفع المضراتي
وليس لي دونه مولى يد برني * ولا شفيع إلى رب البرياتي
إلا بإذن من الرحمن خالقنا * هو الشفيع كما جاء في الآياتي
48

ولست أملك شيئا دونه أبدا * ولا شريكا أنا في بعض ذراتي
ولا ظهير له مما يعاونه * كما يكون لأرباب الرايات
والفقر لي وصف دائم أبدا * كما الغنى وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم * وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلبا من دون خالقه * فهو الظلوم الجهول المشرك العاتي
والحمد لله ملك الكون أجمعه * بما كان فيه وما من بعده يأتي
49