الكتاب: معرفة السنن والآثار
المؤلف: البيهقي
الجزء: ٢
الوفاة: ٤٥٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: سيد كسروي حسن
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: لبنان/ بيروت - دار الكتب العلمية
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم (*)
140
- [باب] (*))
السجود
833 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
وأحب أن يبتدئ التكبير قائما وينحط مكانه ساجدا ثم يكون أول ما يضع
[على] الأرض منه ركبتيه ثم يديه ثم وجهه و ن وضع وجهه قبل يديه أو يديه قبل
ركبتيه كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سهو.
قال أحمد:
روى شريك القاضي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يضع ركبتيه قبل يديه ويرفع يديه قبل ركبتيه يعني في
السجود.
834 - أخبرنا أبو زكريا ابن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن كامل قال حدثنا
محمد بن مسلمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك فذكره.
3

ورواه همام بن يحيى عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث ذكره. فلما سجد وضع ركبتيه على الأرض قبل أن تقع
كفاه ووضع جبهته بين كفيه.
قال همام وحدثنا شقيق يعني أبا الليث عن عاصم بن كليب عن أبيه عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] بهذا مرسلا وهو المحفوظ.
835 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الجوهري قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عفان بن
مسلم قال حدثنا همام فذكره. وروي في ذلك عن العلاء بن إسماعيل العطار عن حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود من فعلهما.
وروى عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه '.
836 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال سعد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله
هذا.
ورواه أيضا عبد العزيز عن عبد الله عن / نافع عن ابن عمر مرفوعا.
والمحفوظ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: أن اليدين تسجدان كما يسجد
الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما.
4

وقال فيه ابن علية عن أيوب رفعه.
المقصود منه وضع اليدين دون التقديم والتأخير والله أعلم.
وفي حديث إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبيه
عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد قال:
كنا نضع اليدين قبل الركبتين وأمرنا بالركبتين قبل اليدين.
هذا إن كان محفوظا دل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه
حديث نسخ التطبيق. والله أعلم.
837 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان قال
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن
سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل '.
هكذا رواه عبد الله بن سعيد المقبري غير أنه ضعيف لا يفرح بما يتفرد به.
والله أعلم.
838 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن
أبيه عن ابن عباس قال: أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يسجد منه على سبعة: يديه. وركبتيه.
وأطراف أصابعه. وجبهته. ونهي أن يكفت منه الشعر والثياب.
5

قال سفيان وأراني ابن طاووس فوضع يده على جبهته ثم مر بها على انفه
حتى بلغ بها طرف انفه قال: قال وكان أبي يعد هذا واحدا.
أخرجاه في الصحيح من حديث وهيب عن ابن طاووس.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد عن ابن عيينة مختصرا.
839 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني سفيان قال حدثني
عمرو بن دينار سمع طاووسا يحدث عن ابن عباس: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر أن يسجد على
سبعة ونهى أن يكفت / شعره أو ثيابه.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة وحماد بن زيد عن عمرو.
840 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني
يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عامر بن سعد بن أبي
وقاص عن العباس بن عبد المطلب انه سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' إذا سجد العبد سجد
معه سبعة آراب: وجهه. وكفاه وركبتاه. وقدماه.
841 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا أحمد بن سلمة قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد.
وروى الشافعي هاهنا عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله الحديث
الذي:
6

842 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا علي بن حمشاذ العدل قال حدثنا
علي بن عبد العزيز قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا همام قال حدثنا إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة قال حدثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن
رافع فذكر الحديث وقال فيه: عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ثم يسجد فيمكن جبهته من الأرض حتى
تطمئن مفاصله ويستوي ثم يكبر فيرفع رأسه ويستوي قاعدا على مقعدته ويقيم صلبه.
وفي رواية إبراهيم: ثم يستوي قاعدا يثني قدميه حتى يقيم صلبه.
واحتج في القديم بأن قال
بلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لرجل:
' إذا سجدت فأمكن جبهتك حتى تجد حجم الأرض. وذكر في سنن حرملة
قوله عز وجل:
* (يخرون للأذقان سجدا) *.
فاحتمل السجود أن يخر وذقنه إذا خر يلي الأرض ثم يكون سجوده على غير
الذقن فأبان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن السجود على الجبهة والأنف.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال:
أبصرت عيناي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انصرف علينا صبيحة إحدى وعشرين من رمضان
وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين.
843 - أخبرناه / أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
7

فارغة
8

الجزء العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
844 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الزاهد
رضي الله عنه قال:
قال الشافعي:
فإن سجد على الجبهة دون الأنف أجزاه.
واحتج بما مضى من حديث رفاعة.
وأما حديث عكرمة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: مر برجل لا يضع أنفه إذا سجد فقال:
' لا تقبل صلاة لا يصيب الأنف من الأرض ما يصيب الجبين '.
فإنما هو مرسل وإنما سألناه بذكر ابن عباس فيه أبو قتيبة عن سفيان وشعبة عن
عاصم عن عكرمة وغلط فيه.
ورواه سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا.
قال أبو عيسى الترمذي فيما قرأت من كتابه حديث عكرمة مرسلا أصح.
وكذلك قاله غيره من الحفاظ.
وأوجب الشافعي في أحد القولين كشف اليدين كما أوجب كشف الجبهة واحتج بما:
845 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
9

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: انه كان إذا سجد
يضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه.
قال: ولقد رأيته في يوم شديد البرد يخرج يده من تحت برنس له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نأخذ وهذا يشبه سنة النبي [صلى الله عليه وسلم].
وذكر حديث طاووس عن ابن عباس وقد مضى ذكره.
قال أحمد:
وروينا عن خباب بن الأرت أنه قال:
شكونا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا.
وعن صالح بن خيوان السبائي وغيره: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا يسجد على
عمامته فحسر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن جبهته.
وهذا / المرسل شاهد للموصول قبله في الجبهة. ولم يثبت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في
السجود على كور العمامة شيء.
وروينا عن علي وعبادة بن الصامت وابن عمر قريبا من حديث صالح.
وأصح ما روي في السجود على الثياب حديث بكر بن عبد الله المزني عن
أنس بن مالك قال:
كنا نصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.
وقد روي بمثل هذا الإسناد عن بكر عن انس قال: كنا نصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ف
في شدة الحر فيأخذ أحدنا الحصاة في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه.
10

وبهذا المعنى روي عن جابر بن عبد الله فيحتمل أن تكون الرواية الأولى عن
أنس في ثوب منفصل عنه. والله أعلم. وروينا عن الحسن البصري أنه قال:
كان أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على عمامته.
وقد روينا عن جماعة منهم بخلاف هذا في الجبهة وعن ابن عمر في اليدين.
والله أعلم.
والاحتياط لأمر الصلاة أولى. وبالله التوفيق.
وأوجب الشافعي في أحد القولين السجود على جميع أعضائه التي أمر بالسجود عليها في حديث ابن عباس وغيره ولم يوجبه في القول الآخر إلا على الجبهة واحتج بأن المذكور في السجود الوجه قال الله عز وجل:
* (يخرون للأذقان سجدا) *.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين '.
846 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج عن
ابن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن
الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سجد في الصلاة المكتوبة قال:
' اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه
11

وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين '.
/ قال أحمد:
وهذا في الحديث الذي رواه الشافعي عن مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد
العزيز عن ابن جريج إلا أنه لم يسقه بتمامه.
وهو في رواية الماجشون عن الأعرج.
ومن ذلك والوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
847 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرنا
عمران بن موسى قال أخبرني سعيد بن أبي سعيد المقبري: أنه رأى أبا رافع مولى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مر بحسن بن علي يصلي قد غرز ضفرته في قفاه فحملها أبو رافع فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال أبو رافع: أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' ذلك كفل الشيطان [يقول] مقعد الشيطان '. يعني
مغرز ضفيرته.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن الحسن بن علي بن عبد الرزاق عن ابن
جريج إلا أنه قال: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه انه رأى أبا رافع.
848 - أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال
حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج فذكره.
وكذلك رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج.
وروينا في الحديث الثابت عن ابن عباس:
انه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فجعل يحله
12

وقال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إنما مثل هذا الذي يصلي وهو مكتوف '.
141 [باب]
الذكر في السجود
849 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا صفوان بن سليم
عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سجد قال:
' اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي سجد وجهي للذي
خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين.
/ وقد روينا هذا الحديث في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من
ذلك الوجه مخرج من الصحيح.
850 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بن عيينة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن
عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم '.
أخرجه مسلم في الصحيح عن سعد بن منصور وزهير بن حرب وغيرهما عن
سفيان.
13

851 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:
أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدا ألم تر إلى قوله: * (اسجد واقترب) * يعني: إفعل واقترب قال أحمد:
هذا الذي رواه الشافعي بإسناده عن مجاهد صحيح من وجه آخر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
دون الاستشهاد بالآية وفيه الأمر بإكثار الدعاء.
852 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أحمد بن سهل الفقيه قال
حدثنا صالح بن محمد الحافظ قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا وهب قال
أخبرنا عمرو بن الحارث عن عمارة عن أبيه عن سمي مولى أبي بكر انه سمع أبا
صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء '.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف وغيره.
وقد روينا في كتاب السنن والدعوات سائر الأذكار التي رويت في الركوع
والسجود. وبالله التوفيق.
142 - [باب]
التجافي في السجود
853 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: روى عبد الله بن
أبي بكر عن ابن عباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا
14

/ سجد جافى بين يديه. قال روي عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا سجد يرى بياض إبطيه مما يجافي بدنه.
854 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الملك بن عمرو قال أخبرني فليح قال حدثني
عباس بن سهل قال اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وأبو سهل بن سعد ومحمد بن مسلمة
فذكروا صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال أبو حميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث كما مضى في مسألة ' رفع اليدين ' قال:
ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فجافى عن جنبيه.
وقال في السجود: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه.
855 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن داود بن قيس الفراء عن عبيد الله بن
عبد الله بن أقرم الخزاغي عن أبيه قال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالقاع من نمرة أو الثمرة
شك الربيع ساجدا فرأيت بياض إبطيه.
قال أحمد:
كان يعقوب بن سفيان يذهب إلى أن الصحيح ثمرة بالثاء وذلك فيما:
15

856 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أن ابن درستويه أخبرهم عن يعقوب.
وقد روينا في التجافي في السجود عن ميمونة بن الحارث. وعبد الله بن
مالك بن بحينة. وعبد الله بن عباس. وأحمر. وغيرهم عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وحديث ابن بحينة مخرج في الصحيح.
وحديث ميمونة أخرجه مسلم.
وحديث ابن عباس واحمر بن جزي اخرجه أبو داود.
857 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله عن رجل عن الأعمش عن المسيب / بن رافع عن عامر بن عبده
قال:
قال عبد الله: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى بالمرافق.
قال الشافعي:
وليسوا - يعني العراقيين - يقولون بهذا. يقولون لا نعلم أحدا يقول بهذا
فأما نحن فأخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن قيس فذكر حديث ابن أقرم. وعن سفيان
قال حدثنا عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم عن عمه عن ميمونة أنها قالت:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا سجد لو أرادت بهمة أن تمر من تحته لمرت مما يجافي.
858 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فذكر حديث ابن اقرم وميمونة.
قال أحمد:
هكذا في رواية الشافعي عن سفيان عن عبد الله وكذلك قاله الحميدي عن
سفيان قال حدثنا أبو سليمان عبد الله بن عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم.
وقال يحيى بن يحيى عن سفيان عن عبيد الله بن عبد الله.
859 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله
16

ابن عبد الله الأصم فذكره.
إلا أنه قال: بهيمة.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى وكذلك قاله قتيبة وغيره عن سفيان.
ورواه مروان بن معاوية وعبد الواحد بن زياد عن عبد الله في التجافي حتى رأى
وضح إبطيه دون ذكر البهيمة. وهما أخوان وعبد الله أكبرهما.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن البراء بن عازب قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك '.
وعن قتادة عن أنس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' اعتدلوا في السجود ولا يبسطن أحدكم ذراعيه انبساط الكلب '.
وفي كتاب البويطي وقد قيل فيمن يصلي وحده نافلة فطال سجوده يعتمد
بمرفقيه على ركبتيه لطول السجود.
860 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
محمد بن أيوب قال أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث بن محمد بن عجلان عن
سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
شكى أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] مشقة / السجود إذا انفرجوا فقال
' استعينوا بالركب '.
17

قال ابن عجلان في غير روايتنا هذه:
وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود وأعياه.
861 - أخبرناه محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال
حدثنا شعيب بن الليث قال حدثنا أبي فذكره بإسناده وذكر قول ابن عجلان.
ورواه الثوري وابن عيينة عن سمي عن النعمان ابن أبي عياش عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
مرسلا بمعناه.
143 - [باب]
الجلوس بين السجدتين
واحتج الشافعي في وجوبه ووجوب الاستواء فيه بحديث رفاعة بن رافع وقد
مضى ذكره.
قال في الإملاء:
والقعود من السجدة التي يرجع منها إلى السجدة على العقبين.
وقال في كتاب البويطي:
ويجلس المصلي في جلوسه بين السجدتين على صدور قدميه ويستقبل بصدور
قدميه القبلة.
وكذلك روي ولعله أراد بما روي في ذلك:
862 - ما أخبرنا أبو صالح العنبري قال أخبرني جدي عن يحيى بن منصور قال
حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر ومحمد بن رافع قالا: حدثنا عبد
الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير انه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن
عباس في الإقعاء على القدمين فقال: هي السنة. قلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.
فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك [صلى الله عليه وسلم]. رواه مسلم في الصحيح عن
18

الحسن بن علي الحلواني عن عبد الرزاق.
863 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب عن عطاء قال أخبرنا هشام بن حسان عن
عطاء بن أبي رباح قال:
كانت العبادلة يقعون في الصلاة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد
الله بن الزبير قال وأظن منهم عبد الله بن صفوان.
قال أحمد:
وقد روينا عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان ينهى عن عقب الشيطان.
وروينا عن سمرة وغيره أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الإقعاء في الصلاة ويحتمل أن
يكون حديث عائشة / في القعود للتشهد.
وحديث سمرة وغيره في الإقعاء الذي فسره أبو عبد حكاية عن أبي عبدة
وهو جلوس الإنسان على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع والمراد بما روينا عن
ابن عباس أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض ويضع أليتيه على عقبيه ويضع
ركبتيه بالأرض وفي هذا جمع بين الأخبار.
وقد قال الشافعي في كتاب استقبال القبلة:
إذا رفع من السجود لم يرجع على عقبيه وثنى رجله اليسرى وجلس عليها
كما يجلس في التشهد الأول.
864 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع عن الشافعي
فذكره.
وقد روينا في حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي في
عشرة من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]: ثم يرفع رأسه - يعني من السجدة الأولى - ويثني رجله
اليسرى فيقعد عليها.
19

865 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال: قال الشافعي عن ابن علية.
866 - وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا أخبرنا ابن علية عن خالد الحذاء عن عبد
الله بن الحارث عن الحارث الهمداني عن علي كان يقول بين السجدتين.
اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهم - يعني العراقيين - يكرهون هذا ولا يقولون به.
قال أحمد:
قد روينا في حديث حذيفة انه صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] قال فكان يقول بين
السجدتين:
' رب اغفر لي رب اغفر لي '.
وجلس بقدر سجوده.
وروينا عن كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس في صلاة النبي [صلى الله عليه وسلم].
وقوله بين السجدتين الألفاظ التي حكاها الشافعي عن علي وزاد.
' وارفعني وارزقني ' وقال بعضهم ' وعافني '.
144 - [باب]
القيام من الجلوس
867 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
20

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن / أبي قلابة
قال:
جاءنا مالك بن الحويرث فصلى في مسجدنا وقال: والله إني لأصلي وما أريد
الصلاة أريد أن أريكم كيف رايت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي.
فذكر انه يقوم من الركعة الأولى إذا أراد أن ينهض قلت: كيف؟ قال: مثل
صلاتي هذه.
قال وأخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن خالد عن أبي قلابة مثله. غير
أنه قال:
فكان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى فاستوى قاعدا
قام واعتمد على الأرض.
هكذا رواه عبد الوهاب الثقفي عن أيوب وخالد الحذاء ورواه هشيم بن بشير
عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي: انه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا كان
في وتر من صلاته لم يمض حتى يستوي قاعدا.
868 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا هشيم فذكره بإسناده.
ورواه وهيب بن خالد عن أيوب عن أبي قلابة قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا في مسجدنا فيصلي بنا ويقول: إني أصلي بكم وما أريد الصلاة أريد أريكم
كيف رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي.
قال أيوب: فقلت لأبي قلابة:
كيف كانت صلاته؟
قال: مثل صلاة شيخنا هذا يعني عمرو بن سلمة قال أيوب: وكان ذلك الشيخ
يتم التكبير وكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس ثم اعتمد على الأرض
فقام.
869 - أخبرناه أبو عمرو قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرنا أبو يعلى قال
21

حدثنا العباس بن الوليد النرسي وإبراهيم بن الحجاج قالا: حدثنا وهيب فذكره.
إلا أن في رواية إبراهيم شيخنا هذا عمرو بن سلمة.
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل ومعلى بن أسد عن وهيب.
وروينا جلسة الاستراحة في حديث أبي حميد الساعدي.
وروينا عن ابن عمر أنه: كان إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه والذي روي عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: / نهى أن يعتمد الرجل على يده في
الصلاة.
فذاك تقصير وقع فيه من بعض الرواة.
وقد رواه أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن
نافع عن ابن عمر قال:
نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يجلس الرجل في الصلاة وهو يعتمد على يده.
وفي رواية أخرى إذا جلس الرجل في الصلاة أن يعتمد على يده اليسرى.
870 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا أحمد بن حنبل فذكر الرواية الأولى.
871 - أخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال
حدثني أبي فذكر الرواية الأخرى وهما قريبتان وإحداهما أبين.
وفي رواية أحمد بن حنبل بيان ما أطلقه سائر الرواة عن عبد الرزاق بمعناه.
22

ورواه هشام بن ويوسف عن معمر.
وقد ذكرناه في كتاب السنن مع ما يشهد له.
ورواه محمد بن عبد الملك عن عبد الرزاق فقال:
إذا نهض في الصلاة.
وذلك خطأ لمخالفته سائر الرواة وكيف يكون صحيحا وقد روينا عن نافع عن
ابن عمر انه كان يعتمد على يديه إذا نهض.
والذي روي عن علي من السنة أن لا تعتمد على يديك حين تريد أن تقوم. لم
يثبت إسناده.
تفرد به أبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق واختلف عليه في إسناده.
ولكن صحيح عن ابن مسعود انه قام على صدور قدميه.
145 - [باب]
كيفية الجلوس في التشهد الأول والآخر
872 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد أراه عن محمد بن عمرو بن
حلحلة الشك من أبي العباس انه سمع عباس بن سهل الساعدي يخبر عن أبي حميد
الساعدي قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليسرى فجلس عليها
ونصب اليمنى وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته إلى
الأرض ونصب وركه اليمنى.
/ قال أحمد:
هكذا وقع الحديث في كتاب الربيع ورواه الزعفراني في القديم عن الشافعي
عن رجل وهو إبراهيم بن محمد بلا شك عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن
محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي:
23

أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جلس في الرابعة فأخرج رجليه من قبل شقه الأيمن وأفضى
بمقعدته إلى الأرض.
قال أحمد:
حديث محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء صحيح
وحديثه عن عباس بن سهل فيه نظر وإبراهيم ابن محمد إنما يروي حديث عباس عن
إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهل والخطأ وقع ممن دون الشافعي وكأن الأصم
يشك فيه.
وتابعه أبو نعيم الجرجاني عن الربيع فالوهم وقع من الربيع والله أعلم.
873 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق
الفقيه قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثني الليث عن ابن أبي
حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء انه كان جالسا مع
نفر من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: فذكرنا صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال أبو حميد الساعدي:
أنا كنت احفظكم لصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا
ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار
مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه
القبلة فإذا جلس في الركعتين [قدم رجليه ثم جلس] على رجله اليسرى وإذا
جلس في الركعة الآخرى قدم رجله اليسرى وجلس على مقعدته.
قال أحمد:
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث عن خالد هو ابن يزيد
عن سعيد هو ابن أبي هلال عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن
عطاء.
قال: وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن
24

عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء: انه كان جالسا مع نفر من أصحاب
النبي [صلى الله عليه وسلم] فذكره وزاد فيه في الجلوس في الركعتين عند قوله جلس على رجله اليسرى
ونصب اليمنى وقال / في الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته.
874 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو سعيد النسوي قال حدثنا
حماد بن شاكر ومحمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني يحيى بن
بكير فذكره.
قال البخاري: سمع الليث يزيد بن أبي حبيب ويزيد محمد بن حلحلة وابن
حلحلة بن عطاء.
قال أحمد:
وقد اخبر ابن عطاء انه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]. فذكرنا صلاة
النبي [صلى الله عليه وسلم] فصح بذلك وصل الحديث وصحته.
وقد روينا فيما مضى من هذا الكتاب حديث عبد الحميد بن جعفر عن
محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب
النبي [صلى الله عليه وسلم] فيهم أبو قتادة فقال أبو حميد:
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث وقال فيه:
ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه فيثني رجله اليسرى
فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ثم يعود ثم يرفع فيقول الله أكبر ثم يثني
برجله فيقعد عليها معتدلا ثم يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك. وذكر الحديث.
قال: حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا
على شقه الأيسر فقالوا جميعا: صدق هكذا كان يصلي رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
875 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن سنان القزاز قال حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر فذكره.
وفي هذا كيفية القعود فيما بين السجدتين وبعد السجدة الآخرة من الركعة
25

الأولى ثم حال الركعة الأخرى على الأولى ثم ذكر كيفية القعود في الركعة الأخيرة.
وروينا في حديث فليح عن عباس بن سهل عن أبي حميد: ثم جلس فافترش
رجله اليسرى واقبل بصدر اليمنى على قبلته.
وهذا في التشهد الأول وليس في حديثه بيان القعود في التشهد الآخر وإنما هما
جميعا في حديث محمد بن عمرو بن عطاء.
وقد أبطلنا في مسألة رفع اليدين / دعوى من زعم في حديث محمد بن عمرو أنه
منقطع وكفاك بمحمد ابن إسماعيل البخاري منتقدا للرواة وعارفا بصحة الأسانيد
وسقمها وقد صحح حديث محمد بن عمرو بن عطاء وأودعه كتابه الجامع وصحيح
الاخبار كما ذكرناه.
فلا حجة لأحد في ترك القول به.
وقد روى مسلم بن الحجاج في كتاب الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي عن عيسى بن يونس عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء
عن عائشة قالت: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة.
ب * (الحمد لله رب العالمين) *.
وكان إذا ركع يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك.
وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما.
وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا.
وكان يقول في كل ركعتين التحية وكان يفترش رجله اليسرى رجله اليمنى.
وكان ينهى عن عقب الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع.
وكان يختم الصلاة بالتسليم.
876 - أخبرناه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسين المهرجاني قال حدثنا
أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي قال حدثنا عبد
26

الأعلى بن الحسين المعلم قال حدثني أبي فذكره بإسناده. ومعناه وإذا كانت الرجل
اليسرى فرشا للرجل اليمنى كانت مقعدته على الأرض كما رواه أبو حميد الساعدي
في التشهد الآخر.
وروي مثل معناه عن عبد الله بن عمر.
877 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسين قال حدثنا عثمان
قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد:
كان إذا جلس في التشهد نصب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى وجلس على وركه
اليسرى ولم يجلس على قدميه ثم قال:
أراني عبد الله بن عبد الله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك.
ورواه عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله مختصرا وفي رواية أبيه عنه بيان ما
اختصره.
878 - أخبرناه / أبو أحمد المهرجاني قال حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن
القاسم عن عبد الله بن عبد الله انه اخبره انه كا [ن] يرى عبد الله بن عمر يتربع إذا
جلس قال: ففعلته يومئذ وأنا حديث السن فنهاني عبد الله بن عمر قال: إنما سنة
الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني رجلك اليسرى.
فقلت له: إنك تفعل ذلك.
فقال: إن رجلي لا تحملاني.
ورواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
وهذا هو الحديث الأول إلا أنه ليس فيه: وجلس على وركه اليسرى.
وإن كان مخالفا فهو محمول عندنا على القعود الأول.
وحديث القاسم على القعود الآخر وبيانه في حديث أبي حميد فنحن نقول
بجميع هذه الروايات بحمد الله ونعمته.
27

وقال الشافعي في القديم:
يحتمل أن يكون ابن عمر يعلم في مثنى لأنه رآه لا يحسن ولم يعلمه في الرابعة
لأنه لم يره يخطئ في جلستها.
وإنما قلنا في هذا بالسنة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] التي لا يحل لأحد عرفها خلافها - يعني
حديث أبي حميد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] -.
واما حديث وائل بن حجر فإنه وارد في القعود الأول وهو بين.
879 - فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم
قال حدثنا محمد بن الحسن بن أبي الحسين قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا
أبو عوانة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال قلت:
لأنظرن إلى صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كيف يصلي قال:
فقال فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه ثم قبض باليمنى على
اليسرى قال:
ثم ركع فرفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه ثم وضع كفيه على ركبتيه ورفع رأسه
حتى حاذى بهما أذنيه ثم سجد فوضع رأسه بين كفيه ثم صلى ركعة أخرى مثلها ثم
جلس فافترش رجله اليسرى ثم دعا.
قال حجاج فوصف لنا أبو عوانة قال: وضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى
وكفه اليمنى على ركبته اليمنى ودعا بالسبابة.
فهذا يصرح لك بأنه في التشهد / الأول. وأما دعاؤه بالسبابة فإنما هو الإشارة بها
عند الشهادة.
880 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب فذكر الحديث
بإسناده ومعناه إلا أنه قال: وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق
حلقة.
28

ورأيته يقول: هكذا وحلق يشر بالإبهام والوسطى وأشار بالسبابة.
146 - [باب]
كيف وضع اليدين في التشهدين
881 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد
الرحمن المعاوي قال:
رآني ابن عمر وأنا أعبث بالحصا فلما انصرف نهاني وقال: اصنع كما كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصنع فقلت له: ويكف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصنع؟ قال:
إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها
وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه مسلم من حديث نافع عن ابن عمر فقال: وعقد ثلاثا وخمسين وأشار
بالسبابة.
وأخرجه من حديث عبد الله بن الزبير عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
وضع إبهامه على إصبعه الوسطى وأشار بإصبعه السبابة.
وروينا عنه في هذا الحديث أنه قال:
لا يجاوز بصره إشارته.
وروينا فيه انه كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها.
وروينا في حديث مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه: انه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] رافعا
إصبعه السبابة قد حناها شيئا وهو يدعو.
وريونا في حديث خفاف بن إيما:
29

أن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنما يريد بها التوحيد.
وعن ابن عباس أنه قال:
هو الإخلاص.
147 - [باب]
التشهد
882 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا /
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن أبي
الزبير المكي عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يعلمنا
التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول:
' التحيات المباركات الصلوات الطيبات [لله] سلام عليك أيها النبي ورحمة
الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد
رسول الله '
كذا وقع في رواية الربيع:
' وأن محمدا رسول الله '.
وهو في مختصر المزني:
' واشهد أن محمدا رسول الله '.
من غير روايته. وكذلك رواه قتيبة بن سعيد وغيره عن الليث.
883 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا يحيى بن منصور القاضي قال
حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا قتيبة بن سعيد بإسناده. مثله وقال:
' واشهد أن محمدا رسول الله '.
884 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
30

داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث فذكره بإسناده مثله غير أنه قال: السلام
بالألف واللام في الموضعين جميعا.
ورواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وابن رميح نحو رواية أبي داود إلا أنه قال في
روايته عن قتيبة:
كما يعلمنا السورة من القرآن.
وفي رواية ابن رميح: كما يعلمنا القرآن.
885 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن
أبي رواد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت ابن عباس وابن الزبير لا
يختلفان في التشهد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وقد روي عن ابن مسعود وجابر وعن أبي موسى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في التشهد
أحاديث كلها يخالف بعضه بعضا ويخالف هذا واختلافها إنما هو اختلاف في زيادة
حرف أو نقصه وإنما أخذنا بهذا لأنا رأيناه اجمعهما.
وقال في موضع آخر:
فكان هذا أحبها إلينا لأنه اكملها.
قال أحمد:
أما حديث ابن مسعود:
886 - / فأخبرناه أبو الفوارس الحسن بن أحمد بن أبي الفوراس أخوا أبي الفتح
الحافظ ببغداد قال أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال حدثنا أبو
علي بشر بن موسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة قال:
قال عبد الله: كنا إذا صلينا خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] قلنا: السلام على الله دون عباده السلام
على جبرائيل وميكائيل السلام على فلان [وفلان] فالتفت إلينا النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' [إن] السلام هو الله فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات
31

والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين. فإنكم إذا قلتموه أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض. اشهد أن
لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله '.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الأعمش.
وأما حديث جابر بن عبد الله:
887 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه
قال حدثنا أبو قلابة قال وحدثنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا أبو مسلم قال أخبرنا أبو
عاصم قال حدثنا أيمن بن نابل قال حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن:
' بسم الله وبالله التحيات لله الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله
واشهد أن محمدا عبده ورسوله نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار '.
هكذا أخبرنا شيخنا في كتاب المستدرك وكأنه رواه على لفظ حديث أبي قلابة
فقد رواه غيره فلم يذكره في رواية أبي مسلم الكجي عن أبي عاصم قوله: ' وبالله '.
وقد كتبناه من حديث معتمر بن سليمان وأبي خالد الأحمر وأبي داود الطيالسي
وبكر بن بكار وغيره عن أيمن بن نابل وفيه قوله: ' وبالله '.
وأما حديث أبي موسى الأشعري:
888 - فأخبرناه أبو الحسين / بن بشران وأبو محمد السكري ببغداد قالا: أخبرنا
إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا عبد الرزاق
قال أخبرنا معمر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله: أن أبا موسى
32

صلى بالناس فذكر الحديث وقالا فيه: فقال أبو موسى: أما تدرون كيف تصلون إن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خطبنا فعلمنا صلاتنا وبين لنا سنتنا فإذا كان عند القعود فليقل أول ما
يتكلم به: ' التحيات الطيبات الزاكيات [لله] السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي عوانة وسعيد بن أبي عروبة وهشام
الدستوائي وسليمان التيمي ومعمر عن قتادة وأحال رواية جميعهم في التشهد على
رواية أبي عوانة وقال فيه: عن أبي كامل عن عن أبي عوانة. وإذا كان عند القعدة فليكن
من [أول] من قول أحدكم:
التحيات الطيبات الصلوات [لله] السلام عليك أيها النبي ورحمة الله السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله '.
889 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال
حدثنا عمران بن موسى وحسن بن سفيان قالا: حدثنا أبو كامل قال حدثنا أبو عوانة
بهذا الحديث ورواه غيره عن أبي عوانة فذكر فيه: ' وبركاته ' وذكر فيه: ' واشهد '
واختلف فيهما عن ابن أبي عروبة وهشام فبعض الرواة لم يذكرهما أو أحدهما
وبعضهم ذكرهما أو أحدهما.
قال الشافعي:
وقد روي عن عمر وعن علي وعن عائشة وعن ابن عمر عن كل واحد منهم
تشهد بخلاف تشهد صاحبه.
أما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
890 - فأخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
33

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد
الرحمن بن عبد القاري انه سمع عمر بن الخطاب يقول على المنبر / وهو يعلم الناس
التشهد يقول قولوا:
التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فكان هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا ثم سمعناه بإسناده
وسمعنا ما خالفه فلم نسمع إسنادا في التشهد يخالفه ولا يوافقه أثبت عندنا منه وإن
كان غيره ثابتا فكان الذي نذهب إليه أن عمر بن الخطاب لا يعلم الناس على المنبر
بين ظهراني أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلا على ما علمهم النبي [صلى الله عليه وسلم] فلما انتهى إلينا من
حديث أصحابنا حديث نثبته عن النبي [صلى الله عليه وسلم] صرنا إليه وكان أولى بنا يريد حديث ابن عباس.
قال أحمد:
وقد روي عن عمر في التشهد غير هذا وفيما روى محمد بن إسحاق عن ابن
شهاب وهشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد عن عمر في هذا الحديث فليقل:
بسم الله خير الأسماء التحيات.
وقد ذكرناه في كتاب السنن.
وأما حديث علي رضي الله عنه:
891 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحارث: أن عليا كان إذا تشهد
قال:
34

بسم الله وبالله.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا.
وقد روي عن علي فيه كلام كثيرهم يكرهونه.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها:
892 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك.
893 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن محمد قال
حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن
يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] انها كانت تقول إذا
تشهدت:
' التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات اشهد أن لا إله إلا الله / وأن محمدا عبد
الله ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين السلام عليكم '.
هذا لفظ حديث ابن بكير والشافعي ذكر إسناده ولم يسق في روايته هذه متنه.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه:
894 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر. التشهد.
895 - وأخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة قال أخبرنا إسماعيل بن
نجيد السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن
نافع أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول:
بسم الله التحيات لله والصلوات الزاكيات لله السلام على النبي [صلى الله عليه وسلم] ورحمة
الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن
35

محمدا رسول الله.
يقول هذا في الركعتين الأوليين ويدعوا إذا قضى تشهده بما بدا له فإذا جلس في
آخر صلاته تشهد كذلك أيضا إلا أنه يقدم التشهد ثم يدعو بما بدا له فإذا قضى تشهده
وأراد أن يسلم قال:
' السلام على النبي [صلى الله عليه وسلم] ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين السلام عليكم على يمينه ثم يرد على الإمام فإن سلم عليه أحد عن يساره
رد عليه.
896 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا يحيى ابن بكير فذكره بإسناده مثله غير أنه قال:
بسم الله التحيات لله والصلوات لله الزاكيات لله.
وقال عن يمينه.
قال أحمد:
قد روي فيه عن ابن عمر وعن عائشة مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] يخالف كل واحد
منهما ما روينا عنهما.
897 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي رحمه الله عقب ما حكينا عنه غير أن ذلك كله اختلاف في زيادة حرف أو
نقصه أو لفظ حرف بغير ما تلفظ به في الحديث الآخر فهي تحتمل أن يقع عليها اسم
اختلاف في الألفاظ / ولا يقع عليها في شيء من المعنى لأنها كلها جامعة أريد بها
تعظيم الله والصلاة على نبيه [صلى الله عليه وسلم].
قال ولا احسب اختلافهم في روايتها إلا أن اللفظ قد يختلف إذا تعلم بالحفظ
فيحفظ الرجل الكلمة على المعنى دون لفظ المعلم ويحفظ الآخر على المعنى
واللفظ ويسقط الآخر الكلمة فلعل هذا أن يكون منهم في عهد النبي [صلى الله عليه وسلم] فأجازه لهم
لأنه ذكر كله لا يختلف في المعنى ثم جعل مثال ذلك إجازته لهم قراءة القرآن على
36

سبعة أحرف.
واحتج في موضع آخر:
898 - بما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول:
سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها وكان
النبي [صلى الله عليه وسلم] اقرانيها فكدت أن اعجل عليه ثم امهلته حتى انصرف ثم لببته برادئه فجئت
به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما
اقرأتنيها. فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إقرأ '.
فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' هكذا أنزلت إن القرآن انزل على سبعة فاقرؤا ما تيسر منه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وإذا جاز أن يكون هذا في القرآن ما لم يخلف فيه المعنى كان في الذكر أجوز
ولعل هذا أن يكون ما اثبتوا من حفظهم عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لفظا أو بمعنى فرأوه واسعا فأدوه
اللفظ لفظ والمعنى معنى.
وقد روى بعض التابعين انه لقي نفر من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] فاختلفوا عليه في
الحديث في اللفظ واجتمعوا في المعنى فسأل عن ذلك فقال: لا بأس بذلك ما لم
يخلف المعنى من حلال إلى حرام أو حرام إلى حلال.
37

ولعل من روى تشهده لا يعزيه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] / وإنما توسعوا في هذا المعنى أو
كذا حفظوا فروى كل واحد منهم ما حفظ ونحن نزعم أن كل واحد من هذا التشهد
يجزي ونزعم انه لا يجوز ترك التشهد.
واحتج في رواية موسى بن أبي الجارود بما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال لابن
مسعود حين علمه التشهد:
' فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك '.
899 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا الحسن بن مكرم قال حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال أبو خيثمة قال
حدثني الحسن بن الحر قال حدثني القاسم بن مخيمرة قال:
أخذ علقمة بيدي وحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أخذ بيده فعلمه التشهد في الصلاة فقال:
' قل: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين '.
قال أبو خيثمة حدثني من سمعه قال:
' أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. إذا فعلت هذا أو
قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد '.
قال أحمد:
قد ذهب الحفاظ إلى أن هذا وهم وأن قوله: إذا فعلت هذا أو قضيت هذا فقد
قضيت صلاتك. من قول عبد الله بن مسعود فأدرج في الحديث.
ورواه شبابة بن سوار عن أبي خيثمة فميزه من الحديث وجعله من قول عبد
الله.
ورواه عبد الرحمن [بن] ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر فجعله من قول
عبد الله.
38

وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كان قبل أن ينزل التسليم.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
كنا نقول قبل أن يفرض التشهد.
وروينا عنه أنه قال:
لا صلاة إلا بتشهد.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال:
لا تجوز صلاة إلا بتشهد.
148 - [باب]
الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم]
900 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن
الأعرابي / قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي
قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن
إدريس الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي قال أخبرني أبو حميد الساعدي انهم قالوا: يا
رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم
وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد '.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
واخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
39

901 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا
الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال أخبرنا مالك
عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري اخبره وعبد
الله بن زيد - هو الذي اري النداء بالصلاة - عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال:
أتانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد:
أمرنا الله أن نصلي عليك يا نبي الله فكيف نصلي عليك؟ فسكت النبي [صلى الله عليه وسلم]
حتى تمنينا انه لم يسأله فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد '.
902 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع ابن محمد قال حدثنا أبو
جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بإسناده نحوه. وزاد '
والسلام كما علمتم.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد
الله بن زيد عن أبي مسعود قال: اقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ونحن
عنده فقال: يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: فصمت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى أحببنا / أن
الرجل لم يسأله ثم قال:
إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل
محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى
آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد '.
40

903 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال ولم اظفر بأصل سماعي لهذا الحديث وحده
قال أخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن
سعد قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني في الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم]: أيما
المرء المسلم صلى عليه في صلاته. محمد بن إبراهيم فذكره.
وهذا إسناد صحيح وفيه بيان موضع هذه الصلاة من الشريعة.
904 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
فرضي الله جل ثناؤه الصلاة على رسوله فقال:
* (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا
الدلالة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بما وصفت من أن الصلاة على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فرض
في الصلاة. والله [تعالى] أعلم.
905 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله: كيف نصلي
عليك - يعني في الصلاة؟ - قال:
تقولون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك
على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم '.
وفي رواية أبي سعيد: ' على آل إبراهيم ثم تسلمون علي '.
906 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سعد بن إسحاق
41

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان يقول في
الصلاة:
' اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك /
على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد '.
907 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرني الحكم قال
سمعت ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب عجرة فقال:
ألا أهدي لك هدية. خرج علينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك
فكيف نصلي عليك؟ قال:
' قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك
حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك
حميد مجيد '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة.
وفيه كالدلالة على أن ذلك في الصلاة لأن قولهم قد عرفنا كيف نسلم عليك
إشارة إلى السلام الذي عرفوه في التشهد فقولهم فكيف نصلي عليك يعنون في القعود
للتشهد. والله أعلم.
وروينا عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا صلاة لمن لم يصل على نبي الله - [صلى الله عليه وسلم] - '.
وعبد المهيمن هذا غير قوي في الحديث.
42

وروينا عن جابر عن أبي جعفر عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال:
لو صليت صلاة لا أصلي فيها على محمد ما رأيت أنها تتم.
وفي رواية أخرى: وعلى آل محمد.
وجابر هذا هو الجعفي وهو ضعيف.
وروينا عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أنه قال:
من لم يصل على النبي [صلى الله عليه وسلم] في التشهد فليعد صلاته. أو قال: لا تجزي
صلاته.
وذكر الشافعي رحمه الله في رواية حرملة اختلاف الناس في آل محمد [صلى الله عليه وسلم] ثم اختار
انهم بنو هاشم وبني المطلب الذين حرمت عليهم الصدقة وجعل لهم سهم ذي
القربى من خمس الفيء والغنيمة واستدل على ذلك بما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وان الله حرم علينا الصدقة وعوضنا
منها الخمس '.
وقال الله عز وجل:
* (واعلموا انما غنمتم من / شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) *.
فأعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سهم ذي القربى بني هاشم وبني المطلب دل ذلك على
43

أن الذين حرم الله عليهم الصدقة وعوضهم منها الخمس والذين أعطاهم رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] الخمس هم آل محمد الذين أمر بالصلاة عليهم معه.
908 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النصر الفقيه قال أخبرنا أبو
بكر محمد بن إسحاق قال حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال حدثنا ابن وهب قال
أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد
المطلب اخبره أن أباه ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب قالا لعبد
المطلب بن ربيعة وللفضل ابن العباس ائتيا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث في إتيانهما
ليستعملهما على الصدقات قال: فقال:
' إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس ولا تحل لمحمد ولا لآل محمد '.
وذكر الحديث.
ورواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف عن ابن وهب.
149 - [باب]
قدر الجلوس في الركعتين الأوليين والأخريين
909 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي
عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الركعتين كأنه على
الرضف. قلت: حتى يقوم. قال ذلك يريد:.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ففي هذا والله [تعالى] اعلم دليل على أن لا يزيد في الجلوس الأول على
التشهد والصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] وبذلك امره وإذ وصف أخفافه [فإن زاد كرهته ولا
إعادة عليه ولا سجود للسهو عليه وقال]:
44

وإذا وصف إخفافه في الركعتين الأوليين ففيه - والله [تعالى] أعلم - دليل
على أنه كان يزيد في الركعتين الآخريين على قدر جلوسه في الأوليين.
فلذلك أحب لكل مصل أن يزيد على التشهد والصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] ذكر
الله وتمجيده ودعاءه في الركعتين الآخيريتين.
قال أحمد:
وهذا الذي استحبه موجود:
910 - فيما أخبرنا أبو عبد الله / الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب
العدل قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال حدثنا
حيوة عن أبي هاني عن أبي علي الجنبي هو عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد
الأنصاري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: رأى رجلا صلى لم يحمد الله ولم يمجده ولم يصل
على النبي [صلى الله عليه وسلم] فانصرف فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
عجل هذا '. فدعاه فقال له ولغيره:
' إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه وليصل على النبي ثم يدعوا
بما شاء '.
وروينا في الحديث الثابت عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في التشهد قال في آخره:
' ثم ليختر أحدكم من الدعاء اعجبه إليه فيدعو به '.
وفي رواية أخرى: ' ثم يختر بعد من الدعاء ما شاء '.
45

150 - [باب]
القراءة خلف الإمام
قال الله عز وجل:
* (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) *. الآية.
قال الشافعي في القديم:
فهذا عندنا على القراءة التي تسمع خاصة.
قال أحمد:
وروينا عن مجاهد أنه قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الصلاة فسمع قراءة فتى
من الأنصار فنزلت هذه الآية.
وروي من وجه آخر عن مجاهد أنه قال: نزلت في الخطبة يوم الجمعة.
وروينا عن أبي هريرة أنه قال: كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت هذه الآية.
وكذلك قاله معاوية بن قرة.
وروي من وجه أخر عن أبي هريرة أنه قال:
نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة.
وروينا عن أبي موسى الأشعري وأبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] [قال]:
' إذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ فانصتوا '.
وقد اجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث وانها ليست بمحفوظة.
يحيى بن معين وأبو داود السجستاني وأبو حاتم الرازي وأبو علي الحافظ وعلي
46

ابن عمر الحافظ وأبو عبد الله الحافظ ومن قال بهذا القول إنما اعتمد على:
911 - ما أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا محمد بن جعفر قال / حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك.
912 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني
حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة قال:
' هل قرأ أحد منكم معي آنفا '.
قال رجل: نعم يا رسول الله قال:
' إني أقول ما لي أنازع القرآن '.
قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيما جهر فيه بالقراءة من
الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
هذا حديث تفرد به ابن أكيمة وهو مجهول ولم يكن عند الزهري من معرفته
أكثر من أن رآه يحدث سعيد بن المسيب.
واختلفوا في اسمه فقيل: عمارة. وقيل: عمار قاله البخاري.
قال أحمد:
وقوله فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيما جهر فيه من قول
الزهري.
47

قاله محمد بن يحيى الذهلي صاحب الزهريات.
ومحمد بن إسماعيل البخاري وأبو داود السجستاني واستدلوا على ذلك برواية
الأوزاعي حين (...) من الحديث وجعله من قول الزهري.
فكيف يصح ذلك عن أبي هريرة وأبو هريرة يأمر بالقراءة خلف الإمام فيما جهر
به وفيما خافت.
وهذا الذي يروى فيه من قول النبي [صلى الله عليه وسلم] دون ما بعده من قول الزهري في معنى
ما رواه عمران بن حصين في مثل هذه القصة وهو مخرج في كتاب مسلم.
913 - حدثناه أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا شعبة عن قتادة سمع
ذرارة يعني ابن أوفى عن عمران بن حصين: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بأصحابه الظهر
فقال:
' أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى '.
فقال رجل: أنا. فقال رسول الله:
' قد عرفت أن رجلا خالجنيها '.
قال شعبة: فقلت لقتادة: كأنه كرهه. فقال:
لو كرهه لنهى عنه.
قال أحمد:
فإن كان ابن أكيمة حفظ في حديثه أن ذلك في صلاة جهر فيها بالقراءة فكان /
بعض من كان يصلي خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] جهر بالقراءة خلفه فيما جهر به وفيما خافت فقال
ما روي في القصتين وليس في حديث واحد منهما أنه نهى عن القرآن وقد روي عن
الحجاج بن أرطأة عن قتادة عن ذرارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينهى عن القراءة خلف الإمام.
وفي سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب هذا
48

الحديث وأتى فيه بما لم يأت به الثقات من أصحاب قتادة.
وقد رويت هذه القصة بعينها من وجه آخر وفيها زيادة ليست في رواية عمران.
914 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد
الله بن قريش قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عقبة بن مكرم قال حدثنا
يونس بن بكير قال أخبرنا أبو حنيفة والحسن بن عمارة عن موسى بن أبي عائشة عن
عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله قال:
صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بأصحابه الظهر أو العصر فلما انصرف قال:
' من قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى؟ '.
فلم يتكلم أحد. فردد ذلك ثلاثا فقال رجل: أنا يا رسول الله. قال:
' لقد رأيتك تخالجني ' - أو قال: ' تنازعني القرآن من صلى منكم خلف إمام
فقراءته له قراءة '.
915 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو
قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الفضل البلخي قال حدثنا مكي بن إبراهيم عن أبي
حنيفة عن أبي الحسن موسى بن أبي عائشة عن أبي الوليد وهو عبد الله بن شداد
عن جابر قال:
انصرف النبي [صلى الله عليه وسلم] من صلاة الظهر أو العصر فذكر معناه. إلى قوله: ' لقد رأيتك
تنازعني أو تخالجني ' لم يزد عليه.
وبهذا الإسناد بعينه عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن
شداد عن جابر بن عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه صلى فكان من خلفه يقرأ فجعل رجل من
أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] ينهاه عن القراءة في الصلاة فلما / انصرف اقبل عليه الرجل فقال
اتنهاني عن القراءة خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتنازعا حتى ذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة '.
49

قال أحمد:
هذا الكلام في هذه القصة الأخيرة قد رواه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج
وسفيان بن عيينة وأبو عوانة وجماعة من الحفاظ عن موسى بن أبي عائشة عن عبد
الله بن شداد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا.
ورواه أيضا عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة مرسلا مختصرا.
وروى جابر الجعفي وهو متروك وليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة '.
وكل من تابعهما على ذلك أضعف منهما أو من أحدهما.
916 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت سلمة بن محمد الفقيه يقول:
سألت أبا موسى الرازي الحافظ عن الحديث المروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة '.
فقال: لم يصح فيه عندنا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيء إنما اعتمد مشايخنا في الروايات
عن علي وعبد الله بن مسعود والصحابة.
قال أبو عبد الله: أعجبني هذا لما سمعته فإن أبا موسى احفظ من رأينا من
أصحاب الرأي على أديم الأرض.
قال أحمد:
فإن صح شيء من ذلك ففيما روينا في الإسناد الأول عن أبي حنيفة دلالة على
السبب الذي ورد عليه هذا الكلام وقد بين عبادة بن الصامت وهو أحد النقباء ليلة
العقبة وقد شهد بدرا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مثل هذه القصة.
50

وهو يشبه أن يكون قصة حديث ابن أكيمة بعينها أن النبي [صلى الله عليه وسلم] إنما جعل قراءة
الإمام له قراءة في قراءة السورة وفي الجهر بالقراءة دون قراءة الفاتحة وخبر عبادة مفسر
ذكر فيه ما نهي عنه وما أمر به فهو أولى من غيره.
ويشبه أن تكون رواية مكي بن إبراهيم احفظ لموافقتها في القصة الأولى
رواية عمران بن حصين وموافقتها سائر الرواة عن أبي حنيفة في القصة الأخرى / دون
ذكر جابر فيها فإن غيره رواها مرسلة.
ثم يشبه أن تكون هذه القصة الأخرى بعد الأولى لمعرفة بعض الصحابة كراهية
القراءة خلفه بما شهد منه في القصة الأولى.
ثم يشبه أن تكون هذه القصة الأخرى هي القصة التي رواها عبادة بن الصامت
وابن أكيمة عن أبي هريرة إلا أن ابن شداد حفظ فيها انكار الصحابي والنهي مطلقا
ولم يحفظ استثناء الفاتحة.
وعبادة حفظ انكار النبي [صلى الله عليه وسلم] قراءة من قرأ خلفه ثم نهيه عنها وأمره بقراءة الفاتحة
واخباره بأن [لا] صلاة لمن لم يقرأ بها وإن كانت قصة أخرى فحديث عبادة زائد
فهو أولى. والله أعلم.
917 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال حدثنا محمد بن
إسحاق.
918 - وأخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن لأبي داود قال أخبرنا أبو
بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي قال حدثنا محمد بن سلمة عن
محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال:
كنا خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] في صلاة الفجر فقرأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فثقلت عليه القراءة فلما
فرغ قال:
' لعلكم تقرؤن خلف إمامكم '.
51

قلنا نعم هذا يا رسول الله. قال:
' لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها '.
لفظ حديث أبي داود.
وقد رواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فذكر فيه سماع ابن إسحاق من
مكحول فصار الحديث بذلك موصولا صحيحا.
ورواية الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب '.
وإن كانت مختصرة فهي لرواية ابن إسحاق شاهدة وقد روى زيد بن واقد وهو
ثقة عن حزام بن حكيم ومكحول عن نافع بن محمود انه سمع عبادة بن الصامت يقرأ
بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة فقلت: رأيتك صنعت في صلاتك شيئا.
قال: وما ذاك؟
قال: سمعتك تقرأ / بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة. قال: نعم صلى بنا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعض الصلوات التي نجهر فيها بالقراءة فلما انصرف قال:
' منكم من أحد يقرأ شيئا من القرآن إذا جهرت بالقراءة '.
قلنا: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
وأنا أقول مالي أنازع القرآن لا يقرأن أحد منكم شيئا من القرآن إذا جهرت
بالقراءة إلا بأم القرآن '.
919 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهاني الفقيه قال أخبرنا أبو الحسن
علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن زنجويه وأبو
زرعة الدمشقي قالا: حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال حدثنا صدقة بن خالد قال
52

حدثنا زيد بن واقد. فذكره.
قال أبو الحسن هذا إسناد حسن ورجاله ثقات.
قال أحمد:
ورواه أيضا الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد عن مكحول.
ومكحول سمع هذا الحديث من محمود بن الربيع ومن ابنه نافع بن محمود
ونافع بن محمود وأبوه محمود بن الربيع سمعا من عبادة بن الصامت.
قال أبو الحافظ النيسابوري فيما أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ عنه.
وفي مختصر البويطي والربيع بن موسى بن أبي الجارود انه ذكر يزيد بن زريع
عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن من شهد ذلك أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال لهم:
' اتقرأون وأنا أقرأ '.
فأجابوه بشيء.
قال:
فليقرأ أحدكم بأم القرآن في نفسه '.
وروي أيضا عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بنحوه.
920 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا الحسن بن علي بن زياد قال حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء قال حدثنا يزيد بن
زريع قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن أبي عائشة عن من شهد ذاك
قال [صلى الله عليه وسلم] فلما قضى صلاته قال:
' تقرأون والإمام يقرأ ' قالوا: إنا نفعل. قال:
' فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحد منكم في نفسه بأم الكتاب ' تابعه سفيان الثوري
عن خالد الحذاء.
921 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق / قال أخبرنا
53

محمد بن غالب قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة
عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
لعلكم تقرأون والإمام يقرأ '.
قالوا: إنا لنفعل. قال:
' فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب '.
وكذلك رواه الاأجعي وغيره عن سفيان وهذا إسناد صحيح وأصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم]
كلهم ثقة فترك ذكر أسمائهم في الإسناد ولا يضر إذا لم يعارضه ما هو أصح منه.
ورواه أيوب عن أبي قلابة فأرسله والذي وصله حجة.
ورواية أيوب له شاهدة وهو في تاريخ البخاري عن مؤمل عن إسماعيل بن
علية عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال إسماعيل عن خالد قلت لأبي قلابة: من حدثك هذا؟ قال: محمد بن أبي
عائشة مولى لبني أمية كان خرج مع بني مروان حيث خرجوا من المدينة.
922 - أخبرناه أبو بكر بن إبراهيم قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا أبو
أحمد قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا مؤمل قال حدثنا إسماعيل.
فذكره.
واحتج في مختصر البويطي وصاحبيه بما روى أبو هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ' فقال له حامل حديثه هذا: إني أكون
أحيانا خلف الإمام قال: إقرأ بها يا فارسي في نفسك.
وأبو هريرة حمل الحديث عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو أولى بتفسيره لأنه قد سمعه
منه.
54

وقد يكون شهد من تفسيره ما لم يشهد غيره ممن لم يسمعه.
وقد مضى إسناد حديث أبي هريرة فيما سبق.
وفي رواية الحميدي عن سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي
هريرة في هذا الحديث قال قلت: يا أبا هريرة إني اسمع قراءة الإمام. فقال: يا
فارسي يا ابن الفارسي إقرأ بها في نفسك.
923 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن
حفص عن / سليمان الشيباني عن جواب عن يزيد بن شريك التيمي قال قلت لعمر بن
الخطاب: أقرأ وراء الإمام يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال وإن قرأت يا أمير
المؤمنين؟ قال: وإن قرأت.
924 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إبراهيم بن
أبي طالب قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا حفص بن غياث عن جواب التيمي.
[وعن] أبي إسحاق الشيباني عن جواب التيمي وإبراهيم بن محمد بن
المنتشر عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك انه سأل عمر عن القراءة خلف
الإمام فقال: إقرأ بفاتحة الكتاب. قلت وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا.
قلت: وإن جهرت؟ قال: وإن جهرت.
925 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
محمد بن إسحاق قال حدثنا الأسود بن عامر قال حدثنا شعبة قال حدثنا سفيان بن
حسين قال سمعت الزهري يحدث عن ابن أبي رافع عن أبيه عن علي انه كان يأمر أن
يقرأ خلف الإمام أظنه قال في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب
وسورة وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب.
926 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن أحمد بن حمدون
55

قال حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يزيد
ابن زريع قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال: إقرأ
في صلاة الظهر والعصر خلف الإمام بفاتحة الكتاب وسورة.
وكذلك رواه يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين دون ذكر أبيه فيه.
وسماع عبيد الله بن أبي رافع من علي صحيح.
وفي هذا دليل على خطأ ما روي عن علي بخلافه أو أريد به ترك الجهر دون
أصل القراءة.
927 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هيثم عن منصور عن الحسن أن عليا قال:
اقرأ فيما أدركت مع الإمام.
وروينا عن عبد الله بن زياد الأسدي قال:
صليت إلى جنب عبد الله بن مسعود خلف الإمام فسمعته يقرأ في الظهر
والعصر.
وفي هذا دلالة على أن ما روى عنه انه سئل عن القراءة / خلف الإمام فقال:
أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذلك الإمام.
إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو قراءة السورة أو ترك الجهر بقراءة
نفسه.
وروينا عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال: كنا نقرأ في الظهر والعصر
خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة
الكتاب.
وفي هذا دلالة على أن ما روى عنه وهب بن كيسان من قوله: من صلى ركعة
لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.
إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو إذا أدركه في الركوع.
56

وروينا عن أبي الدرداء أنه قال:
لا تترك قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام جهر أو لم يجهر.
وفي هذا دلالة على أن ما روى كثير بن مرة من قوله: لا أرى الإمام إذا أم القوم
إلا قد كفاهم. إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو أراد به أن يكفيهم قراءة
السورة والجهر بالفاتحة.
وروينا عن عبادة بن الصامت وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عباس
وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مغفل وأبي هريرة وانس وعمران بن حصين وعائشة
أنهم كانوا يأمرون بالقراءة خلف الإمام وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وهشام بن
عامر انهما كانا يقرءان خلف الإمام.
وروينا عن زيد بن ثابت وابن عمر أنهما كانا لا يريان القراءة خلف الإمام.
وروينا عن ابن عمر من وجه آخر انه سئل عن ذلك فقال: إني لأستحي من رب
هذه البنية أن أصلي صلاة لا اقرأ فيها بأم القرآن.
وكان بعضهم شاهد كراهيته لها حين صلى الظهر أو نهيه عنها حين صلى
الصبح ثم لم يسمع استثناءه قراءة الفاتحة حين صلى الصبح.
فلذلك اختلفوا فالذين سمعوا الكراهية أو النهي دون الاستثناء حملها بعضهم
على جميع الصلوات وبعضهم على صلاة يجهر فيها بالقراءة.
ومن سمع النهي والاستثناء حمل النهي والكراهية على الجهر بالقراءة في جميع
الصلوات وعلى قراءة السورة فيما يجهر فيه بالقراءة دون قراءة الفاتحة سرا في
/ الصلوات كلهن.
ففيما روينا انه في صلاة الظهر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في
حديث عمران بن حصين وغيره.
وفي صلاة الفجر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في حديث عبادة وغيره.
فهما قصتان يجوز أن يغيب عن إحداهما بعض من شهد الأخرى ويجوز أن
57

يغيب بعض كلامه فيها عن بعض من شهدها فكل من شهدها في صلاة الصبح وسمع
كلامه بأجمعه حفظ فيها ما نهى عنه وما استثناه واخبر أن الصلاة لا تجزي دونه
فالحكم له دون غيره. وبالله التوفيق.
928 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال قال الشافعي:
لا تجزي صلاة المرء حتى يقرأ بأم القرآن في كل ركعة إماما كان أو مأموما كان
الإمام يجهر أو يخافت فعلى المأموم أن يقرأ بأم القرآن فيما خافت الإمام أو جهر.
قال الربيع: وهذا آخر قول الشافعي رضي الله عنه سماعا منه وقد كان قبل ذلك
يقول: لا يقرأ المأموم خلف الإمام فيما يجهر الإمام فيه ويقرأ فيما يخافت.
زاد على هذا في كتاب البويطي فقال:
وأحب إلي أن يكون ذلك في سكتة الإمام.
قال أحمد:
وبذلك أمر عروة بن الزبير وسعيد بن جبير ومكحول.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن للإمام سكتتان فاغتنموا فيها القراءة.
929 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
يحيى بن محمد الحنائي قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا حماد بن سلمة قال
حدثنا حميد عن الحسن عن سمرة قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسكت سكتتين إذا دخل
في الصلاة وإذا فرغ من القراءة.
فأنكر ذلك عمران بن الحصين على سمرة فكتبوا إلى أبي بن كعب فسألوه عن
ذلك فكتب إليهم أن صدق سمرة.
930 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إسماعيل بن محمد بن أبي كثير قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب فذكر معنى هذا الحديث دون بيان
السكتتين.
58

قال: قلنا لقتادة ما السكتتان قال سكتة حين / يكبر والأخرى حين يفرغ من القراءة
عند الركوع ثم قال مرة أخرى سكتة حين يكبر والأخرى إذا قال:
* (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) *.
قال البيهقي:
ولا يسكت في الركعة الثانية قبل القراءة حتى يفرغ من الفاتحة.
ففي الحديث الثابت عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا
نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة ولم يسكت. ويحتمل أن يكون المراد به لم
يسكت سكوته في الركعة الأولى.
وأما في الركعة الأولى من التكبير والقراءة ففي الحديث الثابت عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ
فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟
قال:
' أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم
نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي
بالثلج والماء والبرد '.
وفي هذا دلالة على أن من ترك الجهر بالقراءة خلف الإمام يسمى ساكتا منصتا
لقراءة الإمام وإن كان يقرأ في نفسه.
وبالله التوفيق.
151 - [باب]
السلام في الصلاة
931 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا
59

يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن
محمد قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن
أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: انه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يساره.
قال: وأخبرنا الشافعي قال أخبرني غير واحد من أهل العلم عن إسماعيل عن
عامر بن سعد عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
قال أحمد:
وقد رواه عبد الله بن المبارك عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن
إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن أبيه قال:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسلم في / الصلاة تسليمتين تسليمة عن يمينه: السلام
عليكم ورحمة الله وتسليمة عن يساره: السلام عليكم ورحمة الله. حتى يرى بياض
خديه من هاهنا وهاهنا.
932 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
عبيد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا ابن المبارك فذكره.
ورواه عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد مختصرا.
ومن ذلك الوجه اخرجه مسلم.
933 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن إسحاق بن عبد الله عن عبد
الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم عن يمينه وعن يساره
حتى يرى خداه.
60

934 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني
أبو علي انه سمع عباس بن سهل يخبر عن أبيه: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم إذا فرغ من
صلاته عن يمينه وعن يساره.
935 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد
عن ابن جريج عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه
واسع بن حبان عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان يسلم عن يمينه وعن يساره.
قال أحمد:
وكذلك رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج وقال: ' السلام عليكم ورحمة
الله ' عن يمينه. ' السلام عليكم ورحمة الله ' عن يساره.
936 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد - يعني بن يحيى بن حبان - عن عمه واسع قال مرة عن ابن عمر ومرة عن عبد الله بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يسار.
937 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام / عن ابن
القبطية عن جابر بن سمرة قال: كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا سلم قال أحدنا بيده عن
يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم وأشار بيده عن يمينه وعن شماله فقال
له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ما بالكم ترمون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس أو لا يكفي أحدكم - أو
انما يكفي أحدكم - أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام
61

عليكم ورحمة الله
اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن أبي زائدة وغيره عن مسعر وقال في
متنه ' إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه
وعلى شماله '.
وذكر في كتاب البويطي رواية أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود
عن أبيه وعلقمة عن ابن مسعود قال رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يكبر في كل وضع ورفع وقيام
وقعود ويسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله
حتى يرى بياض خديه في كلتيهما.
ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك.
938 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن دحيم
قال حدثنا أحمد بن حازم قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا إسرائيل وزهير عن
أبي إسحاق فذكر بإسناده ومعناه.
وروينا عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال: ما نسيت من الأشياء فإني لم
أنس تسليم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله.
939 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن مغيرة عن أبي رزين أن عليا كان يسلم عن يمينه وعن
شماله سلام عليكم سلام عليكم.
وعن ابن علية عن شعبة عن الأعمش عن أبي رزين عن علي مثله سواء.
قال الشافعي في القديم:
62

بلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: سلم واحدة وأنه سلم اثنتين وإنما السلام إيذان بخروج من
الصلاة.
940 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاذ قال أخبرنا
أبو المثنى العنبري قال حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب / الحجبي قال حدثنا عبد
الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن انس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم تسليمة
واحدة.
وروينا عن عائشة وسمرة بن جندب عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وفي حديث عائشة كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى
الشق الأيمن شيئا.
وفي حديث سمرة قبالة وجهه فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره.
وروينا عن سلمة بن الأكوع عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه صلى فسلم مرة.
ورويناه عن جماعة من الصحابة وهو من الاختلاف المباح والاقتصار على
الجائز.
وقد حملها الشافعي في القديم على اتساع المسجد وكثرة الناس واللغط وعلى
قلتهم وسكوتهم فإذا كثروا أحببنا أن يسلم اثنين وإذا قلوا وسكتوا فواحدة. والله أعلم.
152 - [باب]
تحليل الصلاة بالتسليم
941 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن
محمد بن عقيل عن محمد بن علي ابن الحنفية عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مفتاح الصلاة الوضوء [وتحريمها التكبير] وتحليلها التسليم '.
63

942 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي بلاغا عن إسحاق بن يوسف عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي
الأحوص عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: التكبير تحريم الصلاة وانقضاؤها
التسليم.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا - يعني العراقيين - يزعمون أن من جلس مقدار التشهد فقد
تمت صلاته ولا شيء عليه وأما نحن فنقول:
تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم لا نخرج من الصلاة حتى نسلم لأن
النبي [صلى الله عليه وسلم] جعل حد الخروج منها التسليم.
وبهذا الإسناد قال قال الشافعي عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن
عاصم بن ضمرة عن علي قال: إذا احدث في صلاته بعد السجدة فقد تمت صلاته
ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
أما نحن فنقول: انقضاء الصلاة التسليم للحديث الذي رويناه / عن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وأما هم يقولون: كل حدث يفسد الصلاة إلا حدثا كان بعد التشهد أو أن
يجلس مقدار التشهد فلا تفسد الصلاة
قال أحمد:
وقد روينا عن الحكم عن عاصم بن ضمرة عن علي روايتين إحداهما مثل رواية
أبي إسحاق والأخرى قال: إذا جلس مقدار التشهد ثم احدث فقد تمت صلاته
وعاصم بن ضمرة إنما يذكر في الشواهد فإذا تفرد بحديث لم يقبل منه كيف وقد
اختلف عليه في حكم الخبر وخالفه غيره عن علي وعلي لا يخالف النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما
روي عنه. والله أعلم.
64

943 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال قال أبو عبد
الله حدثني علي بن سعيد قال سالت أحمد بن حنبل عن حديث علي من قعد مقدار
التشهد فقال: لا يصح.
فقلت: وأما حديث عبد الله بن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في التشهد وقوله:
فإذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك فإن شئت أن تقوم فقم.
فقد ذكرنا أن الحفاظ من أهل الحديث حكموا بأن ذلك من كلام عبد الله لتمييز
بعض الرواة هذا الكلام من الحديث المرفوع وإضافته إلى عبد الله.
وقد روينا عن عبد الله: أن انقضاء الصلاة التسليم. وذلك يدل على أنه علم
أن الأمر صار إليه. وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إذا رفع
رأسه من آخر السجود ثم أحدث فقد تمت صلاته '.
فإنما رواه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن عبد الرحمن بن رافع وغيره عن
عبد الله وعبد الرحمن الإفريقي قد ضعفه أهل العلم بالحديث: يحيى بن سعيد
وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم واختلف عليه في
لفظ الحديث.
قال أصحابنا إن صح شيء من ذلك إنما كان قبل فرض التشهد والصلاة
والتسليم.
فقد روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال كنا نقول قبل أن يفرض التشهد.
65

وروينا عن بشير بن سعد أنه قال:
أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟
وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / إذا قعد في آخر
صلاته قدر التشهد اقبل على الناس بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم.
944 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن عمر بن ذر عن عطاء بن أبي
رباح فذكره. وبمعناه رواه خلاد بن يحيى عن عمر بن ذر.
153 - [باب]
كلام الإمام وجلوسه بعد التسليم
945 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال أخبرتني هند
بنت الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] قالت: كان رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي [صلى الله عليه وسلم] في مكانه
يسيرا.
قال ابن شهاب: فثبت مكثه ذلك. والله أعلم. لكي ينقذ النساء قبل [أن]
يدركهن من انصرف من القوم.
قال الشافعي في رواية حرملة:
هذا ثابت عندنا وبهذا نأخذ.
قال أحمد:
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد وغيره عن إبراهيم بن سعد.
66

الجزء الحادي عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد البيهقي:
946 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن
أبي معبد عن ابن عباس قال: كنت اعرف انقضاء صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالتكبير.
قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال: لم احدثكه.
قال عمرو وقد حدثتنيه وكان من أصدق موالي ابن عباس قال الشافعي:
كأنه نسيه بعدما حدثه إياه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
947 - / أخبرنا أبو سعد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال عبد الوهاب بن عبد المجيد عن يحيى بن سعيد قال ذكرت للقاسم عن
رجل من أهل اليمن أنه قال ذكر لي أن الناس كانوا إذا سلم الإمام من صلاة المكتوبة
كبروا ثلاث تكبيرات أو تهليلات. فقال القاسم:
والله إن كان ابن الزبير ليصنعه.
948 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عقبة عن
أبي الزبير انه سمع عبد الله بن الزبير يقول: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا سلم من صلاته
67

يقول بصوته الأعلى:
' لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله
إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون '.
949 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال
حدثنا حسين بن حسن بن مهاجر قال حدثنا محمد بن سلمة المرادي يال حدثنا
موسى بن وهيب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة أن أبا الزبير
المكي حدثه انه سمع عبد الله بن الزبير وهو يقول في دبر الصلاة إذا سلم فذكر هذا
الحديث قال في آخره قال: وكان يذكر ذلك عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن سلمة المرادي
950 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر
قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن عبد الله بن الحارث عن عائشة أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا سلم من صلاته قال:
' اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام '.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن عبد الوهاب. وأخرجه مسلم في الصحيح من
حديث خالد الحذاء وعاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث. وحديث المغيرة بن
شعبة في قول:
' لا إله إلا الله وحده لا شريك له ' مذكور في آخر الكتاب.
951 - أخبرنا أبو سعيد / قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله: اختار للإمام وللمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة
ويخفيان الذكر إلا أن يكون إمام يحب أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أن قد تعلم منه
ثم يسر فإن الله عز ذكره يقول:
* (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) *.
68

يعني الدعاء. والله أعلم.
ولا تجهر: ترفع. ولا تخافت: حتى تسمع نفسك. قال: واحسبه إنما جهر
قليلا - يعني في حديث ابن عباس وابن الزبير - ليتعلم الناس منه.
وقد ذكرت أم سلمة مكثه ولم تذكره جهرا. واحسبه لم يمكث إلا ليذكر ذكرا
غير جهر.
952 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد الفقيه قال حدثنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال أبو أسامة ووكيع عن هشام بن
عروة وعن أبيه عن عائشة في قوله:
* (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت) *.
قالت: نزلت في الدعاء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه البخاري عن
عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة.
154 - [باب]
القنوت في صلاة الصبح
953 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي فيما ألزمه الشافعي
في التوسع في خلاف ابن عمر وأهل المدينة.
قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن
نافع أن ابن عمر: كان لا يقنت في شيء من الصلاة.
قال الشافعي: وأنتم ترون القنوت في الصبح يريد أصحاب مالك. قال:
وأخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أظنه عن أبيه انه كان لا يقنت في
شيء من الصلاة ولا في الوتر إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة
الأخيرة إذا قضى قراءته.
69

قال الشافعي:
وأنتم تخالفون عروة وتقولون يقنت بعد الركوع قال الربيع: فقلت للشافعي
فأنت تقول يقنت في الصبح بعد الركوع فقال: نعم لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت ثم أبو بكر
ثم عمر ثم عثمان.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين كان أبو حنيفة نهى عن القنوت في
الفجر وبه يأخذ - يعني أبا يوسف - ويحدث به عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انه لم يقنت إلا
شهرا واحدا حارب حيا من المشركين فقنت يدعو عليهم. وأن أبا بكر لم يقنت حتى
لقي الله.
وأن ابن مسعود لم يقنت في سفر ولا حضر.
وأن عمر بن الخطاب لم يقنت.
وأن ابن عباس لم يقنت.
وأن عمر لم يقنت وقال: يا أهل العراق أنبئت أن إمامكم يقوم لا قارئ قرآن
ولا راكع - يعني بذلك في القنوت -.
وان عليا قنت في حرب يدعو على معاوية فأخذ أهل الكوفة ذلك عنه.
وقنت معاوية بالشام يدعو على علي فأخذ أهل الشام عنه ذلك.
قال: وكان ابن أبي ليلى يرى القنوت في الركعة الآخرة بعد القراءة وقبل
الركوع في الفجر ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب انه قنت بهاتين السورتين اللهم
إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم
إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن
عذابك بالكافرين ملحق.
وكان يحدث عن ابن عباس عن عمر بهذا الحديث ويحدث عن علي انه قنت.
954 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني بعض أهل العلم عن جعفر بن
محمد عن أبيه أنه قال:
70

لما انتهى إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] قتل أهل بئر معونة أقام خمس عشرة ليلة كلما رفع رأسه
من الركعة الأخيرة من الصبح قال:
' سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد اللهم افعل ' فذكر دعاء طويلا ثم كبر
فسجد.
قال أحمد:
قد روينا دعاء النبي [صلى الله عليه وسلم] على من قتلهم خمسة عشر يوما من حديث حميد
الطويل وعلقمة بن أبي علقمة عن انس بن مالك.
وروينا عن قتادة وغيره عن انس بن مالك (...) قتل أهل بئر معونة قال:
فقنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا يدعو في صلاة الصبح على حي من أحياء العرب
قيل رعل وذكوان وعصية وبني لحيان.
وقال بعضهم أربعين صباحا.
وقول من قال شهرا أصح ورواته أكثر.
955 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال: وحفظ عن جعفر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] القنوت في الصلاة كلها عند قتل أهل
بئر معونة.
وحفظ عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه قنت في المغرب.
قال أحمد:
قد روينا عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال: قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا
متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح إذا قال: ' سمع الله لمن حمده '
من الركعة الأخيرة يدعو على احياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من
خلفه وكان ارسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم.
وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت في
المغرب والفجر.
71

قال الشافعي:
وكل ما روي عنه في القنوت في غير الصبح عند قتل أهل بئر معونة - والله أعلم
-.
قال أحمد:
وقد روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنوته
في العشاء حين دعا للوليد بن الوليد وأصحابه بالنجاة ودعا على مضر.
وخالفه الزهري فروى عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قنوته في الفجر وفي هذه القصة.
والذي روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة والله لأقربن بكم
صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء والصبح ويدعو للمؤمنين
ويلعن الكفار. ليس فيه بيان الوقت الذي حمله عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فيحتمل أن يكون حمله عنه في قصة أهل بئر معونة. ويجوز أن يكون يحيى بن
أبي كثير من هذا الحديث غلط إلى ذكر العشاء في الحديث الأول.
والزهري احفظ منه ومع روايته عن أبي سلمة روايته عن ابن المسيب في ذكر
الفجر دون العشاء. والله أعلم.
قال الشافعي:
وروى انس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قنت وترك القنوت جملة.
ومن روى مثل حديثه روى أنه قنت عند قتل أهل بئر معونة ثم ترك القنوت.
قال أحمد:
قد روى هشام الدستوائي عن / قتادة عن انس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت شهرا يدعو
على حي من احياء العرب ثم تركه. هكذا مطلقا كما قال الشافعي.
ثم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وأبي مجلز وأنس بن سيرين
وعاصم الأحول ما دل على أن ذلك كان عند قتل أهل بئر معونة.
وروي في رواية غير قوية عن علقمة عن ابن مسعود قال: قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
72

شهرا يدعوا على عصية وذكوان فلما ظهر عليهم ترك القنوت.
قال الشافعي:
فأما القنوت في الصبح فمحفوظ عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في قتل أهل بئر معونة
وبعده. لم يحفظ أحد عنه تركه واحتج بما:
956 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن
المسيب عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال:
اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة
اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وأما ما روى انس بن مالك من ترك القنوت فالله اعلم ما أراد.
فأما الذي أرى بالدلالة فإنه ترك القنوت في أربع صلوات دون الصبح كما قالت
عائشة.
فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة الصبح وزيد في صلاة الحضر
تعني ثلاث صلوات دون المغرب والصبح.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل وحاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حين
رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الظهر قال:
' اللهم العن فلانا وفلانا وسمى قبائل '.
73

قال الشافعي:
فهذا الذي ترك فأما القنوت في الصبح فلم يبلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] تركه.
قال أحمد:
وإلى هذا المعنى كان يذهب عبد الرحمن بن مهدي ومحله من الحديث لا
يخفى.
قال أحمد:
فأما حديث أبي هريرة الذي احتج الشافعي به في قنوت / النبي [صلى الله عليه وسلم] بعد أهل بئر
معونة فقد اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
واخرج مسلم حديث يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي
سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قنوته في صلاة الفجر بعدما
يرفع رأسه ويقول: ' سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد '.
بنحو من حديث ابن عيينة ثم قال في آخره: ' اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان
وعصية عصت الله ورسوله.
ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت:
* (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) *.
ولعل هذا الكلام في الحديث من قول من دون أبي هريرة.
فقد روينا في الحديث الثابت عن الزهري عن سالم عن أبيه انه سمع رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول:
اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا '.
بعدما يقول:
74

' سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد '. فأنزل الله:
* (ليس لك من الأمر شيء) * الآية.
وحنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعو على
صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت:
* (ليس لك من الأمر شيء) *
وهذا مخرج في كتاب البخاري.
وكان هذا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غزوة أحد ففي رواية عمرو بن حمزة عن سالم
عن ابن عمر قال صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة الصبح يوم أحد فلما رفع رأسه من الركعة الثانية فقال:
' سمع الله لمن حمده ' قال: ' اللهم العن ' فذكرهم. إلا أنه ذكر أبا سفيان بدل سهيل فنزلت:
* (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم) *
. فتاب عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم.
957 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي
بمكة قال حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال حدثنا سالم بن جنادة
القرشي قال حدثنا أحمد بن بشير قال حدثنا عمر بن حمزة فذكره.
والذي يدل على أن هذه الآية نزلت يوم أحد رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن
انس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / كسرت رباعيته يوم أحد [و] شج فجعل يسيل الدم عن وجهه
ويقول: ' كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله '.
قال فأنزل الله عز وجل:
75

* (ليس لك من الأمر شيء) *.
958 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال
حدثنا تمتام قال حدثنا عبد الله - يعني ابن مسلمة القعنبي - قال حدثنا حماد بن سلمة
فذكره. اخرجه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن سلمة.
فكان هذا بأحد وقتل أهل بئر معونة كان بعد أحد وقد قنت النبي [صلى الله عليه وسلم] بعده ودعا
على من قتلهم.
دل أن هذه الآية لم تحمل على نسخ القنوت جملة وان النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقنت
بعد نزول هذه الآية إلا أنه كان يلعن من قتلهم بأعيانهم شهرا ثم ترك اللعن عليهم ويدعو
للمستضعفين بمكة بأسمائهم ثم لما قدموا ترك الدعاء لهم.
روينا عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] في قنوته ودعائه للمستضعفين قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ترك
الدعاء بعد. فقلت: أرى رسول الله قد ترك الدعاء لهم قال: فقيل وما تراهم قد
قدموا.
وهذا كان قبل الفتح بيسير وإنما اسلم أبو هريرة في غزوة خيبر وهو بعد نزول
الآية بكثير دل أن الآية لم تحمل على النسخ القنوت ومما يدل على أن هذه الآية
لم تحمل على النسخ وإن ثبت أن سبب نزولها كان على ما روينا في حديث ابن
المسبيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن أبا هريرة كان يقنت بعد وفاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في
سائر الصلوات.
ولو كانت الآية محمولة عندهم على نسخ القنوت لم يقنت بعد.
959 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا هشام:
960 - قال وأخبرنا أبو الفضل إبراهيم واللفظ له قال حدثنا أحمد بن سلمة قال
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يحيى بن أبي
كثير قال حدثنا أبو سلمة عن / أبي هريرة قال:
76

لأقربن بكم صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من
الظهر وفي العشاء الآخرة وفي صلاة الصبح بعد قوله سمع الله لمن حمده يدعو
للمؤمنين ويلعن الكافرين. رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن فضالة عن
هشام.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى عن معاذ بن هشام.
961 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي:
وترك القنوت في الصلاة سوى القنوت في الصبح لا يقال له ناسخ إنما يقال
للناسخ والمنسوخ ما اختلف فأما القنوت في غير الصبح فمباح أن يقنت وان يدع لأن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم يقنت في غير الصبح قبل قتل أهل بئر معونة. ولم يقنت بعد قتل
أهل بئر معونة في غير الصبح فدل على أن ذلك دعاء مباح كالدعاء المباح في الصلاة
لا ناسخ ولا منسوخ.
هذا نص قول الشافعي رحمه الله في كتاب اختلاف الأحاديث.
هذا قول يوافق حديث أبي هريرة وما قلنا من أنهم لم يحملوا الآية على نسخ
القنوت بها.
962 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
لا قنوت في شيء من الصلوات إلا في الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في
الصلوات كلها أن شاء الإمام وبمثل هذا أجاب في القديم وفي سنن حرملة.
قال الشافعي:
فأما في الصبح فلا اعلمه ترك القنوت في الصبح قط فيقنت كل مصل في
الركعة الآخرة منها بعد الركوع.
963 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي قال حدثنا
77

أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن
الربيع بن انس قال:
كنت جالسا عند أنس فقيل له إنما قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شهرا فقال: ما زال رسول
الله يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا.
ورواه عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر بإسناده أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت شهرا يدعوا
عليهم ثم تركه.
فأما في الصبح فلم يزل / يقنت حتى فارق الدنيا.
قال أحمد:
والربيع بن انس تابعي معروف من أهل البصرة ورد خراسان سمع انس بن
مالك وأبا العالية روى عنه عبد الله بن المبارك وغيره من الكبار. بلغني عن أبي
محمد بن أبي حاتم أنه قال: سالت أبي وأبا زرعة عن الربيع بن انس قالا: صدوق
ثقة.
قال أحمد:
ولهذا الحديث شواهد عن انس بن مالك وغيره قد ذكرناها في كتاب السنن
وغيره.
964 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
وقد قنت بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصبح أبو بكر وعمر وعلي كلهم بعد الركوع
وعثمان بعض إمارته ثم قدم القنوت قبل الركوع وقال لندرك من سبق بالصلاة الركعة.
قال أحمد:
قد روينا عن خليد بن دعلج عن قتادة عن انس معنى هذا في قنوتهم.
78

ورواه الشافعي في القديم في إسناد مرسل.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا رجل عن علي بن يحيى عن الحسن قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر وعمر
يقنتون في الصبح بعد الركعة حتى كان عثمان تقدم القنوت قبل الركوع.
قال: وأخبرنا رجل عن صالح مولى التوأمة أن أبا بكر وعمر قنتا.
965 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن
سليمان الذهلي ببغداد قال حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال حدثنا
جعفر بن مهران السباك قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال حدثنا عمرو بن عبيد عن
الحسن عن انس بن مالك قال صليت خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم يزل يقنت في صلاة
الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله. وصليت خلف أبي بكر الصديق فلم يزل يقنت في
صلاة الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله.
وصليت خلف عمر فلم يزل يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله.
ورواه قريش بن انس عن إسماعيل المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن انس
في قنوتهم وقنوت عثمان / دون ذكر موضع القنوت.
والمرسل الذي ذكره الشافعي عن الحسن وما اشتهر من مذهب الحسن في
قنوت صلاة الصبح يعطيان هذه الرواية قوة. واعتمادنا في قنوت النبي [صلى الله عليه وسلم] على ما
قدمنا ذكره.
وفي قنوت أبي بكر الصديق وعمر على ما نذكره إن شاء الله.
966 - أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الهروي قال أخبرنا عبد الله بن عدي
الحافظ قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد
قال حدثنا العوام بن حمزة قال سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح فقال:
بعد الركوع. قلت: عمن؟ قال: عن أبي بكر وعمر وعثمان.
79

هذا إسناد حسن ويحيى القطان لا يحدث إلا عن من يكون ثقة عنده.
قال الشافعي:
أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر أنه
قنت في الصبح فذكر دعاء قنت به.
قال الشافعي:
وأخبرنا رجل ومسلم بن خالد عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن عبيد بن عمير
قال سمعت عمر بن الخطاب يقنت بعد الركوع يدعو على الكفرة.
967 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان قال حدثني ابن جريج عن
عطاء عن عبيد بن عمير: أن عمر قنت بعد الركوع فذكر دعاءه للمؤمنين ودعاءه على الكفرة وقنوته بالسورتين كما رواه ابن أبي ليلى.
968 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الحسن بن علي بن
عفان قال حدثنا محمد بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع: أن عمر
كان يقنت في صلاة الصبح.
قال أحمد:
هذا عن عمر صحيح وقد ذكرنا شواهده في كتاب السنن.
قال الشافعي:
وأخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يقنت في الصبح بعد
الركعة الآخرة.
قال: وأخبرنا رجل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا
قنت في الفجر بعد الركوع.
قال أحمد:
قد ذكرنا إسنادنا هذا في كتاب السنن.
80

969 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا / الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين عن ابن مغفل أن عليا قنت في صلاة
الصبح.
قال أحمد:
ورواه سفيان الثوري عن أبي حصين عن عبد الله بن معقل عن علي ورويناه من
وجه آخر عن علي ولا معنى لإنكار من أنكر القنوت في صلاة الصبح لأن الحكم لقول
من شاهد وسمع لا لقول من لم يشاهد ولم يسمع. وقد ثبت خطأ من ادعى فيه النسخ
بنزول قوله عز وجل:
* (ليس لك من الأمر شيء) *
وحديث عبد الرحمن بن أبي بكر في دعاء النبي [صلى الله عليه وسلم] للمستضعفين بالنجاة
والدعاء على مضر ونزول الآية فيه.
وقوله فما عاد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعو على أحد. إسناده غير قوي وقد روينا فيما
هو أصح منه أن نزول الآية تقدم هذا الدعاء.
وقد يحتمل أن يكون مراده بقوله: فما عاد يدعو على أحد: أي على أحد
بعينه.
لأنه لم يحتج إليه ولو احتاج إليه لعله كان يعود إليه كما كان يدعو على
صفوان بن أمية وغيره زمان أحد فنزلت هذه الآية لما في علم الله تعالى من هداهم
فتركه ثم عاد إليه حين احتاج إليه على آخرين حين قتل أهل بئر معونة.
وحين احتاج إليه للمستضعفين بالنجاة وعلى مضر بالهلاك حين اشتدوا على حبس المسلمين بمكة ثم تركه حين قدموا فقال له عمر
يا رسول الله ما لك لا تدع للنفر؟ قال:
' أوما علمت أنهم قد قدموا '.
وكان هذا بعد نزول الآية بسنين.
81

155 - [باب]
موضع القنوت
970 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن أيوب
السختياني عن محمد بن سيرين قال سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال:
قنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد الركوع.
971 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن
محمد عن انس بن مالك انه سأل هل قنت / النبي [صلى الله عليه وسلم] في صلاة الصبح؟ فقال: نعم.
فقيل له: قبل الركوع أو بعد؟ قال: بعد الركوع. قال مسدد: بيسير. رواه البخاري
في الصحيح عن مسدد.
واخرجه مسلم من حديث ابن علية عن أيوب.
وهذا أولى مما روي عن عاصم الأحول عن انس في القنوت قبل الركوع وان
القنوت بعده إنما كان شهرا.
وما روى عن عبد العزيز بن صهيب في بعض هذا المعنى لأن محمد بن سيرين
احفظ من روى حديث القنوت وأفقههم.
وروينا عن ابن عمر قنوت النبي [صلى الله عليه وسلم]: قبل قتل أهل بئر معونة بعد الركوع.
وروينا عن أبي هريرة قنوت النبي [صلى الله عليه وسلم] بعده بعد الركوع. وقد روينا عن جماعة
من الصحابة انهم قنتوا فيها بعد الركوع.
156 - [باب]
دعاء القنوت
ذكر الشافعي رحمه الله دعاء القنوت في رواية المزني رحمه الله وقد جاء به
82

الحديث عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
972 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد
المحبوبي بمرو قال حدثنا سعيد بن مسعود قال حدثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا
يونس بن أبي إسحاق قال حدثنا بريد بن أبي مريم قال حدثني أبو الحوراء عن
الحسن بن علي قال علمني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كلمات أقوله في القنوت:
' اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي
فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقض عليك انه لا يذل من واليت
تباركت وتعاليت '.
ورواه العلاء بن صالح عن بريد بن أبي مريم بإسناده ومعناه. وزاد فيه قال:
فذكرت ذلك لمحمد ابن الحنفية فقال: إنه الدعاء الذي كان أبي يدعو به في صلاة
الفجر في قنوته.
وأما رفع اليدين في القنوت فقد روينا في حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت
عن أنس في قصة القراء الذين قتلوا ببئر معونة قال: لقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كلما
صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم - يعني على الذين / قتلوهم -.
973 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن
ثابت عن انس فذكره.
974 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد هو ابن أبي عروبة
عن قتادة عن أبي عثمان قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فقرأ بمائتي آية من
البقرة وقنت بعد الركوع ورفع يديه حتى رأيت بياض أبطيه ورفع صوته بالدعاء حتى
سمع من وراء الحائط. وكذلك رواه أبو رافع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
83

وروي في رفع اليدين في قنوت الوتر عن ابن مسعود وأبي هريرة.
157 - [باب]
قضاء الفائتة
975 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر بن سلامة قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الوهاب.
976 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا إسماعيل بن العباس قال حدثنا حفص بن عمرو قال حدثنا عبد الوهاب بن
عبد المجيد قال حدثنا يونس عن الحسن عن عمران بن حصين قال:
كنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مسير له فنمنا عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس
فأمر المؤذن فأذن ثم صلينا ركعتي الفجر حتى إذا أمكنتنا الصلاة صلينا.
قال الشافعي في رواية حرملة:
وقول عمران: حتى إذا أمكنتنا الصلاة. والله أعلم يعني إذا اتسع لنا الموضع
فأمكننا جمع الصلاة ولا ضيق. أو إذا تتام أصحابه الذين تفرقوا في حوائجهم.
977 - أخبرنا أبو إسحاق قال حدثنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك.
978 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال أخبرنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين قفل من خيبر اسرى حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال:
' أكلأ لنا الصبح '.
ونام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه وكلأ بلال ما قدر له ثم استند إلى راحلته وهو
مقابل الفجر فغلبته عيناه فلم يستيقظ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا بلال ولا أحد من الركب حتى
ضربتهم الشمس ففزع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: ' يا بلال ' فقال بلال: يا رسول الله أخذ
84

بنفسي الذي أخذ بنفسك.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' اقتادوا. ' فاقتادوا شيئا ثم أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بلالا فأذن
واقام فصلى لهم الصبح ثم قال حين قضى الصلاة:
' من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول:
* (أقم الصلاة لذكري) *.
فقال الشافعي في كتاب حرملة:
وهذان حديثان ثابتان على أن حديث عبد الوهاب مسند.
قال أحمد:
وحديث ابن المسيب قد اسنده أيضا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري وابان
العطار عن معمر والزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة إلا أن يونس لم يذكر
فيه الأذان وذكره ابان عن معمر.
قال الشافعي:
وقد روي عن انس بن مالك ما يوافقهما ورواه أهل المغازي من غير وجه.
979 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال
حدثنا عثمان بن عمر الضبي ومحمد بن حيان التمار قالا: حدثنا أبو الوليد قال حدثنا
همام عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك '.
قال همام سمعت قتادة يحدث بعد ذلك فقال:
* (أقم الصلاة لذكري) *.
85

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث همام بن يحيى. واخرجه
مسلم من حديث ابن أبي عروبة المثنى بن سعيد عن قتادة وفيه من الزيادة: ' أونام
عنها '.
وذكر المثنى الآية موصولا بالحديث ولم يذكرها ابن أبي عروبة. وروي عن
حفص بن أبي العطاف عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها '.
980 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا / أبو العباس بن
يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن سليمان قال حدثنا أبو ثابت قال حدثنا حفص فذكره.
وقد قيل عنه عن أبي الزناد عن القعقاع بن حكيم. أو عن الأعرج عن أبي
هريرة وحفص بن أبي العطاف فذكر الحديث.
قاله البخاري وغيره من أهل الحديث والصحيح عن أبي هريرة وغيره ما ذكر
وليس فيه: وقتها إذا ذكرها.
وقد احتج الشافعي بحديث عمران وابن المسيب على أن وقتها لا يتضيق
لتأخيرها الصلاة بعد الاستيقاظ. ولا يجب التتابع في قضائهن. قال الشافعي من
قبل:
إن تأخير الظهر لغير صلاة ليس بأكثر من تأخيرها لصلاة.
قال الشافعي:
وحديث سعيد بن المسيب من أوضحها معنى وذلك أن فيه أن: لم يستيقظوا
حتى ضربت الشمس وضرب الشمس لهم أن يكون لها حر أو ذلك بعد أن يتعالى
النهار.
وفي هذا ما دل على أن اقتيادهم لما [روي عن] زيد بن اسلم أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' إن هذا واد به شيطان '.
86

ليس لأن تحل صلاة النافلة لأن استيقاظهم كان وقد حلت صلاة النافلة.
981 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين قالا:
أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا
مالك عن زيد بن اسلم أنه قال:
عرس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فذكر
الحديث وفيه قال: فأمرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي
فقال:
' إن هذا واد به شيطان '.
وذكر الحديث في خروجهم ونزولهم ووضوئهم وصلاتهم قال فقال:
' يا أيها الناس أن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها إلينا في حين غير هذا فإذا رقد
أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع عليها فليصلها كما كان يصلها في وقتها '.
وذكر الحديث هذا مرسل.
وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال في
هذه القصة:
' ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان '.
/ قال أحمد:
ثم احتج على أنه لو يضيق وقت قضائها لم يؤخرها لأجل الشيطان.
قال الشافعي:
قد صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يخنق الشيطان فخنقه الشيطان في الصلاة أكبر من
واد فيه شيطان.
982 - أخبرناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد قال
87

أخبرنا علي بن محمد بن سليمان الخرقي قال حدثنا أبو قلابة قال حدثنا عمرو بن
خليفة وسعد بن عامر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: بينما أنا أصلي إذ اعترض لي الشيطان فأخذته فخنقته فلولا دعوة أخي
سليمان لأوثقته في بعض هذه السواري حتى يراه الناس أو ترونه '.
وقد ثبت معناه من حديث محمد بن زياد عن أبي هريرة ومن حديث أبي
الدرداء.
ورويناه في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة.
983 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي فيمن فاتته صلاة فذكرها وقد دخل في صلاة غيرها قال:
مضى على صلاته التي هو فيها ولم تفسد عليه إماما كان أو مأموما فإذا فرغ من
صلاته صلى صلاة الفائتة.
وقال في موضع آخر:
قضى التي نسي فقط. وإنما قال ذلك لأن في الموطأ عن مالك عن نافع أن عبد
الله بن عمر كان يقول: من نسي صلاة من صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا
سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى.
984 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
فبين الشافعي أنه لا يحب قضاء الأخرى الصلاة الأخرى فيما ذكرنا من الأخبار
دلالة على سعة وقت القضاء وإذا جاز تأخيرها لغير صلاة جاز لاشتغاله بصلاة. وقد
اسند أبو إبراهيم الترجماني هذا الحديث عن سعيد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن
عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل مع الإمام / فإذا فرغ من
88

صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم يعيد الصلاة التي صلاها مع الإمام '.
985 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا أبو إبراهيم الترجماني. وهذا خطأ من جهته.
وقد رواه يحيى بن أيوب عن سعيد بن عبد الرحمن بهذا الإسناد موقوفا وهو الصحيح.
وروينا في حديث هشام بن حسان عن الحسن عن عمران بن حصين في قصة
نومهم عن الصلاة وقضائهم لها قال: فقلنا يا نبي الله الا نقضها من الغد لوقتها؟ فقال
لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم '.
وفيه وفيما مضى من الأخبار دلالة على أن لا يجب مع القضاء غير القضاء.
وقد روى الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير عن عبد الله بن رباح عن أبي
قتادة في قصة نومهم عن الصلاة وقضائهم لها قال فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فمن أدركته هذه الصلاة من غد صالحا فليصل معها مثلها '.
ولم يتابعه على هذه الرواية ثقة.
وإنما الحديث عند سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن عبد الله بن زياد
عن أبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذه القصة قال:
' ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت
الأخرى فإذا كان ذلك فليصلها حين يستيقظ فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها '.
986 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا
إبراهيم بن الحارث قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال
حدثني ثابت البناني فذكره. رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ عن
سليمان. وإنما أراد والله أعلم أن وقتها لم يحول إلى ما بعد طلوع الشمس بنومهم
عنها وقضائهم لها بعد الطلوع فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها يعني صلاة الغد. هذا
89

هو اللفظ الصحيح وهذا هو المراد به فحمله خالد بن شمير عن عبد الله بن رباح على
الوهم وقد صرح في رواية عمران بن حصين بذلك وفي حديث ابن رباح متناه له عند
عمران دلالة على كون القصتين واحدة / والله أعلم.
158 - [باب]
صلاة المرأة
987 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
والرجل والمرأة في الذكر سواء وفي غير هذه الرواية في الصلاة والذكر سواء
ولكني آمرها بالاستتار في الركوع والسجود بأن تضم بعضها إلى بعض وقد أدب الله
النساء بالاستتار وأدبهن بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ساق كلامه إلى أن قال: وأحب تكفت
جلبابها تجافيه راكعة وساجدة عنها لئلا تصفها ثيابها.
قال: وعلى المرأة - يعني الحرة - أن تغطي في الصلاة كل ما عدا كفيها
ووجهها وقال في ' الأم ' إن صلت مكشوفة الرأس أجزائها.
قال أحمد:
ففي قول الشافعي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أدبهن بالاستتار أشار إلى الأحاديث التي
وردت في ذلك.
وقد روينا عن يزيد بن أبي حبيب مرسلا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر على امرأتين تصليان
فقال:
' إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض فإن المرأة ليست في ذلك
كالرجل '.
وروي ذلك في حديثين موصولين غير قويين. وروي عن الحارث عن علي
رضي الله عنه من قوله. وقد قال الله عز وجل:
90

* (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) *.
وروينا عن ابن عباس وعائشة أن ما ظهر منها الوجه والكفان.
وروينا عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عليها ثياب
رقاق فأعرض عنها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقال:
' يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا
وأشار إلى وجهه وكفاه '.
988 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا: حدثنا
الوليد بن مسلم عن سعد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب: ابن دريك بذلك
عن عائشة قال أبو داود:
فهذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة. وروينا عن عائشة قالت: قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا صلاة لحائض / إلا بخمار '.
989 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد المقري بن الحممي قال حدثنا
أحمد بن سلمان قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا
حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت شيبة عن عائشة بذلك.
990 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان
الدارمي قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك
عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه انها سألت أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]: ماذا تصلي فيه
91

المرأة من الثياب؟ فقال: تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور
قدميها.
ورواه عثمان بن عمر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن
زيد بن المهاجر عن أمه عن أم سلمة أنها سألت النبي [صلى الله عليه وسلم].
أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟
فقال:
' إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها '.
991 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا عثمان بن عمر فذكره.
وروينا عن أسامة بن زيد أنه كسا امرأته قبطية فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخشى أن تصف عظامها '.
992 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا يحيى بن يوسف الزمي قال حدثنا عبيد الله
- يعني ابن عمرو - عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن أسامة عن أبيه
فذكره.
وأما الأمة: فقد روينا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى ما دون السرة وفوق
الركبة.
وأصحابنا يحملون هذا الخبر على عورة الأمة. وقد روي في هذا الحديث:
92

' إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته فإن ما تحت
السرة إلى ركبته من العورة '.
والخبر في تحريم نظر الأمة إلى عورة سيدها بعدما زوجها.
ولكن / صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى أمة مختمرة متجلببة
فقال:
' لا تشبهوا الإماء بالمحصنات '.
وقال انس بن مالك:
كن إماء عمر يخدمننا كاشفات عن شعورهن تضرب ثديهن. وأما الذي روي
عن محمد بن كعب عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الرجل يشتري الجارية لا بأس أن
ينظر إليها إلى عورتها وعورتها ما بين معقد أزارها إلا ركبتها. فإنه إنما رواه عنه
عيسى بن ميمون وصالح بن حسان وكلاهما ضعيف.
159 - [باب]
جماع لبس المصلي
993 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله قال جل ثناؤه:
* (خذوا زينتكم عند كل مسجد) *.
فقيل والله أعلم الثياب وهو يشبه ما قبل.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ' فدل أن ليس
93

لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس.
وأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بغسل دم الحيضة من الثوب.
والطهارة إنما تكون للصلاة فدل على أن المرء أن لا يصلي إلا في ثوب طاهر
قال وإذ أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بتطهير المسجد من نجس لأنه يصلي فيه فما يصلي فيه
أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل:
* (وثيابك فطهر) *.
طهر ثيابك للصلاة. وتأولها بعضهم على غير هذا. والله أعلم.
994 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا
سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس في قوله عز وجل:
* (خذوا زينتكم عند كل مسجد) *.
قال: الثياب.
995 - وحدثنا أبو طاهر الفقيه قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا عثمان عن مجاهد في قوله:
* (خذوا زينتكم عند كل مسجد) *.
قال: ما وارى عورتك ولو عباءة.
وروينا عن ابن عباس أن المرأة كانت تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عارية
فنزلت هذه الآية.
وقيل نزلت:
94

/ * (قل من حرم زينة الله) *.
996 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا
محمد بن الجهم قال حدثنا الفراء في قوله:
* (وثيابك فطهر) *.
قال: فقال لا تكن غادرا فتدنس ثيابك فإن الغادر دنس الثياب ويقال:
* (وثيابك فطهر) *.
يقول: عملك فأصلح. وقال بعضهم:
* (وثيابك فطهر) *.
أي: قصر فإن تقصير الثياب طهر.
قال أحمد:
فهذا التفسير الأخير يرجع إلى تطهير الثياب مع ترك الخيلاء.
وروينا عن ابن عباس أنه قال: طهرها من الإثم.
وفي رواية أخرى قلبك فنقه.
وعن قتادة: عملك فأصلحه.
وقيل: غير ذلك وقيل: ثيابك فاغسل.
وأما الأحاديث التي ذكرها فقد مضى إسناد بعضها وسيأتي إسناد الباقي إن شاء
الله.
قال الشافعي:
وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبته.
واحتج في القديم بما روي عن مالك عن أبي النضر عن ابن جرهد عن أبيه أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] مر به وهو كاشف فخذه فقال:
95

' غطها فإن الفخذ من العورة '.
997 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن أبي النضر عن
زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي عن أبيه وكان من أصحاب الصفة قال:
جلس عندنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وفخذي منكشفة فقال:
' خمر عليك أما علمت أن الفخذ عورة '.
هكذا رواه جماعة عن مالك.
وقال أبو داود الطيالسي عن ابن جرهد عن جرهد وقال ابن أبي أويس عن مالك
كما قال ابن بكير إلا أنه قال عن أبيه أن جرهدا كان من أهل الصفة. قال: جلس
عندنا.
وبمعناه قاله القعنبي. ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن أبي الزناد
قال: حدثني آل جرهد عن جرهد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر به وهو في المسجد وعليه بردة وقد
انكشفت فخذه. قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' يا جرهد غط فخذك فإن الفخذ عورة '.
998 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال سمعت
العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول: حدثنا ابن عيينة / عن أبي الزناد
بهذا.
قال يحيى: وقد حدثنا سفيان أيضا عن سالم أبي النضر سمعه من زرعة بن
مسلم بن جرهد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر بجرهد هذا وقد انكشفت فخذه فقال:
' غطها فإن الفخذ عورة '.
96

وروينا عن محمد بن عبد الله بن جحش أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال ذلك لمعمر.
وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
' الفخذ عورة '.
والذي روي في قصة عثمان وكشف النبي [صلى الله عليه وسلم] عن فخذيه أو ساقيه حتى دخل
مشكوك فيه. وروي في تلك القصة انه كان وضع ثوبه بين فخذيه فلما دخل عثمان
اخذ ثوبه فتحلله وكأنه كان أخذ بطرف ثوبه فوضعه بين فخذيه وإنما ينكشف بذلك في
الغالب ركبتاه دون فخذيه.
وقد روي عن أبي موسى الأشعري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان في مكان فيه ماء قد كشف
عن ركبتيه فلما اقبل عثمان غطاهما.
فليس فيه دليل على أن الفخذ ليست بعورة.
999 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شي '.
ورواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم عن مالك بن انس.
1000 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
1001 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال وروى بعض أهل المدينة عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر الرجل يصلي
في الثوب الواحد أن يشتمل بالثوب في الصلاة فإن ضاق اتزره.
قال أحمد:
97

وهذا الحديث رواه فليح بن سليمان عن سعيد بن سليمان بن الحارث عن
(222 ب) جابر بن عبد الله فذكر قصة في اشتماله بثوب واحد وصلاته إلى جنب / النبي صلى الله عليه وسلم فلما
انصرف قال:
(يا جابر ما هذا الاشتمال الذي رأيت).
قال فقلت: يا رسول الله كان ثوبا واحدا ضيقا فقال:
(إذا صليت وعليك ثوب واحد فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به).
1002 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح بن سليمان فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن صالح عن فليح.. وروي معناه عن عبادة بن الوليد عن جابر ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
1003 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن شداد عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مرط بعضه علي بعضه عليه وأنا حائض.
1004 أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
فاحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)
أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره. فلما حكى جابر ما وصفت.
وحكت ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في ثوب بعضه عليه وبعضها عليها.
دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه مؤتزرا به لا يستره أبدا إلا مؤتزرا إذا كان
بعضه على غيره فعلمنا أن نهيه أن يصلي في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء
98

اختيار. وأنه يجزي الرجل و المرأة أن يصلي كلا متواري العورة.
160 -
((باب))
((الصلاة في القميص الواحد))
1005 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عطاف بن خالد والدراوردي
عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ربيعة عن سلمة بن الأكوع
قال قلت: يا رسول الله أنا نكون في الصيد فيصلي أحدنا في القميص الواحد؟ / قال:
(نعم وليزره ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة)
قال أحمد
هكذا رواه ورواه أبو أويس المدني عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة وهو فيما ذكره البخاري في التاريخ عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه والأول أصح.
1006 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه كان يصلي في قميص.
قال الشافعي في كتاب البويطي:
ولا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وقال له إن إزاري يسقط من احدى شقي فقال له:
لست منهم.
1007 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن
99

محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال
حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو عن طاوس وموسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن
أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما ذكر في الإزار ما ذكر قال أبو بكر:
يا رسول الله إزاري يسقط من أحد شقي قال:
' إنك لست منهم '.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان عن موسى بن عقبة
وذكر فيه قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ' وروينا عن عطاء عن أبي
هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن السدل في الصلاة.
وروينا من وجه آخر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا يقبل الله صلاة رجل مسبل إزاره '.
وفي حديث أبي بكر دلالة على خفة الأمر فيه إذا كان لغير الخيلاء. والله أعلم.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
أخبرنا سفيان قال حدثنا يزيد عن مسلم بن يناق قال كنت في مجلس عبد
الله بن أسيد فمر شاب قد اسبل إزاره فقال ابن عمر: ارفع ازارك فإني سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه '.
وهذا الحديث قد اخرجه مسلم من حديث شعبة وغيره عن مسلم بن يناق.
1008 - أخبرناه الأستاذ أبو بكر بن فورك قال / أخبرنا عبد الله بن جعفر قال
حدثنا يونس بن حبيب قال أخبرنا أبو داود قال أخبرنا شعبة قال أخبرني مسلم بن يناق
المكي قال شهدت ابن عمر ورأى رجلا بمكة يجر إزاره فقال: ممن أنت فانتسب له
100

فإذا رجل من بني ليث فعرفه ابن عمر فقال له ابن عمر:
ارفع رأسك فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بأذني هاتين يقول:
' من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة '.
161 - [باب]
الكلام الذي لا يقطع الصلاة
1009 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
كل شيء من الكلام خاطبت به الله تعالى ودعوته به فلا بأس وذلك أن سفيان
أخبرنا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لما رفع رأسه من الركعة
الآخرة من صلاة الصبح قال:
' اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة
والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني
يوسف '.
قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن
عبد الرحمن بن معقل أن عليا قنت في المغرب يدعو على قوم يسميهم وأشياعهم
فقلنا آمين.
وقال فيما بلغه عن هيثم عن رجل عن ابن معقل أن عليا قنت بهم فدعا على
قوم يقول:
اللهم العن فلانا باديا وفلانا حتى عد نفرا. وقال فيما بلغه عن شريك عن
عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أن رجلا من الخوارج قال لعلي:
101

* (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك) * الآية فقال علي: * (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) *.
وهو راكع.
وقال فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: خبط عبد الله
الحصا بيده خبطة في المسجد. فقال: لبيك وسعديك.
وعن عباد عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عن عبد الله نحوه.
قال وروى هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن خارجة بن الصلت.
كذا وجدته أن ابن مسعود ركع فمر به رجل فقال: السلام عليك أبا عبد
الرحمن.
/ فقال عبد الله: صدق الله ورسوله.
فلما قضى صلاته قيل له كان الرجل راعك. قال: اجل إني سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل
بالمعرفة '. قال الشافعي:
وهذا عندهم نقض للصلاة إذا تكلم مثل هذا يريد به الجواب.
وهم لا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
وابن مسعود روى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] النهي عن الكلام في الصلاة.
ولو كان هذا عنده من الكلام المنهي عنه لم يتكلم به.
قال الشافعي في كتاب حرملة:
102

وما خاطب به المصلي ربه من أي كلام كان لم يقطعه عليه الا ترى أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] دعا على رجال والرجال يسميهم بأسمائهم وأنه أمر أن يقال: آمين. وربنا
لك الحمد.
وان رجلا دعا على كلب فمات. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لقد دعوت عليه في ساعة لو دعوت بها على كذا لأجبت '.
1010 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الطيب محمد بن عبد
الله بن المبارك قال حدثنا أبو علي الحسين بن المسيب المروزي قال حدثنا
الحسن بن عمر بن شقيق البصري قال حدثنا سليمان بن طريف السلمي عن مكحول
عن أبي الدرداء قال:
كنت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فصلى بنا العصر في يوم جمعة إذ مر بهم كلب فقطع عليهم
الصلاة فدعا عليه رجل من القوم فما بلغت رجله حتى مات فانصرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فقال:
' من الداعي على هذا الكلب آنفا؟ '.
فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله. قال:
' والذي بعثني بالحق لقد دعوت الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل
به أعطى ولو دعوت بهذا الاسم لجميع أمة محمد بأن يغفر لهم لغفر لهم '.
قالوا: كيف دعوت؟ قال: قلت:
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت أنت المنان بديع السماوات
والأرض ذا الجلال والإكرام اكفنا هذا الكلب بما شئت وكيف شئت.
فما برح حتى مات.
هذا إسناد فيه انقطاع وضعف.
ورواه أيضا يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا
مختصرا.
103

162 - [باب]
التسبيح في الصلاة يريد به التلبية
1011 - أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي رحمه الله قال:
وكل كلام تكلم به آدمي في صلاة من تسبيح أو ذكر الله عز وجل أو أراد به أن
يفهم آدمي فلا يفسد عليه صلاته.
1012 - واحتج بما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمر وفي
آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي.
1013 - وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال أخبرنا شافع بن
محمد بن أبي عوانة قال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال حدثنا
إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال أخبرنا مالك عن
أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح
بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال:
اتصلي بالناس فأقيم فقال: نعم.
فصلى أبو بكر وجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في
الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس من التصفيق
التفت فرأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأشار إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن امكث مكانك فرفع أبو بكر
يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى
في الصف وتقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى فلما انصرف قال:
' يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذا أمرتك '.
قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما لي رأيتكم [أكثرتم] التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا
سبح التفت إليه فإنما التصفيق للنساء '. رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن
104

يوسف. ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1014 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا أبو حازم قال سمعت سهل بن
سعد يقول: خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] / يصلح بين بني عمرو بن عوف فحضرت الصلاة فأذن
بلال فاحتبس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتقدم أبو بكر فصلى بالناس فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يتخلل الصفوف فلما انتهى إلى الصف الذي يلي أبا بكر اخذ الناس في التصفيق وكان أبو
بكر رجلا لا يلتفت في الصلاة فلما سمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] التفت فأبصر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فأشار إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أثبت فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء فشكر الله ورجع
القهقرى فلما قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاته قال:
' يا أبا بكر ما منعك أن تثبت حين أشرت إليك '.
قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله.
ثم انحرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى الناس فقال:
' يا أيها الناس ما لكم حين نابكم في صلاتكم شيء أكثرتم التصفيق إنما
التصفيق للنساء والتسبيح للرجال فمن نابه في صلاته شيء فليقل سبحان الله '.
1015 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي.
1016 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' التسبيح للرجال والتصفيق للنساء '.
هذا حديث المزني وسقط من إسناده في رواية الربيع ذكر أبي سلمة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان موصولا.
105

163 - [باب]
الكلام الذي يقطع الصلاة
1017 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ولو لحنوا للإمام بشيء من الكلام غير ذكر الله أو تلاوة القرآن ليفهموه ذاكرين
لأنهم في صلاة قطع ذلك عليهم صلاتهم.
وقال في سنن حرملة:
وما خاطب به المرء رجلا من كلام الآدميين مجيبا أو مبتدأ قطع صلاته لأن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس '.
1018 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف
وغيرهما قالوا: حدثنا أبو / العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرح
الحجازي قال حدثنا محمد بن حمير قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن
ابن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار قال حدثني معاوية بن الحكم السلمي قال:
بينا أنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك
الله. فحدقني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي قال: فضربوا
بأيدهم على أفخاذهم قال فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت قال: فلما فرغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة دعاني فبأبي وأمي رسول الله ما رأيت معلما قبله وبعده أحسن
تعليما منه والله ما كهرني ولا ضربني ولا سبني قال:
' إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التكبير والتسبيح
وتلاوة القرآن '.
أخرجه مسلم من وجه آخر عن الأوزاعي.
106

1019 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي وائل عن
عبد الله قال:
كنا نسلم على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد
علينا وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي
فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته
اتيته فقال:
' إن الله يحدث من أمره ما شاء وان مما احدث الله أن قضى أن لا تتكلموا في
الصلاة '.
هكذا وجدته في هذه الرواية وهو في راوية الربيع
وانما مما أحدث الله أن تتكلموا في الصلاة
:
ورواه أبان بن يزيد العطار عن عاصم وقال في آخره: فرد علي السلام.
1020 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
تمتام قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبان فذكر معناه واللفظ مختلف وذكر
هذه الزيادة.
164 - [باب]
الحدث الذي يقطع الصلاة
1021 - أخبرنا أبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد والسراح قالا: حدثنا أبو
العباس قال / أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان عن عبد
الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية أن عليا اخبره أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم '.
107

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
لا تحرم الصلاة إلا بالتكبير ولا تنقضي الصلاة إلا بالتسليم فمن عمل عملا مما
يفسد الصلاة فيما بين أن يكبر إلى أن يسلم فقد أفسد لأنه وافق ما روينا عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
165 - [باب]
من سبقه حدث أو رعاف أوقيء وهو في الصلاة
1022 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه كان إذا رعف
انصرف فتوضأ ثم رجع ولم يتكلم.
زاد أبو سعيد في روايته قال: وقال مالك روي عن ابن عباس وابن المسيب
مثله.
1023 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج
عن الزهري عن سالم عن ابن عمر انه كان يقول: من أصابه رعاف أو من وجد رعافا أو
مدى اوقيء انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى.
1024 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثني الشافعي عن عبد المجيد عن ابن جريج قال حدثني ابن شهاب
عن حديث سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر كان يفتي الرجل إذا رعف
في صلاته أو ذرعه قيء أو وجد مديا أن ينصرف ثم يرجع فيبين ما بقي من صلاته.
قال سالم وكان مسور بن مخرمة يقول: يبتدئ صلاته. كذا وجدته في كتاب
شيخي.
108

قال سالم والمحفوظ أن الزهري هو الذي حكاه عن مسور.
1025 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال:
إذا وجد أحدكم في صلاته في بطنه / رزا أو قيئا أو رعافا فلينصرف فليتوضأ فإن تكلم
استقبل الصلاة وإن لم يتكلم احتسب بما صلي.
قى ل أحمد:
وروي عن سلمان الفارسي مثل ذلك وبهذه الآثار كان يقول الشافعي في القديم
وفي الإملاء في جواز البناء على الصلاة ثم رجع عنه وقال في كتاب الجمعة في
الرجل يدخل في الصلاة فخرج يسترعف فأحب الأقاويل إلي فيه انه قاطع للصلاة.
وهذا قول المسور بن مخرمة وهكذا إن سبقه خلاء أو بول ولا يجوز أن يكون في حال
لا يحل له فيها الصلاة ما كان بها ثم يبين على صلاته والله أعلم.
1026 - أخبرنا بذلك أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي فذكره.
1027 - وأخبرنا بقول المسور بن مخرمة أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو
محمد بن حيان قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا الوليد بن
مسلم قال أخبرني الليث بن سعد وعبد الرحمن بن نمر عن ابن شهاب انه حدثهم عن
المسور بن مخرمة انه كان يقول:
يستأنف يعني في الرعاف.
واحتج في كتاب البويطي بأن قال:
لا نعرف أن النبي [صلى الله عليه وسلم] انفتل من صلاة قط إلا ساهيا فبنى ولم نعرف انه بنى
على حدث من صلاة صلى بعضها فلما اختلف أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] كان قول المسور
أشبهها لأني لا اعلم خلافا أن كل من ولى ظهره القبلة عامدا أعاد الصلاة والراعف
يولي ظهره القبلة عامدا. قال أبو يعقوب والربيع:
والحجة أيضا في حديث النبي [صلى الله عليه وسلم]:
109

' لا تجزي صلاة بغير طهور '.
1028 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن سماك
عن مصعب بن سعد عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا يقبل الله صدقة من غلول ولا
صلاة بغير طهور '. اخرجه مسلم في الصحيح من حديث زائدة.
1029 - أخبرنا الحسن بن محمد الطوسي قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا
أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة / قال حدثنا جرير بن عبد الحميد بن عاصم
الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته '.
قال أحمد:
وقوله:
' فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ' قد مضى في كتاب الطهارة وذكرنا
فيه علة حديث ابن جريج في الرعاف.
166 - [باب]
ما يجوز من العمل في الصلاة
1030 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي قال:
ما كان من عمل في الصلاة خفيف لم يقطع الصلاة وذلك مثل الإشارة برد
السلام وغيره واحتج.
110

1031 - بما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن اسلم عن عبد
الله بن عمر قال: دخل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مسجد بني عمرو بن عوف فكان يصلي ودخل
عليه رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا: كيف كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرد
عليهم؟ قال: كان يشير إليهم، ورواه الحميد عين سفيان وقال:
كان يشير إليهم بيده.
وكذلك رواه هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر إلا أنه قال عن بلال.
وكان أبو عيسى الترمذي يقول: كلا الحديثين عندي صحيح قد رواه ابن عمر
عنهما جميعا.
1032 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرني يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن
بكير بن الأشج عن نابل صاحب العباء عن عبد الله بن عمر عن صهيب قال: مررت
برسول الله [صلى الله عليه وسلم] فسلمت عليه فرد إلي إشارة بأصبعه.
1033 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرني يحيى بن حسان عن الليث عن أبي الزبير عن
جابر بن عبد الله قال: بعثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لحاجته ثم أدركته وهو يسير فسلمت
عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني فقال:
' إنك سلمت علي آنفا وانا أصلي '.
وهو موجه / حينئذ قبل المشرق.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن الليث.
واحتج الشافعي رحمه الله في القديم بما روي عن مالك عن هشام بن عروة عن
فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت: دخلت على عائشة في كسوف الشمس والنبي [صلى الله عليه وسلم]
يصلي فقلت:
111

يا أم المؤمنين: ما شأن الناس؟
فأشارت بيدها إلى السماء فقالت: سبحان الله. فقلت آية؟ فأشارت برأسها
أن نعم.
1034 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن بن عبدوس قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك فذكره في حديث
طويل. إلا أنه لم يقل: برأسها.
اخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك. وروينا في
حديث أم سلمة في الركعتين بعد العصر إشارة النبي [صلى الله عليه وسلم] فيها بيده. وروينا في
حديث جابر إشارة النبي [صلى الله عليه وسلم] أن اجلسوا.
وروينا عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يشير في الصلاة بيده. وعن انس أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: كان يشير في الصلاة.
وروينا عن ابن عمر أنه قال: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم ولكن
يشير بيده. وحديث أبي غطفان عن أبي هريرة مرفوعا:
' ومن أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها ' لا يصح.
1035 - أخبرنا أبو عبد السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال لنا أبو
بكر بن أبي داود: أبو غطفان هذا رجل مجهول. وآخر الحديث يريد هذه اللفظة في
الإشارة زيادة في الحديث ولعله من قول ابن إسحاق والصحيح عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان
يشير في الصلاة رواه أنس وجابر وغيرهما.
قال أحمد:
وقد روى محمد بن سيرين في حديث ابن مسعود أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أومى برأسه حين
سلم عليه وكان محمد يأخذ به.
ورواية من روى في حديثه انه رد عليه السلام بعد فراغه من الصلاة في ثبوتها
نظر.
112

وحديث صهيب وبلال في قصة الأنصار بعد حديث ابن مسعود. والله أعلم.
/ قال الشافعي:
ومثل حمل الصبي ووضعه واحتج:
1036 - بما أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو القاسم علي بن
الحسين بن علي الطهماني وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن عامر بن عبد
الله عن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي بالناس وهو حامل امامة بنت زينب فإذا سجد وضعها وإذا
قام رفعها.
1037 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان قال حدثنا عثمان بن أبي سليمان وابن عجلان
عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي انه سمع أبا قتادة الأنصاري
يقول:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يؤم الناس وامامة بنت أبي العاص وهي [ابنة] زينب
بنت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على عاتقه فإذا ركع وضعها فإذا فرغ من السجود أعادها.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان عنهما.
1038 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أبو جعفر قال حدثنا المزني
قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم
الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي وهو حامل امامة بنت زينب بنت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهي لأبي العاص بنت ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام
حملها.
وقد رواه الربيع وهو منقول في موضعه.
113

اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وهكذا يقول مالك وإنما
هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس.
قال الشافعي:
ومثل التقدم من الموضع إلى الموضع في الصلاة.
1039 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس /
قال:
خسفت الشمس فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر الحديث قال فيه:
قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت في مقامك هذا شيئا ثم رأيناك كأنك
تكعكت. قال:
' إني رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو اخذته لأكلتم منه ما بقيت
الدنيا '.
وذكر الحديث وذلك يرد في موضعه إن شاء الله. وروينا في حديث عطاء عن
جابر بن عبد الله في صلاة الخسوف قال:
ثم تأخر في صلاته فتأخرت الصفوف معه ثم تقدم فتقدمت الصفوف معه.
1040 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد المعنى قالا: حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا
برد عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت فمشى ففتح لي
ثم رجع إلى مصلاه.
وذكر أن الباب كان في القبلة.
114

167 [باب]
قتل الحية والعقرب في الصلاة
قال الشافعي رحمه الله في القديم: أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن
يحيى بن كثير عن ضمضم عن أبي هريرة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر بقتل الأسودين في
الصلاة الحية والعقرب.
1041 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده. قال الشافعي
وأخبرنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يصلي فرأى ريشة فظن أنها
عقرب فضربها برجله.
1042 - أخبرناه يحيى بن محمد بن يحيى قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال
حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
168 - [باب]
دفع المار بين يدي المصلي
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري
عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان أحدكم / يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ويدرأ ما استطاع وإن أبى
فليقاتله فإنه شيطان '.
1043 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر الفقيه قال: حدثنا
115

عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرا على مالك فذكره بإسناده مثله إلا أنه قال:
وليدرأه '. وقال: ' فإنما هو شيطان '. رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى
عن مالك. واخرجاه من حديث صالح عن أبي سعيد. قال الشافعي في قوله:
' فليقاتله ' يعني فليدفعه.
1044 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن
الأسود عن أبي قال:
رأيت ابن مسعود إذا مر بين يديه رجل وهو يصلي التزمه حتى يرده.
169 - [باب]
الاختيار في سترة المصلي والدنو منها
1045 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن
نافع بن جبير بن مطعم عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة وغيره عن سفيان. قال:
ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وقال بعضهم عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد.
قال أحمد:
ورواه داود بن قيس عن نافع بن جبير مرسلا. والذي أقام إسناده حافظ ثقة.
قال الشافعي:
116

وأحب أن يستتر في الصلاة بمثل مؤخرة الرحل أو أكثر ويكون بينه وبين السترة
ثلاثة أذرع أو أقرب.
1046 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو
سعيد بن الاعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا عفان وسعيد بن
منصور قالا: حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن
أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] /:
' إذا كان بين أحدكم وبين القبلة مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء
ذلك '.
لفظ حديث عفان.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي الأحوص.
1047 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
أبو مسلم الأصبهاني إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال
حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثني أبي عن سهل بن سعد قال:
كان بين مصلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وبين الجدار ممر شاة.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبد العزيز.
170 - [باب]
الصلاة إلى العنزة أو العصا إن كان في صحراء
وما ورد في الخط
روى الشافعي رحمه الله في سنن حرملة عن سفيان عن عيينة عن مالك بن
مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالأبطح وخرج بلال
بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه. وقد ذكره في
117

رواية الربيع في كتاب الإمامة.
1048 - أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره بإسناده مثله.
وقد أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن مغول وغيره عن عون.
وفي رواية الزعفراني عن الشافعي أنه قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن
إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث العذري انه
سمع أبا هريرة يقول قال أبو القاسم [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يكن شيء فلينصب عصا فإن
لم يكن عصا فليخط خطا لا يضره ما مر بين يديه '.
1049 - أخبرناه أبو سعيد قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن
موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
قال: بشر سألت الحميدي عن الخط فأومى بمثل الهلال العظيم.
قال أحمد:
هذا حديث قد اخذ به الشافعي في القديم وفي سنن حرملة وقال / في كتاب
البويطي: ولا يخط المصلي بين يديه خطا إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع.
وإنما توقف الشافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن أمية
في أبي محمد بن عمرو بن حريث فقيل هكذا.
وقيل عن أبي عمرو محمد بن حريث عن جده. وقيل عن أبي عمرو بن حريث
عن أبيه. وقيل غير ذلك.
1050 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن بن عبدوس قال
سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت عليا - يعني ابن المديني - يقول: قال
118

سفيان في حديث إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث ثم شك فيه
فقال: أبو محمد بن عمرو أو أبو عمرو بن محمد قال سفيان كان جاءنا إنسان بصري
عتبة ذاك أبو معاذ فقال: إني لقيت هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل فسألته عنه
فخلطه: ولم نجد شيئا شد هذا الحديث ولم يجيء إلا من هذا
الوجه قال سفيان: وكان إسماعيل إذا حدث بهذا الحديث يقول: عندكم شيء تشدونه
به.
171 - [باب]
الصلاة إلى غير سترة
قال الزعفراني في كتاب القديم: قال أبو عبد الله أخبرنا مالك فذكر الحديث
الذي:
1051 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد قال
حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن
شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال:
صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمنى إلى غير جدار فجئت راكبا على حمار لي وأنا يومئذ قد
راهقت الاحتلام فمررت بين يدي بعض الصف فأرسلت فنزلت الحمار يرتع ودخلت
مع الناس فلم ينكر ذلك علي أحد.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك.
هكذا رواه مالك في الموطأ في كتاب المناسك ورواه في كتاب الصلاة كما:
1052 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس /
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن
عبد الله عن ابن عباس قال:
أقبلت راكبا على اتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي
بالناس فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت حماري يرتع ودخلت الصف
فلم ينكر ذلك علي أحد.
119

-
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي وعبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك. هكذا رواه مالك في كتاب
الصلاة لم يذكر فيه: ' إلى غير جدار '. وذكره في كتاب المناسك. قال الشافعي في
رواية أبي عبد الله: قول ابن عباس إلى غير جدار يعني - والله أعلم - إلى غير سترة.
1053 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن كثير بن كثير بن المطلب عن
بعض أهله عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي مما يلي باب بني
سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينه وبين الطواف سترة. استدل الشافعي بحديث
ابن عباس والمطلب على أن أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] المصلي بالدنو من السترة اختيار. وأمره
بالخط في الصحراء اختيار. وقوله: لا يفسد الشيطان عليه صلاته
أن يلهو ببعض ما يمر بين يديه فيصير إلى أن يحدث ما يفسدها لا بمرور ما يمر
بين يديه.
1054 - أخبرنا بذلك أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي فذكره أتم من ذلك.
1055 - أخبرنا أبو أحمد قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن
إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك انه بلغه أن سعدا بن أبي وقاص كان يمر
بين يدي الناس وهم يصلون. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعا إذا قامت الصلاة.
حكى الشافعي في القديم اعتراض من يعترض في هذا على مالك. ثم اخذ
في القديم عنه. واحتج بحديث المطلب وابن عباس وأشار إلى أن ذلك إنما قاله في
المرور بين يدي المتنفلين الذين عليهم قطع / النافلة للمكتوبة ولا يجد الداخل طريقا
غير الممر بين يديه.
120

172 - [باب]
مرور الحمار والكلب والمرأة بين يدي المصلي
لا يفسد عليه صلاته
1056 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد
الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: جئت أنا والفضل بن عباس على أتان ورسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي فمررنا على بعض الصف فنزلنا فتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
في الصلاة فلم يقل لنا شيئا. رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره
عن سفيان. وروينا عن الفضل قال:
أتانا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ونحن في بادية ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه
سترة وحمارة لنا وكلبة يعبثان بين يديه فما بالى ذلك.
1057 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي عن
يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن
الفضل بن عباس فذكره.
ورواه ابن جريج عن محمد بن عمر ببعض معناه.
1058 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن انس عن أبي النضر مولى
عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أنها قالت:
كنت أنام بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت
رجلي وإذا قام بسطها. قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
1059 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن
121

عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت:
كنت أنام معترضة في القبلة فصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا امامه حتى إذا أراد / أن
يوتر قال يتنحى.
وروى في كتاب حرملة حديث عروة بن عائشة ببعض هذا المعنى ثم ذكر من
الدلائل التي فيها أن لا بأس بالصلاة خلف النائم الذي لا يحتشم من المصلي خلفه
ولا يحتشم منه المصلي.
وأن النهي خلف النيام لحشمة النائم. وإنما أراد حديثا يروى عن محمد بن
كعب عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث '.
وهذا أمثل ما ورد فيه وهو مرسل قبل محمد بن كعب ويذكر من أوجه أخر كلها
ضعيف.
122

الجزء الثاني عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
173 - [باب]
من قال يقطعها
قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي رضي الله عنه:
1060 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
الأ صبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن حميد بن
هلال العدوي قال: سمعت عبد الله بن الصامت يحدث عن أبي ذر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار
والكلب الأسود '.
قال قلت: لأبي ذر: ما بال الأسود من الأحمر؟ فقال: يا ابن أخي سألت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] كما سألتني فقال:
' الكلب الأسود شيطان '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة.
1061 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في الجواب عن هذا: لا يجوز إذ روي حديث واحد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
123

' يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار '.
وكان مخالفا هذه الأحاديث وكان كل واحد منها أثبت منه ومعها ظاهر القرآن أن
تترك إن كان ثابتا إلا بأن يكون منسوخا حتى نعلم الآخر ولسنا نعلم الآخر أو يرد بأن
يكون غير محفوظ وهو عندنا غير محفوظ لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] / صلى وعائشة بينه وبين
القبلة وصلى وهو حامل امامة يضعها في السجود ويرفعها في القيام ولو كان ذلك يقطع
صلاته لم يفعل واحدا من الأمرين.
وصلى إلى غير سترة وكل واحد من هذين الحديثين يرد ذلك الحديث قال وقضا
الله أن لا تزر وازرة وزر أخرى. والله أعلم.
يدل على أنه لا يبطل عمل رجل عمل غيره وأن يكون سعى كل لنفسه وعليها.
فلما كان هذا هكذا لم يجز أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره.
قال أحمد:
هذا الحديث صحيح إسناده ونحن نحتج بأمثاله في الفقهيات وإن كان البخاري
لا يحتج به وله شواهد عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد اشتغل بتأويله في
رواية حرملة وهو به أحسن.
1062 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد الدارمي قال حدثنا
عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا حرملة سمعت الشافعي يقول في
تفسير حديث النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار '.
قال يقطع الذكر الشغل بها والالتفات إليها لا انه يفسد الصلاة.
وذكر معناه في سنن حرملة وقواه واحتج بحديث عائشة وابن عباس والذي يدل
على صحة هذا التأويل أن ابن عباس أحد رواه قة ع الصلاة بذلك ثم روي عن ابن
عباس انه حمله على الكراهة وذلك فيما:
1063 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا
124

محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى بن عبيد قال حدثنا سفيان عن سماك عن
عكرمة قال قيل لابن عباس: أتقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار؟ فقال:
(إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فما يقطع هذا ولكن يكره.
وروينا عن عثمان وعلي وابن عمر وعائشة وغيرهم: لا يقطع الصلاة شيء مما
يمر بين يدي المصلي وروينا عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يقطع الصلاة شيء وادرأ ما استطعت فإنه شيطان '.
174 - [باب]
مسح الوجه من التراب
/ حكى الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال:
لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يتشهد ويسلم.
وبه أخذ ابن أبي ليلى.
قال:
وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم انه كان يمسح التراب عن وجهه في
الصلاة قبل أن يسلم. وكان أبو حنيفة لا يرى بذلك بأسا.
قال الشافعي:
ولو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي.
قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري أنه قال: فأبصرت عيناي
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى
وعشرين.
125

وكان الحميدي يحتج بهذا في أن لا يمسح المصلي الجبهة في الصلاة.
وروي عن ابن بريدة مرة عن ابن مسعود من قوله. ومرة عن أبيه مرفوعا:
' أربع من الجفاء ' فذكر منهن ' مسح الرجل التراب عن وجهه في صلاته '.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا.
ولا يصح فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيء إلا حديث أبي سعيد الذي احتج به الحميدي
وحمل سعيد بن جبير قوله:
* (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) *.
على ندى الطهور وثرى الأرض.
وانكر عبد الله بن عمر وأبو الدرداء والسائب بن يزيد: الأثر الذي يكون بالجبهة
من شدة مسحها بالأرض وكرهوا ذلك.
وروينا عن معيقيب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال في الرجل يسوي التراب حتى يسجد قال:
' [إن] كنت فاعلا فواحدة '.
ورأى سعيد بن المسيب رجلا يعبث بالحصا فقال: لو خشع قلبه خشعت
جوارجه.
واستحب الشافعي في كتاب البويطي: أن ينظر المصلي في صلاته إلى موضع
سجوده قال:
وإن رمى بصره أمامه كان خفيفا والخشوع أفضل ولا يلتفت في صلاته يمينا ولا
شمالا.
وهذا لما روينا عن أنس وأبي هريرة وجابر بن سمرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في كراهية
رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
126

وعن عائشة: انها سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الالتفات / في الصلاة فقال:
' هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد '.
وروينا عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى عن التخصر في الصلاة.
وهو أن يضع يده على خاصرته.
وروينا عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا تثائب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل '.
وروينا عن أبي هريرة وغيره عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا صلى أحدكم فلا يبزق بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره '.
قال في رواية طارق بن عبد الله:
إن كان فارغا أو تحت قدميه.
قال في رواية أبي هريرة وغيره:
' وإلا بزق في ثوبه فدلكه '.
وأمر بدفنها في حديث أبي هريرة. وبدلكها في نعله اليسرى في حديث ابن
الشخير.
وقال في حديث انس:
' البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها ' وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث
127

مع غيرها في كتاب السنن من أرادها رجع إليها. وإنما نروي هاهنا ما أسنده الشافعي
أو أشار إليه أو أبو بعض ما يكون تأكيدا لما أورده وبالله التوفيق.
175 - [باب]
انصراف المصلي
1064 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر
الحارثي قال سمعت أبا هريرة يقول:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] ينحرف من الصلاة عن يمينه وعن شماله.
1065 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن سليمان بن مهران عن عمارة
عن الأسود عن عبد الله قال لا يجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزاء يرى أن حتما
عليه أن لا ينفتل إلا عن يمينه '.
فلقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أكثر ما ينصرف عن يساره.
أخرجاه في الصحيح من حديث سليمان بن مهران الأعمش قال الشافعي في
رواية أبي سعيد في المصلي ينصرف حيث أراد لا اختيار في ذلك أعلمه لما روي
أن / النبي [صلى الله عليه وسلم] كان ينصرف عن يمينه وعن يساره وإن لم يكن له حاجة في ناحية
أحببت أن يكون توجهه عن يمينه لما كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يحب من التيامن غير مضيق عليه
في شيء من ذلك.
128

قال أحمد:
قد مضى حديث عائشة في التيامن.
وروينا عن السدي انه سأل أنس بن مالك عن ذلك فقال: أما أنا فأكثر ما رأيت
النبي [صلى الله عليه وسلم] ينصرف عن يمينه.
176 - [باب]
من فاته مع الإمام شيء من الصلاة
فما أدرك أول صلاته
قال الشافعي:
وذلك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم '. وقد مضى إسناده
فيما مضى.
وذكر الشافعي وجه الاحتجاج به ثم قال: وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا نودي للصلاة فلا تأتوها تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم
فصلوا وما فاتكم فأتموا '.
وذكر وجه الاحتجاج به.
1066 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي فذكر هذا الكلام.
1067 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن خالد بن خلي قال حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه عن
الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقول:
' إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم
129

فصلوا وما فاتكم فأتموا '.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان عن شعيب واخرجه مسلم من حديث
يونس بن أبي يزيد عن الزهري كذلك.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب
وأبي سلمة. واخرجه مسلم من حديث إبراهيم بن سعد عن الزهري عنهما كذلك
' فأتموا '.
وكذلك رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ورواه ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فقال في /
حديثه فاقضوا.
قال مسلم بن الحجاج أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة.
قال أحمد:
ورواه سعد بن إبراهيم في إحدى الروايتين عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة
' فاقضوا '.
وبمعناه رواه محمد بن سيرين أبو رافع عن أبي هريرة.
ورواه همام بن منبه عن أبي هريرة وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة
وعبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة ' فأتموا '.
ومن أصح الروايات عن أبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ' فأتموا '.
وكذلك في رواية ابن مسعود وانس.
وروينا عن الحارث عن علي أنه قال:
' ما أدركت فهو أول صلاتك '.
130

وبإسناد صحيح عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مثله.
ورواه ربيعة عن عمر بن الخطاب وأبي الدرداء. وقتادة عن علي.
وروينا عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن بن سيرين وأبي قلابة
وهو قول الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز.
177 - [باب]
الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام
1068 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن
رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن انه كان في مجلس مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأذن بالصلاة فقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى ومحجن في مجلسه فقال له
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم '.
قال: بلى يا رسول الله ولكني كنت قد صليت في أهلي فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت ' هكذا قاله مالك بن أنس
وجماعة عن زيد بن أسلم.
قال البخاري:
حدثنا أبو نعيم قال قال سفيان: بشر. قال أبو نعيم: بلغني انه رجع عنه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأبي سعيد لم يخص النبي [صلى الله عليه وسلم] صلاة دون
صلاة ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي [صلى الله عليه وسلم] جملة وانه بلغنا أن الصلاة
131

التي أمر النبي
[صلى الله عليه وسلم] الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح قال في القديم ورواه أيضا
هشيم فذكر الحديث الذي حدثنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي قال أخبرنا أبو
سهل الإسفرائيني قال حدثنا داود بن الحسين البيهقي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال
أخبرنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال:
شهدت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجة فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف
فلما قضى الصلاة انحرف فإذا هو برجلين في آخر المسجد ما شهدا معه الصلاة
فقال:
' علي بهما ' فأتي بهما ترعد فرائصهما فقال:
' ما منعكما أن تصليا معنا '.
قالا: يا رسول الله كنا صلينا في رحالنا. قال: ' فلا تفعلا إذا صليتما في
رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة '.
قال أحمد:
هكذا رواه سفيان وشعبة عن يعلى بن عطاء.
وأخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث شعبة.
قال الشافي في القديم في احتجاج من احتج بحديث يعلى بن عطاء في أن
المكتوبة هي الأولى. هذا إسناد مجهول.
وهذا الحديث بين أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمرهما أن يعيدا الصبح وهو يقول: لا يعاد
الصبح. فإن كانت فيه حجة فهي عليه وإنما قال هذا لأن يزيد بن الأسود ليس له راو
غير ابنه ولا لجابر بن زيد راو غير يعلى بن عطاء ويعلى بن عطاء لم يحتج به بعض
الحفاظ.
132

وكان يحيى بن معين وجماعة من الأئمة يوثقونه.
وهذا الحديث له شواهد منها:
حديث محجن ومنها:
1069 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران
الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' كيف أنت إذا كانت عليك امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها - أو قال - يميتون
الصلاة عن وقتها '.
قال قلت: فما تأمرني؟ قال:
' صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة '.
رواه مسلم / في الصحيح عن أبي الربيع واخرجه من حديث أبي العالية عن
عبد الله بن الصامت عن أبي ذر وقال فيه: ' فإن أدركتك معهم فصل ولا تقل إني قد
صليت فلا أصلي '.
وفي رواية أخرى عنه: ' واجعلوا صلاتكم معهم نافلة '.
واخرجه من حديث أبي نعامة عن عبد الله عن أبي ذر قال فيه: ' ثم إن أقيمت
الصلاة فصل معهم فإنها زيادة خير '.
قال أحمد:
ويشبه أن يكون المراد به تأخيرها عن أول الوقت ثم قد تدركه إقامة الصلاة في
آخر الوقت وبعده.
ولم يفرق في الإعادة بين أن يقيموا لها قبل خروج الوقت أو بعده والله أعلم.
قال أحمد:
وقد روينا عن نوح بن صعصعة عن يزيد بن عامر قال: جئت والنبي [صلى الله عليه وسلم] في
133

الصلاة فجلست. فذكر قصة وقال فيها: فقال:
' إذا جئت الصلاة فوجدت الناس فصل معهم وإن كنت قد صليت فلتكن لك
نافلة وهذه مكتوبة '.
1070 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا قتيبة قال حدثنا معن بن عيسى عن سعيد بن السائب قال نوح بن
صعصعة فذكره.
وهذا يوافق حديث بن الأسود في إعادة الصلاة ويخالفه في المكتوبة منهما.
وحديث يزيد بن الأسود أشهر ومعه حديث أبي ذر من الوجه الذي بينا.
وقد نص الشافعي في كتاب الجمعة وسنن حرملة على أن الصلاة مع الجماعة
نافلة.
واحتج في سنن حرملة بحديث هشيم وكأنه عرف صحة إسناده فذهب إليه:
وقال فيما ألزم مالكا قد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب انهما أمرا من
صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام.
وقال السائل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى
الله.
وروي عن أبي أيوب الأنصاري انه أمر بذلك وقال: من فعل ذلك فله سهم
جمع أو مثل سهم جمع.
1071 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد
الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال
وحدثنا القعنبي / فيما قرأ على مالك عن نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال
134

إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه؟
فقال عبد الله بن عمر: نعم فصل معه.
فقال رجل: فأيتهما أجعل صلاتي؟
فقال له عبد الله بن عمر: أو ذلك إنما إليك ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء.
وبإسناده قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا سأل سعيد بن المسيب
فقال: إني أصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه؟ فقال
سعيد: نعم.
قال الرجل: فأيتهما أجعل صلاتي؟.
فقال سعيد: وأنت تجعلهما إنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء.
وبإسناده قال حدثنا مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن رجل من بني أسد
انه سأل أبا أيوب الأنصاري فقال: إني أصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام
يصلي أفأصلي معه؟
فقال أبو أيوب نعم من صنع ذلك كان له سهم جمع أو مثل سهم جمع.
قال أحمد:
قد رويناه عن بكير بن الأشج عن عفيف بمعناه مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم].
ويذكر عن ابن عمر انه سئل عن إعادة الصلاة فقال: المكتوبة الأولى كأنه بلغه
في ذلك ما لم يبلغه حين توقف فيه.
وهذا من ابن عمر دلالة على أن الذي روى عمرو بن شعيب عن سليمان بن
مولى ميمونة عن ابن عمر من قوله: إني قد صليت. إني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' لا صلاة مكتوبة في يوم مرتين '.
إن صح ذلك فإنما أراد به كلتاهما على وجه الفرض أو إذا صلى في جماعة فلا
135

يعيدها أخرى والأول أصح.
1072 - فقد أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال حدثنا أبو الحسن
أحمد بن جعفر بن أبي توبة الصوفي بشير.
أو قال اخبر أبو بكر محمد بن الفضل بن حاتم الآملي قال حدثنا عبد الله بن
معاوية الجمحي البصري قال حدثنا وهيب بن خالد قال أخبرني سليمان الأسود
الناجي قال حدثني أبو المتوكل الناجي قال حدثني أبو سعيد الخدري قال: صلى بنا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الظهر فدخل رجل من أصحابه فقام يصلي الظهر فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]: يا
فلان / ما حبسك عن الصلاة) فعتل بشيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ' فقام رجل ممن صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فصلى معه.
وروينا عن الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا في هذا الخبر:
فقام أبو بكر فصلى معه وقد كان صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروينا عن أبي موسى الأشعري وأنس بن مالك أنهما فعلا ذلك وكانا قد صليا
بالجماعة.
1073 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول:
من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما.
قال الربيع في رواية أبي سعيد فقلت للشافعي: فأنا نقول يعيد كل صلاة إلا
المغرب فإنه إذا عادلها صارت شفعا فبين الشافعي خلافهم للحديث جملة وخلافهم
ابن عمر وابن المسيب فيما روينا ثم قال:
وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا وكيف يصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام
وأطال الكلام في هذا.
قال أحمد:
136

ودعوى من أدعى النسخ في هذه الأخبار بأخبار النهي عن صلاة النفل بعد
الصبح والعصر باطلة لا يشهد له بها تاريخ ولا سبب يدل على الناسخ منهما.
والجمع بين الاخبار إذا أمكن الجمع أولى من ابطال ما لا يوافق مذهبه.
وبالله التوفيق.
178 - [باب]
صلاة المريض
1074 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
قال الله تبارك وتعالى:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) *.
فقيل والله أعلم * (قانتين) *: مطيعين.
1075 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو منصور النضروي قال أخبرنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن
عباية بن رفاعة في قوله:
* (وقوموا لله قانتين) *.
قال مطيعين.
1076 - أخبرنا أبو إسحاق الإمام قال أخبرنا عبد الخالق بن الحسن قال حدثنا
عبد الله بن ثابت قال حدثني أبي عن الهذيل / عن مقاتل بن سليمان في قوله:
* (وقوموا لله قانتين) *.
137

يقول: قوموا في صلاتكم لله مطيعين وذلك أن أهل الأديان يقومون في صلاتهم
عاصين فقال الله قوموا أنتم لله مطيعين.
قال الشافعي:
وأمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالصلاة قائما وإنما خوطب بالفرائض من اطاقها.
فإذا لم يطق القيام صلى قاعدا فإن لم يطق صلى مضطجعا.
1077 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
إبراهيم بن إسحاق الأنماطي قال حدثنا أبو همام قال حدثنا أبن المبارك عن إبراهيم بن
طهمان عن حسين المكتب عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال: كان بي
بواسير فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' صل قائما فإن لم تستطع فجالسا فإن لم تستطع فعلى جنب '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان عن عبد الله بن المبارك.
1078 - أخبرنا أبو سعيد في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي [صلى الله عليه وسلم]،
خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر
الناس وهو قائم.
1079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد
يقول حدثني أبن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر أبا بكر
يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي [صلى الله عليه وسلم] بعض الخفة فقام يفرج الصفوف
قال: وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف انه لا
يتقدم ذلك المقعد إلا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فخنس وراءه إلى الصف فرده [صلى الله عليه وسلم] مكانه فجلس
138

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى جنبه وأبو بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر / قال: أي رسول الله
أراك أصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر [الناس] الفتن وقال:
' إني والله لا يمسك الناس علي بشيء إني لا أحل إلا ما أحل الله في
كتابه ولا احرم إلا ما حرم الله في كتابه. يا فاطمة بنت رسول الله. يا صفية عمة
رسول الله إعملا لما عند الله فإني لا أغني عنكما من الله شيئا '.
قال أحمد:
الصلاة التي أم فيها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أبا بكر وهو قاعد وأبو بكر قائم يسمع الناس
تكبيرة الإحرام صلاة الظهر وذلك بين في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
عائشة:
والصلاة التي صلاها آخرا هي صلاة الصبح وكان قد سبقه أبو بكر بركعة فصلى
خلفه الركعة الثانية وهو قاعد.
وذلك بين في مغازي موسى بن عقبة ودل على ذلك حديث حميد عن ثابت عن
انس. والله أعلم.
قال الشافعي:
ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه.
وروي في القديم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء:
أن ابن عمر عاد ابن صفوان فحضرت الصلاة فرآه يصلي على شيء فقال له:
إن استطعت أن تضع وجهك على الأرض فافعل وإلا فأوم إيماء.
1080 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
139

سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان
يقول:
إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء ولم يرفع إلى جبهته شيئا.
كذلك رواه جماعة عن نافع غعن ابن عمر موقوفا
ورواه عبد الله بن عامر الأسلمي عن نافع مرفوعا وليس بشيء.
قال الشافعي:
وإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله.
1081 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قال:
رأت أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] تسجد على وسادة من أدم من رمد بها.
قال أحمد:
وهذا في / وسادة لاصقة بالأرض.
1082 - وقد أخبرنا أبو سهل محمد بن نصرويه المروزي قال أخبرنا أبو بكر
محمد بن أحمد بن خنب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب.
1083 - وأخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إسماعيل البزار بالطابران قال
حدثنا أبو الأحرز محمد بن عمرو بن جميل الأزدي قال حدثنا أبو بكر يحيى بن جعفر هو ابن أبي طالب قال أخبرنا أبو بكر الحنفي قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير
عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ
عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال:
' صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم ايماء واجعل سجودك اخفض من
ركوعك لفظ حديث أبي سهل.
140

وفي رواية أبي النضر: ' إن أطقت أن تصلي على الأرض وإلا '.
هذا الحديث يعد في إفراد أبي بكر الحنفي وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن
الثوري.
وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته ويحتمل في وسادة موضوعة
مرتفعة عن الأرض جدا. والله أعلم.
179 - [باب]
كيفية القعود في موضع القيام
1084 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين قال أخبرني الهيثم سمع ابن مسعود يقول:
لأن اجلس على الرضف أحب إلي من أن اتربع في الصلاة.
قال الشافعي:
وهم يقولون قيام صلاة الجالس التربع ونحن نكره ويكره ابن مسعود من تربع
الرجل في الصلاة.
كذا قال في هذا الكتاب.
وقال في كتاب البويطي:
ومن لم يطق الصلاة قائما من علة صلى جالسا متربعا في موضع القيام وكيف
أمكنه.
1085 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا صاحب لنا ثقة يقال له:
عقبة أخو سعيد يعني بن عبيد الطائي قال رأيت أنس بن مالك يصلي متربعا.
وروي من أوجه عن / أنس.
141

وروي عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ويحتمل أن يكون قول ابن مسعود واردا في الجلوس الذي ليس يبدل عن
القيام. والله أعلم.
180 - [باب]
الوقوف عند آية الرحمة وآية العذاب
قال الشافعي في القديم:
أحب للإمام إذا قرأ آية الرحمة أن يقف فيسأل الله ويسأل الناس وإذا قرأ آية
العذاب أن يقف فيستعيذ ويستعيذ الناس.
بلغنا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه فعل ذلك.
1086 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد
الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الأعمش
عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة قال:
صليت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة فمضى
فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها
يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ فيها تعوذ ثم
ركع فجعل يقول:
' سبحان ربي العظيم '.
فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال:
' سمع الله لمن حمده '.
ثم قام قياما طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال: ' سبحان ربي الأعلى '.
فكان سجوده قريبا من قيامه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.
142

وروينا عن عائشة وعن عوف بن مالك الأشجعي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] معناه في آية
الرحمة وآية العذاب.
1087 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير أن
عليا قرأ في الصبح ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * فقال:
' سبحان ربي الأعلى '.
قال الشافعي:
وهم يكرهون هذا ونحن نستحب هذا.
ويروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] شيئا يشبهه فكأنه أراد ما روينا في حديث حذيفة أو أراد ما
روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا قرأ: * (سبح اسم ربك الأعلى) * قال: ' سبحان ربي الأعلى '.
إلا أنه مختلف في رفعه وفي إسناده. والله أعلم.
وروينا في حديث إسماعيل بن أمية عن الأعرابي عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' من قرأ منكم ب * (التين والزيتون) * فانتهى إلى آخرها * (أليس الله بأحكم الحاكمين) * فليقل: وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ: * (لا أقسم بيوم القيامة) *
فانتهى إلى * (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) * فليقل: بلى ومن قرأ:
* (المرسلات) * فبلغ * (فبأي حديث بعده يؤمنون) * فليقل: آمنا به '.
181 - [باب]
وقوف المرأة بجنب الإمام أو بجنب بعض الصف
في صلاة واحدة أو في غيرصلاة
قال الشافعي:
143

لا يفسدن على الرجال ولا على أنفسهن الصلاة واستدل بحديث أبي قتادة أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو حامل امامة بنت أبي العاص.
قال: وأخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها
قالت: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة.
1088 - أخبرناه أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة فذكره.
اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
قال الشافعي في القديم:
وأخبرنا ابن عيينة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
كان يصلي في بيت أم سلمة وفي البيت غلام وجارية فأراد الغلام أن يمر فأشار
إليه فارتد وأرادت الجارية أن تمر فأشار إليها فمرت فلما قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاته
قال:
' أنتن اعصى '.
قال الشافعي:
فإن كانت لا تقطع الصلاة وليست فيها لم تقطعهما وهي فيها وما تكون أبدا خير
منها حين تصلي ولا أقرب من الله.
وذكر الشافعي احتجاجهم بما روي عن عمر أنه قال:
اجعل بينك وبينها ثوبا.
ثم قال: ليس بمعروف عن عمر ولو كان معروفا لم يكن لهم فيه حجة إنما قال:
أصلي من الليل فهذا يكون على النافلة.
قال اجعل بينك وبينها ثوبا / ليلا بيقين والله أعلم.
ولو كان في صلاة واحدة علمه عمر أن تكون خلفه لا إلى جنبه ولكنهما كأنهما
144

في صلاتين متفرقتين وإن كان هذا ثابتا لم تكون صلاته فاسدة ولم يخبره عمر في
قولكم انه أن لم يفعل فسدت صلاته وقد جاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الأمر بالسترة في الصلاة
والتشديد فيها.
فلما لم نقل تفسد صلاة من لم يستتر أحببنا له ما أمر به ولم نفسد عليه أن صنع
وأطال الكلام في شرح هذا.
والحديث عندنا عن عفيف بن الحارث الكندي قال: سألت عمر بن الخطاب
قال قلت:
إنا نبدوا فنكون في الابنية فإن خرجت قررت وإن خرجت امرأتي قرت.
فقال عمر: اقطع بينك وبينها ثوبا ثم ليصل كل واحد منكما.
وقال الشافعي:
وتعليم عمر له لو كان هذا بينا أن تقف وراءه ألزم ولم يقله له فذلك يدل على
أنهما ليسا في صلاة واحدة.
182 - [باب]
سجود القرآن
قال الشافعي في القديم:
قال مالك في القرآن إحدى عشر سجدة ليس في المفصل منها شيء.
قال الشافعي:
أخبرنا الثقة عن ابن أبي حبيب عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن
يسار عن زيد بن ثابت قال: قرأت عند النبي [صلى الله عليه وسلم] ' النجم ' فلم يسجد فيها.
قال: وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:
سجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في ' النجم ' ثم ترك.
145

قال: وأخبرنا بعض أصحابنا عن يونس عن الحسن قال: سجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
في ' النجم ' بمكة ثم تركه بالمدينة.
قال: وأخبرنا من لا أتهم عن إسحاق بن حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
عن ابن عباس قال: في القرآن إحدى عشرة سجدة.
قال وأخبرنا من سمع داود بن قيس القراء يذكر عن عطاء بن يسار قال:
سألت أبي بن كعب فقال: ليس في المفصل سجدة.
قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله:
وأبي بن كعب وزيد بن ثابت في العلم بالقرآن كما لا يجهل أحد.
زيد بن ثابت قرأ على النبي [صلى الله عليه وسلم] عام مات وقرأ أبي على النبي
مرتين وقرأ
ابن عباس على أبي وهم من لا يشك إن شاء الله انهم لم يقولوه إلا بالإحاطة مع قول
من لقينا من أهل المدينة.
وكيف يجهل أبي بن كعب سجود القرآن وقد بلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لأبي: ' إن
الله امرني أقرئك القرآن '.
وابن عباس قرأ القرآن على أبي بن كعب.
قال أحمد:
وقد روى أبو قدامة الحارث بن عبيد عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحولت إلى المدينة.
1089 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه
146

ببغداد قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا أبو قدامة
فذكره.
قال أحمد البيهقي:
وأبو قدامة الحارث بن عبيد مختلف في عدالته.
والحكم في هذا لمن شاهد وشهد وقد ذكر الشافعي في القديم حديث أبي
هريرة في سجود النبي [صلى الله عليه وسلم] في:
* (إذا السماء انشقت) *.
واستحب السجود فيها واستحب السجود في:
* (اقرأ باسم ربك) *.
على الاحتياط فيهما وإرادة الأخذ بالخط وانه فعل خير لم يرد به خلاف سنة ولا
اثر.
والله أعلم.
ثم قطع الشافعي في الحديث بإثبات السجود في المفصل في رواية المزني
وفي مختصر البويطي والربيع وابن أبي الجارود.
183 - [باب]
السجود في ' إذا السماء انشقت
1090 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد
مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قرأ لهم:
147

رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك وأخرجه البخاري ومسلم
من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة.
1091 - وأخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال
أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا / المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي قال أخبرنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
أبي هريرة أن رآه يسجد في * (إذا السماء انشقت) *.
قال أبو سلمة فلما انصرف قلت له: سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون
فيها قال:
لو أني لم أر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسجد فيها لم أسجد.
1092 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن
أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث عن أبي هريرة قال:
سجدنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في:
* (إذا السماء انشقت) *.
قال أحمد:
وكذلك رواه علي بن المديني وغيره عن سفيان بن عيينة وزعم محمد بن يحيى
الذهلي أن ابن عيينة وهم فيه وإنما روى الناس عن يحيى بهذا الإسناد حديث
الإفلاس.
1093 - أخبرنا به أحمد بن الحسن قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال قال محمد بن يحيى فذكره.
1094 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر
محمدا أن يأمر القراء [أن] يسجدوا في:
148

* (إذا السماء انشقت) *.
قال أحمد:
محمد هذا هو محمد بن قيس القاص وكان قد وقع في الكتاب محمد بن
مسلم.
184 - [باب]
السجود في ' اقرأ باسم ربك '
1095 - أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال أخبرنا محمد بن
عمرو الرزاز قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى
عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة قال:
سجدنا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في:
* (إذا السماء انشقت) *.
وفي: * (اقرأ باسم ربك) *.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
185 - [باب]
السجود في ' النجم '
روينا عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس والمطلب بن أبي وداعة سجود
النبي [صلى الله عليه وسلم] فيها.
وروى الشافعي بإسناده عن أبي هريرة / وذلك يرد.
1096 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
الأعرج: أن عمر بن الخطاب قرأ:
* (والنجم إذا هوى) *.
149

فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
1097 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي قال: عزائم
السجود: * (ألم تنزيل) *، * (حم تنزيل) *، ' النجم '، * (اقرأ باسم ربك) * وكذلك رواه
سعيد بن منصور عن هشيم وكذلك رواه الثوري عن عاصم بن بهدلة ورواه مسلم بن
إبراهيم وجماعة عن شعبة عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود.
186 - [باب]
السجود في ' سورة الحج '
1098 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر رضي الله عنه سجد
في ' سورة الحج ' سجدتين.
1099 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد
الله بن ثعلبة بن صعير أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ ' سورة الجج '
وسجد فيها سجدتين.
هكذا وقع في إسناد هذا الحديث في كتاب الربيع.
ورواه في القديم في رواية الزعفراني عنه فقال:
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عون عن
عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال: صليت خلف عمر بن الخطاب بالجابية فقرأ في الفجر
' بسورة الحج ' فسجد فيها سجدتين.
وهذا أصح. وقد رواه شعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم بإسناده ومعناه.
1100 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه سجد في ' سورة
الحج ' سجدتين.
150

قال أحمد:
هذا غريب ليس في الموطأ الذي عندنا والحديث / محفوظ عن نافع عن ابن عمر
من غير جهة مالك.
رواه عبد الله بن عمر وبكير بن الأشج وغيرهما عن نافع عن ابن عمر.
ورواه الشافعي في القديم عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت ابن عمر
سجد في ' سورة الحج ' سجدتين. وهذا في الموطأ.
1101 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره قال الشافعي في القديم:
أخبرنا بعض أصحابنا عن عاصم عن أبي العالية أن ابن عباس سجد في
' الحج ' سجدتين.
1102 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال
حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن عاصم
الأحول عن أبي العالية عن ابن عباس قال:
في ' سورة الحج ' سجدتان.
قال أحمد:
تابعه سفيان الثوري عن عاصم وقال فيه:
فضلت هذه السورة بسجدتين.
وهذا لا يترك بما روى عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
أنه قال في سجود الحج الأولى عزمة والأخرى تعليم.
فإن عبد العلي هذا ضعيف ويجوز أن يكون تعليما ويسجد عندها كآخر
' النجم ' وآخر * (اقرأ باسم ربك) * والمراد به أن صح بيان ما في الأخرى من زيادة
الفائدة. والله أعلم.
151

قال الشافعي:
وقال عمر: إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
1103 - أخبرناه علي بن محمد بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد
الصفار قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا ابن نمير عن عبيد الله بن عمر
عن نافع قال أخبرني رجل من أهل مصر صلى مع عمر بن الخطاب الفجر بالجابية
فقرأ السورة التي يذكر فيها الحج فسجد فيها سجدتين.
قال نافع فلما انصرف قال إن هذه السورة فضلت بأن فيها سجدتين.
وكان ابن عمر يسجد فيها سجدتين.
وهذه الرواية إن كانت عن رجل من أهل مصر فقد اكدها الشافعي برواية ابن
صعير وهي موصلة وكل واحدة منهما تشهد لصاحبتها بالصحة.
1104 - وقد / أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا إبراهيم بن منقذ المصري قال حدثني إدريس بن يحيى عن بكر بن مضر
عن شجرة بن عبد الله أبي محمد انه سمع أبا عبد الرحمن المهري انه سجد مع
عمر بن الخطاب في ' سورة الحج ' سجدتين.
هذا إسناد موصول مصري.
ويشبه أن يكون الذي روي عن نافع أبو عبد الرحمن المهري هذا.
1105 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وبهذا نقول وهو قول العامة فيما بلغه عن هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن
أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال كان يسجد في الحج سجدتين.
قال الشافعي:
وبهذا نقول وهو قول العامة قبلنا ويروى عن عمر. وابن عمر. وابن عباس.
وهم ينكرون السجدة الآخرة في ' الحج ' - يعني العراقيين -.
قال: وهذا الحديث عن علي ويخالفونه.
152

قال أحمد:
وقد روينا عن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى الأشعري وأبي
الدرداء انهم:
سجدوا في سورة الحج سجدتين.
وروينا عن خالد بن معدان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' فضلت ' سورة الحج ' على القرآن بسجدتين '.
وهذا المرسل إذا انضم إلى رواية ابن لهيعة صار قويا.
1106 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا أبو زكريا السيلحيني قال حدثنا ابن لهيعة عن مشرح
عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
فضلت ' سورة الحج ' بسجدتين فمن لم يسجد فيهما فلا يقرأهما '
وروينا عن عمرو بن العاص أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن
منها: ثلاثة في المفصل وفي ' سورة الحج ' سجدتان.
1107 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا نافع بن يزيد
قال أخبرني الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين / عن عمرو بن العاص
فذكره.
187 - [باب]
السجود في ' ص '
1108 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن
153

النبي [صلى الله عليه وسلم]: انه سجدها يعني في (ص ~).
قال في القديم: واحتج في (ص ~) بحديث رواه سفيان عن أيوب عن عكرمة عن
ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: سجد في (ص ~) وليست من عزائم السجود.
قال الشافعي:
وابن عباس روى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد فيها.
إن كان رواه واخبر انها ليست من العزائم وهذا لا يكون إلا بعد علم أنها تركت
أو سجدت على نحو سجود الشكر وابن عباس اعلم بما روي من الذي يحتج بهذا
علينا.
قال أحمد:
وإنما توقف الشافعي في صحة حديث ابن عباس هذا لأن رواية عكرمة وكان
مالك لا يرضاه واختلف الحفاظ في شأنه فاحتج به البخاري ولم يحتج به مسلم.
وهذا الحديث قد اخرجه البخاري في الصحيح من حديث حماد ووهيب عن
أيوب وقد روى مجاهد عن ابن عباس انه كان يسجد في (ص ~) وتلا هذه الآية:
* (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * قال فكان داود النبي عليه السلام
ممن أمر نبيكم أن يقتدي به.
1109 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن أحمد المحبوبي قال
أخبرنا سعيد بن مسعود قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب.
1110 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال أخبرنا
أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين
والعوام عن مجاهد عن ابن عباس فذكره.
وقد اخرجه البخاري من حديث يزيد بن هارون وغيره عن العوام.
وروينا عن عمرو. عثمان. وابن عمر انهم سجدوا في (ص ~).
وروينا عن عمر بن الخطاب انه سجد فيها في الصلاة.
154

1111 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى / بن أبي طالب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد العزيز بن المختار عن
عبد الله بن مروز عن أبي رافع قال: صليت مع عمر الصبح فقرأ ب (ص ~) فسجد
فيها.
1112 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن بكر بن
عبد الله المزني قال: جاء رجل إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
رأيت كأن رجلا يكتب القرآن فلما مر بالسجدة التي في (ص ~) سجدت شجرة
فقالت:
اللهم أعظم بها اجرا واحط بها وزرا واحدث بها شكرا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نحن أحق بالسجود من الشجرة '.
فسجدها وأمر بالسجود.
هذا منقطع.
ورواه حميد الطويل عن بكر بن عبد الله قال أخبرني مخبر عن أبي سعيد قال:
رأيت في المنام كأني أقرأ سورة (ص) فلما اتيت على السجدة سجد كل شيء رأيت
الدواب والقلم واللوح فغدوت على النبي [صلى الله عليه وسلم] فأخبرته فأمرني بالسجود فيها.
1113 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
يوسف بن يعقوب قال حدثنا مسدد قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حميد الطويل فذكره.
وروي عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن جريج عن عبيد
الله عن ابن عباس بمعنى حديث عاصم إلا أنه لم يذكر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر بالسجود فيها
إنما ذكر سجوده فيها.
قال الشافعي في كتابه القديم:
155

وقد بلغنا عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شبيه بقولنا.
قال الشافعي:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن ذر عن أبيه قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' سجدها داود عليه السلام لتوبة ونسجدها نحن شكرا '. يعني (ص ~).
1114 - أخبرناه الشيخ أبو الفتح العمري الإمام قال أخبرنا أبو الحسن بن فراس
قال حدثنا أبو محمد بن المقري قال حدثنا جدي قال حدثنا سفيان فذكره.
وهذا مرسل وقد روي موصولا من أوجه عن عمر بن ذر عن أبيه عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس وليس بالقوي.
1115 - أخبرنا / أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي عن ابن عيينة عن عبدة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود انه
كان لا يسجد في (ص ~) ويقول: إنما هو توبة نبي.
قال الشافعي:
وهم يخالفون ابن مسعود ويقولون هي واجبة.
1116 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا أبي وشعيب بن الليث
قالا: حدثنا الليث قال حدثنا خالد بن يزيد عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله
عن أبي سعيد أنه قال:
خطبنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوما فقرأ (ص) فلما مر بالسجدة نزل فسجد وسجدنا وقرأ
بها مرة أخرى فلما مر بالسجدة تيسرنا للسجود فلما رآنا قال:
156

' إنما هي توبة نبي ولكن أراكم قد استعددتم للسجود فنزل فسجد
وسجدنا '. تابعه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال.
وقال بعضهم في الحديث يسرنا.
188 - [باب]
سجود القرآن ليس بحتم
1117 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن
أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي
هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ ' بالنجم ' فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال: أراد الشر.
قال الشافعي:
والرجلان لا يدعان أن شاء الله الفرض ولو تركاه أمرهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إن شاء
الله بإعادته.
1118 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن
يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت انه قرأ عند رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] ' بالنجم ' فلم يسجد فيها.
واحتج أيضا بأن النبي [صلى الله عليه وسلم] ابان / بأن الله فرض خمس صلوات فقال رجل يا:
رسول الله هل علي غيرها؟ قال:
' لا إلا أن تطوع '.
فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار.
157

وقال في القديم: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب
قرأ سجدة وهو على المنبر فنزل فسجد وسجدوا معه ثم قرأ الجمعة الأخرى فتهيأ
الناس للسجود فقال:
أيها الناس على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إن نشاء فقرأها فلم يسجد
ومنعهم أن يسجدوا.
1119 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قرأ يريد
هذا الحديث.
وقد روينا من حديث ربيعة بن عبد الله عن عمر موصولا بمعناه مع زيادة نافع
عن ابن عمر فيه: أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء. ومن ذلك الوجه اخرجه
البخاري في الصحيح.
قال الشافعي في القديم: أخبرنا الثقة عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال:
ليست السجدة بواجبة.
قال أحمد:
وروينا عن عائشة وعمران بن الحصين ما دل على ذلك.
189 - [باب]
سجود المستمع بسجود القارئ
1120 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن اسلم عن
عطاء بن يسار أن رجلا قرأ عند النبي [صلى الله عليه وسلم] السجدة فسجد فسجد النبي [صلى الله عليه وسلم].
ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
يا رسول الله: قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم
تسجد.
158

فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' كنت إماما فلو سجدت سجدت '.
قال الشافعي:
إني لأحسبه زيد بن ثابت لأنه يحكي انه قرأ عند النبي [صلى الله عليه وسلم] فلم يسجد.
وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار.
وقال أحمد:
هكذا رواه هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن اسلم مرسلا.
ورواه إسحاق بن / عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن
أبي هريرة.
وإسحاق ضعيف.
وروي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة.
1121 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغ عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة قال:
قرأت السجدة عند عبد الله فنظرت إليه فقال: أنت اعلم إذا سجدت سجدنا.
واحتج الشافعي بهذين الحديثين مع ما مضى على أن هذا السجود غير واجب.
والله أعلم.
وروينا في حديث العمري عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ
علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا.
159

وعن مسلم بن يسار ومحمد بن سيرين إذا أتى على الآية رفع يديه وكبر
وسجد.
وعن الحسن البصري: إذا قرأت سجدة فكبر واسجد وإذا رفعت فكبر.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي الأحواص انهما سلما في السجدة تسليمة
عن اليمين.
1122 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرني يحيى بن معين قال حدثنا معتمر هو ابن
سليمان عن أبيه عن رجل يقال له أمية عن أبي مجلر عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد
في صلاة الظهر ثم قام فيرون انه قرأ سورة فيها سجدة.
190 - [باب]
الصلاة في الكعبة
1123 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
دخل الكعبة ومعه بلال وأسامة وعثمان بن طلحة قال ابن عمر: فسألت بلالا ما صنع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
فقال جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى.
قال: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك وقال: عمودين عن يساره.
/ وكذلك قاله الشافعي في موضع آخر.
160

قال البخاري: وقال لنا إسماعيل حدثني مالك وقال: عمودين عن يمينه.
قال أحمد:
وكذلك قاله يحيى بن بكير عن مالك وبمعناه قاله عبد الرحمن بن مهدي عن
مالك وهو الصحيح.
1124 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قلت
للشافعي:
فهل خالفك في هذا غيرك؟ قال: نعم.
دخل أسامة وبلال وعثمان بن طلحة فقال أسامة: نظرت فإذا هو إذا صلى في
البيت في ناحية ترك شيئا من البيت بظهره فكره أن يدع من البيت شيئا بظهره فكبر في
نواحيه ولم يصل.
1125 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري ببغداد قال أخبرنا
إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق وقال
أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء: سمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف ولم
تؤمروا بدخوله قال: لم يكن ينهى عن دخوله ولكن سمعته يقول: أخبرني أسامة بن
زيد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما
خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة ثم قال:
' هذه القبلة '.
رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن نصر عن عبد الرزاق دون سؤال ابن
جريج.
وأخرجه مسلم من حديث محمد بن بكر عن ابن جريج بطوله.
161

1126 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
فقال قوم لا تصلح الصلاة في الكعبة لهذا الحديث ولهذه العلة.
قال الربيع: فقلت للشافعي:
فما حجتك عليهم؟
فقال: قال بلال صلى فكان من قال صلى شاهد ومن قال لم يصل ليس شاهدا
فأخذنا بقول بلال ثم ذكر شيئا من العبرة.
قال أحمد:
وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن طلحة وشيبة بن عثمان أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
صلى فيها.
وروى زيد بن جبير وليس بالقوي عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه نهى أن نصلي في سبعة مواطن:
المزبلة. والمجزرة. / والمقبرة. وقارعة الطريق والحمام. ومعاطن الإبل. وفوق
ظهر بيت الله.
1127 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال حدثنا
يحيى بن أيوب أبو العباس المصري عن زيد بن جبير فذكره.
191 - [باب]
سجود السهو وسجود الشكر
من شك في صلاة فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا
1128 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وغيرهما
قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن
162

وهب أخبرك مالك بن أنس وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد أن
زيد بن اسلم حدثهم عن عطاء بن يسار أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليقم فليصل ركعة
ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل السلام فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها
بها من السجدتين وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان '.
إلا أن هشاما بلغ به أبا سعيد الخدري.
رواه الشافعي في القديم عن مالك بن أنس وحده مرسلا.
ورواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد
الله بن وهب إلا أنه جعل الواصل لداود بن قيس. ولم يذكر رواية الباقين واخرجه
أيضا مسلم من حديث سليمان بن بلال عن زيد بن اسلم موصولا.
ورواه الشافعي في القديم.
عن بعض أصحابهم عن ابن عجلان وابن الماجشون عن زيد بن اسلم عن
عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
أما حديث ابن عجلان:
1129 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن القاسم بن عبد
الرحمن العتكي قال حدثنا إسماعيل بن قتيبة السلمي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن
أبي سعيد الخدري قال قال / رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام
سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان وإن كانت ناقصة
كانت الركعة تماما لصلاته والسجدتان يرغمان أنوف الشيطان.
163

رواه أبو داود عن محمد بن العلا عن أبي خالد.
وأما حديث الماجشون:
1130 - فأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار قال حدثنا محمد بن غالب تمتام قال حدثنا عبد الله بن خيران وعبد الصمد
قالا: حدثنا عبد العزيز الماجشون عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد
الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا لم يدر أحدكم صلى ثلاثا وأربعا فليقم فليصل ركعة ويسجد سجدتين وهو
جالس '.
وفي رواية ابن خيران: ' ثم يسجد سجدتي السهو وهو جالس فإن كان قد صلى
خمسا شفعتا له صلاته وان كان صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان '.
ورواه أيضا فليح بن سليمان ومحمد بن مطرف عن زيد بن اسلم موصولا.
قال الشافعي في القديم: وأخبرنا رجل عن حسين بن عبد الله عن كريب عن
ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثله.
وقال: حتى يكون الشك في الزيادة وذكر ذلك في الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
1131 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا محمد بن إسحاق
عن مكحول عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال:
جلست إلى عمر بن الخطاب فقال:
يا ابن عباس هل سمعت من النبي [صلى الله عليه وسلم] في الرجل إذا نسي صلاته فلم يدر أزاد
أم نقص ما أمر به فيه؟
قلت: وما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شيئا في ذلك؟ قال:
لا والله.
164

إذ جاء عبد الرحمن بن عوف فقال: لكن عندي فقال عمر: فأنت عندنا العدل
الرضا فماذا سمعت؟
فقال سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] / يقول:
' إذا شك أحدكم في صلاته فشك في الواحدة والاثنتين فليجعلهما واحدة وإذا
شك في الاثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلهما
ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة ويسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم '.
هكذا رواه جماعة عن محمد بن إسحاق ورواه عنه ابن علية عن مكحول عن
ابن عباس بمعناه.
قال ابن إسحاق: فلقيت حسين بن عبد الله فقال لي: هل اسنده لك؟ فقلت:
لا. قال:
لكن حدثني مكحول عن كريب عن ابن عباس.
1132 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حبان
الأصبهاني قال حدثنا أحمد بن عمرو - يعني ابن أبي عاصم - قال حدثنا سليمان بن
سيف قال حدثنا عبد الله بن واقد الحراني قال حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
عن أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس بمعناه.
قال الشافعي:
واحتج محتج منهم بأن عبد الله بن مسعود روى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' فليتحرى الصواب ثم يسجد '.
1133 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا
العباس بن محمد الدوري قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا مسعر عن منصور عن
إبرايم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما أنا بشر انسى كما تنسون فأيكم ما شك في صلاته فلينظر أحري ذلك
للصواب فليتم عليه ويسجد سجدتين '.
165

أخرجه مسلم في الصحيح من حديث محمد بن بشر ووكيع عن مسعر إلا أنه
قال في رواية وكيع:
' فليتحرى الصواب '.
وفي رواية ابن بشر كما رويناه.
وأخرجه البخاري من حديث جرير عن منصور قال: ' فليتحرى الصواب '.
وهذا اللفظ في جملة حديث رواه عبد الله بن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم] حين سهى فصلى
خمسا.
وقد روى الحكم بن عيينة والأعمش تلك القصة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد
الله دون لفظ التحري.
ورواه إبراهيم بن سويد عن علقمة عن عبد الله دون التحري.
ورواها الأسود بن يزيد / عن عبد الله دون لفظ التحري.
فذهب بعض أهل المعرفة بالحديث إلى أن الأمر بالتحري في هذا الحديث
مشكوك فيه.
فيشبه أن يكون من جهة ابن مسعود أو من دونه فأدرج في الحديث.
وذهب غيره إلى تصحيح الحديث بأن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث
وثقاتهم وقد روى القصة بتمامها وروى فيها لفظ التحري غير مضاف إلى غير
النبي [صلى الله عليه وسلم].
ورواها عنه جماعة من الحفاظ مسعر والثوري وشعبة ووهيب بن خالد وفضيل بن
عياض وجريج بن عبد الحميد وغيرهم والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن فيها خلاف
رواية الجماعة والجواب عنه ما ذكر الشافعي رحمه الله.
قال الشافعي:
قلنا قد يحتمل قوله [صلى الله عليه وسلم] ' فليتحرى الذي يظن أنه نقصه فيتمه حتى يكون
التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على حال يستقين فيها ' وهو كلام عربي وقد فسره أبو
166

سعيد الخدري على ما يدل على هذا المعنى.
قال منهم قائل: قد يحتمل ما قلنا فما جعل معناك أولى؟ قال الشافعي:
قلنا الدلالة بالرواية عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من حديث أبي سعيد الخدري وعبد
الرحمن بن عوف انما رويا ذلك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ورويناه عن أبي بكر الصديق وعمر بن
الخطاب وعبد الله بن عمر وغيرهم.
وهو أمر العامة قبلنا لا اعلم فيه منهم مخالفا غير أن الألفاظ قد تختلف لسعة الكلام في الأمر الذي معناه واحد.
قال أحمد:
ومن اختلاف ألفاظهم تعلق الطحاوي بما روي عن ابن عمر وأبي سعيد أنهما
سألا عن رجل سهى فلم يدركم صلى ثلاثا أو أربعا فقالا يتحرى أصوب ذلك فيتمه ثم
يسجد سجدتين.
وفي حديث آخر عن ابن عمر:
' فليتوخى الذي يظن أنه نسي من صلاته فليصله وليسجد سجدتين '.
فترك ما روى أبو سعيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] صريحا في طرح الشك والبناء.
وتعلق بما يحتمل أن يكون موافقا لما روي.
وكذلك بين في الرواية الأخرى عن ابن عمر أنه / أراد بالتوخي أن يصلي ما يظن أنه
نسي وقد رواه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] صريحا. كما رواه أبو سعيد في البناء على اليقين.
1134 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسين أحمد بن
عثمان البزاز قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل قال حدثنا أيوب بن
سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن أويس عن سليمان بن بلال عن عمر بن
محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا صلى أحدكم فلا يدري كم صلى ثلاثا أم أربعا فليركع ركعة يحسن ركوعها
167

وسجودها ثم يسجد سجدتين '.
فترك هذا وتعلق بما يحتمل أن يكون موافقا لهذا. وحمل حديث أبي سعيد
وغيره على ما لو شك في العدد ولم يغلب على ظنه شيء فحينئذ يبني على اليقين
وجعل قياس ذلك الصوم والصلاة.
وهلا أمضى الحديث على وجه وجعل المفسر من حديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بيانا
لمطلقه.
ثم جرى على القياس فيه إذا غلب على ظنه كما جرى عليه في إذا لم يغلب
على ظنه.
فيوجب عليه فعل ما يشك فيه كما أوجبه في أصل الصلاة والصوم.
ولم يستعمل فيه غالب الظن ليكون قائلا بالأحاديث كلها جاريا على مقتضى
القياس في الجانبين.
والله يوفقنا لمتابعة السنة وبه العياذ والعصمة.
وقد قال أبو سليمان الخطابي التحري قد يكون بمعنى اليقين قال الله عز وجل:
* (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا) *
قال أحمد:
وروينا عن عطاء بن يسار أنه قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب
الأحبار عن الذي يشك في صلاته فلا يدري اثلاث صلى أم أربعا؟ فكلاهما قال:
فليقم فليصل ركعة أخرى وليسجد سجدتين إذا صلى.
1135 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن عطاء بن
يسار فذكره.
168

192 - [باب]
العمل في السهو
1136 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن
عبد الله بن بحينة قال:
صلى لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى
الصلاة ونظرنا تسليم كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
قال الشافعي:
ابن بحينة معروف بصحبة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
لو لم يكن معرفا لم اتفق علماء أهل الحديث على الاحتجاج بروايته وهو:
عبد الله بن مالك بن القشب من أزدشنؤة. وأمه: بحينة بنت الحارث بن
المطلب.
ذكره البخاري عن علي بن عبد الله بن المديني كنيته أبو محمد.
روى عنه ابنه علي وحفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن
الأعرج ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
قال الشافعي:
وقد روى هذا غيره عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
169

قد روينا قولنا عن أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي
سفيان كلهم يروون أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد قبل السلام.
قال الشافعي في حديث ابن بحينة:
وهذا نقصان.
وقال في حديث أبي سعيد: وهذه زيادة.
فبين بذلك انه يسجد فيهما جميعا قبل السلام.
قال أحمد:
أما حديث أبي سعيد وعبد الرحمن فقد رويناه في الباب قبله.
وأما حديث معاوية فقد رواه الشافعي في القديم عن رجل عن ابن عجلان عن
محمد بن يوسف عن أبيه عن معاوية مختصرا.
1137 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد
المصري قال حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا أبو صالح الجهني قال حدثنا
بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير عن العجلان / مولى فاطمة حدثه أن
محمد بن يوسف مولى عثمان حدثه عن أبيه:
أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فنسي فقام وعليه جلوس فلم يجلس فلما
كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل السلام ثم قال:
هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صنع.
قال أحمد:
كذا في كتابي.
ورواه عبد الله بن صالح عن بكر عن عمرو عن محمد بن عجلان.
ورواه يحيى بن أيوب وغيره عن محمد بن عجلان عن محمد بن يوسف.
قال أحمد:
وكذلك فعله عقبة بن عامر الجهني قال:
170

السنة التي صنعت.
وروي عن المغيرة بن شعبة في هذه القصة انه سجدهما بعد السلام.
وإسناد حديث ابن بحينة أصح ومع حديثه حديث معاوية وعقبة بن عامر والعدد
أولى بالحفظ من الواحد.
وروي عن عبد لله بن جعفر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم '.
وحديث أبي سعيد أصح إسنادا منه وأتم متنا فهو أولى.
وروي عن ثوبان عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لكل سهو سجدتان بعدما تسلم '.
وهذا حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي.
وقد روينا في قصة ذي اليدين ما دل على كفاية سجدتين لجميع ما يقع في
صلاة واحدة من السهو وإن كثر.
وأما حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وسجود النبي [صلى الله عليه وسلم] فيها بعد التسليم.
وحديث عبد الله بن مسعود في التحري وقوله: فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد
سجدتين.
فقد روي عن الزهري انه ادعى نسخ السجود بعد السلام.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال سجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سجدتي
السهو قبل السلام وبعده وآخر الأمرين قبل السلام.
171

واكده الشافعي برواية معاوية بن أبي سفيان أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجدهما قبل
السلام.
قال: وصحبة معاوية متأخرة.
قال في سنن حرملة:
واخبرني غير واحد من أهل المدينة قال سأل عمر بن عبد العزيز: ابن شهاب
متى نسجد سجدتي السهو فقال: قبل السلام لأنهما من الصلاة.
/ وما كان من الصلاة فهو مقدم قبل السلام فأخذ به عمر بن عبد العزيز.
قال الشافعي وحديث زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار يوافق رواية ابن شهاب
وقوله.
قال أحمد:
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث آخر انه أمر بهما قبل السلام.
1138 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهاني الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر
الحافظ قال حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر بن بكر قال حدثنا محمد بن مرزوق
قال حدثنا عمر بن يونس قال حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا
أبو سلمة عن أبي هريرة قال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس ثم
يسلم '.
وكذلك رواه عبد الله بن الرومي عن عمر بن يونس ورواه أيضا ابن أخي
الزهري ومحمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال
بعضهم في الحديث: ' قبل أن يسلم ثم يسلم '.
وكذلك رواه سلمة بن صفوان الأنصاري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وصحبة
أبي هريرة أيضا متأخرة وفي روايته ورواية معاوية وصحبته متأخرة مع ما روينا عن عبد
172

الله بن بحينة تأكيد هذه الطريقة التي رواها مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري إلا
أن بعض أصحابنا زعم أن قول الزهري منقطع والأحاديث في السجود قبل السلام
بعده قولا وفعلا ثابتة وتقديم بعضها على غير بعض غير معلوم برواية موصولة صحيحة.
فالأشبه جوازء الامرين ثم احتاط بعضهم ففعل ما فعل النبي [صلى الله عليه وسلم] أو قاله في كل
واقعة رويت عنه. وبالله التوفيق.
قال أحمد:
وقد قال الشافعي في القديم:
مع ما حكينا عنه من سجد للسهو بعد السلام تشهد ثم سلم.
ومن سجد قبل السلام اجزاه التشهد الأول.
وفي هذا تجويز هذا السجود بعد السلام قبله.
وأما التشهد فقد روينا عن أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين عن خالد
الحذاء عن أبي قلابة. عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بهم.
فسها فسجد سجدتين / ثم تشهد بعد ثم سلم.
وهذا ينفرد به أشعث وخالفه جماعة فرووه عن خالد دون هذه اللفظة.
ورواه هشيم عن خالد فقال فيه:
فقام فصلى ثم تشهد وسلم وسجد سجدتي السهو ثم سلم فجعل التشهد قبل
السلام والسجدتين.
وقال سلمة بن علقمة: قلت لمحمد بن سيرين فيهما تشهد؟ - يعني في
سجدتي السهو -.
قال: لم اسمع في حديث أبي هريرة وأحب إلي أن يتشهد.
وروى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة أن
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
173

تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو.
وهذا يتفرد به ابن أبي ليلى هذا ولا حجة فيما يتفرد به لسوء حفظه وكثرة خطأه
في الروايات.
وروى خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع تشهدت
ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم '.
وهذا حديث مختلف في رفعه ومتنه وخصيف غير قوي وأبو عبيدة عن أبيه
مرسل.
193 - [باب]
من سها فصلى خمسا
1139 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن عبد الله بن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
صلى الظهر خمسا فقيل له: زيد في الصلاة.
أو قالوا له: صليت خمسا فاستقبل القبلة فسجد سجدتين.
قال وقال الشافعي: عن رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بمثله.
قال وقال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية وحفص عن الأعمش عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] تكلم ثم سجد سجدتي السهو بعد الكلام.
قال الشافعي:
174

وذلك أنه إنما ذكر السهو بعد الكلام فسأل فلما استيقين انه قد سهى سجد
سجدتي السهو ونحن نأخذ بهذا وهم لا يأخذون بهذا.
قال أحمد:
رواه مسلم بن حجاج في الصحيح عن / ابن نمير عن عبد الله بن إدريس عن
الحسن بن عبد الله وعن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن الحسن.
ثم زاد في: ثم سلم. ثم قال: ' إنما أنا بشر مثلكم انسى كما تنسون '.
قال: وزاد ابن نمير في حديثه: ' فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين '.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث شعبة.
ورواه مسلم عن أبي بكر وأبي كريب عن أبي معاوية وعن ابن نمير عن حفص
بإسنادهما أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.
وهذا الحديث من أحسن حديث العراقيين.
قال الشافعي: يروونه ثم يخالفونه إلى غير أثر ولا حجة.
194 - [باب]
من سها فقام من اثنتين ولم يجلس
1140 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن ابن
بحينة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
قام من الثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم
سلم بعد ذلك.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
175

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فبهذا قلت: إذا ترك المصلي التشهد الأول لم يكن عليه إعادة.
قال أحمد:
والخبر فيمن استتم قائما قبل أن يذكر فإن ذكر قبل أن يستتم قائما فقد روينا عن
أنس بن مالك والنعمان بن بشير انهما جلسا ثم سجدا.
وروى جابر الجعفي عن المغيرة بن شبيل الأحمسي عن قيس بن أبي حازم عن
المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستتم قائما فليجلس وإن استتم
قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو '.
1141 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أسيد بن عاصم
قال حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن جابر فذكره.
وجابر هذا لا يحتج به.
غير أنه يروى من وجهين آخرين وحديثه اشهر فيما بين الفقهاء.
176

195 - [باب]
من سها فترك ركنا عاد إلى ما تركه حتى يأتي بالصلاة مرتبة / كما
صلاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرتبة وقال: ' صلوا كما رأيتموني أصلي '
1142 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال
حدثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث قال قال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليأمكم
أكبركم '.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب.
196 - [باب]
من سها عن القراءة
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة ان عمر بن الخطاب صلى فلم يقرأ فقال لهم: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنا.
قال: فلا بأس إذا.
1143 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي فذكره أتم من ذلك.
قال الشاقعي في القديم:
ولم يذكر انه سجد السهو ولم يعد الصلاة وإنما فعل ذلك بين ظهري
المهاجرين والأنصار.
177

قال أحمد:
وهذا على قوله في القديم محمول على القراءة الواجبة وهو محمول عندنا على
قراءة السورة أو على الإسرار بالقراءة فيما ينبغي الجهر بها.
ثم قد روي عن عمر انه أعادها.
197 - [باب]
الجهر بالقراءة فيما حقه الإسرار بها
قال الشافعي في القديم: حدثنا بعض أصحابنا عن هشام الدستوائي عن
يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسمعنا الآية أحيانا في الظهر والعصر.
1144 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام فذكره بإسناد ومعناه أتم منه.
واحتج الشافعي في ذلك بحديث الصنابحي حين صلى خلف أبي بكر الصديق
رضي الله عنه المغرب وانه سمعه قرأ في الثالثة بأم القرآن وبهذه الآية /: * (ربنا لا تزغ قلوبنا) * إلى آخرها.
وقد ذكرنا إسناده فيما مضى.
قال الشافعي أخبرنا إسماعيل بن علية عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي
عثمان النهدي قال: سمعت من عمر بن الخطاب نغمة من (ق ~) في الظهر.
1145 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ أن أبا الوليد أخبرهم قال حدثنا الحسن بن
سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال أخبرنا إسماعيل بن علية فذكره.
1146 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
178

الشافعي فيما بلغ عن عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري عن أشعث بن سليم عن
عبد الله بن زياد قال: سمعت عبد الله - يعني أن ابن مسعود - يقرأ في الظهر
والعصر.
قال الشافعي:
هذا عندنا لا يوجب سهوا ولا نرى باسا أن يعمد الرجل الجهر بالشيء من
القرآن ليعلم من خلفه أنه يقرأ وهم يكرهون هذا ويوجبون السهو على من فعله.
قال أحمد:
وروينا عن قتادة أن انسا جهر في الظهر والعصر فلم يسجد.
198 - [باب]
من التفت في صلاته أو تفكر في شيء أو نظر
إلى ما يلهيه لم يكن عليه سجود السهو
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه '.
1147 - أخبرناه أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك فذكره قال الشافعي في القديم:
الالتفات تغير في الصلاة فلو كان يجب به السهو لم يأذن فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
1148 - أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة
عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى في خميصة قالت فقال:
179

' شغلتني هذه الخميصة اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني با بنجانية '.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة وقال بعضهم في الحديث في
خميصة / لها اعلام فقال: ' شغلتني هذه الاعلام '.
1149 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه
عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] انها قالت:
أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم فشهد فيها
الصلاة فلما انصرف قال:
' ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكادت
تفتنني '.
قال الشافعي في كتاب القديم:
فلم نعلمه سجد السهو.
قال: ونظر أبو طلحة إلى حائط فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فلم نعلمه امره أن يسجد
للسهو.
وقال في موضع آخر: إلى طائر يتردد فرجع فلم يدر كم صلى.
1150 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن أبا
طلحة الأنصاري كان يصلي في حائط له فطارد بشيء فطفق يتردد يلتمس مخرجا
فأعجبه ذلك فجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى
فقال لقد أصابني في مالي هذا فتنة فجاء إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر له الذي أصابه في
180

حائطه الفتنة فقال:
يا رسول الله هو صدقة فضعه حيث شئت.
وكتبت حديثا للشافعي يليق بهذا الموضع.
1151 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن
أيوب الفارسي المفسر قال أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح بن الحسن القهستاني
بشيراز قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن مرجانة قال ذكر لابن عباس أن
ابن عمر تلا هذه الآية:
* (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) *.
فبكى ثم قال: والله لأن أخذنا الله بها لنهلكن. فقال ابن عباس: يرحم الله أبا
عبد الرحمن قد وجد المسلمون منها حين نزلت ما وجد فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فنزلت:
* (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * الآية.
من القول والعمل:
وكان حديث / النفس مما لا يملكه أحد ولا يقدر عليه أحد.
199 - [باب]
الكلام في الصلاة
1152 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد عبد الله بن يوسف وأبو
زكريا بن إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عاصم بن أبي
النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال:
كنا نسلم على النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا
181

وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة فأتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي فسلمت
عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال:
' إن الله جل ثناؤه يحدث من امره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في
الصلاة '.
قال أحمد:
هذا حديث قد رواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن أبي النجود وتداول الفقهاء
بينهم إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم لسوء حفظه.
ووجد الحديث من طريق آخر على شرطهما ببعض معناه فأخرجاه دون حديث
عاصم.
1153 - أخبرنا الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن
عمر بن أحمد بن علي بن شوذب المقري بواسط قال حدثنا أحمد بن رشد بن خثيم
الكوفي قال حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
قال:
كنا نسلم على النبي [صلى الله عليه وسلم] في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي
سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا: يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا.
قال:
' إن في الصلاة شغلا '.
182

رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير وغيره عن
محمد بن فضيل.
1154 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن
سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انصرف من اثنتين فقال ذو اليدين أقصرت
الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أصدق ذو اليدين '.
قال الناس: نعم. فقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر
فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
واخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن أيوب وفيه من الزيادة ثم اتى جذعا في
قبلة المسجد فاستند إليا مغضبا وفي آخره قال:
وأخبرت عمران بن حصين أنه قال: وسلم.
1155 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد
الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا سفيان.
واخرجه من حديث حماد بن زيد عن أيوب وفيه من الزيادة قال: صلى بنا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إحدى صلاتي العشي. وكذلك قاله الحميدي وعلي بن المديني.
وأظنه أيضا في رواية أحمد عن سفيان.
1156 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
183

داود قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي
هريرة قال:
صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر قال: فصلى بنا
ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها إحداهما على
الأخرى. وذكر الحديث وقال فيه:
فأقبل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على القوم فقال:
' أصدق ذو اليدين '.
فأومؤوا أي نعم.
وهذه اللفظة ليست في رواية مسلم عن أبي الربيع عن حماد ' فأومؤا وإنما
هي في رواية أبي داود عن محمد بن عبيد وأبو داود إمام في الحديث.
1157 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا ابن عون
وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ابن ابنه يحيى بن منصور القاضي واللفظ له
قال: أخبرنا جدي قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال
أخبرنا / النضر بن شميل قال حدثنا عون - وهو عبد الله بن عون بن الأرطبان - عن ابن
سيرين عن أبي هريرة قال:
صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين سماها لنا أبو
هريرة ونسيت أنا فصلى ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فوضع
يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه واتكأ على الخشبة كأنه غضبان ووضع
خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى قال وخرج السرعان فقالوا:
قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه وفي القوم رجل في يده
طول يقال له: ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لم تقصر الصلاة ولم أنس '.
فقال للقوم: ' اكما يقول ذو اليدين '؟ فقالوا: نعم قال: فصلى ما كان ترك ثم
184

سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده
أو أطول ثم رفع رأسه. وكبر قال: فربما سألوه ثم سلم فيقول نبئت عن عمران بن
الحصين أنه قال: ثم سلم.
قال النضر بن سيرين الذي سئل قال النضر سرعان الناس: أوائل الناس.
رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق عن النضر دون تفسير النضر.
وحسن سياق هذا الحديث في قيام النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى الخشبة ووضع يده وتشبيكه
واتكائه ووضع خده مع قوله: صلى بنا يدل على شهوده القصة من أولها إلى آخرها.
1158 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي
سفيان مولى ابن أبي أحمد قال سمعت أبا هريرة يقول:
صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال:
أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟
فأقبل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على الناس فقال: ' أصدق ذو اليدين '.
فقالوا: نعم.
فأتم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد
التسليم.
رواه مسلم في الصحيح / عن قتيبة عن مالك وقال فيه: صلى لنا.
1159 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن
أبي حثمة أنه قال بلغني أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ركع ركعتين من إحدى الصلاتين الظهر أو
العصر فسلم من اثنتين فقال له ذو الشمالين رجل من بني زهرة بن كلاب أقصرت
الصلاة يا رسول الله أم نسيت.
185

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ما قصرت الصلاة وما نسيت '.
فقال ذو الشمالين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله.
فأقبل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على الناس فقال:
' أصدق ذو اليدين '.
فقالوا: نعم فأتم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما بقي من الصلاة ثم سلم.
وبإسناده عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن مثل
ذلك.
رواه الشافعي في كتاب القديم:
عن مالك بالإسنادين جميعا وهذا حديث مختلف فيه على الزهري فرواه عنه
مالك هكذا مرسلا عن هؤلاء الثلاثة.
وأسنده معمر بن راشد عنه عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان عن أبي هريرة
وأسنده يونس بن يزيد عنه عن سعيد وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبيد
الله بن عبد الله أن أبا هريرة قال:
صلى لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ورواه صالح بن كيسان فأرسل حديثه عن أبي بكر بن أبي حثمة وأسند إليه
حديثه عن الباقين.
وكان محمد بن يحيى الذهلي يميل إلى تصحيح هذه الرواية.
وفي متن هذا الحديث تقصير من وجهين:
إحداهما: في ذكر ذي الشمالين. وإنما هو ذو اليدين ذو الشمالين تقدم موته
فيمن قتل ببدر وذو اليدين بقي بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما يقال:
والآخر: في ترك ذكر سجدتي السهو فيه.
وكان الزهري لا يحفظهما في حديثهم وكان قد بلغه ذلك من وجه آخر.
186

روى عنه معمر هذا الحديث ثم قال في آخره قال الزهري: ثم سجد سجدتين
بعدما تفرغ.
ورواه سعد بن إبراهيم وهو من الأثبات عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
صلى لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الظهر / أو العصر فذكره وقال فيه ذو اليدين وقال في
آخره ثم سجد سجدتي السهو.
وأخرجه البخاري في الصحيح.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: بينما أنا أصلي مع
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة الظهر. فذكره وقال فيه ذو اليدين: رجل من بني سليم.
ثم لم يحفظ يحيى السجود فيه عن أبي سلمة فقال: وحدثني ضمضم انه سمع
أبا هريرة يقول:
ثم سجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سجدتين.
والحديث مخرج في كتاب مسلم دون سياق تمام متنه.
وفي هذا كل دلالة على شهود أبي هريرة القصة وان قول من قال قوله صلى بنا
يعني صلى بالمسلمين إن جاز ذلك فيه مع ترك الظاهر لم يجز في قوله: بينما أنا
أصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وفيما ذكرنا دلالة على أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سجد سجدتي السهو في قصة ذي اليدين
ولا يفعلان إلا بعد تحريم الكلام والسلام بمنزلة الكلام إذا وقع في غير موضعه.
وفيه دلالة على أن الذي اخبره إنما هو ذو اليدين. ومن قال فيه ذو الشمالين فقد
وهم. والله أعلم.
1160 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
1161 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
موسى بن إسحاق قال حدثنا عبد الله بن أبي شيبة.
187

1162 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح قال حدثنا
أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن شاذان قالوا: حدثنا أبو كريب قالا
حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى فسها
فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم
نسيت قال:
' ما قصرت وما نسيت '.
قال: فإنك صليت ركعتين. فقال:
' أكما قال ذو اليدين '.
قالوا: نعم قال فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو.
تفرد أبو أسامة بهذا الإسناد وهو من الثقات.
1163 - أخبرنا / أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن
أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال:
سلم النبي [صلى الله عليه وسلم] في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام الخرباق
رجل بسيط اليدين فنادى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي
كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
1164 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن ابن علية وهشيم عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن
عمران بن حصين أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات الحديث.
188

ورواه في كتاب القديم عن ابن علية فحين جمع بينه وبين هشيم ولم يسمعه من
هشيم لم يذكر فيه أيضا سماعه من ابن علية.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب عن
إسماعيل بن علية.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن
قيس عن معاوية بن جريج وأشار إلى الحديث الذي:
1165 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
عبيد بن شريك وأحمد بن إبراهيم بن ملحان قالا حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا
الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس اخبره عن معاوية بن خديج أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] صلى يوما فانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال: نسيت من
الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد فأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة
فأخبرت بذلك الناس فقالوا:
وتعرف الرجل فقلت: لا إلا أن أراه فمر بي فقلت: هو هذا فقالوا: هذا
طلحة بن عبيد الله.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة عن الليث وقال فيه / فسلم وقد بقيت من
الصلاة ركعة.
ورواه يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب فقال المغرب وقال فسلم في
ركعتين.
وليس في شيء من الروايات التي عندنا أنه أمر بلالا فأذن وأقام وإنما فيها فأمر
بلالا فأقام الصلاة. وإنما يدل هذا على أنه يأمرهم بالاجتماع ليصلي بهم بقية الصلاة
ولم يؤثر ذلك حينئذ في صلاتهم للعلة التي ذكرها الشافعي.
ونحن نحكيها.
وأمره بلالا وأمر بلال إياهم قد يكونان بالإشارة بعدما علموا بالسهو فلا يؤثران
189

في الصلاة. والله أعلم.
1166 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي رحمه الله.
وبهذا كله نأخذ وليس يخالف حديث ابن مسعود حديث ذي اليدين.
وحديث ابن مسعود في الكلام جملة ودل حديث ذي اليدين على أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فرق بين كلام العامد والناسي لأنه في صلاة أو متكلم وهو يرى أنه أكمل
الصلاة.
فخالفنا بعض الناس وقال حديث ذي اليدين حديث ثابت ولكنه منسوخ فقلت:
ما نسخه؟ فقال: حديث ابن مسعود.
فقلت له: والناسخ إذا اختلف الحديثان [فالعمل ب] الآخر منهما قال: نعم
فقلت له: الست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا أن ابن مسعود مر على النبي [صلى الله عليه وسلم]
بمكة قال فوجدته يصلي في فناء الكعبة.
وإن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة
وشهد بدرا؟ قال: بلى. فقلت له: فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي [صلى الله عليه وسلم] مكة قبل
هجرة النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم كان عمران بن حصين يروي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أتى جزعا في مؤخرة
مسجده أليس تعلم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة؟ قال:
بلى.
قلت: فحديث عمران يدلك أن حديث ابن مسعود ليس ناسخا لحديث ذي
اليدين.
قال أحمد:
أما ما قال من مرور ابن مسعود على النبي [صلى الله عليه وسلم] بمكة ووجوده إياه يصلي في فناء
الكعبة فلعله في بعض طرق / حديث ابن مسعود بلغه وبلغ خصمه حيث لم ينكروه
وكانوا يومئذ اعرف بالحديث ممن ينصر خصمه بعده ومعناه موجود فيما ذكر بعده من
أمر الهجرة وما ذكر من هجرة ابن مسعود إلى أرض الحبشة ورجوعه منها إلى مكة ثم
190

هجرته إلى المدينة وشهوده بدرا فهو في مغازي موسى بن عقبة وهي أصح المغازي
عند أهل العلم بالحديث.
ويشهد لقوله هذا بالصحة رواية أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة عن عبد
الله بن مسعود قال:
بعثنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى النجاشي ونحن ثمانون رجلا. فذكر القصة.
وقال في آخرها: فجاء ابن مسعود فبادر فشهد بدرا.
ولا أعلم خلافا بين أهل المغازي في شهود ابن مسعود بدرا.
وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين كان بعده.
وأما ما قال في حديث عمران من أمر بالجذع في المسجد. فلعله في رواية
كانت عنده سوى رواية عبد الوهاب وابن علية.
فإنما في رواية عبد الوهاب دخوله الحجرة.
وفي رواية ابن علية دخوله منزله.
وأبو هريرة احفظ من عمران.
وقد روينا في حديث سفيان بن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة
قال:
ثم أتى جذعا في قبلة المسجد.
وروينا معناه في حديث حماد بن زيد عن أيوب.
وفي حديث ابن عون عن ابن سيرين.
قال الشافعي في الإسناد الذي ذكرنا وأبو هريرة يقول صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال: فلا أدري ما صحبة أبي هريرة.
قال الشافعي:
أبو هريرة إنما صحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بخيبر وقال أبو هريرة: صحبت النبي [صلى الله عليه وسلم]
ثلاث سنين أو أربع.
191

قال أحمد:
قد روينا في أحاديث ثابتة قوله صلى بنا وفي رواية صلى لنا.
وروينا في الحديث الثابت عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
أنه قال:
بينما أنا أصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكر قصة ذي اليدين.
وروينا في الحديث الثابت عن عيينة بن سعيد بن العاص عن أبي هريرة قال:
قدمت [على] رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه خيبر بعدما افتتحوها.
وروينا عن قيس بن أبي حازم / قال سمعت أبا هريرة يقول:
صحبت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثلاث سنين.
1167 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال
حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن إسماعيل
عن قيس فذكره.
وزاد قال:
لم أكن بأحرص على أن احفظ الحديث مني فمن.
تم الجزء بحمد الله وعونه.
192

الجزء الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي
الله عنه قال:
وأما عمران بن الحصين فقد قال الحميدي وهو أحد أركان الحديث كان إسلام
عمران بن حصين بعد بدر وقد حضر رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقول الخرباق قال وكان إسلام معاوية بن خديج قبل وفاة النبي [صلى الله عليه وسلم] بشهرين
وقد حضر صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقول طلحة بن عبيد الله.
وروينا عن الأوزاعي أنه قال: كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر فلم
يأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بإعادة الصلاة.
قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم:
أقام النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود [و]
قبل [أن] يصحبه أبو هريرة. أفيجوز أن يكون حديث ابن مسعود ناسخا لما بعده؟
قال: لا. فقلت له:
لو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث عمران [ابن الحصين] وأبي هريرة
193

كما قلته وكان عمد الكلام وأنت تعلم انك في صلاة كهو إذا تكلمت وأنت ترى انك
قد أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث ابن مسعود منسوخا وكان الكلام في
الصلاة مباحا.
ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ و [لكن] وجهه ما ذكرت.
ثم ساق الكلام إلى أن قيل له:
أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر؟
قال الشافعي:
لا عمران يسميه / الخرباق ويقول قيصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو
الشمالين ولو كان كلاما ذو اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق
الأسماء.
قال أحمد:
ذو الشمالين هو ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لبني زهرة من خزاعة.
واستشهد يوم بدر.
ذكره عروة بن الزبير وسائر أهل العلم بالمغازي.
قال أبو إسحاق: لا عقب له.
وأما ذو اليدين: فيحيى بن أبي كثير يقول في حديثه رجل من بني سليم.
194

وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين ووهم من قال في حديث أبي
هريرة ذو الشمالين فإن صاحب هذا ذو اليدين وهو غير المقتول ببدر.
واعتل هذا السائل على الشافعي بما في حديث ذي اليدين من كلامه وكلام من
سأل عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وقد روينا في حديث حماد بن زيد انهم اومؤا وأما ذو اليدين فإنما تكلم على
تقدير أن الصلاة قصرت ثم قد أجاب الشافعي عن هذا بما فيه كفاية.
1168 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
حالي اماما مفارقة حال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فأين افتراق حالكما في الصلاة
والإمامة؟ فقلت له: إن الله جل ثناؤه كان ينزل فرائضه على رسوله [صلى الله عليه وسلم] فرضا بعد
فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه ويخفف عنه بعض ما فرضه. قال: اجل.
قلت: ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم ينصرف إلا وهو
يرى أن قد أكمل الصلاة. قال: أجل.
قلت: ولما فعل لم يدر ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله [عز
وجل] أم نسي النبي [صلى الله عليه وسلم] وكان ذلك بينا في مسألته. [أقصرت الصلاة أم نسيت]
قال: اجل. قلت: ولم يقبل [النبي [صلى الله عليه وسلم]] من ذي اليدين إذ سأل غيره قال: اجل.
قلت: ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله.
واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه ولم يسمع النبي [صلى الله عليه وسلم] رد عليه فلما لم
يسمع النبي [صلى الله عليه وسلم] رد عليه.
كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل للنبي [صلى الله عليه وسلم] بقول: ولم يدر أقصرت
195

الصلاة أم نسي النبي [صلى الله عليه وسلم] فأجابه / ومعناه معنى ذي اليدين مع أن الفرض عليهم
جوابه.
قال الشافعي:
ألا ترى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لما أخبروه فقبل قولهم ولم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا
على صلاتهم فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله [صلى الله عليه وسلم] تناهت فرائضه فلا يزاد فيها
ولا ينقص منها ابدا؟ قال: نعم.
فقلت له: هذا فرق بيننا وبينه. فقال من حضره: [هذا] فرق بين لا يرده
عالم لبيانه ووضوحه.
فعارضه هذا السائل فيما بين ذلك بحديث معاوية بن الحكم السلمي فاحتج به
الشافعي في كلام الجاهل: فإنه تكلم وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم
يحك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره بإعادة.
فهو في هذا مثل معنى حديث ذي اليدين أو أكثر لأن تكلم عامدا للكلام في
حديثه.
إلا أنه حكي انه تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة. وأما
قوله: ' إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم '.
فهو مثل حديث ابن مسعود [و] غير مخالف حديث ذي اليدين.
قال: ووجهه ما ذكرت - يعني من ورودهما في كلام العمد مع العلم - وحديث
ذي اليدين في كلام السهو.
196

قال أحمد:
وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد بن المعلى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] دعاه وهو
يصلي فصلى ثم اتاه فقال:
' ما منعك أن تجيبني إذا دعوتك ' قال: إني كنت أصلي.
فقال: ' ألم يقل الله: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * '.
1169 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد
الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري فذكره.
وقال: ثم قال:
' ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن ' قال فكأنه نسيها أو نسي قلت:
يا رسول الله: الذي قلت لي. قال:
' * (الحمد لله رب العالمين) * هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي
أوتيته '.
أخرجه البخاري من أوجه عن شعبة.
وروي ذلك / أيضا في حديث أبي بن كعب وفي تأكيد ما قال الشافعي في فرض
جوابه إذ سألهم وإن كانوا في الصلاة.
197

وذكر الشافعي في حكايته مذهب الحجازيين في الكلام الذي يكون من صلاح
الصلاة.
ما روي في ذلك عن عبد الله بن الزبير وذلك:
1170 - فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد
الوهاب بن عطاء قال خبرنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة - عن مطر الوراق عن عطاء
أن الزبير صلى بهم ركعتين من المغرب ثم سلم ثم قام إلى الحجر يستلمه فسبح القوم
فأقبل عليهم فقال: ما شأنكم؟.
ثم صلى أخرى ثم سجد سجدتين وهو جالس.
قال: فذكر ذلك لابن عباس فقال:
ما أماط عن سنة نبيه [صلى الله عليه وسلم].
ورواه عسل عن عطاء قال فيه: فالتفت إلينا فقال: ما أتممت الصلاة فقلنا
برؤوسنا سبحان الله أي لا.
فرجع فصلى الركعة الباقية.
وروينا عن سعد بن إبراهيم أن عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم
وتكلم ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين وقال:
هكذا فعل النبي [صلى الله عليه وسلم].
واحتج محتج بما:
1171 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا محمد بن عيسى.
1172 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إبراهيم بن صالح الشيرازي قال حدثنا سعيد بن منصور قالا: حدثنا هشيم قال أخبرنا
إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن ابن عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم
قال كان أحدهم يكلم في الصلاة من إلى جانبه فنزلت.
198

وفي حديث الروذباري كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت:
* (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوما لله قانتين) *.
فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن هشيم. واخرجاه من حديث
عيسى بن يونس عن إسماعيل. وهذا مثل حديث ابن مسعود وغيره في أن المراد به
كلاما نهى عنه / وهو كلام العمد الذي يمكن الامتناع منه والاحتراز عنه وليس في هذا
دلالة على أن تحريم الكلام كان بعد حديث ذي اليدين وذاك لأن زيد بن أرقم من متقدمي
الصحابة بالمدينة.
قال أبو إسحاق: قلت لزيد بن أرقم: كم غزى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال:
تسع عشرة غزوة.
قلت له: كم غزوت أنت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: سبع عشرة غزوة.
قلت: ما أول غزوة غزاها؟
قال: ذو العشير أو ذو العسيرة.
ويحتمل أن يكون تحريم الكلام ثابتا قبله. وقوله: كان أحدهم يكلم في
الصلاة اخبارا عن أمر مضى وان كان الأصل قوله: كان أحدنا. فيجوز أن يكون
تحريمه ثابتا قبله ولم يبلغ زيد بن أرقم ثم نزلت هذه الآية تأكيدا للتحريم الذي سبق.
وما في القنوت من المعاني سوى السكوت فعلم به زيد وفهمه من هذه الآية
فأخبر به كما ثبت تحريمه قبل رجوع عبد الله من أرض الحبشة ولم يعلمه حتى رجع
فأخبره به رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وكان بعض الأحكام ثبتت بقول النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم تنزل الآية على
وفق قوله تأكيدا له كما كان فرض الوضوء للصلاة ثابتا زمانا من دهره ثم نزلت الآية
تأكيدا له.
وبالله التوفيق.
199

200 - [باب]
سجود الشكر
قال الشافعي رحمه الله سجود الشكر حسن قد فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر
وعمر وغير واحد من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
1173 - أخبرنا محمد بن عبد الله البسطامي قال أخبرنا الإسماعيلي قال أخبرنا
عبد الله بن زيد أن قال حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر قال سمعت إبراهيم بن
يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء قال:
بعث النبي [صلى الله عليه وسلم] خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فذكر الحديث
في بعثه عليا وإقفاله خالدا.
ثم في إسلام همدان قال:
فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بإسلامهم.
فلما قرأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الكتاب خر ساجدا / ثم رفع رأسه فقال:
' السلام على همدان السلام على همدان '.
هذا إسناد صحيح قد اخرج البخاري صدر الحديث ولم يسقه بتمامه.
وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك سجوده حين سمع البشرى بتوبة
الله عليه وذلك في زمن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروينا سجود النبي [صلى الله عليه وسلم] للشكر حين سأل ربه لأمته فأعطاه.
في حديث سعد بن أبي وقاص.
وسجوده حين بشره جبريل عليهما السلام أن من سلم عليه سلم الله عليه ومن
صلى عليه صلى الله عليه في حديث عبد الرحمن بن عوف.
200

1174 - وأخبرنا محمد بن عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا أبو عاصم قال حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي
بكرة عن أبيه عن جده: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا اتاه أمر يسره خر ساجدا شكرا
لله.
اخرجه أبو داود في كتاب السنن.
قال الشافعي في القديم بلغ أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رأى نغاشيا فسجد شكرا لله.
وسجد أبو بكر حين بلغه فتح اليمامة شكرا.
1175 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
محمد بن أيوب قال أخبرنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال حدثنا جابر عن
محمد بن علي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رأى نغاشيا فسجد فلما رفع رأسه قال:
' أسأل الله العافية '.
هذا مرسل وله شاهد يؤكده.
1176 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن
إبراهيم بن عبده قال حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا داود بن
رشيد قال حدثنا حفص بن غياث عن مسعر عن محمد بن عبيد الله عن عرفجة أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] ابصر رجلا به زمانة فسجد. قال محمد بن عبيد الله.
وأن أبا بكرا أتاه فتح فسجد.
وان عمر اتاه فتح أو ابصر رجلا به زمانة فسجد. وروينا من وجه آخر عن
مسعر قال فيه: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما اتاه فتح اليمامة خر ساجدا.
201

1177 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس / قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن
عليا لما أتى المخدج خر ساجدا. قال الشافعي:
ويرفع يديه في التكبير لسجود القرآن وسجود الشكر لأنهما معا تكبيرا افتتاح ولا
يسجد إلا طاهرا.
201 - [باب]
أقل ما يجزي من عمل الصلاة
1178 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب
الثقفي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال حدثنا محمد بن يسار وأخبرنا أبو
علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثناه ابن المثنى
قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن
أبي هريرة:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فرد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' ارجع فصل فإنك لم تصل '.
فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فسلم عليه فقال له
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' وعليك السلام ' ثم قال: ' ارجع فصل فإنك لم تصل ' حتى فعل ذلك ثلاث
مرات فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن [غير] هذا علمني. قال: ' إذا
202

قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم
ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ثم
افعل ذلك في صلاتك كلها '.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار. ورواه مسلم عن محمد بن
مثنى.
واخرجاه من حديث أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبي هريرة.
ورواه البخاري عن إسحاق بن منصور عن أبي أسامة وقال في آخره:
' ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في
صلاتك كلها ' وزاد في أوله:
' إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر '.
1179 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا
محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا / يوسف بن موسى قال حدثنا أبو أسامة فذكره.
ورواه أنس بن عياض عن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي
هريرة على معنى حديث ابن المثنى عن يحيى وقال في آخره:
فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وإن انقصت من هذا فإنما انقصته من
صلاتك '. وقال فيه:
' إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء '.
1180 - أخبرناه الحسين بن محمد قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا القعنبي قال حدثنا أنس بن عياض. فذكره.
1181 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى بن علي بن
خلاد عن أبيه عن جده رفاعة بن مالك انه سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' إذا قام أحدكم إلى
203

الصلاة فليتوضأ كما أمره الله ثم ليكبر فإن كان معه شيء من القرآن قرأ به وان لم يكن
معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر ثم ليركع حتى يطمئن راكعا ثم ليقم حتى
يطمئن قائما ثم يسجد حتى يطمئن ساجدا ثم ليرفع رأسه فليجلس حتى يطمئن جالسا
فمن نقص من هذا فإنما نقص من صلاته '.
قال أحمد لم يقم إسناده إبراهيم بن محمد والصواب عن يحيى بن علي بن
يحيى بن خلاد عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع.
1182 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال حدثنا
أبو عيسى الترمذي قال حدثنا قتيبة وعلي بن حجر قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن
يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده عن رفاعة بن
رافع بمعنى هذا الحديث.
هذا هو الصحيح بهذا الإسناد.
1183 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني محمد بن عجلان
عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع قال:
جاء رجل يصلي في المسجد قريبا من رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم جاء فسلم على
النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أعد صلاتك فإنك لم تصل '.
فعاد فصلى كنحوها / صلى فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أعد صلاتك فإنك لم تصل '.
فقال: علمني يا رسول الله كيف أصلي؟ قال:
' إذا توجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ فإذا ركعت
فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن ركوعك وامدد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك
وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن السجود فإذا رفعت
204

رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة حتى
تطمئن '.
قال أحمد:
لم يقم إبراهيم بن محمد إسناد هذا الحديث أيضا. فإن ابن عجلان إنما رواه
عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه يحيى بن خلاد بن رافع عن عمه رفاعة بن رافع
هكذا رواه عنه الليث بن سعد وغيره عن محمد بن عجلان.
وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وداود بن قيس ومحمد بن بشار
عن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع.
وقد كتب الشافعي هذا الحديث عن حسين الألثغ عن يحيى بن سعيد عن ابن
عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
1184 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال كتب
الشافعي حديث ابن عجلان هذا عن حسين الألثغ عن يحيى بن سعيد.
قال أحمد:
فأكد الشافعي رواية إبراهيم بن محمد بهذه الرواية الموصولة.
وهؤلاء الرواة يزيد بعضهم على بعض في حديث رفاعة وليس في هذا الباب
أصح من حديث أبي هريرة فالاعتماد عليه.
قال الشافعي:
وحديث عبادة بن الصامت وأبي هريرة يدلان على فرض أم القرآن ولا دلالة
فيهما ولا في واحد منهما على فرض غيرها معها.
قال أحمد:
وقد روينا عن عطاء عن أبي هريرة أنه قال: في كل صلاة قراءة فما اسمعنا
النبي [صلى الله عليه وسلم] أسمعناكم وما اخفى منا أخفيناه منكم من قرأ بأم القرآن فقد أجزت عنه ومن
205

زاد فهو أفضل.
1185 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال / حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا
جعفر بن محمد ومحمد بن عبد السلام قالا: حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا
يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عن عطاء قال قال أبو هريرة فذكره. رواه مسلم في
الصحيح عن يحيى بن يحيى.
واخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء بهذا المعنى. قال الشافعي:
ولم يذكر النبي [صلى الله عليه وسلم] الجلوس في التشهد إنما ذكر الجلوس بين السجود فأوجبنا
التشهد والصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] على من أحسنه بغير هذا الحديث.
قال أحمد:
وكذلك التسليم أوجبناه بغير هذا الحديث وقد مضى ذكره في هذا الكتاب.
وأما الذي لا يحسن شيئا من القرآن فقد روينا في حديث رفاعة ما دل على
وجوب الذكر.
وروينا عن عبد الله بن أبي أوفى في الرجل الذي جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال إني
لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني قال:
' سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله '.
قال: يا رسول الله: هذا لله فما لي؟ قال:
' قل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني '.
فعقدهن الرجل في يده عشرا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أما هذا فقد ملأ يده خيرا '.
206

1186 - حدثناه أبو بكر محمد بن الحسن قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال
حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن إبراهيم السكسكي
عن عبد الله بن أبي أوفى أن رجلا اتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله إني لا
أحسن القرآن فهل شيء يجزي من القرآن. فذكره.
202 [باب]
نسيان القرآن
1187 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم
التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب صلى بالناس المغرب فلم
يقرأ فيها فلما انصرف قيل له: ما قرأت. قال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا:
حسنا قال فلا بأس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في كتاب اختلافه ومالك:
قد رويتم هذا عن عمر وصلاته بالمهاجرين والأنصار فكيف خالفتموه؟ يريد
أصحاب مالك.
قال الشافعي:
فإن كنتم إنما ذهبتم إلى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا صلاة إلا بقراءة '.
فينبغي أن تذهبوا في كل شيء هذا المذهب فإذا جاء شيء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم
تدعوه لشيء أن خالفه غيره كما قلتم ها هنا.
وذكر كلاما آخر.
207

وكان في القديم يقلد عمر رضي الله عنه في هذا ويقول: القراءة تسقط عمن
نسي.
فقيل له: روي عن عمر انه أعاد الصلاة.
قال الشافعي:
رويته عن الشعبي وإبراهيم مرسلا.
ورويناه عن أبي سلمة يحدثه بالمدينة وعند آل عمر لا ينكره أحد.
وقد روينا عن غير أبي سلمة.
قال الشافعي:
أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ فقال:
كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسنا.
قال: فلا بأس.
قال أحمد:
حديث أبي سلمة أيضا مرسلا وكذلك حديث محمد بن علي مرسل.
وقد روى يونس عن عامر - وهو الشعبي - عن زياد - يعني ابن عياض - حين اتى
موسى قال: صلى عمر فلم يقرأ فأعاد.
وهذه الرواية موصولة.
ورواه أيضا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام أن عمر صلى المغرب
ولم يقرأ فأعاد. وهي موافقة للسنة في وجوب القراءة وللقياس في أن الأركان لا تسقط
بالنسيان. والله أعلم.
1188 - أخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن
علي أن رجلا قال:
208

إني صليت ولم اقرأ. قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم. قال: تمت
صلاتك.
قال الشافعي:
وهم لا يقولون بهذا يزعمون أن عليه إعادة الصلاة.
قال أحمد:
وكذلك عندنا لقول النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب '
والحارث الأعور لا يحتج به.
1189 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال / أخبرنا أبو عمرو موسى بن
إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا أبي قال حدثنا عيسى بن مينا قال حدثنا عبد
الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال القراءة سنة.
إنما أراد قراءة القرآن على الحروف التي أثبتت في المصحف الذي هو إمام
سنة متبعة لا يجوز مخالفتها وإن كان غيرها سائغا في اللغة.
وبالله التوفيق.
203 - [باب]
طول القراءة وقصرها
صلاة الصبح
1190 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مسعر عن الوليد بن سريع عن
عمرو بن حريث قال سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الصبح:
* (والليل إذا عسعس) *.
209

قال الشافعي:
يعني قرأ في الصبح: * (إذا الشمس كورت) *. اخرجه مسلم في الصحيح
من حديث وكيع وغيره عن مسعر.
1191 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن زياد بن علاقة عن عمه قال
سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الصبح:
* (والنخل باسقات) *.
قال الشافعي:
يعني ب (ق ~).
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر عن ابن عيينة وعمه قطب بن مالك.
1192 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن
جريج قال أخبرني محمد بن عباد بن جعفر قال أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد
الله بن عمرو العابدي عن عبد الله بن السائب قال:
صلى بنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الصبح بمكة فاستفتح بسورة ' المؤمنين ' حتى إذا جاء
ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذت النبي [صلى الله عليه وسلم] سعلة فحذف.
قال: وعبد الله بن السائب حاضر ذلك. اخرجه مسلم في الصحيح من حديث
ابن جريج وزاد في إسناده: مع أبي سلمة وصاحبه عبد الله عمرو بن العاص.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
/ وليس يعد هذا اختلافا لأنه قد صلى الصلوات عمره فحفظ الرجل قراءته يوما
والرجل قراءته يوما غيره.
1193 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
210

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتاهما.
1194 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن أنس أن أبا بكر صلى بالناس الصبح
فقرأ بسورة البقرة فقال له عمر: كربت الشمس أن تطلع. فقال: لو طلعت لم تجدنا
غافلين.
1195 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه انه سمع عبد الله بن
عامر بن ربيعة يقول:
صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيهما ' بسورة يوسف ' و ' سورة الحج '
فقرأ قراءة بطيئة فقلت: والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال: أجل.
كذا رواه مالك ورواه أبو أسامة ووكيع وحاتم بن إسماعيل عن هشام عن عبد
الله بن عامر دون ذكر أبيه فيه وهو الصواب.
1196 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي
عبد الرحمن أن الغرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت ' سورة يوسف ' إلا من قراءة
عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها.
1197 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقرأ في الصبح في
السفر بالعشر الأول من المفصل في كل ركعة بسورة.
1198 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا عثمان بن أبي
211

سليمان قال سمعت عراك بن مالك / يقول سمعت أبا هريرة يقول: قدمت المدينة
ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] بخيبر ورجل من بني غفار يؤم الناس وسمعته يقرأ في صلاة الصبح في
الركعة الأولى بسورة مريم وفي الثانية ب * (ويل للمطففين) * وكان عندنا رجل له
مكيالان يأخذ بأحدهما ويعطي بالآخر.
فقلت: ويل لفلان.
204 - [باب]
الظهر
قال الشافعي في كتاب البويطي: والقراءة في الصبح بطوال المفصل وفي الظهر
بنحو ذلك.
وقال في القديم:
ويقرأ في الظهر شبيها بقراءته في الصبح ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال: من
فاته حزبه من الليل فليصله إذا زالت الشمس فيكون خلفا من صلاة الليل.
1199 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال: وحدثنا القعنبي
فيما قرأ على مالك عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبد
الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب قال:
من فاته حزبه من الليل فقرأ به حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فكأنه لم
تفته أو كأنه أدركه.
وقد روي ذلك بمعناه أتم منه من وجه آخر مرفوعا.
205 - [باب]
العصر والعشاء
1200 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
212

الشافعي قال:
ويقرأ فيها - يعني في العصر - ب:
* (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (السماء والطارق) * و * (والليل إذا يغشى) *.
وما أشبه هذا في الطول ويخفي القراءة فيها وهكذا يقرأ في العشاء ويجهر
بالقراءة فيها. واحتج بما:
1201 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وعن جابر بن
عبد الله أن معاذ أم قومه في العتمة فافتح بسورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى.
فذكر ذلك للنبي [صلى الله عليه وسلم] فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' أفتان أنت افتان أنت اقرأ بسورة كذا وسورة / كذا '.
وأخبرنا سفيان قال أخبرني أبو الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثله.
وقال في حديثه: ' اقرأ ب:
* (سبح اسم ربك الأعلى) * * (والليل إذا يغشى) * * (والسماء والطارق) * ونحوها.
قال سفيان فذكرت ذلك لعمرو فقال: هو نحو هذا أخرجاه في الصحيح من
حديث عمرو.
ومسلم من حديث أبي الزبير.
213

1202 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن
ثابت عن البراء بن عازب أنه قال صليت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] العتمة فقرأ فيها:
ب * (التين والزيتون) *.
1203 - قال: وحدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد قال
أخبرني عدي بن ثابت عن البراء انه أخبره انه صلى مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] العشاء فقرأ
فيها:
ب * (التين والزيتون) *.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الليث عن يحيى بن سعيد.
وأخرجاه من حديث شعبة ومسعر عن عدي.
206 - [باب]
المغرب
1204 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي قال:
ويقرأ في المغرب مع أم القرآن ' بالضحى ' و:
* (ألم نشرح لك صدرك) *.
وأشباههما. ولسنا نضيق أن يقرأ بأكثر منه.
قال أحمد:
قد روى الشافعي في غير هذا الموضع بإسناده عن أبي عبد الله الصنابحي أنه
صلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة
سورة من قصار المفصل ثم سمعه قرأ في الركعة الثالثة بأم القرآن وهذه الآية:
214

* (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) *.
وقد مضى بإسناده.
وروي عن عمر بن الخطاب انه كتب بذلك إلى أبي موسى. وروينا عن
سليمان بن يسار عن أبي هريرة أنه قال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله [صلى الله عليه وسلم] من
فلان لأمير كان بالمدينة.
قال سليمان فصليت أنا وراءه فكان يقرأ في الأوليين من المغرب بقصار
المفصل.
1205 - وأخبرنا أبو عبد الله / وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ ' بالطور ' في
المغرب.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف. ورواه مسلم عن يحيى بن
يحيى كلاهما عن مالك.
1206 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أم الفضل بنت الحرث سمعته يقرأ:
* (والمرسلات عرفا) *.
فقالت: يا بني لقد ذكرتني قراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ بها في المغرب.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف. ورواه مسلم عن يحيى بن
يحيى كلاهما عن مالك.
1207 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
215

حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قرأ بالطور في
المغرب.
1208 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن
عبد الله عن ابن عباس عن أمه أم الفضل انها سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في المغرب
بالمرسلات.
أخرج البخاري ومسلم الحديث الأول من حديث ابن عيينة.
وأخرج مسلم الحديث الثاني من حديث ابن عيينة وأخرجاه من أوجه.
وقد روينا في حديث جبير بن مطعم أنه قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في
المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية:
* (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل
لا يوقنون) *.
كاد قلبي أن يطير.
وهذا يرد قول من زعم أنه إنما قرأ بعضها قوله:
* (إن عذاب ربك لواقع) *.
1209 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله /
الصفار قال حدثنا أحمد بن يونس الضبي بأصبهان قال حدثنا محاضر بن المورع قال
حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن ثابت أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ في المغرب
بسورة الأعراف في الركعتين كلتاهما.
وبمعناه رواه بقية بن الوليد عن شعيب بن أبي حمزة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة وقال: فرقها في ركعتين.
216

والصحيح رواية ابن أبي مليكة عن عروة عن مروان عن زيد بن ثابت. كان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في المغرب بطولى الطوليين قال فقلت لعروة: ما طولى الطوليين؟
قال: ' الأعراف '. وقال ابن مليكة: ' الأنعام ' و ' الأعراف '.
وقد مضى ذكره في كتاب السنن.
207 - [باب]
المعوذتين
1210 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي لبابة
وعاصم عن زر قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين وقلت له:
إن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف. قال أبي: سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فقال: ' قيل لي قل فقلت '.
فنحن نقول كما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله وقتيبة عن سفيان.
1211 - أخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله بن
مسعود قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه أو رواه عن
وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا به ما ليس
منه. قال الشافعي:
وهم يروون عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قرأ بهما في صلاة الصبح وهما مكتوبتان في
المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع
عثمان عليه الناس وهما من كتاب الله. وأنا أحب أن اقرأ بهما في صلاتي.
قال أحمد:
/ وروينا عن عقبة بن عامر الجهني انه سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن المعوذتين قال:
217

فأمنا بهم في صلاة الفجر.
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إلا أعلمك خير سورتين قرئتا '
فعلمه * (قل أعوذ برب الفلق) * و * (قل أعوذ برب الناس) *.
ثم صلى بهم صلاة الصبح للناس.
وعن عقبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لقد أنزلت علي آيات لم ير مثلهن يعني
المعوذتين.
208 - [باب]
المعاهدة على قراءة القرآن
1212 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أبو جعفر قال حدثنا المزني قال
حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' إنما
مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها
ذهبت '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ورواه مسلم عن يحيى بن
يحيى كلاهما عن مالك.
1213 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
218

قال أحمد:
وهذا لكي تكون قراءته بالترتيل والتدبر كما ندب إليه. وروينا عن عبد الله بن
عمرو قال قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إقرأه في سبع ولا تزد على ذلك '.
209 - [باب]
الصلاة بالنجاسة وموضع الصلاة
من مسجد وغيره
إمامة الجنب
1214 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن
يسار: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إلى الناس أن امكثوا ثم رجع
وعلى جلده اثر الماء. قال: وأخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن
عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان / عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي
هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. بمثل معناه.
1215 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه أو رواه - أنا أشك - عن وكيع عن أسامة بن زيد فذكره بنحوه.
وكذلك رواه غيره عن وكيع.
1216 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال
حدثنا سعيد بن محمد الحناط والحسن بن إسماعيل قالا: حدثنا محمد بن عمرو بن
أبي مزعور قال حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد عن ابن ثوبان عن
أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جاء إلى الصلاة فلما كبر انصرف وأومأ إليهم أي كما أنتم
ثم خرج ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم.
219

فلما انصرف قال:
' إني كنت جنبا فنسيت أن أغتسل '
1217 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرني الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. مثله
- يعني مثل ما تقدم من حديثه عن الثقة وقبله عن مالك -.
1218 - وبهذا الإسناد في موضع آخر قال قال الشافعي: عن ابن علية عن ابن
عون عن محمد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه وقال:
' إن كنت جنبا فنسيت '.
وكذلك رواه أيوب وهشام عن محمد مرسلا. ورواه الحسن بن عبد الرحمن
الحارثي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مسندا.
والأول أصح.
1219 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباسي قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] نحوه.
1220 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان
الأصبهاني قال حدثنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد عن حماد بن زياد الأعلم عن
الحسن عن أبي بكرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كبر في صلاة الفجر ثم أومأ إليهم ثم انطلق فاغتسل
يعني ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم.
هذا إسناد صحيح.
وقد أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
قال الشافعي في القديم:
220

أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب / عن سليمان بن يسار قال أخبرني الشريد بن
سويد أن عمر بن الخطاب صلى بالناس الصبح ثم استتبعني الجرف فخرجت معه
فبينا نحن قعود والربيع يجري بيننا إذ نظر إلى الاحتلام في ثوبه فقال: لا أبالك لقد
خرط علينا مذ ولينا أمر الناس فاغتسل فصلى احسبه قال: ولم أعد ولم يأمرني
بالإعادة.
1221 - أخبرناه محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ
قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن حسان الأزرق قال حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن
المنكدر عن الشريد الثقفي أن عمر صلى بالناس وهوجنب فأعاد ولم يأمرهم أن
يعيدوا.
قال الشافعي:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن هشيم عن خالد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن
الحارث بن المصطلق أن عثمان صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يعيدوا.
1222 - أخبرناه محمد بن الحسن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا
أبو عبيد قال حدثنا محمد بن حسان قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا هشيم
فذكره بإسناده أتم منه وقال ابن الحارث بن أبي ضرار وقال ثم أعاد ولم يأمرهم أن
يعيدوا.
قال الشافعي:
وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر أنه
صلى بهم العشاء ثم سار ما شاء الله أن يسير ثم نزل فتوضأ وصلى قال فقلت له: إن
هذه الصلاة ما رأيتك صليتها قط.
قال إني بعد أن توضأت مسست ذكري فنسيت أن أتوضأ فتوضأت وعدت
لصلاتي.
221

قال سالم ولم يعد منا أحد ولم يأمر أن يعيد.
1223 - أخبرنا أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا
أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن
عمر انه صلى بهم وهو على غير وضوء فأعاد ولم يأمرهم بالإعادة.
1224 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم ويزيد عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
في إمام صلى بغير وضوء قال يعيد ولا يعيدون.
/ قال أحمد:
وقد روى عمرو بن خالد الواسطي وكان ممن يضع الحديث عن حبيب بن أبي
ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي انه صلى بالقوم وهو جنب فأعاد ثم أمرهم
فأعادوا.
1225 - أخبرناه محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا
عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا داود بن رشيد قال أبو حفص الأبار عن
عمرو بن خالد فذكره.
قال علي: عمرو بن خالد هو: أبو خالد الواسطي متروك الحديث.
رماه أحمد بن حنبل بالكذب.
قال أحمد:
وهذا الحديث أحد ما أنكره عليه وكيع وغيره وكان سفيان الثوري يقول: لم يرو
حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة شيئا قط. وروي عن أبي جابر البياضي عن
ابن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا.
222

وروي في مقابلته عن الضحاك بن مزاحم عن البراء بن عازب قال: صلى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وليس هو على وضوء فتمت للقوم وأعاد النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكلاهما ضعيف.
أبو جابر البياضي متروك الحديث.
كان مالك بن أنس لا يرتضيه.
وكان يحيى بن معين يرميه بالكذب.
وكان عبد الله بن المبارك يقول ليس في الحديث قوة لمن يقول: إذا صلى
الإمام بغير وضوء أن أصحابه يعيدون.
والحديث الآخر أثبت أن لا يعيد القوم. هذا لمن أراد الإنصاف بالحديث.
قال أحمد:
وإنما أراد ابن المبارك بالحديث الآخر: الآثار التي تقدم ذكرها. وبالله التوفيق.
1226 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أنبأني أبو عمرو بن السماك شفاها أن
أبا سعد الجصاص حدثهم قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول
سمعت الشافعي يقول الرواية عن حرام بن عثمان. حرام.
ومن روى عن أبي جابر البياضي بيض الله عينيه.
223

210 - [باب]
طهارة الثياب
1227 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي قال الله جل ثناؤه:
* (وثيابك فطهر) *.
قيل: صل في ثياب طهارة وقيل غير / ذلك. والأول أشبه لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
أمر أن يغسل دم الحيض من الثوب.
قال أحمد:
قد مضى هذا الحديث بإسناده وسيرد.
قال الشافعي:
فمن صلى وفي ثوبه نجس أعاد الصلاة كان عالما بما كان في ثوبه أو لم يكن
عالما كهيئته في الوضوء.
قال أحمد:
وهذا قول الحسن البصري وأبي قلابة.
وكان الشافعي في القديم يقول:
إن صلى وهو لا يعلم أن في ثوبه دما أو بولا فصلاته تجزيه ويغسله لما
يستأنف.
وقال أخبرنا بعض أصحابنا عن حماد بن سلمة عن نعامة السعدي عن أبي نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال:
دخل النبي [صلى الله عليه وسلم] الصلاة في نعليه ثم خلعهما فخلع الناس نعالهم فلما سلم قال:
224

' ما لكم خلعتم نعالكم '.
قالوا رأيناك خلعت فخلعنا قال:
' إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا '.
1228 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل.
1229 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا محمد بن أيوب قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن
أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رآى ذلك ألقوم ألقوا نعالهم
فلما قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' ما حملكم على إلقائكم نعالكم '.
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال - أذى إذا جاء
أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما '.
1230 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا ابان قال حدثنا قتادة قال أخبرني بكر بن
عبد الله عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بهذا قال: ' فيهما خبثا '.
هذا مرسل واختلف / على حماد في لفظه فقيل: خبثا. وقيل: قذرا. وقيل:
أذى. وروي هذا الحديث من أوجه أخر هذا أمثلها.
وكأن الشافعي في الجديد حمله على ما يستقذر من الطاهرات أو علم اختلاف
225

أئمة الحديث في بعض رجال إسناده فلم يحتج به ولم يخرجه أيضا صاحبا الصحيح
في الصحيح. والله أعلم.
قال الشافعي:
أخبرنا بعض أصحابنا عن إسماعيل بن أمية عن نافع أن ابن عمر رأى في ثوبه
دما وهو في الصلاة فأخذه فأعطاه نافعا وأعطاه نافع ثوبه فلبسه ثم مضى في صلاته.
وحكاه أيضا عن القاسم بن محمد.
1231 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمدا بن حيان قال
حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثنا أبو عامر موسى بن عامر قال حدثنا
الوليد بن مسلم قال قال ابن جابر أخبرني نافع عن ابن عمر انه رأى دما في ثوبه وعليه
ثياب فرمى بالثوب الذي فيه الدم واقبل على صلاته قال الوليد: وأخبرني الليث عن
ابن شهاب عن القاسم بن محمد انه رأى في ثوبه دما وهو في الصلاة فخلعه.
قال أحمد:
نص الشافعي رحمه الله في كتاب الطهارة على وجوب غسل الثوب الذي أصابه
نجس فاستيقنه صاحبه أدرك طرفه أو لم يدركه.
وشرط في الإملاء:
أن يكون قدر ما لو كان له لون مشهور أدركه الطرف.
قال: وإنما ذهبنا فيما أدركه الطرف إلى ما أخبرنا عن جعفر بن محمد عن أبيه
أنه قال:
لو اتخذت ثوبا للمغتسل فإني رأيت الذباب يقع على الشيء الرقيق ثم يقع
على الثوب.
قال: ثم نظر في ذلك فقال: ما كان لهم إلا ثوب واحد فرفضه.
قال الشافعي:
226

يعني أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال: ومذاهب أهل المدينة للخلاء بارزة على الأرض وعلى سطوح ليست في
بواليع فلا شك أن من جلس في تلك المذاهب أن الذباب يقع على الخلاء ثم يقع
عليه.
قال الشافعي:
لولا مذاهب الفقهاء فيما لا يدركه الطرف لرأيت أن من استيقن نجاسة أصابت
ثوبه فعليه غسله.
1232 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو / العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي في الدم إذا كان لمعة مجتمعة وجب غسلها وإن كانت أقل من موضع دينار أو
فلس لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر بغسل دم المحيض وأقل ما يكون دم المحيض في المعقول
اللمعة.
وإذا كان يسيرا كدم البرغوث وما أشبه لم يغسل لأن العامة أجازت هذا.
قال أحمد:
قد روينا في حديث عائشة ان النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى في كساء فقال رجل: يا رسول الله هذه
لمعة من دم. فقبض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على ما يليها فبعثها إلى عائشة مصرورة في يد
غلام فقال:
' اغسلي هذه '.
وروى الشافعي في كتاب الطهارة بإسناده عن ابن عمر انه عصر بثرة بوجهه
فخرج منه الدم فدلكه بين إصبعيه ثم قام إلى الصلاة ولم يغسل يده وروي بإسناده في
هذا المعنى عن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله حين رعفا فقد مضى ذكره في
مسألة الرعاف.
أما حديث روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا:
' تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم ' فإنه لم يثبت فقد أنكره عليه عبد
227

الله بن المبارك ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ وذهب الشافعي في كتاب حرملة
وفي الإملاء إلى ايجاب غسل الثوب من قليل الدم وكثيره.
1233 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هيثم وأبي معاوية وابن علية وغير واحد عن ابن عون وعاصم
عن ابن سيرين عن يحيى بن الجزار أظنه عن عبد الله انه صلى وعلى بطنه فرث ودم.
وهذا أورده إلزاما فيما خالفوا فيه ابن مسعود.
211 - [باب]
النجاسة اليابسة يطأها برجله أو يجر عليها ثوبه
1234 - أخبرنا أو زكريا وبأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عمارة عن عمرو بن حازم /
عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن
عوف عن أم سلمة أن امرأة سألت أم سلمة فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي
المكان القذر.
فقالت أم سلمة: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' يطهره ما بعده '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهذا في اليابس فأما الرطب فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سن فيه أن طهارته الماء.
وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي انه ذكر فيما بلغه عن داود بن الحصين عن
أبي سفيان عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يطهره المكان الطيب إذا مشى فيه بعده إذا كان يابسا قذرا '.
قال الشافعي:
228

ولا ندري من القائل: ' إذا كان يابسا قذرا '.
أبو هريرة أم من دونه ومعناه والله أعلم يذهب ما في القلوب منه لا أنه كان نجسا
فطهر بدلالة قول الله عز وجل:
* (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) *.
وأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بتطهير دم الحيضة بالماء.
1235 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان
الأصبهاني قال حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا
إبراهيم بن إسماعيل اليشكري عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن أبي
سفيان مولى أبي أحمد عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله:
إنا نريد المسجد فنطأ طريقا نجسة.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الطرق تطهر بعضها بعضا '.
وهذا إسناد ضعيف.
212 - [باب]
غسل موضع دم الحيض من الثوب وجوبا ونضح ما حوله اختيارا.
1236 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر
قالت سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن دم الحيضة
تصيب الثوب فقال:
' حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه '.
هكذا في رواية الربيع والصواب:
229

سألت امرأة / رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
1237 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن
أسماء بنت أبي بكر قالت: سألت امرأة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقالت:
يا رسول الله: أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] لها:
' إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي
فيه '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي:
وبحديث سفيان عن هشام نأخذ وهو حفظ فيه الماء وان لم يحفظه مالك.
وكذلك رواه غيره عن هشام.
قال: وفي هذا دليل على أن دم الحيض نجس وكذلك كل دم غيره.
قال: وتقريصه فركه وقوله: بالماء غسل بالماء.
وأمره بالنضح لما حوله فأما النجاسة فلا يطهرها إلا الغسل.
قال أحمد:
حديث مالك رواه عنه أصحاب الموطأ عبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير
وغيرهما كما رواه الشافعي.
ورواه ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك بن أنس وعمرو بن
الحارث عن هشام وقال في الحديث: لتحته ثم لتقرصه بالماء ثم لتنضحه بالماء.
فذكر الماء في الموضعين.
230

ورواه يحيى بن سعيد القطان ووكيع وابن نمير عن هشام وقالوا فيه: تحته ثم
تقرصه بالماء ثم تنضحه.
ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قال فيه:
' حتيه ثم اقرصيه بماء ثم ينضح في سائر ثوبها ثم تصلي فيه '.
وكانت عائشة تغسل الدم من ثوبها وتنضح على سائره.
وفي كل ذلك دلالة على صحة ما قال الشافعي في حديث أسماء.
قال الشافعي:
والنضح والله أعلم اختيار وذكر:
1238 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني محمد بن عجلان عن
عبد الله بن رافع عن أم سلمة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] أن / النبي [صلى الله عليه وسلم] سئل عن الثوب يصيبه دم
الحيض قال:
' تحته ثم تقرصه بالماء ثم تصلي فيه '.
قال الشافعي وفيه دلالة على ما قلنا من أن النضح اختيار لأنه لم يأمر بالنضح في
حديث أم سلمة.
قال أحمد:
وقد روينا عن بكار بن يحيى عن جدته عن أم سلمة انها قالت: كانت إحدانا
تنظر الثوب الذي تبيت فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه وإن لم يكن أصابه شيء تركناه
ولم يمنعنا ذلك أن نصلي فيه.
قال الشافعي:
وإذا رخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] للحائض تغسل اثر الحيضة من الثوب وتصلي فيه
ففي هذا دليل على أن ثوبها لو كان ينجس بلبسها أمرها أن تغسله.
قال: والجنب كالحائض في هذا كله واخف.
قال أحمد:
231

قد روينا عن معاوية بن أبي سفيان انه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]:
هل كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم إذا لم ير
فيه أذى.
1239 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال
حدثنا عبيد بن شريك.
قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن
قيس عن معاوية بن جريج عن معاوية بن أبي سفيان انه سأل فذكره.
قال أحمد:
والأذى قد يكون مذيا والمذي نجس وقد يصيبه شيء من رطوبة فرج المرأة
وغسل الثوب منه واجب قد قال النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث:
' الماء من الماء '.
يغسل ما أصابه من المرأة وكانت عائشة تقول:
ينبغي للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ خرقة فإذا جامعها زوجها ناولته فيمسح
عنه ثم يمسح عنها فيصليا في ثوبهما ذلك [ما] لم تصبه جنابة.
1240 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وللرجل المسافر لا ماء له والمعزب في الإبل أن يجامع أهله ويجزيه التيمم
إذا غسل ما أصاب ذكره وغسلت المرأة ما أصاب فرجها أبدا حتى يجدا الماء.
هذا نص قوله / في الطهارة.
232

وحكى المزني عن الإملاء:
انه إذا لم يجد الماء فالتيمم له طهارة حتى يجد الماء.
قال: ولم يذكر غسل فرج ولا إعادة ومن قال بهذا:
احتج بحديث أبي ذر في تيمم الجنب.
213 - [باب]
أصل الثياب على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة
1241 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عاصم بن
عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي وهو حامل امامة بنت أبي العاص وهي بنت بنت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وثوب امامة ثوب صبي.
214 - [باب]
الأبوال كلها نجس أبوال ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل
1242 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
إذا كان بول ابن آدم الذي هو أطهر ذي روح والذي ذوات الأرواح مسخرات له
نجسة كان بول ما سواه انجس.
قال أحمد:
وقد روينا عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
233

' أكثر عذاب القبر في البول '.
1243 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا
إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا من البول '.
ورواه الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: مر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
على قبرين فقال:
' إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر
فكان لا يستنزه من بوله '.
قال / وكيع: لا يتوقى. قال: فدعا بعسيب رطب فشقه بإثنتين ثم غرس على هذا
واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال:
' لعله أن يخفف ما لم ييبسا '.
1244 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن
يعقوب بن يوسف العدل قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي قال أخبرنا وكيع عن
الأعمش قال سمعت مجاهدا يحدث فذكره.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث وكيع.
وفي رواية عبد الواحد بن زياد وأبي معاوية عن الأعمش من البول.
234

ويشبه أن يكون هذا الحديث غير الأول لموافقة أبي هريرة ابن عباس في بعض
لفظ الحديث الأول.
وروينا عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر '.
وقال في حديث ابن مسعود في الروثة:
' هذه ركس '.
وروينا عن ابن عمر أنه قال في بول الناقة:
' اغسل ما أصابك منه '.
والذي روي في قصة العرنيين من الإذن في شرب ألبانها وأبوالها فذاك للتداوي
عند الضرورة وقيل للشافعي في الإسناد الذي تقدم:
بلغنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن في ألبان الإبل وأبوالها شفاء للذربة بطونهم '.
1245 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحسن - يعني ابن موسى - قال حدثنا عبد الله بن لهيعة قال
حدثنا عبد الله بن هبيرة عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس قال قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أبوال الإبل وألبانها شفاء للذربة بطونهم '.
قال الشافعي:
في الإسناد الذي تقدم فهذا إذا كان ثابتا يدل على أنه إنما أتيح للذربة بطونهم
وهم الذين بهم الماء الأصفر الذي لم يزل العرب تقول لا شفاء لهم إلا ألبان الإبل
وأبوالها أو شق البطن.
فإذا كان شق البطن وقطع العضو رجاء العافية.
235

/ فهذا محرم لغير معنى الضرورة جاز هذا على الضرورة كما أجيز على الضرورة
أكل الميتة وما يصب محرمها معها وحكم الضرورات مخالف لغيره.
قال أحمد:
وإنما توقف في صحة الخبر لأن رواية ابن لهيعة وابن لهيعة لا يحتج به.
واما حديث مطرف عن أبي الجهم عن البراء مرفوعا:
' ما اكل لحمه فلا بأس ببوله '.
فهكذا رواه سوار بن مصعب مرة وقال أخرى:
' فلا بأس بسؤره '.
وخالفه عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء الرازي فرواه عن مطرف عن
محارب عن جابر مرفوعا في البول وعمرو ويحيى وسوار ضعفاء لا يحتج بروايتهم.
215 - [باب]
الرش على بول الصبي الذي لم يأكل الطعام
روى الشافعي في حكاية بعض أصحابنا عنه عن سفيان بن عيينة عن الزهري
عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت:
دخلت بابن لي على النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه
عليه.
1246 - أخبرناه عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد هو ابن
الأعرابي قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره
بإسناد مثله.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
قال الشافعي:
236

وفي رواية مالك بن أنس فدعا بماء فنضحه ولم يغسله. ومعناهما واحد.
1247 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة بن مسعود عن أم قيس بنت محصن انها اتت النبي [صلى الله عليه وسلم] بابن لها صغير لم
يأكل الطعام إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأجلسه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حجره فبال على ثوبه فدعا
بماء فنضحه ولم يغسله.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
قال الشافعي:
وفيه دلالة على الفرق بين من اكل الطعام وبين من لم يأكله.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس عن هشام / بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أتي رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه.
1248 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره. بإسناده مثله.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية حرملة:
واتباعه إياه الماء يكون صبا عليه ويكون غسلا له بأن يصب عليه ويغسل وقد
يغسله مرة ويرشه أخرى وفي الرش مرة دليل على أن الغسل اختيار.
وشرح هذا فاختصرته.
قال في موضع آخر:
قد يكون صبيا اكل الطعام.
قال أحمد:
قد رواه عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة بإسناده قال فيه: فدعا بماء فأتبعه
237

بوله ولم يغسله.
1249 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا
الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن هشام بإسناده
ومعناه.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب عن عبد الله بن نمير.
وقال الشافعي في معنى الرش:
ليجد صاحبه البلل فتطيب نفسه لأنه لا يرى لعل البلل من الماء.
1250 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا إسرائيل
عن سماك عن قابوس بن المخارق عن أم الفضل انها جاءت بالحسين بن علي إلى
النبي [صلى الله عليه وسلم] فأجلسه في حجره فبال عليه قالت قلت اخلع ازارك والبس ثوبا غيره حتى
اغسله قال:
' إنما يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام '.
أخرجه أبو داود في السنن من حديث أبي الأحوص عن سماك.
1251 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي /
قال حدثنا يحيى بن الوليد قال حدثنا محل بن خليفة الطائي قال حدثني أبو السمح قال
كنت خادم النبي [صلى الله عليه وسلم] فجيء بالحسن أو الحسين فبال على صدره فأرادوا أن يغسلوه
فقال:
' رشوه رشا فإنه يغسل بول الجارية ويرش بول الغلام '.
238

أخرجه أبو داود في السنن من حديث عبد الرحمن.
1252 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حرب بن
أبي الأسود عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال:
يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام ما لم يطعم.
قال: وحدثنا أبو داود قال حدثنا ابن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثنا
أبي عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود عن علي أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: فذكر معناه. لم يذكر ما لم يطعم الطعام.
قال قتادة: هذا ما لم يطعما الطعام فإذا طعما غسلا جميعا.
هذا حديث رفعه سعيد بن أبي عروبة ورفعه هشام الدستوائي وهو حافظ ثقة.
1253 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا
يزيد بن زريع قال حدثنا يونس عن الحسن عن أمه أن أم سلمة كانت تغسل بول
الجارية ما كان ولا تغسل بول الغلام حتى يطعم تصب عليه الماء صبا.
قال أحمد:
هذه الآثار لم تبق لمتأول تأويلا في تركها ومن زعم أن النضح المذكور فيه
المراد به الغسل واستدل على ذلك بورود النضح في مواضع أريد به فيها الغسل لم
يفكر في رواية مالك عن الزهري حين قال فنضحه ولم يغسله.
ولا في قوله في رواية ابن نمير عن هشام:
فأتبعه بوله ولم يغسله.
ولا في رواية أم الفضل حين رد عليه قولها: حتى اغسله. في الغلام. وأثبته في
الجارية.
239

ولا في رواية أبي السمح: / فأرادوا أن يغسلوه فقال: ' رشوه رشا فإنه يغسل بول
الجارية ويرش بول الغلام '.
ولا في اثر علي وأم سلمة وفي كل واحد من هذه الآثار رد ما قال.
ثم في اشتراط كونه رضيعا لم يأكل الطعام إذ لا تأثير لهذا الشرط فيما حمل
عليه الخبر ولا فيما فرق فيه بين الغلام والجارية بأن بوله يكون في موضع واحد لضيق
مخرجه وبول الجارية يتفرق لسعة مخرجها.
فأمر في الغلام بصب الماء في موضع واحد وفي الجارية بأن يتتبع بالماء في
مواضعه والمراد بهما الغسل لأن مخرجه قبل اكل الطعام وبعده واحد.
وقد يتفرق بول الصبي في الخروج فيتفرق في مواضع ترسله الجارية ارسالا
فيجتمع في موضع واحد فهذا تأويل بعيد لا يستقيم مع استقصاء هؤلاء الرواة في إذا
ما حملوه وفرقهم في الغسل وترك الغسل بين الغلام والجارية وفرقهم بين الصبي
الذي اكل الطعام والذي لم يأكل في وجوب الغسل وجواز الرش. وبالله التوفيق.
قال أحمد:
وقد حكى المزني في المختصر الصغير عن الشافعي أنه قال: ولا يبين لي فرق
بينه وبين بول الصبية ولو غسل كان أحب إلي.
فذهب وهم بعض أصحابنا إلى أنه أراد به تعليق القول في وجوب غسل بول
الصبية وذلك بين في حكايته في الكبير ولا يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من
السنة الثابتة ولو غسل بول الجارية اكلت الطعام أو لم تأكل كان أحب إلي احتياطا.
وإن رش ما لم يأكل الطعام أجزأ إن شاء الله.
وإنما قال هذا لأن الحديث الثابت في ذلك حديث عائشة وأم قيس بنت محصن
وليس في حديثهما ذكر الصبية فأشبه أن يكون قولها قياسا على بول الصبي.
ولم يثبت عند الشافعي حديث أم الفضل وأبي السمح ولا حديث علي حين
يفرق بحديثهم بين بول الصبي والصبية ولذلك قال الشافعي:
من السنة الثابتة وكذلك لم يثبت حديثهم عند البخاري / ومسلم على ما رسما في
كتابيهما فلذلك اقتصرا على إخراج حديث عائشة وأم قيس في الصحيحين دون
240

حديثهم. وقد ثبتت أحاديثهم عند أبي داود السجستاني ومحمد بن إسحاق بن خزيمة
وغيرهما من الحفاظ فأخرجوها في كتبهم وشرائط الصحة عند أهل الفقه موجودة في
رواتها ومع أحاديثهم قول أم سلمة ومع قول أم سلمة قول علي بن أبي طالب وهو إمام
من أئمة الهدى لم يثبت رفعه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا يقولانه في الظاهر إلا توقيفا.
فالنظر يدل على ما قال الشافعي على أن رفع حديثه أقوى من وقفه لزيادة حفظ
هشام الدستوائي وثقته على سعيد بن أبي عروبة فالحجة به قائمة والفرقان بذلك بين
بوليهما حاصل. وبالله التوفيق.
وقد قرأت في كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي انه سأل محمد بن إسماعيل
البخاري عن هذا الحديث فقال: سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام الدستوائي رفعه
وهو حافظ.
216 - [باب]
المني
1254 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
بدأ الله جل ثناؤه خلق آدم (ع) من ماء وطين وجعلهما معا طهارة وبدأ خلق ولده
من ماء دافق فكان في ابتداء خلق آدم من الطاهرين الذين هما طهارة دلالة لابتداء
خلق غيره.
إنه من طاهر لا نجس ودلت سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على مثل ذلك.
وبهذا الإسناد قال الشافعي:
المني ليس بنجس لأن الله جل ثناؤه أكرم من أن يبتدئ خلق من كرمه وجعل
منهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأهل جنته من نجس فإنه يقول:
* (ولقد كرمنا بني آدم) *.
241

وقال جل ثناؤه:
* (من ماء مهين) *
ولو لم يكن هذا في خبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] لكان ينبغي أن تكون العقول تعلم / أن الله
جل ثناؤه لا يبتدئ خلق من كرمه واسكنه جنته من نجس مع ما فيه من الخبر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
1255 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو عبد الله
السوسي قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا
عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت:
كنت افرك المني من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
يفرك كما يفرك المخاط والبصاق والطين والشيء من الطعام يلصق بالثوب
تنظيفا لا تنجيسا.
1256 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة.
1257 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا منصور عن
إبراهيم عن همام بن الحارث قال: ضاف عائشة ضيف فأرسلت إليه تدعوه فقالوا له:
إنه اصابته جنابة فذهب يغسل ثوبه.
فقالت عائشة:
ولما غسله؟ إني كنت لأفرك المني من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
هذا لفظ حديث الحميدي وحديث الشافعي في روايتنا مختصر دون قصة
الضيف.
242

وقد رواه الربيع عن الشافعي بتمامه في رواية غيرنا.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن سفيان.
ورويناه عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن همام في هذا الحديث.
قالت عائشة:
قد رأيتني امسحه من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا جف حتيته.
1258 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن حماد بن
أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن / عائشة قالت: كنت افرك المني من
ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم يصلي فيه.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة إلا أنه
قال: فيصلي فيه.
وكذلك رواه أبو معشر عن إبراهيم النخعي.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
1259 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال
حدثنا حامد بن موسى الأبزاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا إسحاق بن
يوسف عن محمد بن قيس عن محارب بن دثارعن عائشة أنها كانت تحت المني من ثياب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو في الصلاة.
قال أحمد:
وهذا وإن كان فيه بين محارب وعائشة ارسال ففيما قبله ما يؤكده.
1260 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما
يخبره عن عطاء عن ابن عباس أنه قال في المني يصيب الثوب قال: امطه عنك قال
243

أحدهما: بعود أو اذخره فإنما هو بمنزلة البصاق أو المخاط.
هذا هو الصحيح موقوف.
وروي عن شريك عن ابن أبي ليلى عن عطاء مرفوعا ولا يثبت رفعه.
1261 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن
مجاهد قال أخبرني المصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه انه كان إذا أصاب ثوبه
المني إن كان رطبا مسح وإن كان يابسا حته ثم صلى فيه.
1262 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
فإن قال قائل فإن عمرو بن ميمون روى عن سليمان بن يسار عن عائشة انها
كانت تغسل المني من ثوب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فقلنا هذا إذا جعلنا ثابتا فليس بخلاف لقولها: كنت افركه من ثوب ثم يصلي
فيه كما لا يكون / غسله قدميه عمره خلافا لمسحه على خفيه في يوم من أيامه.
وذلك أنه مسح علمنا أن تجزي الصلاة بالغسل وتجزي الصلاة بالمسح وكذلك
تجزي الصلاة بحته وتجزي الصلاة بغسله لأن كل واحد منهما خلافا للآخر مع أن
هذا ليس ثابت عن عائشة.
هم يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون انما هو رأي سليمان بن يسار وكذا حفظ
عنه الحفاظ أنه قال:
غسله أحب إلي.
وقد روي عن عائشة خلاف هذا القول ولم يسمع سليمان.
علمناه من عائشة ولا روا عنها كان مرسلا.
قال أحمد:
244

قد ذهب صاحبا الصحيح إلى تصحيح هذا الحديث وتثبيت سماع سليمان عن
عائشة فإنه ذكر سماعه فيه من عائشة في رواية عبد الواحد بن زياد ويزيد بن هارون
وغيرهما عن عمرو بن ميمون إلا أن رواية الجماعة عن عائشة في الفرك وهذه الرواية
في الغسل.
فمن هذا الوجه كانوا يخافون غلط عمرو بن ميمون ثم الجواب عنه ما ذكر
الشافعي وبذلك أجاب عما روي عن بعض الصحابة في غسله الثوب منه. وبالله
التوفيق.
واما حديث أبي زيد ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن
عمار بن ياسر قال قال لي النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة
الماء الذي في ركوتك إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء '.
فهو فيما:
1263 - أخبرناه أبو سعيد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا ثابت بن حماد قال
أبو أحمد: لا اعلم روي هذا الحديث عن علي بن يزيد غير ثابت بن حماد هذا.
وأحاديثه مناكير ومقلوبات.
قال أحمد:
وكذلك قاله أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه قال: لم
يروه غيره وهو ضعيف جدا.
217 - [باب]
ما نصلي عليه وفيه
1264 - / اخبرا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
245

الشافعي قال صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في نمرة.
والنمرة صوف فلا بأس أن نصلي في الثوب والشعر والوبر ونصلي عليه.
وقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما إهاب دبغ فقد طهر '.
فلا باس أن نصلي في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب
والخنزير.
قال أحمد:
وقد روينا في حديث المغيرة بن شعبة في قصة المسح على الخفين: وعليه
جبة من صوف - يعني على النبي [صلى الله عليه وسلم] - ثم ذكر وضوءه ومسحه وصلاته.
1265 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو أسامة عن الأحوص بن حكيم عن
خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال:
خرج علينا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذات يوم وعليه جبة صوف رومية ضيقة الكمين فصلى
بنا فيها ليس عليه شيء غيرها.
1266 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو
سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان قال حدثنا زيد بن اسلم
عن عبد الرحمن - يعني ابن وعلة - يرويه عن ابن عباس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أيما أهاب دبغ فقد طهر '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان وقد مضى
إسناد الشافعي فيه في كتاب الطهارة.
246

قال الشافعي في سنن حرملة:
1267 - أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السختياني عن أنس بن سيرين عن
أنس بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدخل على أم سليم فتبسط له نطعا فيقيل عليه فتأخد من
عرقه فتجعل في طيبها. وتبسط له الخمرة فيصلي.
1268 - أخبرناه أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الوهاب
فذكره بإسناده ومعنا.
/ قال الشافعي:
هذا ثابت فإذا صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على الخمرة والخمرة إن كانت من نبات
الأرض فإنما يجوز أن يصلي عليها ما لم يعلم فيها نجاسة. فكذلك جميع نبات
الأرض وكذلك البساط وفيه انه كان يقيل على نطع فيعرق عليه ولو كان نجسا لم يقض
إليه بجسده ثم يعرق ويصلي.
وإذا لم يكن نجسا جاز أن يصلي عليه.
1269 - أخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف علي قال حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور وعن
الحسن عن علي انه كره الصلاة في جلود الثعالب.
قال الشافعي:
لسنا ولا إياهم يقول بهذا نقول نحن وهم لا بأس بالصلاة في جلود الثعالب إذا
دبغت.
1270 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا عبيد الله بن عمرو بن ميسرة قال حدثنا أبو أحمد الزبيدي عن يونس بن
الحارث عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي
على الحصير والفروة المدبوغة.
247

1271 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد لأنها ليست بنجس
وإنما تعبدوا بترك لبسها.
واحتج في موضع آخر بحديث الأعلام وقد مضى إسناد الشافعي فيه في باب
السهو وأبين منه في هذا الموضع.
1272 - ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا ليث عن ابن
أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة أنه قال:
أهدي إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه وانصرف فنزعه نزعا
شديدا كالكاره له ثم قال:
' لا ينبغي هذا للمتقين '.
قال ابن بكير سألت الليث / عن الفروج فقال: هو: البقاء.
أخرجاه في الصحيح عن قتيبة عن الليث.
218 - [باب]
ما يوصل بالرجل والمرأة
1273 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
فإن اعتلت سنة فربطها بذهب قيل [أن] تندر فلا بأس.
ويروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في الذهب ما هو أكثر منها.
248

يروى أن انف رجل قطع بالكلاب فاتخذ انفا من فضة فشكى إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]
وسلم نتنه.
فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يتخد انفا من ذهب.
1274 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني إملاء قال أخبرنا أبو
بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثني
عبد الرحمن بن طرفة أن عرفجة أصيب انفه يوم الكلاب فاتخذ انفا من ورق فأنتن
عليه فأمره النبي [صلى الله عليه وسلم] فاتخذ انفا من ذهب.
1275 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا ابن عرعرة قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثنا عبد
الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن أسعد انه أصيب انفه يوم الكلاب في الجاهلية
فذكره.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي عن
أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن جده عرفجة بن أسعد.
ورواه إسماعيل بن علية عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة بن
عرفجة بن أسعد عن أبيه: أن عرفجة.
ورواه الحسين بن الوليد عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن عن أبيه عن جده.
ورواه سلم بن زرير عن عبد الرحمن بن طرفة عن جده عرفجة بن أسعد.
وروينا عن أنس بن مالك أن أسنانه شدت بذهب.
1276 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد بن السراج
قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن
هشام عن فاطمة / عن أسماء قالت: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان بنتا لي اصابتها الحصبة فتمزق شعرها أفأصل فيه؟
249

فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لعنت الواصلة والموصولة '.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي عن سفيان واخرجاه من حديث شعبة
وغيره عن هشام.
219 - [باب]
ما يطهر الأرض
1277 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة قال: دخل اعرابي المسجد فقال: ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لقد تحجرت واسعا '.
قال فما لبث أن بال في ناحية من المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم النبي [صلى الله عليه وسلم]
ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' علموا ويسروا ولا تعسروا '.
وهكذا رواه علي بن المديني والحميدي وغيرهما عن سفيان.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن
أبي هريرة في قصة البول.
250

وعن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة في قصة الدعاء.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
1278 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت
أنس بن مالك يقول:
بال اعرابي في المسجد فعجل الناس إليه فنهاهم عنه وقال:
' صبوا عليه دلوا من ماء '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
قال أحمد:
روي عن عبد الله بن معقل بن مقرن في هذه القصة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' خذو ما بال عليه من التراب فألقوه واهريقوا على مكانه ماء '.
وهذا منقطع.
ابن معقل لم يدرك النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد الله في هذه القصة قال:
فأمر / فصب عليه دلو من ماء.
ثم أمر به فحفر مكانه.
وسمعان بن مالك مجهول يروي عنه أبو بكر بن عياش.
251

واختلف عليه فقيل: المعلى بن سمعان وقيل:
سمعان بن مالك.
وقال أبو زرعة الرازي:
هذا حديث ليس بقوي.
220 - [باب]
طهارة الخف والنعل
1279 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي قال:
وطهارة الخف والنعل تخالف طهارة الثوب يكفيها أن يجف ما عليها ويمسح
بالتراب لا يرى ثم عين ولا اثر ولا ريح ولو غسلها بالماء كان أحب إلي ولولا الأخبار
في أن هكذا طهارة النعل ما كانت إلا بمنزلة الثوب.
ولكنا فرقنا بينهما اتباعا.
قال أحمد:
وإنما أراد ما مضى في حديث أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
وما روي في حديث أبي هريرة.
1280 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان قال
حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال حدثنا محمد بن كثير المصيصي عن
الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا وطئ أحدكم بخفيه - أو قال بنعليه - الأذى فطهورهما التراب '.
1281 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
252

داود قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن كثير بإسناده ومعناه.
إلا أنه قال: عن أبيه عن أبي هريرة.
وقال: بخفيه لم يشك.
ورواه أبو المغيرة والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال:
أنبئت أن سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه يحيى بن حمزة
عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد قال أخبرني أيضا سعيد بن أبي سعيد عن
القعقاع بن حكيم عن عائشة.
وكذلك رواه ابن سمعان عن سعيد.
وكأن الشافعي رغب عن هذه الروايات في الجديد لما فيها من الاختلاف.
ويجوز أن يكون المراد: بالأذى. المذكور فيه ما يستقذر من الطاهرات فجعل
حكمهما حكم / الثوب.
والله أعلم.
221 - [باب]
ما يصلى عليه وما لا يصلى من الأرض
1282 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد
- يعني ابن المسيب - عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
ونصرت بالرعب. وأحلت لي الغنائم. وأرسلت إلى الأحمر والأبيض. وأعطيت
الشفاعة '.
253

قال الشافعي:
ثم جلست إلى سفيان فذكر هذا الحديث فقال الزهري عن أبي سلمة أو سعد
عن أبي هريرة ثم ذكره قال أحمد قد روينا معنى هذا الحديث الثابت عن يزيد الفقير
عن جابر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر. وأحلت لي
الغنائم ولم تحل لأحد قبلي. وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي
أدركته الصلاة فليصل. وأعطيت الشفاعة. وكل نبي بعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى
الناس عامة '.
وروينا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' فضلت على الأنبياء بست. أعطيت جوامع الكلم. ونصرت بالرعب. وأحلت
لي الغنائم. وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا. وأرسلت إلى الخلق كافة. وختم
بي النبيون '.
1283 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن إسحاق قال حدثنا
يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا
يزيد الفقير قال حدثنا جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
فذكر ما قدمنا ذكره من حديثه.
1284 - وبإسناده قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا
العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
فذكر ما قدمنا ذكره.
أخرج البخاري ومسلم في الصحيح من حديث جابر.
واخرج مسلم حديث أبي هريرة.
254

1285 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا / وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن
يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام '.
قال الشافعي:
ذكرت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما: منقطع.
والآخر: عن أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نقول ومعقول انه كما جاء الحديث ولمولم نثبته لأنه ليس لأحد أن يصلي
على أرض نجسه وان المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج
منهم وذلك ميتة.
وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاس.
ثم ساق الكلام إلى جواز الصلاة فيهما إن كانا طاهرين مع الكراهية.
وكره الصلاة في القديم إلى الحمام والمقبرة والمخرج وظهر الطريق وعطن
الإبل.
وروينا عن أبي مرثد الغنوي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها '.
وروينا عن ابن عباس انه كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر.
وأما الذي روي عن علي أنه قال:
255

نهاني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها
ملعونة.
فإسناده غير قوي ولعله إن (...) كره الإقامة بأرض كان بها خسف وعذاب
لصلاة أو غيرها.
كما رويناه عنه [صلى الله عليه وسلم] انه لما مر بالحجر أسرع السير حتى أجاز الوادي.
وقال أبو سليمان:
فخرج النهي فيه على الخصوص.
ولعل ذاك منه إنذارا له بما أصابه من المحنة بالكوفة وهي أرض بابل.
222 - [باب]
ممر الجنب والمشرك في المسجد
1286 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
قال بعض أهل العلم بالقرآن من قول الله عز وجل:
* (ولا جنبا إلا عابري سبيل) *.
لا يقربوا موضع الصلاة قال: وما أشبه ما قال بما قال:
لأنه لا يكون في الصلاة / عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو في
المسجد فلا بأس أن يمر الجنب في المسجد مارا ولا يقيم فيه لقول الله عز وجل:
* (إلا عابري سبيل) *.
قال أحمد:
قد روينا هذا التفسير عن ابن عباس.
256

وروينا هذا المذهب عن ابن مسعود وأنس بن مالك وروينا عن جابر بن عبد الله
إن قال:
كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا.
1287 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا أبو جعفر
قال حدثنا زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس في قوله:
* (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) *.
قال لا تدخل المسجد وأنت جنب إلا أن يكون طريقك فيه ولا تجلس.
وأما حديث أفلت عن جسرة بنت دجاجة عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب '.
فإنه ليس بالقوي.
قال البخاري عند جسرة عجائب وقد خالفها غيرها عن عائشة في سد الأبواب
ثم هو محمول أن صح على المكث فيه.
1288 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عثمان بن أبي سليمان:
أن مشركي قريش حين قدموا المدينة في فداء أسراهم كانوا يبيتون في المسجد
منهم جبير بن مطعم.
قال جبير فكنت اسمع قراءة النبي [صلى الله عليه وسلم].
وقد روينا معناه في حديث جبير بن مطعم وهو عند الشافعي في كل مسجد إلا
المسجد الحرام لقوله عز وجل:
257

* (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) *.
قال الشافعي:
وإذا بات المشرك في المسجد غير المسجد الحرام فكذلك المسلم كان ابن
عمر يروي انه يبيت في المسجد زمان النبي [صلى الله عليه وسلم] وهو اعزب ومساكين أهل الصفة.
1289 - أخبرنا أبو عمر ومحمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر
الإسماعيلي قال أخبرني أبو يعلى قال حدثنا العباس - يعني النرسي - قال حدثنا / يحيى
قال حدثنا عبيد الله قال أخبرني نافع عن عبد الله انه كان ينام وهو شاب عزب لا أهل
فيه مسجد النبي [صلى الله عليه وسلم].
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد عن يحيى القطان.
وروينا عن سعيد بن المسيب انه سئل عن النوم في المسجد فقال:
فأين كان أهل الصفة - يعني ينامون فيه _.
223 - [باب]
الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم
وقد روينا في كتاب الطهارة في الحديث الثابت عن جابر بن سمرة أن رجلا
اتى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال يا رسول الله:
أفأصلي في مرابض الغنم؟ قال: ' نعم ' قال: أفأصلي في مبارك الإبل؟ قال:
' لا '.
1290 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج
قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد
عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أو معقل عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
258

' إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة. وإذا
أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فأخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت
الا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها '.
قال أحمد:
هذا الشك أظنه من جهة الربيع وهو ابن مغفل بالغين والفاء بلا شك.
ورواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن عن عبد الله بن مغفل المزني
مختصرا.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبهذا نأخذ ثم ساق الكلام في ذكر معناه إلى أن قال:
فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه.
والعطن قرب البئر التي تسقى منها [الإبل] يكون البئر في موضع والحوض
قريبا منها فيصيب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة
موضعا. فذلك العطن ليس أن العطن مراح الإبل الذي تبيت فيه بعينه ولا المراح
مراح الغنم الذي تبيت فيه دون ما قاربه.
وفي قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت ' / دليل على أنه إنما نهى
عنها كما قال حين نام عن الصلاة:
' اخرجوا بنا من هذا الواد فإنه واد به شيطان ' فكره أن يصلي قرب شيطان.
259

وكذلك كره أن يصلي قرب الإبل لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها.
وقال في الغنم:
' وهي من دواب الجنة '.
وامر أن يصلى في مراحها - يعني والله أعلم - في الموضع الذي يقع عليه اسم
مراحها الذي لا بعر ولا بول فيه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وأكره له الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي [صلى الله عليه وسلم] فإن صلى
أجزأه لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده ولم يفسد
ذلك صلاته.
وفي هذا دليل على أن نهيه أن يصلى في أعطان الإبل لأنها جن كقوله:
' اخرجوا بنا من هذا الواد فإنه واد به شيطان '.
اختيار ثم ساق الكلام إلى أن قال مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى
ادقع مكان تجده وأوسخه وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار في النظافة
للمصليات قال الشافعي بهذا الإسناد في الإملاء:
وقد يذهب الناس إلى الإبل يستترون بها قضاء لحاجتهم من الغائط ويستر
البعير من دنا منه وليس ذلك في الشاة وقد قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا '.
فعلمنا انه إنما أراد منها ما لا نجاسة فيه.
قال أحمد:
أما حديث الوادي: فقد مضى في مسألة قضاء الفائتة. وكذلك حديث أبي
260

هريرة وغيره في خنق الشيطان.
وأما قوله في الغنم هي من دواب الجنة: فقد رويناه عن الوليد بن رباح وأبي
زرعة عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
رواه حميد بن مالك عن أبي هريرة من قوله موقوفا.
وروي عنه مرفوعا والموقوف أصح.
1291 - أخبرنا علي بن عبدان قال أخبرنا سليمان بن أحمد قال حدثنا
الحضرمي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا يحيى بن يمان عن الثوري عن ابن
عجلان عن وهب بن كيسان عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' امسحوا رغام الغنم وطيبوا / مراحها وصلوا في جانب مراحها فإنها من دواب
الجنة '.
وروينا عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: صلى إلى بعير.
وهذا وإن لم يكن صلاة في موضع الإبل فهي صلاة قرب الإبل.
224 - [باب]
الساعة التي تكره فيها صلاة التطوع وتجوز فيها
الفريضة والقضاء والجنازة
الأوقات التي نهيت عن الصلاة فيها
1292 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر
أحمد بن الحسن قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال
أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة
بعد الصبح حتى تطلع الشمس.
261

رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخبرناه من حديث حفص بن عاصم عن أبي هريرة. ومن حديث عمر بن
الخطاب وأبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
1293 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك ورواه مسلم عن
يحيى بن يحيى عن مالك.
1294 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن
عبد الله الصنابحي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قاربها
فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قاربها فإذا غربت فارقها ' ونهي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن
الصلاة في تلك الساعات هكذا في رواية مالك عن عبد الله الصنابحي ورواه معمر /
عن زيد بن اسلم عن عطاء بن أبي عبد الله الصنابحي.
قال أبو عيسى الترمذي: الصحيح رواية معمر وهو أبو عبد الله عبد الرحمن عن
عسيلة الصنابحي.
قال البخاري: ولم يسمع من النبي [صلى الله عليه وسلم].
262

قال أحمد:
وقد روى نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الصلاة في هذه الساعات الثلاث عقبة بن عامر
الجهني.
وروى نهي عن الصلاة في هذه الساعات وبعد الصبح وبعد العصر عمرو بن
عنبسة السلمي عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكذلك رواه أبو هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
1295 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عامر بن مصعب أن
طاوسا اخبره انه سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما.
قال طاوس: فقلت ما أدعهما.
فقال ابن عباس: * (ما كان المؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن
يكون لهم الخيرة من أمرهم) *.
225 - [باب]
ما يستدل به على اختصاص هذا النهي
ببعض الصلوات دون بعض
1296 - أخبرنا أبو عبد لله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي رحمه الله:
نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] والله أعلم عن الصلاة يعني في هذه الساعات ليس على كل
صلاة لزمت المصلي بوجه من الوجوه أو تكون صلاة مؤكدة فأمر بها وإن لم تكن فرضا
أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها وإن كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في
هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد
العصر والصبح.
قال: وهذا مثل الحديث يعني في نهي النبي [صلى الله عليه وسلم] عن صيام اليوم قبل رمضان إلا
263

أن يوافق صوم رجل كان يصومه.
1297 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الشافعي
قال أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن / الأعرج
يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك
تم الجزء بحمد الله وعونه
وصلواته على سيدنا محمد النبي الأمي
وآله وصحبه وسلامه.
264

الجزء الرابع عشر
بسم الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي رضي الله عنه
قال: أخبرنا أبو عبد الله [الحافظ قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع].
قال الشافعي رحمة الله عليه ورضوانه:
فالعلم يحيط أن المصلي ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس والمصلي ركعة
من العصر قبل غروب الشمس قد صلياهما معا في وقتين يجمعان تحريم وقتين.
فلما جعله مدركا للصبح والعصر استدللنا على أن نهيه عن الصلاة في هذه
الأوقات على النوافل التي لا تلزم.
قال أحمد:
وروينا في الحديث الثابت عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا أدرك أول سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته '.
وبذلك كان يفتي أبو هريرة.
1298 - أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قال حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال أخبرني أبي قال
265

حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال:
كان أبو هريرة يقول:
من نام أو غفل عن صلاة الصبح فصلى ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع
الشمس والأخرى بعد طلوعها فقد أدركها ومن نام أو غفل عن صلاة العصر فصلى
ركعتين قبل غروب الشمس وركعتين بعد فقد أدركها.
قال أحمد:
فإذا كانت فتواه بهذا وروايته ما ذكرنا وهو أحد رواة النهي عن الصلاة في هذه
الساعات فكيف يجوز دعوى نسخ ما رواه أبو هريرة في الإدراك بما رواه في النهي من
غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
1299 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن
جبير عن رجل من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفر فعرس فقال: ' ألا رجل صالح يكلأنا الليلة لا نرقد
عن الصلاة '.
فقال بلال: أنا يا رسول الله.
/ قال: فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في
وجوههم.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يا بلال ': فقال بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي اخذ بنفسك.
قال: فتوضأ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم صلى ركعتي الفجر ثم اقتادوا شيئا ثم صلى
الفجر.
1300 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
نام عن الصلاة فصلاها بعد أن طلعت الشمس ثم قال: ' من نسي صلاة
266

فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: * (أقم الصلاة لذكري) *.
قال أحمد:
قد رواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] حين قفل من غزوة خيبر فذكر حديث التعريس وفي آخره فلما قضى الصلاة
قال:
' من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال: * (أقم الصلاة لذكري) *.
قال يونس: وكان ابن شهاب يقرأها كذلك.
1301 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
يوسف بن موسى بن حموك قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب
قال أخبرني يونس: فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
قال الشافعي:
ويروى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] متصلا من حديث أنس وعمران بن الحصين عن
النبي [صلى الله عليه وسلم].
1302 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا: أخبرنا الحسن بن
يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا
سعيد.
1303 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب
قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من نسي صلاة أو نام عنها فإن /
كفارتها أن يصليها إذا ذكرها '.
267

لفظ حديث عبد الوهاب: رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن
عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد.
قال أحمد:
هكذا رواه جماعة عن ابن أبي عروبة عن قتادة.
ورواه يزيد بن زريع وسعيد بن أوس عن ابن أبي عروبة عن الحجاج الأحول
عن قتادة.
1304 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال
حدثنا محمد بن سنان القزاز قال حدثنا سعيد بن أوس.
1305 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن
إسحاق قال حدثنا عفان قال حدثنا يزيد بن زريع فذكراه: عن سعيد بن أبي عروبة عن
الحجاج عن قتادة.
1306 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أحمد بن كامل القاضي
قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال
حدثنا الحجاج الأحول بن الحجاج الباهلي عن قتادة عن أنس قال:
سئل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها قال:
' فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها '.
قال يزيد: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن الحجاج الأحول عن قتادة عن أنس
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قبل أن ألقى الحجاج.
قال أحمد:
وأخرجه مسلم في الصحيح عن نصر بن علي الجهضمي عن أبيه عن
المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول:
* (أقم الصلاة لذكري) * '.
268

1307 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال
حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا عمرو بن حكام قال حدثنا المثنى بن سعيد
القصير فذكره. وأخرجاه من حديث همام بن يحيى عن قتادة كما مضى ذكره.
قال الشافعي رحمه الله:
فجعل ذلك وقتا لها واخبر به عن الله عز وجل لم يستثن وقتا من الأوقات يدعها
فيه بعد ذكرها.
1308 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
الحسن / بن علي بن زياد قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا سليمان بن المغيرة
عن ثابت بن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في قصة التعريس قال:
' ليس في النوم تفريط ولكن التفريط على من لم يصل صلاة حتى يجيء وقت
الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها '.
قال عبد الله بن رباح في آخره قال عمران بن حصين: شهدت تلك الليلة فما
شعرت أن أحدا يحفظه كما حفظته أخرجه مسلم في الصحيح.
1309 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن قيس عن محمد بن
إبراهيم التيمي عن جده قيس قال:
رآني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأنا أصلي ركعتين بعد الصبح فقال:
' ما هاتان الركعتان يا قيس '.
فقلت: إني لم أكن صليت ركعتي الفجر.
فسكت عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
269

ورواه الحميدي وغيره عن سفيان عن سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري عن
محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس جد سعد.
قال سفيان: وكان عطاء بن أبي رباح يروي هذا الحديث عن سعد.
قال أحمد:
ورواه عبد الله بن نمير عن سعد بن سعيد:
وأخرجه أبو داود في السنن ثم قال:
بعض الرواة فيه: قيس بن عمرو. وقال بعضهم: قيس بن فهد. وقيس بن
عمرو أصح.
قال يحيى بن معين: هو قيس بن عمرو بن سهل جد يحيى بن سعيد بن قيس.
قال أحمد:
يحيى وسعد اخوان.
1310 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد قال:
سمعت أبا سلمة قال:
قدم معاوية المدينة فبينا هو على المنبر إذ قال:
يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلها عن صلاة النبي [صلى الله عليه وسلم]
الركعتين بعد العصر. قال أبو سلمة: فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن
الحارث بن نوفل / معنا قال:
إذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين.
قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة:
لا علم لي ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها.
قال: فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها فقالت: دخل علي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذات
يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد
صليت صلاة لم أكن أراك تصليها فقال:
' إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر وانه قدم علي وفد بني تميم - أو صدقة -
270

فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان '.
قال أحمد:
هذا حديث صحيح.
قد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة مختصرا.
ورواه ذكوان عن عائشة عن أم سلمة.
ورواه كريب مولى ابن عباس عن أم سلمة.
1311 - كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق
الفقيه إملاء وأبو محمد يحيى بن منصور القاضي قراءة قال: أخبرنا يوسف بن موسى
المروروذي قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن
الحارث عن بكير بن الأشج عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس وعبد
الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة ارسلوه إلى عائشة فقالوا: اقرأ عليها السلام منا
جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر وقل لها: إنا أخبرنا انك تصليها وقد بلغنا أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عنها.
وقال ابن عباس: وكنت اضرب مع عمر الناس عليها.
قال كريب فدخلت عليها وبلغتها ما ارسلوني به [إلى عائشة رضي الله عنها].
فقالت: سل أم سلمة. فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة
بمثل ما ارسلوني به إلى عائشة فقالت أم سلمة:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينهى عنها ثم رأيته يصليها.
أما حين صلاها فإنه صلى العصر ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من
الأنصار فصلاهما فأرسلت إليه الجارية وقلت: قومي بجنبه وقولي تقول أم سلمة:
271

[يا رسول الله] إني سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين واراك تصليهما.
فإن أشار بيده فاستأخري عنه قالت:
ففعلت الجارية.
/ فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال: ' يا ابنة أبي أمية سألت عنه
الركعتين بعد العصر انه أتاني ناس من عبد القيس بإسلام قومهم فشغلوني عن
الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان '.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن سليمان.
ورواه مسلم عن حرملة كلاهما عن ابن وهب.
وهذا صريح في أن قضاء هاتين الركعتين بعد العصر كان بعد النهي عن الصلاة
بعد العصر.
فلم يمكن من أدعى تصحيح الآثار على مذهبه دعوى النسخ فيه فأتى برواية
ضعيفة عن ذكوان عن أم سلمة في هذه القصة: فقلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا
فاتتا؟ قال: ' لا '.
واعتمد عليها في رد ما روينا ومعلوم عند أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث
يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة دون هذه
الزيادة.
فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة وعائشة حملته عن أم سلمة ثم كانت
ترويه مرة عنها عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وترسله أخرى وكانت ترى مداومة النبي [صلى الله عليه وسلم] عليهما.
فكانت تحكي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه أثبتهما قالت:
وكان إذا صلى صلاة أثبتها وقالت:
ما ترك رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ركعتين عندي بعد العصر قط.
وكانت ترى انه كان يصليهما في بيوت نسائه ولا يصليهما في المسجد مخافة أن
272

يثقل على أمته وبأن يحب ما خفف عنهم.
فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتهما لا إلى أصل القضاء هذا.
وطاوس يروي عنها انها قالت:
وهم عمر إنما نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها.
وكأنها لما رأت النبي [صلى الله عليه وسلم] أثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي هذا المذهب.
ولو كان عندها ما يروون عنها في رواية ذكوان وغيره من الزيادة في حديث
القضاء لما وقع هذا الاشتباه. فدل على خطأ تلك اللفظة.
وقد / روي عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال.
فهذا يرجع إلى استدامته لهما لا إلى أصل القضاء والذي يدل على ذلك حديث
قيس في قضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح والنبي [صلى الله عليه وسلم] لم ينكر عليه وذلك مما لا
سؤال عليه.
لأن في الحديث ما يدل على أنه كان بعد النهي وهو قوله: ' ما هاتان
الركعتان '.
ثم لم ينكر عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما صنع حين اخبره بقضاء ركعتي الفجر.
وليس فيه معنى يدل على التخصيص.
قال الشافعي في كتاب صلاة التطوع:
وثابت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل '.
1312 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد
الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا ابن نمير قال حدثنا سعد بن سعيد
قال أخبرني القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل '.
قال: وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته.
273

1313 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا أبو عبد
الرحمن المروزي قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري أن
القاسم بن محمد حدثه. فذكره. غير أنه قال: إذا عملت عملا دامت عليه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.
قال الشافعي:
وإنما أراد والله أعلم المداومة على عمل كان يعمله فلما شغل عمله للدوام عليه
في أقرب الأوقات ليس أن ركعتين واجبتين قبل العصر ولا بعده إنما هما نافلة.
قال أحمد:
وروينا عن نافع انه صلى مع أبي هريرة على عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] حين صلوا
الصبح. وعن أبي لبابة مروان عن أبي هريرة انه صلى على جنازة والشمس على
أطراف الحيطان.
وروينا عن كعب بن مالك انه سجد للشكر حين بشر / بتوبة الله عليه وعلى
صاحبيه بعد صلاة الصبح.
وكان ذلك في عهد النبي [صلى الله عليه وسلم].
226 - [باب]
ما يستدل به على أن النهي يختص ببعض الأمكنة دون بعض
1314 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير المكي عن عبد
الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] [قال]:
' يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا
البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار '.
274

هذا إسناد موصول وقد أكده الشافعي برواية عطاء وان كانت مرسلة.
1315 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن
جريج عن عطاء عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
وزاد عطاء: ' يا بني عبد المطلب أو يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف '.
وروى الشافعي في القديم:
1316 - ما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ
قال حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش قال حدثنا الحسن بن محمد - هو الزعفراني -
قال قال أبو عبد الله الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن
قيس بن سعد عن مجاهد قال قدم أبو ذر مكة فأخذ بعضادتي الباب وقال: من عرفني
فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب أبو ذر سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا صلاة
بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة إلا
بمكة ' تابعه إبراهيم بن طهمان عن حميد مولى عفراء.
وحديث مجاهد عن أبي ذر مرسل وهو مع مرسل عطاء يتأكد أحدهما بالآخر مع
ما تقدم من الحديث الموصول الذي أقام إسناده سفيان وهو حافظ حجة والذين خالفوه
دونه في الحفظ والمعرفة.
1317 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال
حدثنا / عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان عن
الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال:
صلى عمر الصبح بمكة ثم طاف سبعا ثم خرج وهو يريد المدينة فلما كان بذي
طوي وطلعت الشمس صلى ركعتين.
275

قال يونس بن عبد الأعلى:
قال لي الشافعي في هذا الحديث اتبع سفيان بن عيينة في قوله الزهري عن
عروة عن عبد الرحمن المجرة يريد لزوم الطريق.
قال عبد الرحمن بن محمد:
وذلك أن مالك بن أنس ويونس بن يزيد وغيرهما رووا الحديث عن الزهري عن
حميد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر.
فأراد الشافعي أن سفيان وهم وان الصحيح ما رواه مالك.
1318 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب عن
السائب بن زيد انه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر على الصلاة بعد العصر.
1319 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
سمع عمر رضي الله عنه النهي عن الصلاة جملة وضرب المنكدر عليها
بالمدينة بعد العصر ولم يسمع ما يدل على أنه إنما نهى عنها للمعنى الذي وصفنا.
فكان يجب عليه ما فعل وكذلك أبو سعيد الخدري - يعني حين صنع كما صنع
عمر -.
ويجب على من علم المعنى الذي نهي عنه والمعنى الذي أبيحت فيه إباحتها
بالمعنى الذي أباحها فيه.
فإن قال قائل: فهل من أحد صنع خلاف ما صنعا قبل؟ قيل: نعم ابن عمر.
وابن عباس. وعائشة. والحسن. والحسين. وغيرهم.
1320 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال:
276

رأيت أنا وعطاء بن أبي رباح ابن عمر طاف بعد الصبح وصلى قبل أن تطلع
الشمس.
1321 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمار الذهبي عن أبي شعبة أن الحسن والحسين طافا
بعد العصر وصليا.
1322 - / وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن
جريج عن ابن أبي مليكة قال:
رأيت ابن عباس طاف بعد العصر وصلى.
وروينا عن عروة عن عائشة ما دل على أنها كانت تبيحها بعد صلاة الصبح.
وروينا عن أبي الدرداء انه صلاهما قبل غروب الشمس. فقيل له: أنتم تقولون: لا
صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. فقال: إن هذه البلدة بلدة ليست كغيرها.
227 - [باب]
ما يستدل به على أن هذا النهي اختص ببعض الأيام دون بعض
1323 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال: وروي عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم
الجمعة '.
هكذا رواه في كتاب اختلاف الأحاديث.
ورواه في كتاب الجمعة عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق.
277

1324 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا:
أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد
فذكره.
1325 - ورواه أبو خالد الأحمر عن شيخ من أهل المدينة يقال له: عبد الله عن
سعيد عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وأشار الشافعي في رواية المزني إلى حديث أبي سعيد الخدري في ذلك وهو
فيما:
1326 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا العباس بن
الوليد البيروتي قال أخبرني محمد بن شعيب قال أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان عن
ابن أبي الجون العنسي عن عطاء بن عجلان البصري انه حدثه عن أبي نضرة العبدي
أنه حدثه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة الدوسي صاحبي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قالا:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: ' إن
جهنم تسجر إلا يوم الجمعة '.
1327 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال أبي.
1328 - / ورواه ليت بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي الخليل عن أبي قتادة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: انه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال: ' أن جهنم تسجر إلا
يوم الجمعة '.
1329 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا حسان بن إبراهيم عن ليت فذكره.
وهذا مرسل أبو خليل لم يسمع من أبي قتادة ومجاهد أكبر من أبي الخليل.
278

قال أحمد:
ورواية أبي هريرة وأبي سعيد في إسنادها من لا يحتج به ولكنها إذا انضمت إلى
رواية أبي قتادة احدث بعض القوة.
قال الشافعي:
من شأن الناس التهجير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإمام.
قال أحمد:
هذا الذي أشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة وهو أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
رغب في التكبير إلى الجمعة وفي الصلاة إلى خروج الإمام من غير استثناء وذلك
يوافق هذه الأحاديث التي أبيحت فيها الصلاة نصف النهار يوم الجمعة. والله أعلم.
وروينا الرخصة في ذلك عن طاوس والحسن ومكحول.
228 - فصل
فيما روي في الصلاة بعد العصر عن علي رضي الله عنه ثم فيما روي عن ابن عمر
وغيره في الصلاة على الجنائز
1330 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي فيما ألزم العراقيين في مخالفة علي حكاية عن ابن مهدي عن
سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن علي عن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة '.
عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح.
279

قال الشافعي:
وهذا يخالف الحديث الأول.
وعن ابن مهدي عن شعبة عن ابن إسحاق عن عاصم قال: كنا مع علي في سفر
فصلى العصر ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين.
قال الشافعي:
وهذه أحاديث يخالف بعضها بعضا.
قال أحمد:
هذا الحديث / الثالث: يحتمل أن يكون في ركعتين كان يفعلهما فتركهما ثم
قضاهما كما روينا في ذلك عن أم سلمة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في النهي عن الصلاة بعد
الصبح والعصر.
وأما الحديث الأول: فهو مخالف له ولها.
ووهب بن الأجدع لم يحتج به صاحبا الصحيح فلا يقبل منه ما يخالف فيه
الحفاظ الأثبات كيف وهم عدد وهو واحد.
1331 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر
كان يصلي على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما.
وروينا عنه من وجهين آخرين لم يأذن فيهما عند الغروب حتى تغرب ولا عند
الطلوع حتى ترتفع.
وروينا في ذلك عن أبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك واحتج بعض من تبعهم
في ذلك بحديث عقبة بن عامر الجهني ثلاث ساعات كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ينهانا أن
نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا. حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم
الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.
280

1332 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي قال
حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا موسى بن
علي بن رباح قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر فذكره. وهو مخرج في
كتاب مسلم من حديث ابن وهب عن موسى.
ورواه روح بن القاسم عن موسى بن علي عن أبيه وزاد فيه: قلت لعقبة: أيدفن
بالليل؟ قال: نعم قد دفن أبو بكر بالليل.
قال أحمد:
النهي عن الصلاة في هذه الأوقات عام وهو مخصوص عند الشافعي بكل صلاة
لا سبب لها.
ونهيه عن القبر فيهن لا يتناول الصلاة على الجنائز. وهو عند كثير من أهل
العلم محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات.
وأما ما روي عن ابن عمر في ذلك قد أجاب عنه الشافعي بأنه إنما سمع من
النبي [صلى الله عليه وسلم] النهي أن يتحرى أحد أن يصلي عند طلوع الشمس / وعند غروبها.
فذهب إلى أن النهي مطلق على كل شيء فنهى على الصلاة على الجنائز وصلى
عليها بعد الصبح والعصر لأنا لم نعلمه روى النهي عن الصلاة في هذه الساعات.
فمن علم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند
طلوع الشمس وعند غروبها لزمه ما قلت: أن يعلم أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم.
ومن روى فعلم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر
فشغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما يلزم ولم
ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما توكد منها.
1333 - أخبرنا بذلك أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي فذكره فيما تكلم به في هذه المسألة. والله أعلم. وبالله التوفيق.
وروينا في حديث صحيح عن حفصة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا طلع الفجر لا
يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
281

وروينا عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا
ركعتي الفجر '.
ورويناه عن عبد الله بن عمر وعن النبي [صلى الله عليه وسلم]. ورواه سعيد بن المسيب
عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن سعيد انه نهى عن ذلك فقيل:
يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا ولكن يعذبك على خلاف
السنة.
229 - [باب]
صلاة التطوع وقيام شهر رمضان
الوتر تطوع وكذلك ركعتا الفجر
1334 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه انه سمع
طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' خمس صلوات في اليوم والليلة '.
فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع '.
قال الشافعي:
ففرائض الصلوات / خمس وما سواها تطوع.
وأوتر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على البعير.
1335 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك يونس بن
يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر قال:
282

كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يسبح على الراحلة قبل أي وجهة توجه ويوتر عليها غير أنه لا
يصلي عليها المكتوبة.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
واخرجا الحديث الأول من حديث مالك.
وقد ذكرنا في الجزء الأول وتر علي وابن عمر على الراحلة بعد وفاة رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] ونزول ابن عمر لوتره لا يرفع جوازه على الراحلة ولا يجوز دعوى النسخ فيما
روينا في ذلك.
بما روي في تأكيد الوتر من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
وما روي في تأكيد الوتر يدل على أنه أول ما شرع النبي [صلى الله عليه وسلم] الوتر وانما صلاها
على الراحلة بعد ما شرعها واخبر أمته بإمدادهم بها إن ثبت الحديث عنه.
فكيف يكون ذلك ناسخا لما صنع فيها بعده.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال:
الوتر ليس بحتم ولكنه سنة حسنة من رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: [فقال] إن الله وتر
يحب الوتر.
وقال مرة: أوتروا يا أهل القرآن فإن الله وتر يحب الوتر.
وروينا عن أبي عبيدة عن ابن مسعود أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن '.
فقال إعرابي: ما يقول؟ قال:
ليس لك ولا لأصحابك.
283

وروينا عن عبادة بن الصامت انه سأل عن الوتر فقال: أمر حسن جميل عمل به
النبي [صلى الله عليه وسلم] والمسلمون وليس بواجب.
وحديثه الآخر في تكذيب من قال: الوتر واجب واستدلاله بالخبر قد مضى في
أول كتاب الصلاة.
وحديث أبي المنيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا '.
ينفرد به أبو المنيب العتكي.
/ قال البخاري عنده مناكير.
وحديث عبد الله بن راشد عن عبد الله بن أبي مرة عن خارجة بن حذاقة
العدوي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] [قال] ' أن الله قد امدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم
وهي لكم. ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الوتر الوتر مرتين '.
قال البخاري لا نعرف لإسناده سماع بعضهم من بعض.
قال أحمد:
وقد روي بعض معناه في حديث عمرو بن العاص وغيره وأسانيده ضعيفة. والله
أعلم.
وروينا في كتاب الجامع مثل هذا المتن في ركعتي الفجر بإسناد صحيح عن
أبي سعيد الخدري عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وكان الشافعي في الجديد يقول:
في صلاة المنفرد تطوعا بعضها أوكد من بعض وأوكد ذلك الوتر.
284

وإنما قال ذلك لما روي في تأكيدها من هذه الأخبار.
وقال في القديم:
أوكد النافلة ركعتا الفجر.
قال أحمد:
وهذا لما ثبت عن عائشة انها قالت:
لم يكن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل
الصبح وقال:
' ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها '.
وروي عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل '.
230 - [باب]
النوافل المرتبة على الصلوات الخمس
قال الشافعي في كتاب البويطي والربيع:
وقد روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر
وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الفجر قبل أن يصلي الصبح
وإحدى عشرة ركعة بالليل لا أحب لأحد ترك شيء من هذا.
1336 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري قال أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر
قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي
قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد العشاء ركعتين وبعد
الجمعة ركعتين فأما المغرب والعشاء والجمعة / ففي بيته.
285

قال وأخبرتني حفصة انه كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر وكانت
ساعة لا تدخل عليه فيها أحد.
أخرجاه في الصحيح من حديث يحيى.
وقد ثبت عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من
التطوع فقالت: كان يصلي قبل الظهر أربعا في بيتي ثم يخرج فيصلي بالناس.
ثم ذكر سائر الركعات بمعنى حديث ابن عمر غير أنه لم يذكر الجمعة.
وثبت عن محمد بن المنتشر عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل صلاة الفجر.
وروينا عن أم حبيبة قالت:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة '.
فذكر الأعداد التي في رواية ابن شقيق عن عائشة.
وقد روي من وجه آخر عن أم حبيبة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها حرم على
جهنم '.
وروي من وجه آخر عن أم حبيبة مثل الرواية الأولى إلا أنه ذكر في حديثها
ركعتان قبل العصر بدل العشاء.
وروي عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
286

' رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا '.
1337 - وأخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي الطهماني في آخرين
قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال
حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الجريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن
مغفل قال قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة لمن شاء '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سعيد الجريري كهميس بن الحسن عن ابن
بريدة.
ورواه حيان بن عبيد الله عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وزاد فيه: ما خلا المغرب وهذا منه خطأ في الإسناد والمتن جميعا.
وكيف يكون ذلك صحيحا وفي رواية عبد الله بن المبارك عن كهمس في هذا
الحديث قال:
فكان ابن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين.
وفي رواية حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله / المزني قال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صلوا قبل المغرب ركعتين صلوا قبل المغرب ركعتين صلوا قبل المغرب
ركعتين لمن شاء ' خشية أن يتخذها الناس سنة.
287

1338 - حدثناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب
الثقفي قال حدثنا الحسن بن المثنى العنبري قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الوارث
قال حدثنا الحسين المعلم فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر عن عبد الوارث.
وروينا عن أنس بن مالك أنه كان كبار أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبتدرون السواري
يصلون ركعتين قبل المغرب.
وفي رواية المختار بن فلفل عن أنس قال:
كنا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نصلي ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة
المغرب. قيل: هل كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاهما؟ قال: قد كان يرانا نصليهما فلم
يأمرنا ولم ينهانا.
ورويناه عن عقبة بن عامر الجهني وأبي أمامة في فعلهم ذلك في عهد رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
وروينا عن جماعة من الصحابة انهم كانوا يركعونها عبد الرحمن بن عوف
وأبي بن كعب وأبي أيوب وغيرهم.
وإسناد الشافعي في إحدى عشرة ركعة بالليل مذكور بعد هذا.
231 - [باب]
وقت الوتر
قال الشافعي في سنن حرملة:
أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال حدثني سليمان بن موسى
قال حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول: من صلى في الليل فليجعل آخره وترا فإن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمر بذلك.
فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أوتروا قبل الفجر '.
288

1339 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الشافعي قال حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن
جريج فذكره بإسناده مثله.
وقال الشافعي في القديم:
ويصلي الوتر ما لم يصل الصبح وذكر حديث / ابن مسعود.
1340 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أحمد بن
يوسف قال حدثنا عبيد الله بن موسى [عن] إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق
قال قال عبد الله: الوتر ما بين صلاتين. صلاة العشاء الآخرة إلى صلاة الفجر.
ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن الأسود عبد الله بن مسعود وهو فيما:
1341 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ عن ابن الوليد قال حدثنا ابن بنت منيع قال
أخبرني علي بن الجعد قال أخبرني زهير فذكره بمعناه.
1342 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن
عليا خرج حين ثوب المؤذن فقال:
اين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ
* (والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) *.
قال الشافعي:
وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر.
قال أحمد:
تابعه إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عبد الرحمن وإنما أراد والله أعلم من نام
289

عنها أو نسيها فيصليها قبل صلاة الصبح.
قال الشافعي:
فإن صلى الصبح فلا إعادة عليه.
وقال في القديم:
لم يقضه لأنه عمل في وقت.
قال الشافعي:
وروينا عن ابن عمر أن رجلا سأله عن رجل نسي صلوات فذكر انه قضاهن
فذكر الوتر فيما قضى فقال له ابن عمر: لم يكن يصنع بالوتر شيئا.
قال الشافعي:
فأخبر انه لا قضاء عليه في الوتر.
قال الشافعي:
وقد روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: الوتر فيما بين صلاتين صلاة العشاء
وصلاة الفجر.
فأخبر ابن مسعود أن ذلك وقت الوتر فمن ثم زعمنا أن الوتر إذا زال لم يكن
عليه قضاؤه وركعتا الفجر في النهار فمن ثم رأينا له أن يصليهما في النهار.
قال أحمد:
وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر '.
وروينا عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من نام / عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره '.
وروينا عن ابن عمر انه سئل عمن ترك الوتر حتى تطلع الشمس أيصليها؟ قال:
290

أرأيت لو تركت صلاة الصبح حتى تطلع الشمس كنت تصليها؟ قال: فمه.
قال: فمه.
وعن ابن مسعود انه سئل: هل بعد الأذان وتر؟
قال: نعم وبعد الإقامة.
وحدث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم قام فصلى.
وفي كل ذلك دلالة على قضاء الوتر وهو معنى قول الشافعي في صلاة العيد في
كتاب الصيام وفي باب النهي عن النافلة في الأوقات المذكورة في قضاء ما نسي من
النوافل التي كان يصليها فأغفلها.
232 - [باب]
وقت ركعتي الفجر
ثبت عن حفصة أم المؤمنين أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا سكت المؤذن من الأذان
لصلاة الصبح وبدأ الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
قال الشافعي:
ومن دخل المسجد وقد أقيمت صلاة الصبح فليدخل مع الناس ولا يركع ركعتي
الفجر.
1343 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
هشام بن علي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن
دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
1344 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا
زكريا بن إسحاق قال حدثنا عمرو بن دينار قال حدثنا عطاء بن يسار يقول عن أبي
291

هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة '.
وقال في موضع آخر: ' إذا قامت الصلاة '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن حبيب عن روح واخرجه من حديث
ورقاء بن عمر وأيوب السختياني عن عمرو بن دينار مرفوعا.
ورفعه (............).
مرة أو مرتين لم يخرج الحديث في الأصل من أن يكون مرفوعا.
1345 - وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا / عبد الله بن
جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا شعبة عن
سعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم عن ابن بحينة قال:
أبصر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رجلا يصلي ركعتين وقد أقيمت الصلاة فقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ' الصبح أربعا الصبح أربعا '؟!!.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث شعبة.
وأخرجاه من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه وفيه: مر رجل يصلي وقد أقيمت
صلاة الصبح.
وفي هذا كالإشارة إلى أنه كان غير متصل بالصفوف.
وهو في حديث عبد الله بن سرجس صريح.
1346 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا
292

أحمد بن سلمة قال حدثنا عمرو بن زرارة بن واقد الكلابي قال أخبرنا مروان بن معاوية
الفزاري قال أخبرنا عاصم الأخول عن عبد الله بن سرجس قال:
دخل رجل المسجد ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] في صلاة الغداة فصلى الركعتين في جانب
المسجد ثم دخل مع النبي [صلى الله عليه وسلم] فلما سلم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يا فلان بأي صلاتيك اعتددت بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا '.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن مروان بن معاوية.
ورواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم وقال:
فصلى ركعتين قبل أن يصل إلى الصف.
وهذا يرد قول من زعم أنه إنما أنكره لاتصاله بالصفوف في حال اشتغاله
بالركعتين أو لأنه لم يجعل بين النفل والفرض فصلا بتقدم أو تكلم لأن هذا اخبر انه
صلاهما في جانب المسجد قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل مع النبي [صلى الله عليه وسلم]. وإذا ثبت
الحديث عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فلا حجة في فعل أحد بعده كيف وقد روي عن عمر بن
الخطاب انه كان إذا رأى رجلا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه.
وعن ابن عمر انه ابصر رجلا يصلي الركعتين والمؤذن يقيم فحصبه وقال اتصلي
الصبح أربعا.
قال الشافعي:
وليركعهما / بعد ما يصلي قبل أن تطلع الشمس.
قال أحمد:
وقد مضى في هذا حديث قيس بإسناد الشافعي.
قال الشافعي في القديم فيمن فاتته ركعتا الفجر:
أحببنا له أن يقضيهما في يومه لأنهما من صلاة النهار بعد ما تطلع الشمس.
293

وكذلك روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر انه قضاهما بعد طلوع
الشمس.
وروي عن القاسم مثل ذلك.
1347 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك انه بلغه أن عبد الله بن عمر
فاتته ركعتا الفجر فصلاهما بعد أن طلعت الشمس.
قال مالك: وبلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك.
قال أحمد:
ورواه سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وروينا في قصة
التعريس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حين نام عن الصلاة قضاهما مع صلاة الصبح.
وروينا عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما '.
قال الشافعي في القديم:
وإذا لم يصلهما حتى تقام الصلاة.
وفي رواية المزني حتى يقام الظهر لم أحب له أن يصليهما وذلك أن سفيان بن
عيينة أخبرنا عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال:
إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
1348 - حدثناه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن
محمد بن الحسن الكارزي قال حدثنا سفيان فذكره موقوفا.
إلا أنه قال في آخره: قلت لسفيان مرفوع قال: نعم.
قال أحمد:
وقد رويناه فيما مضى من حديث زكريا بن إسحاق عن عمرو مرفوعا.
294

والمزني نقل متن هذا الحديث عقب قوله: حتى يقام الظهر.
وإنما ذكره الشافعي بإسناده عقب قوله: حتى تقام الصلاة وأراد صلاة الصبح
فقد حكى عقبيه عن بعض الناس أنه قال:
يصليهما وإن فاتته الركعتان. ثم قال:
وهذا خلاف الأثر.
ثم قد حكينا أنه قال: أحببنا له أن يقضيهما في يومه مطلقا لم يقيده.
ولكن في كتاب البويطي: إذا زالت الشمس لم تعاد أو استحب القضاء على
قرب الوقت للأثر الذي ذكره عن / ابن عمر.
قال أحمد وروينا عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن
عتبة اخبراه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له
كأنما قرأه من الليل '.
1349 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك يونس بن يزيد عن ابن
شهاب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
وقد روينا في حديث أم سلمة قضاء النبي [صلى الله عليه وسلم] الركعتين اللتين شغله عنهما
الوفد.
فقضاء النوافل به وبما ذكرنا ذكرها ثابت وإن كان الاستحباب لقضائهما على
القرب آكد.
وقد نص الشافعي على استحباب القضاء في العيد لما ذكر فيه وان لم
295

[يكن] ثابتا ونحن نذكره في موضعه أن شاء الله.
233 - [باب]
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
قال الشافعي:
وهكذا جاء الخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] الثابت في صلاة الليل وقد يروى عنه خبر يثبت
أهل الحديث مثله في صلاة النهار.
وذكره في القديم عن بعض أصحابه عن سعيد عن يعلى بن عطاء عن علي
الأزدي عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الليل والنهار مثنى مثنى '.
1350 - أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت
علي بن عبد الله البارقي يحدث عن ابن عمر يراه شعبة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' صلاة الليل والنهار مثنى مثنى '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعا من غير
شك.
وكذلك رواه معاذ بن معاذ العنبري وغيره عن شعبة.
سئل البخاري عن حديث يعلى اصحيح هو؟ فقال: نعم قال البخاري: وقال
سعيد بن جبير كان ابن عمر لا يصلي أربعا لا يفصل بينهن إلا / المكتوبة.
1351 - أخبرناه أبو بكر الفارسي قال أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني قال حدثنا
أبو أحمد بن فارس قال سئل أبو عبد الله فذكره.
296

قال أحمد:
وروينا عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان انه سمع عبد الله بن عمر يقول:
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى - يريد به التطوع -.
ولا يجوز توهين رواية علي البارقي برواية من روى عن ابن عمر انه صلى
بالنهار أربعا لا يفصل بينهن بسلام لجواز الأمرين عند من يحتج بحديث علي البارقي
ويكون قول سعيد بن جبير محمولا على أنه كذلك رآه وهي الأفضل عنده حين كان
أكثر صلاته مثنى مثنى إلا المكتوبة ويجيز أكثر منهما كما روي عنه إن كان محفوظا.
قال الشافعي في القديم:
ويسلم من الركعة والركعتين من الوتر واحتج بروايته عن مالك بن أنس عن عبد
الله بن دينار ونافع عن عبد الله بن عمر أن رجلا سأل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عن صلاة الليل
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما
قد صلى '.
1352 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فذكر هذا الحديث ثم قال:
وسفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مثله.
وسفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح أوتر بواحدة '.
وسفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح حديث مالك.
واخرج مسلم حديث سفيان عن الزهري وحديثه عن عمرو.
297

والشافعي إنما قال في هذا الحديث دلالتان عقب حديث مالك دون حديث
يعلى بن عطاء ثم احتج أيضا بحديث ابن عباس وابن عمر وعائشة.
ونحن نذكره أن شاء الله.
234 - [باب]
صلاة الليل
1353 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في المخرج على كتاب مسلم ولم أجده في
المبسوط قال: / حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان.
1354 - وحدثنا أبو محمد بن يوسف إملاء قال أخبرنا أبو سعيد البصروي بمكة
قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن
أبي لبيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قال سألتها عن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قالت:
كانت صلاته بالليل في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا
الفجر. لفظ حديث الزعفراني عن سفيان.
ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن سفيان.
1355 - أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
1356 - قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن ابن أبي سلمة بن عبد الرحمن انه سأل عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] كيف كانت
صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في رمضان؟ فقالت:
ما كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة
يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن
وطولهن ثم يصلي ثلاثا.
298

قالت عائشة:
فقلت يا رسول الله اتنام قبل أن توتر فقال: ' يا عائشة أن عيني تنامان ولا ينام
قلبي '.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في القديم:
واحتج الذي خالفنا بأن عائشة قالت:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي أربعا وأربعا وثلاثا.
قال الشافعي:
وإنما أرادت أربعا مشتبهات والله أعلم في الطول وأربعا مشتبهات وثلاث
مشتبهات كذلك.
وفي حديثها ما يبين انه كان يوتر ركعة منفصلة. ثم ساق الكلام إلى أن قال:
وقد فسر ابن عمر ذلك وكذلك بالأربع وتفسيرها وتفسير ابن عباس يجزي من
ذلك.
قال أحمد:
أما تفسير ابن عباس وابن عمر فسيرد وأما تفسير عائشة / فقد:
1357 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث
ويونس بن يزيد أن ابن شهاب أخبرهم عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]
قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى
عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة ويسجد سجدة قدر ما يقرأ أحدكم
299

خمسين آية قبل أن يرفع رأسه فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر قام
فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة فيخرج
معه.
وبعضهم يزيد على بعض.
أخرجه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب عن عمرو ويونس دون قدر
السجود.
ورواه الأوزاعي عن الزهري وقال فيه: يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة.
235 - [باب]
صلاة النافلة جالسا ومن افتتحها جالسا ثم قام
1358 - أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله قال أخبرنا أبو النضر قال
أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انها لم تر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي صلاة الليل قاعدا
حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا إراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين
آية ثم ركع.
1359 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال وأخبرنا مالك عن أبي النضر مولى
عمر بن عبد الله وعبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أم
المؤمنين أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: كان يصلي جالسا ويقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته
قدر ما يكون ثلاثين آية أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع ثم سجد ثم يفعل في
الركعة الثانية مثل ذلك.
1360 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا
الوليد بن أبي هشام عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن / حزم عن عمرة بنت عبد
الرحمن عن عائشة قالت:
300

كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ وهو قاعد فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين
آية.
1361 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن حفصة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] انها
قالت:
ما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى في سبحته قاعدا قط حتى كان قبل وفاته بعام
فكان يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول
منها.
أخرج البخاري ومسلم الحديث الأول والثاني من حديث مالك.
واخرج مسلم الحديث الثالث من حديث إسماعيل والحديث الرابع من حديث
مالك.
وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
حدثت انك قلت:
' صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا '؟! قال: ' اجل ولكني
لست كأحد منكم '.
وروينا عن عبد الله بن شقيق عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي ليلا طويلا
قائما وليلا طويلا قاعدا وكان إذا قرأ قائما ركع قائما وإذا قرأ قاعدا ركع قاعدا.
وفيه اخبار عن جالسين.
وفيما روى الشافعي اخبارا عن حالة ثالثة وكل كان يفعله [صلى الله عليه وسلم].
236 - [باب]
قيام رمضان
1362 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال حدثنا أبو
301

جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في القديم:
وإن صلى رجل لنفسه في بيته في رمضان فهو أحب إلي.
قال أحمد:
وإلى معنى هذا ذهب عبد الله بن عمر وبذلك أمر من يقرأ القرآن.
وروينا في حديث زيد / بن ثابت في قصة صلاة النبي [صلى الله عليه وسلم] في رمضان ليلتين أو
ليال وصلاة ناس من أصحابه بصلاته فلما علم بهم قال:
' صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا
المكتوبة '.
قال الشافعي:
وإن صلاها في جماعة فحسن.
قال أحمد:
وهذا لما روينا في حديث أبي ذر حين قام بهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة ثلاث
وعشرين وقيل أربع وعشرين حتى ذهب نحو من ثلث الليل ثم ليلة خمس وعشرين
وقيل ست وعشرين حتى ذهب نحو من نصف الليل.
فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا بقية الليل فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
302

' إن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته '.
وروينا في حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال: خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذات
ليلة في رمضان فرأى ناسا في ناحية المسجد يصلون فقال: ' ما يصنع هؤلاء ' قال
قائل: يا رسول الله: هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يقرأ وهم معه يصلون
بصلاته. قال:
' قد أحسنوا - أو - قد أصابوا '.
ولم يكره ذلك لهم.
1363 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني بكر بن مضر وعبد الرحمن بن سلمان عن ابن الهاد
إن ثعلبة بن مالك القرظي حدثه فذكره.
وهذا خاص فيمن لا يكون حافظا للقرآن وثعلبة بن أبي مالك قد رأى النبي [صلى الله عليه وسلم]
فيما زعم أهل العلم بالتواريخ.
قال الشافعي:
وأحب إلي إذا كانوا جماعة أن يصلوا عشرين ركعة ويوترون ثلاثا.
قال: ورأيت الناس يقومون بالمدينة تسعا وثلاثين ركعة وأحب إلي عشرون.
وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه.
وكذلك يقومون بمكة.
قال أحمد:
والأصل في حديث عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح.
1364 - ما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن
عبيد الصفار قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن
عقيل عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير أن / عائشة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم]
أخبرته أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج ليلة في جوف الليل يصلي في المسجد فصلى رجال
303

بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الليلة
الثانية فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا بذلك وكثر أهل المسجد في الليلة
الثالثة فخرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن
أهله لم يخرج إليهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى صلاة الفجر
اقبل على الناس فتشهد ثم قال:
' أما بعد فإنه لم يخف على شأنكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا
عنها '.
وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه
فيقول:
' من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه '.
فتوفي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والأمر على ذلك [ثم كان الأمر على ذلك] خلافة أبي
بكر وصدرا من خلافة عمر.
قال عروة قال عبد الرحمن بن عبد القاري وكان يعمل مع عبد الله بن الأرقم
على بيت مال المسلمين أن عمر بن الخطاب خرج ليلة في رمضان فخرج معه عبد
الرحمن فطاف في المسجد وأهل المسجد أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي
الرجل فيصلي بصلاته الرهط.
قال عمر: والله إني لأظن لو جمعناهم على قار واحد لكان أفضل وقال غيره
لكان أمثل.
ثم عزم عمر على أن يجمعهم على قار واحد فأمر أبي بن كعب أن يقوم بهم في
رمضان فخرج عمر والناس يصلون بصلاة قارئ لهم ومعه عبد الرحمن بن عبد
القاري فقال عمر: نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد
304

آخر الليل - وكان الناس يقومون في أوله.
أخرجه البخاري حديث عائشة عن يحيى بن بكير واخرج حديث عمر من
حديث مالك عن ابن شهاب الزهري.
1365 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا أبو
أحمد محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا خالد بن مخلد قال حدثنا محمد بن جعفر قال
حدثني يزيد / بن حفصة عن السائب بن يزيد قال: كنا نقوم في زمان عمر بن الخطاب
بعشرين ركعة والوتر.
1366 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك
عن يزيد بن رومان أنه قال:
كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين
ركعة.
قال الشافعي:
وليس في شيء من هذا ضيق ولا حد ينتهي إليه لأنه نافلة فإن أطالوا القيام
واقلوا السجود فحسن وهو أحب إلي وإن أكثروا الركوع والسجود فحسن.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال أمر عمر بن
الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة.
قال: وكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام
وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
1367 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن
سعيد قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك.
305

1368 - وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير أنه قال: بزوغ الفجر.
وقال غيره عن ابن بكير كما قال الشافعي:
1369 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا
محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا ابن بكير فذكره.
1370 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا
عباس بن محمد قال حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر
قال قال رجل للنبي [صلى الله عليه وسلم] أي الصلاة أفضل؟ قال:
' طول القنوت '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأعمش.
وروينا عن أبي ذر انه كان يخفف القيام ويكثر الركوع والسجود ويقول سمعت
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ما من عبد يسجد لله سجدة أو يركع لله إلا حط الله ركعة عنه بها خطيئة ورفعه
بها درجة '.
قال الشافعي:
ويقنتون في الوتر في النصف الآخر من رمضان وكذلك كان يفعل ابن عمر
ومعاذ القاري.
1371 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم / الفارسي قال أخبرنا أحمد بن
جعفر بن أبي ثوبة الصوفي قال أخبرنا محمد بن الفضل بن حاتم الآملي قال حدثنا
عبد الله بن معاوية الجمحي قال حدثنا حماد عن أيوب عن نافع: أن ابن عمر كان لا
يقنت في الوتر إلا في النصف من رمضان.
قال أحمد:
306

وروينا عن الحسن قال: أمنا علي بن أبي طالب في زمن عثمان عشرين ليلة ثم
احتبس فقال: بعضهم قد تفرغ لنفسه.
ثم أمهم أبو حليمة معاذ القاري فكان يقنت.
وروينا عن الحسن: أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب فكان
يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني فإذا كانت العشر الأواخر
تخلف فصلى في بيته فكانوا يقولون: ابق أبي.
ورواه محمد بن سيرين عن بعض أصحابه عن أبي في القنوت.
1372 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن بكير قال أخبرنا هشام عن محمد
- هو ابن سيرين - عن بعض أصحابه أن أبي بن كعب أمهم - يعني في رمضان - فكان
يقنت في النصف الآخر من رمضان.
قال الشافعي:
وقيام آخر الليل أحب إلي من قيام أوله فإن جزأ الليل أثلاثا فالثلث الأوسط
أحب إلي أن يقومه وهذا لما:
1373 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا عبد
الملك بن محمد قال حدثنا روح قال حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عمرو بن
أوس عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثلثه بعد شطره
ثم يرقد آخره. وأحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما '.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن ابن جريج وأخرجاه من حديث ابن
307

عيينة عن عمرو بن دينار وروينا عن أبي مسلم قال:
قلت لأبي ذر أي صلاة الليل أفضل؟ فقال: سألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: ' نصف
الليل وقليل فاعله '.
237 - [باب]
الاجتهاد في العبادة لمن اطاقه ومن استحب القصد فيه
1374 - / أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال أخبرنا زياد بن علاقة قال
سمعت المغيرة بن شعبة يقول:
قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى تورمت قدماه فقيل أليس قد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر قال:
' أفلا أكون عبدا شكورا '.
1375 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى
وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه '.
1376 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينفتل فإنه لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه '.
308

1377 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد
المجيد عن حميد عن أنس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: رأى حبلا ممدودا بين ساريتين فقال:
' ما هذا الحبل ' فقالوا: لفلانة تصلي فإذا غلبت تعلقت به فقال:
' لا تفعل لتصل ما عقلت فإذا غلبت فلتنم '.
أخرجا الحديث الأول في الصحيح من حديث سفيان والحديث الثاني من
حديث مالك.
واخرجا حديث أنس من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
قال الشافعي في سنن حرملة:
هذا حديث ثابت وبهذا نأمر لما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حديث عائشة وحديث
أنس موافق له.
وكما قال في حديث آخر:
' اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة '.
قال الشافعي:
وذلك أن تخوفا على من تكلف ما لا طاقة له به السآمة حتى يدع قليل العمل
وكثيره.
وقد روت عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل '.
وروى عبد الله بن عمر وعنه في الاقتصاد في العبادة ما يوافق هذا المعنى.
1378 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب
الثقفي قال / حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا
معتمر بن سليمان قال حدثنا عبيد بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن
عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يحتجز حصيرا بالليل ويبسطه بالنهار فيجلس عليه قالت:
فجعل الناس يثوبون إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل عليهم
فقال: ' أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لن يمل حتى تملوا وإن أحب
309

الأعمال إلى الله ما دام منها وإن قل '
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن أبي بكير.
1379 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا
أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا عبيد
الله. فذكره بإسناده ومعناه.
وقال في آخره: ' وإن أحب الأعمال إلى الله ما دوم عليه وإن قل '.
وإن كان آل محمد إذا عملوا عملا أثبتوه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى.
ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري وقال في الحديث:
' اكلفوا من العمل ما تطيقون وأن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل '.
1380 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي قال أخبرنا أبو
نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي قال حدثنا محمود بن آدم المروزي قال
حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي العباس - وهو السائب بن فروخ
الشاعر - سمع عبد الله بن عمر ويقول: قال لي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ألم اخبر انك تصوم
النهار وتقوم الليل '.
قلت: بلى - قال:
' فلا تفعل فإنك إذا فعلت هجمت عيناك نفهت نفسك أن لعينك حقا ولنفسك
حقا ولأهلك عليك حقا صم وافطر وقم ونم '.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
238 - [باب]
الوتر
1381 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
310

قال سألت الشافعي عن الوتر: أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء؟.
/ فقال: نعم والذي اختار أن يصلي عشر ركعات ثم أوتر بواحدة. فقلت
للشافعي: فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة؟
فقال: الحجة فيه السنة والآثار فذكر ما:
1382 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن
دينار عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما
قد صلى '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك. وقد فسر ابن عمر ما
رواه فيما:
1383 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن
عقبة بن حريث عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أريت أن الصبح مدركك فأوتر بركعة '.
فقال رجل لابن عمر: ما مثنى؟
فقال: تسلم في كل ركعتين.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة.
1384 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
عروة عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
واخرجه من حديث عمرو بن الحارث.
311

ويونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أتم
من ذلك وقال فيه: إحدى عشرة ركعة تسلم من كل ركعتين وتوتر بواحدة.
وقد ذكرنا إسناده فيما مضى وهذا يمنع تأويل من حمله على التشهد بين كل
ركعتين دون السلام.
واخرج أبو داود حديث همام عن قتادة عن أبي ملجز قال سألت ابن عباس عن
الوتر فقال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ركعة من آخر الليل '.
1385 - / أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا
جعفر الطيالسي قال حدثنا عفان ومحمد بن سنان العوفي ومحمد بن كثير قالوا: حدثنا
همام فذكره.
وقد بين كل واحد منهما ما روي بيانا شافيا.
أما بيان ابن عباس:
فروى الشافعي في القديم عن رجل عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن
كريب مولى بن عباس عن عبد الله بن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: كان يفصل بين
الركعتين والركعة من وتره بسلام.
وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال:
صليت إلى جنب ابن عباس العشاء الآخرة فلما فرغ قال:
الا أعلمك الوتر؟ قلت: بلى. فقام فركع ركعة.
وأما بيان عبد الله بن عمر:
فقد مضى في رواية عقبة بن حريث عنه. وأيضا فيما:
1386 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر:
كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
312

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر ومعاذ القاري.
1387 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عيسى التنيسي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة
عن الأوزاعي قال حدثني المطلب بن عبد الله المخزومي قال: أتى عبد الله بن عمر
رجل فقال: كيف أوتر؟ قال: أوتر بواحدة. قال إني أخشى أن يقول الناس أنها
البتيرة.
قال أسنة الله ورسوله تريد؟ هذه سنة الله ورسوله.
وروينا عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص قال: سألت عبد الله بن عمر
عن وتر الليل فقال: يا بني هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم المغرب قال: صدقت.
وتر الليل: واحدة. بذلك أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فقلت: يا أبا عبد الرحمن أن الناس يقولون أن تلك البتيراء.
قال: يا بني ليست تلك البتيراء إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة التامة في
ركوعها وسجودها وقيامها ثم يقوم في الأخرى ولا يتم / لها ركوعا ولا سجودا ولا قياما
فتلك البتيراء.
1388 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا
الصغاني قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي قال حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثنا
محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي منصور. فذكره.
وهذا يدل على تقصير من قصر بهذا الخبر ثم ذهب إلى أن ابن عمر يقول: وتر
الليل كوتر النهار فقد فصل بينهما بما ذكرنا.
ومذهب ابن عمر في هذا اشهر من أن يمكن التلبيس عليه.
1389 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
313

العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن
سعدأ بن أبي وقاص كان يوتر بركعة.
قال أحمد:
وقد رويناه عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال حدثني عبد الله بن
ثعلبة بن صعير وكان النبي [صلى الله عليه وسلم] قد مسح وجهه زمن الفتح انه رأى سعدا بن أبي وقاص
وكان سعد قد شهد بدرا مع النبي [صلى الله عليه وسلم] بوتر بواحدة بعد صلاة العشاء ثم لا يزيد عليها
حتى يقوم من جوف الليل.
1390 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن إسماعيل القاضي
قال قرأت على أبي عبد الله محمد بن علي قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو
اليمان قال أخبرنا شعيب فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وروينا عن مصعب بن سعد قال قيل لسعد: إنك توتر بركعة. قال: نعم سبع
أحب إلي من خمس. وخمس أحب إلي من ثلاث. وثلاث أحب إلي من واحدة.
ولكن أخفف عن نفسي.
وممن أوتر بعد العشاء بركعة وعزاه إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]: أبو موسى الأشعري.
وروينا عن تميم الداري انه قرأ القرآن في ركعة.
قال الشافعي:
في روايتنا عن أبي عبد الله وأبي سعيد: وكان عثمان يحيى الليل بركعة هي
وتره.
وأوتر معاوية بواحدة. فقال ابن عباس: أصاب.
وذكر إسناده عن سفيان في موضع آخر.
1391 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا / حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
314

أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن يزيد بن خصيفة عن
السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن النصبي عن صلاة طلحة قال: أن شئت
أخبرتك عن صلاة عثمان. قلت: لأغلبن الليلة على المقام فقمت فإذا برجل يزحمني
متقنعا فنظرت فإذا عثمان.
قال: فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد بسجود القرآن حتى إذا قلت: هذا هو
ذا الفجر فأوتر بركعة لم يصل غيرها.
ورواه محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان بمعناه في صلاة عثمان.
قال: فلما انصرف قلت: يا أمير المؤمنين إنما صليت ركعة. قال: هي وترى.
وهذا يرد قول من حمل فعل عثمان هذا على الوهم لأنه لو كان ذلك منه سهوا
لتنبه له بقول عبد الرحمن ولأعاد الوتر ثلاثا ولكن قال: هي وترى. لعلمهم بأن الوتر
بركعة غير منكر.
1392 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عتبة بن محمد بن
الحارث أن كريبا مولى ابن عباس اخبره انه رأى معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة
واحدة لم يزد عليها.
فأخبر ابن عباس فقال: أصاب أي بني ليس أحد منا اعلم من معاوية هي
واحدة أو خمس أو سبع إلى أكثر من ذلك الوتر ما شاء.
قال أحمد:
ورواه عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس في صنيع معاوية هذا قال: أصاب
إنه فقيه.
وفي رواية أخرى: دعه فإنه قد صحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح ولا يحل لاحد أن يحمل قول ابن
عباس على التقية منه فابن عباس كان ابعد الناس من أن يخاف معاوية في سكوته عن
فعل أخطأ فيه وكان اعلم وأورع من أن يقول لأصحابه في دين الله تعالى ما يعتقد خلافه
315

وكذلك غيره من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] كانوا يرتحلون إلى معاوية ويملون مسامعه بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر فكيف يظن بابن عباس أن يقول لأصحابه فيما بينهم
أصاب / معاوية في شيء ينكره بقلبه.
1393 - وقد أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين
القطان قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان بن
' عيينة عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس وأنا قائم على رأسه وقيل له:
إن معاوية نهى عن متعة الحج قال فقال ابن عباس: انظروا فإن وجدتموه في
كتاب الله وإلا فاعلموا انه كذب على الله وعلى رسوله.
فعلى هذا الوجه كان إنكار ابن عباس على معاوية فيما كان يعتقد خلافه فكيف
يصح ما قال هذا الشيخ في تصويب ابن عباس وتر معاوية ولكن من يريد تصحيح
الاخبار على مذهبه لا نجد بدا من أن يحمل السلام من الصلاة على التشهد دون
السلام ووتر عثمان وسعد بركعة على الوهم وتصويب ابن عباس معاوية على التقية
ورواية أبي أيوب الأنصاري على مخالفة الإجماع والله المستعان.
1394 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا دعلج بن أحمد بن دعلج في
آخرين قالوا: حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا عبد الرحمن بن المبارك قال حدثنا
قريش بن حيان العجلي قال حدثنا بكر بن وائل عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي
أيوب الأنصاري قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر
بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل '.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الرحمن بن المبارك.
وهذا حديث قد رفعه بكر بن وائل وتابعه على رفعه الأوزاعي وهو إمام.
وسفيان بن حسين ومحمد بن أبي حفصة وكذلك رواه وهب بن خالد عن معمر
عن الزهري ورواه جماعة عن الزهري فوقفوه على أبي أيوب.
316

فيحتمل أن يكون يرويه من فتياه مرة ومن روايته أخرى.
ونحن نقول به ونجيز الوتر على هذا الأوجه وعلى كل وجه صح الخبر به عن
سيدنا المصطفى [صلى الله عليه وسلم] لا ندع منها شيئا بحال بحمد الله ومنه وحسن توفيقه.
239 - [باب]
الوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن
1395 - / أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم
إلا في الآخرة منهن.
وبمعناه رواه وكيع وأبو أسامة وعبد الله بن نمير وغيرهم عن هشام.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح.
وبمعناه رواه محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة من رواية محمد بن
إسحاق بن يسار عنه.
وبمعناه روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وروي عن عطاء انه كان يوتر بثلاث لا يجلس فيهن ولا يتشهد إلا في
آخرهن.
1396 - أخبرنا أبو سعيد عقب حديث هشام قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال فقلت للشافعي:
فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من
أن نضيق غيره.
317

قال أحمد:
هذا هو الطريق عند أهل العلم في أحاديث الثقات أن يؤخذ بجميعها إذا أمكن
الأخذ به.
ووتر النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يكن في عمره مرة واحدة حتى إذا اختلفت الروايات في
كيفيتها كانت متضادة والأشبه انه كان فعلها على ممر الأوقات على الوجوه التي رواها
هؤلاء الثقات فنأخذ بالجميع كما قال الشافعي رحمه الله.
ونختار ما وصفنا في رواية الزهري عن عروة عن عائشة لفضل حفظ الزهري
على حفظ غيره ولموافقته رواية القاسم بن محمد عن عائشة.
ورواية الجمهور عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
وبهذا النوع من الترجيح ترك البخاري رواية هشام بن عروة في الوتر.
ورواية سعد بن هشام عن عائشة في الوتر فلم تخرج واحدة منهما في الصحيح
مع كونهما من شرطه.
1397 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال
سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول: الزهري أثبت في عروة
من هشام بن عروة في عروة.
/ قال أحمد:
وعلى هذا سائر أهل العلم بالحديث.
فأما من زعم أن رواية عروة في هذا قد اضطربت فادعها وارجع إلى رواية من
رواها مطلقة ليس فيها من التفسير ما في رواية عروة ليمكنني تصحيحها على مذهبي.
أو إلى رواية من لعله لم يدخل على عائشة إلا مرة واحدة.
ولم يسمع منها وراء الحجاب إلا مرة فإنه لا ينظر في استعمال الأخبار لدينه ولا
يحتاط فيها لنفسه.
والله يوفقنا لمتابعة السنة
وترك الهوى برحمته.
318

240 - [باب]
الوتر بتسع ركعات أو بسبع لا يجلس إلا في الآخريين منهن ولا يسلم إلا في الآخرة
منهن
1398 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد
الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا
سعيد.
1399 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا
أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن بشار العبدي قال حدثنا ابن أبي عدي عن
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام في دخوله على
عائشة قال:
قلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك
ويتوضأ فيصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم
ينهض ولا يسلم. ثم يصلي التاسعة فيقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما
يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك أحدى عشرة ركعة يا بني.
فلما اسن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] واخذ اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنعه
الأول فتلك تسع يا بني.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن محمد بن أبي عدي واحتج
بعض من لا يجوز الوتر بركعة واحدة بهذا الحديث ثم تركه فلم يجوز الزيادة في الوتر
على ثلاث ركعات ولا الزيادة على ركعتين في صلاة الليل.
واحتج برواية الزهري / عن عروة عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان يسلم من كل
ركعتين.
وفي حديث الزهري ويوتر بواحدة.
فترك من حديث الزهري ما لا يوافقه وترك من حديث سعد بن هشام ما لا يوافقه
319

ويدعى مع هذا متابعة الآثار والله حسيب الكل.
241 - [باب]
الوتر بتسع ركعات موصولات بتشهدين وتسلم من الثالثة
1400 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل قال
حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن قتادة
عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام عن عائشة قالت:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يسلم في الركعتين الأولين من الوتر.
هكذا روياه عبد الوهاب بن عطاء وعيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة.
وهو مختصر من الحديث الأول.
ورواه أبان بن يزيد عن قتادة وقال فيه:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن.
وهو بخلاف رواية ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي ومعمر وهمام عن قتادة
وإنما الرواية في الثلاث عن عبد الله بن مسعود من قوله غير مرفوع:
وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب.
وقد رفعه يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب عن الأعمش عن مالك بن الحارث
عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله.
1401 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: ابن
أبي الحواجب هذا ضعيف ولم يروه عن الأعمش مرفوعا غيره.
قال أحمد:
رواه الثوري في الجامع وعبد الله بن نمير وغيرهما عن الأعمش موقوفا.
وروى سفيان عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود: الوتر سبع
320

أو خمس ولا أقل من ثلاث وهذا منقطع وموقوف.
1402 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن يحيى بن عباد عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم
النخعي عن الأسود عن عبد الله / انه كان يوتر بخمس أو سبع قال: وسفيان عن
إبراهيم عن عبد الله: انه كان يكره أن يكون ثلاثا بتراء ولكن خمسا أو سبعا.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا يقولون صلاة الليل مثنى مثنى إلا الوتر فإنها ثلاث
متصلات.
لا يصلى الوتر أكثر من ثلاث.
1403 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحافظ قال أخبرنا عبد
الله بن سليمان قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا
سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن وعبد الرحمن بن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا توتروا بثلاث ولا تشبهوا بصلاة المغرب أوتروا بخمس أو بسبع '.
وروي ذلك أيضا من حديث عراك بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا.
وفيه: أو تسع أو إحدى عشرة أو أكثر من ذلك.
وهذا يخالف قول من جعلها ثلاثا كالمغرب في الظاهر.
والمراد من الخبر الزيادة فيها وترك الاقتصار فيها على الثلاث كما اختاره
الشافعي وذهب في الاختيار إلى رواية الزهري وبالله التوفيق.
242 - [باب]
التوسع في عدد التطوع
قال الشافعي في القديم:
321

أخبرنا بعض أصحابنا عن سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أن عمر بن
الخطاب دخل المسجد فصلى ركعة فقيل له: صليت ركعة. فقال: إنما هو تطوع من
شاء زاد ومن شاء نقص.
1404 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال
حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا قابوس بن
أبي ظبيان. فذكره بإسناده ومعناه.
واحتج الشافعي في ذلك في الجديد بما روينا في الوتر بركعة واحدة وقال سجد
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] سجدة شكرا لله. وسجد أبو بكر شكرا لله حين جاءه قتل مسيلمة.
وسجد عمر حين جاءه فتح شكرا لله.
فإذا جاز أن يتطوع لله بسجدة فكيف كرهت أن يتطوع لله بأكثر منها.
1405 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن / أبي نجيح عن أبيه قال حدثني من رأى
أبا ذر يكثر الركوع والسجود فقيل له: أيها الشيخ أتدري على شفع تنصرف أم على
وتر؟ فقال: لكن الله يدري.
قال الشافعي:
وأخبرنا الثقفي عن خالد الحذاء عن رجل عن مطرف قال: اتيت بيت المقدس
فإذا أنا بشيخ كثير الركوع والسجود فلما انصرف قلت:
إنك شيخ وإنك لا تدري على شفع انصرفت أم على وتر. قال إني قد كفيت
حفظه وإني لأرجو أن اسجد لله سجدة إلا رفعني بها درجة أو كتب لي بها حسنة أو
جمعهما لي كلتيهما.
قال عبد الوهاب: الشيخ الذي صلى وقال المقالة هو أبو ذر.
قال أحمد:
قد روينا عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر قصة في هذا المعنى في الركعتين بعد
الوتر.
322

قد رويناهما في حديث سعد بن هشام عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وهما في رواية
أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
وفي حديث أم سلمة وأبي امامة وأنس بن مالك وثوبان وفي حديث أنس وأبي
امامة من الزيادة قراءته فيهما بعد أم القرآن:
* (إذا زلزلت الأرض) * و * (قل يا أيها الكافرون) *.
وإسناد حديثهما ليس بالقوي.
1406 - وقد أخبرنا أحمد بن الحسن قال أخبرنا أحمد بن حاجب قال حدثنا
عبد الله بن هاشم قال حدثنا يحيى قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا '.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان.
وروينا في حديث الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي من الليل
حتى تكون آخر صلاته الوتر.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وروينا عن الأسود انه دخل على عائشة فسألها عن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالليل
فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة وترك
ركعتين ثم قبض حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات آخر صلاته من الليل
الوتر.
وهو مخرج في كتاب أبي داود.
1407 - أخبرناه أبو علي / الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مؤمل بن هشام وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن منصور بن عبد
323

الرحمن عن أبي إسحاق الهمداني عن الأسود بن يزيد: انه دخل على عائشة. فذكر
وفي هذا ما يدل على أنه ترك الركعتين بعد الوتر وقد قال:
' اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا '.
243 - [باب]
الوتر في أول الليل ووسطه وآخره
1408 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
قد سمعت أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أوتر أول الليل وآخره في حديث ثبت مثله وحديث دونه
وذلك مما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ثم ساق كلامه إلى أن قال:
أخبرنا سفيان قال حدثني أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت:
من كل الليل أوتر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فانتهى وتره إلى السحر.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان وأخرجه البخاري من
وجه آخر عن مسلم بن صبيح.
وفي رواية يحيى بن وثاب عن مسروق عن عائشة من أول الليل وأوسطه وآخره.
فانتهى وتره إلى السحر.
وروينا عن عبد الله بن أبي قيس أنه قال سألت عائشة عن وتر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قالت: ربما أوتر أول الليل وربما أوتر من آخره.
وأختار الشافعي في سنن حرملة الوتر في آخر الليل قال: لأن في حديث أبي
يعفور انتهى إلى آخر الليل وهو موافق رواية عائشة وابن عباس وزيد بن خالد الجهني
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] يعني في وتره آخر الليل.
أما حديث عروة عن عائشة فقد مضى.
324

وحديث القاسم عن عائشة يرد.
واما حديث ابن عباس فهو مذكور في باب موقف الإمام وأما حديث زيد بن
خالد:
1409 - فأخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان
الدارمي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن
أبي بكر عن / أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة اخبره عن زيد بن خالد الجهني أنه قال:
لأرمقن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الليلة. قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه فقام رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى
ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى
ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك
ذلك ثلاث عشرة ركعة.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن مالك.
1410 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن
المسيب أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال أبو بكر:
أما أنا فأوتر في أول الليل.
قال عمر: أما أنا فأوتر في آخر الليل.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' حذر هذا وقوي هذا '.
1411 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن
سعيد بن المسيب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لأبي بكر: ' متى توتر '؟ قال: قبل أن أنام أو
325

قال في أول الليل. وقال:
' يا عمر متى توتر ' قال: آخر الليل.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الا اضرب لكما مثلا أما أنت يا أبا بكر فكالذي قال: أحرزت نهبي وابتغي
النوافل. وأما أنت يا عمر: فتعمل بعمل الأقوياء '.
وروينا في كتاب السنن في الحديث الصحيح عن أبي سفيان وأبي الزبير عن
جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من خاف أن لا يستقيظ آخر الليل فليوتر أول الليل ثم ليرقد. ومن طمع أن
يستيقط من آخر الليل فليوتر من آخر الليل فإن قراءة آخر الليل محضورة وذلك
أفضل '.
244 - [باب]
من أوتر ثم قام فشفع وتره ومن لم يشفع
1412 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا /
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر بمكة
والسماء متغيمة فخشى ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا
فتشفع بواحدة.
1413 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال: قلت
للشافعي:
أفتقول يشفع وتره؟ قال: لا.
326

روينا عن ابن عباس انه كره لابن عمر أن يشفع وتره.
قال أحمد:
قد روينا عن أبي بكر الصديق وعمار بن ياسر وعبد الله بن عباس وعائذ بن
عمرو وكان من أصحاب الشجرة وأبي هريرة انه لا يشفع وتره ولا يعيدها.
وقالت عائشة: ذلك الذي يلعب بوتره.
تعني الذي يوتر ثم ينام فإذا قام شفع بركعة ثم صلى ثم أعاد وتره.
1414 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
نقول من أوتر أول الليل صلى مثنى حتى يصبح وذكر حديث ابن علية عن أبي
هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال علي:
الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم أن استيقظ فشاء أن يشفعها
بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين
حتى يصبح وان شاء أوتر آخر الليل.
قال الشافعي:
وهم يكرهون أن ينقض وتره ويقولون:
إذا أوتر صلى مثنى مثنى.
أورده في خلافهم علي رضي الله عنه.
وأحتج الشافعي لقوله في سنن حرملة بما في بعض الحديث أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
صلى ركعتي الفجر بعد الوتر وتلك نافلة بعد الوتر في وقت قد يجوز فيه الوتر وذلك أنه
قبل صلاة الصبح ولعله أراد:
1415 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد
327

الله الصفار قال حدثنا أحمد بن مهران الأصبهاني قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال
أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن القاسم عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجده ويسجد سجدتين
للفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن حنظلة واحتج أيضا بحديث ابن
المسيب في وتر أبي بكر الصديق / وقد مضى ذكر أصحابنا ما روينا عن طلق بن علي
انه لم يعد وتره. وقال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول: ' لا وتران في ليلة '.
245 - [باب]
ما يقرأ في الوتر
1416 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحمن عن
زادان أن عليا كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل.
قال الشافعي:
وهم يقولون: يقرأ ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * وفي الثانية ب * (قل يا أيها الكافرون) *. وفي الثالثة: [يقرأ بفاتحة الكتاب و] ب * (قل هو الله أحد) *.
واما نحن فنقول:
328

يقرأ فيها ب * (قل هو الله أحد) *. و * (قل أعوذ برب الفلق) *. و * (قل أعوذ برب الناس) *.
ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم.
وهذا أورده إلزاما إياهم في خلاف على مع دعواهم موافقته.
ونحن تبعنا فيه السنة من غير أن نضيق عليه في قراءة غيرهن. والله أعلم.
1417 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أبي
أيوب الطوسي قال حدثنا أبو حاتم الرازي قال حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا
يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ في الركعتين التي يوتر بعدهما:
ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (قل يا أيها الكافرون) * ويقرأ في الوتر
ب * (قل هو الله أحد) * و * (قل أعوذ برب الفلق) * و * (قل أعوذ برب الناس) *.
وكذلك رواه أبو إسماعيل الترمذي عن سعيد بن كثير بن عفير.
ورواه سعيد بن أبي مريم في آخرين عن يحيى بن أيوب دون هذا البيان وذكروا
المعوذتين مع * (قل هو الله أحد) * في الثالثة.
246 - [باب]
موضع القنوت
قال الشافعي في سنن حرملة:
القنوت كله بعد الركوع.
1418 - وأخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال /
329

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد
الرحمن السلمي:
إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع.
قال الشافعي:
وهم لا يأخذون بهذا يقولون: يقنت قبل الركوع.
قال أحمد:
قد ذكر أبو داود رواية عيسى بن يونس عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن
عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه عن أبي بن كعب أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قنت في الوتر قبل
الركوع.
ورواية عيسى عن فطر بن خليفة عن زيد عن سعيد مثله.
ورواية حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد عن سعيد ثم ضعف هذه الروايات
واستشهد بمخالفتها رواية جماعة يزيد عددهم على هؤلاء دون ذكر القنوت.
قال أحمد:
والمشهور هذا الحديث عن أبان بن أبي عياش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد
الله قال:
بت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] لأنظر كيف يقنت في وتره فقنت قبل الركوع.
وأخبرتني أمي انه قنت قبل الركوع.
وابان بن أبي عياش متروك.
ورواه عطاء بن مسلم الحلبي عن العلاء بن السائب عن حبيب بن أبي ثابت عن
ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
330

وعطاء بن مسلم ضعيف.
والثالث عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قنت في صلاة
الصبح بعد الركوع.
247 - [باب]
تخفيف ركعتي الفجر
1419 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النصر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن
يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن انه سمع عمرة تحدث عن عائشة
أنها كانت تقول:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي ركعتي الفجر فيخففهما حتى إني لأقول هل قرأ فيهما
بأم القرآن.
أخرجه البخاري في الصحيح من وجه آخر عن يحيى.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى عن عبد الوهاب.
وذكره الشافعي في سنن حرملة وقال:
هذا ثابت وبهذا نأخذ.
قال /: وإنما خفف ركعتي الفجر يعجل صلاة الفجر. وفي ذلك تأكيد لتعجيل
الفجر بكل حال أمكن تعجيلها ولولا ذلك كان كلما طال من صلاة المرء لنفسه أحب
إلينا.
وقد استحب في مختصر البويطي والربيع أن يقرأ في ركعتي الفجر * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * قال: وإن قرأ غيرهما مع أم القرآن أجزأه إن شاء
الله.
331

قال أحمد:
قد روينا في الحديث الثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ في
الركعتين قبل الفجر:
* (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) *
ورويناه في حديث عائشة وابن مسعود وأنس بن مالك عن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ
في ركعتي الفجر في الأولى منهما الآية التي في البقرة قوله:
* (آمنا بالله وما أنزل إلينا) * الآية كلها.
وفي الآخرة:
* (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) *.
وفي رواية أخرى:
* (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) *.
والتي في آل عمران:
* (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) *.
وهذه الأخبار لا تنافي حديث عمرة عن عائشة لجواز أن يقتصر فيهما على أم
القرآن مرة ويزيد عليها أخرى على ممر الأوقات.
وهو مع هذه القراءة تخفيف.
248 - [باب]
الاضطجاع بعد ركعتي الفجر أو التحدث بعدهما
قال الشافعي في سنن حرملة:
أخبرنا سفيان قال حدثنا زياد بن سعد عن ابن أبي عتاب عن أبي سلمة عن
عائشة قالت:
332

كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع
حتى يقوم إلى الصلاة.
1420 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر وغيره عن سفيان.
والشافعي رحمه الله يشير إلى أنه للفصل بي نالنافلة والفريضة.
249 - [باب]
صلاة الضحى
1421 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال / أخبرنا إسماعيل بن محمد قال
حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن يزيد بن أبي زياد قال سمعت عبد
الله بن الحارث بن نوفل يقول عن أم هانئ:
انها رأت النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى الضحى ثماني ركعات لم تره صلى قبلها ولا بعدها
في ثوب قد خالف بين طرفيه.
رواه الشافعي في كتاب حرملة: عن سفيان إلا أنه قال: صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يوم الفتح ثماني ركعات لم يسم الضحى ولم يذكر قوله: لم تره.
ورواه الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن أم هانئ.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
وأخرجاه من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أم هانئ وفي حديث كريب
عن أم هانئ:
يسلم من كل ركعتين.
وقد ثبت في حديث أبي هريرة:
أوصاني خليلي أبو القاسم [صلى الله عليه وسلم] بثلاث الوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل
333

شهر وركعتي الضحى.
وثبت عن معاذة عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: كان يصلي صلاة الضحى أربع
ركعات ويزيد ما شاء الله.
والذي روي عنها من أن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان لا يصليها إلا أن يجيء من مغيبة
فإنما أرادت بذلك انه كان لا يداوم عليها.
1422 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
إسماعيل القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن
القاسم الشيباني أن زيد بن أرقم قال:
خرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على أهل قباء وهم يصلون الضحى فقال:
' إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن علية عن أيوب.
وكذلك رواه قتادة وهشام الدستوائي عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن
أرقم.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن أيوب عن القاسم الشيباني عن
عبد الله بن أبي أوفى.
وكذلك رواه جماعة عن سفيان وهو فيما غلط فيه سفيان فقال عن ابن أبي أوفى
بدل زيد.
250 [باب]
تحية المسجد
1423 - / أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني
المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن
334

عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في سنن حرملة:
وذلك اختيار لا فرض واحتج بأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذكر فرض الصلوات فقال:
' خمس صلوات في اليوم والليلة '. فقال السائل هل علي غيرهما؟ فقال: ' لا
إلا أن تطوع '.
قال ولم اعلم مخالفا في أن من تركهما لم يقضهما.
قال: وقد روي عن عمر انه قدم من سفر فوجد النبي [صلى الله عليه وسلم] قاعدا في المسجد
وقصد إليه ليخبره عن عمرو بن العاص وكان معه في جيش قال:
فأتيته ولم اركع ثم دخل عمرو فركع قبل أن يأتيه فظننت أو علمت أنه سيظفر.
قال: ولم يحك أن النبي [صلى الله عليه وسلم] امره بأن يقضي تركه أن يبدأ بالنافلة.
251 - [باب]
فضل الجماعة والعذر بتركها صلاة الجماعة
1424 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
الربيع بن سليمان قال قال الشافعي ذكر الله تبارك وتعالى الأذان بالصلاة فقال:
* (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا) *.
335

وقال: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) *
فأوجب الله والله أعلم إثبات الجمعة وسن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: الأذان للصلوات
المكتوبات فاحتمل أن يكون أوجب اتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر
بإثبات الجمعة وترك البيع.
واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مسافرا ومقيما
خائفا وغير خائف.
وقال جل ثناؤه لنبيه [صلى الله عليه وسلم] * (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) * الآية
والتي بعدها.
وأمر رسول الله من جاء الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان
صلاة الجماعة في العذر بما سأذكره أن شاء الله في موضعه.
فأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلى كل مكتوبة في
جماعة حتى لا تخلو جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن تصلي فيهم صلاة
جماعة.
1425 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال
أخبرني العباس بن الفضل الإسقاطي قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة قال
حدثنا السائب - يعني ابن حبيش - عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء
قال سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم
الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية '.
336

قال السائب: يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن أحمد بن يونس.
1426 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر
بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن بها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى
رجال فأحرق عليهم بيوتهم فوالذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم انه يجد عظما سمينا أو
مرماتين حسنتين لشهد العشاء '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
واخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن أبي الزناد.
واخرجاه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة ببعض معناه وفيه من الزيادة:
' إن اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا '.
1427 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا / الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما ' أو نحو هذا.
337

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فيشبه ما قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من همه بأن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله
في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله أعلم.
فلا ارخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر.
1428 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن هشيم وغيره عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله
عنه قال:
لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
قيل ومن جار المسجد؟ قال: من اسمعه المنادي.
أورده على طريق الإلزام.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا وهو ضعيف.
1429 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو بكر بن المؤمل بن
الحسن بن عيسى قال حدثنا الفضل بن محمد الشعراني قال حدثنا عمرو بن عون قال
أخبرنا هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه قال:
' من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر '.
رفعه هشيم وقراد عن شعبة.
ووقفة جماعة عن شعبة.
ورواه معراء العبدي عن عدي بن ثابت مرفوعا.
1430 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مكرم
وأبو بكر الشافعي قالا:
338

حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن
حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له '.
وروي أيضا عن أبي موسى الأشعري مرفوعا وموقوفا والموقوف أصح.
252 - [باب]
فضل صلاة الجماعة
1431 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر /
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1432 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا '
(.......).
هكذا رواه الربيع.
339

1433 - وقد أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
هذا هو المشهور من حديث مالك.
وكذلك رواه الشافعي في كتاب السنن رواية حرملة بن يحيى مع حديث مالك
عن نافع عن ابن عمر ثم قال:
هذان ثابتان عندنا فينبغي لأهل الإسلام أن يرغبوا في صلاة الجماعة
لاستدراكهم فيها من تضعيف الأجر وبسط الكلام في هذا.
وكذلك رواه الحسن بن محمد الزعفراني في القديم عن الشافعي عن مالك عن
الزهري.
وأما رواية الربيع حديث أبي الزناد فمن الحفاظ من زعم أن الربيع وهم فيها
بدليل رواية الزعفراني والمزني وحرملة.
وزعم بعضهم أن مالك بن انس روى في الموطأ أحاديث رواها خارج الموطأ
بأسانيد أخر رواها عنه كبار أصحابه.
وهذا الحديث من جملتها فقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن روح بن
عبادة عن مالك عن أبي الزناد نحو رواية الربيع.
1434 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى بن
إبراهيم الثقة قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا روح بن عبادة قال أخبرنا / مالك عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده خمسة وعشرون جزءا '.
340

253 - [باب]
فضل الجماعة في المسجد الحرام ومسجد المدينة
ذكر الشافعي في سنن حرملة من ذلك:
1435 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا: حدثنا أبو العباس بن
يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن عبيد عن عبد الله بن
عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا
المسجد الحرام '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبيد الله.
وأخرجه البخاري من وجه آخر.
1436 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال قال حدثنا الحسن حدثنا
محمد بن عبيد قال أخبرنا عبيد الله بن عمر عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن
عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إن ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي '.
إخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله.
وذكر أيضا في مسجد المدينة انه أسس على التقوى.
وروينا عن حميد بن صخر عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال دخلت على
النبي [صلى الله عليه وسلم] فسألته عن المسجد الذي أسس على التقوى قال:
فقبض قبضة من الحصا ثم ضرب بها الأرض ثم قال: ' هذا ' يعني مسجد
المدينة.
341

1437 - أخبرناه أبو عبد الله قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا
حسين بن محمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن
حميد بن صخر. فذكره بهذا الإسناد والمعنى.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
254 - [باب]
من كره إقامة الجماعة في مسجد قد أقام فيه الإمام الجماعة إذا كان فيها تفرق الكلمة
1438 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
/ وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم
وبسط الكلام فيه ثم لم يكرهها في مسجد لا يكون له مؤذن راتب وإمام معلوم.
قال: لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وان يترغب رجال عن
إمامة رجل فيتخذون اماما غيره.
قال أحمد قد حكى ابن المنذر كراهية ذلك عن سالم بن عبد الله وأبي قلابة
وابن عون وأيوب والبتي ومالك والليث وسفيان الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي.
وقال في كتاب البويطي:
وقد قيل لا بأس بذلك لقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
1439 - أخبرناه أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق
قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا وهب عن سليمان
الأسود عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا يصلي
وحده فقال:
' إلا رجل يتصدق على هذا ويصلي معه '.
342

1440 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال
حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب بن خالد. فذكره.
بإسناده إلا أنه قال:
دخل رجل المسجد وقد صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
قال أحمد:
وقد روينا عن يونس بن أبي عثمان قال جاءنا أنس بن مالك وقد صلينا فأذن
وأقام وصلى بأصحابه.
وعن يونس عن الحسن انه كرهه.
قال أحمد:
وفي حديث أبي سعيد دلالة على أنه إذا أئتم واحد برجل فهي صلاة جماعة كما
قال الشافعي قال: وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلي وأقرب إن شاء الله
من الفضل.
343

صفحة فارغة
344

الجزء الخامس عشر
/ بسم الله الرحمن الرحيم
رب أنعمت فزد
1441 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ
الزاهد رضي الله عنه قال أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو سهل بن زياد
القطان قال حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب بن
خالد. فذكره بإسناده إلا أنه قال:
دخل رجل المسجد وقد صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
[قال أحمد:
وقد روينا عن يونس عن أبي عثمان قال جاءنا أنس بن مالك: وقد صلينا فأذن
واقام وصلى بأصحابه.
وعن يونس عن الحسن انه كرهه.
قال أحمد:
وفي حديث أبي سعيد دلالة على أنه إذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة كما
قال الشافعي.
قال: وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلي وأقرب أن شاء الله من
الفضل].
1442 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب
345

العدل قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا شعبة
قال وأخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القاري قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا
محمد بن كثير قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبي بن
كعب قال صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة الصبح فقال:
' أشاهد فلان لنفر من المنافقين لم يشهدوا الصلاة ' ثم قال:
' إن هاتين الصلاتين من اثقل الصلوات على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا '.
- يعني صلاة العشاء والصبح - ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
عليكم بالصف المقدم فإنه مثل صف الملائكة ولو تعلمون [ما] فيه
لابتدرتموه '.
وقال:
' صلاتك مع الرجل أزكى من صلاتك وحدك وصلاتك مع الرجلين أزكى من
صلاتك مع الرجل وما أكثرت فهو أحب إلى الله عز وجل '.
أقام إسناده شعبة والثوري وإسرائيل في آخرين. وعبد الله بن أبي بصير سمعه
من أبي مع أبيه وسمعه / أبو إسحاق منه ومن أبيه.
قاله شعبة وعلي بن المديني.
255 - [باب]
العذر في ترك الجماعة بالبرد والريح والظلمة والمطر
1443 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن
ابن عمر انه اذن في ليلة ذات برد وريح فقال إلا صلوا في الرحال ثم قال:
346

إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول:
' ألا صلوا في الرحال '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى. كلاهما عن مالك.
1444 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة الباردة ذات ريح ' ألا صلوا في
رحالكم '.
1445 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال سمعت الزهري
يحدث عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال: يا رسول الله إني محجوب
البصر وإن السيول تحول بيني وبين المسجد فهل لي من عذر؟
فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' هل تسمع النداء '.
قال: نعم. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' ما أجد لك عذرا إذا سمعت النداء '.
قال الشافعي قال سفيان:
وفيه قصة لم احفظها.
قال الشافعي:
347

هكذا حدثناه سفيان وكان يتوقاه ويعرف انه لا يضبطه وقد أوهم فيه فيما نرى.
والله أعلم.
والدلالة على ذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع عن
عتبان بن مالك وكان يؤم قومه وهو أعمى.
وأنه قال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير
البصر فقيل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه / مصلى. قال: فجاءه رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فقال:
' اين تحب أن أصلي '.
فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال: وأخبرنا أيضا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن محمود عن عتبان بن
مالك انه كان يؤم قومه وهو أعمى.
قال أحمد:
اللفظ الذي رواه ابن عيينة في هذا الإسناد إنما هو قصة ابن أم مكتوم الأعمى.
وتلك القصة رويت عن ابن أم مكتوم من أوجه.
ورويت في حديث أبي هريرة وإنما أراد والله أعلم لا أجد لك عذرا أو رخصة
تلحق فضيلة من حضرها.
فقد رخص لعتبان بن مالك في التخلف عن حضورها.
وبالله التوفيق.
256 - [باب]
العذر في ترك الجماعة لقضاء الحاجة
1446 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد
348

الله بن الأرقم انه كان يؤم أصحابه يوما فذهب لحاجته ثم رجع فقال:
سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة '.
1447 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن
الأرقم انه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط '.
قال الشافعي في رواية المزني:
وقد نهى أن يصلي وهو يدافع الأخبثين الغائط والبول.
قال أحمد:
وهذا الحديث فيما:
1448 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد
المصري قال حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا سليمان بن
بلال ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو حزرة يعقوب بن مجاهد عن عبد الله بن
محمد بن أبي عتيق عن عائشة قالت: قال / النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يصلين أحدكم بحضرة الطعام ولا وهو يدافع الأخبثين الغائط والبول '.
قال ابن أبي مريم وحدثني الدراوردي عن محمد بن أبي عتيق عن أبيه عن
عائشة مثله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسماعيل بن جعفر عن أبي حزرة
ومحمد بن أبي عتيق هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر
349

الصديق وأبو عتيق هو محمد بن عبد الرحمن أدرك النبي [صلى الله عليه وسلم].
257 - [باب]
العذر في ترك الجماعة بحضور عشائه ونفسه شديدة التوقان اليه
1449 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري قال سمعت
أنس بن مالك يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء '.
وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء '.
اخرجاهما في الصحيح من حديث الزهري وهشام.
258 - [باب]
العذر في ترك الجماعة بالمرض وغيره
1450 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي:
وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مرض فترك أن يصلي
بالناس أياما كثيرة.
وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره وبإصلاح ما يخاف فوت
إصلاحه من ماله ومن يقوم بأمره. وبسط الكلام فيه.
1451 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال
350

أخبرني أنس بن مالك الأنصاري أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي [صلى الله عليه وسلم] الذي
توفي فيه.
وذكر الحديث.
أخرجاه في الصحيح.
وروينا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى / الله عليه وسلم:
' من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه تلك الصلاة التي
صلاها '.
قالوا: وما عذره؟ قال خوف أو مرض.
1452 - أخبرناه أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال حدثنا
محمد بن داود بن دينار قال حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن أبي
جناب عن معراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
بذلك رواه أبو داود في السنن عن قتيبة.
259 - [باب]
من أكل ثوما أو بصلا
1453 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيما بلغه عن وكيع أو أبي وكيع: أن عليا قال: لا يحل اكل الثوم إلا
مطبوخا.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا بل ينكرونه ويقولون ما يقول هذا أحد.
أورده فيما الزمهم في خلاف علي.
قال: ونروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' من اكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يؤذينا بريح الثوم '.
351

قال الشافعي:
وهذا الذي نأخذ به.
قال أحمد:
أما الحديث المرفوع فهو بهذا اللفظ فيما:
1454 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك قال:
وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن أبي شهاب عن سعيد بن المسيب انه
بلغه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فذكره.
قال القعنبي في روايته: ' مسجدنا ' وقال ابن بكير ' مساجدنا '. وهذا مرسل.
وقد رواه معمر بن راشد عن الزهري موصولا.
1455 - أخبرناه أحمد ابن أبي العباس الزوزني قال أخبرنا سليمان بن أحمد
اللخمي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق.
1456 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري
عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال / رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ولا تؤذينا بريح الثوم '.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع.
وفي بعض الروايات عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] في هذا الحديث:
' فلا يأتين المساجد '.
وفي بعضها: ' فلا يقربن مسجدنا '.
وأما حديث علي:
352

1457 - فأخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا الجراح أبو وكيع عن أبي إسحاق عن شريك عن علي
قال: نهى عن اكل الثوم إلا مطبوخا.
شريك هذا هو ابن حنبل.
وروينا في حديث معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مسجدنا فإن كنتم لا بد اكليهما
فأميتوهما طبخا '.
وزعم أبو سليمان الخطابي انه إنما امره باعتزال المسجد عقوبة له وليس هذا
من باب الأعذار.
260 - [باب]
صلاة الإمام قاعدا بقيام
1458 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
وإنما اخترت أن يوكل الإمام إذا مرض رجلا صحيحا يصلي بالناس قائما.
ان مرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان أياما كثيرة وانما لم نعلمه صلى بالناس جالسا في
مرضه إلا مرة لم يصل بهم بعدها علمته حتى لقي الله عز وجل.
فدل ذلك على أن التوكيل بهم والصلاة قاعدا جائزان عنده معا وكان ما صلى
بهم غيره بأمره أكثر من ذلك.
1459 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
قال الشافعي:
وقد روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فيما قلت شيء منسوخ وناسخ فذكر الحديث الذي:
1460 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله / عليه وسلم:
ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو
353

قاعد فصلينا وراءه قعودا.
فلما انصرف قال:
' إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعو وإذا
رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالسا
فصلوا جلوسا 1 أجمعين '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
1461 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت: صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى
وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسو فلما انصرف قال:
' إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا
فصلو جلوسا '.
أخرجه البخاري من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث هشام.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وهذا ثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منسوخ بسنته وذلك أن أنس بن مالك يروي أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى جالسا من سقطة فرس وعائشة تروي ذلك وأبو هريرة يوافق روايتهما.
وامر من خلفه في هذه العلة بالجلوس إذا صلى جالسا.
ثم تروي عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا والناس خلفه
قياما.
354

قالت: وهي آخر صلاة صلاها بالناس بأبي وأمي [صلى الله عليه وسلم] حتى لقي الله عز
وجل.
وهذا لا يكون إلا ناسخا.
1462 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن
عروة عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خرج في مرضه فأتى أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس
فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله / [صلى الله عليه وسلم]: أن كما أنت فجلس
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وكان
الناس يصلون بصلاة أبي بكر.
1463 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن حسان قال
أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان
وجعا فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي [صلى الله عليه وسلم] خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر
فأم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم.
قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد في غير هذا الموضع:
فإن قيل: فقد ائتم أبو بكر بالنبي [صلى الله عليه وسلم] والناس بأبي بكر.
قيل: الإمام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر مأموم علم لصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لأن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] كان جالسا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائما يرى ويسمع.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وذكر إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر مثل حديث
عروة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى قاعدا وأبو بكر قائما يصلي بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهم
وراءه قياما.
355

1464 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال
أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش
عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
لما ثقل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس
فذكر الحديث.
قالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من نفسه خفة قالت:
فقام يهادا بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض قالت: فلما دخل المسجد
سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر فأومى إليه / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قم مكانك فجاء رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] حتى جلس عن يسار أبي بكر قالت:
فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي أبو بكر بصلاة
النبي [صلى الله عليه وسلم] ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وعن أبي بكر بن
أبي شيبة عن أبي معاوية ووكيع.
ورواه البخاري عن قتيبة عن أبي معاوية واخرجه مسلم أيضا من حديث
عيسى بن يونس وعلي بن مسهر عن الأعمش بمعناه دون ذكر اليسار.
وأخرجه البخاري عن مسدد عن عبد الله بن داود عن الأعمش وقال في
الحديث: فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر فأشار إليه أن صل.
فقام أبو بكر وقعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى جنبه يصلي وأبو بكر يسمع الناس التكبير.
ثم قال البخاري: وتابعه محاضر عن الأعمش.
وأخرج أيضا أحاديث حفص بن غياث عن الأعمش وفيه ما دل على أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إماما وأبو بكر يصلي بصلاته.
واخرجا حديث عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه مسندا في أوله
مرسلا في آخره بمعناه.
356

1465 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن
عبيد بن عمير قال أخبرتني الثقة - كأنه يعني عائشة - ثم ذكر صلاة النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر
إلى جنبه مثل معنى حديث هشام بن عروة عن أبيه.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد لم يأمرهم بجلوس ولم يجلسوا ولولا أنه
منسوخ صاروا إلى الجلوس بمتقدم امره إياهم بالجلوس وبسط الكلام في هذا.
قال الشيخ:
والذي روي في حديث جابر من أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] بالجلوس فإنما هو حين صرع
عن فرسه وذلك بين في رواية / أبي سفيان عن جابر مطلق مجمل في رواية أبي الزبير
قال الربيع: فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يصلي أحد بالناس جالسا ونحتج بآثار.
روينا عن ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف لما أخذنا به ولا ما تركنا من هذه الأحاديث.
قد مرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أياما وليالي لم يبلغنا انه صلى بالناس إلا صلاة واحدة.
وكان أبو بكر يصلي بالناس في أيامه تلك وصلاة النبي [صلى الله عليه وسلم] مرة لا تمنع أن يكون
صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرارا.
فكذلك لو صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلف أبي بكر مرة ومرارا لم يمنع ذلك أن يكون
صلى خلفه أبو بكر أخرى كما كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أكثر عمره.
قال الربيع:
فقلت للشافعي فقد ذهبنا إلى توهين حديث هشام بن عروة بحديث ربيعة.
قال الشافعي:
إنما ذهبتم إليه بجهالتكم بالحديث والحجج حديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله
ونحن لم نثبت حديث هشام عن أبيه حتى اسنده هشام عن أبيه عن عائشة والأسود عن
عائشة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فكيف احتججتم بما لا يثبت من الحديث على ما ثبت وهو إذا
ثبت حتى يكون أثبت حديث يكون كما وصفت لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا
يوافقه ولا معنى فيه من حديثنا.
357

قال أحمد:
قد ثبت حديث عائشة في إئتمام أبي بكر وهو قائم برسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو قاعد
وكان ذلك في صلاة الظهر.
1466 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ
قال حدثنا محمد بن عمرو الحرشي قال أخبرنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة قال
حدثنا موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت
لها:
الا تحدثيني عن مرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ فقالت: بلى. ثقل النبي صلى الله
عليه / وسلم فقال: ' اصلى الناس ' فقلنا: لا وهم ينتظرونك يا رسول الله قال:
' ضعوا ماء في المخضب ' قالت: ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم
افاق فقال:
' اصلى الناس ' قلنا: لا وهم ينتظرونك. قال: ' ضعوا لي ماء في
المخضب '.
فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فأفاق فقال:
' اصلى الناس ' قلنا: لا وهم ينتظرونك فقال:
' ضعوا لي ماء في المخضب ' ففعلنا.
فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال:
' أصلى الناس ' قلنا: لا وهم ينتظرونك يا رسول الله والناس عكوف في
المسجد لصلاة العشاء الآخرة.
قالت: فأرسل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس قالت فأتاه الرسول
فقال:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يأمرك أن تصلي بالناس. فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا يا عمر
صل بالناس فقال له عمر: أنت أحق بذلك.
358

فصلى أبو بكر تلك الأيام ثم أن النبي [صلى الله عليه وسلم] وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين
أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر
فأومى إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن لا تتأخر قال:
اجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر الصديق ' قال: فجعل أبو بكر
يصلي وهو قائم بصلاة النبي [صلى الله عليه وسلم] والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي [صلى الله عليه وسلم] قاعد.
قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما
حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟ قال: هات.
فعرضت عليه حديثها فما أنكر منه شيئا غير أنه قال: اسمت لك الرجل الذي
كان مع العباس قلت: لا. قال: هو: علي.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
قال أحمد:
هذا الحديث الثابت بذلك على أن أبا بكر صلى بالناس أياما وان النبي [صلى الله عليه وسلم]
خرج لصلاة الظهر فأتم به أبو بكر فيها / وهو قائم ورسول الله قاعد. وفي حديث
الأسود عن عائشة:
فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى جلس عن يسار أبي بكر. وفي ذلك إثبات كونه اماما
لوقوفه موقف الأئمة مع قولها: يقتدي أبو بكر بصلاة النبي [صلى الله عليه وسلم].
فأما قول ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله [صلى الله عليه وسلم] فهو منقطع كما قال الشافعي.
وقد روي موصولا عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة مع
اختلاف في لفظ الحديث.
وكان شعبة يرويه عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
وشك في أيهما كان المقدم والذي نعرفه بالاستدلال بسائر الاخبار أن الصلاة
التي صلها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلف أبي بكر هي صلاة الصبح من يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها حتى مضى لسبيله وهي غير الصلاة التي صلاها أبو بكر خلفه كما قال
الشافعي رحمه الله.
359

1467 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال حدثنا أبو العباس الأصم قال
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب
قال حدثني حميد الطويل عن ثابت البناني حدثه عن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد برد مخالفا بين طرفيه فلما أراد أن يقوم قال:
' ادع لي أسامة بن زيد '.
فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكانت آخر صلاة صلاها.
قال أحمد:
فهذا يدلك على أن الصلاة التي صلاها خلف أبي بكر هي آخر صلاة صلاها.
وآخر صلاة صلاها هي صلاة الصبح يوم الاثنين وهو اليوم الذي مضى فيه
لسبيله [صلى الله عليه وسلم].
ثم هذا الحديث لا يخالف ما ثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم
الاثنين وكشف النبي [صلى الله عليه وسلم] ستر الحجرة ونظره إليهم وهم صفوف في الصلاة وأمره إياهم
بإتمامها ثم ارخائه الستر.
فإن ذلك إنما كان في الركعة / الأولى ثم إنه وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك
معه الركعة الثانية وهو المراد بما قال في رواية ثابت.
والذي يدل على ذلك ما ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب وذكره أبو الأسود
عن عروة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] اقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا إلى صلاة الصبح وهو قائم
في الأخرى فتخلص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بثوبه فقدمه في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] جالس وأبو بكر قائم
يقرأ القرآن فلما قضى أبو بكر قراءته قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فركع معه الركعة الآخرة ثم جلس أبو
بكر حين قضى سجوده يتشهد والناس جلوس فلما سلم أتم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الركعة
الآخرة ثم انصرف إلى جزع من جزوع المسجد فذكر القصة في دعائه أسامة بن زيد
وعهده إليه فيما بعثه فيه من وفاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يومئذ.
1468 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا
يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح عن
360

موسى بن عقبة قال قال ابن شهاب.
1469 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو جعفر البغدادي قال حدثنا
محمد بن عمرو بن خالد قال حدثنا أبي قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا أبو الأسود عن
عروة فذكرا - يعني ما قلنا - وأتم منه.
قال أحمد:
فالصلاة التي صلاها أبو بكر وهو مأموم هي صلاة الظهر وهي التي خرج فيها
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين العباس وعلي.
والصلاة التي صلاها أبو بكر وهو أمام هي صلاة الصبح وهي التي خرج فيها
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بين الفضل بن العباس وغلام له.
وفي ذلك جمع بين الأخبار التي وردت في هذا الباب وبالله التوفيق.
1470 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو / العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
روى جابر الجعفي عن الشعبي أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
لا يؤمن أحد بعدي جالسا '.
وقد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة ولأنه لا يثبت لأنه مرسل ولأنه عن
رجل يرغب الناس عن الرواية عنه.
قال أحمد:
جابر بن يزيد الجعفي متروك عند أهل العلم بالحديث في روايته مذموم في رأيه
ومذهبه.
وقال لنا أبو بكر بن الحارث قال لنا أبو الحسن الدارقطني لم يروه غير جابر
361

الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
قال أحمد:
وهو مختلف فيه على جابر الجعفي فروي عن ابن عيينة عن جابر كما قال
الشافعي.
ورواه إبراهيم بن طهمان عن جابر عن الحكم قال: كتب عمر لا يؤمن أحد
جالسا بعد النبي [صلى الله عليه وسلم].
وهذا مرسل موقوف.
ورواية عن الحكم ضعيف.
1471 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
وقد روي في هذا الصنف شيء يغلط فيه بعض من يذهب إلى الحديث وذلك
أن عبد الوهاب الثقفي أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر انهم خرجوا
يشيعونه وهو مريض فصلى جالسا وصلوا خلفه جلوسا قال:
وأخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن حضير فعل مثل ذلك.
قال الشافعي:
وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يعلم خلافه
عنه فيقول بما علم ثم لا يكون في قوله بما علم وروى حجه على أحد علم أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال قولا أو عمل عملا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعمل به وبسط الكلام
في هذا وأراد انهما إنما فعلا ذلك لأنهما لم يعلما ما نسخه.
قال: وفي هذا دليل على أن علم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض.
362

261 - [باب]
من تجب عليه الصلاة
احتج الشافعي رحمه الله بآية الاستأذان والابتلاء في وجب الفرائض / على
الإنسان بالبلوغ قال: وفرض الله الجهاد فأبان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انه على من استكمل
خمس عشرة سنة بأن أجاز ابن عمر عام الخندق ابن خمس عشرة سنة ورده عام أحد
ابن أربع عشرة سنة.
وحديث ابن عمر يرد في موضعه بإسناده.
وقال في مختصر البويطي والربيع:
ويأمر الصبي بالصلاة إذا عقل ابن سبع سنين.
1472 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو
داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبد الملك بن
الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها '.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: حافظوا على أولادكم في الصلاة
وعلموهم الخير فإنما الخير عادة.
262 - [باب]
اختلاف نية الإمام والمأموم وغير ذلك
1473 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة انه سمع
عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول:
كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] العشاء ذات ليلة قال فصلى معاذ معه ثم
363

رجع فأم قومه فقرأ بسور البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فقالوا له: أنا
فقت؟ قال: لا ولكني آتي رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فأتاه فقال: يا رسول الله انك أخرت العشاء وإن معاذا صلى معك ثم رجع فأمنا
فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت فصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل
بأيدينا.
فأقبل النبي [صلى الله عليه وسلم] على معاذ فقال: ' افتان أنت يا معاذ أفتان أنت إقرا بسورة كذى
وسورة كذى '.
قال أحمد:
وأخبرنا سفيان قال حدثنا أبو الزبير عن جابر مثله. وزاد فيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال
له:
' اقرأ ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (والليل إذا يغشى) * و * (والسماء والطارق) * / ونحوها '.
قال سفيان: فقلت لعمرو أن أبا الزبير يقول قال له: إقرأ ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (والليل إذا يغشى) * * (والسماء والطارق) *.
فقال: عمرو هو هذا أو نحوه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد المكي عن سفيان.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث أيوب السختياني عن عمرو بن دينار
مختصرا.
وأخرجه البخاري من حديث شعبة وسليم بن حبان عن عمرو.
واخرجه مسلم من حديث منصور بن زاذان عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد
الله:
364

أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه
فيصلي بهم تلك الصلاة.
1474 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر قال
حدثنا إبراهيم بن علي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم عن منصور فذكره.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى.
1475 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج
قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد
عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر قال:
كان معاذ يصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلها لهم هي له
تطوع وهي لهم مكتوبة العشاء.
شك الربيع في ذكر ابن جريج فيه وهو فيه.
فكذلك رواه حرملة عن الشافعي.
ثم قال الشافعي: في رواية حرملة هذا حديث ثابت لأعلم حديثا يروى من
طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق رجالا.
قال أحمد:
وكذلك رواه أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج وذكرا فيه هذه الزيادة
والزيادة من الثقة مقبولة في مثل هذا وقد رويت هذه الزيادة من وجه آخر عن جابر.
1476 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيد
الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله ان معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] / العشاء
ثم يرجع إلى قومه فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة.
قال أحمد:
والأصل أن ما كان موصولا بالحديث يكون منه وخاصة إذا روي من وجهين إلا
365

أن تقوم دلالة على التمييز فالظاهر أن قوله:
هي له تطوع وهي لهم مكتوبة.
من قول جابر بن عبد الله وكان أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] اعلم بالله وأخشى لله
من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم.
وحين حكى الرجل فعل معاذ لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] لم ينكر منه إلا التطويل ويفضل
الحال عليه في الإمامة ولو كان فيها تفضيل لعلمه إياه كما علمه ترك التطويل.
ومن زعم أن ذلك كان مع صلاة النبي [صلى الله عليه وسلم] ببطن النخل حين كان يصل الفرض
الواحد في اليوم مرتين ثم نسخ. فقد ادعى ما لا يعرف.
وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
لا تصلوا صلاة في يوم مرتين '.
لا يثبت ثبوت حديث معاذ للاختلاف برواية عمرو بن شعيب وانفراده به
والاتفاق والاحتجاج بروايات رواة حديث معاذ وظاهرهم للاختلاف ثم ليس في دلالة
على كونه شرعا ثابتا ثم نسخ بقوله:
' لا تصلوا صلاة في يوم مرتين '.
فقد كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة فيجوز أن الإعادة واجبة
فقال:
' لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ' أي كلتاهما على طريق الوجوب.
ويحتمل أن يكون قال ذلك حين لم تسن إعادة الصلاة بالجماعة لإدراك
فضيلتها فقد وقع الإجماع في بعض الصلوات انها تعاد.
وصحيح عن نافع عن ابن عمر إعادة غير المغرب والصبح وروي عنه هذا الخبر
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فكيف يجوز نسخ سنن بهذا الخبر من غير تاريخ ولا سبب يدل على
النسخ مع ما ذكرنا من الاحتمال:
366

1477 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن /
عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى
بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم.
قال الشافعي:
والآخرة من هاتين للنبي [صلى الله عليه وسلم] نافلة وللآخرين فريضة.
قال أحمد:
وكذلك رواه قتادة وغيره عن الحسن وثبت معناه من حديث أبي سلمة بن عبد
الرحمن عن جابر.
وهو من ذلك الوجه مخرج في الصحيح عن أشعث عن الحسن عن أبي بكرة
عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
1478 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال:
إن أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل التي أدركت مع الإمام الظهر وصل
العصر بعد ذلك.
قال ابن جريج: قال عطاء بعد ذلك وهو غير ذلك قد كان يقال ذلك: إذا أدركت
العصر ولم تصل الظهر فاجعل التي أدركت مع الإمام الظهر.
1479 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء
كان تفوته العتمة فيأتي والناس في القيام فيصلي معهم ركعتين ثم يثني عليهما
ركعتين.
وأنه رآه فعل ذلك ويعتد به من العتمة.
1480 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج
قال قال عطاء: من نسي العصر فذكر انه لم يصلها وهو في المغرب فيجعلها العصر
367

فإن ذكرها بعدما صلى المغرب فليصل العصر.
قال الشافعي:
ويروى عن عمر بن الخطاب وعن رجل من الأنصار مثل هذا المعنى.
ويروى عن أبي الدرداء وابن عباس قريبا منه قال وكان وهب بن منبه والحسن
وأبو رجاء العطاردي يقولون هذا جاء قوم أبا رجاء العطاردي يريدون أن يصلوا الظهر
فوجدوه قد صلى فقالوا ما جئنا إلا لنصلي معك.
فقال: لا اخيبكم ثم قام فصلى بهم.
قال الشافعي:
ذكر ذلك أبو قطن عن أبي خلدة عن أبي رجاء العطاردي.
1481 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج
قال قال إنسان لطاوس وجدت الناس في القيام فجعلتها. العشاء الآخرة قال أصبت.
/ قال الشافعي في القديم في غير هذه الرواية:
وأخبرنا بعض أصحابنا عن مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن في رجل
صلى وراء الإمام الظهر وهو ينوي العصر قال: يجزيه.
قال الشافعي في روايتنا:
وكل هذا جائز بالنسبة ثم ما ذكرنا ثم القياس ونية كل مصل نية نفسه لا يفسدها
عليه أن يخالفها غيره وان أمه.
واستشهد بصلاة المقيم خلف المسافر وبصلاة المسبوق وبصلاة المتنفل خلف
المفترض.
واحتج في ذلك في موضع آخر بحديث الرجل الذي قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من يتصدق على هذا فيصلي معه '.
368

وقد مضى بإسناده.
قال الشافعي:
قلت لبعض أهل العلم: أرأيت هذا الحديث إذ رواه عن جابر عمرو بن دينار
وأبو الزبير وعبيد الله بن مقسم اصحيح هو؟
قال: نعم عمرو من أوثق الناس.
قلت: وجابر أوثق منه. قال: نعم.
قلت: أفتعرف عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلافه؟
قال: لا. ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال: فإن صاحبنا قال: فلعل معاذا كان
يجعل آخر صلاته مع النبي [صلى الله عليه وسلم] نافلة ومعهم فريضة.
فقلت له: حديث عمرو بن دينار يقطع عنك العذر بأن قال: عن جابر هي له
نافلة ولهم فريضة.
قال: فلو لم يكن فيه هذا الحرف؟
قلت: إذا تعلم أن ما قلت غير ما قلت.
قال: بأي شيء قلت؟ أيجعل معاذ صلاته مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] التي لعل صلاة
واحدة معه أحب إليه من كل صلاة صلاها في عمره ليست معه في الجماعة الكثيرة
نافله ويجعل صلاته في القليل وهو إمام فريضة؟
ولو كان يتنفلها لم ينتظرها تذهب ليلا ومنزله ناء بل يتنفل وينصرف.
ولو قال هذا غيركم. ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال:
فقال: فهل قال قولك هذا أحد؟
قال قلت: نعم قاله عطاء بن أبي رباح وفعله وهب بن منبه وطاوس والحسن بن
أبي الحسن وأبو رجاء العطاردي وقبلهم في معنى قولهم ابن عباس وأبو الدرداء ورجل
أو اثنان من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال: فقال / به أحد من أهل زمانك؟
قال: فقلت نعم مسلم بن خالد وعبد الرحمن بن مهدي عندك بالبصرة
369

ويحيى بن سعيد وغيرهم.
وما يحتاج حديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى أن يشدد بأن اتبعه قوم ما الحظ إلا لمن
اتبعه ولا يسع خلافه.
قال: وقلت له: ما على الأرض خلق أكبر منه.
قال: شبيها بقوله أكبر من أبي قلابة وأنت تخالف أبا قلابة لرأي نفسك افتجعله
حجة لك على ما وصفت؟
1482 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا
العباس بن الوليد بن مزيد قال أخبرني أبي قال سمعت الأوزاعي يقول:
دخل ثلاثة نفر من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة العصر ولم يكونوا صلوا الظهر
فلما سلم الإمام قال بعضهم لبعض: كيف صنعت؟
قال أحدهم: أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام صلاة الظهر ثم صليت العصر.
وقال الآخر: أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام صلاة العصر ثم صليت الظهر.
وقال الآخر: أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام سبحة واستقبلت الظهر ثم
العصر.
فلم يعب أحد منهم على صاحبه.
وقد روينا هذا عن الوضين بن عطاء عن محفوظ عن علقمة عن أبي عائذ قال:
دخل ثلاثة نفر من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والناس في صلاة العصر.
فذكر معناه.
263 - [باب]
إمامة الأعمى
1483 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمود بن
ربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وانه قال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]: أنها تكون
370

الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بيتي مكان اتخذه
مصلى.
قال فجاءه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: ' اين تحب أن تصلي '.
فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
1484 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال / أخبرنا إبراهيم بن سعد عن
ابن شهاب عن محمود بن ربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وإبراهيم بن سعد.
واخرجه مسلم من أوجه أخر عن الزهري.
1485 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال سمعت عددا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يستخلف ابن
أم مكتوم وهو أعمى فيصلي بالناس في عدد غزوات له.
قال أحمد:
وقد روينا في هذا عن عمران القطان عن قتادة عن أنس.
1486 - وأخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال
أخبرنا أبو يعلى والحسن بن سفيان قالا: حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن
زريع قال حدثنا حبيب المعلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس.
264 - [باب]
إمامة العبد
1487 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
371

الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد
الله بن عبيد الله بن أبي مليكة انهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو
وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو
غلامها حينئذ لم يعتق.
قال: وكان إمام بني محمد بن أبي بكر بكر وعروة.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي ذر انه انتهى إلى الربذة وقد أقيمت الصلاة
فإذا عبد يؤمهم فقال أبو ذر:
أوصاني خليلي [صلى الله عليه وسلم] أن اسمع وأطيع ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف.
265 - [باب]
إمامة الأعجم
1488 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج / قال
أخبرني عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول:
اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال حسبت أنه قال في أعلى الوادي ها هنا في
الحج قال: فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل السائب أعجمي اللسان قال: فأخره
المسور بن مخرمة وقدم غيره.
فبلغ عمر بن الخطاب. فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة
عرفه بذلك.
فقال المسور: انظرني يا أمير المؤمنين إن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في
الحج فخشيت أن يسمع بعض الحجاج قراءته فيأخذ بعجمته.
فقال: هنا لك ذهبت بها. فقال: نعم.
فقال: قد أصبت.
372

266 - [باب]
إمامة ولد الزنا
1489 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه
عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه.
قال الشافعي:
واكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من
صلى خلفه صلاتهم وتجزيه إن فعل.
267 - [باب]
إمامة الصبي الذي لم يبلغ
احتج في كتاب البويطي في جواز إمامته وإن كان الاختيار لا يؤم إلا بالغ
بحديث عمرو بن سلمة الجرمي: مر بنا ركب وأنا غلام وكان يؤم قومه.
وبحديث معاذ بن جبل: حين كان يصلي مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم يصليها بقومه نافلة
وأقل ما في صلاة الغلام أن تكون نافلة.
أما حديث معاذ:
فقد مضى بإسناده.
وأما حديث عمرو بن سلمة:
1490 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن
الحسن بن أيوب الطوسي قال حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي قال حدثنا
سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال حدثني أبو قلابة عن عمرو بن
سلمة ثم قال هو حي ألا تلقاه فتسمع منه فلقيت عمرا فحدثني بالحديث فقال: كنا
بممر الناس فيمر بنا الركاب / فنسلهم ما هذا الأمر وما للناس فيقولون نبي يزعم أن الله
قد ارسله وان الله أوحى إليه كذى وكذى وكانت العرب تلوم بإسلامها الفتح ويقولون
373

انظروه فإن ظهر فهو نبي وصدقوه فلما كان وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم فانطلق
أبي بإسلام حوائنا إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقدم فأقام عنده كذا وكذا ثم جاء من عنده
فتلقيناه فقال:
جئتكم من عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حقا وانه يأمركم بكذا وصلاة كذا وكذا وإذا
حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا في أهل حوائنا فلم يجدوا
أكثر قرآنا مني فقدموني وأنا ابن سبع سنين أو ست سنين فكنت أصلي بهم فإذا
سجدت تقلصت بردة علي تقول امرأة من الحي غطوا عنا است قارئكم هذا فكسيت
معقدة من معقد البحرين بستة دراهم أو بسبعة فما فرحت لشيء كفرحي بذلك.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
268 - [باب]
صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يقدمه
احتج الشافعي في جواز ذلك بحديث عبد الرحمن بن عوف حين تقدم فصلى
بأصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] ولا أراه نوى أن يأم النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم جاء النبي [صلى الله عليه وسلم] فصلى خلفه وهذا
قد مضى بإسناده في: باب المسح على الخفين.
269 - [باب]
المسبوق ببعض الصلاة
1491 - أخبرنا أبو إسحاق قال خبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن
أبي رباح قال: كان الرجل إذا جاء وقد صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] شيئا من صلاته سأل فإذا
اخبر كم سبق به صلى الذي سبق به ثم دخل مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في صلاته.
فأتى ابن مسعود / فدخل مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ولم يصل فلما صلى النبي [صلى الله عليه وسلم] قام فقضى
ما بقي عليه فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إن ابن مسعود قد بين لكم سنة فاتبعوها '.
374

قال سفيان وقال غير عمرو بن دينار هو معاذ.
قال أحمد:
قد رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال حدثنا أصحابنا فذكر هذه القصة في
معاذ بن جبل.
1492 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر سمعت
المزني يقول: يحتمل أن يكون النبي [صلى الله عليه وسلم] أمر أن يستن هذه السنة فوافق ذلك فعل ابن
مسعود وذلك أن بالناس حاجة إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في كل ما سن وليس به حاجة إلى
غيره.
قال أحمد:
قد سن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هذه السنة كما قال المزني فوافقها فعل معاذ أو ابن
مسعود وهي فيما:
1493 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا اتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا '.
1494 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن
أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم
فأتموا '.
حديث سفيان أخرجه مسلم:
375

وحديث ابن أبي ذئب أخرجه البخاري في الصحيح.
270 - [باب]
موقف الإمام والمأموم
1495 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى
ابن عباس عن ابن عباس انه اخبره انه بات عند ميمونة زوج / النبي [صلى الله عليه وسلم] أم المؤمنين
وهي خالته قال فافضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وأهله في طولها
فنام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من ' سورة آل عمران '
ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ فأحسن وضوءه ثم قام يصلي قال ابن عباس:
فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يده
اليمنى على رأسي وأخذ باذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم
ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين
ثم خرج فصلى الصبح.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي وغيره.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك.
وزادوا فيه: ثم ركعتين ست مرات.
1496 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن كريب عن ابن
عباس انه بات عند النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلة خالته ميمونة فقام النبي [صلى الله عليه وسلم] فتوضأ من شنه معلقة
قال:
فوصف وضوءه وجعل يقلله بيده ثم قام ابن عباس فصنع مثل ما صنع النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال ثم جئت فقمت عن شماله فأخلفني فجعلني عن يمينه فصلى ثم اضطجع فنام
376

حتى نفخ ثم اتى بلال فآذنه بالصبح فصلى ولم يتوضأ. قال سفيان لأنه بلغنا أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
1497 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
قال: صليت أنا ويتيم لنا خلف النبي [صلى الله عليه وسلم] في بيتنا / وأم سليم خلفنا.
قال أحمد:
هذا الحديث بهذا اللفظ إنما رواه الشافعي في رواية المزني وحرملة عن
سفيان.
1498 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة انه
سمع عمه أنس بن مالك يقول: صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بيتنا وأم
سليم خلفنا.
هذا هو الصحيح وحديث مالك ابسط وليس فيه ذكر أم سليم.
وقد رواهما الربيع في موضع آخر على الصحة.
وذكر الشافعي في رواية الربيع:
حديث سهل بن سعد في المنبر وصعود النبي [صلى الله عليه وسلم] وذلك مذكور بإسناده فيما
بعد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة
ويدل على أن موقف الإمام امام المؤمنين منفردا.
وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه.
زاد في القديم وان كانت معهما امرأة قامت خلفهما.
1499 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
377

الشافعي فيما بلغه عن محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن
الأسود عن أبيه أن عبد الله صلى به وبعلقمة فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن
يساره.
وقال هكذا كان يفعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا ونحن معهم يكونان خلف الإمام فأما نحن [فنقول]
بحديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' قوموا أصلي لكم '.
فقمت إلى حصير فنضحته بماء فقام عليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وصففت أنا واليتيم
وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف.
قال وعن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال: دخلت
على عمر رضي الله عنه بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني
حذاءه على يمينه فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه.
قال أحمد:
/ قال روينا في الحديث الثابت عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن جابر بن عبد
الله قال:
سرت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غزوة فقام يصلي قال: فجئت حتى قمت عن يساره
فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره فأخذنا
بيديه جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه.
1500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا
علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال
378

حدثنا يعقوب بن مجاهد عن عبادة بن الوليد فذكره.
رواه مسلم عن محمد بن عباد.
فبهذا وما مضى من حديث ابن عباس وأنس بن مالك نقول:
فأما ما روي في ذلك عن ابن مسعود فقد قال محمد بن سيرين:
كان المسجد ضيقا وقد قيل إنه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] يصلي وأبو ذر عن يمينه يصلي
كل واحد منهما يصلي لنفسه فقام ابن مسعود خلفهما فأومأ إليه النبي [صلى الله عليه وسلم] بشمال
فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف ولم يعلم أنه لا يؤمهما وعلمه أبو ذر حتى قال فيما
روي عنه يصلي كل رجل منا لنفسه.
وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بأنهم أكثر عددا.
وأن عبد الله ذكر في حديثه هذا التطبيق وكان ذلك من الأمر الأول.
فيشبه أن يكون هذا أيضا من الأمر الأول ثم نسخ.
وبأن عمر وعليا والعامة ذهبوا إلى ما قلنا والله أعلم.
271 - [باب]
صفوف الرجال وصفوف النساء
1501 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه أو عن
المقبري عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها
أولها '.
379

هكذا رواه سفيان بن عيينة بالشك.
ورواه سفيان الثوري وأبو عاصم عن محمد بن عجلان.
/ عن أبيه عن أبي هريرة من غير شك.
ورواه سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
1502 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا عبد
الرحيم بن منيب قال حدثنا جرير قال أخبرنا سهل فذكره.
272 - [باب]
صلاة المنفرد خلف الإمام
1503 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد
الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لطعام صنعته
له فأكل منه ثم قال:
' قوموا فلأصلي لكم '.
قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء فقام عليه
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم
انصرف.
هذا لفظ حديثهم.
وفي رواية أبي سعيد اختصار.
1504 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا سفيان عن إسحاق بن عبد الله انه سمع
عمه أنس بن مالك يقول:
صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في بيتنا وأم سليم خلفنا.
380

قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
فأنس يحكي أن امرأة صلت منفردة مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا أجزأت المرأة
صلاتها مع الإمام منفردة أجزأت الرجل.
قال الشافعي:
وسمعت من يروي بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي [صلى الله عليه وسلم] أنه ركع وراء الصف
فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' زادك الله حرصا ولا تعد '.
1505 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد
قال حدثنا تمتام قال حدثنا أبو عمر قال حدثنا همام عن زياد الأعلم عن الحسن عن
أبي بكرة انه دخل المسجد / والنبي [صلى الله عليه وسلم] راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فقال
النبي [صلى الله عليه وسلم]:
زادك الله حرصا ولا تعد '.
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل وعن همام.
ورواه حماد بن سلمة عن زياد قال فيه: فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف
فلما قضى صلاته قال: ' أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف '. قال أبو
بكرة: أنا يا رسول الله.
قال: ' زادك الله حرصا ولا تعد '.
1506 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
ولما ذكر أبو بكرة للنبي [صلى الله عليه وسلم] انه ركع وحده فلم يأمره بإعادة. دل ذلك على أنه
يجزي عنه قوله: ' ولا تعد ' يشبه قوله:
381

' لا تأتوا الصلاة وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم
فصلوا وما فاتكم فاقضوا '.
يعني والله أعلم ليس عليك أن تركع حتى تصل إلى موقفك لما في ذلك من
التعب.
كما ليس عليك أن تسعى إذا سمعت الإقامة.
وقال في رواية أبي عبد الله:
كأنه أحب له الدخول في الصف ولم ير عليه العجلة بالركوع حتى يلحق
بالصف.
1507 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين أظنه عن
هلال بن يساف قال اخذ بيدي زياد بن أبي الجعد فوقف بي على شيخ بالرقة من
أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقال له: وابصة بن معبد فقال: أخبرني هذا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
وقد سمعت من أهل العلم بالحديث من يذكر أن بعض المحدثين من يدخل
بين هلال بن يساف ووابصة فيه رجلا. ومنهم من يرويه عن هلال بن وابصة سمعه
منه:
وسمعت بعض أهل العلم منهم كأنه يوهنه بما وصفت قال أحمد:
ورواه عمرو بن مرة قال سمعت هلال / بن يساف يحدث عن عمرو بن راشد
عن وابصة بن معبد فذكره.
1508 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا
محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة فذكره.
382

ومنهم من قصر به فرواه عن هلال عن وابصة.
وروي من أوجه أخر عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة.
وروي من وجه آخر عن علي بن شيبان عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
ولم يخرجه البخاري ولا مسلم في الصحيح لما حكاه الشافعي من الاختلاف
في إسناد حديث وابصة.
ولما في إسناد حديث علي بن شيبان من أن رجاله غير مشهورين.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال:
صلاته تامة وليس له تضعيف.
وكأنه أراد: لا يكون له تضعيف الأجر بالجماعة فكأن النبي [صلى الله عليه وسلم] أن صح
الحديث نقى عنه فضل الجماعة وأمره بالإعادة ليحصل له زيادة.
ولا يعود إلى ترك السنة. والله أعلم.
وكان الشافعي في القديم يقول:
لو ثبت الحديث الذي روي فيه لقلت به ثم وهنه في الجديد بما حكينا.
273 - [باب]
إذا خالفت المرأة السنة في الموقف
قال الشافعي:
كرهت ذلك ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا لأن ابن عيينة
أخبرني عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة
كاعتراض الجنازة.
383

1509 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
1510 - وأخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه قال: رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب
والمرأة والحمار يمرون بين يديه.
/ أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن مغول.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فإذا لم تفسد المرأة على المصلي أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه أو
عن يساره احرى أن لا تفسد عليه.
274 - [باب]
مقام الإمام
1511 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي حازم قال:
سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]؟
قال: ما بقي من الناس أحد اعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى
فلانة ولقد رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر ثم قرأ ثم ركع ثم
نزل القهقرى سجد ثم صعد فقرأ ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد.
384

أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من حديث يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم وفيه من الزيادة:
فلما فرغ اقبل على الناس فقال:
' أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي '.
1512 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن
همام قال:
صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة
فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود:
أليس قد نهى عن هذا؟! فقال له حذيفة: ألم ترني قد تابعتك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
واختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع ليراه من
وراءه فيقتدوا بركوعه وسجوده.
ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال:
وإذا كان الإمام علم الناس مرة أحببت أن يصلي مستويا مع المأمومين لأنه لم
يرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة.
275 - [باب]
الموضع الذي يجوز أن تصلي فيه الجمعة مع الإمام
1513 - / أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد
385

المجيد بن سهل بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن إبراهيم قال:
رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف
يصلي بصلاة الإمام في المسجد وبين بيوت حميد والمسجد الطريق.
هذا لفظ حديث أبي سعيد وقالا: فصلى بصلاة الإمام.
1514 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه انه كان
يصلي الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن عام حج الوليد وكثر الناس وبينها وبين
المسجد طريق.
1515 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة قال:
رأيت أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد وحده بصلاة الإمام.
وفي رواية أبي سعيد في كتاب الإمامة قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد وهو ابن
أبي يحيى قال حدثني صالح مولى التوأمة انه رأى أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد
بصلاة الإمام في المسجد.
قال أحمد:
تابعه ابن أبي ذئب عن صالح.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ورأيت من المؤذنين من يصلي بصلاة الإمام وهم فوق ظهر المسجد فسألت عن
ذلك مسلم بن خالد فقال: هو مجزي عنهم ولو صلوا في الأرض كان أحب إلي.
قال الشافعي:
وكان ابن عباس لا يرى بأسا أن يصلي في رحبة المسجد والبلاط بصلاة
الإمام.
386

1516 - أخبرناه عمر بن أحمد العبدوي قال أخبرنا أبو أحمد بن إسحاق قال
أخبرنا أبو جعفر بن الحسن المقري قال حدثنا عباد يعقوب قال أخبرنا بن أبي يحيى
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال:
لا بأس بالصلاة في رحبة المسجد والبلاط بصلاة الإمام.
1517 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيمن كان في دار قرب المسجد أو بعيدا منه: / لم يجز له أن يصلي فيها إلا
أن تتصل الصفوف به وهو في أسفل الدار لا حائل بينه وبين الصفوف.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
فإن قيل افتروي في هذا شيئا؟ قيل: صلى نسوة مع عائشة في حجرتها فقالت:
لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب.
قال: وكما قالت عائشة في حجرتها إن كانت قالته.
قلنا: لم يذكر إسناده في الجديد وذكره في القديم وهو فيما:
1518 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا الوليد أخبرهم قال حدثنا محمد بن
إسحاق والمؤمل قالا: حدثنا الزعفراني عن الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن
ليث عن عطاء عن عائشة أن نسوة صلين في حجرتها فقالت: لا تصلين بصلاة الإمام
فإنكن في حجاب.
قال الربيع قال الشافعي في خلال ذلك:
وهذا مخالف للمقصورة المقصورة شيء من المسجد فهي وإن كانت
حائلا دون ما ورائها بينه وبين الإمام فإنما هو كحول الإسطوان أو أقل وكحول صندوق
المصاحف وما أشبهه.
387

قال أحمد:
وأما الذي رواه هشيم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: صلى
النبي [صلى الله عليه وسلم] في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة يصلون بصلاته.
وحديث حميد عن أنس في معناه فذاك مطلق وقد فسره عيسى بن يونس عن
يحيى بن سعيد بعض التفسير فقال: في الحديث وجدار الحجرة قصير فرأى الناس
شخص رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقام ناس يصلون بصلاته.
ورواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة فبينه بيانا شافيا فقال في الحديث
عن عائشة: كان لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] حصير فكان يحتجره من الليل فيصلي فيه ويبسطه
بالنهار فيجلس عليه.
ثم ذكر صلاتهم به وقد مضى ذكره.
1519 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن سعيد
عن أبي النضر عن بشر بن سعيد عن زيد بن ثابت الأنصاري أنه قال:
احتجر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في المسجد حجرة فكان رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يخرج من الليل يصلي فيها فرآه رجال يصلي فصلوا معه بصلاته وكانوا يأتون
كل ليلة حتى إذا كانت ليلة من الليالي لم يخرج إليهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فتنحنحوا
ورفعوا أصواتهم وحصبوا بابه. قال: فخرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مغضبا فقال لهم:
' أيها الناس ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن سيكتب عليكم فعليكم
بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة '.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مكي بن إبراهيم.
واخرجاه من حديث غندر عن عبد الله بن سعيد وقال في الحديث احتجر
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] حجيرة منخفضة أو حصيرا.
388

وفي حديث موسى بن عقبة عن أبي النضر.
أتخذ حجرة في المسجد من حصير.
وفي كل هذا دلالة على اختصار وقع في رواية هشيم.
وفي رواية حميد عن أنس.
276 - [باب]
الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر
1520 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار
عن سهل بن سعد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم
وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: اتصلي بالناس فأقيم؟ فقال: نعم.
فصلى أبو بكر فجاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف
فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأشار إليه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله
على ما امره به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصلى
بالناس.
فلما انصرف قال:
' يا [أبا] بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك '.
فقال أبو بكر: ما كان لابن / أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثم
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ' ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح
فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء '.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
389

قال الشافعي في رواية أبي سعيد في الإمام إذا أحدث فقدموا أو قدم الإمام
رجلا فأتم لهم ما بقي من الصلاة اجزأتهم صلاتهم لأن أبا بكر رضي الله عنه قد افتتح
للناس الصلاة ثم استأخر فقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فصار أبو بكر مأموما بعد أن كان إماما
وصار الناس مع أبي بكر يصلون بصلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقد افتتحوا بصلاة أبي بكر.
قال الشافعي:
وهكذا لو استأخر الإمام من غير حدث وتقدم غيره أجزأت من خلفه صلاتهم
واختار أن لا يفعل هذا الإمام وليس أحد في هذا كرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
وأحب إذا جاء الإمام وقد افتتح الصلاة غيره أن يصلي خلف المتقدم قد صلى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلف عبد الرحمن بن عوف في سفره إلى تبوك.
قال: وللإمام أن يفعل أي هذا شاء والاختيار ما قلنا.
وقال [في] القديم:
وقد قال قائل: يعتد بما مضى ثم يأتم بالإمام فيما بقي وليس نقول هذا. ثم
قال:
فإن كان مجزي أن تصلي صلاة بإمامين إذا أحدث الأول قدم الآخر أجزأ هذا
عندنا والله أعلم.
إلا أنه قد يصلي بعض الصلاة مع الإمام وبعضها وحده وذكر في الجديد:
حديث عطاء بن يسار أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار بيده
أن امكثوا ثم رجع وعلى جلده الماء.
واكده برواية ابن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل معناه وقد ذكرنا إسناده
فيهما فيما مضى.
وأجاز للإمام وللقوم أن يفعلوا كما فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا كان مخرج وضوئه أو
غسله قريبا وكان ذلك قبل / الركوع.
ولم يجزه أبو يعقوب البويطي واحتج بقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
390

' فإذا كبر فكبروا '.
والإمام إذا رجع فإنما يكبر للافتتاح حينئذ.
وقد تقدم في ذلك احرام القوم.
واجازه الشافعي في القديم ولم يجز الاستخلاف واحتج به في الإملاء في منع
الاستخلاف.
وذلك أنه أشار إليهم أن امكثوا ولم يقدم أحد.
واحتج من اجازه بما روي عن عمر انه طعن بعدما كبر فقدم عبد الرحمن.
فأجاب الشافعي عنه في القديم بأن قال:
رويتم ذلك عن حصين وأبو إسحاق يخبر عن عمرو بن ميمون انه لم يكبر.
وكذلك حديث أصحابنا. وإنما تقدم عبد الرحمن مصبحا بعد أن طعن عمر
بساعة فقرأ بسورتين قصيرتين مبادرا للشمس.
قال أحمد:
الروايتان كلتاهما على ما قال الشافعي رحمه الله إلا أن حديث حصين عن
عمرو بن ميمون في تكبير عمر ثم تقديمه عبد الرحمن بن عوف بعد ما طعن حديث
ثابت قد أخرجه البخاري في الصحيح.
وروينا عن أبي رافع في تلك القصة شبيها برواية حصين.
وروينا عن عمر في قصة أخرى انه وجد بللا حين جلس في الركعتين الأوليين
فلما قام أخذ بيد رجل من القوم فقدم مكانه.
وروي في جواز الاستخلاف عن علي.
فقوله الجديد في جواز الاستخلاف أصح القولين.
والله أعلم.
391

277 - [باب]
الخروج من صلاة الإمام
1521 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي فيمن صلى مع الإمام شيئا من الصلاة ثم خرج المأموم من صلاة الإمام بغير
قطع من الإمام للصلاة فلا عذر للمأموم كرهت ذلك له فإن بني على صلاة لنفسه
منفردا لم يبن لي أن يعيد الصلاة من قبل أن الرجل خرج من صلاة معاذ بعدما افتتح
الصلاة معه فصلى لنفسه فلم نعلم النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره بإعادة.
وقد مضى هذا الحديث برواية الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار
عن جابر وكما رواه الشافعي عن سفيان.
رواه الحميدي / وغيره عن سفيان.
ورواه محمد بن عباد المكي عن سفيان فقال في الحديث:
فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف.
أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد.
ولا أدري هل حفظ هذه الزيادة لكثرة من رواه عن سفيان دونها.
والله أعلم.
278 - [باب]
صلاة الإمام وصفة الأئمة ما على الإمام من التخفيف
1522 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد
محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن
سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان أحدكم يصلي للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان
يصلي لنفسه فليطول ما يشاء '.
392

رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
واخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد وزاد فيه: الكبير والصغير.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وروي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه كان أخف الناس صلاة على الناس واطول الناس صلاة
على نفسه.
ورواه المزني عنه كما:
1523 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني
عبد الله بن عثمان بن خثيم عن نافع بن سرجس قال:
عدنا أبا واقد البدري في وجعه الذي مات فيه فسمعته يقول:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخف الناس صلاة على الناس واطول الناس صلاة
لنفسه.
ورواه في كتاب حرملة: عن إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم
نحوه.
1524 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال: وروى شريك بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو والعلاء بن عبد الرحمن
عن أنس بن مالك قال: ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من / رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
1525 - أخبرناه علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن
إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر
عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال: ما صليت وراء امام قط
أخف ولا أتم من النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال: وحدثنا إسماعيل قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك.
بمثله.
393

أخرجاه في الصحيح من حديث شريك.
1526 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن
قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا مسعود يقول:
قال رجل للنبي [صلى الله عليه وسلم]: يا رسول الله اني لأتخلف عن صلاة الصبح مما يطول
بنا فلان.
فما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غضب في موعظة قط غضبه يومئذ فقال:
' إن منكم منفرين إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليخفف بهم فإن فيهم
الكبير والسقيم والضعيف وذا الحاجة '.
1527 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي
خالد عن أبيه قال قدمت المدينة فنزلت على أبي هريرة فرأيته أم الناس فصلى صلاة
فخفف فيها فقلت: يا أبا هريرة أهكذا كان رسول الله يصلي؟.
قال: نعم وأوجز.
1528 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق
عن سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله قال سمعت عثمان بن أبي العاص يقول
امرني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن أئم الناس وأن أقدرهم بأضعفهم فإن فيهم الكبير والسقيم
والضعيف وذا الحاجة.
1529 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن
أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال:
إن كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليامرنا بالتخفيف. وإن كان ليؤمنا بالصافات.
حديث أبي مسعود / أخرجه مسلم من حديث سفيان بن عيينة.
394

وأخرجه البخاري من أوجه أخر عن إسماعيل.
وحديث عثمان بن أبي العاص أخرجه مسلم من حديث موسى بن طلحة وابن
المسيب عنه.
وأخرج البخاري حديث أبي قتادة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' إني لأقوم إلى الصلاة وأنا
أريد أن أطول فيها فاسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه '.
واخرجاه من حديث أنس بمعناه.
279 - [باب]
اجتماع القوم في موضع هم فيه سواء
1530 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب
عن أبي قلابة قال حدثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث قال: قال لنا رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فيليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم
أكبركم '.
هكذا رواه الربيع مختصرا.
1531 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السختياني قال حدثنا
أبو قلابة الجرمي قال حدثنا مالك بن الحويرث أبو سليمان قال:
اتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] في ناس ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رحيما رقيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلينا واشتقنا سألنا عن من تركنا
395

بعدنا فأخبرناه فقال:
' ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم، - وذكر أشياء احفظها أو
لا احفظها - وصلوا كما رأيتموني أصلي وليأمكم أكبركم '.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه البخاري عن محمد بن مثنى عن عبد الوهاب.
1532 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن
الحويرث قال:
أتيت / النبي [صلى الله عليه وسلم] أنا وصاحب لي فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا:
' إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما ' رواه مسلم في
الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
وأخرجه البخاري من أوجه أخر عن خالد.
ورواه مسلمة بن محمد عن خالد قال فيه:
قلت لأبي قلابة: فأين القراءة؟ قال: إنهما كانا متقاربين.
1533 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل ومسلمة بن محمد المعنى واحد عن خالد.
فذكره.
1534 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي رحمه الله:
396

هؤلاء قوم قدموا معا فاشتبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم
أكبرهم.
وبهذا نأخذ قيام القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل
أحد أن يقدموا اقرأهم وأفقههم واسنهم.
فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا افقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما
يكتفى به في الصلاة فحسن. وإن قدموا اقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في
الصلاة فحسن ويقدموا هذين معا على من هو اسن منهما.
وأشار ها هنا وفي موضع آخر إلى بعض متن الحديث الذي:
1535 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال
حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير وأبو معاوية قالا:
حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود الأنصاري
عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يؤم القوم اقراهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن
كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن
الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه '.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم:
قال الشافعي في رواية أبي سعيد بإسناده:
وإنما قيل والله أعلم / أن يؤمهم أقرؤهم.
إن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرأوا ومن بعدهم
كانوا يقرأون صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا
أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعلم كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا
فقه له.
397

قال: وإذا استووا في الفقه والقراءة أمهم أسنهم وأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يؤمهم اسنهم
فيما نرى - والله أعلم - أنهم كانوا مشبهي الحال في القراءة والعلم فأمر بأن يؤمهم
أكبرهم سنا.
قال: ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي نسب اجزاهم وإن قدموا ذا النسب
إذا اشتبهت حالتهم في القراءة والفقه كان حسنا.
لأن الإمامة منزلة فضل.
وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قدموا قريشا ولا تقدموها '.
فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا للنبي [صلى الله عليه وسلم] إذا كان فيه لذلك موضع.
وقال في القديم:
فإن استووا - يعني في الفقه والقراءة - فكان فيهم قرشي أمهم لأن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال: ' الأئمة من قريش '. وقال:
' قدموا قريشا '.
وكذلك يؤمهم العربي إذا لم يكن فيهم قرشي. فإن استووا فأقدمهم هجرة فإن
استووا فأكبرهم سنا.
1536 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الأئمة من قريش '.
تابعه بكير الجزري عن أنس بن مالك.
1537 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب
أنه بلغه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' قدموا قريشا ولا تقدموها أو تعلموا منها ولا تعالموها - أو تعلموها - '.
398

شك ابن أبي فديك.
بلغني عن المزني أنه قال:
قوله: ' لا تعالموها ' معناه: لا تفاخروها.
1538 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع / قال أخبرنا
الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال - يعني عطاء -:
كان يقال: يؤمهم افقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم وإن كانوا في الفقه
والقراءة سواء فأسنهم ثم عاودته في العبد بعد ذلك بأيام فقلت: يؤمهم العبد إذا كان
افقههم؟
قال: نعم.
280 - [باب]
الصلاة خلف من لا يحمد حاله
1539 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
من صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة أجزأه ومن خلفه صلاتهم وإن كان
غيرمحمود الحال في غير ذلك أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين.
وقد صلى أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خلف من لا يحمدون فعاله من السلطان
وغيرهم.
1540 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر اعتزل
بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج.
1541 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد
عن أبيه أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان.
399

قال فقال: ما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟
فقال: لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة.
قال أحمد:
وروينا عن مكحول عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا والصلاة واجبة على كل
مسلم برا كان أو فاجرا وان عمل الكبائر '.
1542 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود
قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن
العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة. فذكره.
وهذا إسناد صحيح إلا أن فيه ارسالا بين مكحول وأبي هريرة.
281 - [باب]
الصلاة بغير أمر الوالي
1543 - / أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي:
ويجزي الرجل أن يقدم رجلا أو يتقدم فيصلي بقوم بغير أمر الوالي الذي يلي
الصلاة أي صلاة حضرت.
وكذلك إن كان الوالي شغل أو مرض أو نام أو أبطأ عن الصلاة.
قد ذهب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي
بكر فتقدم للصلاة.
وذهب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى
400

بهم ركعة من الصبح وجاء النبي [صلى الله عليه وسلم] فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد
الرحمن بن عوف ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' قد أحسنتم يتغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
قال الشافعي:
يعني أول وقتها.
قد مضى إسناد هذين في هذا الكتاب.
282 - [باب]
إذا اجتمع القوم فيهم الوالي
1544 - قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم:
الوالي أحق بالإمامة.
قال ويروي أن ذا السلطان أحق بالصلاة في سلطانه.
قال أحمد:
قد مضى معنى هذا في حديث أبي مسعود الأنصاري عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
283 - [باب]
إمامة القوم لا سلطان فيهم
1545 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا معن بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال:
من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
401

وروي أن نقرا من أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة
فقدم صاحب البيت منهم رجلا فقال: تقدم فأنت أحق بالإمامة في منزلك. فتقدم.
1546 - أخبرناه (......) زاهر بن طاهر الفقيه قال أخبرنا إسماعيل بن
نجيد / السلمي قال أخبرنا أبو مسلم قال حدثنا الأنصاري قال حدثنا سليمان عن أبي
نضرة أن أبا سعيد مولى الأنصار دعا أبا ذر وحذيفة وابن مسعود فلما حضرت الصلاة
تقدم أبو ذر ليصلي بهم فقال له حذيفة: تأخر يا أبا ذر فقال أبو ذر: أكذاك يا ابن
مسعود؟ أو يا أبا عبد الرحمن؟ قال: نعم. فتأخرت.
قال سليمان: يعني أن الرجل أحق ببيته.
ورواه قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعد مولى أبي أسيد قال:
زارني حذيفة. فذكره وقال فيه:
فقال له حذيفة رب البيت أحق.
وروينا معناه في الحديث الثابت عن أبي مسعود الأنصاري.
1547 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي: وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم أمهم من أهل الفقه
والقرآن لم أكرهه.
قال الشافعي:
أخبرنا مالك بن أنس - فانقطع الحديث من الأصل - وإنما زاد ما:
1548 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال
حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن أبي جعفر القاري انه
رأى صاحب المقصورة في الفتنة حين حضرت الصلاة خرج يتبع الناس يقول:
من يصلي للناس حتى انتهى إلى عبد الله بن عمر.
فقال عبد الله بن عمر:
402

إذا تقدم أنت فصل بين يدي الناس.
284 - [باب]
الإمام الراتب في مسجد
1549 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني نافع
قال: أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة المدينة ولابن عمر قريب من ذلك المسجد
أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثم فلما
سمعهم عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة فقال لهم المولى صاحب المسجد: تقدم
فصل. فقال عبد الله: أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني.
فصلى المولى.
وروينا عن مالك بن الحويرث / معنى ذلك فقال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم '.
285 - [باب]
الإمام المسافر يؤم المقيمين
1550 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد
الله عن أبيه: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر.
أخرجه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر أتم
منه.
403

1551 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا
محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن
عبد الله:
أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى لهم ركعتين ثم يقول:
يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
1552 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه عن عمر
مثله.
قال أحمد:
سقط من الأصل حديث الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد
الله.
وبقي حديثه عن مالك عن زيد بن اسلم مع حديث معمر فأخرجه أبو عمرو بن
مطر رحمة وأبو العباس الأصم في المسند كما وجده.
وجعل حديث زيد بن اسلم مثل حديث معمر وليس كذلك.
إنما هو مثل حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم كما ذكرنا.
286 - [باب]
كراهية الإمامة
1553 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال: وروي عن صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
[يأتي] قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم
ولكم '.
وفي بعض النسخ:
404

أخبرنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن صفوان وقد:
1554 - أخبرناه أبو عمرو الأديب قال / أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني
أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا عبد الرحمن بن
عبد الله بن دينار عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم '.
رواه البخاري عن الفضل بن سهل عن حسن بن موسى.
وروينا عن عقبة بن عامر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ومن نقص من ذلك شيئا
فعليه ولا عليهم '.
1555 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة يبلغ به النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فارشد الأئمة واغفر للمؤذنين '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
يشبه قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم] - والله أعلم - إن أتموا فصلوا في أول الوقت وجآءوا
بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال
405

التشهد والذكر فيها.
لأن هذا غاية التمام.
وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم وإلا فعليهم ترك الاختيار بعمد ترك ولكم ما
نويتموه فتركتموه لإتباعهم بما أمرتم باتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم
وان كان غيره أفضل منه.
ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال:
ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فإما أن تتركوا ظاهرا
أكثر الصلاة حتى يذهب الوقت.
أو لم يأتوا في الصلاة مما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
قال تبارك وتعالى:
* (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه
إلى الله والرسول) *.
ويقال: نزلت في امراء السرايا.
وأمروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم / فيه أن يردوه إلى حكم الله وحكم
الرسول [صلى الله عليه وسلم] فحكم الله ثم رسوله انى يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزي به وقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من امركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه '.
1556 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص
الزاهد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة:
406

* (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *.
قال: الأمراء. قال وكيع: يعني امراء السرايا الذين كان يبعهم النبي [صلى الله عليه وسلم].
1557 - أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قال أخبرنا أبو
بكر محمد بن يزداد بن مسعود قال حدثنا محمد بن أيوب الرازي قال أخبرنا مسدد بن
مسرهد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره بما لم يؤمر بمعصية فإذا
أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة '.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن عبيد الله.
وقد مضى حديث أبي ذر في هذا المعنى في مسألة: إعادة الصلاة في
الجماعة.
287 - [باب]
ما جاء في من أم قوما وهم له كارهون
1558 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
يقال: لا يقبل الله صلاة من أم قوما وهم له كارهون ولا صلاة امرأة وزوجها
عاتب عليها ولا عبد ابق حتى يرجع.
ولم احفظه من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله.
407

قال الشافعي:
وإنما يعني به - والله أعلم - الرجل غير الوالي يأم جماعة يكرهونه فأكره ذلك
للإمام.
1559 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم
السياري قال حدثنا إبراهيم بن هلال اليوزنجردي / قال أخبرنا علي بن الحسن بن
شقيق قال أخبرنا الحسين بن واقد قال حدثني أبو غالب قال حدثني أبو أمامة قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم حتى يرجعوا. العبد الآبق. وامرأة باتت
وزوجها عليها ساخط. وإمام قوم وهم له كارهون '.
أبو غالب اسمه: حزور. لم يحتج به صاحبا الصحيح وزعم أبو عبد الرحمن
النسائي انه ضعيف.
وروي هذا من أوجه أخر.
1560 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار
قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قال: لا
اعلمه إلا رفعه قال: ' ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم عبد ابق من سيده حتى يأتي
فيضع يده في يده وامرأة بات زوجها غضبان عليها. ورجل أم قوما وهم له
كارهون '.
هذا منقطع.
ورواه إسماعيل - أظنه ابن عياش - عن الحجاج بن أرطأة عن قتادة عن الحسن
عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا. وعن عطاء عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي [صلى الله عليه وسلم] موصولا.
وهذا إسناد ضعيف.
408

وروي حديث الحسن موصولا بذكر أنس فيه.
وليس بشيء تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه.
ورواه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن عمران بن عبد المعافري عن عبد
الله بن عمرو عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
فذكر أحد الثلاثة من أم قوما وهم له كارهون قال ورجل اتى الصلاة دبارا ورجل
اعتبد محرره. وعبد الرحمن غير محتج به. وهو مع حديث أبي غالب ومرسل قتادة
في الإمامة يقوى.
وروي عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه.
وعن عطاء بن دينار عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا في الإمامة والمرأة.
288 - [باب]
ما على الإمام
1561 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا
الشافعي قال:
وروي من وجه آخر عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يقول:
' لا يصلي إمام لقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم '.
وروي عن عطاء بن أبي رباح. مثله.
1562 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا زيد بن حباب قال حدثنا معاوية بن
صالح قال حدثني السفر بن نسير الأزدي عن يزيد بن شريح الحضرمي عن أبي أمامة
الباهلي قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أم رجل القوم فلا يختصن بدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم. ولا يدخل
409

عينه في بيت قوم بغير إذنهم فإن فعل فقد خانهم '.
289 - [باب]
إثبات إمامة المرأة
1563 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو قال
حدثنا أحمد بن الوليد بن جميع قال حدثتني جدتي عن أم ورقة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمرها
وأذن لها أن تؤم أهل دارها وكانت قد قرأت القرآن على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
ورواه عبد الله بن داود الخريبي عن الوليد عن ليلى بنت مالك وعبد
الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم ورقة.
وقال في الفرائض.
1564 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمار الدهني عن امرأة من قومه
يقال لها: حجيرة عن أم سلمة أنها امتهن فقامت وسطا.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وروى ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عائشة انها صلت بنسوة العصر فقامت
وسطهن.
قال: وروى صفوان بن سليم قال:
من السنة أن تصلي المرأة بالنساء تقوم وسطهن.
قال الشافعي:
وكان علي بن حسين يأمر جارية له تقوم بأهله في رمضان.
410

وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان.
290 - [باب]
خروج النساء إلى المساجد
1565 - / أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس
قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تمنعوا إماء الله مساجد الله '.
هكذا رواه أبو العباس عن الربيع في ' كتاب اختلاف الأحاديث '.
ورواه المزني عن الشافعي كما:
1566 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال
حدثني المزني قال حدثني الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال أخبرنا
سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها '.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن زهير بن حرب وعمرو الناقد كلهم عن سفيان بهذا اللفظ.
وقال بعضهم: يبلغ به.
ورواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري:
' لا تمنعوا إماءكم المساجد إذا استأذنكم إليها '.
411

ورواه نافع عن ابن عمر أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تمنعوا إماء الله مساجد الله '.
ورواه مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل '.
وفي رواية: ' ااذنوا للنساء بالليل إلى المساجد '.
وقيل غير ذلك.
وكأنهم حفظوا المعنى وتوسعوا في العبارة.
وقد حمل الشافعي رحمه الله الحديث على خاص وانه لا يجوز للزوج أن
يمنعها مسجد الله الحرام لفريضة الحج وله أن يمنعها منه تطوعا ومن المساجد غيره.
وحمل قوله: ' فلا يمنعها ' على الاستحباب واستدل عليه بما هو منقول في
المبسوط وقال في خلال ذلك:
قد يروى - والله أعلم - عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال: ' صلاة المرأة في بيتها خير من
صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في المسجد - أو
المساجد - '.
1567 - أخبرناه عبد الخالق بن علي المؤذن قال أخبرنا أبو بكر بن خنب قال
أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال / حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثني
أبو بكر بن أبي أويس قال حدثني سليمان بن بلال عن شريك عن يحيى بن جعفر بن
أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن القاسم بن محمد عن عائشة
قالت: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها ولأن تصلي في
حجرتها خير لها من أن تصلي في الدار ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في
المسجد '.
412

وروينا عن ابن مسعود عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها
أفضل من صلاتها في المسجد '.
وروينا عن عائشة انها قالت:
لو رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما احدث النساء بعده لمنعهن المساجد كما منعت نساء
بني إسرائيل.
291 - [باب]
خروجهن إذا خرجن غير متطيبات
1568 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس قال
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أهل العلم عن محمد بن عمرو بن
علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فإذا خرجن فليخرجن تفلات '.
1569 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عمرو عن علقمة فذكره.
بمثله إلا أنه قال: وليخرجن وهن تفلات.
قال أبو جعفر غير متطيبات.
1570 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن
عاصم عن مولى أبي.
قال أبو جعفر: هكذا كان في كتاب المزني وإنما هو مولى أبي رهم قال: لقي
413

أبو هريرة امرأة فقال: اين تريدين؟ قالت: المسجد. قال: تطيبت؟ قالت: نعم.
قال: فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' أيما امرأة تطيبت ثم خرجت / تريد المسجد لم يقبل لها كذى وكذى ولا صيام
حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة '.
قال أحمد:
وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
إيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة '.
1571 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد
القرشي قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا
عبد الله بن محمد بن أبي فروة عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
292 - [باب]
صلاة المسافر والجمع في السفر
قصر الصلاة
1572 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا
الشافعي قال:
القصر لمن خرج غازيا خائفا في كتاب الله عز وجل قال الله جل ثناؤه:
* (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * الآية.
414

والقصر لمن خرج في غير معصية في السنة.
1573 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد
محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن
ابن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن
يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب:
إنما قال الله عز وجل: * (أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفرو) *.
فقد امن الناس.
قال عمر: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
' صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الله بن إدريس ويحيى بن سعيد عن
ابن جريج وقالا:
في إسناده عن عبد الله / بن بابيه.
وكذلك رواه. قاله عبد الرزاق وغيره.
ورواه أبو عاصم في إحدى الروايتين عنه عن ابن جريج فقال: عبد الله بن
بابي.
415

ورواه الليث عن عبد الله بن وهب عن ابن جريج فقال: عبد الله بن باباه.
فكان يحيى بن معين يقول:
هم ثلاثة: فالذي يروي عنه ابن أبي عمار هذا هو: عبد الله بن بابية.
وكذلك قاله الجمهور عن ابن جريج.
1574 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال
سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول عبد الله بن باباه
يروي عنه حبيب بن أبي ثابت.
وعبد الله بن بابي: الذي يروي عنه ابن إسحاق.
وعبد الله بن بابية: الذي يروي عنه بن أبي عمار.
وهؤلاء ثلاثة مختلفون.
قال أحمد:
وكلام البخاري رحمه الله في التاريخ يدل على أنهم واحد.
1575 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال: ابن بابية وابن باباه وابن بابي واحد واحد وهو مكي.
1576 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد
المجيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن ابن عباس قال سافر رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] بين مكة والمدينة آمنا لا يخاف إلا الله يصلي ركعتين.
ليس في رواية أبي سعيد ذكر ابن عباس.
كذلك رواه أبو العباس في إملاء الشافعي.
وهو في رواية الباقين.
وكذلك رواه في اختلاف الأحاديث.
416

ورواه يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين وقال: نبئت أن ابن عباس قال:
فذكر معناه.
1577 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا علي بن زيد بن
جدعان عن أبي نضرة قال:
مر عمران / بن الحصين في مجلسنا فقام إليه فتى من القوم فسأل عن صلاة
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الغزو والحج والعمرة فجاء فوقف علينا فقال: إن هذا سألني عن
أمره رأيت أن تسمعوه أو كما قال: غزوت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلم يصل إلا ركعتين حتى
رجع إلى المدينة وحججت معه فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة وشهدت
معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلى ركعتين ثم يقول لأهل البلد:
' صلوا أربعا فإنا سفر '.
واعتمرت معه ثلاث عمر لا يصلي إلا ركعتين.
وحججت مع أبي بكر الصديق وغزوت معه فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع
إلى المدينة.
وحججت مع عمر بن الخطاب حجات فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى
المدينة.
وحج عثمان سبع سنين في إمارته لا يصلي إلا ركعتين وصلاها بعد بمنى أربعا.
293 - [باب]
السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف
1578 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
قصر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في سفره إلى مكة وهن سبع أو عشر فدل قصره عليه
السلام على أن يقصر في مثل ما قصر فيه وأكثر منه.
417

قال: ولم اعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الذي قصر
فيه وكان الوجه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر ولم يمنعنا أن نقصر فيما دون يومين
إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما.
قال الشافعي:
فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين.
قال الشافعي:
فأما أنا فأحب أن لا اقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي وان ترك
القصر مباح [لي فإن].
قال: فإن قال قائل فهل في أن تقصر في يومين حجة بخبر متقدم؟ قيل: نعم.
عن ابن عباس وابن عمر [رضي الله عنه].
1579 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس / انه
سئل: اتقصر إلى عرفة؟ فقال: لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
فأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهو مسيرة ليلتين
قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل.
وقال في مختصر البويطي:
ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي وكذا قاله في الصوم.
1580 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح
418

قال قلت لابن عباس: اقصر إلى عرفة؟ قال لا ولكن إلى جدة وعسفان والطائف وإن
قدمت على أهل أو ماشية فأتم.
قال الشافعي:
وهذا قول ابن عمر وبه نأخذ.
1581 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع انه كان يسافر مع ابن عمر البريد
فلا يقصر الصلاة.
1582 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن سالم بن عبد الله:
أن عبد الله بن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيرة ذلك.
قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربع برد.
1583 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه انه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك.
قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.
قال الشافعي في القديم:
وقال بعض الناس لا يقصر في أقل من ثلاث وزعم أن من حجته أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' لا تسافر المرأة سفرا يكون ثلاثا إلا مع ذي محرم '.
فقيل لبعض من قال هذا: وما سفر المرأة مما تقصر فيه الصلاة أو ما قلتم ما
دون الثلاث سفر وحكيتم ذلك في الرواية عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
419

/ ' لا تسافر امرأة سفرا يكون ذلك السفر ثلاثة أيام فصاعدا إلا مع ذي
محرم '.
فقد جعل ما دون الثلاث سفرا.
وقد نهيت المرأة أن تخلو في المقر مع رجل افتقصر الصلاة في الخلوة؟ إنما
نهيت المرأة عن السفر مع غير محرم للحياطة لها.
وقد أخبرنا مالك بن أنس عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم '.
قال الشافعي:
افتقصر الصلاة في يوم وليلة؟.
1584 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك وكذلك رواه القعنبي
وابن بكير وجماعة عن مالك ورواه بشر بن عمر عن مالك عن سعيد عن أبيه عن أبي
هريرة وكذلك قاله ابن أبي ذئب والليث بن سعد عن سعيد.
وفي رواية أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا تسافر امرأة سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو ابنها أو
ذو محرم منها '.
1585 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد
فذكره.
420

وهذه الرواية هي التي أشار إليها الشافعي فيما احتجوا به ثم احتج بها عليهم.
وقد اخرجها مسلم في الصحيح من حديث أبي معاوية وفي إحدى الروايات عن
قزعة عن أبي سعيد ' يومين ' وفي رواية أخرى ' ثلاثا ' وفي ثالثة ' فوق ثلاث ليال إلا مع
ذي رحم '.
وفي كل ذلك دلالة على أنه لم يقصد برواية هذه الأخبار تقدير السفر وإنما
قصد بها الحياطة لها بذي محرم مقيمة كانت أو مسافرة أي سفر كان قصيرا أو طويلا.
قيل للشافعي: فإنا قد روينا عن ابن عمر انه قصر الصلاة إلى السويداء.
قال الشافعي:
سألت / بعض المدنيين عن السويداء فقال:
البريد الرابع في طرف بيوتها.
قال الشافعي:
والإسناد الصحيح عن ابن عمر، وابن عباس بقولنا.
قال أحمد:
وقد روي حديث ابن عباس مرفوعا وليس بشيء.
وذلك لأنه إنما رواه إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه
وعطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان '.
وهو فيما:
1586 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا الوليد أخبرهم حدثنا
الحسن بن سفيان حدثنا أبو الحارث السلمي حدثنا ابن عباس. فذكره.
وإسماعيل بن عياش غير محتج به ورواياته عن غير أهل الشام ضعيفة.
وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة.
والصحيح موقوف كما سبق ذكره - والله أعلم -.
421

1587 - أخبرنا أبو سعيد فيما الزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله حدثنا
أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري
عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال:
كان عبد الله لا يقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة.
قال الشافعي:
وهم يخالفون هذا ويقولون تقصر الصلاة في كل سفر بلغ ثلاثا.
وغيرهم يقول: كل سفر بلغ ليلتين.
قال وروى إسحاق بن يوسف وغيره عن محمد بن قيس عن عمران بن عمير
مولى ابن مسعود عن أبيه قال: سافرت مع ابن مسعود إلى ضيعته بالقادسية فقصر
الصلاة بالنجف.
قال الشافعي:
ولا أحد علمته من المتقنين يقول بهذا أمامهم. فيقولون لا تقصر الصلاة في
أقل من مسيرة ثلاث ليال قواصد.
ولا نعلمهم يروون هذا عن أحد ممن مضى ممن قوله حجة.
بل يروون عن حذيفة خلاف قولهم.
رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال:
استأذنت حذيفة بن اليمان من المدائن فقال: لك على أن لا تقصر حتى
ترجع.
قال / الشافعي:
وهم يخالفون هذا ويقولون يقصر من الكوفة إلى المدائن.
وأما نحن فنأخذ في القصر بقول ابن عمر وابن عباس:
تقصر الصلاة في مسيرة أربعة برد.
وذكر الحديثين عنهما كما مضى ثم قال:
وهم يخالفون روايتهم عن حذيفة وابن مسعود وروايتنا عن ابن عباس وابن
عمر.
422

1588 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان
الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله:
لا تغتروا بسوادكم فإنما سوادكم من كوفتكم.
يعني لا تقصروا الصلاة إلى السواد.
وهم يقولون إن أراد من السواد مسيرة ثلاث قصر إليه الصلاة.
وهذه أحاديث يروونها في صلاة السفر مختلفة يخالفونها كلها.
294 - [باب]
الإتمام في السفر
1589 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه
الله:
قال الله جل ثناؤه:
* (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم
أن يفتنكم الذي كفروا) * الآية.
قال: فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض
والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان
قوله:
* (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة) *.
لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحالة.
وذكر مع هذا سائر الآيات التي وردت في هذا المعنى.
1590 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وإذا كان القصر في السفر والخوف رخصة من الله جل ثناؤه كان كذلك القصر
423

في السفر بلا خوف فمن قصر في الخوف والسفر قصر بكتاب الله ثم بسنة رسول
الله [صلى الله عليه وسلم].
ومن قصر في سفر بلا خوف قصر بنص السنة.
وأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أخبرنا أن الله تعالى تصدق بها على عباده.
/ فإن قال قائل: فأين الدلالة على ما وصفت؟.
قيل له: أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي عمار عن
عبد الله عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: إنما قال الله:
* (أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) *.
فقد امن الناس. فقال عمر:
عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته '.
قال الشافعي:
فدل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على أن القصر في السفر بلا خوف صدقة من الله والصدقة:
رخصة لا حتم من الله أن تقصروا ودل على أن تقصروا في السفر بلا خوف أن شاء
المسافر.
فإن عائشة قالت:
كل ذلك فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أتم في السفر وقصر.
1591 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي
رباح عن عائشة قالت:
كل ذلك قد فعل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قصر الصلاة في السفر وأتم.
قال أحمد:
424

وكذلك رواه المغيرة بن زياد عن عطاء.
وأصح إسناد فيه:
1592 - ما أخبرنا أبو بكر الحارثي الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا
المحاملي حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا عمر بن سعيد عن
عطاء بن أبي رباح عن عائشة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم.
قال علي: هذا إسناد صحيح.
1593 - وأخبرنا علي بن أحمد الرازي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن
زياد النيسابوري حدثنا عباس بن محمد الدوري حدثنا أبو نعيم حدثنا العلاء بن زهير
قال حدثني عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة أنا اعتمرت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من
المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وأفطرت وصمت فقال: ' أحسنت يا /
عائشة '.
وما عاب علي.
وهكذا رواه القسم بن الحكم عن العلاء بن زهير وهو إسناد صحيح موصول
فإن عبد الرحمن بن الأسود أدرك عائشة.
وقد رواه محمد بن يوسف عن العلاء بن زهير عن عبد الرحمن عن أبيه عن
عائشة.
1594 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وافطروا - أو قال: - لم يصوموا '.
425

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وأحب إلي للمسافر أن يقصر ولو أتم ما كانت عليه إعادة لما وصفت من الدلالة
بأنها رخصة.
وكل ما كان رخصة أحببت قبوله والأستنان بالنبي [صلى الله عليه وسلم] فيه.
وليس ترك الرخصة بإفساد للصلاة ألا ترى أن عثمان بن عفان صلى شطر إمارته
بإصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمنى فأتم الصلاة وصلوا معه.
هل يجوز أن يقال هذه صلاة غير مجزية ولا تجزي هذا العامل.
وعاب عبد الله بن مسعود إتمام الصلاة بمنى فقال علقمة:
فقام فصلى بنا أربعا قال فقلت له:
أتفعل ما عبت؟! قال: الخلاف شر.
فكل هذا يدل على أنهم اختاروا القصر بقبول رخصة ولم يروا التمام يفسد على
أحد أتم.
1595 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى
عثمان بمنى أربعا فقال عبد الله:
صليت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ركعتين ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم تفرقت
بكم الطرق.
قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعدها أربعا فقيل له:
عبت على عثمان وتصلي أربعا؟!
قال: الخلاف شر.
قال أحمد:
وقد روينا بإسناد صحيح عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد في صلاة
ابن مسعود أربعا قولهم:
ألم تحدثنا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] / صلى ركعتين وأبا بكر؟!
426

فقال: بلى ولكن عثمان كان إماما فأخالفه والخلاف شر؟
1596 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
أنه كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وهذا يدل على أن الإمام إذا كان من أهل مكة صلى بمنى أربعا لأنه لا يحتمل
إلا هذا.
أو يكون الإمام من غير أهل مكة يتم بمنى لأن الإمام في زمان ابن عمر من بني
أمية وقد أتموا بإتمام عثمان.
وهذا يدل على أن المسافر لو أتم بقوم لم يفسد صلاتهم لأن صلاته لو كانت
تفسد لم يصل معه.
1597 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: أول ما
فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر.
فقلت له:
فما شأت عائشة كانت تتم الصلاة؟
قال: إنها تأولت ما تأول عثمان.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله:
معناه: أن صلاة المسافر أقرت على ركعتين أن شاء وذلك لأنها أتمت في
السفر.
وقال في قول عروة:
إنما تأولت ما تأول عثمان.
لا أدري أتأولت أن لها تتم موتقصر فاختارت الإتمام فكذلك روت عن
427

النبي [صلى الله عليه وسلم] وما روت عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أولى بها.
قال أحمد:
قد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:
أنها كانت تصلي في السفر أربعا.
قال فقلت لها: لو صليت ركعتين.
فقالت يا ابن أختي إنه لا يشق علي.
وهذا يدل على أنها تأولت ما قاله الشافعي وإلى مثل ذلك ذهب عثمان بن عفان
في الإتمام.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ولو كان فرض الصلاة في السفر / ركعتين لم يتمها - إن شاء الله منهم أحد ولم
يتمها ابن مسعود في منزله ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم.
ولكنه كما وصفت.
قال أحمد:
وقد روى معمر عن الزهري أن عثمان إنما صلى بمنى أربعا لأنه اجمع الإقامة
بعد الحج.
وروى يونس عن الزهري قال:
لما اتخذ عثمان آل بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى أربعا.
وروى مغيرة عن إبراهيم قال:
إن عثمان صلى أربعا لأنه اتخذها وطنا.
وكل هذا مدخول لأنه لو كان إتمامه لهذا المعنى لما خفي ذلك على سائر
الصحة ولما أنكروا عليه ترك السنة ولما صلاها ابن مسعود في منزله أربعا وهو لم ينو
من الإقامة ما نوى عثمان.
وقد روى أيوب عن الزهري:
أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من اجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذ فصلى
428

بالناس أربعا ليعلمهم أن الصلاة أربعا.
وهذا يدل على أن الأول لم يقله عن رواية صحيحة عنده إذ لو كانت عنده في
ذلك رواية صحيحة لم يختلف قوله فيه.
وكل ذلك عنه وعن إبراهيم منقطع دون عثمان.
وقد روينا بإسناد حسن عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان بن عفان
أنه أتم الصلاة بمنى ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس إن السنة سنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وسنة صاحبية ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا.
فهذا يؤكد رواية أيوب عن الزهري والله أعلم.
وأما الذي رواه عكرمة بن إبراهيم الأسدي عن ابن أبي ذئاب عن أبيه قال صلى
عثمان بأهل منى أربعا وقال: يا أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإني سمعت رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم '. فهذا منقطع. وعكرمة بن
إبراهيم: ضعيف.
وروينا عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث انهما كانا
يتمان الصلاة في السفر ويصومان.
وروينا جواز الأمرين عن سعيد بن المسيب وأبي / قلابة.
295 - [باب]
المسافر لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية التي يسافر منها
1598 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
429

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك قال
صليت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة
ركعتين.
1599 - قال وأخبرنا سفيان عن ابن المنكدر انه سمع أنس بن مالك يقول مثل
ذلك.
1600 - وأخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك بمثل ذلك.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان عن ابن المنكدر
وإبراهيم بن ميسرة.
1601 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى الظهر بالمدينة أربعا وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين
- قال واحسبه قال: - بات بها حتى أصبح.
ورواه حرملة عن الشافعي ثم قال قال الشافعي:
هذا حديث ثابت.
ورواه البخاري في الصحيح عن قتيبة عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجاه من أوجه عن أيوب.
1602 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا مالك عن نافع:
أن ابن عمر كان إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة.
296 - [باب]
المقام الذي يتم بمثله الصلاة
1603 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا
أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن
430

حميد قال سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه قال: ماذا سمعتم من مقام المهاجر بمكة؟
قال السائب بن يزيد: حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا '.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
واخرجاه من وجه آخر عن عبد الرحمن / قال:
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وكان هذا أشبه أن يكون أقصى غاية مقام المسافر وكان ما جاوزه يشبه أن
يكون معلم مقيم فلم يكن بعد يوم كامل إلا أربع فذهبنا إلى أن من اجمع مقام أربع
فقد خرج من حد مقام المسافر ليس في الأربع اليوم الذي دخل فيه ولا الذي يخرج
فيه وذلك أنه في كليهما مسافر.
قال الشافعي:
واجلى عمر بن الخطاب أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا
مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة.
1604 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مجيد حدثنا
(..........) حدثنا أبو بكر حدثنا مالك عن نافع عن اسلم مولى عمر بن الخطاب:
إن عمر بن الخطاب ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاث
ليال يتسوقون بها ويقضون حوائجهم ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال.
ورواه الشافعي في القديم عن الثقة عنده عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن
عمر:
أن عمر بن الخطاب اجلى اليهود والنصارى من جزيرة العرب وضرب لمن قدم
431

منهم اجلا ثلاثا قدر ما يبيعون سلعهم.
قال الشافعي:
من اجمع إقامة أربع أتم الصلاة.
قال: وقد رويت في ذلك أحاديث منها:
عن قتادة عن عثمان بن عفان مثل ذلك.
وهكذا حدثنا مالك عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب أنه قال: من
اجمع إقامة أربع أتم الصلاة.
1605 - أخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان الدارمي
حدثنا أبو بكر حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عطاء بن عبد
الله الخراساني انه سمع سعيد بن المسيب يقول من اجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر
أتم الصلاة.
قال مالك: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.
قال الشافعي:
فكان هذا أقل ما قال الناس فيه.
فكان له أن يتم وله أن يقصر أحب الينا من أن يقصر وعليه أن يتم.
قال أحمد:
هذا إذا اجمع إقامة أربع فأما إذا أقام مدة لا يجمع مكثا فقد:
1606 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا / أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
أقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيرة إلى
عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه
خارج فيه فلما لم يكن النبي [صلى الله عليه وسلم] مقيما في سفر قصر فيه الصلاة أكثر من ثلاث لم يجز
أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر.
432

قال أحمد:
وفي هذا بيان ما رواه أنس بن مالك في مقامهم في الحج عشرا يصلون ركعتين
فإنهم لم يقيموا في موضع واحد أربعا أنما كانوا بمكة وبمنى وبعرفات وبمزدلفة
وبالمحصب وبمنى وبمكة.
قال الشافعي:
وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به أربعا فأقام لحاجة أو علة مرض وهو عازم على
الخروج قصر فإذا جاوز مقامه أربعا أحببت أن يتم وان لم يتم أعاد ما صلى بالقصر
بعد أربع ولو قبل الحرب وغير الحرب في هذا سواء؟.
كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لي أن عليه إعادة وإن
اخترت ما وصفت.
قال: وإن كان مقامه بحرب أو خوف حرب فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقام عام الفتح
بحرب هوازن سبع عشرة أو ثماني عشرة يقصر.
وقال في الإملاء:
ولو انتهى المسافر إلى بلد فأقام بها لا يجمع مقام أربع ولكنه أقام على شيء
يراه ينجح في اليوم واليومين فاستأخر ذلك به فلا يزال بقصر ما لم يجمع مكثا ما لم
يبلغ مقامه ما أقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمكة عام الفتح.
قال أحمد:
أما الرواية في ثماني عشرة ليلة فقد مضت في حديث عمران بن حصين من
طريق الشافعي.
وأما الرواية في سبع عشرة ففيما:
1607 - أخبرنا أبو علي الروذباري حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة المعنى واحد قالا: حدثنا حفص عن عاصم عن
عكرمة عن ابن عباس:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة.
433

قال ابن عباس:
ومن أقام سبع عشرة قصر ومن أقام أكثر أتم.
وكذلك رواه / عبد الرحمن بن الأصفهاني عن عكرمة سبع عشرة.
ورواه عباد بن منصور عن عكرمة فقال: تسع عشرة.
واختلف فيه على أبي عوانة وابن شهاب وأبي معاوية عن عاصم الأحول عن
عكرمة فقيل عن كل واحد منهم سبع عشرة وقيل سبع عشرة وتسع عشرة عنهم أكثر.
ورواه عبد الله بن المبارك وهو إمام عن عاصم فقال: أقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمكة
تسعة عشر يوما يصلي ركعتين.
1608 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس السياري حدثنا أبو
الموجه أخبرنا عبدان أخبرنا عبد الله حدثنا عاصم عن عكرمة عن ابن عباس. فذكره.
وقال فنحن نصلي ركعتين تسعة عشر يوما فإن أقمنا أكثر من ذلك أتممنا.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبدان.
واخرجه أيضا من حديث ابن شهاب عن عاصم وأبي عوانة عن عاصم وحصين
تسعة عشر يوما.
ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن يكون من قال سبعة عشرة يوما لم يعد يوم
الدخول ويوم الخروج ومن قال تسعة عشر يوما عدهما ومن قال ثمانية عشر يوما عد
أحدهما.
وأما حديث محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أقام عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة.
فكذا رواه بعض أصحاب محمد بن إسحاق عنه.
ورواه الحسن بن الربيع عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن
434

محمد بن مسلم.
وهو الزهري من قوله.
وكذلك رواه عبدة بن سليمان وأحمد بن خالد الذهبي وسلمة بن الفضل عن
ابن إسحاق لم يذكروا فيه ابن عباس.
وحديث معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن
جابر بن عبد الله أقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة غير محفوظ.
وقد رواه علي بن المبارك وغيره عن يحيى مرسلا ليس فيه ذكر جابر.
وروي عن أبي الزبير عن جابر بضع عشرة.
وحديث الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس:
أقام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بخيبر أربعين يوما يصلي ركعتين.
غير صحيح تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك.
/ وصحيح عن ابن عمر أنه قال:
أصلي صلاة المسافر ما لم اجمع مكثا وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.
قال أحمد:
وفي كتاب البويطي فيمن أقام ببلد لتأهب الحرب وإنما قلنا لا يجب عليه
الإتمام وإن أقام أربعا إلا بنية المقام لحديث ابن عمر وسعد أقاموا اشهرا يقصرون
وإنما ذلك لأنهم لم ينووا المقام.
أما حديث سعد.
435

1609 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا
علي بن إبراهيم حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابن
أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال:
كنا مع سعد - يعني ابن أبي وقاص - في قرية من قرى الشام أربعين ليلة فكنا
نصلي أربعا وكان يصلي ركعتين.
وأما حديث ابن عمر:
1610 - فأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم -
حدثنا الصغاني حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن عبيد الله بن عمر
عن نافع عن ابن عمر قال:
ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة اشهر في غزاة:
قال ابن عمر فكنا نصلي ركعتين.
قال أحمد:
وروينا عن أنس بن مالك انه أقام بالشام مع عبد الملك بن مروان شهرين
يصلي صلاة المسافر.
وعن الحسن قال:
كنا مع عبد الرحمن بن سمرة شهرين يقصر الصلاة.
297 - [باب]
المسافر ينزل بشيء من ما له قصر ما لم يجمع مكثا ولم يقم أربعا
1611 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا
الربيع قال قال الشافعي رحمه الله:
قد قصر أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد
منهم دار وقربات منهم أبو بكر له بمكة دار وقربات وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له
436

بمكة دار وقرابة فلم اعلم منهم أحدا امره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالإتمام ولا أتم ولا أتموا بعد
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ عنه منهم القصر بها.
قال أحمد:
وقد مضى الخبر عن قصرهم / في حديث عمران بن حصين وغيره.
298 - [باب]
صلاة المكي بمنى تمام غير قصر
1612 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
ولو أنا زعمنا أن المكي يقصر خالفنا ابن عباس وما ذهبنا إليه من قول ابن عمر
يقصر في مسيرة ليلتين وزعمنا أن القصر في بريد.
وأما الذي:
1613 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك.
1614 - ح - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن
إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه:
أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف فقال:
يا أهل مكة أتموا صلاتكم فأنا سفر.
ثم صلى عمر بمنى ركعتين.
قال مالك: ولم يبلغني أنه قال لهم شيئا.
1615 - وأخبرنا أبو نصر أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم
حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع:
أن عبد الله بن عمر كان يصلي بمنى مع الإمام أربعا فإذا صلى لنفسه لم يزد
على ركعتين.
437

قال الشافعي في القديم:
واحتج بعضهم بأن عمر قال:
يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
ولم يقل ذلك بمنى وقد يكون إن قال لهم بمكة فقنع بالقول الأول عن القول
الآخر لأنه لما اعلمهم أن فرضه غير فرضهم وان عليهم الإتمام وله التقصير كان ذلك
عندهم مجزيا في الموطنين جميعا.
ولعله أن يكون قد قاله ولم يحفظ عنه.
واحتج آخر بأن ابن عمر كان يجاور بمكة فيهم فإذا اتى عرفة قصر وإنما قصر
الصلاة لانتقاض المقام لا لأن الحج سفر تقصر فيه الصلاة.
وأن ابن عمر لما خرج حاجا فقد انتقض سفره وهو يريد إتيان المدينة لأنه من
أهلها لا من أهل مكة.
زاد في الإملاء:
وكان يخرج من المحصب لا يقيم بعد الحج.
1616 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني الثقة عن أبي حامد بن الشرفي
حدثنا محمد بن حيويه الإسفرائيني حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال سمعت
الوليد بن مسلم يقول:
كان محمد بن إبراهيم والي مكة كتب إليه أن يصلي بالناس / الموسم فسأل
سفيان الثوري ومالك بن أنس عن الصلاة بمنى وعرفات فأمره مالك أن يقصر وأمره
سفيان الثوري أن يتم فأخذ بقول مالك وترك قول سفيان.
قال الوليد:
فحضرت سفيان الثوري وابن جريج يصليان معه.
فأما ابن جريج فقام فبنى على صلاته فأتمها أربعا.
وأما الثوري فقام فعاد الصلاة فصلى أربعا.
قال الوليد:
فذكرته للأوزاعي فقال: القول ما قال مالك.
438

قاله الحميدي فذكرت أنا هذه المسألة للشافعي فقال: بل الفعل ما فعل ابن
جريج في البناء.
قلت للشافعي: لم؟ قال: الا ترى أن معاذ بن جبل صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم رجع
إلى قومه فأمهم فلم يفسد ذلك عليهم صلاتهم.
وصلى عمر وعثمان بالناس وهما جنبان فأعادا ولم يأمرا الناس بالإعادة وكان
فرض كل إنسان لنفسه.
299 - [باب]
الصلاة في السفينة
قال الشافعي رحمه الله:
يصلي راكب السفينة فيها قائما إذا كان يقدر على القيام.
قال أحمد:
وهذا لما مضى في الحديث الثابت عن عمران بن حصين عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' صل قائما فإن لم تستطع فجالسا '.
وروينا عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه
سئل عن الصلاة في السفينة فقال:
' صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق '.
1617 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسين بن عقبة أخبرنا ابن أبي
الحصين أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا جعفر بن برقان فذكره.
وأما الذي روي عن أنس بن سيرين أنه قال: صلينا مع أنس بن مالك في
السفينة فأمنا فيها قعودا. فقيل: إنهم كانوا يخافون الغرق أو دوران الرأس والسقوط.
وهكذا ما روي عن الثوري عن حصين عن مجاهد أنه قال:
439

كنا نصلي فيها قعودا.
وقيل عن مجاهد:
كنا مع جنادة بن أبي أمية وفيه نظر.
1618 - وقد أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا
سعدان بن نصر حدثنا معاذ بن معاذ عن حميد الطويل قال سئل أنس بن مالك عن
صلاة السفينة / فقال عبد الله بن أبي عتبة مولى لأنس وهو معنا في المجلس سافرت
مع أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري يصلي بنا إمامنا
صلاة الفرض قائما في السفينة ونصلي خلفه قياما ولو شئنا لخرجناه.
ورواه سفيان الثوري عن حميد غير أنه قال: عن عبد الله بن عتبة وقال: وأراه
ذكر أبا هريرة وكأنهم كانوا لا يخافون الغرق ولا تدور رؤوسهم عند القيام فصلوا قياما.
ولو كان عند أنس بن مالك خلاف في ذلك لأشبه أن يذكره ومولاه
(..........) أذكرنا. والله أعلم.
300 - [باب]
قصر الصلاة لمن كان سفره في غيره معصية
1619 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
فمن خرج يقطع سبيلا أو يخيف آمنا أو في معصية من المعاصي لم يكن له أن
يقصر ولا يأكل من الميتة ولو اضطر لأن الله جل ثناؤه قال:
* (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) *
قال أحمد:
قد ذهب مجاهد في تفسير الآية إلى معنى ما ذهب إليه الشافعي.
1620 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل الضبي
440

أخبرنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) *.
قال: غير باغ على المسلمين ولا متعد عليهم فمن خرج يقطع الرحم أو يقطع
السبيل أو يفسد في الأرض فاضطر إلى الميتة لم تحل له.
وفي تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية معنى ما رويناه
عن مجاهد قال:
إنما أحله الله لمن كان في طاعته إذا اضطر إليه فمن عدا على المسلمين بسيفه
يخيف سبيلهم ويقطع طريقهم فلا يحل له شيء مما حرم الله عليهم إذا اضطروا إليه
قليلا ولا كثيرا ولا رخصة لهم بها لأنهم في معصية الله.
وإن كان * (غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) * يعني: لا حرج عليه أن يأكل منه
شبعه.
1621 - أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محبوب الدهان أخبرنا الحسين بن
محمد بن هارون حدثنا أحمد بن محمد بن / نصر حدثنا يوسف بن بلال حدثنا
محمد بن مروان عن الكلبي فذكره.
وهذا الذي رواه في تفسير الآية يوافق ظاهرها.
ورويناه عن مجاهد بإسناد صحيح.
وفي حديث شريك عن سالم عن سعيد بن جبير:
* (غير باغ ولا عاد) *.
قال: العادي الذي يقطع الطريق فلا رخصة له ولا كرامة.
301 - [باب]
تطوع المسافر
1622 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصرا ولم يقصر.
قال: وثابت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] انه كان يتنفل ليلا وهو يقصر.
441

وروي عنه انه كان يصلي قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل [العصر] أربع
ركعات.
وثابت عنه [صلى الله عليه وسلم] انه تنفل عام الفتح ثماني ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح.
1623 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا
حسين بن حسين حدثنا عمرو بن سواد السرحي أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس
عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أباه اخبره:
انه رأى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث
توجهت به.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو بن سواد.
وقال البخاري: وقال الليث حدثني يونس بهذا الحديث.
1624 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا أحمد بن
إبراهيم بن ملحان أخبرنا يحيى بن بكير حدثني الليث قال حدثين صفوان بن سليم عن
أبي نضرة الغفاري عن البراء بن عازب قال:
سافرت مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ثمانية عشر سفرا فلم أره ترك ركعتين عند زيع
الشمس قبل الظهر.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة عن الليث وبمعناه رواه فليح بن سليمان
عن صفوان.
1625 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك
حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن إبراهيم بن
محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان لا يدع
أربعا قبل الظهر وركعتين قبل صلاة الغداة.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد عن يحيى عن شعبة.
442

1626 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيدة حدثنا
إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة قال:
سمعت ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحد انه رأى النبي [صلى الله عليه وسلم] انه يصلي الضحى إلا أم
هاني فإنها ذكرت انه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها وصلى ثماني ركعات قالت: لم أره
صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم ركوعها وسجودها.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد.
واخرجه مسلم عن محمد بن جعفر.
1627 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا: حدثنا أبو العباس
محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا عمرو بن أبي سلمة حدثنا
الأوزاعي قال حدثنا أسامة بن زيد الليثي قال قال الحسن بن مسلم حدثني طاوس قال
حدثني عبد الله بن عباس قال:
سن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة السفر ركعتين وسن صلاة الحضر أربع ركعات.
فكما الصلاة قيل صلاة الحضر وبعدها حسن فكذلك الصلاة في السفر قبلها
وبعدها.
1628 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر:
انه لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف
الليل.
أورده إلزاما لمالك في خلاف ابن عمر.
وإنما نحن فإنما خالفناه بما مضى من السنة.
وبالله التوفيق.
443

302 - [باب]
الجمع بين صلاتين في السفر
1629 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج
قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن
سالم عن أبيه:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن شهاب.
1630 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا / أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال:
فراح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم عرفة حين زالت الشمس فخطب ثم صلى الظهر
والعصر معا.
أخرجه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي في القديم:
ولقد شبه بعض الفقهاء الجمع بين الصلاتين في السفر بالمزدلفة وعرفة ورأه
شبيها بهما ثم قال:
أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب قال:
سألت سالما بن عبد الله عن الجمع بين الصلاتين في السفر فقال: لا بأس
بذلك ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة؟.
1631 - أخبرنا أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا عثمان الدارمي
حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب أنه قال سألت سالما بن عبد الله:
هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر؟.
444

فقال: نعم لا بأس بذلك ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة؟
1632 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن
معاذ بن جبل اخبره انهم خرجوا مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] عام تبوك فكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال:
فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى
المغرب والعشاء جميعا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك عن أبي الزبير وقد روي عن
هشام بن سعد عن أبي الزبير:
1633 - كما أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو
داود حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن
الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل أن
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر
والعصر وإن ترحل قبل أن تزيع الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر وفي المغرب
مثل ذلك إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء / وإن ارتحل
قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما.
ورواه قتيبة بن سعيد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن
معاذ بن جبل بمثل هذا المعنى.
1634 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن الليث عن عقيل عن الزهري عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا
ارتحل قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل
فيصليهما معا.
445

ورواه في القديم فقال:
أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد بهذا الإسناد أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان إذا سافر
فأراد أن يجمع بين الصلاتين أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يصليهما.
أخرجاه في الصحيح من حديث المفضل بن فضالة عن عقيل بمعنى الأول.
ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو بن محمد الناقد عن شبابة بن سوار عن
الليث وقال في متنه:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل
وقت العصر ثم يجمع بينهما.
1635 - وأخبرناه أبو سعيد بن شبابة الهمداني بها قال أخبرنا أبو القاسم عبد
الرحمن بن الحسن حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال
حدثني الليث وابن لهيعة والمفضل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر أخر الظهر حتى يدخل أول
وقت العصر.
وتمام هذا الحديث فيما:
1636 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا عبد
الله بن محمد حدثنا إسحاق - يعني بن إبراهيم الحنظلي - أخبرنا شبابة حدثنا ليث عن
عقيل عن ابن شهاب عن أنس: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا كان في سفر فزالت الشمس
صلى الظهر والعصر ثم ارتحل.
1637 - وفيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهما
قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك
جابر بن إسماعيل عن عقيل / عن ابن شهاب عن أنس بن مالك عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
أنه كان إذا عجل به السير أخر الظهر إلى أول وقت العصر فجمع بينهما ويؤخر
المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق.
446

رواه مسلم عن أبي الطاهر وغيره عن ابن وهب فتمام الحديث في مجموع هذه
الروايات الثلاث وفيها تأكيد لرواية حسين بن عبد الله وما روي في معناها.
1638 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن
عباس عن كريب عن ابن عباس أنه قال:
ألا أخبركم عن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في السفر؟ كان إذا زالت له الشمس وهو في
منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال وإذا سافر قبل أن تزول الشمس أخر
الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر.
قال: واحسبه قال في المغرب والعشاء مثل ذلك.
1639 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن خالد الأحمر عن ابن عجلان عن حسين بن عبد الله عن كريب مولى ابن
عباس عن ابن عباس أنه قال الا أخبركم عن صلاة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في السفر؟
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا زالت الشمس وهو في المنزل جمع بين الظهر والعصر
في وقت الظهر وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر حتى يصليهما وقت العصر '.
قال الشافعي:
وهذا يوافق معنى الحديث الأول لأنه ارفق به يوم عرفة تقديم العصر لأن يتصل
له الدعاء فلا يقطعه بصلاة العصر. وأرفق به بالمزدلفة أن يتصل له السير فلا يقطعه
بالنزول للمغرب لما في ذلك من التضييق على الناس.
قال أحمد:
هذا حديث رواه الأكابر هشام بن عروة وغيره عن حسين بن عبد الله.
ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن حسين بن عبد الله عن عكرمة وعن كريب
كلاهما عن ابن عباس.
ورواه أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال: ولا اعلمه إلا مرفوعا فذكر معنى
447

ما رواه حسين / بن عبد الله.
1640 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن
أبيه قال: كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا عجل في السير جمع بين المغرب والعشاء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
1641 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
مالك عن نافع عن ابن عمر قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
واخرجه من حديث عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا جد به السير
جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق ويقول:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.
ورواه معمر عن أيوب وموسى بن عقبة عن نافع.
وقال في الحديث:
فأخر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل ثم نزل فصلى
المغرب والعشاء وقال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يفعل ذلك إذا جد به السير أو حزبه أمر.
ورواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع فذكر انه سار قريبا
من ربع الليل ثم نزل فصلى.
وروى عمر بن محمد بن يزيد عن نافع قال:
سار حتى إذا كان بعد ما غاب الشفق ساعة نزل فصلى المغرب والعشاء جمع
بينهما ثم قال:
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب
448

الشفق بساعة.
فاتفقت رواية هؤلاء على أن جمعه بينهما كان بعد غيبوبة الشفق.
ورواه محمد بن فضيل عن أبيه عن نافع وعبد الله بن واقد أن مؤذن ابن عمر قال
الصلاة قال: سر حتى إذا كان قبل غروب الشفق نزل فصلى المغرب ثم انتظر حتى
غاب الشفق فصلى العشاء ثم قال:
إن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت.
وبمعناه رواه ابن جابر وعطاف بن خالد عن نافع / فهؤلاء قد خالفوا الأئمة
الحفاظ من أصحاب نافع في هذه الرواية ولا يمكن الجمع بينهما فنترك روايتهم
ونأخذ برواية الحفاظ من أصحاب نافع.
كيف وقد رواه سالم بن عبد الله واسلم مولى عمر وعبد الله بن دينار
وإسماعيل بن عبد الرحمن عن ابن عمر مثل ما رواه الحفاظ عن نافع عن ابن عمر.
وقد روى الشافعي من هذه الروايات رواية إسماعيل بن عبد الرحمن.
1642 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد
الرحمن بن أبي ذؤيب الأسدي قال خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فغربت الشمس
فخشينا أن نقول له انزل فصل فلما ذهب بنا من الأفق وفحمة العشاء نزل فصلى ثلاثا
ثم سلم ثم صلى ركعتين ثم سلم ثم التفت إلينا فقال: هكذا رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
فعل.
قال الشافعي في كتاب القديم:
أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال: قلت لسالم ما أشد ما رأيت ابن عمر أخر
الصلاة؟
449

قال غربت له الشمس بذات الجيش فصلاها بالعقيق.
قال وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن سالم مثله.
قال قلت: أي ساعة تلك قال قد ذهب ثلث الليل أو ربعه.
1643 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا
عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك قال: وحدثنا القعنبي فيما قرأ على
مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال لسالم بن عبد الله بن عمر أشد ما رأيت أباك عبد
الله بن عمر أخر المغرب في السفر؟.
قال: غربت له الشمس بذات الجيش فصلاها بالعقيق.
ورواه سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن سالم قلنا كم أبعد ما أخر ابن عمر
المغرب في السفر؟
قال: سار حين غابت الشمس ثمانية أميال ثم صلى من العقيق إلى ذات
الجيش أو من ذات الجيش إلى العقيق.
وروينا عن أبي الزبير عن جابر ان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غابت له الشمس بمكة فجمع
بينهما بسرف.
1644 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق / أخبرنا علي بن
الحسين بن الجنيد حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن محمد الحازي حدثنا عبد
العزيز بن محمد الدراوردي عن مالك عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
رواه أبو داود عن أحمد بن صالح.
وقال هشام بن سعد بينهما عشرة أميال يعني بين مكة وسرف.
قال الشافعي في القديم:
إذا كان الجمع في السفر والحضر واحد فما علة الجمع في السفر ولم ينقل
إلينا الفقهاء الجمع في السفر ولو لم يكن فيه حجة إلا جمع النبي [صلى الله عليه وسلم] بعرفة.
450

بمزدلفة لكانت فيه كفاية.
1645 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن
رجل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال:
ما رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلى صلاة قط إلا لوقتها إلا بالمزدلفة فإنه جمع بين
الصلاتين المغرب والعشاء وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها.
قال الشافعي:
ولو كان صلاها بعد الفجر لم يقل قبل وقتها ولقال في وقتها الأول.
قال: وروى ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال
كان عبد الله يصلي الصبح يجمع ولو أن متسحرا يتسحر لكان ذلك.
قال الشافعي:
ولم يختلف أحد في أن لا يصلي أحد الصبح غداة جمع ولا في غيرها إلا بعد
الفجر وهم يخالفونه أيضا في قوله: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يجمع إلا بين المغرب والعشاء
فيزعمون أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة.
وكذلك نحن نقول: السنة التي جاءت عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
وروينا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جمع بين الصلاتين في غير ذلك الموطن.
1646 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي.
فذكر حديثه عن مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ في الجمع ثم قال:
فأخذنا نحن وأنتم به - يريد أصحاب مالك -. وخالفنا فيه غيرنا.
فروي عن ابن مسعود:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يجمع الا بمزدلفة.
وروي عن عمر:
انه كتب أن الجمع بين الصلاتين من الكبائر إلا من عذر.
451

فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال لم يفعل. فقال غيره فعل.
/ فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد والذي قال لم يفعل غير شاهد
وليس في قول واحد خالف ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] حجة.
وبسط الكلام في هذا وذكر في القديم احتجاج من احتج بما كتب عمر وأجاب
عنه بأن قال:
لا نعرفه عن عمر وقد يكون السفر عذرا وعمر مع النبي [صلى الله عليه وسلم] في غزوة تبوك وهو
يجمع وعمر اعلم بالله وبرسوله من أن يقول هذا إلا على هذا المعنى.
وقال في سنن حرملة:
العذر يكون بالسفر والمطر وليس هذا ثابت عن عمر هو مرسل.
قال أحمد:
رواه أبو العالية عن عمر وأبو العالية لم يسمع من عمر. ورواه أبو قتادة العدوي
أن عمر كتب إلى عامل له وليس فيه انه شهد الكتابة فهو مرسل كما قال الشافعي ثم
السفر عذر وكذلك المطر.
قال أحمد:
وروينا الجمع بين الصلاتين في السفر عن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد
وأسامة بن زيد وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وحكاه ابن المنذر عنهم دون
أنس.
وحكاه عن أبي موسى الأشعري وعن طاوس ومجاهد وعكرمة.
303 - [باب]
الجمع بين الصلاتين بعذر المطر
1647 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال:
صلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جميعا من غير خوف ولا
سفر.
452

قال مالك أرى ذلك في مطر.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
أم جبريل عليه السلام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الحضر. ولا مطر. وقال: ' ما بين هذا
وقت '. فلم يكن لأحد يعمد أن يصلي بالصلاة في حضر ولا مطر إلا في هذا الوقت.
ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل عليه السلام بالنبي [صلى الله عليه وسلم] وصلى النبي [صلى الله عليه وسلم]
بعد مقيما / في عمره ولما جمع النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة أمنا مقيما.
لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث أو تكون الحال التي جمع فيها
حالا غير الحال التي فرق فيها فلم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في
الحضر من وجهين:
أنه يوجد لكل واحد منهما وجه وأن الذي رواهما معا واحد هو ابن عباس.
فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يمكن إلا المطر
- والله أعلم - إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة العامة.
فقلنا: إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب
والعشاء.
قال الشافعي في القديم:
أخبرنا مالك فذكر الحديث الذي:
1648 - أخبرنا أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد
أخبرنا يحيى بن بكير أخبرنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع:
أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع
معهم.
قال الشافعي:
453

وأخبرنا بعض أصحابنا عن العمري عن نافع عن ابن عمر: انه جمع بينهما قبل
الشفق.
قال: وأخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب:
أن ابن عباس جمع بينهما في المطر قبل الشفق قال: وأخبرنا بعض أصحابنا
عن عبد الله بن يزيد قال: رأيت سعيد بن المسيب جمع مع الأمراء قبل تغيب
الشفق.
قال الشافعي:
وقد زعم بعض أصحابنا عن داود بن قيس قال: صليت مع عمر بن عبد العزيز
المغرب والعشاء فجمع بينهما في مطر والخلفاء هلم جرا إلى اليوم.
قال أحمد:
قد رويناه في كتاب السنن عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعمر بن عبد العزيز.
وحكاه ابن المنذر عنهم وعن أبان بن عثمان وأبي سلمة بن عبد الرحمن.
1649 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا
الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: صليت
مع النبي [صلى الله عليه وسلم] ثمان جميعا وسبعا جميعا من غير خوف قلت لم فعل / قال أراد أن لا
يحرج أمته.
1650 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة حدثنا عمرو بن
دينار حدثنا جابر بن زيد انه سمع ابن عباس يقول:
صليت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] بالمدينة ثمان جميعا وسبعا جميعا.
قال: قلت لأبي شعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل
العشاء. قال: وأنا أظن ذلك.
قال أحمد:
454

كذا أظن عمرو بن دينار ومن وافقه عليه أبو الشعثاء وحمل مالك والشافعي على أنه
جمع بينهما لأجل المطر واستدل الشافعي على ذلك بما قدمنا ذكره.
وقد رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار.
وقال في آخره: فقال أيوب لعله في ليلة مطيرة قال: عسى.
ورواه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فقال في غير خوف
ولا مطر.
ورواية أبي الزبير أولى لموافقتها رواية عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن
عباس.
وأما قول ابن عباس أراد أن لا يحرج أمته فقد يجمع بينهما لأجل المطر حتى لا
يحرج أمته بالعود إلى المسجد والمشي في الطين. والله أعلم.
قال أحمد:
وقد أباح الشافعي رحمه الله الجمع بين الصلاتين بعذر المطر في وقت الأولى
منهما دون الأخرى.
وكان في القديم والإملاء يبيحه في وقت إحداهما كيف كان أخف عليهم قياسا
على السفر وأباح في السفر الجمع بينهما في وقت إحداهما واستحب أن يفعل في كل
واحد منهما ما فعل النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال الشافعي:
وإذا جمع بينهما في وقت الأخرى كان له أن يصلي بعد الأولى وينصرف
ويصنع ما بدا له لأنه يروي في بعض الحديث أن بعض من صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم] بجمع
صلى معه المغرب ثم أناخ بعضهم اباعرهم في منازلهم ثم صلوا العشاء في منازلهم
(........) حيث صلوا وإنما صلوا العشاء في وقتها.
وإذا صلينا في وقت الأولى منهما وآلى بينهما.
1651 - أخبرنا بهذا الحديث الذي أشار إليه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو
455

النضر (......) / الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على
مالك حدثنا موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد أنه
سمعه يقول:
دفع رسول الله من معرفه حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ فلم يسبغ
الوضوء فقلت له الصلاة فقال:
' الصلاة امامك '.
فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ وأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى
المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلاها ولم يصل بينهما
شيئا.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
456

بسم الله الرحمن الرحيم
4 - كتاب الجمعة
1652 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا
الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله قال قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) *
الآية.
وقال الله جل ثناؤه: * (وشاهد ومشهود) *.
1653 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد
محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن نافع بن جبير وعطاء بن يسار أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' شاهد: يوم الجمعة ومشهود: يوم عرفة '.
1654 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني شريك بن
عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
1655 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا عبد
الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
457

قال أحمد:
وقد رويناه من حديث عمار مولى بني هاشم عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا.
ومن حديث عبد الله بن رافع عن أبي هريرة مرفوعا والموقف أصح.
/ قال الشافعي:
ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله عز وجل وذكر
الحديث الذي:
1656 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن طاوس عن
أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' نحن الآخرون ونحن السابقون بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من
بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا
والنصارى بعد غد '.
1657 - قال وأخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة مثله. إلا أنه قال: ' بيد انهم '.
هذا الحديث قد أخرجه مسلم في الصحيح عن عمرو بن محمد الناقد عن
سفيان عن أبي الزناد وقال فيه:
' ثم هذا اليوم الذي كتب الله علينا هدانا الله له '.
1658 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا سفيان فذكره وقال: ' ونحن السابقون يوم القيامة
بأيد أمن كل أمة أوتيت '.
458

وأخرجه عقيب ذلك عن ابن أبي عمر عن سفيان بالإسنادين جميعا وأحال بمتنه
على الأول واهمل رواية ابن أبي عمر كما:
1659 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثني
أحمد بن سهل بن بحر حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة وابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فذكره. وقال
فيه: ' ثم هذا اليوم الذي كتب الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له '.
وقال بعدهما بأيد - وقال الآخر - بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا.
قال احمد:
ويشبه أن يكون سفيان كان لا يثبت هذه اللفظة فتركها الشافعي فلم يروها في
حديثه وكلمة: ' عليهم ' في ذلك أصح.
فلذلك رواه موسى بن عقبة ومالك بن أنس وشعيب بن أبي حمزة عن أبي
الزناد.
وكذلك رواه همام بن منبه عن أبي هريرة.
1660 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالا:
حدثنا أبو / العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال
حدثني محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بأيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من
بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له
فالناس لنا فيه تبع السبت والأحد '.
459

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
والتنزيل ثم السنة يدلان على ايجاب الجمعة وعلم أن يوم الجمعة اليوم الذي
بين الخمس والسبت من العلم الذي نقلته الجماعة عن الجماعة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
وجماعة من بعده من المسلمين كما نقلوا الظهر أربعا والمغرب ثلاثا وكانت العرب
تسميه قبل الإسلام: عروبة قال الشاعر:
* نفسي الفداء لأقوام همو
* خلطوا يوم العروبة اورادا بأوراد
*
1661 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد الدارمي حدثنا عبد
الرحمن بن أبي حاتم عن الربيع قال قال الشافعي في حديث النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' بيد انهم '. قال: ' من اجل انهم '.
304 - [باب]
وجوب الجمعة على أهل المصر
1662 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سلمة بن عبد الله الخطمي عن
محمد بن كعب القرظي انه سمع رجلا من بني وائل يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك '.
قال أحمد وهذا وإن كان مرسلا فله شواهد يقوى بها.
وكذا رواه الربيع [عن] سلمة بن عبد الله ورواه المزني الشافعي قال
سلمة بن عبد الله.
1663 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - وهو الأصم - حدثنا
محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا يحيى بن بكير المصري حدثنا المفضل بن فضالة
عن عياش بن عباس عن بكير بن عبد الله الأشج عن نافع عن عبد الله بن عمر عن
حفصة زوج النبي [صلى الله عليه وسلم] / عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
460

' رواح الجمعة على كل محتلم وعلى من راح إلى الجمعة غسل '.
305 - [باب]
وجوب الجمعة على من كان خارج المصر لسماع النداء
قال الشافعي:
قل الله جل ثناؤه:
* (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) *.
1664 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن يزيد عن سعيد بن المسيب أنه قال:
تجب الجمعة على من سمع النداء.
قال أحمد:
وقد روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: إنما تجب الجمعة على
من سمع النداء فمن سمعه فلم يأته فقد عصى ربه.
وقد روي عنه مرفوعا إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' الجمعة على من سمع النداء '.
1665 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وقد كان سعيد بن يزيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال
فيشهدان الجمعة ويدعانها.
وكان يروى أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها.
461

وكان يروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد
الجمعة ويدعها.
قال أحمد:
وذلك لأنه كان لا يبلغهم النداء من المدينة.
قال الشافعي:
ومن خرج من المصر فكان ثويه الليل إلى أهله إذا انصرف إليهم من الجمعة
أحببت له شهودها.
قال أحمد:
قد روينا عن ابن عمر أنه قال:
إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة والجمعة على من يأتي أهله.
وبه قال الأوزاعي.
وروي ذلك عن معاوية.
وروي فيه حديث مرفوع إلا أنه ضعيف.
وكان أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يأمر أهل ذي الحليفة بحضور الجمعة
بالمدينة وكذلك عمر بن عبد العزيز.
306 - [باب]
العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة
1666 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
ولما كانت / الجمعة واجبة واحتملت أن تكون تجب على كل مصل بلا وقت
عدد مصلين وأين كان المصلي من منزل مقام وظعن فلم نعلم خلافا في أن لا جمعة
[عليه] إلا في دار مقام.
462

ولم احفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا.
وقد قال غيرنا لا تجب إلا على أهل مصر جامع.
وسمعت عددا من أصحابنا يقولون تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا
أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به.
وكان أقل ما علمناه قيل به ولم يجز عندي أن ادع القول به وليس خبر لازم
يخالفه.
وقد روي من حديث لا يثبت أهل الحديث أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جمع حين قدم المدينة
بأربعين رجلا.
وروي انه كتب إلى أهل قرى عرينة أن يصلوا الجمعة والعيدين.
ويروى انه أمر عمرو بن حزم أن يصلي العيدين بأهل نجران.
قال أحمد:
وروي بإسناده كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس.
1667 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
عثمان بن أبي شعبة ومحمد بن عبد الله المخرمي قالا: حدثنا وكيع عن إبراهيم بن
طهمان عن أبي حمزة عن ابن عباس قال:
إن أول جمعة جمعت في الإسلام بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
بالمدينة لجمعة جمعت بجواثا قرية من قرى البحرين.
قال عثمان قرية من قرى عبد القيس.
463

أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي عابد العقدي عن إبراهيم بن
طهمان.
وكانوا لا يستبدون بأمور الشرع لجميل ثباتهم في الإسلام.
فالأشبه انهم لم يقيموها في هذه القرية إلا بأمر النبي [صلى الله عليه وسلم].
1668 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد السماك
حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي عن محمد بن
إسحاق قال حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل - يعني بن حنيف - عن أبيه عن عبد
الرحمن بن كعب يعني بن مالك قال: كنت قائد أبي حين ذهب بصره فإذا خرجت به
إلى الجمع يسمع الأذان صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة / واستغفر له - أظنه
قال: - قلت: كثيرا لا يسمع اذان الجمعة إلا فعل ذلك فقلت: با ابه أرأيت استغفارك
لأبي امامة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو؟ قال:
أي بني كان أول من جمع بنا في هزم من حرة بني بياض يقال له نقيع الخضمات.
قال قلت: كم كنتم يومئذ؟
قال: أربعون رجلا.
قال أحمد:
وفي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق في هذا الحديث قال: أي بني كان
أسعد أول من جمع بنا بالمدينة قبل مقدم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في هزم من حرة بني بياضة
في بقيع يقال له: الخضمات.
1669 - حدثناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا العطاردي حدثنا
يونس فذكره قال أبو سليمان الخطابي الصواب نقيع بالنون.
قلت: وهذا لا يخالف ما روي عن الزهري أن مصعب بن عمير حين بعثه
النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة جمع بهم وهم إثنا عشر رجلا فإنه إنما أراد به انه أقام الجمعة
بمعونة النفر الذي بعثه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في صحبتهم أو على إثرهم وهم إثنا عشر الذين
بايعوه في العقبة الأولى منهم أسعد بن زرارة وذلك حين كتب من اسلم من أهل
المدينة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ليبعث إليهم رجلا من أصحابه يقرئهم القرآن ويفقههم في
464

الإسلام ويؤمهم في صلاتهم فبعثه.
قال الزهري: وكان مصعب أول من جمع الجمعة بالمدينة للمسلمين قبل أن
يقدمها رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
فالزهري أضاف التجميع إلى مصعب لكونه إماما في الجمعة.
وكعب بن مالك أضافه إلى أسعد لنزول مصعب بالمدينة أولا في داره ونصرة.
أسعد إياه وخروجه به إلى دور الأنصار يدعوهم إلى الإسلام.
وذكر الزهري انه جمع بهم وهم إثنا عشر رجلا وهو يريد عدد النقباء الذين
خرجوا به إلى المدينة وكانوا له ظهرا.
وذكر كعب انه جمع بهم وهم أربعون رجلا. وهو يريد جميع من صلى معه
ممن اسلم من أهل المدينة مع النقباء.
وهذا وقول كعب متصل وقول الزهري منقطع.
وبيان الجمعة مأخوذ من أفعالهم فتجوز حيث أقاموها وبعدد من أقاموها / بهم -
وبالله التوفيق.
وروينا عن مغازي موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق أن النبي [صلى الله عليه وسلم] حين ركب
من بني عمرو بن عوف في هجرته إلى المدينة مر على بني سالم (..........)
المدينة فأدركته الجمعة فصلى فيهم الجمعة وكانت أول جمعة صلاها رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
حين قدم.
ولم أجد فيها ذكر عدد من صلاها بهم وهي في الرواية التي ارسلها الشافعي إن
صحت وإلا فهو مذكور في رواية كعب بن مالك.
1670 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد [قالوا]: حدثنا أبو العباس
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد العزيز بن
عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال:
465

كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة.
1671 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وأخبرني الثقة عن سلمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما
بين الشام ومكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا.
قال أحمد:
وقد روينا عن أبي المليح الرقي أنه قال: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز إذا بلغ
أهل القرية أربعون رجلا فليجمعوا.
وعن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى علي بن عدي الكندي
انظر كل قرية أهل قرار ليسوا هم بأهل عمود يتنقلون فأمر عليهم أميرا ثم مره فليجمع
بهم.
وحكى الليث بن سعد أن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا
يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان يأمرهما وفيها رجال من
الصحابة.
وكان الوليد بن مسلم يروي عن شيبان عن مولى لآل سعيد بن العاص انه سأل
ابن عمر عن القرى التي بين مكة والمدينة ما ترى في الجمعة قال نعم إذا كان عليهم
أمير فليجمع.
قال في القديم:
وقال بعض الناس لا تجوز الجمعة إلا في مصر جامع وذكر فيه شيئا ضعيفا.
قال أحمد:
إنما يروى هذا عن علي رضي الله عنه فأما النبي [صلى الله عليه وسلم] فإنه لا يروى عنه في ذلك
شيء.
466

1672 - أخبرناه علي بن أحمد بن / عبدان أخبرنا أبو بكر بن محمويه حدثنا
جعفر بن محمد القلانسي حدثنا آدم حدثنا شعبة عن زبيد الأيامي عن سعد بن عبيدة
عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال:
لا تشريق ولا جمعة [إلا] في مصر جامع.
وكذلك رواه الثوري عن زبيد موقوفا.
قال الشافعي:
ولا تدري ما حد المصر الجامع عنده أهي القرى العظام أو القرى التي لا تفارق
كما قلنا لأنه مصر لا بدو يتنقل أهله فقال:
بل هي القرى العظام.
قيل فقد جمع الناس في القرى التي بين مكة والمدينة على عهد السلف
وبالربذة على عهد عثمان.
وإنما رأينا الجمعة وضعت عن المسافر وأهل البدو فأما أهل القرى فلم توضع
عنهم.
وقد ذكروا عن الحسين انه كان لا يرى الجمعة الا في الأمصار التي مصرها عمر
وكان لا يرى بمكة جمعة والذي يخالفنا لا يقول بهذا.
وقد روي عن شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع أن أبا هريرة كتب إلى
عمر رضي الله عنه يسأله عن الجمعة وهو بالبحرين فكتب إليه أن جمعوا حيثما كنتم.
قال الشافعي:
إن كان هذا حديثا - يعني ثابتا - ولا أدري كيف هو كان فمعناه في أي قرية كنتم
لأن مقامهم من البحرين إنما كان يكون في القرى.
قال أحمد:
وهذا الأثر إسناده حسن.
رواه محمد بن إسحاق بن خزيمة عن علي بن خشرم عن عيسى بن يونس عن
شعبة.
467

وروي عن جابر أنه قال:
مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وفطر وأضحى.
وهذا حديث ضعيف. لا ينبغي أن يحتج به.
وروي عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية مرفوعا:
' الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وأن لم يكونوا إلا أربعة '.
وهذا أيضا ضعيف لا يصح. وقد ذكرنا اسنادهما في كتاب السنن.
307 - [باب]
الإمام يمر بموضع لا تقام فيه الجمعة مسافرا
فقد روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه يوم عرفة جمع بين الظهر والعصر ثم راح إلى
الموقف وكان ذلك يوم الجمعة.
1673 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا / أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
أخبرنا داود بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد العزيز بن جريج أن واليا للحج جهر
بالقراءة يوم عرفة فسبح به سالم بن عبد الله فسكت.
قال الشافعي:
وقد كانت منى ينزلها الحجاج ما علمت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا أحد من الأئمة صلى
بها جمعة قط وعرفة هكذا.
308 - [باب]
الزحام
1674 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي
رضي الله عنه:
أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] المأمومين أن يركعوا إذا ركع الإمام (.......) عمل
468

الصلاة فلم يكن للمأموم ترك اتباع الإمام في عمل الصلاة.
وصلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صلاة الخوف بصفين فركع وركعوا وسجد فسجدت طائفة
وحرست أخرى حتى قام من سجوده ثم تبعته بالسجود فكأنها حين قام قال فكان بينا
- والله أعلم - في سنن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن على المأموم اتباع الإمام ما لم يكن للمأموم
عذر يمنعه اتباعه وإن له إذا كان له عذر أن يتبعه في وقت ذهاب العذر فلو أن رجلا في
الجمعة ركع مع الإمام ثم زاحم فلم يقدر على السجود بحال حتى قضى الإمام
سجوده تبع الإمام إذا قام الإمام فأمكنه أن يسجد وهكذا لو حبسه حابس من مرض أو
سهو.
ثم ساق الكلام إلى أن قال:
فإن لم يمكنه السجود حتى يركع الإمام في الركعة الثانية لم يكن له أن يسجد
للركعة الأولى لأن أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إنما سجدوا للركعة التي وقفوا على السجود
لها بالعذر بالحراسة قبل الركعة الثانية.
ويتبع الإمام فيركع معه ويسجد ويكون مدركا معه الركعة وتسقط عنه واحدة
ويضيف إليها أخرى.
قال أحمد:
حديث: ' إنما الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا '. قد مضى. وحديث صلاة
الخوف: بصفين يرد في موضعه إن شاء الله.
وفي كتاب البويطي والربيع قال:
والحجة في أنه يتبعه في عمل ركعة ولا / يتبعه في عمل ركعتين أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' إني قد بدنت فمهما اسبقكم به في الركوع تدركوني في السجود '.
469

فإنما أباح للمأموم أن يعمل خلاف الإمام في ركعة واحدة لا في ركعتين.
وأظن هذا الاحتجاج من قبلهما ولفظ الحديث كما:
1675 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن
محيريز عن معاوية بن أبي سفيان قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
لا تبادروني بركوع ولا سجود فإنه مهما اسبقكم به إذا ركعت تدركوني حين
ارفع '.
وهذا بين في المقصود.
وقال في كتاب البويطي والربيع:
إن أمكنه أن يسجد على ظهر رجل سجد عليه.
قال: وقد روي عن عمر مثل هذا.
1676 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن
حبيب حدثنا أبو داود حدثنا سلام عن سماك بن حرب عن سيار بن المعرور قال:
سمعت عمر بن الخطاب يقول إذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر
أخيه.
309 - [باب]
من لا جمعة عليه
1677 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه قال:
ابصر عمر بن الخطاب رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم
الجمعة لخرجت.
470

فقال عمر:
اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر.
وروى ابن شهاب الزهري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار.
وهو مرسل.
وروي عن ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وحسان بن عطية انه لا ينشئه يوم
الجمعة حتى يصليها.
وروي عن معاذ ما دل على ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة.
قال أحمد:
قد مضى حديث: محمد بن كعب القرظي: / سمع رجلا من بني وائل يقول:
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك '.
1678 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا
عبيد الله بن محمد العجلي قال حدثي العباس بن عبد العظيم العنبري قال حدثني
إسحاق بن منصور حدثنا هريم بن سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن
قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك. أو امرأة.
أو صبي. أو مريض '.
اسنده عبيد [الله] بن محمد وأرسله غيره.
471

1679 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا عباس بن عبد العظيم فذكره بإسناده ومتنه دون ذكر أبي موسى فيه.
قال أبو داود: طارق بن شهاب قدر أي النبي [صلى الله عليه وسلم] ولم يسمع منه شيئا.
قال أحمد:
هذا هو المحفوظ مرسل وهو مرسل جيد وله شواهد ذكرناها في كتاب السنن
وفي بعضها: المريض.
وفي بعضها: المسافر.
قال أحمد:
وعند الشافعي رحمه الله لا جمعة على المريض الذي لا يقدر على شهود
الجمعة إلا بأن يزيد في مرضه أو تبلغ به مشقة غير محتملة.
وكذلك من كان في معناه من أهل الأعذار.
1680 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي
ذؤيب: أن ابن عمر دعي وهو يستجهز للجمعة لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو
يموت فأتاه وترك الجمعة.
وروينا عن ابن عباس انه أمر مؤذنه في يوم مطير أن ينادي الصلاة في
الرحال.
وقال قد فعله من فهو خير مني وإن الجمعة عزمة واني كرهت أن أخرجكم
فتمشون في الطين والمطر.
310 - [باب]
الغسل للجمعة والخطبة وما يجب في صلاة الجمعة
1681 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله
472

صلى الله / عليه وسلم قال:
' من أتى منكم الجمعة فليغتسل '.
قد ذكرنا سائر أحاديثه في كتاب الطهارة.
1682 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد أخبرنا العباس بن
الفضل الأسفاطي حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن الحسن بن
سمرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل '.
311 - [باب]
وقت الجمعة
1683 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر
حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا فليح بن سليمان الخزاعي عن عثمان بن
عبد الرحمن عن أنس قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي بنا الجمعة حين تميل الشمس.
رواه البخاري في الصحيح عن سريج بن النعمان عن فليح واخرجه مسلم من
حديث سلمة بن الأكوع:
1684 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن
المطلب بن حنطب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع أو
نحوه.
1685 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
473

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك
قال:
قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال:
لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ووجهها الباب - يعني معاذ - حتى تزول الشمس.
ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا يصلي في الجمعة حتى تزول الشمس.
قال: ووقتها ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر.
1686 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق قال:
رأيت عليا يخطب يوم الجمعة نصف النهار
/ قال الشافعي:
ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول لا يخطب إلا بعد زوال الشمس.
وكذلك روينا عن عمر وغيره.
1687 - وبإسناد قال قال الشافعي فيما بلغه عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد
الله بن سلمة قال:
صلى عبد الله بأصحابه الجمعة ضحى وقال:
خشيت الحر عليكم.
قال الشافعي:
وليسوا يقولون بهذا يقولون لا يقول به أحد. صلى النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبو بكر وعمر
وعثمان والأئمة بعد في كل جمعة بعد زوال الشمس.
قال أحمد:
474

عبد الله بن سلمة كان قد تغير في آخر عمره.
ويشبه أن يكون غير محفوظ.
وأبو إسحاق رأى عليا وهو صبي فيشبه أن يكون قد تعجل بها في أول وقتها
فحسبه نصف النهار من تعجلها.
ويحتمل أن يكون خطب نصف النهار ثم اتى منها يقدر الأجزاء بعد الزوال.
1688 - وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا
يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق انه صلى خلف
علي الجمعة فصلاها بالهاجرة بعد ما زالت الشمس وانه رآه قائما ابيض اللحية
أجلح.
312 - [باب]
وقت الأذان للجمعة
1689 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد:
أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر فلما كان خلافة عثمان كثر الناس فأمر عثمان بأذان ثان فأذن
به فثبت الأمر على ذلك.
ورواه في القديم فقال:
أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري فذكره بمعنى هذا وقال في
آخره:
475

ثم احدث عثمان الأذان الأول على الزوراء.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب قال الشافعي في رواية
أبي سعيد وكان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه / يقول: أحدثه معاوية - والله
أعلم -.
قال الشافعي:
وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أحب إلي.
قال الشافعي:
والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي
كان على عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على
المنبر.
313 - [باب]
الصلاة نصف النهار يوم الجمعة
1690 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة.
ورواه أيضا محمد بن عمر عن سعيد بن مسلم بن بأنك سمع المقبري عن أبي
هريرة قال: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: فذكره.
1691 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا الوليد أخبرهم حدثنا
الحسن بن سفيان حدثنا أحمد بن أيوب السمناني حدثنا محمد بن عمر فذكره.
وفي كلا الإسنادين ضعيف إلا أنه مضى ما يشهد لهما والله أعلم.
1692 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
476

الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك انه اخبره:
أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يوم الجمعة يصلون حين يخرج عمر بن الخطاب
فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت
المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتكلم أحد.
ورواه في القديم بإسناده هذا إلا أنه قال:
حتى إذا سكت المؤذن وزاد: قال ابن شهاب: فخروج الإمام يقطع الصلاة
وكلامه يقطع الكلام.
1693 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا
عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك /
فذكره بإسناده وزيادته وقال: المؤذن.
1694 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال
حدثني ثعلبة بن أبي مالك:
إن قعود الإمام يقطع السبحة وان كلامه يقطع الكلام وانهم كانوا يتحدثون يوم
الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى
يقضي الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا.
قال الشافعي في القديم:
وخبر ثعلبة عن عامة أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في دار الهجرة انهم كانوا يصلون
نصف النهار يوم الجمعة ويتكلمون والإمام على المنبر.
قال الشافعي:
أخبرنا الثقة عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن السائب بن يزيد
قال:
477

رأيت عمر بن الخطاب يتحدث يوم الجمعة والمؤذنون يؤذنون.
قال وأخبرنا الثقة عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن موسى بن طلحة عن
عثمان مثله.
314 - [باب]
من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع
1695 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد
الله قال:
دخل رجل يوم الجمعة والنبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب فقال له:
' صليت ' قال: لا قال:
' فصل ركعتين '.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
1696 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله. وزاد
في حديث جابر: وهو سليك الغطفاني.
أخرجه مسلم من حديث الليث عن أبي الزبير.
1697 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز قال أخبرني ابن جريج قال أخبرني
عمرو بن دينار انه سمع جابر / بن عبد لله يقول:
جاء رجل والنبي [صلى الله عليه وسلم] على المنبر يوم الجمعة يخطب فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' اركعت ركعتين ' قال: لا. قال: ' فاركع '.
478

رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن ابن جريج.
قال الشافعي في رواية حرملة:
هذا ثابت غاية الثبوت عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال في رواية الربيع:
ونأمره أن يخففهما فإنه يروى في هذا الحديث: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره [أن]
يخففهما.
1698 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا
أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر بن عبد الله: جاء سليك الغطفاني والنبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب يوم الجمعة
فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أصليت الركعتين '؟ فقال: لا. قال:
' قم فصل ركعتين وتجوز فيهما '. وقال:
' إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما '.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
1699 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله قال:
رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه
الأحراس ليجلسوه فأبى أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما قضينا الصلاة اتيناه فقلنا
له يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفعلوا بك فقال: ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
رأيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال:
' أصليت ' قال: لا. فصلى ركعتين ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا
فأعطى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الرجل منها ثوبين.
فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب فقال له النبي [صلى الله عليه وسلم]:
479

' أصليت ' قال: لا. قال: ' فصل ركعتين '.
ثم حث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] الناس على الصدقة فطرح أحد / ثوبيه فصاح له رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وقال: ' خذه فأخذه. ثم قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أنظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا
فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة أمرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد
ثوبيه '.
قال الشافعي في رواية حرملة:
فنأمر من لم يصل فدخل والإمام على المنبر أن يصلي ركعتين بما وصفت من
الخبر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وبأمر النبي [صلى الله عليه وسلم] في حديث أبي قتادة:
من دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس قد مضى إسناد الشافعي
لحديث أبي قتادة في باب صلاة التطوع.
1700 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر والرازي
حدثنا سعدان بن نصر حدثنا سفيان بن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان ومحمد بن
عجلان عن عامر بن عبد الله عن عمرو بن سليم الزرقي يذكر أبا قتادة: أن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس '.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبد الله بن عامر بن عبد الله بن الزبير.
315 - [باب]
مقام الإمام في الخطبة
1701 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو
480

سعيد محمد بن موسى قالوا: حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير انه سمع
جابر بن عبد الله يقول:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] إذا خطب استسند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع
له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد
حتى نزل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاعتنقها فسكنت.
1702 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن
عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب قال:
كان / رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى
ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه:
يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فيسمع الناس
خطبتك؟
قال: ' نعم '.
فصنع له ثلاث درجات وهي اللاتي على المنبر. فلما صنع المنبر ووضع
موضعه الذي وضع فيه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بدأ النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب
عليه فمر إليه فلما جاوز ذلك الجذع الذي يخطب إليه خار حتى تصدع وانشق فنزل
النبي [صلى الله عليه وسلم] لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر فلما هدم المسجد
اخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في بيته حتى بلي واكلته الأرض وعاد
رفاتا.
حديث الحنانة قد اخبره البخاري من حديث حفص بن عبيد الله. وأيمن عن
جابر بن عبد الله.
ومن حديث نافع عن ابن عمر.
481

316 - [باب]
الخطبة قائما
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
قال الله جل ثناؤه:
* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) *.
قال الشافعي:
ولم اعلم مخالفا انها نزلت في خطبة النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم الجمعة.
1703 - أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور
القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إبراهيم بن إسحاق أخبرنا جرير عن حصين عن
سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
كان يخطب يوم الجمعة قائما فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم
يبق معه إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة:
* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوها قائما) *.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
وكذلك رواه عبد الله بن إدريس عن حصين.
ورواه زائدة بن قدامة ومحمد بن فضيل عن حصين.
ونحن نصلي الجمعة.
ويجوز أن يكون عبر بالصلاة عن الخطبة فأهل التفسير / على الرواية الأولى.
ودخل كعب بن عجرة المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا
فقال:
انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا وقد قال الله عز وجل:
482

* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) * وهذا يؤيد رواية من
رواها في الخطبة.
1704 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني حفص عن أبيه قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب يوم الجمعة وكانت لهم سوق يقال لها البطحاء كان بنو
سليم يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا
رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكير فعيرهم الله بذلك.
فقال:
* (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) *.
1705 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم حدثني جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يخطب قائما يوم الجمعة خطبتين يفصل بينهما بجلوس.
1706 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال أخبرني عبيد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثله.
قال أحمد:
حديث جابر قد رواه سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد.
وحديث ابن عمر قد رواه خالد بن الحارث عن عبيد الله بن عمر.
1707 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد
الموسائي حدثنا أبو حاتم الحنظلي حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا سليمان بن
بلال بإسناده ومعناه.
1708 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
483

محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع
عن ابن عمر قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب يوم الجمعة قائما ثم يقعد ثم يقوم كما يفعلون
اليوم.
/ أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن عبيد الله بن عمر القواريري.
1709 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن
أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر:
انهم كان يخطبون يوم الجمعة خطبتين على المنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس
حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما.
1710 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق قال:
رأيت عليا يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ.
قال أحمد:
يحتمل أن يكون أراد لم يجلس في حال الخطبة خلاف ما احدث بعض الأمراء
من الجلوس في حال الخطبة. والله أعلم.
وروينا عن مكحول أنه قال: في الجمعة خطبتان بينهما جلسة وإن لم يخطب
في الجمعة فالصلاة أربع.
317 - [باب]
القراءة في الجمعة
1711 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد
484

عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة انه قرأ في الجمعة ' بسورة الجمعة '
و * (إذا جاءك المنافقون) *.
قال عبيد الله قلت له:
قرأت بسورتين كان علي رضي الله عنه يقرأ بهما في الجمعة.
فقال: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يقرأ بهما.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد عن عبد العزيز بن محمد
الدراوردي.
1712 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر عن أبيه عن عبيد
الله بن أبي رافع عن أبي هريرة:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قرأ في إثر ' سورة الجمعة ' * (إذا جاءك المنافقون) *.
1713 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني
عبيد الله بن أبي لبيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم]: انه قرأ في
ركعتي الجمعة ' سورة الجمعة ' و ' المنافقين '.
1714 - وبهذا الإسناد: أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني مسعر بن
كدام عن معبد بن خالد عن سمرة بن جندب عن النبي [صلى الله عليه وسلم].
انه كان يقرأ في الجمعة ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
قال أحمد:
485

ورواه محمد بن عبيد عن مسعر عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن
سمرة بن جندب.
1715 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الحسن بن
علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد فذكره.
وكذلك رواه شعبة عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب.
1716 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس حدثنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان ابن بشير:
ما كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقرأ به يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ فقال: كان يقرأ:
ب * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد.
ورواه حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
يقرأ يوم الجمعة: ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
1717 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي:
بأي شيء يستحب أن يقرأ في الجمعة؟
فقال: في الركعة الأولى ' بالجمعة ' واختار في الثانية: * (إذا جاءك المنافقون) *
ولو قرأ: * (هل أتاك حديث الغاشية) * أو * (سبح اسم ربك الأعلى) * كان حسنا لأنه قد
روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] انه قرأ بها كلها.
قال أحمد:
وثبت عن ابن عباس عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مثل حديث أبي هريرة وزاد قال:
وكان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر: * (ألم تنزيل) * السجدة. و * (هل
486

أتى على / الإنسان) *.
1718 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو جعفر الرزاز حدثنا أحمد بن
الوليد حدثنا شاذان أخبرنا سفيان الثوري عن مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال:
كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقرأ يوم الجمعة في الفجر:
* (ألم تنزيل) * السجدة و * (هل اتى على الإنسان) * وفي الجمعة بسورة
' الجمعة ' و ' المنافقين '.
318 - [باب]
من أدرك ركعة من الجمعة
1719 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: ' من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة '.
1720 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر قال حدثني
المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب فذكره نحوه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية الربيع:
فكأن أقل ما في قول رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فقد أدرك الصلاة ' إن لم تفته الصلاة ومن لم تفته الجمعة صلاها ركعتين.
قال أحمد:
487

هذا هو رواية الجمهور.
وكذلك رواه معمر عن الزهري وزاد فيه قال الزهري: فالجمعة من الصلاة.
وقال: فيه يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري بإسناده:
' من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة '.
1721 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا محمد بن
الحسن وقتيبة حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن وهيب قال أخبرني يونس.
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة.
ورواه عبيد الله بن عمر عن الزهري بإسناده وقال في متنه:
' من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها '.
1722 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن
دحيم أخبرنا إبراهيم بن / إسحاق الزهري حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عبيد الله بن
عمر فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن نمير وعبد الوهاب عن عبيد الله.
ورواه أسامة بن زيد الليثي عن الزهري بإسناده قال:
' من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى '.
1723 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري
حدثنا أحمد بن حماد حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن أسامة بن زيد
فذكره.
1724 - أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال
488

الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن
عبد الله قال:
إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى وإذا فاتك الركوع فصل أربعا.
قال الشافعي:
وبهذا نقول لأن موافق معنى ما روينا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] وقد خالفوه.
فذكر مذاهب العراقيين في ذلك.
قال أحمد:
وقد روينا عن عبد الله بن عمر نحو هذا.
319 - [باب]
آداب الجمعة
1725 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال بلغنا عن سلمة بن
الأكوع أنه قال:
خطب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] خطبتين وجلس جلستين - وحكى الذي حدثني قال: - استوى
رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أعلى الدرجة التي تلي المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح
حتى فرغ المؤذن من الأذان ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب
الثانية.
واتبع هذا الكلام الحديث فلا أدري أحدثه عن سلمة أم شيء فسره هو في
الحديث.
قال الشافعي في القديم في رواية الزعفراني:
489

فالإمام يجلس جلستين ويخطب خطبتين وهكذا السنة والأثر الأثري أن حديث
ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال:
كان الأذان الأول يوم الجمعة حين يخرج الإمام فيجلس على المنبر في عهد
النبي [صلى الله عليه وسلم] وأبي بكر وعمر.
فهذا يدل على أنهم كان يجلسون جلسة حتى يفرغ / المؤذنون من أذانهم.
قال أحمد:
حديث ابن أبي ذئب في هذا المعنى أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم بن
أبي اياس عن ابن أبي ذئب قال الشافعي أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن يزيد
عن اياس بن سلمة - يعني ابن الأكوع - عن أبيه:
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] جلس جلستين وخطب خطبتين.
1726 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال:
قلت لعطاء: أكان النبي [صلى الله عليه وسلم] يقوم على عصى إذا خطب؟
قال: نعم كان يعتمد عليها اعتمادا.
وروينا عن الحكم بن حزن:
انه شهد الجمعة مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
فقام متوكئا على عصى أو قوس فحمد الله واثنى عليه كلمات خفيفات طيبات
مباركات ثم قال:
' أيها الناس الناس انكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا
وأبشروا '.
1727 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا شهاب بن خراش حدثنا شعيب بن زريق الطائفي قال:
490

جلست إلى رجل له صحبة من النبي [صلى الله عليه وسلم] يقال له الحكم بن حزن فذكره.
1728 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
وأقل ما يقع عليه اسم خطبة أن يحمد الله ويصلي على النبي [صلى الله عليه وسلم] ويوصي بتقوى الله
ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى. ويحمد الله ويصلي على النبي [صلى الله عليه وسلم] ويوصي بتقوى
الله ويدعوا في الآخرة لأن معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض.
وهذا أوجز ما يجمع من الكلام.
وقال في خلال كلام له في القديم:
وأقل ما يقع عليه اسم خطبة كلام كقدر اقصر سورة من القرآن.
320 - [باب]
القراءة في الخطبة
1729 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع / أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن
حزم عن خبيب بن عبد الرحمن بن إساف عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان:
أنها سمعت النبي [صلى الله عليه وسلم] يقرأ بقاف وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة وإنها لم
تحفظها إلا من النبي [صلى الله عليه وسلم] يوم الجمعة وهو على المنبر من كثرة ما كان يقرأ بها يوم
الجمعة على المنبر.
1730 - وبهذا الإسناد أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن أبي
بكر بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن
النعمان. مثله.
قال إبراهيم: ولا أعلمني إلا سمعت أبا بكر بن حزم يقرأ بها على المنبر يوم الجمعة.
491

قال إبراهيم: وسمعت محمدا بن أبي بكر يقرأ بها وهو قاض يومئذ على المدينة
على المنبر.
قال أحمد:
هكذا رواه إبراهيم بن محمد ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن
أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت
حارثة بن النعمان قال: لقد كان تنورنا وتنور رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واحدا سنتين أو سنة أو
بعض سنة ما أخذت قاف والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأها كل يوم
جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
1731 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن
إسحاق فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن يعقوب.
ورواه شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن ابن معن وهو عبد الله بن محمد بن
معن عن ابنة حارثة بن النعمان الأنصاري قالت:
لقد رأيتنا وتنورنا وتنور رسول الله [صلى الله عليه وسلم] واحدا وما أخذت (ق ~) إلا من في رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] وهو يخطب.
1732 - حدثناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن
حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة فذكره.
إخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة وقال: يخطب بها كل /
جمعة.
1733 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن
حلحلة عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب:
492

أن عمر رضي الله عنه كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة: * (إذا الشمس كورت) * حتى بلغت: * (علمت نفس ما أحضرت) * ثم يقطع السورة.
1734 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
مالك عن هشام بن عروة عن أبيه:
أن عمر بن الخطاب قرأ - يعني السجدة - وهو على المنبر يوم الجمعة.
قال الشافعي:
وبلغنا أن عليا رضي الله عنه كان يقرأ على المنبر * (قل يا أيها الكافرون) *
و * (قل هو الله أحد) *.
قال: وبلغني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا كان في آخر خطبته قرأ
آخر النساء:
* (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) * إلى آخر السورة.
321 - [باب]
الفتح على الإمام
قال الشافعي في رواية المزني رحمهما الله:
وإن حضر الإمام لقن. وقال فيما:
1735 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال
الشافعي ولا بأس بتلقين الإمام في الصلاة.
قال أحمد:
493

وروينا عن عبد الله بن العلاء بن زيد عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن
عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صلى صلاة فقرأ فيها فالتبس عليه فلما انصرف قال لأبي: ' أصليت
معنا ' قال: نعم. قال:
(فما منعك أن تفتح علي).
1736 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصفهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا
عبدان حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن سعد حدثنا عبد الله. فذكره.
وروينا عن المسور بن زيد المالكي قال:
شهدت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يقرأه فقال له رجل: يا
رسول الله تركت آية كذا وكذا.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' فهلا اذكرتنيها '.
قال: كنت أرى / انها نسخت.
1737 - أخبرنا الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال أخبرنا مروان بن معاوية حدثنا يحيى بن كثير
الكاهلي عن المسور فذكره.
وروينا في جواز الفتح على الإمام عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر. وأبي
هريرة وأنس بن مالك.
وروينا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قال: إذا استطعمكم لإمام
فأطعموه.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: يعني إذا سكت.
وأما حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
494

' يا علي لا تفتح على الإمام في الصلاة: '.
فإنه حديث ضعيف تفرد به الحارث الأعور والحارث غير محتج به.
وقال أبو داود:
أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها.
322 - [باب]
كيف يستحب أن تكون الخطبة
1738 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
الدراوردي.
1739 - ح - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا
إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد
- يعني الدراوردي - عن حفص بن محمد.
1740 - ح - وأخبرنا علي أخبرنا أحمد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا ابن أبي
أويس والفروي قالا: حدثنا سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول: خطبة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوم الجمعة يحمد الله عز وجل ويثني عليه ثم
يقول على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش يقول
صبحكم أو مساكم ثم يقول:
495

' بعثت أنا والساعة كهاتين '.
وأشار بإصبعه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم يقول:
' إن أفضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها
وكل بدعة ضلالة من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي '.
لفظ حديث ابن أبي أويس.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سليمان بن بلال.
1741 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن
أبان بن صالح عن كريب عن ابن عباس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خطب يوما فقال:
' إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ به من شرور أنفسنا
ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله
إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله
ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله.
1742 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] خطب يوما فقال في خطبته: ' إلا أن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر
والفاجر ألا وان الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر ألا وان الخير كله بحذافيره
في الجنة ألا وان الشر كله بحذافيره في النار ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر
واعلموا أنكم تعرضون على أعمالكم:
* (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) *.
496

الجزء السادس عشر
323 - [باب]
ما يكره من الكلام في الخطبة
1743 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد العزيز بن رفيع عن
تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم قال خطب رجل عند رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال:
من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' اسكت فبئس الخطيب أنت '.
ثم قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى. ولا تقل ومن
يعصهما '.
1744 - أخبرناه أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور
القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم / أخبرنا وكيع بن الجراح قال
حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع فذكر بإسناده وقال: فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
497

' فبئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسول فقد غوى '.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير عن وكيع.
1745 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وقال رجل لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]: ما شاء الله وشئت. فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أمثلان قل ما شاء الله ثم شئت '.
قال الشافعي:
وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية لأن طاعة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ومعصيته تبع لطاعة
الله ومعصيته لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله فأمر بها رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] فجاز أن يقال من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله [لما وصفت]
والمشيئة إرادة الله.
وقال الله:
* (وما تشاءون إلا أن يشا اءلله) *.
فأعلم الله خلقه أن المشيئة له دون خلقه وان مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله
فيقال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما شاء الله ثم شئت. ولا يقال:
ما شاء الله وشئت. ويقال: من يطع الله ورسوله على ما وصفت فإن الله تعبد
العباد بأن فرض طاعة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فإذا أطيع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقد أطيع الله بطاعة
رسوله.
وقال الشافعي في سنن حرملة:
أخبرنا سفيان أخبرنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال:
اتى رجل إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال إني رأيت في المنام أني لقيت بعض اليهود فقال
498

لي: نعم القوم أنتم لولا انكم تزعمون أنا نشرك. وأنتم تشركون تقولون: ما شاء الله
وشاء محمد.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' والله إني كنت لأكرهها لكم قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد '.
1746 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن
محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سفيان بن
عيينة فذكره بإسناد ومهعناه.
1747 - أخبرناه / أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال
وأحب أن يخلص الإمام الخطبة بحمد الله والصلاة على رسوله [صلى الله عليه وسلم] والعظة والقراءة لا
يزيد على ذلك.
1748 - أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال:
قلت لعطاء: الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
أو عن من بعد النبي [صلى الله عليه وسلم]؟ فقال: لا إنما أحدث. إنما كانت الخطبة تذكيرا.
قال الشافعي:
فإن دعا لأحد بعينه أو على أحد كرهته ولم يكن عليه إعادة.
قال الشافعي في آداب الخطبة:
وأحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا.
قال أحمد:
وروينا عن جابر بن سمرة قال: كنت أصلي مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فكانت صلاته
قصدا وخطبته قصدا.
499

وروينا عنه أيضا أنه قال:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرة.
وروينا عن عمار بن ياسر:
سمع النبي [صلى الله عليه وسلم] يقول:
' إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا
الخطبة '.
وهكذا استحب الشافعي في القديم أن يكون كلامه خفيفا وصلاته أطول من
كلامه.
وروينا عن عائشة أنها قالت:
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لا يسرد الكلام كسردكم هذا كان كلامه فصلا بينا يحفظه
كل من سمعه.
324 - [باب]
الإنصات للجمعة
1749 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قلت لصاحبك انصت والإمام يخطب فقد لغوت '.
500

1750 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا
المزني حدثنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن
ابن شهاب. فذكره بإسناده ومتنه مثله.
/ أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث عقيل عن ابن شهاب.
1751 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي (ح) وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا
المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قلت لصاحبك انصت فقد لغوت بذلك '.
والإمام يخطب يوم الجمعة.
لفظ حديث المزني هكذا رواه الزعفراني عن الشافعي عن مالك عن أبي الزناد
بهذا اللفظ.
وكذلك رواه (......).
1752 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة.
1753 - وأخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن
أبي عمر حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغيت '.
قال أبو الزناد: وإنما هي لغة أبي هريرة وإنما هو لغوت لفظ حديث ابن أبي
عمر.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
501

1754 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي
هند عن حرب بن قيس عن أبي الدرداء قال:
جلس رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يوما على المنبر فخطب الناس فتلا آية وإلى جنبي أبي بن
كعب فقلت له: يا أبي متى أنزلت هذه الآية؟ قال: فأبى أن يكلمني ثم سألته فأبى أن
يكلمني حتى إذا نزل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال لي: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت. قال:
فلما انصرف رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جئته فأخبرته فقلت له: يا رسول الله:
إنك تلوت آية وإلى جنبي أبي بن كعب فسألته متى أنزلت هذه فأبى أن يكلمني
حتى نزلت زعم أبي انه ليس لي من جمعتي إلا ما / لغوت قال فقال:
' صدق أبي فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف '.
ورويناه في كتاب السنن بإسناد صحيح عن عطاء بن يسار عن أبي ذر أنه قال
ذلك لأبي.
وروي من وجه آخر عن عطاء عن أبي الدرداء أو أبي بن كعب وجعل القصة
بينهما.
وقيل: من وجه آخر عن أبي هريرة بين أبي ذر وأبي.
وقيل: من وجه آخر عن جابر بن عبد الله.
وقيل: بين ابن مسعود وأبي.
وقيل: غير ذلك وهذا الاختلاف إنما هو في أيهم صاحب القصة واتفقت
الروايات على تصديق النبي [صلى الله عليه وسلم] قائله.
وفي حديث حرب بن قيس الزيادة التي ذكرناها.
وقد ذكر الشافعي في كتاب حرملة:
أن بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال للمتكلم يوم الجمعة '
لا جمعة لك. فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]: ' صدق '.
502

ولم يأمره بإعادة فدل على أن ذلك لا اجر للجمعة لك.
1755 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي النضر عن مالك بن أبي عامر:
أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قل ما يدع ذلك إذا خطب: إذا قام
الإمام يخطب يوم الجمعة فاسمعوا وانصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ
مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فأعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن
اعتدال الصفوف من تمام الصلاة.
ثم لا يكبر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد
استوت فيكبر.
325 - [باب]
من لم يسمع الخطبة
1756 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا
إبراهيم عن هشام عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يذكر الله في نفسه بتكبير وتهليل
وتسبيح.
1757 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال: لا اعلم إلا أن منصورا
ابن المعتمر أخبرني انه سأل إبراهيم القراء والإمام / يخطب يوم الجمعة وهو لا
يسمع الخطبة فقال:
عسى أن لا يضرك.
326 - [باب]
الكلام في حال الخطبة
1758 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
503

وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له ولم يكن عليه إعادة ألا ترى أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] كلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق على المنبر وكلموه وتداعوا قتله.
وان النبي [صلى الله عليه وسلم] كلم الذي لم يركع وكلمه.
قال أحمد:
أما حديث سليك الغطفاني الذي كلمه النبي [صلى الله عليه وسلم] وكلم النبي [صلى الله عليه وسلم] فقد مضى
بإسناد الشافعي.
واما حديث ابن أبي الحقيق:
فقد ذكر الشافعي إسناده في كتاب القديم فقال:
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أبي بن كعب بن مالك:
أن الرهط الذي بعثهم النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى ابن أبي الحقيق ليقتلوه بخيبر فقتلوه فقدموا
والنبي [صلى الله عليه وسلم] على المنبر يوم الجمعة فلما رآهم قال:
' أفلحت الوجوه ' قالوا: أفلح وجهك يا رسول الله قال: ' اقتلتموه '. قالوا:
نعم.
1759 - أخبرناه أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ أخبرنا محمد بن
شادل بن علي حدثنا أبو مروان حدثنا إبراهيم بن سعد فذكره بإسناده ومعناه.
وزاد: فدعا بالسيف الذي قتل به وهو قائم على المنبر فسله فقال رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' أجل هذا طعامه في ذباب السيف '.
وهذا وإن كان مرسلا فهو مشهور فيما بين أهل العلم بالمغازي.
وروي من وجه آخر موصولا عن عبد الله بن أنيس.
واحتج الشافعي في القديم بحديث أنس بن مالك في الرجل الذي قام إلى
504

رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في يوم جمعة وهو يخطب فقال:
يا رسول الله: هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله.
وذلك مذكور في كتاب الاستسقاء.
واحتج بحديث عثمان بن عفان حيث دخل يوم الجمعة وعمر بن الخطاب على
المنبر فقال: ما حبسك؟
فقال: كنت بالسوق.
وقد مضى بإسناد / الشافعي في كتاب الطهارة.
1760 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي:
فإن قيل: فما قول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فقد لغوت '؟
قيل: الله اعلم. فأما ما وصفت من كلام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وكلام من كلم رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] بكلامه فيدل على ما وصفت وان الإنصات للإمام اختيار وان قوله ' لغوت '
تكلمت في موضع الأدب أن لا يتكلم والأدب في موضع الكلام أن يتكلم بما يعنيه.
وقال له في رواية حرملة:
أفرأيت حديث أبي هريرة ايخالف حديث جابر وأبي سعيد؟
قال الشافعي:
لا يختلفان هذا كلام النبي [صلى الله عليه وسلم] وأمره وكلام من كلمه يأمر في الصلاة وفي قتل
من قتل بكلام الإمام في هذا وكلام من كلمه غير كلام رجل ليس بإمام كلام آخر مثله
ومن قال: انصت وليس له ولا عليه من الأمر والنهي ما للإمام وعليه.
وما على المأموم الذي يكلمه الإمام وإذا تكلم المأموم والإمام يخطب فلا أحب
ذلك له ولا تنتقض عليه جمعته وأكثر ما يصيبه من هذا أن يبطل عنه اجر من استمع
الخطبة.
فإذا كان لو فاتته الخطبة أجزأته الجمعة ولو أدرك ركعة أضاف إليها أخرى فكيف
505

تفسد صلاته بالكلام في استماع الخطبة.
1761 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما
بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن منهال عن عباد بن عبد الله:
أن عليا كان يخطب على منبر من آجر فجاء الأشعث بن قيس وقد امتلأ
المسجد وأخذوا مجالسهم فجعل يتخطى حتى دنا.
وقال: غلبتنا عليك هذه الحمراء.
فقال علي رضي الله عنه:
ما بال هذه الفتية طرة يتخلف أحدهم...
قال: ثم ذكر كلاما.
قال الشافعي:
قد تكلم الأشعث فلم ينهه علي وتكلم علي.
1762 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع وأخبرنا الشافعي أخبرنا
إبراهيم بن محمد عن هشام بن حسان - أظنه عن الحسن - قال:
لا بأس أن يسلم ويرد عليه / والإمام يخطب يوم الجمعة.
قال: وكان ابن سيرين يرد إيماء ولا يتكلم.
1763 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن عن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا عطس الرجل والإمام يخطب يوم الجمعة فشمته '.
قال أحمد:
هذا منقطع وقد قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم
لأن رد السلام فرض ولو عطس يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت
سنة.
506

وقال في القديم:
ويستمعون الخطبة ولا يشمتون عاطسا ولا يردون سلاما إلا بالإيماء وقوله
الجديد أصح. والله أعلم.
327 - [باب]
استئذان من أحدث إمامه في الخروج
روينا عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] مرسلا أنه قال:
' إذا احدث أحدكم يوم الجمعة فليمسك على انفه ثم ليخرج '.
هكذا رواه الثوري وغيره عن هشام مرسلا.
1764 - وقد حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني الحافظ
أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمود بن
غيلان حدثنا الفضل بن موسى حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا احدث أحدكم وهو في الصلاة فليأخذ على انفه فلينصرف '.
1765 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل
الشعراني حدثنا جدي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا الفضل بن موسى فذكره غير أنه قال:
' في صلاته فليأخذ على انفه ولينصرف فليتوضأ '.
تابعه ابن جريج وعمر بن علي عن هشام في وصله وفيه دلالة على أن ليس عليه
أن يستأذن الإمام بعد الحدث وأراد أن يخرج وان قول الله عز وجل:
* (وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه) *. خاص في
الحرب ونحوها.
507

/ 328 - [باب]
الأمير يموت أو يعزل أو يغيب ولم يستخلف
قال الشافعي:
صلى لهم الجمعة بعضهم وكذلك العيد.
1766 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى أبي أزهر قال:
شهدت العيد مع علي وعثمان محصور.
قال الشافعي في القديم:
ولم نعلم عثمان أمره بذلك.
329 - [باب]
الجمعة خلف العبد والغلام لم يحتلم
1767 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
لا بأس أن يصلي العبد الجمعة والعيدين. قد كان صلى بالناس بالربذة في
زمان عثمان بن عفان الجمعة وغيرها وإنما كان واليا على الحمى والربذة لا على
الحكم.
1768 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا
أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن طريف البجلي حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي
عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر انه خرج إلى الربذة وعلى الماء
عبد حبشي فأقيمت الصلاة فقيل أبو ذر فنكص العبد فقال له أبو ذر: تقدم أن
خليلي [صلى الله عليه وسلم] أوصاني أو اسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف. وذكر
الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس
قال الشافعي:
508

في إسناد أبي سعيد في كتاب الجمعة: ولا أرى الجمعة تجزي خلف الغلام لم
يحتلم. والله أعلم.
قال أحمد:
وروينا عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس
قال:
لا يؤم الغلام حتى يحتلم.
1769 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الحسن بن علي بن عفان
حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي يحيى. فذكره.
وقال الشافعي في الإملاء:
أكره إمامته وإن أم في جمعة أو غيرها فلا إعادة.
قال أحمد:
وقد مضى في هذا حديث عمرو بن سلمة في كتاب الصلاة.
/ قال الشافعي:
ولا تجوز إمامة المرأة الرجال لما قصر بهن فيه عن الرجال ولما كان من سنة
النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم الإسلام أن تكون متأخرة خلف الرجال ولم يجز أن تكون متقدمة بين
أيديهم.
وبسط الكلام في هذا.
330 - [باب]
الصلاة في مسجدين أو أكثر
1770 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال:
فإذا كان مصر عظيم رأيت أن يصلي الجمعة في مسجد الأعظم وذلك أن رسول
الله [صلى الله عليه وسلم] ومن بعده كانوا يصلون الجمعة في مسجد النبي [صلى الله عليه وسلم] وبالمدينة وحول المدينة
509

في العوالي وغيرها - أظنه قال: - مساجد لا يعلم منه أحد اجمع إلا في مسجد
النبي [صلى الله عليه وسلم].
قال أحمد:
وفيما روى ابن لهيعة عن بكير بن الأشج قال حدثني أشياخنا انهم كانوا يصلون
في تسعة مساجد في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهم يسمعون اذان بلال فإذا كان يوم الجمعة
حضروا مسجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم].
1771 - أنبأنيه أبو عبد الله عن أبي الوليد حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا
يحيى بن يحيى أخبرنا ابن لهيعة فذكره.
وقال أبو بكر بن المنذر:
روينا عن ابن عمر انه كان يقول:
لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي فيه الإمام.
331 - [باب]
التبكير إلى الجمعة
1772 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد [قالوا]: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي
هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون
الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة
والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي / يليه
كالمهدي كبشا '.
حتى ذكر الدجاجة والبيضة.
510

رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
قال الشافعي في رواية حرملة والمزني:
قد خولف سفيان في إسناد هذا الحديث ابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد بن
إبراهيم قالا:
حدثنا الزهري عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة.
1773 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا
المزني حدثنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب
عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: فذكر بمعناه.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب واخرجه مسلم من
حديث يونس بن يزيد عن الزهري.
قال الشافعي في رواية المزني وحرملة:
واثنان أولى بالحفظ من واحد إلا أن يكون ابن شهاب رواه عنهما جميعا.
قال أحمد:
وكان البخاري - رحمه الله - ذهب إلى الترجيح بكثرة الرواة فأخرج حديث
إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة والأغر عن أبي هريرة.
وحديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.
ولم يخرج حديث سفيان بن عيينة.
وذهب مسلم بن الحجاج إلى الاحتمال بأن يكون الزهري.
رواه عن سعيد كما رواه عن الأغر.
1774 - وقد أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا
يعقوب بن سفيان حدثنا أبو بكر الحميدي قال قال سفيان: سمعت الزهري وحفظته
منه عن سعيد أخبره عن أبي هريرة قال قال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد '.
فقيل لسفيان: إنهم يقولون في هذا الحديث: الأغر فقال: ما سمعت الزهري
ذكر الأغر قط.
511

ما يقوله الا عن سعيد انه اخبره عن أبي هريرة.
1775 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن
إسحاق أخبرنا محمد بن أحمد البراء قال قال علي بن المديني /: حديث أبي هريرة:
' مثل المهجر إلى الجمعة '.
قال: رواه معمر وأصحاب الزهري عن الزهري عن الأغر عن أبي هريرة الا أن
ابن عيينة روى عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة وجميعا صحيح.
1776 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان
حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان فذكر هذا الحديث.
قال علي: فقلت لسفيان: فإن معمرا يقول: حدثني الزهري عن الأغر عن أبي
هريرة فقال:
(..........) من الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
قال علي: قلت لسفيان: فإن ابن مجمع رواه عن الأغر وسعيد بن المسيب
- يعني عن الزهري - عنهما.
1777 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سمي عن أبي صالح السمان
عن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية
فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا اقرن ومن راح في
الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا
خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر '.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك واخرج مسلم
بعض معناه من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه.
512

ورأيت في بعض نسخ المختصر هذا المتن مربوطا على إسناد سفيان بن سعيد
في الحديث الأول.
ورأيت في بعضها قد ضرب على إسناده لأن الصحيح ما ذكرنا في رواية الربيع
وقد ذكره المزني في غير المختصر كما ذكره الربيع.
1778 - أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أخبرنا عبد الله بن محمد بن
جعفر الأصفهاني حدثنا عبدان وابن أبي عاصم وحسين بن هارون قالوا: حدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي / قال حدثني حسان بن عطية قال
حدثني أبو الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا وانصت كان له بكل
خطوة عمل سنة اجر صيامها وقيامها '.
أخرجه أبو داود في السنن.
قلت: وقوله: ' غسل ' يعني: غسل رأسه.
وقوله: ' واغتسل ' يعني: جسده.
وروينا هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز الشامي.
وهو بين في رواية أبي هريرة عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ثم في رواية ابن عباس.
وإنما افرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن أو الخطمي أو غيرهما.
فكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون.
332 - [باب]
المشي إلى الجمعة
قال الله عز وجل:
* (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) *.
513

1779 - أخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال:
ما سمعت عمر قط يقرأها إلا: فامضوا إلى ذكر الله.
زاد أبو سعيد في روايته:
قال الشافعي:
السعي في هذا الموضع العمل لا السعي على الأقدام.
قال الله عز وجل:
* (إن سعيكم لشتى) * وقال * (ومن أراد الآخرى وسعى لها سعيها وهو
مؤمن) *.
وقال: * (وكان سعيكم مشكورا) *.
وقال: * (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) *.
وقال: * (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها) *.
وقال زهير:
* سعى بعدهم قوم لكي يدركوهم
* فلم يدركوهم ولم يلاموا ولم يألموا
*.
1780 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني
حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وإسحاق أبي
عبد الله اخبراه انهما سمعا أبا هريرة يقول: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون واتوها وعليكم السكينة فما أدركتم
514

فصلوا وما فاتكم فأتموا فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة '.
1781 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد بن قال حدثني عبد الله بن عبد
الرحمن بن جابر بن عتيك عن جده جابر بن عتيك صاحب النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: إذا خرجت
إلى الجمعة فامش على هينتك.
1782 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه سمع الإقامة وهو بالبقيع
فأسرع المشي إلى المسجد.
قال الربيع في رواية أبي سعيد:
فقلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة.
قال الشافعي:
فإن كنتم إنما كرهتموه لقول النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة '.
فقد أصبتم وهكذا كان ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
وذكر كلاما آخر في هذا المعنى على المالكيين.
1783 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وذكر
حديث النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة '.
قال: يذهب في آخر تعمده الصلاة.
قال: وهكذا في الرجل إذا خرج إلى الصلاة فلا يشبك بين أصابعه.
1784 - أخبرناه أبو زكريا ابن أبي إسحاق وأحمد بن الحسين القاضي قالا:
حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك داود بن
515

قيس عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة حدثه عن أبي ثمامة أن كعب بن عجرة
حدثه عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' إذا توضأ أحدكم ثم خرج إلى المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في
صلاة '.
أخرجه أبو داود / في كتاب السنن من حديث أبي عامر العقدي عن داود بن
قيس ورواه الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي ثمامة قال:
خرجت وأنا أريد الصلاة وانا أشبك بين أصابعي فقال لي كعب بن عجرة: لا
تشبك بين أصابعك فإن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أن نشبك بين اصابعنا في الصلاة. فقلت:
إني لست في الصلاة. قال: أليس قد توضأت وخرجت تريد الصلاة فأنت في
صلاة.
قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم:
فأحب له في العمد لها من الوقار مثل ما أحب له فيها.
333 - [باب]
تخطي رقاب الناس
1785 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي:
واكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب وقد
روي عن الحسن مرسلا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له رسول
الله [صلى الله عليه وسلم]:
' آنيت وآذيت '.
قال: وروي عن أبي هريرة أنه قال:
ما أحب ترك الجمعة ولي كذا ولأن اصليها بظهر الحرة أحب إلي من أن أتخطى
رقاب الناس.
516

قال أحمد:
أما الرواية فيه عن النبي [صلى الله عليه وسلم] فقد روي ذلك موصولا.
1786 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم
الصيدلاني حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن ابن الزاهرية عن عبد الله بن بشر:
جاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب فقال له:
' اجلس فقد آذيت وأتيت '.
وقد أخرجه أبو داود في السنن.
وأما رواية الحسن مرسلا:
1787 - فأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكارزي أخبرنا
علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد حدثنا هشيم أخبرنا منصور ويونس عن الحسن:
أن رجلا جاء يوم الجمعة ورسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب فجعل يخطو رقاب الناس /
حتى صلى مع النبي [صلى الله عليه وسلم].
فلما فرغ من صلاته قال:
أما جمعت يا فلان؟ فقال يا رسول الله:
أما رأيتني جمعت معك. فقال:
' رأيتك آذيت وآنيت '.
وأما الرواية فيه عن أبي هريرة:
1788 - فأخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد
الدارمي حدثنا ابن بكير حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عبد
الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن من حدثه عن أبي هريرة انه كان
يقول:
517

لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب
جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والإمام يخطب.
334 - [باب]
الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة
قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى:
* (إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا) *.
1789 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا '.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله بن عمر.
1790 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبي محمد عن ابن عمر أن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يعمد الرجل إلى الرجل فيقيمه من مجلسه ثم يقعد فيه '.
1791 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج
قال سليمان بن موسى عن جابر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل أفسحوا '.
518

قال أحمد:
حديث سليمان بن موسى عن جابر مرسل.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده / فيقعد فيه ولكن
يقول: أفسحوا '.
1792 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا قام أحدكم من مجلسه يوم الجمعة ثم رجع إليه فهو أحق به '.
لم يذكر أبو سعيد قوله: ' يوم الجمعة '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي عوانة عن سهيل بن أبي صالح. دون
قوله: ' يوم الجمعة '.
335 - [باب]
الاحتباء والإمام على المنبر
1793 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو وحدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا اتهم عن نافع عن ابن عمر:
انه كان يحتبي والإمام يخطب يوم الجمعة.
519

قال أحمد:
قد رويناه عن غير واحد من الصحابة والتابعين.
والذي روي في حديث معاذ بن أنس أن النبي [صلى الله عليه وسلم] نهى عن الحبوة يوم
الجمعة.
فهو إن ثبت فلما فيه من اجتلاب النوم وتعريض الطهارة للانتقاض. فإذا لم
يخش ذلك فلا بأس بالاحتباء.
336 - [باب]
النعاس في المسجد يوم الجمعة
1794 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال:
كان ابن عمر يقول للرجل إذا نعس يوم الجمعة والإمام يخطب أن يتحول
منه.
قال أحمد:
وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا
والموقوف أصح.
1795 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا
محمد بن الجهم حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال
قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول إلى غيره '.
وكذلك روي عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن يحيى بن سعيد عن
نافع مرفوعا.
520

337 - [باب]
من اسمع الناس تكبير الإمام
1796 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
ولا / أعلم التسبيح في التكبير والسلام في الصلاة إلا محدثا ولا أراه قبيحا مما
احدث إذا أكثر الناس.
قال: والمحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما: ما احدث يخالف كتابا أو سنة أو اثرا أو اجماعا فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما احدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير
مذمومة.
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه - يعني -
أنها محدثة (..........) كانت فليس فيها رد لما مضى.
قال أحمد:
قد روينا في حديث مرض النبي [صلى الله عليه وسلم] وصلاتهم خلفه.
قال: وأبو بكر يسمع الناس تكبيره. فصار هذا أصلا لما احدث في الجمعة،
والله أعلم.
338 - [باب]
الإمام ينصرف إلى منزله فيركع فيه أو يفصل بين الفريضة والتطوع بكلام أو غيره
1797 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه حدثنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني
حدثنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أخبرنا ابن جريج
أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير ارسله إلى السائب بن يزيد بن
أخت نمر يسأله عن شيء رآه من معاوية في الصلاة.
فقال: نعم صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة فلما سلمت قمت في
521

مقامي فصليت فلما دخل ارسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا
تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن نبي الله [صلى الله عليه وسلم] أمر بذلك أن لا توصل صلاة
بصلاة حتى تتكلم أو تخرج.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج.
قال الشافعي في سنن حرملة:
هذا ثابت عندنا وبه نأخذ وهذا في مثل ما روي عن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
انه مر برجل يصلي ركعتي الفجر حين أقيمت الصلاة فقال:
' اصلاتان معا '؟.
كأنه أحب أن يفصلها منها حتى تكون المكتوبات منفردات مع السلام يفصل
بعد السلام.
وقد روي أن النبي [صلى الله عليه وسلم]:
اضطجع بعد ركعتي الفجر.
1798 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا / شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني قال
قرأنا على الشافعي عن سفيان عن عمر [بن] عطاء عن ابن عباس انه كان يأمر إذا
صلى المكتوبة فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم وربما حدثه
فقال:
إذا صلى أحدكم المكتوبة ثم أراد أن يصلي بعدها فلا يصلي حتى يتقدم أو
يتكلم.
قال أحمد:
522

وقد روينا عن ابن عمر في تطوع النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته.
1799 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ فيما قرأنا عليه من أصله وأبو سهل
أحمد بن محمد بن إبراهيم المهراني المزكي قالا: حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا
أحمد بن عبد الحميد الحارثي حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي
هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من كان منكم مصليا فليصل بعد الجمعة أربعا '.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وغيره.
1800 - أخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف علي قال حدثنا
أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي
حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه قال:
من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات....
وحمل الشافعي قول الله عز وجل:
* (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) *.
على الإباحة لما كان محظورا عليهم بقوله:
* (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) * الآية.
واستدل عليه بأن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كان يدخل بيته بعد الجمعة فيصلي فيه.
قال: وبلغنا انه جلس لوفد قدموا ولم يبلغنا انه انتشر في الأرض لطلب تجارة
بعد مهاجره.
523

339 - [باب]
الهيئة للجمعة
1801 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه رأى خلفه سيراء عند باب المسجد فقال:
يا رسول الله لو اشتريت / هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة '.
ثم جاء رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر:
يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إني لم اكسكها لتلبسها '.
فكساها عمر أخا له مشركا بمكة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
1802 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال
في جمعة من الجمع:
' يا معشر المسلمين أن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان
عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك '.
524

قال أحمد:
هذا مرسل وقد روي عن مالك عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ولا يصح
وصله.
والصحيح عن سعيد المقبري عن أبيه عن [ابن وديعة] عن سلمان الفارسي
قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب
ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام انصت غفر له ما بينه
وبين الجمعة الأخرى '.
1803 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني
الحسن بن سفيان حدثنا حبان أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا محمد بن عبد
الرحمن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري. فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان عن عبد الله.
ورواه صالح بن كيسان عن سعيد المقبري أن أباه حدثه أن أبا هريرة قال قال
رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' إذا كان يوم الجمعة اغتسل الرجل وغسل رأسه ثم تطيب من أطيب طيبه ولبس
من صالح ثيابه ثم خرج إلى الصلاة ولم يفرق بين اثنين ثم استمع إلى الإمام غفر له ما
بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام '.
1804 - / أخبرناه أبو الحسن المقري بن الحماني أخبرنا أحمد بن سلمان
حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي حدثنا عبد العزيز الأويسي حدثنا سليمان عن صالح
فذكره.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة وأبي سعيد.
525

1805 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق حدثنا علي بن
عبد العزيز حدثنا حجاج بن منهاك حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن
محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأبي سعيد أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من اغتسل يوم الجمعة واستاك ولبس أحسن ثيابه وتطيب بطيب إن وجده ثم
جاء ولم يتخطى رقاب الناس فصلى ما شاء الله أن يصلي فإذا خرج الإمام سكت
فذلك كفارة إلى الجمعة الأخرى '.
تابعه إسماعيل بن علية وغيره عن ابن إسحاق.
وروينا عن ابن عمر انه كان يقلم أظافره ويقص شاربه كل جمعة.
1806 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
وأحب للإمام من حسن الهيئة ما أحب للناس وأكثر منه وأحب لو اعتم فإنه كان
يقال: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يعتم ولو ارتدى بردا فإنه يقال: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يرتدي ببرد
كان أحب إلي.
1807 - أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز وأبو بكر محمد بن إبراهيم قال:
أخبرنا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا وكيع عن
مساور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أن النبي [صلى الله عليه وسلم] خطب الناس وعليه
عمامة سوداء.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
ورواه أبو أسامة عن مساور. وزاد فيه: قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
1808 - وحدثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد أخبرنا أبو الوليد
526

حسان بن محمد القرشي حدثنا محمد بن المغيرة حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا
حفص بن غياث عن الحجاج عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال:
كان للنبي [صلى الله عليه وسلم] برد يلبسها في العيدين والجمعة.
340 - [باب]
/ التشديد في ترك الجمعة
1809 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن
إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه أو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]
قال:
' من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل '.
قال الشافعي:
في بعض الحديث ثلاثا.
1810 - وبهذا الإسناد عن جماعتهم أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني
محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري عن
النبي [صلى الله عليه وسلم] أنه قال:
' لا يترك أحد الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا طبع الله على قلبه '.
تابعه إسماعيل بن جعفر ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن عمرو.
1811 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن كيسان عن عبيدة بن سفيان
قال سمعت عمرو بن أمية الضمري يقول لا يترك رجل مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها لا
يشهدها إلا كتب من الغافلين.
527

قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاونا كان قد تعرض شرا إلا أن يعفوا
الله عنه.
341 - [باب]
ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها
1812 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي
قال بلغنا عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإني أبلغ واسمع '.
وقال: ' وتضعف فيه الصدقة وليس مما خلق الله من شيء فيما بين السماء
والأرض - يعني غير ذي روح - إلا وهو ساجد لله في عشية الخميس ليلة الجمعة حتى يصبح يوم الجمعة فإذا أصبحوا فليس من ذي روح إلا روحه في حنجرته مخافة إلى أن
تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أمنت الدواب وكل شيء كان فزعا منها غير
الثقلين '.
/ قال وبلغنا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أقربكم مني في الجنة أكثركم صلاة علي فأكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء
واليوم الأزهر '.
يعني والله أعلم: يوم الجمعة - يعني قوله أقربكم مني فقد رويناه عن ابن
مسعود مرفوعا.
واما الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإنما بلغنا بإسناد ضعيف عن ابن
عباس مرفوعا والله أعلم.
قد خرجناهما في غير هذا الموضع.
528

1813 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا
الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرنا صفوان بن سليم أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال:
' إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي '.
1814 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني عبد الله بن عبد
الرحمن بن معمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة '.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد:
وبلغنا انه من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال.
قال الشافعي:
وأحب كثرة الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] في كل حال واما في يوم الجمعة وليلتها أشد
استحبابا.
وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها.
قال أحمد:
قد روينا عن أنس بن مالك وأبي أسامة في فضل الصلاة على النبي [صلى الله عليه وسلم] ليلة
الجمعة ويوم الجمعة أحاديث.
وأصح ما روي فيها حديث أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال قال
رسول الله:
' إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه
الصعقة فأكثروا علي الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي '.
529

قالوا يا رسول الله: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت؟
يقولون: قد بليت.
قال:
' إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء '.
1815 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس / حدثنا أحمد بن عبد
الحميد الحارثي حدثنا حسين بن علي الجعفي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن
أبي الأشعث فذكره.
1816 - وأخبرناه أبو علي الروذباري في كتاب السنن أخبرنا أبو بكر بن داسة
حدثنا أبو داود حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي فذكره.
إلا أنه لم يقل: أن تأكل.
وروينا عن أبي الدرداء أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال '.
1817 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا محمد بن إسحاق
الصغاني حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي
الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء عن النبي [صلى الله عليه وسلم]. فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث همام وهشام هكذا.
واخرجه من حديث شعبة عن قتادة وقال من آخر الكهف.
وروينا عن أبي سعيد الخدري أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين '.
530

342 - [باب]
ما جاء في الجمعة
1818 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ذكر يوم الجمعة فقال:
' فيه ساعة لا يوافقها إنسان مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه
إياه '.
وأشار النبي [صلى الله عليه وسلم] بيده يقللها.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
1819 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن
إبراهيم عن أبي سلمة أن أبي هريرة قال قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:
' خير يوم طلعت / فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط وفيه تيب
عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين
تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها
عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه '.
قال أبو هريرة قال عبد الله بن سلام:
هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت: وكيف تكون آخر ساعة وقد قال
النبي [صلى الله عليه وسلم] لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك الساعة لا يصلي فيها؟
فقال ابن سلام: ألم يقل النبي [صلى الله عليه وسلم]:
531

من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي؟
قال فقلت: بلى. قال: فهو كذلك.
1820 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا عبد
الله بن محمد بن عقيل عن عمرو بن شرحبيل بن سعد عن أبيه عن جده:
أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال: يا رسول الله: أخبرنا عن الجمعة
ماذا فيها من الخير؟ فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' فيه خمس خلال: فيه خلق آدم وفيه اهبط الله آدم إلى الأرض وفيه توفى الله
آدم وفيه ساعة لا يسأل الله العبد شيئا إلا آتاه إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم. وفيه
تقوم الساعة وما من ملك مقرب ولا سماء ولا ارض ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم
الجمعة '.
1821 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني
موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن
عمير انه سمع أنس بن مالك قال:
اتى جبريل عليه السلام بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]
' ما هذه '؟ قال: هذه الجمعة: فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم فيها تبع اليهود
والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب
له وهو عندنا يوم المزيد.
فقال النبي [صلى الله عليه وسلم]:
' يا جبريل وما يوم المزيد '.
/ فقال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثيب من مسك فإذا كان
532

يوم الجمعة انزل الله ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين
[والصديقين] وحفت تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها
الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله عز وجل:
' أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني اعطكم '.
فيقولون ربنا نسألك رضوانك. فيقول:
قد رضيت عنكم ولكم عندي ما تمنيتم ولدي مزيد. فهم يحبون يوم الجمعة
لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش.
وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة.
1822 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني أبو عمران
إبراهيم بن الجعد عن أنس شبيها به وزاد عليه ولكم فيه خير من دعا فيه بخير هو له
قسم له اعطيه وان لم قسم له دخر له ما هو خير منه.
وزاد فيه أيضا أشياء.
1823 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي رحمه الله أخبرنا إبراهيم بن محمد
حدثنا عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال:
' سيد الأيام يوم الجمعة '.
1824 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني
أبي أن ابن المسيب قال: أحب الأيام إلي أن أموت فيه ضحى يوم الجمعة.
قال أحمد:
هذه الآثار قد رواها أيضا غير إبراهيم بن محمد.
533

ولم يتفرد إبراهيم بمنكر (......).
روي غير ثقة وكان الراوي عنه غير ثقة.
كذلك أبو أحمد بن عدي الحافظ.
فيما أخبرنا أبو سعد الماليني عنه.
وقوله في الحديث وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش يعني والله
أعلم:
وهو اليوم الذي فعل ربك في العرش فعلا سماه استواء وقد حكينا فيه قول
السلف والخلف في كتاب الأسماء والصفات.
[تم المجلد الثاني من معرفة السنن والآثار للبيهقي
بتوفيق الله وعونه فله الحمد كله ويليه - أن شاء الله -
المجلد الثالث وأوله (كتاب صلاة الخوف)]
وكان الفراغ منه في:
إذان العصر يوم 1990 / 8 / 25 م
محققه: أبو اسلام
سيد كسروي حسن
القاهرة / المطرية
534