الكتاب: صحيح ابن حبان
المؤلف: ابن حبان
الجزء: ١٤
الوفاة: ٣٥٤
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة
ردمك:
ملاحظات:

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان جزء 14
1

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الثانية
1414 ه‍ 1903 م
طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
مؤسسة الرسالة بيروت. شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة
هاتف. 3243. 6 - 815112 - ص. ب. 7460 برقيا. بيوشران
2

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان
تأليف
الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
المتوفى سنة 739 ه‍
المجلد الرابع عشر
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
شعيب الأرنؤوط
مؤسسة الرسالة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب التاريخ
1 - باب بدء الخلق
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة حدثنا أبو الربيع
الزهراني حدثنا المقرئ حدثنا حياة وذكر الساجي آخر معه قالا حدثنا
أبو هانئ الخولاني انه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول
سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" قدر الله المقادير قبل ان يخلق السماوات والأرض بخمسين الف
سنة (1) "
5

ذكر الإخبار عما عاتب الله جل وعلا من خالف
رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثبات الأقدار
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا محمد بن
كثير العبدي حدثنا سفيان عن زياد بن إسماعيل السهمي عن محمد بن
عباد المخزومي
عن أبي هريرة قال كان مشركو قريش عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخالفونه في القدر فنزلت هذه الآية ان المجرمين في ضلال
وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر انا كل
شئ خلقناه بقدر
6

ذكر الاخبار بأن الله جل وعلا كان
ولا شئ غيره
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن أشكاب
حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن حدثنا أبي عن الأعمش عن جامع بن
شداد عن صفوان بن محرز
عن عمران بن حصين قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
وناقتي معقولة بالباب إذ دخل عليه نفر من بنى تميم فقالوا
يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين ونسألك عن أول هذا الأمر
ما كان قال كان الله وليس شئ غيره وكان عرشه على
الماء ثم كتب في الذكر كل شئ ثم خلق السماوات والأرض
قال فجاء رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد انفلتت فإذا
السراب ينقطع دونها وأيم الله لوددت قال إني
كنت تركتها
7

ذكر الاخبار عما كان الله فيه قبل خلقه
السماوات والأرض
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري قال حدثنا الحجاج بن المنهال قال حدثنا حماد بن
سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس
8

عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول الله هل
نرى ربنا يوم القيامة قال هل ترون ليلة البدر القمر أو الشمس بغير
سحاب قالوا نعم قال فالله أعظم قلت يا رسول الله أين كان
ربنا قبل ان يخلق السماوات والأرض قال في عماء ما فوقه هواء
وما تحته هواء
9

قال أبو حاتم رضي الله عنه وهم في هذه اللفظة حماد بن
سلمة من حيث في غمام إن ما هو في عماء يريد به ان
الخلق لا يعرفون خالقهم من حيث هم إذ كان ولا زمان ولا مكان
ومن لا يعرف له زمان ولا مكان ولا شئ معه لأنه خالقها كان
معرفة الخلق إياه كأنه كان في عماء عن علم الخلق لا ان الله
كان في عماء إذ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين
ذكر الاخبار عما كان عليه العرش قبل خلق
الله جل وعلا السماوات والأرض
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن
10

عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي عن شيبان عن
الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن
عمران بن حصين قال قال إني
لجالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه قوم من بنى تميم فقالوا اقبلوا البشرى يا بنى تميم
قالوا قد بشرتنا يا رسول الله فأعطنا فدخل عليه ناس من أهل
اليمن فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم
قالوا قد قبلنا يا رسول الله جئنا لنتفقه في الدين ونسألك عن أول
هذا الأمر ما كان فقال كان الله ولم يكن شئ قبله وكان عرشه
على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل
شئ قال ثم أتاه رجل فقال يا عمران بن حصين راحلتك
أدركها فقد ذهبت فانطلقت اطلبها فإذا السراب ينقطع دونها
وأيم الله لوددت وثلاثمائة ذهبت ولم أقم
11

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن
يونس قال حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن ذكوان
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله
الخلق كتب في كتابه يكتبه على نفسه وهو مرفوع فوق العرش
ان رحمتي تغلب غضبى
12

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم وهو مرفوع فوق
العرش من ألفاظ الأضداد التي تستعمل العرب في لغتها يريد به
تحت العرش لا فوقه كقوله جلا وعلا وكان وراءهم ملك
(الكهف: 79) يريد به امامهم إذ لو كان وراءهم لكانوا قد
جاوزوه ونظير هذا قوله جل وعلا ان الله لا يستحيي ان يضرب
مثلا ما بعوضة فما فوقها أراد به فما دونها
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الخلق
أراد به لما قضى خلقهم
أخبرنا بن زهير قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا
معتمر قال سمعت أبي يحدث عن قتادة عن أبي رافع
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما قضى الله الخلق
كتب في كتاب عنده غلبت أو قال سبقت رحمتي غضبى
قال فهي عنده فوق العرش أو كما قال
13

ذكر البيان بأن كتبة الله الكتاب الذي
ذكرناه كتبه بيده
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر قال حدثنا
عيسى بن حماد قال أنبأنا الليث عن بن عجلان عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حين خلق الله
الخلق كتب بيده على نفسه الرحمة ان رحمتي غلبت غضبى
ذكر الاخبار عن خلق الله جل وعلا عدد الرحمة
التي يرحم بها عباده يوم القيامة
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا محمد بن
العلاء بن كريب قال حدثنا أبو معاوية حدثنا داود بن أبي هند عن
أبي عثمان
14

عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله خلق يوم خلق
السماوات والأرض مائة رحمة طباق ما بين السماوات والأرض
فجعل في الأرض منها رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها
والوحش بعضها بعضا وأخر تسعا وتسعين إلى
يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مئة
ذكر السبب الذي من أجله يكمل الله
هذه الرحمة يوم القيامة
أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسين قال حدثنا جدي
الحسن بن عيسى قال حدثنا بن المبارك قال حدثنا عبد الملك بن
أبي سليمان عن عطاء
15

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لله مائة
رحمة انزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم فبها
يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحوش على أولادها
وأخر تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة
ذكر الاخبار عن وصف بعض تعطف الوحش
على أولادها للجزء الواحد من أجزاء
الرحمة التي ذكرناها
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثنا يونس عن بن شهاب ان بن المسيب أخبره
أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جعل الله
جل وعلا الرحمة مائة جزء فأمسك عند تسعة وتسعين وأنزل في
16

الأرض جزاء واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع
الدابة حافرها عن ولدها خشية ان تصيبه
ذكر الاخبار بأن كل شئ بمشيئة الله جل وعلا
وقدرته سواء كان محبوبا أو مكروها
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم
عن طاوس اليماني قال أدركت ناسا من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل شئ بقدر فسمعت عبد الله بن عمر
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شئ بقدر حتى العجز والكيس
أو الكيس والعجز
17

ذكر الاخبار عن الأشياء التي قضى الله أسبابها
من غير أن يزيد عليها أو ينقص منها شيئا
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة قال حدثنا
هشام بن عمار قال حدثنا الوزير بن صبيح قال حدثنا يونس بن
ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغ الله إلى
كل عبد من خمس من رزقه وأجله وعمله وأثره ومضجعه
18

ذكر الاخبار بأن الله جل وعلا قد جعل
لقضاياه أسبابا تجرى لها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
عن إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا أيوب عن أبي المليح بن أسامة
عن أبي عزة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد
الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة
19

ذكر الاخبار عن استقرار الشمس في كل ليلة من ليالي الدنيا
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أبو عمار
الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي
عن أبيه
عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل
وعلا والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها
تحت العرش
20

ذكر وصف استقرار الشمس تحت
العرش كل ليلة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي
عن أبيه
عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أتدرون أين
تذهب الشمس قالوا الله ورسوله اعلم قال فإنها تجرى حتى
تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك
حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتطلع
طالعة من مطلعها ثم تجئ حتى تنتهى إلى مستقرها تحت
العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي
ارجعي من حيث جئت فترجع فتطلع طالعة من مطلعها ثم
تجئ حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة
فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت
21

فترجع فتطلع من مطلعها ثم تجرى لا يستنكر الناس منها شيئا،
حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فيقال لها ارتفعي
فاطلعي من مغربك فتطلع من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أتدرون متى ذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في ايمانها خيرا
22

قال أبو حاتم رضي الله عنه هكذا قال إسحاق عن
يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي والمشهور هذا الخبر عن
يونس بن خباب عن إبراهيم التيمي
ذكر الاخبار عن استقرار الشمس كل ليلة
تحت العرش واستئذانها في الطلوع
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا الملائي عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه
عن أبي ذر قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد
عند غروب الشمس فقال أتدرون أين تغرب الشمس فقلت
الله ورسوله أعلم قال تذهب حتى تنتهى تحت العرش عند
ربها ثم تستأذن فيؤذن لها وتوشك ان تستأذن فلا يؤذن لها
وتستشفع وتطلب فإذا كان ذلك قيل لها اطلعي من مكانك فهو
قوله والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز
24

العليم
ذكر الاخبار عما خلق الله جل وعلا
الملائكة والجان منه
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السرى قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من
نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما قد وصف لكم
25

ذكر وصف أجناس الجان التي عليها خلقت
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب
حدثنا بن وهب حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية حدير بن كريب عن جبير بن
نفير
عن أبي ثعلبة الخشني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
الجن على ثلاثة أصناف صنف كلاب وحيات وصنف يطيرون
في الهواء وصنف يحلون ويظعنون
26

ذكر البيان بأن الجن تقتل أولاد آدم
إذا شاءت أخبرنا بن قتيبة
أخبرنا يزيد بن موهب عن الليث عن
ابن عجلان عن صيفي بن سعيد مولى الأنصار أخبر به
عن أبي السائب قال أتيت أبا سعيد الخدري فبينا انا
جالس عنده سمعت تحت سريره تحريك شئ فنظرت فإذا حية فقمت
فقال أبو سعيد مالك قلت حية ها هنا قال فتريد ماذا قلت:
أريد قتلها قال فأشار إلى بيت في دار فعاينته فقال إن بن عم
لي كان في هذا البيت فلما كان يوم الأحزاب استأذن إلى أهله
وكان حديث عهد بعرس فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ان يذهب
بسلاحه فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت
فأشار إليها بالرمح فقالت لا تعجل علي حتى تنظر
ما أخرجني فدخل البيت فإذا حية منكرة فطعنها بالرمح ثم
خرج بها في الرمح ورواحل فقال لا أدري أيهما كان أسرع
موتا الرجل أم الحية فأتى قومه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ادع الله
ان يرد صاحبنا فقال استغفروا لصاحبكم ثم قال إن نفرا من
الجن بالمدينة قد أسلموا فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ثلاث
مرات ثم إن بدا لكم ان تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث
27

ذكر الخبر الدال على أن الدنيا إنما هي
ما بين السماء والأرض
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السرى قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لقيد سوط
أحدكم من الجنة خير له مما بين السماء والأرض
28

ذكر الاخبار عن وصف قدر المريض الدنيا ومدتها
في جنب بقاء الآخرة وامتدادها
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا معتمر بن سليمان حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم قال
سمعت المستورد أخا بنى فهر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما الدنيا في الآخرة الا كما يضع أحدكم أصبعه السبابة في
اليم فلينظر بم يرجع
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم خلق الله آدم من أديم الأرض
كلها أراد به من قبضة واحدة منها
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن السرى
حدثنا معتمر بن سليمان حدثنا عوف سمع قسامة بن زهير
انه سمع أبا موسى الأشعري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان
الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو
آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر
وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب
29

ذكر اليوم الذي خلق الله جل وعلا
آدم صلى الله عليه وسلم فيه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا سريج بن يونس
حدثنا حجاج بن محمد حدثنا بن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن
أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة
عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال
خلق الله تعالى التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم
الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق
النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد
العصر من يوم الجمعة آخر الخلق من آخر الساعة من
ساعات الجمعة
30

ذكر وصف المريض آدم حيث خلقه
الله جل وعلا
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السرى حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله آدم على
صورته وطوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على
أولئك النفر وهم من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك
فإنها تحيتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم
فزادوه ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة
آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن
قال أبو حاتم هذا الخبر تعلق به من لم يحكم صناعة
العلم وأخذ يشنع على أهل الحديث الذين ينتحلون السنن
33

ويذبون عنها ويقمعون من خالفها بأن قال ليست تخلو هذه الهاء
من أن تنسب إلى الله أو إلى آدم فإن نسبت إلى الله كان ذلك
كفرا إذ ليس كمثله شئ وان نسبت إلى آدم
تعرى الخبر عن الفائدة لأنه لا شك ان كل شئ خلد على صورته لا على
صورة غيره
ولو تملق قائل هذا إلى بارئه في الخلوة وسأله التوفيق
لإصابة الحق والهداية للطريق المستقيم في لزوم سنن
المصطفى صلى الله عليه وسلم لكان أولى به من القدح في منتحلي السنن بما
يجهل معناه وليس جهل الإنسان بالشئ دالا على نفي الحق عنه
لجهله به
ونحن نقول إن أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا صحت من جهة
النقل لا تتضاد ولا تتهاتر ولا تنسخ القرآن بل لكل خبر معنى
معلوم يعلم وفصل صحيح يعقل يعقله العالمون
فمعنى الخبر عندنا بقوله صلى الله عليه وسلم خلق الله آدم على صورته
إبانة فضل آدم على سائر الخلق والهاء راجعة إلى آدم والفائدة
من رجوع الهاء إلى آدم دون إضافتها إلى الباري جل وعلا جل
ربنا وتعالى عن أن يشبه بشئ من المخلوقين انه جل وعلا جعل
سبب الخلق الذي هو المتحرك النامي بذاته اجتماع الذكر والأنثى
ثم زوال الماء عن قرار الذكر إلى رحم الأنثى ثم تغير ذلك إلى
34

العلقة بعد مدة ثم إلى المضغة ثم إلى الصورة ثم إلى الوقت
الممدود فيه ثم الخروج من قراره ثم الرضاع ثم الفطام ثم
المراتب الأخر على حسب ما ذكرنا إلى حلول المنية به هذا
وصف المتحرك النامي بذاته من خلقه وخلق الله جل وعلا آدم
على صورته التي خلقه عليها وطوله ستون ذراعا من غير أن تكون
تقدمه اجتماع الذكر والأنثى أو زوال الماء أو قراره أو تغيير الماء
علقة أو مضغة أو تجسيمه بعده فأبان الله بهذا فضله على سائر من
ذكرنا من خلقه بأنه لم يكن نطفة فعلقة ولا علقة فمضغة
ولا مضغة فرضيعا ولا رضيعا ففطيما ولا فطيما فشابا كما كانت
هذه حالة غيره ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث حشوية يروون
ما لا يعقلون ويحتجون بما لا يدرون
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد
القيسي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله آدم جعل
إبليس يطيف به فلما رآه أجوف قال طفرت خلق لا
يتمالك
35

ذكر حمد آدم ربه لما خلقه بإلهامه
جل وعلا إياه ذلك
أخبرنا أبو عروبة حدثنا يحيى بن محمد بن السكن
حدثنا حبان بن هلال حدثنا مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن
خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله آدم عطس
فألهمه ربه أن قال الحمد لله فقال له ربه يرحمك الله فلذلك
سبقت رحمته غضبه
36

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله آدم عطس
أراد به بعد نفخ الروح فيه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نفخ في آدم
فبلغ الروح رأسه عطس فقال الحمد لله رب العالمين فقال له
تبارك وتعالى يرحمك الله
ذكر إخراج الله جل وعلا من ظهر آدم ذريته
وإعلامه إياه أنه خالقها للجنة والنار
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان والحسين بن إدريس
الأنصاري قالا أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن زيد بن أبي
أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه أخبره عن
مسلم بن يسار الجهني
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية
وإذ أخذ ربك من بني آدم من بترتيبه ذرياتهم وأشهدهم على
37

أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى الآية قال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم ثم مسح على ظهره
بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل
أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال
خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل
يا رسول الله ففيم العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله إذا خلق
العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل
من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا خلق العبد للنار
استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل
النار فيدخله به النار
38

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أنه يضاد
خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن بشار
حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب
عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله آدم
40

ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله فحمد الله بإذن الله
فقال له ربه يرحمك ربك يا آدم اذهب إلى أولئك الملائكة
- إلى ملأ منهم جلوس فسلم عليهم فقال السلام عليكم
فقالوا وعليكم السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال هذه
تحيتك وتحية بنيك بينهم وقال الله جل وعلا ويداه
مقبوضتان اختر أيهما شئت فقال اخترت يمين ربي وكلتا
يدي ربي يمين مباركة ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته
فقال أي رب ما هؤلاء فقال هؤلاء ذريتك فإذا كل إنسان
منهم مكتوب عمره بين عينيه فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو
من أضوئهم لم يكتب له إلا أربعين سنة قال يا رب ما هذا
قال هذا ابنك داود وقد كتب الله عمره أربعين سنة قال أي
رب زده في عمره قال ذاك الذي كتبت له قال فإني قد
جعلت له من عمري ستين سنة قال أنت وذاك أسكن الجنة
فسكن الجنة ما شاء الله ثم أهبط منها وكان آدم يعد لنفسه
فأتاه ملك الموت فقال له آدم قد عجلت قد كتب لي ألف سنة
قال بلى ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة فجحد
فجحدت ذريته ونسي فنسيت ذريته فيومئذ أمر بالكتاب
41

والشهود
ذكر الإخبار عن سبب ائتلاف الناس وافتراقهم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عبد الأعلى
42

بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود
مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف
ذكر إلقاء الله جل وعلا النور على من
شاء من خلقه هدايته
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا العباس بن الوليد
النرسي حدثنا بن المبارك عن الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد عن
عبد الله بن فاستقلوا قال
دخلت على عبد الله بن عمر فقلت انهم يزعمون أنك
تقول الشقي من شقي في بطن أمه فقال لا أحل لأحد يكذب
علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله خلق خلقه في ظلمة
وألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن
43

أخطأ ضل فلذلك أقول جف القلم عن علم الله جل وعلا
ذكر الإخبار عن علم الله جل وعلا من يصيبه من
ذلك النور أو يخطئه عند خلقه الخلق في الظلمة
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط حدثنا
الحارث بن مسكين حدثنا بن وهب حدثني معاوية بن صالح عن
ربيعة بن يزيد عن بن الديلمي قال
44

قلت لعبد الله بن عمرو بلغني أنك تقول إن القلم قد
جف قال فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله جل وعلا
خلق الناس في ظلمة ثم أخذ نورا من نوره فألقاه عليهم
فأصاب من شاء وأخطأ من شاء وقد علم من يخطئه ممن يصيبه
فمن أصابه من نوره شئ اهتدى ومن أخطأه فقد ضل ففي
ذلك ما أقول إن القلم قد جف
ذكر الإخبار بعدد الناس وأوصاف أعمالهم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن بشار قال
حدثنا أبو داود قال حدثنا شيبان النحوي قال حدثنا الركين بن الربيع
عن أبيه عن عمه
عن خريم بن فاتك الأسدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الناس أربعة والأعمال ستة موجبتان ومثل بمثل وحسنة بعشر
أمثالها وحسنة بسبع مائة ضعف والناس موسع عليه في الدنيا
والآخرة وموسع عليه في الدنيا مقتور
عليه في الآخرة ومقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة ومقتور عليه في الدنيا
والآخرة وشقي في الدنيا وشقي في الآخرة والموجبتان
من قال لا إله إلا الله أو قال مؤمنا بالله دخل الجنة
ومن مات وهو يشرك بالله دخل النار ومن هم بحسنة فعملها كتبت
له عشرة أمثالها ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة
45

ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بسيئة
فعملها كتبت له سيئة واحدة غير مضعفة ومن أنفق نفقة فاضلة
في سبيل الله فبسبع مائة ضعف
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الناس بالإبل المئة
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الناس كإبل مائة
لا يجد الرجل فيها راحلة
46

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يجعل أهل الجنة
والنار وهم في أصلاب آبائهم ضد
قول من رأى ضده
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا أبو الربيع
الزهراني حدثنا إسماعيل بن زكريا عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت
طلحة
عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصبي من الأنصار
يصلى عليه فقلت يا رسول الله عصفور من عصافير الجنة قال
صلى الله عليه وسلم أولا تدرين أن الله خلق للجنة خلقا فجعلهم لها أهلا وهم في
أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب
آبائهم
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم
أنه يضاد خبر عائشة الذي ذكرناه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد
وشعيث بن محرز قالا حدثنا شعبة عن سليمان الأعمش عن زيد بن وهب
عن عبد الله قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق
المصدوق إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما
47

وأربعين ليلة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك
ثم يبعث الله إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات فيقول اكتب عمله
وأجله ورزقه وشقي أو سعيد وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة
حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيغلب عليه الكتاب الذي
سبق فيختم له بعمل أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل
النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيغلب عليه الكتاب الذي
سبق فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة
48

ذكر البيان بأن الحكم الحقيقي بما للعبد عند الله
لا ما يعرف الناس بعضهم من بعض
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا بن وهب
عن أسامة بن زيد عن أبي حازم
عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إن
الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما بينه وبين الناس وإنه لمن
أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما بينه وبين
الناس وإنه لمن أهل الجنة
50

ذكر البيان بأن تفصيل هذا الحكم يكون للمرء عند
خاتمة عمله دون ما ينقلب فيه في حياته
أخبرنا أبو خليفة حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن
51

محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعلم
الزمان الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم الله له بعمل أهل
النار فيجعله من أهل النار وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل
بعمل أهل النار ثم يختم الله له بعمل أهل الجنة فيجعله من
أهل الجنة
ذكر خبر قد يوهم من لم يطلب العلم من مظانه أنه
مضاد لخبر بن مسعود الذي ذكرناه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا أحمد بن عيسى
المصري حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير
المكي أن عامر بن واثلة حدثنه أنه
سمع بن مسعود يقول الشقي من شقي في بطن أمه
والسعيد من وعظ بغيره فأتى رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري فحدث بذلك من قول بن
مسعود فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مر بالنطفة ثنتان
52

وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها
وجلدها ولحمها وعظامها ثم يقول يا رب ذكر أم أثنى فيقضي
ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب أجله فيقضي ربك
ما يشاء فيكتبه الملك ثم يقول يا رب رزقه فيقضي ربك
ما يشاء فيأخذ الملك بالصحيفة في يده فلا يزاد في أمر
ولا ينقص
53

قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم خلق سمعها من ألفاظ التعارف
لا أن الملك يخلق
ذكر خبر قد يوهم الرعاع من الناس أنه
مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب أن عبد الرحمن بن هنيدة حدثه
أن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله
أن يخلق نسمة قال ملك الأرحام معرضا يا رب أذكر أم أنثى
فيقضي الله امره ثم يقول يا رب أشقي أم سعيد فيقضي الله
أمره ثم يكتب بين عينيه ما هو لاق حتى النكبة ينكبها
54

ذكر المدة التي قضى الله فيها على
آدم ما قضى قبل خلقه إياها
أخبرنا عبد الله بن قحطبة حدثنا يحيى بن حبيب بن
عربي حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الأعمش عن
أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال احتج آدم وموسى
فقال موسى أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه
وأغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال آدم أنت موسى الذي
اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل عملته كتبه الله علي قبل
أن يخلق السماوات والأرض قال فحج آدم موسى
55

ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أنه
مضاد للخبر الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا محمد بن علي الصيرفي بالبصرة حدثنا العباس بن
الوليد النرسي حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس
عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال احتج آدم
وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من
الجنة فقال له آدم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك
بيده تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة
قال فحج آدم موسى فحج آدم موسى فحج آدم موسى
59

ذكر الشئ الذي منه خلق الله آدم جل وعلا
صلوات الله عليه
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد عن يحيى
القطان عن عوف عن قسامة بن زهير
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم من
أديم الأرض كلها فخرجت ذريته على حسب ذلك فمنهم
الأسود والأبيض والأحمر والأصفر ومنهم بين ذلك والسهل
والحزن والخبيث والطيب
ذكر كتبة الله جل وعلا أولاد آدم لداري الخلود
واستعماله إياهم لهما في دار الدنيا
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط حدثنا
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عزرة بن ثابت
عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي قال
60

قال لي عمران بن حصين يا أبا الأسود أرأيت ما يعمل
الناس اليوم ويكدحون فيه أشئ قضي عليهم ومضى أو فيما
يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم واتخذت به الحجة عليهم
فقلت بل شئ قضي عليهم ومضى عليهم قال فيكون ذلك
ظلما قال ففزعت من ذلك فزعا وعطاء فقلت إنه ليس شئ
إلا خلق الله وملك يده ما يسأل عما يفعل وهم يسألون فقال
عمران سددك الله أو وفقك الله أما والله ما سألتك إلا لأحزر
عقلك إن رجلا من مزينة اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشئ قضى عليهم
ومضى عليهم أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم واتخذت
عليهم به الحجة فقال بل شئ قضي عليهم ومضى عليهم
قال فلم نعمل إذا قال من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين
فهو يستعمل لها وتصديق ذلك في كتاب الله ونفس وما سواها
فألهمها فجورها وتقواها
61

ذكر الإخبار عن السبب الذي من أجله
يستهل الصبي حين يولد
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو عوانة
عن سهيل بن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح المولود
حين يقع نزغة من الشيطان
ذكر السبب الذي من أجله يشبه
الولد أباه وأمه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع
62

قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن أنس أن أم سليم سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في
المنام ما يرى الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها يا أم سليم إذا رأت
ذلك المرأة فلتغتسل قالت أم سلمة واستحييت من ذلك
ويكون ذلك يا رسول الله قال نعم ماء الرجل غليظ أبيض
وماء المرأة رقيق أصفر وأيهما سبق أو علا كان منه الشبه
ذكر وصف حال الرجال والنساء الذي
من أجله يكون الشبه بالولد
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبدة بن سليمان قال حدثنا سعيد عن قتادة
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء الرجل غليظ
أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق كان الشبه
ذكر قول الملائكة عند هبوط آدم إلى الأرض
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
63

حدثنا يحيى بن أبي بكير عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن
نافع
عن بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن آدم لما أهبط
إلى الأرض قالت الملائكة أي رب أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم
ما لا تعلمون قالوا ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله
لملائكته هلموا ملكين من الملائكة فننظر كيف يعملان قالوا
ربنا هاروت وماروت قال فاهبطا إلى الأرض قال فمثلت لهم
الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءاها فسألاها نفسها فقالت
لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك قالا والله لا نشرك
بالله أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها
نفسها فقالت لا والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا لا والله
لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح من خمر تحمله فسألاها
نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا
فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما
من شئ أثيما إلا فعلتماه حين سكرتما فخيرا عند ذلك بين عذاب
الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا
64

قال أبو حاتم الزهرة هذه امرأة
كانت في ذلك الزمان
لا أنها الزهرة التي هي في السماء التي هي من الخنس
ذكر الإخبار عن بث إبليس سراياه ليفتن
المسلمين نعوذ بالله من شرهم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا الحسن بن الصباح
البزار قال حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال حدثنا عبد الصمد بن
معقل قال أخبرني إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه قال
أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
عرش إبليس على الماء ثم يبعث سراياه فأعظمهم عنده
66

أعظمهم فتنة
ذكر البيان بأن لا قدرة للشيطان على
ابن آدم إلا على الوسوسة فقط
أخبرنا محمد بن مسرور بن سيار والأبعاد حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح حدثنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان عن حماد عن
سعيد بن جبير
عن بن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
إني لأجد في صدري الشئ لأن أكون حممة أحب إلي من أن
أتكلم به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر الحمد لله
الذي رد أمره إلى الوسوسة
67

ذكر الإخبار عن وضع إبليس التاج على
رأس من كان أعظم فتنة من جنوده أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
قال حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري قال حدثنا سفيان عن عطاء بن
السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مطرف إبليس
بث جنوده فيقول من أضل اليوم مسلما ألبسته التاج قال
فيخرج هذا فيقول لم أزل به حتى طلق امرأته فيقول أوشك أن
يتزوج ويجئ هذا فيقول لم أزل به حتى عق والديه فيقول
أوشك أن يبر ويجئ هذا فيقول لم أزل به حتى أشرك
فيقول أنت أنت ويجئ فيقول لم أزل به حتى زنى فيقول
أنت أنت ويجئ هذا فيقول لم أزل به حتى قتل فيقول
أنت أنت ويلبسه التاج
68

ذكر الإخبار عما كان بين آدم ونوح
صلوات الله عليهما من القرون
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا محمد بن
عبد الملك بن زنجويه حدثنا أبو توبة حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه
زيد بن سلام قال سمعت أبا سلام قال
سمعت أبا أمامة أن رجلا قال يا رسول الله أنبي كان آدم
قال نعم مكلم قال فكم كان بينه وبين نوح قال
عشرة قرون
69

أبو توبة اسمه الربيع بن نافع
ذكر البيان بأن كل نبي من الأنبياء
كانت له بطانتان معلومتان
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة
70

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي الا
وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة
لا تألوه خبالا فمن وقي شرها فقد وقي
71

ذكر البيان بأن حكم الخلفاء في البطانتين
اللتين وصفناهما حكم الأنبياء سواء
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا ابن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن أبي سلمة
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما
بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان
بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه
والمعصوم من عصم الله
ذكر البيان بأن الأنبياء كان لهم حواريون يهدون بهديهم بعدهم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا محمد بن
72

أبي عتاب الأعين حدثنا بن أبي مريم حدثنا عبد العزيز بن محمد
حدثنا الحارث بن فضيل الخطمي عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن
عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما كان من نبي إلا
كان له حواريون يهدون بهديه ويستنون بسنته ثم يكون من
بعدهم أقوام يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما ينكرون فمن
جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن
جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس رواء ذلك من الإيمان مثقال حبة
من خردل
73

ذكر البيان بأن الأنبياء
أولاد علات
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن عبد العظيم
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى الناس
بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة قالوا وكيف ذاك يا رسول
الله قال الأنبياء إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد
وليس بيننا نبي
74

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا نبي أراد به بينه
وبين عيسى صلوات الله على نبينا وعليه
أخبرنا أبو عروبة بحران حدثنا أحمد بن سليمان بن
أبي شيبة حدثنا أبو داود الحفري حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أولى الناس
بعيسى الأنبياء أبناء علات وليس بيني وبين عيسى نبي
75

ذكر البيان بأن كل نبي من الأنبياء كانت له
دعوة مستجابة في أمته كان يدعو بها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن
مسرهد حدثنا يحيى القطان عن شعبة عن قتادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي
دعوة دعاها في أمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي
76

ذكر السبب الذي من أجله استحق قوم
صالح العذاب من الله جل وعلا
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أبو الطاهر حدثنا
ابن وهب أخبرني مسلم بن خالد عن بن خثيم عن أبي الزبير
عن جابر قال لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر قال
لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم آية فكانت
الناقة ترد عليهم من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فيشربون
من لبنها يوم ورودها مثل ما غبهم من مائهم فعقروها فوعدوا ثلاثة
أيام وكان وعد الله غير مكذوب فأخذتهم الصيحة فلم يبق
تحت أديم السماء رجل إلا أهلكت إلا رجل في
الحرم منعه الحرم من عذاب الله قالوا يا رسول الله من هو قال
أبو رغال أبو ثقيف
77

ذكر وصف دفن أبي رغال سيد ثمود
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أمية بن بسطام حدثنا
78

يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية عن
بجير بن أبي بجير
عن عبد الله بن عمرو أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر
فمروا على قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف وهو امرؤ من ثمود
منزله بحراء فلما أهلك الله قومه بما أهلكهم به منعه لمكانه من
الحرم وأنه خرج حتى إذا بلغ ها هنا مات فدفن معه غصن
من ذهب فابتدرنا فاستخرجناه
ذكر الزجر عن دخول المرء أرض
ثمود إلا أن يكون باكيا
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن
سالم بن عبد الله
أن بن عمر قال مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر فقال لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن
79

تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم ثم رحل
فأسرع حتى خلفها
80

ذكر ما يجب على المرء من ترك الدخول
على أصحاب الحجر إلا أن يكون باكيا
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا يحيى بن
أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب
الحجر لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا
باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم
ذكر البيان بأن القوم الذين ظلموا أنفسهم من أصحاب
ثمود إنما عذبوا فلذلك زجر عن ما
زجر الداخل مساكنهم
أخبرنا الحسن بن سفيان
قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال
81

حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر
لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين الا ان تكونوا باكين
فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم
ذكر الزجر عن الاستقاء من آبار أرض ثمود
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن عبيد الله بن
عمر عن نافع
أن بن عمر أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر
أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم أن
يهريقوا ما استقوا وأن يعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من
البئر التي كانت تردها الناقة
82

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رحل من أرض
ثمود كراهية الانتفاع بمائها
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا
صخر بن جويرية عن نافع
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عام تبوك بالحجر عند
بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود
فنصبوا
القدور وعجنوا الدقيق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكفؤوا
القدور واعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل حتى نزل في الموضع
الذي كانت تشرب منه الناقة وقال لا تدخلوا على هؤلاء القوم
الذين عذبوا فيصيبكم مثل ما أصابهم
83

ذكر الوقت الذي اختتن فيه إبراهيم
خليل الرحمن
أخبرنا المفضل بن محمد الجندي بمكة حدثنا علي بن زياد
اللحجي حدثنا أبو قرة عن بن جريج عن يحيى بن
سعيد عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اختتن إبراهيم بالقدوم
وهو بن عشرين ومئة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة
84

سمعت محمد بن عبد الرحمن يقول سمعت محمد بن
مشكان يقول سمعت عبد الرزاق يقول القدوم اسم القرية
85

ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن رافع هذا الخبر وهم
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن
سعيد حدثنا الليث عن بن عجلان عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اختتن إبراهيم
النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغ عشرين ومئة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين
سنة واختتن بالقدوم
ذكر السبب الذي من أجله لبث
يوسف في السجن ما لبث
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن
مسرهد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله
يوسف لولا الكلمة التي قالها اذكرني عند ربك ما لبث في
السجن ما لبث ورحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد إذ
قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قال فما
بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه
86

ذكر وصف الداعي الذي من أجله قال صلى الله عليه وسلم
ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف
لأجبت الداعي
أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا
محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة
87

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاءني الداعي
الذي جاء إلى يوسف لأجبته وقال له ارجع إلى ربك فاسأله
ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ورحمة الله على لوط إن كان
ليأوي إلى ركن شديد إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى
ركن شديد فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه
قال أبو حاتم لأجبت الداعي لفظة إخبار عن شئ مرادها
مدح من وقع عليه خطاب الخبر في الماضي
ذكر خبر شنع به المعطلة وجماعة لم يحكموا صناعة
الحديث على منتحلي سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم
حيث حرموا التوفيق لإدراك معناه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان حدثنا يزيد بن
موهب حدثنا بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحن أحق بالشك من
إبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم
تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ويرحم الله لوطا لقد كان
88

يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت
الداعي
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم نحن أحق بالشك من إبراهيم لم
89

يرد به إحياء الموتى إنما أراد به في استجابة الدعاء له وذلك
أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قال رب أرني كيف تحيي الموتى ولم يتيقن أنه
يستجاب له فيه يريد في دعائه وسؤاله ربه عما سأل فقال صلى الله عليه وسلم
نحن أحق بالشك من إبراهيم به في الدعاء لأنا إذا دعونا ربما
يستجاب لنا وربما لا يستجاب ومحصول هذا الكلام أنه لفظة
إخبار مرادها التعليم للمخاطب له
90

ذكر السبب الذي من أجله أنزل الله جل وعلا
نحن نقص عليك أحسن القصص
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عمرو بن محمد القرشي قال حدثنا خلاد الصفار
عن عمرو بن قيس الملائي عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد
عن أبيه قال أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا عليهم
زمانا فقالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله
الر تلك آيات الكتاب المبين إلى قوله نحن نقص عليك
أحسن القصص فتلاها عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
زمانا فقالوا يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله الله نزل
أحسن الحديث كتابا متشابها كل ذلك يؤمرون
بالقرآن
قال خلاد وزاد فيه حين قالوا يا رسول الله ذكرنا فأنزل
الله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
92

ذكر احتجاج آدم وموسى وعذله إياه
على ما كان منه في الجنة
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحاج آدم وموسى
فحج آدم موسى فقال موسى أنت آدم الذي أغويت الناس و
أخرجتهم من الجنة فقال له آدم أنت موسى الذي أعطاه الله
علم كل شئ واصطفاه على الناس برسالاته قال نعم قال
93

فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق
ذكر تعيير بني إسرائيل كليم الله بأنه آدر
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عباس بن عبد العظيم
العنبري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بنو إسرائيل
يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض وكان موسى يغتسل
وحده قالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر قال
فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه
فاشتد موسى في أثره وهو يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى
نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى فقالوا والله ما بموسى
من بأس فقام الحجر بعد ما نظر الناس إليه فأخذ ثوبه وطفق
94

بالحجر ضربا قال أبو هريرة والله إن بالحجر ندبا ستة أو سبعة من
ضرب موسى الحجر
ذكر صبر كليم الله جل وعلا على أذى بني إسرائيل إياه
أخبرنا أبو عروبة بحران حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأسماء حدثنا زهير بن معاوية حدثنا الأعمش عن سفيان
عن عبد الله أن رجلا قال لشئ قسمه النبي صلى الله عليه وسلم ما عدل في
هذا فقال فقلت والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال
يرحم الله موسى قد كان يصيبه أشد من هذا ثم يصبر
95

ذكر السبب الذي من أجله ألقى
موسى الألواح
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا سريج بن يونس حدثنا
هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير
عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الخبر كالمعاينة
قال الله لموسى إن قومك صنعوا كذا وكذا فلما يبال فلما
عاين ألقى الألواح
قال أبو حاتم أبو بشر جعفر بن أبي وحشية
96

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر تفرد به هشيم
أخبرنا حبيش بن عبد الله النيلي بواسط حدثنا أحمد بن
سنان القطان حدثنا أبو داود حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن
جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله ليس المعاين
كالمخبر أخبر الله موسى أن قومه فتنوا فلم يلق الألواح فلما رآهم ألقى الألواح
ذكر ما فعل جبريل عليه السلام بفرعون
عند نزول المنية
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن
السائب
عن سعيد بن جبير
97

عن بن عباس رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
جبريل كان يدس في فم فرعون الطين مخافة أن يقول لا إله إلا
الله
98

ذكر سؤال الكليم ربه عن أدنى أهل
الجنة وأرفعهم منزلة
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج حدثنا
حامد بن يحيى البلخي حدثنا سفيان حدثنا مطرف بن طريف وعبد
الملك بن أبجر شيخان صالحان سمعا الشعبي يقول
سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن
موسى سأل ربه أي أهل الجنة أدنى منزلة قال رجل يجئ
بعدما يدخل يعني أهل الجنة الجنة فيقال ادخل الجنة
فيقول كيف أدخل الجنة وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا
أخذاتهم فيقول له أترضى أن يكون لك من الجنة مثل ما كان
لملك من ملوك الدنيا فيقول نعم أي رب فيقال لك هذا ومثله
ومثله ومثله فيقول أي رب رضيت فيقال له إن لك هذا
وعشرة أمثاله فيقول أي رب رضيت فيقال له لك مع هذا
ما اشتهت نفسك ولذت عينك وسأل ربه أي أهل الجنة أرفع
منزلة قال سأحدثك عنهم غرست كرامتهم بيدي وختمت
عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
99

ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم
من قرة أعين الآية (السجدة: 17)
ذكر سؤال كليم الله جل وعلا ربه
عن خصال سبع
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس حدثنا
100

حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن
أبا السمح حدثه عن بن حجيرة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال سأل موسى ربه
عن ست خصال كان يظن أنها له خالصة والسابعة لم يكن موسى
يحبها قال يا رب أي عبادك أتقى قال الذي يذكر ولا ينسى
قال فأي عبادك أهدى قال الذي يتبع الهدى قال فأي
عبادك أحكم قال الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه قال فأي
عبادك أعلم قال عالم لا يشبع من العلم يجمع علم الناس إلى علمه
قال فأي عبادك أعز قال الذي إذا قدر ورجاله قال فأي عبادك أغنى؟
قال الذي يرضى بما يؤتى قال فأي عبادك أفقر قال صاحب
منقوص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن ظهر إنما الغنى غنى
النفس وإذا أراد الله بعبد خيرا جعل غناه في نفسه وتقاه في
قلبه وإذا أراد الله بعبد شرا جعل فقره بين عينيه
101

قال أبو حاتم قوله صاحب منقوص يريد به منقوص
حالته يستقل ما أوتي ويطلب الفضل
ذكر سؤال كليم الله ربه أن يعلمه
شيئا يذكره
أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال قال
موسى يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به قال قل
يا موسى لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقول هذا قال
قل لا إله إلا الله قال إنما أريد شيئا تخصني به قال
يا موسى لو أن أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة
ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله
102

ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم تلبية موسى كليم الله جل وعلا
ورميه الجمار في حجته صلوات الله على نبينا وعليه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خثيمة حدثنا عفان حدثنا
حماد بن سلمة حدثنا داود بن أبي هند عن رفيع أبي العالية
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على وادي الأزرق
فقال كأني أنظر إلى موسى منهبطا وله جوار إلى ربه بالتلبية ومر
على ثنية فقال ما هذه قيل ثنية كذا وكذا قال كأني أنظر
إلى موسى يرمي الجمرة على ناقة حمراء خطامها من ليف وعليه
جبة من صوف
103

ذكر وصف حال موسى حين لقي
الخضر بعد فقد الحوت
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني من كتابه حدثنا
عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان قال حفظته من عمرو بن دينار عن
سعيد بن جبير
قال قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى عليه
السلام ليس بصاحب الخضر إنما هو موسى آخر قال كذب عدو
الله أخبرنا أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قام موسى
104

في بني إسرائيل خطيبا فقيل له أي الناس أعلم قال أنا قال
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال عبد لي بمجمع
البحرين هو أعلم منك قال أي رب فكيف لي به قال تأخذ
حوتا فتجعله في مكتل فحيث ما فقدت الحوت فهو ثم
قال فأخذ الحوت فجعله في المكتل فدفعه إلى فتاه فانطلقا
حتى أتيا الصخرة فرقد موسى فاضطرب الحوت في المكتل
فخرج فوقع في البحر فأمسك الله عليه جرية الماء فصار مثل
الطاق فكان البحر للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا
فانطلقا يمشيان
فلما كان من الغد وجد موسى النصب فقال آتنا غداءنا
لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ولم يجد النصب
حتى جاوز المكان الذي أمره الله جل وعلا فقال له فتاه أرأيت إذ
أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن
أذكره قال ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا
فجعلا يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرة فإذا رجل مسجى عليه
بثوب فسلم فقال وأنى بأرضك السلام قال أنا موسى قال
105

موسى بني إسرائيل قال نعم قال يا موسى إني على علم من
علم الله علمنيه الله لا تعلمه وأنت على علم من علم الله
علمكه لا أعلمه قال إني أريد أن أتبعك على أن تعلمني مما
علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على
ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك
أمرا قال فإن أتبعتني فتسألني عن شئ حتى حالا لك منه
ذكرا
قال فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت به سفينة فعرفوا
الخضر فحملوه بغير نول قال فلم يفجأ موسى إلا وهو ينزل لوحا من
ألواح السفينة فقال له موسى ما صنعت قوم حملوك بغير نول عمدت إلى
سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل
إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
من أمري عسرا قال فكانت الأولى من موسى نسيانا
قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر بمنقاره
في البحر فقال الخضر لموسى ما نقص علمي وعلمك من علم
الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر
قال ومروا على غلمان يلعبون فقال الخضر لغلام منهم
106

بيده هكذا فاقتلع رأسه فقال له موسى أقتلت نفسا زاكية
بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع
معي صبرا قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت
من لدني عذرا الكهف
قال فأتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما
فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فقال الخضر بيده هكذا فأقامه
فقال له موسى استطعمناهم فأبوا أن يطعمونا واستضفناهم
فأبوا أن يضيفونا عمدت إلى حائطهم فأقمته لو شئت
لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل
ما لم تستطع عليه صبرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددنا أن موسى
كان صبر حتى يقص علينا من أمرهم
وكان بن عباس يقرأ وأما الغلام كان كافرا وكان أبواه
مؤمنين ويقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا
107

ذكر البيان بأن الغلام الذي قتله
الخضر لم يكن بمسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن خلاد الباهلي
أبو بكر حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن رقبة عن أبي إسحاق عن
سعيد بن جبير عن بن عباس
عن أبي قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم إن الغلام الذي قتله
الخضر طبع يوم طبع كافرا
ذكر السبب الذي من أجله
سمي الخضر خضرا
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن عبد العظيم
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
108

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمي الخضر
خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء
109

ذكر خبر شنع به على منتحلي سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم
من حرم التوفيق لإدراك معناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه
112

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرسل ملك
الموت إلى موسى ليقبض روحه فلطمه موسى ففقأ عينه قال
فرجع إلى ربه فقال يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت
قال ارجع إليه فقل إن شئت فضع يدك على متن ثور فلك
بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة قال فقال له ثم ماذا قال ثم
الموت قال فالآن يا رب قال فسأل الله أن يدنيه من الأرض
المقدسة رمية حجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت ثمت
لأريتكم موضع قبره إلى جانب الطور تحت الكثيب الأحمر
113

قال معمر وأخبرني من سمع الحسن يحدث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو حاتم إن الله جل وعلا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معلما
لخلقه فأنزله موضع الإبانة عن مراده فبلغ صلى الله عليه وسلم رسالته وبين عن
آياته بألفاظ مجملة ومفسرة عقلها عنه أصحابه أو بعضهم
وهذا الخبر من الأخبار التي يدرك معناه من لم يحرم التوفيق لإصابة
الحق
وذاك أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة
ابتلاء واختبار وأمره أن يقول له أجب ربك أمر اختبار وابتلاء
لا أمرا يريد الله جل وعلا إمضاءه كما أمر خليله صلى الله على
نبينا
وعليه بذبح ابنه أمر إختبا وابتلاء دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا
إمضاءه فلما عزم على ذبح ابنه وتله للجبين فداه
بالذبح العظيم
وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور
لا يعرفونها كدخول الملائكة على رسوله إبراهيم ولم يعرفهم
114

حتى أوجس منهم خيفة وكمجئ جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله
إياه عن الإيمان والإسلام فلم يعرفه المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى ولى
فكان مجئ ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي
كان يعرفه موسى عليه السلام عليها وكان موسى غيورا فرأى في
داره رجلا لم يعرفه فشال يده فلطمه فأتت لطمته على فق ء عينه
التي في الصورة التي يتصور بها لا الصورة التي خلقه الله عليها
ولما كان المصرح عن نبينا صلى الله عليه وسلم في خبر بن عباس حيث قال
أمني جبريل عند البيت مرتين فذكر الخبر وقال في آخره
هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك كان في هذا الخبر البيان الواضح
أن بعض شرائعنا قد تتفق ببعض شرائع من قبلنا من الأمم
ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه
أو الناظر إلى بيته بغير أمره من غير جناح على فاعله ولا حرج
على مرتكبه للأخبار الجمة الواردة فيه التي أمليناها في غير موضع
من كتبنا كان جائزا اتفاق هذه خالف بشريعة موسى بإسقاط
الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه فكان استعمال موسى
هذا الفعل مباحا له ولا حرج عليه في فعله
فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه
أمره ثانيا بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء كما ذكرنا قبل إذ قال الله له
قل له إن شئت فضع يدك على متن ثور فلك بكل ما غطت يدك بكل
شعرة سنة فلما علم موسى كليم الله صلى الله على نبينا وعليه أنه
ملك الموت وأنه جاءه بالرسالة من عند الله طابت نفسه بالموت
ولم يستمهل وقال فالآن
فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت لاستعمل
ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به ضد قول من زعم أن
أصحاب الحديث حمالة الحطب ورعاة الليل يجمعون
ما لا ينتفعون به ويروون ما لا يؤجرون عليه ويقولون بما يبطله
الإسلام جهلا منه لمعاني الأخبار وترك التفقه في الآثار معتمدا
منه على رأيه المنكوس وقياسه المعكوس
115

ذكر لفظة توهم عالما من الناس أن التأويل
الذي تأولناه لهذا الخبر مدخول
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ملك الموت
إلى موسى ليقبض روحه فقال له أجب ربك فلطم موسى عين
ملك الموت ففقأ عينه فرجع ملك الموت إلى ربه فقال
يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت وقد فقأ عيني فرد الله
116

عليه عينه فقال له ارجع إليه فقل له الحياة تريد فإن كنت
تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فإنك تعيش بكل شعرة وارت يدك
سنة قال ثم مه قال الموت قال فالآن من قريب ثم قال
رب أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو
أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر
قال أبو حاتم هذه اللفظة أجب ربك قد توهم
من لم يتبحر في العلم أن التأويل الذي قلناه للخبر مدخول وذلك
في قول ملك الموت لموسى أجب ربك بيان أنه عرفه وليس
كذلك لأن موسى عليه السلام لما شال يده ولطمه قال له
أجب ربك توهم موسى أنه يتعوذ بهذه اللفظة دون أن يكون
رسول الله إليه فكان قوله أجب ربك الكشف عن قصد البداية
في نفس الابتلاء والاختبار الذي أريد منه
ذكر تخفيف الله جل وعلا قراءة الزبور
على داود نبي الله عليه السلام
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
117

أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خفف على داود
القراءة فكان يأمر بدابته أن تسرج فيفرغ من قراءة الزبور
قبل أن تسرج دابته
ذكر نفي الفرار عند الملاقاة عن نبي
الله داود عليه السلام
أخبرنا أبو يعلى حدثنا القواريري حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي حدثنا شعبة حدثنا حبيب بن أبي ثابت قال سمعت أبا
العباس يحدث
عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم
أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل إذا فعلت ذلك هجمت لك
العين ونقهت لك النفس لا صام من صام الأبد صوم ثلاثة أيام
118

من كل شهر صوم الدهر إن داود كان يصوم يوما ويفطر يوما
ولا يفر إذا لاقى
ذكر السبب الذي منه كان يتقوت
داود عليه السلام
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان داود
لا يأكل إلا من عمل يده
119

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
بين إسماعيل وداود ألف سنة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم
التيمي عن أبيه
عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع
في الأرض أول فقال المسجد الحرام قلت يا رسول الله
ثم أي قال المسجد الأقصى قلت فكم بينهما قال
أربعون سنة ثم حيث ما أدركتك الصلاة فصل فهو
لك مسجد
ذكر البيان بأن أيوب عند اغتساله
أمطر عليه جراد من ذهب
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عباس بن عبد العظيم
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
120

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أيوب
يغتسل عريانا أمطر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في
ثوبه فناداه ربه يا يا أيوب ألم أغنك عما ترى قال بلى ولكن
لا غنى لي عن رحمتك
121

ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة العلم أنه
مضاد لخبر همام بن منبه الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الله الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا عبد الصمد حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن النضر بن أنس
عن بشير بن نهيك
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمطر على أيوب
فراش من ذهب فجعل يأخذه فأوحى الله إليه ألم أوسع
عليك فقال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن فضلك
ذكر وصف عيسى بن مريم
حيث أري صلى الله عليه وسلم إياه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيتني الليلة عند الكعبة
فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من آدم الرجال له لمة
كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي تقطر
ماء متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت
فسألت من هذا فقالوا عيسى بن مريم ثم إذا أنا برجل جعد
122

قطط أعور العين اليمين كأن عينه عنبة طافية فسألت من
هذا فقالوا المسيح الدجال
ذكر تشبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم عيسى بن مريم
بعروة بن مسعود
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب
حدثني الليث عن أبي الزبير
123

عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرض علي الأنبياء فإذا
موسى عليه السلام ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت
عيسى بن مريم عليه السلام فإذا أقرب الناس وأشده شبها عروة بن
مسعود ورأيت إبراهيم فرأيت أقرب الناس شبها صاحبكم
- يعني نفسه ورأيت جبريل فإذا أقرب الناس وأشبه الناس به
شبها دحية
أخبرنا عمران بموسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد
القيسي حدثنا أبان بن يزيد العطار حدثنا يحيى بن أبي كثير أن زيدا
حدثه أن أبا سلام حدثه
أن الحارث الأشعري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
جل وعلا أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني
إسرائيل أن يعملوا بهن وإن عيسى قال له إن
الله قد أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن
يعملوا بهن فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم قال
124

فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأت وجلسوا على
الشرفات فوعظهم وقال إن الله جل وعلا أمرني بخمس كلمات
أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن تعبدوا الله
ولا تشركوا به شيئا ومثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا بخالص ماله
بذهب أو ورق وقال له هذه داري وهذا عملي فجعل العبد
يعمل ويؤدي إلى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده هكذا وإن
الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا
وآمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن العبد إذا لم
يلتفت استقبله جل وعلا بوجهه
وآمركم بالصيام وإنما مثل ذلك كمثل رجل معه صرة فيها
مسك وعنده عصابة يسره أن يجدوا ريحها فإن الصيام عند الله أطيب من ريح المسك
وآمركم بالصدقة وإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو
فأوثقوا يده إلى عنقه وأرادوا أن يضربوا عنقه فقال هل لكم أن
أفدي نفسي فجعل يعطيهم القليل والكثير ليفك نفسه منهم
وآمركم بذكر الله فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو
سراعا في أثره فأتى على حصين فأحرز نفسه فيه فكذلك العبد لا
يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا آمركم بخمس أمرني
الله بها
بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله
125

فمن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربق الإسلام من عنقه
إلا أن يراجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم قال
رجل وإن صام وصلى قال وإن صام وصلى فادعوا بدعوى
الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله
قال أبو حاتم الأمر بالجماعة بلفظ العموم والمراد منه
الخاص لأن الجماعة هي إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن
126

لزم ما كانوا عليه وشذ عن من بعدهم لم يكن بشاق للجماعة
ولا مفارق لها ومن شذ عنهم وتبع من بعدهم كان شاقا
للجماعة والجماعة بعد الصحابة هم أقوام اجتمع فيهم الدين
والعقل والعلم ولزموا ترك الهوى فيما هم فيه وإن قلت أعدادهم
لا أوباش الناس ورعاعهم وإن كثروا
والحارث الأشعري هذا هو أبو مالك الأشعري اسمه
الحارث بن مالك من ساكني الشام
127

ذكر البيان بأن أولاد آدم يمسهم الشيطان
عند ولادتهم إلا عيسى بن مريم
صلوات الله عليهما
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى
حدثني بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل بني آدم يمسه
الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها عيسى عليهما السلام
128

ذكر علامة مس الشيطان المولود
عند ولادته
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا
عبد الواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد
إلا يمسه الشيطان فيستهل صارخا إلا مريم ابنة عمران وابنها
إن شئتم اقرؤوا إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان
الرجيم
129

ذكر المدة التي بقيت فيها أمة عيسى على هديه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو همام حدثنا الوليد بن مسلم
عن الهيثم بن حميد عن الوضين بن عطاء عن نصر بن علقمة
عن جبير بن نفير
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد قبض الله
داود من بين أصحابه فما فتنوا ولا بدلوا ولقد مكث أصحاب
المسيح على سنته وهديه مئتي سنة
ذكر الزجر عن التخيير بين الأنبياء على سبيل المفاخرة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
أبي بكر المقدمي قال حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه
130

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تخيروا
بين الأنبياء
131

ذكر الخبر الدال على أن هذا الزجر زجر ندب لا حتم
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة
عن سعد بن إبراهيم قال سمعت حميد بن عبد الرحمن يحدث
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ينبغي لعبد أن
يقول أنا خير من يونس بن متى
132

ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن
عبد الله عن بن عباس
عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطروني
كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا
عبد الله ورسوله
ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا خبر أبي سعيد الخدري
بأن هذا الفعل إنما زجر عنه إذا كان ذلك على التفاخر لا على التداين
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال
حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني
عن أنس بن مالك أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا خيرنا
وابن خيرنا ويا سيدنا وابن سيدنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها
الناس قولوا بقولكم ولا يستفزنكم الشيطان أنا عبد الله ورسوله
133

قال أبو حاتم أضمر فيه لأن القائل قال ويا بن سيدنا
فتفاخر بالآباء الكفار
ذكر خبر أوهم عالما من الناس أنه مضاد
لخبر أنس الذي ذكرناه
أخبرنا عمران بن موسى السختياني قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا شعبة حدثنا قتادة قال سمعت
أبا العالية قال
سمعت بن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما ينبغي
لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى نسبه إلى أبيه
134

ذكر الخبر المصرح بأن هذا القول إنما زجر
عنه من أجل التفاخر كما ذكرنا قبل
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني شداد
أبو عمار
عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله
اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى
بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم فأنا سيد ولد آدم
ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول
مشفع
135

ذكر البيان بأنه ما صدق من الأنبياء أحد
ما صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا حسين بن علي
عن زائدة عن المختار بن فلفل
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صدق نبي
ما صدقت إن من الأنبياء من لم يصدقه من أمته إلا رجل واحد
136

ذكر الموضع الذي سر فيه جملة
من الأنبياء بالحجاز
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري
أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن
محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال
عدل إلي عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة
فقال ما أنزلك تحت هذه السرحة فقلت أردت ظلها فقال هل
غير ذلك فقلت لا ما أنزلني غير ذلك فقال عبد الله بن عمر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنت بين الأخشبين من منى ونفخ بيده
نحو المشرق فإن هناك واديا يقال له السرر به شجرة سر تحتها
سبعون نبيا
137

ذكر السبب الذي من أجله هلك من
كان قبلنا من الأمم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا الفضل بن موسى حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما هلك من
كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم لا تسألوني عن
شئ إلا أحدثكم به فقام عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي
فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة فرجع إلى أمه
فقالت له أمه ما حملك على الذي صنعت إنا كنا أهل جاهلية
وأعمال قبيحة فقال ما كنت لأدع حتى أعرف من كان أبي من
الناس قال وكان فيه دعابة
ذكر البيان بأن أهل الكتاب هم الذين ضلوا
وغضب عليهم نعوذ بالله منهما
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن
حنبل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال سمعت
سماك بن حرب قال سمعت عباد بن حبيش يحدث
139

عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المغضوب عليهم
اليهود والضالون النصارى
ذكر افتراق اليهود والنصارى فرقا مختلفة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا الحارث بن سريج
النقال أخبرنا النضر بن شميل عن محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على
إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة
وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة
140

ذكر الإخبار عن السبب الذي من أجله سفكت
بنو إسرائيل دماءهم وقطعوا أرحامهم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا هارون بن معروف حدثنا
سفيان عن بن عجلان عن سعيد
عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظلم فإن
الظلم هو الظلمات عند الله يوم القيامة وإياكم والفحش فإن الله
لا يحب الفاحش والمتفحش وإياكم والشح فإن الشح قد دعا من
كان قبلكم فسفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم واستحلوا
محارمهم
141

ذكر البيان بأن بني إسرائيل كانت
تسوسهم الأنبياء
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت حدثنا
سليمان بن سيف حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا محمد بن
جحادة عن فرات القزاز عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بني إسرائيل
كانت تسوسهم الأنبياء كلما مات نبي قام نبي وإنه ليس بعدي نبي
قالوا فما يكون بعدك قال أمراء ويكثرون قالوا ما تأمرنا يا
رسول الله قال أوفوا بيعة الأول فالأول وأدوا إليهم الذي
لهم فإن الله سائلهم عن الذي لكم
ذكر البيان بأن بني إسرائيل كانوا يسمون
في زمانهم بأسماء الصالحين قبلهم
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان أخبرنا نوح بن
حبيب حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن
علقمة بن وائل
142

عن المغيرة بن شعبة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
نجران فقال لي أهل نجران ألستم تقرؤون هذه الآية يا أخت
هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا وقد عرفتم
ما بين موسى وعيسى فلم أدر ما أرد عليهم حتى قدمت المدينة
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لي أفلا أخبرتهم أنهم
كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم
143

ذكر ما أمر بنو إسرائيل باستعماله
عند دخولهم الأبواب
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا
معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لبني إسرائيل
ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم
فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا حبة في
شعرة
144

ذكر تحريم الله جل وعلا أكل الشحوم
على بني إسرائيل
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى والحسن بن سفيان
والسختياني قالوا
حدثنا عبد الله بن عمر الخطابي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن عبد الله بن دينار
عن ابن عمر عن عمر قال قاتل الله فلانا يبيع الخمر
أما والله لقد سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليهم الشحوم أن
يأكلوها ثم باعوها
145

ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم اليهود
باستعمالهم هذا الفعل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة
والقواريري قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس
عن ابن عباس قال باع
سمرة خمرا فقال عمر قاتل الله سمرة ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله اليهود حرمت عليهم
الشحوم فجملوها فباعوها
146

ذكر الإباحة للمرء أن يحدث عن
بني إسرائيل وأخبارهم
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار
الرمادي قال حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حدثوا عن بني إسرائيل
ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي
147

أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن قتادة بن دعامة
عن أبي حسان
عن عبد الله بن عمرو أنه قال لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا
اليوم والليلة عن بني إسرائيل ما يقوم إلا لحاجة
ما رواه بصري عن قتادة
148

أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني حسان بن
عطية عن أبي كبشة السلولي
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغوا عني
ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله بلغوا عني ولو آية أمر
قصد به الصحابة ويدخل في جملة هذا الخطاب من كان بوصفهم
إلى يوم القيامة في تبليغ من بعدهم عنه صلى الله عليه وسلم وهو فرض على
الكفاية إذا قام البعض بتبليغه سقط عن الآخرين فرضه وإنما
يلزم فرضيته من كان عنده منه ما يعلم أنه ليس عند غيره وأنه متى
امتنع عن بثه خان المسلمين فحينئذ يلزمه فرضه
وفيه دليل عن أن السنة يجوز أن يقال لها الآي إذ لو كان
الخطاب على الكتاب نفسه دون السنن لاستحال لاشتمالهما
معا على المعنى الواحد
وقوله صلى الله عليه وسلم وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج أمر إباحة
149

لهذا الفعل من غير ارتكاب إثم يستعمله يريد به حدثوا عن بين
إسرائيل ما في الكتاب والسنة من غير حرج يلزمكم فيه
وقوله صلى الله عليه وسلم ومن كذب علي متعمدا لفظة خوطب بها الصحابة
150

والمراد منه غيرهم إلى يوم القيامة لا هم إذ الله جل وعلا نزه
أقدار الصحابة عن أن يتوهم عليهم الكذب وإنما قال صلى الله عليه وسلم هذا
لأن يعتبر من بعدهم فيعوا السنن ويرووها على سننها حذر إيجاب
النار للكاذب عليه صلى الله عليه وسلم
ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا قوله صلى الله عليه وسلم
حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن
وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب أن نملة بن أبي نملة
الأنصاري حدثه
أن أبا نملة أخبره أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء
رجل من اليهود فقال هل تكلم هذه الجنازة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الله أعلم فقال اليهودي أنا أشهد أنها تتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقالوا آمنا بالله
وملائكته وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم
وإن كان
باطلا لم تصدقوهم وقال قاتل الله اليهود لقد أوتوا علما
151

ذكر الأمة التي فقدت في بني إسرائيل
التي لا يدرى ما فعلت
أخبرنا شباب بن صالح بواسط حدثنا وهب بن بقية أخبرنا
خالد عن خالد عن بن سيرين
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أمة من بني إسرائيل
فقدت لا يدرى ما فعلت ولا أراها إلا الفأر ألا تراها إذا وجدت
ألبان الإبل لم تشربه وإذا وجدت ألبان الغنم شربته
152

ذكر الإباحة للمرء أن يتحدث
بأسباب الجاهلية وأيامها
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا
زهير بن معاوية عن سماك بن حرب
عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى
الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس وكانوا يجلسون
فيتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم صلى الله عليه وسلم
153

ذكر الإخبار عن أول من سيب السوائب في الجاهلية
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أحمد بن سفيان النسائي
حدثنا بن بكير حدثني الليث بن سعد عن بن الهاد عن بن شهاب عن
سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت
عمرو بن عامر الهدي يجر قصبة في النار وكان أول من
سيب السوائب
قال سعيد بن المسيب السائبة التي كانت تسيب فلا يحمل
عليها شئ
والبحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحتلبها أحد
154

والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ثم
تثني بأنثى فكانوا يسيبونها للطواغيت ويدعونها الوصيلة أن وصلت
إحدهما بالأخرى
والحام فحل الإبل يضرب العشر من الإبل فإذا قضى
ضرابه جدعوه للطواغيت واعفوه من الحمل فلم يحملوا عليه
شيئا وسموه الحام
155

ذكر إباحة ترك القصص ولا سيما
من لا يحسن العلم
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عبد
الملك بن زنجويه حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن
عبيد الله بن عمر عن نافع
عن ابن عمر قال لم يقص في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان إنما كان القصص
زمن الفتنة
156

ذكر البيان بأن بطون قريش كلها هم
قرابة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
عن يحيى القطان عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال سمعت
طاووسا قال
سئل بن عباس عن هذه الآية قل لا أسألكم عليه أجرا إلا
المودة في القربى فقال سعيد بن جبير قربى
محمد قال بن عباس عجلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن
من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم
من القرابة
157

ذكر البيان بأن الناس في الخير والشر
يكونون تبعا لقريش
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
وكيع حدثنا الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في
الخير والشر
158

ذكر وصف اتباع الناس لقريش
في الخير والشر
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب حدثني يزيد بن
وديعة الأنصاري
أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الأنصار
أعفة صبر وإن الناس تبع لقريش في هذا الأمر
مؤمنهم تبع مؤمنهم وفاجرهم تبع فاجرهم
159

ذكر إعطاء الله جل وعلا للقرشي من الرأي
مثل ما يعطى غير القرشي منه على الضعف
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا أحمد بن عبد
الله بن يونس حدثنا بن أبي ذئب عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن
عوف عن عبد الرحمن بن الأزهر أو زاهر الشك من أحمد بن عبد الله بن
يونس والصواب هو الأزهر
عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقرشي قوة
الرجلين من غير قريش فسأل سائل بن شهاب ما يعني بذلك
161

قال نبل الرأي
ذكر البيان بأن ولاية أمر المسلمين يكون
في قريش إلى قيام الساعة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
معاذ بن معاذ عن عاصم بن محمد بن زيد قال
سمعت أبي يقول سمعت بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال
هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان قال عاصم
وحرك أصبعيه
162

ذكر البيان بأن نساء قريش
من خير نساء ركبت الرواحل
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أنبأنا يونس عن بن شهاب حدثني سعيد بن المسيب
أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نساء قريش
خير نساء ركبن الإبل أحناه على طفل وأرعاه على زوج في
ذات يده
قال أبو هريرة على أثر ذلك ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط
163

ذكر السبب الذي من أجله قال صلى الله عليه وسلم هذا القول
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ بنت أبي طالب
فقالت إني قد كبرت ولي عيال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولده في صغره
وأرعاه على زوج في ذات يده ولم تركب مريم بنت عمران
بعيرا قط
ذكر إهانة الله جل وعلا من أهان
غير الفاسق من قريش
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إسحاق بن
165

إسماعيل الطالقاني قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص قال
سمعت أبي محمد بن حفص بن عمر بن موسى قال سمعت عمي
عبيد الله بن عمر بن موسى يقول حدثنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن
سعيد بن المسيب عن عمرو بن عثمان قال
قال لي أبي عثمان بن عفان أي بني إن وليت من أمر
المسلمين شيئا فأكرم قريشا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
من أهان قريشا أهانه الله
166

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أبا طالب كان مسلما
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا الحارث بن سريج قال حدثنا
مروان بن معاوية عن يزيد بن جلس عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب حين
حضره الموت قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة
قال يا بن أخي لولا أن تعيرني قريش لأقررت عينيك بها فنزلت
إنك لا تهدي من أحببت
167

ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن أبا طالب كان مسلما
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا ابن وهب أخبرني حياة بن شريح حدثني بن الهاد أن عبد الله بن
خباب حدثهم
عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وذكر
عنده عمه أبو طالب فقال لعله أن تصيبه شفاعتي فتجعله في
ضحضاح من النار تبلغ كعبيه يغلي منها دماغه
168

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان على دين قومه قبل أن يوحى إليه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن المقدام
العجلي حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثنا
محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن
أبي طالب عن أبيه
عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا
مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله منهما قلت ليلة لفتى كان
معي من قريش بأعلى مكة في غنم لأهلنا نرعاها أبصر
لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال نعم فخرجت فلما
جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف ومزامير
قلت ما هذا قالوا فلان تزوج فلانة لرجل من قريش تزوج
امرأة من قريش فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني
عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى
صاحبي فقال ما فعلت فأخبرته ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك
فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فسمعت
كما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم
169

رجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت فقلت ما فعلت شيئا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما هممت بعدهما بسوء مما يعمله أهل
الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته
170

ذكر إحصاء المصطفى صلى الله عليه وسلم من كان
تلفظ بالإسلام في أول الإسلام
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش عن شقيق
عن حذيفة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحصوا
كل من كان تلفظ بالإسلام قال قلت يا رسول الله أتخاف ونحن
بين الست مائة إلى السبع مائة فقال صلى الله عليه وسلم إنكم لا تدرون لعلكم
تبتلون قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا
171

ذكر وصف بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليلة العقبة بمنى
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن خثيم عن أبي الزبير
عن جابر قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سبع سنين يتتبع
172

الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة والمواسم بمنى يقول من
يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي حتى إن الرجل ليخرج
من اليمن أو من مصر فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش
لا يفتنك ويمشي بين رحالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى
بعثنا الله من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا ويؤمن به
ويقرأه القرآن وينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق
دار من دور الأنصار إلا فيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام
ثم إنا اجتمعنا فقلنا حتى متى نترك النبي صلى الله عليه وسلم يطرد في
جبال مكة ويخاف فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه
في الموسم فواعدناه بيعة العقبة فاجتمعنا عندها من رجل
ورجلين حتى توافينا فقلنا يا رسول الله علام نبايعك قال
تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في
العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يقولها
لا يبالي في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني وتمنعوني إذا قدمت
عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة
فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من
أصغرهم فقال رويدا يا أهل يثرب فإنا لم نضرب أكباد الإبل
إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن إخراجه اليوم منازعة العرب
كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإما أن تصبروا على
ذلك وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم جبنا فبينوا
173

ذلك فهو أعذر لكم فقالوا أمط عنا فوالله لا ندع هذه البيعة
أبدا فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط أن يعطينا على
ذلك الجنة
174

2 - فصل
في هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
وكيفية أحواله فيها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
محمود بن غيلان والحسن بن حماد حدثنا أبو أسامة عن بريد عن
أبي بردة
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في المنام
أني أهاجر من مكة إلى أرض نخل فذهب وهلي أنها اليمامة أو هجر
فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا
فانقطع فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززت
أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جدد الله من المغنم
واجتماع المؤمنين
175

ذكر الإخبار عما أرى الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم موضع هجرته في منامه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
العلاء بن كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في المنام أني
أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة
وهجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت
سيفا فانقطع فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد وهززته
مرة أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح
واجتماع المؤمنين
176

ذكر وصف كيفية خروج المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة
لما صعب الأمر على المسلمين بها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أنه أخبره
عن عائشة قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين
لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة
وعشيا فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر رضوان الله عليه مهاجرا
قبل أرض الحبشة فلقيه بن الدغنة سيد القارة فقال أين
يا أبا بكر قال أخرجني قومي فأسيح في الأرض وأعبد ربي
فقال له بن الدغنة إن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك
تكسب المعدوم وتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل
177

وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فارتحل بن الدغنة
ورجع أبو بكر معه فقال لهم وطاف في كفار قريش أن أبا بكر
لا يخرج ولا يخرج مثله إنه يكسب المعدوم ويصل الرحم
ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق
فأنفذت قريش جوار بن الدغنة فأمنوا أبا بكر وقالوا لابن
الدغنة مر أبا بكر أن يعبد ربه في داره ويصلي ما شاء ويقرأ
ما شاء ولا يؤذينا ولا يستعلن بالصلاة والقراءة في غير داره ففعل
أبو بكر رضي الله عنه ذلك
ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي
فيه ويقرأ القرآن فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم
فيعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا بكاء
لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن فأرسلوا إلى بن الدغنة فقدم
178

عليهم فقالوا إنما أجرنا أبا بكر أن يعبد ربه في داره وإنه
ابتنى مسجدا وإنه أعلن الصلاة والقراءة وإنا خشينا أن يفتن
نساءنا وأبناءنا فأته فقل له أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره
وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فليرد علينا ذمتك فإنا نكره أن
نخفر ذمتك ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان
فأتى بن الدغنة أبا بكر فقال قد علمت الذي عقدت لك
عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي فإني
لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في عقد رجل
عقدت له قال أبو بكر فإني أرضى بجوار الله وجوار
رسوله صلى الله عليه وسلم
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين
أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين
وهما حرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
179

ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة
من المسلمين وتجهز أبو بكر مهاجرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على
رسلك يا أبا بكر فإني أرجو أن يؤذن لي فقال فداك
أبي وأمي أو ترجو ذلك قال نعم فحبس أبو بكر رضي الله
عنه نفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولصحابته وعلف راحلتين كانتا له ورق
السمر أربعة أشهر
قال الزهري قال عروة قالت عائشة إذ قائل يقول
لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا
فيها فقال أبو بكر فدى له أبي وأمي إن جاء به هذه الساعة
لأمر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستأذن فأذن له فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يا أبا بكر أخرج من عندك فقال أبو بكر رضي الله عنه
يا رسول الله إنما هم أهلك قال فنعم قال قد أذن لي
قال أبو بكر فالصحبة معبد أنت يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
نعم فقال أبو بكر معبد أنت يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي
هاتين فقال نعم بالثمن قالت فجهزناهما أحث الجهاز
180

وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء من نطاقها متعكم به
الجراب فلذلك كانت تسمى ذات النطاق فلحق رسول
الله صلى الله عليه وسلم في غار في جبل يقال له ثور فمكثنا فيه
ثلاث ليال
ذكر ما خاطب الصديق المصطفى صلى الله عليه وسلم وهما في الغار
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا يعقوب
الدورقي حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا ثابت عن أنس
أن أبا بكر رضي الله عنه حدثهم قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن
181

في الغار لو أراد أحدهم أن ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدمه
فقال صلى الله عليه وسلم ما ظنك باثنين الله ثالثهما
ذكر ما كان يروح على المصطفى صلى الله عليه وسلم والصديق
رضي الله عنه بالمنحة أيام مقامهما في الغار
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن محمد
182

بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت استأذن أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم في
الخروج من مكة حين اشتد عليه الأمر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
اصبر فقال يا رسول الله تطمع أن يؤذن لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إني لأرجو فانتظره أبو بكر فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
ظهرا فناداه فقال لان اخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هما
ابنتاي يا رسول الله فقال أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج
فقال يا رسول الله الصحبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الصحبة قال يا رسول الله عندي ناقتان قد كنت أعددتهما للخروج قالت فأعطى
النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما وهي الجدعاء فركبا حتى أتيا الغار وهو بثور
فتواريا فيه وكان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة
أخو عائشة لأمها وكان لأبي بكر رضي الله عنه منحة فكان يروح
بها ويغدو عليهم ويصبح فيدلج إليهما ثم يسرح فلا يفطن به
أحد من الرعاء فلما خرجا خرج معهما يعقبانه حتى قدموا
المدينة
183

ذكر ما يمنع الله جل وعلا كيد كفار قريش
عن المصطفى صلى الله عليه وسلم والصديق عند خروجهما
من مكة إلى المدينة
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن مالك
المدلجي وهو بن أخت سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره
أنه سمع سراقة يقول جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في
184

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتلهما
أو أسرهما قال فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي
بني مدلج أقبل رجل منها حتى قام علينا فقال يا سراقة إني
رأيت آنفا أسودة بالساحل لا أراها إلا محمدا وأصحابه قال
سراقة فعرفت أنهم هم فقلت إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت
فلانا وفلانا انطلقوا بنا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت
فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي وهي من وراء
أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت
فخططت به الأرض فأخفضت عالية الرمح حتى أتيت فرسي
فركبتها ورفعتها تقرب بي حتى إذا رأيت أسودتهم فلما دنوت
من حيث يسمعهم الصوت عثر بن فرسي فخررت عنها فأهويت
بيدي إلى كنانتي فاستخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج
185

الذي أكره فعصيت الأزلام وركبت فرسي ورفعتها تقرب
بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر
يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين
فخررت عنها فيسرقه فنهضت ولم تكد تخرج يديها فلما
استوت قائمة إذا عثان ساطع في السماء
قال معمر قلت لأبي عمرو بن العلاء ما العثان فسكت
ساعة ثم قال هو الدخان من غير نار
قال معمر قال الزهري في حديثه فاستقسمت بالأزلام
فخرج الذي أكره أن لا أضرهم فناديتهما بالأمان فوقفا فركبت
فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حتى لقيت من الحبس عنهم
أنه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن قومك قد جعلوا فيك
الدية وأخبرتهم من أخبار أسفارهم وما يريد الناس بهم وعرضت
عليهم الزاد والمتاع فلم يرزؤوني ولم يسألوني إلا أن
قالوا أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة فأمر به
186

عامر بن فهيرة فكتب لي في رقعة من آدم بيضاء
187

ذكر وصف قدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة عند هجرتهم إلى يثرب
أخبرني الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا عبد الله بن
رجاء الغداني حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال
سمعت البراء يقول اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب
رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمله
إلى أهلي فقال له عازب لا حتى تحدثني كيف صنعت أنت
ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم
فقال ارتحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم
الظهيرة فرميت ببصري هل نرى ظلا نأوي إليه فإذا
أنا بصخرة
فانتهيت إليها فإذا بقية ظلها فسويته ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم قلت اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم ذهبت أنظر هل
أرى من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة
يريد منها مثل الذي أريد يعني الظل فسألته فقلت لمن أنت
يا غلام قال الغلام لفلان رجل من قريش فعرفته فقلت هل في
غنمك من لبن قال نعم قلت هل أنت حالب لي قال نعم
فأمرته فاعتقل شاة من غنمه وأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار
188

ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا وضر إحدى يديه على
الأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد رويت معي لرسول
الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله
فاتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ
فقلت اشرب يا رسول الله فشرب فقلت قد آن الرحيل
يا رسول الله فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير
سراقة بن مالك بن جعثم على فرس له فقلت هذا الطلب قد
لحقنا يا رسول الله قال فبكيت فقال لا تحزن إن الله
معنا فلما دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاث قلت
هذا الطلب يا رسول الله قد لحقنا فبكيت قال ما يبكيك
قلت أما والله ما على نفسي أبكي ولكن أبكي عليك فدعا عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اكفناه بما شئت قال فساخت به
فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثم قال يا محمد قد
علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه فوالله
لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك
ستمر على إبلي وغنمي في مكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك
189

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في إبلك ودعا له رسول
الله صلى الله عليه وسلم فانطلق راجعا إلى أصحابه
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتينا المدينة ليلا فتنازعه القوم
أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنزل
الليلة على بني ماتت أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك فخرج
الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت من الغلمان
والخدم يقولون جاء محمد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مطرف
انطلق فنزل حيث أمر
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو
سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله
جل وعلا قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها
فول وجهك شطر المسجد الحرام قال وقال
السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي
كانوا عليها فأنزل الله جل وعلا قل لله المشرق والمغرب
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
قال وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فخرج بعدما صلى
فمر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت
المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد
وجه نحو الكعبة فانحرف القوم حتى توجهوا إلى الكعبة
قال البراء وكان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن
190

عمير أخو بني عبد الدار بن قصي فقلنا له ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال هو مكانه وأصحابه على أثري ثم أتى بعده عمرو بن أم
مكتوم الأعمى أخو بني فهر فقلنا ما فعل من وراءك رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال هم الآن على أثري ثم أتانا بعده عمار بن
ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال ثم أتانا
عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عشرين من أصحابه راكبا ثم
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدهم وأبو بكر معه
قال البراء فلم يقدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورا
من المفصل ثم خرجنا نلقى العير فوجدناهم
قد حذروا
191

ذكر مواساة الأنصار بالمهاجرين مما ملكوا من
هذه الفانية الزائلة رضي الله عنهم
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب
عن أنس بن مالك أنه قال لما قدم المهاجرون من مكة إلى
المدينة قدموا وليس بأيديهم شئ وكان الأنصار أهل الأرض
والعقار قال فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم أنصاف
ثمار أموالهم كل عام فيكفوهم العمل قال وكانت أم أنس بن
مالك أعطت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعذاقا لها فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم
أيمن مولاته أم أسامة بن زيد فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل
أهل خيبر وانصرف إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار
منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم قال فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى أمي أعذاقها وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانها
من حائطه
192

ذكر عدد غزوات المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد وابن كثير عن
شعبة حدثنا أبو إسحاق قال
خرج الناس يستسقون وفيهم زيد بن أرقم ما بيني وبينه إلا
رجل قال قلت كم غزا وقال بن كثير يا أبا عمرو كم غزا
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تسع عشرة قلت كم غزوت معه قال
سبع عشرة قلت ما أول ما غزا قال ذو العشيرة أو العسيرة
فصلى عبد الله بن زيد بالناس ركعتين
193

3 - باب
من صفته صلى الله عليه وسلم وأخباره
أخبرنا أبو خليفة حدثنا الحوضي وابن كثير عن شعبة عن
أبي إسحاق
عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين
المنكبين له شعر يبلغ شحمة أذنيه رأيته في حلة حمراء لم أر قط
أحسن منه صلى الله عليه وسلم
195

ذكر وصف قامة المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا السختياني حدثنا أبو كريب حدثنا إسحاق بن
منصور عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن
أبي إسحاق قال
سمعت البراء يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس
وجها وأحسنهم خلقا وخلقا ليس بالطويل الذاهب
196

ولا بالقصير
ذكر لون المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عبد الله بن قحطبة حدثنا وهب بن بقية حدثنا
خالد عن حميد
عن أنس قال كان لون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر
197

ذكر ما كان يشبه به وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا الفضل بن دكين حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال
قال رجل للبراء كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال
لا ولكن مثل القمر
198

ذكر وصف عين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال حدثنا عبيد الله بن
معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال
سألت جابر بن سمرة عن صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان أشكل
العينين ضليع الفم منهوس العقب
199

ذكر البيان بأن قول جابر بن سمرة أشكل العينين
أراد به أشهل العينين
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سماك بن حرب
عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم
أشهل العينين منهوس الكعبين أو القدمين
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان
من أحسن الناس ثغرا
أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي حدثنا نصر بن علي
الجهضمي حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثني سماك بن
الوليد أخبرني بن عباس
200

أخبرني عمر بن الخطاب قال ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
من أحسن الناس ثغرا
ذكر وصف شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا شيبان بن
أبي شيبة حدثنا جرير بن حازم حدثنا قتادة قال
قلت لأنس بن مالك كيف
كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان شعرا رجلا ليس بالجعد ولا بالسبط بين أذنيه وعاتقه
201

ذكر وصف الشعرات التي شابت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت أنهم
قالوا لأنس بن مالك هل شاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ما شانه الله بشيب ما كان في رأسه ولحيته سوى سبع عشرة أو ثمان عشرة شعرة
202

ذكر خبر أوهم بعض الناس ضد ما وصفناه
حدثنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عبد
الملك بن زنجويه حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت
عن أنس قال ما عددت في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا
أربع عشرة شعرة بيضاء
ذكر البيان بأن قول أنس الذي ذكرناه لم يرد به
النفي عما وراء ذلك العدد
أخبرنا محمد بن زهير بالأبلة حدثنا محمد بن عمر بن الوليد
203

الكندي حدثنا يحيى بن آدم عن شريك عن عبيد الله بن عمر
عن نافع
عن بن عمر قال كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين شعرة
ذكر الموضع الذي كان فيه تلك الشعرات
حدثنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا شريك عن عبيد الله بن عمر
عن نافع
عن بن عمر قال رأيت شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من
عشرين شعرة بيضاء في مقدمته
204

ذكر البيان بأن الشعرات التي وصفناها لم تكن في
لحية المصطفى صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بدنه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الصمد حدثنا المثنى بن سعيد الضبعي حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يخضب إنما
كان شمط عند العنفقة يسيرا وفي الرأس يسيرا
وفي الصدغين يسيرا
205

ذكر البيان بأن الشعرات التي ذكرناها كان
إذا مشطن ودهن لم يتبين شيبها
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا عبد
الرحيم بن سليمان
حدثنا إسرائيل
عن سماك
أنه سمع جابر بن سمرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط
مقدم رأسه ولحيته وإذا دهن ومشطن لم يتبين وإذا شعث رأيته
وكان كثير الشعر واللحية فقال رجل وجهه مثل السيف قال
لا كان مثل الشمس والقمر المستدير قل فرأيت خاتمه عند
كتفه مثل بيضة النعامة يشبه جسده
206

ذكر البيان بأن هذه اللفظة مثل بيضة النعامة
وهم فيه إسرائيل إنما هو مثل بيضة الحمامة
أخبرنا سليمان بن الحسن العطار حدثنا عبيد الله بن معاذ
العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن سماك
عن جابر بن سمرة قال نظر إلى الخاتم الذي على
النبي صلى الله عليه وسلم قال كأنه بيضة حمامة
207

ذكر تخصيص الله جل وعلا صفيه المصطفى صلى الله عليه وسلم
بالخاتم الذي جعله بين كتفيه
أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز حدثنا
عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا ثابت بن يزيد عن عاصم الأحول
عن عبد الله بن سرجس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبصر الخاتم
الذي بين كتفيه
208

ذكر وصف الخاتم الذي كان بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عمرو بن
أبي عاصم النبيل حدثنا أبي حدثنا عزرة بن ثابت حدثنا علباء بن أحمر اليشكري
حدثنا أبو زيد قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ادن مني
فامسح ظهري قال فكشفت عن ظهره وجعلت الخاتم بين
أصبعي فغمزتها قيل وما الخاتم قال شعر مجتمع
على كتفه
ذكر البيان بأن قول أبي زيد على كتفه
أراد به بين كتفيه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا روح بن عبادة حدثنا شعبة عن سماك بن حرب
209

أنه سمع جابر بن سمرة يقول رأيت الخاتم الذي بين كتفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل بيضة الحمامة لونها لون جسده
ذكر حقيقة الخاتم الذي كان للنبي صلى الله عليه وسلم
معجزة لنبوته
أخبرنا نصر بن الفتح بن سالم المربعي العابد
بسمرقند حدثنا رجاء بن مرجى الحافظ حدثنا إسحاق بن إبراهيم قاضي
سمرقند حدثنا بن جريج عن عطاء
عن بن عمر قال كان خاتم النبوة في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثل البندقة من لحم عليه مكتوب محمد رسول الله
210

ذكر الوصف لين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وطيب عرقه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن
زيد عن ثابت عن أنس قال ما مسست حريرا قط ولا ديباجا ألين من كف
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت ريحا قط ولا عرقا أطيب من ريح عرق
رسول الله صلى الله عليه وسلم
211

ذكر وصف طيب ريح المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عبد الله بن قحطبة حدثنا وهب بن بقية حدثنا
خالد عن حميد
عن أنس قال ما شممت مسكة ولا عنبرة قط أطيب من
ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر البيان بأن عرق صفي الله صلى الله عليه وسلم
قد كان يجمع ليتطيب به
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا إبراهيم بن الحجاج
السامي حدثنا وهيب عن أيوب عن أبي قلابة
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي أم سليم فيقيل عندها على
نطع وكان كثير العرق فتتبع العرق من النطع فتجعله في
قوارير مع الطيب وكان يصلي على الخمرة
212

ذكر وصف حياء المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يحيى بن سعيد
حدثنا شعبة حدثني قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة
عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء
من العذراء في خدرها
213

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن قتادة لم يسمع
هذا الخبر من عبد الله بن أبي عتبة
أخبرنا عبد الكبير بن عمر الخطابي بالبصرة وعمر بن محمد
الهمداني بالصغد قالا حدثنا أحمد بن سنان القطان قال
سألت عبد الرحمن بن مهدي فقلت يا أبا سعيد كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها قال نعم عن
مثل هذا فاسأل عن مثل هذا فاسأل حدثنا شعبة عن قتادة قال
سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث
عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء
من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه
214

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
عبد الله بن أبي عتبة مجهول لا يعرف
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا
عبد الله عن شعبة عن قتادة قال سمعت عبد الله بن أبي عتبة مولى
أنس بن مالك
عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء
من العذراء في خدرها إذا رأى شيئا يكرهه عرفنا ذلك في
وجهه
ذكر وصف مشي المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا مشى مع أصحابه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة
حدثه عن أبي هريرة أنه سمعه يقول ما رأيت شيئا أحسن
من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الشمس تجري في وجهه وما رأيت
أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
كأن الأرض تطوى له إنا
لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث
215

ذكر البيان بأن مشية المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت تكفيا
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه
اللؤلؤ إذا مشى مشى تكفيا
ذكر وصف التكفي المذكور في خبر أنس بن مالك الذي ذكرناه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير
عن علي بن أبي طالب أنه كان إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال
216

كان عظيم الهامة أبيض مشربا حمرة عظيم اللحية طويل
المسربة شثن الكفين والقدمين إذا مشى كأنه يمشي في صبب
لم أر مثله قبله ولا بعده
217

ذكر ما كان يستعمل عند مشي النبي صلى الله عليه وسلم
في طرقه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
داود بن رشيد حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن
نبيح العنزي
عن جابر بن عبد الله قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
خرجوا معه مشوا أمامه وتركوا ظهره للملائكة
218

ذكر وصف أسامي المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لي أسماء
وأنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر
الذي يحشر الناس على قدمه وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي
وقد سماه الله رؤوفا رحيما
219

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا أبو يعلى حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير
عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة
220

عن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه
أسماء فقال أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي
الرحمة ونبي الملحمة
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ما وصفنا
وهو في بعض سكك المدينة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا روح حدثنا حماد بن سلمة عن
عاصم بن أبي النجود عن زر
221

عن حذيفة بن وابنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
في سكة من سكك المدينة أنا محمد وأحمد والحاشر والمقفي
ونبي الرحمة
ذكر وصف قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم القرآن
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا سفيان بن حرب قال حدثنا
جرير بن حازم عن قتادة قال
سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان صلى الله عليه وسلم
222

يمد صوته مدا
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد بن جرير بن حازم
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا علي بن
نصر بن علي الجهضمي قال أخبرنا عمرو بن عاصم قال حدثنا
همام بن يحيى وجرير بن حازم عن قتادة
عن أنس بن مالك قال كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مدا يمد
ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم
223

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم
كان من أحسن الناس قراءة إذا قرأ
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا أبو معمر
القطيعي حدثنا سفيان عن مسعود عن عدي بن ثابت
عن البراء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فما سمعت
شيئا قط أحسن قراءة منه
ذكر الإخبار عن قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
على الجن القرآن
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة
قال حدثنا بن وهب
قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بت
الليلة أقرأ على الجن رفقاء بالحجون
224

قال أبو حاتم رضي الله عنه في قول بن مسعود سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بت الليلة أقرأ على الجن بيان واضح بأنه
لم يشهد ليلة الجن إن لو كان شاهدا ليلتئذ لم يكن بحكايته عن
المصطفى صلى الله عليه وسلم قراءته على الجن معنى ولأخبر أنه شهده
يقرأ عليهم
ذكر ما أبان الله جل وعلا فضيلة صفيه صلى الله عليه وسلم
بقراءته على الجن القرآن
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن
علقمة قال
قلت لابن مسعود هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
225

منكم أحد فقال ما صحبه منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة
فقلنا اغتيل أو استطير فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان من
السحر أو قال في الصبح إذا نحن به يجئ من قبل حراء
فقلنا يا رسول الله فذكرنا له الذي كانوا فيه فقال صلى الله عليه وسلم إنه أتاني
داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم
ذكر إنذار الشجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالجن ليلتئذ
أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس قال حدثنا حامد بن
يحيى البلخي قال حدثنا سفيان عن مسعر بن كدام وكان من معادن
الصدق عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا عبيدة يقول سمعت مسروقا يقول
حدثني أبوك أن الشجرة أنذرت النبي صلى الله عليه وسلم بالجن
ليلة الجن
226

ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا
أبو كامل الجحدري قال حدثنا فضيل بن سليمان عن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم
مصلى
227

ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال
حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن بن إسحاق قال
حدثني أبو جعفر محمد بن علي ونافع
أن عمرو بن رافع مولى عمر بن الخطاب حدثهما أنه كان
يكتب المصاحف في عهد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال فاستكتبتني
حفصة مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الآية من سورة البقرة
فلا تكتبها حتى تأتيني بها فأملها عليك كما حفظتها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال فلما بلغتها جئتها بالورقة التي أكتبها فقالت
اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر
وقوموا لله قانتين
228

ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن عمر الحوضي
قال حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة
عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن إذا شهد أن
لا إله إلا الله وعرف محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره فذلك قوله يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
(إبراهيم: 27)
ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
لو شئت لاتخذت عليه أجرا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عمرو بن محمد
الناقد قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال
حدثني أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لو شئت
لاتخذت عليه أجرا مخففة
232

ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
قال حدثنا أبو داود عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن حمزة عن
أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس
عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سألتك عن شئ
بعدها فلا تصاحبني سألتك همز قد بلغت من لدني
233

عذرا
ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهل من مدكر
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد قال
حدثنا شعبة قال حدثنا أبو إسحاق قال سمعت الأسود بن يزيد يحدث
عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فهل من مدكر
234

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الله الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا يحيى بن آدم قال حدثنا زهير قال حدثنا
أبو إسحاق قال
سمعت رجلا يسأل الأسود بن يزيد وهو يعلم الناس القرآن في
المسجد كيف تقرأ فهل من مدكر دالا أو ذالا فقال بل دالا
سمعت عبد الله بن مسعود يقول قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل من
مدكر دالا
235

ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
إني أنا الرزاق ذو القوة المتين
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا روح بن عبد المؤمن المقرئ قال حدثنا علي بن نصر
قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود
عن عبد الله قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أنا الرزاق ذو
القوة المتين
236

ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الأعمش
عن إبراهيم
أن علقمة قال قدمت الشام فأخبر أبو الدرداء فأتانا
فقال أيكم يقرأ علي قراءة بن أم عبد قال قلنا كلنا نقرأ قال
أيكم أقرأ قال فأشار أصحابي إلي قال أبو الدرداء أحفظت
قلت نعم قال كيف كان يقرأ والليل إذا يغشى
قلت والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى فقال
أنت حفظتها من عبد الله قال قلت نعم قال وأنا والذي لا إله
غيره هكذا سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء يريدون والله
لا أتابعهم أبدا
237

ذكر الخبر
المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به إبراهيم عن الأعمش
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن مر الحوضي عن
شعبة عن اني قال سمعت إبراهيم يقول
ذهب علقمة إلى الشام فأتى المسجد فصلى ركعتين ثم
قال اللهم ارزقني جليسا صالحا فقد إلى أبي الدرداء فقال
ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أليس فيكم صاحب السر
الذي كان لا يعلمه غيره حذيفة أليس فيكم الذي أجاره الله على
لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الشيطان عمار بن ياسر أليس فيكم صاحب السواد
عبد الله بن مسعود وقال كيف تقرأ هذه الآية والليل إذا يغشى
والنهار إذا تجلى فقلت والذكر والأنثى قال فما زال هؤلاء
239

كادوا يشككوني وقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم
يحسب أن ماله أخلده
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة قال حدثنا
نوح بن حبيب قال حدثنا عبد الملك بن هشام الذماري قال حدثنا
سفيان بن سعيد عن محمد بن المنكدر
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ يحسب أن
ماله أخلده
240

ذكر إصطفاء الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم
من بين ولد إسماعيل صلوات الله عليه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن
عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن
شداد أبي عمار
عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله
اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى
من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
ذكر شق جبريل عليه السلام صدر
المصطفى صلى الله عليه وسلم في صباه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن
سلمة عن ثابت
242

عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب
مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق قلبه فاستخرج منه علقة فقال
هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم
ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني
ظئره فقالوا إن محمدا قد قتل فاستقبلوه منتقع اللون
قال أنس قد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره صلى الله عليه وسلم
قال أبو حاتم شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وهو صبي يلعب مع
الصبيان وأخرج منه العلقة ولما أراد الله جل وعلا الإسراء به أمر
جبريل بشق صدره ثانيا وأخرج قلبه فغسله ثم أعاده مكانه مرتين
في موضعين وهما غير متضادين
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا مسروق بن
243

المرزبان حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن
جهم بن أبي جهم عن عبد الله بن جعفر
عن حليمة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية التي أرضعته قالت
خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان
لي قمراء في سنة شهباء لم تبق شيئا ومعي زوجي ومعنا
شارف لنا والله ما إن يبض علينا بقطرة من لبن ومعي صبي
لي إن ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه فلما قدمنا
مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه وإنما
كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود وكان يتيما وكنا نقول
يتيما ما عسى أن تصنع أمه به حتى لم يبق من صواحبي امرأة
إلا أخذت صبيا غيري فكرهت أن أرجع ولم أجد شيئا وقد أخذ
صواحبي فقلت لزوجي والله لأرجعن إلى ذلك اليتيم
فلآخذنه فأتيته فأخذته ورجعت إلى رحلي فقال زوجي قد
أخذتيه فقلت نعم والله وذاك أني لم أجد غيره فقال قد
أصبت فعسى الله أن يجعل فيه خيرا
244

قالت فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري أقبل عليه ثديي
بما شاء الله من اللبن فشرب حتى روي وشرب أخوه يعني
ابنها حتى روي وقام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها
حافل فحلبها من اللبن ما شئنا وشرب حتى روي وشربت حتى
رويت وبتنا ليلتنا تلك شباعا رواء وقد نام صبياننا يقول أبوه
- يعني زوجها والله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبت نسمة
مباركة قد نام صبينا وروي
قالت ثم خرجنا فوالله لخرجت أتاني أمام الركب حتى
إنهم ليقولون ويحك كفي عنا أليست هذه بأتانك التي خرجت
عليها فأقول بلى والله وهي قدامنا حتى قدمنا منازلنا من حاضر
بني سعد بن بكر فقدمنا على أجدب أرض الله فوالذي نفس
حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا ويسرح راعي
غنمي فتروح بطانا لبنا حفلا وتروح أغنامهم جياعا هالكة
ما لها من لبن قالت فنشرب ما شئنا من اللبن وما من الحاضر
أحد يحلب قطرة ولا يجدها فيقولون لرعائهم ويلكم
ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة فيسرحون في الشعب
الذي تسرح فيه فتروح أغنامهم جياعا ما بها من لبن وتروح غنمي
لبنا حفلا
وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في شهر ويشب في الشهر
245

شباب الصبي في سنة فبلغ سنة وهو غلام جفر قالت
فقدمنا على أمه فقلت لها وقال لها أبوه ردي علينا مشهور
فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة ونحن أضن شئ به
مما رأينا من بركته قالت فلم نزل حتى قالت ارجعا به فرجعنا به فمكث عندنا شهرين
قالت فبينا هو يلعب وأخوه يوما خلف البيوت يرعيان بهما
لنا إذ جاءنا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه أدركا أخي القرشي
قد جاءه رجلان فأضجعاه وشقا بطنه فخرجنا نشتد فانتهينا إليه
وهو قائم منتقع لونه فاعتنقه أبوه واعتنقته ثم قلنا مالك أي
بني قال أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني ثم شقا
246

بطني فوالله ما أدري ما صنعا قالت فاحتملناه ورجعنا به قالت
يقول أبوه يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب فانطلقي
فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف قالت فرجعنا به
فقالت ما يردكما به فقد كنتما حريصين عليه قالت فقلت
لا والله إلا أنا كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا ثم تخوفنا
الأحداث عليه فقلنا يكون في أهله فقالت أمه والله ما ذاك
بكما فأخبراني خبركما وخبره فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها
خبره قالت فتخوفتما عليه كلا والله إن لابني هذا شأنا إلا
أخبركما عنه إني حملت به فلم أحمل حملا قط كان أخف علي
ولا أعظم بركة منه ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين
وضعته أضاءت له أعناق الإبل ببصرى ثم وضعته فما وقع كما
يقع الصبيان وقع واضعا يده بالأرض رافعا بصره إلى السماء
دعاه والحقا بشأنكما
247

قال أبو حاتم قال وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن
محمد بن إسحاق حدثنا جهم بن أبي جهم نحوه حدثناه عبد الله بن
محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وهب بن جرير
ذكر شق جبريل عليه السلام صدر
المصطفى صلى الله عليه وسلم في صباه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن
أبي شيبة قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب
مع الصبيان فأخذه فصرعه فشق قلبه فاستخرج منه علقة
فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء
زمزم ثم أعاده في مكانه فجاءه الغلمان يسعون إلى أمه يعني
ظئره فقال إن محمدا قد قتد فلستقبلوه منتقع اللون
249

قال أنس كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره صلى الله عليه وسلم
ذكر ما خص الله جل وعلا رسوله دون البشر
بما كان يرى خلفه كما كان يرى امامه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل ترون قبلتي
ها هنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم وإني لأراكم من
وراء ظهري
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يرى من خلفه
كما يرى بين يديه فرقا بينه وبين أمته
أخبرنا أبو يعلى حدثنا علي بن الجعد حدثنا بن أبي ذئب
عن عجلان
250

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني
لأنظر إلى
ما ورائي كما أنظر إلى ما بين يدي فأقيموا صفوفكم وحسنوا
ركوعكم وسجودكم
ذكر بعض العلة التي من أجلها كان
يتأمل صلى الله عليه وسلم خلفه منهم ذلك
أخبرنا بن خزيمة حدثنا محمد بن معمر حدثنا مسلم بن
إبراهيم حدثنا أبان بن يزيد العطار حدثنا قتادة
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رصوا صفوفكم وقاربوا بينها
وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من
خلل الصفوف كأنها الحذف
قال مسلم الحذف النقد الصغار
251

ذكر ما عرف الله جل وعلا عن صفيه صلى الله عليه وسلم
أسباب هذه الفانية الزائلة عند
ابتداء إظهار الرسالة
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا أبو الأحوص عن سماك
عن النعمان بن بشير قال ألستم في طعام وشراب
ما شئتم لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ
به بطنه
ذكر البيان بأن هذه الحالة كانت بالمصطفى صلى الله عليه وسلم
عند اعتراض حالة الاضطرار والاختبار له
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن أبي بكر
252

المقدمي حدثنا أبو عوانة عن سماك
عن النعمان بن بشير قال سمعته يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه وهو جائع
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن سماك بن حرب
لم يسمع هذا الخبر من النعمان بن بشير
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال
سمعت النعمان بن بشير يخطب قال قال عمر وذكر
ما أصاب الناس من الدنيا لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي وما
يجد من الدقل ما يملأ بطنه
253

ذكر سؤال المصطفى صلى الله عليه وسلم ربه جل وعلا
أن تعزب الدنيا عن آله
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا أبو أسامة قال سمعت الأعمش يحدث عن عمارة بن
القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجعل
رزق آل محمد كفافا
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم كفافا أراد به قوتا
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا العباس بن عبد
العظيم قال حدثنا محاضر بن المورع قال حدثنا الأعمش عن
ابن أخي بن شبرمة عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل رزق آل
254

محمد قوتا
ذكر ما عزب الله جل وعلا الشبع من هذه
الفانية عن آل صفيه صلى الله عليه وسلم أياما معلومة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني حدثنا
أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن الفضيل بن
غزوان عن أبي حازم
255

عن أبي هريرة قال ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام واحد
ثلاثا حتى قبض صلى الله عليه وسلم إلا الأسودين التمر والماء
ذكر البيان بأن الحالة التي ذكرناها كانت اختيارا
من المصطفى صلى الله عليه وسلم لأهله دون أن تكون
تلك حالة اضطرارية
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا
256

المحاربي عن يزيد بن جلس عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال ما أشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثة أيام
تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا
ذكر خبر أوهم عالما من الناس أنه مضاد
لخبر أبي هريرة الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال
سألت سهل بن سعد الساعدي فقلت هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم
النقي فقال سهل ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين
ابتعثه الله حتى قبضه قال فقلت هل كان لكم في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل قال ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه
حتى قبضه فقلت كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول قال
257

كنا نطحنه فننفخه فيطير ما طار وما بقي ثريناه فأكلناه
ذكر ما كان فيه آل المصطفى صلى الله عليه وسلم من عدم
الوقود في دورهم بين أشهر متوالية
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن الصباح
الجرجرائي حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم حدثني أبي عن يزيد بن
رومان عن عروة
عن عائشة أنها قالت إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال
258

ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في بيوت رسول الله
صلى الله عليه وسلم نار قلت يا خالة فيما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر
والماء إلا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار نعم
الجيران كانت لهم منائح فكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من
ألبانها فكان يستقينا منه
ذكر البيان بأن آل المصطفى صلى الله عليه وسلم لم الريح يدخرون
الشئ الكثير لما يستقبلون من الأيام
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
عفان حدثنا أبان العطار حدثنا قتادة
عن أنس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم ما مطرف في آل
259

محمد صاع بر ولا صاع تمر وإن له يومئذ تسع نسوة صلى الله عليه وسلم
ذكر ما كان يتمنى المصطفى صلى الله عليه وسلم
الإقلال من هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
حدثنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس
260

محمد بيده لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي علي ثلاث
وعندي منه دينار لا أجد من يتقبله مني ليس شئ أرصده
لدين علي
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال
حدثنا محمد بن خلف الداري قال حدثنا معمر بن يعمر قال حدثنا
261

معاوية بن سلام قال حدثني أخي زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام
قال حدثني عبد الله بن لحي الهوزني قال
لقيت بلالا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا بلال أخبرني
كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما كان له من شئ وكنت
أنا الذي ألي ذلك منذ بعثه الله حتى توفي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أتاه
الإنسان المسلم فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري
البردة أو النمرة فأكسوه وأطعمه حتى اعترضني رجل من
المشركين فقال يا بلال إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد
إلا مني ففعلت فلما كان ذات يوم توضأت ثم قمت أؤذن بالصلاة فإذا
المشرك في عصابة من التجار فلما رآني قال يا حبشي قال
قلت يا لبيه فتجهمني وقال لي قولا غليظا وقال أتدري كم
بينك وبين الشهر قال قلت قريب قال لي إنما بينك وبينه
أربع لأسقيتهم بالذي عليك فإني لم أعطك الذي أعطيتك من
كرامتك علي ولا كرامة صاحبك ولكني إنما أعطيتك لتجب لي عبدا
فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك فأخذ في نفسي ما يأخذ
الناس فانطلقت ثم أذنت بالصلاة حتى إذا صليت العتمة
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فاستأذنت عليه فأذن لي فقلت
262

يا رسول الله معبد أنت إن المشرك الذي ذكرت لك أني كنت
أتدين منه قال لي كذا وكذا وليس عندك ما تقضي عني
ولا عندي وهو فاضحي فأذن لي أنوء إلى بعض هؤلاء الأحياء
الذين أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني فقال صلى الله عليه وسلم
إذا شئت اعتمدت
قال فخرجت حتى آتي منزلي فجعلت سيفي وجعبتي
ومجني ونعلي عند رأسي واستقبلت بوجهي الأفق فكلما نمت
ساعة استنبهت فإذا رأيت علي ليلا نمت حتى أسفر الصبح
الأول أردت أن أنطلق فإذا إنسان يسعى يدعو يا بلال أجب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت حتى أتيته فإذا
أربع ركائب قسميها
عليهن أحمالهن فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته فقال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبشر فقد جاء الله بقضائك فحمدت الله وقال
ألم تمر على الركائب المناخات الأربع فقلت بلى فقال إن
لك رقابهن وما عليهن كسوة وطعام أهداهن إلي عظيم
فدك فاقبضهن ثم اقض دينك قال ففعلت
فحططت عنهن أحمالهن ثم عقلتهن ثم عمدت إلى تأذين صلاة
الصبح حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت للبقيع فجعلت
263

أصبعي في أذني فناديت من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم دينا
فليحضر فما زلت أبيع وأقضي وأعرض فأقضي حتى إذا فضل
في يدي أوقيتان أو أوقية ونصف انطلقت إلى المسجد وقد ذهب
عامة النهار فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده فسلمت
عليه فقال ما فعل ما قبلك فقلت قد قضى الله كل شئ كان
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق شئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل
شئ قال قلت نعم قال انظر أن تريحني منها فلما
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة دعاني فقال ما فعل مما قبلك
قال قلت هو معي لم يأتنا أحد فبات في المسجد حتى
أصبح فظل في المسجد اليوم الثاني حتى كان في آخر النهار
جاء راكبان فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما حتى إذا صلى
العتمة دعاني فقال صلى الله عليه وسلم ما فعل الذي قبلك فقلت قد
أراحك الله منه يا رسول الله فكبر وحمد الله شفقا أن يدركه
الموت وعنده ذلك ثم اتبعته حتى جاء أزواجه فسلم على امرأة
امرأة حتى أتى مبيته فهذا الذي سألتني عنه
264

ذكر ما مثل المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه
والدنيا بمثل ما مثل به
أخبرنا عبد الله بن محمد بن قحطبة بفم الصلح حدثنا
عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب
عن عكرمة
عن ابن عباس قال دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه وسلم
وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر
من هذا فقال يا عمر ما لي وللدنيا وما للدنيا ولي والذي
نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف
فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها
265

أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
قال حدثنا أبي قال حدثنا فضيل بن غزوان عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة فرأى على بابها
سترا فلم يدخل عليها قال وقلما كان يدخل إلا بدأ بها فجاء
علي رضوان الله عليه فرآها مهتمة فقال مالك فقالت جاءني
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يدخل فأتاه علي فقال يا رسول الله إن
فاطمة اشتد عليها أنك جئتها ولم تدخل عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما
أنا والدنيا وما أنا والرقم فذهب إلى فاطمة فأخبرها بقول رسول
266

الله صلى الله عليه وسلم فقالت فقل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرني قال قل لها فلترسل به إلى بني فلان
ذكر البيان بأن استعمال المصطفى صلى الله عليه وسلم
ما وصفنا لم يكن ذلك لبيت فاطمة دون غيرها
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا ربيع بن سليمان قال حدثنا أسد بن موسى قال
حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان
عن سفينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل بيتا مرقوما
267

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يجانب اتخاذ
الأسباب في الأكل والشرب إلا أن تعتريه أحوال
لا يكون منه القصد فيها
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبة بن خالد
حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة قال
كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم فقال كلوا فما أعلم
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا ولا شاة سميطة بعينه حتى
لحق بالله
268

ذكر العلة التي من أجلها كان تعترض
المصطفى صلى الله عليه وسلم الأحوال التي وصفناها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف في عدة
قالوا حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئا لغد
270

ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم
أنه مضاد لخبر أنس الذي ذكرناه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد وإبراهيم بن بشار عن
سفيان عن عمرو بن دينار ومعمر عن الزهري عن مالك بن
أوس بن الحدثان
عن عمر بن الخطاب
أن أموال بني النضير كانت مما أفاء الله
على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب
فكانت له خالصة فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته وما بقي
جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله
271

ذكر ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم في نفسه يتنكب
الشبع في اليوم الواحد أكثر من مرة
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أبو الطاهر بن
السرح حدثنا بن وهب أخبرني أبو صخر عن بن قسيط عن عروة
عن عائشة قالت لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز
وزيت في يوم واحد مرتين
272

ذكر الخبر الدال على أن هذه الحالة للمصطفى صلى الله عليه وسلم
كانت حالة اختيار لا اضطرار
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا عفان حدثنا
أبان بن يزيد حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمع له غذاء
273

ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم عند الوجود كان يتنكب
السرف في أسباب الأكل وكذلك يأمر أهله
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أبو الطاهر بن
السرح حدثنا بن وهب أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن عن
أبي حازم قال
سألت سهل بن سعد الساعدي هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم
النقي فقال سهل ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين ابتعثه الله
حتى قبضه فقلت هل كانت لكم مناخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه
274

قال قلت فكيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول قال نعم
كنا ننفخه فيطير ما طار منه وما بقي ثريناه فأكلناه
ذكر ما كان ضجاع المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال بن أخي الحجاج بن
المنهال بالبصرة حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة عن
هشام بن عروة عن عروة
عن عائشة قالت كان ضجاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من آدم حشوه
ليف قالت وكان يأتي علينا الشهر ما نستوقد نارا إنما هما الأسودان التمر والماء إلى أن يبعث إلينا جيران لنا
بغزيرة شاتهم
275

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كانت
تؤثر خشونة ضجاعه في جنبه خبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا موسى بن محمد بن
حيان حدثنا الضحاك بن مخلد عن المبارك بن فضالة عن الحسن
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على سرير وهو مرمل بشريط
قال فدخل عليه ناس من أصحابه ودخل عمر فانحرف
النبي صلى الله عليه وسلم فإذا الشريط قد أثر بجنبه فبكى عمر وقال والله إنا
لنعلم أنك أكرم على الله من كسرى وقيصر وهما فاجتزأ فيما
يعيثان فيه قال صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولنا
276

الآخرة قال بلى قال فسكت
ذكر إعطاء الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم
مفاتيح خزائن الأرض كلها
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بجوامع
الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن
الأرض فوضعت في يدي
قال أبو هريرة رضي الله عنه فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم
277

وأنتم تنتثلونها
278

ذكر وصف مفاتيح خزائن الأرض
حيث أتي صلى الله عليه وسلم في نومه
أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد حدثنا محمد بن
عبد العزيز بن أبي رزمة حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أخبرني
الحسين بن حكى حدثني أبو الزبير
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيت
بمقاليد الدنيا على فرس أبلق عليه قطيفة من سندس
279

أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو معمر حدثنا بن فضيل
عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر
إلى السماء فإذا ملك ينزل فقال له جبريل هذا الملك ما نزل
منذ خلق قبل الساعة فلما نزل قال يا محمد أرسلني إليك
ربك أملكا جعلك لهم أم عبدا رسولا فقال له جبريل تواضع
لربك يا محمد فقال صلى الله عليه وسلم لا بل عبدا رسولا
280

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن أصحاب الحديث
يصححون من الأخبار ما لا يعقلون معناها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن عبدة
الضبي حدثنا عبد الله بن رجاء المكي عن بن جريج عن
عطاء عن عبيد بن عمير قال
قالت عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حل له من النساء
ما شاء
281

قال أبو حاتم يشبه أن يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم حرم عليه النساء
مدة ثم أحل له من النساء قبل موته تفضلا تفضل عليه حتى
لا يكون بين الخبر والكتاب تضاد ولا تهاتر والذي يدل على
هذا قول عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حل له من النساء
أرادت بذلك إباحة بعد حظر متقدم على ما ذكرنا أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
العلاء بن كريب قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسن
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول تهب المرأة نفسها فلما أنزل الله ترجي
من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن
عزلت قالت قلت والله ما أرى ربك إلا يسارع
في هواك
282

ذكر البيان بأن المصطفى خرج من هذه الدنيا الفانية
الزائلة إلى ما وعده ربه من النصارى
وهو صفر اليدين منها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي حدثنا
إبراهيم بن هانئ حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا شيبان عن عاصم
عن زر
عن عائشة قالت سألها رجل عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت أعن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسألني لا أبا لك والله ما ورث
رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة
ولا بعيرا
283

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان
من أجود الناس وأشجعهم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبيد بن حساب
حدثنا حماد بن زيد عن ثابت
284

عن أنس أنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان خير الناس وكان
أجود الناس وكان أشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة
فانطلقوا قبل
الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج وفي
عنقه السيف وهو يقول للناس لم تراعوا يردهم ثم قال
للفرس وجدناه بحرا وإنه لبحر
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يستعمل
الجود مما يملك في شهر رمضان أو حين يلقاه
جبريل عليه السلام
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان
أجود ما يكون في شهر رمضان وحين يلقى جبريل وكان جبريل
يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم
حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة
285

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كان يبذل ما وصفناه
من هذه الدنيا مع ما يعزف نفسه عنها
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
حدثنا بن أبي فديك عن موسى بن يعقوب عن أبي حازم أن القاسم بن
محمد
أن عائشة أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع شبعتين في يوم حتى مات
286

ذكر البيان بأن الحالة التي وصفناها كان يستوي فيها صلى الله عليه وسلم
وأهله على السبيل الذي وصفناه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح بمكة حدثنا روح بن عبادة حدثنا
هشام بن حسان عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت لقد كان يأتي على أهل محمد صلى الله عليه وسلم شهر
ما يخبز فيه قلت يا أم المؤمنين ما كان يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت كان لنا جيران من الأنصار جزاهم الله خيرا كان لهم لبن
يهدون منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان لا يستكثر الكثير
من الدنيا إذا وهبها لمن لا يؤبه له احتقارا لها
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الواحد بن الصالح حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنما بين جبلين
287

فأتى الرجل قومه فقال أي قوم أسلموا فوالله إن محمدا صلى الله عليه وسلم
يعطي عطاء رجل ما يخاف الفاقة وإن كان الرجل ليأتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما يريد إلا دنيا يصيبها فما يمسي حتى يكون دينه أحب
إليه من الدنيا وما فيها
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به حماد بن سلمة عن ثابت
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عبد
الأعلى الصنعاني حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت حميدا قال
حدثنا أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بشاء بين
جبلين فرجع إلى قومه فقال أسلموا فإن محمدا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء
رجل لا يخشى الفاقة
288

ذكر ما كان يعطي صلى الله عليه وسلم من سأله من هذه الفانية الراحلة
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سالم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا بشر بن بكر حدثنا الأوزاعي حدثني إسحاق بن عبد الله
ابن أبي طلحة قال
سمعت أنس بن مالك يقول دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
المسجد وعليه رداء نجراني غليظ فقال له أعرابي من خلفه وأخذ
بجانب ردائه فاجتذبه حتى أثرت الصنفة في صفح عنق رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد أعطنا من مال الله الذي عندك فالتفت
إليه وتبسم صلى الله عليه وسلم وقال مروا له
289

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يكن يمنع أحدا
يسأله شيئا من هذه الفانية الزائلة
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا
سفيان بمكة وعبادان قال سمعت بن المنكدر يقول
سمعت جابر بن عبد الله يقول ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا
قط فأبى
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا نصر بن علي
الجهضمي أخبرنا سفيان عن بن المنكدر قال
سمعت جابرا يقول ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ قط فقال لا
290

ذكر البيان بأن خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم كان قطع القلب
عن هذه الدنيا وترك الادخار بشئ منها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت البناني
عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان
من أزهد الناس في الدنيا
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا
ابن وهب عن أبي هانئ أنه سمع علي بن رباح يقول
سمعت عمرو بن العاص يخطب الناس يقول أيها الناس
كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أزهد الناس
في الدنيا وأصبحتم أرغب
الناس فيها
291

ذكر قبول المصطفى صلى الله عليه وسلم الهدايا من أمته
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال
أخبرني حميد
عن أنس بن مالك قال بعثت معي أم سليم بشئ من
رطب في مكتل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجده في بيته قالوا
ذهب قريبا فإذا هو عند خياط مولى له صنع له طعاما فيه لحم
ودباء قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الدباء فجعلت أضعه بين يديه قال فرجع إلى بيته فوضعت المكتل بين يديه فما زال
يأكل ويقسم حتى لم يبق في المكتل شئ
292

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية
ممن أهداها له ولم يكن يقبل الصدقة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
وهب بن بقية قال أخبرنا خالد بن عبد الله عن محمد بن عمرو عن
أبي سلمة
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية
ولا يقبل الصدقة
293

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا أتي بصدقة
أمر أصحابه بأكلها وامتنع بنفسه عنها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن
زياد قال
سمعت أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام
من غير أهله سأل عنه فإن قيل هدية أكل وإن قيل صدقة
قال كلوا ولم يأكل
294

ذكر إرادة المصطفى صلى الله عليه وسلم ترك قبول الهدية
إلا عن قبائل معروفة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا داود بن رشيد حدثنا
يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن
لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي
295

أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال
حدثنا محمد بن إسماعيل بن علية قال حدثنا يونس بن محمد قال
حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس
عن بن عباس أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم فأثابه عليها
فقال رضيت قال لا فزاده وقال رضيت قال نعم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي
296

ذكر مخص الله جل وعلا به صفيه صلى الله عليه وسلم وفرق بينه
وبين أمته بأن قلبه كان لا ينام إذا نامت عيناه
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني وأحمد بن علي بن
المثنى قالا حدثنا محرز بن عون قال حدثنا مالك بن أنس عن سعيد
المقبري عن أبي سلمة
عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إعظاما للوتر تنام
عن الوتر قال يا عائشة إن عيني تنام ولا ينام قلبي
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا نام لم ينم
قلبه كما تنام قلوب غيره من
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
297

أبو قدامة عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى القطان عن بن عجلان قال
سمعت أبي يحدث
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تنام عيني
ولا ينام قلبي
ذكر وصف سن المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج والحسين بن
إدريس بن المبارك الأنصاري بهراة قالا حدثنا أحمد بن أبي بكر عن
مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
بالطويل البائن ولا بالقصير وليس بالأبيض الأمهق وليس بالآدم
ولا بالجعد القطط ولا السبط بعثه الله جل وعلا على رأس أربعين
سنة فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله جل
وعلا على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة
بيضاء صلى الله عليه وسلم
298

ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في خبر
أنس لم يرد به النفي عما وراءه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي
حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن بن شهاب عن عروة
عن عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بن ثلاث وستين
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
محمد بن عمرو الرازي زنيج حدثنا حكام بن سلم حدثنا عثمان بن
زائدة عن الزبير بن عدي
عن أنس بن مالك قال قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن ثلاث
300

وستين وقبض أبو بكر وهو بن ثلاث وستين وقبض عمر وهو ابن
ثلاث وستين
ذكر تفصيل هذا العدد الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق
حدثنا جعفر بن سليمان عن هشام عن بن سيرين
عن بن عباس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن أربعين
سنة ودعا الناس إلى الإسلام ولم يؤذن له في القتال ثلاث عشرة
سنة فكانت الهجرة عشر سنين فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بن
ثلاث وستين سنة
301

ذكر وصف خاتم المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا معتمر بن سليمان قال سمعت حميدا يحدث
عن أنس بن مالك قال كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة
فصه منه
302

ذكر العلة التي من أجلها اتخذ المصطفى صلى الله عليه وسلم
الخاتم من فضة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا
علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بيونس عن سعيد عن قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلي الأعاجم فقالوا له
إنهم لا يقرؤون كتابا إلا بخاتم فيه نقش فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخاتم فضة
فنقش فيه محمد رسول الله
303

ذكر وصف نقش ما وصفنا في خاتم المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبي قال حدثنا عرعرة بن
البرند قال حدثنا عزرة بن ثابت عن ثمامة
عن أنس قال كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسطر
محمد سطر ورسول والله سطر
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان له
خاتمان لا خاتم واحد
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا إسماعيل
ابن أبي أويس قال حدثني سليمان بن بلال عن يونس بن يزيد الأيلي
عن ابن شهاب
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة فيه فص حبشي
304

في يمينه كان يجعل فصه باطن كفه
ذكر البيان بأن الرائحة الطيبة قد كانت
تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة
عن مطرف
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس بردة سوداء فقالت عائشة ما
أحسنها عليك يا رسول الله يشوب بياضك سوادها ويشوب سوادها
305

بياضك فبأن منها ريح فألقاها وكان يعجبه الريح الطيبة
ذكر ما كان يحب المصطفى صلى الله عليه وسلم من الثياب
أخبرنا الحسن بن سفيان وأبو يعلى قال حدثنا هدبة بن
خالد حدثنا همام عن قتادة قال
قلنا لأنس بن مالك أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الحبرة قال أبو يعلى أي اللباس كان أعجب
306

ذكر وصف تعميم المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا مصعب بن عبد الله
الزبيري حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الله بن عمر عن نافع
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل عمامته بين كتفيه
وأن بن عمر كان يفعل ذلك
307

قال عبيد الله بن عمر ورأيت القاسم وسالما يفعلان ذلك
ذكر الخصال التي فضل صلى الله عليه وسلم بها على غيره
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن
عبد الرحيم البرقي حدثنا علي بن معبد حدثنا هشيم عن سيار حدثنا
يزيد الفقير
حدثنا جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعطيت
خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت
لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة
فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل أحد قبلي وأعطيت الشفاعة
وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة
308

أخبرنا أبو يعلى حدثنا هارون بن عبد الله الحمال حدثنا
ابن أبي فديك عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن عباس بن
عبد الرحمن بن ميناء الأشجعي
عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت أربعا لم
يعطهن أحد كان قبلنا وسألت ربي الخامسة فأعطانيها كان النبي
يبعث إلى قريته ولا يعدوها وبعثت كافة إلى الناس وأرهب منا
عدونا مسيرة شهر وجعلت لي الأرض طهورا ومساجد وأحل لنا
الخمس ولم يحل لأحد كان قبلنا وسألت ربي الخامسة فسألته
أن لا يلقاه عبد من أمتي يوحده إلا أدخله الجنة
فأعطانيها
309

ذكر ما فضل المصطفى صلى الله عليه وسلم على من قبله
من الخصال المعدودة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الشهيدي حدثنا بن فضيل عن أبي مالك الأشجعي
عن ربعي
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الناس
بثلاث جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعل ترابها لنا طهورا
إذا لم نجد الماء وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وأوتيت
هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعط
مثله أحد قبلي ولا أحد بعدي
310

ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في خبر
حذيفة لم يرد به النفي عما وراءه
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا موسى بن
إسماعيل حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الأنبياء
بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي
الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق
كافة وختم بي النبيون
ذكر إعطاء الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم
جوامع الكلم وخواتمه
أخبرنا أحمد بن عبد الله بحران حدثنا النفيلي حدثنا
زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص
عن عبد الله قال إن محمدا صلى الله عليه وسلم أوتي فواتح الكلام
وخواتمه أو جوامع الخير وخواتمه وإنا كنا لا ندري ما يقول إذا
311

جلسنا في الصلاة حتى علمنا فقال قولوا التحيات لله
والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم فضل بجوامع
الكلم على سائر الأنبياء صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا موسى بن
إسماعيل حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الأنبياء
بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي
الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون
ذكر كتبة الله جل وعلا عنده محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط حدثنا
312

الحارث بن مسكين حدثنا ب وهب قال وأخبرني معاوية بن صالح عن
سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي
عن العرباض بن سارية ها قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين وإن آدم
لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم
وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني أنه خرج منها نور
أضاءت لها منه قصور الشام
313

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم النبيين قبله
معه بما مثل به
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا يحيى بن
315

أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر وأخبرني عبد الله بن دينار عن
أبي صالح السمان
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء من
قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وكمله إلا موضع لبنة من
زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا
وضعت هذه اللبنة قال فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين صلوات الله عليهم
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء
بالقصر المبني
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
316

حدثنا يونس عن بن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن
أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا أولى
الناس بابن مريم الأنبياء أولاد علات وليس بيني وبينه نبي
قال فكان أبو هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل
الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه وترك منه موضع لبنة فطاف به
نظار فتعجبوا من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة لا يعيبون
غيرها فكنت أنا موضع تلك اللبنة ختم بي
الرسل
ذكر ما مثل المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه
مع الأنبياء أجمعين
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هارون بن معروف
حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
317

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثلي ومثل
الأنبياء قبل كمثل رجل بنى بنيانا أحسنه وأجمله وأكمله فجعل
الناس يطيفون به فيقولون ما رأينا أحسن من هذا إلا موضع ذي
اللبنة قال فكنت أنا تلك اللبنة
ذكر ما مثل المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه وأمته به
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثني الليث بن
سعد عن بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الناس
كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله أقبل خشاش
الأرض وفراشها وهذه الدواب التي تقتحم النار فتقتحم فيها
وهو يذبها فأنا اليوم آخذ بحجز الناس هلموا إلى الجنة هلموا
318

عن النار فهم تقتحمون فيها
319

ذكر مغفرة الله جل وعلا لصفيه صلى الله عليه وسلم
ما تقدم من ذنبه وما تأخر
حدثنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسير مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فسأله عمر عن شئ فلم يجبه بشئ
ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال
عمر ثكلتك أمك عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال
عمر فحركت بعيري حتى قدمته أمام الناس وخشيت أن يكون
نزل في قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فجئت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال قد أنزلت علي الليلة سورة هي
أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر
320

ذكر مغفرة الله جل وعلا ما تقدم من ذنوب
صفيه صلى الله عليه وسلم وما تأخر منها
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد
الرزاق عن معمر عن قتادة
عن أنس بن مالك قال نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ليغفر لك
الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر مرجعه من الحديبية قال
النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزلت علي آية أحب إلي مما على ظهر الأرض
فقرأها عليهم فقالوا هنيا مريا يا نبي الله قد بين الله لك ماذا
يفعل بك فما يفعل بنا فنزل عليه ليدخل المؤمنين والمؤمنات
جنات تجري من تحتها الأنهار حتى فوزا عظيما
322

ذكر العلم
الذي جعل الله جل وعلا لصفيه صلى الله عليه وسلم
الذي إذا ظهر له يجب أن يسبحه
ويحمده ويستغفره
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا وهب بن بقية قال
حدثنا خالد بن عبد الله قال حدثنا داود بن أبي هند عن عامر عن مسروق
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر قبل موته
أن يقول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه قالت
فقلت يا رسول الله إنك لتكثر من دعاء لم تكن تدعو به قبل
ذلك قال إن ربي جل وعلا أخبرني أنه سيريني علما في أمتي
فأمرني إذا رأيت ذلك العلم أن أسبحه وأحمده وأستغفره وإني قد
رأيته إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة
323

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله جل وعلا
بعد نزول ما وصفنا عند الصلوات
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج
قال حدثنا بن نمير عن الأعمش عن مسلم عن مسروق
عن عائشة قالت لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح
إلى آخرها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا قال سبحانك
اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي
ذكر ما خص الله جل وعلا به المصطفى صلى الله عليه وسلم من
إطعامه وسقيه عند وصاله
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا
أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيام
فبلغ ذلك الناس فواصلوا فنهاهم وقال إني لست كأحدكم
إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني
324

ذكر ما خص الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم عند
الوصال بالسقي والإطعام دون أمته
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الأعلى بن حماد وعبد
الواحد بن الصالح قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان فواصل ناس من
أصحابه فقال لو الفساد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون
تعمقهم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني
ذكر ما بارك الله في اليسير
من بركة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك عندنا شيئا من
شعير فما زلنا نأكل منه حتى كالته الجارية فلم يلبث أن فني ولو
325

لم تكله لرجوت أن يبقى أكثر
ذكر معونة الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم
على الشيطان حتى كان يسلم منه
أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز بالبصرة حدثنا
بشر بن معاذ العقدي حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة
عن شريك بن طارق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من
أحد إلا وله شيطان قالوا ولك يا رسول الله قال ولي إلا أن
الله أعانني عليه فأسلم
326

قال أبو حاتم هكذا قاله بالنصب
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم في خبر شريك بن طارق
إلا أن الله أعانني عليه فأسلم أراد بقوله
فأسلم بالنصب لا بالرفع
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن
منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم
من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله
327

قال وإياي إلا أن الله قد أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا
بخير
قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن الشيطان
المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلم حتى لم يأمره إلا بخير لا
أنه كان يسلم منه
وإن كان كافرا
328

ذكر خنق المصطفى صلى الله عليه وسلم الشيطان
الذي كان يؤذيه في صلاته
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد
عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اعترض لي الشيطان
في مصلاي هذا فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على
ظهر كفي فلولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا تنظرون
إليه
ذكر وصف دعوة سليمان التي من أجلها
ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشيطان
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
329

إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل حدثنا شعبة حدثنا محمد بن زياد قال
سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عفريتا من
الجن جعل يأتي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه
فأردت أن آخذه فأربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى
تصبحوا فتنظروا إليه كلكم قال ثم ذكرت قول أخي سليمان
رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي
(ص: 35) قال فرده الله خاشعا
ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد استجاب
دعوته التي سأل ربه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن يزيد
عن عبد الله الديلمي
عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن
سليمان بن داود سأل الله ثلاثا أعطاه اثنتين وأرجو أن يكون قد
أعطاه الثالثة سأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه وسأله
330

حكما يواطئ حكمه فأعطاه إياه وسأله من أتى هذا البيت يريد بيت
المقدس لا يريد إلا الصلاة فيه أن يخرج من خطيئة كيوم ولدته
أمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرجو أن يكون قد أعطاه الثالثة
ذكر إعطاء الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم النصر
على أعدائه عند الصبا إذا هبت
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن
مسرهد عن يحيى عن شعبة عن الحكم عن مجاهد
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نصرت بالصبا وأهلكت
عاد بالدبور
331

ذكر الخصال التي كان
يواظب عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
هاشم بن القاسم حدثنا الأشجعي عن عمرو بن قيس عن الحر
ابن الصباح عن هنيدة بن خالد الهدي
عن حفصة قالت أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة من كل شهر والركعتين
332

قبل الغداة
ذكر خصال كان يستعملها صلى الله عليه وسلم
يستحب لأمته الاقتداء به فيها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا الفضل بن موسى حدثنا حسين بن حكى عن يحيى بن عقيل
عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر
الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف أن
يمشي مع الأرملة أو المسكين فيقضي حاجته
333

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن يحيى بن عقيل
لم ير أحدا من الصحابة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أبو عمار
الحسين بن حكى عن يحيى بن عقيل قال
سمعت بن أبي أوفى يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر
ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف ولا يستكثر ان
يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته
ذكر اتخاذ الله جل وعلا صلى الله عليه وسلم خليلا
كاتخاذه إبراهيم صلوات الله عليه خليلا
أخبرنا أبو عروبة حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة
حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم حدثني زيد بن أبي أنيسة
عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن جميل النجراني
عن جندب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوفى
بخمس ليال خطب الناس فقال أيها الناس إنه قد كان فيكم
إخوة وأصدقاء وإني أبرأ إلى الله أن أتخذ منكم خليلا ولو أني
اتخذت من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا إن الله اتخذني
خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وإن من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم
وصالحيهم مساجد فلا تتخذوا قبورهم مساجد فإني أنهاكم عن ذلك
334

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
ما رواه إلا جميل النجراني
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد حدثنا
أبو عوانة عن عبد الملك عن عمير عن خالد بن ربعي قال
سمعت بن مسعود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن
صاحبكم خليل الله تعالى
335

ذكر رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم جبريل بأجنحته
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي
حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن الشيباني قال
سألت زر بن حبيش عن هذه الآية لقد رأى من آيات ربه
الكبرى قال قال عبد الله رأى جبريل صورته
له ست مائة جناح
336

ذكر البيان بأن عبد الله بن مسعود
سمع هذا الخبر من المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا القواريري حدثنا
يحيى بن سعيد القطان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا عاصم عن زر
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت جبريل عند
سدرة المنتهى وعليه ست مائة جناح ينثر من ريشه تهاويل
الدر والياقوت
337

ذكر عرض الله جل وعلا الجنة والنار
على المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عاصم بن النضر حدثنا
معتمر بن سليمان قال سمعت أبي حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل حتى أحفوه بالمسألة
فقال سلوني فوالله لا تسألوني عن شئ إلا بينته لكم قال
فأرم القوم وخشوا أن يكون بين يدي أمر عظيم قال أنس فجعلنا
نلتفت يمينا وشمالا فلا أرى كل رجل إلا قد دس رأسه في ثوبه
يبكي وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن
شئ إلا بينته لكم فقام رجل من ناحية المسجد فقال
يا نبي الله من أبي قال أبوك حذافة فقام عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فقال يا نبي الله رضينا بالله ربا
وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا نعوذ بالله من شر الفتن فقال
نبي الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت من الخير والشر كاليوم قط إنها صورت لي
الجنة والنار فأبصرتهما دون ذلك الحائط
338

ذكر عرض الله جل وعلا الأمم
على المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا زكريا بن يحيى زحمويه
حدثنا هشيم عن حصين بن عبد الرحمن قال
كنت عند سعيد بن جبير فقال لنا أيكم رأى الكوكب الذي
انقض البارحة قال قلت أنا اما إني لم أكن في الصلاة ولكني
لدغت قال فما فعلت قلت استرقيت قال وما حملك على
ذلك قال قلت حديث حدثناه الشعبي قال وما يحدثكم
الشعبي قال قلت حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه
قال لا رقية إلا من عين أو حمة قال فقال سعيد بن جبير حدثنا
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الأمم فرأيت النبي
ومعه رهط والنبي ومعه رجل والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد
عظيم فقلت هذه أمتي فقيل هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى
الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم ثم قيل لي أنظر إلى هذا الجانب الآخر
فإذا سواد عظيم فقيل لي أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير
حساب ولا عذاب
ثم نهض النبي صلى الله عليه وسلم فدخل فخاض القوم في ذلك وقالوا
339

من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب فقال بعضهم لعلهم
الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم لعلهم الذين ولدوا في
الاسلام ولم يشركوا بالله قط وذكروا أشياء فخرج إليهم
النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه فأخبروه
بمقالتهم فقال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون
وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال
انا منهم يا رسول الله قال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال
أنا منهم يا رسول الله قال سبقك بها عكاشة
340

أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني قال
حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا بن أبي عدي عن سعيد عن
قتادة عن الحسن والعلاء بن زياد عن عمران بن حصين
عن عبد الله بن مسعود قال تحدثنا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات
ليلة حتى أكرينا الحديث ثم تراجعنا إلى البيت فلما أصبحنا
غدونا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال نبي الله عرضت علي الأنبياء
الليلة بأتباعها من أمتها فجعل النبي يجئ ومعه الثلاثة من قومه
والنبي يجئ ومعه العصابة من قومه والنبي ومعه النفر من قومه
والنبي ليس معه من قومه أحد حتى أتى علي موسى بن عمران في
كبكبة من بني إسرائيل فلما رأيتهم أعجبوني فقلت يا رب
من هؤلاء قال هذا أخوك موسى بن عمران
قال وإذا ظراب من ظراب مكة قد سد وجوه الرجال
341

قلت رب من هؤلاء قال أمتك قال فقيل لي رضيت
قال قلت رب رضيت رب رضيت قال ثم قيل لي إن مع
هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة لاحساب عليهم قال فأنشأ
عكاشة بن محصن أخو بني أسد بن خزيمة فقال يا نبي الله
أدع ربك أن يجعلني منهم قال اللهم اجعله منهم قال ثم أنشأ رجل آخر فقال يا نبي الله ادع ربك أن يجعلني منهم
فقال سبقك بها عكاشة
قال ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فداكم أبي وأمي إن استطعتم ان تكونوا
من السبعين فكونوا فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل
الظراب فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق فإني رأيت
ثم أناسا يتهرشون كثيرا قال فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن
يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة قال فكبرنا ثم قال
إني لأرجو ان الريح الثلث قال فكبرنا ثم قال إني لأرجو أن
يكون الشطر قال فكبرنا فتلا نبي الله صلى الله عليه وسلم ثلة من الأولين
وثلة من الآخرين قال فتراجع المسلمون
على هؤلاء السبعين فقالوا نراهم أناسا ولدوا في الإسلام ثم لم
يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه قال فنمى حديثهم إلى نبي
الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم ليس كذلك ولكنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون
ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
قال الشيخ أكرينا أخرنا
342

ذكر عرض الله جل وعلا على المصطفى صلى الله عليه وسلم
ما وعد أمته في الآخرة
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة هو بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث وذكر بن سلم آخر
معه عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة
أنه سمع عقبة بن عامر يقول صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
فأطال القيام وكان إذا صلى لنا خفف ثم لا نسمع منه شيئا غير أنه
يقول رب وأنا فيهم ثم رأيته أهوى بيده ليتناول شيئا ثم ركع
ثم أسرع بعد ذلك فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس وجلسنا حوله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
علمت أنه راعكم المريض صلاتي وقيامي
قلنا أجل يا رسول الله وسمعناك تقول رب وانا فيهم فقال
343

رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من شئ وعدتموه في
الآخرة إلا قد عرض علي في مقامي هذا حتى لقد عرضت علي
النار فأقبل إلي منها شئ حتى دنا بمكاني
هذا فخشيت ان تغشاكم فقلت رب وانا فيهم فصرفها عنكم
فأدبرت قطعا كأنها الزرابي فنظرت إليها نظرة فرأيت عمرو بن
حرثان أخا بني غفار متكئا في جهنم على قوسه وإذا فيها
الحميرية صاحبة القطة التي ربطتها فلا هي أطعمتها
ولا هي أرسلتها
344

ذكر وصف مجلس المصطفى صلى الله عليه وسلم
لمن قصده
أخبرنا أبو يعلى حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا شريك
عن سماك
عن جابر بن سمرة قال كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا
حيث ينتهي
345

ذكر ما كان يحفظ المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسه من أذى المسلمين
مع التسوية بين أمته ونفسه في إقامة الحق
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج
عن عبيدة بن مسافع
عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا
أقبل رجل فأكب عليه فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون معه فجرح
بوجهه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تعال فاستقد فقال قد عفوت
يا رسول الله
346

ذكر ما يستعمل المصطفى صلى الله عليه وسلم من حسن
التأني في العشرة مع أمته
أخبرنا أبو يعلى أخبرنا أبو عبد الرحمن الأذرمي عبد
الله بن محمد بن إسحاق حدثنا أبو قطن حدثنا مبارك بن فضالة عن ثابت
عن أنس قال ما رأيت رجلا قط أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيترك يده حتى يكون الرجل هو الذي يترك يده
ذكر ما كان يستعمل صلى الله عليه وسلم عندما كان يقدم
إليه المأكول والمشروب
أخبرنا أبو عروبة حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأسماء البجلي
347

حدثنا زهير بن معاوية حدثنا الأعمش عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إذا
اشتهى أكل وإلا ترك
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن
الأعمش عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن
اشتهاه أكله وإن كرهه تركه
348

ذكر وصف تعريس المصطفى صلى الله عليه وسلم
إذا عرس
أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا
حماد بن سلمة عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن عبد
الله بن رباح
عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عرس صارت توسد
يمينه وإذا عرس بعد الصبح نصب ساعده نصبا ووضع رأسه
على كفه
349

ذكر العلامة التي بها كان يعلم اهتمام
المصطفى صلى الله عليه وسلم بشئ من الأشياء
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا
عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن
عمرو عن أبيه عن جده
عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا همه شئ أخذ بلحيته
هكذا وقبض بن مسهر على لحيته
350

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يكون
في مهنة أهله عند دخوله بيته
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
351

حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت سألها رجل هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعمل في بيته قالت نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله
ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته
ذكر ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يغض عمن أسمعه ما كره
أو ارتكب منه حالة مكروه له
حدثنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
أخبرنا أبو معمر عن الزهري عن عروة
352

عن عائشة قالت دخل رهط من اليهود على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم قالت
عائشة ففهمتها فقلت عليكم السام واللعنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله قلت يا رسول الله ألم
تسمع ما قالوا قال قد قلت عليكم
353

ذكر نفي الفحش والتفحش
عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا
سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال
قال عبد الله بن عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا
ولا متفحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم أخلاقا
354

ذكر خصال يستحب مجانبتها لمن أحب
الاقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن
أبي إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي قال
قلت لعائشة كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهله
قالت كان أحسن الناس خلقا لم يكن فاحشا ولا متفحشا
ولا سخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو
ويصفح
ذكر ما كان يستعمل المصطفى صلى الله عليه وسلم
من ترك ضرب أحد من المسلمين بنفسه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال الضرير
355

حدثنا يزيد بن زريع حدثنا معتمر عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شئ قط إلا أن
يجاهد في سبيل الله وما ضرب امرأة قط ولا خادما قط
356

4 - باب
الحوض والشفاعة
أخبرنا محمد بن علي الصيرفي بالبصرة قال حدثنا
محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال حدثنا أبو عوانة عن عبد
الملك بن عمير
عن جندب بن سفيان الأسماء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا
فرطكم على الحوض
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عبد
357

الاعلى حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت إسماعيل بن أبي خالد
عن قيس بن أبي حازم
عن الصنابح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إني فرطكم
على الحوض وإني مكاثر بكم الأمم فلا تقتتلن بعدي
ذكر الإخبار بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يكون فرط أمته
على حوضه بفضل الله علينا بالشرب منه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة وعمرو بن محمد بن
بحر قالا حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال حدثنا المعتمر بن
سليمان قال سمعت إسماعيل عن قيس
عن الصنابح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إني فرطكم
على الحوض وإني مكاثر بكم فلا تقتتلن بعدي
ذكر الإخبار عن وصف الطول الذي يكون بين حافتي
حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم في القيامة أوردنا الله إياه بفضله
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هريم بن عبد الأعلى
358

وعاصم بن النضر قالا حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث
عن قتادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين ناحيتي
حوضي كما بين صنعاء والمدينة
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه
مضاد لخبر أنس بن مالك الذي ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال
حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال
حدثني أبو الزبير قال
سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
انا فرطكم بين أيديكم فإن لم تجدوني فأنا على الحوض ما بين
أيلة إلى مكة وسيأتي رجال ونساء بآنية وقرب ثم لا يذوقون
359

منه شيئا
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم وسيأتي رجال ونساء
بآنية وقرب ثم لا يذوقون منه شيئا أريد به من سائر الأمم
360

الذين قد غفر لهم بأواني ليستقوا بها من الحوض،
فلا يسقون منه لأن الحوض لهذه الأمة خاص دون سائر الأمم إذ
محال أن يقدر الكافر والمنافق على حمل الأواني والقرب في
القيامة لأنهم يساقون إلى النار نعوذ بالله من ذلك
ذكر خبر ثالث قد يوهم من لم يطلب العلم من مظانه
أنه مضاد للخبرين الأولين اللذين ذكرناهما
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام تثبت ببيروت
قال حدثنا محمد بن خلف الداري قال حدثنا معمر بن يعمر قال
حدثنا معاوية بن سلام قال حدثنا أخي زيد بن سلام انه سمع أبا
سلام قال حدثني عامر بن زيد البكالي أنه
سمع عتبة بن عبد السلمي يقول قام أعرابي إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال ما حوضك الذي تحدث عنه فقال هو كما بين
صنعاء إلى بصرى ثم يمدني الله فيه بكراع لا يدري بشر ممن
خلق أي طرفيه قال فكبر عمر فقال صلى الله عليه وسلم اما الحوض فيزدحم
عليه فقراء المهاجرين الذين يقتلون في سبيل الله ويموتون في
سبيل الله وأرجو أن يوردني الله الكراع فأشرب منه
361

ذكر خبر رابع قد يوهم بعض المستمعين انه مضاد للأخبار الثلاث التي ذكرنها قبل
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن يحيى القطان عن هشام قال حدثنا قتادة
362

عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين ناحيتي
حوضي كما بين المدينة وصنعاء أو كما بين المدينة وعمان
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذه الأخبار الأربع قد توهم
من لم يحكم صناعة الحديث وثلاثمائة متضادة أو بينها تهاتر لأن في
خبر سليمان التيمي ما بين صنعاء والمدينة وفي خبر جابر ما
بين أيلة إلى مكة وفي خبر عتبة بن عبد الله ما بين صنعاء إلى
بصرى وفي خبر قتادة ما بين المدينة وعمان وليس بين هذه
الأخبار تضاد ولا تهاتر لأنها أجوبة خرجت على أسئلة ذكر
المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل خبر مما ذكرنا
جانبا من جوانب حوضه ان
مسيرة كل جانب من حوضه مسيرة شهر فمن صنعاء إلى المدينة
مسيرة شهر لغير المسرع ومن أيلة إلى مكة كذلك ومن صنعاء
إلى بصرى كذلك ومن المدينة إلى عمان الشام كذلك
363

ذكر الخبر الدال على أن ليس بين هذه الأخبار التي ذكرناها تضاد ولا تهاتر
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا داود بن عمرو بن زهير
الضبي قال حدثنا نافع بن عمر الجمحي عن بن أبي مليكة قال
قال بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوضي مسيرة
شهر زواياه سواء ماؤه أبيض من الثلج وأطيب من المسك
آنيته كنجوم السماء من شرب منه لا يظمأ بعده أبدا
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم
انه مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا محمد بن بشر قال حدثنا عبيد الله بن عمر
عن نافع
364

عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أمامكم حوضا
كما بين جرباء وأذرح
قال أبو حاتم رضي الله عنه المسافة بين جرباء وأذرح كما
بين المدينة وعمان ومكة وأيلة وصنعاء والمدينة وصنعاء وبصرى
سواء من غير أن يكون بين هذه الأخبار تضاد أو تهاتر
365

ذكر الإخبار عن وصف الأواني التي تكون
في حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عباس بن الوليد قال
حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة
عن أنس ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ترى فيه أباريق الذهب
والفضة كعدد نجوم السماء أو أكثر يعني الحوض
366

ذكر البيان بأن الكراع الذي تقدم ذكرنا له حيث
ينصب إلى الحوض يمد ماؤه من الجنة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا سعيد بن
أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري
عن ثوبان أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال انا عند عقر حوضي أذود
عنه الناس إني لأضربهم بعصاي حتى يرفض قال وسئل نبي
الله صلى الله عليه وسلم عن سعت الحوض فقال مثل مقامي هذا إلى عمان
ما بينهما شهر أو نحو ذلك وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرابه
فقال أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ينبعث فيه ميزابان
مدادهما الجنة أحدهما در والآخر ذهب
367

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا بندار قال
368

حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي
الجعد عن معدان بن أبي طلحة
عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لبعقر حوضي أذود عنه
لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض فسئل عن عرضه
فقال من مقامي هذا إلى عمان وسئل عن شرابه فقال أشد
بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه ميزابان يمدان من الجنة
أحدهما من ذهب والآخر من ورق
قال بندار فقلت ليحيى بن حماد هذا حديث أبي عوانة
فقال قد سمعته من أبي عوانة أيضا فقلت انظر لي في حديث شعبة
فنظر فيه فحدثني به
ذكر الإخبار بأن من شرب من حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم
امن تسويد الوجه بعده
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عمرو بن
عثمان قال حدثنا محمد بن حرب قال حدثنا صفوان بن عمرو عن
سليم بن عامر وأبي وابنه الهوزني عن أبي أمامة الباهلي
ان يزيد بن الأخنس السلمي قال يا رسول الله ما سعة
369

حوضك قال كما بين عدن إلى عمان وأن فيه مثعبين من
ذهب وفضة قال فما حوضك يا نبي الله قال أشد بياضا من
اللبن وأحلى مذاقة من العسل وأطيب رائحة من المسك من
شرب منه لم يظمأ ابدا ولم يسود وجهه أبدا
370

قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر وللمرء من ذهب
وفضة وفي خبر ثوبان الذي ذكرنا ميزابان أحدهما در والاخر
ذهب وليس بينهما تضاد لأن أحد المثعبين يكون من ذهب
والاخر من فضة قد ركب عليه الدر حتى لا يكون بينها تضاد
ذكر تفضل الله جل وعلا على صفيه صلى الله عليه وسلم بإعطائه الحوض
ليسقي منه أمته يوم القيامة جعلنا الله منهم بمنه
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا أحمد بن منصور
زاج حدثنا النضر بن شميل حدثنا شداد بن سعيد قال سمعت أبا
الوازع جابر بن عمرو أنه
سمع أبا برزة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين
ناحيتي حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء مسيرة شهر عرضه كطوله فيها
مزرابان ينثعبان من الجنة من ورق وذهب أبيض من اللبن
وأحلى من العسل وأبرد من الثلج فيه أباريق عدد نجوم
السماء
371

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم كما بين أيلة إلى صنعاء
أراد به صنعاء اليمن دون صنعاء الشام
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب
حدثنا بن وهب عن يونس بن يزيد
عن ابن شهاب عن أنس بن مالك حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء وإن فيه من
الأباريق بعدد نجوم السماء
372

ذكر الإخبار بأن الشفاعة هي الدعوة
التي آخرها صلى الله عليه وسلم لأمته في العقبي
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا
محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني
أبو الزبير انه
سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل
نبي دعوة قد دعا بها في أمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي
يوم القيامة
373

ذكر الإخبار بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم جعل دعوته
التي استجيبت له شفاعة لأمته في القيامة
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي دعوة يدعو
بها وإني أخرت دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة
374

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأمتي أراد به
من لم يشرك بالله منهم دون من أشرك
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ببست حدثنا حماد بن يحيى بن
حماد بالبصرة حدثنا أبي حدثنا أبو عوانة عن سليمان عن مجاهد
عن عبيد بن عمير
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم
يعطهن أحد قبلي بعثت إلى الأحمر والأسود وأحلت لي الغنائم
ولم تحل لأحد قبلي ونصرت بالرعب فيرعب العدو من مسيرة
شهر وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وقيل لي سل تعطه
واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي في القيامة وهي نائلة إن - شاء
الله لمن لم يشرك بالله شيئا
375

ذكر إيجاب الشفاعة لمن مات من أمة
المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو لا يشرك بالله شيئا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الواحد بن
غياث قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي المليح
عن عوف بن مالك قال عرس بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
فافترش كل رجل منا ذراع راحلته قال فانتبهت في بعض
الليل فإذا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس قدامها أحد فانطلقت أطلب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان
فقلت أين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا لا ندري غير أنا سمعنا صوتا
بأعلى الوادي فإذا مثل هدير الرحى قال فلبثنا يسيرا ثم أتانا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه أتاني من ربي آت فخيرني بأن يدخل
376

نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني اخترت الشفاعة فقالوا
يا رسول الله ننشدك بالله والصحبة لما جعلتنا من أهل
شفاعتك قال فأنتم من أهل شفاعتي قال فلما ركبوا قال
فإني اشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا
من أمتي
ذكر الإخبار بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما يشفع في القيامة
عند عجز الأنبياء عنها في ذلك اليوم
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا محمد بن
عبيد بن حساب والفضيل بن الحسين الجحدري وعبد الواحد بن الصالح
قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الناس
يوم القيامة فيلهمون لذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا كي
يريحنا من مكاننا قال فيأتون آدم فيقولون أنت آدم الذي خلقك
الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك
377

فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا قال فيقول
لست هناكم فيذكر خطيئته التي أصابها فيستحيي من ربه منها
ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله فيأتونه فيقول لست
هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا
إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا قال فيأتون إبراهيم فيقول لست
هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا
موسى الذي خلقه الله وأعطاه التوراة قال فيأتون موسى
فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا
عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم عبد ورجاله الله له
ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال فيأتوني فأستأذن على ربي فيأذن
لي فإذا انا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم
يقال ارفع محمد وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع
قال فأرفع رأسي فأحمد ربي بمحامد يعلمنيه ثم اشفع
فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود
ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد وقل
تسمع سل تعطه اشفع تشفع فأرفع رأسي وأحمد ربي
بمحامد يعلمنيه ثم اشفع فيحد لي حدا فأخرجهم من النار
وأدخلهم الجنة ثم أضع رأسي فيدعني ما شاء الله أن يدعني
378

ثم يقال لي ارفع رأسك وقل تسمع سل تعطه اشفع تشفع
فأرفع رأسي فأحمد ربي بمحامد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي
حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة
قال أبو عوانة فلا أدري قال في الثالثة أو الرابعة فأقول
يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أو وجب عليه
الخلود
379

قال أبو حاتم رضي الله عنه هكذا أخبرنا الحسن بن سفيان
ولكن ائتوا موسى الذي خلقه الله وإنما هو الذي كلمه الله
ذكر العلة التي من أجلها لا يشفع الأنبياء للناس
يوم القيامة في الوقت الذي ذكرناه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
زهير بن حرب قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع
عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكان أحب الشاة إليه
380

فنهس نهسة فقال انا سيد الناس يوم القيامة ثم نهس
أخرى فقال انا سيد الناس يوم القيامة ثم نهس أخرى فقال
أنا سيد الناس يوم القيامة
فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال الا تقولون كيف
قالوا كيف يا رسول الله قال يقوم الناس لرب العالمين فيسمعهم
الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس من رؤوسهم فيشتد عليهم
حرها ويشق عليهم دنوها منهم فينطلقون من الجزع والضجر مما
هم فيه فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله
بيده وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى
ما نحن فيه من الشر فيقول آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن
يغضب بعده مثله وإنه كان أمرني بأمر فعصيته
فأخاف أن يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري نفسي نفسي
فينطلقون إلى نوح فيقولون يا نوح أنت نبي الله وأول
من أرسل فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه من الشر
فيقول نوح إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله
ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي
فأهلكوا وإني أخاف أن يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري
نفسي نفسي
381

فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت خليل الله
قد سمع بخلتكما أهل السماوات والأرض فاشفع لنا إلى ربك
ألا ترى ما نحن فيه من الشر فيقول إن ربي قد غضب اليوم
غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وذكر قوله في
الكواكب هذا ربي وقوله لآلهتهم بل فعله كبيرهم هذا
وقوله إني سقيم وإني أخاف ان يطرحني في النار انطلقوا
إلى غيري نفسي نفسي
فينطلقون إلى موسى فيقولون يا موسى أنت نبي اصطفاك
الله برسالاته وكلمك تكليما فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى
ما نحن فيه من الشر فيقول موسى إن ربي قد غضب اليوم غضبا
لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا
ولم أؤمر بها فأخاف ان يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري
نفسي نفسي
فينطلقون إلى عيسى فيقولون يا عيسى أنت نبي الله
وكلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم وروح منه اشفع لنا إلى ربك
ألا ترى ما نحن فيه من الشر فيقول إن ربي قد غضب اليوم
غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وأخاف أن
يطرحني في النار انطلقوا إلى غيري نفسي نفسي
قال عمارة ولا أعلمه ذكر ذنبا
فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولون أنت رسول الله وخاتم النبيين
382

غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك
فأنطلق فآتي العرش فأقع ساجدا لربي فيقيمني رب العالمين منه
مقاما لم يقمه أحدا قبلي ولم يقمه أحدا بعدي فيقول
يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن
وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر والذي نفس محمد بيده إن
ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى ما بين عضادي الباب كما
بين مكة وهجر أو هجر ومكة قال لا أدري أي ذلك قال
383

ذكر الإخبار عن وصف القوم الذين تلحقهم
شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم في العقبي
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن
أبي حبيب عن أبي الخير عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن
معاوية بن معتب الهذلي
عن أبي هريرة أنه سمعه يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت يا رسول الله ماذا رد إليك ربك في الشفاعة قال والذي
نفس محمد بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي
لما رأيت من حرصك على العلم والذي نفس محمد بيده لما
يهمني من انقصافهم على أبواب الجنة أهم عندي من تمام
شفاعتي لهم وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا وأن
محمدا رسول الله يصدق لسانه قلبه وقلبه لسانه
384

ذكر البيان بأن الشفاعة في القيامة إنما تكون
لأهل الكبائر من هذه الأمة
أخبرنا أحمد بن محمد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن
يحيى وأحمد بن يوسف السلمي قالا حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن
زهير بن محمد العنبري عن جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شفاعتي لأهل الكبائر
من أمتي
386

ذكر إثبات الشفاعة في القيامة لمن
يكثر الكبائر في الدنيا
أخبرنا أحمد بن محمد بن الشرقي وكان من الحفاظ
المتقنين وأهل الفقه في الدين قال حدثنا أحمد بن الأزهر وأحمد بن يوسف
السلمي قالا حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت
عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال شفاعتي لأهل الكبائر
من أمتي
387

ذكر الخبر المدحض قول من أبطل شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم
لأمته في القيامة زعم أن الشفاعة هو
استغفاره لأمته في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان حدثنا محمد بن
معمر حدثنا أبو عاصم عن بن جريج أخبرني أبو الزبير
انه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل
نبي دعوة قد دعاها في أمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي
يوم القيامة
ذكر تخيير الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم بين الشفاعة
وبين أن يدخل نصف أمته الجنة
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي المليح
عن عوف بن مالك الأشجعي قال عرس بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذات ليلة فافترش كل رجل منا ذراع راحلته فانتبهت في بعض
الليل فإذا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ليس قدامها أحد فانطلقت أطلب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان قال
قلت أين رسول الله قالا ما ندري غير انا سمعنا صوتا بأعلى
388

الوادي فإذا مثل هدير الرحى فلم نلبث إلا يسيرا حتى أتانا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه أتاني الليلة آت من ربي فخيرني بين أن
يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني اخترت الشفاعة
فقلنا يا رسول الله ننشدك الله والصحبة لما جعلتنا من أهل
شفاعتك قال فإنكم من أهل شفاعتي قال فأقبلنا إلى الناس
فإذا هم فزعوا وفقدوا نبيهم صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم انه أتاني الليلة
آت فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني
اخترت الشفاعة فقالوا يا رسول الله ننشدك الله لما جعلتنا من
أهل شفاعتك فقال رسول الله إني أشهد من حضر أن شفاعتي
لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي
ذكر الإخبار عن وصف الكوثر الذي أعطاه الله
جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت قال
قرأ أنس بن مالك إنا أعطيناك الكوثر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم الكوثر نهر في الجنة يجري على وجه الأرض حافتاه
389

قباب الدر قال صلى الله عليه وسلم فضربت بيدي فإذا طينه مسك أذفر وإذا
حصباؤه اللؤلؤ
ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم الكوثر الذي خصه
الله جل وعلا بإعطائه إياه في الجنة
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا
يحيى القطان حدثنا حميد الطويل
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة
فإذا أنا بنهر حافتاه من اللؤلؤ فضربت بيدي مجرى الماء فإذا
مسك أذفر فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا الكوثر أعطاكه
الله أو أعطاك ربك
390

ذكر وصف بياض ماء الكوثر
وحلاوته الذي وصفناه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا يحيى بن
أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني حميد الطويل
عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دخلت الجنة فإذا
انا بنهر يجري بياضه بياض اللبن واحلى من العسل وحافتاه
خيام اللؤلؤ فضربت بيدي فإذا الثرى مسك أذفر فقلت لجبريل
ما هذا فقال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم حافتاه من اللؤلؤ
أراد به قباب اللؤلؤ المجوف
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد النرسي
حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قال بينا أنا أسير في
الجنة إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقال الملك
الذي معه أتدري ما هذا هذا الكوثر الذي أعطاك ربك وضرب
391

بيده إلى أرضه فأخرج من طينه المسك
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة يكون
أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع
أخبرنا بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا
الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني شداد أبو عمار
عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى
كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني
هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم فأنا سيد ولد آدم
ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع
392

ذكر وصف قوله صلى الله عليه وسلم وأول شافع وأول مشفع
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي بخبر غريب حدثنا
إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل حدثنا أبو نعامة العدوي حدثنا
أبو هنيدة البراء بن نوفل عن والآن العدوي عن حذيفة بن وابنه
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال مطرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من
الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس مكانه حتى صلى الأولى
والعصر والمغرب والعشاء كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء
الآخرة ثم قام إلى أهله فقال الناس لأبي بكر سل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط فسأله فقال
نعم عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا والآخرة فجمع
الأولون والآخرون بصعيد واحد حتى انطلقوا إلى آدم عليه السلام
والعرق يكاد يلجمهم فقالوا يا آدم أنت أبو البشر اصطفاك
الله اشفع لنا إلى ربك فقال لقد لقيت مثل الذي لقيتم فانطلقوا
إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل
إبراهيم وآل عمران على العالمين فينطلقون إلى نوح فيقولون
اشفع لنا إلى ربك فإنه اصطفاك الله واستجاب لك في دعائك
فلم يدع على الأرض من الكافرين ديارا فيقول ليس ذاكم عندي
فانطلقوا إلى إبراهيم فإن الله اتخذه خليلا فيأتون إبراهيم
فيقول ليس ذاكم عندي فانطلقوا إلى موسى فإن الله قد كلمه
393

تكليما فيقول موسى ليس ذاكم عندي ولكن انطلقوا إلى
عيسى بن مريم فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى
فيقول عيسى ليس ذاكم عندي ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم
فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة انطلقوا إلى محمد
فليشفع لكم إلى ربكم
قال فينطلقون وآتي جبريل فيأتي جبريل ربه فيقول الله
ائذن له وبشره بالجنة قال فينطلق به جبريل فيخر ساجدا قدر
جمعة ثم يقول الله تبارك وتعالى يا محمد ارفع رأسك وقل
يسمع واشفع تشفع فيرفع رأسه فإذا نظر إلى ربه خر ساجدا
قدر جمعة أخرى فيقول الله يا محمد ارفع رأسك وقل
يسمع واشفع تشفع فيذهب ليقع ساجدا فيأخذ جبريل بضبعيه
ويفتح الله عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط فيقول أي
رب جعلتني سيد ولد آدم ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض يوم
القيامة ولا فخر حتى إنه ليرد على الحوض يوم القيامة أكثر ما بين
صنعاء وأيلة
ثم يقال ادع الصديقين فيشفعون ثم يقال ادع الأنبياء
فيجئ النبي معه العصابة والنبي معه الخمسة والستة والنبي
ليس معه أحد
394

ثم يقال ادع الشهداء فيشفعون لمن أرادوا فإذا فعلت الشهداء
ذلك يقول الله جل وعلا أنا أرحم الراحمين أدخلوا جنتي من
كان لا يشرك بي شيئا فيدخلون الجنة
ثم يقول الله تعالى انظروا في النار هل فيها من أحد عمل
خيرا قط فيجدون في النار رجلا فيقال له هل عملت خيرا
قط فيقول لا غير أني كنت أسامح الناس في البيع فيقول
الله اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي ثم يخرج من النار
آخر يقال له هل عملت خيرا قط فيقول لا غير أني كنت أمرت
ولدي إذا مت فاحرقوني في النار ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل
الكحل فاذهبوا بي إلى البحر فذروني في الريح فقال الله
لم فعلت ذلك قال من مخافتك فيقول انظروا إلى ملك أعظم
ملك فإن لك مثله وعشرة أمثاله فيقول لم تسخر بي وأنت
الملك فذلك الذي ضحكت منه من الضحى
395

قال إسحاق هذا من أشرف الحديث وقد روى هذا الحديث
عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا منهم حذيفة وابن مسعود
وأبو هريرة وغيرهم
أخبرناه أبو خليفة حدثناه علي بن المديني حدثنا روح بن عبادة
396

حدثنا أبو نعامة حدثنا أبو هنيدة شوال نحوه
ذكر الإخبار بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم وأمته يكونون
شهداء على سائر الأمم في القيامة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا جرير
عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح يوم
القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول
نعم يا رب فيقولان لامته هل بلغكم فيقول ما أتانا من نذير
فيقال من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال صلى الله عليه وسلم فيشهدون
أنه بلغ ويكون الرسول عليهم شهيدا فذلك قوله وكذلك
جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم
شهيدا والوسط العدل
397

ذكر الإخبار بأن الأنبياء أولهم وآخرهم يكونون
في القيامة تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عمرو بن
محمد الناقد قال حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي قال حدثنا موسى بن
أعين عن معمر بن راشد عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن
بشر بن شغاف
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم
يوم القيامة ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع
ومشفع بيدي لواء الحمد تحتي آدم فمن دونه
398

ذكر الإخبار عن وصف المقام المحمود الذي وعد
الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم بلغه الله إياه بفضله
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي قال
حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن
الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك
عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يبعث الناس يوم
القيامة فأكون أنا وأمتي على تل فيكسوني ربي حلة خضراء
فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود
ذكر الإخبار بأن المقام المحمود هو المقام الذي يشفع صلى الله عليه وسلم في أمته
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا
كثير بن حبيب المؤذن أبو سعيد قال حدثنا ثابت البناني
399

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي يوم
القيامة منبرا من نور وإني لعلي أطولها وأنورها فيجئ مناد
فينادي أين النبي الأمي قال فيقول الأنبياء كلنا نبي أمي
فإلى أينا أرسل فيرجع الثانية فيقول أين النبي الأمي العربي
قال فينزل محمد حتى يأتي باب الجنة فيقرعه فيقول من فيقول
محمد أو أحمد فيقال أوقد أرسل إليه فيقول نعم فيفتح له
فيدخل فيتجلى له الرب ولا يتجلى لنبي قبله فيخر لله ساجدا
ويحمده بمحامد لم يحمده أحد
ممن كان قبله ولن يحمده أحد بها ممن كان بعده فيقال له محمد ارفع رأسك تكلم تسمع واشفع
تشفع وسل تعطه فيقول يا رب أمتي أمتي فيقال أخرج من
كان في قلبه مثقال شعيرة ثم يرجع الثانية فيخر لله ساجدا ويحمده
بمحامد لم يحمده أحد كان قبله ولن يحمده بها أحد ممن كان بعده
فيقال له محمد ارفع رأسك تكلم تسمع واشفع تشفع وسل
تعطه فيقال له اخرج من كان في قلبه مثقال برة ثم يرجع الثالثة
فيخر لله ساجدا ويحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبله ولن
يحمده أحد ممن كان بعده فيقال له أخرج من النار من كان في قلبه مثقال
خردلة ثم يرجع فيخر ساجدا ويحمده بمحامد لم يحمده بها أحد
ممن كان قبله ولن يحمده بها أحد ممن كان بعده فيقال له
400

محمد ارفع رأسك تكلم تسمع واشفع تشفع وسل تعطه
فيقول يا رب من قال لا إله إلا الله فيقال له محمد لست
هناك تلك لي وأنا اليوم أجزي بها
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أول من يقرع باب الجنة في القيامة
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا عثمان بن أبي شيبة
حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن المختار بن فلفل
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انا أول من يقرع
باب الجنة
401

5 - باب
المعجزات
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا محمد بن
إسماعيل حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان عن
سماك بن حرب
عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف
حجرا بمكة كان يسلم علي إذا بعثت إني لأعرفه الان
402

ذكر الخبر المدحض قول من أبطل وجود المعجزات في الأولياء دون الأنبياء
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب حدثنا بن وهب
عن حفص بن ميسرة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رب أشعث ذي طمرين
لو أقسم على الله لأبره
ذكر خبر أوهم في تأوليه جماعة لم يحكموا صناعة العلم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
عقبة بن مكرم حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا بن عجلان
عن أبيه
403

عن أبي هريرة قال ذبحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ناولني
الذراع فناولته ثم قال
ناولني الذراع فناولته ثم قال ناولني الذراع قلت يا رسول الله إنما للشاة ذراعان قال
اما إنك لو ابتغيته لوجدته
ذكر الخبر المدحض قول من أبطل وجود
المعجزات في الأولياء دون الأنبياء
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر حدثنا أحمد بن
سليمان بن أبي شيبة حدثنا أبو داود الحفري حدثنا سفيان الثوري عن
أبي الزناد عن الأعرج عن أبي سلمة
404

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل
يسوق بقرة فأراد ان يركبها فالتفت إليه فقالت إنا لم نخلق
لهذا إنما خلقنا ليحرث علينا
فقال من حوله سبحان الله فقال صلى الله عليه وسلم آمنت به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم قال وبينما
رجل في غنم له فأخذ الذئب الشاة فتبعه الراعي فلفظها ثم
قال كيف لك بيوم السباع حيث لا يكون لها راع غيري
فقال من حوله سبحان الله فقال صلى الله عليه وسلم آمنت به أنا وأبو بكر
وعمر وما هما ثم
405

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار عن محمد بن
جعفر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل راكب
على بقرة التفتت إليه فقالت إني لم أخلق لهذا إنما خلقت
للحراثة قال آمنت به أنا وأبو بكر وعمر وأخذ الذئب شاة فتبعها
الراعي فقال الذئب من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري
فقال صلى الله عليه وسلم آمنت به أنا وأبو بكر وعمر
قال أبو سلمة وما هما يومئذ في القوم
407

ذكر الخبر الدال على إثبات كون المعجزات في الأولياء
دون الأنبياء على حسب نياتهم وصحة ضمائرهم
فيما بينهم وبين خالقهم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
حدثنا المخزومي المغيرة بن سلمة حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة
عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان رجل
يسلف الناس في بني إسرائيل فأتاه رجل فقال يا فلان أسلفني
ست مائة دينار قال نعم إن أتيتني بوكيل قال الله وكيلي
408

فقال سبحان الله نعم قد قبلت الله وكيلا فأعطاه ست مائة
دينار وضرب له أجلا فركب البحر بالمال ليتجر به وقدر الله
ان حل الأجل وارتج البحر بينهما وجعل رب المال يأتي
الساحل يسأل عنه فيقول الذي يسألهم عنه تركناه بموضع كذا
وكذا فيقول رب المال اللهم أخلفني في فلان بما أعطيته بك
قال وينطلق الذي عليه المال فينحت خشبة ويجعل المال في
جوفها ثم كتب صحيفة من فلان إلى فلان إني دفعت مالك إلى
وكيلي ثم سد على فم الخشبة فرمى بها في عرض البحر
فجعل يهوى بها حتى رمى بها
إلى الساحل ويذهب رب المال
إلى الساحل فيسأل فيجد الخشبة فحملها فذهب بها إلى أهله
وقال أوقدوا بهذه فكسروها ويمرهما الدنانير والصحيفة
فأخذها فقرأها فعرف وتقدم الآخر فقال له رب المال مالي
فقال قد دفعت مالي إلى وكيلي إلى موكل بي فقال له
أوفاني وكيلك
قال أبو هريرة فلقد رأيتنا يكثر مراؤنا ولغظنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيننا أيهما آمن
409

ذكر الخبر المدحض قول من أبطل وجود
المعجزات إلا في الأنبياء
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
محمد بن رافع حدثنا شبابة حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما امرأة ترضع
ابنها مر بها راكب وهي ترضعه فقالت اللهم لا تمت مشهور حتى
يكون مثل هذا قال اللهم لا تجعلني مثله ثم رجع إلى الثدي
فمر بامرأة تلعن فقالت اللهم لا تجعل مشهور مثلها فقال اللهم
410

اجعلني مثلها اما الراكب فكان كافر واما المرأة فيقولون لها
إنها تزني فتقول
حسبي الله ويقولون تسرق وتقول حسبي الله
ذكر خبر ثان يصرح بأن غير الأنبياء قد يوجد
لهم أحوال تؤدي إلى المعجزات
أخبرنا مظهر بن يحيى بن ثابت بواسط الشيخ الصالح
حدثنا عبد الله بن إسحاق الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم
حدثنا محمد بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتكلم في
المهد إلا ثلاثة عيسى بن مريم المنكر جريج كان في بني
إسرائيل رجل يقال له جريج فأنشأ صومعة فجعل يعبد الله
فيها فأتته أمه ذات يوم فنادته فلم يلتفت إليها ثم اتته يوما
ثانيا فنادته فلم يلتفت إليها ثم اتته يوما ثالثا فقال صلاتي و
أمي فقالت اللهم لا تمته أو ينظر في وجه المومسات قال
فتذاكر بنو إسرائيل يوما جريجا فقالت بغي من بغايا بني
411

إسرائيل إن شئتم أن أفتنه فتنته قالوا قال قد شئنا قال فانطلقت
فتعرضت لجريج فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوي إلى
صومعة جريج بغنمه فأمكنته نفسها فحملت فولدت غلاما
فقالت هو من جريج فوثب عليه قوم من بني إسرائيل فضربوه
وشتموه وهدوا صومعته فقال لهم ما شأنكم قالوا زنيت بهذه
البغي فولدت غلاما قال وأين الغلام قالوا هو ذا قال فصلى
ركعتين ثم اتى الغلام فضربه بإصبعه فقال له يا غلام من
أبوك قال فلان الراعي قال فوثبوا يقبلون رأسه قالوا له نبني
صومعتك من ذهب فقال لا حاجة لي في ذلك ابنوها من طين
كما كانت
قال وبينما امرأة في حجرها بن ترضعه إذ مر بها راكب
فقالت اللهم اجعل مشهور مثل هذا الراكب فترك الصبي ثدي
أمه ثم أقبل على الراكب ينظر إليه فقال اللهم لا تجعلني مثل
هذا الراكب ثم مر بامرأة ترجم فقالت المرأة اللهم لا تجعل
ابني مثل هذه الأمة فترك الصبي أمه ثم أقبل على الأمة ينظر
إليها فقال اللهم اجعلني مثل هذه الأمة فقالت المرأة يا بني
مر راكب فقلت اللهم اجعل مشهور مثل هذا الراكب فقلت
اللهم لا تجعلني مثله ومر بهذه الأمة ترجم فقلت اللهم
لا تجعل مشهور مثل هذه الأمة فقلت اللهم اجعلني مثلها
قال يا أماه إن الراكب جبار من الجبابرة وإن هذه الأمة
412

يقولون سرقت ولم تسرق ويقولون زنت ولم تزن وهي
تقول حسبي الله
413

ذكر الخبر المدحض قول من أنكر وجود
المعجزات في الأولياء دون الأنبياء
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
زياد بن أيوب الطوسي حدثنا مروان بن معاوية حدثنا حميد
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد
الله من لو أقسم على الله لأبره
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا إبراهيم بن الحجاج
السامي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
414

عن أنس بن مالك أن أخت الربيع أم حارثة جرحت
إنسانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القصاص القصاص فقالت أم
الربيع يا رسول الله أتقتص من فلانة لا والله لا تقتص منها فلم
يزالوا بهم حتى رضوا بالدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله
من لو أقسم على الله لأبره
415

ذكر ارتجاج أحد تحت المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن أبي حازم
عن سهل بن سعد ان أحدا ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وعمر وعثمان رضي الله عنهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أثبت أحد فما
عليك إلا نبي وصديق وشهيدان
416

قال معمر وسمعت قتادة يحدث بمثله
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الأشياء
إذا كانت من غير ذوات الأرواح
غير جائز منها النطق
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا أبو بكر
الأعين قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن
إبراهيم عن علقمة والأسود
عن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فدعا
بالطعم وكان الطعام يسبح
417

ذكر شهادة الذئب لرسول الله صلى الله عليه وسلم
على صدق رسالته
أخبرنا أبو يعلى حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا
القاسم بن الفضل الحداني حدثنا الجريري حدثنا أبو نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال بينا راع يرعى بالحرة إذ
عرض ذئب لشاة من شائه فجاء الراعي يسعى فانتزعها منه فقال
418

للراعي الا تتقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي قال
الراعي العجب للذئب والذئب مقع على ذنبه يكلمني
بكلام الإنس قال الذئب للراعي الا أحدثك بأعجب من
هذا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد
سبق فساق الراعي شاءه إلى المدينة فزواها في زاوية من
زواياها ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما قال الذئب
فخرج رسول الله وقال للراعي قم فأخبر فأخبر الناس بما قال
الذئب وقال صلى الله عليه وسلم صدق الراعي ألا من أشراط الساعة كلام السباع الإنس والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس ويكلم الرجل نعله وعذبة سوطه ويخبره فخذه بحديث
أهله بعده
419

ذكر انشقاق القمر للمصطفى صلى الله عليه وسلم لنفي الريب
عن خلد المشركين به
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا
420

أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر
عن عبد الله قال انشق القمر وكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمنى حتى ذهبت فلقة خلف الجبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم اشهدوا
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به إبراهيم النخعي عن أبي معمر
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال
421

حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن سليمان
عن مجاهد
عن ابن عمر قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين
ذكر انشقاق القمر للمصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة حدثنا عبد الله بن
سعيد الكندي حدثنا بن فضيل عن حصين عن محمد بن
جبير بن مطعم
عن أبيه قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمكة
422

ذكر الإخبار عن مصارع من قتل ببدر من قريش
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ورد بدرا أومأ فيها
إلى الأرض فقال هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان فوالله
ما أماط واحد منهم عن مصرعه وترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم
فقام عليهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف
423

يا عتبة بن ربيع يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم
حقا فإني وجدت ما وعد ربي حقا قال فسمع عمر قول
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف
يسمعون قولك أو يجيبون
وقد جيفوا فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول
منهم ولكنهم لا يقدرون ان يجيبوا ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا
في قليب بدر
ذكر الإخبار عن كتبة حاطب بن أبي بلتعة بالكتاب
إلى قريش يخبرهم بخروج المصطفى صلى الله عليه وسلم إليهم
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء
حدثنا سفيان قال سمعناه من عمرو يقول
أخبرني الحسن بن محمد أخبرني عبيد الله بن أبي رافع وهو غالبا علي رضي الله عنه قال
سمعت عليا يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير وطلحة
والمقداد بن الأسود فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن
بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى
أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا لها أخرجي
الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا آلله لتخرجن الكتاب
424

أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل
مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت
امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من
المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون قرابتهم وأهليهم ولم يكن لي
قرابة أحمي بها أهلي فأحببت إن فاتني ذلك من النسب ان أتخذ
عندهم يدا يحمون قرابتي وأهلي والله يا رسول الله ما فعلت ذلك
ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن هذا قد صدقكم فقال عمر يا رسول الله دعني
أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدرا وما يدريك لعل
الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد
غفرت لكم وانزل فيه يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء الآية
425

ذكر الإخبار عن الريح الشديدة التي هبت
لموت بعض المنافقين
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الحسن بن الصباح البزار
حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم أخبرني إبراهيم بن عقيل بن معقل
عن أبيه عن وهب بن منبه
أخبرني جابر بن عبد الله انهم غزوا غزوة بين مكة والمدينة
فهاجت عليهم ريح شديدة حتى وقعت الرحال فقال النبي صلى الله عليه وسلم
هذا لموت منافق قال فرجعنا إلى المدينة فوجدنا منافقا عظيم
النفاق مات يومئذ
426

ذكر الإخبار عن هبوب ريح شديدة
قبل أن تهب
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن منصور
الطوسي حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن
يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي
عن أبي حميد الساعدي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى تبوك حتى أتى وادي القرى فإذا امرأة في حديقة لها فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرصوا فخرص القوم عشرة أوسق وقال
للمرأة احصي ما يخرج منها حتى أرجع إليك فسار حتى أتى
تبوك فقال إنه سيأتيكم الليلة ريح شديدة فلا يقومن فيها
أحد ومن كان له بعير فيوثق عقاله فهبت ريح شديدة فلم
يقم فيها إلا رجل واحد فألقته في جبل طئ قال فأتاه ملك
أيلة وأهدى له بغلة بيضاء وكساه
رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى وادي القرى فقال للمرأة كم جاءت
حديقتك قالت عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إني مستعجل من أحب منكم أن يتعجل معي
427

فليفعل فسار حتى إذا أوفى على المدينة قال هذه طيبة
أو طابة فلما رأى أحد قال هذا جبل يحبنا ونحبه ثم
قال الا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى يا رسول الله
قال خير دور الأنصار بنو ماتت الا أخبركم بالذين يلونهم
قالوا بلى يا رسول الله قال بنو ساعدة وبنو الحارث بن
الخزرج
428

ذكر ما حال الله جل وعلا بين صفيه صلى الله عليه وسلم
وبين المشركين فيما قصدوه به
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد
النرسي قال حدثنا مسلم بن خالد قال حدثني بن خثيم عن
سعيد بن جبير
عن ابن عباس ان الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر
فتعاقدوا باللات والعزة ومناة الثالثة الأخرى نائلة وإساف لو قد
رأينا محمد لقمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله
فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
هؤلاء الملأ من قومك قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك قاموا إليك
فقتلوك فليس منهم رجل إلا عرف نصيبه من دمك قال يا بنية
إيتيني بوضوء فتوضأ ثم دخل المسجد فلما رأوه قالوا ها
هو ذا ها هو ذا فخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في
صدورهم فلم يرفعوا إليه بصرا ولم يقم إليه منهم رجل فأقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم فأخذ قبضة من تراب
وقال شاهت الوجوه ثم حصبهم فما أصاب رجلا منهم من
ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر
430

ذكر ما كان يدفع الله جل وعلا عن صفيه صلى الله عليه وسلم
مكيدة المشركين إياه من الشتم
واللعن وما أشبههما
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا أنس بن
عياض حدثنا بن أبي ذئب علي بن أبي ذباب عن عطاء بن ميناء
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله
انظروا كيف يصرف الله عني شتمهم ولعنهم يعني قريشا قالوا
كيف ذلك يا رسول الله قال يشتمون مذمما ويلعنون مذمما
وأنا محمد صلى الله عليه وسلم
431

ذكر ظهور اللبن من الضرع الحائل
للمصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا المعلى بن
مهدي قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن بهدلة عن زر
عن عبد الله بن مسعود قال كنت يافعا في غنم لعقبة
ابن أبي معيط أرعاها فأتي على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال
يا غلام هل معك من لبن فقلت نعم ولكني مؤتمن قال
ائتني بشاة لم ينز عليها الفحل فأتيته بعناق فاعتقلها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم جعل يمسح الضرع ويدعو حتى أنزلت فأتاه أبو بكر
رضوان الله عليه بشئ فاحتلب فيه ثم قال لأبي بكر اشرب
فشرب أبو بكر رضي الله عنه ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم بعده ثم قال
432

للضرع اقلص فقلص فعاد كما كان قال ثم أتيت
النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله علمني من هذا الكلام أو من
هذا القرآن فمسح رأسي وقال صلى الله عليه وسلم إنك غلام معلم قال فلقد
أخذت من فيه سبعين سورة ما نازعني فيها بشر
433

ذكر شهادة الشجر للمصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسالة
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر
الجعفي قال حدثنا بن فضيل عن أبي حيان عن عطاء
عن بن عمر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأقبل
أعرابي فلما دنا منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريد قال إلى
أهلي قال هل لك إلى خير قال ما هو قال تشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله قال
هل من شاهد على ما تقول قال صلى الله عليه وسلم هذه السمرة فدعاها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا حتى كانت
بين يديه فاستشهدها ثلاثا فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى
منبتها ورجع الغلام إلى قومه وقال إن يتبعوني أتيك بهم
وإلا رجعت إليك فكنت معك
434

ذكر حنين الجذع الذي كان يخطب عليه
المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فارقه
أخبرنا محمد بن موسى التيمي قال حدثنا محمد بن قدامة
المصيصي قال حدثنا أبو عبيدة الحداد عن معاذ بن العلاء قال
حدثنا نافع
435

عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم إلى جذع فيخطب
يوم الجمعة وانه لما صنع المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحه
ذكر البيان لأن الجذع الذي ذكرناه إنما سكن
عن حنينه باحتضان المصطفى صلى الله عليه وسلم إياه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا
مبارك بن فضالة قال حدثنا الحسن
عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم
الجمعة إلى جنب خشبة يسند ظهره إليها فلما كثر الناس قال
ابنوا لي منبرا فبنوا له منبرا له عتبتان فلما قام على المنبر
436

ليخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنس وانا في
المسجد الخشبة حنت حنين الولد فما زالت تحن حتى
نزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنها فسكنت
قال وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال
يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه لمكانه من
الله فأنتم أحق ان تشتاقوا إلى لقائه
437

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر تفرد به أنس
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أحمد بن
المقدام العجلي قال حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن
أبي نضرة
عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم إلى جنب شجرة
أو جذع أو خشبة أو شئ يستند إليه يخطب ثم اتخذ منبرا فكان
يقوم عليه فحنت تلك التي كان يقوم عندها حنينا سمعه أهل المسجد
فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإما قال مسحها وإما قال فأمسكها
فسكنت
438

ذكر برء رجل عمرو بن معاذ المقطوعة عند تفل المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني قال حدثنا
الحسين بن حريث قال حدثنا علي بن الحسين بن حكى قال حدثني
أبي قال حدثني عبد الله بن بريدة قال
سمعت أبي يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل في رجل عمرو بن
معاذ حين قطعت رجله فبرأ
ذكر بر رجل سلمة بن الأكوع من الضربة التي
أصابتها حين تفل المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
مكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد قال
رأيت أثر ضربة في
ساق سلمة بن الأكوع فقلت
يا أبا مسلم ما هذه الضربة فقال هذه ضربة أصابتني يوم
حنين قال الناس أصيب سلمة أصيب سلمة قال فأتي بي
رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى
الساعة
439

ذكر ما ستر الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم
عن عين من قصده من المشركين بأذى
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن منصور الطوسي
قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا عبد السلام بن حرب قال
حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال لما نزلت تبت يدا أبي لهب
جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه
أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال يا رسول الله إنها امرأة بذيئة وأخاف أن تؤذيك
فلو قمت قال إنها لن تراني فجاءت فقالت يا أبا بكر إن
صاحبك هجاني قال لا وما يقول الشعر قالت أنت عندي
مصدق وانصرفت فقلت يا رسول الله لم ترك قال لا لم
يزل ملك يسترني عنها بجناحه
440

ذكر ما استجاب الله جل وعلا لصفيه صلى الله عليه وسلم
ما دعا على بعض المشركين في بعض الأحوال
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي
قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع قال
حدثني أبي قال أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقال له بسر بن
راعي العير يأكل بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع
قال لا استطعت قال فما نالت يده إلى فيه بعد
442

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى قال حدثنا عمرو بن
عباس الأهوازي قال حدثنا عبد الله عن شعبة عن عكرمة بن عمار
عن إياس بن سلمة بن الأكوع
عن أبيه أن رجلا كان يأكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال
له النبي صلى الله عليه وسلم كل بيمينك قال لا أستطيع فقال النبي
لا استطعت فما رفعها إلى فيه
443

ذكر ما جعل الله جل وعلا دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم
على من لم يكن لها بأهل وقربة
إلى الله جل وعلا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى
قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا عمر بن يونس قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إسحاق
ابن عبد الله بن أبي طلحة قال
حدثنا أنس بن مالك قال كانت عند أم سليم يتيمة فرآها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال أنت هي لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة
إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم ما لك يا بنية قالت الجارية
دعا علي نبي الله صلى الله عليه وسلم ان لا يكبر سني فالآن لا يكبر سني
أبدا أو قالت قرني فخرجت أم سليم مستعجلة
تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها
يا أم سليم مالك قالت يا نبي الله أدعوت على يتيمتي
قال وما ذاك يا أم سليم قالت زعمت أنك دعوت عليها أن
لا يكبر سنها قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أم سليم
أما تعلمين شرطي على ربي إني اشترطت على ربي فقلت
إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر
444

فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها أهل أن يجعلها
له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها يوم القيامة وكان صلى الله عليه وسلم رحيما
445

ذكر سؤال المصطفى صلى الله عليه وسلم ان يجعل سبابة
لأمته قربة لهم يوم القيامة
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال
أخبرني سعيد بن المسيب
انه سمع أبا هريرة يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
اللهم أيما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك قربة إليك يوم
القيامة
ذكر البيان بأن ما وراء السباب من المصطفى صلى الله عليه وسلم
لأمته إنما سأل الله أن يجعل ذلك كله قربة لهم
وصدقة عليهم في يوم القيامة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
446

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أتخذ
عندك عهدا لن تخلفه وغنما أنا بشر فأيما مؤمن آذيته أو شتمته
أو جلدته أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها
يوم القيامة
ذكر ما استجاب الله جل وعلا لصفيه صلى الله عليه وسلم
في راحلة جابر بن عبد الله
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير
عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد
عن جابر بن عبد الله قال اقبلنا من مكة إلى المدينة مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأعيا جملي فتخلفت عليه أسوقه قال
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة متخلف فلحقني فقال لي ما لك
متخلفا قال قلت لا يا رسول الله إلا أن جملي ظالع فأردت
447

أن ألحقه بالقوم قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبه فضربه ثم
زجره فقال اركب قال فلقد رأيتني بعد وإني لأكفه
عن القوم
قال فنزلنا منزلا دون المدينة فأردت ان أتعجل إلى أهلي
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأت أهلك طروقا قال قلت
يا رسول الله إني حديث عهد بعرس قال فما تزوجت قلت
امرأة ثيبا قال فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك قال فقلت
يا رسول الله إن عبد الله توفي أو استشهد وترك جواري
فكرهت ان أتزوج عليهن مثلهن قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
يقل أحسنت ولا أسأت قال ثم قال بعني جملك هذا قال
قلت هو لك يا رسول الله قال لا بل بعنيه قال قلت هو لك يا رسول الله قال لا بل بعنيه قلت أجل
على أوقية ذهب فهو لك بها قال قد أخذته فتبلغ عليه إلى المدينة فلما قدمت
المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال اعطه أوقية ذهب وزده قال فأعطاني
أوقية ذهب وزادني قيراطا قال
فقلت لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان في كيس لي
فأخذه أهل الشام يوم الحرة
448

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رد الراحلة على
جابر بن عبد الله بعد أن أوفاه ثمنها هبة له
أخبرنا الخليل بن محمد بن الخليل بن بنت تميم بن
المنتصر البزار بواسط قال حدثنا أبو موسى قال حدثنا عبد الوهاب
قال أخبرنا عبيد الله بن عمر عن وهب بن جلس
عن جابر بن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزاة فأبطأ بي جملي فتخلفت فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فحجنه
بمحجة ثم قال لي اركب فركبته فلقد رأيتني اكفه على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتزوجت فقلت نعم فقال بكر أم ثيبا فقلت بل
ثيبا قال قال فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك فقلت
إن لي أخوات فأحببت ان أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن وتقوم
عليهن قال أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس ثم
قال أتبيع جملك قلت نعم فاشتراه مني بأوقية ثم قدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلي وقدمت بالغداة فجئت المسجد فوجدته
على باب المسجد قال الآن حين قدمت قلت نعم قال
فدع جملك وادخل فصل ركعتين قال فدخلت فصليت ثم
رجعت وأمر بلالا ان يزن لي أوقية قال فوزن لي بلال
فأرجع في الميزان قال فانطلقت فلما وليت قال ادع لي
449

جابرا فدعيت فقلت الآن يرد علي الجمل ولم يكن شئ
أبغض إلي منه قال جملك وثمنه لك
ذكر البيان بأن جابر بن عبد الله استثنى حملان راحلته
التي وصفناها إلى المدينة بعد البيع
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا
علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن زكريا عن عامر قال
حدثني جابر بن عبد الله انه كان يسير على جمل له قد
أعيى فأراد أن يسيبه قال فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له وضربه
فسار سيرا لم يسره مثله وقال بعنيه بأوقية فقلت لا ثم قال
بعنيه بأوقية فقلت لا ثم قال بعنيه بأوقية فبعته بأوقية
واستثنيت حملانه إلى أهلي فلما بلغت أتيته فقال لي
صلى الله عليه وسلم
أتراني ماكستك لآخذ جملك ودراهمك فهما لك
ذكر ما أكرم الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم بهزيمة
المشركين عنه عن قبضة تراب رماهم بها
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
450

عمر بن يونس قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني بن سلمة بن
الأكوع قال
حدثني أبي قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا قال
فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلوا ثنية فاستقبلني رجل من العدو
فأرميه بسهم فتوارى عني فما دريت ما اصنع ثم نظرت إلى
القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وصحابة
النبي صلى الله عليه وسلم فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعلي بردتان
متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى قال فانطلق ردائي فجمعته
ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى بن الأكوع فزعا فلما غشوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم
استقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم
إنسانا إلا ملأ الله عينه تراب بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم
الله وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين
451

ذكر تكبير المصطفى صلى الله عليه وسلم عند رؤية أهل حنين
في الحال التي وصفناها
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا
مبارك بن فضالة عن الحسن قال
حدثنا أنس بن مالك قال اشتد القتال يوم خيبر فكنت
رديف أبي طلحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا
إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قال فما لبثت ان
فتح الله عليه
ذكر سقوط الأصنام التي كانت في الكعبة بإشارة
المصطفى صلى الله عليه وسلم إليها دون مسها بشئ منه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
إسحاق المسيبي قال حدثنا عبد الله بن نافع قال حدثنا عاصم بن
عمر عن بن دينار
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وجد بها ثلاث مائة
وستين صنما فأشار بعصا إلى كل صنم وقال صلى الله عليه وسلم جاء الحق
452

وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فسقط الصنم ولم يمسه
ذكر ما أبان الله جل وعلا من دلائل صفيه صلى الله عليه وسلم
على صحة نبوته من طاعة الأشجار له
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج
453

السامي قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا سليمان الأعمش
عن سالم بن أبي الجعد عن بن عباس قال جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كأنه يداوي ويعالج فقال يا محمد إنك تقول أشياء هل لك ان
أداويك قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله ثم قال هل لك ان
أريك آية وعنده نخل وشجر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقا منها
فأقبل إليه وهو يسجد ويرفع رأسه ويسجد ويرفع رأسه حتى انتهى
إليه صلى الله عليه وسلم فقام بين يديه ثم قال له صلى الله عليه وسلم ارجع إلى
مكانك فقال العامري والله لا أكذبك بشئ تقوله أبدا ثم قال
يا آل عامر بن صعصعة والله لا اكذبه بشئ
قال والعذق النخلة
454

ذكر خبر فيه دلائل معلومة على صحة ما أصلناه من
إثبات الأشياء المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان في كتابه قال حدثنا عمرو بن
زرارة الكلابي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا يعقوب بن
مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت
عن جابر بن عبد الله قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته واتبعته
بإداوة من ماء فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرى شيئا ليستتر به فإذا
شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما
فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه
455

كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى الشجرة
الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله
فانقادت معه كذلك حتى إذا كان النصف جمعهما فقال التئما
علي بإذن الله فالتأمتا
قال جابر فخرجت أحضر مخافة ان يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقربي فيتباعد فجلست فحانت مني لفتة فإذا انا برسول
الله صلى الله عليه وسلم مقبل وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما
على ساق فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة فقال برأسه هكذا
يمينا ويسارا ثم اقبل فلما انتهى إلي قال يا جابر هل رأيت
مقامي قلت نعم يا رسول الله قال فانطلق إلى الشجرتين
فاقطع من كل واحدة منها غصنا فأقبل بهما حتى إذا قمت
مقامي أرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك قال جابر
فأخذت حجرا فكسرته فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة
منهما غصنا ثم أقبلت أجرهما حتى إذا قمت مقام رسول
الله صلى الله عليه وسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ثم لحقته
456

فقلت قد فعلت يا رسول الله فعم ذلك فقال إني مررت
بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان
رطبين
فأتينا العسكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر ناد بوضوء
فقلت ألا وضوء ألا وضوء قلت يا رسول الله ما وجدت في
الركب من قطرة وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في
أشجاب له فقال انطلق إلى فلان الأنصاري فانظر هل في
أشجابه من شئ قال فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها
إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه ما كانت شربة
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لم أجد فيها إلا قطرة
في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه لشربه يابسة قال اذهب
فأتني به فأخذه بيده صلى الله عليه وسلم وجعل يتكلم بشئ لا أدري ما هو
ويغمزه بيده ثم أعطانيه فقال يا جابر ناد بجفنة فقلت
يا جفنة الركب قال فأتيت بها تحمل فوضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا وبسط يده في وسط الجفنة وفرق
457

بين أصبعه وقال خذ يا جابر وصب علي وقل بسم الله
فصببت عليه وقلت باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابع
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى امتلأت قال يا جابر ناد من كانت له حاجة
بماء قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا قال فقلت هل
بقي أحد له حاجة قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة
وهي ملاى
ذكر إسماع الله جل وعلا أهل القليب
من بدر كلام صفيه صلى الله عليه وسلم وخطابه إياه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني
حميد الطويل
عن أنس بن مالك أنه قال سمع المسلمون نداء النبي صلى الله عليه وسلم
من جوف الليل وهو على بئر بدر ينادي يا أبا جهل بن هشام
ويا عتبة بن ربيع ويا شيبة بن ربيع ويا أمية بن خلف الا هل
458

وجدتم ما وعد ربكم حقا فقال المسلمون يا رسول الله تنادي
قوما قد جيفوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم إلا أنهم
لا يستطيعون أن يجيبوني
ذكر ما حيل بين الشياطين وبين خبر السماء
وإرسال الشهب عليهم عند إظهار المصطفى صلى الله عليه وسلم الإسلام
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا
أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن
وما رآهم انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من أصحابه عامدين إلى
سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت
عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم
قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا
ما ذاك إلا شئ حدث فاضربوا
مشارق الأرض ومغاربها فانظروا
ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فانطلقوا يضربون مشارق
459

الأرض ومغاربها فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخلة
وهم عامدون إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر
فلما سمعوا القرآن قالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء
فرجعوا إلى قومهم فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد
فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فأوحى الله إلى
نبيه صلى الله عليه وسلم قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن
460

ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم
أنه مضاد لخبر بن عباس الذي ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الأعلى حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال
سألت علقمة بن قيس هل كان بن مسعود شهد مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال فقال سألت عبد الله بن مسعود
461

هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال لا ولكنا
كنا معه ليلة فقدناه فبتنا بشر ليلة فلما أصبحنا إذا هو جاء من
قبل حراء فقال أنه قد أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت
عليهم القرآن فانطلق حتى أرانا نيرانهم وآثارهم فسألوه عن
الزاد فقال لكم كل عظم طعام يذكر اسم الله عليه يقع في
أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعر علف لدوابكم فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن
ذكر ما بارك الله جل وعلا لصفيه صلى الله عليه وسلم
في اليسير من أسبابه التي فرق بها
بينه وبين غيره من أمته
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا علي بن مسلم قال حدثنا
ابن أبي زائدة قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم قال
حدثني دكين بن سعيد المزني قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
ركب من مزينة فقال لعمر انطلق فجهزهم قال يا رسول الله
إن هي إلا آصع من تمر فانطلق فأخرج مفتاحا من حزته ففتح
462

الباب فإذا العطار الفصيل الرابض من التمر فأخذنا منه حاجتنا
قال فلقد التفت إليه وإني لمن أخر أصحابي كأنا لم
نرزأه تمرة
ذكر ما بارك الله جل وعلا في الشئ اليسير من الطعام
للمصطفى صلى الله عليه وسلم حتى أكل منه عالم من الناس
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن
أبي العلاء بن الشخير
463

عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة من ثريد
فوضعت بين يدي القوم فتعاقبوها إلى الظهر من غدوة يقوم قوم
ويجلس آخرون فقال رجل لسمرة أكان يمد فقال سمرة من
أي شئ تتعجب ما كان يمد إلا من ها هنا وأشار بيده
إلى السماء
ذكر خبر ثان يصرح بنحو ما ذكرناه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى
قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة شك الأعمش
قال لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا يا رسول
464

الله صلى الله عليه وسلم لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا فقال لهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم افعلوا فجاء عمر رضوان الله عليه وقال يا رسول الله
إنهم إن فعلوا قل الظهر ولكن ادعهم لفضل أزودتهم ثم ادع
عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بنطع فبسطته ثم دعاهم بفضل أزودتهم قال فجعل الرجل
يجئ بكف الذرة والآخر بكف التمر والآخر بكسرة حتى
اجتمع على النطع من ذلك يسير قال فدعا عليه صلى الله عليه وسلم بالبركة
ثم قال خذوا في أوعيتكم فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في
العسكر وعاء إلا ملؤوه وأكلوا حتى شبعوا وفضل منه فضلة قال
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد ان لا إله إلا الله وأني رسول الله
لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة
465

ذكر ما بارك الله ما فضل من أزواد
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح قال حدثنا يحيى بن سليم قال حدثنا عبد الله بن
عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران حين
صالح قريشا بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول إنما
يبايع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ضعفا وهزلا فقال أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم يا نبي الله لو نحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحومها
وشحومها خففنا من المرق أصبحنا غدا إذا غدونا عليهم وبنا
جمام قال لا ولكن أتوني بما فضل من أزوادكم فبسطوا
أنطاعا ثم صبوا عليها ما فضل من أزوادهم فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم
بالبركة فأكلوا حتى تضلعوا شبعا ثم كفؤوا ما فضل من أزوادهم
في جربهم ثم غدوا على القوم فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يرين
القوم فيكم غميزة فاضطبع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فرملوا ثلاثة
أطواف ومشوا أربعا والمشركون في الحجر وعند دار الندوة
466

وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تغيب منهم بين الركنين اليماني
والأسود مشوا ثم يطلعون عليهم فتقول قريش والله لكأنهم
الغزلان فكانت سنة
ذكر خبر ثالث يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن
مهاجر أبي مخلد عن أبي العالية
عن أبي هريرة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرات قد
صففتهن في يدي فقلت يا رسول الله ادع لي فيهن بالبركة
فدعا لي فيهم بالبركة وقال إذا أردت أن تأخذ شيئا فأدخل
يدك ولا تنثره نثرا قال أبو هريرة فحملت من ذلك التمر كذا
وكذا وسقا في سبيل الله وكنا نطعم منه ونطعم وكان في حقوي
حتى انقطع مني ليالي
عثمان
467

ذكر خبر رابع يدل على صحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني بالري حدثنا روح بن حاتم المقرئ
حدثنا محمد بن سنان العوقي حدثنا
سليم بن حيان قال سمعت أبي يقول
قال أبو هريرة أتت علي ثلاثة أيام لم أطعم فيها
طعاما فجئت أريد الصفة فجعلت أسقط فجعل الصبيان ينادون
جن أبو هريرة قال فجعلت أناديهم فأقول بل أنتم المجانين
حتى انتهينا إلى الصفة فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بقصعة من
ثريد فدعا عليها أهل الصفة وهم يأكلون منها فجعلت أتطاول كي
يدعوني حتى قام القوم وليس في القصعة إلا شئ في نواحي
القصعة فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمل فصارت لقمة فوضعها على
468

أصابعه ثم قال كل باسم الله فوالذي نفسي بيده ما زلت
آكل منها حتى شبعت
ذكر بركة الله جل وعلا في الشئ اليسير من الخير
للمصطفى صلى الله عليه وسلم حتى أكل منه الفئام من الناس
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
أنه سمع أنس بن مالك يقول قال أبو طلحة لأم سليم لقد
سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف منه الجوع فهل عندك
من شئ قالت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخذت
خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي وردتني ببعضه
ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت به فوجدت رسول
الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال رسول
469

الله الله صلى الله عليه وسلم أرسلك أبو طلحة قال قلت نعم قال للطعام
فقلت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا قال
فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال
أبو طلحة يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا
ما نطعمهم فقالت الله ورسوله أعلم قال فانطلق أبو طلحة حتى
لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه حتى دخلا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هلمي ما عندك يا أم سليم فأتت بذلك الخبز
فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت عليه أم سليم عكة فآدمته ثم
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ثم قال ائذن لعشرة
فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة
فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة
فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال إئذن لعشرة
حتى أكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلا أو ثمانون
470

ذكر بركة الله جل وعلا في اللبن اليسير للمصطفى صلى الله عليه وسلم
حتى روى منه الفئام من الناس
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الغفار بن عبد الله الزبيري
قال حدثنا علي بن مسهر عن عمر بن ذر عن مجاهد قال
سمعت أبا هريرة يقول والذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد
بكبدي على الأرض من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم
471

الذي يخرجون فيه فمر بي أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله
ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ومر بي عمر بن الخطاب
فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل
حتى مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فلما رأى ما بوجهي وما في نفسي
قال أبا هر فقلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال الحق
فلحقته فدخل إلى أهله فأذن فدخلت فإذا هو بلبن في قدح فقال
لأهله من أين لكم هذا قال هدية فلان أو قال فلان فقال
أب هر الحق إلى أهل الصفة فادعهم وأهل الصفة أضياف
لأهل الإسلام لا يأوون إلى أهل أو مال إذا أتته صدقة بعث
بها إليهم ولم يشركهم فيها وإذا أتته هدية بعث بها إليهم
وشركهم فيها وأصاب منها فساءني والله ذلك قلت أين
يقع هذا اللبن من أهل الصفة وانا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت
فدعوتهم فأذن لهم فدخلوا وأخذ القوم مجالسهم قال أبا
هر قلت لبيك يا رسول الله قال خذ فناولهم قال فجعلت
أناول رجلا رجلا فيشرب فإذا روي أخذته فناولت الاخر
حتى روي القوم جميعا ثم انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع
رأسه فتبسم وقال أبا هر بقيت أنا وأنت قلت صدقت
يا رسول الله قال خذ فاشرب فما زال يقول اشرب حتى
قلت والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا قال فأرني الإناء
472

فأعطيته الإناء فشرب البقية وحمد ربه صلى الله عليه وسلم
ذكر ما بارك الله جل وعلا في تمر جابر بن عبد الله
لدعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة
أخبرنا الخليل بن محمد بن بن بنت تميم بن المنتصر بواسط
قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا
عبيد الله بن عمر عن وهب بن جلس
عن جابر قال توفي أبي وعليه دين فعرضت على غرمائه
473

أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يرو أن فيه وفاء فأتيت
النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إذا جددته فوضعته في
المربد فآذني فلما جددته ووضعته في المربد فأتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فجاء ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه فدعا بالبركة ثم
قال ادع غرمائك فأوفهم قال فما تركت أحدا له على أبي دين
إلا قضيته وفضل ثلاثة عشر وسقا سبعة عجوة وستة لون فوافيت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فذكرت ذلك له فضحك صلى الله عليه وسلم
وقال إئت أبا بكر وعمر فأخبرهما ذلك فأتيت أبا بكر وعمر
فأخبرتهما فقالا إذ صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع قد علمنا أنه
سيكون ذلك
474

ذكر خبر بأن الماء المغسول به أعضاء
المصطفى صلى الله عليه وسلم كثر بعد فراغه من وضوئه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل
أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
غزوة تبوك وكا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر وبين
المغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل
ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال
إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك فإنكم لن تأتوها حتى
يضحى النهار فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي
475

قال فجئناها وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ
من ماء فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مسستما من مائها شيئا
فقالا نعم فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا من
العين بأيديهم قليلا حتى اجتمع في شئ ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيه وجهه ويديه ثم أعادها فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى
الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك يا معاذ إن طالت بك الحياة
ان ترى ما هاهنا قد ملئ جنانا
ذكر بركة الله جل وعلا في الماء اليسير حتى انتفع به
الخلق الكثير بدعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان
قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش قال حدثني سالم بن
أبي الجعد
عن جابر بن عبد الله قال لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد حضرت صلاة العصر وليس معنا ماء غير فضلة فجعل في
إناء فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم قال فأدخل يده وفرج بين أصابعه
وقال حي على الضوء والبركة من الله قال فلقد رأيت الماء
ينفجر من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم قال فتوضأ ناس وشربوا قال فجعلت
476

لا آلو ما جعلت في بطني منه وعلمت أنه بركة قال فقلت لجابر
كم كنتم يومئذ قال ألف وأربع مائة
ذكر
الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سالم عن جابر
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي عن
مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة
العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتي بوضوء فوضع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء فأمر الناس أن يتوضؤوا منه
فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه صلى الله عليه وسلم فتوضأ الناس حتى توضؤوا
من عند آخرهم
477

ذكر البيان بأن الماء الذي وصفناه كان ذلك
في تور حيث بورك للمصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن
الأعمش عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يجدوا
ماء فأتي بتور من ماء فأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فيه فلقد رأيت
الماء ينفجر من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ويقول حي على أهل الطهور
والبركة من الله
قال الأعمش فحدثني سالم بن أبي الجعد قال قلت
لجابر بن عبد الله كم كنتم قال ألف وخمس مائة
478

ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم
انه مضاد للأخبار التي تقدم ذكرنا لها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن
نمير قال حدثنا بن إدريس عن حصين عن سالم بن أبي الجعد
عن جابر قال أصاب الناس عطش يوم الحديبية فجهش
الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده في الماء فرأيت الماء مثل
العيون قال قلت كم كنتم قال لو كنا ثلاث آلاف لكفانا
وكنا خمس عشرة مائة
479

ذكر البيان بأن الماء الذي ذكرنا حيث بورك للمصطفى صلى الله عليه وسلم
فيه كان ذلك في ركوة لا في تور
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا يعقوب
الدورقي قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين عن سالم بن
أبي الجعد
عن جابر بن عبد الله قال عطش الناس يوم الحديبية
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها إذا جهش نحوه
فقال مالكم فقالوا ما لنا لا نتوضأ به ولا نشرب إلا ما بين
يديك قال فوضع يديه في الركوة ودعا بما شاء الله أن يدعو
قال فجعل الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أمثال العيون قال
فشربنا وتوضأنا قال قلت لجابر كم كنتم قال كنا خمس
480

عشرة مائة ولو كنا مائة ألف لكفانا
ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة العلم
أنه مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هدبة بن خالد
القيسي قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال
قلت لأنس بن مالك حدثني بشئ من هذه الأعاجيب لا نحدثه
عن غيرك قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الظهر بالمدينة ثم أتى
المقاعد التي كان يأتيه عليها جبريل فقعد عليها صلى الله عليه وسلم فجاء بلال
فنادى بالعصر فقام من له أهل بالمدينة فتوضؤوا وقضوا حوائجهم
وبقي رجال من المهاجرين لا أهل لهم بالمدينة فأتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فوضع
أصابعه في القدح فما وسع أصابعه كلها فوضع هؤلاء الأربعة وقال هلموا فتوضؤوا
أجمعين قلت لأنس كم تراهم قال ما بين السبعين
إلى الثمانين
481

قال أبو حاتم رضي الله عنه الجمع بين هذه الأخبار أن
هذا الفعل كان من المصطفى صلى الله عليه وسلم في أربع مواضع مختلفة مرة
كان القوم ما بين ألف وأربع مائة إلى ألف وخمس مائة وكان ذلك
الماء في تور والمرة الثانية كان القوم ما بين أربع عشرة مائة إلى
خمس عشرة مائة وكان ذلك الماء في ركوة والمرة الثالثة كان
القوم ما بين الستين إلى الثمانين
وكان ذلك الماء في قدح
رحراح والمرة الرابعة كان القوم ثلاث مائة وكان ذلك الماء في
قعب من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم سمى الله
في الوضوء الذي ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت وقتادة
عن أنس قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فوضع يده في
الماء ثم قال توضؤوا باسم الله فرأيت الماء يجري من بين
أصابعه صلى الله عليه وسلم فتوضؤوا حتى توضؤوا من عند آخرهم قال ثابت
482

لأنس كم تراهم قال نحوا من سبعين
ذكر البيان بأن هذا الماء كان في
مخضب من حجارة
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا يعقوب بن
إبراهيم الدورقي قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثنا
حميد الطويل
عن أنس بن مالك قال حضرت الصلاة فقام من كان
قريب الدار إلى أهله فتوضأ وبقي قوم فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمخضب
من حجارة فيه ماء فصغر المخضب عن أن يملئ فيه كفه فضم
أصابعه فوضعها في المخضب فتوضأ القوم كلهم جميعا فقلنا
كم كانوا قال ثمانين رجلا
ذكر البيان بأن الماء الذي ذكرناه كان في قدح
رحراح واسع الأعلى ضيق الأسفل
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال
حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا ثابت
483

عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء فأتي بقدح رحراح فجعل القوم
يتوضؤون فحزرت ما بين الستين إلى الثمانين قال فجعلت أنظر
الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
ذكر خبر يوهم عالما من الناس انه مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال
حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة
عن أنس قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بالمدينة أو
بالزوراء فأراد الوضوء فاتي بقعب فيه ماء يسير فوضع كفه على
القعب فجعل الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم حتى توضأ القوم
قال كم كنتم قال زهاء ثلاث مائة
484

6 - باب
تبليغه صلى الله عليه وسلم الرسالة وما لقي من قومه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا وكيع
حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها قالت لما نزلت وانذر عشيرتك
الأقربين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا فاطمة
بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بني عبد المطلب
لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم
485

أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب
وأبو سلمة
أن أبا هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه وأنذر
عشيرتك الأقربين قال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من
الله شيئا يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من
الله شيئا يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا يا صفية
عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد
سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم إنذار عشيرته بما مثل به
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل حدثنا الحسن بن
علي الحلواني حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن
سعيد بن جبير
486

عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية وانذر عشيرتك
الأقربين ورهطك منهم المخلصين قال وهن في قراءة عبد
الله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا فصعد عليها ثم نادى
يا صباحاه فاجتمع الناس إليه فبين رجل يجئ وبين رجل
يبعث رسوله فقال صلى الله عليه وسلم يا بني عبد المطلب يا بني فهر يا بني
عبد مناف يا بني يا بني أرأيتم لو أخبرتكم ان خيلا بسفح
هذا الجبل تريد ان تغير عليكم أصدقتموني قالوا نعم قال
فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك
سائر اليوم اما دعوتمونا إلا لهذا ثم قام فنزلت تبت يدا
أبي لهب وقد تب وقالوا ما جربنا عليك كذبا
487

ذكر إدخال المصطفى صلى الله عليه وسلم إصبعيه في أذنيه
ورفعه صوته عندما وصفناه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا بشر بن آدم بن بنت
أزهر السمان حدثنا أبو عاصم عن عوف عن قسامة بن زهير قال
قال الأشعري لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنذر عشيرتك
الأقربين وضع أصبعيه في أذنيه ورفع صوته وقال يا بني
عبد مناف ثم ساق الخبر
488

ذكر تفريق المصطفى صلى الله عليه وسلم
بين الحق والباطل بالرسالة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد
الله عن صفوان بن عمر قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير
عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به
رجل فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله
لوددنا انا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب فجعلت أعجب ما قال إلا خيرا ثم اقبل إليه فقال ما يحمل الرجل على أن
يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف كان يكون
فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم
في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أولا تحمدون الله إذ أخرجكم
تعرفون ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم قد كفيتم البلاء
بغيركم والله لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها نبي
من الأنبياء وفترة وجاهلية ما يرون ان دينا أفضل من عبادة الأوثان
فجاء بفرقان فرق بين الحق والباطل وفرق بين الوالد وولده حتى
489

إن كان الرجل ليرى ولده أو والده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل
قلبه للايمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن
حبيبه في النار وأنها التي قال الله الذين يقولون ربنا هب
لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين الآية
490

7 - باب
كتب النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي العابد بالبصرة
حدثنا نصر بن علي قال حدثنا نوح بن قيس عن أخيه عن قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وأكيدر
دومة يدعوهم إلى الله تعالى
491

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به خالد بن قيس عن قتادة
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر حدثنا
عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عمران القطان عن قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وأكيدر
دومة يدعوهم إلى الله جل وعلا
ذكر وصف كتب النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بن قتيبة بعسقلان حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن
ابن عباس
حدثني أبو سفيان بن حرب من فيه إلى في قال انطلقت
في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا انا بالشام إذ
جئ بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل جاء به دحية الكلبي فدفعه
إلى عظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل فقال هرقل
492

هل ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قالوا
نعم فدعيت في نفر من قريش فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين
يديه فقال أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قال
أبو سفيان فقلت انا فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي
خلفي ثم دعا ترجمانه فقال قل لهم إني سائل
هذا الرجل عن هذا الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه قال أبو سفيان
والله لولا مخافة أن يؤثر عني الكذب لكذبته
ثم قال لترجمانه سله كيف حسبه فيكم قال قلت هو فينا
ذو حسب قال فهل كان من آبائه ملك قلت لا قال فهل أنتم
تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال من تبعه
أشراف الناس أم ضعفائهم قلت بل ضعفائهم قال فهل
يزيدون أم ينقصون قال قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد
منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له قال قلت لا قال
فهل قاتلتموه قال قلت نعم قال كيف كان قتالكم إياه قال
قلت تكون الحرب سجالا بيننا وبينه يصيب منا ونصيب منه
قال فهل يغدر قال قلت لا ونحن منه في مدة أو قال
هدنة لا ندري ما هو صانع فيها ما أمكنني من كلمة ادخل فيها
شيئا غير هذه قال فهل قال هذا القول أحد قبله قال قلت لا
493

ثم قال لترجمانه قل له إني سألتك عن حسبه فيكم
فزعمت أنه فيكم ذو حسب فكذلك الرسل تبعث في أحساب
قومها
وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا فقلت
لو كان في آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه
وسألتك عن أتباعه أضعفاء الناس أم أشرافهم فقلت بل
ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل
وسألتك هل كنتم تتهمونه قبل أن يقول ما قال فزعمت أن
لا وقد عرفت انه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب
فيكذب على الله
وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد ان يدخله سخطة
له فزعمت أن لا وكذلك الإيمان إذا خالطه بشاشة القلوب
وسألتك هل يزيدون أم ينقصوا فزعمت أنهم يزيدون وكذلك
الايمان حتى يتم
وسألتك هل قاتلتموه فزعمت أن الحرب بينكم وبينه
سجال تنالون منه وينال منك وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم
العاقبة
وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا وكذلك الأنبياء لا تغدر
494

وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله فزعمت أن
لا فقلت لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل يأتم بقول
قبل قوله
قال ثم ما يأمركم قال قلت يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة
والعفاف قال إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي فقد كنت أعلم
أنه خارج ولم أظن أنه منكم ولو أني أعلم اني أخلص إليه
لأحببت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه
ما تحت قدمي
قال ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ فإذا فيه
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد
فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك
مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين يا أهل الكتاب تعالوا
إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله إلى قوله
واشهدوا بانا مسلمون
فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر
اللغط فأمر بنا فأخرجنا فقلت لأصحابي حين خرجنا لقد جل
أمر بن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر قال فما زلت
495

موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام
496

ذكر كتبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى حبر تيماء أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن
أبي سريج حدثنا شبابة بن سوار حدثني ورقاء عن منصور عن
سالم بن أبي الجعد عن كريب
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى حبر تيماء فسلم عليه
ذكر كتبة النبي صلى الله عليه وسلم كتابه إلى بني زهير
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسلم بن إبراهيم عن
قرة بن خالد حدثنا أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير قال
كنا بالمربد فإذا انا برجل أشعث الرأس بيد قطعة أديم فقلنا له كأنك رجل من أهل البادية قال أجل
فقلنا له أحيه
هذه القطعة الأديم التي في يدك فأخذناها فقرأنا ما فيها فإذا فيها
497

من محمد رسول الله إلى بني زهير أعطوا الخمس من
الغنيمة وسهم النبي والصفي التجارة آمنون بأمان الله وأمان رسوله
قال فقلنا من كتب لك هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
قلنا ما سمعت منه شيئا قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدور
فقلنا له أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الا أراكم تتهموني
فوالله لا أحدثكم بشئ ثم ذهب
498

قال أبو حاتم هذا النمر بن تولب الشاعر
499

ذكر كتبة النبي صلى الله عليه وسلم كتابه إلى بكر بن وائل
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس عن أخيه خالد بن قيس
عن قتادة
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى بكر بن وائل من محمد
رسول الله إلى بكر بن وائل ان أسلموا تسلموا قال فما قرأه إلا
رجل منهم من بني ضبيعة فهم يسمون بني الكاتب
500

ذكر كتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم كتابه إلى اليمن
أخبرنا الحسن بن سفيان وأبو يعلى وحامد بن محمد بن
شعيب في آخرين قالوا حدثنا الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة
عن سليمان بن داود حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم عن أبيه
عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت
على أهل اليمن وهذه نسختها
من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال
والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين
ومعافر وهمدان اما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم الغنائم
خمس الله وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار
وما سقت السماء أو كان سيحا أو بعلا ففيه العشر إذ بلغ خمسة
501

أوسق وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذ بلغ
خمسة أوسق
وفي كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا
وعشرين فإذا زادت واحدة على أربع وعشرين ففيها ابنة
مخاض فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ
خمسا وثلاثين فإذا زادت على خمس وثلاثين ففيها
ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسا وأربعين فإذا زادت على خمس
وأربعين ففيها حقة طروقة إلى أن تبلغ ستين فإن زادت على
ستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسة وسبعين فإن زادت
على خمس وسبعين واحدة ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ
تسعين فإن زادت على تسعين واحدة ففيها حقتان طروقتا
الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومئة فما زاد ففي كل أربعين ابنة
502

لبون وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل وفي كل ثلاثين
باقورة بقر
وفي كل أربعين شاة سائمة إلى أن تبلغ عشرين ومئة
فإن زادت على عشرين ومئة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ
مئتان فإن زادت واحدة فثلاثة شياه إلى أن تبلغ ثلاثة مائة فما
زاد ففي كل مائة شاة شاة
ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا عجفاء ولا ذات عوار
ولا تيس الغنم ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خيفة
الصدقة وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية
وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم فما زاد ففي
كل أربعين درهم وليس فيها دون خمس أواق شئ
وفي كل أربعين دينارا دينار
وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته وإنما هي الزكاة
تزكى بها أنفسهم في فقراء المؤمنين أو في سبيل الله
503

وليس في رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شئ إذا كانت تؤدى
صدقتها من العشر
وليس في عبد المسلم ولا فرسه شئ
وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله وقتل
النفس المؤمنة بغير الحق والفرار في سبيل الله يوم الزحف
وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر
وأكل الربا واكل مال اليتيم وإن العمرة الحج الأصغر
ولا يمس القرآن إلا طاهر
504

ولا طلاق قبل إملاك ولا عتق حتى يبتاع
505

ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد ليس على منكبه
منه شئ
ولا يحتبين في ثوب واحد ليس بينه وبين السماء شئ
ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد
ولا يصلين أحدكم عاقصا شعره
وإن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فهو قود إلا ومختص
أولياء المقتول
506

وإن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الأنف إذا
أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي
البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي
507

العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث
الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من
الإبل وفي كل أصبع من الأصابع من اليد والرجل عشر
من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من
الإبل وإن الرجل يقتل
508

بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار
لفظ الخبر لحامد بن محمد بن شعيب
510

قال أبو حاتم سليمان بن داود هذا هو سليمان بن داود
الخولاني من أهل دمشق ثقة مأمون وسليمان بن داود اليمامي
لا شئ وجميعا يرويان عن الزهري
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أوذي في إقامة الدين
ما لم يؤذ أحد من البشر في زمانه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع
عن حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أوذيت في الله
وما يوذى أحد ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ولقد أتت علي
515

ثلاث من بين يوم وليلة وما لي طعام إلا ما واراه إبطبلال
ذكر صبر المصطفى صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين وشفقته
على أمته باحتساب الأذى في الرسالة
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب أخبرني عروة
ان عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد
عليك من يوم أحد قال لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت
منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي علي بن عبد يا ليل بن عبد
كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وانا مهموم على
وجهي فرفعت رأسي فإذا انا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا
فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال إن الله قد سمع قول
قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمر بما شئت
516

فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد
إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني
ربك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت ان أطبق عليهم الأخشبين قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله
وحده لا يشرك به شيئا
ذكر مقاساة المصطفى صلى الله عليه وسلم ما كان يقاسي
من قومه في إظهار الإسلام
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
517

أخبرنا الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن جامع بن
شداد
عن طارق بن عبد الله المحاربي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سوق ذي المجاز وعليه حلة حمراء وهو يقول يا أيها الناس
قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل يتبعه يرميه بالحجارة وقد دمى عرقبيه وهو يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه
كذاب فقلت من هذا قيل هذا غلام بني عبد المطلب قلت
فمن هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة قال هذا عبد العزى
أبو لهب قال فلما ظهر الإسلام خرجنا في ذلك حتى نزلنا قريبا
من المدينة ومعنا ظعينة لنا فبينا نحن قعود إذ أتانا رجل عليه ثوبان
أبيضان فسلم وقال من أين أقبل القوم قلنا من الربذة قال
ومعنا جمل قال أتبيعون هذا الجمل
قلنا نعم قال بكم قلنا بكذا وكذا صاعا من تمر قال فأخذه ولم ينتقصنا قال
قد أخذته ثم توارى بحيطان المدينة فتلاومنا فيما بيننا فقلنا
أعطيتم جملا رجلا لا تعرفونه قال فقالت الظعينة لا تلاوموا
فإني رأيت وجه رجل لم يكن ليحقركم ما رأيت شيئا أشبه بالقمر
ليلة البدر من وجهه قال فلما كان من العشي أتانا رجل فسلم
علينا وقال أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لكم أن تأكلوا
حتى تشبعوا وتكتالوا حتى تستوفوا قال فأكلنا حتى شبعنا
واكتلنا حتى استوفينا قال ثم قدمنا المدينة من الغد فإذا رسول
518

الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر وهو يقول يد المعطي يد العليا
وابدأ بمن تعول أمك وأباك أختك وأخاك ثم أدناك أدناك فقام
رجل فقال يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلوا فلانا
في الجاهلية فخذ لنا بثأرنا منه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حتى
رأيت بياض إبطيه وقال الا لا تجني أم على ولد الا لا تجني أم
على ولد
519

ذكر سب المشركين القرآن ومن أنزله ومن جاء به
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا زكريا بن يحيى الواسطي
حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير
520

عن ابن عباس في قوله ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
قال نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة متوار فكان إذا صلى
بأصحابه رفع صوته وإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن
أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولا تجهر بصلاتك فتسمع
المشركين ولا تخافت بها عن أصحابك أسمعهم القرآن ولا
تجهر ذلك الجهر وابتغ بين ذلك سبيلا بين الجهر والمخافتة
521

ذكر تكذيب المشركين رسول الله صلى الله
عليه وسلم وردهم عليه ما آتاهم به من الله عز وجل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا وهب بن بقية
أخبرنا خالد عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده قال
قال عمرو بن العاص خرج جيش من المسلمين انا أميرهم
حتى نزلنا الإسكندرية فقال عظيم من عظمائهم اخرجوا إلي رجلا
يكلمني وأكلمه فقلت لا يخرج إليه غيري فخرجت
ومعي ترجماني ومعه ترجمانه حتى وضع لنا منبر فقال
ما أنتم قلت إنا نحن العرب ونحن أهل الشوك والقرظ ونحن
أهل بيت الله كنا أضيق الناس أرضا وأشدهم عيشا نأكل الميتة
والدم ويغير بعضنا على بعض بأشد عيش عاش به الناس
حتى خرج فيه رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفا ولا أكثرنا مالا
وقال انا رسول الله إليكم يأمرنا بما لا نعرف وينهانا عما كنا
عليه كانت عليه آباؤنا فكذبناه ورددنا عليه مقالته حتى خرج
إليه قوم من غيرنا فقالوا نحن نصدقك ونؤمن بك ونتبعك
ونقاتل من قاتلك فخرج إليهم وخرجنا إليه فقاتلناه فقتلنا
522

وظهر علينا وغلبنا وتناول من يليه من العرب فقاتلهم حتى ظهر
عليهم فلو يعلم من ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق
أحد إلا جاءكم حتى يشرككم فيما أنتم فيه من العيش فضحك
ثم قال إن رسولكم قد صدق قد جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاء به
رسولكم فكنا عليه حتى ظهرت فينا ملوك فجعلوا يعملون
بأهوائهم ويتركوا أمر الأنبياء فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم لم
يقاتلكم أحد إلا غلبتموه ولم يشارككم أحد إلا ظهرتم عليه فإذا
فعلتم مثل الذي فعلنا وتركتم أمر نبيكم وعملتم مثل الذي عملوا
بأهوائهم فخلى بيننا وبينكم لم تكونوا أكثر عددا منا ولا أشد منا
قوة قال عمرو بن العاص فما كلمت رجلا قط أمكر منه
ذكر تعيير المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحوال
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
محمد بن الصباح الجرجائي قال أخبرنا سفيان عن الأسود بن
قيس قال
523

سمعت جندبا الأسماء يقول أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال المشركون قد ودع فأنزل الله ما ودعك ربك وما قلى
ذكر السبب الذي من أجله قيل للمصطفى صلى الله عليه وسلم
ما وصفناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبد الحميد بن
حميد قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان قال عن الأسود بن قيس
قال
سمعت جندبا يقول اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة
أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد
تركك فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك
وما قلى
524

ذكر بعض أذى المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم
عند دعوته إياهم إلى الإسلام
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن
إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثني يحيى عن عروة
عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال قلت ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته قال قد حضرتهم
وقد اجتمع أشرافهم في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا
ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم
آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه
525

على أمر عظيم أو كما قالوا فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقبل يمشي حتى استلم الركن فمر بهم طائفا بالبيت فلما ان مر
بهم غمزوه ببعض القول قال وعرفت ذلك في
وجهه ثم مضى صلى الله عليه وسلم فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت
ذلك في وجهه ثم مضى صلى الله عليه وسلم ومر بهم الثالثة غمزوه بمثلها ثم
قال أتسمعون يا معشر قريش اما والذي نفس محمد بيده لقد
جئتكم بالذبح قال فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل
إلا لكأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وطأة قبل ذلك
يتوقاه بأحسن ما يجيب من القول حتى إنه ليقول
انصرف يا أبا القاسم انصرف راشدا فوالله ما كنت جهولا
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد اجتمعوا في الحجر
وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم
عنه حتى إذا بادءكم بما تكرهون تركتموه وبينا هم في ذلك إذ
طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا
به يقولون له أنت الذي تقول كذا وكذا لما كان يبلغهم عنه من
غيب آلهتهم ودينهم قال نعم انا الذي أقول ذلك قال فلقد
526

رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه وقال وقام أبو بكر الصديق
رضي الله عنه دونه يقول وهو يبكي أتقتلون رجلا أن يقول ربي
الله ثم انصرفوا عنه فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت
منه قط
ذكر رمي المشركين المصطفى صلى الله عليه وسلم بالجنون
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن
المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد
عن سعيد بن جبير
527

عن بن عباس ان ضمادا قدم مكة من أزد شنوءة وكان يرقى
من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون أن محمدا
مجنون فقال لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على
يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن
الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل
فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله أما بعد فقال أعد علي كلماتك هذه فأعادها عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول
السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء هات يدك
أبايعك على الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك فقال
وعلى قومي قال فبايعه عروبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا
بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا
فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة قال ردوها فإن هؤلاء
قوم ضماد
528

ذكر جعل المشركين رداء المصطفى صلى الله عليه وسلم في عنقه
عند تبلغيه إياهم رسالة ربه جل وعلا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة حدثنا علي حدثنا بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن عمرو بن العاص قال ما رأيت قريشا أرادوا قتل رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا يوما رأيتهم وهم جلوس في ظل الكعبة ورسول
الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل
رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه صلى الله عليه وسلم وتصايح الناس
فظنوا أنه مقتول قال وأقبل أبو بكر رضي الله عنه يشتد حتى أخذ
بضبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول
ربي الله ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس في ظل الكعبة فقال
يا معشر قريش اما والذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا
بالذبح وأشار بيده إلى حلقه فقال له أبو جهل يا محمد
ما كنت جهولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت منهم
529

ذكر طرح المشركين سلى الجزور
على ظهر المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بن خزيمة حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد
حدثنا شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث عن عمرو بن ميمون عن
عبد الله قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس
إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة فأخذته من ظهره ودعت
على من صنع ذلك وقال اللهم عليك الملأ من قريش أبا
جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن
أبي معيط وأمية بن خلف أو أبي بن خلف شك شعبة قال
فلقد رأيتهم يوم بدر والقوا في بئر غير أن أمية تقطعت أوصاله
فلم يلق في البئر
530

ذكر هم أبي جهل ان يطأ رقبة المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا يعقوب
الدورقي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن نعيم بن أبي هند عن
أبي حازم
532

عن أبي هريرة قال قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه
بين أظهركم فبالذي يحلف به أداء رأيته يفعل ذلك لأطأن على
رقبته فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته قال
فما فجأهم إلا أنه يتقي بيده وينكص على عقبيه فأتوه فقالوا
ما لك يا أبا الحكم قال إنا بيني وبينه لخندقا من نار وهولا
وأجنحة قال أبو المعتمر فأنزل الله جل وعلا أرأيت الذي
ينهى عبدا إذا صلى إلى آخره فليدع ناديه قال قومه
سندع الزبانية قال الملائكة لا تطعه ثم امره بما أمره من
السجود في آخر السورة قال فبلغني عن المعتمر في
هذا الحديث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته
الملائكة عضوا عضوا
533

ذكر تسمية المشركين صفي الله صلى الله عليه وسلم
الصنيبير والمنبتر
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن بشار حدثنا بن
أبي عدي قال أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة
عن بن عباس قال لما قدم كعب بن الأشرف مكة أتوه
فقالوا نحن أهل السقاية والسدانة وأنت سيد أهل يثرب فنحن
خير أم هذا الصنيبير المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا فقال أنتم خير
منه فنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شانئك هو الأبتر ونزلت
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت
والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى
من الذين آمنوا
سبيلا
534

ذكر سؤال المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم
طرد الفقراء عنه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا إسرائيل
عن المقدام بن شريح الحارثي عن أبيه
عن سعد بن أبي وقاص قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن ستة نفر فقال المشركون اطرد هؤلاء عنك فإنهم وإنهم
وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت
أحدهما قال فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما شاء الله
وحدث به نفسه فأنزل الله ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة
535

والعشي يريدون وجهه إلى قوله الظالمين
ذكر ما أصيب وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم
عند إظهاره رسالة ربه عز وجل
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي حدثنا سريج بن
يونس حدثنا هشيم ويزيد بن هارون قالا حدثنا حميد
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه
حتى سأل الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا
هذا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم إلى ربهم فنزلت ليس لك من
الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم
ظالمون
536

ذكر احتمال المصطفى صلى الله عليه وسلم الشدائد
في إظهار ما أمر الله عز وجل
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال
حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم أحد يسلت الدم عن وجهه
وهو يقول كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته
وهو يدعوهم إلى الله فأنزل الله ليس لك من الأمر شئ
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عبد الغفار بن عبد الله
537

الزبيري حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن شقيق
عن عبد الله قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكى نبيا
من الأنبياء ضربه قومه
حتى أدموا وجهه فجعل يمسح الدم عن
وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا خلف بن
هشام البزار قال حدثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس
538

عن جندب بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دميت أصبعه في
بعض المشاهد فقال صلى الله عليه وسلم
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
ذكر وصف غسل الدم عن وجه
المصطفى صلى الله عليه وسلم حين شج
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا نصر بن علي قال
أخبرنا سفيان عن أبي حازم قال
سألوا سهل بن سعيد بأي شئ دووي جرح النبي صلى الله عليه وسلم
539

قال ما بقي من الناس أعلم مني كان علي رضي الله عنه
يجئ بالماء في شنة وفاطمة تغسل الدم فأخذ حصير فأحرق
فدووي به صلى الله عليه وسلم
ذكر البيان بأن رباعية المصطفى صلى الله عليه وسلم
كسرت هشمت البيضة على رأسه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو إبراهيم
الترجماني حدثنا بن حازم عن أبيه
عن سهل بن سعد أن رجلا سأله عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم
540

فقال جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة
على رأسه صلى الله عليه وسلم فكانت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم تغسل الدم وعلي
رضي الله عنه يسكب الماء عليها بالمجن فلما رأت فاطمة رضي
الله عنها أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير
فأحرقته حتى إذا صار رمادا ألصقته بالجرح فاستمسك الدم
ذكر عناد بعض أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد العزيز بن سالم حدثنا
العلاء بن عبد الجبار أخبرنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب
حدثني أبي
عن الفلتان بن عاصم قال كنا قعودا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
المسجد فشخص بصره إلى رجل يمشي في المسجد فقال
يا فلان أتشهد أني رسول الله قال لا قال أتقرأ التوراة
541

قال نعم قال والإنجيل قال نعم قال والقرآن قال
والذي نفسي بيده لو أشاء لقرأته قال ثم أنشده فقال
تجدني في التوراة والإنجيل قال نجد مثلك ومثل أمتك ومثل
مخرجك وكنا نرجو أن تكون فينا فلما خرجت تخوفنا أن تكون
أنت فنظرنا فإذا ليس أنت هو قال ولم ذاك قال إمعه
من أمته سبعين ألفا ليس عليهم حساب ولا عقاب وإن معك نفر يسير
قال فوالذي نفسي بيده لأنا هو وإنها أمتي وإنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا سبعين ألفا
542

ذكر بعض ما كان يقاسي المصطفى صلى الله عليه وسلم
من المنافقين بالمدينة
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة
حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة
عن أسامة بن زيد بن حارثة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب حمار عليه
إكاف وتحته قطيفة فركب وأردف أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن
معاذ في بني الحارث في الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتى مر
بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان
واليهود ومنهم عبد الله بن أبي سلول وفي المجلس عبد
الله بن رواحه فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله
أنفه بردائه ثم قال لا تغبروا علينا فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم
ووقف عليهم فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد
الله لن أبي بن سلول أيهما
ها المرء لأحسن من هذا إن كان ما تقول
حقا فلا تؤذنا في مجالسنا وارجع إلى رحلك فمن جاءك منا
فاقصص عليه فقال عبد الله بن رواحة بل أغشينا في مجالسنا
فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى هموا أن
يثوروا فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ثم ركب دابته
فدخل على سعد بن معاذ وقال ألم تسمع ما قال أبو
حباب
يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا قال سعد يا رسول الله
543

أعف فوالله لقد أعطاك الله ولقد اصطلح أهل هذه البحير
على أن يتوجهوا بالعصابة فلما رد ذلك بالحق الذي أعطاكه
شرق بذلك فذلك الذي عمل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال
حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار
544

عن جابر بن عبد الله قال كسع رجل من المهاجرين رجلا
من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري
يا للمهاجرين قال فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال ما بال دعوى
الجاهلية فقالوا يا رسول الله رجل من المهاجرين كسع رجلا
من الأنصار فقال دعوها فإنها منتنة فقال عبد الله بن أبي بن
سلول قد فعلوها أداء رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها
الأذل فقال عمر دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق
فقال دعه لا يتحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم فإنها منتنة يريد أنه لا قصاص في
هذا وكذلك قولهم فإنها ذميمة وما أشبهها
ذكر وصف ما طب النبي صلى الله عليه وسلم
بعد قدومه المدينة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
حدثنا أبي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني
زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يخيل
إليه انه يفعل الشئ وما بالصلاة حتى إذا كان ذات يوم أو ذات
ليلة دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله جل
545

وعلا قد أفتاني فيما استفتيته قد جاءني رجلان فجلس أحدهما
عند رأسي وجلس الآخر عند رجلي فقال الذي عند رجلي
للذي عند رأسي ما وجع الرجل قال مطبوب قال ومن
طبه قال لبيد بن الأعصم قال في أي شئ قال في مشط
ومشاطة وجف طلعة ذكر قال وأين هو قال في بئر ذي
ذروان قال فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه ثم جاء
فقال يا عائشة فكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤوس
الشياطين فقلت يا رسول الله فهلا أحرقته أو أخرجته قال أما
أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس
منه شيئا فأمر
بها فدفنت
546

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها قالت سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم
سحره رجل من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى
كان يخيل إليه انه فعل الشئ ولم بالصلاة حتى إذا كان ذات يوم
أو ليلة قال يا عائشة أشعرت ان الله أفتاني فيما استفيته أتاني
ملكان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما
لصاحبه ما وجع الرجل فقال الآخر مطبوب فقال ومن طبه
قال لبيد بن الأعصم قال في أي شئ قال في مشط ومشاطه
547

وجف طلعة نخلة ذكر قال وأين هو قال في بئر ذروان
قالت وأتاها نبي الله صلى الله عليه وسلم في ناس من الصحابة فقال
يا عائشة كان ماءها نقاعة الحناء وكأن رأس نخلها رؤوس
الشياطين فقلت يا رسول الله أفلا استخرجتها قال قد عافاني
الله وكرهت أن أثير على المسلمين منه شرا
ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم على المشركين بالسنين
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير العبدي
أخبرنا سفيان حدثنا الأعمش ومنصور عن أبي الضحى
عن مسروق قال بينما رجل يحدث في كندة قال يجئ
دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ
المؤمن كهيئة الزكام قال ففزعنا فأتيت بن مسعود قال وكان
متكئا فغضب فجلس وقال يا أيها الناس من علم شيئا فليقل
به ومن لم يعلم شيئا فليقل الله اعلم فإن من العلم أن يقول الرجل
لما لا يعلم لا أعلم فإن الله جل وعلا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لا أسألكم
548

عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن قريشا دعا عليهم
النبي صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أعني عليهم بسبع كسني يوسف
فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها فأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل
ما بين السماء كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان بن حرب فقال
يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وقومك هلكوا فادع الله فقرأ هذه
الآية فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب
أليم إلى قوله إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم
عائدون فيكشف عنهم العذاب إذا جاء ثم عادوا إلى كفرهم
فذلك قوله يوم نبطش البطشة الكبرى فذلك يوم بدر فسوف
يكون لزاما يوم بدر وألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من
بعد غلبهم سيغلبون والروم قد مضى وقد
مضت الأربع
549

8 - باب
مرض النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عمرو بن هشام الحراني
حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن
الزهري عن عبيد الله بن عبيد الله
عن عائشة قالت رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من
جنازة بالبقيع وانا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وا رأساه قال
بل أنا يا عائشة وا رأساه ثم قال وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك
وكفنتك وصليت عليك ثم دفنتك قلت لكأني بك ان لو فعلت
ذلك قد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك فتبسم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه
551

ذكر البيان بأن العلة قد بدت برسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو في بيت ميمونة أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا علي بن المديني حدثنا
عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام
عن أسماء بنت عميس قالت أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى أغمي عليه قال فتشاوروا في لده فلدوه
فلما أفاق قال ما هذا أفعل نساء جئنا من ها هنا وأشار إلى
أرض الحبشة وكانت أسماء بنت عميس فيهن فقالوا كنا
نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله قال إن كان ذلك لداء
552

ما كان الله ليقذفني به لا يبقين أحد في البيت إلا لد إلا عم رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعني عباسا قال فلقد حاشاهم ميمونة يومئذ وإنها لصائمة
لعزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم سأل في علته نساءه أن
يكون تمريضه في بيت عائشة رضي الله عنها
أخبرنا بن خزيمة حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا
سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله قال
سألت عائشة قلت أخبريني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت اشتكى فعلق ينفث فجعلنا نشبه نفثه بنفث آكل الزبيب
قالت وكان يدور على نسائه فلما ثقل استأذنهن أن يكون
عندي ويدرن عليه قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين
رجلين تخطان رجلاه الأرض أحدهما عباس
قال فحدثت به بن عباس فقال لي ما أخبرتك بالآخر
553

قلت لا قال
هو علي ذكر العلة التي من اجلها استثنى عمه صلى الله عليه وسلم
بالامر باللدود الذي وصفناه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا يحيى بن
سعيد حدثنا سفيان حدثني موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن
عبد الله
عن عائشة قالت لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعل
يشير إلينا لا تلدوني فقلنا كراهية المريض الدواء فلما
أفاق قال ألم نوس أن تلدوني فقلنا كراهية المريض الدواء
فقال لا يبقى في البيت أحد إلا لد وانا انظر إلى العباس فإنه
لم يشهدهم
554

ذكر قراءة عائشة المعوذتين على المصطفى صلى الله عليه وسلم
في علته التي توفي فيها
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب عن عروة
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه
بالمعوذات ويمسح عنه بيده قالت فلما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم وجعه
الذي توفي فيه طفقت انفث عليه بالمعوذات التي كان ينفث بها
على نفسه وامسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه
ذكر ما كان يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم
في علته عند الدعاء بالشفاء له
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب حدثنا أبو زرعة
الرازي حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن
أبي بردة
عن عائشة قالت أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في
555

حجري فجعلت امسحه وأدعو له بالشفاء فلما أفاق قال صلى الله عليه وسلم
لا بل أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل
ذكر البيان بأن هذا الكلام كان من المصطفى صلى الله عليه وسلم
حيث خير بين الدنيا والآخرة
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم
عن عروة بن الزبير
عن عائشة قالت كنت اسمع انه لا يموت نبي حتى يخير
بين الدنيا والآخرة قالت فسمت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات
فيه وأخذته بحة فجعل يقول مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
قالت فظننت انه خير حينئذ
556

ذكر وصف الخطبة التي خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره
حيث خرج ليعهد إلى الناس ما ذكرناه قبل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا
صفوان بن عيسى قال أنيس بن أبي يحيى أخبرنا عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه وهو معصوب الرأس فاتبعته حتى قام على
557

المنبر فقال إني الساعة قائم على الحوض ثم قال إن عبد
عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة فلم يفطن لها أحد من
القوم إلا أبو بكر فقال معبد وأمي بل نفديك بأموالنا وأنفسنا
وأولادنا قال ثم هبط من المنبر فما رئي عليه حتى الساعة
ذكر البيان بأن المخير فيما وصفناه
كان صفي الله جل وعلا صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا علي بن المديني حدثنا أبو داود
حدثنا فليح بن سليمان حدثنا سالم أبو النضر عن بسر بن سعيد وعبيد بن
حنين
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال إن
الله خير عبدا بين ان يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين لقائه فاختار
لقاء ربه فبكى أبو بكر وقال بل نفديك بآبائنا وبأبنائنا فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم اسكت يا أبا بكر ثم قال إن أمن الناس علي فإن في
صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا من الناس لاتخذت
558

أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته ألا لا يبقين في المسجد خوخة
إلا سدت إلا خوخة أبي بكر قال أبو سعيد فقلت العجب
يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عبدا خيره الله بين الدنيا والآخرة
وهذا يبكي وإذا المخير رسول الله وإذا الباكي
أبو بكر وإذا أبو بكر أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم
559

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم
في الخرجة التي وصفناها للعهد إلى الناس صلى
على شهداء أحد قبل الخطبة التي ذكرها
أخبرنا أبو عروبة حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة
حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن
يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير
عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ثم
انصرف وقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها
الناس إني بين أيديكم فرط وإني عليكم شهيد وإني والله
ما أخاف أن تشركوا بعدي ولكني قد أعطيت الليلة مفاتيح
خزائن الأرض والسماء وأخاف عليكم أن تنافسوا فيها ثم دخل
فلم يخرج من بيته حتى قبضه الله جل وعلا وكانت آخر خطبة
خطبها حتى قبضه الله جل وعلا
560

ذكر البيان بأن قول عقبة بن عامر صلى على قتلى أحد
أراد به انه دعا واستغفر لهم لا أنه صلى
عليهم كما يصلى على الموتى
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني حدثنا
محمد بن عبد الله العصار حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري
عن عروة أو عمرة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبوا علي من سبع
قرب لم تحل أوكيتهن لعلي أستريح فأعهد إلى الناس قالت
عائشة فأجلسناه في مخضب لحفصة من نحاس وسكبنا عليه من
الماء حتى طفق يسير إلينا ان قد فعلتن ثم خرج فحمد الله
وأثنى عليه واستغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد
561

ذكر إرادة المصطفى صلى الله عليه وسلم كتبة الكتاب
لأمته لئلا يضلوا بعده
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس قال لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال
فيهم عمر بن الخطاب فقال اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده
ابدا قال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم
القرآن حسبنا كتاب الله قال فاختلف أهل البيت واختصموا لما
أكثروا اللغط والأحاديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوموا فكان بن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين
562

رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم هذا الكتاب من اختلافهم
ولغطهم
563

ذكر إشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى ما أشار به
في أبي بكر رضي الله عنه
حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن
سعيد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إبراهيم بن سعد حدثنا صالح بن
كيسان عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعى لي
أبا بكر حتى أكتب فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول أنا
564

أولى ويأبى الله والمؤمنين إلا أبا بكر
ذكر اغتسال المصطفى صلى الله عليه وسلم من الماء الذي لم يمس
بعد أن أوكي في علته التي قبض فيها صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا علي بن المديني حدثنا
هشام بن يوسف حدثنا معمر عن الزهري عن عرو
عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه
صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى
الناس قالت فأجلسناه في مخضب لحفصة فما زلنا نصب عليه
حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن
565

ذكر العلة التي من أجلها اغتسل صلى الله عليه وسلم في علته
أخبرنا محمد بن الحسن بقتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري أخبرني عروة وعمرة أحدهما
أو كلاهما
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات
فيه صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أستريح
فأعهد إلى الناس قالت عائشة فأجلسناه في مخضب لحفصة بنت
عمر من نحاس فسكبنا عليه الماء حتى طفق يشير إلينا أن قد
فعلتن ثم خرج إلى المسجد
ذكر وصف العهد الذي عزم على ذلك إلى الناس بعده
الذي من أجله اغتسل وخرج إلى المسجد
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا
بكر فليصل بالناس فقلت يا رسول الله إن أبا بكر إذا قام
566

مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس
فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقلت مثلها فقال صلى الله عليه وسلم
مروا أبا بكر فليصل بالناس فقلت لحفصة قولي به إن أبا بكر إذا
قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر ففعلت حفصة
فقال صلى الله عليه وسلم مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحبات يوسف
فقالت حفصة ما رأيت خيرا منك قط قالت فخرج أبو بكر يؤم
الناس فلما كبر أبو بكر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو بكر
يتأخر فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمكث مكانك فمكث مكانه
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذائه فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر حتى قضى الصلاة
ذكر
البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة
كان قاعدا وأبو بكر والناس قيام خلفه
أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا أبو أسامة حدثنا زائدة حدثني موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة قال
567

دخلت على عائشة فقلت لها الا تحدثيني عن مرض رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالت بلى ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى
الناس فقلت لا يا رسول الله هم ينتظرونك فقال ضعوا لي
ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل صلى الله عليه وسلم ثم ذهب لينوء فأغمي عليه
ماء فأفاق فقال أصلى الناس قلنا لا يا رسول الله وهم
ينتظرونك قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول
الله صلى الله عليه وسلم لعشاء الآخرة قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى
أبي بكر أن يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال له إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا
أو رفيقا يا عمر صل بالناس فقال عمر أنت أحق بذلك
ففعل وصلى بهم أبو بكر تلك الأيام ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في
نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس بن عبد المطلب
وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن
لا يتأخر فقال لهما اجلساني إلى جنب أبي بكر فأجلساه إلى
جنب أبي بكر قالت فجعل أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو قائم والناس يصلون بصلاة أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد
قال عبيد الله فدخلت علي بن عباس فقلت له ألا أعرض
عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم
فحدثته بحديثهما عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أنكر منه شيئا غير
أنه قال لم تسم لك الرجل الذي كان مع العباس فقلت
568

لا فقال هو علي
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم
أوصى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في علته
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا نصر بن علي الجهضمي
قال أخبرنا أزهر عن بن عون عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة قالت يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إلى
علي ولقد دعا بطست فبال فيه وإنه لعلي صدري فانخنث
فمات وما أشعر به
569

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم
أوصى إلى علي أو أسر إليه بأشياء أخفاها عن غيره
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصل كتابه قال
حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة
قال سمعت القاسم بن أبي بزة يحدث عن أبي الطفيل قال
سئل علي بن أبي طالب أخصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ
قال ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ لم يعمم به الناس كافة إلا
ما كان في قراب سيفي هذا فأخرج صحيفة مكتوبة لعن الله من
ذبح لغير الله ولعن الله من سرق منار الأرض لعن الله من لعن
والديه لعن الله من آوى محدثا
منار الأرض علامة بين أرضين قاله أبو حاتم
ذكر آخر الوصية التي أوصى بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم في علته
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة
570

عن أنس قال كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغرغر بها
في صدره وما كان يفيض بها لسانه الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما
ملكت أيمانهم
571

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يوص بشئ عند فراقه أمته
بالخروج إلى ما وعد الله له من النصارى
أخبرنا الحسن بن إسحاق الأصفهاني بالكرخ حدثنا
إسماعيل بن يزيد بن حريث القطان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة حدثنا
مسعر بن كدام عن عاصم عن زر قال
سألت عائشة عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت تسألوني
عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما
ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشئ
572

ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم
أنه مضاد لخبر زر الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب
حدثني الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن بن شهاب عن
عروة بن الزبير
عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت
إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه
بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال إنا لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم
في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها
بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها
شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك وهجرته فلم تكلمه
حتى توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر
وصلى عليها
وكان لعلي من الناس وجة حياة
فاطمة فلما توفيت فاطمة استنكر وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم
يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن إئتنا ولا يأتنا معك
573

أحد كراهية أن يحضر عمر بن الخطاب فقال عمر بن الخطاب
لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر
ما عسى أن يفعلوا بي والله لآتينهم فدخل أبو بكر عليهم
فتشهد علي بن أبي طالب وقال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك
وما أعطاك الله ولم أنفس خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت
علينا بالأمر وكنا نرى أن لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم
يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر
فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحب إلي من أصل أهلي وقرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من
هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير ولم أترك أمرا رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي بن أبي طالب رضي الله
عنه لأبي بكر موعدك العشية للبيعة
فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر فتشهد ثم
ذكر شأن علي بن أبي طال وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر
إليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر
وحرمته وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر
ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون
وقالوا أصبت وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف
574

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن قوله صلى الله عليه وسلم
لا نورث ما تركنا صدقة تفرد به الصديق عنه وقد فعل
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان حدثنا
ابن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري
أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن
الخطاب فقال إنه قد حضر المدينة أهل أبيات من قومك وإنا قد
أمرنا لهم برضخ فاقسمه بينهم فقلت يا أمير المؤمنين مر بذلك
غيري فقال اقبض أيها المرء قال فبينا انا كذلك إذ جاءه مولاه
يرفأ فقال هذا عثمان وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن
أبي وقاص والزبير بن العوام قال ولا أدري أذكر طلحة أم لا
يستأذنون عليك قال ائذن لهم قال ثم مكث ساعة ثم جاء
فقال العباس وعلي يستأذنان عليك فقال ائذن لهما فلما دخل
العباس قال يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا هما حينئذ
يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير فقال
القوم اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كل واحد منهما من
صاحبه فقد طالت خصومتهما
575

فقال عمر أنشدكما الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض
أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا قد
قال ذاك ثم قال لهما مثال ذلك فقالا نعم قال فإني أخبركم عن
هذا الفئ إن الله جل وعلا خص نبيه صلى الله عليه وسلم بشئ لم يعطه غيره فقال
وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل
ولا ركاب فكانت هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة والله
ما حازها دونكم ولا أستأثرها عليكم لقد قسمها بينكم وبثها فيكم
576

حتى بقي ما بقي من المال فكان ينفق على أهله سنة وربما قال
معمر يحبس منها قوت أهله سنة ثم يجعل ما بقي مجعل مال
الله فلما قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا أولى برسول
الله صلى الله عليه وسلم بعده أعمل فيها ما كان يعمل
ثم أقبل على علي والعباس قال وأنتما تزعمان أنه كان فيها
ظالما فاجرا والله يعلم أنه صادق بار تابع للحق ثم وليتها بعد
أبي بكر سنتين من إمارتي فعملت فيها بمثل ما عمل فيها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأنتما تزعمان أني فيها ظالم فاجر والله يعلم أني
فيها صادق بار تابع للحق ثم جئتماني جاءني هذا يعني العباس
يبتغي ميراثه من بن أخيه وجاءني هذا يعني عليا يسألني
ميراث امرأته فقلت لكما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا
نورث ما تركنا صدقة ثم بدا لي ان أدفعه إليكما فأخذت عليكما
عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وأنا ما وليتها فقلتما ادفعها إلينا على ذلك تريدان مني
قضاء غير هذا والذي بإذنه تقوم السماوات والأرض لا أقضي
بينكما فيها بقضاء غير هذا إن كنتما عجزتما عنها فادفعاها إلي
قال فغلب علي عليها فكانت في يد علي ثم بيد حسن
ابن علي ثم بيد حسين بن علي ثم بيد علي بن حسين ثم بيد
577

حسن بن حسن ثبيد زيد بن حسن قال معمر ثم كانت بيد
عبد الله بن الحسن
578

ذكر البيان بأن تركة المصطفى صلى الله عليه وسلم كان صدقة بعده
ما فضل منها عن مؤونة العمال ونفقة العيال
أخبرنا أبو خليفة حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن
أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقسم ورثتي بعدي
دينارا ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤونة عاملي صدقة
579

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم بعد نفقة عيالي أراد به بعد نفقة
أخبرنا الحسين بن إدريس أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقسم ورثتي
دينار اما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة
ذكر الإخبار عن نفى جواز يفرق لو جعله تركة المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير
عن عائشة أنها قالت إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول
580

الله صلى الله عليه وسلم
أردن يبعثن عثمان بن
عفان إلى أبي بكر الصديق رضي
الله عنه يسألنه ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة أليس قد
قال النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا فهو صدقة
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال حدثنا عيسى بن
حماد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والله لا يقسم
ورثتي دينارا ما تركت من شئ بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي
فهو صدقة
581

9 - باب
وفاته صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع أخبرنا أبو كريب
حدثنا مصعب بن المقدام عن مبارك بن فضالة عن الحسن
عن أنس قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت قالت فاطمة
وا كرباه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كرب على أبيك بعد اليوم
ذكر البيت الذي توفي فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا سعيد بن
يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي حدثنا أبو العنبس عن أبيه
عن عائشة قالت اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نساؤه انظر
حيث تحب أن تكون فيه نحن نأتيك قال صلى الله عليه وسلم أو كلكن على
582

ذلك قالت نعم فانتقل إلى بيت عائشة فمات فيه صلى الله عليه وسلم
ذكر اليوم الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا زكريا بن الحكم حدثنا
الفريابي حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت قال لي أبو بكر أي يوم توفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم قلت يوم الاثنين قال إني لأرجو أن أموت فيه فمات
يوم الاثنين عشية ودفن ليلا
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قبضه الله تعالى إلى جنته
وهو بين نحر عائشة وسحرها
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي
583

حدثنا نافع بن عمر عن بن أبي مليكة قال
قالت عائشة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وبين
سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه دخل عبد الرحمن
ومعه سواك يمضغ فأخذته فمضغته ثم سننته
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم استن من ذلك
السواك الذي استنت عائشة به
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
إسحاق بن إبراهيم الثقفي حدثنا أيوب عن بن أبي مليكة
عن عائشة قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومي بين
سحري ونحري فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر عليه ومعه سواك
رطب فنظر إليه فظننت أن له إليه حاجة فأخذته فمضغته
وقضمته وطيبته فاستن كأحسن ما رأيته مستننا ثم ذهب يرفع
فسقط فأخذت أدعو الله بدعاء كان يدعو بجبريل أو يدعو به إذا
584

مرض فجعل يقول بل الرفيق الأعلى من الجنة ثلاثا
وفاضت نفسه صلى الله عليه وسلم فقالت الحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه
في آخر يوم من الدنيا
ذكر البيان بأن دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم باللحوق بالرفيق الأعلى
كان في علته تلك وهو بين سحر عائشة ونحرها
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب حدثنا المفضل بن
فضالة عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير
أن عائشة أخبرته أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأصغت إليه قبل ان
يموت وهي مسندته إلى صدرها يقول اللهم اغفر لي وارحمني
وألحقني بالرفيق الأعلى
585

ذكر زجر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ
قبره مسجدا بعده
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا محمد بن
عبد الله العصار حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
أن ابن عباس وعائشة أخبراه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته
الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصه فإذا اغتم بها كشفها
عن وجهه وهو يقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد
قال تقول عائشة يحذرهم مثل الذي صنعوا
586

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد في هذا اليوم
الذي توفي فيه الخروج إلى أمته
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أحمد بن جميل المروزي حدثنا
ابن المبارك أخبرنا معمر ويونس عن الزهري قال
وأخبرني أنس بن مالك ان المسلمين بينا هم في صلاة الفجر
يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم ألا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم ثم تبسم
فضحك فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف وظن أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يريد ان يخرج إلى الصلاة قال أنس وهم المسلمين أن
يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فأشار إليهم
587

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر
بينه وبينهم ضرر صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم
قال الزهري وأخبرني أنس بن مالك انه لما توفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب في الناس خطيبا فقال لا أسمعن
أحدا يقول إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن
أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة
قال الزهري وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب
قال في خطبته إني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي رجال
وأرجلهم يزعمون أنه مات
قال الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف أن
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر اقبل على فرس من مسكنه
بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل
على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببردة حبرة فكشف
عن وجهه فأكب عليه فقبله وبكى ثم قال معبد أنت والله
لا يجمع الله عليك موتتين أبدا أما الموتة التي كتبت عليك
فقدمتها
قال الزهري قال أبو سلمة أخبرني بن عباس أن أبا بكر
خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبى عمر أن يجلس
فقال اجلس فأبى أن يجلس فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه
588

وتركوا عمر فقال أيها الناس من كان منكم يعبد محمدا فإن
محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
قال الله تبارك وتعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله
الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه
فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين
قال والله لكأن الناس لم الريح يعلموا ان الله جل وعلا أنزل
هذه الآية إلا حين تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فلم
تسمع بشرا إلا يتلوها
قال الزهري وأخبرني سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب
قال والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها عقرت حتى
ما تقلني رجلاي وأهويت إلى الأرض وعرفت حين سمعته
تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات قال الزهري وأخبرني أنس بن مالك أنه سمع عمر بن
الخطاب من الغد حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستوى أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر فتشهد قبل
أبي بكر ثم قال أما بعد فإني قد قلت لكم أمس مقالة لم تكن
كما قلت وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ولا في عهد
589

عهده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى يدبرنا يقول حتى يكون آخرنا فاختار الله جل وعلا
لرسوله الذي عنده على الذي عندكم وهذا كتاب الله هدى الله
به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا به تهتدوا بما هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم
590

ذكر ما كانت تبكي فاطمة رضي الله عنها أباها
حين قبضه الله جل وعلا إلى جنته
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي حدثنا عبد
الله بن الرومي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت
عن أنس أن فاطمة بكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبتاه من
ربه ما أدناه يا أبتاه إلي جبريل أنعا يا أبتاه جنة الفردوس
مأواه
591

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به عبد الرزاق عن معمر
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا إسماعيل بن
يونس حدثنا حماد بن زيد عن ثابت
عن أنس قال لما تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرب كان رأسه في
حجر فاطمة فقالت فاطمة وا كرباه لكربك اليوم يا أبتاه فرفع
رأسه صلى الله عليه وسلم وقال لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة فلما
توفي قالت فاطمة وا أبتاه أجاب ربا دعاه
وا أبتاه من ربه ما أدناه وا أبتاه إلى جنة الفردوس مأواه وا أبتاه إلى جبريل أنعاه قال أنس فلما
دفناه مررت بمنزل فاطمة فقالت يا أنس أطابت أنفسكم ان
تحثوا على رسول الله التراب
592

ذكر وصف الثياب التي قبض المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين حدثنا شيبان بن أبي شيبة
حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن أبي بردة قال
دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع
باليمن وكساء مما يسمونها الملبدة فأقسمت بالله أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به حميد بن هلال عن أبي بردة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني حدثنا علي بن
حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي الخليل عن
أبي بردة قال
593

أخرجت إلينا عائشة إزارا ملبدا وكساء غليظا فقالت في
هذا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر وصف الثوب الذي سجي صلى الله عليه وسلم
حيث قبضه الله جل وعلا إلى جنته
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجي في ثوب حبرة
ذكر البيان بأن الثوب الذي سجي به صلى الله عليه وسلم
لم يكفن فيه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو عمار الحسين
594

بن حريث حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني الزهري حدثني
القاسم بن محمد
عن عائشة قالت أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب حبرة ثم أخر عنه
قال القاسم إن بقايا ذلك الثوب
لعندنا بعد
ذكر وصف القوم الذين غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا يحيى بن واضح أبو تميلة حدثنا بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن
عبد الله بن الزبير عن أبيه
عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه
وشكوا في غسله وقالوا نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم
595

كيف نصنع فأرسل الله جل وعلا عليهم سنة فما منهم رجل
رفع رأسه فإذا مناد ينادي من البيت لا يدرون من هو أن
اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه قالت فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعليه قميصه قالت عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت
ما غسله غير نسائه
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ير منه في غسله
ما يرى من سائر الموتى
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هناد بن
السري حدثنا عبدة بن سليمان عن بن إسحاق عن يحيى بن عباد
عن أبيه
عن عائشة قالت لما اجتمعوا لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
596

اختلفوا بينهم فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه قالت فأرسل الله عليهم النوم
حتى إن منهم من رجل إلا ذقنه في صدره ثم ناد مناد من
جانب البيت ما يدرون ما هو أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه قال فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعليه قميصه يصبون عليه الماء ويدلكون من وراء القميص وكان
الذي أجلسه في حجره علي بن أبي طالب أسنده إلى صدره
قالت فما رئي من رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ مما يرى من الميت
ذكر وصف الثياب التي كفن صلى الله عليه وسلم فيها أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الوليد بن شجاع حدثنا
597

علي بن مسهر حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت غطي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت
لعبد الله بن أبي بكر ثم نزعت منه فكفن في ثلاثة أثواب
سحول يمانية ليس فيها عمامة ولا قميص فنزع عبد الله الحلة
وقال أكفن فيها ثم قال لم يكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفن
فيها فتصدق بها
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث
ضد ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن أحمد الرقام حدثنا أحمد بن عبد الله بن
علي بن سويد بن منجوف حدثنا أبو داود حدثنا هشام وعمران جميعا
عن قتادة عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثوب نجراني
598

وريطتين
ذكر وصف ما طرح تحت المصطفى في قبره
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا وكيع وغندر كلاهما عن شعبة عن أبي جمرة
عن بن عباس أنه وضع في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قطيفة حمراء
599

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لحد له عند الدفن
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عباد المكي
حدثنا الدراوري عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب سحولية ولحد
له ونصب اللبن عليه نصبا
ذكر أسامي من دخل قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم
حيث أرادوا دفنه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا مجاهد بن
600

موسى حدثنا شجاع بن الوليد حدثنا زياد بن خيثمة قال حدثني
إسماعيل السدي عن عكرمة
عن بن عباس قال دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم العباس وعلي
والفضل وسوى لحده رجل من الأنصار وهو الذي سوى لحود
الشهداء يوم بدر
ذكر إنكار الصحابة قلوبهم عند دفن صفي الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا بشر بن هلال الصواف
حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت
عن أنس قال لما كان اليوم الذي دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
المدينة أضاء منها كل شئ فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم
منها كل شئ وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه
حتى أنكرنا قلوبنا
601

ذكر وصف قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقدر ارتفاعه من الأرض
أخبرنا السختياني حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا
الفضيل بن سليمان حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد ونصب عليه اللبن
نصبا ورفع قبره من الأرض نحوا من شبر
بعونه تعالى وتوفيقه تم ي بع الجزء الرابع عشر من
" الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان "
ويليه الجزء الخامس عشر وأوله:
باب اخباره صلى الله عليه وآله عما يكون في أمته من الفتن والحوادث
602