الكتاب: صحيح ابن حبان
المؤلف: ابن حبان
الجزء: ١
الوفاة: ٣٥٤
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة
ردمك:
ملاحظات:

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان
(1)
1

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الثانية
1414 ه‍ - 1993 م
طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
2

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان
تأليف
الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
المتوفي سنة 739 ه‍
المجلد الأول
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
شعيب الارنؤوط
3

أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره
ياقوت الحموي
بسم الله الرحمن الرحيم
4

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الله تعالى وفق للسنة المطهرة حفاظا عارفين، وجهابذة عالمين،
وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل
الجاهلين، فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تدوينها، على أنحاء كثيرة،
وضروب عديدة، حرصا على حفظها، وخوفا من إضاعتها.
وكان من أحسنها تصنيفا، وأجودها تأليفا، وأكثرها
صوابا، وأقلها خطأ، وأعمها نفعا، وأعودها فائدة، وأعظمها
بركة، وأيسرها مؤونة، وأحسنها قبولا عند الموافق والمخالف،
وأجلها موقعا عند الخاصة والعامة، " صحيح " أبي عبد الله محمد بن إسماعيل
البخاري، ثم " صحيح " أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (1)
وما هذه المنزلة الرفيعة التي تبوأها هذان الكتابان إلا لاقتصارهما على الصحيح
دون سواه، غير أنهما لم يستوعبا الصحيح من الآثار، ولا التزما ذلك أصلا،
فابن الصلاح يروي عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي " الجامع " إلا ما صح،
وتركت من الصحاح لحال الطول (2). وقال: أحفظ مئة ألف حديث صحيح. وجملة ما

(1) هذا النص مأخوذ من خطبة المزي في " تهذيب الكمال " 1 / 147 (طبعة مؤسسة الرسالة).
(2) وروى عنه ذلك أيضا الحازمي في " شروط الأئمة الخمسة " ص 63. وروايته: لم أخرج في
هذا الكتاب إلا صحيحا، وما تركت من الصحيح أكثر ".
5

في كتابه " الصحيح " سبعة آلاف واثنان وخمسة وسبعون حديثا
بالأحاديث المتكررة. كما نقل ابن الصلاح أيضا عن مسلم قوله: ليس كل شئ
عندي صحيح وضعته هنا - يعني في كتابه " الصحيح " - إنما وضعت ها هنا
ما أجمعوا عليه
ونقل الحازمي عن البخاري قوله: كنت عند إسحاق بن راهويه،
فقال لي بعض أصحابنا: لو جمعتم مختصرا لسنن النبي صلى
الله عليه وسلم، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب. قال
الحازمي: فقد ظهر بهذا أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث، وأنه
لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال ولا في الحديث.
وبقاء عدد كبير من الأحاديث الصحيحة خارج " الصحيحين " حرك همة
الحفاظ إلى جمعها واستيعابها والتصنيف فيها، فكان أن ألف ابن خزيمة
" صحيحه " (1)، وتبعه تلميذه ابن حبان، فألف صحيحه المسمى ب‍ " التقاسيم
والأنواع "، ثم ألف تلميذه الحاكم " مستدركه على الصحيحين " (2).
وشرط هؤلاء كما هو ظاهر رواية الصحيح من الحديث، على تفاوت بينهم في
التزام الصحيح المجرد، فما هو مدى التزام كل واحد منهم برواية الصحيح، وما هي منزلة " صحيح " ابن حبان بين الصحاح؟ الجواب عن ذلك يستلزم
التعريف بشخصية ابن حبان، وسيرته، وحياته العلمية، ومدى تمكنه من علوم
الحديث، ثم سبر صحيحه من خلال شروطه ومناقشاتها وأقوال الأئمة فيها، إلى
آخر ما يتعلق به، فلنمض في ترجمته والتعريف إليه.

(1) طبع القسم الموجود منه بتحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، في أربعة أجزاء، تبدأ
بكتاب الطهارة، وتنتهي بكتاب الحج: باب إباحة العمرة قبل الحج. والقسم المتبقي من
الكتاب لا يزال مفقودا.
(2) وهو المعروف المتداول.
6

ابن الحبان (*)
هو الإمام العالم الفاضل المتقن المحقق الحافظ العلامة محمد بن
حبان بن أحمد بن حبان أبو حاتم التميمي البستي السجستاني، ونسبته التميمي
نسبة إلى تميم جد القبيلة العربية المشهورة، الذي يرتفع نسبه إلى عدنان (1)،
فهو عربي الأرومة، إلا أنه أفغاني المولد.
فقد ولد في مدينة قديمة كانت تعد من أعمال سجستان، وموقعها اليوم
ضمن أفغانستان الحديثة، يقال لها: بست، من أجل مدن البلاد الجبلية في

* مترجم في المصادر التالية: الأنساب 2 / 209، معجم البلدان 1 / 415 - 419، إنباه الرواة
3 / 123، الكامل في التأريخ 8 / 566، اللباب 1 / 151، المختصر لأبي الفداء 2 / 105،
طبقات ابن الصلاح ترجمة (14)، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي
ترجمة (846)، سير أعلام النبلاء 16 / 92 - 104، تذكرة الحفاظ 3 / 920، تأريخ الإسلام
وفيات 354، ميزان الإعتدال 3 / 506، العبر 2 / 300، دول الإسلام 1 / 220، الوافي
بالوفيات 2 / 317، مرآة الجنان 2 / 357، طبقات الشافعية للسبكي 3 / 131، طبقات الشافعية
للإنسوي 1 / 418، البداية 11 / 259، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1 / 105، لسان
الميزان 5 / 112، النجوم الزاهرة 3 / 342، تدريب الراوي 1 / 108، طبقات الحفاظ للسيوطي
ص 374، فيض القدير للمناوي 1 / 27، شذرات الذهب 3 / 16، هدية العارفين 2 / 44،
الرسالة المستطرقة 20، 21، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 128، دائرة المعارف للبستاني
1 / 439، الفهرس التمهيدي ص 377، و 433، التاج المكلل الترجمة (326).
(1) ساق نسب ابن حبان بتمامه مرفوعا إلى عدنان ياقوت في " معجم البلدان "، وسيورده الأمير
علاء الدين الفارسي في مقدمته لهذا الكتاب.
7

شرق سجستان، تقع على الضفة اليسرى للنهر الكبير هيلمند، إلى الجنوب من
الموقع الذي يتصل بنهر أرغنداب، فهي ذات موقع حسن جدا، لكونها في
الزاوية التي بين هذين النهرين في البقعة التي يصبح فيها النهر صالحا للملاحة،
وحيث تلتقي الطرق الآتية من زرنج وهراة لتعبر نهر هيلمند على جسر من
السفن ثم تتابع سيرها إلى بلوخستان والهند، مما جعلها مركزا تجاريا إلى بلاد
الهند (1). وكانت تمتاز بكثرة الزروع والنخيل والأعناب والفواكه، نظرا لوفرة
مياهها، وخصب أرضها (2) إلا أن حوادث الزمان امتدت إليها، لتغتال بهاءها،
فأجالت فيها يد الخراب، وأحالت بساتينها الغناء إلى صحراء مجدبة، وكان
بدء ذلك حين اكتسح علاء الدين حسن جهان سوز (أي محرق العالم) الغوري
مملكة الغزنويين، وكانت إحدى مدنها، فلحقها ما لحق بمدن الغزنويين من
الخراب، وذلك حوالي سنة 545 ه‍. (3) ويصفها ياقوت في أوائل القرن السابع
الهجري، فيقول: " والخراب فيها ظاهر "، وكان من الممكن لهذه المدينة أن
تلتقط أنفاسها، فترمم ما تهدم منها، لولا أن تيمور أجهز عليها في أواخر القرن
الثامن، فأوقع بها وبما جاورها الدمار، حين زحف إليها من زرنج (4)، ولم يبق
من بست إلا حصنها الذي ظل يقاوم الأحداث بفضل موقعه الحربي، إلى أن
خربه نادر شاه في القرن الثاني عشر الهجري عام 1117 ه‍ = 1738 م، ولا تزال
أسواره قائمة على شاطئ الهيلمند، كما أن الأطلال التي تشغل مساحة كبيرة من
الأرض تشهد على ما كان لهذه المدينة من عظمة وبهاء (5).

(1) انظر " بلدان الخلافة الشرقية " ص 377 و 383، 384.
(2) ولعل هذا سبب تسميتها بست، إذ معناها في الفارسية: مكان تعبق منه رائحة الفواكه، أو روضة
الورد.
(3) انظر: " البداية والنهاية " 12 / 79، و " نزهة الخاطر " 1 / 79، و " تاريخ الدول الإسلامية "
2 / 625 و 630، و " الأسرات الحاكمة ص 419.
(4) انظر " بلدان الخلافة الشرقية " ص 384.
(5) انظر " دائرة المعارف الإسلامية " (بست).
8

وكانت بست قد دخلت في حوزة المسلمين سنة ثلاث وأربعين للهجرة،
إذ افتتحها عبد الرحمن بن سمرة، ثم تقدم منها حتى بلغ كابل، ففتحها، وأسر
الشاه (1).
وتوالى على سجستان - ومنها بست - ولاة بني أمية، ثم ولاة
بني العباس، إلا أنهم كانوا في نزاع مستمر مع الأمراء المستقلين للبلاد
المجاورة، والذي كانوا يلقبون برتبيل، إلى أن استطاع رجل من أهل سجستان،
ذو جرأة نادرة، وشجاعة فائقة، كان في أول أمره نحاسا، هو يعقوب بن الليث
الصفار، استطاع أن يغلب على إقليم سجستان سنة 254 ه‍، ثم سار ليبسط
سيطرته على هراة وبوشنج وكرمان والسند وفارس وبلخ، مبتدئا عهد الدولة
الصفارية (2)، ويموت يعقوب سنة 265 ه‍ ليخلفه أخوه عمر الذي أظهر الطاعة
للخليفة العباسي، فولاه على ولايات سجستان وخراسان وفارس وأصفهان
وكرمان والسند، غير أن تزايد سطوته أثارت قلق الخليفة وتوجسه، فوجه إليه
جيشا بقيادة إسماعيل بن أحمد الساماني، فيقع عمر أسيرا في بلخ
سنة 287 ه‍، ثم يموت سنة 289 ه‍، وتتقلص بذلك سيطرة الصفاريين عن تلك
الولايات الواسعة، لتقع في قبضة السامانيين الذين أبقوا لبني الصفار حكم إقليم
سجستان في ظل سيادتهم وتحت سيطرتهم، ويستمر حكم الدولة السامانية حتى
سنة 389 ه‍، حيث وافاها ما تلاقيه الدول، حين دهمت خيول الغزنويين بلاد
السامانيين، فأسقطت حكمهم، وأنهت سيطرتهم، لتبدأ أيام الدولة الغزنوية (3).

(1) انظر " الكامل " 3 / 436. وكانت سجستان وكابل قد فتحتا أيام الخليفة عمر بن الخطاب رضي
الله عنه، إلا أن أهلها نقضوا بعده، فأعيد فتحهما زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه
بقيادة عبد الله بن عامر بن كريز. انظر " الكامل " 3 / 44 و 128 و 436.
(2) انظر " الكامل " 7 / 184 وما بعدها.
(3) انظر " الكامل " 8 / 79 و 9 / 148 وما بعدها، و " وفيات الأعيان " 6 / 402 - 432، و " الدول الإسلامية " 1 / 263 - 271، و " معجم الأسرات الحاكمة " ص 302، و " دائرة المعارف
الإسلامية " (أفغانستان) و (سجستان) و (الصفارية).
9

في هذه الحقبة من الزمن (أعني عهدي الصفاريين والسامانيين) عاش
ابن حبان، فقد ولد في عشر الثمانين ومئتين للهجرة، ولم يذكر أحد سنة ولادته
تحديدا، لكنهم اتفقوا على أنه توفي سنة 354 ه‍ في عشر الثمانين.
سيرته العلمية
ليس لدينا في المصادر المتيسرة لنا نص يكشف عن أول أمره، وكيفية
توجهه إلى طلب العلم، وهل كان ذلك باعتناء والده، أو أحد أقاربه، أو أحد
أصحاب أسرته، أم لا، بيد أن قول الإمام الذهبي: " طلب العلم على رأس
الثلاث مئة " (1)، يشير إلى أنه طلب بنفسه، وأن عمره آنذاك ينيف على العشرين
عاما، فلئن تأخر قليلا في الطلب، إلا أنه قد شمر عن ساق الجد ما أطاق، عدته
في ذلك همة عالية قربت إليه المسافات البعيدة، وأدنت إليه البلاد النائية،
فرحل إلى شيوخ وقته في بلادهم، وقصد أجلة علماء زمانه في مدنهم وقراهم،
ليدرك الأسانيد العالية، فتطلب ذلك أن يرحل إلى أكثر من أربعين بلدا من بلدان
العالم الإسلامي، في رقعة واسعة مترامية الأطراف، وشملت رحلته سجستان
وهراة ومرو وسنج والصغد والشاش (طشقند) وبخاري ونسا ونيسابور وأرغان
وجرجان وطهران والكرج وعسكر مكرم والأهواز والبصرة وبغداد والكوفة
والموصل ونصيبين والرقة وأنطاكية وطرسوس وحمص ودمشق وبيروت وصيدا
والرملة وبيت المقدس ومصر وغيرها، وبلغ مجموع شيوخه في هذه الرحلة أكثر
من ألفي شيخ، كما صرح هو في مقدمته لهذا الكتاب، فقال: " لعلنا قد كتبنا
عن أكثر من ألفي شيخ من الشاش إلى الإسكندرية "، ويريد ابن حبان من قوله
هذا أن يبين لنا أنه رحل إلى أقصى ما تمكن الرحلة إليه لطلب العلم في عصره،
فالشاش في جهة المشرق هي أقصى بلاد الإسلام آنذاك، وبعدها تبدأ بلاد

(1) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 506.
10

الترك، ولذا يقول ياقوت في الشاش: وهي أكبر ثغر في وجه الترك (1).
وأما الإسكندرية فآخر بلدة يمكن لمحدث يطلب السنن أن يصل إليها آنذاك،
لأن ما بعدها كانت دولة الفاطميين، ولم يكن ثمت تبادل علمي معها، فلو أمكنه
أن يرحل إلى شيخ في بلدة أبعد من ذلك لما قصرت به همته، ولا يسعنا إزاء
هذا العدد الضخم من الشيوخ في تلك الرقعة الواسعة من الأرض إلا أن نردد مع
الذهبي قوله: كذا فلتكن الهمم (2).
ومع أن ياقوت قد بسط في " معجمه للبلدان " عددا
كبيرا من هؤلاء الشيوخ وبلدانهم، إلا أنه لم يمكنه استقصاؤهم،
فاختصر، وقال: وجماعة كثيرة من أهل هذه الطبقة سوى من ذكرناهم. وأنى له
أن يستقصي ألفي شيخ! على أن الذي يهمنا من شيوخه هنا إنما هم الذين روى عنهم هذا " الصحيح "، فقد انتقى
من هؤلاء الألفين أكثر من مئة وخمسين
شيخا (3)، ثم عول على نحو من عشرين منهم هم أوثق شيوخه وأضبطهم وأعلاهم
إسنادا، فقال في مقدمة الكتاب: ولم نرو في كتابنا هذا إلا عن مئة وخمسين شيخا
أقل أو أكثر، ولعل معول كتابنا هذا يكون على نحو من عشرين شيخا ممن أدرنا
السنن عليهم، واقتنعنا برواياتهم عن رواية غيرهم.
وقد قمت باستقصاء شيوخه في هذا الكتاب، وأحصيت عدد الأحاديث
التي رواها لكل منهم، فتبين أن الشيوخ الذين عول عليهم - وعدتهم واحد
وعشرين شيخا - كل واحد منهم حافظ ثقة ثبت إمام، مشهود له بالتقدم
والإتقان وسأوردهم لبيان منزلة كل منهم، مراعيا في ترتيبهم عدد

(1) علاوة على أن ما بعد الشاش تقع صحراء جوبي، والتي لا يمكن عبورها من أضيق أجزائها
إلا في شهر كامل من الزمن، أما قطعها في اتجاه طولها فمحاولة فاشلة لا جدوى منها، وذلك لأن
تلك المحاولة تستغرق قرابة سنة، ولا شك أن حمل مؤن لمثل تلك المدة شئ غير معقول،
كما ذكر ماركو بولو في " رحلاته " ص 85، 86.
(2) انظر " سير أعلام النبلاء " 16 / 94.
(3) يؤخذ من الفهرس الذي صنعناه لشيوخه أن عددهم 217 شيخا.
11

الأحاديث التي رواها عن كا منهم، مبتدئا بالأكثر فالذي يليه، لتتضح درجة
اعتماده على كل شيخ في رواية هذا الكتاب:
1 - الإمام الحافظ، شيخ الإسلام (1)، أبو يعلى الموصلي أحمد بن
علي بن المثنى، محدث الموصل، أحد الثقات الأثبات، انتهى إليه علو
الإسناد، حتى إنه أعلى إسنادا من النسائي، ازدحم عليه أصحاب الحديث،
وأجمعوا على ثقته ودينه، نقل الذهبي عن أبي يعقوب إسحاق والد
أبي عبد الله بن منده، أنه رحل إلى أبي يعلى، وقال له: إنما رحلت إليك
لإجماع أهل العصر على ثقتك وإتقانك، وألف " معجم شيوخه "، و " مسنده " الذي قال فيه أبو سعد السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي
الحافظ يقول: قرأت المسانيد كمسند العدني، ومسند أحمد بن منيع، وهي
كالأنهار، ومسند أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار. ومسنده هذا هو الذي
عند أهل أصبهان من طريق ابن المقرئ عنه، بخلاف " المسند " الذي من
طريق أبي عمر بن حمدان عنه، فإنه مختصر، وهو الذي اعتمده الهيثمي
في " مجمع الزوائد "، مات أبو يعلى سنة سبع وثلاث مئة. مترجم في " تذكرة
الحافظ " 2 / 707، و " سير أعلام النبلاء " 14 / 174. وعدة الأحاديث التي
رواها ابن حبان عنه في " صحيحه " (1174) حديثا.
2 - الإمام الحافظ الثبت الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز،
أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، صاحب " المسند "، قال فيه الحاكم:
كان الحسن بن سفيان محدث خراسان في عصره، مقدما في الثبت، والكثرة،
والفهم، والفقه والأدب. وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الرازي: ليس
للحسن في الدنيا نظير. وقد سمع أكثر " مسنده " من الإمام إسحاق بن راهويه
قال ابن حبان: حضرت دفنه في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاث مئة. مترجم في

(1) الألقاب التي أذكرها قبل اسم كل شيخ مما يأتي، هي التي أطلقها شيخ الإسلام الإمام الذهبي
في كتابه " السير ".
12

" تذكرة الحفاظ " 2 / 703، و " سير أعلام النبلاء " 14 / 157، وعدة الأحاديث
التي رواها ابن حبان عنه (815) حديثا.
3 - الإمام العلامة المحدث الأديب الأخباري، شيخ الوقت، أبو خليفة
الفضل بن الحباب الجمحي البصري، وصفه الذهبي فقال: ثقة صادقا
مأمونا أديبا فصيحا مفوها، رحل إليه من الآفاق، و عاش مئة عام سوى أشهر،
مات سنة 305 بالبصرة، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 670، و " سير أعلام
النبلاء " 14 / 7، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (732) حديثا.
4 - الإمام الحافظ الفقيه أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي القرشي
المطلبي النيسابوري، صاحب التصانيف، عرف بابن شيرويه، قال الحاكم:
ابن شيرويه الفقيه أحد كبراء نيسابور، له مصنفات كثيرة تدل على عدالته
واستقامته، روى عنه حفاظ بلدنا، واحتجوا به. متوفي سنة 305 ه‍، مترجم في
" تذكرة الحفاظ " 2 / 705، و " سير أعلام النبلاء " 14 / 166 وعدة الأحاديث
التي رواها ابن حبان عنه (463) حديثا.
5 - الإمام الثقة المحدث الكبير أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة
اللخمي العسقلاني، كان مسند أهل فلسطين، ذا معرفة وصدق، متوفي قرابة
سنة 310 ه‍، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 764، و " سير أعلام النبلاء "
14 / 292، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (464) حديثا.
6 - الإمام الحافظ الثبت الجوال، أبو حفص عمر بن بجير
الهمداني البجيري السمرقندي، محدث ما وراء النهر، مصنف " المسند "
والتفسير، و " الصحيح "، وغيرها، وصفه الذهبي بأنه من أوعية العلم، وقال
أبو سعد الإدريسي: كان فاضلا خيرا ثبتا في الحديث، له الغاية في طلب الآثار
والرحلة، متوفي سنة 311 ه‍، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 719، و " سير أعلام النبلاء " 14 / 402، و " معجم البلدان " (خشوفغن)، وعدة الأحاديث
التي رواها ابن حبان عنه (357) حديثا.
13

7 - الإمام المحدث العابد الثقة أبو محمد عبد الله بن محمد بن سلم
المقدسي الفريابي الأصل، متوفي سنة نيف عشرة وثلاث مئة، مترجم في " سير
أعلام النبلاء " 14 / 306، وعدة الأحاديث التي رواها عنه (313) حديثا.
8 - إمام الأئمة الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر محمد بن
إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري الشافعي، قال فيه ابن حبان: ما
رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح
وزياداتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن خزيمة
فقط. وقال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير، وقال
الذهبي: صار يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان. ومصنفاته تزيد على
مئة وأربعين كتابا سوى المسائل، منها " صحيحه " الذي كان السابق إلى تأليفه
بعد البخاري ومسلم، ولعله هو الذي سن هذه السنة الحسنة في جمع
ما يشترط فيه الصحيح، لعدم استيعاب البخاري ومسلم جميع الصحيح في
كتابيهما، وقد لزمه ابن حبان، وتخرج به في الفقه، حتى إنه حذا حذوه في
طريقة استنباطه، ووضع فقه الحديث عنوانا له في " الصحيح "، متوفي
سنة (311 ه‍)، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 720، و " سير أعلام النبلاء "
14 / 365 - 382، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (301) حديثا.
9 - الإمام المحدث القدوة العابد أبو بكر عمر بن سعيد بن أحمد بن
سعد بن سنان الطائي المنبجي، قال الذهبي: لم أظفر له بوفاة مترجم في
" السير " 14 / 290. وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (281) حديثا.
10 - الإمام المحدث الحجة الحافظ أبو إسحاق عمران بن موسى بن
مجاشع الجرجاني السختياني، مصنف " المسند "، متوفي سنة 305 ه‍، مترجم
في " تذكرة الحفاظ " 2 / 762، و " السير " 14 / 136، وعدة الأحاديث التي رواها
ابن حبان عنه (232) حديثا.
14

11 - الإمام الحافظ الثقة محمد بن إبراهيم بن مهران أبو العباس
السراج الثقفي مولاهم الخراساني النيسابوري، شيخ الإسلام، محدث
خراسان، صاحب " المسند الكبير " على الأبواب، والتأريخ وغير ذلك، متوفي
سنة 313 ه‍ بنيسابور، مترجم في " التذكرة " 2 / 731، و " السير "
14 / 388 - 398، وعدة الأحاديث التي رواها عنه ابن حبان (173) حديثا.
12 - الإمام الحافظ المعمر الصادق أبو عروبة الحسين بن محمد بن
أبي معشر مودود السلمي الحراني الجزري، مفتي أهل حران، مصنف كتاب
" الطبقات " وكتاب " تاريخ الجزيرة "، متوفي سنة 318 ه‍، مترجم في " التذكرة "
2 / 774، و " السير " 14 / 510، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه
(167) حديثا.
13 - الإمام المحدث الثقة الرحال الحسين بن إدريس بن مبارك،
أبو علي الأنصاري الهروي، الحافظ، له تاريخ كبير وتصانيف، متوفي
سنة 301 ه‍، مترجم في " التذكرة " 2 / 695، و " السير " 14 / 113، وعدة
الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (136) حديثا.
14 - الإمام المحدث الثقة الحافظ أبو عبد الله محمد بن
عبد الرحمن بن العباس السامي الهروي، جمع وصنف، متوفي سنة 301
أو 302 ه‍، مترجم في " التذكرة " 2 / 697، و " السير " 14 / 114، وعدة
الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (112) حديثا.
15 - الحافظ المحدث الثقة أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون
النسوي الرياني - بالتخفيف كما ضبطه الذهبي، وقيده ابن مأكولا بالتثقيل -
متوفي سنة 313 ه‍، مترجم في " السير " 14 / 433، وعدة الأحاديث التي رواها
ابن حبان عنه (99) حديثا.
16 - الحافظ المسند الثقة أبو علي الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان
15

الرقي، رحال مصنف توفي في حدود سنة 310 ه‍، مترجم في " السير "
14 / 286، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (90) حديثا.
17 - الإمام المحدث الحافظ المفيد أبو الحسين محمد بن عبد الله بن
جعفر بن عبد الله بن الجنيد الرازي، قال الذهبي: جمع وصنف وأرخ، وأفاد
الرفاق، وأفنى عمره في الطلب. متوفي سنة 347 ه‍، مترجم في " تذكرة
الحفاظ " 3 / 897، و " السير " 16 / 7، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه
(91) حديثا.
18 - الحافظ الحجة العلامة عبدان عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد
الجواليقي الأهوازي، صاحب التصانيف، قال فيه ابن حبان: أخبرنا عبدان
بعسكر مكرم، وكان عسرا نكدا. ونقل الحاكم أنه كان يحفظ مئة ألف حديث،
متوفي سنة 306 ه‍، مترجم في " التذكرة " 2 / 688، و " السير " 14 / 168 -
173، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (73) حديثا.
19 - الإمام الحجة المحدث البارع، علم الحفاظ، شيخ الإسلام،
أبو جعفر أحمد بن يحيى بن زهير التستري الزاهد، من صار يضرب به المثل
في الحفظ، متوفي سنة 310 ه‍، مترجم في " تذكرة الحفاظ " 2 / 757،
و " السير " 14 / 362، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (75) حديثا.
20 - الشيخ المحدث الثقة المعمر أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن
عبد الجبار بن راشد البغدادي الصوفي الكبير، متوفي سنة 306 ه‍ ببغداد، مترجم في " السير " 14 / 152، وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (70) حديثا.
21 - المحدث إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل البستي - بمهملة -،
عاش إلى نحو الثلاث مئة، مترجم في " التذكرة " 2 / 702، ضمن ترجمة سميه إسحاق بن إبراهيم بن نصر البشتي - بمعجمة -، وفي " السير " 14 / 140،
وعدة الأحاديث التي رواها ابن حبان عنه (69) حديثا.
16

هؤلاء هم الذين أكثر عنهم في رواية هذا الكتاب، وبقية شيوخه فيه
يتراوح عدد أحاديث كل منهم ما بين الواحد إلى الستين، وسأورد
تراجمهم وعدة أحاديثهم في نهاية الكتاب إن شاء الله.
تحصيله العلمي:
إن مما يثير الإعجاب بابن حبان ما تميز به طوال رحلته وطلبه من همة
لا يعتريها فتور، وحرص على اقتناص الفوائد ليس له نظير، فلم يسترح قلمه
عن كتابة ما تسمعه أذناه من الشيوخ، حتى جاوز في ذلك الحد أحيانا، روى
أبو سعد الإدريسي قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن سعيد النيسابوري
الرجل الصالح بسمرقند يقول: كنا مع أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في
بعض الطريق من نيسابور، وكان معنا أبو حاتم البستي، وكان يسأله ويؤذيه،
فقال له ابن خزيمة: يا بارد تنح عني لا تؤذني، أو كلمة نحوها، فكتب أبو حاتم
مقالته، فقيل له: تكتب هذا؟! فقال: نعم أكتب كل شئ يقوله (1).
ومثل هذه الهمة لم يكن ليقنعها فن واحد من فنون العصر، فاتجه إلى
تحصيل واستيعاب أكثر ما كان معروفا في زمانه من العلوم والمعارف، على أن
أعظم ما رسخ فيه، وبرع، وغدا من أعلامه، علم الحديث فقد صار الإمام
الحافظ المجود العلامة الثقة الثبت المتقن المحقق، كما وصفه بذلك غير
واحد من الكبار (2)، وإذا كانت مؤلفات الرجل مرآة علمه، فمؤلفات ابن حبان
شاهد له على رسوخ قدمه، وطول باعه، مترجمة عن سمو قدره، وعلو
شأنه، وهذا ياقوت الحموي وهو الرجل المحقق يشهد بذلك، فيقول: " ومن
تأمل تصانيفه تأمل منصف، علم أن الرجل كان بحرا في العلوم "، ويقول:

(1) " معجم البلدان " (بست).
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 920 و " سير أعلام النبلاء " 16 / 92، ومقدمة الأمير علاء الدين
الفارسي لهذا الكتاب.
17

" أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره " (1) وقد عكست مصنفاته هذه
عقليته المبدعة، وثقافته الأصيلة الواسعة، فلم تكن ليستغني عنها بغيرها، بل
صارت كما قال ياقوت: " عدة لأصحاب الحديث "، وسيرد وصف طبيعة
تصنيفه عند الحديث عن مؤلفاته.
وفي الفقه تعب عليه حتى صار من كبار فقهاء الشافعية (2)، وأهله تمكنه
فيه أن يكون قاضيا، إذ لا يلي القضاء آنذاك إلا مضطلع في الفقه، متمكن من
نواحيه، عارف بدقائق مسائله، ومشكل وقائعه، فولي القضاء مدة طويلة في
أكثر من بلدة، منها نسا وسمرقند وغيرهما، ولعل هذا - كما يقول بعضهم -
ما أثار حفيظة فقهاء الحنفية الذين كانوا يعدون وظيفة القضاء وقفا عليهم،
فجرت بينه وبينهم منازعات وخصومات، حملت ابن حبان على مجاوزة الحد،
حين لم يجد أغيظ لهؤلاء من الطعن في إمامهم أبي حنيفة، فألف
كتابا في " علل مناقبه " عشرة أجزاء، وكتابا في " مثالبه " عشرة أجزاء، وكتابا
في " علل ما استند إليه " عشرة أجزاء، وكان الأولى به أن يكظم غيظه، فلا يأخذ
أحدا بذنب غيره، وأبو حنيفة ذاك الإمام الجليل القدر، العظيم الشأن، من طبق
علمه الآفاق، وعرف فضله القاصي والداني، فكيف ينال منه لذنب اقترفه رجل
انتحل مذهبه بعد قرنين من وفاته؟! فسامح الله ابن حبان، وغفر له هذه الهفوة.
وقد تلمذ في الفقه على شيخه محدث الوقت محمد بن إسحاق بن
خزيمة، وأخذ عنه طريقته في استنباط الأحكام والمسائل الفقهية، وهذا الكتاب
يظهر مدى تمسك ابن حبان بمنهج شيخه في الاستنباط، وتقليده الكامل له،
لكن مع تصرفه الخاص الذي أملته عليه عقليته وأسلوبه الذي سأتعرض له بعد
هذا الفصل، وهذا ما دعا ابن الصلاح إلى أن يغمز منه غمزا شديدا حين

(1) انظر " معجم البلدان " بست.
(2) لذا ترجم له السبكي في " طبقات الشافعية " 3 / 131.
18

قال: " ربما غلط الغلط الفاحش في تصرفه "، ووافقه على غمزه الذهبي،
فقال " وصدق أبو عمرو ".
وبرع أيضا في علم العربية، حتى عرف أسرارها، وحقيقتها ومجازها،
وتمثيلها واستعاراتها، مما مكنه أن يستنبط الأحكام الشرعية من نصوص القرآن
والسنة، وكثيرا ما كان يمهد لاستنباطه بذكر القاعدة اللغوية المتعارف عليها عند
العرب، كقوله: " العرب تذكر الشئ في لغتها بعدد معلوم ولا تريد بذكرها ذلك
العدد نفيا عما وراءه " وقوله: " العرب في لغتها تطلق اسم البداءة على النهاية،
واسم النهاية على البداءة "، وغير ذلك مما نثره وبسطه في كتابه هذا، مما
يكشف عن مدى تعمقه في فهم العربية، وسبره لغورها، وإدراكه لمقاصد
ألفاظها وأسرار تراكيبها.
ونضج في علم الكلام حتى تأثرت به عقليته، وتلون به فكره، واصطبغ
بتقسيماته وفصوله أسلوبه، فتراه يذهب إلى تقسيم الشئ إلى كلي وجزئي،
وتفريق الشيئين المتضادين والمتهاترين - على حد تعبيره -، إلى غير ذلك
مما هو جلي في تعليقاته وتفسيراته واستنتاجاته في الكتاب، وما طريقة ترتيب
كتابه هذا حسب التقاسيم والأنواع إلا ثمرة من ثمار تأثره بعلم الكلام، وقد
ذكر ذلك السيوطي في " تدريب الراوي " 1 / 109، وما محنته التي سنعرض
لها قريبا إلا نتيجة لاستيلاء مصطلحات هذا الفن على ألفاظه وعباراته،
مما يشير إلى أن نسيج فكره قد شد من خيوط هذا الفن، ولم يكن علمه به
مجرد إلمام واطلاع.
وبالإضافة إلى هذا حصل علم الطب والفلك، ويظهر أنه بلغ فيهما رتبة
أمكن معها القول فيه: " كان عالما بالطب والنجوم " (1).

(1) انظر مقدمة الأمير علاء الدين لهذا الكتاب، " ومعجم البلدان " (بست)، و " سير أعلام النبلاء "
16 / 94.
19

إن هذه الفنون التي تمكن منها جعلت الحافظ ابن حجر يقول:
كان صاحب فنون، وذكاء مفرط، وحفظ واسع إلى الغاية، رحمه الله.
أسلوبه وطريقة استنباطه:
إذا كان استنباط الرجل للمسائل والأحكام من النصوص دالا على نمط
تفكيره، وكيفية تفهمه، فإن ما لمحه ابن حبان في النصوص من معان ليظهر
بجلاء تلك العقلية المبدعة التي وهبها، فقد قال في قول رسول الله صلى الله
عليه وسلم لحسان - لما أمره بالرد على المشركين -: " أجب عني " قال: في هذا
الخبر كالدليل على الأمر بجرح الضعفاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لحسان بن ثابت: " أجب عني "، وإنما أمر أن يذب عنه ما كان يتقول عليه
المشركون، فإذا كان في تقول المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأمر أن يذب عنه، وإن لم يضر كذبهم المسلمين، ولا أحلوا به احرام،
ولا حرموا به الحلال، كان من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المسلمين، الذي يحل الحرام ويحرم الحلال بروايتهم أحرى أن يؤمر بذب ذلك
الكذب عنه صلى الله عليه وسلم.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " يتقارب الزمان وينقص العلم "، قال:
وقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن العلم ينقص في آخر الزمان، وأرى
العلوم كلها تزداد إلا هذه الصناعة الواحدة، فإنها كل يوم في النقص، فكأن
العلم الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته بنقصه في آخر الزمان
هو معرفة السنن، ولا سبيل إلى معرفتها إلا بمعرفة الضعفاء والمتروكين.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا
فعليكم بسنتي " رأى ابن حبان دليلا صحيحا على أنه صلى الله عليه وسلم أمر
أمته بمعرفة الضعفاء منهم من الثقات، لأنه كما قال: لا يتهيأ لزوم السنة مع
20

ما خالطها من الكذب والأباطيل إلا بمعرفة الضعفاء من الثقات (1).
على أنه كان يغرب أحيانا فيما يستنبطه ويراه، فيلحظ في النص
ما لا يخطر على قلب أحد، وقد يدفعه ما ارتاه إلى إنكار معنى صحيح ثابت،
ودفع ما لا قبل له بدفعه، كقوله في حديث أنس في الوصال: فيه دليل على أن
الأخبار التي فيها وضع الحجر على بطنه من الجوع كلها بواطيل، وإنما معناها
الحجز، وهو طرف الرداء، إذ الله يطعم رسوله، وما يغني الحجر من الجوع؟
ويرد عليه الذهبي بما أخرجه هو نفسه، فيقول: قد ساق في كتابه حديث
ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر من الجوع، فلقيا النبي صلى الله عليه
وسلم، فأخبراه، فقال: " أخرجني الذي أخرجكما " فدل على أنه كان يطعم
ويسقى في الوصال خاصة (2).
ولعل هذا أيضا هو ما دعا أبا عمرو ابن الصلاح إلى النيل منه حين قال:
" وربما غلط في تصرفه الغلط الفاحش على ما وجدته "، فيصدقه الذهبي
ويقول: " صدق أبو عمرو ".
وبظني أن تأثر ابن حبان بعلم الكلام، هو الذي جعله يعتمد في أسلوبه
على فذلكة المعاني وفلسفتها، وكثيرا ما كان الذهبي ينال من أسلوبه هذا،
فيقول: " تقعقع ابن حبان "، وقد كادت فذلكته هذه أن تودي به إلى التهلكة،
فيحكم بقتله، وبطرده من بلده، كما حصل له في محنته.
محنته:
إن الناظر في تاريخ الأئمة الكبار لتتملكه الحيرة، ويمضه الألم،
ولا ينقضي منه العجب: كيف وقع فحول المحدثين وكبارهم ضحية حروب

(1) انظر " المجروحين " له 1 / 10 و 11، وانظر " سير أعلام النبلاء " 16 / 98، 99، و " طبقات
الشافعية " للسبكي 3 / 133.
(2) انظر " سير أعلام النبلاء " 16 / 98، و " طبقات " السبكي 3 / 133.
21

جدلية شكلية، حمى وطيسها، وارتفعت ألسنة لهيبها، فاضطرت هذا إلى
الهروب والفرار، وذاك إلى الاختباء والتواري عن الأنظار، وثالث ألقي في
ظلمات السجون تلسعه السياط ليل نهار، والمؤلم والعجيب أن
معظم تلك النيران المتضرمة كان منشؤها شرر خلافات لفظية لا طائل تحتها،
ولا تقدم من أمر الدين شيئا ولا تؤخر، ولا شك أن الحسد الذميم هو الذي
يذكي أوار مثل تلك الخلافات التي اتخذت مظهر الدفاع عن الدين، وذب البدع
المزعومة عن أصوله وأحكامه، ها هو ذا البخاري أمير علم الحديث، وصاحب
أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل، يسأل عن اللفظ بالقرآن، فيقول: القرآن
كلام الله غير مخلوق، وأعمالنا مخلوقة. فيتورم لجوابه أنف شيخه محمد بن
يحيى الذهلي، ويصيح قائلا: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن زعم: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو مبتدع لا يجلس إلينا. ثم أعلن أنه سيقاطع كل من يذهب
بعد هذا إلى البخاري، فانقطع الناس عنه إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن
سلمة، لكن لم تشتف نفس الذهلي، ولم يذهب غيظ قلبه، وضاقت عليه البلد
التي تجمعه والبخاري، فقال: لا يساكنني محمد بن إسماعيل في البلد، فخشي
البخاري على نفسه، وسافر من نيسابور. ولا ننسى أيضا تلك المأساة التي وقع
في أتونها من قبل الإمام أحمد بن حنبل، فقضى ما ينيف على عشر سنوات في
سجون خصومه حبيس السياط والعذاب.
وابن حبان أيضا لم ينج مما وقع فيه من قبله، فإن المنزلة الرفيعة التي
تبوأها أشعلت الغيرة في صدور حاسديه، فهم يتربصون به هفوة أو سقطة
أو خطأ، ليملؤوا الدنيا نكيرا عليه، وينفروا قلوب الخلق عنه، ويتورط
ابن حبان، فيتفوه بعبارة صاغها أسلوبه في فذلكة الكلام وفلسفة المعاني فيجد
فيها المتربصون فرصة ليقيموا عليه الدنيا، وثغرة يلجون منها ليطعنوه طعنة قاتلة
ويستريحوا منه، وهم عند عامة الناس منصفون، مقيمون للحد الذي شرعه الله،
لقد تورط ابن حبان، فقال: " النبوة: العلم والعمل "، وهذا قول إن أجري على
ظاهره حكم على صاحبه بالزندقة، واستحق به القتل، وهذا ما حدث، فقد
22

حكم عليه بعض أئمة عصره بالزندقة، فهجره الناس ثم كتب بهذا الأمر الخطير
إلى الخليفة، الذي سارع إلى إقامة حد الله على هذا القائل، فأمر بقتله، ولولا
أن الله سلم لحز رأسه بحد السيف، فما كان أغنى ابن حبان عن مقالته هذه، لقد
أوقع نفسه، وأتعب عارفيه في الدفاع عنه، وتأويل عبارته الموهمة هذه، ودفع
تهمة الزندقة أن تلتصق به، فالإمام الذهبي ينقل قصته هذه ثم يقول: هذه
حكاية غريبة، وابن حبان فمن كبار الأئمة، ولسنا ندعي فيه العصمة من الخطأ،
لكن هذه الكلمة التي أطلقها قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق والفيلسوف،
فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن نعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في
الخبر، ونظير ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الحج عرفة " ومعلوم أن الحاج
لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر
مهم الحج، وكذا هذا ذكر مهم النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم
والعمل، فلا يكون أحد نبيا إلا بوجودهما، وليس كل من برز فيهما نبيا، لأن النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم
اللداني والعمل الصالح، وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلا، وحاشاه (1).
وفذلكة ابن حبان أوقعته في حبال مشكلة أخرى، وذاك أنه اقتحم في
متاهة لا علم فيها ولا دليل، وخاض في أمر كان البعد عن خوض لجاجه أسلم
لدينه ونفسه، فقد أنكر الحد لله، وصرح بذلك في مقدمة كتابه " الثقات "،
فثارت ثائرة الذين أثبتوا لله الحد، واستشاطوا غضبا، ولم تسترح نفوسهم
إلا حين رأوه مطرودا وحيدا يغادر بلدته سجستان، ويفتخر بطرده يحيى بن عمار
ذاك الواعظ في سجستان حين سأله أبو إسماعيل الهروي: هل رأيت ابن حبان؟
فيجيبه منتفخا متعظما رافعا رأسه: وكيف لم أره؟ نحن أخرجناه من سجستان.
ويعلل ابن عمار سبب طرده ابن حبان، وأنه تقرب بذلك إلى الله، وانتصر بزعمه

(1) " سير أعلام النبلاء " 16 / 96.
23

للدين، فيقول: كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد
لله، فأخرجناه من سجستان.
وينتصر لابن حبان من بعده كبار الأئمة كابن حجر الذي قال: " الحق مع
ابن حبان " (1) والسبكي فيقول (2): انظر ما أجهل هذا الجارح، وليت شعري،
من المجروح، مثبت الحد لله أو نافيه؟! وأما إمام الاعتدال الذهبي فيرد على
كلا القولين، ويقول (3): إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام،
والسكوت عن الطرفين أولى، إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته... إلى أن
قال: فمن نزه الله وسكت، سلم وتابع السلف. وقال أيضا (4): إنكاركم عليه بدعة
أيضا، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه،
و " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "، وتعالى الله أن يحد أو يوصف
إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد الله بلا مثل ولا كيف،
(ليس كمثله شئ وهو السميع البصير).
وفوق اتهامه بالبدعة والزندقة، ذكر بعضهم في الكذابين، مع أنه
هو الذي قام بكشف أحوال الضعفاء والمجروحين، وبين شروط الثقات
والمعدلين، لكن حسد لفضله وتقدمه كما قال تلميذه الحاكم، وبعض هؤلاء
الحاسدين المتهمين كان من كبار الحفاظ، مثل أبي الفضل أحمد بن علي بن
عمرو السليماني البيكندي (5) من قرية بيكند قرب بخارى فمع أنه تلمذ
لابن حبان، وأفاد منه، فقد ترجمه في شيوخه في باب الكذابين، فقال: وأبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد البستي، قدم علينا من سمرقند سنة 330

(1) انظر " لسان الميزان " 5 / 114.
(2) في " الطبقات " 3 / 132.
(3) في ميزان الاعتدال " 3 / 507.
(4) في " سير أعلام النبلاء " 16 / 97.
(5) ترجمة الذهبي في " سير أعلام النبلاء " 17 / 200.
24

أو 329، فقال لي أبو حاتم سهل بن السري الحافظ: لا تكتب عنه، فإنه
كذاب، وقد صنف لأبي الطيب المصعبي كتابا في القرامطة، حتى قلده قضاء
سمرقند، فلما أخبر أهل سمرقند بذلك أرادوا أن يقتلوه، فهرب، ودخل
بخارى، وأقام دلالا في البزازين، حتى اشترى له ثيابا بخمسة آلاف درهم إلى شهرين، وهرب في الليل، وذهب بأموال الناس، ويذكر أبو عبد الله الحاكم أن
السليماني هذا سأله: كتبت عن أبي حاتم البستي؟ فقلت: نعم، فقال: إياك
أن تروي عنه، فإنه جاءني، فكتب مصنفاتي، وروى عن مشايخي، ثم إنه خرج
إلى سجستان بكتابه في القرامطة إلى ابن بابويه حتى قبله، وقلده أعمال
سجستان، فمات به. قال السليماني: فرأيت وجهه وجه الكذابين، وكلامه كلام
الكذابين (1).
وطعن السليماني هذا مردود غير مسموع، لأنه شاذ مخالف لأقوال جمهور
الأئمة، ثم إن السليماني على جلالة قدره قد عرف عنه طعنه لعدد من العلماء
الثقات لم يكن ابن حبان عنده أحسن حالا منهم، فقد قال الذهبي في ترجمته:
رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه. وليس من
شأن ما هو شاذ أن يثبت أمام الحقائق الساطعة، فهي التي تمكث في الأرض،
ويذهب الزبد جفاء، فقد ظل ابن حبان متألقا في حياته، بل وبعد وفاته، حتى
إن الناس كانوا يزورون قبره رغم أنف الحاسدين.
نشره للعلم:
تكاثر عليه الطلبة للأخذ عنه والإفادة منه، ولتحصيل الأسانيد العالية
قصده الطلبة من الآفاق، قال الحاكم: " وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه " (2)، وكان يقرئ ويعلم في كل بلد يحل فيه، قال أبو سعد الإدريسي: وفقه الناس

(1) انظر " معجم البلدان " (بست).
(2) " سير أعلام النبلاء " 16 / 94.
25

بسمرقند. وقال الحاكم: انصرف إلينا في سنة سبع (يعني سبع وثلاثين وثلاث
مئة)، فأقام عندنا بنيسابور، وبنى الخانقاه، وقرئ عليه جملة من مصنفاته.
وكانت رغبته في نشر العلم، وحرصه على بثه وبذله، مصاحبا لفراسة صادقة،
وبصيرة نافذة، يستشف بهما من هو أهل للتعلم، فيخصه بمزيد من العناية،
يقول الحاكم: " ورد نيسابور سنة 334، وحضرناه يوم جمعة بعد الصلاة، فلما
سألناه الحديث، نظر إلى الناس وأنا أصغرهم سنا، فقال: استمل، فقلت:
نعم، فاستمليت عليه " وإذ كان يولي عنايته من تفرس فيه النباهة، وتوسم فيه
التفوق، فقد كان بعض تلامذته من كبار العلماء، وأعلام الحفاظ فمنهم:
1 - الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله بن
محمد بن حمدويه الضبي، المتوفى سنة 405 ه‍، تابع شيخه ابن حبان في
جمع الصحيح من الأخبار، فألف كتابه " المستدرك على الصحيحين "
وهو الكتاب المعروف المتداول، وألف كتبا أخرى نفيسة. مترجم في " سير
أعلام النبلاء " 17 / 162.
2 - الإمام الحافظ محدث الإسلام أبو عبد الله محمد بن أبي يعقوب
إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني، صاحب كتاب " معرفة
الصحابة " و " التوحيد " و " الكنى " وغيرها، متوفى سنة 395 ه‍، مترجم في " سير
أعلام النبلاء " 17 / 28 - 43.
3 - الإمام الحافظ علم الجهابذة أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن
مهدي الدارقطني، من بحور العلم، وأئمة الدنيا في الحفظ والفهم والورع،
صاحب " السنن "، و " العلل " وغيرهما، متوفى سنة 385 ه‍. مترجم في " سير
أعلام النبلاء " 16 / 449 - 461.
4 - العلم الرحال الحافظ أبو علي منصور بن عبد الله بن خالد بن
أحمد الذهلي الخالدي الهروي، متهم، متوفى سنة 401 أو 402 ه‍، مترجم في
" سير أعلام النبلاء " 17 / 114، 115.
26

5 - الأديب أبو عمر محمد بن أحمد بن سليمان بن غيثة النوقاتي،
صاحب التصانيف الكثيرة، متوفى سنة 382 ه‍، مترجم في " معجم الأدباء "
17 / 205.
6 - المحدث أبو الحسن محمد بن محمد بن هارون
الزوزني، روى عنه كتاب " التقاسيم " ذكره الذهبي في " المشتبه " 1 / 51.
وخلق كثير سواهم.
ويسجل التاريخ هنا مأثرة عظيمة لابن حبان، كان له فيها فضل السبق
والتقدم، فهو بالإضافة إلى قيامه ببذل علومه الغزيرة، وإقراء مصنفاته النفيسة
لعدد لا يحصى من الطلاب، هو من أوائل - بل لعله أول - من حول مكتبته
الخاصة الأثيرة لديه، والتي أنفق في تحصيلها وجمعها عمره وماله، حولها إلى
مكتبة عامة يفيد منها طلاب العلم كافة غنيهم وفقيرهم، ذكر ذلك مسعود
السجزي كما نقل عنه ياقوت، فقال: " سبل كتبه، ووقفها، وجمعها في دار
رسمها لها "، ثم عمد إلى داره فأوصى أن تحول إلى مدرسة لأصحابه، ومسكن
للطلاب الغرباء الذين يفدون لطلب العلم من حديث وفقه وغير ذلك،
ولم يكتف ابن حبان بوقف المكتبة والمدرسة والمسكن، فقد بقي أمام الطلبة
هم المعيشة، فكفاهم ذلك بأن وقف لهم جرايات يستنفقونها، ليتفرغوا لطلب
العلم، ويتوجهوا إلى تحصيله بصفاء ذهن وراحة بال (1)، ويكون ابن حبان
بإنشائه هذه المدرسة قد سبق الملك العادل نور الدين الزنكي رضي الله عنه بأكثر
من قرنين وثلث القرن، ويمكن أن نصحح هنا ما أورده ابن الأثير (2) وتابعه عليه
المقريزي (3) من أن نور الدين أول من بنى دارا للحديث.

(1) انظر " معجم البلدان " لياقوت، ومقدمة الأمير علاء الدين لهذا الكتاب.
(2) في كتابه " التاريخ الباهر " ص 172.
(3) في " الخطط والاعتبار " 2 / 375.
27

ولخوف ابن حبان على ضياع الكتب أو فقدانها من المكتبة التي وقفها
- وهو يعلم أن الإعارة مضيعة للكتب - فقد اشترط ألا تخرج من الدار التي
وقفها فيها، أي منع الإعارة الخارجية التي تذهب بالكتب شيئا فشيئا، وجعل
خزانة الكتب في يدي وصي سلمها إليه، ليبذلها لمن يريد نسخ شئ منها من
غير أن يخرجه منها، هكذا أحكم ابن حبان الأمر، وأحاط تلك المكتبة بسياج
الصيانة والحفظ، إلا أن حوادث الدهر امتدت إليها على حين غفلة من أهلها،
لتبعثرها وتبددها، وتخفي نفائسها وكنوزها، وذاك بعد قرابة مئة عام من موت
واقفها ابن حبان، ويذكر ذلك مسعود السجزي للخطيب البغدادي بحرقة،
فيقول: فكان السبب في ذهابها مع تطاول الزمان ضعف السلطان، واستيلاء
ذوي العيث والفساد على أهل تلك البلاد (1). فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفاته:
وبعد حياة جهاد متواصل، قضى جلها في الأسفار، وملأ ساعاتها بالطلب
والسماع والإملاء والاستملاء، وعمر أيامها بالتأليف والتصنيف، وتعرض فيها
لمحن وأحداث، شاء الله له أن يرجع إلى مسقط رأسه بست، ليمضي فيها بقية
عمره، ويوافيه أجله وهو بين أهله وأصحابه وطلابه، وذلك ليلة الجمعة لثماني
ليال بقين من شوال سنة 354 ه‍، فيدفن بعد صلاة الجمعة في الصفة التي ابتناها
قرب داره. قال ياقوت: وقبره ببست معروف يزار إلى الآن.
تآليفه:
إن الناظر في تآليف ابن حبان يجد أنه لم يكن حاطب ليل، ولا ناقلا
للنصوص من هنا وهناك ليجمعها في مكان واحد فحسب، وإنما يلحظ من خلال
تآليفه عقلا محققا، وفكرا عميقا، ونظرا ثاقبا، كان يشبع المسائل بحثا وتمحيصا

(1) انظر " معجم البلدان " (بست).
28

ودراسة واستقصاء واستنباطا، وتصانيفه تشهد على تلك الجهود العظيمة،
والمعاناة الشديدة التي بذلها لإخراج مصنفاته تنبض بالأصالة والإبداع، هذا
ما دعا ياقوت إلى القول كما سبق: أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره،
وشهد بذلك أيضا تلميذه الحاكم، فقال: صنف فخرج له من التصنيف في
الحديث ما لم يسبق إليه، وليس أدل على إبداعه ومعاناته في التصنيف من كتابنا
هذا، " التقاسيم والأنواع " فقد وصل في إبداعه إلى درجة من الإغراب لم يستطع
الناس معها تمثل طريقته، ولا التكيف مع منهجه في تأليفه، وسيرد الحديث عنه
مستقلا.
وهذا كتاب آخر من مصنفاته الغزيرة هو " الهداية إلى علم السنن "، أسرد لك
طريقته فيه - كما ذكرها ياقوت - لتتبين الجهود المكثفة التي بذلها لإخراج
الكتاب، فهو كتاب قصد فيه إظهار الصناعتين اللتين هما صناعة الحديث
والفقه، يذكر حديثا، ويترجم له، ثم يذكر من يتفرد بذلك الحديث، ومن
مفاريد أي بلد هو، ثم يذكر كل اسم في اسناده من الصحابة إلى شيخه بما
يعرف من نسبته ومولده وموته وكنيته وقبيلته وفضله وتيقظه، ثم يذكر ما في ذلك
الحديث من الفقه والحكمة، فإن عارضه خبر ذكره، وجمع بينهما، وإن تضاد
لفظه في خبر آخر، تلطف للجمع بينها، حتى يعلم ما في كل خبر من صناعة
الفقه والحديث معا. قال ياقوت: وهذا من أنبل كتبه وأعزها.
وهاك مصنفا آخر يكشف عن تلك المعاناة التي ينوء بها العصبة من
الرجال، إنه كتاب " شعب الإيمان "، يذكر لنا ابن حبان كيف صنفه، فيقول: إنه
تتبع حديث أبي هريرة " الإيمان بضع وسبعون شعبة " مدة، فجعل يعد
الطاعات، فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا كثيرا، فرجع إلى السنن، فعد كل
طاعة عدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان، فإذا هي تنقص عن
البضع والسبعين، فرجع إلى كلام الله، فتلاه بالتدبر، وعد كل طاعة عدها الله
تعالى من الإيمان، فإذا هي تنقص أيضا، فضم الكتاب إلى السنن، وأسقط
29

المعاد، فإذا كل شئ عده الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم من الإيمان
تسع وسبعون شعبة، لا تزيد عليها ولا تنقص، قال: فعلمت أن المراد هذا
الذي في الكتاب والسنة.
فكيف إذا ضممت إلى كتبه هذه كتبا لا تقوم لولا المعاينة والمعالجة
والدراسة، كما يظهر من عناوينها، وهذه بعضها: " علل أوهام أصحاب
التواريخ " عشرة أجزاء، " علل حديث الزهري " عشرون جزءا، " علل حديث
مالك " عشرة أجزاء، كتاب " ما خالف فيه الثوري شعبة " ثلاثة أجزاء، كتاب
" ما انفرد فيه أهل المدينة من السنن " عشرة أجزاء، كتاب " ما انفرد به أهل مكة
من السنن " عشرة أجزاء، كتاب " ما عند شعبة عن قتادة وليس عند سعيد عن
قتادة " جزءان كتاب " غرائب الأخبار " عشرون جزءا، كتاب " ما أغرب الكوفيين
عن البصريين " عشرة أجزاء، كتاب " أسامي من يعرف بالكنى " ثلاثة أجزاء،
كتاب " كنى من يعرف بالأسامي " ثلاثة أجزاء، كتاب " الفصل والوصل " عشرة
أجزاء، وكتاب " التمييز بين حديث النضر الحداني والنضر الخزاز " جزآن،
كتاب " الجمع بين الأخبار المتضادة " جزآن، كتاب " وصف العلوم وأنواعها "
ثلاثون جزءا، كتاب " الفصل بين النقلة " عشرة أجزاء، إلى آخر ما ذكره ياقوت
في " معجم البلدان ".
ولما كانت مصنفاته على هذه الدرجة من الأهمية فقد صارت " عدة
لأصحاب الحديث " كما قال ياقوت، وحرص الأئمة على اقتنائها والإفادة منها،
إلا أن كثيرا منهم لم يتمكن من الحصول عليها، قال الخطيب البغدادي: ومن
الكتب التي تكثر منافعها إن كانت على قدر ما ترجمها به واضعها مصنفات
أبي حاتم محمد بن حبان البستي التي ذكرها لي مسعود بن ناصر السجزي،
ووقفني على تذكرة بأسمائها، ولم يقدر لي الوصول إلى النظر فيها، لأنها غير
موجودة ولا معروفة عندنا.
ولم تكن هذه الكتب نادرة في بغداد فحسب، بل كانت في سجستان
30

أيضا عزيزة المنال، فقد سأل الخطيب البغدادي مسعودا السجزي: أكل هذه
الكتب موجودة عندكم، ومقدور عليها في بلادكم؟ فقال: إنما يوجد منها الشئ
اليسير والنزر الحقير. ويبين السجزي سبب ندرتها، فيقول: وقد كان
أبو حاتم بن حبان سبل كتبه، ووقفها، وجمعها في دار رسمها لها، فكان السبب
في ذهابها - مع تطاول الزمان - ضعف السلطان، واستيلاء ذوي العيث والفساد
على أهل تلك البلاد. فيتحسر الخطيب على ضياع هذه الكتب، وينعى على
أهل تلك البلاد جهلهم وبلادتهم، فيقول: ومثل هذه الكتب كان يجب أن يكثر
بها النسخ، فيتنافس فيها أهل العلم ويكتبوها، ويجلدوها إحرازا لها،
ولا أحسب المانع من ذلك كان إلا معرفة أهل تلك البلاد بمحل العلم
وفضلة، وزهدهم فيه، ورغبتهم عنه، وعدم بصيرتهم به والله أعلم.
ويبدو لي أن ثمت سببا آخر كان وراء ضياع كتبه، وهو خصومته الشديدة
لأتباع أبي حنيفة، وتأليفه كتبا في " مثالبه " و " علل مناقبه " و " علل ما استند
إليه "، وهو مقيم مع مكتبته في بلاد أغلب أهلها على مذهب أبي حنيفة،
يضاف إلى ذلك تلك المنازعة الشديدة التي جرت بينه وبين واعظ سجستان
يحيى بن عمار في مسألة الحد لله، وأدت إلى طرده، مما يدل على مدى تأثير
الواعظ على الرأي العام هناك، كل ذلك مما جعل أهل تلك البلاد ينظرون
إلى كتبه شزرا، ولا يقدرونها حق قدرها، فلا يحرزونها، ولا يأبهون لفقدانها،
بل لعله كان لهم يد في تبديدها، فلله الأمر.
ما طبع من مؤلفاته
1 - كتاب " الثقات ": وقد اختصره مع كتابه الآخر " المجروحين
والضعفاء " من كتابه " التاريخ الكبير " لما رآه من صعوبة حفظ كل ما في " الكبير "
من الأسانيد والطرق والحكايات، فذكر في " الثقات " الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم، فقال: فكل من أذكره في هذا الكتاب الأول فهو صدوق يجوز
الاحتجاج بخبره إذا تعرى عن خصال خمس فذكرها المؤلف وهي:
31

1 - أن يكون فوق الشيخ الذي ذكر اسمه في الإسناد رجل ضعيف
لا يحتج بخبره.
2 - أو يكون دونه رجل واه لا يجوز الاحتجاج بروايته.
3 - أو يكون الخبر مرسلا لا تلزم به الحجة.
4 - أو يكون منقطعا لا تقوم بمثله الحجة.
5 - أو يكون في الإسناد رجل لم يبين سماعه في الخبر من
الذي سمعه منه.
ثم قال: فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى عن الخصال الخمس
التي ذكرتها، فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره.
ثم ذكر شرط العدل الموثق عنده، فقال: " العدل من لم يعرف منه الجرح
ضد التعديل، فمن لم يعلم بجرح فهو عدل إذا لم يبين ضده " ويعلل ما ذهب
إليه بقوله: " إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كلفوا
الحكم بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم ".
وسيرد مناقشة منهج ابن حبان في توثيق المستور عند الحديث عن شروطه
في كتابه " الصحيح " هذا.
وقد رتب كتابه هذا على الطبقات، فبدأ بذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم ومولده ومبعثه وهجرته إلى أن قبضه الله، ثم ذكر الخلفاء الراشدين
والخلفاء الذين جاؤوا بعده حتى المطيع بن المقتدر، ثم ذكر الصحابة على
ترتيب حروف المعجم بالتزام الحرف الأول، ثم التابعين الذين شافهوا
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأقاليم كلها على المعجم أيضا،
ثم القرن الثاني الذين رأوا التابعين، ثم القرن الثالث الذين هم أتباع التابعين،
وكل قرن رتبه أيضا على حروف المعجم. وقد طبع الكتاب بتمامه في تسعة
أجزاء في مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند، فصدر
الجزء الأول منه سنة 1973 م، والتاسع سنة 1983 م.
32

وأما كتابه الآخر الذي هو صنو هذا الكتاب، فهو:
2 - كتاب " معرفة المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين "
وهذا هو العنوان الذي طبع به، وقد أشار إليه ابن حبان في مقدمة " الثقات " باسم
" الضعفاء بالعلل "، وعنونه المؤلف لكتابه بهذا الاسم إشارة إلى أنه ذكر العلل
التي من أجلها ذكره في الضعفاء، وصرح بذلك في مقدمته، فقال: وإني ذاكر
ضعفاء المحدثين وأضداد العدول من الماضين، ممن أطلق أئمتنا عليهم القدح،
وصح عندنا فيهم الجرح، وأذكر السبب الذي من أجله جرح، والعلة التي بها
قدح.
وقد قدم له بذكر أنواع الجرح، فكانت عنده عشرين نوعا، ثم أورد أسماء
المجروحين مرتبة على حروف المعجم، أعقبها بباب الكنى، وطريقته أن يذكر
الاسم كاملا مع كنيته، وقد يذكر بعض شيوخه، وبعض الرواة عنه، ثم يذكر
نوع الجرح الذي رمي به، محتجا لما ذهب إليه، ثم يورد الأحاديث المنكرة
التي رويت من طريقه.
وقد طبع الكتاب بتحقيق الأستاذ محمود إبراهيم زايد، وصدر في ثلاثة
أجزاء، عن دار الوعي بحلب.
3 - كتاب " مشاهير علماء الأمصار " وهو كتاب مختصر ذكر فيه مشاهير علماء الأمصار، وأعلام فقهاء الأقطار، دون الضعفاء والمتروكين، والأمصار
التي اقتصر على ذكر أعلامها هي مكة والمدينة والبصرة والكوفة وبغداد وواسط
وخراسان والشام ومصر واليمن، ويضم (1602) من التراجم، ورتبه على
الطبقات، فذكر الصحابة، ثم التابعين، ثم أتباع التابعين، وقد طبع الكتاب في
القاهرة سنة 1959 باعتناء المستشرق م. فلاديشهمر.
4 - كتاب " روضة العقلاء ونزهة الفضلاء " وهو كتاب لطيف في
التهذيب والآداب ومكارم الأخلاق، وذكر في طياته بعض تآليفه في الرقائق
33

أيضا، وقد طبع غير مرة، منها بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ومحمد
عبد الرزاق حمزة ومحمد حامد الفقي في مطبعة السنة المحمدية سنة 1949 م.
هذا ما عرفته مما طبع من مؤلفاته، وآن لنا أن نشرع في الحديث عن كتابه
الذي نحن بصدد إخراجه، وهو:
التقاسيم والأنواع:
وهو هذا الكتاب الذي نصدره بترتيب الأمير علاء الدين الفارسي، واسمه
الكامل كما سماه مؤلفه " المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود
قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها " وثبت هذا في عنوان الكتاب من
النسخة الموجودة بدار الكتب المصرية (1)، وغيرها، وهو ما ذكره الأمير
علاء الدين الذي رتبه وبوبه، لكن اقتصر على لفظ " التقاسيم والأنواع " كما سيرد
في مقدمته الآتية، وهو ما أورده الذهبي في ترجمة ابن حبان وفي مواضع أخرى
من " السير "، والهيثمي في " موارد الضمآن " ص 29، والسيوطي في " تدريب
الراوي " 1 / 109، وذكره الذهبي أحيانا باسم " الأنواع والتقاسيم "، وسماه
أبو سعد الإدريسي - كما نقل الأمير في مقدمته الآتية - " المسند الصحيح "،
وابن حبان في تسمية كتابه هذا متابع شيخه ابن خزيمة، فقد ذكر ابن حجر في
" النكت الظراف " 1 / 291 أن ابن خزيمة سمى صحيحه " المسند الصحيح المتصل
بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة " (1)، وبما أن
ابن حبان اشترط فيه الصحيح، فقد شاع على ألسنة المحدثين والحفاظ باسم

(1) وهو الزركلي في " أعلامه " فجعل هذا الكتاب كتابين، فقال في ترجمة ابن حبان.: " ومن كتبه
" المسند الصحيح " في الحديث، والأنواع والتقاسيم " جمع فيه ما الكتب الستة محذوفة
الأسانيد " وهو خطأ بين من عدة وجوه كما ترى، فليس " الأنواع والتقاسيم " كتابا غير " المسند
الصحيح "، ولا جمعا لما في الكتب الستة، ولا محذوف الأسانيد.
(2) لم يتبين لمحقق " صحيح " ابن خزيمة اسم الكتاب كما سماه به مؤلفه، فيستدرك من هنا.
34

" صحيح " ابن حبان، وهذا ما دعا العلامة المرحوم أحمد شاكر أن يطلق عليه في
الجزء الذي طبعه من الكتاب، اسم " صحيح " ابن حبان، وآثرنا نحن أن نسميه
بالاسم الذي أطلقه عليه مرتبه الأمير علاء الدين الفارسي، وهو " الإحسان في
تقريب صحيح ابن حبان ".
وذكر ابن حبان أن الذي دعاه إلى تأليفه (1) ما رآه من كثرة طرق الأخبار،
وقلة معرفة الناس بالصحيح منها، واشتغالهم عنها بكتبة الموضوعات، وحفظ
الخطأ والمقلوبات، وهم مع ذلك معتمدون على ما في الكتب دون حفظها
وتحصيلها في صدورهم، فدفعه ذلك إلى جمع الأسانيد الصحيحة، ووضعها
في أيدي الناس لصرفهم عن الأخبار والأسانيد الضعيفة والموضوعة ثم حملهم
على حفظها بحيلة يخترعها في طريقة ترتيب هذه الأخبار، ومن هنا ينبغي
البحث في هذين الأمرين: الأول: شروطه في جمع هذه الأسانيد الصحيحة،
ومناقشتها، ثم ذكر منزلة كتابه من هذه الناحية بين كتب الصحاح، ومدى عناية
العلماء به، والثاني: طريقة ترتيبه التي اخترعها لحمل الناس علي حفظ السنن.
شروطه في جمع الكتاب:
لقد أجمل شرطه في عنوان الكتاب حين قال: من غير وجود قطع في
سندها، ولا ثبوت جرح في ناقليها، ثم فصله في تقدمته للكتاب، فقال (2): وأما
شرطنا في نقل ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث
اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.

(1) راجع مقدمته الآتية.
(2) راجع مقدمته الآتية.
35

والثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع: العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس: تعري خبره عن التدليس.
قال: فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس احتججنا بحديثه، وبنينا
الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس
لم نحتج به.
ثم بسط المؤلف كلامه عن هذه الشروط، ودافع عن منهجه في
التصحيح، وقد نوزع في شرط العدالة كما نوزع في الجرح، إذ عد من بين
المتشددين المتعنتين في الحكم على الرجال، الذين يجرحون الراوي بأدنى
جرح، شأنه في ذلك شأن النسائي وابن معين وأبي حاتم الرازي وابن القطان
أبي الحسن علي بن عبد الملك الفاسي، ويحيى بن سعيد
القطان (1).
وقد أشار الأئمة إلى تشدده وتعنته في الجرح، فقال الذهبي في " ميزان
الاعتدال " في ترجمة أفلح بن سعيد المدني: " ابن حبان ربما قصب (أي جرح)
الثقة، حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه " ونقل قوله هذا ابن حجر في
" القول المسدد في الذب عن مسند أحمد ".
وقال الذهبي أيضا في ترجمة سويد بن عمرو الكلبي بعد نقل توثيقه
عن ابن معين وغيره. أما ابن حبان فأسرف واجترأ، فقال: كان يقلب
الأسانيد ويضع على الأسانيد الصحيحة المتن الواهية.
وقال في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أما ابن حبان فإنه تقعقع
كعادته.
وقال في ترجمة عارم محمد بن الفضل السدوسي شيخ البخاري بعد

(1) انظر " الرفع والتكميل " ص 117.
36

أن نقل توثيقه عن الدارقطني: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد
النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان الخساف المتهور في
عارم؟ وبعد أن أورد الذهبي قول ابن حبان، قال: ولم يقدر ابن حبان أن
يسوق له حديثا منكرا، فأين ما زعم؟
وفي " شرح الألفية " للحافظ العراقي 3 / 269: وأنكر صاحب
" الميزان " هذا القول من ابن حبان: ووصفه بالتخسيف والتهور.
وقال التقي السبكي في " شفاء السقام " ص 24: وأما قول ابن حبان في
النعمان: إنه يأتي عن الثقات بالطامات فهو مثل قول الدارقطني، إلا أنه بالغ
في الإنكار.
وقد قسم الإمام الذهبي في رسالته " ذكر من يعتمد قوله في الجرح
والتعديل " ص 158: من تكلم في الرجال أقساما، فذكر منهم قسما متعنتا
في الجرح، متثبتا في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويلين
بذلك حديثه قال: فهذا إذا وثق شخصا فعض على قوله بناجذيك وتمسك
بتوثيقه، وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه؟ فإن وافقه
ولم يوثق ذلك الرجل أحدا من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا هو
الذي قالوا فيه: لا يقبل تجريحه إلا مفسرا...
من هنا برزت أهمية توثيق ابن حبان، ولأهميتها فقد اعتمد الحافظ
المزي على كتاب " الثقات " له، والتزم في " تهذيب الكمال " إذا كان الراوي
ممن له ذكر في " الثقات " أن يقول: ذكره ابن حبان في " الثقات ". وتابعه
الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب ".
37

ولكن بعضهم - مع هذا - نسب ابن حبان إلى التساهل، فقال:
وهو واسع الخطو في باب التوثيق، يوثق كثيرا ممن يستحق الجرح (1)، وقد
أجاب اللكنوي عن هذا، فقال (2): وهو قول ضعيف، فإنك قد عرفت أن
ابن حبان معدود ممن له تعنت وإسراف في جرح الرجال، ومن هذا حاله
لا يمكن أن يكون متساهلا في تعديل الرجال، وإنما يقع التعارض كثيرا بين
توثيقه وبين جرح غيره، لكفاية ما لا يكفي في التوثيق عند غيره عنده.
وقد نقل السخاوي في " فتح المغيث " 1 / 36 أن ابن حجر نازع في نسبة
ابن حبان إلى التساهل، فقال: إن كانت (أي نسبة التساهل) باعتبار وجدان
الحسن في كتابه، فهو مشاحة في الاصطلاح، لأنه يسميه صحيحا، وإن كانت
باعتبار خفة شروطه فإنه يخرج في الصحيح ما كان راويه ثقة غير مدلس، سمع
ممن فوقه، وسمع منه الآخذ عنه، ولا يكون هناك انقطاع ولا إرسال (3)، وإذا
لم يكن في الراوي المجهول الحال جرح ولا تعديل، وكان كل من شيخه
والراوي عنه ثقة، ولم يأت بحديث منكر، فهو ثقة عنده، وفي كتاب " الثقات " له
كثير ممن هذا حاله، ولأجل هذا ربما اعترض عليه في جعلهم ثقات من
لم يعرف اصطلاحه، ولا اعتراض عليه، فإنه لا يشاح في ذلك.
وقال السيوطي في " تدريب الراوي " 1 / 108 تحت قول النووي: ويقاربه (أي صحيح الحاكم) في حكمه صحيح أبي حاتم ابن حبان: قيل: ما ذكر من
تساهل ابن حبان ليس بصحيح، فإن غايته أنه يسمي الحسن صحيحا، ثم نقل
السيوطي نحو قول ابن حجر السالف.

(1) انظر " مقدمة ابن الصلاح " ص 22 (طبعة الدكتور نور الدين عتر)، و " الرفع والتكميل "
ص 139.
(2) في " الرفع والتكميل " ص 139.
(3) وقد ذكر ابن حبان شرط الثقة الذي يحتج به في مقدمة كتابه " الثقات " وذكرتها عند إيراد الكتاب
في مؤلفاته، فانظرها.
38

إذن غاية ما في الأمر عند ابن حبان أنه يوثق مستور الحال، وهو ما لم يكن
فيه جرح ولا تعديل، وكان كل من شيخه والراوي عنه ثقة، ولم يأت بحديث
منكر، وقد وثق الأئمة كثيرا ممن هذا شأنهم، وثمت نقول كثيرة عنهم تعزز رأيه
في رواية المستور، فقد نقل الذهبي في " الميزان " 1 / 556 في ترجمة
حفص بن بغيل قول ابن القطان فيه: لا يعرف له حال ولا يعرف، ثم عقبه بقوله:
لم أذكر هذا النوع في كتابي هذا، فإن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل فيه
إمام عاصر ذاك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته، وهذا شئ
كثير، ففي " الصحيحين " من هذا النمط خلق كثير مستورون، ما ضعفهم أحد،
ولا هم بمجاهيل.
ونقل أيضا في ترجمته مالك بن الخير الزبادي قول ابن القطان فيه:
هو ممن لم تثبت عدالته، ثم قال: يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواة
" الصحيحين " عدد كثير ما علمنا أحد نص على توثيقهم، والجمهور على أن من
كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما ينكر عليه، أن حديثه
صحيح.
وجاء في كتاب " قرة العين في ضبط أسماء رجال الصحيحين " ص 8: لا يقبل مجهول الحال، وهو على ثلاثة أقسام، أحدها: مجهول العدالة ظاهرا
وباطنا
فلا يقبل عند الجمهور، ثانيها: مجهول العدالة باطنا، وهو المستور،
والمختار قبوله، وقطع به سليم الرازي أحد أئمة الشافعية وشيخ الحافظ
الخطيب البغدادي، وعليه العمل في أكثر كتب الحديث المشهورة فيمن تقادم
عهدهم، وتعذرت معرفتهم.
وجاء في كتاب " الغاية في شرح الهداية في علم الرواية " للحافظ السخاوي في بحث المجهول: ثالثها (أي ثالث أحوال المجهول) مجهول الحال
في العدالة باطنا لا ظاهرا، لكونه علم عدم الفسق فيه، ولم تعلم عدالته، لفقدان التصريح بتزكيته، فهذا معنى إثبات العدالة الظاهرة، ونفي العدالة
39

الباطنة، لأن المراد بالباطنة ما في نفس الأمر، وهذا هو المستور، والمختار
قبوله، وبه قطع سليم الرازي. قال ابن الصلاح: ويشبه أن يكون عليه العمل
في كثير من كتب الحديث المشهورة فيمن تقادم العهد بهم، وتعذرت الخبرة
الباطنة لهم.
وقال مثله السخاوي أيضا في " شرح الألفية " 1؟ 321 و 323 و 347.
وفوق ما تقدم من أقوال الأئمة التي تعزز رأي ابن حبان في توثيق
المستور، فإن التوثيق الذي أخذ به ابن حبان في " صحيحه " هذا أقوى بكثير من
توثيقه في كتابه " الثقات "، ويتبين ذلك من مقدمته التي تبين كيف كان يجتهد في
توثيق الرواة أو تضعيفهم، ويزاحم الكبار في ذلك، ويعتمد الحجة في الرد على
من يخالفه، كما فعل في نقاشه مع حافظ الزمان الإمام البخاري مما سيرد في
المقدمة، ولئن كان في كتابه " الثقات " ينفرد بتوثيق المجاهيل، فإنه في
" صحيحه " هذا قد وافق الجمهور في أكثر من تسعين بالمئة من توثيقه، وهنا
تكمن أهمية هذا الكتاب، إذ تبين من دراسة أسانيده أن الكثرة الغالبة منها إنما
هي على شرط الشيخين، علاوة على أن الشيوخ - الواحد والعشرين - الذين
عول عليهم أكثر من غيرهم وأدار عليهم رواية السنن، هم من أثبت الشيوخ
وأتقنهم، كما يعلم من تراجمهم الموجزة التي عرضتها في بحث " شيوخه "،
وهذا ما جعل هذا الكتاب يتبوأ منزلة رفيعة بين كتب الصحاح، إذ جمع من
الأحاديث ما كان في أعلى درجات الصحة.
منزلته بين الصحاح:
إن الشروط التي التزمها المؤلف ووفى بها، جعلت الأئمة يحكمون بها
الحديث بالصحة، لمجرد روايته في " صحيحه "، فقال ابن الصلاح (1): ويكفي
مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه، ككتاب

(1) في " علوم الحديث " ص 21 تحقيق الدكتور نور الدين عتر.
40

ابن خزيمة.. قال ابن حجر في " النكت الظراف " (1): وفي ذلك نظر، لأنهما
(أي ابن خزيمة وابن حبان) ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، بل
عندهما أن الحسن قسم من الصحيح لا قسيمه.
وقال العراقي في " شرح ألفيته " (2): ويؤخذ الصحيح أيضا من المصنفات
المختصة بجمع الصحيح فقط، كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن
خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي المسمى بالتقاسيم
والأنواع، وكتاب " المستدرك على الصحيحين " لأبي عبد الله الحاكم على
تساهل في " المستدرك ".
وقال السيوطي في مقدمة " جمع الجوامع ": ورمزت للبخاري (خ)،
ولمسلم (م)، ولابن حبان (حب)، وللحاكم في " المستدرك " (ك)، وللضياء
المقدسي في " المختارة " (ض)، وجميع ما في هذه الكتب صحيح، فالعزو إليها معلم بالصحة، سوى ما في " المستدرك " من المتعقب، فأنبه عليه، وكذا ما في
" موطأ " مالك، و " صحيح " ابن خزيمة، وأبي عوانة... فالعزو إليها معلم
بالصحة.
فإن عدة كتاب ابن حبان من كتب الصحاح، فما هي منزلته بينها،
وما هو موقعه منها؟
إن من الواضح أولا والمتفق عليه أنه أعلى من " مستدرك " الحاكم، وخير
منه، نص على ذلك غير واحد من الأئمة، قال العماد بن كثير في " اختصار علوم
الحديث " ص 26: قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة، وهما خير من
" المستدرك " بكثير، وأنظف أسانيد ومتونا. وقال السيوطي في " تدريب
الراوي ": فالحاصل أن ابن حبان وفى بالتزام شروطه ولم يوف الحاكم. وقال

(1) 1 / 290.
(2) 1 / 54.
41

الحازمي في " شروط الأئمة الخمسة " ص 44: ابن حبان أمكن في الحديث من
الحاكم. والحافظ العراقي علق تحت قول ابن الصلاح في الحاكم: " وهو واسع
الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به... ويقاربه في حكمه صحيح
ابن حبان البستي "، فقال العراقي: وقد فهم بعض المتأخرين من كلامه ترجيح
كتاب الحاكم على كتاب ابن حبان، فاعترض على كلامه هذا بأن قال:
أما صحيح ابن حبان فمن عرف شرطه، واعتبر كلامه عرف سموه على كتاب
الحاكم، وما فهمه هذا المعترض من كلام المصنف ليس بصحيح، وإنما أراد
أنه يقاربه في التساهل، فالحاكم أشد تساهلا منه " ونقل رد دعوى التساهل عند
ابن حبان ابن حجر في " النكت " كما في " كشف الظنون " 2 / 1075، ففيه: هذا
غير مسلم، وليس عند البستي تساهل، وإنما غايته أنه يسمي الحسن صحيحا،
فإنه وفى بالتزام شروطه، ولم يوف الحاكم. ذكره البقاعي. وقد تقدم بسط ذلك
في بحث شروط ابن حبان في " صحيحه ".
وقال ابن حجر في " النكت على كتاب ابن الصلاح " 1 / 291: حكم
الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها لكونها
دائرة بين الصحيح والحسن، ما لم يظهر في بعضها علة قادحة.
أما في الموازنة والمفاضلة بين صحيحي ابن حبان وابن خزيمة، فلم ينقل
نص في ذلك عن أحد من الأئمة سوى ما ذكره السيوطي في " تدريب
الراوي " 1 / 109، قال: " صحيح ابن خزيمة " أعلى مرتبة من " صحيح ابن حبان "
لشدة تحريه، حتى إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد، فيقول: إن
صح الخبر، أو إن ثبت كذا، ونحو ذلك.
وأقول: إن ما ذهب إليه السيوطي لا يسلم له، إذ إن صنيع ابن خزيمة
هذا يدل علي أنه أدرج في " صحيحه " أحاديث لا تصح عنده، ونبه على
بعضها، ولم ينبه على بعضها الآخر، ويتبين ذلك بجلاء من مراجعة القسم
المطبوع من " صحيحه " ففيه عدد غير قليل من الأسانيد الضعيفة، بالإظافة إلى
42

إن عددا لا بأس به من أحاديثه لا يرتقي عن رتبة الحسن، فأين هو من " صحيح "
ابن حبان الذي غالب أحاديثه على شرط الصحيح، كما سيتبين لك في
الكتاب.
ويظهر هنا قول من قال: غالب " صحيح " ابن حبان منتزع من
" صحيح " شيخه ابن خزيمة (1). فكيف يأخذ منه وهو أضبط وأدق منه في شرط
الصحيح، بل إن ابن حبان ربما فاق شيخه - إن لم نقل قد فاقه فعلا - في علم
الحديث، وقد ألف كتبا في التراجم للثقات والضعفاء تشهد إنه أخبر منه في هذا
الباب، وابن خزيمة لا يعدو أن يكون واحدا من أساتذته الذين أخذ عنهم،
وانتفع بعلمهم، فهو لا شك يعد ممن أسهموا في إنضاج ابن حبان، ولكنه ليس
كل شئ فيه.
ثم هذا " صحيح ابن حبان، فيه 7495 حديثا، لم يرو فيه عن شيخه ابن
خزيمة سوى 301 حديثا، فكيف يكون غالب كتابه منتزعا من كتاب شيخه؟!
إن " صحيح ابن حبان أعلى مرتبة من " صحيح " شيخه ابن خزيمة، بل
إنه ليزاحم بعض الكتب الستة، وينافس بعضها في درجته، قال السخاوي في
" فتح المغيث " 1 / 36: وكم في كتاب ابن خزيمة أيضا من حديث محكوم منه
بصحته، وهو لا يرتقي عن رتبة الحسن، بل وفيما صححه الترمذي من ذلك
جملة، مع أنه ممن يفرق بين الصحيح والحسن.
وقال ابن العماد في " الشذرات " 3 / 16: وأكثر نقاد الحديث على أن
" صحيحه " أصح من " سنن " ابن ماجة.
فإذا عرفنا بعد ذلك أن غالب " صحيح ابن حبان على شرط الشيخين،

(1) نقل هذا القول الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتاب " توضيح الأفكار لمعاني
تنقيح الأنظار " عن ابن الملقن.
43

أو على شرط أحدهما، أمكن أن نتبين الموقع الذي ينافس عليه هذا الصحيح بين
كتب الصحاح، وأن نفسر سبب عناية العلماء به.
عناية العلماء بصحيح ابن حبان:
لم يكن عجبا أن يكون كتاب ابن حبان - وهو على الدرجة التي عرفت
من الشمول والصحة - مستقطبا اهتمام العديد من العلماء، إذ كانوا شديدي
الحرص على الإفادة منه والأخذ عنه، على الرغم من وعورة مسالكه، وتشابه
دروبه، بسبب هندسته العجيبة التي بناه عليها مؤلفه، وتجلت عنايتهم الفائقة به
في أنهم لم يدخروا جهدا في الاستفادة منه من جميع جوانبه، ووجوهه كافة،
إذ هو زاخر بفرائد الفوائد، وجواهر النوادر، غني بما أودعه فيه مؤلفه من
عصارة فكره وفقهه، وبديع استنباطه وفهمه، وقد شملت عنايتهم الجوانب
التالية:
1 - مدارسته وقراءته على الشيوخ:
وهذا أول وجه من وجوه العناية به والاستفادة منه، فقد رواه عن مؤلفه ابن
حبان تلميذه أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني.
ورواه عن الزوزني أبو الحسن علي بن محمد بن علي البحاثي (1).
وعن البحاثي رواه الشيخ المحدث المعمر مسند خراسان أبو القاسم
زاهر بن طاهر الشحامي المتوفى سنة 533 ه‍ (2)، والشيخ الفاضل المؤدب
مسند هراة تميم بن أبي سعيد الجرجاني، أبو القاسم، المتوفى 51 ه‍ (3).

(1) كما في المشتبه 10 / 51، والورقة الأولى من قطعة الظاهرية، وقطعة نسخة حيدر أباد الدكن
من " التقاسيم والأنواع ".
(2) كما في ترجمته من " سير أعلام النبلاء " 20 / 9.
(3) كما في ترجمته من " السير " 20 / 21، والورقة الأولى من قطعة الظاهرية، وقطعة حيدر أباد
الدكن من " التقاسيم والأنواع ".
44

وعن الشحامي رواه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر، كما في لوحة العنوان
للمجلد الأول من الكتاب الموجود بدار الكتب المصرية، والإمام تاج الإسلام
الحافظ أبو سعيد السمعاني، كما ذكر ياقوت في " معجم البلدان " في ترجمة ابن
حبان.
وعن تميم الجرجاني رواه مسند خراسان الشيخ الصدوق المعمر
الحافظ الدين أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي البزاز، المتوفى
سنة 618 ه‍ (1).
وعن عبد المعز الهروي رواه العلامة البارع القدوة ذو الفنون
شرف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي الفضل السلمي المرسي،
المتوفى سنة 655 ه‍، كما في الورقة الأولى من قطعة حيدر أباد الدكن.
وعن الهروي أيضا رواه المحدث جمال المشايخ
صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري النيسابوري ثم
الدمشقي، المتوفى سنة 656 ه‍ (3)، كما في الورقة الأولى من قطعة " التقاسيم
والأنواع " في الظاهرية.
وعن البكري رواه الحافظ المسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
أبي الهيجاء ابن الزراد، المتوفى سنة 726 ه‍ (4)، كما في قطعة الظاهرية،
وأشار إلى روايته عن البكري الذهبي في " السير " 23 / 326.
وتناقله العلماء إلى أقصى المغرب بعد مئات السنين

(1) كما في ترجمته من " السير " 22 / 114.
(2) مترجم في " السير " 23 / 312 - 318.
(3) مترجم في " السير " 23 / 326.
(4) مترجم في " معجم الذهبي " ورقة 128، و " الوافي بالوفيات " 2 / 147، و " الدرر الكامنة "
5 / 110.
45

من وفاة مؤلفه، فهذا ابن جابر الوادي آشي التونسي المتوفى سنة 749 ه‍ يذكر
في " برنامجه ص 201، 202 أنه قرأ جميع حديثه بسنده بحرم الله تعالى تجاه
الكعبة المعظمة على إمام المقام الشريف رضي الدين أبي إسحاق إبراهيم
الطبري، ثم ساق إسناده إلى مؤلفه.
وابن غازي المكناسي المغربي المتوفى سنة 910 ه‍ يذكر في " فهرسه "
ص 53 أنه قرأه بإسناده عن شيوخه إلى مؤلفه. وينقل عن شيخه الشمني قوله:
والمسموع من هذا الكتاب لنا ولشيوخنا إنما هو الحديث المسند دون الكلام
عليه.
ويكفي لنتعرف على مدى حرص الأئمة على مدارسته ومطالعته واستجلاء
كل حديث فيه للاحتجاج به قول لابن حجر أمير حفاظ الحديث في كتابه
" النكت على كتاب ابن الصلاح " 1 / 410 قال: وأما حديث أبي أمامة رضي الله
عنه، فقد أشار إليه شيخنا، وقوله: إن ابن حبان أخرجه في " صحيحه " من رواية
شهر عن أبي أمامة رضي الله عنه فيه نظر، بل ليس هو في " صحيح " ابن حبان
البتة لا من طريق أبي أمامة، ولا من طريق غيره، بل لم يخرج ابن حبان في
" صحيحه " لشهر شيئا.
إن هذا الاستقراء الدقيق لصحيح ابن حبان، يقوم به إمام جليل مثل ابن
حجر، ليظهرنا على تلك العناية الكبرى التي حفي بها من هؤلاء الأعلام.
2 - تراجم رجاله:
وقد وجهت عناية العلماء إلى هذا الجانب لما عرف به المؤلف من مذهب
متميز في نقد الرجال، أغرى بعض الأئمة بترجمة رجال " صحيحه "، كما فعل
الحافظ العراقي المتوفى سنة 806 ه‍، فألف كتاب " رجال ابن حبان " ذكره ابن
فهد في " لحظ الألحاظ " ص 232.
وصنع مثل ذلك أيضا ابن الملقن سراج الدين عمر بن علي، المتوفى سنة
804 ه‍، فألف " مختصر تهذيب الكمال " مع التذييل عليه من رجال ستة كتب،
46

منها صحيح ابن حبان، ذكره ابن فهد في " لحظ اللالحاظ " ص 199، 200،
وذكر السخاوي من هذه الكتب أحمد، وابن خزيمة، والدارقطني، والحاكم،
ثم قال كما في " الضوء اللامع " 6 / 102 قد رأيت مجلدا، وأمره فيه سهل.
3 - تخريج زوائده:
وعنوا أيضا بتخريج زوائده على " صحيحي " البخاري ومسلم، لما تحقق
فيها من شروط الصحة، وممن عمل ذلك الامام الحافظ مغلطاي بن قليج
الحنفي المتوفى سنه 762، فذكر السيوطي في ترجمته في ذيل تذكرة
الحفاظ ص 366، أنه " خرج زوائد ابن حبان على الصحيحين "، ولم يصلنا
كتابه هذا، وإنما وصلنا كتاب آخر ألفه الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر
الهيثمي المتوفى سنه 807 ه‍ سماه " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " وقد
حققه ونشره محمد بن عبد الرزاق حمزة، وطبع في السلفية بمصر.
4 - النقل عنه والعزو إليه: وهذا باب واسع من أبواب الإفادة منه، إذ إن كثيرا ممن جاء بعده من
المحدثين نقلوا عنه في مدوناتهم، فالحافظ المنذري المتوفى سنه 656 نقل
عنه في كتابه الترغيب والترهيب، والإمام تقي الدين ابن دقيق العيد المتوفى
سنه 702 ه‍ عزا إليه في كتاب " الإلمام بأحاديث الأحكام " وغيره، والحافظ
الزيلعي المتوفى سنة 762 ه‍ عزا إليه في كتابه " نصب الراية "، وكان يذكر في
عزوه إليه النوع والقسم، فيقول في الحديث: أخرجه ابن حبان في النوع الأول
من القسم الرابع، مثلا، والحافظ العراقي المتوفي سنه 608 ه‍ عزا إليه في
تخريجه لكتاب " إحياء علوم الدين "، وانتخب منه أربعين حديثا في كتاب سماه
أربعون " بلدانية " ذكره ابن فهد في " لحظ الألحاظ " ص 232، واعتنى بالعزو
إليه الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 ه‍ في " فتح الباري " و " تلخيص الحبير "
و " تخريج أحاديث الكشاف " و " الدراية في تخريج أحاديث الهداية " وغيرها،
والحافظ العيني المتوفى سنة 855 ه‍ في كتابه " عمدة القاري "، والحافظ السخاوي المتوفى سنة 902 ه‍ في كتابه " المقاصد الحسنة "، ونثره الحافظ
47

السيوطي المتوفى سنة 911 ه‍ في كتابه " الجامع الكبير "، وعزا إليه في تفسيره
" الدر المنشور "، وعزا إليه غير هؤلاء من الحفاظ مما يمكن من القول: إن معظم
صحيح ابن حبان منثور في مؤلفات المحدثين الذين أتوا بعده.
5 - الإفادة من فقهه للنصوص وتعليقاته عليها: ومما زاد في إغراء العلماء بالنظر في " صحيح " ابن حبان والأخذ عنه
ما حفل به هذا الصحيح من استنباطات فقهية دقيقة عنون بها المؤلف كل حديث
أورده، فكتابه من هذه الناحية يعد كتابا في الفقه ذا أهمية خاصة، لأن استنباطاته
مبنية على أدلتها، مستندة إلى نصوصها، يضاف إلى ذلك تعليقاته الهامة على
كثير من الأحاديث، يفسر فيها لفظا غريبا، أو يوضح معنى مستغلقا، أو يرفع
إشكالا، ويزيل إبهاما، أو يجمع بين روايتين الظاهر أن بينهما تضادا وتهاترا
- على حد تعبيره - أو يذكر اسم رجل بتمامه إن ذكر في الإسناد كنيته
أو العكس، إلى آخر ما ذكره من شوارد وفرائد، زادت في غنى كتابه، وجعلته
منقطع النظير في بابه.
ومع هذا فقد ظلت الإفادة منه مقصورة على الصفوة من الأئمة، الذين
اقتحموا أسواره، واقتطفوا ثماره وأزهاره، وظلت أبوابه موصدة في وجه كثير ممن
تشوف إليه، ورغب في الأخذ عنه، وذلك بسبب الطريقة العسرة التي بني عليها
ورتب بها.
طريقة ترتيبه:
نحا ابن حبان في ترتيب كتابه هذا طريقة غريبة، أنتجتها عقليته المتميزة
بالقدرة على التصنيف والإبداع، المبرمجة بعلم الأصول والكلام، دعاه إلى
ذلك ما ذكره في مقدمته من أنه أراد أن يحمل الناس على حفظ السنن، فلم يجد
حيلة في ذلك إلا أن يقسم السنن إلى أقسام، كل قسم يشتمل على أنواع، وكل
نوع يشتمل على أحاديث، قصده في ذلك أن يحذو ترتيب القرآن، إذ القرآن
48

مؤلف من أجزاء، وكل جزء منها يشتمل على سور، وكل سورة تشتمل على
آيات، فكما أن الرجل يصعب عليه معرفة موضع آية من القرآن إلا إذا حفظه
بحيث صارت الآي كلها نصب عينيه، فكذلك يصعب عليه الوقوف على حديث
في كتابه إذا لم يقصد الحفظ له، ثم قال ابن حبان: " وإذا كان (المرء)
عنده هذا الكتاب، وهو لا يحفظه، ولا يتدبر تقاسيمه وأنواعه، وأحب إخراج حديث منه، صعب عليه ذلك، فإذا رام حفظه أحاط علمه بالكل، حتى
لا ينخرم منه حديث أصلا، وهذا هو الحيلة التي احتلنا ليحفظ الناس السنن.
وأنت إذا قرأت هذه الأنواع المذكورة ضمن أقسامها، وجدت أنه قد تفنن
فيها ما شاء، وأغرب فيها ما شاء، فهي تصنيفات أصولية منطقية، لا يكاد يعرفها
إلا من وضعها، ولا يخطر على ذهن الباحث عن حديث ما في أي نوع أثبته،
وهو بعد أن سرد هذه الأنواع قال: " ولو أردنا أن نزيد على هذه الأنواع التي
نوعناها للسنن أنواعا كثيرة لفعلنا، وإنما اقتصرنا على هذه الأنواع دون
ما وراءها، وإن تهيأ ذلك لو تكلفناه " فمن ذاك الألمعي الذي يمكنه أن يلمح
ما برق في ذهن ابن حبان من معنى جعله نوعا وأورد تحته حديثا؟ ومن الذي
يستطيع أن يتكلف ما تكلفه؟ فلا هو أفلح في حمل الناس على حفظ السنن،
ولا ترك كتابا سهل المتناول، قريب المأخذ، موطأ الأكناف.
ولم يخف الأئمة ما كانوا يعانونه في الكشف عن حديث
فيه مع شدة احتياجهم إليه، فالسيوطي - وهو المتمرس في
مطالعة الكتب وقراءتها والتأليف فيها والتصنيف - يتبرم من طريقة ترتيبه، ويذكر
معاناته في البحث فيه، ويقول في " تدريب الراوي " 1 / 109: و " الكشف من
كتابه عسر جدا "، ومن قبله الأمير علاء الدين الفارسي الذي رتبه يذكر سبب
إحجام الناس عنه، فيقول: ولكنه لبديع صنعه، ومنيع وضعه، قد عز جانبه،
فكثر مجانبه.
ولما كانت الحاجة ماسة إلى هذا الصحيح، فقد احتال الأئمة في تقريبه،
وتوطئة سبله، وفتح أبوابه، فسلكوا في ذلك مسلكين اثنين:
49

الأول: فهرسته عن طريق ذكر أطراف أحاديثه، وهو ما فعله الحافظ
العراقي، فألف كتاب " أطراف صحيح ابن حبان " بلغ فيه إلى أول النوع الستين
من القسم الثالث، ذكره ابن فهد في " لحظ الألحاظ " ص 232. وألف الحافظ
ابن حجر كتاب " إتحاف المهرة بأطراف العشرة " منها: " صحيح ابن حبان " ذكره
ابن فهد في " لحظ الألحاظ " ص 333.
الثاني: إعادة ترتيبه على الأبواب الفقهية، شأنه شأن سائر كتب السنن،
والتي يسهل فيها الكشف عن أي حديث منها، وممن رتبه:
1 - الحافظ مغلطاي بن قليج، المتوفي سنة 762 ه‍، كما ذكر في " لحظ الألحاظ " ص 139.
2 - الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد، المعروف بابن زريق،
المتوفى سنة 803 ه‍، كما ذكر في " لحظ الألحاظ " ص 196.
3 - ومنهم من نقوم بطبع ترتيبه هذا، وهو الأمير علاء الدين الفارسي،
وقد سمى كتابه " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان "، ذكر في مقدمته أن
صحيح ابن حبان لم ينسخ له على منوال، لكنه لبديع صنعه، ومنيع وضعه، قد
عز جانبه، فكثر مجانبه، وتعسر اقتناص شوارده، فتعذر الاقتباس من فواءده
وموارده، إلى أن قال: فرأيت أن أتسبب لتقريبه، وأتقرب إلى الله بتهذيبه
وترتيبه، وأسهله على طلابه، بوضع كل حديث في بابه، الذي هو أولى به،
ليؤمه من هجره، ويقدمه من أهمله وأخره.
وقبل الكلام عن عمل الأمير في كتابه " الإحسان "، ووصف النسخة التي
اعتمدتها في طبع الكتاب، لا بد من إيراد ترجمة موجزة لمؤلفه الأمير
علاء الدين.
50

ترجمة الأمير علاء الدين الفارسي (*) هو الأمير علاء الدين أبو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله الفارسي
المصري، المحدث الفقيه الحنفي النحوي.
ولد سنة 675 ه‍، وأخذ العلوم عن كبار علماء عصره الحافل بفحول
الأئمة والحفاظ، حتى صار من أوحد المتبحرين في الأصول، والفروع.
فسمع الحديث من الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي
المتوفى سنة 705 ه‍، والحافظ بهاء الدين القاسم ابن عساكر المتوفى
سنة 723 ه‍، والمحدث محمد بن علي بن ساعد المحروسي الخالدي المتوفى
سنة 714 ه‍، والمحدث علي بن نصر الله بن عمر بن عبد الواحد القرشي
المصري المتوفى سنة 712 ه‍، والحافظ القطب الحلبي عبد الكريم بن
عبد النور الحنفي المتوفى سنة 735 ه‍.

* مترجم في المصادر التالية: أعيان العصر للصفدي الورقة 77 / 2، الوافي بالوفيات
12 / 14، 15 (نسخة الظاهرية)، الجواهر المضية 2 / 548، السلوك للمقريزي 2 / ق 2 / 470،
الدرر الكامنة 4 / 38، النجوم الزاهرة 9 / 321، تاج التراجم ص 31، بغية الوعاة 2 / 152،
حسن المحاضرة 1 / 468، طبقات الحنفية لمحمد بن عمر حفيد آق شمس الدين الورقة 33، طبقات
الحنفية للحنائي الورقة 35، طبقات الحنفية لطاش كبي زادة 123، طبقات الحنفية للقاري
الورقة 37، الفوائد البهية 118، كشف الظنون 158 و 472 و 1003 و 1075 و 1737
و 1832، إيضاح المكنون 32، هدية العارفين 78، إعلام كتائب الأخيار 559، الطبقات
السنية لتقي الدين الغزي (1466)، الرسالة المستطرفة 20.
51

وأخذ الفقه عن شيخ الحنفية فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن مصطفى
المارديني، المعروف بابن التركماني، المتوفى سنة 731 ه‍، وعن شمس الدين
أبي العباس أحمد بن إبراهيم السروجي الحنفي، المتوفى سنة 710 ه‍.
وأخذ الأصول عن العلاء القونوي أبي الحسن علي بن إسماعيل
التبريزي الشافعي، المتوفى سنة 729 ه‍.
ودرس النحو على لغوي زمانه أبي حيان الأندلسي الغرناطي صاحب
" البحر المحيط " المتوفى سنة 745 ه‍.
قال الحافظ الذهبي في " معجمه المختص ": سمع بقراءتي من البهاء
ابن عساكر، وكان تركيا عالما وقورا. وقال أيضا: كان جيد الفهم، حسن
المذاكرة، مليح الشكل، وافر الجلالة.
وقال الحافظ بن حجر في " الدرر ": صحب أرغون النائب، وعظمت
منزلته في أيام المظفر بيبرس، وكان قد عين مرة للقضاء لسكونه وعلمه وتصونه.
ووصفه معاصره ابن أبي الوفاء القرشي وهو من طبقة تلاميذه بأنه الأمير
الفقيه الإمام، وأنه حصل من الكتب جملة، وجمع وأفاد، وأفتى.
مؤلفاته:
يظهر أنه كانت لديه رغبة شديدة في تيسير الكتب وتقريبها إلى طلبة
العلم، سواء بإعادة ترتيبها أو شرحها أو تلخيصها، ولذا قام بترتيب " التقاسيم
والأنواع " لابن حبان، وبترتيب " معجم " الطبراني، على أبواب الفقه، وأشار
عليه بذلك شيخه القطب الحلبي، وشرح " تلخيص الجامع الكبير في الفروع "
لكمال الدين محمد بن عباد الخلاطي الحنفي المتوفى سنة 652 ه قال فيه
صاحب " كشف الظنون " 1 / 472: وهو شرح طويل أبدع فيه وأجاد، وسماه
52

" تحفة الحريص "، والجامع الكبير هو لمحمد بن الحسن الشيباني (1)، وألف
أيضا سيرة لطيفة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكتابا في المناسك جامعا لفروع
كثيرة في المذهب الحنفي، ولخص " الإلمام " لابن دقيق العبد.
وفاته:
توفي بمنزله على شاطئ نيل مصر في التاسع من شوال سنة 739 ه‍،
ودفن بتربته خارج باب النصر. كما قال ابن أبي الوفاء القرشي (2).
كتابه " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ": والذي فعله الأمير في كتابه هذا أنه عمد إلى " صحيح " ابن حبان المرتب
على التقاسيم والأنواع، فرتبه على الكتب والأبواب، وهو عمل جليل عظيم،
أدنى به قطوفه، ويسر ثماره، وقربه لطالبيه، بيد أن له يدا طولى أمينة في
المحافظة على أصل الكتاب بما فيه من نفائس وفرائد، ومن أعظم ذلك أنه أثبت
عناوين الأحاديث التي كتبها ابن حبان بنصها كاملة، وتشتمل هذه العناوين على
ما استنبطه ابن حبان من فقه الحديث، كما أثبت ما ذكره ابن حبان من تعليقات
نفيسة في مواضيع شتى، فأوردها الأمير باثر الأحاديث، مصدرة بقوله: قال
أبو حاتم.
يضاف إلى هذا كله مأثرة عظيمة صنعها الأمير، وهي أنه وصع بإزاء كل
حديث ذكره رقم النوع الذي رواه فيه ابن حبان، ورقم القسم الذي فيه هذا
النوع، كما نص على ذلك في مقدمته للكتاب (3)، وبذكر هذه الأرقام أشار إلى
موضع كل حديث في الكتاب الأصل وهو " التقاسيم والأنواع "، ويكون بذلك

(1) وهم البغدادي في " هدية العارفين " فجعل " الجامع الكبير " للبخاري.
(2) أخطأ السيوطي في " حسن المحاضرة " فأرخ وفاته سنة 731 ه‍.
(3) راجع المقدمة، وانظر طريقته في ذكر الأرقام.
53

قد صنع فهرسا حقيقيا كاملا للكتاب (1)، ويمكن عن طريق هذه الأرقام إعادة
الكتاب إلى ترتيب مؤلفه الأصلي، إلا أن ذلك يعني إعادته إلى مخبئه بعد أن
جد العلماء في إخراجه منه.
إن هذه المأثرة التي صنعها الأمير علاء الدين، لتدلنا على عقله المنظم،
وفكره الواسع، ومنهجه الدقيق، وتشهد أيضا أنه أدى الأمانة كاملة غير منقوصة،
ونقل ذخائر الكتاب من غير أن يسقط منها شيئا فجزاه الله عن المسلمين خيرا.
وصف نسخة " الإحسان " المعتمدة في إخراج الكتاب:
كان من توفيق الله عز وجل أن وقفني على نسخة من كتاب " الإحسان "
هذا، طالما اجتهدت في تحصيلها، وحرصت على اقتنائها، رغبة في تحقيقها
ونشرها، إلى أن يسر الله المراد، وحقق الآمال، فأرجوه تعالى إتمام نعمته،
بإعانتي على إتمام نشر الكتاب، إنه ولي كل نعمة.
والنسخة الكاملة لكتاب " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان " التي
اقتنيت صورة عنها، واتخذتها أصلا لإخراج الكتاب، موجودة بدار الكتب
المصرية تحت رقم (35) حديث، في تسعة مجلدات من الأول إلى السادس،
ثم الثامن والتاسع، ثم مجلد من نسخة أخرى يكمل النقص الذي بين السادس،
والثامن. وعلى هذه الأجزاء التسعة - عدا السابع - صيغة وقف جاء فيها:
أوقفها عبد الباسط بن خليل الشافعي على طلبة العلم الشريف ينتفعون بها على
الوجه الشرعي، وجعل مقرها الخزانة السعيدة بالخانقاه التي أنشأها المشار
إليه... بتأريخ ثامن عشر شهر شوال المبارك سنة ثلاث وعشرين وثمان

(1) انظر ما ذكره المرحوم أحمد شاكر عن عمله هذا في الجزء الأول الذي أصدره من الكتاب
ص 17.
54

مئة وهي غفل من اسم الكاتب، وتاريخ الكتابة، ويغلب على الظن أنها
كتبت في النصف الأخير من القرن الثامن (2). وهي نسخة نفيسة متقنة كتبت
بخط نسخي واضح، يندر فيها الخطأ، وهاك وصف أجزائها:
المجلد الأول: عدد أوراقه (301) ورقة، وأوله ما جاء في الابتداء
بحمد الله تعالى، وفيه كتاب الاعتصام، والسنة، والوحي، والإسراء، والعلم،
والإيمان، والإحسان، والإخلاص، وأعمال البر، والعزلة.
وآخره: ذكر البيان بأن الاعتزال لمن تفرد بغنمه مع عبادة الله إنما يستحق
الثواب الذي ذكرناه إذا لم يكن يؤذي الناس بلسانه ويده.
المجلد الثاني: عدد أوراقه (318) ورقة، وأوله كتاب الرقائق، وفيه
فضائل القرآن، والأذكار، والدعوات، والاستعاذة، والطهارة، والمسح على
الخفين، والحيض، وآخره: ذكر ما يستحب للمرء إذا بال بالليل وأراد النوم.

(1) وقد أخطأ العلامة أحمد شاكر رحمه الله خطأ مبينا، فجعلها سنة (1113)، وبنى على هذا الخطأ
التقليل من أهمية هذه الوقفية، وأنها غير مجدية من الوجهة التاريخية والوجهة العلمية.
وما ندري كيف وقع له هذا الخطأ، فأن التأريخ في نص الوقفية واضح لا تتعذر قراءته على
مثله، والواقف للنسخة - وهو عبد الباسط بن خليل - مترجم في " الضوء اللامع " 4 / 21، وفيه
تاريخ وفاته 854 ه‍.
(2) ويرى الشيخ شاكر رحمه الله - وهو الأرجح - أن المجلدات الثمانية هن من نسخة المؤلف
نفسه، وأنهن لسن بخطه، بل بخط أحد الناسخين، ويدلل لذلك بقوله: ذلك لأني أجد مواضع
كثيرة مضروبا عليها فيها بخط رفيع ضعيف، وبعضها أحاديث كاملة، وبعضها أبواب كاملة تكون
نحو صفحة في بعض الأحيان يكتب الكاتب هذا الشئ ثم يضرب عليه بعد تمامه أحيانا، وقبل
تمامه أحيانا مما أظن معه أنه كان ينقل من مسودة المؤلف، ولعله بإشارته وإشرافه، ثم ينبهه
المؤلف إلى خطئه في النقل، أو يعدل عن هذا الترتيب إلى خير وأحسن في رأيه ونظره،
ولا أستطيع أن أقتنع بأن هذا التصرف من أغلاط الناسخين، فإن أغلاط الناسخين تكون من نوع
غير هذا.
55

المجلد الثالث: عدد أوراقه (302) ورقة، وأوله كتاب الصلاة، وفيه
الصلاة، وآخره: ذكر ما يجب على الرجال إذا سلم إمامهم لانصراف النساء،
ثم يقومون لحوائجهم.
المجلد الرابع: وعدد أوراقه (288) ورقة وأوله: باب الحدث في
الصلاة، وفيه ما بقي من كتاب الصلاة، وكتاب الجنائز. وآخره: ذكر الأمر
بسؤال الحياة أو الوفاة أيهما خيرا منهما للمرء إذا أراد الدعاء.
المجلد الخامس: وعدد أوراقه (250) ورقة: وأوله: فصل في المحتضر،
وفيه بقية كتاب الجنائز، وكتاب الزكاة والصوم والاعتكاف. وآخره: ذكر البيان
بأن ضوء الشمس في ذلك اليوم إنما يكون بلا شعاع إلى أن النهار كله.
المجلد السادس: وعدد أوراقه (288) ورقة وأوله كتاب الحج ويتضمن كتاب الحج، والنكاح، والطلاق، والعتق والكتابة، والإيمان،
والنذور، والحدود. وآخره: ذكر السبب الذي من أجله أنزل الله جل وعلا:
{كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم}.
المجلد السابع: وعدد أوراقه (264) ورقة، وأوله: كتاب السير، وفيه
الجهاد، واللقطة، والوقف والبيوع، والحجر والحوالة والكفالة، والقضاء،
والشهادات، والدعوى، والصلح، والعارية، والهبة، والرقبى، والعمرى،
والإجارة، والغصب، والشفعة، والمزارعة، وإحياء الموات، والأطعمة،
والأشربة، واللباس والزينة، وآداب النوم، والحظر والإباحة، والصيد والذبائح،
والأضحية والرهن، والفتن، والجنايات، والديات، والوصية والفرائض، والرؤيا
والطب، والرقى والتمائم، والعدوي، والطيرة، والنجوم والكهانة، والسحر.
وهذا المجلد من نسخة أخرى كتب عليه الرابع، وهو بخط مغاير للأجزاء
السابقة إلا أنه يكمل النقص الذي بين السادس والثامن، وقد جاء في آخره
ما نصه: آخر الجزء الرابع من " الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان " ويتلوه
56

في أول الخامس كتاب التاريخ، كتبه والأجزاء التي قبله العبد الفقير المعترف
بالعجز والتقصير يوسف بن علي بن محمد المعروف بصلاح السعودي عفا الله
عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين بمنه وكرمه آمين.
المجلد الثامن: وعدد أوراقه (303) ورقات، وأوله: كتاب التاريخ، وفيه
بدء الخلق، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم، وهجرته إلى المدينة،
والحوض، والشفاعة. وآخره: ذكر الإخبار عن وصف الريح التي تجئ تقبض
أرواح الناس في آخر الزمان.
المجلد التاسع: وعدد أوراقه (275) ورقة. وأوله: باب إخباره صلى الله
عليه وسلم عن مناقب الصحابة رضي الله عنهم، وفيه خصائصه صلى الله عليه
وسلم وفضائله ومعجزاته، وتبليغ الرسالة، ومرضه ووفاته، وإخباره صلى الله
عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، ومناقب الصحابة والفضائل
والبعث، وأحوال الناس فيه، وصفة الجنة وأهلها، وصفة النار وأهلها.
وجاء في آخره: آخر المجلد التاسع " الإحسان في تقريب صحيح
ابن حبان " رحمه الله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كثيرا.
ونص الوقفية التي جاءت فيه:
وقف هذا الجزء وما قبله وهو تسعة أجزاء من ترتيب صحيح ابن حبان
على طلبة العلم الشريف ينتفعون بذلك على الوجه الشرعي العبد الفقير إلى الله
تعالى الراجي عفو ربه الجليل: عبد الباسط بن خليل الشافعي تقبل الله منه،
وجعل مقره بالخزانة السعيدة بالخانقاه التي أنشأها المشار إليه، شرط أن لا يخرج
ذلك، ولا شئ منه من الخانقاه المذكور برهن ولا بغيره {فمن بدله بعد ما سمعه
فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم} بتاريخ ثامن عشر شهر شوال
سنة ثلاث وعشرين وثمان مئة.
57

ثم إني أعمدت في إخراج الكتاب أيضا على ما تيسر لي من أجزاء
الكتاب الأصلي، أي " التقاسيم والأنواع " وكنت أرجع إليها لتصويب ما وقع
من خطأ أو وهم في كتاب " الإحسان " كما سأبين في منهج التحقيق، وهاك
وصف الأجزاء التي بحوزتي من " التقاسيم والأنواع ".
وصف الأجزاء التي عندنا من التقاسيم والأنواع:
1 - قطعة مصورة من الجزء الأول الموجود بدار الكتب المصرية ضمن
مجموعة برقم (217) مجاميع م، أي: إنها من كتب الأمير مصطفى فاضل،
وعدد أوراقها (72) ورقة، وهي ناقصة من آخرها، فليس فيها ختام الجزء،
ولا تاريخ كتابته، وفيها خرم بين الورقتين 69 - 70، يتعذر تقديره.
وهذه القطعة واضحة الخط، جيدة الضبط، يغلب عليها الصحة،
مما يدل على أن كاتبها من أهل العلم بالحديث.
وجاء في عنوان الصفحة الأولى منها ما نصه:
الجزء الأول من المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود
قطع في سندها، ولا ثبوت جرح في ناقليها، من تصنيف شيخ الإسلام، أوحد
الحفاظ، سيد النقاد، أبي حاتم، محمد بن حبان بن أحمد بن محمد بن هارون
الزوزني عنه، رواية أبي الحسن علي بن محمد بن علي البحاثي عنه، رواية
أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي عنه، رواية الحافظ
أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر عنه.
2 - الجزء الثاني: من نسخة أخرى نفيسة، وهي مصورة عن مكتبة
أحمد الثالث بإسلامبول، رقم (347) وعدد أوراقه 222 ورقة، وهو جزء
صحيح متقن، جليل القدر، فرغ من كتابته، أحمد بن يحيى بن علي بن
محمد بن عبد الرحمن بن عساكر، تجاه الكعبة المشرفة في 17 جمادي الأولى
58

سنة 739، ثم قرأه في العام نفسه بالحرم الشريف، تجاه الكعبة المعظمة على
شيخين أحدهما: قطب الدين أبو بكر محمد بن الإمام جمال الدين محمد بن
المكرم الأنصاري، والثاني: ناصر الدين محمد بن محمد بن أبي المنصور
العسقلاني ثم المصري أحد خدام الحرم الشريف، كما وصف في ثبت
السماع، وقد أثبت أحمد بن يحيى بن عساكر على هذا الجزء نصوص
السماعات التي وجدها في الأصل الذي نقل منه.
3 - الجزء الثالث: مصور عن الأصل الموجود في أحمد الثالث، وعدد
أوراقه 222 ورقة وهو بخط الكاتب نفسه أحمد بن يحيى بن علي بن محمد بن
عبد الرحمن بن عساكر، أتم كتابته يوم الخميس 23 رجب سنة 739، تجاه
الكعبة المعظمة.
وفي آخره سماع بخط كاتبه أحمد بن يحيى بقراءته على الشيخين قطب الدين بن المكرم، وناصر الدين محمد بن أبي المنصور، وبحضور الإمام
شمس الدين بن القيم، وكان ينسخ، والشيخ أحمد بن محمد بن مجاهد، وكان
بيده نسخة يعارض بها مسموعته على المرسي، وكان هذا السماع في مجالس
آخرها في 10 ذي القعدة سنة 739.
ويتضمن هذا الجزء والذي قبله نصف الكتاب باعتبار التجزئة، فإن
ناسخها أحمد بن يحيى بن عساكر، قال في آخر المجلد الثاني:
آخر المجلد الثاني من التقاسيم والأنواع لأبي حاتم بن حبان من تجزئة
أربعة أجزاء.
وهما نصف الكتاب تقريبا باعتبار الأنواع، فإن ابن حبان ذكر في مقدمة
كتابه أنه قسم الكتاب إلى خمسة أقسام، وفي هذه الأقسام أربعة مئة نوع، وأول
المجلد الثاني: النوع (96) من القسم الأول، وهو الأوامر، وأنواعه: 110،
59

ففي هذا المجلد منها 15 نوعا، ثم فيه القسم الثاني كله، وهي النواهي:
وأنواعه: 110، وفيه 8 أنواع من القسم الثالث، وهو الأخبار، فهذه 133 نوعا.
وأول المجلد الثالث النوع 9 من القسم الثالث وهو 80 نوعا ففيه منها
72 نوعا، ثم فيه عشرة من القسم الرابع، وهو الإباحات، فهذه 82 نوعا،
ففي الجزئين معا من عدد الأنواع 215 نوعا، وهي أكثر من نصفها عدا.
4 - الجزء الثالث: من نسخة أخرى، وهي مصورة عن الأصل
الموجود في مكتبة فيض الله بإسلامبول، وعدد أوراقه 225 ورقة وهي غاية في
الإتقان والضبط، جاء في خاتمة هذا الجزء ما نصه: آخر قسم الأخبار، والحمد
لله عدد أنفاس أهل الجنة، يتلوه في الجزء الرابع - وهو آخر الكتاب - القسم
الرابع - وهو الإباحات - أنهاه لغيره الحسن بن علي بن الحوزي، ضاحي نهار
الأربعاء، سلخ محرم سنة إحدى وست مئة (1).
وعلى هذا الجزء سماعات كثيرة، منها سماعان على الحافظ أشرف الدين
السلمي المرسي، أولهما: في مجالس آخرها يوم الاثنين 16 رجب سنة 644،
بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة. وثانيهما: في العشر الأول من شهر
شعبان من سنة أربع وأربعين وست مئة بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة.
وهذا المجلد مدرج في أثناء المجلدين السابقين اللذان بخط أحمد بن
عساكر (2).
5 - نسخة حيدر أباد الدكن: قطعة تشتمل على (122) ورقة تتضمن

(1) راجع " فهرس المخطوطات المصورة " قسم (التاريخ) للدكتور لطفي عبد البديع، القسم الثالث،
ص 115.
(2) وقد وصف هذه النسخة العلامة المرحوم أحمد شاكر وصفا دقيقا مفصلا، ودرس السماعات
المثبتة فيها، وترجم لبعض من ورد ذكره فيها ممن وقف له على ترجمة، راجع مقدمة الجزء
الأول الذي طبعه من الكتاب، ص 22 - 40.
60

ما بين النوع الرابع والثلاثين من القسم الرابع، والنوع الثاني عشر من القسم
الخامس.
وهي نسخة متأخرة كتبت عن أصل خطي جاء في أوله: أخبرنا الشيخ
العلامة شرف الدين أبو عبد الله بن أبي الفضل السلمي المرسي قراءة عليه وأنا
أسمع في المسجد الحرام تجاه الكعبة المعظمة في مجالس آخرها...
وست مئة قيل له: أخبركم أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي البزاز قراءة
عليه وأنا أسمع بهراة قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي سعيد بن العباس
الجرجاني قال: أخبرنا الحاكم علي بن محمد البحاثي، أخبرنا أبو الحسن
محمد بن أحمد بن هارون الزوزني، قال: أخبرنا أبو حاتم محمد بن
حبان البستي التميمي رحمه الله.
6 - نسخة الظاهرية: قطعة تشتمل على (11) ورقة، تتضمن النوعين
السبعين والحادي والسبعين من القسم الثالث، وبعض الأحاديث، ولم يرد
فيها ذكر النوع.
وهي قطعة قديمة، وربما كتبت في القرن الثامن الهجري، جاء في
أولها: أخبرتنا خديجة، أخبرنا الشيخ الإمام العالم شمس الدين أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء الزراد، أخبرنا الحافظ صدر الدين أبو علي
الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن البكري، قال: أخبرنا أبو روح
عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي، أخبرنا أبو القاسم تميم بن
أبي سعيد بن أبي العباس الجرجاني، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن
علي البحاثي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزوزني، أخبرنا
أبو حاتم بن حبان.
7 - قطعة كبيرة من المجلد الرابع، تقع في (151) ورقة، في كل
صفحة (19) سطرا، وفي كل سطر (13) كلمة تقريبا. ونوع الخط نسخي
61

واضح وهو يشتمل على الخمس والعشرين نوعا الأخيرة من القسم الرابع
من أقسام السنن، وهو قسم الإباحات التي أبيح ارتكابها، ويشتمل أيضا على
تسعة أنواع من القسم الخامس، وهو المشتمل على أفعال المصطفى صلى
الله عليه وسلم التي انفرد بفعلها، وليس في هذه ما يشير إلى تاريخ
النسخ أو اسم الناسخ، والخطأ فيها قليل، لكنها ليست كسابقاتها في الصحة
والجودة والإتقان. وفي لوحة العنوان ختم فيه: كتاب خانه ناصرية.
الطبعة السابقة لبعض الكتاب:
قد سبقني إلى البدء بإصدار الكتاب العالم الجليل المحدث الأستاذ
أحمد محمد شاكر، من بلغ في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
رواية ودراية مبلغا لم يجاره به أحد في هذا العصر، ويعد رائد نشر نصوص
الحديث النبوي في هذا القرن، وتحقيقها على هذا النحو الذي تابعه عليه غير
واحد من المختصين بالحديث الشريف، إلا أن المنية اخترمته في الرابع عشر
من شهر حزيران سنة 1958 م، ولم يصدر من الكتاب إلا الجزء الأول، وحصل
ذلك لغير ما كتاب بدأ بتحقيقه، ولم يكمله، مثل " مسند " أحمد صدر منه خمسة
عشر جزءا، و " سنن " الترمذي صدر منه جزآن فقط، و " تفسير " الطبري صدر منه
ثلاثة عشر جزءا.
والمنهج الذي التزمه العلامة أحمد شاكر رحمه الله هو اعتماد تصحيح
ابن حبان، والأخذ برأيه في شروط الصحيح، ولذا لم يتعقب المؤلف في بعض
أسانيده، ولم يبن عن درجة بعض الأحاديث التي لا توافق شرط الجمهور في
الصحيح، إلا ما كان لابد من التنبيه عليه كما ذكر في الحديث رقم (42)، واكتفى رحمه الله بتخريج الحديث من " الصحاح " و " السنن " و " المسانيد " مع
ترجمة موجزة لبعض الرواة، وتبيين بعض أوهام النسخة.
وبعد وفاته رحمه الله قام الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان بإصدار جزأين
62

آخرين من الكتاب نشرتهما المكتبة السلفية بالمدينة المنورة سنة 1970 م،
إلا أنهما خلو من أي تحقيق وتخريج وتنبيه على أغلاط النسخة وأوهام
ناسخيها، إضافة إلى الأخطاء الناشئة عن الطباعة، والوهم في قراءة الأصل،
فظهرت الهوة واسعة جدا بين جزأيه هذين، وجزء سلفه المرحوم أحمد شاكر.
ورأيت هنا وفاء بحق العلامة أحمد شاكر، واعترافا بفضله، أن أنشر
مسردا بما نشره من النصوص (1):
في الحديث والمصطلح:
1 - " سنن " الترمذي، أصدر منه جزأين فقط، ونشرا في القاهرة سنة 1937 م
بمكتبة مصطفى البابي الحلبي.
2 - " مسند " الإمام أحمد، صدر منه خمسة عشر جزءا في دار المعارف
بالقاهرة بين عامي 1946 - 1957 م.
3 - " مختصر سنن أبي داود " للمنذري، حققه بالمشاركة مع محمد حامد
الفقي، طبعته مطبعة أنصار السنة المحمدية سنة 1948 م.
4 - " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " لابن كثير، نشرته مكتبة
محمد علي صبيح بالقاهرة سنة 1951 م.
5 - " شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر " لابن حجر العسقلاني، نشرته
دار المعارف بالقاهرة بدون تاريخ، ظهر سنة 1954 م.
6 - " شرح ألفية السيوطي " قال أحمد شاكر: أتممت كتابتها عصر الجمعة
5 صفر 1353 ه‍، 18 مايو 1934 م، وقد طبع بمطبعة عيسى البابي
الحلبي بمصر سنة 1353 ه‍.

(1) انظر " أعلام " الزركلي، و " مجلة معهد المخطوطات العربية " 4 / 354 - 356.
63

7 - " خصائص مسند الإمام أحمد " للحافظ أبي يوسف المديني المتوفى
581 ه‍، نشرته دار المعارف في القاهرة سنة 1946 م.
8 - " المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد " لابن الجزري المتوفى سنة
833 ه‍، نشرته دار المعارف في القاهرة سنة 1946 م.
9 - " تفسير " الطبري راجعه وخرج أحاديثه وحقق النص الأستاذ محمود
شاكر، صدر منه ثلاثة عشر جزءا في دار المعارف 1956 - 1958 م.
10 - " عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير " وهو اختصار لتفسير ابن كثير،
صدر منه أربعة أجزاء فقط عن دار المعارف سنة 1956 - 1957 م.
11 - " تفسير الجلالين " بالاشتراك مع الأستاذ علي محمد شاكر، نشرته دار
المعارف بدون تاريخ ظهر سنة 1954 م.
12 - " منجد المقرئين ومشد الطالبين " لابن الجزري نشرته مكتبة القدسي
في القاهرة سنة 1931 م.
13 - " المحلى " لابن حزم الظاهري، حقق منه الاجزاء الستة الأولى، ونشر
في المطبعة المنيرية سنة 1929 م.
14 - " إحكام الاحكام شرح عمدة الاحكام " لابن دقيق العيد، حققه مع
محمد حامد الفقي، وطبع في مطبعة السنة المحمدية في مجلدين سنة
1953 م.
15 - " كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر "، له طبع دار المعارف سنة 1951 في 96 صفحة.
64

16 - " نظام الطلاق في الإسلام "، له نشرته مطبعة النهضة في القاهرة سنة 1935، 1936 م.
17 - " أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي " له
طبع في مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1939 م.
18 - الأصول الثلاثة وأدلتها، يليها شروط الصلاة وواجباتها وأركانها ثم
القواعد الأربعة، لمحمد بن عبد الوهاب، مراجعة وتصحيح، طبعة دار المعارف سنة 1946 م.
19 - " فتوى في إبطال وقف الجنف والإثم " لمحمد بن عبد الوهاب، نشرته
دار المعارف في القاهرة سنة 1953 م.
20 - " أبحاث في أحكام فقه وقضاء وقانون " له، طبع دار المعارف سنة
1941 م
21 - " الرسالة في أصول الفقه " للشافعي، طبع مكتبة مصطفى البابي
الحلبي، في القاهر ة سنة 1940 م.
22 - " جماع العلم " للشافعي، طبع بمكتبة البابي الحلبي، سنة 1940 م.
23 - " قواعد الأصول ومعاقد الفصول مختصر تحقيق الأمل في علمي
الأصول والجدل " لعبد المؤمن بن عبد الحق، طبع دار المعارف
القاهرة سنة 1955 م.
في اللغة والأدب:
24 - " لباب الآداب " لأسامة بن منقذ، نشرته مكتبة سركيس في القاهرة سنة
1935 م.
25 - " الكامل في الأدب " للمبرد، حقق منه الثاني والثالث، طبع مكتبة
البابي الحلبي في القاهرة سنة 1937 م.
65

26 - " الشعر والشعراء " لابن قتيبة، طبع عيسى الحلبي سنة 1946 م، وسنة
1950 م.
27 - " المفضليات " للضبي، بالاشتراك مع الأستاذ عبد السلام ها رون، نشر
دار المعارف في القاهرة سنة 1952 م (الطبعة الثانية).
28 - " الأصمعيات " للأصمعي، بالاشتراك مع الأستاذ عبد السلام هارون،
نشر دار المعارف سنة 1949 م.
30 - " المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم " للجواليقي، نشر
دار الكتب المصرية في سنة 1942 م.
31 - " الشرع واللغة " له، نشر دار المعارف سنة 1945 م، وهو رسالة في الرد
على عبد العزيز فهمي باشا الذي اقترح كتابة اللغة العربية بالحروف
اللاتينية.
في التوحيد: 32 - " شرح العقيدة الطحاوية " لابن أبي العز الحنفي، نشر دار المعارف في
القاهرة سنة 1954 م.
33 - " التوحيد الذي هو حق الله على العبيد " لمحمد بن عبد الوهاب، نشر دار
المعارف سنة 1955 م.
في التراجم:
34 - " ترجمة الإمام أحمد بن حنبل " للذهبي، نشر دار المعارف سنة
1946 م.
هذا ما تركه أحمد شاكر من عيون النصوص التي حققها أ وألفها، فأثابه
66

الله، وجزاه ما هو أهله، لقد ترك علما ينتفع به، وفتح الباب أمام الراغبين في
خدمة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الغيورين عليه، الحريصين على
نشره وتعليمه.
هذه الطبعة ومنهجنا في تحقيق الكتاب:
لعل من فضول القول الحديث عن نسخ الكتاب، ومقابلة المنسوخ على
الأصل، للتأكد من خلوه من السقط، فتلك من أبجديات وأساسيات إخراج
كتاب ما، ومن المسلم به أن الكتاب لا يقوم بغير ذلك، وإنما المطلوب في
الحديث عن منهج التحقيق الكلام عن الخطة التي التزمها المحقق إزاء نص
الكتاب، والتي يفترض أن تكون ظلا للنص يخدمه ويحقق غايته، ويسبر مدى
نجاحه مؤلفه في قصده من تأليفه، وموضوع الكتاب هو الذي يفرض المنهج
الذي يتطلبه ويناسبه.
على أن هناك إطارا عاما لابد من العمل ضمنه، وخطا عريضا ينبغي
التزامه، من ذلك ما اصطلح عليه الناس اليوم من ضرورة ضبط ألفاظ النص،
وخاصة إذا كان آية قرآنية، أو حديثا شريفا، وهذا ما دعا إلى شكل ذلك كاملا
في هذا الكتاب، ويلي ذلك ضبط أسماء الأعلام والبلدان والألقاب ولا أنساب
والمواضع، وذلك لتجنب غير المختص الخطأ في قراءتها.
ومن ذلك تحلية النص بعلامات الترقيم، وتوزيعه على نحو يسهل قراءته
على طالب العلم، ويجنبه كثيرا من الزلل في فهم المراد.
هذا كله مما يتعلق بذات النص، أما ما يستدعيه من تعقب أو تعليق
أو استدراك أو تصحيح، فذاك عمود منهج التحقيق، ويقيمه طبيعة الكتاب
وموضوعه، فكتاب في الأدب مثلا، يشتمل على بعض الأحاديث النبوية،
أو المسائل الفقهية، ليس من المطلوب التوسع في تخريج حديث فيه،
واستقصاء مصادر التخريج، ولا بسط المسألة الفقهية، والتفصيل فيها، وعرض
67

دقائقها، بل يكفي ربط مثل هذا بإيجاز بالمصدر الرئيس له، والإحالة على
كتاب يكون مفتاحا لتلك القضية، ثم التركيز بعد ذلك على القضا يا الكبرى التي
هي موضوع الكتاب، وليس من قصدنا البحث في أصل المسألة، ولكنه مدخل
للقول: إنما أمام كتاب في الحديث النبوي، يتميز بصفة أساسية هي أن مؤلفه
اشترط ألا يورد فيه إلا حديثا صحيحا، وهذا ما يملي علينا خطة العمل في
إخراج الكتاب، والتي تتلخص في هل وفى المؤلف بما التزم؟ ثم هل كانت
أحاديثه تتحقق فيها شروط الصحة التي اصطلح عليها الجمهور؟
هذا عماد منهجي في تحقيق الكتاب، وتفصيل خطواته وفقراته ما يلي:
1 - قمت بدراسة رجال إسناد كل حديث فيه عدا شيوخ ابن حبان،
إذ يغلب على ظني أنهم كلهم ثقات لا حاجة للكشف عن حالهم، علما بأن
شيوخه الذين عول عليهم أكثر من غيرهم في رواية هذا الكتاب - وعدتهم واحد
وعشرون - كلهم من كبار الحفاظ الأثبات المتقنين، كما تبين من تراجمهم
المتقدمة في بحث شيوخه من هذه المتقدمة، يضاف إلى ذلك أنه لدى تخريج
الأحاديث من المصادر التي تقدمت ابن حبان ممن هم أعلى طبقة منه، تبين من
روى الحديث أيضا عن شيوخ شيوخ ابن حبان، وحين ينفرد ابن حبان بحديث
لم يخرجه غيره، فلا بد من دراسة شيخه والكشف عن حاله، وسوف أقوم بعد
الفراغ من تحقيق الكتاب - بعون الله - بترجمة شيوخه في جزء مستقل.
2 - بما أن تصحيح المؤلف للحديث كان مبنيا على رأيه في توثيق
المستور (1)، فهو حسب منهجه قد وفى بما التزم واشترط لتصحيح الحديث، لذا
كان من مقاصد دراسة الإسناد الوقوف على مدى موافقته لشرط الصحيح عند
الجمهور، وأخلص منهم شرط الشيخين، الذي هو أعلى درجات الصحة، وقد
بينت ذلك إثر كل حديث، فقلت: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم،
أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم.

(1) مضى تفصيل هذه المسألة عند الكلام من شروط المؤلف في كتابه.
68

وهذه فائدة عظيمة تبين القدر الذي استدركه ابن حبان من الأحاديث التي
هي على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما، ولم يخرجاها في كتابيهما.
غير أن قولي في حديث ما: إسناده صحيح على شرط الشيخين، أو على
شرط البخاري، أو على شرط مسلم، أو على شرط الصحيح، إنما أعني به: أن
رجال السند ما عدا شيخ المصنف هم بهذا ه المنزلة وأنهم ممن احتج بهم
الشيخان أو أحدهما، وليس ممن خرجا له استشهادا، أو متابعة، أو تعليقا،
ولا ممن هو موصوف بتدليس أو تخليط، فإنهما - رحمهما الله - ينتقيان من
حديث من تكلم فيه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلا، ومن
حديث المدلس ما صرح بالسماع فيه، ومن حديث المختلط بأخرة ما رواه الثقة
عنه قبل اختلاطه.
فالحكم لراو بمجرد رواية البخاري ومسلم أو أحدهما عنه في الصحيح
بأنه من شرط الصحيح مزلق خطر، وتساهل غير مرضي، وقع لأبي عبد الله
الحاكم في كتابه الذي استدرك فيه على " الصحيحين " فإنه يقول: هذا حديث
على شرط الشيخين أو أحدهما، ويكون فيه راو موصوف بما تقدم ذكره، وقد نبه
على تساهله هذا غير واحد من جهابذة هذا الفن ونقاده.
ولم أرد بقولي: إسناده صحيح على شرطهما، أو شرط أحدهما، تعقب
الشيخين وإلزامهما بهذه الأحاديث التي استوفت الشروط التي التزماها لإخراج
الصحيح، لأنهما رحمهما الله ذكرا أنهما لم يكونا يقصدان استيعاب جميع
الأحاديث الصحيحة في كتابيهما كما بينت ذلك في أول المقدمة، وإنما ذكرت
ذلك لبيان أن عددا غير قليل من الأحاديث التي لم ترد عندهما هي مستوفية
لشوط الصحة التي اشترطاها في كتابيهما.
وإذا لم يكن الحديث على شرطهما أو أحدهما، فقد حكمت عليه
بما يليق بحاله الأخذ من صفات رجاله من الصحة أو الحسن أو الضعف.
69

وبالنسبة لرجال الإسناد إذا ذكر الراوي بكنيته، ذكرت اسمه، وإذا ورد
ذكر اسمه مجردا من لقبه، واسم أبيه وكان مما يلبس، فأذكر اسم أبيه ولقبه ليتميز.
ولا أترجم لأحد من الرواة إلا إذا كان ثمت ضرورة تدعو إلى ذلك،
فجميع رجال السند عدا شيوخ ابن حبان غالبا من رجال " التهذيب " وتراجمهم
فيه موسعة، فتؤخذ من هناك، لكن قد أحقق القول في الثقات الذين رموا
بالاختلاط أو التدليس، أو ما شابه ذلك.
وربما يكون شيخ شيخ ابن حبان في السند ممن تكلم فيه غيره،
وهو ثقة عنده، فأذكر من تابعه عليه من الثقات للتوثيق والتعضيد.
3 - خرجت أحاديث الكتاب من " الصحاح "، و " السنن "
و " المسانيد "، و " المعاجم " التي تيسرت لي، سواء منها ما ألف قبل ابن حبان
أو بعده، وبما أن المؤلف قد يورد الحديث الواحد في مواضع متعددة، وفي كل
موضع يورده من طريق غير التي أورده منها في الموضع الآخر على الأغلب،
فقد قمت بتخريج كل طريق في موضعه، ذاكرا أن المؤلف سيورده من الطريق
الفلانية برقم كذا، وإن لم يخرجه إلا من طريق واحدة مع أن له طرقا عديدة،
أشرت إلى تلك الطرق الأخرى عن ذلك الراوي، وفي حال اختلاف الطريق
كلها عدا الصحابي راوي الحديث أورد الإسناد بتمامه.
وإذا ورد لفظ الحديث أو معناه عن صحابي آخر، ولم يذكره المؤلف،
وهو في درجة حديث الباب، أو أقل منه، إلا أنه يصلح أن يكون شاهدا، أثبته،
وعزوته إلى من رواه، مع تبيين حاله، ليكون شاهدا يزداد به الحديث قوة،
ويخرج عن حد الغرابة.
4 - صححت ما وقع من تحريف أو تصحيف في النسخة التي
اعتمدناها من كتاب " الإحسان "، وذلك بالرجوع أولا إلى أصله المنقول عنه،
وهو " التقاسيم والأنواع " في الأجزاء المتيسرة التي سبق ذكرها، فإن كان
التحريف في الأصل أيضا، رجعت إلى تصحيحه من مصادر التخريج.
70

5 - علقت على بعض المواضع ما يستدعيه المقام، من بيان حال راو
في السند، أو تفسير لفظ شارد، أو توضيح معنى غائم، أو ترجمة بلد وموضع،
أو نقد رأي ذهب إليه المؤلف، أو نقل فائدة لمحها أحد الأئمة في الخبر، إلى
غير ذلك مما يقتضيه النص.
6 - حافظت على الأرقام التي كتبها الأمير علاء الدين عقب كل حديث
للإشارة إلى موضعه في الأصل من القسم والنوع، وأثبتها في نهاية الحديث.
7 - أتبعت كل جزء مطبوع بفهرسين: أحدهما للكتب والأبواب
والعناوين التي ذكرها المؤلف للأحاديث والتي تشتمل على ما استنبطه من فقه
الحديث. ثانيهما لأطراف الأحاديث التي يتضمنها ذلك الجزء مرتبة على حروف
المعجم، وفي نهاية الكتاب سأقوم إن شاء الله بصنع فهارس مفصلة للكتاب في
طليعتها فهرس لأحاديثه جميعها.
8 - رقمت أحاديث الكتاب، كما رقمت كتبه وأبوابه، وأصفت عنوان
(المقدمة) بين حاصرتين للبابين الأولين من الكتاب إذ لم يذكر المؤلف لهما عنوانا.
وفي ختام كلمتي هذه لا يسعني إلا أن أتوجه بخالص الشكر وجميل
الثناء لكل من كانت له يد مشكورة في هذا السفر العظيم من الأساتذة العاملين
معي في مجال تحقيق التراث، وأخص منهم بالذكر الإخوة عادل مرشد، وإبراهيم
باجس، وحسان عبد المنان وصاحبي الأثير، وصديقي الوفي الأستاذ المتفنن محمد
نعيم العرقوسي الذي لم يدخر وسعا في إبداء ملاحظاته السديدة، واستدراكاته
الجيدة، وتصحيحاته الهادفة، مبتغيا بذلك فيما أحسب رضوان الله، ثم إتقان
العمل وتجويده، ليكون أدنى إلى الكمال، وأقرب إلى الصواب.
هذا ما وفقني الله تعالى إليه، وأسأله أن يقويني لإتمام تحقيقه ونشره، وأن
يسدد قامي، ويجنبني الخطأ والزلل، ويجعل عملي خالصا لوجهه الكريم،
وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
16 / 6 / 1407 ه‍
15 / 2 / 1987 م.... شعيب الأرنؤوط
71

الورقة الأولى من المجلد الأول من الإحسان
72

لوحة عنوان المجلد الثاني من الإحسان وفيه نص الواقف
73

الورقة الأولى من المجلد الثاني من الإحسان
74

لوحة عنوان المجلد الرابع من الإحسان، وفيه نص الواقف
75

الورقة الأولى من المجلد السادس من الإحسان
76

الورقة الأخيرة من المجلد السادس من الإحسان
77

الورقة الأولى من المجلد الرابع من نسخة أخرى من الإحسان وهو يكمل النقص الذي بين المجلد السادس والثامن، فيكون
ترتيبه السابع بالنسبة إلى الأجزاء السابقة.
78

اللوحة الأخيرة من المجلد الرابع في الأصل السابع في الترتيب
79

لوحة العنوان للمجلد الأول الموجود بدار الكتب المصرية
80

اللوحة الأولى من المجلد الأول الموجود بدار الكتب المصرية
81

الورقة الأخيرة من المجلد الثاني من التقاسيم والأنواع بخط أحمد بن يحيى بن علي بن محمد بن عساكر، وفيها ثبت سماع سنة 739 ه‍
على ابن المكرم الأنصاري وشيخ آخر، وكان من السمعين ابن قيم الجوزية
82

الورقة الأولى من المجلد الثالث بخط الحسن بن علي الحوزي
83

عنوان المجلد الثالث من " التقاسيم والأنواع " وفيه السماعات
84

الورقة ما قبل الأخيرة من المجلد الثالث بخط الحسن بن علي بن الحوزي، وفيها ثبت سماع على العلامة المرسي سنة
644 ه‍ بقراءة الحافظ قطب الدين القسطلاني.
85

الورقة الأخيرة من الجزء الثالث بخط الحسن بن الحوزي، وفيها السماعات
86

الورقة الأولى من النسخة الظاهرية
87

اللوحة الأولى من نسخة حيدر أباد
88

الورقة الأولى من نسخة حيدر أباد
89

اللوحة الأخيرة من نسخة حيدر أباد
90

اللوحة الأولي من نسخة كتابخانه الناصرية
91

اللوحة الأخيرة من كتابخانه الناصرية
92

الإحسان
في قريب
صحيح ابن حبان
تأليف
الحافظ الإمام العلامة أبي حاتم محمد بن حبان البستي
المتوفي سنة 354 ه‍
93

رب يسر بخير
الحمد لله على ما علم من البيان، وألهم من التبيان، وتمم من الجود
[والفضل (1) و] الإحسان.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، [على (1)] سيد ولد عدنان المبعوث
بأكمل الأديان، المنعوت [في (1)] التوراة والإنجيل والفرقان، وعلى آله،
وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان، صلاة دائمة ما كر الجديدان وعبد الرحمن.
وبعد، فإن من أجمع المصنفات في الأخبار النبوية، وأنفع المؤلفات في
الآثار المحمدية، وأشرف الأوضاع، وأطرف الإبداع: كتاب " التقاسيم
والأنواع " للشيخ الإمام، حسنة الأيام، حافظ زمانه، وضابط أوانه، معدن
الإتقان، أبي حاتم محمد بن حبان، التميمي البستي، شكر الله مسعاه،
وجعل الجنة مثواه، فإنه لم ينسج له على منوال، في جمع سنن الحرام
والحلال، لكنه لبديع صنعه، ومنيع وضعه، قد عز جانبه، فكثر مجانبه، تعسر
اقتناص شوارده، فتعذر الاقتباس من فوائده وموارده، فرأيت أن أتسبب لتقريبه،
وأتقرب إلى الله بتهذيبه وترتيبه، وأسهله على طلابه، بوضع كل حديث في
بابه، الذي هو أولى به، ليؤمه من هجره، ويقدمه من أهمله وأخره. وشرعت

(1) بياض في الأصل في المواطن الثلاثة، وما أثبت هو الذي استظهره العلامة،
شاكر، رحمه الله، وتابعناه على ذلك.
95

فيه معترفا بأن البضاعة مزجاة، وأن لا حول ولا قوة إلا بالله، فحصلته في أيسر
مدة، وجعلته عمدة للطلبة وعدة، فأصبح بحمد الله موجودا بعد أن كان
كالعدم، مقصودا كنار على أرفع علم، معدودا بفضل الله من أكمل النعم، قد
فتحت سماء يسره، فصارت أبوابا، وزحزحت جبال عسره فكانت سرابا، وقرن
كل صنو بصنفه، فاضت أزواجا، وكل تلو بإلفه، فضاءت سراجا وهاجا، وسميته:
الاحسان
في
تقريب صحيح ابن حبان
والله أسأل أن يجعله زادا لحسن المصير إليه، وعتادا ليمن القدوم عليه،
إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل، وها أنا أذكر مقدمة تشتمل على
ثلاثة فصول: الفصل الأول: في ذكر ترجمته ليعرف قدر جلالته.
والفصل الثاني: في نص خطبته، وما نص عليه في غرة ديباجته وخاتمته،
ليعلم مضمون قراره، ومكنون مصونه وأسراره.
والفصل الثالث: في ذكر ما رتب عليه هذا الكتاب، من الكتب والفصول
والأبواب، قصدا لتكميل التهذيب، وتسهيل التقريب.
96

الفصل الأول
أقول وبالله التوفيق هو الإمام الفاضل المتقن المحقق الحافظ
العلامة محمد بن بن حبان بن أحمد بن حبان بكسر الحاء المهملة وبالباء
الموحدة فيهما بن معاذ بن معبد بالباء الموحدة بن سعيد بن سهيد
بفتح السين المهملة وكسر الهاء ويقال بن معبد بن هدية بفتح الهاء
وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف بن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد
بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة
بن مالك بن زيد مناه بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن
الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو حاتم التميمي البستي
97

القاضي أحد الأئمة الرحالين والمصنفين
ذكره الحاكم أبو عبد الله فقال كان من أوعية العلم في اللغة والفقه
والحديث والوعظ من عقلاء الرجال وكان قدم نيسابور فسمع بها من
عبد الله بن شيرويه ثم أنه دخل العراق فأكثر عن أبي خليفة القاضي
وأقرانه وبالأهواز وبالموصل وبالجزيرة وبالشام وبمصر وبالحجاز
وكتب بهراة ومرو وبخاري
ورحل إلى عمر بن محمد بن بجير وأكثر عنه وروى عن الحسن بن
سفيان وأبي يعلى الآتي
ثم صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه وولي
القضاء بسمرقند وغيرها من المدن بخراسان ثم ورد نيسابور سنة أربع وثلاثين
وثلاث مائة وخرج إلى القضاء إلى نسا وغيرها وانصرف إلينا سنة سبع
وثلاثين فأقام بنيسابور وبنى الخانقاه وسمع منه خلق كثير
روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو علي منصور بن عبد الله بن خالد
الهروي وأبو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن سلم وأبو بكر محمد بن
98

أحمد بن عبد الله النوقاتي وأبو عبد الرحمن بن محمد بن علي بن رزق
السجستاني وأبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الزوزني
وقال أبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الإدريسي أبو حاتم البستي كان من
فقهاء الناس وحفاظ الآثار المشهورين في الأمصار والأقطار عالما بالطب
والنجوم وفنون العلوم ألف المسند الصحيح والتاريخ والضعفاء والكتب
المشهورة في كل فن وفقه الناس بسمرقند ثم تحول إلى بست ذكره
عبد الغني بن سعيد في البستي
وذكره الخطيب وقال وكان ثقة ثبتا فاضلا فهما
وذكره الأمير في حبان بكسر الحاء المهملة ولي القضاء بسمرقند وكان
من الحفاظ الأثبات
توفي بسجستان ليلة الجمعة لثمان ليال بقين من شوال سنة أربع وخمسين
وثلاث مائة وقيل ببست في داره التي هي اليوم مدرسة لصحابه ومسكن
للغرباء الذين يقيمون بها من أهل الحديث والمتفقهة منهم ولهم جرايات
يستنفقونها وفيها خزانة كتب
99

الفصل الثاني قال الحمد لله المستحق الحمد لآلائه المتوحد بعزه
وكبريائه القريب من خلقه في أعلى علوة البعيد منهم في أدنى دنوة العالم
بكنين مكنون النجوى والمطلع على أفكار السر وأخفى وما استجن تحت
عناصر الثرى وما جال فيه خواطر الورى الذي ابتدع الأشياء بقدرته وذرأ
الأنام بمشيئته من غير أصل عليه افتعل ولا رسم مرسوم امتثل ثم جعل
العقول مسلكا لذوي الحجا وملجأ في مسالك أولي النهى وجعل أسباب
الوصول إلى كيفية العقول ما شق لهم من الأسماع والأبصار والتكلف للبحث
والاعتبار فأحكم لطيف ما دبر وأتقن جميع ما قدر
ثم فضل بأنواع الخطاب أهل التمييز والألباب ثم اختار طائفة لصفوته
وهداهم لزوم طاعته من اتباع سبل الأبرار في لزوم السنن والآثار فزين
قلوبهم بالإيمان وأنطق ألسنتهم بالبيان من كشف أعلام دينه واتباع سنن
نبيه بالدؤوب في الرحل والأسفار وفراق الأهل والأوطار في جمع السنن
100

ورفض الأهواء والتفقه بترك الآراء فتجرد القوم للحديث وطلبوه ورحلوا
فيه وكتبوه وسألوا عنه وأحكموه وذاكروا به ونشروه وتفقهوا فيه وأصلوه
وفرعوا عليه وبذلوه وبينوا المرسل من المتصل والموقوف من المنفصل
والناسخ من المنسوخ والمحكم من المفسوخ والمفسر من المجمل
والمستعمل من المهمل والمختصر من المتقصى والملزوق من المتفصى
والعموم من الخصوص والدليل من المنصوص والمباح من المزجور
والغريب من المشهور والفرض من الإرشاد والحتم من الإيعاد والعدول من
المجروحين والضعفاء من المتروكين وكيفية المعمول والكشف عن
المجهول وما حرف المخزول وقلب من المنحول من مخايل
التدليس وما فيه من التلبيس حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين
وصانه عن ثلب القادحين وجعلهم عند التنازع كثرة الهدى وفي النوازل
مصابيح الدجى فهم ورثة الأنبياء ومأنس الأصفياء وملجأ الأتقياء ومركز
الأولياء
فله الحمد على قدره وقضائه وتفضله بعطائه وبره ونعمائه ومنه
بآلائه
أشهد أن لا إله إلا الذي بهدايته سعد من اهتدى وبتأييده رشد من اتعظ
وارعوى وبخذلانه ضل من زل وغوى وحاد عن الطريقة المثلى
وأشهد أن محمدا عبده المصفى ورسوله المرتضى بعثه إليه داعيا
وإلى جنانه هاديا فصلى الله عليه وأزلفه في الحشر لديه وعلى آله الطيبين
الطاهرين أجمعين
101

أما بعد فإن الله جل وعلا انتخب محمدا صلى الله عليه وسلم لنفسه وليا وبعثه إلى
خلقه نبيا ليدعوا الخلق من عبادة الأشياء إلى عبادته ومن أتباع السبل إلى لزوم
طاعته حيث كان الخلق في جاهلية جهلاء وعصبية مضلة عمياء يهيمون
في الفتن حيارى ويخوضون في الأهواء سكارى يترددون في بحار الضلالة
ويجولون في أودية الجهالة شريفهم مغرور ووضيعهم مقهور
فبعثه الله إلى خلقه رسولا وجعله إلى جنانه دليلا فبلغ صلى الله عليه وسلم عنه
رسالاته وبين المراد عن آياته وأمر بكسر الأصنام ودحض الأزلام حتى
أسفر الحق عن محضه وأبدى الليل عن صبحه وانحط به أعلام الشقاق
وانهشم بيضة النفاق
وإن في لزوم سنته تمام السلامة وجماع الكرامة لا تطفأ سرجها
ولا تدحض حججها من لزمها عصم ومن خالفها ندم إذ هي الحصن
الحصين والركن الركين الذي بان فضله ومتن حبله من تمسك به ساد
ومن رام خلافه باد فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل والمغبوطون بين
الأثام في العاجل
وإني لما رأيت الأخبار طرقها كثرت ومعرفة الناس بالصحيح منها قلت
لاشتغالهم بكتبة الموضوعات وحفظ الخطا أو المقلوبات حتى صار الخبر
الصحيح مهجورا لا يكتب والمنكر المقلوب عزيزا يستغرب وأن من جمع
السنن من الأئمة المرضيين وتكلم عليها من أهل الفقه والدين أمعنوا في ذكر
الطرق للأخبار وأكثروا من تكرار المعاد للآثار قصدا منهم لتحصيل الألفاظ
على من رام حفظها من الحفاظ فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في
الكتاب وترك المقتبس التحصيل للخطاب
فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين وأمعنت الفكر فيها لئلا
102

يصعب وعيها على المقتبسين فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية متفقة
التقسيم غير متنافية
فأولها الأوامر التي أمر الله عباده بها
والثاني النواهي التي نهى الله عباده عنها
والثالث إخباره عما احتيج إلى معرفتها
والرابع الإباحات التي أبيح ارتكابها
والخامس أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بفعلها
ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعا كثيرة ومن كل نوع تتنوع علوم
خطيرة ليس يعقلها إلا العالمون الذين هم في العلم راسخون دون من اشتغل
في الأصول بالقياس المنكوس وأمعن في الفروع بالرأي المنحوس
103

وإنا نملي كل قسم بما فيه من الأنواع وكل نوع بما فيه من الاختراع
الذي لا يخفي تحضيره على ذوي الحجا ولا تتعذر كيفيته على أولي النهى
ونبدأ منه بأنواع تراجم الكتاب ثم نملي الأخبار بألفاظ الخطاب
بأشهرها إسنادا وأوثقها عمادا من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح
في ناقليها لأن الاقتصار على أتم المتون أولى والاعتبار بأشهر الأسانيد أحرى
من الخوض في تخريج التكرار وإن آل أمره إلى صحيح الاعتبار
والله الموفق لما قصدنا بالإتمام وإياه نسأل الثبات على السنة
والإسلام وبه نتعوذ من البدع والآثام والسبب الموجب للانتقام إنه المعين
لأوليائه على أسباب الخيرات والموفق لهم سلوك يجري الطاعات وإليه الرغبة
في تيسير ما أردنا وتسهيل ما أومأنا إنه جواد كريم رؤوف رحيم
104

القسم الأول من أقسام السنن
وهو الأوامر
قال أبو حاتم رضي الله عنه تدبرت خطاب الأوامر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
لاستكشاف ما طواه في جوامع كلمه فرأيتها تدور على مائة نوع وعشرة يجري
يجب على كل منتحل لسنن أن يعرف فصولها وكل منسوب إلى العلم أن
يقف على جوامعها لئلا يضع السنن إلا في مواضعها ولا يزيلها عن موضع
القصد في سننها
فأما النوع الأول من يجري الأوامر فهو لفظ الأمر الذي هو فرض على
المخاطبين كافة في جميع الأحوال وفي كل الأوقات حتى لا يسع أحدا
منهم الخروج منه بحال
النوع الثاني ألفاظ الوعد التي مرادها الأوامر باستعمال تلك الأشياء
النوع الثالث لفظ المر الذي أمر به المخاطبون في بعض الأحوال
لا الكل
النوع الرابع لفظ الأمر الذي أمر به بعض المخاطبين في بعض الأحوال
لا الكل
النوع الخامس الأمر بالشئ الذي قامت الدلالة من خبر ثان على
فرضيته وعارضه بعض فعله ووافقه البعض
105

النوع السادس لفظ الأمر الذي قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته
قد يسع ترك ذلك الأمر المفروض عند وجود عشر خصال معلومة فمتى وجد
خصلة من هذه الخصال العشر كان الأمر باستعمال ذلك الشئ جائزا تركه
ومتى عدم هذه الخصال العشر كان الأمر باستعمال ذلك الشئ واجبا
النوع السابع الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ الأول منها فرض
يشتمل على أجزاء وشعب تختلف أحوال المخاطبين فيها والثاني ورد بلفظ
العموم والمراد منه استعماله في بعض الأحوال لأن رده فرض على الكفاية
والثالث أمر وإرشاد
والنوع الثامن الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ الأول منها فرض
على المخاطبين في بعض الأحوال والثاني فرض على المخاطبين في جميع
الأحوال والثالث أمر إباحة لأحتم
النوع التاسع الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر أحدها فرض على
جميع المخاطبين في جميع الأحوال والثاني والثالث أمر ندب وإرشاد
لا فريضة وإيجاب
النوع العاشر الأمر بشيئين مقرونين في اللفظ أحدهما فرض على
بعض المخاطبين على الكفاية والثاني أمر إباحة لأحتم
النوع الحادي عشر الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ الأول منها
فرض على المخاطبين في بعض الأحوال؟؟؟؟؟ والثالث فرض على المخاطبين في جميع
الأوقات
النوع الثاني عشر الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر الأول منها
فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات والثاني فرض على المخاطبين
في بعض الأحوال والثالث فرض على بعض المخاطبين في بعض الأوقات
والرابع ورد بلفظ العموم وله تخصيصان اثنان من خبرين آخرين
106

النوع الثالث عشر الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر الأول منها
فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات والثاني فرض على المخاطبين
في بعض الأحوال والثالث فرض على بعض المخاطبين في بعض
الأحوال والرابع أمر تأديب وإرشاد أمر به المخاطب إلا عند وجود معلومة
وخصال معدودة
النوع الرابع عشر الأمر بالشئ الواحد للشخصين المتباينين والمراد منه
أحدهما لا كلاهما كلاهما
النوع الخامس عشر الأمر الذي أمر به إنسان بعينه في شئ معلوم
لا يجوز لأحد بعده استعمال ذلك الفعل إلى يوم القيامة وإن كان ذلك الشئ
معلوما يوجد
النوع السادس عشر الأمر بفعل عند وجود سبب لعلة معلومة وعند
عدم ذلك السبب الأمر بفعل ثان لعله معلومة خلاف تلك العلة المعلومة التي
من أجلها أمر بالأمر الأول
النوع السابع عشر الأمر بأشياء معلومة قد كرر بذكر الأمر بشئ من تلك
الأشياء المأمور بها على سبيل التأكيد
النوع الثامن عشر الأمر باستعمال شئ بإضمار سبب لا يجوز استعمال
ذلك الشئ إلا باعتقاد ذلك السبب المضمر في نفس الخطاب
النوع التاسع عشر؟؟؟؟؟؟ الأمر بالشئ الذي أمر به المخاطبون في بعض الأحوال
عند وقتين معلومين على سبيل الفرض والإيجاب قد دل فعله على أن المأمور
به في أحد الوقتين المعلومين غير فرض وبقي حكم الوقت الثاني على حالته
107

النوع الحادي والعشرون ألفاظ إعلام مرادها الأوامر التي هي المفسرة
لمجمل الخطاب في الكتاب
النوع الثاني والعشرون لفظة أمر بشئ يشتمل على أجزاء وشعب
فما كان من تلك الأجزاء والشعب بالإجماع أنه ليس بفرض فهو نفل
ومل لم يدل الإجماع ولا الخبر على نفليته فهو حتم لا يجوز تركه بحال
النوع الرابع والعشرون الأوامر التي وردت بألفاظ مجملة مختصرة ذكر
بعضها في أخبار أخر
النوع الخامس والعشرون الأمر بالشئ الذي بيان كيفيته في أفعاله صلى الله عليه وسلم
النوع السادس والعشرين الأمر بشيئين متضادين على سبيل الندب خير
المأمور به بينهما حتى إنه ليفعل ما شاء من الأمرين المأمور بهما والقصد فيه
الزجر عن شئ ثالث
النوع السابع والعشرون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر المراد من
أحدهما الحتم والإيجاب مع إضمار شرط فيه قد قرن به حتى لا يكون الأمر
بذلك الشئ إلا مقرونا بذلك الشرط الذي هو المضمر في نفس الخطاب
والآخر أمر إيجاب على ظاهره يشتمل على الزجر عن ضده
النوع الثامن والعشرون لفظ الأمر الذي ظاهرة مستقل بنفسه وله
تخصيصان اثنان أحدهما من خبر ثان
والآخر من الإجماع وقد يستعمل
الخبر مرة على عمومه وتارة يخص بخبر ثان وأخرى يخص بالإجماع
108

النوع التاسع والعشرون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر خير المأمور به
بينهما حتى إنه موسع عليه أيفعل أيهما شاء منهما
النوع الثلاثون الأمر الذي ورد بلفظ البدل حتى لا يجوز استعماله إلا
عند عدم السبيل إلى الفرض الأول
النوع الحادي والثلاثون لفظة أمر بفعل من أجل سبب مضمر في
الخطاب فمتى كان السبب للمضمر الذي من أجله أمر بذلك الفعل معلوما
بعلم كان الأمر به واجبا وقد عدم علم ذلك السبب بعد قطع الوحي فغير
جائز استعمال ذلك الفعل لحد إلى يوم القيامة
النوع الثاني والثلاثون الأمر باستعمال فعل عند عدم شيئين معلومين
فمتى عدم الشيئان اللذان ذكرا في ظاهر الخطاب كان استعمال ذلك الفعل
مباحا للمسلمين كافة ومتى كان أحد ذينك الشيئين موجودا كان استعمال
ذلك الفعل منهيا عنه بعض الناس وقد يباح استعمال ذلك الفعل تارة لمن وجد
فيه الشيئان اللذان وصفتهما كما زجر عن استعماله تارة أخرى من وجدا فيه
النوع الثالث والثلاثون الأمر بإعادة فعل قصد المؤدي لذلك الفعل
أداءه فأتى به على غير الشرط الذي أمر به
النوع الرابع والثلاثون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر عند حدوث
سببين أحدهما معلوم يستعمل على كيفيته والآخر بيان كيفيته في فعله
وأمره
109

النوع الخامس والثلاثون الأمر بالشئ الذي أمر به بلفظ الإيجاب
والحتم وقد قامت الدلالة من خبر ثان على أنه سنة والقصد فيه علة معلومة
أمر من أجلها هذا الأمر المأمور به
النوع السادس والثلاثون المر بالشئ الذي كان محظورا فأبيح به
ثم نهي عنه ثم أبيح ثم نهي عنه فهو محرم إلى يوم القيامة
النوع السابع والثلاثون الأمر الذي خير المأمور به بين ثلاثة أشياء مقرونة
في الذكر عند عدم القدرة على كل واحد منها حتى يكون المقترض عليه
عند العجز عن الأول له يؤدي الثاني وعند العجز الثاني له أن يؤدي
الثالث
النوع الثامن والثلاثون لفظ الأمر الذي خير المأمور به بين أمرين بلفظ
التخيير على سبيل الحتم والايجاب حتى يكون المفترض عليه له أن يؤدي
أيهما شاء منها
النوع التاسع والثلاثون لفظ الأمر الذي خير المأمور به بين أشياء
محصورة من عدد معلوم حتى لا يكون له تعدي ما خير فيه إلى ما هو أكثر منه
من العدد
النوع الأربعون الأمر الذي هو فرض خير المأمور به بين ثلاثة أشياء
حتى يكون المفترض عليه اه أن يؤدي أيما شاء من الأشياء الثلاث
النوع الحادي والأربعون الأمر بالشئ الذي خير المأمور به في أدائه بين
صفات ذوات عدد ثم ندب إلى الأخذ منها بأيسرها عليه
110

النوع الثاني والأربعون الأمر الذي خير المأمور به في أدائه بين صفات
أربع حتى يكون المأمور به له أن يؤدي ذلك الفعل بأي صفة من تلك الصفات
الأربع شاء والقصد فيه الندب والارشاد
النوع الثالث والأربعون الأمر الذي هو مقرون بشرط فمتى كان ذلك
الشرط موجودا كان الأمر واجبا ومتى عدم ذلك الشرط بطل ذلك الأمر
النوع الرابع والأربعون الأمر بفعل مقر وبشرط حكم ذلك الفعل
على الإيجاب وسبيل الشرط على الإرشاد
النوع الخامس والأربعون الأمر الذي أمر بإضمار شرط في ظاهر
الخطاب فمتى كان ذلك الشرط المضمر موجودا كان الأمر واجبا ومتى عدم
ذلك الشرط جاز استعمال ضد ذلك الأمر
النوع السادس والأربعون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر أحدهما
فرض قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته والآخر نفل دل الإجماع على
نفليته
النوع السابع والأربعون الأمر بشيئين في الذكر أحداهما أراد
به التعليم والآخر أمر إباحة لا حتم
النوع الثامن والأربعون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر أحداهما
فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات والثني فرض على بعض
الخاطبين في
بعض الأحوال والثالث له تخصيصات اثنان من خبرين
آخرين حتى لا يجوز استعماله على عموم ما ورد الخبر فيه إلا بأحد
التخصيصين اللذين ذكرتهما
النوع التاسع والأربعون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر المراد من
اللفظين الأوليتين أمر فضيلة وإرشاد والثالث أمر إباحة لا حتم
111

النوع الخمسون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر الأول منها فرض
لا يجوز تركه والثاني والثالث أمران لعله معلومة مرادها الندب والإرشاد
النوع الحادي والخمسون الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر الأول
والثالث أمرا ندب وإرشاد والثاني قرن بشرط فالفعل المشار إليه في نفسه
نفل والشرط الذي قرن به فرض والرابع أمر إباحة لأحتم
النوع الثاني والخمسون الأمر بالشئ يذكر تعقيب شئ ماض والمراد
منه بدايته فأطلق الأمر بلفظ التعقيب والقصد منه البداية لعدم ذلك التعقيب
إلا بتلك البداية
النوع الثالث والخمسون الأمر بفعل في أوقات معلومة من أجل سبب
معلوم فمتى صادف المرء ذلك السبب في أحد الأوقات المذكورة سقط عنه
ذلك في سائرها وإن كان ذلك أمر ندب وإرشاد
النوع الرابع والخمسون الأمر بفعل مقرون بصفة معين عليها يجوز
استعمال ذلك الفعل بغير تلك الصفة التي قرنت به
النوع الخامس والخمسون الأمر من أجل علل مضمرة في نفس
الخطاب لم تبين كيفيتها في ظواهر الأخبار
النوع السادس والخمسون الأمر بخمسة أشياء مقرونة في الذكر الأول
منها بلفظ العموم والمراد منه الخاص والثاني والثالث لكل واحد منهما
تخصيصان اثنان كل واحد منهما من سنة ثابتة والرابع قصد به بعض
المخاطبين في بعض الأحوال والخامس فرض على الكفاية إذا قام به
البعض سقط عن الآخرين فرضه
النوع السابع والخمسون الأمر بستة أشياء مقرونة في اللفظ الثلاثة
112

الأول فرض على المخاطبين في بعض الأحوال والثلاثة الأخر فرض على
المخاطبين في كل الأحوال
النوع الثامن والخمسون الأمر بسبعة أشياء مقرونة في الذكر الأول
والثاني منهما أمرا ندب وإرشاد والثالث والرابع أطلقا بلفظ العموم والمراد
منه البعض لا الكل والخامس والسابع أمرا حتم وإيجاب في الوقت دون
الوقت والسادس أمر باستعماله على العموم والمراد منه استعماله مع
المسلمين دون غيرهم
النوع التاسع والخمسون الأمر بفعل عند وجود شيئين معلومين والمراد
منه أحدهما لا كلاهما لعدم اجتماعهما معا في السبب الذي من أجله أمر
بذلك الفعل
النوع الستون الأمر بترك طاعة المرء بإتيانها من غير إرداف
ما يشبهها أو تقديم مثلها
النوع الحادي والستون المر بشيئين مقرونين في الذكر أحدهما
فرض لا يسع رفضه والثاني مراده التغليط والتشديد دون الحكم
النوع الثاني والستون لفظة أمر قرن بزجر عن ترك استعمال شئ قد قرن
إباحته بشرطين معلومين ثم قرن أحد الشرطين بشرط ثالث حتى لا يباح ذلك
الفعل إلا بهذه الشرائط المذكورة
النوع الثالث والستون الأمر بالشئ الذي مراده التحذير مما يتوقع في
المتعقب مما حظر عليه
النوع الرابع والستون الأمر بالشئ الذي مراده الزجر عن سبب ذلك
الشئ المأمور به
113

النوع الخامس والستون الأمر بالشئ الذي خرج مخرج الخصوص
والمراد من إيجابه على بعض المسلمين إذا كان فيهم الآلة التي من أجلها أمر
بذلك الفعل موجودة
النوع السادس والستون لفظة أمر بقول مرادها استعماله بالقلب دون
النطق باللسان
النوع السابع والستون الأوامر التي أمر باستعمالها قصدا منه للإرشاد
وطلب النصارى
النوع الثامن والستون الأمر بشئ يذكر بشرط معلوم زاد ذلك الشرط
أو نقص عن تحصيره كان الأمر حالته واجبا بعد أن يوجد من ذلك الشرط
ما كان من غير تحصير معلوم
النوع التاسع والستون الأمر بالشئ الذي أمر من أجل سبب تقدم
والمراد منه التأديب لئلا يرتكب المرء ذلك السبب الذي من أجله أمر بذلك
الأمر من غير عذر
النوع السبعون الأوامر التي وردت مرادها الإباحة والإطلاق دون
الحكم والإيجاب
النوع الحادي والسبعون الأوامر التي أبيحت من أجل أشياء محصورة
على شرط معلوم للسعة والترخيص
النوع الثاني والسبعون الأمر بالشئ عند حدوث سبب بإطلاق اسم
المقصود على سببه
النوع الثالث والسبعون الأوامر التي وردت مرادها التهديد والزجر
عن ضد الأمر الذي أمر به
النوع الرابع والسبعون الأمر بالشئ عند فعل ماض مراده جواز استعمال
ذلك الفعل المسؤول عنه مع إباحة استعماله مرة أخرى
114

النوع الخامس والسبعون الأمر باستعمال شئ قصد به الزجر استعمال
شئ ثان والمراد منهما معا علة مضمرة في نفس الخطاب لا أن استعمال
ذلك الفعل محرم وإن زجر عن ارتكابه
النوع السادس والسبعون الأمر بالشئ الذي مراده التعليم حيث جهل
المأمور به كيفية استعمال ذلك الفعل لا أنه أمر على سبيل الحتم والإيجاب
النوع السابع والسبعون الأمر الذي أمر به والمراد الوثيقة ليحتاط
المسلمون لدينهم عند الإشكال بعده
النوع الثامن والسبعون الأوامر التي أمرت مرادها التعليم
النوع التاسع والسبعون الأمر بالشئ الذي أمر به لعلة معلومة لم تذكر
في نفس الخطاب وقد دل الإجماع على نفي إمضاء حكمه على ظاهره
النوع الثمانون الأمر باستعمال شئ بإطلاق اسم على ذلك الشئ
والمراد منه ما تولد منه لا نفس ذلك الشئ
النوع الحادي والثمانون ألفاظ الأوامر التي أطلقت بالكنايات دون
التصريح
النوع الثاني والثمانون الأوامر التي أمر بها النساء في بعض الأحوال دون
الرجال
النوع الثالث والثمانون الأوامر التي وردت بألفاظ التعريض مرادها
الأوامر باستعمالها
النوع الرابع والثمانون لفظة أمر بشئ المسألة مراده استعماله على
سبيل العتاب لمرتكب ضده
115

النوع الخامس والثمانون الأمر بالشئ الذي قرن بذكر نفي الاسم عن
ذلك الشئ لنقصه عن دابة
النوع السادس والثمانون الأمر الذي قرن بذكر عدد معلوم من غير أن
يكون المراد من ذكر ذلك العدد نفيا عما وراءه
النوع السابع والثمانون الأمر بمجنبة شئ مراده الزجر عما تولد ذلك
الشئ منه
النوع الثامن والثمانون الأمر الذي ورد بلفظ الرد والإرجاع مرادة نفي
جواز استعمال الفعل دون إجازته وإمضائه
النوع التاسع والثمانون ألفاظ المدح للأشياء التي مرادها الأوامر بها
النوع التسعون الأوامر المعللة التي قرنت بشرائط يجوز القياس عليها
النوع الحادي والتسعون لفظ الإخبار عن نفي شئ إلا بذكر عدد
محصور مراده الأمر على سبيل الإيجاب قد استثنى بعض ذلك العدد
المحصور بصفة معلومة فأسقط عنه حكم ما دخل تحت ذلك العدد المعلوم الذي من أجله أمر بذلك الأمر
النوع الثاني والتسعون ألفاظ الإخبار للأشياء التي مرادها الأوامر بها
النوع الثالث والتسعون الإخبار عن الأشياء التي مرادها الأمر بالمداومة
عليها
النوع الرابع والتسعون الأوامر المضادة التي هي من اختلاف المباح
النوع الخامس والتسعون الأوامر التي أمرت لأسباب موجودة وعلل معلومة
116

النوع السادس والتسعون لفظة أمر بفعل مع استعمله ذلك الأمر
المأمور به ثم نسخها فعل ثان وأمر آخر
النوع السابع والتسعون الأمر الذي هو فرض خير المأمور به بين
أدائه وبين تركه مع الاقتداء ثم نسخ الاقتداء والتخيير جميعا وبقي الفرض
الباقي من غير تخيير
النوع الثامن والتسعون الأمر بالشئ الذي أمر به ثم حرم ذلك الفعل
على الرجال وبقي حكم النساء مباحا لهن استعماله
النوع التاسع والتسعون ألفاظ أوامر منسوخة نسخت بألفاظ أخرى من
ورود إباحة على حظر أو حظر على إباحة
النوع المئة الأمر الذي هو المستثنى من بعض ما أبيح بعد
حظره
النوع الحادي والمئة الأمر بالأشياء التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها
النوع الثاني والمئة ألفاظ أوامر أطلقت بألفاظ المجاورة من غير وجود
حقائقها
النوع الثالث والمئة الأوامر التي أمر قصدا لمخالفة المشركين وأهل
الكتاب
النوع الرابع والمئة الأمر بالأدعية التي يتقرب العبد بها إلى بارئه جل
وعلا
النوع الخامس والمئة الأمر بأشياء أطلقت بألفاظ إضمار القصد في نفس
الخطاب
117

النوع السادس والمئة الأمر الذي أمر لعلة معلومة فارتفعت العلة
وبقي الحكم على حالته فرضا إلى يوم القيامة
النوع السابع والمئة الأمر بالشئ على سبيل الندب عند سبب متقدم
ثم عطف بالزجر عن مثله مراده السبب المتقدم لا نفس ذلك الشئ المأمور
به
النوع الثامن والمئة الأمر بالشئ الذي قرن بشرط معلوم مراده الزجر
عن ضد ذلك الشرط الذي قرن بالأمر
النوع التاسع والمئة الأمر بالشئ الذي قصد به مخالفة أهل الكتاب قد
خير المأمور به بين أشياء ذوات عدد بلفظ مجمل ثم استثنى من تلك الأشياء
شئ فزجر عنه وثبتت الباقية على حالتها مباحا استعمالها
النوع العاشر والمئة الأمر بالشئ الذي مراده الإعلام بنفي جواز
استعمال ذلك الشئ لا الأمر به
118

القسم الثاني من أقسام السنن
وهو النواهي؟؟؟ رضي الله عنه وقد تتبعت النواهي عن
المصطفى صلى الله عليه وسلم وتدبرت جوامع فصولها وأنواع ورودها لأن مجراها في
تشعب الفصول مجرى الأوامر في الأصول فرأيتها تدور على مائة نوع وعشرة
يجري
النوع الأول الزجر عن الاتكال على الكتاب وترك الأوامر والنواهي عن
المصطفى صلى الله عليه وسلم
النوع الثاني ألفاظ إعلام الأشياء وكيفيتها مرادها الزجر عن ارتكابها
النوع الثالث الزجر عن أشياء زجر عنها المخاطبون في كل الأحوال
وجميع الأوقات حتى لا يسع أحدا منهم ارتكابها بحال
النوع الرابع الزجر عن أشياء زجر بعض المخاطبين عنها في بعض
الأحوال لا الكل
النوع الخامس الزجر عن أشياء زجر عنه الرجال دون النساء
النوع السادس الزجر عن أشياء زجر عنه النساء دون الرجال
119

النوع السابع الزجر عن أشياء زجر عنها بعض النساء في بعض الأحوال
لا الكل
النوع الثامن الزجر عن أشياء زجر عنها المخاطبون في أوقات معلومة
مذكورة في نفس الخطاب والمراد منها بعض الحوال في بعض الأوقات
المذكورة في ظاهر الخطاب
النوع التاسع الزجر عن الأشياء التي وردت بألفاظ مختصرة ذكر نقيضها في
أخبار أخر
النوع العاشر الزجر عن أشياء وردت بألفاظ مجملة تفسير تلك الجمل
في أخبار أخر
النوع الحادي عشر الزجر عن الشئ الذي ورد بلفظ العموم وبيان
تخصيصه في فعله
النوع الثاني عشر الزجر عن الشئ بلفظ العموم من أجل علة لم تذكر
في نفس الخطاب وقد ذكرت في خبر ثان فمتى كانت تلك العلة موجودة
كان استعماله مزجورا عنه ومتى عدمت تلك العلة موجودة كان استعماله مزجرا عنه ومتى عدمت تلك العلة جاز استعماله وقد يباح
هذا الشئ المزجر عنه في حالتين أخريين وإن كانت تلك العلة أيضا موجودة
والزجر قائم
النوع الثالث عشر الزجر عن الشئ بلفظ العموم الذي استثنى بعض
ذلك العموم فأبيح بشرائط معلومة في أخبار أخر
النوع الرابع عشر الزجر عن الشئ بلفظ العموم الذي أبيح ارتكابه في
وقتين معلومين أحدهما منصوص من خبر ثان والثاني مستنبط من سنة
أخرى
النوع الخامس عشر الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر الأول
120

والثاني قصد بهما الرجال دون النساء والثالث قصد به الرجال والنساء جميعا
من أجل علة مضمرة في نفس الخطاب قد بين كيفيتها في خبر ثان
النوع السادس عشر الزجر عن الشئ المخصوص في الذكر الذي قد
يشارك مثله فيه والمراد منه التأكيد
النوع السابع عشر الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر أحدها
قصد به الندب والإرشاد والثاني زجر عنه لعلة معلومة فمتى كانت تلك
العلة التي من أجلها زجر عن هذا الشئ موجودة كان الزجر واجبا ومتى
عدمت تلك العلة كان استعمال ذلك الشئ المزجور عنه مباحا والثالث زجر
عن فعل في وقت معلوم مراده ترك استعماله في ذلك الوقت وقبله وبعده
النوع الثامن عشر الزجر عن الشئ بلفظ التحريم الذي قصد به الرجال
دون النساء وقد يحل لهم استعمال هذا الشئ المزجور عنه في حالتين لعلتين
معلومتين
النوع التاسع عشر الزجر عن الأشياء التي وردت في أقوام بأعيانهم
يكون حكمهم وحكم غيرهم من المسلمين فيه سواء
النوع العشرون الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر المراد من
الشيئين الأولين الرجال دون النساء والشئ الثالث قصد به الرجال والنساء
جميعا في بعض الأحوال لا الكل
النوع الحادي والعشرون الزجر عن الشئ الذي رخص لبعض الناس
في استعماله لسبب متقدم ثم حظر ذلك بالكلية عليه وعلى غيره والعلة في
هذا الزجر القصد فيه مخالفة المشركين
النوع الثاني والعشرون الزجر عن الشئ الذي زجر عنه إنسان بعينه
والمراد منه بعض الناس في بعض الأحوال
121

النوع الثالث والعشرون الزجر عن الأشياء التي قصد بها الاحتياط
حتى يكون المرء لا يقع عند ارتكابها فيما حظر عليه
النوع الرابع والعشرون الزجر عن أشياء زجر عنها بلفظ العموم وقد
أضمر كيفية تلك الأشياء في نفس الخطاب
النوع الخامس والعشرون الزجر عن الشئ الذي مخرجه مخرج
الخصوص لقوام بأعيانهم عن شئ بعينه يقع الخطاب عليهم وعلى غيرهم
ممن بعدهم إذا كان السبب الذي من أجله نهي عن ذلك الفعل موجودا
النوع السادس والعشرون الزجر عن الشئ بلفظ العموم الذي زجر عنه
الرجال والنساء ثم استثنى منه بعض الرجال وأبيح لهم ذلك وبقي حكم
النساء وبعض الرجال على حالته
النوع السابع والعشرون الزجر عن أن يفعل بالمرء بعد الممات ما حرم
عليه قبل موته لعلة معلومة من أجلها حرم عليه ما حرم
النوع الثامن والعشرون الزجر عن الشئ الذي ورد بلفظ الإسماع لمن
ارتكبه قد أضمر فيه شرط معلوم لم يذكر في نفس الخطاب
النوع التاسع والعشرون الزجر عن الشئ الذي قصد به المخاطبون في
بعض الأحوال وأبيح للمصطفى صلى الله عليه وسلم استعمله لعلة معلومة ليست في أمته
النوع الثلاثون الزجر عن شيئين مقرونين في الذكر بلفظ العموم
أحدهما مستعمل على عمومه والثاني تخصيصه في فعله
النوع الحادي والثلاثون لفظ التغليط على من أتى بشيئين من الخبر في
122

وقتين معلومين قصد به أحد الشيئين المذكورين في الخطاب مما رقع
التغليط على مرتكبهما معا
النوع الثاني والثلاثون الإخبار عن نفي جواز شئ بشرط معلوم مراده
الزجر عن استعماله إلا عند وجود إحدى ثلاث خصال معلومة
النوع الثالث والثلاثون لفظة إخبار عن شئ مراده الزجر عن شئ ثان
قد سئل عنه فزجر عن الشئ الذي سئل عنه بلفظ الإخبار عن شئ آخر
النوع الرابع والثلاثون الزجر عن سبعة أشياء مقرونة في الذكر الأول
منها حتم على الرجال دون النساء والثاني والثالث قصد بهما الاحتياط
والتورع والرابع والخامس والسادس قصد بها بعض الرجال دون النساء
والسابع قصد به مخالفة المشركين على سبيل الحتم
النوع الخامس والثلاثون الزجر عن استعمال فعل من أجل علة مضمرة
في نفس الحطاب قد أبيح استعمال مثله بصفة أخرى عند عدم تلك العلة التي
هي مضمرة في نفس الخطاب
النوع السادس والثلاثون الزجر عن الشئ الذي هو منسوخ بفعله وترك
الإنكار على مرتكبه عند المشاهدة
النوع السابع والثلاثون الزجر عن الشئ عند حدوث سبب مراده متعقب
ذلك السبب
النوع الثامن والثلاثون الزجر عن الشئ الذي قرن به إباحة شئ ثان
والمراد به الزجر عن الجمع بينهما في شخص واحد لا انفراد كل واحد
منهما
123

النوع التاسع والثلاثون الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر الأول
والثاني بلفظ العموم قصد بهما المخاطبون في بعض الأحوال والثالث
بلفظ العموم ذكر تخصيصه في خبر ثان من أجل علة معلومة مذكورة
النوع الأربعون الزجر عن الشئ الذي هو البيان لمجمل الخطاب في
الكتاب ولبعض عموم السنن
النوع الحادي والأربعون الزجر عن الشئ عند عدم سبب معلوم فمتى
كان ذلك السبب موجودا كان الشئ المزجور عنه مباحا ومتى عدم ذلك
السبب كان الزجر واجبا
النوع الثاني والأربعون الزجر عن الشئ الذي قرن بشرط معلوم فمتى
كان ذلك الشرط موجودا كان الزجر حتما ومتى عدم ذلك الشرط جاز
استعمال ذلك الشئ
النوع الثالث والأربعون الزجر عن أشياء لأسباب موجودة وعلل معلومة
مذكورة في نفس الخطاب
النوع الرابع والأربعون الأمر باستعمال فعل مقرون بترك ضده مرادهما
الزجر عن شئ ثالث استعمل هذا الفعل من أجله
النوع الخامس والأربعون الزجر عن الشئ الذي نهي عن استعماله
بصفة ثم أبيح استعماله بعينة بصفة أخرى غير تلك الصفة التي من أجلها
نهي عنه إذا تقدمه مثله من الفعل
النوع السادس والأربعون الزجر عن أشياء معلومة بألفاظ الكنايات دون
التصريح
النوع السابع والأربعون الزجر عن استعمال شئ عند حدوث شيئين
معلومين أضمر كيفيتهما في نفس الخطاب والمراد منه إفرادهما واجتماعهما
معا
124

النوع الثامن والأربعون الزجر عن الشئ الذي هو منسوخ نسخة فعله
وإباحته جميعا
النوع التاسع والأربعون الزجر عن أشياء قصد بها الندب والإرشاد
لا الحتم والإيجاب
النوع الخمسون لفظة إباحة لشئ سئل عنه مراده الزجر عن استعمال
ذلك الشئ المسؤول عنه بلفظ الإباحة
النوع الحادي والخمسون الزجر عن الشئ الذي قصد به الزجر عما
يتولد من ذلك الشئ لا أن ذلك الشئ الذي زجر في ظاهر الخطاب عنه
منهي عنه إذا لم يكن ما يتولد منه موجودا
النوع الثاني والخمسون الزجر عن أشياء بإطلاق ألفاظ بواطنها بخلاف
الظواهر منها
النوع الثالث والخمسون الزجر عن فعل من أجل شئ يتوقع فما دام
يتوقع كون ذلك الشئ كان الزجر قائما عن استعمال ذلك الفعل ومتى عدم
ذلك الشئ جاز استعماله
النوع الرابع والخمسون الزجر عن الأشياء التي أطلقت بألفاظ التهديد
دون الحكم قصد الزجر عنها بلفظ الإخبار
النوع الخامس والخمسون ألفاظ تعبير لأشياء مرادها الزجر عن
استعمالها تورعا
النوع السادس والخمسون الإخبار عن الشئ الذي مراده الزجر عن
استعمال فعل من أجل سبب قد يتوقع كونه
النوع السابع والخمسون الزجر عن إتيان طاعة بلفظ العموم إذا كانت
منفردة حتى تقرن بأخرى مثلها قد يباح تارة أخرى استعمالها مفردة في حالة
غير تلك الحالة التي نهي عنها مفردة
125

النوع الثامن والخمسون الزجر عن الشئ الذي نهي عنه لعلة معلومة
فمتى كانت تلك العلة موجودة كان الزجر واجبا وقد يبيح هذا الزجر شرط
آخر وإن كانت العلة التي ذكرناها معلومة
النوع التاسع والخمسون الإعلام للشئ الذي مراده الزجر عن شئ ثان
النوع الستون الأمر الذي قرن بمجانبته مدة معلومة مراده
الزجر عن استعماله في الوقت المزجور عنه والوقت الذي أبيح فيه
النوع الحادي والستون الزجر عن الشئ بإطلاق نفي كون مرتكبه من
المسلمين والمراد منه ضد الظاهر في الخطاب
النوع الثاني والستون الزجر عن أشياء وردت بألفاظ التعريض دون
التصريح
النوع الثالث والستون تمثيل الشئ الذي أريد به الزجر عن
استعمال ذلك الشئ الذي يمثل من أجله
النوع الرابع والستون الزجر عن مجاورة شئ عند الجوزي مع النهي عن مفارقته عند ظهوره
النوع الخامس والستون لفظة إخبار عن فعل مرادها الزجر عن
استعماله قرن بذكر وعيد مراده نفي الاسم عن الشئ للنقص عن دابة
النوع السادس والستون الأمر بالشئ الذي سئل عنه بوصف مراده
الزجر عن استعمال ضده
النوع السابع والستون
الزجر عن الشئ بذكر عدد محصور من غير أن
يكون المراد من ذلك العدد نفيا عما وراءه أطلق هذا الزجر بلفظ الإخبار
126

النوع الثامن والستون لفظة إخبار عن فعل مرادها الزجر عن ضد ذلك
الفعل
النوع التاسع والستون لفظة استخبار عن فعل مرادها الزجر عن
استعمال ذلك الفعل المستخبر عنه
النوع السبعون لفظة استخبار عن شئ مرادها الزجر عن استعمال شئ
ثان
النوع الحادي والسبعون الزجر عن الشئ بذكر عدد محصور من غير أن
يكون المراد فيما دون دون ذلك العدد المحصور مباحا
النوع الثاني والسبعون الزجر عن استعمال شئ من أجل علة مضمرة
في نفس الخطاب فأوقع الزجر على العموم فيه من غير ذكر تلك العلة
النوع الثالث والسبعون فعل فع بأمته صلى الله عليه وسلم مراده الزجر عن استعماله
بعينه
النوع الرابع والسبعون الزجر عن الشئ الذي يكون مرتكبه مأجورا
حكمه في ارتكابه ذلك الشئ المزجور عنه حكم من ندب إليه وحث عليه
النوع الخامس والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عما نهي عنه من الأشياء التي غير
جائز ارتكابها
النوع السادس والسبعون الإخبار عن ذم أقوام بأعيانهم من أجل
أوصاف معلومة ارتكبوها مراده الزجر عن استعمال تلك الأوصاف بأعيانها
النوع السابع والسبعون لفظة إخبار عن شئ مرادها الزجر عن
استعماله لأقوام بأعيانهم عند وجود نعت معلوم فيهم قد أضمر كيفية ذلك
النعت في ظاهر الخطاب
النوع الثامن والسبعون لفظة إخبار عن شئ مرادها الزجر عن استعمال
بعض ذلك الشئ لا الكل
127

النوع التاسع والسبعون لفظة عن نفي فعل مرادها الزجر عن
استعماله لعلة معلومة
النوع الثمانون الإخبار عن نفي شئ عند كونه والمراد منه الزجر عن
بعض ذلك الشئ لا الكل
النوع الحادي والثمانون ألفاظ إخبار عن نفي أفعال مرادها الزجر عن
تلك الخصال بأعيانها
النوع الثاني والثمانون ألفاظ إخبار عن نفي أشياء مرادها الزجر عن
الركون إليها أو مباشرتها من حيث لا يجب
النوع الثالث والثمانون الإخبار عن الشئ بلفظ المجاورة مرادها
الزجر عن الخصال التي قرن بمرتكبها من أجلها ذلك الاسم
النوع الرابع والثمانون ألفاظ إخبار عن أشياء مرادها الزجر عنها بإطلاق
استحقاق العقوبة على تلك الأشياء والمراد منه مرتكبها لا نفسها
النوع الخامس والثمانون الإخبار عن استعمال شئ مراده الزجر عن
شئ ثان من أجله أخبر عن استعمال هذا الفعل
النوع السادس والثمانون ألفاظ الإخبار عن أشياء بتباين الألفاظ مرادها
الزجر عن استعمال تلك الأشياء بأعيانها
النوع السابع والثمانون ألفاظ التمثيل الأشياء بلفظ العموم الذي بيان
تخصيصها في أخبار أخر قصد بها الزجر عن
بعض ذلك العموم
النوع الثامن والثمانون لفظة إخبار عن شئ مرادها الزجر عن استعمال
بعض الناس لا الكل
128

النوع التاسع والثمانون ألفاظ الاستخبار عن أشياء مرادها الزجر عن
استعمال تلك الأشياء التي استخبر عنها قصد بها التعليم على سبيل العتب
النوع التسعون لفظة إخبار عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر بلفظ
العموم المراد من أحدها الزجر عنه لعلة مضمرة لم تذكر في نفس الخطاب
والثاني والثالث مزجور ارتكابهما في كل الأحوال على عموم الخطاب
النوع الحادي والتسعون الإخبار عن أشياء بألفاظ التحذير مرادها
الزجر عن الأشياء التي حذر عنها في نفس الخطاب
النوع الثاني والتسعون الإخبار عن نفي جواز أشياء معلومة مرادها الزجر
عن إتيان تلك الأشياء بتلك الأوصاف
النوع الثالث والتسعون الزجر عن الشئ الذي زجر عنه بعض
المخاطبين في بعض الأحوال وعارضه في الظاهر بعض فعله ووافقه البعض
النوع الرابع والتسعون الزجر عن الشئ بإطلاق الاسم الواحد على
الشيئين المختلفي المعنى فيكون أحدهما مأمورا به والآخر مزجورا عنه
النوع الخامس والتسعون الإخبار عن الشئ بلفظ نفي استعماله في
وقت معلوم مراده الزجر عن استعماله في كل الأوقات لا نفيه
النوع السادس والتسعون الزجر عن الشئ بلفظة قد استعمل مثله صلى الله عليه وسلم
قد أدي الخبران عنه بلفظة واحدة معناها غير شيئين
النوع السابع والتسعون الزجر عن استعمال شئ بصفة مطلقة يجوز
استعماله بتلك الصفة إذا قصد بالأداء غيرها
النوع الثامن والتسعون الزجر عن الشئ بصفة معلومة قد أبيح استعماله
بتلك الصفة المزجور عنها بعينها لعلة تحدث
النوع التاسع والتسعون الزجر عن الشئ الذي هو البيان لمجمل
الخطاب في الكتاب
129

النوع المئة الإخبار عن شيئين مقرونين في الذكر المراد من أحدهما
الزجر عن ضده والآخر أمر ندب وإرشاد
النوع الحادي والمئة الزجر عن الشئ اللذي كان مباحا في كل
الأحوال ثم زجر عنه بالنسخ في بعض الأحوال وبقي الباقي على حالته مباحا
في سائر الأحوال
النوع الثاني والمئة الزجر عن الشئ الذي كان مباحا في جميع
الأحوال ثم زجر عن قليله وكثيره في جميع الأوقات بالنسخ
النوع الثالث والمئة الإخبار عن الشئ الذي مراده الزجر عنه على سبيل
العموم وله تخصيص من خبر ثان
النوع الرابع والمئة الزجر عن الشئ الذي أباح له م ارتكابه ثم أباح
لهم استعماله بعد هذا الزجر مدة معلومة ثم نهى عنه بالتحريم فهو محرم إلى
يوم القيامة
النوع الخامس والمئة الزجر عن الشئ من أجل سبب معلوم ثم أبيح
ذلك الشئ
بالنسخ وبقي السبب على حالته محرما
النوع السادس والمئة الزجر عن الشئ الذي عرضه إباحة ذلك الشئ
بعينيه من غير أن يكون بينهما في الحقيقة تضاد ولا تهاتر
النوع السابع والمئة الأمر بالشئ الذي مراده الزجر عن ضد ذلك الشئ
المأمور به لعلة مضمرة في
نفس الخطاب
النوع الثامن والمئة الزجر عن الشياء التي قصد بها مخالفة المشركين
وأهل الكتاب
النوع التاسع والمئة ألفاظ الوعيد على أشياء مرادها الزجر عن ارتكاب
تلك الشياء بأعيانها
النوع العاشر والمئة الأشياء التي كان يكرهها رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب
مجانبتها وإن لم يكن في ظاهر الخطاب النهي عنها مطلقا
130

القسم الثالث من أقسام السنن
وهو إخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم عما احتيج إلى معرفتها
قال أبو حاتم رضي الله عنه وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عما احتيج إلى
معرفتها فقد تأملت جوامع فصولها وأنواع ورودها لأسهل إدراكها على من
رام حفظهما فرأيتها تدور على ثمانين نوعا
النوع الأول إخباره صلى الله عليه وسلم عن بدء الوحي وكيفيته
النوع الثاني إخباره عما فضل به على غيره من الأنبياء صلوات الله عليه
وعليهم
النوع الثالث الإخبار عما أكرمه الله وجل وعلا وأراه إياه وفضله به
على غيره
النوع الرابع إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي مضت متقدمة من فصول
الأنبياء بأسمائهم وأنسابهم
النوع الخامس إخباره صلى الله عليه وسلم عن فصول الأنبياء كانوا قبله من غير ذكر
أسمائهم
النوع السادس إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأمم السالفة
النوع السابع إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشياء التي أمر الله جل وعلا بها
131

النوع الثامن إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر
أسمائهم
النوع التاسع إخباره صلى الله عليه وسلم عن فضائل أقوام بلفظ الإجمال من غير ذكر
أسمائهم
النوع العاشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أراد بها تعليم أمته
النوع الحادي عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أراد بها تعليم بعض
أمته
النوع الثاني عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي هي البيان عن اللفظ العام
الذي في الكتاب وتخصيصه في سنته
النوع الثالث عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بلفظ الإعتاب أراد به
التعليم
النوع الرابع عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أثبتها بعض الصحابة
وأنكرها بعضهم
النوع الخامس عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشياء التي أراد بها التعليم
النوع السادس عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء المعجزة التي هي من
علامات النبوة
النوع السابع عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن نفي جواز استعمال فعل إلا عند
أوصاف ثلاثة فمتى كان أحد هذه الأوصاف الثلاثة موجودا كان استعمال ذلك
الفعل مباحا
النوع الثامن عشر إخباره عن الشئ بذكر علة في نفس الخطاب
132

قد يجوز التمثيل بتلك العلة ما دامت العلة قائمة والتشبيه بها في الأشياء وإن
لم يذكر في الخطاب
النوع التاسع عشر إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء بنفي دخول الجنة عن مرتكبها
بتخصيص مضمر في ظاهر الخطاب المطلق
النوع العشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء حكاها عن جبريل عليه السلام
النوع الحادي والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي حكاه عن
أصحابه
النوع الثاني والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي كان يتخوفها على أمته
النوع الثالث والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق اسم كلية ذلك
الشئ على بعض أجزائه
النوع الرابع والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن شئ مجمل قرن بشرط مضمر
في نفس الخطاب والمراد منه نفي جواز استعمال الأشياء التي لا وصول للمرء
إلى أدائها إلا بنفسه قاصدا فيها إلى بارئه جل وعلا دون ما تحتوي عليه
النفس من الشهوات واللذات
النوع الخامس والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق اسم ما يتوقع
في نهايته على بدايته قبل بلوغ النهاية فيه
النوع السادس والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق اسم المستحق
لمن أتى ببعض ذلك الشئ الذي هو البداية كمن أتاه مع غيره إلى النهاية
النوع السابع والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق الاسم عليه
والغرض منه الابتداء في السرعة إلى الإجابة مع إطلاق اسم ضده مع غيره
للتثبط والتلكؤ عن الإجابة
133

النوع الثامن والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي تمثل بها مثلا
النوع التاسع والعشرون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بلفظ الإجمال الذي
تفسير ذلك الإجمال بالتخصيص في أخبار ثلاثة غيره
النوع الثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عما استأثر الله عز وعلا بعلمه دون خلقه
ولم يطلع عليه أحدا من البشر
النوع الحادي والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن نفي شئ بعدد محصور من
غير أن يكون المراد أن ما وراء ذلك العدد يكون مباحا والقصد فيه جواب خرج
على سؤال بعين
النوع الثاني والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي حصرها بعدد معلوم
من غير أن يكون المراد من ذلك العدد نفيا عما وراءه
النوع الثالث والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أراد أن يفعلها
فلم يفعلها لعلة معلومة
النوع الخامس والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي عارضه
الأخبار من غير أن يكون بينهما تضاد لا تهاتر
النوع السادس والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي ظاهره مستقل
بنفسه وله تخصيصان اثنان أحدثهما من سنة ثابتة والآخر من الإجماع
قد يستعمل الخبر مرة على عمومه وأخرى يخص
بخبر ثان وتارة يخص بالإجماع
النوع السابع والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بالإيماء المفهوم دون
النطق باللسان
134

النوع الثامن والثلاثون إخباره صلى الله عليه وسلم عن لشئ بإطلاق الاسم الواحد على
الشيئين المختلفين عند المقارنة بينهما
النوع التاسع والثلاثون إخباره عن الشئ بلفظ الإجمال الذي تفسير
ذلك الإجمال في أخبار أخر
النوع الأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ من أجل علة مضمرة لم تذكر في
نفس الخطاب فمتى ارتفعت العلة التي هي مضمرة في الخطاب جاز
استعمال ذلك الشئ
ومتى عدمت بطل جواز ذلك الشئ
النوع الحادي والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء بألفاظ مضمرة بيان ذلك
الإضمار في أخبار أخر
النوع الثاني والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء بإضمار كيفية حقائقها
دون ظواهر نصوصها
النوع الثالث والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الحكم للأشياء التي تحدث في
أمته قبل حدوثها
النوع الرابع والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق إثباته وكونه
باللفظ العام والمراد منه كونه في بعض الأحوال لا الكل
النوع الخامس والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بلفظ التشبيه مراده
الزجر عن ذلك الشئ لعلة معلومة
النوع السادس والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بذكر وصف مصرح
معلل يدخل تحت هذا الخطاب ما أشبهه إذا كانت العلة
بالتي من أجلها أمر
به موجودة
النوع السابع والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق اسم الزوج على
الواحد من الأشياء إذا قرن بمثله وإن لم يكن في الحقيقة كذلك
135

النوع الثامن والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي قصد بها مخالفة
المشركين وأهل الكتاب
النوع التاسع والأربعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أطلق الأسماء عليها
لقربها من التمام
النوع الخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء بإطلاق نفي الأسماء عنها للنقص
عن دابة لنوع الحادي والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن أشياء بإطلاق التغليظ على
مرتكبها مرادها التأديب دون الحكم
النوع الثاني والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أطلقها على سبيل
المجاورة والقرب
النوع الثالث والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي ابتدأهم بالسؤال
عنها ثم أخبرهم بكيفيتها
النوع الرابع والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق استحقاق ذلك
الشئ الوعد والوعيد والمراد منه مرتكبه لا نفس ذلك الشئ
النوع الخامس والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بإطلاق اسم العصيان
على الفاعل فعلا بلفظ العموم وله تخصيصان اثنان من خبرين آخرين
النوع السادس والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي لم يحفظ بعض
الصحابة تمام ذلك الخبر عنه وحفظه البعض
النوع السابع والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي أراد به التعليم
قد بقي المسلمون عليه مدة ثم نسخ بشرط ثان
136

النوع الثامن والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أريها في منامه ثم
نسي إبقاء أمته
النوع التاسع والخمسون إخباره صلى الله عليه وسلم عما عاتب الله جل وعلا أمته على
أفعال فعلوها
النوع الستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الاهتمام لأشياء أراد فعلها ثم تركها إبقاء
على أمته
النوع الحادي والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ بصفة معلومة مرادها
إباحة استعماله ثم زجر عن إتيان مثله بعينه إذا كان بصفة أخرى
النوع الثاني والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أطلقها بألفاظ الحذف
عنها مما عليه معولها
النوع الثالث والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الشئ الذي مراده إباحة الحكم
على مثل ما أخبر عنه لاستحسانه ذلك الشئ الذي أخبر عنه
النوع الرابع والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أنزل الله من أجلها
آيات معلومة
النوع الخامس والستون إخباره صلى الله عليه وسلم بالأجوبة عن أشياء سئل عنها
النوع السادس والستون إخباره صلى الله عليه وسلم في البداية عن كيفية أشياء احتاج
المسلمون إلى معرفتها
النوع السابع والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن صفات الله جل وعلا التي
لا يقع عليها التكييف
النوع الثامن والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا في أشياء معين
عليها
137

النوع التاسع والستون إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن
والحوادث
النوع السبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الموت وأحوال الناس عند نزول المنية
بهم
النوع الحادي والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن القبور وكيفية أحوال الناس
فيها
النوع الثاني والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن البعث وأحوال الناس في ذلك
اليوم
النوع الثالث والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الصراط وتباين الناس في الجواز
عليه
النوع الرابع والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن محاسبة الله جل وعلا عباده
ومناقشته إياهم
النوع الخامس والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الحوض والشفاعة ومن له
منهما حظ من أمته
النوع السادس والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة
وحجب غيرهم عنها
النوع السابع والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكرمه الله جل وعلا في القيامة
بأنواع الكرامات التي فضله بها على غيره من الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم
أجمعين
النوع الثامن والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الجنة ونعيمها واقتسام الناس
المنازل فيها على حسب أعمالهم
138

النوع التاسع والسبعون إخباره صلى الله عليه وسلم عن النار وأحوال الناس فيها نعوذ
بالله منها
النوع الثمانون إخباره صلى الله عليه وسلم عن الموحدين الذين استوجبوا النيران
وتفضله عليهم بدخول الجنة بعد ما امتحشوا وصاروا فحما
139

القسم الرابع من أقسام السنن
وهو الإباحات التي أبيح ارتكابها
حاتم رضي الله عنه وقد فليخبر الإباحات التي أبيح ارتكابها
ليحيط العلم بكيفية أنواعها وجوامع تفصيلها بأحوالها ويسهل وعيها على
المتعلمين ولا يصعب حفظها على المقتبسين فرأيتها تدور على خمسين
نوعا
النوع الأول منها الأشياء التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤدي إلى إباحة
استعمال مثلها
النوع الثاني الشئ الذي فعله صلى الله عليه وسلم عند عدم سبب مباح استعمال مثله
عند عدم ذلك السبب
النوع الثالث الأشياء التي سئل عنها صلى الله عليه وسلم فأباحها بشرط مقرون
النوع الرابع الشئ الذي اباحه الله جل وعلا بصفة وأباحه
رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة أخرى غير تلك الصفة
النوع الخامس ألفاظ تعريض مرادها إباحة استعمال الأشياء التي عرض
من أجلها
النوع السادس ألفاظ الأوامر التي مرادها الإباحة والإطلاق
النوع السابع إباحة بعض الشئ المزجور عنه لعلة معلومة
140

النوع الثامن إباحة تأخير بعض الشئ المأمور به لعلة معلومة
النوع التاسع إباحة استعمال الشئ المزجور عنه الرجال دون النساء
لعلة معلومة
النوع العاشر إباحة الشئ لأقوام بأعيانهم من أجل علة معلومة
لا يجوز لغيرهم استعمال مثله
النوع الحادي عشر الأشياء التي فعلها صلى الله عليه وسلم مباح للأئمة استعمال مثلها
النوع الثاني عشر الشئ الذي أبيح لبعض النساء استعماله في بعض
الأحوال وحظر ذلك على سائر النساء والرجال جميعا
النوع الثالث عشر لفظة زجر عن فعل مرادها إباحة استعمال ضد
الفعل المزجور عنه
النوع الرابع عشر الإباحات التي أبيح استعمالها وتركها معا خير المرء
بين إتيانها واجتنابها جميعا
النوع الخامس عشر إباحة تخيير المرء بين الشئ الذي يباح له استعماله
بعد شرائط تقدمته
النوع السادس عشر الإخبار عن الأشياء التي مرادها الإباحة والإطلاق
النوع السابع عشر الأشياء التي ناسخة لأشياء حظرت قبل ذلك
النوع الثامن عشر الشئ الذي نهي عنه لصفة معلومة ثم أبيح استعمال
ذلك الفعل بعينه تلك الصفة
النوع التاسع عشر ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفعال التي تؤدي إلى إباحة تركها
النوع العشرون إباحة الشئ الذي هو محظور قليلة وكثيرة وقد أبيح
استعماله بعينه في بعض الأحوال إذا قصد مرتكبه فيه بنيته الخير دون الشر
وإن ذلك الشئ محظورا في كل الأحوال
141

النوع الحادي والعشرون الشئ الذي هو مباح لهذه الأمة وهو محرم
على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
النوع الثاني والعشرون الأفعال التي تؤدي إلى إباحة استعمال مثلها
النوع الثالث والعشرون ألفاظ إعلام مرادها الإباحة لأشياء سئل عنها
النوع الرابع والعشرون الشئ المفروض الذي أبيح تركه لقوم من أجل
العذر الواقع في الحال
النوع الخامس والعشرون إباحة الشئ الذي أبيح بلفظ السؤال عن
شئ ثان
النوع السادس والعشرون الأمر بالشئ الذي مراده إباحة فعل متقدم
من أجله أمر بهذا الأمر
النوع السابع والعشرون الإخبار عن أشياء أنزل الله جل وعلا في الكتاب
إباحتها
النوع الثامن والعشرون الإخبار عن أشياء سئل عنها فأجاب فيها
بأجوبة مرادها إباحة استعمال تلك الأشياء المسؤول عنها
النوع التاسع والعشرون إباحة الشئ الذي حظر من أجل علة معلومة
يلزم في استعماله إحدى ثلاث خصال معلومة
النوع الثلاثون الشئ الذي سئل عن استعماله فأباح تركه بلفظه
تعريض
النوع الحادي والثلاثون إباحة فعل عند وجو شرط معلوم مع
حظره عند شرط ثان قد حظر مرة أخرى عند الشرط الأول الذي أبيح ذلك عند الجوزي
142

فأبيح مرة أخرى عند وجود الشرط الذي حظر من أجله المرة الأولى
النوع الثاني والثلاثون الشئ الذي كان مباحا في أول الإسلام ثم
نسخ بعد ذلك بحكم ثان
النوع الثالث والثلاثون ألفاظ استخبار عن أشياء مرادها إباحة
استعمالها
النوع الرابع والثلاثون الأمر بالشئ الذي هو مقرون بشرط مراده
الإباحة فمتى كان ذلك الشرط موجودا كان الأمر الذي أمر به مباحا ومتى
عدم ذلك الشرط لم يكن استعمال ذلك الشئ مباحا
النوع الخامس والثلاثون الشئ الذي فعله صلى الله عليه وسلم مرادها الإباحة عند عدم
ظهور شئ معلوم لم يجز استعمال مثله عند ظهوره كما جاز ذلك عند عدم
الظهور
النوع السادس والثلاثون ألفاظ إعلام عند أشياء سئل عنه مرادها
إباحة استعمال تلك الأشياء المسؤول عنها
النوع السابع والثلاثون إباحة الشئ بإطلاق اسم الواحد على الشيئين
المختلفين إذا قرن بينهما في الذكر
النوع الثامن والثلاثون استصوابه صلى الله عليه وسلم الأشياء التي سئل عنها واستحسانه
إياها يؤدي ذلك إلى إباحة استعمالها
النوع التاسع والثلاثون إباحة الشئ بلفظ العموم وتخصيصه في أخبار
أخر
النوع الأربعون الأمر بالشئ الذي أبيح استعماله على سبيل العموم
لعلة معلومة قد يجوز استعمال ذلك الفعل عند عدم تلك العلة التي من أجلها
أبيح ما أبيح
النوع الحادي والأربعون إباحة بعض الشئ الذي حظر على بعض
143

المخاطبين عند عدم سبب معلوم فمتى كان ذلك السبب موجودا كان الزجر
عن استعماله واجبا ومتى عدم ذلك السبب كان استعمال ذلك الفعل مباحا
النوع الثاني والأربعون الأشياء التي أبيحت من أشياء محظورة رخص
إتيانها أو شئ منها على شرائط معلومة للسعة والترخيص
النوع الثالث والأربعون الإباحة للشئ الذي أبيح استعماله لبعض
النساء دون الرجال لعلة معلومة
النوع الرابع والأربعون الأمر بالشئ الذي كان محظورا على بعض
المخاطبين ثم أبيح استعماله لهم
النوع الخامس والأربعون إباحة أداء الشئ على غير النعت الذي أمر
به قبل ذلك لعلة تحدث
النوع السادس والأربعون إباحة الشئ المحظور بلفظ العموم عند
سبب يحدث
النوع السابع والأربعون إباحة تقديم الشئ المحصور وقته قبل مجيئه
أو تأخيره عن وقته لعلة تحدث
النوع السادس والأربعون إباحة الشئ المحصور وقته قبل مجيئه أو تأخيره عن
وقته تحدث
النوع الثامن والأربعون إباحة ترك الشئ المأمور به عند القيام بأشياء
مفروضة غير ذلك الشئ الواحد المأمور به
النوع التاسع والأربعون لفظة زجر عن شئ مرادها تعقيب إباحة شئ
ثان بعده
النوع الخمسون الأشياء التي شاهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعلت في
حياته فلم فقلنا على فاعليها تلك مباح للمسلمين استعمال مثلها
144

القسم الخامس من أقسام السنن
وهو أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بها
حاتم رضي الله عنه وأما أفعال النبي صلى الله عليه وسلم فإني تأملت تفصيل
أنواعها وتدبرت تقسيم أحوالها لئلا يتعذر على الفقهاء حفظها ولا يصعب
على الحفاظ وعيها فرأيتها على خمسين نوعا
النوع الأول الفعل الذي فرض عليه صلى الله عليه وسلم مدة ثم جعل له ذلك نفلا
النوع الثاني الأفعال التي فرضت عليه وعلى أمته صلى الله عليه وسلم
النوع الثالث الأفعال التي فعلها صلى الله عليه وسلم يستحب للأئمة الاقتداء به فيها
النوع الرابع أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم يستحب لأمته الاقتداء به فيها
النوع الخامس أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم فعاتبه جل وعلا عليها
النوع السادس فعل فعله صلى الله عليه وسلم لم تقم الدلالة على أنه خص باستعماله
دون أمته مباح لهم استعمال مثل ذلك الفعل لعدم وجود تخصيصه فيه
النوع السابع فعل فعله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة للتعليم ثم لم يعد فيه إلى أن
قبض صلى الله عليه وسلم
النوع الثامن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي أراد بها تعليم أمته
النوع التاسع أفعاله صلى الله عليه وسلم التي فعلها لأسباب موجودة وعلل معلومة
145

النوع العاشر أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم تؤدي إلى إباحة استعمال مثلها
النوع الحادي عشر الأفعال التي اختلفت الصحابة في كيفيتها وتباينوا
عنه في تفصيلها
النوع الثاني عشر الأدعية التي كان يدعو بها صلى الله عليه وسلم بها يستحب لأمته الاقتداء
به فيها
النوع الثالث عشر أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم قصد بها مخالفة المشركين وأهل
الكتاب
النوع الرابع عشر الفعل الذي فعله صلى الله عليه وسلم ولا يعلم لذلك الفعل إلا علتان
اثنتان كان مراده إحداهما دون الأخرى
النوع الخامس عشر نفي الصحابة بعض أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي أثبتها
بعضهم
النوع السادس عشر فعل فعله صلى الله عليه وسلم لحدوث سبب فلما زال السبب
ترك ذلك الفعل
النوع السابع عشر أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل فلما انقطع الوحي
بطل جواز استعمال مثلها
النوع الثامن عشر أفعله صلى الله عليه وسلم تفسر عن أوامره المجملة
النوع التاسع عشر فعل فعله صلى الله عليه وسلم مدة ثم حرم بالنسخ عليه وعلى أمته
ذلك الفعل
النوع العشرون فعله صلى الله عليه وسلم الشئ الذي ينسخ الأمر الذي أمر به مع
إباحته ترك الشئ المأمور به
النوع الحادي والعشرون فعله صلى الله عليه وسلم الشئ الذي نهى عنه مع إباحته
ذلك الفعل المنهي عنه في خبر آخر
146

النوع الثاني والعشرون فعله صلى الله عليه وسلم الشئ نهى عنه مع تركه الإنكار
على مرتكبه
النوع الثالث والعشرون الأفعال التي خص بها صلى الله عليه وسلم دون أمته
النوع الرابع والعشرون تركه صلى الله عليه وسلم الفعل الذي نسخه استعماله ذلك الفعل
نفسه لعلة معلومة
النوع الخامس والعشرون الأفعال التي تخالف الأوامر التي أمر بها في
الظاهر
النوع السادس والعشرون الأفعال التي تخالف النواهي في الظاهر
دون أن يكون في الحقيقة بينهما خلاف
النوع السابع والعشرون الأفعال التي فعلها صلى الله عليه وسلم أراد بها الاستنان به
فيها
النوع الثامن والعشرون تركه صلى الله عليه وسلم الأفعال التي أراد بها تأديب أمته
النوع التاسع والعشرون تركه صلى الله عليه وسلم الأفعال مخافة أن تفرض على أمته
أو يشق عليهم إتيانها
النوع الثلاثون تركه صلى الله عليه وسلم الأفعال التي أراد بها التعليم
النوع الحادي والثلاثون تركه صلى الله عليه وسلم الأفعال التي يضادها استعماله مثلها
النوع الثاني والثلاثون تركه صلى الله عليه وسلم الأفعال التي أخذت على الزجر عن
ضدها
147

النوع الثالث والثلاثون الأفعال المعجزة التي كان يفعلها صلى الله عليه وسلم أو فعلت
بعده التي هي من دلائل النبوة
النوع الرابع والثلاثون الأفعال التي فيها تضاد وتهاتر في الظاهر وهي
من اختلاف المباح من غير أن يكون بينهما تضاد أو تهاتر
النوع الخامس والثلاثون الفعل الذي فعله صلى الله عليه وسلم لعلة معلومة فارتفعت
العلة المعلومة وبقي ذلك الفعل فرضا على أمته إلى يوم القيامة
النوع السادس والثلاثون قضاياه صلى الله عليه وسلم التي قضى بها في أشياء رفعت إليه
من أمور المسلمين
النوع السابع والثلاثون كتبته صلى الله عليه وسلم الكتب إلى المواضع بما فيها من
الأحكام والأوامر وهي ضرب من الأفعال
النوع الثامن والثلاثون فعل فعله صلى الله عليه وسلم بأمته يجب على الأئمة الاقتداء به
فيه إذا كانت العلة التي هس من أجلها فعل صلى الله عليه وسلم موجودة
النوع التاسع والثلاثون أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم لم تذكر كيفيتها في نفس
الخطاب لا يجوز استعمال مثلها إلا بتلك الكيفية التي هي مضمرة في نفس
الخطاب
النوع الأربعون أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم أراد بها المعاقبة على أفعال مضت
متقدمة
النوع الحادي والأربعون فعل فعله صلى الله عليه وسلم من أجل علة موجودة خفي على
أكثر الناس كيفية تلك العلة
النوع الثاني والأربعون الأشياء التي سئل عنها صلى الله عليه وسلم فأجاب عنها
بالأفعال
148

النوع الثالث والأربعون الأفعال التي رويت عنه مجملة تفسير تلك
الجمل في أحبار أخر
النوع الرابع والأربعون الأفعال التي رويت عنه مختصرة ذكر تقصيها
في أخبار أخر
النوع الخامس والأربعون أفعاله صلى الله عليه وسلم في إظهاره الإسلام وتبليغ الرسالة
النوع السادس والأربعون هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكيفية أحواله فيها
النوع السابع والأربعون أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم شمائله في أيامه
ولياليه
النوع الثامن والأربعون علة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قبض بها وكيفية
أحواله في تلك العلة
النوع التاسع والأربعون وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكفينه ودفنه
النوع الخمسون وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنه قال أبو حاتم رضي الله عنه فجميع يجري السنن أربع مائة نوع على
حسب ما ذكرناها ولو أردنا نزيد على هذه الأنواع التي نوعناها للسنن أنواعا
كثيرة لفعلنا وأنما اقتصرنا على هذه الأنواع دون ما وراءها وإن تهيأ ذلك
لو تكلفنا لن قصدنا في تنويع السنن الكشف عن شيئين
أحدهما حبر تنازع الأئمة فيه وفي تأويله والآخر عموم خطاب صعب
على أكثر الناس الوقوف على معناه وأشكل عليهم بغية القصد منه فقصدنا
إلى تقسيم السنن وأنواعها لنكشف عن هذه الأخبار التي وصفناها على حسب
ما يسهل الله جل وعلا ويوفق القول فيه فيما بعد إن شاء الله
وإنما بدأنا بتراجم يجري السنن في أول الكتاب قصد التسهيل منا على
149

من رام الوقوف على كل حديث من كل نوع منها ولئلا يصعب حفظ كل فصل
من كل قسم عند البغية ولأن قصدنا في نظم السنن حذو تأليف القرآن
لأن القرآن ألف أجزاء فجعلنا السنن أقساما بإزاء أجزاء القرآن
ولما كانت الأجزاء من القرآن كل جزء منها يشتمل على سور جعلنا
كل قسم من أقسام السنن يشتمل على يجري فأنواع السنن بإزاء سور القرآن
ولما كان كل سورة من القرآن تشتمل على آي جعلنا كل نوع من يجري السنن
يشتمل على أحاديث والأحاديث من السنن بإزاء الآي من القرآن
فإذا وقف المرء على تفصيل ما ذكرنا وقصد الحفظ لها سهل عليه
ما يريد من ذلك كما يصعب عليه الوقوف على كل حديث منها إذا لم يقصد
قصد الحفظ له ألا ترى أن المرء إذا كان عنده مصحف وهو غير حافظ لكتاب
150

الله جل وعلا فإذا أحب أن يعلم آية من القرآن في أي موضع هي صعب
عليه ذلك فإذا حفظه صارت الآي كلها نصب عينيه
وإذا كان عنده هذا الكتاب وهو لا يحفظه ولا يتدبر تقاسيمه وأنواعه
وأحب إخراج حديث منه صعب عليه ذلك فإذا رام حفظه أحاط علمه
بالكل حتى لا ينخرم منه حديث أصلا وهذا هو الحيلة التي احتلنا ليحفظ
الناس السنن ولئلا يعرجوا على الكتبة والجمع إلا عند الحاجة دون الحفظ له أو العلم به
وأما شرطنا في نقله ما أودعناه كتابنا هذا من السنن فإنا لم نحتج فيه
إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء الأول العدالة في الدين بالستر الجميل
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه
والثالث العقل بما يحدث من الحديث
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي
والخامس المتعرى خبره عن التدليس فكل من اجتمع فيه هذه
الخصال الخمس احتججنا بحديثه وبينا الكتاب على روايته وكل من تعزى
عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به
والعدالة في الإنسان هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله لأنا متى
ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال أدانا ذلك إلى أن ليس
في الدنيا عدل إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها بل
العدل من كان ظاهرا أحوله طاعة الله والذي يخالف العدل من كان
أكثر أحواله معصية الله
151

وقد يكون العدل الذي يشهد له جيرانه وعدو بلده به وهو غير صادق فيما
يروي من الحديث لن هذا شئ ليس يعرفه إلا من صناعته الحديث وليس
كل معدل يعرف صناعة الحديث حتى يعدل العدل على الحقيقة في الرواية
والدين معا
والعقل بما يحدث من الحديث هو أن يعقل من اللغة بمقدار ما لا يزيل
معاني الأخبار عن سننها ويعقل من صناعة الحديث ما لا سند موقوفا أو يرفع
مرسلا أو يصحف اسما
والعلم بما يحيل من معاني ما يروي هو أن يعلم من الفقه بمقدار ما إذا
أدى خبرا أو رواه من حفظه أو اختصره لم يحله عن معناه الذي أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معنى آخر
والمتعري خبره عن التدليس هو أن كون الخبر عن مثل من وصفنا نعته
بهذه الخصال الخمس فيرويه عن مثله سماعا حتى ينتهي ذلك إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم
ولعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ من إسبيجاب إلى الإسكندرية
ولو نرو في كتابنا هذا إلا عن مائة وخمسين شيخا أقل أو أكثر ولعل معول كتابنا
هذا يكون على نحو من عشرين شيخا ممن أردنا السنن عليهم واقتنعنا
برواياتهم عن رواية غيرهم على الشرائط التي وصفناها وربما أروي في هذا
الكتاب واحتج بمشايخ قد قدح فيهم بعض أئمتنا مثل سماك بن حرب
وداود بن أبي هند ومحمد بن إسحاق بن يسار وحماد بن سلمة
152

وأبي بكر بن عياش وأضرابهم ممن تنكب عن رواياتهم بعض أئمتنا واحتج
بهم البعض فمن صح عندي منهم بالبراهين الواضحة وصحة الاعتبار
على سبيل الدين أنه ثقة احتججت به ولم أعرج على قول من قدح فيه ومن
صح عندي بالدلائل النيرة والاعتبار الواضح على سبيل الدين أنه غير عدل
لم أحتج به وإن وثقة بعض أئمتنا
وإني سأمثل واحدا منهم وأتكلم عليه ليستدرك به المرء من هو مثله
كأنا جئنا إلى حماد بن سلمة فمثلناه وقلنا لمن ذب عمن ترك حديثه
لم استحق حماد بن سلمة ترك حديثه وكان رحمه الله ممن رحل
وكتب وجمع وصنف وحفظ وذاكر ولزم الدين والورع الخفي والعبادة
الدائمة والصلابة في السنة والطبق على أهل البدع ولم يشك عوام البصرة
؟؟؟؟؟؟ يعد من البدلاء غيره فمن اجتمع فيه هذه الخصال لم استحق مجانية روايته
فإن قال لمخالفته الأقران فيما روى في الأحايين يقال له وهل في الدنيا
محدث ثقة لم يخالف الأقران في بعض ما روى فإن استحق لإنسان مجانبة
جميع ما روى بمخالفته الأقران في بعض ما يروي لاستحق كل محدث
من الأئمة المرضيين أن يترك حديثه لمخالفتهم أقرانهم في بعض ما رووا
فإن قال كان حماد يخطئ يقال له وفي الدنيا أحد بعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعرى عن الخطأ ولو جاز ترك حديث
الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المحدثين لأنهم لم الريح بمعصومين
فإن قال حماد قد كثر خطؤه له إن الكثرة اسم يشتمل على معان
153

شتى ولا يستحق الإنسان ترك روايته حتى بكون منه من الخطأ ما يغلب صوابه
فإذا فحش ذلك منه وغلب على صوابه استحق مجانية روايته وأما من كثر
خطؤه ولم يغلب على صوابه فهو مقبول الرواية فيما لم يخطئ فيه
واستحق مجانية ما أخطأ فيه فقط مثل شريك وهشيم وأبي بكر بن عياش
وأضرابهم كانوا يخطئون فيكثرون فروى عنهم واحتج بهم في كتابه
وحماد واحد من هؤلاء
فإن قال كان حماد يدلس يقال له فإن قتادة وأبا إسحاق السبيعي
وعبد الملك بن عمير وابن جريج والأعمش والثوري وهشيما كانوا
يدلسون واحتججت بروايتهم فإن
أوجب تدليس هؤلاء الأئمة ترك حديثهم
فإن قال يروي عن جماعة حديثا واحدا بلفظ واحد من غير أن يميز بين
ألفاظهم يقال له كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون يؤدون الأخبار على
المعاني بألفاظ متباينة وكذلك كان حماد يفعل كان يسمع الحديث عن
أيوب وهشام وابن عون ويونس وخالد وقتادة عن بن سيرين فيتحرى المعنى
ويجمع في اللفظ فإن أوجب ذلك منه ترك حديثه أوجب ذلك ترك
حديث سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وأمثالهم من التابعين لأنهم كانوا
يفعلون ذلك بل الإنصاف في النقلة الأخبار استعمال الاعتبار فيما رووا
154

وإني أمثل للاعتبار مثالا يستدرك به ما وراءه وكأنا جئنا إلى حماد بن
سلمة فرأيناه روى خبرا عن أيوب عن بن سيرين عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم لم نجد ذلك الخبر عند غيره من أصحاب أيوب فالذي يلزمنا فيه
التوقف عن جرحه والاعتبار بما روى غيره من أقرانه فيجب أن نبدأ فننظر
هذا الخبر هل رواه أصحاب حماد عنه أو رجل واحد منهم وحدة فإن وجد
أصحابه قد رووه علم أن هذا قد حدث به حماد وإن وجد ذلك من رواية
ضعيف عنه ألزق ذلك بذلك الراوي دونه فمتى صح أنه روى عن أيوب
ما لم يتابع عليه يجب أن يتوقف فيه ولا يلزق به الوهن ينظر هل روى
أحد هذا الخبر من الثقات عن بن سيرين غير أيوب فإن وجد ذلك علم أن
الخبر له أصل يرجع إليه وإن لم يوجد ما وصفنا نظر حينئذ هل روى أحد
هذا الخبر عن أبي هريرة غير بن سيرين من الثقات فإن وجد ذلك علم أن
الخبر له أصل وإن يوجد ما قلنا نظر هل روى أحد هذا الخبر عن
النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة فإن وجد ذلك صح أن الخبر له أصل ومتى عدم
ذلك والخبر نفسه يخالف الأصول الثلاثة علم أن الخبر موضوع لا شك فيه
وأن ناقله الذي تفرد به هو الذي وضعه
هذا حكم الاعتبار بين النقلة في الروايات وقد اعتبرنا حديث شيخ
شيح على ما وصفنا من الاعتبار على سبيل الدين فمن صح عندنا منهم أنه
عدل احتججنا به وقبلنا ما رواه وأدخلناه في كتابنا هذا ومن صح عندنا أنه
غير عدل بالاعتبار الذي وصفناه لم نحتج به وأدخلناه في كتاب
المجروحين من المحدثين بأحد أسباب الجرح لن الجرح في
المجروحين على عشرين نوعا ذكرناها بفصولها في أول كتاب المجروحين
بما أرجو الغنية فيها للمتأمل إذا تأملها فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا
الكتاب
155

فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد لأنه ليس يوجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر
من رواية عدلين روى أحدهما عن عدلين وكل واحد منهما عن عدلين حتى
ينتهي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استحال هذا وبطل ثبت أن الأخبار كلها
أخبار الآحاد وأن من تنكب عن قبول إخبار الآحاد فقد عمد إلى ترك السنن
كلها لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد
156

وأما قبول الرفع في الأخبار فإنا نقبل ذلك عن كل شيخ اجتمع فيه
الخصال الخمس التي ذكرتها فإن أرسل عدل خبرا وأسنده عدل آخر قبلنا
خبر من أسند لأنه أتى بزيادة حفظها ما لم يحفظ غيره ممن هو مثله في
الإتقان فإن أرسله عدلان وأسنده عدلان قبلت رواية العدلين اللذين أسنداه
على الشرط الأول وهكذا الحكم فيه كثر العدد فيه أو قل فإن أرسله خمسة
من العدول وأسنده عدلان نظرت حينئذ إلى من فوقه بالاعتبار وحكمت لمن
يجب كأنا جئنا إلى خبر رواة نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم اتفق مالك
وعبيد الله بن عمر ويحيى بن سعيد وعبد الله بن عون وأيوب السختياني
عن نافع عن بن عمر ورفعوه وأرسله أيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية
وهؤلاء كلهم ثقات أو أسند هذان وأرسل أولئك اعتبرت فوق نافع هل
روى هذا الخبر عن بن عمر أحد من الثقات غير نافع مرفوعا أو من فوقه على
حسب ما وصفنا فإذا وجد قبلنا خبر من أتى بالزيادة في روايته على
حسب ما وصفنا
وفي الجملة يجب أن يعتبر العدالة في نقله الأخبار فإذا صحت العدالة
في واحد منهم قبل منه ما روى من المسند وإن أوقفه غيره والمرفوع وإن
أرسله غيره من الثقات إذ العدالة لا توجب غيره فيكون الإرسال والرفع عن
ثقتين مقبولين والمسند والموقوف عن عدلين يقبلان على الشرط الذي وصفناه
157

وأما زيادة الألفاظ في الروايات فإنا لا نقبل شيئا منها إلا عن من كان
الغالب عليه الفقه حتى يعلم أنه كان يروي الشئ ويعلمه حتى لا يشك فيه أنه
أزاله عن سننه أو غيره عن معناه أم لا لأن أصحاب الحديث الغالب عليهم
حفظ الأسامي والأسانيد دون المتون والفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون
وأحكامها وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد وأسماء المحدثين فإذا رفع
محدث خبرا وكان الغالب عليه الفقه لم أقبل رفعه إلا من كتابه لأنه لا يعلم
المسند من المرسل ولا الموقوف من المنقطع
وإنما همته إحكام المتن فقط
وكذلك لا أقبل عن صاحب حديث حافظ متقن أتى بزيارة لفظة في الخبر لأن
الغالب عليه إحكام إحكام الإسناد وحفظ الأسامي والإغضاء عن المتون وما فيها من
الألفاظ إلا من كتابه هذا هو الاحتياط في قبول الزيادات في الألفاظ
159

وأما المنتحلون المذاهب من الرواة مثل الإرجاء والترفض وما أشبههما
فإنا نحتج بأخبارهم إذا كانوا ثقات على الشرط الذي وصفناه ونكل مذاهبهم
وما تقلدوه فيما بينهم وبين خالقهم إلى الله جل وعلا إلا أن الريح دعاة إلى
ما انتحلوا فإن الداعي إلى مذهبه بأخي عنه حتى يصيرا إمما فيه وإن كان
ثقة ثم روينا عنه جعلنا للأتباع لمذهبه طريقا وسوغنا للمتعلم الاعتماد عليه
وعلى قوله فالاحتياط ترك رواية الأئمة الدعاة منهم والاحتجاج بالرواة
الثقات منهم على حسب ما وصفناه
ولو عمدنا إلى ترك حديث الأعمش وأبي إسحاق وعبد الملك بن
عمير وأضرابهم لما انتحلوا وإلى قتادة وسعيد بن أبي عروبة وابن
أبي ذئب وأسنانهم لما تقلدوا؟؟؟؟ فتركنا حدثهم لمذاهبهم لكان؟؟؟؟؟ الشئ
اليسير وإذا استعملنا ما وصفنا أعنا على دحض السنن وطمسها بل
الاحتياط في قبول رواياتهم الأصل الذي وصفناه دون رفض ما رووه جملة
160

وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجريري وسعيد بن
أبي عروبة وأشبههما فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا إلا
إنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنهم الثقات من القدماء الذين نعلم أنهم
سمعوا منهم قبل اختلاطهم وما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في
صحتها وثبوتها من جهة أخرى لأن حكمهم وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم
وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثقة إذا أخطأ أن الواجب
ترك خطئه إذا علم والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطئ فيه وكذلك حكم
هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من
الثقات الذين كان سمعه منهم قبل الاختلاط سواء
وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول فإنا لا نحتج بأخبارهم
إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق وأضرابهم من
الأئمة المتقين وأهل الورع في الدين لنا متى قبلنا خبر مدلس لم يبين
السماع فيه وإن كان ثقة لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها لأنه لا يدري
لعل هذا المدلس دلس هذا الخبر عن ضعيف يهي الخبر بذكره إذا عرف اللهم
إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة فإذا كان كذلك قبلت
روايته وإن لم يبين السماع وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده فإنه
كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة
خبر دلس فيه إلا وجد الخبر بعينه قد بين سماعه عن ثقة نفسه والحكم
في قبول روايته لهذه العلة وإن لم يبين السماع فيها كالحكم في رواية بن
عباس إذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يسمع منه
وإنما قبلنا أخبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رووها عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن
لم يبينوا السماع
في كل ما رووا وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر عن
161

صحابي آخر ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر ذلك الذي سمعه منه الخانكاه
رضي الله عنهم أجمعين كلهم كثرة سادة قادة عدول نزه الله عز وجل أقدار
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يلزق بهم الوهن وفي قوله صلى الله عليه وسلم ألا ليبلغ
الشاهد منكم الغائب أعظم الدليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم
مجروح ولا ضعيف إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف أو كان فيهم أحد غير
عدل لإستثنى في قوله صلى الله عليه وسلم وقال ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب فلما
أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول
وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفا
فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بين السماع فيه لا أبالي أن
أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر
162

وإنا نملي بعد هذا التقسيم وذكر الأنواع وصف شرائط الكتاب قسما
قسما ونوعا نوعا بما فيه من الحديث على الشرائط التي وصفناها في نقلها
من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها إن قضى الله ذلك
وشاءه وأتنكب عن ذكر المعاد فيه إلا في موضعين إما لزيادة لفظة لا أجد منها
بدا أو للاستشهاد به على معنى في خبر ثان فأما في غير هاتين الحالتين فإني
أتنكب ذكر المعاد في هذا الكتاب
جعلنا الله ممن أسبل عليه جلابيب الستر في الدنيا واتصل ذلك بالعفو
عن جناياته في العقبي إنه الفعال لما يريد
انتهى كلام الشيخ رحمه الله في الخطبة
ثم قال في آخر القسم الأول فهذا آخر جوامع يجري الأمر عن
المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكرناها بفصولها وأنواع تقاسيمها وقد بقي من الأوامر
أحاديث بددناها في سائر الأقسام لن تلك المواضع بها أشبه كما بددنا منها
في الأوامر للبغية في القصد فيها
وإنما نملي بعد هذا القسم الثاني الذي هو النواهي بتفصيلها وتقسيمها
على حسب ما أملينا الأوامر إن قضى الله ذلك وشاءه
جعلنا الله ممن أغضى في الحكم في دين الله عن أهواء المتكلفين
ولم يعرج في النوازل على آراء المقلدين من الأهواء المعكوسة والآراء
المنحوس إنه خير مسؤول
163

وقال في آخر القسم الثاني فهذا آخر جوامع يجري النواهي عن
المصطفى صلى الله عليه وسلم فصلناها بفصولها ليعرف تفصيل الخطاب من المصطفى صلى الله عليه وسلم
لأمته وقد بقي من النواهي أحاديث كثيرة بددناها في سائر الأقسام كما بددنا
في النواحي سواء على حسب ما أصلنا الكتاب عليه
وإنما نملي بعد هذا القسم الثالث من أقسام السنن الذي هو إخبار
المصطفى صلى الله عليه وسلم عما احتيج إلى معرفتها بفصولها فصلا إن الله يسر
ذلك وسهله
جعلنا الله من المتبعين لسنن كيف ما دارت والمتباعدين عن الأهواء
حيث ما مالت إنه خير مسؤول وأفضل مأمول
وقال في آخر القسم الثالث فهذا آخر يجري الإخبار عما احتيج إلى
معرفتها من السنن قد أمليناها وقد بقي من هذا القيم أحاديث كثيرة بددناها في
سائر الأقسام كما بددنا منها في هذا القسم للاستشهاد على الجمع بين خبرين
متضادين في الظاهر والكشف عن معنى شئ تعلق به بعض من لم يحكم
صناعة العلم فأحال السنة عن معناها التي أطلقها المصطفى صلى الله عليه وسلم
وإنا نملي بعد هذا القسم الرابع من أقسام السنن الذي هو الإباحات التي
أبيح ارتكابها إن الله قضى بذلك وشاء
جعلنا الله ممن آثر المصطفى صلى الله عليه وسلم على غيره من أمته وان خضع لقبول
ما ورد عليه من سنته بترك ما يشتمل عليه القلب من اللذات وتحتوي عليه
النفس من الشهوات من المحدثات الفاضحة والمخترعات الداحضة أنه خير
مسؤول
وقال القسم الرابع فهذا آخر جوامع الإباحات عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
أمليناها بفصولها وقد بقي من هذا القسم أحاديث بددناها في سائر الأقسام كما
بددنا منها في هذا القسم على ما أصلنا الكتاب عليه وإنما نملي بعد هذا
164

القسم القسم الخامس من أقسام السنن التي هي أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بفصولها
وأنواعها إن الله قضى ذلك وشاءه
جعلنا الله ممن هدي لسبل الرشاد ووفق لسلوك السداد في جمع
وتشمر في جمع السنن والأخبار وتفقه في صحيح الآثار وآثر ما يقرب إلى
الباري جل وعلا من الأعمال على ما يباعد عنه في الأحوال إنه خير مسؤول
ثم قال في آخر الكتاب فهذا آخر يجري السنن قد فصلناها على حسب
ما أصلنا الكتاب عليه من تقاسيمها وليس في الأنواع التي ذكرناها من أول
الكتاب إلى لآخره نوع يستقصى لأنا لو ذكرنا كل نوع بما فيه من السنن لصار
الكتاب أكثره معادا لأن كل نوع منها يدخل جوامعه في سائر الأنواع فاقتصرنا
على ذكر الأنمى من كل نوع لنستدرك به ما وراء منها وكشفنا عما أشكل
من ألفاظها وفصلنا عما يجب أن يوقف على معانيها على حسب ما سهل الله
ويسره وله الحمد على ذلك
وقد تركنا من الأخبار المروية أخبار كثيرة من أجل ناقليها وإن كانت
تلك الأخبار مشاهير تداولها الناس فمن أحب الوقوف على السبب الذي من
أجله تركتها نظر في كتاب المجروحين من المحدثين من كتبنا يجد فيه
التفصيل لكل شيخ تركنا حديثه ما يشفي صدره وينفي الريب عن خلده إن
وفقه الله جل وعلا لذلك وطلب سلوك الصواب فيه دون متابعة النفس
لشهواتها ومساعدته إياها في لذاتها
وقد احتججنا في كتابنا هذا بجماعة قد قدح فيهم بعض أئمتنا فمن
أحب الوقوف على تفصيل أسماءهم فلينظر في الكتاب المختصر من تاريخ
165

الثقات يجد فيه الأصول التي بنينا ذلك الكتاب عليها حتى لا يعرج على قدح
قادح في محدث على الإطلاق من غير كشف عن حقيقة وقد تركنا من
الأخبار المشاهير التي نقلها عدول ثقات لعلل تبين لنا منها الخفاء على عالم
من الناس جوامعها
وإنما نملي بعد هذا علل الأخبار ونذكر كل مروي صح أو لم يصح
بما فيه من العلل إن يسر الله ذلك وسهله
جعلنا الله ممن سلك مسالك أولي النهى في أسباب الأعمال دون
التعرج على الأوصاف والأقوال فارتقى على سلالم أهل الولايات بالطاعات
والانقلاع بكل الكل عن المزجورات حتى تفضل عليه بقبول ما يأتي من
الحسنات والتجاوز عما يرتكب من الحوبات إنه خير مسؤول وأفضل
الحسنات والتجاوز عما يرتكب من الحوبات إنه خير مسؤول وأفضل مأمول انتهى كلامه أولا وآخرا رحمه الله بمنه وكرمه
قال العبد الضعيف جامع شمل هذا التأليف قد رأيت أن أنبه في أول
هذا الكتاب على ما فيه من الكتب والفصول في الأبواب لفائدته
وتوفيرا لعائدته والله المسؤول أن يجعله خالصا لذاته وفي ابتغاء مرضاته
وهو حسبي ونعم الوكيل
المقدمة
ما جاء في الابتداء بحمد الله تعالى
باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلا وأمرا وزجرا
الوحي كتاب الإسراء كتاب العلم
كتاب الإيمان
الفطرة التكليف فضل الإيمان فرض الإيمان صفات المؤمنين
الشرك النفاق
166

كتاب الإحسان
باب الصدق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الطاعات وثوابها الإخلاص وأعمال السر حق الوالدين صلة الرحم
وقطعها الرحمة حسن الخلق العفو إطعام الطعام وإفشاء السلام الجار
فصل من البر والإحسان الرفق الصحبة والمجالسة الجلوس على الطريق
فصل في تشميت العاطس العزلة
كتاب الرقائق
التوبة حسن الظن بالله تعالى الخوف والتقوى الفقر والزهد
والقناعة الورع والتوكل القرآن وتلاوته المطلقة الأذكار المطلقة الأدعية
المطلقة الاستعاذة
كتاب الطهارة
الفطرة بمعنى السنة فضل الوضوء فرض الوضوء سنن الوضوء نواقض
الوضوء الغسل قدر ماء الغسل أحكام الجنب غسل الجمعة غسل الكافر
إذا أسلم المياه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قدر ماء الغسل أحكام الجنب غسل الجمعة غسل الكافر
إذا أسلم المياه الوضوء بفضل وضوء المرأة الماء المستعمل الأوعية
الأسار التيمم المسح على الخفين وغيرهما الحيض والاستحاضة النجاسة
وتطهيرها الاستطابة
كتاب الصلاة
فرض الصلاة الوعيد على ترك الصلاة مواقيت الصلاة الأوقات
المنهى عنها الجمع بين الصلاتين المساجد الأذان شروط الصلاة فضل
167

الصلوات الخمس صفة الصلاة القنوت الإمامة والجماعة فرض الجماعة
الأعذار التي تبيح تركها فرض متابعة الامام ما يكره للمصلي وما يكره
إعادة الصلاة الوتر النوافل الصلاة على الدابة صلاة الضحى التراويح
قيام الليل قضاء الفوائت سجود السهو المسافر صلاة السفر سجود
التلاوة صلاة الجمعة صلاة العيدين صلاة الكسوف صلاة الاستسقاء
صلاة الخوف الجنائز عيادة المريض الصبر وثواب الأمراض والأعراض
أعمار هذه الأمة ذكر الموت الأمل تمني الموت المحتضر
فصل في الموت وما يتعلق به من راحة المؤمن
وبشراه وروحه وعمله والثناء عليه
الغسل التكفين ما يقول الميت عند حمله القيام للجنازة الصلاة
على الجنازة الدفن أحوال الميت في قبره النياحة ونحوها القبور زيارة
القبور الشهيد الصلاة في الكعبة
كتاب الزكاة
جمع المال من جله وما يتعلق بذلك الخرص وما يتعلق به فضل
الزكاة الوعيد لمانع الزكاة فرض الزكاة العشر مصارف الزكاة صدقة
الفطر صدقة التطوع
فصل في أشياء لها حكم الصدقة
المنان المسألة والأخذ وما يتعلق به من المكافأة والثناء والشكر
كتاب الصوم
فضل الصوم فضل رمضان رؤية الهلال السحور آداب الصوم
صوم الجنب الإفطار وتعجيله قضاء قضاء رمضان الكفارة حجامة الصائم قبلة
الصائم صوم المسافر الصيام عن الغير الصوم المنهي عنه صوم الوصال
168

صوم الدهر صوم يوم الشك صوم العيد صوم أيام التشريق صوم عرفة صوم
الجمعة صوم السبت صوم التطوع الاعتكاف وليلة القدر
كتاب الحج
فضل الحج والعمرة فرض الحج فضل مكة فضل المدينة مقدمات
الحج مواقيت الحج الإحرام دخول دخول مكة وما يفعل فيها الصفا والمروة
الخروج من مكة إلى منى الوقوف بعرفة والمزدلفة والدفع منهما رمي جمرة
العقبة الحلق والذبح الإفاضة من منى لطواف الزيارة رمي الجمار أيام منى
الإفاضة من منى للصدر القران التمتع حجة النبي صلى الله عليه وسلم اعتماره صلى الله عليه وسلم
ما يباح للمحرم وما لا يباح الكفارة الحج والاعتمار عن الغير الإحصار الهدي
كتاب النكاح وآدابه
الولي الصداق ثبوت النسب والقائف حرمة المناكحة المتعة نكاح
الإماء معاشرة الزوجين العزل الغيلة النهي عن اتيان النساء في أعجازهن
القسم الرضع النفقة
كتاب الطلاق
الرجعة الإيلاء الظهار الخلع اللعان العدة
كتاب العتق
صحبة المماليك إعتاق الشريك العتق في المرض الكتابة أم الولد
الولاء
كتاب الأيمان والنذور
كتاب الحدود
الزنى وحده حد الشرب التعزيز السرقة الردة
169

كتاب السير
الخلافة والإمارة بيعة الأئمة وما يستحب لهم طاعة الأئمة فضل
الجهاد فضل النفقة في سبيل الله فضل الشهادة الخيل الحمى السبق
الرمي التقليد والجرس كتب النبي صلى الله عليه وسلم فرض الجهاد الخروج وكيفية
الجهاد غزوة بدر الغنائم وقسمتها الغلول الفداء وفك الأسرى الهجرة
الموادعة والمهادنة الرسول الذمي والجزية
كتاب اللقطة كتاب الوقف
كتاب البيوع
السلم بيع المدبر البيوع المنهي الربا الإقالة الجائحة
المفلس الديون
كتاب الحجر كتاب الحوالة كتاب القضاء الرشوة
كتاب الشهادات كتاب الدعوى الاستحلاف عقوبة الماطل
كتاب الصلح كتاب العارية كتاب الهبة الرجوع في الهبة
كتاب الرقبى والعمرى كتاب الإجارة كتاب الغصب كتاب الشفعة
كتاب المزارعة كتاب إحياء الموات كتاب الطعمة آداب الأكل ما يجوز
أكله وما لا يجوز الضيافة العقيقة
كتاب الأشربة
آداب الشرب ما يحل شربه
كتاب اللباس وآدابه
الزينة آداب النوم
كتاب الحظر والإباحة
وفيه فصل في التعذيب والمثلة وفصل فيما يتعلق بالدواب باب قتل
الحيوان
170

باب ما جاء في التباغض والتحاسد والتدابر والتشاحن والتهاجر بين
المسلمين
باب التواضع والتكبر والعجب والاستماع المكروه وسوء الظن والغضب
والفحش
باب ما يكره من الكرم وما لا يكره وفيه الكذب اللعن وذو الوجهين
والغيبة والنميمة والمدح والتفاخر والشعر والسجع والمزاح والضحك وفصل
من الكلام باب الاستئذان الأسماء والكنى
باب الصور والمصورين واللعب واللهو والسماع
كتاب الصيد كتاب الذبائح كتاب الأضحية كتاب الرهن الفتن
كتاب الجنايات
القصاص القسامة
كتاب الديات
الغرة
كتاب الوصية كتاب الفرائض ذوو الأرحام الرؤيا
كتاب الطب كتاب الرقي والتمائم كتاب العدوي والطيرة
باب الهام والغول
كتاب الأنواء والنجوم كتاب الكهانة والسحر
كتاب التاريخ
بدء الخلق صفة النبي صلى الله عليه وسلم خصائصه وفضائله المعجزات
تبليغه صلى الله عليه وسلم مرضه صلى الله عليه وسلم وفاته صلى الله عليه وسلم إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن
171

والحوادث مناقب الصحابة رضي الله عنهم مفصلا فضل الأمة فضل الصحابة
والتابعين وباب ذكر الحجاز واليمن والشام وفارس وعمان
إخباره صلى الله عليه وسلم عن البعث وأحوال الناس في ذلك اليوم وصف الجنة وأهلها صفة
النار وأهلها
واعلم أني وضعت بإزاء كل حديث بالقلم الهندي صورة النوع الذي
هو منه في كتاب التقاسيم والأنواع ليتيسر أيضا كشفه من أصله من غير كلفة
ومشقة مثاله إذا كان الحديث من النوع الحادي عشر مثلا كان بإزائه هكذا
11 ثم إن كان من القسم الأول كان العدد المرقوم مجردا عن العلامة كما
رأيته وإن كان من القسم الثاني كان تحت العدد خط عرضي هكذا 11
وإن كان من القسم الثالث كان الخط من فوقه هكذا 11 وإن كان من القسم
الرابع كان العددين خطين هكذا 11 وإن كان من القسم الخامس كان
الخطان فوقه 11 توفيرا للخاطر وتيسيرا للناظر جعله الله خالصا
لذاته وفي ابتغاء مرضاته إنه على كل شئ قدير وبالإجابة جدير
172

المقدمة
باب
ما جاء في الابتداء بحمد الله تعالى
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ابتداء
الحمد لله جل وعلا في أوائل كلامه عند
بغية مقاصده
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار
قال حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين قال حدثنا الأوزاعي عن قرة عن
الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع \ 1 \
173

ذكر الأمر للمرء أن تكون فواتح أسبابه بحمد
الله جل وعلا لئلا تكون أسبابه بترا
أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان أبو علي بالرقة
174

قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن
قرة عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع \ 2 \
175

باب
الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها
نقلا وأمرا وزجرا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد
عن أبي بردة
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم
إني رأيت الجيش وإني أنا النذير فأطاعه طائفة من قومه فانطلقوا
على مهلهم فنجوا وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم
الجيش وأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع
ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق \ 3 \
176

وقال صلى الله عليه وسلم إن مثل ما آتاني الله من
الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة
قبلت ذلك فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وأمسكت الماء فنفع الله
بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة
أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في
دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل ومثل من لم يرفع
بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به \ 4 \
177

ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي
تفترق عليها أمة المصطفى صلى الله عليه
وسلم
أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي حدثنا علي بن
المديني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد حدثني خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي
وحجر بن حجر
الكلاعي قالا أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه
ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه
فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين ومقتبسين فقال العرباض
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم
أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت
178

منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع
فماذا تعهد إلينا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن
عبدا حبشيا مجدعا فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا
عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل
بدعة ضلالة
179

قال أبو حاتم في قوله صلى الله عليه وسلم فعليكم
بسنتي عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح أن من
واظب على السنن قال بها ولم يعرج على غيرها من الآراء من
الفرق الناجية في القيامة جعلنا الله منهم بمنه \ 5 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم
وحفظه نفسه عن كل من يأباها من أهل البدع
وإن حسنوا ذلك في عينه وزينوه
أخبرنا إبراهيم بن علي بن عبد العزيز العمري بالموصل حدثنا
معلى بن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبي وائل
عن بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطا فقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله
ثم قال وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم تلا
وأن هذا صراطي مستقيما إلى آخر الآية \ 6 \
180

ذكر ما يجب على المرء من ترك تتبع السبل
دون لزوم الطريق الذي هو الصراط
المستقيم
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان المعدل بالفسطاط قال
حدثنا الحارث بن مسكين قال حدثنا بن وهب قال حدثني حماد بن زيد
عن عاصم عن أبي وائل
عن بن مسعود قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل
سبيل منها شيطان يدعو له ثم قرأ وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله الآية كلها \ 7 \
181

ذكر البيان بأن من أحب الله جل وعلا
وصفيه صلى الله عليه وسلم بإيثار
أمرهما وابتغاء مرضاتهما على رضى من
سواهما يكون في الجنة مع المصطفى صلى
الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة
عن أنس بن مالك أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه
وسلم وكانوا هم أجدر أن يسألوه من أصحابه فقال يا رسول
الله متى الساعة قال وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا
أني أحب الله ورسوله قال فإنك مع من أحببت قال أنس
فما رأيت المسلمين فرحوا بشئ بعد الإسلام أشد من فرحهم
بقوله \ 8 \
182

ذكر الأخبار عما يجب على المرء من لزوم
هدي المصطفى بترك الانزعاج عما أبيح من
هذه الدنيا له بإغضائه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري
قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة
عن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت امرأة عثمان بن
مظعون واسمها خولة بنت حكيم على عائشة وهي بذة الهيئة فسألتها
عائشة ما شأنك فقالت زوجي يقوم الليل ويصوم النهار فدخل
النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة له فلقي النبي
صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون فقال يا عثمان إن
الرهبانية لم تكتب علينا أما لك في أسوة حسنة فوالله إني
لأخشاكم لله وأحفظكم لحدوده صلى الله عليه وسلم \ 9 \
185

ذكر الإخبار
عما يجب على المرء من تحري
استعمال السنن في أفعاله ومجانبة
كل بدعة تباينها وتضادها
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أحمد بن إبراهيم
الآتي قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه نذير
جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة
كهاتين يفرق بين السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير
الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وإن شر الأمور
محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من
186

نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضيعة فإلي
وعلي \ 10 ذكر اثبات الفلاح لمن كانت لأبصر إلى سنة
المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال
حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا شعبة عن حصين بن عبد الرحمن عن
مجاهد
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت لأبصر
187

إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت لأبصر إلى غير ذلك فقد هلك \ 11 \
188

ذكر الخبر المصرح بأن سنن المصطفى صلى
الله عليه وسلم كلها عن الله لا من تلقاء نفسه
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا
كثير بن عبيد المذحجي حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن
مروان بن رؤبة عن بن أبي عوف
عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال إني أوتيت الكتاب وما يعدله يوشك شعبان على
أريكته أن يقول بيني وبينكم هذا الكتاب فما كان فيه من حلال
أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ألا وإنه ليس كذلك \ 12 \
189

حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
عبد الرحمن بن سهم قال حدثنا أبو إسحاق ها عن مالك بن أنس
عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع
عن أبي رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر من أمري إما أمرت به وإما نهيت عنه
فيقول ما ندري ما هذا عندنا كتاب الله ليس هذا فيه
\ 13 \ ذكر الزجر عن الرغبة عن سنة المصطفى
صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله جميعا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
أبي صفوان الثقفي حدثنا بهز بن أسد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في
السر فقال بعضهم لا أتزوج وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال
190

بعضهم لا أنام على فراش فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر
وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني
191

فصل
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم
كان يأمر أمته بما يحتاجون إليه من أمر دينهم
قولا وفعلا معا
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا محمد بن يحيى
الذهلي قال حدثنا بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير
قال حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى بن عباس
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى
خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه فقال يعمد أحدهم
إلى جمرة من النار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب خذ
خاتمك فانتفع به فقال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول
الله صلى الله عليه وسلم
\ 15 \
192

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أمر
النبي صلى الله عليه وسلم بالشئ لا يجوز
إلا أن يكون مفسرا يعقل من ظاهر خطابه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال
حدثنا أبو سلمة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا
نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان فإذا
قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر فإذا قضي التثويب أقبل
يخطر بين المرء ونفسه أذكر كذا لما لم يكن يذكر
193

حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى فإذا لم يدر كم صلى فليسجد
سجدتين وهو جالس
194

قال أبو حاتم رضي الله عنه أمره صلى الله عليه وسلم
لمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى فليسجد سجدتين وهو
جالس أمر مجمل تفسيره أفعاله التي ذكرناها لا يجوز لأحد أن يأخذ
الأخبار التي فيها ذكر سجدتي السهو قبل السلام فيستعمله في كل
الأحوال ويترك سائر الأخبار التي فيها ذكره بعد السلام وكذلك
لا يجوز لأحد أن يأخذ الأخبار التي فيها ذكر سجدتي السهو بعد
السلام فيستعمله في كل الأحوال ويترك الأخبار الأخر التي فيها
ذكره قبل السلام ونحن نقول إن هذه أخبار أربع يجب أن تستعمل
ولا يترك شئ منها فيفعل في كل حالة مثل ما وردت السنة فيها
سواء فإن سلم من الاثنتين أو الثلاث من صلاته ساهيا أتم صلاته
وسجد سجدتي السهو بعد السلام على خبر أبي هريرة وعمران بن
195

حصين اللذين ذكرناهما وإن قام من اثنتين ولم يجلس أتم
صلاته وسجد سجدتي السهو قبل السلام على خبر بن بحينة وإن
شك في الثلاث أو الأربع يبني على اليقين على ما وصفن وسجد
سجدتي السهو قبل السلام على خبر أبي سعيد الخدري
و عبد الرحمن بن عوف وإن شك ولم يدر كم صلى أصلا تحرى
على الأغلب عنده وأتم صلاته وسجد سجدتي السهو بعد السلام
على خبر بن مسعود الذي ذكرناه حتى يكون مستعملا للأخبار التي
وصفناها كلها فإن وردت عليه حالة غير هذه الأربع في صلاته ردها
إلى ما يشبهها من الأحوال الأربع التي ذكرناها
\ 16 \ ذكر إيجاب الجنة
لمن أطاع الله ورسوله
فيما أمر ونهى
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست ومحمد بن
إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف بنيسابور قالا حدثنا قتيبة بن سعيد قال
حدثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى وشرد
على الله كشراد البعير قالوا يا رسول الله ومن يأبى أن يدخل
196

الجنة قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد
أبى
قال أبو حاتم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي
الانقياد لسنته بترك الكيفية والكمية فيها مع رفض قول كل من قال
شيئا في دين الله جل وعلا بخلاف سنته دون الاحتيال في دفع
السنن بالتأويلات المضمحلة والمخترعات الداحضة
\ 17 \
197

ذكر البيان بأن المناهي عن المصطفى صلى
الله عليه وسلم والأوامر فرض على حسب
الطاقة على أمته لا يسعهم التخلف عنها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا إبراهيم بن بشار
حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وسفيان عن بن
عجلان عن أبيه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذروني
ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على
أنبيائهم ما نهيتكم عنه فانتهوا وما أمرتكم به فأتوا منه
ما استطعتم
198

قال بن عجلان فحدثت به أبان بن صالح فقال لي ما أجود
هذه الكلمة قوله فأتوا منه ما استطعتم
\ 18 \ ذكر البيان بأن النواهي سبيلها الحتم
والإيجاب إلا أن تقوم الدلالة على ندبيتها
حدثنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل
البخاري حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني مالك عن أبي الزناد
عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما
أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم
199

عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
\ 19 \ أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري
قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال
هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وما أمرتكم بالأمر فأتوا منه
ما استطعتم
\ 20 \ أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن
أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذروني ما تركتكم فإنما هلك من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على
200

أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بالشئ فأتوا
منه ما استطعتم
\ 21 \ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
وإذا أمرتكم بشئ أراد به من أمور الدين
لا من أمور الدنيا
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا
حماد بن سلمة قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة وثابت عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله
عليه وسلم سمع أصواتا فقال ما هذه الأصوات قالوا النخل
يأبرونه فقال لو لم يفعلوا لصلح ذلك فأمسكوا فلم يأبروا
عامته فصار شيصا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فقال إذا كان شئ من أمر دنياكم فشأنكم وإذا كان شئ من أمر
دينكم فإلي \ 22 \
201

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فما أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم أراد
به ما أمرتكم بشئ من أمر الدين لا من
أمر الدنيا
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا عبد الله بن
الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال
حدثني أبو النجاشي قال
حدثني رافع بن خديج قال قدم نبي الله صلى الله عليه
وسلم المدينة وهم يؤبرون النخل يقول يلقحون قال فقال
ما تصنعون فقالوا شيئا كانوا يصنعونه فقال لو لم تفعلوا كان
خيرا فتركوها فنفضت أو نقصت فذكروا ذلك له فقال صلى الله
عليه وسلم إنما أنا بشر إذا حدثتكم بشئ من أمر دينكم فخذوا
به وإذا حدثتكم بشئ من دنياكم فإنما أنا بشر
قال عكرمة هذا أو نحوه
202

أبو النجاشي مولى رافع اسمه عطاء بن صهيب قاله الشيخ \ 23 ذكر نفي الإيمان عمن لم يخضع لسنن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اعترض
عليها بالمقايسات المقلوبة والمخترعات
الداحضة
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد حدثنا ليث بن سعد عن بن
شهاب عن عروة بن الزبير
أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون
بها النخل فقال الأنصاري سرح الماء يمر فأبى عليه الزبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم أرسل إلى
جارك فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله أن كان بن عمتك
فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع
203

إلى الجدر قال الزبير فوالله لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية
\ 24 \
204

ذكر الخبر الدال على أن من اعترض على
السنن بالتأويلات المضمحلة ولم ينقد
لقبولها كان من أهل البدع
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن عمارة بن
القعقاع عن عبد الرحمن بن أبي نعم
عن أبي سعيد الخدري قال بعث علي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهب في آدم فقسمهما
رسول الله صلى الله عليه وسلم بين زيد الخيل والأقرع بن
حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة فقال أناس من
المهاجرين والأنصار نحن أحق بهذا فبلغ ذلك النبي صلى الله
عليه وسلم فشق عليه وقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء
يأتيني خبر من في السماء صباحا ومساء فقام إليه ناتئ العينين
مشرف الوجنتين ناشز الوجه كث اللحية محلوق
الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال النبي
205

صلى الله عليه وسلم أو لست بأحق أهل الأرض أن أتقي الله
ثم أدبر فقام إليه خالد سيف الله فقال يا رسول الله
ألا أضرب عنقه فقال لا إنه لعله يصلي قال إنه رب مصل
يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال إني لم أومر أن أشق قلوب الناس
ولا أشق بطونهم فنظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو مقفى فقال
إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله لا يجاوز
حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال
عمارة فحسبت أنه قال أداء أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود \ 25 \
206

ذكر الزجر عن أن يحدث المرء في أمور
المسلمين ما لم يأذن به الله ولا رسوله
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن خالد بن
عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه
أن رجلا أوصى بوصايا أبرها في ماله فذهبت إلى القاسم
بن محمد أستشيره فقال القاسم
207

سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من حالا في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد \ 26 \
208

ذكر البيان بأن كل من حالا في دين الله
حكما ليس مرجعه إلى الكتاب والسنة فهو
مردود غير مقبول
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن الصباح
الدولابي حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن القاسم بن محمد
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من حالا في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد \ 27 \
209

فصل
ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشئ إلى
المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو غير
عالم بصحته
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا عبدة بن سليمان قال حدثنا محمد بن عمرو قال
حدثنا أبو سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار \ 28 \
210

ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه في
الباب المتقدم
أخبرنا عمران بن موسى السختياني قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة عن الحكم عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه
212

وسلم من حدث حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد
الكاذبين \ 29 ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه
أخبرنا بن زهير بتستر قال حدثنا محمد بن الحسين بن
إشكاب قال حدثنا علي بن حفص المدائني قال حدثنا شعبة عن
خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
213

كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع \ 30 ذكر إيجاب دخول النار لمتعمد الكذب على
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا ليث بن
سعد عن الزهري
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار \ 31 \
214

ذكر البيان بأن الكذب على المصطفى صلى
الله عليه وسلم من أفرى الفري
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن
وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد
عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول إن من أعظم الفرية ثلاثا أن يفري الرجل على
نفسه يقول رأيت ولم ير شيئا في المنام أو يتقول الرجل على
والديه فيدعى إلى غير أبيه أو يقول سمع مني ولم يسمع
مني \ 32 \
215

كتاب الوحي
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير
عن عائشة قالت أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه
وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا
جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب له الخلاء فكان يأتي حراء \ 33 \
216

فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدة ويتزود ثم
يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار
حراء فجاءه الملك فيه فقال اقرأ قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ
مني الجهد ثم أرسلني فقال لي اقرأ فقلت ما أنا بقارئ
فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال
اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني
217

الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى
بلغ ما لم يعلم قال فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل
على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع
ثم قال يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال قد خشيته علي
فقالت كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل
الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين
على نوائب الحق ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن
نوفل وكان أخا أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب
العربي فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء أن يكتب وكان
شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة أي عم اسمع من بن
أخيك فقال ورقة بن أخي ما ترى فأخبره رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما رأى فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى
يا ليتني أكون فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمخرجيهم قال نعم لم يأت أحد
218

قط بما جئت به إلا عودي وأوذي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا
مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا
لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل كي
يلقي نفسه منها تبدى له جبريل فقال له يا محمد إنك
رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طال عليه
فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له
جبريل فيقول له مثل ذلك
219

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أنه يضاد خبر عائشة الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
أبان بن يزيد العطار حدثنا يحيى بن أبي كثير قال
سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل أول قال يا أيها المدثر
قلت إني نبئت أن أول سورة أنزلت من القرآن اقرأ باسم ربك
الذي خلق قال أبو سلمة سألت جابر بن عبد الله أي القرآن
أنزل أول قال يا أيها المدثر فقلت له إني نبئت أن أول سورة
نزلت من القرآن اقرأ باسم ربك قال جابر لا أحدثك إلا
ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت في حراء
فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت
أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئا فنوديت
فنظرت فوقي فإذا أنا به قاعد على عرش بين السماء والأرض
فجئت منه فانطلقت إلى خديجة فقلت دثروني دثروني وصبوا علي ماء باردا فأنزلت علي يا أيها المدثر قم فأنذر وربك
فكبر
220

قال أبو حاتم في خبر جابر هذا إن أول ما أنزل من القرآن
يا أيها المدثر وفي خبر عائشة اقرأ باسم ربك وليس بين
هذين الخبرين تضاد إذ الله عز وجل أنزل على رسوله صلى الله
عليه وسلم اقرأ باسم
ربك وهو في الغار بحراء فلما رجع إلى
بيته دثرته خديجة وصبت عليه الماء البارد وأنزل عليه في بيت
خديجة يا أيها المدثر قم من غير أن يكون بين الخبرين
تهاتر أو تضاد
\ 34 \ ذكر القدر الذي جاور المصطفى صلى الله
عليه وسلم بحراء عند نزول الوحي عليه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن
أبي كثير قال
سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل أول قال يا أيها المدثر
قلت أو اقرأ فقال أبو سلمة سألت جابر بن عبد الله عن ذلك
فقال يا أيها المدثر فقلت أو اقرأ فقال إني أحدثكم ما حدثنا
221

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء شهرا فلما
قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي
وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت
فنظرت إلى السماء فإذا هو على العرش في الهواء فأخذتني رجفة
شديدة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء وأنزل
الله علي يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر \ 35 ذكر وصف الملائكة عند نزول الوحي على
صفيه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن
عمرو بن دينار عن عكرمة
عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا
قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا
لقوله كأنه سلسلة على صفوان حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا
222

ماذا قال ربكم فيقولون قال الحق وهو السميع العليم فيستمعها
مسترق السمع فربما أدركه الشهاب قبل أن يرمي بها إلى الذي
هو أسفل منه وربما لم يدركه الشهاب حتى يرمي بها إلى الذي
هو أسفل منه قال وهم هكذا بعضهم أسفل من بعض ووصف
ذلك سفيان بيده فيرمي بها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى تصل
إلى الأرض فتلقى على فم الكافر والساحر فيكذب معها مائة
كذبة فيصدق ويقال أليس قد قال فيوم كذا وكذا كذا وكذا فصدق
\ 36 \ ذكر وصف أهل السماوات عند نزول الوحي
أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق حدثنا علي بن
223

الحسين بن إشكاب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن
مسروق
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الله إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر
السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل
فإذا جاءهم فزع عن قلوبهم فيقولون يا جبريل ماذا قال ربك
فيقول الحق فينادون الحق الحق \ 37 \
224

ذكر وصف نزول الوحي على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيانا يأتيني في مثل صلصلة
الجرس وهو أشده علي فينفصم عني وقد وعيت ما قال
وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت
225

عائشة ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشاتي الشديد البرد فينفصم
عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا
\ 38 \ ذكر استعجال المصطفى صلى الله عليه
وسلم في تلقف الوحي عند نزوله عليه
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير
عن بن عباس في قوله لا تحرك به لسانك لتعجل به قال
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة كان يحرك
شفتيه فقال بن عباس أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يحركهما فأنزل الله لا تحرك به لسانك لتعجل به إن
علينا جمعه وقرآنه قال جمعه في صدرك ثم تقرؤه فإذا قرأناه
فاتبع قرآنه قال فاستمع له وأنصت ثم إن علينا بيانه ثم إن علينا
أن تقرأه قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه
226

جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما كان أقرأه
\ 39 \
227

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الله جل
وعلا لم ينزل آية واحدة إلا بكمالها
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك الهروي قال حدثنا
محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن
أبي إسحاق
عن البراء قال لما نزلت لا يستوي القاعدون من
المؤمنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع لي زيدا
ويجئ معه باللوح والدواة أو بالكتف والدواة ثم قال اكتب
لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال
وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم
الأعمى قال يا رسول الله فما تأمرني فإني رجل ضرير البصر
قال البراء فأنزلت مكانها غير أولي كلاهما
\ 40 \
228

أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بن سالم قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال خبرنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي إسحاق
عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إيتوني بالكتف أو اللوح فكتب لا يستوي القاعدون من
المؤمنين وعمرو بن أم مكتوم خلف ظهره فقال هل لي
من رخصة فنزلت غير أولي كلاهما \ 41 \
229

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أبا
إسحاق السبيعي لم يسمع هذا الخبر من
البراء
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة
قال حدثنا أبو إسحاق قال
سمعت البراء يقول لما نزلت هذه الآية لا يستوي
القاعدون من المؤمنين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا
فجاء بكتف فكتبها فيه فشكا بن أم مكتوم ضرارته فنزلت غير
أولي الضرر
ذكر ما كان يأمر النبي صلى الله عليه وسلم
يكتبه القرآن عند نزول الآية بعد الآية
42 \ أخبرنا أبو خليفة حدثنا عثمان بن الهيثم المؤذن حدثنا
عوف بن أبي جميلة عن يزيد الفارسي قال
قال بن عباس قلت لعثمان بن عفان ما حملكم على أن
قرنتم بين الأنفال وبراءة وبراءة من المئين والأنفال من المثاني
فقرنتم بينهما فقال عثمان كان إذا نزلت من القرآن الآية دعا
230

النبي صلى الله عليه وسلم بعض من يكتب فيقول له ضعه في
السورة التي يذكر فيها كذا وأنزلت الأنفال بالمدينة وبراءة بالمدينة
من آخر القرآن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخبرنا
أين نضعها فوجدت قصتها شبيها بقصة الأنفال فقرنت بينهما
ولم نكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتها في السبع
الطول \ 43 \
231

ذكر البيان بأن الوحي لم ينقطع عن صفي الله
صلى الله عليه وسلم إلى أن أخرجه الله من
الدنيا إلى جنته
حدثنا أبو يعلى حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن
عبد الرحمن بن إسحاق
عن الزهري قال أتاه رجل وأنا أسمع فقال يا أبا بكر كم
انقطع الوحي عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل موته فقال
ما سألني عن هذا أحد مذ وعيتها من أنس بن مالك
قال أنس بن مالك لقد قبض من الدنيا وهو أكثر مما كان \ 44 \
232

كتاب الإسراء
ذكر ركوب المصطفى صلى الله عليه وسلم
البراق وإتيانه عليه بيت المقدس من مكة
في بعض الليل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا خلف بن هشام البزار
حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود
عن زر بن حبيش قال أتيت حذيفة فقال من أنت
يا أصلع قلت أنا زر بن حبيش حدثني بصلاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم في بيت المقدس حين أسري به قال من أخبرك به
233

يا أصلع قلت القرآن قال القرآن فقرأت سبحان الذي أسرى
بعبده من الليل وهكذا هي قراءة عبد الله إلى قوله إنه هو السميع
البصير فقال هل تراه صلى فيه قلت لا قال إنه أتي بدابة
قال حماد وصفها عاصم لا أحفظ صفتها قال فحمله عليها
جبريل أحدهما رديف صاحبه فانطلق معه من ليلته حتى أتى بيت
المقدس فأري ما في السماوات وما في الأرض ثم رجعا عودهما
على بدئهما فلم يصل فيه ولو صلى لكانت سنة
\ 45 \ ذكر استصعاب البراق عند إرادة ركوب النبي
صلى الله عليه وسلم إياه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس السامي حدثنا
أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق ليلة
234

أسري به مسرجا ملجما ليركبه فاستصعب عليه فقال له جبريل
ما يحملك على هذا فوالله ما ركبك أحد أكرم على الله منه قال
فارفض عرقا
\ 46 \ ذكر البيان بأن جبريل شد البراق بالصخرة
عند إرادة الإسراء
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الرحمن بن المتوكل المقرئ حدثنا
يحيى بن واضح حدثنا الزبير بن جنادة عن عبد الله بن بريدة
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
كان ليلة أسري بي انتهيت إلى بيت المقدس فخرق جبريل
الصخرة بإصبعه وشد بها البراق \ 47 \
235

ذكر وصف الإسراء برسول الله صلى الله عليه
وسلم من بيت المقدس
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا هدبة بن خالد
القيسي حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن نبي الله صلى
الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال بينما أنا في الحطيم
وربما قال في الحجر إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى
هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة
نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب
236

مملوءا إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم حشي ثم أتيت بدابة دون
البغل وفوق الحمار أبيض فقال الجارود هو البراق يا أبا حمزة
قال أنس نعم يقع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق
بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال
جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل
وقد أرسل إليه قال نعم مرحبا به فنعم المجئ جاء
ففتح فلما خلصت إذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه
فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي
الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل من
هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل
إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما
خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة قال هذا يحيى وعيسى
فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي
الصالح ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح قيل من هذا
قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم
قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ
237

جاء ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه
فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح
ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل من هذا
قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم
قيل أو قد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجئ
جاء ففتح فلما خلصت إذا إدريس قال هذا إدريس فسلم
عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي
الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح قيل
من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله
عليه وسلم قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم
المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا هارون قال هذا هارون
فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ
الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة
فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال
محمد صلى الله عليه وسلم قيل أو قد أرسل إليه قال نعم
قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا موسى
قال هذا موسى فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال
مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكى قيل له
ما يبكيك قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر
ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي حتى أتى السماء السابعة
فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال
238

محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد أرسل إليه قال نعم
قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء ففتح فلما خلصت إذا إبراهيم
قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم
قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم رفعت إلى سدرة
المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة
قال هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران
ظاهران فقلت ما هذا يا جبريل قال أما الباطنان فنهران في
الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع لي البيت المعمور
قال قتادة وحدثنا الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه رأى البيت المعمور ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم
لا يعودون فيه ثم رجع إلى حديث أنس ثم أتيت بإناء من خمر
239

وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هذه الفطرة
أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة في كل
يوم فرجعت فمررت على موسى فقال بم أمرت قال أمرت
بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل
يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد
المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع
عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني
عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فوضع عني عشرا فرجعت
إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم
فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات
كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بم أمرت قال أمرت بخمس
صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم
وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة
فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك قال قلت سألت ربي
حتى استحييت لكني أرضى وأسلم فلما جاوزت ناداني مناد
أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي \ 48 \
240

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أنه مضاد
لخبر مالك بن صعصعة الذي ذكرناه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس عن
سليمان التيمي
241

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام يصلي في
قبره
\ 49 \ ذكر الموضع الذي فيه رأى المصطفى صلى
الله عليه وسلم موسى صلى الله عليه وسلم
يصلي في قبره
أخبرنا أبو يعلى حدثنا هدبة وشيبان قالا حدثنا حماد بن
سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره عند
الكثيب الأحمر
242

قال أبو حاتم الله جل وعلا قادر على ما يشاء ربما يعد
الشئ لوقت معلوم ثم يقضي كون بعض ذلك الشئ قبل مجئ
ذلك الوقت كوعده إحياء الموتى يوم القيامة وجعله محدودا ثم
قضى كون مثله في بعض الأحوال مثل من ذكره الله وجعله الله جل
وعلا في كتابه حيث يقول أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على
عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم
بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة
عام إلى آخر الآية وكإحياء الله جل وعلا لعيسى
بن مريم صلوات الله عليه بعض الأموات
فلما صح وجود كون هذه الحالة في البشر إذا أراده الله جل
وعلا قبل يوم القيامة لم فقلنا أن الله جل وعلا أحيا موسى في قبره
حتى مر عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وذاك أن
قبر موسى بمدين بين المدينة وبين بيت المقدس فرآه صلى الله عليه
وسلم يدعو في قبره إذ الصلاة دعاء فلما دخل صلى الله عليه
وسلم بيت المقدس وأسرى به أسري بموسى حتى رآه في السماء
السادسة وجرى بينه وبينه من الكرم ما تقدم ذكرنا له وكذلك رؤيته
سائر الأنبياء الذين في خبر مالك بن صعصعة \ 50 \
243

فأما قوله صلى الله عليه وسلم في خبر مالك بن صعصعة
بينما أنا في الحطيم إذ أتاني آت فشق ما بين هذه إلى هذه فكان
ذلك له فضيلة فضل بها على غيره وأنه من معجزات النبوة إذ البشر
إذا شق عن موضع القلب منهم ثم استخرج قلوبهم ماتوا
وقوله ثم حشي يريد أن الله جل وعلا حشا قلبه اليقين
والمعرفة الذي كان استقراره في طست الذهب فنقل إلى قلبه
ثم أتي بدابة يقال لها البراق فحمل عليه من الحطيم
أو الحجر وهما جميعا في المسجد الحرام فانطلق به جبريل حتى
أتى به على قبر موسى على حسب ما وصفناه
ثم دخل مسجد بيت
المقدس فخرق جبريل الصخرة بإصبعه وشد بها البراق ثم صعد
به إلى السماء
ذكر شد البراق بالصخرة في خبر بريدة ورؤيته موسى صلى
الله عليه وسلم يصلي في قبره ليسا جميعا في خبر مالك بن
صعصعة
فلما صعد به إلى السماء الدنيا استفتح جبريل قيل من
هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه
244

وسلم قيل وقد أرسل إليه يريد به وقد أرسل إليه ليسرى به إلى
السماء لا أنهم لم يعلموا برسالته إلى ذلك الوقت لأن الإسراء كان
بعد نزول الوحي بسبع سنين فلما فتح له فرأى آدم على حسب
ما وصفنا قبل
وكذلك رؤيته في السماء الثانية يحيى بن زكريا وعيسى بن
مريم وفي السماء الثالثة يوسف بن يعقوب وفي السماء الرابعة
إدريس ثم في السماء الخامسة هارون ثم في السماء السادسة
موسى ثم في السماء السابعة إبراهيم إذ جائز أن الله جل وعلا
أحياهم لأن يراهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة
فيكون ذلك آية معجزة يستدل بها على نبوته على حسب ما أصلنا
قبل
ثم رفع له سدرة المنتهى فرآها على الحالة التي وصف
ثم فرض عليه خمسون صلاة وهذا أمر ابتلاء أراد الله جل
وعلا ابتلاء صفيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث فرض عليه
خمسين صلاة إذ كان في علم الله السابق أنه لا يفرض على أمته إلا
خمس صلوات فقط فأمره بخمسين صلاة أمر ابتلاء وهذا كما
نقول إن الله جل وعلا قد يأمر بالأمر يريد أن يأتي المأمور به إلى
أمره من غير أن يريد وجود كونه كما أمر الله جل وعلا خليله إبراهيم
بذبح ابنه أمره
بهذا الأمر أراد به الانتهاء إلى أمره دون وجود كونه
فلما أسلما وتله للجبين فداه بالذبح العظيم إذ لو أراد الله جل
245

وعلا كون ما أمر لوجد ابنه مذبوحا فكذلك فرض الصلاة خمسين
أراد به الانتهاء إلى أمره دون وجود كونه فلما رجع إلى موسى
وأخبره أنه أمر بخمسين صلاة كل يوم ألهم الله موسى أن يسأل
محمدا صلى الله عليهما وسلم بسؤال ربه التخفيف لأمته فجعل
جل وعلا قول موسى عليه السلام له سببا لبيان الوجود لصحة ما قلنا
إن الفرض من الله على عباده أراد إتيانه خمسا لا خمسين فرجع إلى
الله جل وعلا فسأله فوضع عنه عشرا وهذا أيضا أمر ابتلاء أريد به
الانتهاء إليه دون وجود كونه ثم جعل سؤال موسى عليه السلام إياه
سببا لنفاذ قضاء الله جل وعلا في سابق علمه أن الصلاة تفرض على
هذه الأمة خمسا لا خمسين حتى رجع في التخفيف إلى خمس
صلوات ثم ألهم الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه وسلم حينئذ
حتى قال لموسى قد سألت ربي حتى استحييت لكني أرضى
وأسلم فلما جاوز ناداه مناد أمضيت فريضتي أراد به الخمس
صلوات وخففت عن عبادي يريد عن عبادي من أمر الابتلاء الذي
أمرتهم به من خمسين صلاة التي ذكرناها
وجملة هذه الأشياء في الإسراء رآها رسول الله صلى الله عليه
وسلم بجسمه عيانا دون أن يكون ذلك رؤيا أو تصويرا صور له إذ لو
كان ليلة الإسراء وما رأى فيها نوما دون اليقظة لاستحال ذلك لأن
البشر قد يرون في المنام السماوات والملائكة والأنبياء والجنة والنار
وما أشبه هذه الأشياء فلو كان رؤية المصطفى صلى الله عليه
وسلم ما وصف في ليلة الإسراء في النوم دون اليقظة لكانت هذه حالة
246

يستوي فيها معه البشر إذ هم يرون في مناماتهم مثلها واستحال
فضله ولم تكن تلك حالة معجزة يفضل بها على غيره ضد قول
من أبطل هذه الأخبار وأنكر قدرة الله جل وعلا وإمضاء حكمه لما يحب
كما يحب جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه
ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم
موسى وعيسى وإبراهيم؟؟؟
حيث رآهم ليلة أسري به
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليلة أسري بي لقيت موسى رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة
ولقيت عيسى فإذا رجل أحمر كأنه خرج من ديماس يعني من
حمام ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به فأتيت بإناءين أحدهما
خمر والآخر لبن فقيل لي خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فقيل
247

لي هديت الفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك
\ 51 \ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فقيل هديت الفطرة أراد به أن جبريل
قال له ذلك
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا
كثير بن عبيد المذحجي حدثنا حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري
عن سعيد بن المسيب
أنه سمع أبا هريرة يقول أتي رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما ثم أخذ
اللبن فقال له جبريل عليه السلام هديت الفطرة ولو أخذت الخمر غوت أمتك \ 52 \
248

ذكر وصف الخطباء الذين يتكلون على
القول دون العمل حيث رآهم صلى الله عليه
وسلم ليلة أسري به
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال الضرير
حدثنا يزيد بن زريع حدثنا هشام الدستوائي حدثنا المغيرة ختن مالك بن
دينار عن مالك بن دينار
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقارض من
نار فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال الخطباء من أمتك يأمرون
الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون
249

قال الشيخ روى هذا الخبر أبو عتاب الدلال عن هشام عن
المغيرة عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس ووهم فيه لأن
يزيد بن زريع أتقن من مئتين من مثل أبي عتاب وذويه \ 53 ذكر وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم
قصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في
الجنة حيث رآه ليلة أسري به
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو نصر التمار حدثنا
حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت لمن هذا
250

القصر فقالوا لفتى من قريش فظننت أنه لي قلت من هو
قيل عمر بن الخطاب يا أبا حفص لولا ما أعلم من غيرتك لدخلته
فقال يا رسول الله من كنت أغار عليه فإني لم أكن أغار عليك
\ 54 \
251

ذكر البيان بأن الله جل وعلا أرى بيت
المقدس صفيه صلى الله عليه وسلم لينظر
إليها ويصفها لقريش لما كذبته بالإسراء
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أنبأنا يونس عن بن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال
سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول لما كذبتني قريش قمت في الحجر
فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا
أنظر \ 55 \
252

ذكر البيان بأن الإسراء كان ذلك برؤية عين
لا رؤية نوم
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد أنبأنا علي بن حرب الطائي
أنبأنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة
عن بن عباس في قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ليلة أسري به
\ 56 \ ذكر الإخبار عن رؤية المصطفى صلى الله
عليه وسلم ربه جل وعلا
أخبرنا أحمد بن عمرو المعدل بواسط حدثنا أحمد بن سنان
القطان حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
253

عن بن عباس قال قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم
ربه
قال أبو حاتم معنى قول بن عباس قد رأى محمد صلى
الله عليه وسلم ربه أراد به بقلبه في الموضع الذي لم يصعده أحد
من البشر ارتفاعا في الشرف
\ 57 \ ذكر الخبر الدال على صحة ما ذكرناه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا
معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة
عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال قلت لأبي ذر لو رأيت
254

رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته عن كل شئ فقال عن
أي شئ كنت تسأله قال كنت أسأله هل رأيت ربك فقال سألته
فقال رأيت نورا
قال أبو حاتم معناه أنه لم ير ربه ولكن رأى نورا علويا من
الأنوار المخلوقة
\ 58 \ ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أنه
مضاد للخبر الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا حدثنا مسروق بن
المرزبان حدثنا بن أبي زائدة حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن
عبد الرحمن بن يزيد
عن بن مسعود في قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى
قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في حلة من
255

ياقوت قد ملأ ما بين السماء والأرض
256

قال أبو حاتم قد أمر الله تعالى جبريل ليلة الإسراء أن يعلم
محمدا صلى الله عليه وسلم ما يجب أن يعلمه كما قال علمه
شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى يريد به جبريل
ثم دنا فتدلى يريد به جبريل فكان قاب قوسين أو أدنى يريد به
جبريل فأوحى إلى عبده ما أوحى بجبريل ما كذب الفؤاد
ما رأى يريد به ربه بقلبه في ذلك الموضع الشريف ورأي جبريل
في حلة من ياقوت قد ملأ ما بين السماء والأرض على ما في خبر بن
مسعود الذي ذكرناه
\ 59 \ ذكر تعداد عائشة قول بن عباس الذي ذكرناه
من أعظم الفرية
أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد حدثنا أبو الربيع
حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد أن داود بن
أبي هند حدثه عن عامر الشعبي عن مسروق بن الأجدع
أنه سمع عائشة تقول أعظم الفرية على الله من قال إن
محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه وإن محمدا صلى الله عليه
وسلم كتم شيئا من الوحي وإن محمدا صلى الله عليه وسلم يعلم
257

ما في غد قيل يا أم المؤمنين وما رآه قالت لا إنما ذلك جبريل
رآه مرتين في صورته مرة ملأ الأفق ومرة سادا أفق السماء \ 60 \
258

قال أبو حاتم قد يتوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن هذين
الخبرين متضادان وليسا كذلك إذ الله جل وعلا فضل رسوله صلى
الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء حتى كان جبريل من ربه أدنى
من قاب قوسين ومحمد صلى الله عليه وسلم يعلمه جبريل
حينئذ فرآه صلى الله عليه وسلم بقلبه كما شاء
وخبر عائشة وتأويلها أنه لا يدركه تريد به في النوم ولا في
اليقظة
وقوله لا تدركه الأبصار فإنما معناه لا تدركه الأبصار
يرى في القيامة ولا تدركه الأبصار إذا رأته لأن الإدراك
هو الإحاطة والرؤية هي النظر والله يرى ولا يدرك كنهه لأن
الإدراك يقع على المخلوقين والنظر يكون من العبد ربه
وخبر عائشة أنه لا تدركه الأبصار فإنما معناه لا تدركه
الأبصار في الدنيا وفي الآخرة إلا من يتفضل عليه من عباده بأن
259

يجعل أهلا لذلك واسم الدنيا قد يقع على الأرضين والسماوات
وما بينهما لأن هذه الأشياء بدايات خلقها الله جل وعلا لتكتسب
فيها الطاعات للآخرة التي بعد هذه البداية فالنبي صلى الله عليه
وسلم رأى ربه في الموضع الذي لا يطلق عليه اسم الدنيا لأنه كان
منه أدنى من قاب قوسين حتى يكون خبر عائشة أنه لم يره صلى
الله عليه وسلم في الدنيا من غير أن يكون بين الخبرين تضاد
أو تهاتر
260

كتاب العلم
ذكر
إثبات النصرة لأصحاب الحديث إلى قيام الساعة
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن بشار
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال
طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم خذلان من خذلهم حتى تقوم
الساعة \ 61 \
261

ذكر الإخبار عن سماع المسلمين السنن
خلف عن سلف
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن جعفر
البرمكي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن
عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم
عبد الله بن عبد الله الرازي ثقة كوفي \ 62 \
263

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء كثرة سماع
العلم ثم الاقتفاء والتسليم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو عامر
العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن
عبد الملك بن سعيد بن سويد
عن أبي حميد وأبي أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم
وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم
الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه
منكم بعيد فأنا أبعدكم منه \ 63 \
264

باب
الزجر عن كتبة المرء السنن
مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا كثير بن يحيى صاحب
البصري قال حدثنا همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا تكتبوا عني إلا القرآن فمن كتب عني شيئا
فليمحه
قال أبو حاتم رضي الله عنه زجره صلى الله عليه وسلم عن
الكتبة عنه سوى القرآن أراد به الحث على حفظ السنن دون الاتكال
265

على كتبتها وترك حفظها والتفقه فيها والدليل على صحة هذا إباحته
صلى الله عليه وسلم لأبي شاه كتب الخطبة التي سمعها
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذنه صلى الله عليه وسلم
لعبد الله بن عمرو بالكتبة \ 64 \
266

أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة حدثنا محمد بن
عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن فطر عن أبي الطفيل
عن أبي ذر قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم
267

قال أبو حاتم معنى عندنا منه يعني بأوامره ونواهيه وأخباره
وأفعاله وإباحاته صلى الله عليه وسلم
\ 65 \ ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم
لمن أدى من أمته حديثا سمعه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن داود عن علي بن صالح عن سماك بن
حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ
أوعى من سامع \ 66 \
268

ذكر رحمة الله جل وعلا من بلغ أمة
المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثا
صحيحا عنه
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن
سعيد عن شعبة قال حدثني عمر بن سليمان هو بن عاصم بن عمر بن
الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان هو بن عثمان بن عفان
عن أبيه قال خرج زيد بن ثابت من عند مروان قريبا من نصف
النهار فقلت ما بعث إليه إلا لشئ سأله فقمت إليه فسألته
فقال أجل سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله صلى الله عليه
وسلم رحم الله امرأ سمع مني حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره
فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه
ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله
ومناصحة ألاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من
ورائهم \ 67 \
270

ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن أدى ما وصفنا
كما سمعه سواء من غير تغيير ولا تبديل فيه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا صفوان بن صالح قال
حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا شيبان قال حدثني سماك بن حرب عن
عبد الرحمن بن عبد الله
عن أبيه بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
رحم الله من سمع مني حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى
له من سامع \ 68 \ ذكر إثبات نضارة الوجه في القيامة من بلغ
للمصطفى صلى الله عليه وسلم سنة صحيحة
كما سمعها
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال
حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن سماك عن عبد الرحمن بن
عبد الله بن مسعود
271

عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى
من سامع
\ 69 \ ذكر عدد الأشياء التي استأثر الله تعالى بعلمها
دون خلقه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا أبو عمر
الدوري حفص بن عمر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مفاتيح الغيب خمس لا يعلم ما تضع الأرحام أحد إلا الله
ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله
ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة \ 70 \
272

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي حدثنا يحيى بن أيوب
المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم
مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض
الأرحام أحد إلا الله ولا ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر
إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت ولا يعلم متى تقوم
الساعة أحد إلا الله
\ 71 \ ذكر الزجر عن العلم بأمر الدنيا مع الانهماك
فيها والجهل بأمر الآخرة ومجانبة أسبابها
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال حدثنا أحمد بن يوسف
السلمي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند
عن أبيه
273

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب بالأسواق جيفة
صارت حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة
\ 72 \ ذكر الزجر عن تتبع المتشابه من القرآن
للمرء المسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا
عبد الله حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري قال حدثني بن أبي مليكة عن
القاسم بن محمد
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات إلى آخرها فقال
إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاعلموا أنهم الذين عنى الله
فاحذروهم \ 73 \
274

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال
حدثنا أنس بن عياض عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنزل
القرآن على سبعة أحرف والمراء في القرآن كفر ثلاثا ما عرفتم منه
فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه
275

أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم
ما عرفتم منه فاعملوا به أضمر فيه الاستطاعة يريد اعملوا بما
عرفتم من الكتاب ما استطعتم وقوله وما جهلتم منه فردوه إلى
عالمه فيه الزجر عن ضد هذا الأمر وهو أن لا يسألوا من لا يعلم
\ 74 \ ذكر العلة التي من أجلها قال النبي صلى الله
عليه وسلم وما جهلتم منه فردوه إلى
عالمه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا إسحاق بن سويد
الرملي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أخي عن
سليمان بن بلال عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن
أبي الأحوص
عن بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن \ 75 \
276

ذكر الزجر عن مجادلة الناس في كتاب الله
مع الأمر بمجانبة من يفعل ذلك
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا عاصم بن النضر
الأحول قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أيوب يحدث عن بن
أبي مليكة
عن عائشة أنها قالت قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم هذه
الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم
الكتاب وأخر متشابهات إلى قوله أولي الألباب
قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم
277

الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم قال مطر حفظت أنه
قال لا تجالسوهم فهم الذين عنى الله فاحذروهم
قال أبو حاتم سمع هذا الخبر أيوب عن مطر الوراق وابن
أبي مليكة جميعا
\ 76 \ ذكر وصف العلم الذي يتوقع دخول النار في
القيامة لمن طلبه
أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي بالبصرة قال حدثنا
محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب
عن بن جريج عن أبي الزبير
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا تماروا به السفهاء ولا تخيروا
278

به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار
\ 77 \ أخبرنا محمد بن عبد الله بن يحيى بن محمد بن مخلد قال
حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود قال حدثنا بن وهب قال أخبرني
أبو يحيى بن سليمان الهدي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر
الأنصاري عن سعيد بن يسار
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا
من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة
279

وأخبرنا عمر بن محمد بن بجير حدثنا أبو الطاهر بن السرح أنبأنا بن
وهب شوال مثله
\ 78 \ ذكر الزجر عن مجالسة أهل الكلام والقدر
ومفاتحتهم بالنظر والجدال
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
وهارون بن معروف قالا حدثنا المقرئ قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب
عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك عن يحيى بن ميمون الحضرمي
عن ربيعة الجرشي
عن أبي هريرة عن عمر بن الحطاب أنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجالسوا أهل القدر
ولا تفاتحوهم \ 79 \
280

ذكر ما كان يتخوف صلى الله عليه وسلم
على أمته جدال المنافق
أخبرنا أبو يعلى حدثنا خليفة بن خياط حدثنا خالد بن
الحارث حدثنا حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة
عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أخوف ما أخاف عليكم جدال المنافق عليم اللسان
\ 80 \ أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن الاستثناء
281

حدثنا محمد بن بكر عن الصلت بن بهرام حدثنا الحسن حدثنا جندب
الأسماء في هذا المسجد
أن حذيفة حدثه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه وكان
ردئا للإسلام غيره إلى ما شاء الله فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره
وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك قال قلت يا نبي الله
أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي قال بل الرامي \ 81 \
282

ذكر ما يجب على المرء أن يسأل الله
جل وعلا العلم النافع رزقنا الله إياه
وكل مسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
قال حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر
عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول اللهم إني أسألك علما نافعا وأعوذ بك من علم
لا ينفع
\ 82 \ ذكر ما يستحب للمرء أن يقرن
إلى ما ذكرنا في التعوذ منها
أشياء معلومة
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا
أبو نصر التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
283

يقول اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع وعمل لا يرفع وقلب
لا يخشع وقول لا يسمع
\ 83 \ ذكر تسهيل الله جل وعلا طريق الجنة على
من يسلك في الدنيا طريقا يطلب فيه علما
أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي الزاهد قال حدثنا
يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن
أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من سلك طريقا يطلب فيه علما سهل الله به طريقا من طرق
284

الجنة ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه
\ 84 \ ذكر بسط الملائكة أجنحتها لطلبة العلم رضا
بصنيعهم ذلك
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن
رافع قالا حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن عاصم
عن زر قال أتيت صفوان بن عسال المرادي قال ما جاء
بك قال جئت أنبط العلم قال فإني سمعت رسول الله صلى الله
285

عليه وسلم يقول ما من خارج يخرج من بيته يطلب العلم إلا
وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع
\ 85 \ ذكر أمان الله جل وعلا من النار من أوى إلى
مجلس علم ونيته فيه صحيحة
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن أبا مرة مولى عقيل بن
أبي طالب أخبره
عن أبي حكى المؤذن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل
اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فلما وقفا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلما فأما أحدهما فرأى
فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما
286

الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى
الله
فآواه الله وأما الآخر فاستحيى الله منه وأما الآخر
فأعرض فأعرض الله عنه
\ 86 \ ذكر التسوية بين طالب العلم ومعلمه وبين
المجاهد في سبيل الله
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
قال حدثنا المقرئ قال أنبأنا حياة قال حدثني أبو صخر أن سعيدا
المقبري أخبره
أنه سمع أبا هريرة يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه
287

وسلم يقول من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان
كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى
ما ليس له \ 87 \
288

ذكر وصف العلماء الذين لهم الفضل الذي
ذكرنا قبل
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا عبد الأعلى بن
حماد قال حدثنا عبد الله بن داود الخريبي قال سمعت عاصم بن
رجاء بن حياة عن داود بن جميل
عن كثير بن قيس قال كنت جالسا مع أبي الدرداء في
مسجد دمشق فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداء إني أتيتك من مدينة
الرسول في حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال أبو الدرداء أما جئت لحاجة أما جئت لتجارة
أما جئت إلا لهذا الحديث قال نعم قال فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك
الله به طريقا من طرق الجنة والملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب
العلم وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض
والحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر
على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا
289

دينارا ولا درهما وأورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر
290

قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الحديث بيان واضح أن
العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرنا هم الذين يعلمون علم النبي
صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر العلوم ألا تراه يقول
العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا إلا العلم وعلم نبينا صلى
الله عليه وسلم سنته فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة
الأنبياء
\ 88 \ ذكر إرادة الله جل وعلا خير
الدارين بمن تفقه في الدين
أخبرنا قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن
وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن
أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في
الدين \ 89 \
291

ذكر إباحة الحسد لمن أوتي الحكمة وعلمها
الناس
أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد أنبأنا محمد بن رافع حدثنا
مصعب بن المقدام حدثنا داود الطائي عن إسماعيل بن أبي خالد
عن قيس بن أبي حازم قال
سمعت بن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه
على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها \ 90 \
292

ذكر البيان بأن من خيار الناس من حسن
خلقه في فقهه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد
القيسي حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا محمد بن زياد
سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه
293

وسلم يقول خيركم أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا
\ 91 \ ذكر البيان بأن خيار المشركين هم الخيار
في الإسلام إذا فقهوا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا النضر بن شميل حدثنا هشام عن محمد
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا \ 92 \
294

ذكر
البيان بأن العلم من خيار ما يخلف المرء بعده
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إسماعيل بن عبيد بن
أبي كريمة هو الحراني قال حدثنا محمد بن سلمة عن
أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن
أبي قتادة
عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
خير ما يخلف الرجل بعده ثلاث ولد صالح يدعوا له وصدقة تجري
يبلغه أجرها بعدم ينتفع به من بعده
قال أبو حاتم رضي الله عنه قد بقي من هذا النوع أكثر من مائة
295

حديث بددناها في سائر الأنواع من هذا الكتاب لأن تلك المواضع
بها أشبه
\ 93 \ ذكر الأمر بإقالة زلات أهل العلم والدين
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعيد بن عبد الجبار
ومحمد بن الصباح وقتيبة بن سعيد قالوا حدثنا أبو بكر بن نافع العمري
عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم \ 94 \
296

ذكر إيجاب العقوبة في القيامة على الكاتم
العلم الذي يحتاج إليه في أمور المسلمين
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا حماد بن سلمة عن
علي بن الحكم البناني عن عطاء بن أبي رباح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
كتم علما تلجم بلجام من نار يوم القيامة \ 95 \
297

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الطاهر بن السرح
قال حدثنا بن وهب قال حدثني عبد الله بن عياش بن عباس عن
أبيه عن أبي عبد الرحمن الحبلي
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار \ 96 \
298

ذكر الخبر الدال على إباحة كتمان العالم
بعض ما يعلم من العلم إذا علم أن قلوب
المستمعين له لا تحتمله
أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا عبد الله
بن سعيد الكندي قال حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن عبد الله بن
مرة عن مسروق
عن عبد الله قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم في بعض
حيطان المدينة متوكئا على عسيب إذ جاءته اليهود فسألته عن
الروح فنزلت ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الآية
\ 97 \ ذكر البيان بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في
سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون
غيره
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن
علقمة
299

عن عبد الله قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في حرث بالمدينة وهو متكئ على عسيب فمر بنفر من
اليهود فقال بعضهم لبعض لو سألتموه فقال بعضهم لا تسألوه
فيسمعكم ما تكرهون فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عن الروح فقام
ساعة ينتظر الوحي فعرفت أنه يوحى عليه فتأخرت عنه حتى صعد
الوحي ثم قرأ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الآية \ 98 \
300

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا مسروق بن المرزبان قال حدثنا
بن أبي زائدة قال حدثني داود بن أبي هند عن عكرمة
عن بن عباس قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل
عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت
؟؟؟؟؟؟؟ إلا قليلا فقالوا لم نؤت من العلم نحن إلا قليلا
وقد أوتينا التوراة ومن يؤت التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا فنزلت
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية \ 99 \
301

ذكر ما يستحب للمرء من ترك سرد الأحاديث
حذر قلة التعظيم والتوقير لها
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الطاهر بن
السرح قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب أن
عروة بن الزبير حدثه
أن عائشة قالت ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى
جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسمعني ذلك وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته
لرددت عليه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد
الحديث كسردكم
302

قال أبو حاتم رضي الله عنه قول عائشة لرددت عليه
أرادت به سرد الحديث لا الحديث نفسه
\ 100 \ ذكر الإخبار عن إباحة جواب المرء بالكناية
عما يسأل وإن كان في تلك الحالة مدحه
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا قرة بن خالد عن عمرو بن دينار
عن جابر بن عبد الله قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم
يقسم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل اعدل فقال
النبي صلى الله عليه وسلم يا ويلي لقد شقيت إن لم أعدل \ 101 \
303

ذكر الخبر الدال على أن العالم عليه ترك
التصلف بعلمه ولزوم الافتقار إلى الله
جل وعلا في كل حاله
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب
أخبرنا يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن
ها في صاحب موسى فقال بن عباس هو الخضر فمر بهما
أبي بن كعب فدعاه بن عباس فقال يا أبا الطفيل هلم إلينا
فإني قد تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل
موسى السبيل إلى لقيه فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول فيه شيئا فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
304

وسلم يقول بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل
فقال له هل تعلم أحدا أعلم منك فقال موسى لا فأوحى الله
إلى موسى بل عبدنا الخضر فسأل موسى السبيل إلى لقيه فجعل
الله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك تلقاه
فسار موسى ما شاء الله أن يسير ثم قال لفتاه آتنا غداءنا فقال
لموسى حين سأله الغداء أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت
الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وقال موسى لفتاه ذلك
ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا وكان من شأنهما
ما قص الله في كتابه \ 102 \
305

ذكر الخبر الدال على إباحة إجابة العالم
السائل بالأجوبة على سبيل التشبيه
والمقايسة دون الفصل في القصة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا المخزومي قال حدثنا
عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عبيد الله بن عبد الله الأصم قال حدثنا
يزيد بن الأصم
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال يا محمد أرأيت جنة عرضها السماوات والأرض
فأين النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرأيت هذا الليل
306

قد كان ثم ليس شئ أين جعل قال الله أعلم قال فإن الله
يفعل ما يشاء
\ 103 \ ذكر
الخبر الدال على إباحة إعفاء المسؤول
عن العلم عن إجابة السائل على الفور
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
المثنى قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا فليح عن هلال بن علي
عن عطاء بن يسار
عن أبي هريرة قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى صلى الله
عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال وكره ما قال
وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل
عن الساعة قال بها أنا ذا قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر
307

الساعة قال فما إضاعتها قال إذ اشتد الأمر فانتظر
الساعة
\ 104 \ ذكر الإباحة للعالم إذا سئل عن الشئ أن
يغضي عن الإجابة مدة ثم يجيب ابتداء منه
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا الحسين بن
الحسن المروزي قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثنا حميد الطويل
عن أنس بن مالك قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال يا رسول الله متى قيام الساعة فقام النبي صلى
308

الله عليه وسلم إلى الصلاة فلما قضى الصلاة قال أين السائل
عن ساعته فقال الرجل أنا يا رسول الله قال ما أعددت لها
قال ما أعددت لها كبير شئ ولا صلاة ولا صيام أو قال
ما أعددت لها كبير عمل إلا أني أحب الله ورسوله فقال النبي
صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب أو قال أنت مع من
أحببت قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بشئ بعد الإسلام مثل
فرحهم بهذا \ 105 \ ذكر الخبر الدال على إباحة إلقاء العالم على
تلاميذه المسائل التي يريد أن يعلمهم إياها
ابتداء وحثه إياهم على مثلها
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا
بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال
أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج حين زاغت الشمس فصلى لهم صلاة الظهر فلما سلم قام
على المنبر فذكر الساعة وذكر أن قبلها أمورا عظاما ثم قال من
أحب أن يسألني عن شئ فليسألني عنه فوالله لا تسألوني عن
شئ إلا حدثتكم به ما دمت في مقامي قال أنس بن مالك فأكثر
الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول سلوني
309

سلوني فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله
قال أبوك حذافة فلما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن
يقول سلوني برك عمر بن الخطاب على ركبتيه قال يا رسول
الله رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه
وسلم رسولا قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
قال عمر ذلك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي
نفسي بيده لقد عرض علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط
فلم أر كاليوم في الخير والشر \ 106 \
310

ذكر الخبر الدال على أن المصطفى صلى
الله عليه وسلم قد كان يعرض له الأحوال
في بعض الأحايين يريد بها إعلام أمته الحكم
فيها لو حدثت بعده صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن
نمير قال حدثنا عبدة وأبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع
قراءة رجل في المسجد فقال يرحمه الله لقد أذكرني آية كنت
أنسيتها \ 107 \
311

ذكر الخبر الدال على إباحة اعتراض المتعلم
على العالم فيما يعلمه من العلم
أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل حدثنا هشام بن عمار
حدثنا أنس بن عياض حدثنا الأوزاعي عن بن شهاب عن سعيد بن
المسيب
سمع أبا هريرة يقول قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يا رسول الله نعمل في شئ نأتنفه أم في شئ قد فرغ منه قال
بل في شئ قد فرغ منه قال ففيم العمل قال يا عمر لا يدرك
ذاك إلا بالعمل قال إذا نجتهد يا رسول الله
\ 108 \ ذكر الإباحة للمرء أن يسأل عن الشئ وهو
خبير به من غير أن يكون ذاك به استهزاء
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا حوثرة بن أشرس قال حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت
\ 109 \
312

عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير فدخل علينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أبا عمير ما فعل
النغير
313

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك
التكلف في دين الله بما تنكب عنه وأغضي
عن إبدائه
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال
حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن الزهري قال أخبرني عامر بن سعد بن
أبي وقاص
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم
الناس في المسلمين جرما من سأل عن مسألة لم تحرم فحرم على
المسلمين من أجل مسألته \ 110 \
314

ذكر الخبر الدال على إباحة إظهار المرء
بعض ما يحسن من العلم إذا صحت نيته في
إظهاره
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب أن
عبيد الله بن عبد الله أخبره
أن بن عباس كان يحدث أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال يا رسول الله إني رأيت الليلة في المنام ظلة
تنطف السمن والعسل وإذا الناس يتكففون منها بأيديهم
فالمستكثر والمستقل وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض
فأراك أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل من بعدك فعلا ثم
أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل
له فعلا قال أبو بكر يا رسول الله معبد أنت والله لتدعني
فلأعبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم عبر قال أبو بكر أما
الظلة فظلة الإسلام وأما الذي ينطف من السمن والعسل فالقرآن
حلاوته ولينه وأما ما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من
315

القرآن والمستقل وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض
فالحق الذي أنت عليه أخذته فيعليك الله ثم يأخذ به رجل من
بعدك فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر
فينقطع به ثم يوصل له فيعلو فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت
أصبت أم أخطأت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت
بعضا وأخطأت بعضا قال والله يا رسول الله لتخبرني بالذي
أخطأت قال لا تقسم \ 111 \
316

ذكر الحكم فيمن دعا إلى هدى أو ضلالة
فاتبع عليه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا
إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من
أجورهم شئ ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام
من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا \ 112 \
318

ذكر البيان بأن على العالم أن لا يقنط عباد
الله عن رحمة الله
سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن
الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمدا
يقول
سمعت أبا هريرة يقول مر رسول الله صلى الله عليه وسلم
على رهط من أصحابه وهم يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فأتاه جبريل فقال إن الله يقول
لك لم تقنط عبادي قال فرجع إليهم فقال سددوا وقاربوا
وأبشروا
319

قال أبو حاتم رضي الله عنه سددوا يريد به كونوا
مسددين والتسديد لزوم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع
سنته وقوله وقاربوا يريد به لا تحملوا على الأنفس من التشديد
ما لا تطيقون وأبشروا فإن لكم الجنة إذا المعفون طريقتي في التسديد وقاربتم في الأعمال
\ 113 \ ذكر إباحة تأليف العالم كتب الله جل وعلا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الأعلى حدثنا وهب بن جرير
حدثني أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب
عن عبد الرحمن بن شماسة
عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم نؤلف القرآن من الرقاع \ 114 \
320

ذكر الحث على تعليم كتاب الله
وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن
موسى بن علي بن رباح قال سمعت أبي يقول
سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو إلى
بطحان أو العقيق فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين صيدهما
يأخذهما في غير إثم ولا قطيعة رحم قالوا كلنا يا رسول الله
يحب ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن يغدو
أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين
وثلاث خير من ثلاث وأربع خير من عدادهن من الإبل
321

قال أبو حاتم هذا الخبر أضمر فيه كلمة وهي لو تصدق بها
يريد بقوله فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين وثلاث
لو تصدق بها لأن فضل تعلم آيتين من كتاب الله أكبر من فضل
ناقتين وثلاث وعدادهن من الإبل لو تصدق بها إذ محال أن يشبه من
تعلم آيتين من كتاب الله في الأجر بمن نال بعض حطام الدنيا
فصح بما وصفت صحة ما ذكرت
\ 115 \ أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسلم بن
إبراهيم قال حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن
سلام عن جده
عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شافعا لأصحابه وعليكم
بالزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما
غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير تحاجان عن
أصحابهما وعليكم بسورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة
ولا يستطيعها البطلة \ 116 \
322

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعلم
كتاب الله جل وعلا واتباع ما فيه عند وقوع
الفتن خاصة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مسعر بن كدام عن
عمرو بن مرة عن عبد الله بن الصامت
عن حذيفة قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير
الذي نحن فيه من شر نحذره قال يا حذيفة عليك بكتاب الله
فتعلمه واتبع ما فيه خيرا لك \ 117 \
323

ذكر
البيان بأن من خير الناس من تعلم القرآن وعلمه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا عبد الله بن رجاء
الغداني أخبرنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن
أبي عبد الرحمن السلمي
324

عن عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
قال أبو عبد الرحمن فهذا الذي أقعدني هذا المقعد
\ 118 \ ذكر الأمر باقتناء القرآن مع تعليمه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
زيد بن حباب عن موسى بن علي قال سمعت أبي يقول
سمعت عقبة بن عامر يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم تعلموا القرآن واقتنوه فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من
المخاض في العقل \ 119 \
325

ذكر الزجر عن أن لا يستغني المرء بما
أوتي من كتاب الله جل وعلا
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
326

موهب قال حدثنا الليث عن بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك
عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن
قال أبو حاتم معنى قوله صلى الله عليه وسلم ليس منا في
هذه الأخبار يريد به ليس مثلنا في استعمال هذا الفعل لأنا
لا نفعله فمن فعل ذلك فليس مثلنا
\ 120 \
327

ذكر وصف من أعطي القرآن والإيمان أو
أعطي أحدهما دون الآخر
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا العباس بن الوليد
النرسي حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت عوفا يقول سمعت قسامة
هو بن زهير يحدث
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل
من أعطي القرآن والإيمان كمثل أترجة طيب الطعم طيب الريح
ومثل من لم يعط القرآن ولم يعط الإيمان كمثل الحنظلة مرة الطعم
لا ريح لها ومثل من أعطي الإيمان ولم يعط القرآن كمثل التمرة طيبة
الطعم ولا ريح لها ومثل من أعطي القرآن ولم يعط الإيمان كمثل
328

الريحانة مرة الطعم طيبة الريح
\ 121 \ ذكر
نفي الضلال عن الأخذ بالقرآن
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري
عن أبي شريح الهدي قال خرج علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال أبشروا وأبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا
الله وأني رسول الله قالوا نعم قال فإن هذا القرآن سبب
طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن
329

تهلكوا بعده أبدا
\ 122 \ ذكر
إثبات الهدى لمن اتبع القرآن والضلالة
لمن تركه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
عفان حدثنا حسان بن إبراهيم عن سعيد بن مسروق
عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال دخلنا عليه فقلنا
له لقد رأيت خيرا صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت
خلفه فقال نعم وإنه صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال إني
330

تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن
تركه كان على الضلالة
\ 123 \ ذكر البيان بأن القرآن من جعله إمامه بالعمل
قاده إلى الجنة ومن جعله وراء ظهره بترك
العمل ساقه إلى النار
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران حدثنا
محمد بن العلاء بن كريب حدثنا عبد الله بن الأجلح عن الأعمش عن
أبي سفيان
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن
مشفع وماحل مصدق من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله
331

خلف ظهره ساقه إلى النار
قال أبو حاتم هذا خبر يوهم يسير من جهل صناعة العلم أن
القرآن مجعول مربوب وليس كذلك لكن يسير مما نقول في كتبنا
إن العرب في لغتها تطلق اسم الشئ على سببه كما تطلق اسم
السبب على الشئ فلما كان العمل بالقرآن قاد صاحبه إلى الجنة
أطلق اسم ذلك الشئ الذي هو العمل بالقرآن على سببه الذي
هو القرآن لا أن القرآن يكون مخلوقا
\ 124 \ ذكر إباحة الحسد لمن أوتي كتاب الله تعالى
فقام به آناء الليل والنهار
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا بن أبي عمر
العدني حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم
332

عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا
في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار
ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار
\ 125 \ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار
أراد به فهو يتصدق به
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني
يونس عن بن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حسد
إلا على اثنتين رجل آتاه الله هذا الكتاب فقام به آناء الليل
والنهار ورجل أعطاه الله مالا فتصدق به آناء الليل وآناء النهار \ 126 \
333

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الخلفاء
الراشدين والكبار من الصحابة غير جائز أن
يخفى عليهم بعض أحكام الوضوء والصلاة
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
المثنى قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال سمعت أبي قال
حدثنا حسين المعلم أن يحيى بن أبي كثير حدثه عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن عطاء بن يسار
334

عن زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان بن عفان عن
الرجل إذا جامع ولم ينزل فقال ليس عليه شئ ثم قال عثمان
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسألت بعد ذلك
علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله
وأبي بن كعب فقالوا مثل ذلك قال أبو سلمة وحدثني عروة بن
الزبير أنه سأل أبا أيوب الأنصاري فقال مثل ذلك عن النبي
صلى الله عليه وسلم \ 127 \
335

كتاب الإيمان
باب الفطرة
أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان حدثنا موسى بن
مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن
حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل
مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه \ 128 \
336

ذكر
إثبات الألف بين الأشياء الثلاثة التي ذكرناها
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل
البخاري حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد
عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل
مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على
الفطرة أراد به على الفطرة التي فطره الله عليها جل وعلا يوم
337

أخرجهم من صلب آدم لقوله جل وعلا فطرة الله التي فطر الناس
عليها لا تبديل لخلق الله
يقول لا تبديل لتلك الخلقة التي خلقهم لها إما لجنة وإما
لنار حيث أخرجهم من صلب آدم فقال هؤلاء للجنة وهؤلاء
للنار ألا ترى أن غلام الخضر قال صلى الله عليه وسلم طبعه الله
يوم طبعه كافرا وهو بين أبوين مؤمنين فأعلم الله ذلك عبده
الخضر ولم يعلم ذلك كليمه موسى صلى الله عليه وسلم على
ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا
\ 129 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به حميد بن عبد الرحمن
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
338

أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما
تنتجون إبلكم هذه هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة
فاقرؤوا إن شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق
الله
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم فأبواه يهودانه
وينصرانه ويمجسانه مما نقول في كتبنا إن العرب تضيف الفعل إلى
الآمر كما تضيفه إلى الفاعل فأطلق صلى الله عليه وسلم اسم
التهود والتنصر والتمجس على من أمر ولده بشئ منها بلفظ الفعل
لا أن المشركين هم الذين يهودون أولادهم أو ينصرونهم أو يمجسونهم
دون قضاء الله عز وجل في سابق علمه في عبيده على حسب
339

ما ذكرناه في غير موضع من كتبنا وهذا كقول بن عمر إن النبي
صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجته يريد به أن الحالق فعل
ذلك به صلى الله عليه وسلم لا نفسه وهذا كقوله صلى الله عليه
وسلم من حين يخرج أحدكم من بيته إلى الصلاة فخطوتاه إحداهما
تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة يريد أن الله يأمر بذلك لا أن
الخطوة تحط الخطيئة أو ترفع الدرجة وهذا كقول الناس الأمير
ضرب فلانا ألف سوط يريدون أنه أمر بذلك لا أنه فعل بنفسه
\ 130 \ ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أنه مضاد
للخبرين اللذين ذكرناهما قبل
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أنبأنا يونس عن بن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره
أنه سمع أبا هريرة يقول سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ذراري المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين \ 131 \
340

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أنه مضاد لخبر أبي هريرة الذي ذكرناه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسلم بن إبراهيم
حدثنا السري بن يحيى أبو الهيثم وكان عاقلا حدثنا الحسن
عن الأسود بسريع وكان شاعرا وكان أول من قص في
هذا المسجد قال أفضى بهم القتل إلى أن قتلوا الذرية فبلغ
النبي صلى الله عليه وسلم فقال أوليس خياركم أولاد
المشركين ما من مولود يولد إلا على فطرة الإسلام حتى يعرب
فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه
341

قال أبو حاتم في خبر الأسود بن سريع هذا ما من مولود
يولد إلا على فطرة الإسلام أراد به الفطرة التي يعتقدها أهل
الإسلام التي ذكرناها قبل حيث أخرج الخلق من صلب آدم فإقرار
المرء بتلك الفطرة من الإسلام فنسب الفطرة إلى الإسلام عند
الاعتقاد على سبيل المجاورة
\ 132 \ ذكر الخبر المصرح بأن قوله صلى الله عليه
وسلم الله أعلم بما كانوا عاملين كان بعد
قوله كل مولود يولد على الفطرة
أخبرنا عمر بن سعيد الطائي بمنبح أخبرنا أحمد بن أبي بكر
الزهري عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل
مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من
بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء قالوا يا رسول الله أفرأيت من
يموت وهو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملين \ 133 \
342

ذكر العلة من أجلها قال صلى الله عليه
وسلم أوليس خياركم أولاد المشركين
سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن
الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن
زياد يقول
سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه
وسلم يقول عجب ربنا من أقوام يقادون إلى الجنة في
السلاسل
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من
ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ علم المخاطب بما يخاطب به في القصد
إلا بهذه الألفاظ التي استعملها الناس فيما بينهم والقصد في هذا
343

الخبر السبي الذي يسبيهم المسلمون من دار الشرك مكتفين في
السلاسل يقادون بها إلى دور الإسلام حتى يسلموا فيدخلوا الجنة
ولهذا المعنى أراد صلى الله عليه وسلم بقوله في خبر الأسود بن
سريع أوليس خياركم أولاد المشركين وهذه اللفظة أطلقت أيضا
بحذف من عنها يريد أوليس من خياركم
\ 134 \ ذكر خبر أوهم من لم يحسن طلب العلم
مظانه أنه مضاد للأخبار التي تقدم ذكرنا لها
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن
مالك عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في
بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء
والصبيان \ 135 \
344

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أنه مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء
حدثنا سفيان قال سمعناه من الزهري عودا وبدءا عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس قال أخبرني الصعب بن جثامة قال مر
بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء أو بودان فأهديت إليه
لحم حمار وحش فرده علي فلما رأى الكراهية في وجهي قال
إنه ليس بنا رد عليك ولكنا حرم
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدار من المشركين
يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم قال هم منهم
قال وسمعته يقول لا حمى إلا لله ورسوله
\ 136 \
345

ذكر الخبر المصرح بأن نهيه صلى الله عليه
وسلم عن قتل الذراري من المشركين كان
بعد قوله صلى الله عليه وسلم هم منهم
أخبرنا جعفر بن سنان القطان بواسط حدثنا العباس بن
محمد بن حاتم حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن عمرو عن الزهري
عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول لاحمى الله ولرسوله وسألته عن
347

أولاد المشركين أنقتلهم معهم قال نعم فإنهم منهم ثم نهى
عن قتلهم يوم حنين
\ 137 \ ذكر خبر قد أوهم من أغضى عن علم السنن
واشتغل بضدها أنه يضاد الأخبار التي ذكرناها
قبل
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن العلاء بن المسيب عن فضيل بن
عمرو عن عائشة بنت طلحة
عن عائشة أم المؤمنين قالت توفي صبي فقلت طوبى
له عصفور من عصافير الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم
أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه
348

أهلا
قال أبو حاتم أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله هذا ترك
التزكية لأحد مات على الإسلام ولئلا يشهد بالجنة لأحد وإن عرف
منه إتيان الطاعات والانتهاء عن المزجورات ليكون القوم أحرص
على الخير وأخوف من الرب لا أن الصبي الطفل من المسلمين
يخاف عليه النار وهذه مسألة طويلة قد أمليناها بفصولها والجمع
بين هذه الأخبار في كتاب فصول السنن وسنمليها إن شاء الله بعد
هذا الكتاب في كتاب الجمع بين الأخبار ونفي التضاد عن الآثار إن
يسر الله تعالى ذلك وشاء
\ 138 \
349

باب التكليف
ذكر الأخبار عن نفي تكليف الله عباده
ما لا يطيقون
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال
الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة قال لما نزلت على النبي صلى الله عليه
وسلم هذه الآية لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا
ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من
يشاء والله على كل شئ قدير أتوا النبي صلى الله
عليه وسلم فجثوا على الركب وقالوا لا نطيق لا نستطيع كلفنا
من العمل ما لا نطيق ولا نستطيع فأنزل الله آمن الرسول بما
أنزل إليه من ربه والمؤمنون إلى قوله غفرانك ربنا وإليك
المصير فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولوا
كما قال أهل الكتاب من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا
وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فأنزل الله لا يكلف الله نفسا
350

إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا
أو أخطأنا قال نعم ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على
الذين من قبلنا قال نعم ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف
عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين قال
نعم \ 139 \
351

ذكر الإخبار عن الحالة التي من أجلها أنزل
الله جل وعلا لا إكراه في الدين
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا
حسن بن علي الحلواني قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن
أبي بشر عن سعيد بن جبير
عن بن عباس في قوله لا إكراه في الدين
قال كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن
عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء
الأنصار فقالت الأنصار يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله هذه الآية
لا إكراه في الدين قال سعيد بن جبير فمن شاء لحق بهم ومن
شاء دخل في الإسلام
\ 140 \
352

ذكر البيان بأن الفرض الذي جعله الله جل
وعلا نفلا جائز أن يفرض ثانيا فيكون ذلك
الفعل الذي كان فرضا في البداية فرضا ثانيا
في النهاية
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج قال حدثنا
سعيد بن حفص النفيلي قال قرأنا على معقل بن عبيد الله عن الزهري عن عروة
عن عائشة أنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
ليلة في رمضان فصلى في المسجد فصلى رجال وراءه بصلاته
فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع أكثرهم منهم فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا
بذلك فاجتمع أهل المسجد ليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد
عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لصلاة
الفجر فلما قضيت صلاة الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم
قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض
عليكم فتقعدوا عنها
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام شهر
رمضان من غير أن يأمرهم بقضاء أمر فيه يقول من قام رمضان
إيمانا واحتسابا ورجاله له ما تقدم من ذنبه
353

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم
كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر؟؟؟؟ أجمعين \ 141 \
354

ذكر الإخبار عن العلة التي من أجلها إذا
عدمت رفعت الأقلام عن الناس في كتبة
الشئ عليهم
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن
سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع
القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الغلام حتى يحتلم
وعن المجنون حتى يفيق \ 142 \
355

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا يونس بن
عبد الأعلى حدثنا بن وهب أخبرني جرير بن حازم عن سليمان بن مهران
عن أبي ظبيان
عن بن عباس قال مر علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بمجنونة بني فلان قد زنت أمر عمر برجمها فردها علي وقال
لعمر يا أمير المؤمنين أترجم هذه قال نعم قال أو ما تذكر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن
المجنون المغلوب على عقله وعن النائم حتى يستيقظ وعن
الصبي حتى يحتلم قال صدقت فخلى عنها \ 143 \
356

ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا الخبرين
الأولين اللذين ذكرناهما بأن القلم رفع
عن الأقوام الذين ذكرناهم في كتبة الشر
عليهم دون كتبة الخير لهم
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء
حدثنا سفيان قال سمعته من إبراهيم بن عقبة قال سمعت كريبا يخبر
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صدر من
مكة فلما كان بالروحاء استقبله ركب فسلم عليهم فقال من
القوم قالوا المسلمون فمن أنتم قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ففزعت امرأة منهم فرفعت صبيا لها من محفة
وأخذت بعضلته فقالت يا رسول
هل لهذا حج قال نعم
ولك أجر
357

قال إبراهيم فحدثت بهذا الحديث بن المنكدر فحج بأهله
أجمعين
\ 144 \ ذكر الإخبار عما وضع الله من الحرج عن
الواجد في نفسه ما لا يحل له أن ينطق به
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال
حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله إنا لنجد في
358

أنفسنا أشياء ما نحب أن نتكلم بها وإن لنا ما طلعت عليه الشمس
فقال صلى الله عليه وسلم قد وجدتم ذلك قالوا نعم قال
ذاك صريح الإيمان
\ 145 \ ذكر خبر أوهم من لم يتفقه في صحيح الآثار ولا أمعن
في معاني الأخبار أن وجود ما ذكرنا هو محض الإيمان
أخبرنا أبو عروبة بحران قال حدثنا محمد بن بشار قال
حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح
عن أبي هريرة أنهم قالوا يا رسول الله إنا لنجد في أنفسنا
شيئا لأن يكون أحدنا حممة أحب إليه من أن يتكلم به قال ذاك
محض الإيمان
359

قال أبو حاتم رضي الله عنه إذا وجد المسلم في قلبه
أو خطر بباله من الأشياء التي لا يحل له النطق بها من كيفية الباري
جل وعلا أو ما يشبه هذه فرد ذلك على قلبه بالإيمان الصحيح
وترك العزم على شئ منها كان رده إياها من الإيمان بل هو من
صريح الإيمان لا أن خطرات مثلها من الإيمان
\ 146 \ ذكر الإباحة للمرء أن يعرض بقلبه
شئ من وساوس الشيطان بعد
أن يردها من غير اعتقاد القلب
على ما وسوس إليه الشيطان
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن منصور عن ذر عن عبد الله بن شداد
عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه الشئ لأن
يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال صلى الله عليه وسلم
الله أكبر الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة \ 147 \
360

ذكر البيان بأن حكم الواجد في نفسه
ما وصفنا وحكم المحدث إياها به سيان
ما لم ينطق به لسانه
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إن أحدنا ليحدث
نفسه بالشئ يعظم على أحدنا أن يتكلم به قال أوقد وجدتموه
ذاك صريح الإيمان
\ 148 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي ومحمد بن إبراهيم بن
المنذر النيسابوري بمكة وعدة قالوا حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء
قال سمعت علي بن عثام يقول أتيت سعير بن الخمس أسأله عن حديث
الوسوسة فلم يحدثني فأدبرت أبكي ثم لقيني فقال تعال حدثنا اني
عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
361

الرجل يجد الشئ لو خر من السماء فتخطفه الطير كان أحب إليه من
أن يتكلم قال ذاك صريح الإيمان
\ 149 \ ذكر الأمر للمرء بالإقرار لله جل وعلا
بالوحدانية ولصفيه صلى الله عليه وسلم
بالرسالة عند وسوسة الشيطان إياه
أخبرنا العباس بن أحمد بن حسان السامي بالبصرة حدثنا
كثير بن عبيد المذحجي حدثنا مروان بن معاوية أخبرنا هشام بن عروة عن
أبيه
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن
يدع الشيطان أن يأتي أحدكم فيقول من خلق السماوات والأرض
فيقول الله فيقول فمن خلقك فيقول الله فيقول من خلق
الله فإذا حس أحدكم بذلك فليقل آمنت بالله وبرسله \ 150 \
362

باب فضل الإيمان
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا حفص بن عمر الحوضي حدثنا محرر بن قعنب الباهلي حدثنا رياح بن عبيدة عن ذكوان
السمان
عن جابر بن عبد الله قال بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال ناد في الناس من قال لا إله إلا الله دخل الجنة
فخرج فلقيه عمر في الطريق فقال أين تريد قلت بعثني رسول
الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا قال ارجع فأبيت فلهزني
لهزة في صدري ألمها فرجعت ولم أجد بدا قال يا رسول الله
بعثت هذا بكذا وكذا قال نعم قال يا رسول الله إن الناس
قد طمعوا وخشوا فقال صلى الله عليه وسلم أقعد
\ 151 \
363

ذكر البيان بأن أفضل الأعمال هو الإيمان
بالله أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري حدثنا محمد بن يحيى
بن أبي عمر العدني حدثنا سفيان والداروردي عن هشام بن عروة عن
أبيه عن أبي مراوح الغفاري
364

عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل
قال إيمان بالله وجهاد في سبيله
\ 152 \ ذكر البيان بأن الواو الذي في خبر أبي ذر
الذي ذكرناه ليس بواو وصل وإنما هو واو
بمعنى ثم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان حدثنا بن
أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن
المسيب
عن أبي هريرة قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه
365

وسلم فقال يا رسول الله أي العمل أفضل قال الإيمان
بالله قال ثم ماذا قال ثم الجهاد في سبيل الله قال ثم ماذا
قال ثم حج مبرور
\ 153 \
366

باب
فرض الإيمان
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عيسى بن حماد
قال حدثنا الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن
أبي نمر
أنه سمع أنس بن مالك يقول بينا نحن جلوس في المسجد
دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم
أيكم محمد ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين
ظهرانيهم قال فقلنا له هذا الأبيض المتكئ فقال له الرجل
يا بن عبد المطلب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
أجبتك فقال الرجل يا محمد إني سائلك فمشتد عليك في
المسألة فلا تجدن علي في نفسك فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم سل ما بدا لك فقال الرجل نشدتك بربك ورب من
قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم اللهم نعم قال فأنشدك الله آلله أمرك أن نصلي
الصلوات الخمس في اليوم والليلة فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم اللهم نعم قال فأنشدك الله آلله أمرك أن نصوم هذا
367

الشهر من السنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم نعم
قال فأنشدك الله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا
فتقسمها على فقرائنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم
نعم فقال الرجل آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من
قومي وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر
\ 154 أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
الخطاب البلدي قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي قال حدثنا
سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت البناني
عن أنس بن مالك قال كنا نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن شئ فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية
فيسأله ونحن نسمع فأتاه رجل منهم فقال يا محمد أتانا
رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال صدق قال فمن
368

خلق السماء قال الله قال فمن خلق الأرض قال الله
قال فمن نصب هذه الجبال قال الله قال فمن جعل فيها هذه
المنافع قال الله قال فبالذي خلق السماء والأرض ونصب
الجبال وجعل فيها هذه المنافع آلله أرسلك قال نعم قال
زعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال صدق
قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال زعم
رسولك أن علينا صدقة في أموالنا قال صدق قال فبالذي
أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال زعم رسولك أن علينا
صوم شهر في سنتنا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله
أمرك بهذا قال نعم قال زعم رسولك أن علينا حج البيت من
استطاع إليه سبيلا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمرك
بهذا قال نعم قال والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن
ولا أنقص منهن شيئا فلما قفى قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أداء صدق ليدخلن الجنة
369

قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا النوع مثل الوضوء والتيمم
والاغتسال من الجنابة والصلوات الخمس والصوم الفرض وما أشبه
هذه الأشياء التي هي فرض على المخاطبين في بعض الأحوال
لا الكل
\ 155 \ أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا أمية بن
بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن
إسماعيل بن أمية عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث
معاذا إلى اليمن قال إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن
أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم وإذا فعلوها فأخبرهم أن
الله فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم فإذا
أطاعوا بهذا فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس
370

قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا النوع مثل الحج والزكاة
وما أشبههما من الفرائض التي فرضت على بعض العاقلين البالغين في
بعض الأحوال لا الكل
\ 156 \ أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
حدثنا عباد بن عباد حدثنا أبو جمرة
عن بن عباس قال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى
371

الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة قد
حالت بيننا وبينك كفار مضر ولا نخلص إليك إلا في شهر حرام
فمرنا بأمر نعمل به وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع
الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وأنهاكم عن
الدباء والحنتم والنقير والمقير
372

قال أبو حاتم روى هذا الخبر قتادة عن سعيد بن المسيب
وعكرمة عن بن عباس وأبي نضرة عن أبي سعيد
الخدري \ 157 \
373

ذكر البيان بأن الإيمان والإسلام اسمان لمعنى
واحد
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي أخبرنا وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان
سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسا أن رجلا قال لابن
عمر ألا تغزو فقال عبد الله بن عمر إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا
الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت
374

قال أبو حاتم هذان خبران خرج خطابهما على حسب الحال
لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر الإيمان ثم عده أربع خصال ثم ذكر
الإسلام وعدة خمس خصال وهذا ما نقول في كتبنا بأن العرب
تذكر الشئ في لغتها بعدد معلوم ولا تريد بذكرها ذلك العدد نفيا
عما وراءه ولم يرد بقوله صلى الله عليه وسلم إن الإيمان لا يكون
إلا ما عد في خبر بن عباس لأنه ذكر صلى الله عليه وسلم في غير
خبر أشياء كثيرة من الإيمان ليست في خبر بن عمر ولا بن عباس اللذين ذكرناهما
\ 158 \ ذكر الخبر الدال على أن الإيمان والإسلام
اسمان بمعنى واحد
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوما بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي فقال يا محمد ما الإيمان
قال أن تؤمن بالله وملائكته ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث
الآخر قال يا رسول الله فما الإسلام قال لا تشرك بالله شيئا
وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان
قال يا محمد ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن
لم تكن تراه فإنه يراك قال يا محمد فمتى الساعة قال
ما المسؤول عنها بأعلم من السائل وسأحدثك عن أشراطها إذا
ولدت الأمة ربتها ورأيت العراة الحفاة رؤوس الناس في خمس
375

لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة الآية
ثم انصرف الرجل فالتمسوه فلم يجدوه فقال ذاك
جبريل جاء ليعلم الناس دينهم
\ 159 \ ذكر الخبر الدال على أن الإسلام والإيمان اسمان بمعنى
واحد يشتمل ذلك المعنى على الأقوال والأفعال معا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن
الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية
376

عن أبيه أنه قال يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما أتيتك
حتى حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك فما الذي بعثك به قال
الإسلام قال وما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله وأن توجه
وجهك لله وأن تصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة
أخوان نصيران لا يقبل الله من عبد توبة أشرك بعد إسلامه \ 160 \
377

ذكر الخبر الدال على أن الإيمان والإسلام
اسمان بمعنى واحد
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أنبأنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسلم يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء \ 161 \
378

ذكر الخبر الدال على أن هذا الخطاب
مخرجه مخرج العموم والقصد فيه
الخصوص أراد به بعض الناس لا الكل
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج أنبأنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه
ضيف كافر فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب
حلابها ثم أخرى فشرب حلابها حتى شرب حلاب سبع شياه ثم
إنه مطرف فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة
فحلبت فشرب حلابها ثم أمر له بأخرى فلم يستتمها فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن يشرب في معي واحد
والكافر يشرب في سبعة أمعاء \ 162 \
379

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن الإسلام
والإيمان بينهما فرقان
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن
أبي وقاص
عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى رجالا ولم
يعط رجلا منهم شيئا فقلت يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا
ولم تعط فلانا شيئا وهو مؤمن فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو مسلم قالها ثلاثا قال الزهري نرى أن الإسلام
الكلمة والإيمان العمل \ 163 \
380

ذكر خبر أوهم بعض المستمعين ممن
لم يطلب العلم من مظانه أنه مضاد
للخبرين اللذين ذكرناهما
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني
الليث بن سعد عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد المؤذن عن عبيد الله بن
عدي بن الخيار
عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله
أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي
بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة وقال أسلمت لله أفأقتله
بعد أن قالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله
قلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها
أفأقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتله فإن
قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلة قبل أن يقول كلمته
التي قال
381

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم
فإن قتلته بمنزلتك قبل أن تقتله يريد به أنك تقتل قودا لأنه
كان قبل أن أسلم حلال الدم وإذا قتلته بعد إسلامه صرت بحالة تقتل
مثله قودا به لا أن قتل المسلم يوجب كفرا يخرج من الملة إذ الله
قال يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى \ 164 \
382

ذكر إثبات الإيمان للمقر بالشهادتين معا
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن المثنى حدثنا بن
أبي عدي عن حجاج الصواف حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هلال بن
أبي ميمونة عن عطاء بن يسار
عن معاوية بن الحكم السلمي قال كانت لي غنيمة ترعاها
جارية لي في قبل أحد والجوانية فاطلعت عليها ذات يوم وقد ذهب
الذئب منها بشاة وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون فصككتها
صكة فعظم ذلك علي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال أين الله
قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال أعتقها فإنها مؤمنة \ 165 \
383

ذكر
البيان بأن الإيمان أجزاء وشعب لها أعلى وأدنى
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي حدثنا جرير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار
عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة فأرفعها لا إله
إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من
الإيمان
384

قال أبو حاتم أشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر
إلى الشئ الذي هو فرض على المخاطبين في جميع الأحوال
فجعله أعلى الإيمان ثم أشار إلى الشئ الذي هو نفل للمخاطبين
في كل الأوقات فجعله أدنى الإيمان فدل ذلك على أن كل شئ
فرض على المخاطبين في كل الأحوال وكل شئ فرض على بعض
المخاطبين في بعض الأحوال وكل شئ هو نفل للمخاطبين في
كل الأحوال كله من الإيمان
385

وأما الشك في أحد العددين فهو من سهيل بن أبي صالح في
الخبر كذلك قاله معمر عن سهيل وقد رواه سليمان بن بلال عن
عبد الله بن دينار عن أبي صالح مرفوعا وقال الإيمان بضع
وستون شعبة ولم يشك وإنما تنكبنا خبر سليمان بن بلال في هذا
الموضع واقتصرنا على خبر سهيل بن أبي صالح لنبين أن الشك في
الخبر ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما
هو كلام سهيل بن أبي صالح كما ذكرناه
\ 166 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به سهيل بن أبي صالح
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن
سعيد حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن
دينار عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان
386

قال أبو حاتم اختصر سليمان بن بلال هذا الخبر فلم يذكر
ذكر الأعلى والأدنى من الشعب واقتصر على ذكر الستين دون
السبعين والخبر في بضع وسبعين خبر متقصى صحيح لا ارتياب في
ثبوته وخبر سليمان بن بلال خبر مختصر غير متقصى وأما البضع
فهو اسم يقع على أحد أجزاء الأعداد لأن الحساب بناؤه على ثلاثة
أشياء على الأعداد والفصول والتركيب فالأعداد من الواحد إلى
التسعة والفصول هي العشرات والمئات والألوف والتركيب ما عدا
ما ذكرنا وقد تتبعت معنى الخبر مدة وذلك أن مذهبنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يتكلم قط إلا بفائدة ولا من سننه شئ
لا يعلم معناه فجعلت أعد الطاعات من الإيمان فإذا هي تزيد على
هذا العدد شيئا كثيرا فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عدها
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان فإذا هي تنقص من
البضع والسبعين فرجعت إلى ما بين الدفتين من كلام ربنا وتلوته آية
آية بالتدبر وعددت كل طاعة عدها الله جل وعلا من الإيمان فإذا
هي تنقص عن البضع والسبعين فضممت الكتاب إلى السنن
وأسقطت المعاد منها فإذا كل شئ عده الله جل وعلا من الإيمان
في كتابه وكل طاعة جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الإيمان في سننه تسع وسبعون شعبة لا يزيد عليها ولا ينقص منها
شئ فعلمت أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم كان في الخبر أن
الإيمان بضع وسبعون شعبة في الكتاب والسنن فذكرت هذه المسألة
387

بكمالها بذكر شعبة في كتاب وصف الإيمان وشعبه بما أرجو أن
فيها الغنية للمتأمل إذا تأملها فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا
الكتاب
والدليل على أن الإيمان أجزاء بشعب أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال في خبر عبد الله بن دينار الإيمان بضع وسبعون
شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله فذكر جزءا من أجزاء شعبة
هي كلها فرض على المخاطبين في جميع الأحوال لأنه صلى الله
عليه وسلم لم يقل وأني رسول الله والإيمان بملائكته وكتبه ورسله
والجنة والنار وما يشبه هذا من أجزاء هذه الشعبة واقتصر على ذكر
جزء واحد منها حيث قال أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله فدل هذا
على أن سائر الأجزاء من هذه الشعبة كلها من الإيمان ثم عطف
فقال وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فذكر جزءا من أجزاء
شعبة هي نفل كلها للمخاطبين في كل الأوقات فدل ذلك على أن
سائر الأجزاء التي هي من هذه الشعبة وكل جزء من أجزاء الشعب
التي هي من بين الجزأين المذكورين في هذا الخبر اللذين هما من
388

أعلى الإيمان وأدناه كله من الإيمان وأما قوله صلى الله عليه وسلم
الحياء شعبة من الإيمان فهو لفظة أطلقت على شئ بكناية سببه
وذلك أن الحياء
جبلة في الإنسان فمن الناس من يكثر فيه ومنهم
من يقل ذلك فيه وهذا دليل صحيح على زيادة الإيمان ونقصانه لأن
الناس ليسوا كلهم على مرتبة واحدة في الحياء فلما استحال
استواؤهم على مرتبة واحدة فيه صح أن من وجد فيه أكثر كان إيمانه
أزيد ومن وجد فيه منه أقل كان إيمانه أنقص والحياء في نفسه
هو الشئ الحائل بين المرء وبين ما يباعده من ربه عن المحظورات
فكأنه صلى الله عليه وسلم جعل ترك المحظورات شعبة من الإيمان
بإطلاق اسم الحياء عليه على ما ذكرناه
\ 167 \ ذكر الإخبار عن وصف الإسلام والإيمان
بذكر جوامع شعبهما
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال الضرير
حدثنا يزيد بن زريع حدثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة
عن يحيى بن يعمر قال خرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن
الحميري حاجين أو معتمرين وقلنا لعلنا لقينا رجلا من أصحاب
389

محمد صلى الله عليه وسلم فنسأله عن القدر فلقينا بن عمر
فظننت أنه يكل الكلام إلي فقلنا يا أبا عبد الرحمن قد ظهر عندنا
أناس يقرؤون القرآن يتقفرون العلم تقفرا يزعمون أن لا قدر وأن
الأمر أنف قال فإن لقيتهم فأعلمهم أني منهم برئ وهم مني
براء والذي يحلف به بن عمر لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا
ثم لم يؤمن بالقدر لم يقبل منه ثم قال حدثني عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
جالسا إذ جاء شديد سواد اللحية شديد بياض الثياب فوضع
ركبته على ركبة النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد
ما الإسلام قال شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة وصوم رمضان وحج البيت قال صدقت فعجبنا من
سؤاله إياه وتصديقه إياه قال فأخبرني ما الإيمان قال أن
تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والقدر خيره
وشره حلوه ومره قال صدقت قال فعجبنا من سؤاله إياه
390

وتصديقه إياه قال فأخبرني ما الإحسان قال أن تعبد الله
كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال فأخبرني متى الساعة
قال ما المسؤول بأعلم من السائل قال فما أمارتها قال أن
تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في
البنيان قال فتولى وذهب فقال عمر فلقيني النبي صلى الله عليه
وسلم بعد ثالثة فقال يا عمر أتدري من الرجل قلت لا
قال ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم \ 168 \
391

ذكر خبر ثان أوهم من لم يحكم صناعة
الحديث أن الإيمان بكماله هو الإقرار
باللسان دون أن يقرنه الأعمال بالأعضاء
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا إبراهيم بن بسطام
حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الأعمش وحبيب بن أبي ثابت وعبد العزيز بن
رفيع عن زيد بن وهب
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقلت وإن زنى وإن سرق قال
وإن زنى وإن سرق \ 169 \
392

ذكر الخبر المدحض قول من زعم من أئمتنا
أن هذا الخبر كان بمكة في أول الإسلام قبل نزول الأحكام
أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة حدثنا
هشام بن عمار حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش
عن زيد بن وهب قال أشهد لسمعت أبا ذر بالربذة يقول
كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرة المدينة
فاستقبلنا أحد فقال يا أبا ذر ما يسرني أن أحدا لي ذهبا أمسي
وعندي منه دينار إلا أصرفه لدين ثم مشى ومشيت معه فقال
يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله وسعديك فقال إن الأكثرين
هم الأقلون يوم القيامة ثم قال يا أبا ذر لا تبرح حتى آتيك ثم
انطلق حتى توارى فسمعت صوتا فقلت انطلق ثم ذكرت قول
النبي صلى الله عليه وسلم لي فلبثت حتى جاء فقلت يا رسول
الله إني سمعت صوتا فأردت أن أدركك فذكرت قولك لي
فقال ذلك جبريل أتاني فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله
شيئا دخل الجنة قلت يا رسول الله وإن زنى وإن سرق قال
وإن زنى وإن سرق
394

أخبرناه القطان في عقبه حدثنا هشام بن عمار حدثنا
عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
\ 170 \ ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن الإيمان
هو الإقرار بالله وحده دون أن تكون
الطاعات من شعبة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
أبو خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي قال سمعت أبي يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وحد الله وكفر بما يعبد
من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله \ 171 \
395

ذكر وصف قوله صلى الله عليه وسلم وحد
الله وكفر بما يعبد من دونه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا
محمد بن جعفر حدثنا شعبة
عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين بن عباس وبين الناس
فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فقال إن وفد عبد القيس أتوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الوفد أو من القوم قالوا ربيعة قال مرحبا بالقوم أو بالوفد
غير خزايا ولا ندامى قالوا يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة
إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا
في شهر
حرام فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة قال
فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده
وقال هل تدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم
قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا الخمس من المغنم ونهاهم
عن الدباء والحنتم والمزفت قال شعبة وربما قال والنقير وربما
قال المقير وقال احفظوه وأخبروه من وراءكم \ 172 \
396

ذكر البيان بأن الإيمان والإسلام شعب وأجزاء
غير ما ذكرنا في خبر بن عباس وابن عمر
بحكم الأمينين محمد وجبريل عليهما السلام
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا
يوسف بن واضح
الهاشمي حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه
عن يحيى بن يعمر قال قلت يا أبا عبد الرحمن يعنى
لابن عمر إن أقواما يزعمون أن ليس قدر قال هل عندنا منهم
أحد قلت لا قال فأبلغهم عني إذا لقيتهم إن بن عمر يبرأ إلى
الله منكم التجارة برآء منه حدثنا عمر بن الخطاب قال بينما نحن
جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس إذ جاء رجل
397

ليس عليه سحناء سفر وليس من أهل البلد يتخطى حتى ورك
فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد
ما الإسلام قال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد
رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر وتغتسل
من الجنابة وأن تتم الوضوء وتصوم رمضان قال فإذا فعلت ذلك
فأنا مسلم قال نعم قال صدقت قال يا محمد ما الإيمان
قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالجنة والنار
والميزان وتؤمن بالبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره قال
فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن قال نعم قال صدقت
قال يا محمد ما الإحسان قال الإحسان أن تعمل لله كأنك
تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك قال فإذا فعلت هذا فأنا محسن
قال نعم قال صدقت قال فمتى الساعة قال سبحان الله
ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن إن شئت نبأتك عن
أشراطها قال أجل قال إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون
في البناء وكانوا ملوكا قال ما العالة الحفاة العراة قال العريب
قال وإذا رأيت الأمة تلد ربتها فذلك من أشراط الساعة قال
صدقت ثم نهض فولى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
علي بالرجل فطلبناه كل مطلب فلم نقدر عليه فقال
398

رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون من هذا هذا جبريل
أتاكم ليعلمكم دينكم خذوا عنه والذي نفسي بيده ما شبه علي منذ
أتاني قبل مرتي هذه وما عرفته حتى ولى
قال أبو حاتم تفرد سليمان التيمي بقوله خذوا عنه وبقوله
تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء
\ 173 \ ذكر البيان بأن الإيمان بكل ما جاء به
المصطفى صلى الله عليه وسلم من الإيمان
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة حدثنا القعنبي
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا شهدوا أن
لا إله إلا الله وآمنوا بي وبما جئت به عصموا مني دماءهم
399

وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
تفرد به الدراوردي قاله الشيخ \ 174 \
400

ذكر البيان بأن الإيمان بكل ما أتى به النبي
صلى الله عليه وسلم من الإيمان مع العمل به
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل حدثنا إبراهيم بن محمد
بن عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن حكى بن محمد عن أبيه
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله
قال أبو حاتم تفرد به شعبة وفي هذا الخبر بيان واضح بأن
401

الإيمان أجزاء وشعب تتباين أحوال المخاطبين فيها لأنه صلى الله
عليه وسلم ذكر في هذا الخبر حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني
رسول الله فهذا هو الإشارة إلى الشعبة التي هي فرض على
المخاطبين في جميع الأحوال ثم قال ويقيموا الصلاة فذكر
الشئ الذي هو فرض على المخاطبين في بعض الأحوال ثم قال
ويؤتوا الزكاة فذكر الشئ الذي هو فرض على المخاطبين في
بعض الأحوال فدل ذلك على أن كل شئ من الطاعات التي تشبه
الأشياء الثلاثة التي ذكرها في هذا الخبر من الإيمان \ 175 \ ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى ببعض أجزائه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن
أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده
عن أبي أمامة قال قال رجل يا رسول الله ما الإيمان
قال إذا سرتك حسناتك وساءتك سيئاتك فأنت مؤمن قال
يا رسول الله فما الإثم قال إذا حاك في قلبك شئ
فدعه \ 176 \
402

ذكر
إطلاق اسم الإيمان على من أتى جزءا
من بعض أجزائه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عبيد الله بن
معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عاصم بن محمد عن عامر بن السمط عن
معاوية بن إسحاق بن طلحة قال حدثني ثم استكتمني أن حالا به ما عاش
معاوية فذكر عامر قال سمعته وهو يقول حدثني عطاء بن يسار وهو قاضي
المدينة قال
سمعت بن مسعود وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم سيكون أمراء من بعدي يقولون ما لا يفعلون ويفعلون
ما لا يقولون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم
403

بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن لا إيمان
بعده
قال عطاء فحين سمعت الحديث منه انطلقت به إلى
عبد الله بن عمر فأخبرته فقال أنت سمعت بن مسعود يقول هذا
كالمدخل عليه في حديثه قال عطاء فقلت هو مريض فما يمنعك
أن تعوده قال فانطلق بنا إليه فانطلق وانطلقت معه فسأله عن
شكواه ثم سأله عن الحديث قال فخرج بن عمر وهو يقلب كفه
وهو يقول ما كان بن أم عبد يكذب على رسول الله صلى الله عليه
وسلم
\ 177 \ ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى بجزء
من أجزاء شعب الإقرار
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير أخبرنا
سفيان عن منصور عن ربعي
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن
العبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله
404

ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر \ 178 \ ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى بجزء
من أجزاء الشعبة التي هي المعرفة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ
حدثنا أبي عن شعبة عن قتادة
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن
405

أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين \ 179 \ ذكر إطلاق اسم الإيمان على من آمنه الناس
على أنفسهم وأملاكهم
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر حدثنا عيسى بن
حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس
على دمائهم وأموالهم \ 180 \
406

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
الإيمان شئ واحد ولا يزيد ولا ينقص
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب بخبر غريب
حدثنا أبو داود السنجي سليمان بن معبد حدثنا بن أبي مريم حدثنا
يحيى بن أيوب عن بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الإيمان سبعون أو اثنان وسبعون بابا أرفعه لا إله إلا الله وأدناه
إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان
407

قال أبو حاتم الاقتصار في هذا الخبر على هذا العدد المذكور
في خبر بن الهاد مما نقول في
كتبنا إن العرب تذكر العدد للشئ
ولا تريد بذكرها ذلك العدد نفيا عما وراءه ولهذا
نظائر نوعنا لهذا أنواعا سنذكرها بفصولها فيما بعد إن شاء الله
\ 181 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن إيمان
المسلمين واحد من غير أن يكون فيه زيادة
أو نقصان
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا علي بن
المديني قال حدثنا معن بن عيسى قال حدثنا مالك بن أنس عن
عمرو بن يحيى المازني عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يدخل الله أهل الجنة الجنة يدخل من يشاء برحمته
ويدخل أهل النار النار ثم يقول أخرجوا من كان في قلبه حبة
خردل من إيمان فيخرجون منها حمما فيلقون في نهر في الجنة
فينبتون كما تنبت حبة في جانب السيل ألم ترها صفراء
ملتوية
\ 182 \
408

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
أخرجوا من كان في قلبه حبة خردل من
إيمان أراد به بعد إخراج من كان في قلبه
قدر قيراط من إيمان
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا يحيى بن أبي رجاء بن
أبي عبيدة الحراني قال حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ميز أهل
409

الجنة وأهل النار يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قامت
الرسل فشفعوا فيقال اذهبوا فمن عرفتم في قلبه مثقال قيراط من
إيمان فأخرجوه فيخرجون بشرا كثيرا ثم يقال اذهبوا فمن عرفتم
في قلبه مثقال خردلة من إيمان فأخرجوه فيخرجون بشرا كثيرا ثم
يقول جل وعلا أنا الآن أخرج بنعمتي وبرحمتي فيخرج أضعاف
ما أخرجوا وأضعافهم قد امتحشوا وصاروا فحما فيلقون في نهر
أو في نهر من أنهار الجنة فتسقط محاشهم على حافة ذلك النهر
فيعودون بيضا مثل الثعارير فيكتب في رقابهم عتقاء الله ويسمون
فيها الجهنميين
410

الثعارير القثاء الصغار قاله الشيخ \ 183 \ ذكر الإخبار بأنهم يعودون بيضا بعد أن كانوا
فحما يرش أهل الجنة عليهم الماء
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بن حمزة قال حدثنا نصر بن
علي الجهضمي قال حدثنا بشر بن المفضل عن أبي مسلمة عن
أبي نضرة
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون
ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم حتى إذا كانوا
فحما أذن في الشفاعة فجئ بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أهل
411

الجنة ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم قال فينبتون نبات
الحبة تكون في حميل السيل فقال رجل من القوم كأنه كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالبادية \ 184 \
412

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
الإيمان لم يزل على حالة واحدة من غير أن
يدخله نقص أو كمال
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب قال قال يهودي لعمر لو علمنا
معشر اليهود متى نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا اليوم أكملت
لكم دينكم ولو نعلم اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه
عيدا فقال عمر رضي الله عنه قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه
والليلة التي أنزلت يوم الجمعة ونحن مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعرفات \ 185 \
413

ذكر خبر ثان يصرح بإطلاق لفظة مرادها نفي
الاسم عن الشئ للنقص عن دابة
لا الحكم على ظاهره
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال
حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كلهم يحدثون
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق
وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب
نهبة ذات شرف يرفع المسلمون إليها أبصارهم وهو حين ينتهبها
مؤمن
فقلت للزهري ما هذا فقال على رسول الله صلى الله
عليه وسلم البلاغ وعلينا التسليم \ 186 \
414

ذكر خبر ثالث يصرح بالمعنى الذي ذكرناه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد وابن كثير قالا حدثنا شعبة
قال حكى بن عبد الله أخبرني عن أبيه
أنه سمع بن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض \ 187 \
416

ذكر البيان بأن العرب في لغتها تضيف الاسم
إلى الشئ للقرب من التمام وتنفي الاسم
عن الشئ للنقص عن دابة
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن صالح بن جلس عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
عن زيد بن خالد الجهني أنه قال صلى لنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من
الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال
ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن
بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن
417

بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر
بي مؤمن بالكواكب
\ 188 \ ذكر خبر آخر يصرح بصحة ما ذكرنا أن
العرب تذكر في لغتها الشئ الواحد الذي
هو من أجزاء شئ باسم ذلك الشئ نفسه
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا حماد بن
سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
418

عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت يا رسول الله إن
أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال ادع بها
فجاءت فقال من ربك قالت الله قال من أنا قالت
رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة
\ 189 \ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فإنها مؤمنة من الألفاظ التي ذكرنا أن العرب
إذا كان الشئ له أجزاء وشعب تطلق اسم
ذلك الشئ بكليته على بعض أجزائه وشعبه
وإن لم يكن ذلك الجزء وتلك الشعبة ذلك
الشئ بكماله
أخبرنا حبان بن إسحاق بالبصرة قال حدثنا الفضل بن
يعقوب الرخامي قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال
عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح
419

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإيمان بضع وسبعون بابا والحياء من الإيمان
\ 190 \ ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
الإيمان بضع وسبعون بابا أراد به بضع
وسبعون شعبة
أخبرنا الحسين بن بسطام بالأبلة قال أخبرنا عمرو بن علي
قال حدثنا حسين بن حفص قال حدثنا سفيان الثوري عن سهيل بن
أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق \ 191 \
420

ذكر نفي اسم الإيمان عمن أتى ببعض
الخصال التي تنقص بإتيانه إيمانه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي
أبو هشام حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن
محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذئ ولا الفاحش
\ 192 \ ذكر خبر يدل على صحة ما تأولنا لهذه الأخبار
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب وموهب بن يزيد قالا
421

حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه
عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا حليم إلا ذو عثرة ولا حكيم إلا ذو تجربة
قال موهب قال لي أحمد بن حنبل أيش كتبت بالشام
فذكرت له هذا الحديث قال لو لم تسمع إلا هذا لم تذهب
رحلتك
\ 193 \ ذكر خبر يدل على أن المراد بهذه الأخبار نفي
الأمر عن الشئ للنقص عن دابة
أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا
مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت
422

عن أنس بن مالك قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال في الخطبة لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن
لا عهد له
\ 194 \ ذكر الخبر الدال على صحة ما ذكرنا أن معاني
هذه الإخبار ما قلنا إن العرب تنفي الاسم
عن الشئ للنقص عن دابة وتضيف
الاسم إلى الشئ للقرب من التمام
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم عن هشام بن
أبي عبد الله حدثنا حماد بن أبي سليمان عن زيد بن وهب
عن أبي ذر قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم نحو
423

بقيع الغرقد فانطلقت خلفه فقال يا أبا ذر فقلت لبيك ثم
سعديك وأنا فداؤك فقال المكثرون هم المقلون يوم القيامة إلا
من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله قالها ثلاثا ثم
عرض لنا أحد فقال يا أبا ذر ما يسرني أنه لآل محمد ذهبا
يمسي معهم دينار أو مثقال فقلت الله ورسوله أعلم ثم عرض لنا
واد فاستبطنه النبي صلى الله عليه وسلم ونزل فيه وجلست على
شفيره فظننت أن له حاجة فأبطأ علي وساء ظني فسمعت مناجاة
فقال ذلك جبريل يخبرني لأمتي من شهد منهم أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله دخل الجنة فقلت يا رسول الله وإن زنى
وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق
\ 195 \ ذكر إثبات الإسلام لمن سلم المسلمون
من لسانه ويده
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر قال حدثنا
محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا داود بن
أبي هند عن الشعبي قال
سمعت عبد الله بن عمرو ورب هذه البنية يعني الكعبة
424

يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المهاجر من
هجر السيئات والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده \ 196 \
425

ذكر البيان بأن من سلم المسلمون من لسانه
ويده كان من أسلمهم إسلاما
أخبرنا عبدان قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا
أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير
أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول أسلم المسلمين إسلاما من سلم المسلمون
من لسانه ويده \ 197 \
426

ذكر إيجاب دخول الجنة لمن
مات لم يشرك بالله شيئا وتعرى
عن الدين والغلول
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير
وأمية بن بسطام قالا حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن
سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة
عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
جاء يوم القيامة بريئا من ثلاث دخل الجنة الكبر والغلول
والدين \ 198 \
427

ذكر إيجاب الجنة لمن شهد لله جل وعلا
بالوحدانية مع تحريم النار عليه به
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب
قال أخبرني حياة قال حدثنا بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن
سعيد بن الصلت
عن سهيل بن بيضاء من بني عبد الدار قال بينما نحن في سفر
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس من كان بين يديه
ولحقه من كان خلفه حتى إذا اجتمعوا قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إنه من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار
وأوجب له الجنة
428

قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا خبر خرج خطابه على حسب
الحال وهو من الضرب الذي ذكرت في كتاب فصول السنن أن
الخبر إذا كان خطابه على حسب الحال لم يجز أن يحكم به في
كل الأحوال وكل خطاب كان من النبي صلى الله عليه وسلم على
حسب الحال فهو على ضربين أحدهما وجود حالة من أجلها ذكر
ما ذكر لم تذكر تلك الحالة مع ذلك الخبر والثاني أسئلة سئل عنها
النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب عنها بأجوبة فرويت عنه تلك
الأجوبة من غير تلك الأسئلة فلا يجوز أن يحكم بالخبر إذا كان هذا
نعته في كل الأحوال دون أن يضم مجمله إلى مفسره ومختصره إلى
متقصاه
\ 199 \ ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله
جل وعلا بالوحدانية وكان ذلك عن يقين
من قلبه لا أن الإقرار بالشهادة يوجب الجنة
للمقر بها دون أن يقر بها بالإخلاص
أخبرنا علي بن الحسين العسكري بالرقة قال حدثنا
عبدان بن محمد الوكيل قال حدثنا بن أبي زائدة عن سفيان عن عمرو بن
دينار
عن جابر أن معاذا لما حضرته الوفاة قال اكشفوا عني
سجف القبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من
429

شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم
دخل الجنة يريد به جنة دون جنة لأنها جنان كثيرة فمن أتى بالإقرار
الذي هو أعلى شعب الإيمان ولم يدرك العمل ثم مات أدخل
الجنة ومن أتى بعد الإقرار من الأعمال قل أو كثر أدخل الجنة جنة
فوق تلك الجنة لأن من كثر عمله علت درجاته وارتفعت جنته
لا أن الكل من المسلمين يدخلون جنة واحدة وإن تفاوتت أعمالهم
وتباينت لأنها جنان كثيرة لا جنة واحدة
\ 200 \ ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما
وصفنا عن يقين من قلبه ثم مات عليه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا خالد الحذاء عن
الوليد بن مسلم أبي بشر قال سمعت حمران بن أبان يقول
430

سمعت عثمان بن عفان يقول سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل
الجنة
\ 201 \ ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد
لله جل وعلا بالوحدانية وقرن ذلك
بالشهادة للمصطفى صلى الله عليه وسلم
بالرسالة
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا
عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن محمد بن
يحيى بن حبان عن بن محيريز
عن الصنابحي قال دخلت على عبادة بن الصامت وهو في
الموت فبكيت فقال لي مه لم تبكي فوالله أداء استشهدت
431

لأشهدن لك ولئن شفعت لأشفعن لك ولئن استطعت لأنفعنك
ثم قال والله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه إلا حديثا واحدا وسوف أحدثكموه
اليوم وقد أحيط بنفسي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه
الله على النار
\ 202 \ ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله
بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة
وكان ذلك عن يقين منه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن بن
أبي عدي قال حدثنا حجاج الصواف قال أخبرني
432

حميد بن هلال قال حدثني هصان بن كاهن قال جلست مجلسا فيه
عبد الرحمن بن سمرة ولا أعرفه فقال
حدثنا معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما على الأرض نفس تموت لا تشرك بالله شيئا وتشهد أني
رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر لها
قلت أنت سمعته من معاذ قال فعنفني القوم فقال دعوه
فإنه لم يسئ القول نعم سمعته من معاذ زعم أنه سمعه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم \ 203 \
433

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد بما
وصفنا عن يقين منه ثم مات على ذلك
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
يحيى الأزدي قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا سعيد عن
قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن أبان
عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من
قلبه فيموت على ذلك إلا حرمه الله على النار لا إله إلا الله
\ 204 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا نور الصحيفة من
قال عند الموت ما وصفناه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا هارون بن
إسحاق الهمداني قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن مسعر بن كدام عن
إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن يحيى بن طلحة عن أمه سعدى
المرية قالت
مر عمر بن الخطاب بطلحة بعد وفاة رسول الله صلى الله
434

عليه وسلم فقال ما لك مكتئبا أساءتك إمرة بن عمك قال
لا ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني
لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا كانت له نورا لصحيفته وإن
جسده وروحه ليجدان لها روحا عند الموت فقبض ولم أسأله فقال
ما أعلمه إلا التي أراد عليها عمه ولو علم أن شيئا أنجى له منها
لأمره \ 205 \
435

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يثبت في
الدارين من أتى بما وصفنا قبل
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن عمر الحوضي قال
حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة
عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن إذا
شهد أن لا إله إلا الله وعرف محمدا رسول الله صلى الله عليه
وسلم في قبره فذلك قول الله جل وعلا يثبت الله الذين آمنوا
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة \ 206 \
436

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما
وصفنا وقرن ذلك بالإقرار بالجنة والنار
وآمن بعيسى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا صفوان بن
صالح قال حدثنا الوليد عن بن جابر قال حدثني عمير بن هانئ
حدثني جنادة بن أبي أمية قال
حدثني عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى
مريم وروح منه وأن الجنة والنار حق أدخله الله من أي أبواب
الجنة الثمانية شاء \ 207 \
437

ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم
لمن شهد بالرسالة له وعلى من أبى
ذلك
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
موهب قال حدثنا بن وهب قال حدثني سعيد بن أبي أيوب عن
أبي هانئ عن أبي علي الجنبي
عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك فحبب إليه لقاءك
وسهل عليه قضاءك وأقلل له من الدنيا ومن لم يؤمن بك ولم يشهد
438

أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له
من الدنيا
\ 208 \ ذكر وصف الدرجات في الجنان لمن صدق
الأنبياء والمرسلين عند شهادته لله جل وعلا
بالوحدانية
أخبرنا وصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية قال حدثنا
الربيع بن سليمان قال حدثنا أيوب بن سويد قال حدثنا مالك
عن أبي حازم
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن أهل الجنة يرون أهل الغرف كما ترون الكوكب الدري
الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهما قالوا
يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي
نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين \ 209 \
439

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما
وصفنا من شعب الإيمان وقرن ذلك بسائر
العبادات التي هي أعمال بالأبدان لا أن من أتى
بالإقرار دون العمل تجب الجنة له في كل حال
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال حدثنا
أحمد بن منصور زاج قال حدثنا النضر بن شميل قال أخبرنا شعبة عن
أبي إسحاق قال سمعت عمرو بن ميمون
440

عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما حق الله على العباد قالوا الله ورسوله أعلم قال
أن يعبدوه ولا يشركوا به قال فما حقهم على الله إذا فعلوا
ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال يغفر لهم ولا يعذبهم
441

قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر بيان واضح بأن
الأخبار التي ذكرناها قبل كلها مختصرة غير متقصاة وأن بعض شعب
الإيمان إذا أتى المرء به لا توجب له الجنة في دائم الأوقات ألا تراه
صلى الله عليه وسلم جعل حق الله على العباد أن يعبدوه
ولا يشركوا به شيئا وعبادة الله جل وعلا إقرار باللسان وتصديق
بالقلب وعمل بالأركان ثم المسلمون لما سألوه صلى الله عليه
وسلم عن حقهم على الله فقالوا فما حقهم على الله إذا فعلوا
ذلك ولم يقولوا فما حقهم على الله إذا قالوا ذلك ولا أنكر عليهم
صلى الله عليه وسلم هذه اللفظة ففيما قلنا أبين البيان بأن الجنة
لا تجب لمن أتى ببعض شعب الإيمان في كل الأحوال بل يستعمل
كل خبر في عموم ما ورد خطابه على
حسب الحال فيه على ما ذكرناه قبل
\ 210 \ ذكر إيجاب الشفاعة لمن مات من أمة
المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو لا يشرك
بالله شيئا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الواحد بن
الصالح قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي المليح
عن عوف بن مالك قال عرس بنا رسول الله صلى الله عليه
442

وسلم ذات ليلة فافترش كل رجل منا ذراع راحلته قال فانتبهت
في بعض الليل فإذا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
قدامها أحد فانطلقت أطلب رسول لله صلى الله عليه وسلم فإذا
معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان فقلت أين رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالا لا ندري غير أنا سمعنا صوتا بأعلى
الوادي فإذا مثل هدير الرحى قال فلبثنا يسيرا ثم أتانا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال إنه أتاني من ربي آت فخيرني بأن يدخل
نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني اخترت الشفاعة
فقالوا يا رسول الله ننشدك بالله والصحبة لما جعلتنا من أهل
شفاعتك قال فأنتم من أهل شفاعتي قال فلما ركبوا قال فإني
أشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي \ 211 \
443

ذكر كتبة الله جل وعلا الجنة وإيجابها لمن
آمن به ثم سدد بعد ذلك
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني
يحيى بن أبي كثير قال حدثني هلال بن أبي ميمونة قال حدثني
عطاء بن يسار قال
حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال صدرنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم من مكة فجعل ناس يستأذنون رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجعل يأذن لهم فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من
الشق الآخر قال فلم نر من القوم إلا باكيا قال يقول أبو بكر
إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه في نفسي فقام رسول الله صلى
444

الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وكان إذا حلف قال والذي
نفسي بيده أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن بالله ثم يسدد
إلا سلك به في الجنة ولقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة
سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى
تتبوؤوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذراريكم مساكن في الجنة ثم
قال إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى
السماء الدنيا فيقول لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يسألني
فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له من ذا الذي يدعوني
فأستجيب له حتى ينفجر الصبح \ 212 \
445

ذكر الإخبار عن إيجاب الجنة لمن حلت
المنية به وهو لا يجعل مع الله ندا
أخبرنا محمد بن الحسن بن مكرم البزار بالبصرة حدثنا
خلاد بن أسلم حدثنا النضر بن شميل حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت
وسليمان وعبد العزيز بن رفيع قالوا سمعنا زيد بن وهب يحدث
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني
جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة
وإن زنى وإن سرق
قال سليمان فقلت لزيد إنما يروى هذا عن أبي الدرداء
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم من مات من أمتي
لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة يريد به إلا أن يرتكب شيئا أوعدته
عليه دخول النار
وله معنى آخر وهو أن من لم يشرك بالله شيئا ومات دخل
الجنة لا محالة وإن عذب قبل دخوله إياها مدة معلومة \ 213 \
446

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد
قال أخبرنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن معاذ بن جبل وعن
عمير بن هانئ عن عبد الرحمن بن غنم
أنه سمع معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال قلت حدثني بعمل يدخلني الجنة قال بخ بخ سألت عن
أمر عظيم وهو يسير لمن يسره الله به تقيم الصلاة المكتوبة
وتؤتي الزكاة المفروضة ولا تشرك بالله شيئا
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم
لا تشرك بالله شيئا أراد به الأمر بترك الشرك \ 214 \
447

ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجمع في
الجنة بين المسلم وقاتله من الكفار إذ سدد
بعد ذلك وأسلم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر وكلاهما يدخل الجنة
يقاتل في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل في
سبيل الله فيستشهد \ 215 \
448

ذكر أمر الله جل وعلا صفيه صلى الله عليه
وسلم بقتال الناس حتى يؤمنوا بالله
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا
عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا أبي حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن
الزهري حدثنا عبيد الله بن عبد الله
أن أبا هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان أبو بكر رضي الله عنه بعده وكفر من كفر من العرب قال
عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال
لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على
الله قال أبا بكر رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين
الصلاة والزكاة فإن الزكاة من حق المال ووالله لو منعوني عناقا
كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على
منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر
أبي بكر لقتال عرفت أنه الحق \ 216 \
449

ذكر البيان بأن الخير الفاضل من أهل العلم
قد يخفى عليه من العلم بعض ما يدركه من
هو فوقه فيه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث
عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب
قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر كيف تقاتل الناس؟؟؟؟؟؟ حتى يقولوا لا إله
إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه
450

وحسابه على الله قال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق
بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا
يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه
قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر
للقتال عرفت أنه الحق
\ 217 \ ذكر البيان بأن المرء إنما يعصم ماله ونفسه
بالإقرار لله إذا قرنه بالشهادة للمصطفى
بالرسالة صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا
عمرو بن عثمان حدثنا أبي حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري
أخبرني سعيد بن المسيب
451

أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله
إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله
وأنزل الله في كتابه فذكر قوما استكبروا فقال إنهم كانوا
إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون وقال إذ جعل الذين كفروا
في قلوبهم الحمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله
وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وهي لا إله
إلا الله ومحمد رسول الله استكبر عنها المشركون يوم الحديبية \ 218 \
452

ذكر البيان بأن المرء إنما يحقن دمه وماله
بالإقرار بالشهادتين اللتين وصفناهما إذا أقر
بهما بإقامة الفرائض
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا إبراهيم بن محمد بن
عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن حكى بن محمد عن أبيه
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله
\ 219 \ ذكر البيان بأن المرء إنما يحقن دمه وماله إذا
آمن بكل ما جاء به المصطفى صلى الله عليه
وسلم من الله جل وعلا وفعلها دون
الاعتماد على الشهادتين اللتين وصفناهما قبل
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن عبدة
حدثنا الدراوردي عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وآمنوا بي وبما
453

جئت به فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها
وحسابهم على الله
\ 220 \ ذكر خبر أوهم مستمعه أن من لقي الله عز
وجل بالشهادة حرم عليه دخول النار في
حالة من الأحوال
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد ومحمد بن شعيب عن الأوزاعي حدثني المطلب بن
حنطب عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري
عن أبيه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة
فأصاب الناس مخمصة شديدة فاستأذنوا رسول الله في نحر بعض
ظهرهم فقال عمر يا رسول الله فكيف بنا إذا لقينا عدونا جياعا
رجالة ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقية أزودتهم
فجاؤوا به يجئ الرجل بالحفنة من الطعام وفوق ذلك وكان أعلاهم
الذي جاء بالصاع من التمر فجمعه على نطع ثم دعا الله بما شاء
الله أن يدعو ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقي في الجيش وعاء إلا
مملوء وبقي مثله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
بدت نواجذه ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول
454

الله وأشهد عند الله لا يلقاه عبد مؤمن بهما إلا حجبتاه عن النار
يوم القيامة
أبو عمرة الأنصاري هذا اسمه ثعلبة بن عمرو بن محصن \ 221 \
455

ذكر الخبر الدال على أن قوله صلى الله عليه
وسلم إلا حجبتاه عن النار أراد به إلا
أن يرتكب شيئا يستوجب من أجله دخول
النار ولم يتفضل المولى جل وعلا عليه بعفوه
أخبرنا وصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية حدثنا الربيع بن
سليمان المرادي حدثنا بن وهب عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني
حدثني أبي
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال يدخل أهل الجنة الجنة ويدخل أهل النار النار ثم يقول
جل وعلا انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من
الإيمان فأخرجوه قال فيخرجون منها حمما بعد ما امتحشوا
فيلقون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تروها كيف تخرج صفراء
ملتوية \ 222 \
456

ذكر تحريم الله جل وعلا على النار من
وحده مخلصا في بعض الأحوال دون
البعض
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب أن محمود بن الربيع
الأنصاري أخبره
أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أنكرت بصري وأنا أصلي
لقومي وإذا كان الأمطار سأل الوادي الذي بيني وبينهم
ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم وددت أنك يا رسول الله
تأتي فتصلي في بيتي أتخذه مصلى قال فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم سأفعل قال عتبان فغدا رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأبو بكر الصديق حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ثم
قال أين تحب أن أصلي من بيتك قال فأشرت إلى ناحية من
البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر وقمنا وراءه
فصلى ركعتين ثم سلم قال وحبسناه على خزيرة صنعناها له
قال فثاب رجال من أهل الدار حوله حتى اجتمع في البيت رجال
457

ذوو عدد قال قائل منهم أين مالك بن الدخشن فقال بعضهم
ذاك منافق ولا يحب الله ورسوله فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا تقل له ذلك ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد
بذلك وجه الله قالوا الله ورسوله أعلم إنما نرى وجهه
ونصيحته للمنافقين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
الله جل وعلا حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي به وجه
الله
458

قال بن شهاب ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري
وهو أحد بني سالم وهو من سراتهم عن حديث محمود بن
الربيع فصدقه بذلك \ 223 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا بتفضله
لا يدخل النار من كان في قلبه أدنى شعبة من
شعب الإيمان على سبيل الخلود
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الغفار بن عبد الله الزبيري
قال حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ولا يدخل النار من كان في قلبه حبة خردل من إيمان \ 224 \
460

ذكر البيان بأن الله جل وعلا بتفضله قد
يغفر لمن أحب من عباده ذنوبه بشهادته له
ولرسوله صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن
له فضل حسنات يرجو بها تكفير خطاياه
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا
عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله قال أخبرنا الليث بن سعد قال
حدثني عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن المعافري الحبلي قال
سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن الله سيخلص رجل من أمتي على
رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل
سجل مد البصر ثم يقول له أتنكر شيئا من هذا أظلمك كتبتي
الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر أو حسنة فيبهت
461

الرجل ويقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنه
لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا عبده ورسوله فيقول أحضر وزنك فيقول يا رب
ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم قال
فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات
وثقلت البطاقة قال فلا يثقل اسم الله شئ \ 225 ذكرا لإخبار بأن الله قد يغفر بتفضله لمن
لم يشرك به شيئا جميع الذنوب التي كانت بينه وبينه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عباد
المكي قال حدثنا حماد بن إسماعيل عن شريك عن عبد العزيز بن
رفيع عن المعرور بن سويد
عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال
الله تبارك وتعالى يا بن آدم لو لقيتني بمثل الأرض خطايا لا تشرك
462

بي شيئا لقيتك بملء الأرض مغفرة
\ 226 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا الأجر مرتين لمن
أسلم من أهل الكتاب
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا هشيم عن صالح بن صالح الهمداني عن الشعبي
قال رأيت رجلا من أهل خراسان أتاه فقال يا أبا عمرو إن من قبلنا من أهل
خراسان يقولون إذا عتق الرجل أمته ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته فقال
الشعبي حدثني أبو بردة
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة
يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم أدرك
النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه فله أجران وعبد
مملوك يؤدي حق الله جل وعلا عليه وحق الذي عليه لمولاه فله \ 227 \
463

أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها وأدبها فأحسن
أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران
464

قال الشعبي للخراساني خذ هذا الحديث بغير شئ فقد
كان الرجل يرحل إلى المدينة فيما هو دونه
ذكر الإخبار عما تفضل الله على المحسن
في إسلامه بتضعيف الحسنات له
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا العباس بن عبد العظيم
قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها بعشر أمثالها إلى سبع
مائة ضعف وكل سيئة يعملها يكتب له مثلها حتى يلقى الله
جل وعلا \ 228 \
465

باب
ما جاء في صفات المؤمنين
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة قال حدثنا
هشام بن عمار قال حدثنا محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن قرة بن
عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه \ 229 \
466

أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا محمد بن
الصباح حدثنا عبيدة بن حميد عن بيان بن بشر عن عامر
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر
ما نهى الله عنه \ 230 \ ذكر الأمر بمعونة المسلمين بعضهم بعضا في
الأسباب التي تقربهم إلى الباري جل وعلا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة
467

عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
\ 231 \ ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم
المؤمنين بالبنيان الذي يمسك بعضه بعضا
أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز حدثنا أحمد بن
عبدة حدثنا عمرو بن علي بن مقدم حدثنا سفيان الثوري عن بن أبي بردة
عن أبيه
عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثل المؤمنين فيما بينهم كمثل البنيان قال وأدخل أصابع يده في
468

الأرض وقال يمسك بعضها بعضا \ 232 \ ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم
المؤمنين بما يجب أن الريح عليه من
الشفقة والرأفة
أخبرنا بن قحطبة حدثنا محمد بن الصباح حدثنا عبيدة بن
حميد عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن الشعبي قال
سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول مثل المؤمن مثل الجسد إذا اشتكى منه شئ
تداعى له سائر الجسد \ 233 \
469

ذكر نفي الإيمان عمن لا يحب لأخيه ما يحب
لنفسه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري
قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن قتادة
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يؤمن أحدكم بالله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه \ 234 \
470

ذكر البيان بأن نفي الإيمان عمن لا يحب
لأخيه ما يحب لنفسه إنما هو نفي حقيقة
الإيمان لا الإيمان نفسه مع البيان بأن
ما يحب لأخيه أراد به الخير دون الشر
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
إسماعيل بن أبي سمينة قال حدثنا بن أبي عدي عن حسين المعلم عن قتادة
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من
الخير
\ 235 \ ذكر
نفي الإيمان عمن لا يتحاب في الله جل وعلا
أخبرنا محمد بن عبد الله الهاشمي قال حدثنا عبد الله بن
عمر بن الرماح قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ 236 \
471

والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى
تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم
472

ذكر إثبات وجود حلاوة الإيمان لمن أحب
قوما لله جل وعلا
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد
قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه
مما سواهما والرجل يحب القوم لا يحبهم إلا في الله والرجل إن
قذف في النار أحب إليه من أن يرجع يهوديا أو نصرانيا \ 237 \
473

أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المثنى قال
حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود
في الكفر كما يكره أن توقد له نار فيقذف فيها \ 238 \
474

ذكر ما يجب على المسلم لأخيه المسلم من
القيام في أداء حقوقه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا شيبان بن
أبي شيبة حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ثلاث كلهن على المسلم عيادة المريض وشهود الجنازة
وتشميت العاطس إذا حمد الله
\ 239 \ ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه
وسلم لم يرد بهذا العدد المذكور نفيا عما
وراءه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا
يحيى القطان حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني أبي عن حكيم بن أفلح
عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
475

للمسلم على المسلم أربع خلال يعوده إذا مرض ويشهده إذا
مات ويشمته إذا عطس ويجيبه إذا دعاه
\ 240 \ ذكر البيان بأن هذا العدد الذي ذكره
المصطفى صلى الله عليه وسلم في خبر
أبي مسعود لم يرد به النفي عما وراءه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن
المسيب
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة
المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس \ 241 \
476

ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في خبر
سعيد بن المسيب لم يرد به النفي عما وراءه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن محمد
عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حق
المسلم على المسلم ست قالوا ما هن يا رسول الله قال إذا
لقيه سلم عليه وإذا دعاه أجابه وإذا استنصح نصحه وإذا عطس
فحمد الله يشمته وإذا مرض عاده وإذا مات صحبه \ 242 \
477

ذكر
الإخبار عما يشبه المسلمين من الأشجار
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو عمر الضرير قال
حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها ثابت وفرعها في
السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال عبد الله فأردت أن
أقول هي النخلة فمنعني مكان أبي فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم هي النخلة فذكرت ذلك لأبي فقال لو قلتها كان
478

أحب إلي من كذا وكذا أحسبه قال حمر النعم
\ 243 \ ذكر
الإخبار عن وصف ما يشبه المسلم من الشجر
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا
جرير عن الأعمش عن مجاهد
عن بن عمر قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه
479

وسلم إذ أتي بجمار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الشجر شجرة بركتها كالمسلم قال فأريت أنها النخلة ثم نظرت
إلى القوم فإذا أنا عاشر عشرة وأنا حالا القوم فسكت فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة \ 244 \ أخبرنا أبو الطيب محمد بن علي الصيرفي قال حدثنا
أبو كامل الجحدري قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب عن
أبي الخليل عن مجاهد
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
لأصحابه أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن قال فجعل القوم
يتذاكرون شجرا من شجر الوادي قال عبد الله وألقي في نفسي
أو روعي أنها النخلة قال فجعلت أريد أن أقول فأرى أسنانا من
القوم فأهاب أن أتكلم فلم يكشفوا فقال رسول الله صلى الله عليه
480

وسلم هي النخلة \ 245 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن
أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني
ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله وقع في نفسي
أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال
هي النخلة فذكرت ذلك لعمر فقال لأن تكون قلت هي النخلة
أحب إلي من كذا وكذا
\ 246 \ ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم
المؤمن بالنحلة في أكل الطيب ووضع الطيب
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا العباس بن عبد العظيم
481

العنبري قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة عن يعلى بن
عطاء عن وكيع بن عدس
عن عمه أبي رزين قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيبا ولا تضع
إلا طيبا قال أبو حاتم شعبة وأهم في قوله عدس إنما هو
حدس كما قاله حماد بن سلمة وأولئك \ 247 \
482

فصل
ذكر البيان بأن من أكفر إنسانا
فهو كافر لا محالة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق
حدثنا سلمة بن الفضل عن بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن
محمود بن لبيد
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما أكفر رجل قط إلا باء أحدهما بها إن كان كافرا وإلا كفر
بتكفيره \ 248 \ أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار
483

عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما
رجل قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما
\ 249 \ ذكر وصف قوله صلى الله عليه وسلم فقد
باء به أحدهما
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن
أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أيما امرئ قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما إن كان كما قال
وإلا رجعت عليه \ 250 \
484

باب
ما جاء في الشرك والنفاق
ذكر استحقاق دخول النار لا محالة من جعل
لله ندا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن فروخ
قال حدثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبي وائل
عن بن مسعود قال كلمتان سمعت إحداهما من رسول
الله صلى الله عليه وسلم والأخرى أنا أقولها سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لا يلقى الله عبد يشرك به إلا أدخله
النار وأنا أقول لا يلقى الله عبد لم يشرك به إلا أدخله الجنة \ 251 \
485

ذكر الخبر الدال على أن الإسلام ضد الشرك
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا
أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت
أبي يحدث عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ليأخذ رجل بيد أبيه يوم القيامة يريد أن يدخله الجنة فينادى
إن الجنة لا يدخلها مشرك إن الله قد حرم الجنة على كل مشرك
فيقول أي رب أي رب أبي قال فيتحول في صورة قبيحة
وريح منتنة فيتركه
قال أبو سعيد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون
486

أنه إبراهيم ولم يزدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
ذلك
\ 252 ذكر
إطلاق اسم الظلم على الشرك بالله جل وعلا
أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية
ومحمد بن إسحاق قالا حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا بن
إدريس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله قال لما نزلت هذه الآية الذين آمنوا
ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قال أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أينا لم يظلم نفسه قال فنزلت إن الشرك
487

لظلم عظيم
قال بن إدريس حدثنيه أبي عن أبان بن تغلب عن
الأعمش ثم لقيت الأعمش فحدثني به \ 253 \ ذكر
إطلاق اسم النفاق على من أتى بجزء من أجزائه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا سلم بن جنادة حدثنا
بن نمير عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه
488

وسلم أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة
منها كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا
عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر
\ 254 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به عبد الله بن مرة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو الربيع الزهراني
حدثنا جرير عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه
489

وسلم أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا من إذا حدث
كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ومن
كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق
\ 255 \ أخبرنا أحمد بن علي في عقبه قال حدثنا أبو الربيع حدثنا
جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه
وسلم بمثله \ 256 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن خطاب
هذا الخبر ورد لغير المسلمين
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو نصر التمار
حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة وحبيب عن الحسن قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى
وزعم أنه مسلم من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن
خان \ 257 \
490

ذكر
إطلاق اسم النفاق على غير المعدود إذا
تخلف عن إتيان الجمعة ثلاثا
أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان حدثنا يحيى بن
داود حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان
عن أبي الجعد الضمري قال قال رسول الله صلى الله
491

عليه وسلم من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فهو منافق
\ 258 \ ذكر إطلاق اسم النفاق على المؤخر صلاة
العصر إلى أن تكون الشمس بين قرني
الشيطان
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان حدثنا عيسى بن حماد
أخبرنا الليث عن بن عجلان
عن العلاء بن عبد الرحمن قال دخلت على أنس بن مالك
أنا المنكر لي بعد الظهر فقال أصليتما
العصر قال فقلنا
لا قال فصليا عندكما في الحجرة ففرغنا وطول هو ثم انصرف
إلينا فكان أول ما كلمنا به أن قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم تلك صلاة المنافقين يمهل أحدهم حتى إذا كانت الشمس
492

على قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا \ 259 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به العلاء بن عبد الرحمن
أخبرنا أبو يعلى بالموصل حدثنا هارون بن معروف حدثنا
بن وهب أخبرنا أسامة بن زيد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة
وحدثني أسامة بن زيد أن حفص بن عبيد الله بن أنس قال
سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ألا أخبركم بصلاة المنافقين يدع العصر حتى إذا كانت بين
قرني الشيطان قام فنقر كنقرات الديك لا يذكر
الله فيهن إلا قليلا \ 260 \
493

ذكر إثبات اسم المنافق على المؤخر صلاة
العصر إلى اصفرار الشمس
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي عن مالك
عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال دخلنا على أنس بن مالك
بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل
الصلاة أو ذكرها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين ثلاث مرات
يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان
أو على قرني الشيطان فنقر أربعا لم يذكر الله فيها إلا قليلا
\ 261 \ ذكر البيان بأن تأخير صلاة العصر إلى أن
يقرب اصفرار الشمس صلاة المنافقين
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا علي بن حجر السعدي قال
حدثنا إسماعيل بن جعفر قال
حدثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أنه دخل على أنس بن
مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر قال وداره بجنب
494

المسجد فلما دخلنا عليه قال صليتم العصر قلنا إنما انصرفنا
الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا العصر فلما
انصرفنا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين
قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
\ 262 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد بن بجير الهمداني حدثنا عيسى بن
حماد أخبرنا الليث بن سعد عن محمد بن عجلان
عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة أنه قال
دخلت على أنس بن مالك المنكر لي بعد الظهر فقال أصليتم
العصر قال فقلنا لا قال فصليا عندنا في الحجرة ففرغنا
وطول هو وانصرف إلينا فكان أول ما كلمنا به أن قال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال تلك صلاة المنافقين يقعد أحدهم
حتى إذا كانت على قرن الشيطان أو بين قرني الشيطان قام فنقر
أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا \ 263 \
495

ذكر الإخبار عن وصف عشرة المنافق
للمسلمين
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عتبة بن عبد الله اليحمدي
حدثنا بن المبارك عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر
عن عبيد بن عمير أنه كان يقص بمكة وعنده عبد الله بن عمر
وعبد الله بن صفوان وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم قال عبيد بن عمير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين إن مالت إلى هذا
الجانب نطحت وإن مالت إلى هذا الجانب نطحت قال بن عمر
ليس هكذا فغضب عبيد بن عمير وقال ترد علي قال إني لم أرد
عليك إلا أني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال
فقال عبد الله بن صفوان فكيف قال يا أبا عبد الرحمن قال بين
الربيضين قال يا أبا عبد الرحمن بين الربيضين وبين الغنمين
سواء قال كذا سمعت كذا سمعت كذا سمعت وكان بن عمر
إذا سمع شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعده ولم
يقصر دونه \ 264 \
496

باب
ما جاء في الصفات
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى
الذهلي حدثنا المقرئ حدثنا حرملة بن عمران التجيبي عن أبي يونس
مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير
عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية إن الله يأمركم أن
تؤدوا الأمانات إلى أهلها إلى قوله إن الله كان سميعا بصيرا
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه
وأصبعه الدعاء على عينه
قال أبو حاتم أراد صلى الله عليه وسلم بوضعه أصبعه على
أذنه وعينه تعريف الناس أن الله جل وعلا لا يسمع بالأذن التي
498

لها سماخ والتواء ولا يبصر بالعين التي لها أشفار وحدق وبياض
جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بخلقه في شئ من الأشياء بل يسمع
ويبصر بلا آلة كيف يشاء
\ 265 \ أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا يوسف بن
موسى قال حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن
أبي عبيدة بن عبد الله
عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع
إليه عمل النهار قبل الليل وعمل الليل قبل النهار حجابه النور
لو كشف طبقها أحرق سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره واضع
يده لمسئ الليل ليتوب بالنهار ولمسئ النهار ليتوب صارت حتى
تطلع الشمس من مغربها \ 266 \
499

ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت
في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز
إضافة مثلها إلى الباري جل وعلا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن
الأعرج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال
الله تبارك وتعالى كذبني بن آدم ولم يكن له أن يكذبني ويشتمني
ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن
يعيدني كما بدأني أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته وأما
شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد
ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد
500

قال أبو حاتم رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه
وسلم أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته فيه البيان الواضح
أن الصفات التي توقع النقص على من وجدت فيه غير جائز إضافة
مثلها إلى الله جل وعلا إذ القياس كان يوجب أن يطلق بدل هذه
اللفظة بأهون علي بأصعب علي فتنكب لفظة التصعيب إذ هي من
ألفاظ النقص وأبدلت بلفظ التهوين الذي لا يشوبه ذلك
\ 267 \ ذكر خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا حيث
حرموا التوفيق لإدراك معناه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا
حرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن قتادة
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يلقى في النار فتقول هل من مزيد حتى يضع الرب جل وعلا
قدمه فيها فتقول قط قط
501

قال أبو حاتم هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل
المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي
عصي الله عليها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا
من الكفار والأمكنة في النار فتمتلئ فتقول قط قط تريد
حسبي حسبي لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على
الموضع قال الله جل وعلا لهم قدم صدق عند ربهم يريد
موضع صدق لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار جل ربنا
وتعالى عن مثل هذا وأشباهه \ 268 \
502

ذكر الخبر الدال على أن هذه الألفاظ من هذا
النوع أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على
حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون
الحكم على ظواهرها
أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن سالم قال حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة
قال أخبرنا ثابت عن أبي رافع
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول
الله جل وعلا للعبد يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني
فيقول يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت
أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته
لوجدتني ويقول يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول
يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أنك
لو سقيته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني
فيقول يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول ألم تعلم
أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته وجدت
ذلك عندي \ 269 \
503

ذكر الخبر الدال على أن هذه الأخبار أطلقت
بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه
الناس بينهم دون كيفيتها أو وجود حقائقها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا إبراهيم بن بشار
قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن سعيد بن يسار أبي الحباب
عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم
ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا
ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن
فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه وفصيله حتى إن اللقمة أو التمرة
لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم \ 270 \
504

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم
إلا كأنما يضعها في يد الرحمن يبين لك أن هذه الأخبار أطلقت
بألفاظ التمثيل دون وجود حقائقها أو الوقوف على كيفيتها
إذ لم يتهيأ معرفة المخاطب بهذه إلا بالألفاظ التي أطلقت بها
505

كتاب البر والإحسان
باب
الصدق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو الربيع الزهراني
حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا
حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم
وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم \ 271 \
506

ذكر كتبة الله جل وعلا المرء عنده من
الصديقين بمداومته على الصدق في الدنيا
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا
بشر بن خالد قال حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان ومنصور
عن أبي وائل
عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال ا
لرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ولا يزال
يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا \ 272 \
507

ذكر رجاء دخول الجنان للدوام
على الصدق في الدنيا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن
منصور عن أبي وائل
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الصدق ليهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل
ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى
الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب
عند الله كذابا
\ 273 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعود
الصدق ومجانبة الكذب في أسبابه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل
508

عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي
إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب
يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب
حتى يكتب عند الله كذابا
\ 274 \ ذكر ما يجب على المرء من القول بالحق
وإن كرهه الناس
أخبرنا السامي قال حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا
خالد بن عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ألا لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا
رآه \ 275 \
509

ذكر رضاء الله جل وعلا عمن التمس رضاه
بسخط الناس
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر
الجعفي قال حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن عثمان بن حكى العمري
عن أبيه عن محمد بن المنكدر عن عروة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى
الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله
عليه وأسخط عليه الناس \ 276 \
510

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إرضاء
الله عند سخط المخلوقين
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب
الجوزجاني قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا شعبة عن حكى بن
محمد عن بن أبي مليكة عن القاسم
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
أرضى الله بسخط الناس كفاه الله ومن أسخط الله برضا
الناس وكله الله إلى الناس
\ 277 \ ذكر الزجر عن السكوت للمرء عن الحق إذا
رأى المنكر أو عرفه ما لم يلق بنفسه إلى
التهلكة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة
511

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا رآه
أو عرفه
قال أبو سعيد فما زال بنا البلاء حتى قصرنا وإنا لنبلغ في
الشر \ 278 \ ذكر البيان بأن المرء يرد في القيامة الحوض
على المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله
الحق عند الأئمة في الدنيا
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني
512

قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن مسعر عن أبي حصين عن
الشعبي عن عاصم العدوي
عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونحن تسعة خمسة وأربعة أحد الفريقين من العرب
والآخر من العجم فقال اسمعوا أو هل سمعتم إنه يكون بعدي
أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم
فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض ومن لم يصدقهم
بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي
الحوض \ 279 \
513

ذكر رجاء تمكن المرء من رضوان الله جل
وعلا في القيامة بقوله الحق عند الأئمة في
الدنيا
أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني أبو بكر
ببغداد قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنا الفضل بن موسى عن
محمد بن عمرو عن عمرو بن علقمة
عن علقمة بن وقاص قال مر بن رجل من أهل المدينة له
شرف وهو جالس بسوق المدينة فقال علقمة يا فلان إن لك
حرمة وإن لك حقا وإني قد رأيتك الخطبة على هؤلاء الأمراء فتكلم
عندهم وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ
ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم
ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب
514

الله له بها سخطه إلى يوم القيامة
515

قال علقمة انظر ويحك ماذا تقول وماذا تكلم به فرب كلام
قد منعني ما سمعته من بلال بن الحارث
\ 280 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا عبدة بن سليمان قال حدثنا محمد بن عمرو
قال حدثني أبي عن جدي قال
سمعت بلال بن الحارث المزني يقول قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله
ما يظن أنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه
وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ
ما بلغت فيكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه \ 281 \
516

ذكر الإخبار عن نفي الورود على الحوض
يوم القيامة عمن صدق الأمراء بكذبهم
أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني قال حدثنا
محمد بن عصام بن يزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن
أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي
عن كعب بن عجرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم ونحن تسعة وبيننا وسادة من آدم فقال سيكون من بعدي
أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم
فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن لم يدخل
عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا
منه وسيرد علي الحوض أبو حصين
عثمان بن عاصم قاله الشيخ
\ 282 \ ذكر نفي الورود على حوض المصطفى صلى
الله عليه وسلم عمن أعان الأمراء على
ظلمهم أو صدقهم في كذبهم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
517

إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الملائي قال حدثنا سفيان عن
أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي
عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونحن جلوس على وسادة من آدم فقال سيكون
بعدي أمراء فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على
ظلمهم فليس مني ولست منه وليس يرد علي الحوض ومن
لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو
وارد علي الحوض
الملائي هو أبو نعيم الفضل بن دكين
\ 283 \ ذكر الزجر عن تصديق الأمراء بكذبهم
ومعونتهم على ظلمهم إذ فاعل ذلك لا يرد
الحوض على المصطفى صلى الله عليه
وسلم أعاذنا الله من ذلك
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال
حدثنا أبي قال حدثنا حاتم بن أبي صغيرة أبو يونس القشيري عن
سماك بن حرب عن عبد الله بن خباب
عن أبيه قال كنا قعودا على باب النبي صلى الله عليه
وسلم فخرج علينا فقال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال
اسمعوا قلنا قد سمعنا قال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال إنه
سيكون بعدي أمراء فلا تصدقوهم بكذبهم ولا تعينوهم على
518

ظلمهم فإنه
من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم لم يرد
علي الحوض
\ 284 \ ذكر الزجر عن أن يصدق المرء الأمراء على
كذبهم أو يعينهم على ظلمهم
أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني قال حدثنا
محمد بن عصام بن يزيد بن مرة بن عجلان قال حدثنا أبي قال حدثنا
سفيان عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي
عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونحن تسعة وبيننا وسادة من آدم فقال إنه سيكون
بعدي أمراء فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على
ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن لم يدخل
عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا
منه وسيرد علي الحوض
\ 285 \ ذكر التغليظ على من دخل على الأمراء يريد
تصديق كذبهم ومعونة ظلمهم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا المقدمي قال
519

حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سليمان بن
أبي سليمان
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال سيكون من بعدي أمراء يغشاهم غواش من الناس فمن
صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأنا منه برئ وهو مني
برئ ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأنا منه
وهو مني
\ 286 \ ذكر إيجاب سخط الله جل وعلا للداخل على الأمراء القائل
عندهم بما لا يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي قال حدثنا
محمد بن يحيى الأزدي قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن
عمرو بن علقمة عن أبيه
520

عن جده قال كنا معه جلوسا في السوق فمر به رجل من أهل
المدينة له شرف فقال له يا بن أخي إن لك حقا وإنك لتدخل
على هؤلاء الأمراء وتكلم عندهم وإني سمعت بلال بن الحارث
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن العبد ليتكلم بالكلمة ولا يراها بلغت
حيث بلغت فيكتب الله له بها رضاه إلى يوم القيامة وإن العبد
ليتكلم بالكلمة لا يراها بلغت حيث بلغت يكتب الله بها سخطه إلى
يوم يلقاه فانظر يا بن أخي ما تقول وما تكلم فرب كلام كثير قد
منعني ما سمعت من بلال بن الحارث
\ 287 \ ذكر الاستحباب للمرء أن يأمر بالمعروف من
هو فوقه ومثله ودونه في الدين والدنيا إذا كان
قصده فيه النصيحة دون التعيير
أخبرنا الحسن بن سفيان ومحمد بن الحسن بن قتيبة
واللفظ للحسن قالا حدثنا محمد بن المتوكل وهو بن أبي السري قال
حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن
سلام عن أبيه عن جده قال
قال عبد الله بن سلام إن الله تبارك وتعالى لما أراد هدى
زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة إنه لم يبق من علامات النبوة شئ
521

إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت
إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمة جهله ولا يزيده شدة
الجهل عليه إلا حلما فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه
وجهله قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته
كالبدوي فقال يا رسول الله قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا
في الإسلام وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا
وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث وأنا أخشى يا رسول الله أن
يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا فإن رأيت أن ترسل
إليهم من يغيثهم به فعلت قال فنظر رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى رجل جانبه أراه عمر فقال ما بقي منه شئ
يا رسول الله قال زيد بن سعنة فدنوت إليه فقلت له يا محمد
هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا
وكذا فقال لا يا يهودي ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا
وكذا ولا أسمي حائط بني فلان قلت نعم فبايعني صلى الله
عليه وسلم فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في
تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا قال فأعطاها الرجل وقال أعجل
عليهم وأغثهم بها قال زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الأجل
بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة
522

رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه
فلما صلى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه فأخذت
بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت ألا تقضيني
يا محمد حقي فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمطل ولقد
كان لي تتغنى علم قال ونظرت إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره وقال أي عدو
الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتفعل به
ما أرى فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا
عنقك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون
وتؤدة ثم قال إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني
بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة اذهب به يا عمر فاقضه
حقه وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته قال زيد فذهب
بي عمر فقضاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت
ما هذه الزيادة قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
أزيدك مكان ما رعتك فقلت أتعرفني يا عمر قال لا فمن أنت
قلت أنا زيد بن سعنة قال الحبر قلت نعم الحبر قال
فما دعاك أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وتفعل
به ما فعلت فقلت يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين
523

لم أختبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا
حلما فقد أختبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا
وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله
عليه وسلم نبيا وأشهدك أن
شطر مالكا فإني أكثرها مالا صدقة على أمة محمد صلى الله
عليه وسلم فقال عمر أو على بعضهم فإنك لا تسعهم كلهم
قلت أو على بعضهم فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال زيد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وسلم فآمن به وصدقه وشهد مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة ثم توفي في غزوة تبوك
مقبلا غير مدبرا
524

رحم الله زيدا قال فسمعت الوليد يقول حدثني بهذا كله
محمد بن حمزة عن أبيه عن جده عن عبد الله بن سلام
\ 288 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا الآمر بالمعروف
ثواب العامل به من غير أن ينقص من أجره
شئ
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا بشر بن خالد
العسكري قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سليمان قال
سمعت أبا عمرو الشيباني
عن أبي مسعود قال أتى رجل النبي صلى الله عليه
وسلم فسأله فقال ما عندي ما أعطيك لكن ائت فلانا قال
فأتى الرجل فأعطاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله \ 289 \
525

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من
استحلال النصرة على أعداء الله الكفرة بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر في دار الإسلام
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
حدثنا بن أبي فديك عن عمرو بن عثمان بن هانئ عن عاصم بن عمر بن
عثمان عن عروة
عن عائشة قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم
فعرفت في وجهه أن قد حضره شئ فتوضأ وما كلم أحدا ثم
خرج فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول فقعد على المنبر فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى
يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني
فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم
526

فما زاد عليهن حتى نزل
\ 290 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
الغيرة عند استحلال المحظورات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم قال حدثنا محمد بن شعيب والوليد قالا حدثنا الأوزاعي عن
يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عروة بن الزبير
عن أسماء بنت أبي بكر أنها سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول وهو على المنبر إنه لا شئ أغير من الله جل
وعلا \ 291 \
527

ذكر الإخبار بأن غيرة الله تكون أشد من
غيرة أولاد آدم
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثني القعنبي قال حدثنا
عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
المؤمن يغار والله أشد غيرة
\ 292 \ ذكر وصف الشئ الذي من أجله يكون الله
جل وعلا أشد غيرة
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة
528

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
الله يغار والمؤمن يغار فغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم
عليه \ 293 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير وعبدة بن سليمان عن الأعمش عن شقيق
عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليس أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه وليس أحد
أغير من الله فلذلك حرم الفواحش \ 294 \
529

ذكر الإخبار عن الغيرة التي يحبها الله
والتي يبغضها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
قال حدثنا بن أبي عدي عن الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير
عن محمد بن إبراهيم التيمي عن بن عتيك الأنصاري
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من
الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحب
الله فالغيرة في الله وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الله
وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فأما الخيلاء التي
يحب الله أن يتخيل العبد بنفسه عند القتال وأن يتخيل عند الصداقة
وأما الخيلاء التي يبغض الله فالخيلاء لغير الدين
530

قال أبو حاتم بن عتيك هذا هو أبو سفيان بن جابر بن
عتيك بن النعمان الأشهلي لأبيه صحبة
\ 295 \ ذكر رجاء الأمن من غضب الله لمن
لم يغضب لغير الله جل وعلا
أخبرنا أبو يعلى الآتي قال حدثنا أحمد بن عيسى
المصري قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج
عن عبد الرحمن بن جبير
عن عبد الله بن عمر قال قلت يا رسول الله ما يمنعني
531

من غضب الله قال لا تغضب
\ 296 \ ذكر الإخبار عن وصف القائم في حدود الله
والمداهن فيها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن اني عن الشعبي قال
سمعت النعمان بن بشير على منبرنا هذا يقول سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ففرغت له سمعي وقلبي وعرفت أني
لن أسمع أحدا على منبرنا هذا يقول سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول مثل القائم على حدود الله والمداهن في
حدود الله كمثل قوم كانوا في سفينة فاقترعوا منازلهم فصار
مهراق الماء ومختلف القوم لرجل فضجر فأخذ القدوم وربما
قال الفأس فقال أحدهم للآخر إن هذا يريد أن يغرقنا ويخرق
سفينتكم وقال الآخر فإنما يخرق مكانه
532

وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن في
الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد لها
الجسد كله
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المؤمنون
تراحمهم ولطف بعضهم ببعض كجسد رجل واحد إذا اشتكى بعض
جسده ألم له سائر جسده \ 297 \ ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم
الراكب حدود الله والمداهن فيها مع القائم
بالحق بأصحاب مركب ركبوا لج البحر
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير
عن مطرف عن الشعبي
533

عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول المداهن في حدود الله والراكب حدود الله
والآمر بها والناهي عنها كمثل قوم استهموا في سفينة من سفن
البحر فأصاب أحدهم مؤخر السفينة وأبعدها من المرفق وكانوا
سفهاء وكانوا إذا أتوا على رجال القوم اللواز فقالوا نحن أقرب
أهل السفينة من المرفق وأبعدهم من الماء فتعالوا نخرق دف
السفينة ثم نرده إذا استغنينا عنه فقال من ناوأه من السفهاء افعل
فأهوى إلى فأس ليضرب بها أرض السفينة فأشرف عليه رجل
رشيد فقال ما تصنع فقال نحن أقربكم من المرفق وأبعدكم منه
أخرق دف السفينة فإذا استغنينا عنه سددناه فقال لا تفعل فإنك
إن فعلت تهلك ونهلك \ 298 \ ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة لمن يأمر بالمعروف
وينهي عن المنكر إذا تعرى فيهما عن العلل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو معمر
القطيعي قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
على كل منسم من بني آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم
ومن يطيق هذا قال أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر
534

صدقة والحمل على الضعيف صدقة وكل خطوة يخطوها أحدكم
إلى الصلاة صدقة \ 299 \
535

ذكر استحقاق القوم الذين لا يأمرون
بالمعروف ولا ينهون عن المنكر عن قدرة
منهم عليه عموم العقاب من الله جل وعلا
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي
قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير
عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليهم
ولا يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا \ 300 \
536

ذكر ما يستحب للمرء استعمال الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر لعوام الناس دون الأمراء
الذين لا يأمن على نفسه منهم إن فعل ذلك
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير عن مطرف عن الشعبي
عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول مثل المداهن في حدود الله والآمر بها والناهي
عنها كمثل قوم استهموا سفينة من سفن البحر فصار بعضهم في
مؤخر السفينة وأبعدهم من المرفق وبعضهم في أعلى السفينة
فكانوا إذا أرادوا الماء وهم في آخر السفينة آذوا رحالهم فقال
بعضهم نحن أقرب من المرفق وأبعد من الماء نخرق دفة السفينة
ونستقي فإذا استغنينا عنه سددناه فقال السفهاء منهم افعلوا
قال فأخذ الفأس فضرب عرض السفينة فقال رجل منهم رشيد
ما تصنع قال نحن أقرب من المرفق وأبعد من الماء نكسر دف
السفينة فنستقي فإذا استغنينا عنه سددناه فقال لا تفعل فإنك
إذا تهلك ونهلك
\ 301 \ ذكر توقع العقاب من الله جل وعلا لمن قدر
على تغيير المعاصي ولم يغيرها
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن
جرير
537

عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون
على أن يغيروا عليه ولا يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن
يموتوا
\ 302 \ ذكر جواز زجر المرء المنكر بيده دون لسانه
إذا لم يكن فيه تعد
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المقدمي وزحمويه قالا حدثنا
وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت النعمان بن راشد عن
الزهري عن عطاء بن يزيد المؤذن
عن أبي ثعلبة الخشني قال قعد إلى النبي صلى الله عليه
وسلم رجل وعليه خاتم من ذهب فقرع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يده بقضيب كان في يده ثم غفل عنه فألقى الرجل خاتمه
ثم نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أين خاتمك
قال ألقيته قال أظننا قد أوجعناك وأغرمناك
538

قال أبو حاتم النعمان بن راشد ربما أخطأ على الزهري
\ 303 \ ذكر البيان بأن المنكر والظلم إذا ظهرا كان
على من علم تغييرهما حذر عموم العقوبة
إياهم بهما
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم قال
قرأ أبو بكر الصديق هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم
أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال إن الناس
يضعون هذه الآية على غير موضعها ألا وإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا
على يديه أو قال المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقابه \ 304 \
539

ذكر البيان بأن المتأول للآي قد يخطئ في
تأويله لها وإن كان من أهل الفضل والعلم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي قال حدثنا
شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير
ما وضعها الله يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من
ضل إذا اهتديتم إن الناس إذا رأوا المنكر
فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقاب
\ 305 \ ذكر وصف النهي عن المنكر
إذا رآه المرء أو علمه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان الثوري عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب الأحمسي قال أول من بدأ بالخطبة قبل
الصلاة يوم العيد مروان بن الحكم فقام إليه رجل فقال الصلاة
قبل الخطبة ومد بها صوته فقال ترك ما هناك أبا فلان فقال
540

أبو سعيد الخدري أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم
يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذاك أضعف الإيمان
\ 306 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به طارق بن شهاب
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم وهناد بن السري قالا حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن
إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد وعن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب
عن أبي سعيد قال أخرج مروان المنبر في يوم عيد وبدأ
بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنة
541

أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج وبدأت بالخطبة قبل
الصلاة ولم يكن يبدأ بها فقال أبو سعيد من هذا قالوا فلان بن
فلان قال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه زاد إسحاق
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم
منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه فإن
لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
\ 307 \ بعونه تعالى وتوفيقه
تم الجزء الأول من
الإحسان في تقريب
صحيح ابن حبان
ويليه الجزء الثاني وأوله
باب
ما جاء في الطاعات وثوابها
542