الكتاب: صحيح ابن حبان
المؤلف: ابن حبان
الجزء: ٢
الوفاة: ٣٥٤
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة
ردمك:
ملاحظات:

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان
1

جميع الحقوق محفوظة الطبعة الثانية
1414 ه‍ 1993 م
طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
2

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان تأليف
الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
المتوفى سنة 739 ه‍
المجلد الثاني
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
شعيب الأرنؤوط
مؤسسة الرسالة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب البر والإحسان
باب ما جاء في الطاعات وثوابها
ذكر الإخبار بأن أهل كل طاعة في الدنيا
يدعون إلى الجنة من بابها
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن
عبد الرحمن بن عوف
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق
زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا
خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن
كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل
الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام،
دعي من باب الريان فقال أبو بكر يا رسول الله ما على من
5

دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك
الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم
\ 308 \
6

ذكر الإخبار عن إجازة إطلاق اسم القنوت
على الطاعات
أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن
وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل
حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة
309 \
7

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعود
نفسه أعمال الخير في أسبابه
أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا هشام بن
عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن
يونس بن ميسرة قال:
سمعت معاوية يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخير
عادة والشر لجاجة من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
\ 310 \
8

ذكر ما يستحب للمرء أن يقوم في أداء الشكر لله
جل وعلا بإتيان الطاعات بأعضائه
دون الذكر باللسان وحده
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان حدثنا
زياد بن علاقة قال
سمعت المغيرة بن شعبة يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا
تورمت قدماه فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا وقد ورجاله لك
ما تقدم وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا
\ 311 \
9

ذكر العلة التي من أجلها كان يترك صلى الله عليه وسلم
الأعمال الصالحة بحضرة الناس
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال
حدثني الليث عن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير
أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما كان
10

رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى وكانت عائشة تسبحها
وكانت تقول إن رسول الله ترك كثيرا من العمل خشية أن
يستن به فيفرض عليهم
\ 312 \
11

ذكر العلة التي من أجلها كان يترك صلى الله عليه وسلم
بعض الطاعات
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن الزهري بن شهاب عن عروة
عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع
12

العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس
فيفرض عليهم
\ 313 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الشكر لله
جل وعلا بأعضائه على نعمه ولا سيما
إذا كانت النعمة تعقب بلوى تعتريه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام بن
يحيى حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني
عبد الرحمن بن أبي عمرة
أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن ثلاثة
في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم
عروبة إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شئ أحب إليك
قال لون حسن وجلد حسن قال فأي المال أحب
13

إليك قال الإبل فمسحه فذهب عنه قال وأعطي ناقة
عشراء فقال بارك الله لك فيها
قال وأتى الأقرع فقال أي شئ أحب إليك قال شعر
حسن ويذهب عني هذا لذي قد قذرني الناس قال فمسحه
فذهب عنه وأعطى شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك
قال البقر قال فأعطي بقرة حافلة قال بارك الله لك فيها
قال وأتى الأعمى فقال أي شئ أحب إليك قال أن
يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس فمسحه فرد الله إليه
بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم قال فأعطي
شاة والدا وأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من
الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم
14

قال ثم أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل
مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ
بي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن
والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري فقال
الحقوق كثيرة فقال كأني أعرفك ألم تكن أبرص والمخالط
الناس فقيرا فأعطاك الله المال فقال إنما ورثت هذا المال
كابرا عن كابر فقال إن كنت كنت كاذبا فصيرك الله إلى
ما كنت
قال ثم أتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال
لهذا فرد عليه مثل ما رد هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك
الله إلى ما كنت
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن
سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فقال قد كنت أعمى
فرد الله علي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله
15

لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما
ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك
\ 314 ذكر تفضل الله جل وعلا بإعطاء أجر الصائم
الصابر للمفطر إذا شكر ربه جل وعلا
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد الطاحي بالبصرة
حدثنا نصر بن علي حدثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن
سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعم
الشاكر بمنزلة الصائم الصابر
16

قال أبو حاتم شكر الطاعم الذي يقوم بإزاء أجر الصائم
الصابر هو أن يطعم المسلم ثم لا يعصي باريه يقويه ويتم
شكره بإتيان طاعاته بجوارحه لأن الصائم قرن به الصبر لصبره
عن المحظورات وكذلك قرن بالطاعم الشكر فيجب أن يكون
18

هذا الشكر الذي يقوم بإزاء ذلك الصبر يقاربه أو يشاكله
وهو ترك المحظورات على ما ذكرناه
\ 315 ذكر الأخبار عما يجب على المرء من القيام في أداء الفرائض
مع إتيان النوافل ثم إعطائه عن نفسه وعياله فيما بعد
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن
الخطاب البلدي الزاهد حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا
إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة
عن أبي موسى قال دخلت امرأة عثمان بن مظعون
على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فرأينها سيئة الهيئة فقلن ما لك ما في
قريش رجل أغنى من بعلك قالت ما لنا منه شئ أما نهاره
فصائم وأما ليله فقائم قال فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرن ذلك له
فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عثمان أما لك في أسوة قال
وما ذاك يا رسول الله فداك أبي وأمي قال أما أنت فتقوم
الليل وتصوم النهار وإن لأهلك عليك حقا وإن لجسدك
عليك حقا صل ونم وصم وأفطر قال فأتتهم المرأة بعد
ذلك عطرة كأنها عروس فقلن لها مه قالت أصابنا
ما أصاب الناس
\ 316 \
19

ذكر التغليظ على من خالف السنة
التي ذكرناها
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن
أبي كثير أخبرني حميد الطويل أنه سمع
أنس بن مالك يقول جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم
تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد ورجاله له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا
وقال الآخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر أنا أعتزل
النساء ولا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم الذي
20

قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له
لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب
عن سنتي فليس مني
\ 317 ذكر ما يقوم مقام الجهاد النفل
من الطاعات للمرء
أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان أخبرنا علي بن
الجعد أخبرنا شعبة أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال سمعت
أبا العباس وهو السائب بن فروخ الشاعر المكي يقول
21

سمعت عبد الله بن عمر يقول جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك قال
نعم قال ففيهما فجاهد
\ 318 \
22

ذكر البيان بأن المرء مباح له أن يظهر ما أنعم الله عليه
من التوفيق للطاعات إذا قصد بذلك التأسي فيه
دون إعطاء النفس شهوتها من المدح عليها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن سليمان بن
المغيرة حدثنا ثابت
عن أنس قال وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مطرف قيل
يا رسول الله إن أثر الوجع عليك بين قال إني على
ما ترون قرأت البارحة السبع الطول
\ 319 ذكر الإخبار بأن على المرء مع قيامه في النوافل
إعطاء الحظ لنفسه وعياله
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خثيمة حدثنا
جعفر بن عون حدثنا أبو عميس عن عون بن أبي جحيفة
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان
وأبى الدرداء قال فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى
أم الدرداء متبتلة فقال ما شأنك قالت إن أخاك ليست له
23

حاجة في الدنيا فلما جاء أبو الدرداء رحب به سليمان وقرب
إليه الطعام فقال له سلمان أطعم قال إني صائم قال
أقسمت عليك إلا طعمت فإني ما أنا بآكل حتى تأكل قال
فأكل معه وبات عنده فلما كان من الليل قال أبو الدرداء
فحبسه سلمان ثم قال يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا
ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا أعط كل ذي حق
حقه صم وأفطر وقم ونم وائت أهلك فلما كان عند
الصبح قال قم الآن فقاما فصليا ثم خرجا إلى الصلاة
فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه أبو الدرداء فأخبره بما قال
سلمان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان
\ 320 \
24

ذكر ما يستحب للمرء إتيان المبالغة في الطاعات
وكذلك اجتناب المحظورات
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد
النرسي حدثنا سفيان عن أبي يعفور عن مسلم بن صبيح
عن مسروق
عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظ
أهله وأحيى الليل وشد المئزر
25

وقد ذكر سفيان مرة فيه وجد
أبو يعفور اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس
\ 321 ذكر ما يستحب للمرء لزوم المداومة
على إتيان الطاعات
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا محمود بن
خداش حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال
26

سألت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان
عمله صلى الله عليه وسلم ديمة
\ 322 \
27

ذكر البيان بأن أحب الطاعات إلى الله جل وعلا
ما واظب عليه المرء وإن قل
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أنها قالت كان أحب الأعمال إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه
\ 323 \
28

ذكر استحباب الاجتهاد في يجري الطاعات
في أيام العشر من ذي الحجة
أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا
أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن
سعيد بن جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام
العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر
قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال
ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم
لم يرجع من ذلك بشئ
\ 324 \
30

ذكر الإخبار بأن عشر ذي الحجة وشهر رمضان
في الفضل يكونان سيان
أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال
أخبرنا خالد عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة
31

عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان
رمضان وذو الحجة
\ 325 ذكر الإخبار عن استعمال الله جل وعلا
أهل الطاعة بطاعته
أخبرنا الصوفي ببغداد حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا
الجراح بن مليح البهراني قال سمعت بكر بن زرعة الخولاني قال
32

سمعت أبا عنبة الخولاني وهو من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم ممن صلى للقبلتين كلتيهما وأكل الدم في
الجاهلية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال الله
يغرس في هذا الدين بغرس يستعملهم في طاعته
\ 326 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال
على الصالحين في زمانه دون السعي فيما
يكدون فيه من الطاعات
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
33

يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب
قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أسلمة أخبرته أن
أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها
أن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسام فزعا محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل
للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج
مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت فقلت
يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحين قال نعم إذا
كثر الخبث
\ 327 \
34

ذكر الإخبار بأن من تقرب إلى الله قدر شبر أو ذراع
بالطاعة كانت الوسائل والمغفرة أقرب منه بباع
أخبرنا سليمان بن الحسين بن المنهال أبن أخي
الحجاج بن المنهال قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن
سلمة عن عطاء بن السائب عن الأغر أبي مسلم
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن الله جل
وعلا قال الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في
35

واحدة منهما قذفته في النار ومن اقترب إلي شبرا اقتربت منه
ذراعا ومن اقترب مني ذراعا اقتربت منه باعا ومن جائني
يمشي جئته أهرول ومن جاءني يهرول جئته أسعى ومن
ذكرني في نفسه ذكرته فنفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته
في ملأ أكثر منهم وأطيب
\ 328 \
36

ذكر إطلاق اسم الخير على الأفعال الصالحة
إذا كانت من غير المسلمين
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي قال
حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا
شعيب بن أبي حمزة عن بن شهاب أخبرني عروة بن الزبير
أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت
37

أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة
فهل فيها أجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف لك
من أجر
\ 329 \
38

ذكر البيان بأن الأعمال التي يعملها من ليس بمسلم
وإن كانت أعمالا صالحة لا تنفع في
العقبي من عملها في الدنيا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال
حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن
عبيد بن عمير
39

عن عائشة قالت قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن بن جدعان
في الجاهلية كان يقري الضيف ويحسن الجوار ويصل
الرحم فهل ينفعه ذلك قال لا إنه لم يقل يوما قط اللهم
اغفر لي خطيئتي يوم الدين
\ 330 ذكر الإخبار بأن الكافر وإن كثرت أعمال الخير منه
في الدنيا لم ينفعه منها شئ في العقبي
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة قال حدثنا حفص بن الصالح عن داود بن أبي هند عن
الشعبي عن مسروق
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سألته عن قوله يوم
تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد
القهار فأين يكون الناس يومئذ فقال على
40

الصراط قالت قلت يا رسول الله بن جدعان كان في
الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه قال
لا ينفعه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين
\ 331 \ ذكر القصد الذي كان لأهل الجاهلية
في استعمالهم الخير في أنسابهم
أخبرك أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن
الجعد الجوهري قال أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت
مري بن قطري يحدث عن
41

عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إن أبي كان
يصل الرحم وكان يفعل ويفعل قال إن أباك أراد أمرا
فأدركه يعني الذكر قال قلت يا رسول الله إني أسألك
عن طعام لا أدعه إلا تحرجا قال لا تدع شيئا ضارعت
النصرانية فيه قال قلت إني أرسل كلبي فيأخذ صيدا
ولا أجد ما أذبح به إلا المروة أو العصا قال أمر الدم
بما شئت واذكر اسم الله
\ 332 \
42

ذكر ما يجب على المرء من التشمير في الطاعات وإن
جرى قبلها منه ما يكره الله من المحظورات
أخبرنا سليمان بن الحسن العطار بالبصرة حدثنا
عبد الواحد بن الصالح حدثنا حماد بن زيد حدثنا يزيد الرشك عن
مطرف بن عبد الله بن الشخير
عن عمران بن حصين قال قيل يا رسول الله أعلم
43

أهل الجنة من أهل النار قال نعم قيل فما يعمل
العاملون قال صلى الله عليه وسلم كل ميسر لما خلق
\ 333 \
44

ذكر ما يجب على المرء من ترك الاتكال على
قضاء الله دون التشمير فيما يقربه إليه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا محمد بن كثير
العبدي حدثنا شعبة عن سليمان الأعمش عن سعد بن عبيدة
عن أبي عبد الرحمن السلمي
عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في جنازة
فأخذ عودا فجعل ينكت به في الأرض فقال ما منكم من
أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقال
رجل ألا نتكل فقال اعملوا فكل ميسر ثم قرأ فأما من
أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل
واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى
\ 334 \
45

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به سليمان الأعمش
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا بشر بن خالد
حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن الأعمش عن سعد بن عبيدة
عن أبي عبد الرحمن السلمي
عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في
جنازة فأخذ عودا ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد
إلا كتب مقعده من الجنة أو من النار فقالوا يا رسول الله
أفلا نتكل قال اعملوا كل ميسر فأما من أعطى واتقى
وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى
وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى
47

قال شعبة حدثني منصور بن المعتمر فلم أنكره من
حديث سليمان
\ 335 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال
على القضاء النافذ دون إتيان المأمورات
والانزجار عن المحظورات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال
حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن
الحارث عن أبي الزبير
عن جابر أنه قال قلت يا رسول الله أنعمل لأمر قد
فرغ منه أم لأمر نأتنفه قال لأمر قد فرغ منه قال ففيم
العمل إذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عامل ميسر لعمله
\ 36 \
48

ذكر ما يجب على المرء من قلة الاغترار بكثرة إتيانه
المأمورات وسعيد يجري الطاعات
أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا يحيى بن
حبيب بن عربي حدثنا بن علية حدثنا روح بن القاسم عن
أبي الزبير
عن جابر أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله أخبرنا
عن أمرنا كأنا ننظر إليه بما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير
أو بما يستأنف قال لا بل بما جرت به الأقلام وثبتت به
المقادير قال ففيم العمل إذا قال اعملوا فكل ميسر
قال سراقة فلا أكون أبدا أشد اجتهادا في العمل
مني الآن
\ 337 \
49

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فكل ميسر أراد به ميسر
لما قدر له في سابق علمه من خير أو شر
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان المعدل بالفسطاط
حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا بن وهب أخبرني معاوية بن صالح
عن راشد بن سعد
حدثني عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خلق
الله آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال هؤلاء في الجنة
ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي قال قائل
يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر
\ 338 \
50

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على
ما يأتي من الطاعات الابتهال إلى الخالق
جل وعلا في إصلاح أواخر أعماله
أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال أخبرنا
هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن جابر
قال سمعت أبا عبد رب يقول
سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله
وإذ خبث أعلاه خبث أسفله
\ 339 \
51

ذكر البيان بأن المرء يجب أن يعتمد من عمله
على آخره دون أوائله
أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد قال حدثنا
الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا
عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الأعمال
بالخواتيم
\ 340 \
52

ذكر الإخبار بأن من وفق للعمل الصالح قبل موته
كان ممن أريد به الخير
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا علي بن
حجر السعد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله
بعبد خيرا يستعمله قيل كيف يستعمله يا رسول الله قال
يوفقه لعمل صالح قبل الموت
\ 341 \
53

ذكر الإخبار بأن فتح الله
على المسلم العمل الصالح
في آخر عمره من علامة
إرادته جل وعلا له الخير
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن
صالح قال أخبرني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبي قال
سمعت عمرو بن الحمق الهدي قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل
وما عسله قبل موته قال يفتح له عمل صالح بين يدي موته
حتى يرضى عنه
\ 342 \
54

ذكر البيان بأن العمل الصالح الذي يفتح للمرء قبل موته
من السبب الذي يلقي الله جل وعلا محبته
في قلوب أهله وجيرانه به
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا
موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا زيد بن الحباب قال
حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير
الحضرمي عن أبيه
عن عمرو بن الحمق الهدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل وما عسله قال
يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه
\ 343 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة القنوط
إذا وردت عليه حالة الفتور في الطاعات
في بعض الإحايين
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو قديد
عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة
عن أنس قال قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا إذا كنا
عند النبي صلى الله عليه وسلم رأينا من أنفسنا ما نحب فإذا رجعنا إلى أهالينا
فخالطناهم أنكرنا أنفسنا فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال
55

رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تدومون على ما تكونون عندي في الحال
لصافحتكم الملائكة حتى تظلكم بأجنحتها ولكن ساعة
وساعة
\ 344 ذكر الإخبار عما يجب على المر المسلم من ترك
القنوط من رحمة الله جل وعلا مع ترك الاتكال
على سعة رحمته وإن كثرت أعماله
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا
عبد العزيز بن محم عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم
المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحد
ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من
الجنة أحد
\ 345 \
56

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرجاء
وترك القنوط مع لزومه القنوط وترك الرجاء
أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال أبن أخي
الحجاج بن المنهال حدثنا أحمد بن أبان القرشي حدثنا عبد العزيز بن
محمد عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن
الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار وإن
الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمن أهل الجنة
\ 346 \
57

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الثقة بالله في
أحواله عند قيامه بإتيان المأمورات وانزعاجه
عن جميع المزجورات
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال
حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا
سليمان بن بلال قال حدثني شريك بن أبي نمر عن عطاء
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جل
وعلا يقول من عادى لي وليا فقد آذاني وما تقرب إلي
عبدي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به
وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي
بها فإن سألني عبدي أعطيته وإن استعاذني أعذته
وما ترددت عن شئ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره
الموت وأكره مساءته
58

قال أبو حاتم رضي الله عنه لا يعرف لهذا الحديث
إلا طريقان اثنان هشام الكناني عن أنس وعب الواحد بن
ميمون عن عروة عن عائشة وكلا الطريقين لا يصح
وإنما الصحيح ما ذكرناه
347 ذكر الأمر بالتشديد في الأمور
وترك الاتكال على الطاعات
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا
ليث بن سعد عن بكير بن عبد الله الأشج عن بسر بن سعيد
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مامنكم من
أحد ينجيه عمله فقال له رجل ولا أنت يا رسول الله قال
ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ولكن سددوا
\ 348 \
60

ذكر الأخبار عما يجب على المرء من التسديد
والمقاربة في الأعمال دون الإمعان في الطاعات
حتى يشار إليه بالأصابع
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
عباد المكي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بن عجلان عن
القعقاع بن حكيم عن أبي صالح
عن أبا هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل عمل شرة
ولكل شرة فترة فإن كان المؤلف سادا وقاربا فارجوه وإن
أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه
\ 349 ذكر الأمر بالمقاربة في الطاعات إذ الفوز في العقبي
يكون بسعة رحمة الله لا بكثرة الأعمال
أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي
حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح
62

عن أبي هريرة وأبي سفيان عن جابر قالا قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا ولا ينجي أحدا منكم عمله
قلنا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله
منه برحمته
\ 350 ذكر الأمر بالغدو والرواح والدلجة في الطاعات
عند المقاربة فيها
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن المقدام
حدثنا عمر بن علي المقدمي قال سمعت معن بن محمد قال
سمعت سعيد بن أبي سعيد يحدث
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا
الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا
63

وأبشروا واستعينوا بالغدوة والرواح وشئ من الدلجة
\ 351 ذكر الأمر للمرء بإتيان الطاعات على الرفق
من غير ترك حظ النفس فيها
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني
سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن
أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال أخبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يعني نفسه لأقومن الليل ولأصومن
النهار ما عشت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت الذي تقول ذلك
64

فقلت له قد قلته يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك
لا تستطيع ذلك صم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة
أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر قال
قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يومين قال
قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يوما
وذلك صيام داود وهو أعدل الصيام قال فقلت فإني أطيق
أفضل من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك قال
عبد الله ولأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلي من أهلي ومالي
65

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم لا أفضل من
ذلك يريد به لك لأنه صلى الله عليه وسلم علم ضعف عبد الله بن عمرو عما
وطن نفسه عليه من الطاعات
ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثني الوليد قال حدثنا الأوزاعي
حدثني يحيى قال حدثني أبو سلمة قال
حدثتني عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا من
العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا قالت وكان
أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قل وكان
إذا صلى صلاة دام عليها
353 \
67

قال يقول أبو سلمة قال الله عز وجل والذين هم
على صلاتهم دائمون
68

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمل
حتى تملوا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن
يعرف صحة ما خوطب به في القصد على الحقيقة إلا بهذه
الألفاظ
ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من قبول ما رخص له
بترك التحمل على النفس ما لا تطيق من الطاعات
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى قال حدثنا الحسين بن محمد الذارع قال حدثنا
أبو محصن حصين بن نمير قال
حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب
أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه
\ 354 \
69

ذكر الإخبار بأن على المرء قبول رخصة الله له في طاعته
دون التحمل على النفس ما يشق عليها حمله
أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا
الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن محمد بن
عبد الرحمن بن ثوبان
عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في
سفر في ظل شجرة يرشح عليه الماء فقال ما بال
صاحبكم قالوا صائم يا رسول الله قال ليس من البر
70

الصيام في السفر فعليكم برخصة الله التي رخص لكم
فاقبلوها \ 355 \
71

ذكر ما يستحب للمرء الترفق بالطاعات
وترك الحمل على النفس ما لا تطيق
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن
هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق
عن عائشة قالت ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا
منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان
\ 356 ذكر الأمر بالقصد في الطاعات دون أن
يحمل على النفس ما لا تطيق
أخبرنا أبو يعلى الآتي حدثنا أبو الزهراني
حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي حدثنا عيسى بن جارية
72

عن جابر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل قائم يصلي
على صخرة فأتى ناحية مكة فمكث مليا ثم أقبل فوجد
الرجل على حاله يصلي فجمع يديه ثم قال أيها الناس
عليكم بالقصد عليكم بالقصد فإن الله لا يمل حتى
تملوا
\ 357 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم التسديد
في أسبابه مع الاستبشار بما يأتي منها
سمعت الفضل بن الحباب يقول سمعت
عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم
يقول سمعت محمدا يقول
سمعت أبا هريرة يقول مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهط من
أصحابه يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
73

قليلا ولبكيتم كثيرا فأتاه جبريل فقال إن الله قال لك
لم تقنط عبادي قال فرجع إليهم وقال سددوا وأبشروا
\ 358 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الرفق
في الطاعات وترك الحمل على النفس ما لا تطيق
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا
شعيب عن الزهري عن عروة
عن عائشة أن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن
عبد العزى مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقلت
هذه الحولاء بنت تويت وزعموا أنها لا تنام صارت
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنام صارت خذوا من العمل ما تطيقون
فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا
74

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم لا يسأم الله
حتى تسأموا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف
القصد فيما يخاطب به إلا بهذه الألفاظ
\ 359 ذكر الزجر عن الاغترار بالفضائل
التي رويت للمرء على الطاعات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي
قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني محمد بن إبراهيم
التيمي قال حدثني شقيق بن سلمة قال حدثني حمران مولى
عثمان قال
رأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بوضوء فتوضأ ثم
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقعدي هذا توضأ مثل
وضوئي هذا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ مثل وضوئي
هذا ورجاله له ما تقدم من ذنبه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا تغتروا
\ 360 \
75

ذكر الاستحباب للمرء أن يكون له من كل خير
حظ رجاء التخلص في العقبي بشئ منها
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني والحسين بن عبد الله
القطان بالرقة وابن قتيبة واللفظ للحسن قالوا حدثنا إبراهيم بن
هشام بن يحيى بن يحيى بن الغساني قال حدثنا أبي عن
جدي عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس وحده قال يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته
ركعتان فقم فاركعهما قال فقمت فركعتهما ثم عدت
فجلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة
فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل قال قلت يا رسول الله
أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله قال قلت
يا رسول الله فأي المؤمنين أكمل
إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي
المؤمنين أسلم قال من سلم الناس من لسانه ويده قال
الصلاة أفضل قال المريض القنوت
قال قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل قال من هجر
السيئات قال قلت يا رسول الله فما الصيام قال فرض
76

مجزئ وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله
فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال
قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل
يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي ما أنزل الله عليك
أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات
السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقا بأرض فلاة وفضل العرش
على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قال قلت يا رسول
الله كم الأنبياء قال مائة ألف قرة ألفا قلت
يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال ثلاث مائة وثلاثة عشر
جما غفيرا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال
آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل قال نعم خلقه
الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا ثقال يا أبا ذر
أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول
من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب
وصالح ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله كم كتابا أنزله
الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث
خمسون صحيفة وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل
على إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل التوراة عشر
صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن قال قلت
77

يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم قال كانت أمثالا
كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك
لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة
المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل
ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجي
فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع
الله وساعة غلام فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى
العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة
لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا
بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من
عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كانت
صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن
بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم
هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت
لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن
أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قلت يا رسول الله
أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله
قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر
الله
فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء قلت
78

يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت
القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال
عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون
لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال عليك
بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني قال
أحب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني قال
انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن
لا تزدري نعمة الله عندك قلت يا رسول الله زدني قال
قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني قال
ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي
وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد
عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال يا أبا ذر
لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب
كحسن الخلق
79

قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو إدريس الخولاني هذا
هو عائد الله بن عبد الله ولد عام حنين في حياة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بالشام سنة ثمانين
ويحيى بن يحيى الغساني من كندة من أهل دمشق
من فقهاء أهل الشام وقرائهم سمع أبا إدريس الخولاني
وهو بن خمس عشرة سنة ومولده يوم راهط في أيام معاوية بن
يزيد سنة أربع وستين وولاه سليمان بن عبد الملك قضاء
الموصل سمع
سعيد بن المسيب وأهل الحجاز فلم يزل
على القضاء بها حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فأقره
على الحكم فلم يزل عليها أيامه وعمر حتى مات بدمشق سنة
ثلاث وثلاثين ومئة
\ 361 \
81

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
العبادة في السر والعلانية رجاء النجاة في العقبي بها
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا
همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك
عن معاذ بن جبل قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ما بيني
وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال يا معاذ قلت لبيك
يا رسول الله وسعديك قال ثم سار ساعة ثم قال
يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال هل تدري
ما حق الله على العباد قلت الله ورسول أعلم قال أن
يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال ثم سار ساعة ثم قال هل
تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك قلت الله
ورسوله أعلم قال فإن حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن
لا يعذبهم
\ 362 \
82

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح
أحواله حتى يؤديه ذلك إلى محبة لقاء الله جل وعلا
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج قال أنبأنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك
84

وتعالى إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه فإذا كره لقائي
كرهت لقاءه
\ 363 ذكر الاستدلال على محبة الله جل وعلا لتعظيم الناس عنده
بمحبة خواص أهل العقل والدين إياه
أخبرنا محمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أمية بن
بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن
سهيل بن أبي صالح عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله إذا أحب
عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه قال فيقول
85

جبريل لأهل السماء إن ربكم أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل
السماء قال ويوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا
فمثل ذلك
\ 364 ذكر الإخبار عن محبة أهل السماء والأرض
العبد الذي يحبه الله جل وعلا
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنبأنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أحب
الله العبد قال لجبريل قد أحببت فلانا فأحبه فيحبه جبريل
ثم ينادي في أهل السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه
86

أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض الله
العبد قال مالك لا أحسبه إلا قال في البغض
مثل ذلك
قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر سهيل عن
أبيه وسمع عن القعقاع بن حكيم عن أبيه
\ 365 \
87

ذكر البيان بأن محبة من وصفنا قبل للمرء على الطاعات
إنما هو تعجيل بشراه في الدنيا
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد عن يحيى القطان
عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت قال
قال أبو ذر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يعمل لنفسه
ويحبه الناس قال تلك عاجل بشرى المؤمن
\ 366 \
88

ذكر البيان بأن محمدة الناس للمرء وثناءهم عليه
إنما هو بشراه في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن
المقدام قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن
عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أرأيت الرجل
يعمل العمل من الخير يحمده الناس قال ذلك بشرى
المؤمن
\ 367 ذكر البيان بأن الله جل وعلا يثني على من يحبه من المسلمين
بأضعاف عمله من الخير والشر
أخبرنا علي بن سعيد العسكري قال حدثنا أبو نشيط
محمد بن هارون قال حدثنا المقرئ عن حياة بن شريح قال
حدثنا سالم بن غيلان قال سمعت أبا السمح عن أب لهيثم
89

عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
إذا أحب عبدا أثنى عليه بسبعة أضعاف من الخير لم يعملها
وإذا سخط على عبد أثنى عليه بسبعة أضعاف من الشر
لم يعملها
\ 368 \
90

ذكر الإخبار عن إعداد الله جل وعلا لعباده المطيعين
ما لا يصفه حس من حواسهم
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال
حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك
وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر ومصداق ذلك في كتاب
الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا
يعملون
\ 369 \
91

ذكر الإخبار عما وعد الله جل وعلا المؤمنين في العقبي
من النصارى على أعمالهم في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا روح بن عبادة قال حدثنا سعيد عن قتادة
عن أنس بن مالك في قوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال
92

نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية وإن أصحابه
قد أصابتهم الكآبة والحزن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت علي
آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم
عليهم فقالوا يا رسول الله بين الله لك ما يفعل بك فماذا
يفعل بنا فأنزل الله الآية بعدها ليدخل المؤمنين والمؤمنات
جنات تجري من تحتها الأنهار الآية
\ 370 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر تفرد به قتادة عن أنس
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث بن عبد الكريم بمرو
حدثنا الحسين بن سعيد بن بنت علي بن الحسين بن حكى حدثني جدي
93

علي بن الحسين بن حكى حدثني أبي قال قال سفيان وحدثني
الحسن
عن أنس بن مالك في قوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا
أنها نزلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية وأصحابه قد
خالطهم الحزن والكآبة قد حيل بينهم وبين مسألتهم ونحروا
البدن بالحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد نزلت علي آية هي
أحب إلي من الدنيا جميعا فقرأها عليهم إلى آخر الآية فقال
رجل من القوم هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك
ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله ليدخل المؤمنين
والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار إلى آخر الآية
ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء كان
ضامنا بها على الله جل وعلا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا
سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبي قال حدثنا
الليث بن سعد عن الحار ث بن يعقوب عن قيس بن رافع القيسي
عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو
94

عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جاهد
في سبيل الله كان ضامنا على الله ومن عاد مريضا كان
ضامنا على الله ومن غدا إلى مسجد أو راح كان ضامنا على
الله ومن دخل على إمام يعززه كان ضامنا على الله ومن
جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنا على الله
\ 372 \
95

ذكر الخصال التي يستوجب المرء بها
الجنان من بارئه جل وعلا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني أبو كثير
السحيمي عن أبيه قال
سألت أبا ذر قلت دلني على عمل إذا عمل العبد به
دخل الجنة قال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يؤمن
بالله قال فقلت يا رسول الله إن مع الإيمان وأشار قال
يرضخ مما رزقه الله قلت وإن كان معدما لا شئ له قال
يقول معروفا بلسانه قال قلت وإن كان عييا لا يبلغ عنه
لسانه قال فيعين مغلوبا قلت فإن كان ضعيفا لا قدرة له
قال فليصنع لأخرق قلت وإن كان أخرق قال فالتفت
إلي وقال ما تريد أن تدع في صاحبك شيئا من الخير فليدع
الناس من إذا فقلت يا رسول الله إن هذه كلمة تيسير
فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من عبد يعمل بخصلة منها
يريد بها ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة حت
تدخله الجنة
96

قال أبو حاتم أبو كثير السحيمي اسمه يزيد
بن عبد الله بن أذينة من ثقات أهل اليمامة
\ 373 ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء
أو بعضها كان من أهل الجنة
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن
97

عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى بن
عبد الرحمن عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة
عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله علمني وأشار يدخلني الجنة قال أداء
كنت أقصرت الخطبة فقد أعرضت المسألة أعتق النسمة
وفك الرقبة قال أو ليستا بواحدة قال لا عتق النسمة أن
تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعطي في ثمنها والمنحة الوكوف
والفئ على ذي الرحم القاطع فإن لم تطق ذاك فأطعم
الجائع واسق الظمآن ومر بالمعروف وانه عن المنكر فإن
لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير
\ 374 \
98

ذكر كتبة الله جل وعلا أجر السر وأجر العلانية لمن
عمل لله طاعة السر والعلانية فاطلع عليه
من غير وجود علة فيه عند ذلك
أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا
عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سعيد بن سنان
أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رجل قال يا رسول الله إن الرجل
يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره قال له أجرا
أجر السر وأجر العلانية
99

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله إن الرجل
يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره معناه أنه يسره أن الله وفقه
لذلك العمل فعسى يستن به فيه فإذا كان كذلك كتب له
أجران وإذا سره ذلك لتعظيم الناس إياه أو ميلهم إليه كان
ذلك ضربا من الرياء لا يكون له أجران ولا أجر واحد
\ 375 ذكر الإخبار بأن مغفرة الله جل وعلا تكون أقرب
إلى المطيع من تقربه بالطاعة إلى الباري جل وعلا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المتوكل قال حدثنا
المعتمر بن سليمان قال حدثني أبي قال أنبأنا أنس بن مالك
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك
وتعالى إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا
تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني مشيا أتيت
هرولة وإن هرولة سعيت إليه والله أوسع بالمغفرة
\ 376 \
100

ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجازي المؤمن
على حسناته في الدنيا كما يجازي على سيئاته فيها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد
قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى
بها في الآخرة فأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا فإذا
101

أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا
\ 377 ذكر الخبر الدال على أن الحسنة الواحدة
قد يرجى بها للمرء محو جنايات سلفت منه
أخبرنا بن قتيبة حدثنا غالب بن وزير الغزي حدثنا
وكيع قال حدثني الأعمش عن المعرور بن سويد
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبد عابد من بني
إسرائيل فعبد الله في صومعته ستين عاما فأمطرت الأرض
فاخضرت فأشرف الراهب من صومعته فقال لو نزلت فذكرت
الله لازددت خيرا فنزل ومعه رغيف أو رغيفان فبينما هو في
الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها ثم
أغمي عليه فنزل الغدير يستحم فجاءه سائل فأومأ إليه أن
يأخذ الرغيفين أو الرغيف ثم مات فوزنت عبادة ستين سنة
بتلك الزينة فرجحت الزنية بحسناته ثم وضع الرغيف
102

أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له
قال أبو حاتم سمع هذا الخبر غالب بن وزير عن وكيع
ببيت المقدس ولم يحدث به بالعراق وهذا مما تفرد به أهل
فلسطين عن وكيع
ذكر تفضل الله جل وعلا على العامل حسن
بكتبها عشرا والعامل سيئة بواحدة
\ 378 أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل
وعلا قال إذا تحدث عبدي أن يعمل حسنة فأنا أكتبها له
حسنة ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها وإذا
تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها ما لم يفعلها فإذا فعلها
فأنا أكتبها مثلها
\ 379 \
103

ذكر البيان بأن تارك السيئة إذا اهتم بها
يكتب الله له بفضله حسنة بها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار
الرمادي قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى
إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها حسنة فإذا عملها
فاكتبوها بعشر أمثالها وإذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها
بمثلها فإن تركها فاكتبوها حسنة
\ 380 \
104

ذكر تفضل الله جل وعلا بكتبه حسنة واحدة
لمن هم بسيئة فلم يعملها وكتبه سيئة واحدة
إذا عملها مع محوها عن إذا تاب
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر قال حدثنا
زكريا بن يحيى الوقار حدثنا بن وهب عن مالك عن أبي الزناد
عن الأعرج
عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا
قال إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن
عملها فاكتبوها له سيئة فإن تاب منها فامحوها عنه وإذا هم
عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها
فاكتبوها له بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف
\ 381 ذكر البيان بأن تارك السيئة إنما يكتب
له بها حسنة إذا تركها لله
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح حدثنا شبابة عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله قال إذا
أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن
105

عملها فاكتبوها مثلها فإن تركها من أجلي فاكتبوها حسنة فإن
أراد أن يعمل حسنة فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له
عشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف
\ 382 ذكر تفضل الله جل وعلا على من هم بحسنة بكتبها
له وإن لم يعملها وبكتبه عشرة أمثالها إذا عملها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك
وتعالى إذا هم عبدي بالحسنة فلم يعملها كتبتها له حسنة
فإن عملها كتبتها له عشر حسنات وإن هم عبدي بسيئة
ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها واحدة
106

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله جل وعلا إذا هم
عبدي أراد به إذا عزم فسمى العزم هما لأن العزم نهاية
الهم والعرب في لغتها تطلق اسم البداءة على النهاية واسم
النهاية على البداءة لأن الهم لا يكتب على المرء لأنه خاطر
لا حكم له ويحتمل أن يكون الله يكتب لمن هم بالحسنة
الحسنة وإن لم يعزم عليه ولا عمله لفضل الإسلام فتوفيق الله
العبد للإسلام فضل تفضل به عليه وكتبته ما هم به من
الحسنات ولما يعملها فضل وكتبته ما هم به من السيئات
ولما يعملها لو كتبها لكان عدلا وفضله قد سبق عدله كما أن
رحمته سبقت غضبه فمن فضله ورحمته ما لم يكتب على
صبيان المسلمين ما يعملون من سيئة قبل البلوغ وكتب لهم
ما يعملونه من حسنة كذلك هذا ولا فرق
\ 383 ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يكتب للمرء
بالحسنة الواحدة أكثر من عشرة أمثالها
إذا شاء ذلك
أخبرنا عبد اللبن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا هشام عن محمد
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا
قال من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها
كتبتها بعشر أمثالها إلى سبع مائة وإن هم بسيئة فلم يعملها
107

لم أكتب عليه فإن عملها كتبتها عليه سيئة واحدة
/ 384 /
ذكر إعطاء الله جل وعلا العامل بطاعة الله ورسوله
في آخر الزمان أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا بن
المبارك عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثني عمرو بن جارية
اللخمي حدثنا أبو أمية الشعباني قال
أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول
في هذه الآية لا يضركم من ضل إذا اهتديتم
قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن
108

المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة
وإعجاب كل ذي أجرة برأيه فعليك نفسك ودع أمر العوام
فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل قبض على الجمر
للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قال
وزادني غيره يا رسول الله أجر خمسين منهم قال خمسين منكم
109

قال أبو حاتم رضي الله عنه يشبه أن يكون بن المبارك
هو الذي قال وزادني غيره
\ 385 ذكر الخبر الدال على أن الكبائر الجليلة
قد تغفر بالنوافل القليلة
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا
أبو خالد عن هشام عن محمد
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن امرأة بغيا رأت كلبا
110

في حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له فسقته فغفر لها \ 386 ذكر الخبر الدال على أن ترك المرء بعض المحظورات
لله جل وعلا عند قدرته عليه قد يرجى له به
المغفرة للحوبات المتقدمة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال
حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن
سعيد بن جبير
عن بن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين
111

مرة يقول كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من
شئ فهوي امرأة فراودها على نفسها وأعطاها ستين دينارا
فلما جلس منها بكتو أرعدت فقال لها ما لك فقالت
إني والله لم أعمل هذا العمل قط وما عملته إلا من حاجة
قال فندم ذو الكفل وقام من غير أن يكون منه شئ فأدركه
الموت من ليلته فلما مطرف وجدوا على بابه مكتوبا إن الله
قد ورجاله لك
\ 387 \
112

باب الإخلاص وأعمال السر
أخبرنا علي بن محمد القباني حدثنا عبد الله بن
هاشم الطوسي حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد
الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن
كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى
ما هاجر إليه
\ 388 \
113

أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أبي قال
حدثنا عيسى بن يونس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن
إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص المؤذن
عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال
بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله
115

ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا
يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
\ 389 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من حفظ القلب والتعاهد
لأعمال السر إذ الأسرار عند الله غير مكتومة
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بخبر غريب
قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن
سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن
أبي الضحى عن مسروق
عن بن مسعود قال كنت مستترا بحجاب الكعبة وفي
المسجد رجل من ثقيف وختناه قرشيان فقالوا ترون أن الله
يسمع حديثنا فقال أحدهما إنه يسمع إذا رفعنا فقال رجل
أداء كان يسمع إذا رفعنا ليسمعن إذا أخفينا وقال الآخر
ما أرى إلا أن الله يسمع حديثنا قال بن مسعود فأتيت نبي
الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقولهم فأنزل الله وما كنتم تستترون أن
يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم إلى آخر الآية
فصلت
\ 390 \
116

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
سمعه الأعمش عن أبي الضحى فقط
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال
أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب هو بن ربيعة
عن بن مسعود قال إني لمستتر بأستار الكعبة إذ جاء
ثلاثة نفر ثقفي وختناه قرشيان كثى شحم بطونهم قليل
فقههم فتحدثوا الحديث بينهم فقال أحدهم أترى الله
يسمع ما قلنا وقال الآخر إذا رفعنا سمع وإذا خفضنا
لم يسمع وقال الآخر إن كان يسمع إذا رفعنا فإنه يسمع إذا
خفضنا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله
117

وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم
ولا جلودكم الآية
\ 391 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح النية
وإخلاص العمل كل ما يتقرب به إلى
الباري جل وعلا ولا سيما في نهاياتها
أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض بدمشق قال
حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا بن
جابر قال حدثنا أبو عبد رب قال
سمعت معاوية على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إنما العمل كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا
خبث أعلاه خبث أسفله
\ 392 \
118

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التفرغ
لعبادة المولى جل وعلا في أسبابه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا
علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن عمران بن زائدة بن
نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله جل وعلا
يقول يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك
وإن لا تفعل ملأت يدك شغلا ولم أسد فقرك
\ 393 ذكر الإخبار بأن على المرء تعهد قلبه وعمله
دون تعهده نفسه وماله
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا عمرو بن هشام الحراني
قال حدثنا مخلد بن يزيد عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله
119

لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم
وأعمالكم
\ 394 ذكر الإخبار بأن من لم يخلص عمله لمعبوده
في الدنيا لم يثب عليه في العقبي
أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط قال
حدثنا محمد بن هشام بن أبي خيرة قال حدثنا عبد الرحمن بن
عثمان قال حدثنا شعبة قال حدثنا العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك
120

وتعالى أنا خير الشركاء من عمل وأشار فأشرك فيه غيري
فأنا منه برهو للذي أشرك به
\ 395 ذكر الإخبار بأن المرء المسلم ينفعه إخلاص حتى يحبط
ما كان قبل الإسلام من السيئة وأن نفاقه
لا تنفعه معه الأعمال الصالحة
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير قال
أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل
121

عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله أيؤاخذ الله
أحدنا بما كان يعمل في الجاهلية قال من أحسن في
الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في
الإسلام أخذ بالأول والآخر
\ 396 \
122

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التعاهد
لسرائره وترك الإغضاء عن المحقرات
أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي قال حدثنا علي بن
المديني حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني معاوية بن صالح قال
حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير بن الحضرمي قال حدثني
أبي قال
سمعت النواس بن سمعان الأنصاري يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن البر والإثم فقال البر حسن الخلق
والإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس
\ 397 \
123

ذكر الخبر الدال على أن المرء قد ينال بحسن السريرة
وصلاح القلب ما لا ينال بكثرة الكد في الطاعات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن
أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليذكرن الله قوما في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم
الدرجات العلى
\ 398 ذكر بعض الخصال التي يستوجب المرء بها ما وصفناه
دون كثرة النوافل والسعي في الطاعات
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا محمد بن
العلاء بن كريب حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن الشعبي
124

عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم
من سلم المسلمون من لسانه ويده
\ 399 ذكر البيان بأن من فعل ما وصفنا
كان من خير المسلمين
أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بيحيى حدثنا بن
وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير
أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول إن رجلا قال
يا رسول الله أي المسلمين خير قال من سلم المسلمون من
لسانه ويده \ 400 \
125

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
الرياضة والمحافظة على أعمال السر
أخبرنا محمد بن زهير بالأبلة قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك عن
أبي الجوزاء
عن بن عباس أنه قال كانت تصلي خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس فكان بعض
القوم يتقدم في الصف الأول لأن لا يراها ويستأخر بعضهم
حتى يكون في الصف المؤخر فكان إذا ركع نظر من تحت
إبطه فأنزل الله في شأنها ولقد علمنا المستقدمين
منكم ولقد علمنا المستأخرين
\ 401 \
126

ذكر الإخبار عما يجب على المرء أن
تحفظ من تحفظ أحواله في أوقات السر أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا أبو يحيى محمد بن
عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان قال حدثني
عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا أدلكم على شئ يكفر الخطايا ويزيد في الحسنات
قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء أو الطهور في
المكاره وكثرة الخطا إلى هذا المسجد والصلاة بعد الصلاة
127

وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد
فيصلي مع المسلمين أو مع الإمام ثم ينتظر الصلاة التي
بعدها إلا قالت الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه
فإذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج
فإذا كبر الإمام فكبروا فإني أراكم من ورائي وإذا قال سمع
الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد
وخير صفوف الرجال المقدم وشر صفوف الرجال
المؤخر وخير صفوف النساء المؤخر وشر صفوف
النساء المقدم يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاحفظن أبصاركن من
عورات الرجال
128

فقلت لعبد
الله بن أبي بكر ما يعني بذلك قال
ضيق الأزر
\ 402 ذكر الزجر عن ارتكاب المرء ما يكره الله
عز وجل وعلا منه في الخلاء كما قد
لا يرتكب مثله في الملاء
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر من كتابه قال
حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة
عن زياد بن علاقة
129

عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كره
الله منك شيئا فلا تفعله إذا خلوت
\ 403 ذكر نفي وجود النصارى على الأعمال في العقبي
لمن أشرك بالله في عمله
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا
يحيى بن معين قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا عبد الحميد بن
جعفر قال حدثني أبي عن زياد بن ميناء
عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من
130

الصحابة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جمع الله
الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من
كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله
أغنى الشركاء عن الشرك
\ 404 \
131

ذكر وصف إشراك المرء
بالله جل وعلا في عمله
أخبرنا محمد بن إبراهيم الدوري بالبصرة قال حدثنا
إبراهيم بن الحجاج السام قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن
الربيع بن أنس عن أبي العالية
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بشر هذه
الأمة بالنصر والسناء والتمكين فمن عمل منهم عمل الآخرة
للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب
\ 405 \
132

ذكر إثبات نفي النصارى في العقبي عن من راءى
وسمع في أعماله في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الملائي قال حدثنا سفيان عن
سلمة بن كهيل قال
سمعت جندبا يقول قال رسول الله صلى الله على وسلم ولم أسمع أحدا
غيره يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنوت قريبا منه فسمعته
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع يسمع الله به ومن راءى
يرائي الله به
\ 406 \
133

ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أهذا الخبر تفرد به جندب
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا مسلم بن
الحجاج أبو الحسين حدثنا عمر بن حفص بن الصالح حدثنا أبي عن
إسماعيل بن سميع عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع
يسمع الله به ومن راءى يرائي الله به
\ 407 ذكر البيان بأن من راءى في عمله يكون في القيامة
من أول من يدخل النار نعوذ بالله منها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أنبأنا عبد الله بن المبارك قال أنبأنا حياة بن شريح قال حدثني
135

الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان المدني أن عقبة بن مسلم حدثه أن
شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل مسجد المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع
عليه الناس فقال من هذا قالوا أبو هريرة قال فدنوت منه حتى
قعدت بين يديه وهو يحدث الناس فلما سكت وخلا قلت له أنشدك
بحقي لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته
فقال أبو هريرة أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه
رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكث
قليلا ثم أفاق فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول لله صلى الله عليه وسلم
وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ
أبو هريرة نشغة أخرى فمكث كذلك ثم أفاق فمسح عن
وجهه فقال أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا وهو في هذا البيت ما معه أحد غيري وغيره ثم نشنشغة
شديدة ثم مال خارا على وجهه واشتد به طويلا ثم أفاق
فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى إذا كان
يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية
فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في
سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله تبارك وتعالى
للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي صلى الله عليه وسلم قال بلى
يا رب قال فماذا عملت فيما علمت قال كنت أقوم به آناء
الليل وآناء النهار فيقول الله تبارك وتعالى له كذبت وتقول
136

له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان
قارئ فقد قيل ذاك
ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك
حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال فماذا
عملت فيما آتيتك قال كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله
له كذبت وتقول الملائكة له كذبت ويقول الله بل إنما
أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك
ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له في ماذا قتلت
فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول
الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله بل
أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل ذاك ثم ضرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق
الله تسعر بهم النار يوم القيامة
137

قال الوليد بن أبي الوليد فأخبرني عقبة أن شفيا
هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا الخبر
قال أبو عثمان الوليد وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه
كان سيافا لمعاوية قال فدخل عليه رجل فحدثه بهذا عن
أبي هريرة فقال معاوية قد فعل بهؤلاء مثل هذا فكيف بمن
بقي من الناس ثم بكى معاوية بكاء وعطاء حتى ظننا أنه
هالك وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر ثم أفاق معاوية
ومسح عن وجهه فقال صدق الله ورسوله من كان يريد الحياة
الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا
فيها وباطل ما كانوا يعملون
قال أبو حاتم رضي الله عنه ألفاظ الوعيد في الكتاب
والسنن كلها مقرونة بشرط وهو إلا أن يتفضل الله جل وعلا
على مرتكب تلك الخصال بالعفو وغفران تلك الخصال دون
138

العقوبة عليها وكل ما في الكتاب والسنن من ألفاظ الوعد
مقرونة بشرط وهو إلا أن يرتكب عاملها ما يستوجب به العقوبة
على ذلك الفعل حتى يعاقب إن لم يتفضل عليه بالعفو ثم
يعطى ذلك النصارى الذي وعد به من أجل ذلك الفعل
\ 408 \
139

باب حق الوالدين
أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد حدثنا
الحسن بن علي الحلواني حدثنا عمران بن أبان حدثنا مالك بن
الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه
عن جده قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فلما رقي
عتبة قال آمين ثم رقي
عتبة أخرى فقال آمين ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال
يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت
آمين قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده
الله قلت آمين فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك
فأبعده الله قل آمين فقلت آمين
140

قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن المرء قد
استحب له ترك الانتظار لنفسه ولا سيما إذا كان المرء ممن
يتأسى بفعله وذاك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما قال له جبريل من
أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله بادر صلى الله عليه وسلم بأن قال
141

آمين وكذلك في قوله ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل
النار أبعده الله فلما قال ومن ذكرت عنده فلم يصل
عليك فأبعده الله فلم يبادر إلى قوله آمين عند وجود حظ
النفس فيه حتى قتال جبريل قل آمين قال قلت آمين
أراد به صلى الله عليه وسلم التأسي به في ترك الانتصار للنفس بالنفس إذ الله
جل وعلا هو ناصر أوليائه في الدارين وإن كرهوا نصرة الأنفس
في الدنيا
\ 409 ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم
أن مال الابن يكون للأب
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم التاجر بمرو حدثنا حصين بن
المثنى المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن جلس
عن عطاء
عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه في دين عليه فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم
أنت ومالك لأبيك
142

قال أبو حاتم معناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه
بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل
معا إلى أن يصل إليه ماله فقال له أنت ومالك لأبيك
لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس
من الابن به
\ 410 ذكر الزجر عن السبب الذي يسب
المرء والديه به
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
الحسين بن الحسن قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن
مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن
143

عن عبد الله بن
عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر أن يسب الرجل
والديه في وكيف يسب الرجل والديه قال يتعرض للناس فيسب والديه
\ 411 ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر وهم فيه مسعر بن كدام
أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن
144

بشار قال حدثنا محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد قالا حدثنا
شعبة عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من
أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه قال وكيف يسب الرجل والديه
قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه
\ 412 ذكر الزجر عن أن يرغب المرء عن آبائه
إذ استعمال ذلك ضرب من الكفر
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا سريج بن يونس قال
حدثنا هشيم قال سمعت الزهري يحدث عن عبيد الله بن
عبد الله قال
145

حدثني بن عباس قال انقلب عبد الرحمن بن عوف إلى
منزله بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فقال إن
فلانا يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا
قال عمر إني قائم العشية في الناس وأحذرهم هؤلاء
الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم
قال عبد الرحمن فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين فإن
الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإن أولئك الذين
يغلبون على مجلسك إذا أقمت في الناس فيطيروا كغناء
ولا يضعوها مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار
الهجرة فتخلص بعلماء الناس وأشرافهم وتقول ما قلت
متمكنا ويعون مقالتك ويضعونها مواضعها
فقال عمر أداء قدمت المدينة سالما إن شاء الله
لا تكلمن في أول مقام أقومه
فقدم المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان
يوم الجمعة عجلت الرواح في شدة الحر
فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني فجلس إلى ركن المنبر
الأيمن وجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن
طلع عمر فقلت لسعيد أما إنه سيقول اليوم على هذا المنبر
مقالة لم يقلها منذ استخلف قال وما عسى أن يقول فجلس
عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال
146

أما بعد فإني قائل لكم مقالة قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها
بين يدي أجلي فمن عقله ووعاها فليحدث بها حيث انتهت
به راحلته ومن لم يعقلها فلا يحل لمسلم أن يكذب علي
إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب
فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأ بها ورجم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وأخاف إن طال بالناس زمان أن
يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك
فريضة أنزله الله والرجم حق على من زنى من الرجال
والنساء إذ قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وأيم الله
لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها
ألا وإنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن
ترغبوا
عن آبائكم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني
كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا
عبد الله ورسوله
147

ألا وإنه بلغني أن فلانا قال لو قد مات عمر بايعت
فلانا فمن بايع امرأ من غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة
له ولا للذي بايعه فلا يغترن أحد فيقول إن بيعة أبي بكر
كانت فلتة ألا وإنها كانت فلتة إلا أن الله وقى شرها
وليس منكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر
ألا وإنه كان من خيرنا يوم توفى الله رسوله
صلى الله عليه وسلم إن المهاجرين اجتمعوا إلى أبي بكر وتخلف عنا الأنصار
في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا
من الأنصار ننظر ما صنعوا فخرجنا نؤمهم فلقينا رجلان
صالحان منهم فقالا أين تذهبون يا معشر المهاجرين فقلت
نريد إخواننا من الأنصار قال فلا عليكم أن لا تأتوهم اقضوا
148

أمركم يا معشر المهاجرين فقلت والله لا نرجع حتى
نأتيهم فجئناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة
وإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا
سعد بن عبادة قلت ما له قالوا و ج فلما جلسنا قام
خطيبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فنحن أنصار
الله وكتيبة الإسلام وقد دفت إلينا يا معشر المسلمين
منكم دافة وإذا هم قد أرادوا أن يختصوا بالأمر ويخرجونا
من أصلنا
قال عمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت
زورت مقالة قد أعجبتني أريد أن أقولها بين يدي أبي بكر
وكنت أداري منه بعض الحد وكان أحلم مني وأوقر فأخذ
بيدي وقال أجلس فكرهت أن أغضبه فتكلم فوالله ما ترك مما زورته في مقالتي إلا قال مثله في بديهته أو أفضل
149

فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما ذكرتم من خير
فأنتم أهله ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من
قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا وقد رضيت لكم أحد
هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي ويد
أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا لم أكره شيئا من مقالته غيرها كان
والله لأن أقدم فتضرب عنقي في أمر
لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم
أبو بكر فقال فتى الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها
المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط
وخشيت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسطها
فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد فقال
قائل قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا فلم نجد شيئا
150

هو أفضل من مبايعة أبي بكر خشيت إن فارقنا القوم أن يحدثوا
بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن
نخالفهم فيكون فسادا واختلافا فبايعنا أبا بكر جميعا
ورضينا به
151

قال أبو حاتم قول عمر قتل الله سعدا يريد به في
سبيل الله
\ 413 ذكر الزجر عن الرغبة عن الآباء إذ رغبة
المرء عن أبيه ضرب من الكفر
أخبرنا الحسن بن سفيان بن سالم وأحمد بن علي بن المثنى
بالموصل والفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة واللفظ للحسن
قالوا حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء بن أخي جويرية بن أسماء
قال حدثنا عمي جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره
أن عبد الله بن عباس أخبره أنه كان يقرئ
عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب قال
فلم أر رجلا يجد من الا قشعريرة ما يجد عبد الرحمن
عند القراءة
قال بن عباس فجئت ألتمس عبد الرحمن يوما ف
لم أجده فانتظرته في بيته حتى رجع من عند عمر فلما رجع
قال لي لو رأيت رجلا آنفا قال لعمر كذا وكذا وهو يومئذ
بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فذكر
152

عبد الرحمن لابن عباس أن رجلا أتى إلى عمر فأخبره أن
رجلا قال والله لو مات عمر لقد بايعت فلانا قال عمر حين
بلغه ذلك إني لقائم إن شاء الله العشية في الناس قنلي
هؤلاء الذين يغتصبون الأمة أمرهم
فقال عبد الرحم فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل ذلك
يومك هذا فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم
وإنهم هم الذين يغلبون على مجلسك فأخشى إن قلت فيهم
اليوم مقالا أن يطيروا بها ولا يعوها ولا يضعوها على
مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة
وتخلص لعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكنا
فيعوا مقالتك ويضعوها على مواضعها
قال عمر والله أداء قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها
الناس في أول مقام أقومه
قال بن عباس فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة
وجاء يوم الجمعة هجرت صكة الأعمى لما أخبرني
عبد الرحمن فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير
فجلس إلى ركن جانب المنبر الأيمن فجلست إلى جنبه تمس
153

ركبتي ركبته فلم ينشب عمر أن خرج فأقبل يؤم المنبر
فقلت لسعيد بن زيد وعمر مقبل والله ليقولن أمير المؤمنين
على هذا المنبر اليوم مقالة لم يقلها أحد قبله فأنكر ذلك
سعيد بن زيد وقال ما عسى أن يقول ما لم يقله أحد قبله فلما
جلس على المنبر أذن المؤذن فلما أن سكت قام عمر
فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل
لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لعلها بين يدي أجلي فمن
عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي
أن لا يعيها فلا أحل له أن يكذب علي إن الله جل وعلا
بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية
الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورجمنا بعده وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل
والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيترك فريضة أنزلها الله
وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من
الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف
ثم إنا قد كنا نقرأ أن لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا
بكم أن ترغبوا عن آبائكم
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري بن
مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله
ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول والله لو قد مات عمر
154

لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر
كانت فلتة فتمت فإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها
وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه
كان من خيرنا حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عليا
والزبير ومن معهما تخلفوا عنا وتخلفت الأنصار عنا بأسرها
واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى
أبي بكر فبينا نحن في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رجل ينادي
من وراء الجدار اخرج إلي يا بن الخطاب فقلت إليك عني
فإنا مشاغيل عنك فقال إنه قد حدث أمر لا بد منك فيه إن
الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن
يحدثوا أمرا فيكون بينكم وبينهم فيه حرب فقلت لأبي بكر
انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم
فلقينا أبو عبيدة بن الجراح فأخذ أبو بكر بيده فمشى بيني
وبينه حتى إذا دنونا منهم لقينا رجلان صالحان فذكرا الذي
صنع القوم وقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت نريد
إخواننا من هؤلاء الأنصار قالا لا عليكم أن لا تقربوهم
يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم
فانطلقنا حتى أتيناهم فإذا هم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين
أظهرهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة
155

قلت فما له قالوا هو وجع فلما جلسنا تكلم خطيب
الأنصار فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن
أنصار الله وكتيبة الإسلام التجارة يا معشر المهاجرين رهط
منا وقد دفت دافة من قومكم قال عمر وإذا هم يريدون أن
يختزلونا من أصلنا ويحطوا بنا منه قال فلما قضى مقالته
أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقوم
بها بين يدي أبي بكر وكنت أداري من أبي بكر بعض الحدة
فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن
أغضبه فتكلم أبو بكر وهو كان أحلم مني وأوقر والله ما ترك
من كلمة أعجبتني في تزويري إلا تكلم بمثلها أو أفضل في
بديهته حتى سكت فتشهد أبو بكر وأثنى على الله
بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الأنصار فما ذكرتم فيكم
من خير فأنتم أهله ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا
الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت
لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد
أبي عبيدة بن الجراح فلم أكره من مقالته غيرها كان والله أن
أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن
156

أؤمر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغير نفسي عند الموت
فلما قضى أبو بكر مقالته قال قائل من الأنصار أنا جذيلها
المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر
قريش قال عمر فكثر اللغظ وارتفعت الأصوات حتى
أشفقت الاختلاف قلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط أبو بكر
يده فبايعه وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد بن
عبادة فقال قائل من الأنصار قتلتم سعدا قال عمر فقلت
وأنا مغضب قتل الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشر وإنا والله
ما رأينا فيما حضر من أمرنا أمر أقوى من بيعة أبي بكر فخشينا
إن فارقنا القوم قبل أن تكون بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما
أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا
فلا يغترن امرؤ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت
فقد كانت فلتة ولكن الله وقى شرها ألا وإنه ليس فيكم اليوم
مثل أبي بكر
قال مالك أخبرني الزهري أن عروة بن الزبير أخبره أن
الرجلين الأنصاريين اللذين لقيا المهاجرين هما عويم بن
ساعدة ومعن بن عدي وزعم مالك أن الزهري سمع سعيد بن
157

المسيب يزعم أن الذي قال يومئذ أنا جذيلها المحكك رجل
من بني سلمة يقال له حباب بن المنذر
قال أبو حاتم رضي الله عنه قول عمر إن بيعة
أبي بكر كانت فلتة ولكن الله وقى شرها يريد أن بيعة أبي بكر
كان ابتداؤها من غير ملأ والشئ الذي يكون عن غير ملأ
يقال له الفلتة وقد يتوقع فيما لا يجتمع عليه الملأ الشر
فقال وقى الله شرها
يريد الشر المتوقع في دواليب لا أن
بيعة أبي بكر كان فيها شر
\ 414 ذكر الإخبار عن نفي دخول الجنة
عمن أدعى أبا غير أبيه
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا سريج بن
يونس حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي عثمان قال
لما أدعي زياد لقيت أبا بكرة فقلت ما هذا الذي
158

صنعتم إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذناي
ووعاه قلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ادعى أبا في
الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال
أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
\ 415 \
159

ذكر تحريم الله جل وعلا الجنة على
المنتمي إلى غير أبيه في الإسلام
أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال
أخبرنا خالد عن خالد عن أبي عثمان
عن سعد بن مالك قال سمعته أذناي ووعاه قلبي من
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من ادعى أبا في الإسلام
وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام قال فذكرت ذلك
لأبي بكرة قال وأنا سمعته أذناي ووعاه قلبي من
النبي
صلى الله عليه وسلم \ 416 \
160

ذكر إيجاب لعنة الله جل وعلا وملائكته على
الفاعل الفعلين اللذين تقدم ذكرنا لهما
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خثيمة
قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن
خثيم عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ادعى إلى
غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين
\ 417 \
161

ذكر وصف بر الوالدين لمن
توفى أبواه في حياته
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أنبأنا
عبد الله عن عبد الرحمن بن سليمان عن أسيد بن علي بن
عبيد الساعدي عن أبيه
عن أبي أسيد قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني
سلمة وأنا عنده فقال يا رسول الله إن أبوي قد هلكا فهل
بقي لي بعد موتهما من برهما شئ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم
الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهودهما من بعدهما
وإكرام صديقهما وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من
قبلهما قال الرجل ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه
قال فاعمل به
\ 418 \
162

ذكر البيان بأن إدخال المرء السرور على والديه
في أسبابه يقوم مقام جهاد النفل
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ السراد بتستر
قال حدثنا محمد بن معمر البحراني قال حدثنا روح بن عبادة قال
حدثنا بن جريج وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة
قالوا حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل فقال
يا رسول الله إني أريد أن أبايعك على الهجرة وتركت أبوي
يبكيان فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما
\ 419 \
163

ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بر الوالدين
على الجهاد النفل في سبيل الله
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير العبدي
قال أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس
وهو السائب بن فروخ
عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله أجاهد فقال لك أبوان قال نعم
قال ففيهما فجاهد
\ 420 \ ذكر البيان بأن مجاهدة المرء في بر والديه
هو المبالغة في برهما
حدثنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة
حدثنا يعلى بن عطاء عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال يا رسول الله أتأذن
164

لي في الجهاد قال ألك والدان قال نعم قال اذهب
فبرهما فذهب وهو يحمل الركاب
\ 421 ذكر البيان بأن بر الوالدين أفضل
من جهاد التطوع
أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني حدثنا أبو الطاهر بن
السرح حدثنا بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن
أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال يا رسول الله إني هاجرت
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هجرت الشرك ولكنه الجهاد هل
لك أحد باليمن قال أبواي قال أذنا لك قال
لا قال ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا
فبرهما
\ 422 \
165

ذكر ما يجب على المرء من بر الوالدين
على جهاد التطوع
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن مسعر بن
كدام عن عطاء بن السائب عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه
على الهجرة وقد أسلم وقال قد تركت أبوي يبكيان قال
ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وأبى أن
يخرج معه
\ 423 \
166

ذكر استحباب المبالغة للمرء في بر والده
رجاء اللحوق بالبررة فيه
أخبرنا أبو خلى قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد
وأبو عوانة قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد
والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه
\ 424 ذكر رجاء دخول الجنان للمرء
بالمبالغة في بر الوالد
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا
167

إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا عطاء بن السائب عن
أبي عبد الرحمن السلمي
أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال إن أبي لم يزل بي حتى
تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال ما أنا بالذي آمرك أن
تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك
إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول
الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت
أو دع قال فأحسب عطاء قال فطلقها
\ 425 \
168

ذكر استحباب طلاق المرء امرأته بأمر أبيه إذا لم يفسد
ذلك عليه دين ولا كان فيه قطيعة رحم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي قال
حدثنا يحيى القطان وعمر بن علي عن بن أبي ذئب عن خاله
الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر قال
تزوج أبي امرأة وكرهها عمر فأمره بطلاقها فذكر ذلك
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أطع أباك
\ 426 \
169

ذكر البيان بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بن عمر
بطلاقها طاعة لأبيه
أخبرنا الصوفي حدثنا علي بن الجع أنبأنا بن
أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر
عن أبيه قال كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان
أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأبيت فذكر ذلك عمر
للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله طلقها
\ 427 ذكر استحباب بر المرء والده وإن كان مشركا
فيما لا يكون فيه سخط الله جل وعلا
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن
سعيد الهمداني قال حدثنا بن وهب قال أخبرني شبيب بن سعيد
عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على
عبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أجمة فقال قد غبر
علينا بن أبي كبشة فقال ابنه عبد الله بن عبد الله والذي
170

أكرمك والذي أنزل عليك الكتاب أداء شئت لآتينك برأسه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ولكن بر أباك وأحسن صحبته
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو كبشة هذا والد أم أم
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد خرج إلى الشام فاستحسن دين
النصارى فرجع إلى قريش وأظهره فعاتبته قريش حيث جاء
بدين غير دينهم فكانت قريش تعير النبي صلى الله عليه وسلم وتنسبه إليه
يعنون به أنه جاء بدين غير دينهم كما جاء أبو كبشة بدين غير
دينهم
\ 428 \
171

ذكر رجاء تمكن المرء من رضاء
الله جل وعلا برضاء والده عنه
أخبرنا الحبن سفيان قال حدثنا يحيى بن حبيب بن
عربي قال حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة عن يعلى بن
عطاء عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رضاء
الله في رضاء الوالد وسخط الله في سخط الوالد
\ 429 \
172

ذكر الاستحباب للمرء أن يصل إخوان أبيه بعده
رجاء المبالغة في بره بعد مماته
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا
عبد الله عن حياة بن شريح قال أخبرني الوليد بن أبي الوليد عن
عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أبر
البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه
\ 430 \
173

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به الوليد بن أبي الوليد
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال حدثنا
ليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن
عبد الله بن دينار
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أبر البر أن
يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي
\ 431 \
174

ذكر البيان بأن بر المرء بإخوان أبيه وصلته إياهم
بعد موته من وصله رحمه في قبره
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد
قال حدثنا حزم بن أبي حزم عن ثابت البناني
عن أبي بردة قال قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن
عمر فقال أتدري له اتيتك قال قلت لا قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل
إخوان أبيه بعده
وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء
وود فأحببت أن أصل ذاك
\ 432 ذكر الإخبار عن إيثار المرء أمه بالبر على أبيه
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي
قال حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك
175

قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك
قال فيرون أن للأم ثلثي البر
\ 433 \
176

ذكر إيثار المرء المبالغة في بر والدته على
بر والده ما لم تطالبه بإثم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أنبأنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك فقال ثم
من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من
قال أبوك
\ 434 ذكر استحباب بر المرء خالته
إذا لم يكن له والدان
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بن سالم قال حدثنا يعقوب
الدورقي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا محمد بن سوقة عن
أبي بكر بن حفص
عن بن عمر قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال
يا رسول الله إني أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبة فقال له
177

رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك والدان قال لا قال فلك خالة
قانعم قال فبرها إذا
\ 435 \
178

باب صلة الرحم وقطعها
ذكر حث المصطفى صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض
فيه أمته على صلة الرحم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن بشار حدثنا
أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه
أرحامكم أرحامكم
\ 436 ذكر إيجاب دخول الجنة للواصل رحمه
إذا قرنه بسائر العبادات
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا سريج بن
يونس قال حدثنا مروان بن معاوية عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن
موهب عن موسى بن طلحة
أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أن أعرابيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم
فأخذ بزمام ناقته فقال يا رسول الله أخبرني بأمر يدخلني
179

الجنة وينجيني من النار قال فنظر إلى وجوه أصحابه وكف عن
ناقته وقال لقد وفق أو هدي لا تشرك بالله شيئا وتقيم
الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة
\ 437 ذكر إثبات طيب العيش في الأمن وكثرة البركة
في الرزق للواصل رحمه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا كامل بن طلحة الجحدري
قال حدثنا ليث بن سعد عن عقيل عن بن شهاب
180

أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أحب أن ينشأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل
رحمه
\ 438 ذكر البيان بأن طيب العيش في الأمن وكثرة
البركة في الرزق للواصل رحمه إنما يكون
ذلك إذا قرنه بتقوى الله
أخبرنا بن ناجية بحران حدثنا هشام بن القاسم
الحراني حدثنا بن وهب عن يونس عن الزهري
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط
181

له في رزقه وينسأ له في أجله فليتق الله وليصل رحمه
\ 439 ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا خبر
أنس بن مالك الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا مسلم بن
أبي مسلم الجرمي قال حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام
عن الحسن
عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أعجل الطاعة
182

ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو
أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا وما من أهل بيت يتواصلون
فيحتاجون
\ 440 \
183

ذكر تعوذ الرحم بالباري جل وعلا عند خلقه إياها
من القطيعة وإخبار الله جل وعلا إياها
بوصل من وصلها وقطع من قطعها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معاوية بن أبي مزرد قال سمعت
عمي سعيد بن يسار أبو الحباب يحدث
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله
خلق الرحم حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقالت
هذا مقام العائذين من القطيعة قال نعم ألا ترضين أن
أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فهو لك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقرؤوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم
أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم
184

الله فأصمهم وأعمى أبصارهم
\ 441 \ ذكر تشكي الرحم إلى الله جل وعلا
من قطعها وأساء إليها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا
محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا شعبة عن محمد بن عبد الجبار
عن محمد بن كعب القرظي
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرحم شجنة من
الرحمن معلقة بالعرش تقول يا رب إني قطعت إني
أسئ إلي فيجيبها ربها أما ترضين أن أقطع من قطعك
وأصل من وصلك
\ 442 \
185

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم الرحم شجنة من الرحمن
أراد أنها مشتقة من اسم الرحمن
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا
عبد الله قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن رداد المؤذن
عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
186

قال الله تبارك وتعالى أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها
اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته
\ 443 \
187

ذكر البيان بأن تشكي الرحم الذي وصفنا قبل
إنما يكون في القيامة لا في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا شعبة عن محمد بن
عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القرظي
أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرحم
شجنة من الرحمن فإذا كان يوم القيامة تقول أي رب إني
ظلمت إني أسئ إلي إني قطعت قال فيجيبها ربها
ألا ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك
\ 444 ذكر وصف الواصل رحمه الذي
يقع عليه اسم الواصل
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن
عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن فطر عن
مجاهد قال
سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
188

الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن
الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها
ذكر إيجاب الجنة لمن اتقى الله
في الأخوات وأحسن صحبتهن
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار
الرمادي قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن
أيوب بن بشير عن سعيد الأعشى
189

عن أبي سعيد الخدري أرسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أابنتان أو أختان
فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة
\ 446 \
190

ذكر المدة التي بصحبته إياهن
يعطى هذا الأجر له بها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي
وإبراهيم بن الحسن العلاف قالا حدثنا حماد بن زيد عن ثابت
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عال
ابنتين أو أختين أو ثلاثا حتى يبن أو يموت عنهن
كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي
تليها
191

والحديث على لفظ إبراهيم بن الحسن العلاف
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم كنت أنا وهو في الجنة كهاتين
أراد به في الدخول والسبق لا أن مرتبة من عال ابنتين أو أختين
في الجنة كمرتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم سواء
\ 447 ذكر البيان بأن الإحسان إلى الأولاد قد يرتجى
به النجاة من النار ودخول الجنة
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن
سعيد حدثنا بكر بن مضر عن بن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى
بن عياش حدثه عن عراك بن مالك قال سمعته يحدث عمر بن
عبد العزيز
192

عن عائشة قالت جاءتني مسكين تحمل ابنتين
لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت
إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي
كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني حنانها فذكرت الذي
صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد أوجب لها الجنة
وأعتقها بها من النار
\ 448 \
193

ذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم
وإن قطعت
أخبرنا الحسن بن إسحاق الأصبهاني بالكرخ قال حدثنا
إسماعيل بن يزيد القطان قال حدثنا أبو داود عن الأسود بن شيبان
عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من
الخير أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي وأن أنظر إلى من
هو دوني وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم وأوصاني أن
أصل رحمي وإن أدبرت وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة
لائم وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا وأوصاني أن أكثر
من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة
\ 449 \
194

ذكر معونة الله جل وعلا الواصل
رحمه إذا قطعته
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال أتى رجل فقال يا رسول الله إن
لي قرابة أصلهم ويقطعوني ويسيئون إلي وأحسن إليهم
ويجهلون علي وأحلم عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أداء كان
195

كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير
ما دمت على ذلك
المل رماد يكون فيه الشطبة
\ 450 ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
أهذا الخبر تفرد به الدراوردي
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا بندار قال
حدثنا محمد قال حدثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن لي
196

قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم
عنهم ويجهلون علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم أداء كان كما تقول
لكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت
على ذلك
\ 451 ذكر الإباحة للمرأة وصل رحمها من المشركين
إذا طمع في إسلامها
أخبرنا الحسين بن محبن أبي معشر قال حدثنا
محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي
عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن هشام بن عروة عن
أبيه قال
سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول قدمت أمي من مكة
إلى المدينة في هدنة قريش وهي مشركة فقلت يا نبي
الله إن أمي أتت راغبة أفأصلها فقال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم نعم
صليها
\ 452 \
197

ذكر الإباحة للمرء صلة قرابته من أهل الشرك
إذا طمفي إسلامهم
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا مخلد بن مالك
السلمسيني قال حدثنا مصعب بن ماهان عن سفيان عن هشام بن
عروة عن أبيه
عن عائشة أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أم لها
مشركة قالت جاءتني راغبة الذميون أصلها قال نعم
\ 453 \
198

ذكر نفي دخول الجنة عن القاطع رحمه
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عبد الله بن
محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك عن
الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم
عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة
قاطع
ليس هذا في الموطأ
\ 454 \
199

ذكر ما يتوقع من تعجيل العقوبة
للقاطع رحمه في الدنيا
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا
عبد الوارث عن عبد الله بن المبارك عن عيينة بن عبد الرحمن
الغطفاني عن أبيه
عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذنب
أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له
في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم
\ 455 \
200

ذكر تعجيل الله جل وعلا العقوبة
للقاطع رحمه في الدنيا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد
قال أخبرنا شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن قال سمعت
أبي يحدث
عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ذنب أحرى
أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في
الآخرة مقطيعة الرحم والبغي
\ 456 \
201

باب الرحمة
ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين
رجاء رحمة الله جل وعلا إياه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي
النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من الولد
ما قبلت أحدا منهم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم
لا يرحم
\ 457 \
202

ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير
أو رحمة الصغار من المسلمين
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير
عن عكرمة
عن بن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من
لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن
المنكر
\ 458 \
203

ذكر ما يستحب للمرء استعمال التعطف
على صغار أولاد آدم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت
205

عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار ويسلم على
صبيانهم ويمسح رؤوسهم
\ 459 \
206

ذكر إيجاب دخول الجنة للمتكفل الأيتام
إذا عدل في أمورهم وتجنب الحيف
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هارون بن
معروف قال حدثنا بن أبي حازم عن أبيه
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وكافل
اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى
207

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم هكذا أراد به في
دخول الجنة لا أن كافل اليتيم تكون مرتبته مع مرتبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة واحدة
\ 460 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا
إنما يرحم من عباده الرحماء
أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا أبو بكر بن خلاد
الباهلي قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال حدثنا هشام بن حسان
عن عاصم الأحول عن أبي عثمان
عن أسامة بن زيد قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء
رسول امرأة من بناته فقال يا رسول الله أرسلت إليك ابنتك أن
تأتيها فإن صبيا لها في الموت فقال ائتها فقل لها إن لله
ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فلتصبر
ولتحتسب قال فلم يلبث أن رجع فقال يا رسول الله إنها
تقسم عليك إلا جئتها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه رهط
من الأنصار فدخلنا فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع في
صدره ففاضت عينا فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول
الله قال رحمة جعلها الله في قلوب عباد وإنما يرحم الله
من عباده الرحماء
\ 461 \
208

ذكر الخبر الدال على أالرحمة
لا تكون إلا في السعداء
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا
شعبة قال كتب إلي منصور وقرأته عليه فقلت له أقول حدثني
فقال أليس إذا قرأته علي فقد حدثتك به قال سمعت أبا عثمان يحدث
عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
وهو الصادق المصدوق يقول إن الرحمة لا تنزع إلا من
شقي
\ 462 \
209

ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين
رجاء رحمة الله جل وعلا إياه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي
النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من
الولد ما قبلت أحدا منها فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم
لا يرحم
\ 463 \
210

ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير
أو رحمة الصغير من المسلمين
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير
عن عكرمة
عن بن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من
لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن
المنكر
\ 464 \ ذكر نفي رحمة الله جل وعلا عمن
لم يرحم الناس في الدنيا
أخبرنا أبو عروبة قال أخبرنا أحمد بن المقدام العجلي
قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة قال حدثني سليمان
قال سمعت أبا ظبيان قال
سمعت جرير بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
\ 465 \
211

ذكر البيان بأن رحمة الله جل وعلا
لا تنزع إلا من الأشقياء
أخبرنا بن قحطبة قال حدثنا يحيى بن حبيب بن
عربي قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن
أبي عثمان
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنزع الرحمة
إلا من شقي
\ 466 ذكر الإخبار عن نفي رحمة الله جل وعلا
في العقبي عمن لا يرحم عباده في الدنيا
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن وهب بن
أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن
زيد بن أبي أنيسة عن زياد بن علاقة
عن جرير بن عبد الله قال سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول
من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
\ 467 \
213

باب حسن الخلق ذكر الأمر بالملاينة للناس في القول
مع بسط الوجه لهما
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن قهزاد حدثنا النضر بن شميل حدثنا أبو عامر
الخزاز حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من
المعروف شيئا فأن لم تجد فلاين الناس ووجهك إليهم
منبسط
\ 468 \
214

ذكر البيان بأن المرء إذا كان هينا لينا قريبا سهلا
قد يرجى له النجاة من النار بها
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال
حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة
عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمرو الأودي
عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما يحرم على
النار كل هين لين قريب سهل
\ 469 \
215

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به عبدة بن سليمان
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني بالصغد قال حدثنا
عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن
موسى بن عقبة عن عبد الله الأودي
عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بمن
تحرم عليه النار قالوا بلى يا رسول الله قال على كل
هين لين قريب سهل
\ 470 ذكر كتبة الله الصدقة للمداري أهل زمانه من غير
ارتكاب ما يكره الله جل وعلا فيها
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان ومحمد بن الحسن بن
قيبة والحسين بن عبد الله بن يزيد في آخرين قالوا حدثنا المسيب بن
واضح قال حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن
محمد بن المنكدر
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مداراة الناس
صدقة
216

قال أبو حاتم رضي الله عنه المداراة التي تكون صدقة
للمداري هي تخلق الإنسان الأشياء المستحسنة مع من يدفع
إلى عشرته ما لم يشبها بمعصية الله والمداهنة هي استعمال
المرء الخصال التي تستحسن منه في العشرة وقد يشوبها ما
يكره
الله جل وعلا
\ 471 \
218

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمرء بالكلمة
الطيبة يكلم بها أخاه المسلم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الله بن محمد بن
أسماء قال حدثنا بن المبارك عن معمر عن همام بن منبه
عن أبي هرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكلمة الطيبة
صدقة وكل خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة
\ 472 \
219

ذكر البيان بأن الكلام الطيب للمسلم
يقوم مقام البذل لماله عند عدمه
أخبرنا أبو خليفة حدثنا حفص بن عمر الحوضي
عن شعبة عن محل بن خليفة
عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا النار
ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة
\ 473 \
220

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمسلم
بتبسمه في وجه أخيه المسلم
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد
قال حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال
حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل عن مالك بن مرثد
عن أبيه
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه
أخيك صدقة
221

قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو زميل هذا
هو سماك بن الوليد الحنفي يماني ثقة والنضر بن محمد
القرشي مروز
صاحب الرأي وكانا في زمن واحد
\ 474 ذكر الإخبار عن تشبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم الكلمة
الطيبة بالنخلة والخبيثة بالحنظل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا غسان بن
الربيع عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب
عن
222

أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع جزء
فقال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في
السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فقال هي النخلة
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها
من قرار قال هي الحنظلة
223

قال شعيب فأخبرت بذلك أبا العالية فقال كذلك كنا
نسمع
قال أبو حاتم رضي الله عنه قول أنس إنه أتى بقناع
جزء أراد به طبق رطب لأن أهل المدينة يسمون الطبق
القناع والرطب الجزء
\ 475 ذكر البيان بأن من أكثر ما يدخل الناس
الجنة التقى وحسن الخلق
أخبرنا محمد بن جعفر الكرخي ببلد الموصل قال
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن أبيه عن جده
عن أبي هريرة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل
الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق قيل فما أكثر
ما يدخل الناس النار قال الأجوف الفم والفرج
224

قال أبو حاتم رضي الله عنه بن إدريس هذا اسمه
عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الزعافري
الأودي من ثقات الكوفة ومتقنيهم ولم يكن في عصره بكار من يشرب
غيره
\ 476 ذكر البيان بأن من خيار الناس
من كان أحسن خلقا
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير
العبدي قال حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن
مسروق قال
قال عبد الله بن عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن
225

فاحشا ولا متفاحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم
أخلاقا
\ 477 ذكر البيان بأن حسن الخلق من أفضل
ما أعطي المرء في الدنيا
أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا
هناد بن السري قال حدثنا وكيع عن مسعر والثوري عن زياد بن
علاقة
عن أسامة بن شريك قال قالوا يا رسول الله
ما أفضل ما أعطي المرء المسلم قال حسن الخلق
\ 478 \
226

ذكر البيان بأن من أكمل المؤمنين إيمانا
من كان أحسن خلقا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا بن إدريس قال أخبرنا محمد بن عمرو عن
أبي سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكمل
المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا
\ 479 \
227

ذكر رجاء نوال المرء بحسن الخلق درجة
القائم ليلة الصائم نهاره
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن
228

بلال قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن
حنطب
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن
ليدرك بخلقه درجة الصائم القائم
\ 480 \
229

ذكر البيان بأن الخلق الحسن من أثقل
ما يجد المرء في ميزانه يوم القيامة
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير وشعيب بن
محرز والحوضي قالوا حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن
عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أثقل شئ في
الميزان الخلق الحسن
230

قال أبو حاتم رضي الله عنه عطاء هذا هو عطاء بن
عبد الله وكيخاران موضع باليمن
وأم الدرداء هي الصغر واسمها هجيمة بنت حيي
الأوصابية والكبرى خيرة بنت أبي حدرد الأنصارية
لها صحبة
\ 481 ذكر البيان بأن من أحب العباد إلى الله وأقربهم من
النبي صلى الله عليه وسلم في القيامة من كان أحسن خلقا
أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا هدبة بن خالد
231

قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن تثبت
عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن
أحبكم إلى الله وأقربكم مني احسانكم أخلاقا وإن أبغضكم
إلى الله وأبعدكم مني الثرثارون المتفيهقون المتشدق و
\ 482 ذكر البيان بأن المرء قد ينتفع في داريه بحسن
خلقه ما لا ينتفع فيهما بحسبه
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست
232

وعبد الله بن محمود بن سليمان السعدي المروزي بمرو قالا حدثنا
عبد الوارث بن عبد الله العتكي قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي
عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كرم المرء
دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه
\ 483 \
233

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تحسين
الخلق عند المريض عمره
أخبر عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثني بن إسحاق عن
محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم
بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال أطولكم أعمارا
وأحسنكم أخلاقا
\ 484 \
234

ذكر البيان بأن من حسن خلقه كان في القيامة
ممن قرب مجلسه من المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا قاسم بن أبي شيبة قال
حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن يزيد بن
عبد الله بن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن محمد بن عبد الله
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
مجلس ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم
القيامة ثلاث مرات يقولها قلنا بلى يا رسول الله قال
أحسنكم أخلاقا
\ 485 \
235

ذكر البيان بأن من حسن خلقه في الدنيا
كان من أحب الناس إلى الله تعالى
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمرو النيسابوري قال
حدثنا علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا
عثمان بن حكيم عن زياد بن علاقة
عن أسامة بن شريك قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأن على
رؤوسنا الرخم ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه ناس من الأعراب
فقالوا يا رسول الله أفتنا في كذا أفتنا في كذا فقال أيها
الناس إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا امرأ اقترض من
عرض أخيه فذاك الذي حرج وهلك قالوا أفنتداوى
يا رسول الله قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له
دواء غير داء واحد قالوا وما هو يا رسول الله قال
الهرم قالوا فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله قال
236

أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا \ 486 \
237

باب العفو
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من استعمال
العفو وترك المجازاة على الشر بالشر
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا الفضل بن موسى قال حدثنا عيسى بن عبيد عن
الربيع بن أنس عن أبي العالية قال
حدثني أبي بكعب قال لما كان يوم أحد أصيب من
الأنصار أربعة وسبعون ومنهم ستة فيهم حمز فمثلوا بهم
فقالت الأنصار أداء أصبنا منهم يوما لنربين عليهم فلما كان
يوم فتح مكة أنزل الله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم
به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين فقال
رجل لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا عن
القوم غير أربعة
\ 487 \
239

ذكر ما يستحب للمرء أن لا ينتقم لنفسه
من أحد اعترض عليها أو آذاها
أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا أخبرنا هناد بن
السري حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادما
قط ولا ضرب امرأة له قط ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن
يجاهد في سبيل الله ولا نيل منه شئ قط فينتقمه من صاحبه
إلا أن يكون لله فإن كان لله انتقم له ولا عرض له أمران
إلا أخذ بالذي هو أيسر حتى يكون إثما فإذا كان إثما كان
أبعد الناس منه
\ 488 \
240

باب إفشاء السلام وإطعام الطعام
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعبدوا
الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان
242

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم اعبدوا
الرحمن لفظة يشتمل استعمالها على شعب كثيرة باختلاف
أحوال المخاطبين فيها قد تقدم ذكرنا لهذا الوصف فيما قبل
وقوله صلى الله عليه وسلم أفشوا السلام لفظة أطلقت على العموم لا يجب
استعماله في كل الأحوال لأن المرء إذا استعمل ذلك في كل
الأحوال على كل إنسان ضاق به الأمر وخرج إلى ما ليس
في وسعه وتكلف إلزام الفرائض بالرد على المسلمين وإذا
كان الرد هو الفرض صار على الكفاية كان ابتداء السلام الذي
ليس له تخصيص فرض أولى أن يكون على الكفاية وقوله
أطعموا الطعام أمر ندب إلى استعماله وحث عليه قصدا
لطلب النصارى
ذكر إيجاب الجنة لمن حسن كلامه
وبذل سلامه
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا قتيبة بن
سعى قال حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه المقدام عن
أبيه شريح
243

عن أبيه أنه قال يا رسول الله أخبرني بشئ
يوجب لي الجنة قال عليك بحسن الكلام وبذل
السلام
\ 490 ذكر إثبات السلامة في إفشاء السلام بين المسلمين
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا أبو معاوية عن قنان بن عبد الله النهمي عن
عبد الرحمن بن عوسجة
244

عن البراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفشوا السلام
تسلموا
\ 491 ذكر إباحة المصافح للمسلمين عند السلام
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبة بن خالد
حدثنا همام حدثنا قتادة قال
قلت لأنس بن مالك أكانت المصافحة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم
قال قتادة وكان الحسن يصافح
\ 492 \
245

ذكر كتبة الحسنات لمن سلم على
أخيه المسلم بتمامه
أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال
حدثنا محمد بن جعفر يعني بن أبي كثير عن يعقوب بن زيد
التيمي عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات
ثم مر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله فقال
عشرون حسنة فمر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله
وبركاته فقال ثلاثون حسنة فقام رجل من المجلس
ولم يسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أوشك ما نسي صاحبكم إذا
جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس
246

فليجلس فإن قام فليسلم فليست الأولى بأحق من
الآخرة
\ 493 ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادى قوم فجلس
إليهم واستعمال مثله عند القيام
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب الرملي حدثنا
المفضل بن فضالة عن بن عجلان عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتهى
أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس
فإذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة
\ 494 \
247

ذكر الأمر بالسلام للمرء عند الانتهاء إلى نادى قوم
مع استعماله مثله عند رجوعه عنهم
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا نصر بن علي
حدثنا بشر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى
أحدكم إلى مجلس فليسلم وإذا قام فليسلم فليست الأولى
بأحق من الآخرة \ 495 \
248

ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادي قوم واستعمال
مثله عند قيامه منه بالصلاة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال
حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن زريع
عن روح بن القاسم عن بن عجلان عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى
أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس
ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة
قال أبو عاصم وأخبرناه بن عجلان
\ 496 ذكر الأمر بابتداء السلام للقليل على الكثير والماشي
على القاعد والراكب على الماشي
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أحمد بن عيسى
المصري حدثنا بن وهب عن حميد بن هانئ عن عمرو بمالك
عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليسلم
249

الفارس على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير
\ 497 \
250

ذكر البيان بأن الماشيين إذا بدأ أحدهما صاحبه
بالسلام كان أفضل عند الله جل وعلا
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان قال حدثنا
محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني
أبو الزبير
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم الراكب على
الماشي والماشي على القاعد والماشي ان أيهما بدأ
فهو أفضل
\ 498 \ ذكر تضمن الله جل وعلا دخول الجنة للمسلم
على أهله عند دخوله عليهم إن مات
وكفايته ورزقه إن عاش
أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا قال حدثنا
251

هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان بن
أبي العاتكة قال حدثني سليمان بن حبيب المحاربي
عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة كلهم
ضامن على الله إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله
الجنة من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله ومن خرج
إلى المسجد فهو ضامن على الله ومن خرج في سبيل الله
فهو ضامن على الله
قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يطعم محمد بن المعافى
ثمانية عشر سنة من طيبات الدنيا شيئا غير الحسو عند
إفطاره
\ 499 \
252

ذكر الزجر عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
قال حدثنا أبو عوانة عن سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبادروا أهل
الكتاب بالسلام فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى
أضيقه
\ 501 أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز قال حدثنا
عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي قال حدثنا
شعبة عن سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبدؤوا
253

أهل الكتاب بالسلام وإذا رأيتموهم في طريق فاضطروهم إلى
أضيقه
ذكر إباحة رد السلام للمسلم على أهل الذمة
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني
عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اليهود
إذ سلموا عليكم إنما يقول أحدهم السام عليك فقل
وعليك
/ 502 /
254

ذكر وصف رد السلام للمرء على
أهل الكتاب إذا سلموا عليه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال
الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة
عن أنس أن يهوديا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
فقال السام عليكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما قال قالوا
نعم سلم علينا قال لا إنما قال السام عليكم أي
تسامون دينكم فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب
فقولوا وعليك
/ 503 /
256

ذكر إيجاب الجنة للمرء بطيب الكلام
وإطعام الطعام
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال حدثنا يزيد بن المقدام بن
شريح بن هانئ عن المقدام بن هانئ عن بن هانئ
أن هانئا لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فسمعهم
يكنون هانئا أبا الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله
هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم قال قومي إذا
اختلفوا في شئ رضوا بي حكما فأحكم بينهم فقال إن
ذلك لحسن فما لك من الولد قال شريح وعبد الله
ومسلم قال فأيهم أكبر قال شريح قال فأنت
أبو شريح فدعا له ولولده فلما أراد القوم الرجوع إلى
257

بلادهم أعطى كل رجل منهم أرضا حيث أحب في بلاده قال
أبو شريح يا رسول الله أخبرني بشئ يوجب لي الجنة
قال طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام
/ 504 /
ذكر البيان بأن إطعام الطعام
وإفشاء السلام من الإسلام
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال
حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي
الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت
ومن لم تعرف
\ 505 \
258

ذكر الخبر الدال على أن إطعام
الطعام من الإيمان
أخبرنا محمد بن أحمد بن منصور عن منصور بن
أبي مزاحم قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي حصين عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليقل خيرا أو ليسكت
259

قال أبو حاتم أبو الأحوص سلام بن سليم
وأب حصين عثمان بن عاصم وأبو صالح ذكوان السمان
وأبو هريرة عبد الله بن عمرو الدوس
\ 506 ذكر رجاء دخول الجنان لمن أطعم الطعام
وأفشى السلام مع عبادة الرحمن
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
جرير عن عطاء بن
السائب عن أبيه
260

عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا
الجنان
\ 507 ذكر إيجاب دخول الجنة لمن أفشى السلام
وأطعم الطعام وقرنهما بسائر العبادات
أخبر محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا همام
عن قتادة عن أبي ميمونة
عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله أخبرني
بشئ إذا عملته أو عملت به دخلت الجنة قال أفش
السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم صارت والناس
نيام الخطبة الجنة بسلام
\ 508 \
261

ذكر وصف الغرف التي أعدها الله لمن أطعم الطعام
ودام على صلاة الليل وأفشى السلام
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عباس بن
عبد العظيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن يحيى بن
أبي كثير عن بن معانق
عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في
الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها
الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى صارت والناس
نيام
262

قال أبو حاتم رضي الله عنه بن معانق هذا اسمه
عبد الله بن معانق الأشعري
\ 509 \
263

باب الجار
ذكر الخبر الدال على أن مجانبة الرجل
أذى جيرانه من الإيمان
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو نصر
التمار حدثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد وحميد وذكر
الصوفي آخر معهما
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن من
أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
والمهاجر من هاجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة
عبد لا يأمن جاره بوائقه
\ 510 \
264

ذكر الإخبار عما عظم الله جل وعلا
من حق الجوار
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال
حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا
يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
أخبره أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته
أن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل
يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه
\ 511 \
265

ذكر الاستحباب للمرء الإحسان إلى الجيران رجاء دخول الجنابة
أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان ببغداد قال
حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن داود بن فراهيج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل
يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه
\ 512 \
267

ذكر الأمر بإكثار الماء في مرقته
والغرف لجيرانه بعده
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا سليمان بن حرب عن
حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طبخت
قدرا فأكثر مرقتها فإنه أوسع للأهل والجيران
\ 513 \
268

ذكر البيان بأن غرف المرء من مرقته لجيرانه إنما يغرف
لهم من غير إسراف ولا تقتير
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر حدثنا محمد بن
بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي عمران عن عبد الله بن
الصامت
عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صنعت
مرقة فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأحسهم
منها بمعروف
\ 514 \
269

ذكر الزجر عن منع المرء جاره أن
يضع الخشبة على حائطه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا محمد بن
رمح قال حدثنا الليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهري
عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن
أحدكم جاره أن يغرز خشبة على جداره
270

قال بن رمح سمعت الليث يقول هذا أول ما لمالك عندنا وآخره قال أبو حاتم في قول الليث هذا أول ما لمالك عندنا
وآخره دليل على أن الخبر الذي رواه قراد عن الليث عن
271

مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة قصة المماليك
خبر باطل لا أصل له
\ 515 ذكر الزجر عن أذى الجيران إذ تركه
من فعال المؤمنين
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم
273

الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليقل خيرا أو ليصمت
\ 516 ذكر إعطاء الله جل وعلا من ستر عورة أخيه المسلم
أجر موؤودة لو استحياها في قبرها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثنا إبراهيم بن نشيط
الوعلاني عن كعب بن علقمة
274

عن دخين أبي الهيثم غالبا عقبة بن عامر قال قلت
لعقبة بن عامر إن لنا جيرانا يشربون الخمر وأنا داع الشرط
ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل ولكن عظهم
وهددهم قال إني نهيتهم فلم ينتهوا وإني داع الشرط
ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر عورة مؤمن فكأنما استحيى
موؤودة في قبرها
\ 517 \
275

ذكر البيان بأن خير الجيران عند الله
من كان خيرا لجاره في الدنيا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حياة بن شريح عن شرحبيل بن
شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير
الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله
276

خيره لجاره
\ 518 ذكر الإخبار عن خير الأصحاب وخير الجيران
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا هاشم بن
القاسم حدثنا بن المبارك حدثنا حياة بن شريح عن شرحبيل بن
شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير
الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله
خيرهم لجاره
\ 519 \
277

ذكر ما يجب على المرء من التصبر
عند أذى الجيران إياه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد
الأحمر عن بن عجلان عن أبيه
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا
إليه جارا له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات اصبر ثم قال
له في الرابعة أو الثالثة اطرح متاعك في الطريق ففعل
قال فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك فيقول آذاه
جاره فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال رد متاعك
لا والله لا أوذيك أبدا
\ 520 \
278

فصل من البر والإحسان
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي العابد بالبصرة
حدثنا نصر بن علي بن نصر أخبرنا أبي عن شعبة عن قرة بن خالد
عن قرة بن موسى الهجيمي
عن سليم بن جابر الهجيمي قال انتهيت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب في بردة له وإن هدبها لعلي قدميه
فقلت يا رسول الله أوصني قال عليك باتقاء الله
ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء
المستقي وتكلم أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال
الإزار فإنها من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ عيرك بشئ
يعلمه
فيك فلا تعيره بشئ تعلمه منه دعه يكون وباله عليه
وأجره لك ولا تسبن شيئا قال فما سببت بعده دابة
ولا إنسانا
279

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم عليك باتقاء
الله أمر فرض على المخاطبين كلهم أن يتقوا الله في كل
الأحوال وإفراغ المرء الدلو في إناء المستسقي من إنائه
وبسطه وجهه عند مكالم أخيه المسلم فعلان قصد بالأمر بهما
الندب والإرشاد قصدا لطلب النصارى
\ 521 أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين عن عقيل بن
طلحة قال
حدثني أبو جري الهجيمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت يا رسول الله إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئا ينفعنا
الله به فقال لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من
دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه
منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ولا يحبها الله
وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإن
أجره لك ووباله على من قاله
281

قال أبو حاتم الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به
الإرشاد والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة وهي
الخيلاء فمتى عدمت الخيلاء لم يكن بإسبال الإزار بأس
والزجر عن الشتيمة إذا شتم المرء زجر عنه في ذلك الوقت
وقبله وبعده وإن لم يشتم
\ 522 \ ذكر البيان بأن طلاقة وجه المرء
للمسلمين من المعروف
أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز قال حدثنا
عبد الملك بن هوذة بن خليفة قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا
صالح بن رستم عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من
المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق فإذا صنعت
مرقة فأكثر ماءها متسرولة لجيرانك منها
\ 523 \
282

ذكر الإخبار بأن على المرء تعقيب الإساءة
بالإحسان ما قدر عليه في أسبابه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
موهب قال حدثنا بن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي أن
سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أراد
سفرا فقال يا نبي الله أوصني قال ا عبد الله لا تشرك به
شيئا قال يا نبي الله زدني قال إذا أسأت فأحسن
قال يا رسول الله زدني قال استقم وليحسن خلقك
\ 524 \
283

ذكر العلامة التي يستدل المرء بها على إحسانه
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا
أبو قديد عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن
منصور عن أبي وائل
عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله متى أكون
محسنا قال إذا قال جيرانك أنت محسن فأنت محسن
وإذا قالوا إنك مسئ فأنت مسئ
\ 525 \
284

ذكر الإخبار عما يستدل بالمرء على إحسانه ومساوئه
أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز بالبصرة قال
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا
معمر عن منصور عن أبي
وائل عن عبد الله قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لي أن
أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت قال إذا سمعت جيرانك
يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد
أسأت فقد أسأت
\ 526 ذكر البيان بأن من خير الناس
من رجي خيره وأمن شره
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم
بخيركم من شركم فقال رجل بلى يا رسول الله قال
خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى
خيره ولا يؤمن شره
\ 527 \
285

ذكر الإخبار عن خير الناس وشرهم
لنفسه ولغيره
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا
عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس
جلوس فقال ألا أخبركم بخيركم من شركم قال فسكتوا
قال ذلك ثلاث مرات فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا
بخيرنا من شرنا قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره
وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره
\ 528 ذكر بيان الصدقة للمرء بإرشاد الضال
وهداية غير البصير
أخبرنا محمد بن نصر بن نوفل بمرو بقرية سنج حدثنا
أبو داود السنجي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا
أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه
286

عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه
أخيك صدقة لك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة
وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وبصرك للرجل
الردئ البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن
الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك
صدقة
\ 529 ذكر إجازة الله جل وعلا على الصراط من كان
وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان
في تفريج كربة
أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة
ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان وجماعة قالوا حدثنا إبراهيم بن
هشام الغساني قال حدثنا أبي عن عروة بن رويم اللخمي عن
هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان وصلة
لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر أو تيسير عسر
أجازه الله على الصراط يوم القيامة عند دحض الأقدام
لفظ الخبر لابن قتيبة قاله الشيخ
\ 530 \
287

ذكر الأمر للمرء بالتشفع إلى من بيده الحل والعقد
في قضاء حوائج الناس
أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز أبو عمرو
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا عمر بن علي المقدمي حدثنا
الثوري عن بن أبي بردة عن أبيه
288

عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أوتى
فأسأل ويطلب إلي الحاجة التجارة عندي فاشفعوا فلتؤجروا
ويقضي الله على اختلفوا نبيه ما أحب أو ما شاء
289

قال الشيخ بن أبي بردة في هذا الخبر أراد به بن بن
أبي بردة
قال أبو حاتم وهو بريد بن عبد الله بن أبي برد بن
أبي موسى
أشعري
\ 531 ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من بذل المجهود
في قضاء حوائج المسلمين
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال
حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال
أخبرني أبو الزبير أنه سمع
جابر بن عبد الله يقول لدغت رجلا منا عقرب ونحن
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل يا رسول الله أرقيه
فقال صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل
\ 532 \
290

ذكر قضاء الله جل وعلا حوائج من كان يقضي
حوائج المسلمين في الدنيا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا قتيبة بن سعيد
قال حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سالم
عن أبيه أن رسول الله قال المسلم أخو المسلم
لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في
حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من
291

كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة
\ 533 \ ذكر تفريج الله جل وعلا الكرب يوم القيامة عمن كان يفرج الكرب في الدنيا عن المسلمين
أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا
عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن واسع
وأبي سورة عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر أخاه
المسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ومن فرج عن مسلم
292

كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون
العبد ما كان العبد في عون أخيه
\ 534 ذكر ما يستحب للمرء الإقبال على الضعفاء والقيام بأمورهم
وإن كان استعمال مثله موجودا منه في غيرهم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر
293

الجعفي قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة
عن أبيه
عن عائشة قالت أنزلت عبس وتولى في بن أم
مكتوم الأعمى قالت أتى النبي صلى الله عليه وسل فجعل يقول
يا نبي الله أرشدني قالت وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من
عظماء المشركين فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على
الآخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا فلان أترى بما أقول بأسا
فيقول لا فنزلت عبس وتولى
\ 535 ذكر رجاء الغفران لمن نحى الأذى
عن طريق المسلمين
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح
294

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل
يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه فشكر
الله له فغفر له
قال أبو حاتم الله جل وعلا أجل من أن يشكر عبيده
295

إذ هو البادئ بالإحسان إليهم والمتفضل بإتمامها عليهم ولكن
رضا الله جل وعلا بعمل العبد عنه يكون شكرا من الله
جل وعلا على ذلك الفعل
\ 536 ذكر رجاء مغفرة الله جل وعلا لمن نحى
الأذى عن طريق المسلمين
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن سمي عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل
يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر
الله له فغفر له
\ 537 ذكر البيان بأن هذا الرجل الذي نحى غصن الشوك
عن الطريق لم يعمل خيرا غيره
أخبرنا عبد الرحمن بن زياد الكتاني بالأبلة حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن
أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل
ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا غصن شوك كان
296

على الطريق كان يؤذي الناس فعزله فغفر له
\ 538 \ ذكر البيان بأن هذا الرجل ورجاله له ذنبه
ما تقدم وما تأخر لذلك الفعل
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بحر بن نصر أخبرنا بن وهب
أخبرني عمر بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن بن حجيرة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ورجاله لرجل
أخذ غصن شوك عن طريق الناس ذنبه ما تقدم من ذنبه
وما تأخر
\ 539 ذكر رجاء الغفران لمن أماط الأذى عن الأشجار
والحيطان إذا تأذى المسلمون به
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال أخبرنا عيسى بن
حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن
أبي صالح
297

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزع رجل
لم يعمل خيرا قط غصن شوك عن الطريق إما كان في شجرة
فقطعه فألقاه وإما كان موضوعا فأماطه فشكر الله له بها فأدخله
الجنة
قال أبو حاتم معنى قوله لم يعمل خيرا قط يريد به
سوى الإسلام
\ 540 ذكر استحباب المرء أن يميط الأذى عن طريق
المسلمين إذ هو من الإيمان
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن أبان بن صمعة عن
أبي الوازع
عن أبي برزة قال قلت يا رسول الله دلني على عمل
298

أنتفع به قال نح الأذى عن طريق المسلمين
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبان بن صمعة هذا والد
عتبة الغلام وأبو الوازع اسمه جابر بن عمرو وأبو برزة اسمه
نضلة بن عبيد
\ 541 ذكر إعطاء الله جل وعلا الأجر لمن
سقى كل ذات كبد حرى
أخبرنا قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن
وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن محمود بن الربيع
أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله الضالة ترد
299

على حوضي فهل فيها أجر إن سقيتها قال اسقها فإن في
كل ذات كبد حرى أجر
\ 542 \
300

ذكر رجاء دخول الجنان لمن سقى
ذوات الأربع إذا كانت عطشى
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا
عيسى بن حماد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن
حكيم وزيد عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دنا رجل إلى
بئر فنزل فشرب منها وعلى البئر كلب يلهث فرحمه فنزع
إحدى خفيه فغرف له فسقاه فشكر الله له فأدخله الجنة
\ 543 ذكر الخبر الدال على أن الإحسان إلى ذوات الأربع
قد يرجى به تكفير الخطايا في العقبي
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج
301

والحسين بن إدريس الأنصاري قالا أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن
مالك عن سمي عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل
يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها
فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش
فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ
بي فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي
فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له فقالوا يا رسول الله
إن لنا في البهائم لأجرا فقال صلى الله عليه وسلم في كل ذات كبد رطبة
أجر
\ 544 ذكر الزجر عن ترك تعاهد المرء
ذوات الأربع بالإحسان إليها
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا علي بن المديني
302

قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
قال حدثني ربيعة بن يزيد قال حدثني أبو كبشة السلولي
أنه سمع سهل بن الحنظلية الأنصاري أن عيينة والأقرع
سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأمر معاوية أن يكتب به لهما
ففعل وختمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بدفع إليهما فأما عيينة
فقال ما فيه فقال فيه ما أمرت به فقبله وعقده في عمامته
وأما الأقرع فقال أحمل صحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة
المتلمس فأخبر معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجته فمر ببعير مناخ على الباب المسجد
من أول النهار ثم مر به من آخر النهار وهو على حاله فقال
أين صاحب هذا البعير فابتغى فلم يوجد فقال
303

رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صحاحا
وكلوها سمانا كالمتسخ آنفا إنه من سأل وعنده ما يغنيه
فإنما يستكثر من جمر جهنم قال يا رسول الله وما يغنيه
قال ما يغديه ويعشيه
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم يغديه ويعشيه
أراد به على دائم الأوقات وفي قوله صلى الله عليه وسلم اركبوها صحاحا
كالدليل على أن الناقة العجفاء الضعيفة يجب أن ينتكب ركوبها
إلى أن تصح وفي قوله صلى الله عليه وسلم وكلوها سمانا دليل على أن
الناقة المهزولة التي لانقي لها يستحب ترك نحرها إلى
أن تسمن
\ 545 \
304

ذكر استحباب الإحسان إلى ذوات الأربع
رجاء النجاة في العقبي به
أخبرنا علي بن أحمد الجرجان بحلب حدثنا نصر بن
علي الجهضمي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع
عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عذبت امرأة في هرة
ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض
أخبرناه علي بن أحمد في عقبه حدثنا نصر بن علي
حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن سعيد المقبري عن
305

أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
\ 546 \
306

باب الرفق
ذكر استحباب الرفق للمرء في الأمور
إذ الله جل وعلا يحبه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر
الحزامي قال حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن الأوزاعي عن
الزهري عن عروة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى
يحب الرفق في الأمر كله
307

قال أبو حاتم رضي الله عنه ما روى مالك عن
الأوزاعي إلا هذا الحديث وروى الأوزاعي عن مالك أربعة
أحاديث
\ 547 ذكر الاستدلال على حرمان الخير
فيمن عدم الرفق في أموره
أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا
عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا
سفيان عن منصور عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال
عن جرير عم النبي صلى الله عليه وسلم قال من يحرم الرفق يحرم
الخير
\ 548 \
308

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يعين على الرفق بأن
يعطي عليه ما لا يعطي على العنف
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال
حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن
الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله رفيق
يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف
\ 549 \
309

ذكر البيان بأن الرفق مما يزين
الأشياء وضده يشينها
أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو إلى هذه
310

التلاع وقال لي يا عائش فإن الرفق لم يكن في
شئ قط إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شانه
\ 550 ذكر الأمر بلزوم الرفق في الأشياء إذ دوامه عليه
زينته في الدنيا والآخرة
أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس قال حدثنا
311

نوح بن حبيب البذشي القومسي قال حدثنا
عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان الرفق في شئ
إلا زانه ولا كان الفحش في شئ قط إلا شانه
\ 551 ذكر ما يجب على المرء من لزوم الرفق
في جميع أسبابه
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
حدثنا بن وهب قال أخبرني حياة عن بن الهاد عن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة
عن عائشة أن رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم قال إن الله يحب
312

الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي
على ما سواه
\ 552 ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن رفب المسلمين في أمورهم
مع دعائه على من استعمل ضده فيهم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني حرملة بن عمران عن
عبد الرحمن بن شماسة قال
أتيت عائشة أسألها عن شئ فقالت سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر
أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي
شيئا فرفق بهم فارفق به
\ 553 \
313

باب الصحبة والمجالسة
ذكر الأمر للمرء أن لا يصحب إلا الصالحين
ولا ينفق إلا عليهم
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله
عن حياة بن شريح عن سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس
حدثه
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي
\ 554 \
314

ذ ك الزجر عن أن يصحب المرء إلا الصالحين
ويؤكل طعامه إلا إياهم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
الصباح الدولابي قال حدثنا بن المبارك عن حياة بن شريح عن
سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي
\ 555 ذكر البيان بأن محبة المرء الصالحين وإن كان مقصرا
في اللحوق بأعمالهم يبلغه في الجنة أن يكون معهم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن
أبي شيبة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال
عن عبد الله بن الصامت
315

عن أبي ذأنه قال يا رسول الله الرجل يحب القوم
ولا يستطيع أن يعمل كعملهم قال إنك يا أبا ذر مع من
أحببت قال فإني أحب الله ورسوله قال أنت يا أبا ذر مع
من أحببت
\ 556 ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن خطاب هذا الخبر
قصد به التخصيص دون العموم
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد حدثنا
أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق
عن أبي موسى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال
316

يا رسول الله أرأيت رجلا يحب القوم ولما يلحق بهم قال
المرء مع من أحب
\ 557 ذكر ما يستحب للمرء التبرك بالصالحين وأشباههم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو كريب
قال حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة
عن أبي موسى قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا
بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى
\ 558 \
317

رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعرابي فقال ألا تنجز لي يا محمد
ما وعدتني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر فقال له الغلام
لقد أكثرت علي من البشرى قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على
أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال إن هذا قد رد ا
لبشرى فاقبلا أنتما فقالا قبلنا يا رسول الله قال فدعا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء ثم قال لهما اشربا منه
لحمام على وجوهكما أو نحوركما فأخذا القدح ففعلا
ما أمرهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادتنا أم سلمة من وراء الستر أن
أفضلا لأمكما في إنائكما فأفضلا لها منه طائفة
318

ذكر استحباب التبرك للمرء بعشرة
مشايخ أهل الدين والعقل
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عمرو بن
عثمان قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن المبارك بدرب
الروم عن خال الحذاء عن عكرمة
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البركة مع
أكابركم
319

قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يحدث بن المبارك هذا
الحديث بخراسان إنما حدث به بدرب الروم فسمع منه أهل
الشام وليس هذا الحديث في كتب بن المبارك مرفوعا
\ 559 ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بطعامه
وصحبته الأتقياء وأهل الفضل
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت حياة بن شريح يقول
أخبرني سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه
أنه سمع أبا سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول
لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي
\ 560 ذكر الأمر بمجالسة الصالحين وأهل الدين
دون أضدادهم من المسلمين
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
العلاء بن كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة
320

عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الجليس
الصالح ومثل جليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير
فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة
ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا
خبيثة
قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر دليل على
إباحة المقايسات في الدين
\ 561 \
321

ذكر رجاء دخول الجنان للمرء مع
من كان يحبه في الدنيا
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا
عبد الرحمن بن عمرو الأسماء قال حدثنا زهير بن معاوية عن
عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش
عن صفوان بن عسال المرادي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا محمد بصوت له جهوري فقلنا ويلك اخفض من
صوتك فإنك قد نهيت عن هذا قال لا والله حتى أسمعه
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بيده هاؤم فقال أرأيت رجلا أحب
قوما ولما يلحق بهم قال ذلك ممن أحب
قوله صلى الله عليه وسلم هاؤم أراد به رفع الصوت فوق صوت
الغلام لئلا يأثم الغلام برفع صوته على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قاله الشيخ
\ 562 \
322

ذكر البيان بأن هذا السائل إنما أخبر عن
محبة الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا العباس بن الوليد
النرسي قال حدثنا سفيان عن الزهري
عن أنس قال قال رجل يا رسول الله متى الساعة
قال ما أعددت لها قال إني أحب الله ورسوله قال
فأنت مع من أحببت
\ 563 ذكر إعطاء الله جل وعلا المسلم نيته في محبته القوم
إن خيرا فخير وإن شرا فشر
أخبرنا أحمد بن علي بالمثنى قال حدثنا هدبة بن
خالد قال حدثنا المبارك بن فضالة قال سمعت الحسن
عن أنس بن مالك أن رجلا قال يا نبي الله متى
الساعة قال أما إنها قائمة فما أعددت
لها قال ما أعددت لها كثير عمل إلا أني أحب الله ورسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإنك مع من أحببت ولك ما احتسبت
\ 564 \
323

ذكر خبر شنع به بعض المعطلة على أهل الحديث
حيث حرموا توفيق الإصابة لمعناه
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا عبد الأعلى بن
حماد وهدبة بن خالد قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله متى تقوم الساعة
وأقيمت الصلاة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال
أين السائل عن الساعة قال ها أنا ذا يا رسول الله قال
إنها قائمة فما أعددت لها قال ما أعددت لها كبير عمل
غير أني أحب الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من
أحببت قال وعنده رجل من الأنصار يقال له محمد فقال
إن يعش هذا فلا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة
324

زاد هدبة قال أنس فنحن نحب الله ورسوله
قال أبو حاتم هذا الخبر من الألفاظ التي أطلقت بتعيين
خطاب مراده التحذير وذاك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد تحذير
الناس عن الركون إلى هذه الدنيا بتعريفهم الشئ الذي يكون
بخلدهم تقبل حقيقته من قرب الساعة عليهم دون اعتمادهم
على ما يسمعون
\ 565 ذكر البيان بأن من كان أحب لأخيه المسلم
كان أفضل
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعد بن يزيد الفراء
أبو الحسن قال حدثنا مبارك بن فضالة قال حدثنا ثابت
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما تحاب
اثنان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه
\ 566 \
325

ذكر الزجر عن أن يمكر المرء أخاه المسلم
أو يخادعه في أسبابه
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عثمان بن
الهيثم بن الجهم قال حدثنا أبي عن عاصم عن زر
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس
منا والمكر والخداع في النار
\ 567 \
326

ذكر الزجر عن أن يفسد المرء امرأة أخيه المسلم
أو يخبث عبيده عليه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا معاوية بن هشام قال حدثنا عمار بن رزيق عن
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عكرمة عن
يحيى بن يعمر
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من خبث عبدا
327

على أهله فليس منا ومن أفسد امرأة على زوجها فليس
منا
\ 568 ذكر الاستحباب للمرء أن يعلم أخاه محبته
إياه لله جل وعلا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا الأزرق بن
علي أبو الجهم قال حدثنا حسان بن إبراهيم قال حدثنا زهير بن
محمد عن عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة عن ناف قال
328

سمعت بن عمر يقول بينا أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ أتاه رجل فسلم عليه ثم ولى عنه فقلت يا رسول الله
إني لأحب هذا لله قال فهل أعلمته ذا ك قلت لا قال
فأعلم ذاك أخاك قال فاتبعته فأدركته فأخذت بمنكبه
فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله قال هو والله إني
لأحبك لله قلت لولا النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن أعلمك
لم أفعل
329

تفرد بهذا الحديث الأزرق بن علي قاله الشيخ
\ 569 ذكر الأمر للمرء إذا أحب أخاه في الله
أن يعلمه ذلك
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام تثبت ببيروت
قال حدثنا يزيد بن سنان قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا
ثور بن يزيد عن حبيب بن عبيد
عن المقدام بن معدي كرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا
أحب أحدكم أخاه فليعلمه
\ 570 ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر لا أصل له أصلا
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي كتابة قال حدثنا
عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال حدثنا علي بن الحسين بن حكى
قال حدثني أبي قال حدثني ثابت
330

عن أنس بن مالك قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ مر رجل فقال رجل من القوم يا رسول الله إني لأحب
هذا الرجل قال هل أعلمته ذاك قال لا قال قم
أعلمه فقام إليه فقال يا هذا والله إني لأحبك قال أحبك
الذي أحببتني له
\ 571 ذكر إثبات محبة الله جل وعلا للمتحابين فيه
أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري ببغداد قال حدثنا
عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن
أبي رافع
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في
قرية أخرى قال فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى
عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية فقال
له هل له عليك من نعمة تربها قال لا غير أني أحبه في
331

الله قال فإني رسول الله إليك إن الله جل وعلا قد
أحبك كما أحببته فيه
\ 572 ذكر وصف المتحابين في الله في القيامة عند
حزن الناس وخوفهم في ذلك اليوم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا
عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا بن فضيل عن عمارة بن
القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد
الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل من هم
لعلنا نحبهم قال هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام
ولا انتساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا
خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ ألا إن
332

أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
\ 573 \
333

ذكر ظلال الله جل وعلا المتحابين فيه في ظله
يوم القيامة جعلنا الله منهم بمنه وفضله
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن
أبي الحباب
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله
تبارك وتعالى أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي
يوم لا ظل إلا ظلي
\ 574 \
334

ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا
للمتجالسين فيه والمتزاورين فيه
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي حازم بن دينار
عن أبي إدريس الخولاني أنه قال دخلت مسجد دمشق
فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شئ
أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا
معاذ بن جبل فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني
بالتهجير ووجدته يصلي قال فانتظرته حتى قضى صلاته ثم
جئته من قبل وجهه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله
فقال آلله قلت آلله فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه وقال
أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك
وتعالى وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في
والمتزاورين في
335

قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو إدريس الخولاني
اسمه عائذ الله بن عبد الله كسيد قراء أهل الشام في
336

زمانه وهو الذي أنكر على معاوية محاربته علي بن أبي طالب
حين قال له من أنت حتى تقاتل عليا أطعمتموهم الخلافة ولست
أنت مثله لست زوج فاطمة ولا معبد الحسن والحسين
ولا بابن عم النبي صلى الله عليه وسلم فأشفق معاوية أن يفسد قلوب قراء
الشام فقال له إنما أطلب دم عثمان قال فليس علي قاتله
قال لكنه يمنع قاتله عن أن يقتص منه قال اصبر حتى آتيه
فأستخبره الحال فأتى عليا وسلم عليه ثم قال له من قتل
عثمان قال الله قتله وأنا معه عنى وأنا معه مقتول وقيل
أراد الله قتله وأنا حاربته فجمع جماعة قراء الشام وحثهم
على القتال
\ 575 ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا الزائر
أخاه المسلم في
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح اليشكري
حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في
قرية أخرى فأرسل الله على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال
أين تريد قال أزور أخا لي في هذه القرية فقال هل له
عليك من نعمة تربها قال لا إلا أني أحبه في الله قال
فإني رسول الله إليك إن الله قد أحبك كما أحببته فيه
\ 576 \
337

ذكر إيجاب محبة الله للمتناصحين
والمتباذلين فيه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا مخلد بن أبي زميل حدثنا
أبو المليح الرقي عن حبيب بن أبي الاستثناء عن عطاء بن أبي رباح
عن أبي مسلم الخولاني قال
قلت لمعاذ بن جبل والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن
أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك قال فلأي شئ قلت
لله قال فجذب حبوتي ثم قال أبشر إن كنت صادقا فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المتحابون في
الله في ظل
العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء
ثم قال فخرجت فأتيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث
معاذ فقال عبادة بن الصامت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
عن ربه تبارك وتعالى حقت محبتي على المتحابين في وحقت
محبتي على المتناصحين في وحقت محبتي على المتزاورين
في وحقت محبتي على المتباذلين في وهم على منابر من
نور يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم
338

قال أبو حاتم أبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن
ثوب يماني تابعي من أفضالهم وأخيارهم وهو الذي قال له
العنسي أتشهد أني رسول الله قال لا قال أتشهد أن
محمدا رسول الله قال نعم فأمر بنار عظيمة فأججت وخوفه
أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده فأبى عليه فقذفه فيها
فلم تضره فاستعظم ذلك وأمر بإخراجه من اليمن فأخرج
فقصد المدينة فلقي عمر بن الخطاب فسأله من أين أقبل
فأخبره فقال له ما فعل الفتى الذي أحرق فقال لم يحترق
فتفرس فيه عمر أنه هو فقال أقسمت عليك بالله أنت
أبو مسلم قال نعم فأخذ بيده عمر حتى ذهب به إلى
أبي بكر فقص عليه القصة فسرا بذلك وقال أبو بكر
339

الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة من أحرق فلم يحترق مثل
إبراهيم صلى الله عليه وسلم
وقيل إنه كان له امرأة صبيحة الوجه فأفسدتها عليه جارة
له فدعا عليها وقال اللهم أعم من أفسد علي امرأتي
فبينما المرأة تتعشي مع زوجها إذ قالت انطفأ السراج قال
زوجها لا فقالت فقد عميت لا أبصر شيئا فأخبرت بدعوة
أبي مسلم عليها فأتته فقالت أنا قد فعلت بامرأتك ذلك وأنا
قد غررتها وقد تبت فادع الله يرد بصري إلي فدعا الله وقال
اللهم رد بصرها فردها إليها
\ 577 ذكر الاستحباب للمرء استمالة قلب أخيه المسلم
بما لا يحظره الكتاب والسنة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك أن رجلا قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
أين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال صلى الله عليه وسلم إن
أبي وأباك في النار
\ 578 \
340

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بالعطار
الذي من جالسه علق به ريحه وإن لم ينل منه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا
عبد الجبار بن العلاء قال حدثنا سفيان عن بريد بن عبد الله عن
جده
عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل
الجليس الصالح مثل العطار إن لم يصبك منه أصابك
ريحه ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرقك بشرره
علق بك مريحه
\ 579 \
341

ذكر الزجر عن تناجي المسلمين بحضرة ثالث معهما
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا وهب بن بقية
قال أخبرنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتناجى
اثنان دون ثالث
\ 580 \
342

ذكر الزجر عن تناجي المسلمين
وبحضرتهما إنسان ثالث
أخبرنا الفضل بن حباب قال حدثنا الحوضي عن
شعبة عن عبد الله بن دينار قال
كنت قاعدا عند بن عمر أنا ورجل آخر فجاء رجل
يكلمه فقال لهما استرخيا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتناجى
اثنان دون واحد
\ 581 \
343

ذكر الخبر الدال على أن تناجي المسلمين
بحضرة اثنين جائز
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار قال
كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي
بالسوق فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر
أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه فدعا عبد الله بن
عمر رجلا حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعا
استرخيا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتناجى
اثنان دون واحد
\ 582 ذكر الخبر المصرح بصحة ما ذكرناه قبل
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل
عن عبد الله هو بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما حتى يختلطوا
344

بالناس فإن ذلك يحزنه
\ 583 ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال
حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح
345

عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناجى اثنان
دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه
قال أبو صالح فقلت لابن عمر فأربعة قال
لا يضرك
\ 584 ذكر الإخبار عن وصف المجالس بين المسلمين
أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا
بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المجالس ثلاثة سالم وغانم وشاجب
\ 585 \
346

ذكر البيان بأن المجالس إذا تضايقت كان عليهم التوسع
والتفسيح دون أن يقيم أحدهم آخر عن مجلسه
أخبرنا أحمد بن الحسين الجرادي بالموصل قال حدثنا
إسحاق بن زريق الرسعني قال حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال
حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع
عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل الرجل من مقعده فيقعد فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا
\ 586 \
347

ذكر الزجر عن أن يقيم المرء أحدا
من مجلسه ثم يقعد فيه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد عن نافع
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيمن
أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه
\ 587 ذكر الإخبار بأن المرء أحق بموضعه إذا قام
منه بعد رجوعه إليه من غيره
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
علي بن الجعد قال حدثنا زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح
عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام
الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به
\ 588 \
349

ذكر إباحة اتكاء المرء على يساره إذا جلس
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي حدثنا
سلم بن جنادة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك
عن جابر بن سمرة قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرأيته متكئا على وسادة على يساره
\ 589 \
350

ذكر البيان بأن تفرق القوم عن المجلس عن غير
ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
يكون حسرة عليهم في القيامة
أخبرنا أبو عمارة أحمد بن عمارة الحافظ بن الكرج قال
حدثنا أحمد بن عصام بن عبد المجيد قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل
قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم
في مجلس فتفرقوا من غير ذكر الله والصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة
\ 590 \
351

ذكر البيان بأن الحسرة التي ذكرناها تلزم
من ذكرناه وإن أدخل الجنة
أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني بدمشق قال
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن
شعبة عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قاما قعد قوم
مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي إلا كان عليهم
حسرة يوم القيامة وإن أدخلوا الجنة للثواب
\ 591 ذكر الزجر عن افتراق القوم عن مجلسه
بغير ذكر الله
أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني قال حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي قال حدثنا بن مهدي عن شعبة عن الأعمش عن
أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قعد قوم
352

مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان
عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة
\ 592 ذكر الشئ الذي إذا قاله المرء عند القيام من مجلسه ختم له به
إذا كان مجلس خير وكفارة له إذا كان مجلس لغو
أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن
أبي هلال حدثه أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه
عن عبد الله بن عمرو وأنه قال كلمات لا يتكلم بهن أحد
في مجلس لغو أو مجلس باطل عند قيامه ثلاث مرات
إلا كفرتهن عنه ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر
إلا ختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة
سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب
إليك
353

قال عمر وحدثني بنحو ذلك عبد الرحمن بن
أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
\ 593 \ ذكر مغفرة الله جل وعلا لقائل ما وصفنا
ما كان في ذلك المجلس من لغو
أخبرنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي قال
حدثنا علي بن زياد اللحجي حدثنا أبو قرة عن بن جريج عن
موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من جلس
في مجلس كثر فيه لغطه ثم قال قبل أن يقوم سبحانك اللهم
354

ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا ورجاله
له ما كان في مجلسه ذلك
\ 594 \
355

باب الجلوس على الطريق
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا أبو عامر عن زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم
والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا من مجلسنا
بد نتحدث فيها قال فإذا أبيتم المجلس فأعطوا الطريق
حقه قالوا ما حق الطريق قال غض البصر وكف الأذى
ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
\ 595 \
356

ذكر خبر ثان يصر بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن
عبد الله بن بزيع قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا
عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن
تجلسوا بأفنية الصعدات قالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع
ذلك ولا نطيقه قال إما لا فأدوا حقها قالوا وما حقها
يا رسول الله قال رد التحية وتشميت العاطس إذا حمد
الله وغض البصر وإرشاد السبيل
\ 596 \
357

ذكر الأمر بالخصال التي يحتاج أن يستعملها
من جلس على طريق المسلمين
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك حدثنا محمد بن
عثمان العجلي حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن
أبي إسحاق
عن البراء قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على مجلس الأنصار فقال
إن أبيتم إلا أن تجلسوا فاهدوا السبيل وردوا السلام وأغيثوا
الملهوف
\ 597 \
358

فصل في تشميت العاطس
ذكر ما يقال للعاطس إذا حمد الله عند عطاسه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا
علي بن خشرم قال حدثنا عيسى بن يونس عن بن أبي ذئب عن
المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله
يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرد
ما استطاع ولا يقل هاو فإنه إذا قال هاو ضحك منه
الشيطان فإذا عطس أحدكم فقال الحمد لله فحق على من
سمعه أن يقول يرحمك الله
لم أسمع من محمد بن إسحاق فحق قاله الشيخ
\ 598 \
359

ذكر ما يجيب به العاطس من يشمته بما وصفناه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا إسرائيل عن منصور
عن هلال بن يساف قال
كنا مع سالم بن عبيد في غزاة فعطس رجلا من القوم
فقال السلام عليكم فقال سالم السلام عليك وعلى أمك
فوجد الرجل في نفسه فقال له سالم كأنك وجدت في
نفسك فقال ما كنت أحب أن تذكر أمي بخير ولا بشر فقال
سالم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فعطس رجل فقال
السلام عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك وعلى أمك إذا
عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال أو قال
الحمد لله رب العالمين وليقل له يرحمك الله وليقل هو
يغفر الله لكم
\ 599 \
361

ذكر إباحة ترك تشميت العاطس
إذا لم يحمد الله جل وعلا
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
معاذ بن معاذ وجرير بن عبد الحميد قالا حدثنا سليمان التيمي قال
حدثنا أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم
فشمت أو فسمت أحدهما وترك الآخر قال إن هذا
حمدا لله وإن هذا لم يحمده
\ 600 \
363

ذكر ما يجب على المرء ترك التشميت للعاطس إذا لم يحمد الله
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
قال حدثنا بن أبي عدي قال حدثنا سليمان التيمي
عن أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم
فشمت أحدهما أو قال فسمت أحدهما ولم يشمت الآخر
فقيل له رجلان عطسا فشمت أحدهما وتركت الآخر قال
إن هذا حمد الله وإن هذا لم يحمده
\ 601 ذكر وصف الرجلين اللذين عطسا
عند المصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن
364

علي الجهضمي قال حدثنا يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن
إسحاق عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال جلس رجلان عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما أشرف من الآخر فعطس الشريف
فلم يحمد الله وعطس الآخر فحمد الله فشمته النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله عطست فلم تشمتني وعطس هذا
فشمته فقال صلى الله عليه وسلم إن هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت
الله فنسيتك
\ 602 ذكر البيان بأن المزكوم يجب أن يشمت عند
أول عطسته ثم يعفى عنه فيما بعد ذلك
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال
حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع قال
حدثني أبي قال كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فعطس
365

رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك الله ثم عطس أخرى
فقال صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم
\ 603 \
366

باب العزلة
ذكر البيان بأن العزلة عن الناس أفضل الأعمال
بعد الجهاد في سبيل الله
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال حدثنا
عبد الله قال أخبرنا بن أبي ذئب عن سعيد بن خالد القارظي عن
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب عن عطاء بن يسار
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم
جلوس في مجلس فقال ألا أخبركم بخير الناس منزلا
فقلنا بلى يا رسول الله قال رجل آخذ برأس فرسه في
سبيل الله حتى عقرت أو يقتل أفأخبركم بالذي يليه قلنا
بلى يا رسول الله قال امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة
ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس أفأخبركم بشر الناس
قلنا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله
ولا يعطي به
\ 604 \
367

ذكر البيان بأن الاعتزال في العبادة يلي الجهاد
في سبيل الله في الفضل
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن
يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه
عن عطاء بن يسار
عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا أخبركم
بخير الناس إن خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل
الله وأخبركم بالذي يتلوه رجل معتزل في غنمه يؤدي حق
الله فيها وأخبركم بشر الناس رجل يسأل بالله
ولا يعطي به
\ 605 \
368

ذكر البيان بأن الاعتزال لمن تفرد بغنمه
مع عبادة الله إنما يستحق النصارى
الذي ذكرناه إذا لم يكن يؤذي الناس بلسانه ويده
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا
منصور بن أبي مزاحم حدثنا يحيى بن حمزة عن الزبيدي عن
الزهري عن عطاء بن يزيد المؤذن
عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال رجل جاهد
في سبيل الله بماله ونفسه قال ثم من قال مؤمن في
شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره
\ 606 \
369

كتاب الرقائق
باب الحياء
أخبرنا أبو خليفة حدثنا القعنبي عن شعبة عن
منصور عن ربعي
عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما
أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع
ما شئت
ما سمع القعنبي من شعبة إلا هذا الحديث قاله الشيخ
\ 607 \
371

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الحياء عند
تزيين الشيطان له ارتكاب ما زجر عنه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا الفضل بن موسى قال حدثنا محمد بن عمرو
قال حدثنا أبو سلمة
372

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحياء من
الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في
النار
\ 608 \
373

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الربيع
سليمان بن داود عن حماد بن زيد قال حدثنا بن وهب قال أخبرني
الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحياء من
الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في
النار
\ 609 ذكر البيان بأن الحياء جزء من أجزاء الإيمان إذ الإيمان
شعب لأجزاء على ما تقدم ذكرنا له
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري
حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يعظ أخاه
في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من
الإيمان
374

قال أبو حاتم دعه لفظة زجر يراد بها ابتداء أمر
مستأنف
\ 610 \
375

باب التوبة
ذكر الخبر الدال على أن الندم توبة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر
المقدمي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن
أبي الصديق
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن
أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل
تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة قال لا فقتله وكمل به
مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فقال
إنه قتل مائة فهل له توبة قال نعم من يحول بينك وبين
التوبة ائت أرض كذا وكذا فإن بها ناسا يعبدون الله فاعبد الله
ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا
انتصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة
وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاءنا تائبا مقبلا بقلبه
إلى الله جل وعلا وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا
قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا
ما بين الأرضين أيهما كان أقرب فهي له فقاسوه فوجدوه
أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته بها ملائكة الرحمة
\ 611 \
376

ذكر الخبر المصرح بصحة ما أسند للناس
خبر أبي سعيد الذي ذكرناه
أخبرنا بن ناجية الحميد بن محمد بن مستام حدثنا
مخلد بن يزيد الحراني حدثنا مالك بن مغول عن منصور عن خيثمة
عن بن مسعود قال قيل له أنت سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم
يقول الندم توبة قال نعم
\ 612 \
377

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا محفوظ بن
أبي توبة حدثنا عثمان بن صالح السهمي حدثنا بن وهب
عن يحيى بن أيوب قال سمعت حميدا الطويل يقول
قلت لأنس بن مالك أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الندم توبة
قال نعم
\ 613
أخبرنا أبو عروبة أخبرنا المسيب بن واضح حدثنا
يوسف بن أسباط عن مالك بن مغول عن منصور عن خيثمة
379

عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الندم توبة
\ 614 ذكر ما يجب على المرء من لزوم الندم والتأسف على
ما فرط منه رجاء مغفرة الله جل وعلا ذنوبه به
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار
حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن قتادة عن أبي الصديق الناجي
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان
في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل
فأتى راهبا فسأله هل له من توبة قال لا فقتله وجعل
يسأل فقال له رجل ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت
380

فمات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى
الله إلى هذه تقربي وإلى هذه تباعدي أقرب إلى هذه
بشبر فغفر له
\ 615 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
التوبة والإنابة عند السهو والخطأ
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا
عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أخبرنا سعيد بن أبي أيوب
الهدي حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان المؤذن
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل
المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيته يجول ثم يرجع
إلى آخيته وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان فأطعموا
طعامكم الأتقياء وولوا معروفكم المؤمنين
\ 616 \
381

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من لزوم
التوبة في أوقاته وأسبابه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد
القيسي قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة
عن أنس أن رسول الله صلى الله على وسلم قال الله أشد فرحا بتوبة
عبده من أحدكم يستيقظ على بعيره أضله بأرض فلاة
617 \
383

ذكر الإخبار عن وصف البعير الضال
الذي تمثل هذه القصة به
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا أحمد بن
سنان القطان قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم
التيمي عن الحارث بن سويد
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله
أفرح بتوبة أحدكم من رجل بأرض دوية مهلكة ومعه راحلته
عليها زاده وطعامه وما يصلحه فأضلها فخرج في طلبها حتى
إذا أدركه الموت قال أرجع إلى مكاني فأموت فيه فرجع إلى
مكانه الذي أضلها فيه فبينما هو كذلك إذ غلبته عينه
فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها زاده وما يصلحه فالله أفرح
بتوبة أحدكم من هذا الرجل
\ 618 \
384

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم
التوبة في جميع أسبابه
أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بن سالم قال حدثنا
حميد بن زنجويه قال حدثنا أبو مسهر قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز
عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى
قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرما فلا تظالموا يا عبادي إنكم تخطئون صارت والنهار
وأنا الذي أغفر الذنوب ولا أبالي فذكره بطوله وقال في
آخره وكان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه
\ 619 \
385

ذكر البيان بأن المرء عليه إذا تخلى لزوم البكاء
على ما ارتكب من الحوبات وإن كان
بائنا عنها مجدا في إتيان ضدها
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن
أبي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا عن إبراهيم بسويد النخعي حدثنا
عبد الملك بن أبي سليمان
عن عطاء قال دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة
فقالت لعبيد بن عمير قد آن لك أن تزورنا فقال أقول يا أمه
كما قال الأول زر غبا تزدد حبا قال فقالت دعونا من
رطانتكم هذه قال بن عمير أخبرينا بأعجب شئ رأيته من
386

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسكتت ثم قالت لما كان ليلة من
الليالي قال يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي قلت والله
إني لأحب قربك وأحب ما سرك قالت فقام فتطهر ثم قام
يصلي قالت فلم يزل يبكي حتى بحجره قالت ثم بكى
فلم يزل يبكي حتى بل لحيته قالت ثم بكى فلم يزل يبكي
حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي
قال يا رسول الله لم تبكي وقد ورجاله الله لك ما تقدم وما تأخر
قال أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل
لمن قرأها ولم يتفكر فيها إن في خلق السماوات
والأرض الآية كلها
\ 620 ذكر الإخبار عما يقع بمرضاة الله جل وعلا
من توبة عبده عما قارف من المأثم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عثمان بن عمر حدثنا بن أبي ذئب عن عجلان مولى
المشمعل
عن أبي هريرة قال ذكروا الفرح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
387

فذكروا الضالة يجدها الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد
فرحا بتوبة أحدكم من الضالة يجدها الرجل بأرض الفلاة
\ 621 ذكر الخبر الدال على أن توبة المرء بعد مواقعته الذنب
في كل وقت تخرجه عن حد الإصرار على الذنب
أخبرنا عمر بن محمد بن يوسف قال حدثنا الحسن بن
محمد بن الصباح قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام عن
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أذنب ذنبا
فقال أي رب أذنبت ذنبا أو قال عملت وأشار فاغفر لي
فقال تبارك وتعالى عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر
388

الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم أذنب ذنبا آخر
أو قال عمل
ذنبا آخر قال رب إني عملت ذنبا فاغفر لي
فقال تبارك وتعالى علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به
قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال
رب إني عملت ذنبا فاغفر لي فقال الله تبارك وتعالى علم
عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت
لعبدي فليعمل ما شاء
\ 622 \ ذكر مغفرة الله جل وعلا للتائب المستغفر لذنبه
إذا عقب إستغفاره صلاة
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
قال حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن
أسماء بن الحكم ها
389

عن علي قال كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديثا ينفعني الله بما شاء أن ينفعني حتى حدثني أبو بكر
وكان إذا حدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه استحلفته فإن
حلف صدقته وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ثم
يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا ورجا له
الله له
\ 623 \
390

ذكر مغفرة الله جل وعلا ذنوب التائب المستغفر
وإن لم يتقدم استغفاره صلاة
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج وإبراهيم بن
أبي أمية بطرسوس في آخرين قالا حدثنا حامد بن يحيى البلخي
قال حدثنا سفيان عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن
الزهري عن عروة أو سعيد أو كلاهما شك حامد
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة إن
كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي فإن العبد إذا
أذنب ثم استغفر الله ورجاله الله له
ما روى وائل عن ابنه إلا ثلاثة أحاديث قاله الشيخ
\ 624 \
391

ذكر تفضل الله جل وعلا على التائب المعاود
لذنبه بمغفرة كلما تاب وعاد يغفر
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الأعلى بن
حماد عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
عبد الرحمن بن أبي عمرة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه
جل وعلا قال أذنب عبدي ذنبا فقال أي رب أذنبت
فقال أذنب عبدي ذنبا فعلم أن الله يغفر الذنوب ويأخذ بالذنوب
ثم عاد فأذنب فقا أي رب أذنبت فقال أذنب عبدي بعدم
أن ربه يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت
لك
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله اعمل ما شئت
لفظة تهديد أعقبت بوعد يريد بقوله اعمل ما شئت أي
لا تعص وقوله قد غفرت لك يريد إذا تبت
\ 625 \
392

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يغفر ذنوب التائب
كلما أناب ما لم يقع الحجاب بينه وبينه
بالإشراك به نعوذ بالله من ذلك
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا الوليد بن
عتبة قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن
تثبت عن أسامة بن سلمان قال
حدثنا أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يغفر
لعبده ما لم يقع الحجاب قيل وما يقع الحجاب قال أن
تموت النفس وهي مشركة
\ 626 ذكر البيان بأن مكحولا سمع هذا الخبر من عمر
بن نعيم عن أسامة كما سمعه من أسامة سواء
أخبرنا عمر بن محمد حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا
393

أبي حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن عمر بن نعيم
حدثهم عن أسامة بن سلمان
أن أبا ذر حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يغفر
لعبده ما لم يقع الحجاب قالوا يا رسول الله وما وقوع
الحجاب قال أن تموت النفس وهي مشركة
\ 627 ذكر تفضل الله جل وعلا على التائب بقبول توبته
كلما أناب ما لم يغرغر حالة المنية به
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثني علي بن
الجعد قال حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن جبير بن
نفير
394

عن بعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك
وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
\ 628 \
395

ذكر البيان بأن توبة التائب إنما تقبل إذا كان ذلك منه
قبل طلوع الشمس من مغربها لا بعدها
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هارون بن معروف قال
حدثنا عبد الله بن رجاء عن هشام عن بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل
أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه
\ 629 \
396

ذكر تفضل الله جل وعلا على المسلم التائب إذا
خرج من الدنيا بهما بإدخال النار في القيامة
مكانه يهوديا أو نصرانيا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة أن
عون بن عبد الله وسعيد بن أبي بردة حدثاه أنهما سمعا أبا بردة يحدث
عمر بن عبد العزيز
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم
إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا
قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو
ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف
فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه ولم فقلنا على عون
قوله
\ 630 \
397

باب حسن الظن بالله تعالى
ذكر البيان بأن حسن الظن للمرء المسلم
من حسن العبادة
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي عن
حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير بن نهار
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حسن الظن من
حسن العبادة
\ 631 \
399

ذكر البيان بأن حسن الظن بالمعبود جل وعلا
قد ينفع في الآخرة لمن أراد الله به الخير
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد
القيسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج
رجلان من النار فيعرضان على الله ثم يؤمر بهما إلى النار
فليلتفت أحدهما فيقول يا رب ما كان هذا رجائي قال
وما كان رجاؤك قال كان رجائي إذ أخرجتني منها أن
لا تعيدني فيرحمه الله فيدخله الجنة
\ 632 \
400

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الثقة
بالله جل وعلا بحسن الظن في أحواله به
أ خبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا شبابة قال حدثنا هشام بن الغاز
قال حدثنا حيان أبو النضر
عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول قال الله تبارك وتعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن
بي ما شاء
\ 633 \
401

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة سوء الظن
بالله عز وجل وإن كثرت حياته في الدنيا
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن عمار
قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا هشام بن الغاز قال حدثني
حيان أبو النضر قال
سمعت واثلة بن الأسقع يقول قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن الله جل وعلا قال أنا عند ظن
عبدي بي فليظن بي ما شاء
\ 634 ذكر إعطاء الله جل وعلا العبد المسلم
ما أمل ورجا من الله عز وجل
أخبرنا محمد بن العباس الدمشقي بجرجان وإسحاق بن
402

إبراهيم قالا حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال
حدثنا هشام بن الغاز قال حدثنا حيان بن أبو النضر قال
سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول عن الله جل وعلا قال أنا عند ظن عبدي بي
فليظن بما شاء
\ 635 \ ذكر الأمر للمسلم بحسن الظن عباة
مع قلة التقصير في الطاعات
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أنبأنا
سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موت
بثلاث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن
\ 636 \
403

ذكر الحث على حسن الظن
بالله جل وعلا للمرء المسلم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا جعفر بن مهران
السباك قال حدثنا فضيل بن عياض عن سليمان عن
أبي سفيان قال
سمعت جابرا يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته
بثلاث من استطاع منكم أن لا يموت إلا وظنه بالله حسن
فليفعل
\ 637 ذكر حث المصطفى صلى الله عليه وسلم على حسن الظن
بمعبودهم جل وعلا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن
الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
404

قبل موته بثلاث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله
جل وعلا
\ 638 ذكر البيان بأن الله جل وعلا يعطي من ظن
ما ظن إن خيرا فخير وإن شرا فشرا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث وذكر
بن سلم آخر معه أن أبا يونس حدثهم
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله جل
وعلا يقول أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن
ظن شرا فله
405

قال أبو حاتم أبو يونس هذا اسمه سليم بن جبير
تابعي
\ 639 ذكر البيان بأن حسن الظن الذي وصفناه يجب
أن يكون مقرونا بالخوف منه جل وعلا
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب
الجوزجاني حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا محمد بن عمرو عن
أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه جل
وعلا قال وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا
خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة وإذا أمنني في الدنيا أخفته
يوم القيامة
\ 640 \
406

ذكر البيان بأن من أحسن بالمعبود كان له عند ظنه
ومن أساء به الظن كان له عند ذلك
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عمرو بن
عثمان قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن المهاجر عن يزيد بن
عبيدة عن حيان أبي النضر قال خرجت عائدا ليزيد بن الأسود
فلقيت واثلة بن الأسقع وهو يريد عيادته فدخلنا عليه
فلما رأى واثلة بسط يده وجعل يشير إليه فأقبل واثلة حتى
جلس فأخذ يزيد بكفي واثلة فجعلهما على وجهه فقال له
واثلة كيف ظنك بالله قال ظني بالله والله حسن قال
فأبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله جل
وعلا أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا وإن ظن شرا
\ 641 ذ كر الإخبار عن تفضل الله جل وعلا بأنواع النعم
على من يستوجب منه يجري النقم
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
407

عن يحيى القطان عن الأعمش قال حدثنا سعيد بن جبير عن
أبي عبد الرحمن السلمي
عن عبد الله بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحد
أصبر على أذى يسمعه من الله يجعلون له ندا ويجعلون له
ولدا وهو في ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم
\ 642 \
408

باب الخوف والتقوى
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس حدثنا
حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن
أبا النضر حدثه
أن عثمان بن مظعون لما قبر قالت أم العلاء طبت
أبا السائب في الجنة فسمعها نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال من
هذه فقالت أنا يا نبي الله قال وما يدريكي قالت
يا رسول الله عثمان بن مظعون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل
عثمان بن مظعون ما رأيناه إلا خيرا وها أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
والله ما أدري ما يصنع بي
409

قال عمرو وسمعه أبو النضر من خارجة بن زيد عن
أبيه
\ 643 \
410

أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال العطار بالبصرة
قال حدثنا عبيد امعاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة
حدثنا سماك
سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنذركم النار أنذركم النار أنذركم النار حتى لو كان في
مقامي هذا وهو بكار سمعه أهل السوق حتى وقعت
خميصة كانت على عاتقه على رجليه
\ 644 ذكر الإخبار بأن الانتساب إلى الأنبياء لا ينفع
في الآخرة ولا ينتفع المنتسب إليهم إلا
بتقوى الله والعمل الصالح
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا أحمد بن
المقدام العجلي قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي
عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ
رجل بيد أبيه يوم القيامة يريد أن يدخله الجنة فينادى ألا إن
411

الجنة لا يدخلها مشرك قال فيقول أي رب أبي قال
فيحول في صورة قبيحة وريح منتن فيتركه
قال أبو سعيد كانوا يقولون إنه إبراهيم قال
ولم يزدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك
\ 645 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أولاد فاطمة لا يضرهم
ارتكاب الحوبات في الدنيا رضي الله عنها
وعن بعلها وعن ولدها وقد فعل
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان حدثنا حكيم بن
سيف الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن
موسى بن طلحة
عن أبي هريرة قال لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك
الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فقال
يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم
ضرا ولا نفعا ولبني عبد مناف مثل ذلك ولبني عبد المطلب
مثل ذلك ثم قال يا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم أنقذي نفسك
من النار فإني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا أن لك رحما
سأبلها ببلالها
412

قال أبو حاتم هذا منسوخ إن فيه أنه لا يشفع لأحد
واختيار الشفاعة كانت بالمدينة بعده
\ 646 \ ذكر الخبر الدال على أن أولياء المصطفى صلى الله عليه وسلم
هم المتقون دون أقربائه إذا كانوا فجرة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو نشيط
محمد بن هارون بن إبراهيم بغدادي ثقة قال حدثنا أبو المغيرة
قال حدثنا صفوان بن عمرو قال حدثني راشد بن سعد عن
عاصم بن حميد السكوني
عن معاذ بن جبل قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه معاذ راكب
ورسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راحلته فلما فرغ قال يا معاذ إنك
عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا لعلك أن تمر بمسجدي
414

وقبري فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المدينة فقال إن أهل بيتي هؤلاء يرون أنهم أولى الناس
بي وإن أولى الناس بي المتقون من كانوا حيث كانوا
اللهم إني لا أحل لهم فساد ما أصلحت وأيم الله ليكفؤون
أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء
\ 647 \
415

ذكر البيان بأن من اتقى الله مما حرم عليه كان هو الكريم
دون النسيب الذي يقارف ما حظر عليه
أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر قال حدثنا
محمد بن سنان قال حدثنا يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر عن
سعيد المقبري
عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله من أكرم
الناس قال أتقاهم قالوا لسنا عن هذا نسألك قال
فعن معادن العرب تسألونني خياركم خياركم في الإسلام
إذا فقهوا
\ 648 \
416

ذكر رجاء مغفرة الله جل وعلا لمن غلبت عليه حالة
خوف الله جل وعلا على حالة الرجاء
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر
417

عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
فيمن سلف من الناس رجل رغسه الله مالا وولدا فلما
حضره الموت جمع بنيه فقال أي أب كنت لك قالوا خير
أب فقال إنه والله ما ابتأر عند الله خير قط وإن ربه يعذبه
فإذا أنامت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في ريح
عاصف قال الله
كن فإذا رجل قائم قال ما حملك على
ما صنعت قال مخافتك قال فوالذي نفسي بيده إن يلقاه
غير أن ورجاله له
\ 649 \
418

ذكر الخبر الدال على أن خوف الله جل وعلا إذا غلب
على المرء قد يرجى له النجاة في القيامة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا صالح بن حاتم بن
وردان حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن قتادة
عن عقبة بن عبد الغافر
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
رجل فيمن كان قبلكم لم يبتئر عند الله خيرا قط قال لبنيه
عند الموت يا بني أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال
419

فإذا أنا مت فاحرقوني واسحقوني فإذا كان في يوم ريح
عاصف فذروني قال فمات ففعل به ذلك فقال له كن
فكان كأسرع من طرفة العين فقال الله يا عبدي ما حملك
على ما فعلت فقال مخافتك أي رب قال فما تلافاه أن
ورجاله له
قال المعتمر قال أبي فحدثت هذا الحديث أبا عثمان
النهدي قال هكذا حدثني سليمان وزاد فيه وذروني في
البحر
\ 650 \
420

ذكر البيان بأن هذا الرجل كان ينبش
القبور في الدنيا
أخبرنا عمر ان بن موسى بن مجاشع حدثنا عبيد الله بن
معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن
ربعي بن حراش
عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال توفى رجل كان
نباشا فقال لولده احرقوني ثم اسحقوني فذروني في
الريح فسئل ما صنعت قال مخافتك يا رب قال
فغفر له
\ 651 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة الغفلة
ولزوم الانتباه لورد هول المطلع
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
المروزي قال حدثنا محمد بن خازم قال حدثنا الأعمش عن
أبي صالح
421

عن أب سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قضي الأمر وهم في
غفلة قال في الدنيا
\ 652 ذكر الإخبار عن الخصال التي يجب على المرء تفقدها
من نفسه حذر إيجاب النار له بارتكاب بعضها
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن عمر
الحوض قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة قال حدثني
العلاء بن زياد قال حدثني يزيد أخو مطرف قال وحدثني رجلان
آخران أن مطرفا حدثهم
أن عياض بن حمار حدثهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في
خطبته إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي
هذا إن كل ما أنحلته عبدي حلال وإني خلقت عبادي
422

حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم
وحرمت عليهم ما أحللت لهم فأمرتهم أن يشركوا بي
ما لم أنزل به سلطان وإن الله اطلع إلى أهل الأرض فمقتهم
عربهم وعجمهم غير بقايا من أهل الكتاب فقال يا محمد
إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزل عليك كتابا لا يغسله
الماء تقرؤه يقظان ونائما وإن الله جل وعلا أمرني أن
أخبر قريشا فقلت إذا يثلغوا رأسي فيتركوه خبزة قال
423

فاستخرجهم كما استخرجوك واغزهم يستغزوك وأنفق ينفق
عليك وابعث جيشا نبعث خمسة أمثالهم وقاتل بمن
أطاعك من عصاك وقال أصحاب الجنة ثلاثة إمام مقسط
مصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى
ومسلم ورجل عفيف فقير مصدق وقال أصحاب النار
خمسة رجل جائر لا يخفى له طمع وإن دق ورجل
لا يمسي ولا يصبح إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك
والضعيف الذين هم فيكم تبع لا يبغون أهلا ولا مالا
فقال له رجل يا أبا عبد الله أمن الموالي هو أو من
العرب قال هو التابعة يكون للرجل فيصيب من حرمته
424

سفاحا غير نكاح والشنظير الفاحش وذكر البخل
والكذب
\ 653 ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا
الخبر تفرد به قتادة بن دعامة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المعلى بن مهدي قال
حدثنا أبو شهاب عن عوف عن حكيم بن الأثرم عن الحسن عن
مطرف بن عبد الله
425

عن عياض بن حمار قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إن الله جل وعلا أمرني أن أعلمكم مما علمني يومي هذا
وإنه قال لي إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن كل ما أنحلت
عبادي فهو لهم حلال وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن
دينهم وحرمت عليهم الذي أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا
بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله أتى أهل الأرض قبل أن
يبعثني فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وإنه
قال لي قد أنزلت كتابا لا يغسله الماء فاقرأه نائما ويقظان وإن
الله أمرني أن أخبر قريشا وإني قلت أي رب إذا يثغلوا
رأسي فيدعوه خبزة وإنه قال لي استخرجهم كما استخرجوك
واغزهم يستغزونك وأنفق عليك وابعث جيشا نبعث
خمسة أمثاله وقاتل بمن أطاعك من عصاك
\ 654 \
426

ذكر ما يجب على المرء من مجانبة أفعال يتوقع
لمرتكبها العقوبة في العقبي بها
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا عيسى بن
أحمد أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا عوف عن أبي رجاء العطاردي
عن سمرة بن جندب ها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما يقول هل رأى أحد من رؤيا فيقص عليه من شاء الله
أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة إنه أتاني الليلة آتيان
وإنهما ابتعثاني وإنهما قالي انطلق وإني انطلقت معهما
حتى أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا
هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ بها رأسه فتدهدهه الصخرة
ها هنا فيقوم إلى الحجر فيأخذه فما يرجع إليه أحسبه قال
427

حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل
المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هذان قالا لي
انطلق انطلق قال فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق
لقفاه وإذا آخر عليه بكلوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي
وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى
قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل
بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الجانب
الأول كما كان ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال
قلت سبحان الله ما هذان قالا انطلق انطلق فانطلقت
معها فأتينا على مثل بناء التنور قال عوف أحسب أنه قال
فإذا فيه لغظ وأصوات فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا
بنهر لهيب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب تضوضوا
قال قلت ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا
428

على نهر حسبت أنه قال أحمر مثل الدم وإذا في النهر
رجل يسبح وإذا عند شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة
كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الرجل
الذي جمع الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا قال قلت
ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على
رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآه فإذا هو عند نار
يحشها ويسعى حولها قال قلت لهما ما هذا قالا لي
انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة فيها من كل نور
الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل قائم طويل لا أكاد أرى
رأسه طولا في السماء ورأي حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم
قط وأحسنه قال قلت لهما ما هؤلاء قالا لي انطلق
انطلق فانطلقنا وأتينا دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظ منها
ولا أحسن قالا لي أرق فيها قال فارتقينا فيها فانتهينا إلى
429

مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة
فاستفتحنا ففتح لنا فقلنا ما منها رجال شطر من خلقهم
كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قال قالا لهم
اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه
المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا وقد
ذهب ذلك السوء عنهم وصاروا في أحسن صورة قال قالا
لي هذه جنة عدن وهذاك منزلك قال فسما بصري
صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قال قالا لي هذاك
منزلك قال قلت لهما بارك الله فيكما ذراني أدخله قال
قالا لي
أما الآن فلا وأنت داخله قال فإني رأيت منذ الليلة
عجبا فما هذا الذي رأيت قال قالا لي أما إنا سنخبرك
أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه
الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة
وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه وعينه
إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب
الكذبة فتبلغ الآفاق
430

وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور
فإنهم الزناة والزواني
وأما الرجل الذي في النهر فيلتقم الحجارة فإنه
آكل الربا وأما الرجل الكرية المرآة الذي عند النار يحشها فإنه مالك
خازن جهنم
وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام
وأما الولدان الذين حوله فكل مولود ولد على الفطرة
قال فقال بعض المسلمين يا رسول الله وأولاد
المشركين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاد المشركين
وأما القوم الذين شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح
فهم قوم خلطوا وأشار صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم
\ 655 \
431

ذكر البيان بأن الواجب على المسلم أن يجعل
لنفسه محجتين يركبهما إحداهما
الرجاء والأخرى الخوف
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخ حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم
المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم
الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد
\ 656 ذكر الإخبار عن ترك الاتكال على الطاعات
وإن كان المرء مجتهدا فاتيانها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا
عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا حسين بن علي الجعفي عن فضيل بن
عياض عن هشام عن محمد
432

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يؤاخذني
الله وابن مريم بما جنت هاتان يعني الإبهام والتي تليها
لعذبنا ثم لم يظلمنا شيئا
\ 657 \
433

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة الأمن
من عذاب الله نعوذ به منه وإن كان مشمرا
في أسباب الطاعات جهده
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا
سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن عطاء بن أبي رباح
أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
تقول كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم ريح أو غيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر
فإذا مطرت سر به وذهب ذلك عنه فسئل فقال صلى الله عليه وسلم إني
خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي
\ 658 \
434

ذكر الخبر الدال على أن على المرء الرجوع باللوم على
نفسه فيما قصر في الطاعات وإن كان سعيه فيها كثيرا
أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا
موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا حسين بن علي الجعفي
عن فضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن الله
يؤاخذني وعيسى بذنوبنا لعذبنا ولا يظلمنا شيئا قال وأشار
بالسبابة والتي تليها
\ 659 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على
موجود الطاعات دون التسلق بالاضطرار إليه في الأحوال
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن
همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد
منكم ينجيه عمل ولكن سددوا وقاربوا قالوا ولا أنت
435

يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني بمغفرة
وفضل
\ 660 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك استحقاره اليسير
من الطاعات والقليل من الجنايات
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
وكيع قال أخبرنا الأعمش عن أبي وائل
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة أقرب
إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك
\ 661 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من النظر في العواقب
في جميع أموره دون الاعتماد على يومه
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا
بن وهب عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب
436

عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لو تعلمون
ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
\ 662 ذكر الإخبار عن وصف ما يجب على المسلم
عندما جرى منه من مقارفة المأثم حين
يزين الشيطان له ارتكاب مثلها
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج ومحمد بن
الحسن بقتيبة بعسقلان ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة العابد
437

بصيداء في آخرين قالوا حدثنا هشام بن خالد الأزرق حدثنا الوليد بن
مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز أن هشام بن عبد الملك أدى عن
الزهري سبعة آلاف دينار دينا كان عليه ثم قال للزهري لا تعودن تدان
فقال الزهري كيف يا أمير المؤمنين وقد حدثني سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يلدغ
المؤمن من جحر واحد مرتين
لفظ الخبر لعمر بن سعيد سنان
\ 663 \
438

ذكر ما يعرف في وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم
عند هبوب الرياح قبل المطر
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني
حميد
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح
عرف ذلك في وجهه
\ 664 ذكر البيان بأن المرء إذا تهجد صارت وخلا بالطاعات
يجب أن تكون حالة الخوف عليه غالبة لئلا يعجب
بها وإن كان فاضلا في نفسه تقيا في دينه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا حوثرة بن أشرس العدوي حدثنا
حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير
439

عن أبيه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وهو قائم
يصلي وبصدره أزيز كأزيز المرجل
\ 665 ذكر البيان بأن المرء إذا تواجد
عند وعظ كان له ذلك
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن خيثمة
عن عدي بن حاتم قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال اتقوا
النار ثم أعرض وأشاح ثم قال اتقوا النار ثم أعرض
440

وأشاح حتى رأينا أنه يراها ثم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة
فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة
\ 666 \ أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال العطار بالبصرة
قال حدثنا عبيد الله بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة
قال حدثنا سماك
سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنذركم النار أنذركم النار أنذركم النار حتى لو كان في
مقامي هذا وهو بكار سمعه أهل السوق حتى وقعت
خميصة كانت على عاتقه على رجليه \ 667 \
441

باب الفقر والزهد والقناعة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل
عن سمرة بن سهم قال نزلت على أبي هاشم بن
عتبة بن ربيعة وهو مطعون فأتاه معاوية يعود فبكى
أبو هاشم فقال معاوية ما يبكيك أي خال أوجع أم على
الدنيا فقد ذهب صفوها فقال على كل لا ولكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا ووددت أني كنت تبعته قال
إنك لعلك أن تدرك أموالا تقسم بين أقوام وإنما يكفيك من
ذلك خادم ومركب في سبيل الله فأدركت وجمعت
\ 668 \
442

ذكر البيان بأن الله جل وعلا
إذا أحب عبده حماه الدنيا
حدثنا محمد بن يزيد الزرقي بطرسوس حدثنا العباس بن
عبد العظيم حدثنا محمد بن جهضم حدثنا إسماعيل بن جعفر عن
عمارة بن غزية عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن
محمود بن لبيد
443

عن قتادة بن النعمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي
سقيمه الماء
\ 669 ذكر الإخبار عن من صار من المفلحين
في هذه الدنيا الزائلة
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال
حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا سعيد بن
عبد العزيز قال حدثنا عبد الرحمن بن سلمة الجمحي قال
سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث عن
444

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا فصبر عليه
\ 670 ذكر الإخبار عمن طيب الله جل وعلا
عيشه في هذه الدنيا
أخبرنا تثبت ببيروت وابن سلم وابن قتيبة قالوا
حدثنا عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة قال حدثنا
أبي قال حدثنا أبي قال حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن
أم الدرداء
445

عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مطرف
معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت
له الدنيا
671 \
446

ذكر الأمر بترك الأشياء من الفضول التي
تذكر الدنيا وترغب الناس فيها
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن
عزرة هو بن سعد الأعور عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن
سعد بن هشام
عن عائشة قالت كان لنا قرام فيه تماثيل فعلقت على
بابي فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال انزعيه فإنه يذكرني
الدنيا
\ 672 \
447

ذكر الإخبار عما يستحب للمسلم من مجانبة الفضول
من هذه الدنيا الفان الزائلة
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
موهب قال حدثنا بوهب عن أبي هانئ أنه سمع
أبا عبد الرحمن الحبلي
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فراش
للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع
للشيطان
\ 673 \
448

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك
الفضول في قوته رجاء النجاة في العقبي
مما يعاقب عليه أكلة السحت
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا
حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح
عن يحيى بن جابر
عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ما من وعاء ملأ بن آدم وعاء شرا من بطن حسب بن آدم
أكلات يقمن صلبه فإن كان لابد فثلث لطعامه وثلث
لشرابه وثلث لنفسه
\ 674 \
449

ذكر الإخبار بأصحاب الجد في هذه الدنيا
يحبسون في القيامة عن دخول الجنة مدة
أخبرنا عمران بموسى بن مجاشع قال حدثنا
عبيد الله بن معاذ قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثني أبي
عن أبي عثمان النهدي
عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قمت على
باب الجنة فإذا عامة من يدخلها المساكين وإذا أصحاب الجد
محبوسون وإذا أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار ونظرت
إلى النار فإذا عامة من يدخلها النساء
450

قال أبو حاتم رضي الله عنه قرن عمران بن موسى إلى
أسامة بن زيد في هذا الخبر سعيد بن زيد وأنا أهابه
\ 675 ذكر تفضل الله جل وعلا على فقراء هذه الأمة
الصابرين على ما أوتوا بإدخالهم الجنة
قبل أغنيائهم بمدد معلومة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبدة بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدخل فقراء
المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمس مائة سنة
\ 676 \
451

ذكر تفضل الله جل وعلا على فقراء المهاجرين
بإدخالهم الجنة قبل أغنيائهم بمدد معلومة
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن
وهب حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير
عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال بينا أنا جالس في المسجد
وحلقة من فقراء المهاجرين وسط المسجد جلوس فدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد نصف النهار فانطلق إليهم فجلس
معهم فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جلس إليهم قمت إليه فأدركت
من حديثه وهو يقول بشر فقراء المهاجرين إنهم ليدخلون
الجنة قبل الأغنياء بأربعين عاما
\ 677 \
452

ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في هذا الخبر لم
يرد به النبي صلى الله عليه وسلم نفيا عما وراءه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا
عبد الله بن يزيد حدثنا حياة حدثنا أبو هانئ أنه سمع
أبا عبد الرحمن الحبلي يقول
سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم
القيامة بسبعين أو أربعين خريفا
\ 678 ذكر الخبر الدال على أن المالك من حطام هذه الدنيا الفانية
الشئ الكثير قد يجوز أن يقال له فقير كما أن
من منع من حطامها يجوز أن يقال له غني
أخبرنا موسى بن محمد الديلي بأنطاكية حدثنا يونس بن
عبد الأعلى الصدفي حدثنا بن وهب عن مالك عن أبي الزناد عن
الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الغنى
عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس
\ 679 \
453

ذكر وصف الغن الذي وصفناه قبل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار حدثنا
أبو داود حدثنا شعبة عن عمر بن سليمان قال سمعت
عبد الرحمن بن أبان يحدث عن أبيه قال
خرج زيد بن ثابت من عند مروان نصف النهار قال
454

قلت ما بعث إليه هذه الساعة إلا لشئ سأله عنه فسألته
فقال سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه
غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه
ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل
لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماع فإن دعوتهم تحيط من
ورائهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره
بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة
نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي
راغمة
\ 680 \
455

ذكر البيان بأن بعض الفقراء في بعض الأحوال قد يكونون
أفضل من بعض الأغنياء في بعض الأحوال
أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري
حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش عن سليمان بن مسهر عن
خرشة بن الحر
عن أبي ذر قال بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المسجد إذ قال انظر أرفع رجل في المسجد في عينيك
فنظرت فإذا رجل في حلة جالس يحدث قوما فقلت هذا
قال انظر أوضع رجل في المسجد في عينيك قال فنظرت
فإذا رويجل مسكين في ثوب له خلق قلت هذا قال
النبي صلى الله عليه وسلم هذا خير عند الله يوم القيامة من قرار الأرض
مثل هذا
\ 681 \
456

ذكر الإخبار عن وصف أصحاب الصفة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا أبو عمار
الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى حدثنا الفضيل بن غزوان
عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة ما على أحد منهم رداء إلا إزار
أو كساء متوشحا به قد عقده خلفه
\ 682 \
457

ذكر ما كان طعام القوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
على الأغلب في أحوالهم عند ابتداء
ظهور الإسلام بهم
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد
حدثنا شعبة عن داود بن فراهيج قال
سمعت أبا هريرة يقول ما كان طعامنا على عهد
458

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الأسودان التمر والماء
\ 683 \
459

ذكر العلة التي من أجلها كان
في أصحابه ما وصفناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الله بن
سعد بن إبراهيم حدثنا عمي حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثني
عبد الله بن أبي بكر عن عمرة
عن عائشة قالت من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد
كذبكم فلما افتتح صلى الله عليه وسلم قريظة أصبنا شيئا من التمر والودك
\ 684 \ ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنة للمسلم الفقير
الصابر على ما أوتي من فقره بما منع
من حطام هذه الزائلة
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن
460

وهب حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير
عن أبيه
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أترى
كثرة المال هو الغنى قلت نعم يا رسول الله قال فترى
قلة المال هو الفقر قلت نعم يا رسول الله قال
إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب ثم سألني عن رجل
من قريش فقال هل تعرف فلانا قلت نعم يا رسول الله
قال فكيف تراه وتراه قلت إذا سأل أعطي وإذا حضر
أدخل ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال هل تعرف
فلانا قلت لا والله ما أعرفه يا رسول الله قال فما زال
يحليه وينعته حتى عرفته فقلت قد عرفته يا رسول الله قال
فكيف تراه أو تراه قلت رجل مسكين من أهل الصفة
فقال هو خير من طلاع الأرض من الآخر قلت
يا رسول الله أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر فقال إذ أعطي خيرا فهو أهله وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة \ 685 \
461

ذكر بعض العلة التي من أجلها
فضل بعض الفقراء على بعض الأغنياء
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن
المقدام العجلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يقول
حدثنا قتادة عن خليد العصري
عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما طلعت
شمس قط إلا وبجنبتيها ملكان يناديان اللهم من أنفق فأعقبه
خلفا ومن أمسك فأعقبه تلفا
\ 686 ذكر البيان بأن الله جل وعلا جعل الدنيا سجنا
لمن أطاعه ومخرفا لمن عصاه
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال
462

حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا حدثنا عبد العزيز بن
محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن
المؤمن وجنة الكافر
\ 687 \
463

ذكر البيان بأن الدنيا إنما جعلت سجنا للمسلمين وارضى
بترك ما يشتهون في الدنيا من الجنان في العقبي
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن
المؤمن وجنة الكافر
\ 688 ذكر الإخبار بأن أسباب هذه الفانية الزائلة يجري
عليها التغير والانتقال في الحال
بعد الحال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا
هشام بن عمار قال حدثنا الوزير بن صبيح قال حدثنا يونس بن
ميسرة عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله كل يوم
هو في شأن قال من شأنه أن يغفر ذنبا
ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين
\ 689 \
464

ذكر الإخبار بأن ما بقي من هذه الدنيا
هو المحن والبلايا في أكثر الأوقات
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال
حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا بن
جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول
سمعت معاوية على هذا المنبر يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة
\ 690 \
465

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة الاغترار
بمن أوتي هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا بن
أبي عمر العدني قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ويحيى بن
سعيد عن الزهري عن هند عن أم سلمة ومعمر عن الزهري
عن هند
عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
سبحان الله ماذا أنزل من الفتن وماذا فتح من الخزائن أيقظوا
صواحب الحج فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة
\ 691 \
466

ذكر الزجر عن اغترار المرء بما أوتي
في هذه الدنيا من النساء والنعم
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا معتمر بن سليمان التيمي
قال حدثنا أبي عن أبي عثمان النهدي
عن أسامة بن زيد بن حارثة أنه حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين
وإذا أصحاب الجد محبوسون وأصحاب النار قد أمر بهم إلى
النار ونظرت إلى النار فإذا عامة من دخلها النساء
قال أبو حاتم رضي الله عنه قرن عمران بن موسى
بأسامة بن زيد سعيد بن زيد في هذا الخبر المعتمر معتمر بن
سليمان
\ 692 \
467

ذكر ما يستحب للمرء أن تعزف نفسه عما يؤدي إلى اللذات
من هذه الفانية الغرارة وإن أبيح له ارتكابها
حذر الوقوع في المحذور منها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن
سليمان بن موسى عن نافع قال
سمع بن عمر صوت زمارة راعي قال فجعل إصبعيه في
أذنيه وعدل عن الطريق وجعل يقول يا نافع أتسمع فأقول
نعم فلما قلت لا راجع الطريق ثم قال هكذا رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة
\ 693 \
468

ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من حفظ نفسه
عما لا يقربه إلى بارئه جل وعلا دون نواله
شيئا من حطام الدنيا الفانية
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الريان قال
حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن
أبي وائل
عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما
مهلكاكم
\ 694 \ ذكر ما يستحب للمرء أن يذود نفسه من هذه الغرارة
الزائلة ببذل ما يملك منها لغيره
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا
همام عن قتادة
عن أنس بن مالك أن أم سليم بعثت بقناع فيه رطب
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقبض القبضة فيبعث بها إلى بعض
469

أزواجه ثم يقبض القبضة فيبعث بها إلى أزواجه ثم يبعث
بها وإنه ليشتهيه فعل ذلك غير مرة وإنه ليشتهيه
\ 695 ذكر ما يستحب للمرء رعاية عياله بذبهم عن
الأشياء التي يخاف عليهم متعقبها
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا محمد بن
المعلى الأدمي قال حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن
العلاء بن المسيب عن إبراهيم بن قعيس عن نافع
عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج في غزاة كان
آخر عهده بفاطمة وإذا قدم من غزاة كان أول عهده بفاطمة
رضوان الله عليها فإنه خرج لغزو تبوك ومعه علي رضوان الله
عليه فقامت فاطمة فبسطت في بيتها بساطا وعلقت على بابها
سترا اخترت مقنعتها بزعفران فلما قدم أبوها صلى الله عليه وسلم ورأي
ما أحدثت رجع فجلس في المسجد فأرسلت إلى بلال
فقالت يا بلال اذهب إلى أبي فسله ما يرده عن بابي فأتاه
فسأله فقال صلى الله عليه وسلم إني رأيتها أحدثت ثم شيئا فأخبرها
فهتكت الستر ورفعت البساط وألقت ما عليها ولبست أطمارها
470

فأتاه بلال فأخبره فأتاه فاعتنقها وقال هكذا كوني فداك
أبي وأمي
\ 696 ذكر الإخبار عن الوصف الذي يجب أن يكون
المرء في هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال
حدثنا الحسن بن قزعة قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي
قال حدثنا الأعمش عن مجاهد
عن بن عمر قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي
أو قال بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر
سبيل قال فكان بن عمر يقول إذا أصبحت فلا تنتظر
471

المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك
لمرضك ومن حياتك لموتك
472

وقال إسحاق قال الحسن بن قزعة ما سألني يحيى بن
معين إلا هذا الحديث
\ 697 ذكر الإخبار عن أحساب أهل هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا
سويد بن نصر بن سويد المروزي قال أخبرنا علي بن الحسين بن
حكى عن أبيه عن عبد الله بن بريدة
عن أبيه بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحساب أهل
الدنيا المال
\ 698 \
473

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم أحساب أهل الدنيا المال
أراد به الذين يذهبون إليه عندهم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا
محمد بن يحيى القطعي قال حدثني زيد بن الحباب قال حدثني
الحسين بن حكى قال حدثنا عبد الله بن بريدة
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحساب أهل
الدنيا الذي يذهبون إليه لهذا المال
\ 699 ذكر الإخبار عما يؤول متعقب أموال أهل الدنيا
التي هي أحسابهم إليه
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا محمد بن بشار
474

قال حدثنا محمد بن جعفر وهو غندر قال حدثنا شعبة قال
سمعت قتادة قال سمعت مطرف يحدث
عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ
ألهاكم التكاثر قال يقول بن آدم ما لي
ما لي وإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت
أو تصدقت فأمضيت
\ 700 \
475

ذكر البيان بأن الله جعل متعقب طعام
بن آدم في الدنيا مثلا لها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا موسى بن
الحسين بن بسطام قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن
يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي
عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مطعم بن
آدم ضرب للدنيا مثلا بما خرج من بن آدم وإن قزحه وملحه
فانظر ما يصير
إليه
\ 701 \
476

ذكر البيان بأن ما ارتفع من هذه الأشياء لا بد له
أن يتضع لأنها قذرة خلقت للفناء
أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا
محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد
عن أنس قال كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء
لا تسبق كلما سابقوها سبقت فجاء أعرابي على قعود
فسبقها فسبقها فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى رأى ذلك في وجوههم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على
الله أن لا يرتفع شئ من هذه القذرة إلا وضعها الله
\ 702 \
477

ذكر البيان بأن المرء يجب عليه أن يقنع نفسه
عن فضول هذه الدنيا الفانية الزائلة
بتذكرها عاقبة الخير وأهله
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا
بن وهب أخبرني الماضي بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه
478

عن عائشة قالت كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرير مشبك
بالبردي عليه كساء أسود قد حشوناه بالبردي فدخل أبو بكر
وعمر عليه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم نائم عليه فلما رآهما استوى
جالسا فنظرا فإذا أثر السرير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أبو بكر وعمر وبكيا يا رسول الله ما يؤذيك خشونة
ما نرى من سريرك وفراشك وهذا كسرى وقيصر على فرش
الحرير والديباج فقال لا تقولا هذا فإن فراش كسرى
وقيصر في النار وإن فراشي وسريري هذا عاقبته إلى
الجنة
\ 703 \
479

ذكر استحباب الاقتناع للمرء بما أوتي من الدنيا
مع الإسلام والسنة
أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد الطاحي بالبصرة
قال حدثنا نصر بن علي بن نصر الجهضمي قال أخبرنا المقرئ
قال حدثنا حياة بن شريح قال حدثنا أبو هانئ أن أبا علي الجنبي
أخبره أنه
سمع فضالة بن عبيد يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنعه
الله به
\ 704 \
480

ذكر الأمر بالتخلي عن الدنيا والاقتناع منها
بما يقيم أود المسافر في رحلته
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب
الرملي حدثنا بن وهب عن أبي هانئ أخبرني أبو عبد الرحمن
الحبلي عن عامر بن عبد الله
أن سلمان الخير حين حضره الموت عرفوا منه بعض
الجزع قالوا ما يجزعك يا أبا عبد الله وقد كانت لك سابقة
في الخير شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازي حسنة وفتوحا
عظاما قال يجزعني أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم حين فارقنا عهد إلينا قال
ليكف اليوم منكم كزاد الراكب فهذا الذي أجزعني فجمع
مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر دينارا
481

قال أبو حاتم عامر هذا هو عامر بن عبد قيس وسلمان
الخير هو سلمان الفارسي
\ 705 \
482

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة التلهف
عند فوته البغية في غدوه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا سفيان عن عاصم عن زر
عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت عليه
والمرسلات عرفا فأخذتها من فيه وإن فاه
رطب بها فما أدري بأيها ختم فبأي حديث بعده يؤمنون
أو إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون
فسبقتنا حية فدخلت في جحر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيتم شرها كما وقيت شركم
\ 706 \
483

أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بن سالم قال حدثنا
محمد بن إسماعيل الجعفي قال حدثنا عمر بن حفص بن الصالح
قال حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم
عن الأسود
عن عبد الله قال بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار
فنزلت عليه والمرسلات عرفا فإنه ليتلوها
وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية
فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوها فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم
لقد وقيت شركم كما وقيتم شرها
\ 707 \
484

ذكر الإخبار بأن الإمعان في الدنيا يضر في
العقبي كما أن الإمعان في طلب الآخرة
يضر في فضول الدنيا
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني عن
عمرو بن أبي عمرو عن المطلب
عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب
دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا
ما يبقى على ما يفنى
\ 708 \
486

ذكر الزجر عن اتخاذ الضياع إذ اتخاذها يرغب
في الدنيا إلا من عصم الله جل وعلا أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
محمد بن خازم عن الأعمش عن شمر بن عطية عن المغيرة بن
سعد بن الأخرم عن أبيه
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا
487

قال عبد الله وبالمدينة وما بالمدينة وبراذان
وما براذان
\ 709 ذكر الأمب النظر إلى من هو دون المرء
في أسباب الدنيا
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال أخبرنا الليث بن سعد عن بن عجلان
عن الأعر
488

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى
أحدكم من فضل عليه في الخلق أو الرزق فلينظر إلى من
هو أسفل منه ممن فضل هو عليه
\ 710 ذكر الأمر للمرء أن ينظر إلى من هو دونه
في المال والخلق دون من فوقه فيهما
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن
أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن
همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر
أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من
هو أسفل منه ممن فضل هو عليه
\ 711 \
489

ذكر الزجر عن أن ينظر المرء إلى
من فوقه في أسباب الدنيا
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا
أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنظروا إلى
من هو فوقكم وانظروا إلى من هو أسفل منكم فإنه أجدر أن
لا تردوا نعمة الله
\ 712 ذكر وصف الفوق الذي في خبر
أبي صالح الذي ذكرناه
أخبرنا عبد الرحمن بن بحر البزار قال حدثنا بن
أبي عمرو العدني قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى
490

أحدكم من فوقه في المال والحسب فلينظر إلى من هو دونه في
المال والحسب
\ 713 ذكر يستحب للمرء أن يكون خروجه من هذه
الدنيا الفانية الزائلة وهو صفر اليدين
مما يحاسب عليه مما في عنقه
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط حدثنا
عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن أبي حازم عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عائشة أنها قالت اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده
491

سبعة دنانير أو تسعة فقال يا عائشة ما فعلت تلك الذهب
فقلت هي عندي قال تصدقي بها قالت فشغلت به ثم
قال يا عائشة ما فعلت تلك الذهب فقلت هي عندي
فقال ائتني بها قالت فجئت بها فوضعها في كفه ثم قال
ما ظن محمد أن لو لقي الله وهذه عنده ما ظن محمد أن
لو لقي الله وهذه عنده
\ 714 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ذمه نفسه عن شهواتها
واحتماله المكاره في مرضاة الباري جل وعلا
أخبرنا الحسن بن سفيان بخبر غريب حدثنا هدبة بن
خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت وحميد
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفت الجنة
بالمكاره وحفت النار بالشهوات
\ 715 \
492

ذكر الإخبار بأن الشديد الذي غلب نفسه عند الشهوات
والوساوس لا من غلب الناس بلسانه
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا هناد بن
السري قال حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي حازم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد
من غلب إنما الشديد من غلب نفسه
\ 716 \
493

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الاحتراز
من النار مجانبة الشهوات في الدنيا
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو نصر
التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفت
الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات
\ 17 ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي بالب قال
أخبرنا أحمد بن منيع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن
أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفت النار
بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره
\ 718 \
494

باب الورع والتوكل
ذكر الخبر الدال على أن للمرء استعمال التورع في أسبابه
دون التعلق بالتأويل وإن كان له ذلك
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا
عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى رجل
من رجل عقارا فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة
ذهب فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك عني إنما
اشتريت منك أرضا ولم أبتع منك ذهبا وقال الذي باع
الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها قال فتحاكما إلى رجل
فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد فقال أحدهما غلام
وقال الآخر جارية فقال أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على
أنفسهما وتصدقا
\ 719 \
496

ذكر الإخبار عن وصف حالة من يتورع
عن الشبهات في الدنيا
أخبرنا محمد بن عمير بن يوسف حدثنا نصر بن علي
حدثنا يزيد بن زريع حدثنا بن عون عن الشعبي
عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهة وربما قال
متشابهة وسأضرب لكم في ذلك مثلا إن الله حمى حمى
وإن حمى الله محارمه وإنه من يرتع حول الحمى يوشك أن
يخالط الحمى وربما قال من يرتع حول الحمى يوشك أن
يرتوي إن من خالط الريبة يوشك أن يجسر
\ 720 \
497

ذكر الزجر عما يريب المرء من أسباب
هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا
أحمد بن الحسن الترمذي قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا
شعبة قال حدثنا بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء
السعدي قال
قلت للحسن بن علي حدثني بشئ حفظته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحدثك به أحد قال قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دع ما يريبك إلى ما لا يريبك قال
الخير طمأنينة والشر ريبة
498

وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بشئ من تمر الصدقة فأخذت تمرة
فألقيتها في في فأخذها بلعابها حتى أعادها في التمر فقيل له
يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة من هذا الصبي
فقال إنا آل محمد لا يحل لنا الصدقة
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء اللهم اهدنا
فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا
فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك
إنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت
\ 721 \
499

ذكر الخبر الدال على أن على المرء أن لا يعتاض
عن أسباب الآخرة بشئ من حطام هذه الدنيا
الفانية الزائلة عند حدوث حالة به
أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي حدثنا
بن فضيل حدثنا يونس بن عمرو عن أبي بردة
عن أبي موسى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه
فقال له ائتنا فأتاه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل
حاجتك قال ناقة نركبها وأعنز يحلبها أهلي فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل
قالوا يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل قال إن موسى
عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق
فقال ما هذا فقال علماؤهم إن يوسف عليه السلام
لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر
حتى ننقل عظامه معنا قال فمن يعلم موضع قبره قال
500

عجوز من بني إسرائيل عروبة إليها فأتته فقال دليني على قبر
يوسف قالت حتى تعطيني حكمي قال وما حكمك
قالت أكون معك في الجنة فكره أن يعطيها ذلك فأوحى الله
إليه أن أعطها حكمها فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع
مستنقع ماء فقالت انضبوا هذا الماء فأنضبوه فقالت
احتفروا فاحتفروا فاستخرجوا عظام يوسف فلما أقلوها إلى
الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار
\ 722 \
501

ذكر الإخبار بأن على المرء عند العدم النظر
إلى ما أدخر له من الأجر دون التلهف
على ما فاته من بغيته
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن
عبد الله بن نمير قال حدثنا المقرئ قال حدثنا حياة بن شريح
قال حدثني أبو هانئ حميد بن هانئ أن أبا علي الجنبي حدثه
أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في
الصلاة لما بهم من الحاجة وهم أصحاب الصفة حتى يقول
الأعراب إن هؤلاء لمجانين فإذا قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلاته قال لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا
فاقة وحاجة
قال فضالة وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ
\ 723 \
502

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الاتكال على
تفضل الله جل وفي أسباب دنياه
دون التأسف على ما فاته منها
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن
أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن
همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين الله
ملأى لا يغيضها نفقة سحاء صارت والنهار أرأيتم ما أنفق منذ
خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه واليد
الأخرى القبض يرفع ويخفض وعرشه على الماء
503

قال أبو حاتم رضي الله عنه هذه أخبار أطلقت من
هذا النوع توهم من لم يحكم صناعة العلم أن أصحاب
الحديث مشبهة عائذ بالله أن يخطر ذلك ببال أحد من
أصحاب الحديث ولكن أطلق هذه الأخبار بألفاظ التمثيل لصفاته على
حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون تكييف صفات الله جل
504

ربنا عن أن يشبه بشئ من المخلوقين أو يكيف بشئ من
صفاته إذ ليس كمثله شئ
\ 724 \ ذكر الخبر الدال على إيجاب الجنة لمن توكل
على الله تعالى في جميع أسبابه
أخبرنا محمد بن جعفر بن الأشعث بسمرقند ويعقوب بن
يوسف ببخارى قالا حدثنا محمد بن عيسى بن حيان حدثنا شعيب بن
حرب عن عثمان بن حكى عن سعيد بن أبي سعيد
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت أمة
الجنة اهجروهن وقضيضها كانوا لا يكتوون ولا يسترقون وعلى
ربهم يتوكلون
\ 725 ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تسليم
الأشياء إلى بارئه جل وعلا
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير
العبدي عن سفيان عن أبي سنان عن وهب بن خالد عن بن
الديلمي قال
505

أتيت أبي بن كعب فقلت له وقع في نفسي شئ من
القدر فحدثني بشئ لعله أن يذهب من قلبي فقال إن الله
لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم غير ظالم لهم
ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل
أحد في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم
أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطئك لم يكن
ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار
قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل قوله ثم أتيت
حذيفة بن وابنه فقال مثل قوله ثم أتيت زيد بن ثابت
فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
\ 726 \
506

ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من السكون تحت
الحكم وقلة الاضطراب عند ورود ضد المراد
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا نوح بن
حبيب قال حدثنا حفص بن الصالح عن عاصم الأحول عن ثعلبة بن
عاصم
عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم عجبت للمؤمن
لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له
\ 727 \
507

ذكر البيان بأن المرء وإن كان مجدا في الطاعات
إذا وردت عليه حالة الضيق والمنع يجب أن يستوي
قلبه عندها مع حالة الوسع والإعطاء
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الوليد بن شجاع حدثنا
علي بن مسهر حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
عن عائش قالت لقد كان آل محمد صلى الله عليه وسلم يرون ثلاثة أشهر
ما يستوقدون فيه بنار ما هو إلا الماء والتمر وكان حولنا أهل
دور من الأنصار لهم دواجن في حوائطهم فكان أهل كل دار
يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزير شاتهم فكان
لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اللبن
\ 728 \
508

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قطع القلب عن
الخلائق بجميع العلائق في أحواله وأسبابه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا المقرئ عن حياة بن شريح عن بكر بن عمرو عن
عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني
عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لو توكلون على الله حق توكله لرزقكم الله كما يرزق الطير
تغدو خماصا وتعود بطانا
\ 729 \
509

ذكر الإخبار بأن المرء يجب عليه مع توكل القلب
الاحتراز بالأعضاء ضد قول من كرهه
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن
عمار قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا يعقوب بن عبد الله
عن جعفر بن عمرو بن أمية
عن أبيه قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أرسل ناقتي وأتوكل
قال اعقلها وتوكل
510

قال أبو حاتم رضي الله عنه يعقوب هذا
هو يعقوب بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري من
أهل الحجاز مشهور مأمون
بعونه تعالى وتوفيقه تم طبع الجزء الثاني من
الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان
ويليه الجزء الثالث وأوله
باب
قراءة القرآن
511