الكتاب: صحيح ابن حبان
المؤلف: ابن حبان
الجزء: ٨
الوفاة: ٣٥٤
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة
ردمك:
ملاحظات:

صحيح ابن حبان
بترتيب
ابن بلبان 8
1

جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الثانية
1414 ه‍ - 1993 م
طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
مؤسسة الرسول بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة
هاتف 603243 - 815112 - ص. ب 7460 برقيا بيوشران
2

صحيح ابن حيان
بترتيب
ابن بلبان
تأليف
الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
المتوفي سنة 739 ه‍
المجلد الثامن
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
شعيب الأرنؤوط
مؤسسة الرسالة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

كتاب الزكاة
باب جمع المال
من حله وما يتعلق بذلك ذكر باب جمع المال
ذكر الزجر عن أن يوعي المرء بعض ماله
إذا الله جل وعلا يوعي على من جمع ماله فأوعى
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبيد بن
إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن عباد بن
عبد الله بن الزبير وفاطمة بنت المنذر عن
أسماء بنت أبي بكر وكانت إذا أنفقت شيئا تحصي
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا
توعي فيوعي الله عليك
5

ذكر الإباحة للرجل الذي
يجمع المال من حله إذا قام بحقوقه فيه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن
علي قال أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا موسى بن علي قال
سمعت أبي
أنه سمع عمرو بن العاص يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عمرو نعم المال الصالح مع الرجل الصالح
6

قال أبو حاتم سمع هذا الخبر علي بن رباح عن
عمرو بن العاص وسمعه من أبي القيس بدل عمرو عن
عمرو فالطريقان جميعا محفوظان
ذكر الإخبار عن إباحة جمع
المال من حله إذا أدى حق الله منه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا وكيع عن موسى بن علي عن أبيه قال
سمعت عمرو بن العاص يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عمرو اشدد عليك سلاحك وثيابك قال ففعلت ثم أتيته
فوجدته يتوضأ فرفع رأسه فصعد في النظر وصوبه قال
يا عمرو إني أريد أن أبعثك وجها فيسلمك الله ويغنمك
وأزعب لك من المال زعبة صالحة قال قلت يا رسول الله لم
أسلم رغبة في المال إنما أسلمت رغبة في الجهاد والكينونة
معك قال يا عمرو نعما بالمال الصالح مع الرجل
الصالح
7

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة
الحديث أن جمع المال من حله غير جائز
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد النرسي
حدثنا يزيد بن زريع حدثنا محمد بن عمرو حدثني أبو سلمة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي مات
فيه يا عائشة ما فعلت الذهب قالت قلت هي عندي
قال فأتيني بها وهي بين السبعة والخمسة فجئت فوضعتها
في كفه ثم قال ما ظن محمد بالله لو لقي الله وهذه عنده
أنفقيها
8

ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس
أنه مضاد لخبر أبي سلمة الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن
سعيد حدثنا بكر بن مضر عن موسى بن جبير
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال دخلت أنا
وعروة بن الزبير على عائشة فقالت لو رأيتما نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات
يوم في مرض له وكانت له عندي ستة دنانير أو سبعة قالت
فأمرني أن أفرقها فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله
قالت ثم سألني عنها فقلت لا والله قد كان شغلني وجعك
قالت فدعا بها فوضعها في كفه ثم قال ما
ظن نبي الله لو
لقي الله وهو عنده
ذكر العلة التي من أجلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول
أخبرنا سليمان بن الحسين بن المنهال الضرير حدثنا
هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة قال
سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال ما
يسرني أن أحدا لي ذهبا يأتي علي ثلاث وعندي منه دينار غير
9

شئ أرصده في دين علي
ذكر الإخبار عن الشرائط
التي إذا أخذ المرء المال بها بورك له
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا تميم بن المنتصر
قال حدثنا إسحاق الأزرق عن شريك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا خضرة حلوة
فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من
غير شره نفس بورك له فيه ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب
نفس منا وحسن طعمة منه وإشراف نفس كان غير مبارك له
فيه
10

ذكر البيان بأن المرء إذا أخرج حق الله
من ماله ليس عليه غير ذلك إلا أن يكون متطوعا به
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت عمرو بن الحارث يقول
حدثني دراج أبو السمح عن بن حجيرة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أديت زكاة
مالك فقد قضيت ما عليك فيه ومن جمع مالا حراما ثم
تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة
الحديث أنه مضاد لخبر أبي هريرة الذي ذكرناه
أخبرنا الفريابي
قال حدثنا علي بن حجر السعدي قال
حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص
11

عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن
الآخرون والأولون يوم القيامة وإن الأكثرين هم الأسفلون إلا
من قال هكذا وهكذا عن يمينه وعن يساره ومن خلفه وبين يديه
ويحثي بثوبه
ذكر الزجر عن أن يكون المرء عبد الدينار والدرهم
أخبرنا أبو يعلى بالموصل حدثنا الحسن بن حماد
سجادة حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعس عبد
الدينار وعبد الدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة إن
أعطي رضي وإن منع سخط
12

ذكر البيان بأن حب المرء المال والعمر مركب
في البشر عصمنا الله من حبهما إلا لما يقربنا إليه منهما
أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال حدثنا أبو
كريب قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني فليح بن سليمان
قال حدثني هلال بن علي بن أسامة عن عطاء بن يسار
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب بن آدم
شاب على حب اثنتين المريض العمر والمال
13

ذكر البيان بأن الله جل وعلا
جعل الأموال حلوة خضرة لأولاد آدم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن بن
شهاب أن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب حدثاه
أن حكيم بن حزام قال
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألت
فأعطاني ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حكيم بن حزام إن هذا
المال حلوة خضرة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن
أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي
يأكل ولا
يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى قال حكيم فقلت
يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى
أفارق الدنيا
قال عروة وسعيد فكان أبو بكر يدعو حكيما فيعطيه العطاء
فيأبى ثم كان عمر بن الخطاب يعطيه فيأبى فيقول عمر إني
أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم بن حزام أني أعرض
عليه حقه الذي قسم له من هذا الفئ فيأبى يأخذه قال فلم
يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي
14

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من
حفظ نفسه عن الدنيا وآفاتها عند انبساطه في الأموال
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا بندار قال حدثنا محمد
قال حدثنا شعبة عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة
15

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدنيا
خضرة حلوة وإن الله سيخلفكم فيها لينظر كيف تعملون فاتقوا
الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت
النساء
ذكر تخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته
من التكاثر في الأموال والتعمد في الأفعال
أخبرنا أبو عروبة حدثنا علي بن ميمون العطار حدثنا
خالد بن حيان عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم
عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أخشى عليكم بعدي
16

الفقر ولكني أخشى عليكم التكاثر وما أخشى عليكم الخطأ
ولكني أخشى عليكم العمد
ذكر البيان بأن المال
قد يكون فيه فتنة هذه الأمة
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا إبراهيم بن أبي
داود البرلسي حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا الليث بن سعد
عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه
عن كعب بن عياض قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال
17

ذكر الإخبار بأن التنافس في هذه الدنيا
الفانية مما كان يتخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته منه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن
يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه
سمع عقبة بن عامر الجهني يقول آخر ما خطب لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهداء أحد ثم رقي المنبر فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال إني لكم فرط وأنا عليكم شهيد
وأنا أنظر إلى حوضي الآن في مقامي هذا وإني والله ما أخاف
أن تشركوا بعدي ولكني أريت أني أعطيت مفاتيح خزائن
الأرض فأخاف عليكم أن تنافسوا فيها
18

ذكر تخوف المصطفى صلى الله عليه وسلم على أمته زينة الدنيا وزهرتها
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا
يزيد بن هارون أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن
هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله من زينة الدنيا
وزهرتها فقال له رجل يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر
فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا أنه ينزل عليه فقيل له ما
شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك فسري عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل
يمسح عنه الرحضاء وقال أين السائل
ورأينا أنه حمده فقال إن الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت
19

الربيع يقتل أو يلم حبطا ألم تر إلى آكلة الخضر أكلت حتى
امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم
رتعت وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحب المسلم هو إن
وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ومثل الذي يأخذه بغير
حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم
القيامة
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال أخبرنا
عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن عياض بن
عبد الله بن سعد
أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فخطب الناس فقال لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما
يخرج الله لكم من زهرة الدنيا فقال رجل يا رسول الله صلى الله
أيأتي الخير بالشر فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال كيف
20

قلت قال قلت يا رسول الله وهل يأتي الخير بالشر فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخير لا يأتي إلا بخير ولكن هو أن كل
ما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكله الخضر أكلت حتى إذا
امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ثم
اجترت فعادت فأكلت فمن أخذ مالا بحقه يبارك له ومن أخذ
مالا بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع
ذكر وصف المال الذي يأخذه المرء بحقه
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي
كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
الناس فقال إن مما أتخوف عليكم ما يفتح عليكم من زهرة
الدنيا وزينتها فقام رجل فقال يا رسول الله ويأتي الخير
بالشر قال أبو سعيد فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه فلمنا
22

الرجل حين يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمه فلما جلي عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمسح الرحضاء عن وجهه وهو يقول
أين السائل فكأنه قد حمده فقال إن الخير لا يأتي بالشر
وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت
حتى إذا هي امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت
وبالت وإن هذا المال نعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه
فأعطى منه اليتيم والمسكين والسائل ومن أخذه بغير حقه كان
كالذي يأكل ولا يشبع ثم يكون عليه شهيدا يوم القيامة
23

باب
ما جاء في الحرص وما يتعلق به
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة
الحرص على المال والشرف إذ هما مفسدان لدينه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا مجاهد بن موسى
المخرمي قال حدثنا إسحاق الأزرق قال حدثنا زكريا بن أبي
زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن بن كعب بن
مالك
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان أرسلا
في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف
لدينه
24

ذكر البيان بأن المرء كلما كان سنه أكبر
كان حرصه على الدنيا أكثر إلا من عصمهم الله منهم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا خلف بن
هشام البزار وسعيد بن الربيع ومحمد بن عبيد بن حساب
وعبد الواحد بن الصالح قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يهرم بن آدم فيه
اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر
ذكر الإخبار عما ركب الله جل وعلا في ذوي
الأسنان من كثرة الحرص على هذه الفانية الزائلة
أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا بن
إدريس عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
25

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب الكبير شاب
على حب اثنتين على حب الحياة وحب المال
قال بن عرفة وأنا واحد منهم
ذكر الإخبار عما ركب الله جل وعلا في أولاد آدم
من الحرص في هذه الدنيا وإن كانت قذرة زائلة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
الحجاج بن محمد عن بن جريج قال
سمعت عطاء يقول سمعت بن عباس يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو أن
لابن آدم ملء وادي مال لأحب أن يكون له مثله ولا يملأ
نفس بن آدم إلا التراب والله يتوب على من تاب
26

ذكر البيان بأن حكم النخل
حكم المال في هذا الذي وصفناه
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا عمرو بن علي بن
بحر قال حدثنا بن فضيل عن الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن لابن آدم
واديين من نخل لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف بن آدم إلا
التراب ويتوب الله على من تاب
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
شعيب الحراني قال حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان لابن
آدم واد من نخل
لتمني إليه مثله ولا يملأ جوف بن آدم
إلا التراب
27

لم يحدث عن أحمد بن أبي شعيب إلا عمر بن سعيد بن
سنان تفرد الأعمش بقوله من نخل قاله الشيخ
ذكر البيان أن أولاد آدم إلا من عصم الله منهم حكمهم
في ما وصفناه في سائر الأموال كحكمهم في النخل الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد بن مسلم قال حدثنا
حجاج عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه
سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو
أن لابن آدم واديا مالا لأحب أن له مثله ولا يملأ نفس بن آدم
إلا التراب ويتوب الله على من تاب
ذكر البيان بأن من أوتي الوادي من
الذهب كان حكمه فيه حكم من وصفنا قبل
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن
وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب
عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لو أن
28

لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واد آخر ولا يملأ فاه
إلا التراب والله يتوب على من تاب
ذكر البيان بأن حكم المرء فيما وصفنا وإن
كان له واديان حكم واد واحد في الاستزادة عليهما
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عاصم بن النضر
الأحول قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي قال حدثنا
قتادة
عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو كان لابن آدم
واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف بن آدم إلا
التراب ثم يتوب الله على من تاب
29

ذكر البيان بأن قوله لو كان لابن آدم
واديان من ذهب لابتغى إليهما الثالث
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن يزيد بن الأصم
عن بن عباس قال جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر
إلى رأسه مرة وإلى رجليه أخرى لما يرى به من البؤس فقال له
عمر كم مالك قال أربعون من الإبل قال فقال بن عباس
فقلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب
لابتغى إليهما الثالث ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب
الله على من تاب قال فقال لي عمر ما تقول قال قلت هكذا
أقرأنيها أبي بن كعب قال فقم بنا إليه قال فأتاه فقال ما يقول
هذا قال أبي هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
30

ذكر الإخبار عما يجب على المرء
من قلة الجد في طلب رزقه بما لا يحل
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست والحسن بن
سفيان الشيباني بن سالم ومحمد بن العباس المزني بجرجان وعمر بن
محمد بن بحر الهمداني بصغد ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة
بصيدا ومحمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان وعبد الله بن سلم
ببيت المقدس وعمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج والحسين بن
عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض
بدمشق في آخرين قالوا حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال حدثنا
الوليد بن مسلم عن بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي
المهاجر عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرزق
ليطلب العبد كما يطلبه أجله
31

ذكر الزجر عن استبطاء
المرء رزقه مع ترك الإجمال في طلبه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي
هلال عن محمد بن المنكدر
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستبطئوا
الرزق فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا
في الطلب أخذ الحلال وترك الحرام
32

ذكر العلة التي من أجلها أمر بالإجمال في الطلب
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا
أبو عوانة عن الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن
شرحبيل
عن بن عمر قال جاء سائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تمرة
عائرة فأعطاه إياها وقال النبي صلى الله عليه وسلم خذها لو لم تأتها
لأتتك
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك استبطاء رزقه
مع إجمال الطلب له بترك الحرام والإقبال على الحلال
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال
حدثنا الوليد بن شجاع السكوني قال حدثنا بن وهب قال حدثنا
عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن محمد بن المنكدر
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستبطئوا الرزق فإنه
33

لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا في
الطلب في الحلال وترك الحرام
ذكر الإخبار عما يجب على
المرء من ترك التنافس على طلب رزقه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سلام بن شرحبيل قال
سمعت حبة وسواء مشهور خالد يقولان أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يعمل وأشار يبني بناء فلما فرغ دعانا فقال لا تنافسا في
الرزق ما هزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه وهو أحمر ليس
عليه قشر ثم يعطيه الله ويرزقه
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة
الحديث أنه مضاد للخبر الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا
34

أبو معاوية الضرير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم قال
أتينا خبابا نعوده فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن
الرجل ليؤجر في نفقته كلها إلا في هذا التراب
قال أبو حاتم رضي الله عنه معنى هذا الخبر لا يؤجر
إذا أنفق في التراب فضلا عما يحتاج إليه من البناء
ذكر الإخبار عما يخلف المرء بعده من ماله
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أمية بن بسطام
قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن العلاء عن
أبيه
35

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد
مالي وإنما له من ماله ثلاثة ما أكل فأفنى أو ما أعطى فأبقى
أو لبس فأبلى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس
36

باب
فضل الزكاة
ذكر إيجاب الجنة لمن آتي
الزكاة مع إقامة الصلاة وصلته الرحم
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا
شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة
عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
حدثني بعمل يدخلني الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعبد الله لا
تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم
ذرها يعني الناقة
ذكر البيان بأن شعبة سمع هذا الخبر
من عثمان بن عبد الله بن موهب وأبيه جميعا
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا حفص بن عمرو
الربالي حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة قال حدثني محمد بن
37

عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان أنهما سمعا موسى بن طلحة
يحدث
عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلا قال يا نبي الله أخبرني
بعمل يدخلني الجنة فقال القوم ماله ماله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أرب ماله قال رسول الله تعبد الله لا تشرك
به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ذرها قال
كأنه كان على راحلته
38

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن
آتي الزكاة مع سائر الفرائض وكان مجتنبا للكبائر
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن
هلال التميمي بالموصل حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا
فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة حدثنا عبد الله بن سلمان
الأغر عن أبيه
عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يعبد
الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم
رمضان ويجتنب الكبائر إلا دخل الجنة
39

قال أبو حاتم لسلمان الأغر ابنان أحدهما عبد الله
والآخر عبيد الله وجميعا حدثا عن أبيهما وهذا عبد الله
ذكر نفي النقص عن
المال بالصدقة مع إثبات نمائه بها
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا موسى بن إسماعيل
حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من
مال ولا زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ولا تواضع أحد لله إلا
رفعه الله
40

ذكر استيفاء المرء النصارى الجزيل
في العقبي بإعطائه صدقة ماشيته في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد
الليثي
عن أبي سعيد الخدري أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الهجرة فقال ويحك إن شأن الهجرة شديد فهل لك من
إبل قال نعم قال فهل تؤدي صدقتها قال نعم
قال فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك
شيئا
41

باب
الوعيد لمانع الزكاة
ذكر الزجر عن استعمال الشح
في فرائض الله والجبن في قتال أعداء الله جل وعلا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا المقرئ قال حدثنا موسى بن علي قال
سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان
قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شر ما
في الرجل شح هالع وجبن خالع
42

ذكر نفي اجتماع الإيمان والشح عن قلب المسلم
أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا عبد
الحميد بن بيان السكري حدثنا خالد بن عبد الله عن سهيل بن أبي
صالح عن صفوان بن أبي يزيد عن القعقاع بن اللجلاج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع غبار
في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد ولا يجتمع الشح
والإيمان في قلب عبد أبدا
43

ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم الممتنع
عن عطاء الصدقة والمرتد أعرابيا بعد الهجرة
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير
العبدي قال أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن
مرة عن الحارث بن عبد الله
أن بن مسعود قال آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهداه إذا
علموا به والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة
والمرتد أعرابيا بعد هجرته ملعونون على اختلفوا محمد صلى الله عليه وسلم يوم
القيامة
ذكر وصف عقوبة
من لم يؤد زكاة ماله في القيامة
أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا زياد بن
44

يحيى الحساني قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن
القاسم قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد له مال
لا يؤدي زكاته إلا جمع الله له يوم القيامة يحمى عليه صفائح من
نار جهنم يكوى بها جبينه وظهره حتى يقضي الله بين عباده في
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما
إلى جنة وإما إلى نار وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا
بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت تسير عليه كلما مضى عليه
45

أخراها ردت عليه أولاها
حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان
مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى
نار وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر
كأوفر ما كانت فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها
عقصاء ولا جلحاء كلما مضت عليه أخراها ردت عليه أولاها
حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار
ذكر الإخبار عن وصف ما يعذب
به في القيامة من لم يخرج حق الله من ماله
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
46

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي المال
الذي لم يعط الحق منها فتطأ الإبل سيدها بأخفافها ويأتي
البقر والغنم فتطأ المؤلف بأظلافها وتنطحه بقرونها ويأتي الكنز
شجاعا أقرع فيلقى صاحبه فيفر منه ثم يستقبله ويفر منه
فيقول ما لي وما لك فيقول أنا كنزك أنا كنزك فيتلقاه
صاحبه بيده فيلقم يده
ذكر الإخبار عن وصف الذي تطأ به ذوات
الأرواح أربابها في القيامة إذا لم يخرج حق الله منها
أخبرنا عبد الله بن محمد المديني قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا بن جريج قال
أخبرني أبو الزبير
47

أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما من صاحب إبل لا يفعل فيها خيرا إلا جاءت يوم
القيامة أكثر ما كانت وأقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها
يأفكه ولا صاحب بقر إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت
وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها
وتطؤه بأظلافها ليس فيها
جماء ولا مكسر قرنها ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء
كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرا فاه فإذا أتاه فر منه
فيناديه ربه كنزك الذي خبأته فإذا رأى أن لا بد له منه سلك
يده في فيه فيقضمها قضم الفحل
ذكر البيان بأن الخير والحق اللذين ذكرناهما
في خبر أريد بهما الزكاة الفرضية دون التطوع
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
رافع قال حدثنا مصعب بن المقدام قال حدثنا داود الطائي عن
الأعمش عن المعرور بن سويد
48

عن أبي ذر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا
يموت رجل فيدع إبلا أو بقرا أو غنما لم يؤد زكاتها إلا مثلت له
يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه
بأخفافها كلما ذهب أخراها رجع أولاها كذلك حتى يقضي الله
بين الناس
ذكر وصف عقوبة من خلف كنزا في القيامة
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أمية بن بسطام قال
حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن
سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة
عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ترك بعده كنزا مثل
له شجاعا أقرع يوم القيامة له زبيبتان يتبعه فيقول من أنت
فيقول أنا كنزك الذي خلفت بعدك فلا يزال يتبعه حتى يلقمه
يده فيقضمها ثم يتبعه سائر جسده
49

ذكر البيان بأن من
خلف كنزا يتعوذ منه يوم القيامة
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان حدثنا عيسى بن حماد
قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي
صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يكون كنز أحدكم
يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه وهو يتعوذ منه فلا يزال يتبعه
حتى يلقمه أصبعه
50

ذكر وصف عقوبة
الكنازين في نار جهنم نعوذ بالله منها
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا مؤمل بن
هشام قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن الجريري عن
أبي العلاء
عن الأحنف بن قيس قال قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة
وفيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد
أخشن الوجه فقام عليهم فقال بشر الكنازين برضف يحمى عليهم
في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج
من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة
ثديه فوضعوا رؤوسهم فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا
قال وأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت ما رأيت هؤلاء
إلا كرهوا ما قلت لهم قال إن هؤلاء لا يعقلون إن خليلي أبا
القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فقال يا أبا ذر فأجبته قال أترى
أحدا قال فنظرت ما علي من الشمس وأنا أظنه يبعثني
لحاجة له فقلت أراه فقال ما يسرني أن لي مثله ذهبا أنفقته
كله غير ثلاثة دنانير ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئا
قال قلت ما لك يهددهم قريش قال لا وربك لا أسألهم
دنيا ولا أستفتيهم في ديني حتى ألحق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
51

ذكر البيان بأن قول أبي ذر هذا
سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقله من تلقاء نفسه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا
أبو الأشهب قال حدثنا خليد العصري
عن الأحنف بن قيس قال كنت في نفر من قريش فمر
أبو ذر وهو يقول بشر الكنازين في ظهورهم بكي يخرج من
جنوبهم وبكي من قبل قفاهم يخرج من جباههم ثم تنحى
فقعد فقلت من هذا قالوا أبو ذر فقمت إليه فقلت ما
شئ سمعتك تقوله معي قال ما قلت إلا شيئا سمعته من
نبيهم صلى الله عليه وسلم قال قلت فما تقول في هذا العطاء قال خذه
فإن فيه اليوم معونة فإذا كان ثمنا لدينك فدعه
52

ذكر الخبر الدال على أن العقوبات التي تقدم
ذكرنا لها هي على من لم يؤد زكاته من ماله دون من زكاها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا القعنبي
قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي المال
الذي لا يعطي فيه الحق تطأ الإبل سيدها بأخفافها ويأتي
البقر والغنم فتطأ المؤلف بأظلافها وتنطحه بقرونها ويأتي الكنز
شجاعا أقرع فيلقى صاحبه فيفر منه صاحبه ثم يستقبله ويفر
منه ويقول ما لي ولك فيقول أنا كنزك فيلقم يده
ذكر الخبر المصرح بأن الكنز الذي يستوجب
صاحبه المكتنز العقوبة من الله جل وعلا في أخراه هو المال
الذي لم يؤد زكاته وإن كان ظاهرا دون ما أدى زكاته وإن كان مدفونا
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه
عن طلحة بن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من
أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى
دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس
53

صلوات في اليوم والليلة قال هل علي غيرها قال
لا إلا
أن تطوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام شهر رمضان
فقال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له
رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال هل علي غيرها قال لا إلا أن
تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا
أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن النار
تجب لمن مات وقد خلف الصفراء من هذه الدنيا الفانية الزائلة
أخبرنا إبراهيم بن علي بن عبد العزيز العمري بالموصل
حدثنا معلى بن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبي
وائل
عن عبد الله قال توفي رجل من أهل الصفة فوجدوا في
شملته دينارين فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال كيتان
ذكر خبر ثان يوهم مستمعيه أن لا يجب على
المسلم أن يموت ويخلف شيئا من هذه الدنيا لمن بعده
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد بن مسرهد عن يحيى
القطان عن يزيد بن أبي عبيد
54

عن سلمة بن الأكوع قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجنازة
فقالوا صل عليها يا رسول الله قال هل ترك عليه دينا قالوا
لا قال فهل ترك من شئ قالوا ثلاثة دنانير قال ثلاث
كيات ثم أتي بالثانية فقالوا يا نبي الله صل عليها قال هل
ترك من دين قالوا نعم قال فهل ترك من شئ قالوا
لا فقال رجل من الأنصار يقال له أبو قتادة يا رسول الله علي
دينه قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر الخبر الدال على أن قوله صلى الله عليه وسلم كيتان
وثلاث كيات أراد به أن المتوفى كان يسأل الناس إلحافا وتكثرا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا
55

فضيل بن سليمان حدثنا محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم
ذهبا إذ أتاه رجل فقال يا رسول أعطني فأعطاه ثم
قال زدني فزاده ثلاث مرات ثم ولى مدبرا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني الرجل فيسألني
فأعطيه ثم يسألني فأعطيه ثلاث مرات ثم ولى مدبرا وقد جعل في ثوبه نارا إذا
انقلب إلى أهله
56

باب
فرض الزكاة
ذكر تفصيل الصدقة التي تجب في ذوات الأربع
أخبرنا عمر بن محمد بن بجير البجيري وإسحاق بن
إبراهيم ببست قالا حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا
حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة قال
حدثني أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق لما استخلف كتب
له حين وجهه إلى اليمن هذا الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسوله فمن
سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا
يعطها
في أربعة وعشرين من الإبل فما دونها الغنم في كل
خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين
ففيها ابنة مخاض فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر
فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون
فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فإذا
57

بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا
بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت
أحدى وتسعين إلى عشرين ومئة ففيها حقتان طروقتا الجمل
فإذا زادت على عشرين ومئة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل
خمسين حقة
وإن من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده
جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها
شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة
وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه
المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته الحقة
وليست عنده إلا ابنة لبون فإنها تقبل منه ويعطي شاتين أو
عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده إلا
حقه فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو
شاتين ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده فإنها تقبل منه
ابنة مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت
صدقته ابنة مخاض وليست عنده وعنده ابنة لبون فإنها تقبل
منه ابنة لبون ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن لم
يكن عنده ابنة مخاض وعنده بن لبون فإنه يقبل منه وليس معه
شئ
ومن لم يكن معه إلا أربعة من الإبل فليس فيها صدقة إلا
أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة
58

وصدقة الغنم في كل سائمتها إذا كانت أربعين إلى
عشرين ومئة شاة فإذا زادت على عشرين ومئة إلى أن تبلغ
مئتين ففيها شاتان فإن زادت على المئتين إلى ثلاث مائة ففيها
ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة ولا
يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا
أن يشاء المصدق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع
خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما
بالسوية
وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة
فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر فإذا
لم يكن مال إلا تسعين ومئة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء
ربها
59

ذكر الزجر عن أن يجلب المصدق ماشية أهلها عن
مياههم إلى الموضع الذي يريد عنده أخذ الصدقة فيها منهم
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال
حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن
61

عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا جلب ولا
جنب ولا شغار ومن انتهت نهبة فليس منا
ذكر الإخبار المفسرة لقوله جل وعلا
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع والحسن بن سفيان
قالا حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن
عبيد الله بن عمر وأيوب عن عمرو بن يحيى عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة
62

ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا الخبر يبين بأن المراد من
قوله خذ من أموالهم صدقة تطهرهم أراد
به بعض المال إذا اسم المال واقع على ما دون الخمس من
الذود والخمس من الأواق والخمس من الأوسق وقد
نفى صلى الله عليه وسلم إيجاب الصدقة عن ما دون الذي حد
ذكر الإباحة للإمام أن يأخذ في الصدقة
فوق السن الواجب إذا طابت أنفس أربابها بها
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا
عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثني يونس بن بكير عن محمد بن
إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمارة بن عمرو بن حزم
63

عن أبي بن كعب قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم على صدقة بلي
وعذرة فمررت برجل من بلي له ثلاثون بعيرا فقلت له إن
عليك في إبلك هذه بنت مخاض قال ذاك ما ليس فيه ظهر
ولا لبن وإني لأكره أن أقرض الله شر مالكا فتخيره فقال له
أبي ما كنت لآخذ فوق ما عليك وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأته
فأتاه فقال نحوا مما قال لأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ما
عليك فإن جئت بفوقه قبلناه منك قال يا رسول الله هذه
ناقة عظيمة سمينة فمن يقبضها فأمر صلى الله عليه وسلم من يقبضها ودعا له
في ماله بالبركة
قال عمارة فضرب الدهر ضربة فولاني مروان صدقة بلي
وعذرة في زمن معاوية فمررت بهذا الرجل فصدقت ماله
ثلاثين حقة فيها فحلها على ألف وخمس مائة بعير
قال بن إسحاق قلت لعبد الله بن أبي بكر ما فحلها
قال في السنة إذا بلغ صدقة الرجل ثلاثون حقة أخذ معها
فحلها
ذكر الزجر عن أن يكون المرء مصدقا للأمراء
أخبرنا أبو يعلى حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي
حدثنا أبي حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع
64

عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا
وقال إياك يا سعد أن تجئ يوم القيامة ببعير له رغاء فقال لا
أجده ولا أجئ به فأعفاه
ذكر نفي إيجاب الصدقة
على المرء في رقيقه ودوابه
أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان أخبرنا علي بن
الجعد أخبرنا شعبة وعبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله بن دينار أنه
سمع سليمان بن يسار يحدث عن عراك بن مالك
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على المسلم في
فرسه ولا عبده صدقة
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
ولا عبده صدقة لم يرد به كل الصدقات
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي حدثنا
65

محمد بن إدريس حدثنا بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد حدثنا
جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صدقة على
الرجل في فرسه وعبده إلا زكاة الفطر
قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن العبد لا
يملك إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم أوجب زكاة الفطر التي تجب على العبد
على مالكه عنه دونه
66

ذكر الإباحة للإمام
ضمانه عن بعض رعيته صدقة ماله
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا
محمد بن مشكان قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء قال حدثنا أبو
الزناد قال حدثنا الأعرج
أنه سمع أبا هريرة يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن
الخطاب على الصدقة فمنع بن جميل وخالد بن الوليد
والعباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينقم بن جميل إلا أن كان
فقيرا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا لقد احتبس
أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو علي ومثلها ثم
قال أما شعرت أن عم الرجل صنو
الرجل أو صنو أبيه
67

قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم واما خالد فإنكم تظلمون خالدا
قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله يريد إنكم تظلمونه أنه
حبس ماله من الأدراع والأعتاد حتى لم يبق له مال تجب عليه
الصدقة
وقوله في شأن العباس هو علي ومثلها يريد أن صدقته
علي أني ضامن عنه ومثلها معها من صدقة ثانية من العام المقبل
68

وقد روى شعيب بن أبي حمزة هذا الخبر عن أبي الزناد
وقال في شأن العباس فهي عليه صدقة ومثلها معها ويشبه
أن يكون معناه فهي له صدقة لأن العرب في لغتها تقول
عليه بمعنى له قال الله أولئك لهم اللعنة ولهم سوء
الدار يريد عليهم اللعنة والعباس لم يحل له
أخذ الصدقة من وجهين أحدهما أنه كان غنيا لا يحل له أخذ
الصدقة الفريضة والأخرى أنه كان من صبية بني هاشم
فكيف يترك المصطفى صلى الله عليه وسلم صدقته عليه وهو لا يحل له أخذها
ويمنعها من أهلها من الفقراء وقد روى موسى بن عقبة عن أبي
الزناد هذا الخبر وقال في شأن العباس فهي له ومثلها معها
يريد فهي له علي كما قال ورقاء بن عمر في خبره
ذكر ما يستحب للإمام
أن يدعو للمخرج صدقة ماله بالخير
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا وكيع قال حدثنا شعبة عن عمرو بن
مرة
69

قال سمعت بن أبي أوفى يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أتاه رجل بصدقة ماله صلى عليه فأتيت بصدقة مالكا
فقال صلى الله عليه وسلم اللهم صل على آل أبي أوفى
70

باب
العشر
ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن فيما يخرج من الأرض العشر ذلك أو كثر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة وسفيان ومالك عن عمرو بن
يحيى بن عمارة عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما
دون خمسة أواق صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا
فيما دون خمس ذود صدقة
71

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
في قليل ما أخرجت الأرض العشر كما في كثيرها
أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا زياد بن
يحيى الحساني قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن
القاسم قال حدثنا عمرو بن يحيى المازني عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يحل في البر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق ولا يحل في
الورق زكاة حتى يبلغ خمس أواق ولا يحل في الإبل زكاة حتى
يبلغ خمس ذود
ذكر ما يجب فيه الصدقة
إذا بلغ الأوساق الخمسة التي وصفناها
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن
أمية عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في
72

حب ولا تمر دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس
ذود صدقة وليس فيما خمس أواق صدقة
ذكر ما يستحب للإمام بعث الخارص
إلى الأموال ليخرص على الناس نخلهم وعنبهم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن
صالح التمار عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من
يخرص كرومهم وثمارهم
73

ذكر الإخبار عما يعمل
الخارص في العنب كما يعمله في النخل
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
إبراهيم حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن
الزهري عن سعيد بن المسيب
عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الكرم يخرص
كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل
تمرا
74

ذكر الأمر للخارص أن يدع ثلث التمر أو ربعه
ليأكله أهله رطبا غير انظر فيما يأخذ منه العشر أو نصف العشر
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي
حدثنا شعبة أخبرنا خبيب بن عبد الرحمن قال سمعت عبد الرحمن بن
مسعود بن نيار يحدث قال
جاءنا سهل بن أبي حثمة إلى مسجدنا فحدثنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن
لم تدعوا الثلث فدعوا الربع
قال أبو حاتم لهذا الخبر معنيان أحدهما أن يترك
الثلث أو الربع من العشر والثاني أن يترك ذلك من نفس التمر
قبل أن يعشر إذا كان ذلك حائطا كبيرا يحتمله
ذكر الإخبار عن قدر ما تخرج
الأرض من الأشياء التي يجب فيها الزكاة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن منهال الضرير
75

حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم وسعيد جميعا عن
عمرو بن يحيى عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في
الفضة شئ حتى يبلغ خمس أواق وليس في التمر شئ حتى
يبلغ خمسة أوسق وليس في الإبل شئ حتى يبلغ خمسة من
الذود
ذكر الإخبار عن قدر الوسق الذي
تجب الزكاة في خمسة أمثاله إذا أخرجته الأرض
أخبرنا أبو يعلى حدثنا زكريا بن يحيى الواسطي حدثنا
هشيم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن يحيى الأنصاري
عن أبيه
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود
صدقة وليس فيما دون خمس أوسق صدقة والوسق ستون
صاعا
76

ذكر الإخبار بأن الصاع صاع
أهل المدينة دون ما حالا من الصيعان بعده
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا نصر بن علي
الجهضمي حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن حنظلة بن أبي
سفيان عن طاوس
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوزن وزن مكة
والمكيال مكيال أهل المدينة
77

ذكر الخبر الدال على أن الصاع خمسة أرطال وثلث
على ما قال أئمتنا من الحجازيين والمصريين
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
78

يحيى الذهلي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري قال بن خزيمة
وحدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي حدثنا أبو مروان العثماني حدثنا
عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له يا رسول الله
صاعنا أصغر الصيعان ومدنا أصغر الأمداد فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في قليلنا
وكثيرنا واجعل لنا مع البركة بركتين
قال أبو حاتم رضي الله عنه في ترك إنكار المصطفى صلى الله عليه وسلم
حيث قالوا صاعنا أصغر الصيعان بيان واضح أن صاع أهل
المدينة أصغر الصيعان
ولم يختلف أهل العلم من لدن
الصحابة إلى يومنا هذا في الصاع وقدره إلا ما قاله الحجازيون
والعراقيون فزعم الحجازيون أن الصاع خمسة أرطال وثلث
وقال العراقيون الصاع ثمانية أرطال فلما لم نجد بين أهل
العلم خلافا في قدر الصاع إلا ما وصفنا صح أن صاع النبي صلى الله عليه وسلم
79

كان خمسة أرطال وثلثا إذ هو أصغر الصيعان وبطل قول من
زعم أن الصاع ثمانية أرطال من غير دليل ثبت له على صحته
ذكر الحكم للمرء فيما أخرجت أرضه
مما سقتها السماء وما يشبهها أو سقي منها بالنضح
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب عن
سالم بن عبد الله
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت السماء والأنهار
والعيون أو ما كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف
العشر
80

ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن هذا الخبر تفرد به يونس عن الزهري
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر
الحزامي قال حدثنا عبد الله بن نافع عن عاصم بن عمر عن
عبد الله بن دينار
عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان بعلا أو يسقى بنهر
أو عثريا يؤخذ من كل عشرة واحد
ذكر البيان بأن الصدقة إنما تجب في الحبوب والتمر العشر
إذا كان سقيها بعد النضح والسانية ونصف العشر إذا كان بهما
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب
قال أخبرني يونس عن بن شهاب
عن سالم بن عبد الله بن عمر
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت السماء والنهار
والعيون العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر
81

ذكر الأمر للمرء أن يعلق من كل
حائط من حوائطه قنوا في المسجد للمساكين
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي بغداد
حدثنا يحيى بن معين حدثنا بن أبي مريم عن الدراوردي عن
عبيد الله وعبد الله أخيه كلاهما عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر للمسجد من كل حائط
بقنا
قال أبو حاتم عبد الله هذا هو عبد الله بن عمر بن
حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب من عباد أهل المدينة قد
غلب عليه التقشف والعبادة حتى كان يقلب الأخبار ولا يعلم
فلما كثر ذلك منه في أخباره بطل الاحتجاج بآثاره واعتمادنا في
هذا الخبر على أخيه عبيد الله دونه
ذكر البيان بأن المرء إنما أمر أن يعلق القنو
في المسجد من الحائط الذي يكون جداده عشرة أوسق
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هارون بن معروف
82

حدثنا محمد بن سلمة عن بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان
عن عمه واسع بن حبان
عن جابر بن عبد الله قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل
جداد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين
83

باب
مصارف الزكاة
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا
عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا أبو
حصين عن سالم بن أبي الجعد
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الصدقة لا تحل
لغني ولا لذي مرة سوي
84

ذكر الخبر الدال على نفي التوقيت في الغنى
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هارون بن
رئاب
عن كنانة العدوي قال كنت عند قبيصة بن المخارق
فاستعان به نفر من قومه في نكاح رجل من قومه فأبى أن
85

يعطيهم شيئا فانطلقوا من عنده قال كنانة فقلت له أنت سيد
قومك وأتوك يسألونك فلم تعطهم شيئا قال أما في هذا فلا
أعطي شيئا وسأخبرك عن ذلك تحملت بحمالة في قومي
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته وسألته أن يعينني فقال بل نحملها
عنك يا قبيصة ونؤديها إليهم من إبل الصدقة ثم قال إن
المسألة لا تحل إلا لثلاثة رجل تحمل بحمالة فقد حلت له
حتى يؤديها أو رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فقد حلت
له حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش أو رجل
أصابته فاقة فشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن حلت له
المسألة فقد حلت له حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من
عيش فالمسألة فيما سوى ذلك سحت
86

ذكر الزجر عن أكل
الصدقة المفروضة لآل محمد صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا يونس
مولى أبي هريرة حدثه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني أنقلب إلى
أهلي فأجد التمرة ساقطة ثم أرفعها لآكلها ثم أخشى أن
تكون صدقة فألقيها
87

أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا
يحيى القطان عن شعبة عن الحكم عن بن أبي رافع
عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا لا تحل لنا
الصدقة ومولى القوم من أنفسهم
88

ذكر السبب الذي من أجله قال صلى الله عليه وسلم هذا القول
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
حدثنا وكيع عن شعبة عن محمد بن زياد
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بتمر من تمر الصدقة
فتناول الحسن بن علي تمرة فلاكها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم
كخ كخ إنا لا تحل لنا الصدقة
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أدخل إصبعه
في في الحسن فأخرج التمرة منه بعدما لاكها
سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن
89

الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن
زياد يقول
سمعت أبا هريرة يقول أتى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم تمر من تمر
الصدقة فأخذ الحسن بن علي تمرة فلاكها فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم
إصبعيه في فيه فأخرجها وقال كخ أي بني أما علمت أنا لا
تحل لنا الصدقة
أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا عبد الله بن
معاوية حدثنا حماد بن سلمة حدثنا قتادة
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالتمرة ساقطة
فلا يمنعه من أخذها إلا مخافة الصدقة
90

ذكر الخبر الدال على أن أولاد المطلب
وأولاد هاشم يستوون في تحريم الصدقة عليهم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن الزهري قال
أخبرني سعيد بن المسيب
أن جبير بن مطعم أخبره أنه جاء هو وعثمان بن عفان
رسول الله يكلمانه فيما قسم من خمس خيبر لبني هاشم وبني
المطلب مشهور عبد مناف وقرابتهم مثل قرابتهم فقالا
يا رسول الله قسمت لإخواننا بني المطلب وبني هاشم مشهور
عبد مناف ولم تعطنا شيئا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن
هاشما والمطلب شئ واحد
قال جبير بن مطعم ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني عبد
شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا كما قسم لبني
هاشم وبني المطلب
91

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تحري
صدقة المستورين ومن لا يسأل دون السؤال منهم
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين
بالطواف من ترده الأكلة والأكلتان واللقمة واللقمتان والتمرة
والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى فيغنيه ولا يسأل
الناس إلحافا ويستحيي أن يسأل الناس إلحافا
92

باب
صدقة الفطر
ذكر الأمر بإعطاء صدقة
الفطر قبل خروج الناس إلى المصلى
أخبرنا محمد بن سليمان بن فارس الدلال حدثنا
محمد بن رافع حدثنا بن أبي فديك حدثنا الضحاك بن عثمان عن
نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر أن
تؤدى قبل خروج الناس وأن عبد الله كان يؤديها قبل ذلك
بيوم أو يومين
93

قال أبو حاتم كان بن عمر يعجل الزكاة قبل الفطر بيوم
أو يومين ويستقبل رمضان بصيام يوم أو يومين
ذكر الأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع شعير
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصدقة الفطر صاعا من
تمر أو صاعا من شعير
قال عبد الله بن عمر فجعل الناس عدله مدين من
حنطة
ذكر الخبر المقتصي للفظة المختصرة التي تقدم
ذكرنا لها بأن صدقة الفطر إنما تجب عن المسلمين دون غيرهم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن نافع
94

عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان
على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد
ذكر وأنثى من المسلمين
ذكر البيان بأن هذه اللفظة من المسلمين
لم يكن مالك بن أنس بالمنفرد بها دون غيره
أخبرنا محمد بن سلمان بن فارس النيسابوري قال
حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا بن أبي فديك قال حدثنا الضحاك
بن عثمان عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان
على كل نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير
أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير
95

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه قبل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا يحيى بن
محمد بن السكن قال حدثنا محمد بن جهضم قال حدثنا إسماعيل بن
جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه
عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا
من تمر أو صاعا من شعير على الحر والعبد والذكر والأنثى من
المسلمين وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة
ذكر خبر ثالث يبين صحة ما أومأنا إليه
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا بدمشق
وعمر بن محمد بن يوسف بن بجير الهمداني قالا حدثنا كثير بن عبيد
96

قال حدثنا أبو حياة شريح بن يزيد قال حدثنا أرطأة بن المنذر عن
المعلى بن إسماعيل المدني عن نافع
عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعا
من تمر أو صاعا من شعير عن كل صغير أو كبير حر أو
عبد
قال بن عمر ثم إن الناس جعلوا عدل ذلك مدين من
قمح
ذكر الإباحة للمرء
أن يخرج في زكاة الفطر صاع أقط
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي
97

شيبة قال حدثنا وكيع عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله
عن أبي سعيد الخدري قال كنا نخرج في صدقة الفطر
إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو
صاعا من شعير أو صاعا من أقط ولم نزل كذلك حتى قدم علينا
معاوية من الشام إلى المدينة قدمة فكان فيما كلم به الناس
ما أرى مدين من سمراء الشام إلا تعدل صاعا من هذه فأخذ
الناس بذلك
ذكر البيان بأن قول أبي سعيد
صاعا من طعام أراد به صاع حنطة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة فيما اتخبت عليه من
كتاب الكبير قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا بن
علية عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عبد الله بن
عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال
98

قال أبو سعيد الخدري وذكروا عنده صدقة رمضان فقال
لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر
أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط فقال له رجل من
القوم أو مدين من قمح فقال
لا تلك قيمة معاوية لا
أقبلها ولا أعمل بها
ذكر الإباحة للمرء
أن يخرج في صدقة الفطر صاع زبيب
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المقدمي قال حدثنا يحيى
القطان عن بن عجلان قال حدثني عياض
عن أبي سعيد الخدري قال لا أخرج أبدا إلا صاعا إنا
99

كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو صاع شعير أو
صاع زبيب أو صاع أقط يعني في صدقة الفطر
100

باب
صدقة التطوع
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد الطيالسي
حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال سمعت المنذر بن جرير يحدث
عن أبيه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم من صدر النهار فجاء قوم
حفاة عراة مجتابي النمار عليهم سيوف عامتهم من مضر بل
كلهم من مضر فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير لما رأى منهم
من الفاقه قال فدخل فأمر بلالا فأذن ثم أقام فخرج
فصلى ثم قال يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من
نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء
واتقوا الله الذي تساءلون
به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
... اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد
يتصدق امرؤ من ديناره ومن درهمه ومن ثوبه ومن
صاع بره ومن صاع شعيره حتى ذكر شق تمرة فجاء رجل من
الأنصار بصرة كادت تعجز كفاه بل قد عجزت ثم تتابع
الناس حتى رأيت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كومين من الثياب
والطعام فلقد رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل حتى كأنه مذهبة
ثم قال من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها من بعده كان له
101

أجرها وأجر من يعمل بها من بعده ومن سن سنة سيئة فعمل
بها من بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده
102

قال أبو حاتم هذا الخبر دال على أن قول الله جل
وعلا لا تزر وازرة وزر أخرى أراد به
بعض الأوزار لا الكل إذ أخبر المبين عن مراد الله جل وعلا في
كتابه أن من سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها من بعده
كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده فكأن الله جل وعلا
قال لا تزر وازرة وزر أخرى إلا ما أخبركم رسولي صلى الله عليه وسلم أنها
تزر والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك ولا خص عموم الخطاب
بهذا القول إلا من الله شهد الله له بذلك حيث قال وما
ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلم
ونظير هذا قوله جل وعلا واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن
لله خمسه فهذا خطاب على العموم كقوله
تعالى لا تزر وازرة أخرى ثم قال صلى الله عليه وسلم من قتل
قتيلا فله سلبه فأخبر صلى الله عليه وسلم أن السلب لا يخمس وأن القليل
يكون منفردا به فهذا تخصيص بيان لذلك العموم المطلق
ذكر إطفاء الصدقة غضب الرب جل وعلا
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة قالا حدثنا عقبة بن مكرم
حدثنا عبد الله بن عيسى حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن
103

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة
تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء
ذكر البيان بأن ظل
كل امرئ في القيامة يكون صدقته
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا
عبد الله بن المبارك أخبرنا حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبي حبيب
أن أبا الخير حدثه
أنه سمع عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس أو
قال حتى يحكم بين الناس
قال يزيد فكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه
بشئ ولو كعكة ولو بصلة
104

ذكر استحباب الاتقاء من
النار نعوذ بالله منها بالصدقة وإن قلت
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان
الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الله بن معقل
عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
استطاع أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل
ذكر البيان بأن صدقة الصحيح الشحيح الخائف الفقر
المؤمل المريض العمر أفضل من صدقة من لم يكن كذلك
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
105

عن أبي هريرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال
يا رسول الله أي الصدقة أعظم قال أن تصدق وأنت صحيح
شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت
الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق بالمتجنن للقتال
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر حدثنا عيسى بن
106

حماد حدثنا الليث بن سعد عن بن عجلان عن أبي الزناد عن
الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل المنفق
والبخيل كمثل رجلين عليهما جنتان من لدن تراقيهما إلى
ثدييهما فأما المنفق فإذا أراد أن ينفق مادت عليه واتسعت حتى
تبلغ قدميه وتعفو أثره وأما البخيل فإذا أراد أن ينفق أخذت كل
حلقة موضعها ولزمت فهو يريد أن يوسعها ولا تتسع فهو يريد
أن يوسعها ولا تتسع
107

ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق بطول اليد
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمود بن غيلان حدثنا
الفضل بن موسى حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة عن عائشة بنت
طلحة
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعكن بي
لحوقا أطولكن يدا قالت فكن يتطاولن أيهن أطول يدا
قالت فكان أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها
وتتصدق
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المتصدق الكثير بطول اليد
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني أخبرنا الحسن بن
مدرك السدوسي حدثنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن فراس
عن الشعبي عن مسروق قال
108

حدثتني عائشة أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده لم تغادر
منهن واحدة قالت فقلت يا رسول الله أيتنا أسرع بك لحوقا
فقال أطولكن يدا قال فأخذن قصبة يتذارعنها فماتت
سودة بنت زمعة وكانت كثيرة الصدقة فظننا أنه قال أطولكن
يدا بالصدقة
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الصدقة
في التربية كتربية الإنسان الفلو أو الفصيل
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا
عبد الله أخبرنا عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي
الحباب
109

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد مسلم
يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا
كان الله يأخذها بيمينه فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو
فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد
ذكر الخبر المدحض قول
من زعم أن هذا الخبر تفرد به أبو الحباب
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الصمد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني
عن القاسم بن محمد
عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله ليربي لأحدكم
111

التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل
أحد
ذكر الإخبار عن تضعيف الله جل وعلا
صدقة المرء المسلم ليوفر ثوابها عليه في القيامة
أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان
قال حدثنا أبي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن سعيد
عن أبي سعيد مولى المهري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم
ليتصدق بالتمرة إذا كانت من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب
فيجعلها الله في كفه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله
حتى تكون في يده جل وعلا مثل جبل
112

ذكر الخبر المدحض قول
من زعم أن هذا الخبر تفرد به سعيد المقبري
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا علي بن
شعيب قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا ورقاء عن بن عجلان عن
سعيد بن يسار أبي الحباب
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدق
بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن
الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها ما يربي أحدكم فلوه حتى
يكون مثل الجبل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عبيد بن جناد
الحلبي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن
زيد بن أبي أنيسة عن زيد بن رفيع عن حزام بن حكيم بن حزام
عن حكيم بن حزام قال خطب النبي صلى الله عليه وسلم النساء ذات
يوم فوعظهن وأمرهن بتقوى الله والطاعة لأزواجهن وقال إن
منكن من الخطبة الجنة وجمع بين أصابعه ومنكن حطب جهنم
وفرق بين أصابعه فقالت الماردة أو المرادية يا رسول الله
113

ولم ذلك قال تكفرن العشير وتكثرن اللعن وتسوفن
الخير
ذكر الأمر للرجال بالإكثار من الصدقة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هارون بن
معروف حدثنا أنس بن عياض حدثنا داود بن قيس أنه سمع
عياض بن عبد الله بن أبي سرح
أن أبا سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم
الفطر والأضحى فيصلي ركعتين ثم يسلم فينصرف إلى الناس
قائما في مصلاه ثم يجلس فيقبل عليهم ويقول للناس
تصدقوا فكان أكثر من يتصدق النساء بالقرط والتبر فإن كان
له حاجة يبعث على الناس وإلا انصرف
114

ذكر الأمر للنساء بالإكثار من الصدقة
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست حدثنا
محمد بن الوليد البسري حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أيوب عن
عطاء قال أشهد علي بن عباس
أن بن عباس شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في يوم
عيد ثم خطب ثم أتى النساء فأمرهن بالصدقة
ذكر العلة التي من أجلها
حث النساء على الإكثار من الصدقة
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن بشار حدثنا
محمد عن شعبة عن الحكم قال سمعت ذرا يحدث عن وائل بن
مهانة
عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنساء تصدقن
115

فإنكن أكثر أهل النار قالت امرأة ليست من علية النساء بم
أو لم قال إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير قال عبد الله
ما من ناقصات العقل والدين أغلب على الرجال ذوي الأمر على
أمرهم من النساء قيل وما نقصان عقلهما ودينها قال أما
نقصان عقلها فإن شهادة امرأتين بشهادة رجل وأما نقصان
دينها فإنه يأتي على إحداهن كذا وكذا من يوم لا تصلي فيه
صلاة واحدة
ذكر الأمر للمرء بإطعام الجياع
وفك الأسارى من أيدي أعداء الله الكفرة
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير العبدي
أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن أبي وائل
عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني
قال سفيان العاني الأسير
116

ذكر ما يستحب للإمام سؤال رعيته
الصدقة على الفقراء إذا علم الحاجة بهم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر بن
أبان قال حدثنا عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن
جبير
عن بن عباس قال خرجت أنا والحسن والحسين
وأسامة بن زيد يوم فطر وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى
فصلى بنا ثم خطب صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إن هذا يوم
صدقة فتصدقوا قال فجعل الرجل ينزع خاتمه والرجل ينزع
ثوبه وبلال يقبض حتى إذا لم ير أحدا يعطي شيئا تقدم إلى
النساء فقال يا معشر النساء إن هذا يوم صدقة فتصدقن
فجعلت المرأة تنزع خرصها وخاتمها وجعلت المرأة تنزع
خلخالها وبلال يقبض حتى إذا لم ير أحدا يعطي شيئا أقبل
بلال وأقبلنا
117

ذكر الخبر الدال على أن
المتصدقين في الدنيا هم الأفضلون في العقبي
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا جرير وعيسى بن يونس قالا حدثنا الأعمش عن
زيد بن وهب قال
أشهد بالله لسمعت أبا ذر بالربذة يقول كنت أمشي مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرة المدينة ممسيا فاستقبلنا أحد فقال
يا أبا ذر ما أحب أن لي أحدا ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار
إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا
يعني من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله
ثم قال
يا أبا ذر إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ثم قال لي
لا تبرح حتى آتيك فانطلق ثم جاء في سواد الليل
فسمعت صوتا فخشيت أن يكون ضرار رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهممت أن انطلق ثم ذكرت قوله فجلست حتى جاء فقلت
له إني أردت أن آتيك يا رسول الله ثم ذكرت قولك لي
وسمعت صوتا قال ذاك جبريل جاءني فأخبرني أن من مات
118

من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت وإن زنى وإن
سرق فقال وإن زنى وإن سرق
قال جرير قال الأعمش عن أبي صالح عن أبي الدرداء
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
قال أبو حاتم رضي الله عنه أضمر في هذا الخبر
شرطان أحدهما أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة إن
تفضل الله جل وعلا عليه بالعفو عن جناياته التي له في دار
الدنيا لأن المرء لا غلام من ارتكاب بعض ما حظر عليه في
الدنيا أضمر في الخبر هذا الشرط
والشرط الثاني من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة
يريد بعد تعذيبه إياه في النار
نعوذ بالله منها إن لم يتفضل عليه
119

بالعفو قبل ذلك لئلا يبقى في النار مع من أشرك به في الدنيا
فهذان الشرطان مضمران في هذا الخبر لا أن كل من
مات ولا يشرك بالله شيئا دخل الجنة لا محالة
ذكر البيان بأن المرء لا بقاء له من ماله إلا ما قدم
لنفسه لينتفع به يوم فقره وفاقته بارك الله لنا في ذلك اليوم
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسلم بن
إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن مطرف بن
عبد الله بن الشخير
120

عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر
قال يقول بن آدم مالكا مالكا وهل لك من مال إلا ما
أكلت فأفنيت أو لبست أو تصدقت فأمضيت
ذكر الإخبار عما يكون للمرء من ماله في أولاده وعقباه
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أمية بن بسطام حدثنا
يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن
أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد
مالي وإنما له من ماله ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق
فأمضى وما سواه فهو ذاهب وتاركه للناس
ذكر الإخبار عما يجب على المرء
من توقع الخلاف فيما قدم لنفسه وتوقع ضده إذا أمسك
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن
أبي شيبة قال حدثنا سلام بن مسكين قال حدثنا قتادة عن خليد بن
عبد الله العصري
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما طلعت شمس قط
إلا بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان من على الأرض غير الثقلين
أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولا
121

غربت إلا بجنبتيها ملكان يناديان اللهم أعط منفقا خلفا وأعط
ممسكا تلفا
ذكر الإخبار عما يستحب للمسلم
من نظرة لآخرته وتقديم ما قدر من هذه الدنيا لنفسه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا
جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال
قال عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم ماله أحب
إليه من مال وارثه قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله
أحب إليه من مال وارثه قال اعلموا ما تقولون قالوا ما
نعلم إلا ذاك يا رسول الله قال ما منكم رجل إلا مال وارثه
أحب إليه من ماله قالوا كيف يا رسول الله قال إنما مال
أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر
122

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من
تقديم ما يمكن من هذه الدنيا الفانية للآخرة الباقية
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال
حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا
عكرمة بن عمار قال حدثنا أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه
عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الأكثرين هم
الأسفلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من
ذكر الخبر الدال على أن من لم يتصدق هو البخيل
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد
الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل
123

والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان أو جنتان من حديد من
لدن ثديهما إلى تراقيهما فأما المنفق فكلما تصدق وحدث
نفسه ذهبت عن جلده حتى تعفو أثره وتجوز بنانة والبخيل كلما
أنفق شيئا وحدث به نفسه لزمته وعضت كل حلقة منها مكانها
فهو يوسعها ولا تتسع
ذكر دعاء الملك للمنفق بالخلف وللممسك بالتلف
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الصمد حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ملكا بباب
من أبواب الجنة يقول من يقرض اليوم يجز غدا وملك بباب
آخر يقول اللهم أعط منفقا خلفا واعط ممسكا تلفا
124

ذكر الاستحباب للمرء أن يتصدق في حياته بما قدر عليه من ماله
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
حدثنا بن أبي فديك حدثنا بن أبي ذئب عن شرحبيل
عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن يتصدق المرء في
حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق بمئة درهم عند
موته
ذكر الإخبار بأن صدقة المرء ماله في
حال صحته تكون أفضل من صدقته عند نزول المنية به
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال
يا رسول الله أي الصدقة أعظم قال أن تصدق وأنت صحيح
شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت
الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان
125

ذكر الإخبار عن وصف المتصدق
عند موته إذا كان مقصرا عن حالة مثله في حياته
أخبرنا محمد بن الحسين بن مرداس بالأبلة حدثنا
عبد الله بن سعيد الكندي حدثنا بن إدريس عن أبيه عن أبي
إسحاق عن أبي حبيبة الطائي
عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يتصدق عند
الموت مثل الذي يهدي بعدما يشبع
ذكر البيان بأن الصدقة على الأقرب
فالأقرب أفضل منها على الأبعد فالأبعد
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان البزاز بالفسطاط حدثنا
عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري
126

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه
تصدقوا فقال رجل يا رسول عندي دينار قال أنفقه
على نفسك قال إن عندي آخر قال أنفقه على زوجتك
قال إن عندي آخر قال أنفقه على ولدك قال إن عندي
آخر قال أنفقه على خادمك قال إن عندي آخر قال
أنت أبصر
ذكر الإباحة للمتصدق أن يخرج
اليسير من الصدقة على حسب جهده وطاقته
أخبرنا عمر بن محمد بن بجير الهمداني بالصغد قال
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا سعيد بن الربيع قال حدثنا شعبة
عن سليمان قال سمعت أبا وائل
عن أبي مسعود قال كنا نتحامل على ظهورنا فيجئ
الرجل بالشئ فيتصدق به فجاء رجل بنصف صاع وجاء
إنسان بشئ كثير فقالوا إن الله غني عن صدقة هذا وقالوا
هذا مراء فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في
127

الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم
ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر
بصدقته على أبويه ثم على قرابته ثم الأقرب فالأقرب
أخبرنا زيد بن عبد العزيز بن حبان أبو جابر بالموصل
قال حدثنا محمد بن يحيى بن فياض الزماني قال حدثنا الأنصاري
عن عزرة بن ثابت قال حدثنا أبو الزبير
عن جابر أن رجلا من بني عذرة أعتق مملوكا له عن دبر
منه عروبة إليه النبي صلى الله عليه وسلم فباعه ودفع إليه العجلي وقال ابدأ
بنفسك فتصدق عليها ثم على أبويك ثم على قرابتك ثم
هكذا ثم هكذا
128

ذكر الأمر للمتصدق
أن يؤثر بصدقته قرابته دون غيرهم
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
أنه سمع أنس بن مالك يقول كان أبو طلحة أكثر أنصاري
بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة
المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها
طيب قال أنس فلما نزلت هذه الآية لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون قام أبو طلحة إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن الله يقول في كتابه
لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي
بيرحاء فإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها
يا رسول الله حيث شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ ذاك مال
رابح بخ ذاك مال رابح وقد سمعت ما قلت فيها وإني أرى
129

أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله
فقسمهما أبو طلحة في أقاربه وبني عمه
ذكر البيان بأن على المرء إذا أراد الصدقة
بأنه يبدأ بالأدنى فالأدنى منه دون الأبعد فالأبعد عنه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أبو عمار
قال حدثنا الفضل بن موسى عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن
جامع بن شداد
130

عن طارق المحاربي قال قدمت المدينة فإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب الناس وهو يقول يد المعطي
العليا وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك
ذكر الأمر لمن أراد الصدقة
أو النفقة أن يبدأ بها بالأقرب فالأقرب
أخبرنا أحمد بن علان بأذنة قال حدثنا محمد بن يحيى
الزماني قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي الزبير
عن جابر أن رجلا يقال له أبو مذكور دبر غلاما له ولم يكن
له مال غيره وكان يقال للغلام يعقوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من عمي هذا فاشتراه رجل من بني عدي بن كعب بثمن
مائة درهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدكم محتاجا فليبدأ
131

بنفسه فإن كان له فضل فبأهله فإن كان له فضل فبأقربائه فإن
كان له فضل فها هنا
وها هنا وها هنا
ذكر البيان بأن الصدقة على الأقارب أفضل من العتاقة
أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني
عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن كريب
عن ميمونة بنت الحارث أنها أعتقت وليدة في زمان
رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو أعطيتها
أخوالك كان أعظم لأجرك
ذكر البيان بأن الصدقة على
ذي الرحم تشتمل على الصلة والصدقة
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا
132

بشر بن المفضل حدثنا بن عون عن حفصة بنت سيرين عن أم الرائح
بنت صليع
عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة على
المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنان صدقة
وصلة
133

ذكر البيان بأن من أفضل
الصدقة ما كان عن ظهر غنى المرء
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان بعسكر
مكرم حدثنا محمد بن معمر البحراني حدثنا أبو عاصم عن بن
جريج أخبرني أبو الزبير
أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل
الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول
ذكر البيان بأن من أفضل
الصدقة إخراج المقل بعض ما عنده
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن خالد بن
موهب حدثني الليث بن سعد عن أبي الزبير عن يحيى بن جعدة
عن أبي هريرة أنه قال
يا رسول الله أي الصدقة أفضل
قال جهد المقل وابدأ بمن تعول
134

ذكر البيان بأن صدقة القليل من المال اليسير
أفضل من صدقة الكثير من المال الوافر
أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني بدمشق حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي حدثنا صفوان بن عيسى عن بن عجلان عن زيد بن
أسلم عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق درهم مائة
ألف فقال رجل وكيف ذاك يا رسول الله قال رجل له مال
كثير أخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها ورجل ليس له إلا
درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به
ذكر البيان بأن من أفضل الصدقة
للمرء المسلم سقي الماء
أخبرنا محمد
بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا الحسين بن
135

حريث قال حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب
عن سعد بن عبادة قال قلت يا رسول الله أي الصدقة
أفضل قال صلى الله عليه وسلم سقي الماء
ذكر محبة الله جلا وعلا
للمتصدق إذا تصدق لله سرا أو تهجد لله سرا
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار
136

حدثنا محمد حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي
ظبيان
عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله
وثلاثة يبغضهم الله أما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما
فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينهم وبينه فتخلف رجل
بأعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه وقوم
ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به نزلوا
فوضعوا رؤوسهم
وقام يتملقني ويتلو آياتي ورجل كان في
سرية فلقي العدو فهزموا وأقبل بصدره يقتل أو يفتح له
وثلاثة يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني
الظلوم
137

ذكر البيان بأن صدقة
المرء سرا إذا سئل بالله مما يحب الله فاعلها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا جرير عن منصور عن ربعي بن حراش عن زيد بن
ظبيان
عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله
وثلاثة يبغضهم الله يحب رجلا كان في قوم فأتاهم سائل
فسألهم بوجه الله لا يسألهم لقرابة بينهم وبينه فبخلوا فخلفهم
بأعقابهم حيث لا يراه إلا الله ومن أعطاه ورجل كان في كتيبة
فانكشفوا فكبر فقاتل حتى يفتح الله عليه أو يقتل ورجل كان
في قوم فأدلجوا فطالت دلجتهم فنزلوا والنوم أحب إليهم مما
يعدل به فناموا وقام يتلو آياتي ويتملقني ويبغض الشيخ
الزاني والبخيل المتكبر وذكر الثالث
ذكر استحباب الإيثار بالصدقة
من لا يعلم بحاجته ولا غناه عنها
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا
عبد الواحد بن زياد عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة
138

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين
الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان ولكن المسكين
الذي ليس له ما يستغني به ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه
فذلك المحروم
ذكر استحباب الإيثار بالصدقة
من لا يسأل دون من يسأل
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين
بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان
والتمرة والتمرتان قالوا فمن المسكين يا رسول الله قال
الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم
فيسأل الناس
139

ذكر الإباحة للمرء أن يتصدق عن حميمه وقرابته إذا مات
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها
وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم نعم
ذكر خبر ثان يصرح بإباحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي سنان قال أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن
سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال
خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه
وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوصي فقالت فبم
أوصي إنما المال مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما
140

قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن
أتصدق عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقال سعد حائط كذا
وكذا صدقة عليها لحائط سماه
141

ذكر ما يستحب للمرء أن يتصدق
بثلث ما يستفضل في كل سنة من أملاكه
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يزيد بن هارون
أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن وهب بن جلس عن عبيد بن عمير
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل بفلاة من
الأرض إذ رأى سحابة فسمع فيها صوتا اسق حديقة فلان
فجاء ذلك السحاب فأفرغ ما فيه في حرة قال فانتهيت
فيها أذناب شراج وإذا شرجة من تلك الشرج قد استوعبت
الماء فسقته فانتهيت إلى رجل قائم يحول الماء بمسحاته في
حديقة فقلت له يا
عبد الله ما اسمك فقال فلان الاسم
الذي سمع في السحابة قال كيف تسألني يا عبد الله عن
اسمي قال إني سمعت في السحابة الذي هذا ماؤها يقول
اسق حديقة فلان باسمك فأخبرني ما تصنع فيها قال أما إذا
قلت هذا فإني أنظر إلى ما خرج منها فأصدق بثلثه وآكل أنا
وعيالي ثلثه وأعيد فيها ثلثه
142

ذكر الخبر الدال على إباحة إعطاء المرء صدقته
من أخذها وإن كان الآخذ أنفقها في غير طاعة الله جل وعلا
ما لم يعلم المعطي ذلك منه في البداية
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي حدثنا
محمد بن مشكان حدثنا شبابة حدثنا ورقاء حدثنا أبو الزناد حدثنا
الأعرج
أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل
لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبح
الناس يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال اللهم لك الحمد
على زانية لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد
سارق فأصبح الناس يتحدثون تصدق الليلة على سارق فقال
اللهم لك الحمد على سارق لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج
بصدقته فوضعها في يد غني فأصبح الناس يتحدثون تصدق
الليلة على غني فقال اللهم لك الحمد على غني فأتى
فقيل أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف بها
143

عن زناها وأما السارق فلعله يستعف عن سرقته ولعل الغني
يعتبر فينفق مما أعطاه الله تعالى
ذكر الإباحة للمرأة أن تتصدق
من مال زوجها ما لم يجحف ذلك به
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد قال حدثنا يوسف بن
سعيد قال حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني بن أبي مليكة
عن عباد بن عبد الله بن الزبير
عن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا
نبي الله ليس لي شئ إلا ما أدخل علي الزبير فهل علي من
جناح أن أرضخ مما يدخل علي قال ارضخي ما استطعت
ولا توعي فيوعي الله عليك
144

ذكر تفضل الله جل وعلا على المرأة إذا تصدقت
من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجر كما لزوجها
أجر ما اكتسب غنم أجر ما نوت وللخازن كذلك
أخبرنا أحمد بن يحيى حدثنا محمد بن الحسين حدثنا
شيبان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن حازم حدثنا الأعمش عن أبي
الضحى عن مسروق
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تصدقت المرأة من
بيت زوجها غير مفسدة فلها أجرها ولزوجها أجر ما اكتسب غنم أجر
ما نوت وللخازن مثل ذلك
145

ذكر صفة الخازن الذي يشارك المتصدق في الأجر
أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن حماد سجادة حدثنا أبو
أسامة حدثني بريد عن أبي بردة
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخازن المسلم
الأمين الذي ينفق وربما قال يعطي ما أمر فيعطيه كاملا
موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر به أحد
المتصدقين
146

ذكر الأمر للعبد أن يتصدق من مال
السيد على أن الأجر بينهما نصفان
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا حفص بن
الصالح حدثنا محمد بن زيد
عن عمير مولى أبي اللحم قال كنت مملوكا فكنت
أتصدق بلحم من لحم مولاي فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال تصدق
والأجر بينكما نصفان
قال أبو حاتم أضمر في هذا الخبر تصدق بإذنه فذكر
يأمر فيه مضمر
وعمير مولى أبي اللحم إنما قيل أبي اللحم لأنه في
الجاهلية حرم على نفسه اللحم وأبى أن يأكل فقيل أبي
اللحم
147

ومحمد بن زيد هذا محمد بن زيد بن المهاجر بن
قنفذ الجدعاني القرشي سمع بن عمر ومعاوية بن أبي
سفيان روى عنه مالك وأهل المدينة
ذكر البيان بأن المعطي في بعض الأحايين
قد يكون خيرا من الآخذ
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا عبد
الواحد بن الصالح قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم قال حدثنا
عبد الله بن دينار
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليد العليا خير
من اليد السفلى
ذكر الإخبار بأن اليد السفلى
هي السائلة دون الآخذة بغير سؤال
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا الحسن بن محمد بن
الصباح قال حدثنا عبيدة بن حميد قال حدثني أبو الزعراء عن أبي
الأحوص
عن أبيه مالك بن نضلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي
ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السفلى
السائلة فأعط الفضل ولا تعجز عن نفسك
148

قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر بيان واضح
بأن الأخبار التي ذكرناها قبل في كتابنا هذا أن اليد العليا خير من
اليد السفلى أراد به أن يد المعطي خير من يد الآخذ وإن لم
يسأل
وأبو الزعراء هذا هو الصغير واسمه عمرو بن عمرو بن
مالك بن أخي أبي الأحوص وأبو الزعراء الكبير اسمه
عبد الله بن هانئ يروي عن بن مسعود
ذكر البيان بأن اليد المعطية أفضل من اليد السائلة
أخبرنا زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي بالبصرة
حدثنا عبد الواحد بن الصالح حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن
بهدلة عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الصدقة ما كان
عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وليبدأ أحدكم
بمن يعول
تقول امرأته أنفق علي وتقول أم ولده إلى من تكلني
ويقول له عبده أطعمني واستعملني
149

قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد السفلى
عندي أن اليد المتصدقة أفضل من اليد
السائلة لا الآخذة دون
السؤال إذ محال أن تكون اليد التي أبيح لها استعمال فعل
باستعماله أحسن من آخر فرض عليه إتيان شئ فأتى به أو
تقرب إلى بارئه متنفلا فيه وربما كان المعطي في إتيانه ذلك
أقل تحصيلا في الأسباب من الذي أتى بما أبيح له وربما كان
هذا الأخذ بما أبيح له أفضل وأروع من الذي يعطي فلما
150

استحال هذا على الإطلاق دون التحصيل بالتفضيل صح أن
معناه أن المتصدق أفضل من الذي يسألها
ذكر الخبر المصرح
بصحة ما تأولنا الخبر الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا جعفر بن أحمد بن صليح العابد بواسط حدثنا
أحمد بن المقدام حدثنا فضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة عن
نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اليد العليا خير من
اليد السفلى واليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة
ذكر الزجر عن إحصاء المرء صدقته إذا تصدق بها
أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم البزار بالبصرة قال
151

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن
الحكم عن عروة بن الزبير
عن عائشة قالت جاءها سائل فأمرت له عائشة بشئ
فلما خرجت الخادم دعتها فنظرت إليه فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخرجين شيئا إلا بعلمك قالت إني
لأعلم فقال لها لا تحصي فيحصي الله عليك
ذكر نفي قبول الصدقة عن المرء إذا كانت من الغلول
أخبرنا بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة
عن سماك
عن مصعب بن سعد قال دخل بن عمر علي بن عامر
يعوده فقال يا بن عمر ألا تدعو لي فقال بن عمر
152

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاة إلا بطهور ولا
صدقة من غلول وقد كنت على البصرة
ذكر البيان بأن المال إذا لم يكن
بطيب أخذ من حله لم يؤجر المتصدق به عليه
أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن
وهب قال سمعت عمرو بن الحارث يقول حدثني دراج أبو السمح عن
بن حجيرة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع مالا
حراما ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه
153

ذكر تفضل الله جل وعلا على الغارس الغراس
بكتبه الصدقة عند أكل كل شئ من ثمرته
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن خالد بن
موهب حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير
عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على أم مبشر
الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم من غرس هذا
النخل أمسلم أم كافر فقالت بل مسلم فقال صلى الله عليه وسلم لا
يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة
ولا شئ إلا كانت له صدقة
ذكر البيان بأن ما يأكل السباع والطيور
من ثمر غراس المسلم يكون له فيه أجر
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي بعسكر
مكرم حدثنا عمرو بن علي بن بحر حدثنا أبو عاصم عن بن جريج
قال أخبرني أبو الزبير قال
سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
154

يقول لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه سبع وطير وشئ إلا كان
له فيه أجر
ذكر الأمر للمرء بترك صدقة ماله كله
والاقتصار على البعض منه إذ هو خير
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا محمد بن
أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري
قال أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك
عن أبيه قال لم أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها
حتى كانت غزوة تبوك إلا بدر ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف
عن بدر إنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد العير وخرجت قريش
مغيثين لعيرهم فالتقوا على غير موعد كما قال الله ولعمري
إن أشرف مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس لبدر
وما أحب أني
155

كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حين توثقنا على الإسلام
ولم أتخلف بعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها حتى كانت
غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها آذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس
بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم وذلك حين طاب
الظلال وطابت الثمار وكان قلما أراد غزوة إلا ورى غيرها وكان
يقول الحرب خدعة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أن
يتأهب الناس أهبته وأنا أيسر ما كنت قد جمعت راحلتين
لي فلم أزل كذلك حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم غاديا بالغداة وذلك
يوم الخميس وكان يحب أن يخرج يوم الخميس فأصبح
غاديا فقلت أنطلق إلى السوق واشترى جهازي ثم ألحق
بها فانطلقت إلى السوق من الغد فعسر علي بعض شأني
فرجعت فقلت أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم فعسر
علي بعض شأني أيضا فلم أزل كذلك حتى لبس بي الذنب
وتخلفت عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أمشي في الأسواق وأطراف
المدينة فيحزنني أن لا أرى أحدا تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
156

رجلا مغموصا عليه في النفاق وكان ليس أحد تخلف إلا أرى
ذلك سيخفى له وكان الناس كثيرا لا يجمعهم ديوان وكان
جميع من تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة وثمانين رجلا
ولم يذكرني النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوكا فلما بلغ تبوكا
قال ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من قومي خلفه
يا رسول الله برداه والنظر في عطفيه فقال معاذ بن جبل بئس
ما قلت والله يا نبي الله ما نعلم إلا خيرا قال فبينا هم كذلك
إذا رجل يزول به السراب فقال النبي صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا
هو أبو خيثمة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك
157

وقفل ودنا من المدينة جعلت أتذكر ماذا أخرج به من سخط
النبي صلى الله عليه وسلم وأستعين على ذلك بكل ذي أجرة من أهل بيتي
حتى إذا قيل النبي صلى الله عليه وسلم مصبحكم بالغداة راح عني الباطل
وعرفت أني لا أنجو إلا بالصدق فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ضحى
فصلى في المسجد ركعتين وكان إذا قدم من سفر فعل ذلك
دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فجعل يأتيه من
تخلف فيحلفون له ويعتذرون إليه فيستغفر لهم ويقبل
علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله فدخلت المسجد فإذا هو
جالس فلما رآني تبسم تبسم المغضب فجئت فجلست بين
يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تكن ابتعت ظهرا قلت بلى
يا نبي الله فقال ما خلفك عني فقلت والله لو بين يدي
أحد من الناس غيرك جلست لخرجت من سخطه علي بعذر
ولقد أوتيت جدلا ولكني قد علمت يا نبي الله إني إن
حدثتك اليوم بقول تجد علي فيه وهو حق فإني أرجو فيه عقبى
الله وإن حدثتك اليوم بحديث ترضى عني فيه وهو كذب أوشك
أن يطلعك الله علي والله يا نبي الله ما كنت قط أيسر ولا أخف
حاذا مني حيث تخلفت عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما هذا
فقد صدقكم الحديث قم حتى يقضي الله فيك
فقمت فثار على أثري ناس من قومي يؤنبونني فقالوا
والله ما نعلمك أذنبت ذنبا قط قبل هذا فهلا اعتذرت إلى
158

رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذر يرضاه عنك فيه وكان استغفار
رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي من وراء ذلك ولم تقف موقفا لا ندري
ماذا يقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنبونني حتى هممت أن أرجع
فأكذب نفسي فقلت هل قال هذا القول أحد غيري قالوا
نعم قاله هلال بن أمية ومرارة بن ربيعة فذكروا رجلين
صالحين شهد بدرا لي فيهما أسوة فقلت والله لا أرجع
إليه في هذا أبدا ولا أكذب نفسي
159

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة فجعلت أخرج
إلى السوق ولا يكلمني أحد وتنكر لنا الناس حتى ما هم
بالذين نعرف وتنكر لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي
نعرف وتنكرت لنا الأرض حتى ما هي بالأرض التي نعرف
وكنت أقوى أصحابي فكنت أخرج فأطوف في الأسواق فآتي
المسجد وآتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وأقول هل حرك شفتيه
بالسلام فإذا قمت أصلي إلى سارية وأقبلت على صلاتي
نظر إلي النبي صلى الله عليه وسلم بمؤخر عينيه وإذا نظرت إليه أعرض عني
واشتكى صاحباي فجعلا يبكيان الليل والنهار ولا يطلعان
رؤوسهما
قال فبينا أنا أطوف في الأسواق إذا رجل نصراني قد
جاء بطعام له يبيعه يقول من يدل على كعب بن مالك فطفق
الناس يشيرون له إلي فأتاني بصحيفة من ملك غسان
فإذا فيها أما بعد فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك
ولست بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك فقلت هذا
أيضا من البلاء فسجرت لها التنور فأحرقتها فيه
160

فلما مضت أربعون ليلة إذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم قد أتاني
فقال اعتزل امرأتك فقلت أطلقها قال لا ولكن لا
تقربها فجاءت امرأة هلال بن أمية فقالت يا نبي الله إن
هلال بن أمية شيخ ضعيف فهل تأذن لي أن أخدمه قال
نعم ولكن لا يقربنك قالت يا نبي الله ما به حركة لشئ
ما زال متكئا يبكي الليل والنهار مذ كان من أمره ما كان
قال كعب فلما طال علي البلاء اقتحمت على أبي قتادة
حائطه وهو بن عمي فسلمت عليه فلم يرد علي فقلت
أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله فسكت
فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله ورسوله
فسكت فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحب الله
ورسوله فقال الله ورسوله أعلم قال فلم أملك نفسي أن
بكيت ثم اقتحمت الحائط خارجا حتى إذا مضت خمسون ليلة
من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا صليت على ظهر بيت لنا
161

صلاة الفجر وأنا في المنزلة التي قال الله قد ضاقت علينا
الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا إذ سمعت نداء من ذروة
سلع أن أبشر يا كعب بن مالك فخررت ساجدا وعرفت أن
الله قد جاءنا بالفرج ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني
فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة ولبست
ثوبين آخرين
وكانت توبتنا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل فقالت أم
سلمة يا نبي الله ألا نبشر كعب بن مالك فقال إذا يحطمكم
الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة
قال وكانت أم سلمة محسنة في شأني تخبرني بأمري
فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو جالس في المسجد وحوله
المسلمون وهو يستنير كاستنار القمر وكان إذا سر بالأمر
استنار فجئت فجلست بين يديه فقال يا كعب بن مالك
أبشر بخير يوم أتى عليك منذ ولدتك أمك قال فقلت يا نبي
الله أمن عند الله أم من عندك قال بل من عند الله ثم تلا
عليهم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار حتى
بلغ هو التواب الرحيم قال وفينا نزلت
اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال فقلت
162

يا نبي الله إن من توبتي أني لا حالا إلا صدقا وأن أنخلع
من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال أمسك
عليك بعض مالك فهو خير لك قال فقلت فإني أمسك
سهمي الذي بخيبر قال فما أنعم الله علي من نعمة بعد
الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدقته
أنا وصاحباي أن لا نكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا وما تعمدت
بعد وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي
قال الزهري فهذا ما انتهى إلينا من حديث كعب بن
مالك
163

ذكر الاخبار عما يجب على المرء من الاقتصار
عن ثلث ماله إذا أراد التقرب به إلى الله دون إخراج ماله كله
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي
164

بحمص قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا محمد بن حرب عن
الزبيدي عن الزهري عن حسين بن السائب بن أبي لبابة
أن جده أبا لبابة حين تاب الله عليه في تخلفه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما كان سلف قبل ذلك في أمور وجد عليه فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله إني أهجر داري التي أصبت
فيها الذنب وأنتقل إليك وأساكنك وإني أنخلع من مالكا كله
صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئك
من ذلك الثلث
ذكر الزجر عن أن يتصدق
المرء بماله كله ثم يبقى كلا على غيره
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا
165

يزيد بن موهب قال حدثنا بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة بن
النعمان الظفري عن محمود بن لبيد
عن جابر بن عبد الله قال إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
جاءه رجل بمثل البيضة من ذهب قد أصابها من بعض
المغازي فقال يا رسول الله خذ هذه مني صدقة فوالله ما
مطرف لي مال غيرها قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه من
شقة الآخر فقال له مثل ذلك فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاءه
من قبل وجهه فأخذها منه فحذفه بها حذفة لو أصابه عقره أو
أوجعه ثم قال يأتي أحدكم إلى جميع ما يملك فيتصدق به
ثم يقعد يتكفف الناس إنما الصدقة عن ظهر غنى خذ عنا
مالك لا حاجة لنا به
ذكر الأمر للمتصدق أن
يضع صدقته في يد السائل بيده
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا
166

الليث عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد
عن جدته أم بجيد وكانت ممن بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد
له شيئا أعطيه إياه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم تجدي له شيئا
نعطينه إياه إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه في يده
ذكر الأمر للمرء بأن
لا يرد السائل إذا سأله بأي شئ حضره
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي
167

بكر عن مالك عن زيد بن أسلم عن بن بجيد الأنصاري ثم الحارثي
عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ردوا السائل ولو بظلف
محرق
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم ردوا السائل قصد زجر بلفظ
الأمر يريد به لا تردوا السائل إلا بشئ ولو بظلف محرق
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا علي بن مسلم
الطوسي حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه عن الأعمش
عن إبراهيم التيمي عن مجاهد
168

عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل بالله
فأعطوه ومن استعاذ بالله فأعيذوه ومن دعاكم فأجيبوه
ذكر الإخبار عما يجب على المرء
من لزوم ترك استقلال الصدقة وسوء الظن بمخرجها
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرنا
الأعمش قال سمعت أبا وائل يحدث
عن أبي مسعود البدري قال كنا نتحامل فكان الرجل
يجئ بالصدقة فيقال هذا مراء ويجئ الرجل بنصف الصاع
169

فيقال إن الله لغني عن هذا فنزلت هذه الآية الذين
يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات
170

فصل
ذكر الخصال التي تقوم
لمعدم المال مقام الصدقة لباذلها
أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرني
عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن أبي سعيد المهري
عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من نفس بن آدم
إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس قيل
يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها فقال إن أبواب
الخير لكثيرة التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر
بالمعروف والنهي عن النكر وتميط الأذى عن الطريق وتسمع
الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل على
حاجته وتسعى
بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث وتحمل بشدة ذراعيك مع
الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك
171

ذكر كتبة الله الصدقة للمسلم
بالخصال المعروفة وإن لم ينفق من ماله
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن
مسرهد حدثنا أبو عوانة عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي
عن حذيفة قال قال نبيكم صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة
ذكر كتبة الله جل وعلا
الصدقة بكل معروف بالصلاة قولا وفعلا
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا أبي حدثنا أبو غسان محمد بن
مطرف عن محمد بن المنكدر
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف
صدقة
172

ذكر تفاصيل المعروف الذي يكون صدقة المسلم
أخبرنا بن قتيبة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا
محمد بن شعيب حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن
جده أبي سلام حدثنا عبد الله بن فروخ
أنه سمع عائشة تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خلق الله
كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاث مائة مفصل فمن كبر الله
وحمده وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل عظما عن
طريق الناس وعزل حجرا عن طريقهم وأمر بمعروف ونهى
عن منكر عدد تلك الستين والثلاث مائة فإنه يمسي يومئذ وقد
زحزح نفسه عن النار
173

ذكر الأشياء التي يكتب لمستعملها بها الصدقة
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل سلامي من
الناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس يعدل بين
اثنين ويعين الرجل في دابته ويحمله عليها ويرفع له عليها
متاعه ويميط الأذى عن الطريق صدقة
174

باب
ذكر الإخبار عن إباحة تعداد
النعم للمنعم على المنعم عليه في الدنيا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة
قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه
عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتاني
جبريل فقال إن ربي وربك يقول لك كيف رفعت ذكرك
قال الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معي
ذكر الإخبار عن نفي دخول الجنة
عن المنان بما أعطى في ذات الله
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان
عن منصور عن سالم بن أبي
الجعد عن جابان
175

عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يدخل الجنة ولد زنية ولا منان ولا عاق ولا مدمن خمر
176

قال أبو حاتم معنى نفي المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنية
دخول الجنة وولد الزنية ليس عليهم من أوزار آبائهم وأمهاتهم
شئ أن ولد الزنية على الأغلب يكون أجسر على ارتكاب
المزجورات أراد صلى الله عليه وسلم أن ولد الزنية لا يدخل الجنة جنة يدخلها
غير ذي الزنية ممن لم تكثر جسارته على ارتكاب
المزجورات
177

ذكر خبر أوهم من لم يحكم
صناعة الحديث أن هذا الإسناد منقطع
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا بن مهدي
حدثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن نبيط بن شريط
عن جابان
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة
عاق ولا منان ولا مدمن خمر
178

قال أبو حاتم اختلف شعبة والثوري في إسناد هذا الخبر
فقال الثوري عن سالم عن جابان وهما ثقتان حافظان إلا أن
الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه
ولا سيما حديث الأعمش وأبي إسحاق ومنصور فالخبر متصل
عن سالم عن جابان فمرة روي كما قال شعبة وأخرى كما قال
سفيان
179

باب
المسألة والأخذ وما يتعلق
به من المكافأة والثناء والشكر
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن
ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني
عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ألا
تبايعوني قالوا يا رسول الله قد بايعناك مرة فعلى ماذا
نبايعك قال تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا وأن تقيموا
الصلاة وتؤتوا الزكاة ثم أتبع ذلك كلمة خفيفة على أن لا
تسألوا الناس شيئا
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم على أن لا تشركوا
180

بالله شيئا أراد به الأمر بترك الشرك وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم على
أن لا تسألوا الناس شيئا أراد به الأمر بترك المسألة
ذكر البيان بأن الأمر بترك المسألة بلفظ العموم
الذي تقدم ذكرنا له إنما هو أمر ندب لا حتم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا
أحمد بن المقدام قال حدثنا إسماعيل بن علية قال حدثنا داود الطائي
عن عبد الملك بن عمير
عن زيد بن عقبة قال قال له الحجاج ما منعك أن
تسألني
فقال قال سمرة بن جندب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه
المسألة كد يكد بها الرجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن
شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان أو ينزل به أمر لا يجد منه
بدا
181

ذكر الزجر عن فتح المرء على نفسه
باب المسألة بعد أن أغناه الله جل وعلا عنها
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد
العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يفتح إنسان على
نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر لأن يعمد الرجل
حبلا إلى جبل فيحتطب على ظهره ويأكل منه خير من أن
يسأل الناس معطى أو ممنوعا
ذكر الإخبار عما يجب
على المرء من مجانبة الإكثار من السؤال
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم
182

ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به
شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله
أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة
السؤال
ذكر الزجر عن الإلحاف
في المسألة وإن كان المرء مضطرا
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن أبان
القرشي قال حدثنا بن عيينة قال سمعت عمرو بن دينار عن
وهب بن منبه عن أخيه
سمعه من معاوية يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا في
183

المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني
شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيه
ذكر السبب الذي به يصير السائل ملحفا
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا
عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي
سعيد الخدري
184

عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سأل وله
أوقية فهو ملحف قال قلت الياقوتة ناقتي خير من أوقية
قال والأوقية أربعون درهما
ذكر الزجر عن سؤال المرء
يريد التكثير دون الاستغناء والتقوت
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن
الحراني قال حدثنا يحيى بن السكن قال حدثنا حماد بن سلمة
عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال
185

قال عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الناس
ليثري ماله فإنما هو رضف من النار يتلهبه من شاء فليقل
ومن شاء فليكثر
ذكر الزجر عن أن يسأل المستغني
أحد شيئا من حطام هذه الدنيا الفانية
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن
سالم بن أبي الجعد
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل
يأتيني منكم ليسألني فأعطيه فينطلق وما يحمل في حضنه إلا
النار
ذكر الخبر المصرح بصحة
ما تأولنا الخبر الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال
186

حدثنا بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سأل الناس
من أموالهم فإنما يسأل جمرا فليستقل منهم أو
ليستكثر
ذكر البيان بأن مسألة المستغني بما عنده
إنما هي الاستكثار من جمر جهنم نعوذ بالله منها
أخبرنا أحمد بن مكرم البرتي ببغداد قال حدثنا علي بن
المديني قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن
يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد قال حدثني أبو كبشة
السلولي
أنه سمع سهل بن الحنظلية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
الأقرع وعيينة سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأمر معاوية أن يكتب به
لهما وختمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بدفعه إليهما فأما عيينة
فقال ما فيه فقال فيه الذي أمرت به فقبله وعقده في
عمامته وكان أحلم الرجلين وأما الأقرع فقال أحمل صحيفة
187

لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس فأخبر معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقولهما وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجته فمر ببعير مناخ على
باب المسجد في أول النهار ثم مر به في آخر النهار وهو في
مكانه فقال أين صاحب هذا البعير فابتغي فلم يوجد
فقال اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صحاحا وكلوها
سمانا كالمتسخط آنفا إنه من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما
يستكثر من جمر جهنم قالوا يا رسول الله وما يغنيه قال
ما يغديه أو يعشيه
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم ما يغديه أو
يعشيه أراد به على دائم الأوقات حتى يكون مستغنيا بما
عنده ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال في خبر أبي هريرة لا تحل الصدقة
لغني ولا لذي مرة سوي فجعل الحد الذي تحرم الصدقة
عليه به هو الغنى عن الناس وبيقين نعلم أن واجد الغداء أو
العشاء ليس ممن استغنى عن غيره حتى تحرم عليه الصدقة
على أن الخطاب ورد في هذه الأخبار بلفظ العموم والمراد منه
صدقة الفريضة دون التطوع
ذكر الخصال المعدودة
التي أبيح للمرء المسألة من أجلها
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
188

إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هارون بن
رئاب عن كنانة العدوي قال
كنت عند قبيصة بن المخارق فاستعان به نفر من قومه في
نكاح رجل من قومه فأبى أن يعطيهم شيئا فانطلقوا من عنده
قال كنانة فقلت له أنت سيد قومك وأتوك يسألونك فلم
تعطهم شيئا قال أما في هذا فلا أعطي شيئا وسأخبرك عن
ذلك تحملت بحمالة في قومي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته
وسألته أن يعينني فقال بل نحملها عنك يا قبيصة ونؤديها
إليهم من إبل الصدقة
ثم قال إن المسألة لا تحل إلا لثلاث رجل تحمل
حمالة فقد حلت له حتى يؤديها أو رجل أصابته جائحة
فاجتاحت ماله حتى يصيب قواما من عيش أو سداد من عيش
ورجل أصابته فاقة فشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن
قد حلت له المسألة فقد حلت له حتى يصيب قواما من عيش
أو سدادا من عيش والمسألة فيما سوى ذلك سحت
قال أبو حاتم قوله والمسألة فيما سوى ذلك سحت أراد
به أن المسألة في سوى هذه الأشياء الثلاثة من السلطان عن
فضل حصته من بيت المال سحت لأن المسألة في غير هذه
الخصال الثلاثة من غير السلطان عن غير بيت مال المسلمين
تكون سحتا إذا كان الإنسان غير مستغن بما عنده
189

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا حوثرة بن
أشرس العدوي حدثنا حماد بن زيد عن هارون بن رئاب عن كنانة بن
نعيم العدوي
عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله منها فقال صلى الله عليه وسلم أقم يا قبيصة حتى تجيئنا
الصدقة فنأمر لك بها ثم قال يا قبيصة إن المسألة لا تحل
إلا لإحدى ثلاث رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى
يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله
فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سداد من
عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من
قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب
قواما من عيش أو قال سدادا من عيش وما سواهن من
المسألة سحت يأكلها المؤلف سحتا
ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أنه مضاد لخبر قبيصة بن مخارق الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا
190

علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن شعبة عن عبد الملك
بن عمير عن زيد بن عقبة
عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما المسائل
كدوح يكدح بها الرجل وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن
شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه
بدا
ذكر الأمر للمرء بالاستغناء بالله جل وعلا
عن خلقه إذ فاعله يغنيه الله جل وعلا بتفضله
أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا
عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
أن أبا سعيد الخدري قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن
أسأله فسمعته يخطب وهو يقول من يستغن يغنه الله ومن
191

يستعفف يعفه الله ومن سألنا أعطيناه قال فرجعت ولم
أسأله فأنا اليوم أكثر الأنصار مالا
ذكر البيان بأن من استغنى بالله جل وعلا
عن خلقه أغناه الله عنهم بفضله
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال حدثنا عيسى بن
حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن سعيد المقبري
عن أبي سعيد الخدري أن أهله شكوا إليه الحاجة فخرج
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله لهم شيئا فوافقه على المنبر وهو
يقول أيها الناس قد آن لكم أن تستغنوا عن المسألة فإنه من
يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله والذي نفس محمد
بيده ما رزق عبد شيئا أوسع من الصبر ولئن أبيتم إلا أن تسألوني
لأعطينكم ما وجدت
192

ذكر الإخبار بأن من استغنى بالله
عن خلقه جل وعلا يغنه عنهم بفضله
أخبرنا الحسن بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد المؤذن
عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفذ ما عنده
قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف
يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما
أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر
ذكر الزجر عن أن يأخذ المرء شيئا
من حطام هذه الدنيا وهو سائل أو شره
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح
193

قال حدثنا ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي
قال
سمعت معاوية يقول على منبر دمشق إياكم وأحاديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا كان في عهد عمر فإن عمر كان يخيف
الناس في الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به
خيرا يفقهه في الدين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما أنا
خازن فمن أعطيته عن طيب نفس يبارك له فيه ومن أعطيته
عن مسألة وعن شره كان كالذي يأكل ولا يشبع
ذكر الزجر عن أخذ ما أعطي المرء
من حطام هذه الدنيا وهو مشرف النفس إليه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو الربيع
الزهراني قال حدثنا فليح عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب
أن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني
ثم سألته فأعطاني ثلاث مرات ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة فمن أخذه بسخاوة نفس
بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان
194

كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا أخير من اليد السفلى قال
حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا
بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا
ذكر البيان بأن لا حرج على المرء
في أخذ ما أعطي من غير مسألة ولا إشراف نفس
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحارث أن بكر بن
سوادة حدثه أن عبد الله بن يزيد المعافري حدثه
عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب أعطى بن
السعدي ألف دينار فأبى أن يقبلها وقال أنا عنها غني فقال
له عمر إني قائل لك ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ساق الله
إليك رزقا من غير مسألة ولا إشراف نفس فخذه فإن الله
أعطاكه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي
قال حدثنا المقرئ قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني أبو
الأسود عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد
195

عن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف
نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا الأمر الذي أمرنا
باستعماله هو أخذ ما أعطي المرء والشيئان المعلومان الذي أبيح
له ذلك عند عدمهما هو المسألة وإشراف النفس فإن وجد
أحدهما في الغني المستقل بما عنده زجر عن أخذ ما أعطي دون
الفقراء المضطرين والتارة التي يباح فيها أخذ ما أعطي المرء وإن
وجد فيه المسألة وإشراف النفس هي حالة الاضطرار والاضطرار
على ضربين اضطرار بجدة واضطرار بعدم والاضطرار الذي
يكون بجدة هو أن يملك المرء الشئ الكثير من حطام هذه الدنيا
سوى المأكول والمشروب وهو في موضع لا يباع فيه الطعام
والشراب أصلا فهو وإن كان واجد حكمه حكم المضطر
له أخذ ما أعطي وإن كان سائلا أو مشرف النفس إليه واضطرار
العدم هو واضح لا يحتاج إلى الكشف عنه
196

ذكر الأمر بأخذ ما أعطي المرء من حطام
هذه الدنيا الفانية الزائلة ما لم تتقدمه لها مسألة
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني
الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن بن
الساعدي المالكي قال
استعملني عمر بن الخطاب على الصدقة فلما فرغت
منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت له إنما عملت لله
وأجري على الله قال خذ ما أعطيت فإني قد قلت على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم لعملي مثل قولك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق
ذكر إثبات البركة لآخذ
ما أعطي بغير إشراف نفس منه
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي قال حدثنا
سريج بن يونس قال حدثنا سفيان عن الزهري قال أخبرني
سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير
197

أنهما سمعا حكيم بن حزام يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال إن هذا المال حلوة
خضرة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه
بإشراف نفس له لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع
واليد العليا خير من اليد السفلى
ذكر ما يجب على المرء
من الشكر لأخيه المسلم عند الإحسان إليه
سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن
الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن
زياد يقول
198

سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول لا
يشكر الله من لا يشكر الناس
ذكر الأمر بالمكافأة لمن صنع إليه معروف
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبي شيبة
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن مجاهد
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعاذكم
بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه
ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه
فادعوا الله له حتى تروا أن قد كافأتموه
199

قال أبو حاتم قصر جرير في إسناده لأنه لم يحفظ
إبراهيم التيمي فيه
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا علي بن مسلم
الطوسي حدثنا محمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه عن الأعمش
عن إبراهيم التيمي عن مجاهد
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل بالله
فأعطوه ومن استعاذ بالله فأعيذوه ومن دعاكم فأجيبوه
ذكر ما يجب على المرء من مجازاة الخير
لأخيه المسلم على أعماله الصالحة والسيئة
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي
الأحوص
عن أبيه قال قلت يا رسول الله مررت برجل فلم
يضيفني ولم يقرني أفأحتكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أقره
200

ذكر البيان بأن على المرء ترك الإغضاء
على الشكر للرجل على نعمة قلت أو كثرت
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن
الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار
عن جابر بن عبد الله قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وعمر فأطعمناهم رطبا وسقيناهم من الماء فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم هذا من النعيم الذي تسألون عنه
ذكر الزجر عن ترك ثناء المرء
على أخيه المسلم إذا أولاه شيئا من المعروف
أخبرنا محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة قال حدثنا
سلم بن جنادة قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي سعيد الخدري
201

عن عمر بن الخطاب قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إني رأيت
فلانا يدعو ويذكر خيرا ويذكر أنك أعطيته دينارين قال
لكن فلان أعطيته ما بين كذا إلى كذا فما أثنى ولا قال
خيرا
ذكر الشئ الذي إذا قاله المرء للمسدي إليه المعروف
عند عدم القدرة على الجزاء يكون مبالغا في ثوابه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان والحسين بن عبد الله بن
يزيد القطان قالا حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا
الأحوص بن جواب قال حدثنا سعير بن الخمس قال حدثنا سليمان
التيمي عن أبي عثمان النهدي
عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع إليه
معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
202

ذكر الاخبار عما يجب
على المرء من الشكر لمن أسدى إليه نعمة
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن طريف
البجلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي سعيد
عن عمر بن الخطاب أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله رأيت فلانا يشكر ذكر أنك أعطيته دينارين
فقال صلى الله عليه وسلم لكن فلانا قد أعطيته ما بين العشرة إلى المئة فما
يشكره ولا يقوله إن أحدكم ليخرج من عندي لحاجته متأبطها
وما هي إلا النار قال قلت يا رسول الله لم تعطهم قال
يأبون إلا أن يسألوني ويأبى
الله لي البخل
ذكر الإخبار بأن الحمد
للمسدي المعروف يكون جزاء المعروف
أخبرنا الحسن بن محمد بن أبي معشر بحران حدثنا
203

محمد بن وهب بن أبي كريمة حدثنا محمد بن سلمة عن أبي
عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن شرحبيل الأنصاري
عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من
أولى معروفا فلم يجد له خيرا إلا الثناء فقد شكره ومن كتمه
فقد كفره ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور
204

كتاب الصوم
باب
فضل الصوم
ذكر الإخبار عن إعطاء الله جل وعلا
ثواب الصائمين في القيامة بغير حساب
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال
حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك
وتعالى كل حسنة عملها بن آدم جزيته بها عشر حسنات إلى
سبع مائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به الصيام جنة
فمن كان صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ شتمه أو آذاه
فليقل إني صائم إني صائم
ذكر تباعد المرء عن النار
سبعين خريفا بصومه يوما واحدا في سبيل الله
أخبرنا أحمد بن عمر بن يزيد المحمد آباذي حدثنا
205

سوار بن عبد الله العنبري حدثنا معتمر عن أبيه عن سهيل بن أبي
صالح عن النعمان بن أبي عياش
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفا
ذكر إفراد الله جل وعلا
للصائمين باب الريان من الجنة
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي الراهب
بحمص حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا أبي حدثنا شعيب بن
أبي حمزة عن الزهري أخبرني حميد بن عبد الرحمن
206

أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنفق
زوجين من شئ من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب
الجنة يا عبد الله هذا خير وللجنة أبواب فمن كان من أهل
الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي
من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب
الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان
قال فقال أبو بكر يا رسول الله ما على أحد يدعى من تلك
الأبواب من ضرورة هل يدعى منها كل أحد يا رسول الله
قال نعم وأرجو أن تكون منهم
ذكر البيان بأن كل طاعة لها من الجنة أبواب
يدعى أهلها منها إلا الصيام فإن له بابا واحدا
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق
أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنفق
207

زوجين في سبيل الله دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب
عمن كان من أهل الصلاة دعي من أبواب الصلاة ومن كان
من أهل الصدقة دعي من أبواب الصدقة ومن كان من أهل
الجهاد دعي من أبواب الجهاد ومن كان من أهل الصيام
دعي من باب الريان فقال أبو بكر يا رسول الله ما على أحد
من ضرورة من أيها دعي فهل يدعى أحد منها كلها
يا رسول الله قال نعم وأرجو أن تكون منهم
قال أبو حاتم عسى من الله واجب وأرجو من النبي
حق
ذكر البيان بأن الصائمين إذا دخلوا من باب الريان
أغلق بابهم ولم يدخل منه أحد غيرهم
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عثمان
العجلي حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال حدثني أبو حازم
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في
الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا
يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون
فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد
208

ذكر البيان بأن باب الريان يغلق عند آخر
دخول الصوام منه حتى لا يدخل منه أحد غيرهم
أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرافقة قال حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم البالسي قال حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا
سفيان عن أبي حازم
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة
باب يقال له الريان أعد للصائمين فإذا دخل أخراهم
أغلق
209

ذكر البيان بأن خلوف الصائم
يكون أطيب عند الله من ريح المسك
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن
الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كل عمل
بن آدم له إلا الصيام والصيام لي وأنا أجزي به ولخلوف فم
الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
ذكر البيان بأن فم الصائم
يكون أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد
بن الحسن بن تسنيم كوفي ثبت حدثنا محمد بن بكر البرساني حدثنا بن
جريج أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات
أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله
تعالى كل عمل بن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به
والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم
القيامة من ريح المسك للصائم فرحتان إذ أفطر فرح
بفطره وإذا لقي الله فرح بصومه
210

قال أبو حاتم شعار المؤمنين في القيامة التحجيل
بوضوئهم في الدنيا فرقا بينهم وبين سائر الأمم وشعارهم في
القيامة بصومهم طيب خلوفهم أطيب من ريح المسك ليعرفوا بين
ذلك الجمع بذلك العمل نسأل الله بركة ذلك اليوم
ذكر البيان بأن خلوف فم الصائم
قد يكون أيضا أطيب من ريح المسك في الدنيا
أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بحران حدثنا بشر بن
خالد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان عن ذكوان
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل حسنة يعملها بن
آدم بعشر حسنات إلى سبع مائة ضعف يقول الله إلا الصوم
فهو لي وأنا أجزي به يدع الطعام من أجلي والشراب من
أجلي وشهوته من أجلي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان
فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه ولخلوف فم الصائم
حين يخلف من الطعام أطيب عند الله
من ريح المسك
ذكر البيان بأن الصوم لا يعدله شئ من الطاعات
أخبرنا عمران بن موسى حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا
211

يزيد بن هارون أخبرنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن
رجاء بن حياة
عن أبي أمامة قال أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فأتيته
فقلت يا رسول الله أدع الله لي بالشهادة قال اللهم
سلمهم وغنمهم فغزونا فسلمنا وغنمنا حتى ذكر ذلك ثلاث
مرات قال ثم أتيته فقلت يا رسول الله إني أتيتك تترى
ثلاث مرات أسألك أن تدعو لي بالشهادة فقلت اللهم
سلمهم وغنمهم فسلمنا وغنمنا يا رسول الله فمرني بعمل
أدخل به الجنة فقال عليك بالصوم فإنه لا مثل له قال
فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهارا إلا إذا نزل بهم
212

ضيف فإذا رأوا الدخان نهارا عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف
قال أبو حاتم روى هذا الخبر مهدي بن ميمون عن
محمد بن أبي يعقوب عن رجاء بن حياة ورواه شعبة عن
محمد بن أبي يعقوب عن حميد بن هلال عن رجاء بن حياة
أخبرنا أبو عروبة بحران حدثنا بندار حدثنا عبد الصمد
حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب قال سمعت أبا نصر الهلالي
عن رجاء بن حياة
عن أبي أمامة قال قلت يا رسول الله دلني على عمل
قال عليك بالصوم فإنه لا عدل له
213

قال أبو حاتم أبو نصر هذا هو حميد بن هلال ولست
أنكر أن يكون محمد بن أبي يعقوب سمع هذا الخبر بطوله عن
رجاء بن حياة وسمع بعضه عن حميد بن هلال فالطريقان
جميعا محفوظان
ذكر البيان بأن الصوم
جنة من النار للعبد يجتن به من النار
أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا
عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال هذا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر
أحاديث وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام جنة
ذكر رجاء استجابة دعاء الصائم عند إفطاره
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان حدثنا فرج بن رواحة
214

المنبجي حدثنا زهير بن معاوية عن سعد الطائي عن أبي المدلة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ترد
دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة
المظلوم
215

قال أبو حاتم أبو المدلة اسمه عبيد الله بن عبد الله
مدني ثقة
ذكر تفضل الله جل وعلا بإعطاء
المفطر مسلما مثل أجره
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد بن مسرهد عن
يحيى القطان عن عبد الملك بن أبي سليمان حدثني عطاء
عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من فطر
صائما كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شئ
ذكر استغفار الملائكة للصائم
إذا أكل عنده حتى يفرغوا
أخبرنا أبو يعلى حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن
216

حبيب بن زيد الأنصاري قال سمعت مولاة لنا يقال لها ليلى تحدث
عن أم عمارة بنت كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها
فدعت له بطعام فقال تعالي فكلي فقالت إني صائمة
فقال إن الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة
217

باب
فضل رمضان
ذكر الإخبار بأن عشر ذي الحجة
وشهر رمضان في الفضل يكونان سيين
أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال
أخبرنا خالد عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان
رمضان وذو الحجة
ذكر إثبات مغفرة الله جل وعلا
لصائم رمضان إيمانا واحتسابا
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد
الباهلي حدثنا بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة
218

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام
رمضان إيمانا واحتسابا ورجاله له ما تقدم من ذنبه
قال أبو حاتم إيمانا يريد به إيمانا بفرضه واحتسابا
يريد به مخلصا فيه
ذكر تفضل الله جل وعلا بمغفرة
ما تقدم من ذنوب العبد بصيامه رمضان إذا عرف حدوده
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا
عبد الله عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن قرط عن عطاء بن
يسار
219

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام
رمضان وعرف حدوده وتحفظ ما ينبغي أن يتحفظ كفر ما
قبله
ذكر فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران
وتصفيد الشياطين في شهر رمضان
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن أنس بن
أبي أنس أن أباه حدثه
أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان
رمضان فتحت له أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت
الشياطين
قال أبو حاتم أنس بن أبي أنس هذا والد مالك بن أنس
220

واسم أبي أنس مالك بن أبي عامر من ثقات أهل المدينة وهو
مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن
عمرو من ذي مطرف من أقيال اليمن
ذكر البيان بأن الله جل وعلا
إنما يصفد الشياطين في شهر رمضان مردتهم دون غيرهم
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو كريب
محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن
أبي صالح
221

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أول ليلة من
شهر رمضان صفدت الشياطين مردة الجن وغلقت أبواب النار
فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب
ومناد ينادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله
عتقاء من النار وذلك كل ليلة
ذكر استحباب الاجتهاد
في الطاعات في العشر الأواخر من رمضان
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا نصر بن
علي الجهضمي قال حدثنا سفيان عن أبي يعفور عن مسلم بن
صبيح عن مسروق
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر
222

الأواخر من رمضان أيقظ أهله وشد المئزر وأحيا الليل
ذكر استحباب الاجتهاد في العشر الأواخر
اقتداء بالمصطفى صلوات الله عليه وسلامه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن
العلاء حدثنا سفيان عن بن عبيد بن نسطاس عن أبي الضحى عن مسروق
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر
أحيا الليل وشد المئزر وأيقظ أهله
ذكر كتبة الله جل وعلا صائم رمضان وقائمه
مع إقامته الصلاة والزكاة من الصديقين والشهداء
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي حدثنا
يحيى بن معين حدثنا الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عيسى بن طلحة قال
سمعت عمرو بن مرة الجهني قال جاء رجل إلى
223

النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا
الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وأديت
الزكاة وصمت رمضان وقمته فممن أنا قال من الصديقين
والشهداء
ذكر الزجر عن قول المرء صمت رمضان
كله حذر تقصير لو كان وقع في صومه
أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي ببغداد قال
حدثنا علي بن المديني قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا
المهلب بن أبي حبيبة قال حدثنا الحسن
عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم إني
صمت رمضان كله وقمته قال فلا أدري أكره التزكية أم قال
لا بد من رقدة أو غفلة
224

ذكر استحباب الجود والإفضال على المسلمين
بالعطايا في رمضان استنانا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يوسف بن يعقوب المقرئ بواسط حدثنا محمد بن
خالد بن عبد الله الطحان حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس
بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان إن جبريل كان
يلقاه في كل ليلة من رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه القرآن
فإذا لقية جبريل كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
225

باب
رؤية الهلال
ذكر الأمر بالقدر لشهر شعبان
إذا غم على الناس رؤية هلال رمضان
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن
سالم بن عبد الله
أن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا
رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا
له
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فاقدروا له أراد بن أعداد الثلاثين
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد
226

المقرئ قال حدثنا أبي عن ورقاء عن شعبة عن محمد بن زياد
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
اقدروا أراد به أعداد الثلاثين
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب عن أبي سلمة
227

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم
الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فعدوا
ثلاثين
ذكر البيان بأن المرء عليه إحصاء شعبان
ثلاثين يوما ثم الصوم لرمضان بعده
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن
عبد الله بن أبي قيس قال
سمعت عائشة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال
شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم
عليه عد ثلاثين يوما ثم صام
228

ذكر الزجر عن أن يصام
من رمضان إلا بعد رؤية الهلال له
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن نافع
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال لا
تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم
عليكم فاقدروا له
ذكر إجازة شهادة الشاهد الواحد
إذا كان عدلا على رؤية هلال رمضان
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال
حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن سماك بن حرب عن عكرمة
عن بن عباس قال جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال
229

أبصرت الهلال الليلة فقال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد
عبده ورسوله قال نعم قال قم يا فلان فناد في
الناس فليصوموا غدا
وأخبرناه أبو يعلى مرة أخرى وقال قم يا بلال
230

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر
تفرد به سماك بن حرب وأن رفعه غير محفوظ فيما زعم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن
عبد الرحمن السمرقندي قال حدثنا مروان بن محمد عن بن وهب
عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه
عن بن عمر قال تراءى الناس الهلال فرأيته
فأخبرت رسول لله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه
ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم
أن شهر رمضان لا ينقص عن تمام ثلاثين في العدد
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا معتمر بن سليمان عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكر
231

عن أبي بكرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان
رمضان وذو الحجة
قال أبو حاتم لهذا الخبر معنيان أحدهما أن شهرا عيد
لا ينقصان في الحقيقة وإن نقصا عندنا في أجرة العين عند
الحائل بيننا وبين رؤية الهلال لغبرة أو ضباب
والمعنى الثاني أن شهرا عيد لا ينقصان في الفضل
يريد أن عشر ذي الحجة في الفضل كشهر رمضان والدليل
على هذا قوله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي
الحجة قيل يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال
ولا الجهاد في سبيل الله
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشهر تسع
قرة
232

ذكر خبر ثان يوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أن تمام الشهر تسع قرة دون أن يكون ثلاثين
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو
معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم من
الشهر يعني رمضان قلنا ثنتان قرة وبقي ثمان قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مضت ثنتان قرة وبقي سبع فاطلبوها
الليلة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهر هكذا وهكذا ثلاث
مرات عشرة عشرة مرتين وواحدة تسعة
233

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
تسع قرة أراد بعض الشهر لا الكل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا الحسين بن
علي العجلي قال حدثنا بن نمير عن أبيه عن عبيد الله بن عمر
عن نافع
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهر ثلاثون
والشهر تسع قرة فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
تسع قرة أراد به بعض الشهور لا الكل
أخبرنا بن خزيمة فأتموا قالا حدثنا عبد الرحمن بن
بشر بن الحكم حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني
أبو الزبير
234

أنه سمع جابر بن عبد الله يقول عزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه
شهرا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم صباح تسع قرة فقال بعض
القوم يا رسول الله إنا أصبحنا من تسعة وعشرين فقال صلى الله عليه وسلم
إن الشهر يكون تسعا وعشرين ثم صفق النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا مرتين
بأصابع يديه كلها والثالث بتسع منها
ذكر خبر ثان يصرح بأن الشهر
يكون تسعا وعشرين بعض الشهور لا الكل
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا عمر بن
يونس حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل حدثنا بن عباس
حدثني عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال إن الشهر يكون تسعا وعشرين
235

ذكر الاخبار بأن الشهر قد
يكون في بعض الأحوال تسعا وعشرين
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا أبو الوليد والحوضي
قالا حدثنا شعبة أخبرني جبلة بن سحيم قال
رأيت بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشهر هكذا
وهكذا وخنس الإبهام في الثالثة
ذكر الإخبار بأن الشهر
قد يكون على التمام ثلاثين في بعض الأحوال
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ
العنبري حدثنا أبي حدثنا عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه قال
قال بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهر هكذا الشهر
هكذا يثبت الثلاثة الأول بكل أصابع يديه والثلاث الأواخر بكل
أصابع يديه إلا الآخر
236

ذكر قبول شهادة جماعة على رؤية الهلال للعيد
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر قال حدثنا
يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن
قتادة
عن أنس بن مالك أن عمومة له شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على
رؤية الهلال فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا لعيدهم من الغد
237

ذكر البيان بأن رؤية هلال شوال
إذ غم على الناس كان عليهم إتمام رمضان ثلاثين يوما
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن
سعيد بن المسيب وأبي سلمة أو أحدهما شك إسحاق
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
فصوموا ثلاثين أراد به إن لم تروا الهلال
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن ربعي بن حراش
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر
حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى تروا الهلال
أو تكملوا العدة
238

ذكر خبر ثان يصرح بأن على الناس أن يتموا
صوم رمضان ثلاثين يوما عند عدم رؤية هلال شوال
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا يزيد بن
هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم أفطروا
239

باب
السحور
أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك بهراة قال حدثنا
محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن
إسرائيل عن أبي إسحاق
عن البراء قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان
الرجل صائما فحضره الإفطار فنام قبل يفطر لم يأكل ليلته
ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة كان صائما فلما
حضر الإفطار أتى امرأته فقال هل عندك طعام قالت لا
ولكن انطلق فأطلب وكان يومه يعمل فغلبته عينه فجاءته
امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فأصبح فلما انتصف النهار
غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية أحل لكم
ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم ففرحوا بها فرحا
وعطاء وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط
الأسود من الفجر
240

أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا سعيد بن
يحيى بن سعيد الأموي قال حدثنا عمي عبيد بن سعيد قال حدثنا
إسرائيل عن أبي إسحاق
عن البراء قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدهم
صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا
يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة كان صائما فلما حضر
الإفطار أتى امرأته فقال أعندك طعام قالت لا ولكن
أطلب فطلبت له وكان يومه يعمل فغلبته عينه وجاءت
امرأته فقالت خيبة لك فأصبح فلما انتصف النهار غشي
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام
الرفث إلى نسائكم ففرحوا بها فرحا وعطاء فقال وكلوا
241

واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من
الفجر
ذكر الإخبار بأن الخيط الأبيض
هو الفجر المعترض في أفق السماء
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن منيع
حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن الشعبي
أخبرني عدي بن حاتم قال لما نزلت وكلوا واشربوا
حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود
قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذلك بياض النهار وسواد
الليل
ذكر البيان بأن العرب تتباين لغاتها في أحيائها
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسدد بن
مسرهد عن حصين بن نمير قال حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن الشعبي
242

عن عدي بن حاتم
قال لما نزلت هذه الآية حتى
يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود أخذت عقالا
أبيض وعقالا أسود فوضعتها تحت وسادتي فنظرت فلم
بالأسدية فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال إن وسادك إذا
لعريض طويل إنما هو الليل
ذكر تسمية النبي صلى الله عليه وسلم السحور بالغداء المبارك
أخبرنا يحيى بن محمد بن عمرو بالفسطاط حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي أخبرنا عمرو بن الحارث حدثني
عبد الله بن سالم عن الزبيدي حدثنا راشد بن سعد
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الغداء
المبارك يعني السحور
243

ذكر تسمية المصطفى صلى الله عليه وسلم السحور الغداء المبارك
أخبرنا أبو يعلى حدثنا القواريري قال حدثنا بن
مهدي قال أخبرني معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن
الحارث بن زياد عن أبي رهم
عن العرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يدعو إلى السحور في شهر رمضان فقال هلموا إلى الغداء
المبارك
244

ذكر الأمر بالسحور لمن أراد الصيام
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال
حدثنا أبو عوانة عن قتادة
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في
السحور بركة
ذكر مغفرة جل وعلا واستغفار الملائكة للمتسحرين
أخبرنا أحمد بن الحسن بن أبي الصغير حدثنا إبراهيم بن
منقذ حدثنا إدريس بن يحيى عن عبد الله بن عياش بن عباس عن
عبد الله بن سليمان الطويل عن نافع
245

عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته
يصلون على المتسحرين
ذكر الأمر بأكل السحور
لمن يسمع الأذان للصبح صارت
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي
عثمان
246

عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدا
منكم أذان بلال أو قال نداء بلال من سحوره فإنه يؤذن
أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم وقال
أليس الفجر أن يقول هكذا وهكذا وضرب يده ورفعها حتى
يقول هكذا وفرج بين أصابعه
247

أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا القعنبي عن
مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا ينادي بليل
فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم قال بن شهاب
وكان بن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له قد
أصبحت قد أصبحت
248

قال أبو حاتم لم يرو هذا الحديث مسندا عن مالك إلا
القعنبي وجويرية بن أسماء وقال أصحاب مالك كلهم عن
الزهري عن سالم أن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
موهب قال حدثني الليث بن سعد عن بن شهاب عن سالم بن
عبد الله
عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل
فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بن أم مكتوم
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني
عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا
249

يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم
ذكر العلة التي من أجلها كان يؤذن بلال بليل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عمرو بن علي
الفلاس قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا سليمان التيمي عن
أبي عثمان
عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل
لينبه نائمكم ويرجع قائمكم وليس الفجر أن يقول هكذا
وأشار بالسبابتين ولكن الفجر أن يقول هكذا وأشار بكفه
250

قال أبو حاتم قول بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن
بلالا يؤذن بليل لينبه نائمكم ويرجع قائمكم فيه أبين البيان
على أن بلالا كان يؤذن صارت لانتباه النوام
ورجوع الهجد عن
القيام لا لصلاة الفجر فإذا كان المسجد له مؤذنان وأذن
أحدهما بليل لما وصفنا والآخر عند انفجار الصبح لصلاة
الفجر كان ذلك جائزا فأما من أذن بليل قبل طلوع الفجر
لصلاة الصبح كان عليه الإعادة لصلاة الصبح فإنه لم يصح
أنه أذن له صلى الله عليه وسلم بليل إلا مؤذنان لا مؤذن واحد
ذكر حظر هذا الفعل الذي أبيح
عند الشرط الذي ذكرناه إذا كان معه شرط ثان
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي
قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن
هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بن أم مكتوم يؤذن
بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن وكان بلال يؤذن حين يرى
الفجر
251

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي
قال حدثنا هشيم قال حدثنا منصور بن زاذان عن خبيب بن
عبد الرحمن
عن عمته أنيسة بنت حبيب قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا اذن بن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلال فلا
تأكلوا ولا تشربوا فإن كانت الواحدة منا ليبقى عليها الشئ من
سحورها فتقول لبلال أمهل حتى أفرغ من سحوري
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذان خبران قد يوهمان من
لم يحكم صناعة العلم أنهما متضادان وليس كذلك لأن
المصطفى صلى الله عليه وسلم كان جعل الليل بين بلال وبين بن أم مكتوم نوبا
فكان بلال يؤذن صارت ليالي معلومة لينبه النائم ويرجع
252

القائم لا لصلاة الفجر ويؤذن بن أم مكتوم في تلك الليالي
بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة فإذا جاءت نوبة بن أم
مكتوم كان يؤذن صارت ليالي معلومة كما وصفنا قبل ويؤذن
بلال في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة من غير أن
يكون بين الخبرين تضاد أو تهاتر
ذكر الاستحباب لمن أراد الصيام أن يجعل سحوره تمرا
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
قال حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال حدثنا محمد بن موسى
المدني عن المقبري
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم سحور المؤمن
التمر
ذكر الأمر بالاقتصار على شرب الماء لمن أراد السحور
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر قال حدثنا
253

إبراهيم بن راشد الأدمي قال حدثنا محمد بن بلال قال حدثنا عمران
القطان عن قتادة عن عقبة بن وساج
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا
ولو بجرعة من ماء
ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثني حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله عن موسى بن علي قال سمعت أبي عن أبي
قيس مولى عمرو بن العاص
عن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فصل ما
بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور
254

باب
آداب الصوم
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن
عبد الله بن الأشج عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع
عن سلمة بن الأكوع قال لما نزلت وعلى الذين
يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد منا
أن يفطر أفطر وافتدى حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها
ذكر البيان بأن أقل ما يجب على المرء
اجتنابه في صومه الأكل والشرب
أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل حدثنا هشام بن
255

عمار حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا
الحارث بن عبد الرحمن بن أبي
ذباب عن عمه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصيام ليس
من الأكل والشرب فقط إنما الصيام من اللغو والرفث فإن
سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم
قال أبو حاتم اسم عمه عبد الله بن المغيرة بن أبي ذباب
الدوسي وهو الحارث بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذباب الدوسي وهو الحارث بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذباب
ذكر الخبر الدال على أن الصوم إنما يتم باجتناب
المحظورات لا بمجانبة الطعام والشراب والجماع فقط
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست حدثنا
256

سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا بن المبارك عن بن أبي ذئب عن
المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول
الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه
وشرابه
ذكر الزجر عن أن يخرق المرء صومه
بما ليس لله فيه طاعة من القول والفعل معا
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن أبان
257

القرشي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثنا عمرو بن أبي
عمرو عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رب قائم
حظه من قيامه السهر ورب صائم حظه من صيامه الجوع
ذكر الأمر للصائم إذا جهل عليه أن يقول إني صائم
أخبرنا عمران بن موسى حدثنا أبو كامل الجحدري
حدثنا الفضيل بن سليمان حدثنا موسى بن عقبة عن أبي حازم
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم صوم
أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه أحد فليقل
إني امرؤ صائم
258

ذكر الخبر الدال على أن قول الصائم
لمن جهل عليه إني صائم إنما أمر أن يقول بقلبه دون النطق به
أخبرنا بن خزيمة حدثنا محمد بن بشار حدثنا عثمان بن
عمر حدثنا بن أبي ذئب عن عجلان مولى المشمعل
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تساب وأنت
صائم وإن سابك أحد فقل إني صائم وإن كنت قائما
فاجلس
ذكر خبر ثان يدل على صحة ما أومأنا إليه
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم عن
عبد الرحمن بن نمر حدثني الزهري أخبرني
سعيد بن المسيب
259

عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن
سب أحدكم وهو صائم فليقل إني صائم ينهى بذلك عن
مراجعة الصائم
260

باب
صوم الجنب
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي
بالصلاة صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصوم يومئذ
ذكر البيان بأن أبا هريرة مع هذا الخبر من الفضل بن العباس
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا بندار
261

قال حدثنا يحيى عن بن جريج قال حدثني عبد الملك بن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه
أنه سمع أبا هريرة يقول من مطرف جنبا فلا يصوم قال
فانطلق أبو بكر وأبوه حتى دخلا على أم سلمة وعائشة فكلاهما
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا ثم يصوم فانطلق أبو بكر
وأبوه حتى أتيا مروان فحدثاه فقال عزمت عليكما لما
انطلقتما إلى أبي هريرة فحدثتماه فانطلقا إلى أبي هريرة
فحدثاه فقال هما أعلم أخبرنا به الفضل بن العباس
ذكر البيان بأن قوله
يصبح جنبا ثم يصوم أراد به بعد الاغتسال
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثني الليث
262

عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه
قال
أخبرتني عائشة وأم سلمة زوجتا النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
ذكر فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا الشئ المزجور عنه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة قال إسماعيل بن أبي خالد أخبرنا عن
عامر قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
أنه أتى عائشة فقال إن أبا هريرة يفتينا أنه من مطرف
جنبا فلا صيام له فما تقولين له في ذلك فقالت لقد كان
بلال يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤذنه الولاء وإنه لجنب فيقوم
ويغتسل وإني لأرى جري الماء بين كتفيه ثم يظل
صائما
263

ذكر البيان بأن هذا الفعل قد أبيح استعماله ف
ي رمضان وغيره سواء كان السبب إيقاعا أو احتلاما
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث
أن عائشة وأم سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم قالتا كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير احتلام في رمضان ثم
يصوم
ذكر خبر ثان يصرح
بإباحة هذا الفعل المزجور عنه
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج
السامي قال حدثنا أبو عوانة عن مطرف عن عامر عن مسروق
عن عائشة قالت إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت جنبا فيأتيه
بلال لصلاة الغداة فيقوم فيغتسل فأنظر إلى الماء ينحدر من
264

جلده ورأسه ثم أسمع قراءته في صلاة الغداة ثم يظل صائما
قال مطرف فقلت له أفي رمضان قال سواء عليه
ذكر خبر ثالث يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال حدثنا أبو سعيد
الأشج قال حدثنا أسباط عن مطرف عن الشعبي عن مسروق
عن عائشة قالت إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليبيت جنبا فيأتيه
بلال فيؤذنه بالصلاة فيقوم فيغتسل فرأيت تحدر الماء من
شعره ثم يظل يومه صائما
قال مطرف قلت للشعبي في شهر رمضان قال شهر
رمضان وغيره سواء
ذكر الخبر الدال على أن إباحة
هذا الفعل المزجور عنه لم يكن المصطفى صلى الله عليه وسلم
مخصوصا به دون أمته وإنما هي إباحة له ولهم
أخبرنا الحسن بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا
265

محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي
عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن
معمر بن حزم الأنصاري عن أبي يونس مولى عائشة
عن عائشة قالت جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله يدركني الصبح وأنا جنب أفأصوم يومي ذلك
فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ربما أدركني الصبح وأنا جنب فأقوم
وأغتسل وأصلي الصبح وأصوم يومي ذلك فقال الرجل
إنك لست مثلنا إنك قد ورجاله الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني أرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم
بما أتقي
قال أبو حاتم في قوله إني أرجو دليل على إباحة
رجاء الإنسان في الشئ الذي لا يشك فيه بالقول وفيه دليل
على إباحة الاستثناء في الإيمان على السبيل الذي وصفناه في
أول الكتاب
266

ذكر إباحة صوم المرء إذا مطرف وهو جنب
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي
سلمة
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا عن طروقة ثم
يصوم
قال أبو حاتم عبد الله بن عبد الرحمن هذا هو بن
معمر بن حزم أبو طوالة من أهل المدينة ثقة
ذكر الإباحة للجنب إذا مطرف أن يصوم ذلك اليوم
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن
معمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من طروقة ثم
يصوم
267

ذكر إباحة صوم المرء إذا
مطرف وهو جنب ذلك اليوم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن هاجك العابد بهراة قال
حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أن أبا
يونس مولى عائشة
أخبره عن عائشة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي
تسمع من وراء الباب فقال يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا
جنب أفأصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا تدركني الصلاة وأنا
جنب فأصوم فقال لست مثلنا يا رسول الله ورجاله الله لك ما
تقدم من ذنبك وما تأخر قال والله إني لأرجو أن أكون
أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي
ذكر البيان بأن المرء جائز له أن يكون اغتساله
من جنابته بعد طلوع الفجر ومن نيته أن يصوم يومئذ
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني
الليث عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن
هشام أنه قال
أخبرتني عائشة وأم سلمة زوجا النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
268

كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن
عراك بن مالك عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام عن أبيه
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير
حلم ثم يصوم ذلك اليوم
ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة الحديث
أن أبا بكر بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الخبر من أم سلمة
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا الليث بن سعد عن بن شهاب عن أبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه
عن عائشة وأم سلمة أنهما حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم
269

ذكر البيان بأن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
سمع هذا الخبر عن أم سلمة وعائشة وسمعه عن أبيه عنهما
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي
السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن
أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي
قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أدركه الصبح جنبا فلا صوم له فانطلقت أنا وأبى فدخلنا
على أم سلمة وعائشة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم فسألناهما فأخبرتا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم فدخلنا
على مروان بن الحكم فأخبرناه بقولهما وبقول أبي هريرة
فقال مروان عزمت عليكما إلا ذهبتما إلى أبي هريرة فأخبرتماه
فلقينا أبا هريرة وهو عند باب المسجد فقلنا له إن الأمير عزم
علينا في أمر نذكره لك قال وما هو فحدثه أبي فتلون وجه
أبي هريرة وقال هكذا حدثني الفضل بن العباس وهو أعلم
قال الزهري فجعل الحديث إلى غيره
ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن هذا الخبر تفرد به أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث
أخبرنا الحسن بن سفيان قال أخبرنا حبان بن موسى
270

قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن
المسيب عن عامر بن أبي أمية أخي أم سلمة
أن أم سلمة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا ثم
يصوم فرد أبو هريرة فتياه
ذكر البيان بأن إباحة هذا الفعل الذي ذكرناه
لم يكن للمصطفى صلى الله عليه وسلم وحده دون أمته
أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي
كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن
أبي أنيسة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري
عن أبي يونس مولى عائشة
عن عائشة قالت جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله فليخبرنا الصبح وأنا جنب فأصوم يومي ذلك
فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ربما أدركني الصبح وأنا جنب فأقوم
271

وأغتسل وأصلي الصبح وأصوم يومي ذلك فقال الرجل إنك
لست مثلنا إنك قد ورجاله الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
فقال النبي إني أرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي
272

باب
الإفطار وتعجيله
أخبرنا محمد بن سعيد بن سنان الطائي أخبرنا أحمد بن
أبي بكر عن مالك عن أبي حازم
عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
ذكر العلة التي من أجلها
يستحب للصوام تعجيل الإفطار
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب السنجي حدثنا
محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا المحاربي عن محمد بن عمرو
عن أبي سلمة
273

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الدين
ظاهرا ما عجل الناس الفطر إن اليهود والنصارى يؤخرون
ذكر الاستحباب للصوام
تعجيل الإفطار قبل صلاة المغرب
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بخبر غريب حدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن حميد
عن أنس قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلى
صلاة المغرب حتى يفطر ولو على شربة من ماء
274

ذكر ما يستحب للمرء لزوم
التعجيل للإفطار ولو قبل صلاة المغرب
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال
حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن حميد
عن أنس قال ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قط صلى المغرب حتى
يفطر ولو على شربة من ماء
ذكر إثبات الخير بالناس ما داموا يعجلون الفطر
أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل حدثنا هشام بن
عمار حدثني بن أبي حازم عن أبيه
عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزال
الناس بخير ما عجلوا الفطر
ذكر البيان بأن من أحب
العباد إلى الله من كان أعجل إفطارا
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
275

إبراهيم حدثنا الوليد عن الأوزاعي حدثني قرة بن عبد الرحمن عن
الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى
أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا
قال أبو حاتم قرة بن عبد الرحمن هذا هو قرة بن
عبد الرحمن بن حيوئيل اسمه يحيى وقرة لقب من ثقات
أهل مصر
ذكر ما يستحب للصائم
التعجيل للإفطار ضد قول من أمر بتأخيره
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي
قال حدثني قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة
276

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الغنى جل
وعلا أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا
ذكر العلة التي من اجلها
كان يحب صلى الله عليه وسلم تعجيل الإفطار
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال حدثنا
محمد بن إسماعيل الأحمسي قال حدثنا المحاربي عن محمد بن
عمرو بن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الدين
ظاهرا ما عجل الناس الفطر إن اليهود والنصارى يؤخرون
ذكر الخبر المدحض قول من أبطل
مراعاة الأوقات لأداء الطاعات بالحيل والأسباب
أخبرنا بن خزيمة حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي
277

حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن أبي حازم
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال
أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم قال وكان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى على شئ فإذا
قال غابت الشمس أفطر
ذكر الإباحة للمرء
التكلف لإفطاره إذا كان صائما
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال حدثنا جرير عن الشيباني
278

عن عبد الله بن أبي أوفى قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير
وهو صائم إذ قال لبعض أصحابه انزل فاجدح فقال
يا رسول لو أمسيت قال انزل فاجدح لي قال فنزل
فجدح له فشرب ثم قال إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا
فقد أفطر الصائم يعنى من قبل المشرق
ذكر الوقت الذي يحل فيه الإفطار للصوام
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا إبراهيم بن بشار
الرمادي حدثنا سفيان حدثنا أبو إسحاق الشيباني
سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في
279

سفر فقال لرجل انزل فاجدح لنا قال الشمس
يا رسول الله قال انزل فاجدح لنا قال الشمس
يا رسول الله قال انزل فاجدح لنا فنزل فجدح فشرب
فقال إذا رأيتم الليل قد اقبل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا
فقد أفطر الصائم
اجدح خوض السويق قاله أبو حاتم
ذكر الإخبار بأن عين الشمس
إذا سقطت حل للصائم الإفطار
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا سريج بن يونس
حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا اقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر
الصائم
280

ذكر الإخبار عما يستحب للصائم الإفطار عليه
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد حدثنا محمد بن
يحيى الذهلي حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن خالد الحذاء عن
حفصة بنت سيرين
عن سلمان بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا يجد فليفطر على الماء فإنه
طهور
ذكر الاستحباب للمرء
أن يكون إفطار على التمر أو على الماء عند عدمه
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا سلمة بن
281

شبيب حدثنا عبد الرزاق حدثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت
سيرين عن الرباب
عن سلمان بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر
أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليحس حسوة من
ماء
282

باب
قضاء الصوم
ذكر الإباحة للمرأة أن تؤخر
قضاء صومها الفرض إلى أن يأتي شعبان
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا
يعقوب بن حميد قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن
عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة
عن عائشة أنها قالت إن كانت إحدانا لتفطر في زمان
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تقدر أن تقضيه مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأتي
شعبان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر ما كان يصومه في
شعبان كان يصومه الا قليلا بل كان يصومه كله
283

ذكر الأمر بالقضاء لمن نوى صيام التطوع ثم أفطر
أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أملاه
علينا حدثني جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة
عن عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين
متطوعين فأهدى لنا طعام فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
صوما مكانه يوما آخر
ذكر إيجاب القضاء على المستقئ عامدا
مع نفى إيجابه على من ذرعه ذلك بغير قصده
أخبرنا أحمد بن خالد بن عبد الملك بحران حدثنا عمى
284

أبو وهب الوليد بن عبد الملك حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن
حسان عن بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذرعه القئ
وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض
285

ذكر نفي إيجاب القضاء عن
الآكل والشارب في صومه غير ذاكر لما يأتي منه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا هشام عن محمد
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل الصائم
ناسيا وشرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه
286

أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله عن هشام عن بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل الصائم
ناسيا فليتم صومه فإنما الله وسقاه
ذكر نفي القضاء والكفارة
على الآكل الصائم في شهر رمضان ناسيا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا إبراهيم بن
287

محمد بن الاستثناء الباهلي بالبصرة حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أفطر في شهر
رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة
ذكر الإباحة للصائم إذا أكل أو شرب ناسيا
ان يتم صومه من غير حرج يلزمه فيه
أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي بالبصرة قال حدثنا
عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب وهشام
عن بن سيرين
عن أبي هريرة وقتادة عن بن سيرين عن أبي هريرة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا
رسول الله إني كنت صائما فأكلت وشربت ناسيا فقال
288

رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمك الله وسقاك أتم صومك
289

باب
الكفارة أخبرنا الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم
الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب
عن حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم
ان يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو اطعام ستين مسكينا
قال لا أجد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال خذ هذا
فتصدق به فقال يا رسول الله ما أجد أحدا أحوج منى
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال كله
290

قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يقل أحد في هذا الخبر
عن الزهري أو صيام شهرين أو اطعام ستين مسكينا الا مالك
وابن جريج
292

وقول الرجل أفطرت أي واقعت
ذكر البيان بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر المجامع في شهر الصوم
بصيام شهرين عند عدم القدرة على الرقبة وبإطعام ستين مسكينا عند
عدم القدرة على الصوم لا أنه يخير بين هذه الأشياء الثلاثة
أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد قال
حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا سفيان عن الزهري عن حميد بن
عبد الرحمن
انه سمع أبا هريرة يقول جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
هلكت فقال وما شأنك قال وقعت على امرأتي قال
فهل تجد ما تعتق به رقبة قال لا قال أتستطيع أن تصوم
شهرين متتابعين قال لا قال
أتستطيع ان تطعم ستين
مسكينا قال لا قال اجلس فأتى بعرق فيه تمر وهو
المكتل الضخم قال خذ هذا فتصدق به على ستين
مسكينا قال ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا قال فضحك
293

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه قال خذه واطعمه عيالك
ذكر البيان بأن قول السائل الذي وصفناه
وقعت على امرأتي أراد به في شهر رمضان
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا إسحاق بن بكر بن
مضر عن أبيه عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن بن
شهاب عن حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة أن رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه
294

وقع بامرأته في رمضان فقال هل تجد رقبة قال لا قال
هل تستطيع صيام شهرين قال لا قال تطعم ستين
مسكينا قال لا أجد فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا وأمره ان
يتصدق به قال فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فأمره ان يأخذه
هو
ذكر البيان بأن المجامع في شهر رمضان
إذا أراد الإطعام له ان يعطى ستين مسكينا
لكل مسكين ربع الصاع وهو المد
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن
حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله هلكت
قال ويحك وما ذاك قال وقعت على امرأتي في يوم من
شهر رمضان قال أعتق رقبة قال ما أجد قال فصم شهرين
متتابعين قال ما أستطيع قال أطعم ستين مسكينا
295

قال ما أجد قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه خمسة عشر
صاعا من تمر فقال له فتصدق به قال على أفقر من
أهلي ما بين لابتى المدينة أحوج من أهلي فضحك
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه وقال خذه واستغفر الله
واطعمه أهلك
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم
أمر المواقع أهله في رمضان بالكفارة مع الاستغفار
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي
عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله هلكت
قال وما ذاك قال وقعت على امرأتي في يوم من شهر
رمضان قال أعتق رقبة قال ما أجدها قال صم شهرين
متتابعين قال لا أستطيع قال فأطعم ستين مسكينا قال
لا أجد قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فقال خذه فتصدق به
296

فقال يا رسول الله
على غير أهلي فوالذي نفسي بيده ما بين
طنبي المدينة أحد أفقر منى فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
بدت أنيابه ثم قال خذه واستغفر ربك
ذكر إيجاب الكفارة
على المواقع أهله متعمدا في شهر رمضان
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا يحيى بن سعيد عن
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
عباد بن عبد الله بن الزبير
عن عائشة قالت اتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر انه
احترق فسأله عن امره فذكر انه وقع على امرأته في رمضان
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكتل يدعى العرق فيه تمر فقال أين
المحترق فقام الرجل فقال تصدق بهذا
297

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر هذا بالإطعام
بعد ان عجز عن العتق وعن صيام شهرين متتابعين
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا
شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن
ان أبا هريرة قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال وما لك
قال وقعت على امرأتي وانا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل
تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم
شهرين متتابعين
قال لا والله يا رسول الله قال هل تجد
إطعام ستين مسكينا قال لا يا رسول الله قال فسكت
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة بينا نحن على ذلك أتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر والعرق المكتل فقال أين
298

السائل آنفا خذ هذا التمر فتصدق به فقال الرجل على أفقر
من أهلي يا رسول الله والله ما بين لا بتيها يريد الحرتين أهل
بيت أفقر من أهل بيتي قال فضحك رسول صلى الله عليه وسلم حتى بدت
أنيابه ثم قال أطعمه أهلك
ذكر الخبر الدال على أن المواقع أهله
في رمضان إذا وجب عليه صيام شهرين متتابعين
ففرط فيه إلى أن نزلت المنية به قضى الصوم عنه بعد موته
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عثمان بن أبي
شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن الحكم وسلمة بن
كهيل ومسلم البطين عن سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء
عن بن عباس قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
إن أختي ماتت وعليها صيام شهرين متتابعين قال أرأيت لو
كان على أختك دين أكنت تقضينه قالت نعم قال فحق
الله أحق
299

باب
حجامة الصائم
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو
المنقري قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن عكرمة
عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم
300

ذكر الزجر عن الشئ
الذي يخالف الفعل الذي ذكرناه في الظاهر
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا
الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو قلابة أن أبا
أسماء الرحبي حدثه
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
لثمان عشر خلت من شهر رمضان إلى البقيع فنظر
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يحتجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر
الحاجم والمحجوم
301

ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة الحديث
أن خبر أبي قلابة الذي ذكرناه معلول
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال
أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عاصم عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن
أبي أسماء الرحبي
عن شداد بن أوس قال بينما أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في
ثمان عشرة خلت من رمضان إذ حانت منه التفاته فأبصر رجلا
يحتجم فقال صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم
302

قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر أبو قلابة عن
أبي أسماء عن ثوبان وسمعه عن أبي الأشعث عن أبي أسماء
عن شداد بن أوس وهما طريقان محفوظان وقد جمع شيبان بن
عبد الرحمن بين الإسنادين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي
قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان وعن أبي الأشعث عن أبي
أسماء عن شداد بن أوس
ذكر مخالفة خالد الحذاء عاصما في روايته التي ذكرناها
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا بندار حدثنا عبد
303

الوهاب حدثنا خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني
عن شداد بن أوس قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
البقيع زمان الفتح فنظر إلى رجل يحتجم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم
304

ذكر خبر ثان يصرح
بالزجر عن الفعل الذي ذكرناه قبل
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا العباس بن
عبد العظيم العنبري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن
يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن
يزيد
عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر
الحاجم والمحجوم
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذان خبران قد أوهما عالما
من الناس أنهما متضادان وليسا كذلك لأنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو
صائم محرم ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم في خبر صحيح أنه احتجم وهو
صائم دون الإحرام ولم يكن صلى الله عليه وسلم محرما قط الا وهو مسافر
والمسافر قد أبيح له الإفطار إن شاء بالحجامة وان شاء بالشربة
من الماء وإن شاء بالشربة من اللبن أو بما شاء من الأشياء
306

وقوله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم لفظة إخبار عن فعل
مرادها الزجر عن استعمال ذلك الفعل نفسه
ذكر وصف ما يحتجم المرء به إذا كان صائما
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هشام بن عمار حدثنا
سعيد بن يحيى حدثنا جعفر بن برقان عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا طيبة ان يأتيه مع
غيبوبة الشمس فأمره أن يضع المحاجم مع افطار الصائم
فحجمه ثم سأله كم خراجك قال صاعين فوضع
النبي صلى الله عليه وسلم عنه صاعا
307

قال أبو حاتم سعيد بن يحيى يعرف بسعدان من أهل
دمشق ثقة مأمون مستقيم الأمر في الحديث
308

باب
قبلة الصائم
ذكر جواز تقبيل المرء امرأته إذا كان صائما
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أنها كانت تقول إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل
بعض نسائه وهو صائم ثم ضحكت
ذكر الإخبار عن جواز تقبيل المرء أهله وهو صائم
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
309

يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد
ربه بن سعيد عن عبد الله بن كعب الحميري
عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبل
الصائم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل هذه أم سلمة فأخبرته
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فقال يا رسول الله قد ورجاله الله
لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله والله إني
أتقاكم لله وأخشاكم له
ذكر الإباحة للرجل الصائم أن يقبل امرأته
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا علي بن المديني
قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى بن أبي
310

كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن
عروة بن الزبير أخبره
أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو
صائم
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار
حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه وهو
صائم
ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن هذا الخبر تفرد به عروة بن الزبير
أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا قال حدثنا
جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا يحيى بن حسان قال حدثنا الليث بن
سعد عن يحيى بن سعيد عن عمرة
311

عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو
صائم
ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل لم يكن
من المصطفى صلى الله عليه وسلم لعائشة وحدها دون سائر أزواجه
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا
جرير عن منصور عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل
عن حفصة بنت عمر قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو
صائم
312

ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل
مباح لمن ملك إربه وأمن ما يكره من متعقبه
أخبرنا أحمد بن عبد الله الفندوري بحران قال حدثنا
النفيلي قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن
القاسم بن محمد
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم
وتقول أيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر الإباحة للرجل الصائم
تقبيل امرأته ما لم يكن وراءه شئ يكرهه
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد قال حدثنا بكير بن عبد الله بن
الأشج عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري عن جابر بن عبد الله
313

أن عمر بن الخطاب قال هششت فقبلت وأنا صائم
فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لقد صنعت اليوم أمرا عظيما
قال وما هو قلت قبلت وانا صائم فقال صلى الله عليه وسلم أرأيت
لو مضمضت من الماء قلت إذا لا يضر قال
ففيم
ذكر البيان بأن هذا الفعل مباح
للمرء في صوم الفرض والتطوع معا
أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه
وهو صائم قلت لعائشة في الفريضة والتطوع قالت عائشة
في كل ذلك في الفريضة والتطوع
314

قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر أبو سلمة بن
عبد الرحمن عن عمر بن عبد العزيز عن عروة عن عائشة وسمعه
من عائشة نفسها والدليل على صحته أن معمرا قال عن
الزهري عن أبي سلمة قال قلت لعائشة في الفريضة
والتطوع فمرة أدى الخبر عن عمر بن عبد العزيز عن عروة عن
عائشة وأخرى أدى الخبر عنها نفسها
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر
في صناعة العلم أن تقبيل الصائم امرأته غير جائز
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن العباس بن
ذريح عن الشعبي عن محمد بن الأشعث
عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يلمس من وجهي
من شئ وانا صائمة
315

ذكر الخبر الذي يضاد خبر
محمد بن الأشعث الذي ذكرناه في الظاهر
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أنها كانت تقول إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل
بعض نسائه وهو صائم ثم تضحك
قال أبو حاتم رضي الله عنه كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أملك
الناس لإربه وكان يقبل نساءه إذا كان صائما أراد به التعليم أن
مثل هذا الفعل ممن يملك إربه وهو صائم جائز وكان
يتنكب صلى الله عليه وسلم استعمال مثله إذا كانت هي صائمة علما منه بما ركب
في النساء من الضعف عند الأسباب التي ترد عليهن فكان
يبقى عليهن صلى الله عليه وسلم بترك ذلك الفعل إذا كن بتلك الحالة
من غير أن يكون بين هذين الخبرين تضاد أو تهاتر
316

باب
صوم المسافر
أخبرنا الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني بن سالم وعمر بن
سعيد بن سنان الطائي بمنبج والحسين بن عبد الله بن يزيد الرافقي
بالرقة ومحمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان وعبد الله بن
محمد بن سلم الفريابي ببيت المقدس ومحمد بن عبيد الله الكلاعي
بحمص ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة لقطاع بصيدا في آخرين
قالوا حدثنا محمد بن المصفى وهذا حديثه وقال حدثنا محمد بن
حرب عن عبيد الله بن عمر عن نافع
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من البر
الصيام في السفر
317

ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم
صناعة الحديث أن الصوم في السفر غير جائز
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح
إلى مكة حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس ثم دعا بقدح من
ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك
إن بعض الناس قد صام فقال أولئك العصاة أولئك
العصاة
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم أولئك العصاة
إنما أطلق عليهم هذه اللفظة بتركهم الأمر
الذي أمرهم به وهو
الإفطار لا أنهم صاروا عصاة بصومهم في السفر
318

ذكر السبب الذي من أجله أمرهم صلى الله عليه وسلم بالإفطار
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى
قال أخبرنا عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر
من ماء السماء وهو على بغلة له والناس صيام فقال اشربوا
فجعلوا ينظرون إليه فقال اشربوا فإني راكب وإني أيسركم
التجارة مشاة فجعلوا ينظرون إليه فحول وركه فشرب وشرب
الناس
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر
في صناعة الحديث أن الصائم في السفر يكون عاصيا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح وأنه صام حتى
بلغ كراع الغميم وصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه
حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك ان بعض
الناس قد صام قال أولئك العصاة
319

قال أبو حاتم رضي الله عنه سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العصاة
بتركهم الأمر الذي أمرهم بالإفطار في السفر ليقووا به لا أنهم
عصاة بصومهم في السفر إذ الصوم والافطار في السفر جميعا
طلق مباح
ذكر العلة التي من اجلها كره صلى الله عليه وسلم الصوم في السفر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر قالا حدثنا
شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصاري عن
محمد بن عمرو بن الحسن
عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد
اجتمع الناس وقد ظلل عليه فقال ما هذا قالوا رجل
صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس البر أن تصوموا في
السفر
320

ذكر الخبر الدال على أن الصوم في السفر إنما كره
مخافة أن يضعف المرء دون أن يكون استعماله ضدا للبر
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي
الجهضمي قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا عمارة بن
غزية عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة
عن جابر بن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزاة تبوك وكانت تدعى غزوة العسرة فبينما نسير بعدما أضحى
النهار فإذا هو بجماعة تحت ظل شجرة فقالوا يا رسول الله
321

رجل صام فجهده الصوم فقال صلى الله عليه وسلم ليس البر أن تصوموا في
السفر
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن عمارة بن غزية عن محمد بن
عبد الرحمن بن سعد
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض
أسفاره ورأي ناسا مجتمعين على رجل فسأل فقالوا رجل
جهده الصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس البر الصيام في
السفر
ذكر الإباحة للمسافر أن يفطر لعلة تعتريه
أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثني الليث
عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في شهر
322

رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر قال فكان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الا حدث فالأحدث من امره
ذكر الأمر للمسافر الماشي أو الضعيف بالإفطار
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا
خالد عن الجريري عن أبي نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على نهر من
ماء وهو على بغلته والناس صيام والمشاة كثير فقال اشربوا
فجعلوا ينظرون إليه فقال اشربوا فإني آمركم فجعلوا
ينظرون فحول وركه فشرب وشرب الناس
323

ذكر الزجر عن صوم المرء في السفر
إذا علم أنه يضعفه حتى يصير كلا على أصحابه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا أبو داود الحفري قال حدثنا سفيان
الثوري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام بمر الظهران
فقال لأبي بكر وعمر كلا فقالا إنا صائمان فقال ارحلوا
لصاحبيكما اعملوا لصاحبيكما ادنوا فكلا
قال أبو حاتم رضي الله عنه يريد به كأني بكما وقد
احتجتما إلى الناس من الضعف إلى أن تقولوا ارحلوا
لصاحبيكما اعملوا لصاحبيكما
ذكر إسقاط الحرج عن الصائم المسافر
إذا وجد قوة المفطر المسافر إذا ضعف عنه
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن
324

علي قال أخبرنا يزيد بن زريع عن الجريري عن أبي نضرة
عن أبي سعيد قال كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر على الصائم يرون ان من وجد قوة فصام فهو حسن ومن وجد ضعفا فأفطر
فهو حسن
ذكر البيان بأن بعض المسافرين إذا افطروا
قد يكونون أفضل من بعض الصوام في بعض الأحوال
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني قال حدثنا
سلم بن جنادة قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا عاصم الأحول عن
مورق العجلي
325

عن أنس بن مالك قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فمنا
الصائم ومنا المفطر ونزلنا منزلا يوما حارا شديد الحر فمنا من
يتقى الشمس بيده وأكثرنا ظلا صاحب كساء يستظل به
الصائمون وقام المفطرون يضربون الأبنية ويصلحون
الركائب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب المفطرون اليوم
بالأجر
ذكر البيان بأن المرء مخير
إذا كان مسافرا في الصوم والافطار معا
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
الحسن بن تسنيم قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا شعبة عن
هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة ان حمزة الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
326

الصوم في السفر فقال أنت بالخيار إن شئت فصم وإن
شئت فأفطر
327

ذكر البيان بأن الصوم والافطار
جميعا في السفر طلق مباح
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني
حميد
عن أنس بن مالك أنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
رمضان وصام صائمنا وأفطر مفطرنا فلم يعب الصائم على
المفطر ولا المفطر على الصائم
ذكر البيان بأن الصوم والافطار
في السفر جميعا طلق مباح
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا
شعبة عن قتادة عن أبي نضرة
328

عن أبي سعيد الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسبع عشرة حين فتح مكة فصام صائمون وأفطر مفطرون فلم
يعب هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء
ذكر جواز افطار المرء في شهر رمضان في السفر
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله
عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح
في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس معه
وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
329

ذكر الإباحة للمسافر
ان يفطر في سفره صيام الفريضة عليه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن
موهب قال حدثني الليث عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في شهر
رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر قال وكان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الا حدث فالأحدث من امره
ذكر العلة التي من اجلها أفطر صلى الله عليه وسلم في ذلك السفر
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا
عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير
عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان فاشتد الصوم
على رجل من أصحابه فجعلت ناقته تهيم به تحت ظلال
الشجر فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره فأفطر ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بإناء فيه ماء فوضعه على يده فلما رآه الناس شرب شربوا
330

ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم
صناعة الحديث انه مضاد لخبر جابر الذي ذكرناه
أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو القرشي أبو زيد بالبصرة
قال حدثنا عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا أبو عوانة عن منصور
عن مجاهد عن طاوس
عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى
مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراه
الناس فأفطر حتى قدم مكة وذلك في رمضان وكان بن
عباس يقول قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر فمن شاء صام
ومن شاء أفطر
331

ذكر البيان بأن الأمر بالإفطار
في السفر أمر إباحة لا أمر حتم متعر عنها
أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الأسود عن
عروة بن الزبير عن أبي عن أبي مراوح عن
ن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال يا رسول الله أجد لي
قوة على الصيام في السفر فهل على جناح فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن
ومن أحب ان يصوم فلا جناح عليه
332

قال أبو حاتم رحمة الله عليه سمع هذا الخبر عروة بن
الزبير عن عائشة وأبى مراوح عن حمزة بن عمرو
ولفظاهما مختلفان
ذكر الخبر الدال على أن
الإفطار في السفر أفضل من الصوم
أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن
غزية عن حرب بن قيس عن نافع
عن بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يحب ان
تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه
333

باب
الصيام عن الغير
ذكر الخبر المدحض قول من زعم
أن الصوم لا يجوز من أحد عن أحد
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن
يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي
جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة
عن عائشة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
مات وعليه صيام صام عنه وليه
334

ذكر الخبر المدحض قول
من نفى جواز صوم أحد عن أحد
أخبرنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني بالكرخ قال
حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا أبو خالد الأحمر قال
حدثنا الأعمش عن الحكم ومسلم البطين وسلمة بن كهيل عن
سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد
عن بن عباس قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
يا رسول الله ان أختي ماتت وعليها صيام شهرين متتابعين فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضينه
قالت نعم قال فحق الله أحق
335

باب
الصوم المنهى عنه
ذكر الزجر عن حمل المرء
على نفسه من الصيام ما عسى يضعف عنه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي
عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة
عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم
أخبر انك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله
قال فلا تفعل نم وقم وصم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا
وان لزورك عليك حقا وان لزوجتك عليك حقا وانى
مخيرك ان تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فان بكل حسنة عشرة
أمثالها فإذا ذلك صيام الدهر كله فقلت يا رسول الله إني أجد
قوة قال صم من كل جمعة ثلاثة أيام قال فشددت فشدد
على قلت يا رسول الله قال إني
أجد قوة قال صم صيام نبي الله
337

داود ولا تزد عليه قلت فما صيام نبي الله داود قال نصف
الدهر
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم وان لزورك
عليك حقا ليس في خبر الا في هذا الخبر وفيه دليل على أن
إباحة إفطار المرء لضيف ينزل به وزائر يزوره
338

ذكر الزجر عن أن تصوم المرأة
إلا بإذن زوجها إن كان شاهدا
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه
عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوم المرأة
وبعلها شاهد إلا بإذنه
ذكر البيان بأن هذا الزجر إنما
زجرت المرأة عن أن تصوم سوى شهر رمضان
أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرطوس قال حدثنا حامد بن
يحيى البلخي قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عنه موسى بن أبي
عثمان عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصومن امرأة
339

يوما سوى شهر رمضان وزوجها شاهد إلا بإذنه
340

فصل ف
ي صوم الوصال
أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا محمد بن
المنهال الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي
عروبة عن قتادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تواصلوا
قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال قال إني
لست كأحدكم ان
ربي يطعمني تصدية
أخبرنا عبد الله محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
341

إبراهيم قال عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي
سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تواصلوا قالوا
يا رسول الله انك تواصل فقال قال إني
لست مثلكم قال إني
أبيت
يطعمني ربي تصدية فلن ينتهوا عن الوصال فواصل بهم
النبي صلى الله عليه وسلم يومين وليلتين ثم رأوا الهلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو
تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم
ذكر العلة التي من اجلها نهى عن الوصال
أخبرنا لنظنك حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي عن
شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج
342

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إياكم والوصال إياكم والوصال قالوا فإنك تواصل يا رسول الله فقال إني
لست في ذلك مثلكم قال إني
أبيت يطعمني ربي تصدية فاكفلوا
من العمل ما لكم به طاقة
ذكر البيان بأن الوصال المنهى عنه
يباح للمرء استعماله من السحر إلى السحر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني
قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حياة وعمر بن مالك وذكر عمر آخر
معهما عن بن الهاد عن عبد الله بن خباب
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن
الوصال فقيل له فإنك تواصل قال لستم كهيئتي قال إني
أبيت
لي مطعم يطعمني وساق يسقيني فأيكم واصل فمن السحر إلى
سحر
343

ذكر الزجر عن استعمال الوصال في الصيام
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن
حنبل قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل وعبد الله بن الوليد عن سفيان
عن سلمة بن كهيل عن قزعة
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وصال في
الصيام
ذكر الزجر عن الوصال في الصيام
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن
يحيى القطان عن شعبة عن قتادة
344

عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تواصلوا قالوا
إنك تواصل قال إني لست كأحدكم إني أطعم وأسقى
قال أبو حاتم هذا الخبر دليل على أن الاخبار التي فيها
ذكر وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه هي كلها أباطيل وإنما
معناها الحجز لا الحجر والحجز طرف الإزار إذ الله جل وعلا
كان يطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسقيه إذا واصل فكيف يتركه جائعا
مع عدم الوصال حتى يحتاج إلى شد حجر على بطنه وما يغنى
الحجر عن الجوع
345

فصل
في صوم الدهر
ذكر الإباحة للمرء ترك
صوم الدهر وإن كان قويا عليه
أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال حدثنا
عبد الله بن معاوية الجمحي قال حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد
الجريري عن عبد الله بن شقيق
عن عائشة قالت ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا قط كاملا الا
رمضان ولا أفطر شهرا كاملا قط وما كان يصوم شهرا أكثر مما
كان يصوم في شعبان
346

أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال
حدثني عطاء بن أبي رباح
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام
الأبد فلا صام ولا أفطر
347

ذكر الخبر الدال على أن
هذا الزجر إنما قصد به بعض الدهر لا الكل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا وهب بن
بقية قال أخبرنا خالد عن الجريري عن أبي العلاء عن مطرف
عن عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له ان فلانا لا
يفطر نهارا الدهر الا ليلا فقال صلى الله عليه وسلم لا صام ولا أفطر
قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر كالدليل على أن
اللفظة التي في خبر عبد الله بن عمرو من صام الأبد فلا
صام ولا أفطر أراد به الأبد وفيه الأيام التي نهى عنها عن
صيامها مثل أيام التشريق والعيدين
ذكر الاخبار عن نفى
جواز سرد المسلم صوم الدهر
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي
348

شيبة حدثنا عبيد بن سعيد قال سمعت شعبة عن قتادة عن
مطرف بن عبد الله بن الشخير
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام الأبد فلا صام
ولا أفطر
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم من صام الأبد فلا صام ولا
أفطر يريد به من صام الأبد وفيه الأيام التي عن صيامها
مثل أيام التشريق من العيدين فلا صام ولا أفطر يريد به فلا
صام الدهر كله فيؤجر عليه من غير مفارقته الإثم الذي ارتكبه
بصوم الأيام التي نهى عن صيامها ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من صام
الدهر ضيق عليه جهنم هكذا وعقد عليه تسعين يريد به ضيق
عليه جهنم بصومه الأيام التي نهى عن صيامها في دهره
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا حفص بن
عمر الحوضى قال حدثنا الضحاك بن يسار عن أبي تميمة الهجيمي
عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام
الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين
349

أخبرناه الفضل بن الحباب مرة أخرى قال وضم على
تسعين قال أبو حاتم القصد في هذا الخبر صوم الدهر الذي
فيه أيام التشريق والعيدين وأوقع التغليظ على من صام الدهر
من أجل صومه الأيام التي نهى عن صيامها لا انه إذا صام الدهر
وقوى عليه من غير الأيام التي نهى عن صيامها يعذب في
القيامة
وأبو تميمة الهجيمي اسمه طريف بن مجالد بصرى
مات سنة خمس وتسعين
350

فصل
في صوم يوم الشك
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال حدثنا
عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن
قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال
كنا عند عمار بن ياسر فاتى بشاة مصلية فقال كلوا
فتنحى بعض القوم وقال قال إني
صائم فقال عمار بن ياسر من
صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
351

ذكر الصفة التي أبيح بها
استعمال هذا الفعل المزجور عنه
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد عن الأوزاعي قال حدثنا
يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة
352

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا صيام
شهر رمضان بصيام يوم أو يومين الا رجل كان يصوم صياما
فليصمه
ذكر خبر أوهم من لم يحكم
صناعة الحديث انه مضاد هذا الفعل المزجور
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج
السامي قال حدثنا مهدي بن ميمون عن ثابت عن مطرف
353

عن عمران بن حصين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لرجل
اصمت من سرر هذا الشهر شيئا قال لا قال فإذا أفطرت
فصم يوما أو يومين
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
اصمت من سرر هذا الشهر أراد به سرار شعبان
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال
أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف
عن عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولرجل
اصمت من سرر شعبان شيئا قال لا فإذا أفطرت
فصم يومين
354

قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم اصمت من سرر هذا الشهر
يسير استخبار عن فعل مرادها الاعلام بنفي جواز استعمال
ذلك الفعل المستخبر عنه كالمنكر عليه لو فعله وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم
لعائشة أتسترين الجدار لأراد به الإنكار عليها بلفظ
الاستخبار وأمره صلى الله عليه وسلم بصوم يومين من شوال أراد به وثلاثمائة
السرار وذلك أن الشهر إذا كان تسعا وعشرين يستتر القمر يوما
واحدا وإذا كان الشهر ثلاثين يستتر القمر يومين والوقت الذي
خاطب صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب يشبه أن يكون عدد شعبان كان ثلاثين
من أجله أمر بصوم يومين من شوال
ذكر خبر أوهم غير المتبحر
في صناعة العلم أنه مضاد للأخبار التي تقدم ذكرنا لها
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال حدثنا
355

يحيى بن حكيم قال حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة قال حدثنا
روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان النصف من
شعبان فأفطروا حتى يجئ رمضان
ذكر العلة التي من اجلها
زجر عن الصوم في نصف الأخير من شعبان
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا يحيى بن محمد بن
السكن قال حدثنا يحيى بن كثير قال حدثنا شعبة عن سماك بن
حرب قال
دخلت على عكرمة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان
وهو يأكل فقال ادن فكل قلت قال إني
صائم فقال والله
لتدنون قلت فحدثني قال حدثني بن عباس ان
356

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستقبلوا الشهر استقبالا صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته فان حال بينكم وبينه غبرة سحاب أو قترة
فأكملوا العدة ثلاثين
357

ذكر الزجر عن إنشاء الصوم
بعد النصف الأول من شعبان
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا أبو عامر العقدي قال حدثنا زهير بن محمد عن
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صوم بعد
النصف من شعبان حتى يجئ شهر رمضان
ذكر الزجر عن أن يتقدم المرء
صيام رمضان بصوم يوم أو يومين مبتدأين
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا هشام بن
عمار قال حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين قال حدثنا الأوزاعي
قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن
قال
حدثني أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا
بين يدي رمضان بيوم أو يومين الا رجل كان يصوم صياما
فليصمه
358

ذكر الزجر عن أن يصوم المرء
اليوم الذي يشك فيه امن شعبان أم من رمضان
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا
إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع
عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما الشهر
تسع قرة فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فان أغمي
عليكم فاقدروا له
359

ذكر خبر ثان يصرح بالزجر عن صوم يوم الشك
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد املاء قال حدثنا
قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا قبل
رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان حالت دونه غياية
فأكملوا ثلاثين
ذكر البيان بأن من صام اليوم
الذي يشك فيه أمن شعبان هو أم من رمضان
كان آثما عاصيا إذا كان عالما بنهي المصطفى صلى الله عليه وسلم عنه
أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب السنجي قال حدثنا
360

عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن
قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال
كنا عند عمار بن ياسر فاتى بشاة مصلية فقال كلوا فتنحى
بعض القوم وقال قال إني
صائم فقال عمار بن ياسر من صام
اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
ذكر الزجر عن صوم
اليوم الذي يشك فيه امن شعبان هو أم من رمضان
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن
صلة بن زفر قال
كنا عند عمار بن ياسر في اليوم الذي يشك فيه من رمضان
فاتى بشاة فتنحى بعض القوم فقال عمار بن ياسر من صام
هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
ذكر إباحة صوم المرء اليوم الذي يشك فيه امن شعبان هو
أمن رمضان إذا غم على الناس الرؤية
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
361

يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني
عبد الله بن دينار
انه سمع بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا
حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه الا ان يغم
عليكم فان غم عليكم فاقدروا له
362

فصل
في صوم يوم العيد
ذكر الزجر عن صوم اليومين اللذين يعيد فيهما
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج
عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم
الفطر ويوم الأضحى
ذكر الزجر عن صيام يوم العيد للمسلمين
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل
الطالقاني قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن
إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قزعة
363

عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صوم في يوم
عيد
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
لا صوم في يوم عيد أراد به الفطر والأضحى
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن بن شهاب
364

عن أبي عبيد مولى بن أزهر قال شهدت العيد مع
عمر بن الخطاب فجاء فصلى فخطب الناس
فقال إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما
يوم فطركم من صيامكم والأخر يوم تأكلون فيه من نسككم
قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء
فصلى ثم انصرف فخطب فقال إنه قد اجتمع لكم في
يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية ان ينتظر الجمعة
فلينتظرها ومن أحب ان يرجع فليرجع فقد أذنت له
قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب
وعثمان فأمكنهم فجاء فصلى ثم انصرف فخطب الناس
365

فصل
في صوم أيام التشريق
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام منى أيام
أكل وشرب
366

قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم أيام منى أيام
أكل وشرب لفظة أخبار عن استعمال هذا الفعل مرادها الزجر
عن ضده وهو صوم أيام منى فقيد بالزجر عن صوم هذه
الأيام بلفظ الأمر بالأكل والشرب فيهما
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا يعقوب بن
إبراهيم الدورقي قال حدثنا هشيم قال حدثنا عمر بن أبي سلمة عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام
طعم وذكر
367

قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم أيام طعم لفظة أخبار مرادها
الزجر عن صيام أيام التشريق فزجر عن صيام هذه الأيام بلفظ
إباحة الأكل فيها فقال أيام طعم وقوله صلى الله عليه وسلم وذكر قصد
به الندب والارشاد
ذكر العلة التي من اجلها
نهى صلى الله عليه وسلم عن صيام هذه الأيام
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعد بن يزيد الفراء
قال حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه
عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم عرفة ويوم
النحر وأيام التشريق هن عيدنا أهل الإسلام هن أيام أكل
وشرب
368

فصل
في صوم يوم عرفة
ذكر ما يستحب للمرء مجانبة الصوم
يوم عرفة إذا كان بعرفات ليكون أقوى على الدعاء
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو كامل
الجحدري قال حدثنا إسماعيل بن علية قال حدثنا عبد الله بن أبي
نجيح عن أبيه قال
سئل بن عمر عن صوم يوم عرفة قال حججت مع
النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه وحججت مع أبي بكر فلم يصمه
وحججت مع عمر فلم يصمه وحججت مع عثمان فلم يصمه
وانا لا أصومه ولا آمر به ولا انهى عنه
369

ذكر الإباحة للمرء ان يفطر يوم عرفة
بعرفات حتى يكون أقوى على الدعاء في ذلك اليوم
أخبرنا خالد بن النضر بن عمرو بالبصرة قال حدثنا عبد
الواحد بن الصالح قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب عن عكرمة
عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى برمان يوم عرفة فاكل
قال وحدثتني أم الفضل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى يوم عرفة بلبن
فشرب منه
370

ذكر ما يستحب للواقف بعرفة
الإفطار ليتقوى به على دعائه وابتهاله
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله
عن عمير مولى بن عباس
عن أم الفضل بنت الحارث ان ناسا تماروا عندها يوم عرفة
في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس
بصائم فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن وهو واقف على
بعيره فشرب
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر تفرد به عمير مولى بن عباس
أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن
وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن كريب
مولى بن عباس
371

عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثمائة قالت إن الناس شكوا في
شأن النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه ميمونة بحلاب وهو واقف
في الموقف فشرب والناس ينظرون
قال أبو حاتم في حجة الوداع كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم معه
وكذلك جماعة من قرابته فيشبه أن تكون أم الفضل وميمونة
كانتا بعرفات في موضع واحد حيث حمل القدح من اللبن من
عندهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنسب القدح وبعثته إلى أم الفضل في
خبر والى ميمونة في آخر
ذكر الإباحة للمرء ترك صوم
العشر من ذي الحجة وان امن الضعف لذلك
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني قال حدثنا
مجاهد بن موسى المخرمي ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا حدثنا أبو
معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود
372

عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام العشر
قط
373

فصل
في صوم يوم الجمعة
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن
إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة
قال أخبرني عبد الله بن عمرو القارى قال
سمعت أبا هريرة يقول ما انا نهيت عن صيام يوم
الجمعة محمد صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة نهى عنه
374

ذكر العلة التي من اجلها نهى عنه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن رجل من بنى
الحارث بن كعب يقال له أبو الأوبر قال
كنت قاعدا عند أبي هريرة إذ جاءه رجل فقال إنك نهيت
الناس عن صيام يوم الجمعة قال ما نهيت الناس ان يصوموا
يوم الجمعة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصوموا
يوم الجمعة فإنه يوم عيد إلا أن تصلوه بأيام
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم بأيام يريد به بعض الأيام
أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن
سليمان عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب
عن عبد الله بن عمرو قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم على جويرية
375

بنت الحارث يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس
قالت لا قال أفتريد ان تصومي غدا قالت لا قال
فأفطرى
ذكر الزجر عن أن يخص المرء ليلة الجمعة ويومها
بشئ من العبادة دون سائر الأيام والليالي
أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا موسى بن عبد الرحمن
376

المسروقي قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن بن
سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخصوا ليلة
الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من
بين الأيام
ذكر الزجر عن تخصيص
يوم الجمعة حذفتها بالصيام والقيام
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا موسى بن
عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن
هشام عن بن سيرين
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخصوا يوم
الجمعة بصيام من بين الأيام ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من
بين الليالي
377

ذكر البيان بأن صوم يوم الجمعة
مباح إذا صام المرء معه الخميس أو السبت
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
قال حدثنا معاوية عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصوم أحدكم
يوم الجمعة الا ان يصوم قبله أو بعده
378

فصل
في صوم يوم السبت
ذكر الزجر عن صوم يوم السبت مفردا
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا الحكم بن موسى قال
حدثنا مبشر بن إسماعيل عن حسان بن نوح قال
سمعت عبد الله بن بسر المازني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ترون يدي هذه بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول
لا تصوموا يوم السبت الا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم
إلا لحاء شجرة فليفطر عليه
379

ذكر العلة التي من اجلها نهى عن صيام يوم السبت
مع البيان بأنه إذا قرن بيوم آخر جاز صومه
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أحمد بن
منصور المروزي زاج قال حدثنا سلمة بن سليمان قال أخبرنا بن
المبارك قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه
ان كريبا مولى بن عباس أخبره ان بن عباس وناسا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمفتي إلى أم سلمة أسائلها عن أي
الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها فقالت يوم السبت
والأحد فرجعت إليهم فأخبرتهم فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا
بأجمعهم إليها فقالوا إنا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا وذكر
انك قلت كذا فقالت صدق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان
يصوم من الأيام يوم السبت والاحد وكان يقول إنهما عيدان
للمشركين وانا أريد أن أخالفهم
381

باب
صوم التطوع
ذكر الخبر المدحض قول
من زعم أن بعض النهار لا يكون صوما
أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير عن سفيان
عن حصين بن عبد الرحمن عن الشعبي
عن محمد بن صيفي الأنصاري قال خرج علينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء فقال هل منكم أحد طعم اليوم
قالوا منا من طعم ومنا من لم يطعم فقال من كان لم يطعم
منكم فليصم ومن طعم فليتم بقية يومه وآذنوا أهل
العروض فليتموا بقية يومهم
382

ذكر البيان بأن بعض النهار قد يكون صياما
أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا سهل بن بكار قال حدثنا
وهيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب
عن أسماء بن حارثة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قومه قال
مر قومك فليصوموا هذا اليوم قلت فإن وجدتهم قد طعموا
قال فليتموا آخر يومهم
383

ذكر الأمر بصوم بعض اليوم
من عاشوراء لمن غفل عن إنشاء الصوم له
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا الدورقي حدثنا أبو
عاصم عن يزيد بن أبي عبيد
عن سلمة بن الأكوع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من
أسلم يؤذن في الناس ان اليوم يوم عاشوراء فمن أكل فلا يأكل
شيئا بقية يومه ومن لم يكن أكل أو شرب فليصم
384

ذكر استحباب صوم يوم عاشوراء
أو بعض ذلك اليوم لمن عجز عن صوم اليوم بكماله
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن
عبد الأعلى الصنعاني حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد بن ذكوان
عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان
مطرف صائما فليتم صومه ومن كان مطرف مفطرا فليصم بقية يومه
ذلك قالت فكنا نصومه ونصوم صبياننا الصغار ونذهب بهم
إلى المسجد ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم
على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار
ذكر البيان بأن الفرض على المسلمين
قبل رمضان كان صوم عاشوراء
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا
أحمد بن بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
385

عن عائشة وثلاثمائة قالت كان يوم عاشوراء يوما تصومه
قريش في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر
بصيامه فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك يوم
عاشوراء فمن شاء صام ومن شاء تركه
ذكر البيان بأن المرء مخير ف
ي صيامه يوم عاشوراء بعد صومه رمضان
أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل حدثنا عبد الله بن
معاوية قال حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع
386

عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صوم يوم عاشوراء
بعدما نزل صوم رمضان من شاء صامه ومن شاء أفطره صمتهما
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد
الطيالسي حدثنا ليث بن سعد عن نافع
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء يوم
387

كانت تصومه أهل الجاهلية فمن أحب منكم ان يصومه فليصمه
ومن كرهه فليدعه تتوسع
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الافتداء والتخيير كان في صوم عاشوراء لا في رمضان
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن
بكير بن الأشج عن يزيد مولى سلمة
عن سلمة بن الأكوع أنه قال كنا في رمضان في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بإطعام
مسكين حتى نزلت هذه الآية فمن شهد منكم الشهر
فليصمه واعبدا
388

ذكر الأمر بصيام يوم عاشوراء إذا الله جل وعلا
نجى فيه كليمه صلى الله عليه وسلم وأهلك من ضاده وعاداه
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سعيد بن
جبير عن أبيه
عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد يهود يصومون
يوم عاشوراء فقال لهم ما هذا قالوا يوم عظيم نجى الله فيه
موسى وأغرق آل فرعون فصامه موسى شكرا لله فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى بموسى وأحق بصيامه منكم فصامه
وامر بصيامه
389

ذكر البيان أن الأمر بصيام
يوم عاشوراء أمر ندب لا حتم
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى
حدثنا بن وهب أخبرني يونس عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن
ان معاوية خطب بالمدينة في قدمة قدمها يوم عاشوراء
فقال أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وانا صائم
فمن أحب ان يصوم فليصم
390

ذكر الأمر بصيام يوم عاشوراء
إذ اليهود كانت تتخذه عيدا فلا تصومه
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
أشكاب قال حدثنا عمر بن حفص بن الصالح قال حدثنا أبي عن
أبي عميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب
عن أبي موسى قال كانت يهود تتخذ يوم عاشوراء عيدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوهم صوموا أنتم
ذكر الإباحة للمرء إن ينشئ الصوم التطوع
بالنهار وان لم يكن تقدم العزم له من الليل منه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
391

أبي شيبة قال حدثنا وكيع
عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت
طلحة
عن عائشة أم المؤمنين قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات
يوم فقال هل عندك شئ قلت لا قال فإني صائم
قالت ثم أتانا يوما آخر فقلت يا رسول الله أهدى لنا حيس
فخبأناه لك فقال ادنيه فأصبح صائما ثم أفطر
ذكر إباحة إنشاء المرء الصوم التطوع
من غير نية تتقدمه من الليل
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا
392

الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا
شعبة عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة
عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب طعامنا فجاءنا يوما
فقال هل عندكم من ذلك فقلت لا فقال إني
صائم
ذكر ما يستحب للمرء
إذا عدم غداءه ان ينشئ الصوم يومئذ
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن الصباح الدولابي
قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت
طلحة
عن عائشة أم المؤمنين قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليدخل علينا فيقول مطرف عندكم شئ فنقول لا فيقول
393

انى صائم قالت ودخل علينا ذات يوم فقال هل عندكم من
شئ قلت نعم حيس أهدى لنا فقال صلى الله عليه وسلم لقد أصبحت
وأنا صائم ثم دعا به فطعم نغلس
ذكر مغفرة الله جل وعلا للمسلم
ذنوب سنة بصيام يوم عاشوراء وتفضله جل وعلا
عليه بمغفرة ذنوب سنتين بصيام يوم عرفة
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال
الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن غيلان بن
جرير عن عبد الله بن معبد
عن أبي قتادة ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله أرأيت رجلا يصوم يوم عاشوراء قال ذاك صوم
سنة قال أرأيت رجلا يصوم يوم عرفة قال يكفر السنة وما
قبلها
394

ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم
يكفر السنة وما قبلها يريد ما قبلها سنة واحدة فقط
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عبيد الله بن عمر
القواريري حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن
معبد
عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صيام يوم عرفة انى
احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده
وصيام يوم عاشوراء قال إني
احتسب على الله ان يكفر السنة التي
قبله
ذكر الاستحباب للمرء ان يصوم يوما
قبل يوم عاشوراء ليكون آخذا بالوثيقة في صومه يوم عاشوراء
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد حدثنا حاجب بن عمر
حدثنا الحكم بن الأعرج قال
395

انتهيت إلى بن عباس وهو متوسد رداءه عند زمزم
فجلست إليه ونعم الجليس كان فسألته عن عاشوراء فاستوى
جالسا ثم قال عن أي بابه تسأل قال قلت عن صيامه
أي يوم نصومه قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم مطرف
من تاسعه صائما قلت أكذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وسلم قال
نعم
ذكر كتبة الله صيام الدهر
لمعقب رمضان بست من شوال
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
396

إبراهيم أخبرنا عبد العزيز بن محمد حدثني صفوان بن سليم
وسعد بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصاري
عن أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صام
رمضان وأتبعه بست من شوال فذلك صوم الدهر
397

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن
هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري حدثنا هشام بن
عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا يحيى بن الحارث الذماري عن
أبي أسماء الرحبي
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من صام رمضان وستا من شوال فقد صام السنة
ذكر الرغبة في صيام شهر المحرم
إذ هو من أفضل الصيام
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام
398

بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة
صلاة الليل
ذكر الاستحباب للمرء ان يصوم مرة ويفطر مرة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا بن كاسب
حدثنا بن عيينة عن عبد الله بن أبي لبيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
قال
أتيت عائشة أسألها عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كان
النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول قد صام ثم يفطر حتى نقول قد
أفطر وما رأيته بعد شهر رمضان أكثر صياما منه في شعبان كان
يصومه كله الا قليلا
399

ذكر الأمر بصيام نصف الدهر
لمن قوى على أكثر من صيام أيام البيض
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا أحمد بن
الوليد الكرخي حدثنا عفان حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء
قال
سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عبد الله بن عمرو بلغني انك تصوم النهار وتقوم الليل فلا
تفعل فان لجسدك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا صم
وأفطر من كل شهر ثلاثة أيام الصوم الدهر قال قلت
يا رسول الله إني أجد قوة قال صم صوم داود صم يوما وأفطر
يوما قال وكان عبد الله بن عمرو يقول يا ليتني كنت أخذت
الرخصة
400

ذكر استحباب صوم يوم وافطار يوم إذ هو صوم
داود عليه السلام أو صوم يوم وافطار يومين لمن عجز عن ذلك
أخبرنا أبو يعلى حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا
حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد
عن أبي قتادة ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله كيف
تصوم قال فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك عمر قال رضينا
بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا نعوذ بالله من
غضب الله وغضب رسوله وجعل يرددها حتى سكن من غضب
النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله كيف من يصوم يومين ويفطر يوما
قال ويطيق ذلك أحد قال فكيف من يصوم يوما ويفطر
يوما قال ذاك صوم أخي داود قال فكيف بمن يصوم يوما
ويفطر يومين قال وددت قال إني
طوقت ذاك
قال أبو حاتم لم يكن غضب النبي صلى الله عليه وسلم من أجل مسألة
هذا السائل عن كيفية الصوم وإنما كان غضبه صلى الله عليه وسلم لأن السائل
401

سأله قال يا نبي الله كيف تصوم قال فكره النبي صلى الله عليه وسلم
استخباره عن كيفية صومه مخافة ان لو أخبره يعجز عن اتيان
مثله أو خشي صلى الله عليه وسلم على السائل وأمته جميعا ان يفرض عليهم
ذلك فيعجزوا عنه
ذكر الإخبار عن اقتصار المرء
على صيام نبي الله داود عليه السلام
أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال
أخبرنا خالد عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المليح قال
دخلت على عبد الله بن عمرو فحدثنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر له صومي فدخل علي وألقيت وسادة من آدم حشوها
ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة فيما بيني وبينه
فقال أما يكفيك من كل شهر ثلاث قلت يا رسول الله
قال خمس قلت يا رسول الله قال سبع قلت يا رسول الله قال تسع قلت
يا رسول الله قال إحدى
عشرة قلت يا رسول الله قال لا صوم فوق صوم داود
شطر الدهر صيام يوم وإفطار يوم
402

ذكر ما يستحب للمرء
ان يصوم من كل شهر أياما معلومة
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني حدثنا
أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن عاصم عن
زر
عن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل شهر
ثلاثة أيام
ذكر استحباب صوم يوم الاثنين
لأن فيه ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه انزل عليه ابتداء الوحي
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال
الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة حدثنا قتادة
عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد
403

عن أبي قتادة أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا صام ولا أفطر أو قال لا أفطر ولا صام
فقام غيره فقال يا رسول الله أرأيت رجلا يصوم من كل شهر
ثلاثة أيام قال ذاك صوم الدهر قال أرأيت رجلا يصوم يوم
الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم انزل علي قال أرأيت
رجلا يصوم يوما ويفطر يوما قال ذاك صوم أخي داود
ذكر تحرى المصطفى صلى الله عليه وسلم صوم الاثنين والخميس
أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا حدثنا هشام بن
عمار حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان
حدثنا ربيعة بن الغاز
404

أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يصوم
شعبان كله حتى يصله برمضان وكان يتحرى صيام الاثنين
والخميس والمخاضرة
ذكر فتح أبواب الجنة في كل اثنين وخميس
وعرض أعمال العباد على بارئهم جل وعلا فيهما
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى التميمي بالموصل حدثنا
إبراهيم بن محمد عن عرعرة حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه
405

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفتح أبواب
الجنة كل اثنين وخميس وتعرض الأعمال في كل اثنين
وخميس
ذكر استحباب صوم يوم
الجمعة على الدوام مقرونا بمثله
أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر الخلقاني بمرو حدثنا
406

محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال سمعت أبي يقول أخبرنا أبو
حمزة عن عاصم عن زر
عن بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من غرة كل
شهر ثلاثة أيام وقلما يفطر يوم الجمعة
ذكر ما يستحب للمرء ان يصوم
يوم السبت والأحد إذ هما عيدان لأهل الكتاب
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال
أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي
طالب قال حدثني أبي
عن كريب مولى بن عباس قال أرسلني بن عباس وناس
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان أسألها
أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها صوما فقالت يوم السبت ويوم
الأحد فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك علي فظنوا أنى لم أحفظ
407

فردوني فقالت مثل ذلك فأخبرتهم فقاموا بأجمعهم فقالوا إنا
أرسلنا إليك في كذا وكذا فزعم أنك قلت كذا وكذا فقالت
صدق كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما
كان يصوم من الأيام ويقول إنهما عيدان للمشركين فأحب ان
أخالفهم
ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس
انه مضاد لخبر عائشة وابن مسعود اللذين ذكرناهما
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني بجرجان
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن
علقمة قال
سألت أم المؤمنين عائشة قلت يا أم المؤمنين كيف كان
عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخص شيئا من الأيام قالت لا كان
عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع
408

ذكر خبر ثان يصرح بالإيماء الذي أشرنا إليه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر
عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا
يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
استكمل صيام شهر قط الا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه
في شعبان
ذكر استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن رمح حدثنا
الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هند ان مطرفا
من بنى عامر بن صعصعة حدثه
409

ان عثمان بن أبي العاص دعا بلبن ليسقيه فقال مطرف
انى صائم فقال عثمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الصيام
جنة كجنة أحدكم من القتال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
صيام حسن ثلاثة أيام من كل شهر
ذكر الاستحباب للمرء
ان يجعل هذه الأيام الثلاث أيام البيض
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن أبي
بكر المقدمي حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن
موسى بن طلحة
410

عن أبي هريرة قال جاء اعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب
قد شواها وجاء معها بأدمها فوضعها بين يديه فأمسك
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأكل وأمر أصحابه ان يأكلوا وأمسك
الغلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك ان تأكل قال إني
أصوم ثلاثة أيام من الشهر قال إن كنت صائما فصم أيام
الغر
قال أبو حاتم سمع هذا الخبر
موسى بن طلحة عن أبي
هريرة وسمعه من بن الحوتكية عن أبي ذر والطريقان
جميعا محفوظان
ذكر تفضل الله بكتبة
صائمي البيض لهم أجر صوم الدهر
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة
حدثني أنس بن سيرين سمعت عبد الملك بن المنهال
411

عن أبيه انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم
بصيام البيض ويقول هي صيام الدهر
قال أبو حاتم المنهال هو بن ملحان القيسي له
صحبة وليس في الصحابة منهال غيره
412

ذكر تفضل الله بكتبة صيام الدهر وقيامه
لمن صام الأيام الثلاثة من الشهر
أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا
يحيى بن سعيد عن شعبة عن معاوية بن قرة
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صوم ثلاثة أيام من كل شهر
صيام الدهر وقيامه
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا فياض بن
زهير حدثنا وكيع عن شعبة عن معاوية بن قرة المزني
عن أبيه كان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على رأسه قال قال
413

رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر
وافطاره
قال أبو حاتم قال وكيع عن شعبة في هذا الخبر
وافطاره وقال يحيى القطان عن شعبة وقيامه وهما جميعا
حافظان متقنان
ذكر البيان بأن المرء مباح له
ان يصوم هذه الأيام الثلاث من أي الشهر شاء
أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ بن
معاذ حدثنا أبي عن شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة قالت
قلت لعائشة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر ثلاثة أيام
قالت نعم قلت من أية قالت لم يبال من ايه صام
ذكر الأمر بصيام أيام البيض
أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد عن يحيى
414

القطان عن فطر عن يحيى بن سام عن موسى بن طلحة
عن أبي ذر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم ثلاثة عشرة
وأربع عشرة وخمس عشرة
قال أبو حاتم يحيى هذا يقال له يحيى بن سام
ويقال يحيى بن سالم والصواب سام
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا محمد بن
عبد العزيز بن أبي رزمة حدثنا الفضل بن موسى عن فطر عن
يحيى بن سام عن موسى بن طلحة
عن أبي ذر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصوم من الشهر
415

ثلاثة أيام البيض ثلاث عشر وأربع عشرة وخمس عشرة
ذكر البيان بأن المرء مخير
في صوم الأيام الثلاثة من الشهر أي يوم من أيامه صام
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من
كل شهر قلت من أيه قالت لم يكن يبالي من أيه كان
ذكر كتبة الله جل وعلا للمرء
بصوم ثلاثة أيام من الشهر أجر ما بقي
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا عبد الوارث بن
عبد الصمد حدثنا أبي حدثنا شعبة عن زياد بن فياض عن أبي عياض
416

عن عبد الله بن عمرو قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته
عن الصوم فقال صم يوما من كل شهر ولك أجر ما بقي
قلت إني أطيق أكثر من ذلك قال صم يومين من كل شهر
ولك أجر ما بقي قلت إني أطيق أكثر من ذلك قال صم
ثلاثة أيام من كل شهر ولك أجر ما بقي قلت قال إني
أطيق أكثر
من ذلك قال إن أحب الصيام إلى الله صوم داود وكان
يصوم يوما ويفطر يوما
قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم صم يوما من كل شهر ولك أجر
ما بقي يريد أجر ما بقي من العشرين وكذلك في الثلاث إذ
محال ان كده كلما كثر كان انقص لأجره
ذكر الخبر الدال على صحة
ما تأولت خبر شعبة الذي تقدم ذكرنا له
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا عبد الأعلى بن
حماد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي عثمان
ان أبا هريرة كان في سفر فلما نزلوا ووضعت السفرة
بعثوا إليه وهو يصلى فقال قال إني
صائم فلما كادوا ان يفرغوا
جاء فجعل يأكل فنظر القوم إلى رسولهم فقال ما تنظرون إلي قد
417

والله أخبرني انه صائم فقال أبو هريرة صدق سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام
الشهر كله وقد صمت ثلاثة أيام من كل شهر وانى الشهر كله
صائم ووجدت تصديق ذلك في كتاب الله جل وعلا من جاء
بالحسنة فله عشر أمثالها
ذكر خبر ثان يصرح بمعنى
ما تأولت خبر شعبة الذي ذكرناه
أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن
الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن
ان عبد الله بن عمرو بن العاص قال أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
انى أقول والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت فقلت
له قد قلته يا رسول الله قال فإنك لا تستطيع ذلك صم
418

وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فان الحسنة
بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر
419

باب
الإعتكاف وليلة القدر
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا وهب بن بقية
حدثنا خالد بن عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة
عن أبي سعيد الخدري قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم
العشر الأوسط من رمضان وهو يلتمس ليلة القدر ثم أمر بالبناء
فنقض ثم أبنيت له في العشر الأواخر فأمر به فأعيد فخرج
إلينا فقال وثلاثمائة أبينت لي ليلة القدر وانى خرجت لأبينها
لكم فتلاحى رجلان فنسيتها فالتمسوها في التاسعة والسابعة
والخامسة قلت يا أبا سعيد انكم اعلم بالعدد منا فأي ليلة
التاسعة والسابعة
والخامسة قال إذا كان ليلة واحد وعشرين
ثم دع ليلة ثم التي تليها هي السابعة ثم دع ليلة والتي تليها
هي الخامسة
قال الجريري وحدثني أبو العلاء عن مطرف انه سمع
معاوية يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والثالثة
420

قال أبو حاتم الأمر بالتماس ليلة القدر في الليالي
المعلومة المذكورة في الخبر أمر نفل أمر من أجل سبب وهو
مصادفة ليلة القدر فمتى صودفت في إحدى الليالي المذكورة
سقط عنه طلبها في سائر الليالي
ذكر الاستحباب للمرء لزوم الإعتكاف في شهر رمضان
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن
حنبل قال حدثنا بن عدي عن حميد
عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيما يعتكف
421

في العشر الأواخر من رمضان فإذا سافر اعتكف من العام
المقبل عشرين
ذكر الخبر المدحض قول
من زعم أن هذا الخبر تفرد به حميد الطويل
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هدبة بن
خالد القيسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع
عن أبي بن كعب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر
الأواخر من رمضان فسافر ولم يعتكف فلما كان من العام
المقبل اعتكف عشرين يوما
422

ذكر إباحة ترك المرء
الاعتكاف في شهر رمضان لعذر يقع
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن
حنبل قال حدثنا محمد بن أبي عدى عن حميد
عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيما
يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإذا سافر اعتكف من العام
المقبل عشرين
ذكر مداومة المصطفى صلى الله عليه وسلم
على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا
الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر
وابن جريج عن الزهري
عن عروة عن عائشة وعن بن المسيب عن أبي هريرة
ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى
قبضه الله
423

ذكر الوقت الذي يدخل فيه المرء في اعتكافه
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن
أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية ويعلى عن يحيى بن سعيد عن
عمرة
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يعتكف
صلى الفجر ثم دخل فيه
424

ذكر جواز اعتكاف المرأة
مع زوجها في مساجد الجماعات
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن
يحيى بن سعيد عن عمرة
عن عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاعتكاف فاستأذنته
عائشة لتعتكف معه فأذن لها فضربت خباءها فسألتها
حفصة ان تستأذن لها لتعتكف معها فلما رأت ذلك زينب
ضربت معها وكانت امرأة غيورا فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبيتهن
فقال صلى الله عليه وسلم ما هذا البر تردن بهذا فترك الاعتكاف حتى أفطر
من رمضان ثم إنه اعتكف في عشرين
من شوال
425

ذكر الإباحة للمعتكف
غسل رأسه والاستعانة عليه بغيره
أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا محمد بن الصباح
الجرجرائي قال حدثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر عن
القاسم بن محمد
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رأسه وهو
يعتكف فأغسله
ذكر الإباحة للمعتكف
ان يرجل شعره إذا كان له وأن يستعين عليه بغيره
أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا
ليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة وعمرة
عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل إلي رأسه
وهو في المسجد معتكف فأرجله وكان لا يدخل البيت الا
لحاجته
426

ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يخرج رأسه إلى حجرة
عائشة في اعتكافه لترجله وتغسله دون ان يخرج من المسجد لهما
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي
عن الزهري قال أخبرني عروة
427

عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني وهو معتكف
في المسجد حتى يتكئ على عتبة معبد وأنا في حجرتي وسائره
في المسجد
ذكر جواز زيارة المرأة زوجها
المعتكف صارت إلى الموضع الذي اعتكف فيه
أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي
السرى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن
علي بن الحسين
عن صفية بنت حيي قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا
فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم جئت لأنقلب فقام معي يقلبني
وكان منزلها في دار أسامة بن زيد ورأينا رجلان من الأنصار
فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم قنعا رؤوسهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما
صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله قال إن
428

الشيطان يجرى من الإنسان مجرى الدم وإني خفت ان يقذف
في قلوبكما شيئا أو قال شرا
ذكر السبب الذي من أجله
يدخل المعتكف بيته في اعتكافه
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن بن شهاب عن عروة وعمرة
429

عن عائشة وثلاثمائة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف أدنى
إلى رأسه فأرجله فكان لا يدخل البيت الا لحاجة الإنسان
ذكر الخبر الدال على أن
المعتكف يخرج من اعتكافه صبيحة لا مساء
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف
العشر الوسطى من رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة
إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج صبيحتها من اعتكافه
قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت
430

هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في
ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل
وتر
قال أبو سعيد الخدري فأمطرت السماء تلك الليلة وكان
المسجد على عريش فوكف المسجد قال أبو سعيد فأبصرت
عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء
والطين من صبيحة إحدى وعشرين
ذكر ما يستحب للمرء ان يطلب
ليلة القدر في اعتكافه في الوتر في العشر الأواخر
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن
سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن بن الهاد عن محمد بن إبراهيم
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في
431

العشر الذي في وسط الشهر فإذا كان من حين يمضى عشرون
ليلة ويستقبل إحدى وعشرين لم يرجع إلى مسكنه ورجع من كان
يجاور معه ثم إنه أقام في شهر جاور فيه حتى كان تلك الليلة
التي يرجع فيها فخطب الناس وأمرهم
بما شاء الله ثم قال إني
كنت أجاور هذه العشر ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر
الأواخر ومن كان اعتكف معي فليلبث في معتكفه وقد أريت
هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر
وقد رأيتني اسجد في ماء وطين
قال أبو سعيد الخدري فنظرنا ليلة إحدى وعشرين
فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إليه وقد
انصرف من صلاة الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء
ذكر الأمر بطلب ليلة القدر
لمن أرادها في السبع الأواخر
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي
بكر عن مالك عن نافع
عن بن عمر ان رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة
432

القدر في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني
أرى
رؤياكم قد تواطأت على السبع فمن كان متحريها فليتحرها
في السبع الأواخر
ذكر البيان بأن الأمر بطلب ليلة القدر في السبع الأواخر
إنما هو لمن عجز عن طلبها في العشر الغوابر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عقبة بن
حريث قال
سمعت بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر
433

التمسوها في العشر الأواخر وإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن
عن السبع البواقي
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم
رأى ليلة القدر في النوم لا في اليقظة
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة
قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
قال
تذاكرنا ليلة القدر فأتيت أبا سعيد الخدري فقلت هل
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر فقال اعتكف
رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من شهر رمضان واعتكفنا معه
فلما كان صبيحة عشرين رجع فرجعنا معه فقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ليلة القدر في المنام ثم أنسيها
434

أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب
عن أبي سلمة
عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت ليلة القدر ثم
أيقظني أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الغوابر
ذكر السبب الذي من أجله نسي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن
المثنى قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا حميد قال حدثنا
أنس بن مالك
عن عبادة بن الصامت أنه قال خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا
بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال خرجت
435

لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون
خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة
ذكر استحباب احياء المرء ليلة سبع وعشرين
من شهر رمضان رجاء مصادفة ليلة القدر فيها
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا أبي عن شعبة عن قتادة عن
مطرف بن عبد الله
436

عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر ليلة سبع
وعشرين
ذكر إباحة تحرى المرء مصادفة ليلة القدر في رمضان
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا
يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني
عبد الله بن دينار
انه سمع بن عمر يقول سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر
فقال تحروها في السبع الأواخر من رمضان
ذكر مغفرة الله جل وعلا السالف
من ذنوب العبد بقيامه ليلة القدر ايمانا واحتسابا فيه
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا غسان بن الربيع
حدثنا ثابت بن يزيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
437

عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام رمضان
وصامه ايمانا واحتسابا ورجاله له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة
القدر ايمانا واحتسابا ورجاله له ما تقدم من ذنبه
ذكر البيان بأن ليلة القدر تكون في رمضان
في العشر الأواخر كل سنة إلى أن تقوم الساعة
أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال حدثني مرثد بن أبي
مرثد عن أبيه قال
جلست عند أبي ذر عند الجمرة الوسطى فدنوت منه حتى
438

كادت ركبتي تمس ركبتيه فقلت أخبرني عن ليلة القدر فقال
انا كنت اسأل الناس عنها رسول الله فقلت يا رسول الله
أخبرني عن ليلة القدر تكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم
الوحي فإذا قبضوا رفعت فقال بل هي إلى يوم القيامة
فقلت يا رسول الله فأخبرني في أي الشهر هي فقال إن
الله لو اذن لأخبرتكم بها فالتمسوها في العشر الأواخر في
إحدى السبعين ولا تسألني عنها بعد مرتك هذه قال وأقبل
على أصحابه يحدثهم فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استطلق به
الحديث فقلت أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني في أي
السبعين هي قال فغضب علي غضبا لم يغضب علي مثله وقال
لا أم لك هي تكون في السبع الأواخر
ذكر اثبات ليلة القدر
في العشر الأواخر من شهر رمضان
أخبرنا أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا
439

محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثني
عمارة بن غزية قال سمعت محمد بن إبراهيم يحدث عن أبي سلمة
عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر
الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على
سدتها قطعة حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية
القبة ثم اطلع رأسه يكلم الناس فدنوا منه فقال إني
اعتكفت في العشر الأول التمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر
الأوسط ثم أتيت فقيل لي وثلاثمائة في العشر الأواخر فمن أحب
منكم ان يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه قال وانى
أريتها وانى اسجد في صبيحتها في طين وماء فأصبح من ليلة
إحدى وعشرين وقد قام إلى صلاة الصبح فمطرت السماء
فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من
صلاة الصبح وجبينه وأنفه في الماء والطين فإذا هي ليلة إحدى
وعشرين من العشر الأواخر
440

ذكر البيان بأن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر
من رمضان في الوتر منها لا في الشفع
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال
حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال
أتيت أبا سعيد الخدري فقلت يا أبا سعيد اخرج بنا إلى
النخل نتحدث قال نعم فدعا بخميصة يلبسها ثم خرج
فقلت يا أبا سعيد هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر
قال نعم اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر من رمضان فلما كان
صبيحة عشرين قام فينا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال من كان خرج
فليرجع فإني أريت ليلة القدر وانى أنسيتها وانى رأيت
انى اسجد في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر من
شهر رمضان في وتر قال أبو سعيد وما نرى في السماء قزعة
فلما كان الليل إذا السحاب أمثال الجبال فمطرنا حتى سأل
سقف المسجد قال وسقفه يومئذ من جريد النخل حتى
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ماء وطين حتى رأيت الطين في
أرنبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
441

ذكر البيان بأن ليلة القدر إنما هي في شهر رمضان
في العشر الأواخر من الوتر مما بقي من العشر لا في الوتر مما يمضى منها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا مؤمل بن
هشام قال حدثنا إسماعيل بن علية عن عيينة بن عبد الرحمن
عن أبيه قال ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال ما
انا بطالبها الا في العشر الأواخر بعد حديث سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول التمسوها في العشر الأواخر في
سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث يبقين أو في آخر ليلة
فكان لا يصلى في العشرين الا كصلاته في سائر السنة فإذا دخل
العشر اجتهد
442

ذكر الخبر الدال على أن ليلة القدر
تنتقل في العشر الأواخر في كل سنة
دون أن يكون كونها في السنين كلها في ليلة واحدة
أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي
قال حدثنا يزيد بن زريع وبشر بن المفضل قالا حدثنا الجريري
عن أبي نضرة
عن أبي سعيد قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط
من رمضان وهو يلتمس ليلة القدر فلما انقضى أمر بالبناء
فنقض فأبينت له أنها في العشر الأواخر من رمضان فخرج إلى
الناس فقال أيها الناس قال إني
قد أبينت لي ليلة القدر
فخرجت أحدثكم بها فجاء رجلان يختصمان ومعهما الشيطان
فنسيتها فالتمسوها في السابعة والتمسوها في الخامسة
ذكر وصف ليلة القدر
باعتدال هوائها وشدة ضوئها
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن
443

زياد بن عبد الله الزيادي قال حدثنا الفضيل بن سليمان قال
حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني
كنت أريت ليلة
القدر ثم نسيتها وهي في العشر الأواخر وهي طلقة بلجة
لا حارة ولا باردة كأن فيها قمرا يفضح كواكبها لا يخرج شيطانها
حتى يخرج فجرها
ذكر صفة الشمس عند طلوعها صبيحة ليلة القدر
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبد الجبار بن
444

العلاء قال حدثنا سفيان عن عبدة بن أبي لبابة وعاصم عن زر قال
قلت لأبي بن كعب يا أبا المنذر ان أخاك بن مسعود
يقول من يقم الحول يصب ليلة القدر فقال يرحمه الله لقد
أراد ان لا تتكلوا والله أعلم وثلاثمائة في شهر رمضان وانها في
العشر الأواخر وانها ليلة سبع وعشرين قال قلنا يا أبا
المنذر بأي شئ تعرف ذلك قال بالعلامة أو بالآية التي
أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس تطلع من ذلك اليوم
لا شعاع لها
ذكر علامة القدر
بوصف ضوء الشمس صبيحتها بلا شعاع
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن
445

إبراهيم الدمشقي حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني عبدة بن أبي
لبابة حدثني زر بن حبيش
أنه قال لأبى بن كعب ان بن مسعود يقول من قام السنة
أصاب ليلة القدر فقال أبى والله الذي لا إله إلا هو وثلاثمائة لفى
شهر رمضان يحلف ما يستثنى والله قال إني
لأعلم ان ليلة القدر
هي هذه الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نقومها صبيحة سبع
وعشرين وأمارتها ان تطلع الشمس في صبيحة يومها
بيضاء لا
شعاع لها كأنها طست
ذكر البيان بأن ضوء الشمس في ذلك اليوم
إنما يكون بلا شعاع إلى أن ترتفع لا النهار كله
أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم البزار الحافظ بالبصرة
حدثنا داود بن رشيد حدثنا أبو حفص الأبار عن منصور عن
عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال
446

لقيت أبي بن كعب فقلت حدثني فإنه كان يعجبني
لقيك وما قدمت الا للقائك فأخبرني عن ليلة القدر فإن بن
مسعود يقول من يقوم السنة يصبها أو يدركها قال لقد علم
أنها في شهر رمضان ولكنه أحب أن يعمى عليكم وانها ليلة
سابعة وعشرين
بالآية التي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظناها
وعرفناها فكان زر يواصل إلى السحر فإذا كان قبلها بيوم أو
بعدها صعد المنارة فنظر إلى مطلع الشمس ويقول وثلاثمائة
تطلع لا شعاع لها حتى ترتفع
بعونه تعالى وتوفيقه تم طبع الجزء الثامن من
الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان
ويليه الجزء التاسع وأوله
كتاب الحج
447