الكتاب: شرح معاني الآثار
المؤلف: أحمد بن محمد بن سلمة
الجزء: ١
الوفاة: ٣٢١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: تحقيق وتعليق : محمد زهري النجار
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ١٤١٦ - ١٩٩٦ م
المطبعة:
الناشر: دار الكتب العلمية
ردمك:
ملاحظات: مصدر بكتاب أماني الأخبار بشرح معاني الآثار

شرح
معاني الآثار
المقدمة 1

الطبعة الثالثة
1416 ه‍ - 1996 م.
المقدمة 2

شرح معاني الآثار
للامام
أبى جعفر، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي
الحجري المصري الطحاوي الحنفي
المولود سنة 229 ه‍ - والمتوفى سنة 321 ه‍
الجزء الأول
حققه وعلق عليه
محمد زهري النجار
من علماء الأزهر الشريف
دار الكتب العلمية
المقدمة 3

أشارت علينا اللجنة العلمية التي أشرفت على طبع هذا الكتاب
بتصديره بمقدمة كتاب " أماني الأحبار في شرح معاني الآثار "
الذي يطبع حاليا في الهند، هكذا كان ونحن نشكر لهم هذا التوجيه.
المقدمة 4

الباب الأول
الفائدة الأولى في نسبه ووطنه:
ذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ نسبه هكذا - أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمي الأزدي الحجري
المصري الطحاوي وهكذا ساق نسبه الشيخ عبد القادر في الجواهر المضية عن مسلمة بن القاسم الأندلسي في صلة
تاريخه وابن عساكر في تاريخه كما في تهذيب تاريخه لابن بدران الدمشقي وابن التغري في النجوم الزاهرة في
ملوك مصر والقاهرة وابن الجوزي في المنتظم والسمعاني في الأنساب كما في الفوائد البهية والحافظ ابن كثير في
البداية والحافظ ابن حجر في اللسان وياقوت الرومي الحموي في معجم البلدان - وهكذا ذكره السيوطي في حسن
المحاضرة الا انه جعل مسلمة بدل سلمة - وقلبه ابن النديم في الفهرست فقال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلمة بن
سلامة وزاد بعد ذلك الشيخ عبد القادر وابن عساكر وابن التغري وابن الجوزي والسمعاني وابن كثير وابن حجر
وياقوت الرومي وابن النديم كلهم قالوا ابن عبد الملك وأسقط ابن خلكان في وفيات الأعيان سلمة من النسب
وقال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك وزاد السمعاني وابن حجر بعد عبد الملك ابن سلمة بن سليمان
وقال الشيخ عبد القادر عن مسلمة بن القاسم ابن سلمة بن سليم بن سليمان فزاد بينهما سليما وهكذا ذكر الحموي في
معجم البلدان ان والد سلمة هو سليم واقتصر عليه ولم يذكر أباه وزاد الشيخ عبد القادر بعد سليمان ابن حباب
وقال ابن حجر ابن حامد بدل حباب فالله اعلم فالحاصل ان المحدثين والمؤرخين وأصحاب الرجال كلهم اتفقوا
على أن اسمه احمد وكنيته أبو جعفر وعلى ان اسم أبيه محمد وكذلك اتفق أكثرهم على أن اسم جده سلامة
واتفقوا على أنه الأزدي الحجري المصري الطحاوي - فالأزدي نسبة إلى أزد الحجر - قال الشيخ عبد القادر
في الجواهر المضية الأزدي نسبة إلى أزد شنوءة وهو أزد بن العوث بن نبيت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا
والأزدي أيضا نسبة إلى أزد بن عملان بن عمرو بن عامر والأزدي أيضا منسوب إلى أزد الحجر وهي نسبة
أبي جعفر الطحاوي وذكر ذلك السمعاني انتهى - وقال اليافعي في مرآة جنان نسبته إلى الأزد وهي قبيلة
كبيرة مشهورة من قبائل اليمن انتهى وقال الكوثري في الحاوي عداده في حجر الأزد من قبائل اليمن سكن
أجداده مصر بعد الفتح الاسلامي والحجر فخذ من أفخاذ قبيلة الأزد المعروفة ويقال للأزد هذه أزد الحجر
تمييزا لها من أزد شنوءة والأزد لها أفخاذ كثيرة شرحها في كتب أنساب العرب انتهى - والحجري بفتح الحاء
المهملة وسكون الجيم في آخرها الراء قال في الجواهر المضية هذه النسبة إلى ثلاث قبائل اسم كل واحد حجر
إحداها حجر مر وحمير منهم مختار الحجري والثانية حجر رعين منهم سعيد بن أبي سعيد الحجري حجر رعين
روى عنه أيوب بن كحيل - والثالثة حجر الأزد منهم الطحاوي المصري الفقيه الحنفي كذا قاله السمعاني انتهى
وقال المجد في القاموس وحجر ذي رعين أبو القبيلة منهم عباس بن خليد التابعي وعقيل بن بأقل وقيس بن أبي
يزيد وهشام بن حميد وذريته ومن حجر الأزد الحافظان عبد الغني والامام أبو جعفر الطحاوي انتهى والمصري
بكسر الميم وسكون الصاد في آخرها راء هذه النسبة إلى مصر وديارها سميت بمصر بن حام بن نوح عليه السلام
وينسب إليها كثير من العلماء ولها تاريخ في أهلها والواردين عليها كذا قاله السمعاني كما في الجواهر وقال المجد
في القاموس ومصر المدينة المعروفة سميت لتمصرها أو لأنه بناها المصر بن نوح وقد تصرف وقد تذكر انتهى
وقال النووي في تهذيبه فيها لغتان الصرف وتركه الفصيح الذي جاء به القرآن ترك الصرف انتهى والطحاوي
المقدمة 5

بفتح الطاء والحاء المهملتين وبعد الألف واو نسبة إلى طحاء قرية بصعيد مصر ينسب إليها جماعة منهم أبو جعفر
أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك الأزدي الحجري الطحاوي صاحب كتاب شرح الآثار كذا قاله
السمعاني كما في الجواهر وهكذا قال ابن بدران في تهذيب تاريخ ابن عساكر وابن عماد الحنبلي في شذرات
الذهب وابن النديم في الفهرست والذهبي في التذكرة وابن كثير في البداية وابن حجر في اللسان وابن التغري
في النجوم الزاهرة كلهم قالوا نسبة الطحاوي إلى طحا قرية من قرى مصر وبعضهم قالوا قرية بصعيد مصر
وزاد ابن التغري من ضواحي القاهرة بالوجه البحري وقال ياقوت الرومي الحموي في معجم البلدان طحا بالفتح
والقصر الطحو والدحو بمعنى وهو البسط وطحا كورة بمصر شمالي الصعيد في غربي النيل واليها ينسب أبو جعفر
أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم الأزدي الحجري المصري الطحاوي الفقيه الحنفي
وليس من نفس طحا وإنما هو من قرية قريبة منها يقال لها طحطوط فكره ان يقال طحطوطي فيظن انه منسوب إلى
الضراط وطحطوط قرية صغيرة مقدار عشرة أبيات انتهى وهكذا قال السيوطي في لب اللباب في تحرير الأنساب كما في
التعليقات السنية على الفوائد البهية هو ليس منها بل من طحطوطة فكره ان يقال له طحطوطي انتهى وذكر
في الفرائد البهية ان نسبته إلى طحية قرية بصعيد مصر.
الفائدة الثانية في ولادته ووفاته:
اختلف في سنة ولادته قال ابن خلكان في وفيات الأعيان كانت ولادته سنة ثمان وثلاثين ومائتين وقال أبو
سعد السمعاني ولد سنة تسع وعشرين ومائتين وهو الصحيح وزاد غيره ليلة الأحد لعشر خلون من ربيع الأول
انتهى. واختار القول الأول أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء واختار الحافظ ابن حجر قولا ثالثا فقال ولد
في سنة تسع وثلاثين ومائتين وهكذا قال السيوطي في حسن المحاضرة واختاره ابن بدران في تهذيب تاريخ ابن
عساكر وابن كثير في البداية وذكره ابن التغري في النجوم الزاهرة عن ابن يونس لكن الذهبي ذكر في تذكرة
الحفاظ عن ابن يونس أنه قال ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين والصحيح انه ولد سنة تسع وعشرين ومائتين كما
قال ابن خلكان وكما ذكره أبو سعيد يونس عن الطحاوي نفسه ومثل ذلك في أنساب السمعاني كما في مقدمة
مختصر الطحاوي - واما وفاته فقال السمعاني في الأنساب توفي ليلة الخميس مستهل ذي القعدة سنة إحدى
وعشرين وثلاثمائة وهكذا قال ابن الجوزي في المنتظم وابن بدران في تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر وابن
كثير في البداية وابن خلكان في وفيات الأعيان وهكذا ذكر وفاته في هذه السنة الإمام أبو إسحاق الشيرازي في
طبقات الفقهاء وابن التغري في النجوم الزاهرة والسيوطي في حسن المحاضرة وابن حجر في اللسان وياقوت
الحموي في معجم البلدان والرافعي في المرآة والقاري في الأثمار - وذكر ابن النديم في الفهرست توفي سنة
اثنتين وعشرين وثلاثمائة والحق مع الجماعة وخلاصة المرام على الصحيح المعتبر ان ولادته مصطفى (229) ومدة
عمره محمد (92) وفاته محمد المصطفى (321) - قال ابن خلكان ودفن بالقرافة وقبره مشهور بها وكذا قال ابن
كثير في البداية وقال في مقدمة مختصر الطحاوي: وقبره ظاهر يزار على يمين السالك لشارع الليث قبل الإمام الشافعي
قرب آخر موقف الترام في الشارع الموازي لشارع الترام يمينا انتهى.
المقدمة 6

الفائدة الثالثة في زمان طلبه العلم:
جاء الامام الطحاوي رحمه الله تعالى مصر لطلب العلم واشتغل به عند خاله أبي إبراهيم المزني الشافعي من
اجل تلاميذ الإمام الشافعي. قال ياقوت الرومي الحموي في معجم البلدان قال الطحاوي أول من كتبت عنه
المزني واخذت بقول الشافعي فلما كان بعد سنين قدم إلينا أحمد بن أبي عمران قاضيا على مصر فصحبته واخذت
بقوله وكان يتفقه على مذهب الكوفيين وتركت قولي الأول انتهى. وهكذا ذكر ابن بدران في تهذيب تاريخ
ابن عساكر عن الطحاوي - وقال اليافعي في مرآة الجنان وذكر أبو علي الخليلي في كتاب الارشاد في ترجمة
المزني ان الطحاوي كان ابن أخت المزني وان محمد بن أحمد الشروطي قال: قلت للطحاوي لم خالفت خالك
واخترت مذهب أبي حنيفة فقال لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة فلذلك انتقلت إليه انتهى
وهكذا ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان عن أبي يعلي الخليلي في كتاب الارشاد فذكره بلفظه المذكور قال
العلامة الكوثري في الحاوي يعني فبدأت أديم النظر فيها فاجتذبتني إلى المذهب كما حملت تلك الكتب خالي
على الانحياز إلى أبي حنيفة في كثير من المسائل كما يظهر من مختصر المزني ومخالفاته للشافعي فيه في كثير من
المسائل انتهى وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي
واليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة بمصر اخذ العلم عن أبي جعفر بن أبي عمران وعن أبي حازم وغيرهما وكان
شافعيا يقرا على أبي إبراهيم المزني فقال له والله لا جاء منك شئ فغضب أبو جعفر من ذلك وانتقل إلى أبي جعفر
ابن أبي عمران فلما صنف مختصره قال رحمه الله أبا إبراهيم لو كان حيا لكفر عن يمينه انتهى - وهكذا ذكره
ابن بدران الدمشقي في تهذيب تاريخ دمشق عن إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي في طبقات الفقهاء وهكذا
ذكره عن أبي إسحاق ابن عماد الحنبلي في شذرات الذهب واليافعي في المرآة والذهبي في تذكرة الحفاظ وهكذا
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان بدون العزوالي أبي إسحاق وذكره ابن كثير في البداية عن ابن خلكان وذكر
الشيخ عبد القادر في الجواهر المضية في ترجمة أحمد بن عبد المنعم أبي نصر الآمدي الخطيب روى عنه السلفي
وذكره في معجم شيوخه قال سمعت القاضي أبا نصر احمد أحد الخطباء بثغر آمد سمعت القاضي أبا عبد الله
الدامغاني ببغداد سمعت أبا الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن القدوري قال كان أبو جعفر الطحاوي يقرا على المزني
فقال له يوما والله لا أفلحت فغضب وانتقل من عنده وتفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فصار إماما
وكان إذا درس أو أجاب في المشكلات يقول رحم الله أبا إبراهيم لو كان حيا ورآني كفر عن يمينه انتهى وقال
ابن بدران الدمشقي في تهذيب تاريخ دمشق وقال أبو سليمان بن ترب بلغني ان سبب تركه لمذهب الشافعي انه
تكلم يوما بحضر المزني في مسالة فقال له المزني والله لا تفلح ابدا فغضب من قوله وانقطع إلى أبي جعفر بن أبي
عمران وقال بقول أبي حنيفة حتى صار رأسا فيه فاجتاز بعد ذلك بقبر المزني فقال يرحمك الله يا أبا إبراهيم اما
لو كنت حيا لكفرت عن يمينك انتهى وقال الحافظ في اللسان قال أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر وتفقه
(الطحاوي) أولا على خاله أبي إبراهيم إسماعيل المزني صاحب الشافعي وسمع منه كتاب السنن روايته عن
الشافعي وغير ذلك وكان أولا على مذهب الشافعي ثم تحول إلى مذهب الحنفية لكائنة جرت له مع خاله المزني
وذلك أنه كان يقرا عليه فمرت مسالة دقيقة فلم يفهمها أبو جعفر فبالغ المزني في تقريبها له فلم يتفق ذلك
فغضب المزني متضجرا فقال والله لا جاء منك شئ فقام أبو جعفر من عنده وتحول إلى أبي جعفر بن أبي عمران
وكان قاضي الديار المصرية بعد القاضي بكار فتفقه عنده ولازمه إلى أن صار منه ما صار قال الشيخ أبو
إسحاق
المقدمة 7

الشيرازي وبلغنا ان أبا جعفر لما صنف مختصره في الفقه قال رحم الله أبا إبراهيم يعني المزني لو كان حيا لكفر
عن يمينه يعني الذي حلفه انه لا يجئ منه شئ وتعقب هذا بعض الأئمة بأنه لا يلزم المزني في ذلك كفارة لأنه
حلف على غلبة ظنه ويمكن ان يجاب عن أبي جعفر بأنه أورد ذلك على سبيل المبالغة ولا شك انه يستحب
الكفارة في مثل ذلك ولو لم يقل بالوجوب وليس يخفى مثل ذلك على أبي جعفر لكن قرأت بخط محمد بن الزكي
المنذري ان الطحاوي إنما قال ذلك كيما يعير المزني فأجابه بعض الفقهاء بان المزني لا يلزمه الحنث أصلا لان من
ترك مذهب أصحاب الحديث واخذ بالرأي لم يفلح انتهى مختصرا - قلت وهذا الجواب بعيد عن الفقه فان
الامام الطحاوي ما ترك الحديث ولا أصحابه وإنما ترك طريق الشافعية في الاشتغال بالحديث ونهج استدلالهم
واختار طريق الأحناف في السلوك والاشتغال بالحديث فصنف التصانيف في الأحاديث واجتهد في اختيار
الصحيح منها على طريق المحدثين ثم أكده بالقياس وقد صنف في الجمع بين الأحاديث المختلفة فأجاد وأفاد وسائر
تصانيفه بعد تلك القصة فأين الترك والله ملهم الرشد والصواب. قال العلامة الكوثري في الحاوي وقول
الطحاوي نفسه في سبب انتقاله هو الجدير بالتعويل وباقي الحكايات لا تخلو من مآخذ سندا ومتنا كما سبق وقد
ذكر قبل ذلك خلو بعضها عن السند وانقطاع بعضها قال ومما يلاحظ هنا ان ابن أبي عمران الذي يقال إن الطحاوي
انتقل إلى مجلسه تاركا مجلس خاله إنما ولي قضاء مصر بعد القاضي بكار وهو توفي سنة سبعين ومائتين بمصر بعد
وفاة المزني سنة أربع وستين بمدة كبيرة وقد قال الذهبي في تذكرة الحفاظ من كبار أصحاب الطحاوي وقد حكى من
لفظه ما سبق ذكره مع السند إليه فيكون الاعتماد على حكاية ابن زبر والشروطي لكون قولهما متلقى من الطحاوي
مباشرة والذي حكاه ابن حجر في اللسان فتصرف طريف من ابن حجر وفيه كثير من العبر ومن المعلوم ان
الغباء الفطري قلما يتحول إلى ذكاء بممارسة العلم وكتب الطحاوي شهود صدق على ذكائه الفطري ومثله لا يكون
ممن لا يفهم المسألة مهما بولغ في تقريبهما كما أن المزني لا يستعصي عليه بيان مسالة بحيث لا يفهمها مثل الطحاوي
في اتقاد ذهنه على أن المزني ممن ورث رحابة الصدر والصبر امام تلاميذه من امامه العظيم البالغ الذكاء الصابر
على تعليم من في فهمه بطا من أصحابه وقد حكى أبو بكر القفال المروزي في فتاواه ان الربيع المروزي رواية
المذهب الجديد كان بطئ الفهم فكرر عليه الشافعي مسالة واحدة أربعين مرة فلم يفهم وقام من المجلس حياء
فدعاه الشافعي في خلوة وكرر عليه حتى فمه كما نقله ابن السبكي فمن البعيد ان لا يصبر المزني مع الطحاوي
في التعليم وهو ابن أخته ويتسرع في الحلف بتلك الصورة البعيدة عن الاتزان واما دعوى انهم هم أهل الحديث
دون الآخرين فشنشنة تعودنا ان نسمعها من أفواه أناس فقدوا سلامة التفكير فلو فكروا جيدا في مبلغ توسع
أصحابهم في قياس الشبه والمناسبة ورد المرسل مع التساهل في قبول الأحاديث عن كل من هب ودب ودرسوا
جيدا مسند أبي العباس الأصم لأقلعوا عن ادعاء انهم هم الذين يأخذون بالسنة دون سائر الطوائف من فقهاء هذه
الأمة وليس بين طوائف أهل السنة من لا يتخذ الحديث ثاني أصول الاستنباط لكن بعد تصفيته بمصفاة
النقد القويم متنا وسندا لا بالاسترسال في قبول مرويات النقلة من غير بحث ولا تنقيب عن كل ما ورد في
البحث الموضوع على مشرحة التمحيص انتهى.
الفائدة الرابعة في حال العلم بمصر في زمانه:
كانت مصر محطة للمالكية لان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أرسل إليها في خلافته نافعا ليعلم أهلها
المقدمة 8

السنن فأقام بها مدة كما ذكر السيوطي في حسن المحاضرة عن الذهبي ونافع مولى ابن عمر خدمه ثلاثين سنة
كما في تذكرة الحفاظ وقد روي عن نافع مالك والليث بن سعد كما في تهذيب التهذيب وذكر السيوطي في
حسن المحاضرة ليثا فيمن كان بمصر من الأئمة المجتهدين وذكر الإمام الشافعي كان الليث أفقه من مالك الا انه
ضيعه أصحابه وذكر في تهذيب التهذيب عن الليث أفقه من مالك الا ان أصحابه لم يقوموا به وفي رواية أخرى
عن الليث اتبع للأثر من مالك وقال أبو يعلي الخليلي كما في تهذيب التهذيب كان امام وقته بلا مدافعة وقال
أحمد بن صالح الليث ابن سعد امام وقال السيوطي في حسن المحاضرة قال الذهبي في العبر كان نائب مصر وقاضيها
من تحت أوامر الليث وكان إذا رابه من أحد شئ كاتب فيه فيعزله وقد أراده المنصور ان يوليه إمرة مصر
فامتنع انتهى وقال ابن سعد كان (الليث) ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان، قد استقل بالفتوى في زمانه
بمصر وكان سريا من الرجال نبيلا سخيا له، ضيافة انتهى وكان في مصر أصحاب يروون عن الليث كزياد
ابن يونس الحضرمي وسعيد بن زكريا المصري وشعيب بن الليث بن سعد المصري وشعيب بن يحيى التجيبي
وعبد الله بن يحيى الغافري وعمرو بن الربيع الهلالي الكوفي المصري والعاصم بن كثير بن النعمان قاضي الإسكندرية
والنضر بن عبد الجبار المرادي أبي الأسود المصري الزاهد العابد ويحيى بن حسان التنيسي وحسان بن عبد الله
ابن سهل الكندي أبي علي الواسطي نزيل مصر وخلف ابن خالد أبي الهناء المصري وعيسى بن حماد بن ملم
التجيبي ومحمد بن الحارث بن راشد المصري المؤذن ويونس بن عمرو بن يزيد الفارسي المصري كما ذكر السيوطي
في حسن المحاضرة في تراجمهم وكان في مصر من الأئمة المجتهدين من أصحاب الليث إسحاق بن بكر بن مضر
المصري الفقيه قال ابن يونس كما في حسن المحاضرة كان فقيها مفتيا وكان يجلس في حلقة الليث ويفتي بقوله
ويحدث انتهى وعثمان بن صالح بن صفوان السهمي أبو يحيى المصري قاضي مصر روى عن مالك والليث كما
في حسن المحاضرة - ثم تأثرت مصر بالامام مالك رحمه الله تعالى لان ابن وهب أحد الاعلام وتلميذ الامام
مالك وعبد الرحمن بن القاسم المصري الفقيه راوي المسائل عن مالك وإسحاق بن الفرات التجيبي قاضي ديار
مصر صاحب مالك وأشهب بن عبد العزيز العامري فقيه ديار مصر صاحب مالك وانتهى إليه الرياسة بمصر بعد
اشهب وغيرهم وأصحاب هؤلاء كالأصبغ بن الفرج المصري الفقيه مفتي أهل مصر والحارث بن مسكين الأموي
الحافظ الفقيه العلامة وأبي الطاهر أحمد بن عمرو ابن السرح الحافظ الفقيه العلامة ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم
فقيه مصر في عهده وانتهت إليه الرياسة بمصر وغيرهم كانوا في مصر من الأئمة المجتهدين كما ذكرهم فهم
السيوطي في حسن المحاضرة فقام هؤلاء في مصر بعلوم الامام مالك آرائه فعقدوا على مذهبه وفرعوا على أصوله
فتغلبوها علما وفضلا حتى دخل الإمام الشافعي في مصر بعد أن تتلمذ على الامام وتجول البلاد مكة والمدينة
وبغداد فصنف بها كتبه الجديدة كالأم والأمالي الكبرى والاملاء الصغير ومختصر البويطي ومختصر المزني
ومختصر الربيع والرسالة والسنن ولم يزل بها ناشرا للعلم ملازما للاشتغال يجامع عمرو إلى أن مات يوم الجمعة
سلخ رجب سنة أربع ومائتين وكان قدومه من بغداد إلى مصر سنة خمس وتسعين ومائة كما ذكر في حسن
المحاضرة فاخذ العلوم عن الإمام الشافعي البويطي يوسف بن يحيى القرشي وكان خليفة الشافعي في حلقته بعده
وحرملة بن يحيى التجيبي المصري صاحب الشافعي والمزني أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى ناصر المذهب قال فيه
الشافعي لو ناظر الشيطان لغلبه - والربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي وغيرهم فقام هؤلاء ونشروا علوم
الشافعي ونصروه وناظروا المالكية فحجوهم فانمحت آثار الليث وغيره وبقيت آثار الامامين مالك والشافعي
المقدمة 9

في مصر ولكن القضاء فيها عموما كان للحنفية لان الخلافة كانت في بغداد وكانت الحنفية زاهرة بها وكانت ولايات
القضاء توزع منها فالقاضي إسماعيل بن سميع الكوفي الحنفي ولي القضاء بمصر سنة أربع وستين ومائة وعزل سنة سبع وستين
ومائة كما في حسن المحاضرة ثم ولي القضاء محمد مسروق الكندي أبو عبد الرحمن الكوفي قدم إلى مصر على القضاء
بها في سنة سبع وسبعين ومائة وعزل عن القضاء في سنة خمس وثمانين ومائه كما في الجواهر المضية - وقال
السيوطي ف حسن المحاضرة فلم يزل (اي محمد بن مسروق) إلى سنة أربع وثمانين فخرج إلى العراق واستخلف
إسحاق بن الفرات التجيبي فعزل في صفر سنة خمس وثمانين (اي ومائة) انتهى وذكره في الجواهر المضيئة في
الأئمة الأحناف وقال لقي أبا يوسف القاضي واخذ عنه الفقه انتهى وولي القضاء بمصر بعد عزل اسحق عبد
الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب فأقام إلى أن عزل في جمادى الأولى سنة أربع
وتسعين ومائة وولي هاشم بن أبي بكر البكري من ولد أبي بكر البكري من لد أبي بكر الصديق وكان يذهب
مذهب أبي حنيفة فأقام حتى توفي أول يوم من المحرم سنة ست وتسعين ومائة كما في حسن المحاضرة وقال في جواهر
المضية هاشم بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي قدم
مصر قاضيا بعد العمري في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين ومائة وكان من سكان الكوفة يذهب مذهب أبي
حنيفة ذكره ابن يونس انتهى ثم ولي القضاء بمصر إبراهيم بن الجراح التميمي المازني الكوفي قال في الجواهر
المضية تفقه على قاضي القضاة أبي يوسف وسمع منه الحديث وقد كتب الأمالي عنه علي بن الجعد وغيره ذكره
ابن يونس في تاريخ الغرباء فقال ولي قضاء مصر بعد إبراهيم بن إسحاق القاري سنة خمس ومائتين وكان أبو يوسف
يقول له تأخذ المسألة من عندنا طرية وتردها مكحلة وعزل سنة إحدى عشرة ومائتين وهو آخر من روى عن
أبي يوسف انتهى فتأثرت مصر بهؤلاء القضاة الحنيفة لان بعضهم كان من أحسن القضاة أخلاقا وديانة وعلما
وقضاء كهاشم بن أبي بكر التميمي ثم جاء بعد هؤلاء القاضي بكار بن قتيبة من أهل البصرة من ولد أبي بكرة
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فولي قضاء مصر من قبل المتوكل ودخلها يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى
الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين كما في الجواهر فأقام قاضيا إلى أن توفي في ذي الحجة سنة خمس وسبعين
ومائتين وبقيت مصر بعد بكار بلا قاض إلى سنة سبع وسبعين ومائتين كما في حسن المحاضرة وله اخبار في
العدل والعفة والنزاهة والورع وتصانيف في الشروط والوثائق والد على الشافعي في ما نقضه على أبي حنيفة كما
في حسن المحاضرة - ففي هذا الزمان نشأ الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في مصر وهي مغتصة بالعلم والدين
والفقه والحديث ومملوءة بآثار المالكية والشافعية والأحناف رحمة واسعة.
الفائدة الخامسة في رحلته:
قال أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر تفقه أولا على خاله أبي إبراهيم إسماعيل المزني صاحب الشافعي وسمع
منه كتاب السنن روايته عن الشافعي وغير ذلك سمع الحديث من أهل عصره فلحق يونس بن عبد الأعلى وهارون
ابن سعيد الأيلي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وبحر بن نصر وعيسى بن مثرود وغيرهم من أصحاب ابن عيينة
وابن وهب وهذه الطبقة وسمع الكثير أيضا عن إبراهيم بن أبي داود الضريس وكان من الحفاظ المكثرين وأبي
بكرة بكار بن قتيبة القاضي وغيرهما وخرج إلى الشام فسمع ببيت المقدس وغزة وعسقلان وتفقه بدمشق على
القاضي أبي خازم وهو بمعجمتين واسمه عبد الحميد ورجع إلى مصر في سنة تسع وستين وتقدم في العلم وصنف
التصانيف في اختلاف العلماء وفي الشروط ومعاني الآثار وأحكام القرآن ومشكل الآثار وغير ذلك كذا في
المقدمة 10

لسان الميزان وقال ابن بدران الدمشقي في تهذيب تاريخ ابن عساكر سمع الحديث من جماعة كثيرة وسمع منه
جماعة وخرج إلى الشام سنة ثمان وستين ومائتين فلقي القاضي أبا خازم قاضي دمشق واخذ عنه الفقه انتهى وقال
الكوثري في الحاوي من اطلع على تراجم شيوخ الطحاوي علم أن بينهم مصريين ومغاربة ويمنيين وبصريين
وكوفيين وحجازيين وشاميين وخراسانيين ومن سائر الأقطار فتلقى منهم ما عندهم من الاخبار والآثار وقد
تنقل في البلدان المصرية وغير المصرية لتحمل ما عند شيوخ الرواية فيها من الحديث وسائر العلوم وكان شديد
الملازمة لكل قادم إلى مصر من أهل العلم من شتى الأقطار حتى جمع إلى علمه ما عندهم من العلوم ومسمع من
أصحاب ابن عيينة وابن وهب وهذه الطبقة وخرج إلى الشام فسمع ببيت المقدس وغزة وعسقلان وتفقه بدمشق
على القاضي أبي خازم عبد الحميد كما تقيه بمصر لي ابن أبي عمران وبكار بن قتيبة وكان يتردد إلى القضاة
الواردين إلى مصر يستقي ما عندهم من العلوم حتى أصبح واحد عصره في تحقيق المسائل وتدقيق الدلائل بحيث
يرحل إليه العلم من شتى الأقطار ليستمتعوا بغزير علومه على اختلاف مسالكهم ومذاهبهم وكانوا يتعجبون جدا
من سعة دائرة استبحاره في شتى العلوم انتهى.
الفائدة السادسة في مشايخه وتلامذته:
وفيها أنواع: النوع الأول المشايخ الذين روى عنهم الامام الطحاوي في معاني الآثار ومشكل الآثار والنوع
الثاني في المشايخ الذين روى عنهم في معاني الآثار دون مشكل الآثار والنوع الثالث في المشايخ الذين روى
عنهم في مشكل الآثار والنوع الرابع المشايخ الذين ذكر أصحاب الرجال والتاريخ ان الامام الطحاوي روى
عنهم أو وجدت في كتاب من كتب الأحاديث رواية الطحاوي عنهم والنوع الخامس في تلامذة الامام الطحاوي.
النوع الأول في مشايخ الامام الطحاوي في معاني الآثار ومشكل الآثار
1 - أحمد بن الحسن بن قاسم بن سمرة الكوفي روى بمصر متروك حدث بمناكير توفي سنة 262 كما في
الميزان وقد روى عنه أبو عوانة في صحيحه كما في اللسان.
2 - أحمد بن خالد بن يزيد البغدادي الفارسي المعروف بابن خالويه كما في الكشف عن المغاني.
3 - أحمد بن داود بن موسى السدوسي المكي ثقة حافظ كما في التذنيب توفي بمصر في صفر سنة 282
كما في المنتظم.
4 - أحمد بن شعيب النسائي أبو عبد الرحمن صاحب السنن كان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا فقيها
توفي سنة 303 كما في المنتظم.
5 - أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي مصنف كتاب في معرفة الصحابة ثقة ثبت حافظ متقن توفي
سنة 270 ه‍ كما في التذنيب.
6 - أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري أبو عبيد الله بحشل ثقة صدوق تغير بآخره توفي سنة 264
كما في التهذيب والتقريب.
أحمد بن عبد المؤمن المروزي الخراساني يكنى أبا عبد الله حدث وكان ثقة توفي بمصر سنة 267
كما في المنتظم.
المقدمة 11

8 - أحمد بن أبي عمران القاضي أبو جعفر الفقيه البغدادي ثقة حافظ مكين في العلم حسن الدراية توفي
سنة 280 ه‍ كما في الأماني.
9 - أحمد بن مسعود الخياط القرشي المقدسي شيخ أبي عوانة في صحيحه والطبراني كما في الأماني.
10 - أحمد بن يحيى بن يزيد الصوري لم أجده ولم يرو عنه المصنف الا في الموضعين في المعاني وفي ثلاثة
مواضع في المشكل كما في الأماني.
11 - إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي أبو إسحاق البرلسي حافظ ثقة من الحفاظ المكثرين توفي
بمصر سنة 272 كما في الأماني.
12 - إبراهيم بن محمد بن يونس الصيرفي أبو بكر البصري ذكره ابن حبان في الثقات وقال من أهل الكوفة
وأصله من البصرة كما في الكشف.
13 - إبراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي البصري نزيل مصر ثقة ثبت صالح صدوق الا انه كان يخطئ
فلا يرجع توفي سنة 270 ه‍ كما في الأماني.
14 - إبراهيم بن منقذ العصفري أبو إسحاق مولى خولان من أصحاب ابن وهب ثقة توفي سنة 259
كما في الأماني.
15 - إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي أبو يعقوب الوراق المنجيقي نزيل مصر شيخ ثقة صالح توفي
سنة 304 ه‍ كما في التهذيب.
16 - إسحاق بن الحسن بن الحسين الطحان المروزي مولى بني هاشم ذكره ابن يونس في العلماء المصريين
كما في الكشف.
17 - إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي أبو إسحاق المعروف بترنجة مولى قريش نزيل مصر صدوق
كما في الأماني.
18 - إسماعيل بن يحيى المزني أبو إبراهيم صاحب الشافعي وناصر مذهبه وخال الطحاوي ثقة صدوق فقيه
توفي سنة 264 كما في الأماني.
19 - بحر بن نصر بن سابق الخولاني مولاهم المصري تلميذ الشافعي ثقة صدوق فاضل مشهور توفي سنة
267 كما في الأماني.
20 - بكار بن قتيبة أبو بكرة البكراوي البصري الفقيه الحنفي قاضي مصر ثقة مأمون توفي سنة 270
كذا في الأماني وقد أكثر عنه الطحاوي.
21 - بكر بن إدريس بن الحجاج بن هارون الأزدي أبو القاسم وكان فقيها توفي سنة 267 ه‍ كما في المنتظم.
22 - حجاج بن عمران بن الفضل المازني البصري ذكره ابن يونس في الغرباء الذين دخلوا مصر يكنى
أبا عبد الله كما في الكشف عن المغاني.
23 - حسين بن نصر بن المعارك البغدادي أبو علي قدم مصر وحدث بها ومحله الصدق توفي سنة 261 كما
في الأماني وقال ابن يونس قدم مصر وحدث بها وتوفي بها وكان ثقة ثبتا كما في
تهذيب ابن عساكر.
24 - ربيع بن سليمان المؤذن أبو محمد المصري صاحب الشافعي ورواية كتبه ثقة صدوق متفق عليه توفي
سنة 270 ه‍ كذا في الأماني.
المقدمة 12

25 - ربيع بن سليمان الجيزي أبو محمد المصري تلميذ الشافعي ثقة صالح مأمون كثير الحديث توفي سنة
256 ه‍ كذا في الأماني.
26 - روح بن الفرج القطان أبو الزنباع المصري ثقة من أوثق الناس رفعه الله بالعلم والصدق توفي سنة
282 ه‍ كذا في الأماني.
27 - زكريا بن يحيى بن أبان أبو علي لم يذكره صاحب الكشف ولم أجده يروى في المعاني عن نعيم بن
حماد وفي المشكل عن سعيد بن عيسى بن تليد وعمرو بن خالد وروى عنه الطحاوي في المعاني
حديثا واحد وفي المشكل حديثين.
28 - سليمان بن شعيب بن سليمان الكيساني أبو محمد المصري من أصحاب محمد ثقة توفي سنة 278 ه‍ كما في الأماني.
29 - صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري أبو الفضل محله الصدق كما قال ابن أبي حاتم
في الجرح والتعديل.
30 - عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي ميسرة المكي أبو يحيى ذكره ابن حبان في الثقات كما
في الكشف وقال ابن أبي حاتم كتبت عنه بمكة وهو صدوق.
31 - عبد الله بن أيوب (وفي المشكل عمران بدل أيوب) أبو أيوب المعروف بابن خلف الطبراني لم أر فيه
كلاما فيما عندي من الكتب يروى في المعاني عن عمرو بن محمد الناقد وفي المشكل عن سهل بن نصر
وسعيد بن سليمان الواسطي وروى عنه الطحاوي في المعاني في موضع وفي المشكل في موضعين.
32 - عبد الله بن محمد بن خشيش البصري قدم مصر وحدث بها توفي سنة 262 كما في الأماني.
33 - عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم حدث عن الفريابي بالبواطيل توفي سنة 281 كما في الكشف.
34 - عبد الرحمن بن الجارود البغدادي أبو بشر يعرف بالأحمري سكن مصر وحدث بها وكان ثقة توفي
سنة 261 كما في الأماني.
35 - عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري أبو زرعة الدمشقي ثقة حافظ مصنف توفي
سنة 281 كما في التقريب.
36 - عبد العزيز بن معاوية بن عبد الله القرشي العتابي أبو خالد البصري صدوق له أغلاط ولي قضاء الشام
توفي سنة 284 كما في التقريب والتهذيب.
37 - عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل اللخمي أبو جعفر المصري ثقة فقيه توفي سنة 255 كما في الأماني.
38 - عبد الملك بن مروان الرقي أبو بشر مقبول توفي سنة 256 كما في التقريب.
39 - عبيد بن رجال المصري كره ابن يونس في علماء مصر كما في الكشف وذكر في هامش المشكل عبيد
ابن رجال بالتخفيف شيخ للطبراني.
40 - علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن فهم أبو عبد الرحمن لم أجده وروى عنه الطحاوي في المعاني
في موضع واحد قول احمد في كتاب معاوية بن صالح ويروى في المشكل عن الحسن بن أبي
الربيع الجرجاني وفضل بن سهل الأعرج وأبيه الحسين وروى عنه الطحاوي في المشكل في سبعة مواضع.
41 - علي بن زيد الفرائضي أبو الحسن من أهل طرطوس ثقة تكلموا فيه توفي سنة 262
كذا في الأماني.
المقدمة 13

42 - علي بن سعيد بن بشير الرازي أبو الحسن حافظ رحال جوال ثقة عالم تكلم فيه من جهة دخوله في
اعمال السلطان توفي سنة 299 كما في الكشف.
43 - علي بن شيبة بن الصلت البغدادي أبو الحسن بصري سكن بغداد ثم انتقل إلى مصر فسكنها وحدث
بها، وله أحاديث مستقيمة توفي سنة 272 كما في الأماني.
44 - علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الكوفي أبو الحسن المعروف بعلان ثقة صدوق حسن الحديث
توفي بمصر سنة 272 كما في الأماني.
45 - علي بن عبد العزيز البغدادي أبو الحسن البغوي نزيل مكة أحد الحفاظ المكثرين مع علو الاسناد مشهور، ثقة
صدوق توفي في سنة بضع وثمانين ومائتين كما في تهذيب التهذيب والكشف.
46 - علي بن معبد بن نوح البغدادي نزيل مصر ثقة صدوق صاحب سنة توفي سنة 259 كما في الأماني.
47 - عمران بن موسى الطائي أبو الحسن لم أجده يروى في المعاني عن أبي الوليد وفي المشكل عن سليمان
ابن حرب وأبي سلمة وأبي الربيع الزهراني وابن الوليد وروى عنه الطحاوي في المعاني في موضع
واحد وفي المشكل في أربعة مواضع.
48 - عيسى بن إبراهيم الغافقي المثرودي أبو موسى المصري ثقة ثبت توفي سنة 261 ه‍ كما في تهذيب التهذيب.
49 - فهد بن سليمان بن يحيى أبو محمد الكوفي قدم مصر وحدث بها وكان ثقة ثبتا توفي سنة 275 كما في الأماني.
50 - قاسم بن عبد الله بن مهدي بن يونس أبو القاسم الأحميمي الحافظ لا باس به وقد اهتم بوضع الحديث
ورحل إليه ابن عدي توفي سنة 304 كما في الكشف.
51 - قاسم بن محمد بن جعفر البصري أبو محمد قدم مصر وكتب عنه توفي سنة 274 كما في الأماني.
52 - محمد بن إبراهيم بن يحيى البغدادي أبو بكر يقال إن أصله من مروالروذ عدل ثقة مأمون توفي سنة
276 كما في تاريخ الخطيب.
53 - محمد بن إبراهيم الصيرفي البصري لم أجده يروي في المعاني عن عبد الواحد بن عمرو وفي المشكل عن
هارون بن موسى - وروى عنه الطحاوي في المعاني في موضع واحد وفي المشكل أيضا كذلك.
54 - محمد إدريس المكي أبو بكر وراق الحميدي ذكره ابن حبان في الثقات وقال مستقيم الحديث
كما في الكشف.
55 - محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ أبو جعفر الكبير البغدادي نزيل مكة صدوق من أهل الفهم والأمانة
توفي سنة 276 ه‍.
56 - محمد بن بحر بن مطر البغدادي أبو بكر البزار ذكره الخطيب في تاريخه ولم يذكر فيه كلاما وقال في
اللسان ليس بمجهول العين.
57 - محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي أبو جعفر البصري صدوق ثقة صالح كما في الأماني.
58 - محمد بن حميد بن هشام الرعيني أبو قرة العبلي الحجري من حجر رعين ذكره السمعاني في الأنساب
ولم يذكر فيه كلاما.
59 - محمد بن خزيمة بن راشد البصري أبو عمرو الأسدي ثقة مشهور توفي سنة 276 كما في الأماني.
60 - محمد بن زكريا بن يحيى بن صالح أبو شريح ذكره ابن يونس فيمن ورد إلى مصر وقال كان رجلا
صالحا يفهم الحديث ويحفظ كما في نخب الأفكار.
المقدمة 14

محمد بن سليمان بن الحارث الأزدي الباغندي أبو بكر الواسطي سكن بغداد لا باس به ورواياته
مستقيمة توفي سنة 283 كما في الأماني.
62 - محمد بن سنان بن سرح الشيزري الباهلي صاحب مناكير كما في الميزان ولم يرد عنه الطحاوي في
المعاني
الا في موضع واحد وروى عنه في المشكل في ثمانية مواضع.
63 - محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي أبو جعفر أحد أصحاب أبي حنيفة لم أجده وهو يروي عن أسد
ابن موسى والقعنبي وجماعة وروى عنه الطحاوي في المعاني في مواضع وهكذا في المشكل ونقل عنه
مذاهب أئمتنا في مواضع قد ذكر عنه في موضع معنى الحديث.
64 - محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي أبو العوام لم أجد من ذكره ويروي في المعاني عن عمه أبي
الأسود وخالد بن نزار الأيلي ويحيى بن حسان وروى عنه الطحاوي في المعاني في خمسة مواضع
وفي المشكل في ثلاثة مواضع.
65 - محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري الفقيه ثقة صدوق وكان المفتي بمصر في أيامه توفي سنة 268 ه‍
كما في التهذيب.
66 - محمد بن عبد الله بن مخلد أبو الحسين الأصبهاني يعرف بصاحب الشافعي وبوارق الربيع بن سليمان
نزل مصر وحدث توفي سنة 273 كما في الكشف.
67 - محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي أبو بكر السكري سكن الإسكندرية ثقة صدوق تكلم فيه
توفي سنة 262 ه‍ كما في التهذيب.
68 - محمد بن عبد الرحمن الهروي أبو عبد الله نزيل الري صدوق كما قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
وقال كتبت عنه.
69 - محمد بن عبدة بن عبد الله بن زيد المروزي أبو بكر لا أعرف له ترجمة يروي عن أبي توبة الربيع
ابن نافع روى عنه الطحاوي في المعاني في موضع وفي المشكل أيضا كذلك.
70 - محمد بن عزيز بن عبد الله بن زياد بن عقيل الأيلي ثقة صدوق تكلم في صحة سماعه من عمه سلامة توفي سنة
267 كما في التهذيب والتقريب.
71 - محمد بن علي بن داود البغدادي أبو بكر الحافظ المعروف بابن أخت غزال نزيل مصر ثقة حسن
الحديث توفي سنة 264 كما في الأماني.
72 - محمد بن علي بن محرز البغدادي أبو عبد الله نزيل مصر وكان ثقة فهما بالحديث توفي سنة 261
كما في الأماني.
73 - محمد بن عمرو بن تمام الكلبي أبو الكردوس لا أعرفه يروى عن يحيى بن عبد الله بن بكير وسليمان بن
أيوب وروى عنه الطحاوي في المعاني في ثلاثة مواضع وفي المشكل في موضعين.
74 - محمد بن عمرو بن يونس التغلبي أبو جعفر السوسي الكوفي محدث مكثر وحدث بمناكير توفي سنة
259 كما في الأماني.
75 - محمد بن عيسى بن فليح بن سليمان الخزاعي أبو عبد الله لم أجده يروي عن سعيد بن منصور وأبي
الأسود النضر بن عبد الجبار وعبد الله بن يوسف وروى عنه الطحاوي في المعاني في موضعين وفي
المشكل في ثلاثة مواضع.
المقدمة 15

محمد بن النعمان بن بشير النيسابوري السقطي المقدسي نزيل بيت المقدس ثقة مشهور توفي سنة
268 كما في نخب الأفكار والتهذيب والتقريب.
77 - محمد بن الورد بن زنجويه أبو جعفر سكن مصر وحدث بها وبها توفي سنة 272 كما في تاريخ الخطيب.
78 - مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي أبو سعد المصري صدوق توفي سنة 268 كما في الأماني.
79 - مالك بن يحيى الهمداني أبو غسان السوسي الأصل قدم إلى مصر وأقام به مستقيم الحديث توفي
سنة 274 كما في الكشف.
80 - مبشر بن الحسن بن مبشر بن مكثر البصري أبو بشر القيسي قدم مصر وحدث بها وكان ثقة توفي
سنة 259 كما في الأماني.
81 - نصار (وفي المشكل نصر) بن حرب المسمعي البصري أبو بكر قدم مصر وحدث بها وكان ثقة
كما في الأماني.
82 - نصر بن مرزوق أبو الفتح يقال له ابن شدقين وهو صدوق وذكره ابن يونس في علماء مصر توفي سنة
262 كما في الأماني.
83 - هارون بن كامل بن يزيد أبو موسى توفي سنة 283 كذا في الكشف.
84 - يحيى بن إسماعيل البغدادي أبو زكريا بن حلزبة ذكره الخطيب في تاريخه وقال روى عنه أبو جعفر
الطحاوي الفقيه وذكر انه سمع منه بطبرية.
85 - يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان القرشي السهمي مولاهم أبو زكريا المصري حافظ صدوق رمى
بالتشيع توفي سنة 282 كما في التقريب وغيره.
86 - يزيد بن سنان بن يزيد البصري أبو خالد القزاز نزيل مصر صدوق ثقة نبيل توفي سنة 364
كما في الأماني.
87 - يوسف بن يزيد أبو يزيد القراطيسي المصري ثقة صدوق توفي سنة 287 ه‍ كما في التهذيب.
88 - يونس بن عبد الأعلى الصدفي أبو موسى البصري كان ثقة ذا عقل من أركان الاسلام توفي سنة 264
كما في الأماني.
النوع الثاني في مشايخ الامام الطحاوي في معاني الآثار
1 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن خالد الكندي أبو علي الخراساني عرف باللجلاج ضعيف له بواطيل ومناكير
ولم يرد عنه في هذا الكتاب الا في موضع واحد في نقل المذهب كما في الأماني.
2 - أحمد بن عبد المؤمن الصوفي كان ينزل الفيوم من ارض مصر كان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يعظمه
وهو ضعيف جدا كما في اللسان.
3 - بكر بن سهل الدمياطي أبو محمد مولى بني هاشم حمل الناس عنه وهو مقارب الحال وضعفه النسائي
توفي سنة 289 كذا في الميزان.
4 - حسن بن عبد الله بن منصور البالسي أبو علي الأنطاكي حدث بدمشق ومصر وكان أصله من بالس
وسكن أنطاكية وقدم مصر سنة ثمان وخمسين ومائتين كما في تهذيب ابن عساكر وهكذا ذكره
في الكشف عن المغاني.
المقدمة 16

5 - حسين بن الحكم بن مسلم الحبري بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة في آخره راء مهملة نسبة إلى
بيع الحبرات الكوفي كما في نخب الأفكار وذكره السمعاني في الأنساب ولم يذكر فيه كلاما.
6 - حسين بن عبد الرحمن الأنصاري أبو علي الجرجائي ذكره ابن حبان في الثقات توفي سنة 253 ه‍.
7 - خلاد بن محمد الواسطي لم أجده فيما عندي من الكتب وهو يروي عن محمد بن شجاع الثلجي وروى
عنه الطحاوي في موضع واحد في تفسير الحديث.
8 - سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصر أبو عمرو صدوق صالح كما في الكشف عن المغاني وقال ابن
أبي حاتم في الجرح والتعديل سمعت منه بمكة وبمصر وهو صدوق.
9 - شعيب بن إسحاق بن يحيى مولى بني سعد بن تجيب يكنى أبا الحسن قال ابن يونس في علماء مصر توفي
سنة 270 كذا في الكشف عن المغاني.
10 - عبد الله بن سويد - لم أجد من ذكره - وهو يروي عن الأثرم م وروى عنه الطحاوي في موضع
واحد في الحج.
11 - عبد الحميد بن عبد العزيز أبو خازم القاضي من كبار الحنفية أصله من البصرة وكان رجلا دينا عالما
ورعا ثقة جليل القدر توفي سنة 292 كما في الكشف.
12 - عبيد الله بن محمد المؤدب أبو معاوية ضعفه تمام الرازي وابن عساكر كما في الميزان واللسان.
13 - علي بن عبد الأعلى المحاربي ذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من الثقات كما في الكشف.
14 - قاسم بن جعفر بن شدونة أبو محمد البصري نزيل مصر ذكره ابن يونس في الغرباء وقال يكنى أبا محمد
بصري قدم مصر وكتب عنه توفي بمصر سنة 274 كذا في الكشف.
15 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت الكثيري المديني من أهل البصرة
لسكناه بها قال ابن يونس هو مديني قدم مصر وحدث بها وخرج إلى الإسكندرية فحدث
بها أيضا قال ابن أبي حاتم كتبت عنه بالمدينة ومحله الصدق كذا في الأنساب للسمعاني.
16 - محمد بن إبراهيم بن مسلم أبو أمية الطرسوسي الحافظ بغدادي الأصل مشهور بكنيته ثقة امام في
الحديث يخطئ توفي سنة 273 كما في الأماني.
17 - محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني أبو عبد الرحيم نزيل نيسابور كان صاحب سنة وخير وفضل وكان
أبوه حنفيا توفي سنة 245 ه‍ كذا في التهذيب.
18 - محمد بن جعفر بن محمد بن حفص الحنفي الربعي مولاهم أبو بكر البغدادي الرافقي المعروف بابن
الامام سكن دمياط ثقة توفي سنة 300 ه‍ كذا في التهذيب.
19 - محمد بن شاذان القاضي أبو بكر المصري أحد الأئمة الفقهاء الحنفية وكان نائبا لقاضي بكار وخليفته
على مصر حين خرج إلى الشام واصله بصري قدم إلى مصر كذا في المباني - وهكذا قال في الجواهر
المضية الا أنه قال النصري توفي سنة 274 ه‍.
20 - محمد بن مرزوق وقع على محمد نسخة فيمكن ان يكون إبراهيم بن مرزوق أو محمد بن محمد بن
مرزوق الباهلي البصري من رواة مسلم وغيره - كذا في التهذيب.
21 - محمود بن حسان النحوي كان نحويا مجودا توفي سنة 272 كذا في الكشف عن المغاني.
المقدمة 17

22 - مالك بن إسماعيل أبو غسان - لم أجده وهو يروي في المعاني عن أبي بكر بن عياش ولم يرو عنه
الطحاوي الا في موضع واحد في فتح مكة.
23 - موسى بن المبارك قال في الكشف لم أر له ترجمة قلت لعله موسى بن المبارك الرازي شيخ أبي حاتم
كما ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
24 - نصر بن عمار البغدادي ذكره الخطيب في تاريخه وقال روى عنه أبو جعفر الطحاوي ولم
يذكر فيه كلاما.
25 - وهبان بن عثمان الواسطي البغدادي اسمه وهب ابن بقية بن عثمان أبو محمد الواسطي المعروف بوهبان
ثقة توفي سنة 239 كما في الكشف عن المغاني.
26 - هاشم بن محمد بن يزيد الأنصاري أبو الدرداء مؤذن بيت المقدس محله الصدق كما في الأماني.
النوع الثالث في مشايخ الامام الطحاوي في مشكل الآثار
1 - أحمد بن إبراهيم بن يحيى بن جنادة البغدادي يروي في المشكل عن أبي الوليد الطيالسي وروى عنه
الطحاوي في المشكل في موضع واحد ويحتمل ان يكون هو محمد بن إبراهيم بن يحيى المذكور.
2 - أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي أبو جعفر كان ثقة ثبتا فقيها جيد الضبط على مذهب أبي حنيفة
ولي القضاء بمدينة منصور توفي سنة 318 وولد سنة 231 كما في الجواهر والمنتظم.
3 - احمد اصرم المزني ثم المعقلي أبو العباس ثقة كبير الشأن توفي سنة 285 كما في المنتظم.
4 - أحمد بن الحجاج الحضرمي يروي عن أسد بن موسى وروى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد.
5 - أحمد بن الحسين بن قاسم الكوفي أبو الحسن يروى عن أسباط بن محمد وعبيدة بن عبيد النحوي
وروى عنه الطحاوي في المشكل موضعين ويحتمل ان يكون هو تصحيف أحمد بن الحسن بن
قاسم المذكور من قبل.
6 - أحمد بن حماد التجيبي أبو جعفر المصري مولى بني سعد ثقة مأمون صالح توفي سنة 296 كما في التهذيب.
7 - أحمد بن خزيمة يروى عن حجاج بن منهال وروى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد ويحتمل
ان يكون هو تصحيف محمد بن خزيمة.
8 - أحمد بن خلف يروى عن الخفاف وروى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد.
9 - أحمد بن سليمان يروى عن عبد الله بن صالح وروى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد والظاهر أنه
أبو الحسين الرهاوي الجزري الحافظ الثقة محدث الجزيرة شيخ النسائي وقد كتب إلى ابن أبي
حاتم ببعض حديثه وهو ثقة صدوق مأمون توفي سنة 261 ه‍.
10 - أحمد بن سنان بن أسد الحافظ الحجة أبو جعفر الواسطي القطان صاحب المسند ثقة صدوق توفي
سنة 256 كما في التذكرة.
11 - أحمد بن سهل الرازي يروى عن أبي عبد الله وروى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد.
12 - أحمد بن صالح بن عبد الرحمن الأنصاري يروى عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب وروى عنه في
المشكل في موضعين
13 - أحمد بن عبد الله بن خليد يروى عن سعيد بن منصور وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
المقدمة 18

14 - أحمد بن عثمان يروى عن أحمد بن محمد بن شبوية وروى عنه في المشكل في موضع واحد ويمكن ان
يكون هذا هو أحمد بن عثمان بن حكيم الأددي أبو عبد الله الكوفي ثقة صدوق روى عنه الشيخان
والنسائي وابن ماجة توفي سنة 261 ه‍.
15 - أحمد بن علي بن عبد الأعلى البغدادي المعروف بحجلش يروى عن سعيد بن سليمان الواسطي وروى
عنه في المشكل في موضع واحد.
16 - أحمد بن محمد بن بشار يروى عن يحيى بن سعيد وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
17 - أحمد بن محمد بن سلام العطار البغدادي أبو بكر سكن مصر وحدث بها وكان رجلا فاضلا من خيار
خلق الله توفي سنة 302 كما في تاريخ الخطيب.
18 - أحمد بن محمد بن علي بن ميمون الرقي يروى عن أبي اليمان وروى عنه في المشكل في موضع أحد.
19 - أحمد بن محمد الصوري يروى عن الهيثم بن جميل وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
20 - أحمد بن المغيرة بن عبد الرحمن الرقي روى عنه الطحاوي في المشكل في موضع واحد وسقط اسم
الشيخ عن الطبع.
21 - أحمد بن نصر يروى عن يزيد بن هارون وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
22 - أحمد بن هبة الله بن محمد الكندي أبو علي يروى عن سعيد بن منصور وروى عنه في المشكل
في موضع واحد.
23 - أحمد بن يوسف يروى عن سعيد بن نصر وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
24 - إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي أبو إسحاق قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن أبان الواسطي وغيره
وعنه عثمان بن محمد السقطي وذكر انه سمع منه في سنة 285 قال الدارقطني ليس بالقوي - كذا
في تاريخ الخطيب.
25 - إبراهيم بن الحسن بن الهيثم الخثعمي أبو إسحاق المصيصي المقسمي ثقة صدوق كما في التهذيب.
26 - إبراهيم بن داود يروى عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج - روى عنه في المشكل
في موضع واحد.
27 - إبراهيم بن سعد - هكذا وقع في المشكل والظاهر أنه سقط أول الاسناد كما ذكر بعده وهو هذا -
حدثنا ابن أبي داود ثنا الأويسي حدثنا إبراهيم بن سعد.
28 - إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة أبو الحسن يروى عن يحيى بن معين - روى عنه
في المشكل في موضع واحد.
29 - إبراهيم بن عمر المكي الخلال يروى عن ابن أبي عمر - روى عنه في المشكل في موضع واحد.
30 - إبراهيم بن عيسى الغافقي يروى عن سفيان بن عيينة - روى عنه في المشكل في موضع واحد.
31 - إبراهيم بن مروان يروى عن عفان بن مسلم روى عنه في المشكل في موضع واحد والظاهر أنه
تصحيف والصواب إبراهيم بن مرزوق وان صح فهو إبراهيم بن مروان بن محمد الطاهري الدمشقي
شيخ أبي داود.
32 - إسحاق بن إسماعيل أبو يعقوب الأيلي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال روى عنه محمد بن
مسلم وكتب إلينا.
المقدمة 19

إسماعيل بن حمدويه البيكندي أبو سعيد البخاري قدم دمشق وسكن الرملة وكان من أهل بيكند
من خراسان توفي سنة 274 كما في تهذيب تاريخ ابن عساكر.
34 - إسماعيل بن يحيى المازني يروى عن الشافعي وروى عنه في المشكل في موضع واحد والظاهر أنه
المزني السابق.
35 - جعفر بن أحمد بن الوليد الأسلمي يروى عن بشر بن الوليد الكندي وروى عنه في المشكل
في ثلاثة مواضع.
36 - جعفر بن سليمان بن محمد الهاشمي النوفلي أبو القاسم البويطي يروى عن إبراهيم بن المنذر وفي نسخة
ابن المنكدر وروى عنه في المشكل في ثلاثة مواضع.
37 - جعفر بن محمد بن حسن الفريابي أبو بكر القاضي بالدينور ثقة حافظ حجة مصنف كبير القدر توفي
سنة 301 كذا في التذنيب والبداية والتذكرة.
38 - حسن بن بكر بن عبد الرحمن أبو علي المروزي نزيل مكة شيخ الترمذي وغيره قال مسلم مجهول كما في تهذيب التهذيب.
39 - حسن بن الحكم الحبري الكوفي يروى عن أبي غسان وعفان ومخول بن إبراهيم بن مخول بن راشد
الحفاظ وروى عنه في المشكل في ثلاثة مواضع.
40 - حسن بن عبد الأعلى الصنعاني يروى عن عبد الرزاق بن همام وروى عنه في المشكل في موضع
واحد وروى عنه الطبراني في معجمه الصغير.
41 - حسن بن علي بن منصور يروى عن عمران بن أبي عمران الصوفي والهيثم بن جميل وروى عنه في
المشكل في موضعين.
42 - حسن بن غليب بن سعيد الأزدي مولاهم المصري ليس به باس توفي سنة 290 كما في
التهذيب والتقريب.
43 - حسن بن نصر يروى عن يزيد بن هارون والفريابي وأبي نعيم وروى عنه في المشكل في
ثلاثة مواضع.
44 - حسين بن سعيد الأزدي أبو علي يروى عن عبد الله بن محمد بن المطرف وروى عنه في المشكل
في موضع واحد.
45 - حسين بن عبد الله بن منصور البالسي يروى عن الهيثم بن جميل ومحمد بن كثير وعلي وروى عنه في
المشكل في ستة مواضع.
46 - حسين بن مضر يروى عن أبي نعيم وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
47 - حسين بن منصور يروى عن يحيى بن حسان وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
48 - حكيم بن يوسف الرقي يروى عن عبد الله بن عمرو روى عنه في المشكل في موضع واحد.
49 - داود بن إبراهيم بن داود أبو شيبة البغدادي فارسي الأصل سكن مصر وحدث بها قال الدارقطني
صالح وضعفه الخطيب توفي بمصر سنة 310 ه‍.
50 - زياد بن يحيى بن أبان يروى عن عبد الله بن صالح ومسكين بن عبد الرحمن وروى عنه في المشكل
في موضع واحد.
المقدمة 20

51 - سعيد بن سليمان الواسطي - هكذا وقع في المشكل والظاهر أنه سقط شيخ المصنف عن النسخة
المطبوعة ابن أبي داود وغيره.
52 - سليمان البستاني - هكذا وقع في المشكل والظاهر أنه سليمان بن شعيب الكيساني وقد تقدم
في النوع الأول.
53 - صالح بن أبان البصري يروى عن محمد بن المثنى وروى عنه في المشكل في موضع واحد والظاهر أنه
صالح بن شعيب كما سيأتي.
54 - صالح بن حكيم البصري التمار أبو شعيب ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وكناه أبا سعيد
وقال كتبت مع أبي بسامراء عنه.
55 - صالح بن شعيب بن أبان البصري أبو شعيب يروى عن مسدد وسلمة بن الفضل وروى عنه في المشكل
في ثلاثة مواضع وقد روى عنه الطبراني في معجمه الصغير.
56 - طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق يروى عن عمرو بن الربيع بن طارق وروى عنه في المشكل
في موضعين.
57 - عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الحافظ الكبير صاحب التصانيف ولد سنة 230
وتوفي سنة 316 وكان فقيها عالما حافظا زاهدا ناسكا كما في التذكرة.
58 - عبد الله بن رجاء يروى عن أحمد بن صالح وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
59 - عبد الله بن سعيد بن كثير بن عفير أبو القاسم يروى عن أبيه وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
60 - عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني أبو القاسم سكن مصر كان له حلقة للفتوى والاشتغال بمصر وللرواية
توفي سنة 315 كذا في حسن المحاضرة.
61 - عبد الله بن محمد بن حسين البصري أبو الحسن يروى عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب وعارم وروى
عنه في المشكل في موضعين.
62 - عبد الله بن محمد بن عبد الحكم يروى عن بشر بن بكر وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
63 - عبد الله بن مخلد أبو الحسين الأصبهاني يروى عن إسحاق بن راهويه وروى عنه في المشكل في
موضع واحد.
64 - عبد الله بن يوسف يروى عن عيسى بن يونس وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
65 - عبد الرحمن بن محمد بن سلام بن ناصح البغدادي ثم الطرطوسي أبو القاسم وقد ينسب إلى جده شيخ
ثقة كما في التهذيب.
66 - عبد العزيز بن أبي عقيل اللخمي يروى عن سفيان بن عيينة وروى عنه في المشكل في موضعين.
67 - عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة الزبالي أبو الحسين بن أهل المدينة ينسب إلى جده يروى عن
المدنيين الثقات المعضلات كان ممن يتصور الشئ فيقعد عليه ويتخيل له فيحدث به حتى بطل
الاحتجاج باخباره كذا في الأنساب.
68 - عبد المطلب بن شعبب بن حبان الأزدي يروى عن عبد الله بن صالح وروى عنه في المشكل في
موضع واحد - هكذا وقع ههنا وهو مكرر كما سيأتي في المطلب بن شعيب.
69 - عبد الوهاب بن خلف بن عمر الكندي يروى عن نعيم بن حماد وروى عنه في المشكل في موضعين.
المقدمة 21

70 - عبد الأعلى بن حما الزسي أبو يحيى الباهلي مولاهم البصري ثقة صدوق توفي سنة 237 ه‍.
71 - عبيد الله بن عبد الله بن عمران الطبراني أبو أيوب يروى عن أبي نعيم وابن خلف وخلف بن هشام
المقري وروى عنه في المشكل في ثلاثة مواضع.
72 - عبيد الله بن محمد بن خشيش البصري يروى عن أبي الوليد الطيالسي ومسلم بن إبراهيم وروى عنه
في المشكل في موضعين.
73 - عبيد بن رجاء يروى عن المؤمل بن مهلب وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
74 - عبيد بن يعيش يروى عن يونس بن بكير الشيباني وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
75 - عفان يروى عن أبي عوانة وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
76 - عقيل بن أبي عقيل اللخمي يروى عن عبد الرحمن بن زياد وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
77 - علي بن أحمد بن سليمان بن الصقيل أبو الحسن المصري ولقبه علان المعدل توفي في شوال سنة 317 كذا
في حسن المحاضرة.
78 - علي بن داود بن يزيد التميمي القنطري أبو الحسن بن أبي سليمان البغدادي ثقة توفي سنة 362 ه‍.
79 - علي بن أبي داود يروى عن عبد الله بن صالح وروى عنه في المشكل في موضع واحد - هكذا وقع
ههنا ويحتمل ان يكون هو علي ابن أبي داود المذكور.
80 - علي بن شعبة يروى عن روح بن عبادة وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
81 - علي بن شعيب يروى عن علي بن حجر وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
82 - علي بن أبي عمر يروى عن عبد الله بن محمد التيمي بن عائشة وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
83 - علي بن مسلم بن إبراهيم يروى عن عصمة بن سالم الغساني عن أبي ريحانة الأنصاري عن النبي صلى الله
عليه وسلم هكذا وقع في المشكل والصواب سقوط الرواة عن الاسناد.
84 - عمر بن إبراهيم بن يحيى البغدادي يحتمل ان يكون هو أبا الآذاني الذي روى عنه الطبراني وذكره
الذهبي في التذكرة وقال وثقة الخطيب وغيه وقال ابن كثير في البداية كان ثقة ثبتا توفي سنة 290
وذكره في تهذيب التهذيب وسمى جده سليمان وقال روى عنه النسائي.
85 - عمر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص الخزاعي أبو حفص المصري ثقة فاضل فقيه
توفي سنة 385.
86 - عيسى بن مرزوق الغافقي يروى عن ابن وهب وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
87 - فراء يروى عن الرواسي وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
88 - فرقد يروى عن سعيد بن أبي مريم وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
89 - ليث بن عبدة بن محمد المروزي أبو الحارث يروى عن محمد بن أسد الخشني وفي موضع الحسيني ويحيى
ابن صالح الوحاظي وروى عنه في المشكل في ثلاثة مواضع.
90 - محمد بن أبان أبو إسحاق الواسطي هكذا وقع في المشكل في موضع واحد والظاهر أن أبا إسحاق
كنيته إبراهيم بن أحمد الذي تقدم ومحمد ابن أبان شيخ إبراهيم كما يظهر من تاريخ الخطيب.
91 - محمد بن أحمد بن جعفر الذهلي أبو العلاء الكوفي نزيل مصر يعرف بالوكيعي ثقة ثبت توفي بمصر
سنة ثلاثمائة.
المقدمة 22

92 - محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر الدولابي الرازي حافظ عالم اتهم فيما روى به نعيم بن حماد قال بن يونس
كان لضعيف وقال الدارقطني لم يتبين الا الخير توفي سنة 310 كما في التذنيب.
93 - محمد بن أحمد بن خزيمة يروى عن عباس بن محمد الدوري وحجاج بن منهال وروى عنه في المشكل في
أربعة مواضع.
94 - محمد بن أحمد بن العباس الرازي يروى عن موسى بن نصير الرازي وفي موضع نصر وروى عنه في
المشكل في موضعين.
95 - محمد بن أحمد الحواري يروى عن أبي نعيم وعمرو بن عون الواسطي وروى عنه في المشكل
في موضعين.
96 - محمد بن إسحاق - يروى عن يزيد العطار المزني وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
97 - محمد بن جرير يروى عن عبد الله بن صالح وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
98 - محمد بن جعفر بن محمد أعين أبو بكر وهو عبيد الله بن جعفر نزل مصر وحدث بها وكان ثقة توفي
بمصر سنة 293 كما في تاريخ الخطيب.
99 - محمد بن جعفر بن محمد بن حسين البغدادي يروى عن محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني وروى عنه في
المشكل في موضع واحد.
100 - محمد بن حرب النشائي أبو عبد الله الواسطي ثقة صدوق توفي سنة 255.
101 - محمد بن حرملة يروى عن حجاج بن منهال وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
102 - محمد بن حفص الفريابي يروى عن محمد بن أبي بكر المقدمي وروى عنه في المشكل في
موضع واحد.
103 - محمد بن داود البغدادي الظاهر أنه محمد بن علي بن داود البغدادي ابن أخت غزال أبو بكر الحافظ
كما تقدم في النوع الأول.
104 - محمد بن ربيعة المكي يروى عن أحمد بن محمد القواس وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
105 - محمد بن رجال يروى عن إبراهيم بن محمد الشافعي وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
106 - محمد بن سابق يروى عن مالك ين مغول وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
107 - محمد بن سليمان بن هشام الخزاز أبو جعفر ويقال أبو علي اليشكري الشطوي يعرف بأخي هشام
بصري الأصل ضعيف توفي سنة 265 ه‍.
108 - محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي والد أبي جعفر الطحاوي يروى في المشكل عن ابن إسحاق
وروى عنه الطحاوي في موضع واحد في المشكل توفي سنة 264 ه‍ كما في الحاوي.
109 - محمد بن العباس بن السراج اللؤلؤي يروى عن علي بن معبد ويحيى بن سليمان الجعفري وروى عنه
الطحاوي في المشكل في موضعين.
110 - محمد بن عبيد الله المديني أبو ثابت ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال عن أبيه صدوق
وقال الدارقطني ثقة حافظ كما في تهذب التهذيب.
111 - محمد بن علي بن زيد الحلواني يروى عن يحيى بن آدم وعفان وروى عنه في المشكل
في موضعين.
المقدمة 23

112 - محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ يروى في المشكل عن الحسن بن علي الحلواني والقعنبي وإبراهيم
بن المنذر وغيرهم وروى عنه الطحاوي في المشكل في عدة مواضع والطبراني في معجمه الصغير
توفي سنة 291 كما ذكر في البداية.
113 - محمد بن علي بن عبد الرحمن يروى عن عفان بن مسلم وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
114 - محمد بن علي بن عيسى الخزاز يعرف بالمالكي ثقة كما في تاريخ الخطيب.
115 - محمد بن عيسى بن جابر بن يحيى بن مالك الرشيدي أبو عبد الله مولى قريش كان قاضي رشيد
قرية على ساحل إسكندرية كما في الأنساب للسمعاني.
116 - محمد بن القاسم أبو أمية الحراني المعروف بسحيم ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال
روى عنه اي وأبو زرعة وقال عن أبيه صدوق.
117 - محمد بن هشام الشيزري يروى عن هشام بن عمار وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
118 - مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني يروى عن أبيه وروى عنه في المشكل في خمسة مواضع.
119 - مطلب بن شعيب بن حيان الأزدي أبو محمد ولد بمصر وحدث عن أبي صالح كاتب الليث وغيره
وكان ثقة توفي سنة 282 كذا في المنتظم.
120 - موسى بن الحسن بن عبد الله المروزي البغدادي المعروف بالصقلي ذكره الخطيب في تاريخه وأسند
الحديث من طريقه ولم يذكر فيه كلاما.
121 - موسى بن عبد الرحمن المسروقي الكندي أبو عيسى الكوفي ثقة صدوق توفي سنة 258.
122 - موسى بن نعمان المكي يروى عن أبي عبد الرحمن المقري ويونس وروى عنه في المشكل
في موضعين.
123 - نضر بن عبد الجبار أبو الأسود المرادي هكذا وقع في المشكل وهو مشكل فإنه توفي سنة 219
ولم يولد الطحاوي في ذلك الوقت فالصواب سقوط شيخ الطحاوي عن السند.
124 - وليد بن محمد التميمي النحوي أبو القاسم المعروف بولاد وكان نحويا مجودا وكان ثقة توفي سنة
263 كما في المنتظم.
125 - هارون بن محمد العسقلاني أبو يزيد يروي عن أبي الربيع الزهراني ومؤمل بن أهاب وروى
عنه في المشكل في تسعة مواضع.
126 - هشام بن محمد الأنصاري أحد مؤذني بيت المقدس هكذا في المشكل والصواب هاشم كما تقدم
في المشايخ في معاني الآثار.
127 - يحيى بن زكريا بن أبان يروى عن سعيد بن كثير بن عفير وروى عنه في المشكل في
موضع واحد.
128 - يحيى بن زكريا بن يحيى النيسابوري أبو زكريا الأعرج رحال جوال حافظ فاضل نبيل توفي سنة
307 كما في تذكرة الحفاظ وقال ابن الجوزي في المنتظم وكان ثقة صدوقا وتوفي بمصر ووثقه
ابن حبان كما في نخب الأفكار.
129 - يحيى بن عيسى بن صالح يروى عن محمد بن عبد العزيز الواسطي وروى عنه في المشكل في
موضع واحد.
المقدمة 24

يحيى بن معبد السروري أبو محمد يروى عن إبراهيم بن سبرة بن عبد العزيز - روى عنه في المشكل
في موضع واحد.
131 - يحيى بن نصر يحتمل ان يكون هو يحيى بن نصر الخولاني الذي توفى سنة 267 كما ذكر في البداية.
132 - يزيد بن هارون يروى عن هشام وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
133 - يزيد القعنبي يروى عن عبد العزيز بن مسلم القسملي وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
134 - يعقوب بن أبي داود يروى عن أبي اليمان وروى عنه في المشكل في موضع واحد.
135 - يونس بن يزيد بن نصر بن يروى عن ابن وهب وسعيد بن منصور وروى عنه في المشكل في
ثلاثة مواضع.
النوع الرابع في المشايخ الذين وجدتهم في غير الكتابين المذكورين
1 - أحمد بن سعيد الفهري كما ذكره في الحاوي في مشايخ الطحاوي.
2 - أحمد بن علي النيسابوري أبو حامد كما في الجواهر قال الخطيب لم يكن بثقة وقال الحاكم لا أعلم له
حديثا وضعه ولا اسناد اركبه - كما في الميزان.
3 - أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد البصري سكن بغداد وحدث بها وكان صدوقا توفي
سنة كذا في تاريخ الخطيب.
4 - إبراهيم بن موسى بن جميل الأموي أبو إسحاق الأندلسي نزيل مصر ثقة صدوق توفي سنة 300 ه‍.
5 - سعيد بن بشر بن مروان بن عبد العزيز بن مروان الأزدي الحجري ثم العامري الرقي أبو عثمان ذكره
السمعاني في الأنساب ولم يذكر فيه كلاما.
6 - علي بن الحسين بن حرب بن عيسى القاضي أبو عبيد بن حربويه الفقيه الشافعي ثقة ثبت امين مأمون
توفي سنة 319 ه‍
7 - علي بن عبد الرحمن الأنصاري كما ذكره في الحادي في مشايخ الطحاوي.
8 - علي بن عبد العزيز الحافظ أبو الحسن البغوي شيخ الحرم ومصنف المسند ثقة مأمون صدوق توفي سنة
286 كما في الحاوي وتذكرة الحفاظ.
9 - عيسى بن مثرود وهو عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن مثرود الغافقي المصري وقد تقدم.
10 - محمد بن جعفر الفريابي ذكره في الحاوي في مشايخه وذكره الخطيب في تاريخه وقال كان ثقة.
11 - محمد بن الحسن بن مرداش الأيلي روى عنه الطحاوي واخذ عن محمد بن شجاع كذا في الجواهر المضية.
12 - محمد بن حفص الطالقاني كما في جامع العلم نزيل مصر أبو عبد الله قال الدارقطني ضعيف كما في الميزان.
13 - محمد بن زكريا كاتب العنزي كما ذكر في الحاوي في مشايخ الطحاوي.
14 - محمد بن زياد بن الريان الكلبي كما في الحاوي.
15 - محمد بن عبد الله بن عبدون الرعيني الحنفي مولى رعين قاضي إفريقية أبو العباس قال ابن يونس أنبأ
أبو جعفر الطحاوي عنه بما كتب إليه إجازة ذكره الفقيه أبو محمد في علماء إفريقية فقال وكان عالما
بمذهب العراقيين يتفقه لأبي حنيفة ويحتج له توفي سنة 299 كذا في الجواهر.
16 - محمد بن يحيى بن مطر البغدادي كما في الحاوي.
المقدمة 25

17 - محمد بن يونس البصري كما في الجواهر المضية.
18 - مسعدة بن خازم كما في الحاوي.
19 - موسى بن عيسى المقري شيخه في القراءات كما في الحاوي.
20 - هارون بن سعيد الأيلي السعدي مولاهم أبو جعفر التميمي نزيل مصر ثقة فقيه فاضل توفي سنة 253 كما في التهذيب.
21 - يحيى بن أيوب بن بادي الخولاني العلاف صالح توفي سنة 289 كما في التهذيب.
22 - يزيد بن سليمان كما في تذكرة الحفاظ للذهبي.
23 - أبو علي بن الأشعث.
النوع الخامس في تلامذة الامام الطحاوي
1 - أحمد بن إبراهيم بن حماد أبو عثمان قاضي مصر حفيد إسماعيل القاضي وكان ثقة كريما حييا توفي في
رمضان سنة 329 كما في المنتظم.
2 - أحمد بن الحسن بن سهل أبو الفتح الحمصي قيل يهتم بوضع الحديث كذا في اللسان.
3 - أحمد بن سعيد بن حزم كما وقع في اسناد عبد البر في جامع العلم.
4 - أحمد بن سليمان بن عمر البغدادي أبو الطيب الجريري وكان فقيها على مذهب محمد بن جرير الطبري
انتقل إلى مصر فسكنها كما في تاريخ الخطيب.
5 - أحمد بن عبد الوارث الزجاج كما ذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ.
6 - أحمد بن القاسم بن عبد الله البغدادي الحافظ المعروف بابن الخشاب شيخ الدارقطني كما في تاريخ
الخطيب ولم يذكر فيه كلاما.
7 - أحمد بن محمد بن جعفر الأسواني المالكي الصواف روى عن الدولابي والطحاوي توفي سنة 364 وقيل
بعدها كما في حسن المحاضرة.
8 - أحمد بن محمد بن منصور الأنصاري أبو بكر الدامغاني القاضي أقام ببغداد دهرا طويلا يحدث عن
الطحاوي ويفتي وكان إماما في العلم والدين مشار إليه في الورع والزهادة كما قال الخطيب وذكر
في الجواهر انه أقام على الطحاوي سنين كثيرة.
9 - إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز أبو سعيد الجرجاني الخلال الوراق نزيل نيسابور اخذ
الحديث عن أبي يعلي الموصلي وأبي جعفر الطحاوي وروى عنه الجوزقي والحاكم ومحمد بن الجارود
وغيرهم وكان أحد الجوالين في طلب الحديث والوراقين في بلاد الدنيا والمفيدين توفي سنة 364
وهو ابن 87 سنة كذا في تهذيب تاريخ ابن عساكر.
10 - أبو الحسين بن يعقوب الحافظ كما وقع في اسناد الحاكم في المستدرك.
11 - الحسن بن القاسم بن عبد الرحمن المصري أبو عبد الرحمن كما ذكر في الجواهر المضية.
12 - حسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله الهروي الحافظ المعروف بالشماخي سمع الحديث
بدمشق وروى عن أبي جعفر الطحاوي وجماعة وروى عنه الحاكم وعلي بن جهضم وجماعة قال أبو
عبد الله حدث بالمناكير وجاءنا نعيه سنة 372 كذا في تهذيب ابن عساكر.
13 - حسين بن إبراهيم بن جابر أبو علي الفرائضي المعروف بابن الرمرام روى الحديث عن جماعات منهم
أبو جعفر الطحاوي ومحمد بن جعفر الخرائطي ودخل دمشق وحدث بها سنة 362 وتوفي سنة
368 ودفن بباب الجابية وكان يملي في الجامع وكان ثقة كذا في تهذيب ابن عساكر.
المقدمة 26

14 - حميد بن ثوابة أبو القاسم الجذامي الأندلسي سمع الحديث بدمشق ومصر وبغداد قال أبو الوليد
ابن الفرضي كان من أهل وشقة وكانت له عناية بالعلم ورحلة له حل فيها إلى العراق ودخل الشام
ومصر وسمع من أبي جعفر الطحاوي وأبي الحسن المهرائي ونظرائهما له سماع كثير وكان عالما بالحديث
بصيرا به كذا في تهذيب ابن عساكر.
15 - سعيد بن محمد أبو طالب البردعي كان من أصحاب الطحاوي وحدث عنه ببغداد ودرس كما في
الفوائد البهية.
16 - سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني أبو القاسم صاحب المعاجم وانتهى إليه علو الاسناد لطول عمره
حافظ ثقة عالم مصنف له بعض أوهام في كثرة ما روى كما يكون للحافظ توفي سنة 360
كما في التذنيب.
17 - شافع بن محمد كما وقع في اسناد البيهقي كما في البداية.
18 - عبد الله بن أحمد بن زبر القاضي أبو محمد والد أبي سليمان كما ذكره في تلامذة الطحاوي في الحاوي.
19 - عبد الله بن حديد بن الشواء الأرزني أبو محمد كما ذكره في الحاوي في تلامذته.
20 - عبد الله بن عدي بن عبد الله الجرجاني أبو أحمد صاحب كتاب الكامل في الجرح والتعديل أحد
الأئمة حافظ ناقد توفي سنة 365 كما في التذنيب والتذكرة.
21 - عبد الله بن محمد بن أحمد أبو القاسم المعروف بابن أبي العوام الحافظ القاضي الكبير كما
ذكر في الحاوي.
22 - عبد الرحمن بن أحمد بن يونس أبو سعيد المصري الحافظ المؤرخ متيقظ عارف مصنف امام توفي
سنة 347 كما في التذنيب.
23 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان الأسواني كما وقع في اسناد عبد البر في
جامع العلم.
24 - عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معتمر السدوسي الجوهري قاضي مصر ولي القضاء في صفر سنة
302 وصرف سنة 314 كما في حسن المحاضرة.
25 - عبد العزيز بن محمد التميمي الجوهري قاضي الصعيد كما ذكر الذهبي في تذكرة الحفاظ في
ترجمة الطحاوي.
26 - عبد الله بن عبيد الله بن داود أبو القاسم الهاشمي الداودي وكان فقيه الداودية في عصره بخراسان
سمع أبا جعفر الطحاوي وأبا العباس بن عقدة والحسين بن إسماعيل المحاملي وطبقتهم وانتخب عليه
الحاكم أبو عبد الله توفي ببخاري سنة 275 كذا في المنتظم.
27 - عبيد الله بن عمر البغدادي الفقيه أبو القاسم نزيل قرطبة وكان عالما بالأصول والفروع والقراءات
وضعفه بعضهم بروايته ما لم يسمع ونسبه ابن مفرج إلى الكذب توفي سنة 365 كما في اللسان.
28 - علي بن أحمد بن سعدويه البردعي أبو بكر كما ذكر في الجواهر المضية.
29 - علي بن أحمد بن محمد بن سلامة أبو الحسن الطحاوي ابنه راوي كتاب السنن عن النسائي كما في
تهذيب التهذيب روى عن أبيه وتفقه عليه كما في الجواهر وذكر له قصة في تورعه توفي في
ربيع الآخر سنة 351 كما في السمعاني.
المقدمة 27

30 - علي بن الحسين بن حرب أبو عبيد قاضي مصر ويعرف بابن حربويه القاضي وكان ثقة ثبتا عالما أمينا
وأقام بمصر دهرا طويلا وكان شيثا عجيبا وقد روى عنه النسائي والطحاوي كما تقدم في المشايخ
وروى هو عن الطحاوي كما في الحاوي.
31 - محمد بن أحمد الأحميمي أبو الحسن كما ذكر في تذكرة الحفاظ.
32 - محمد بن إبراهيم بن علي المقري أبو بكر الحافظ الثقة الامام الرحال محدث أصبهان صاحب المعجم
الكبير محدث كبير ثقة مأمون صاحب مسانيد توفي سنة 281 كما في تذكرة الحفاظ.
33 - محمد بن انس بن عمر التنوخي كما في تذكرة الحفاظ.
34 - محمد بن بدر بن عبد العزيز أبو بكر القاضي المصري تفقه على أبي جعفر الطحاوي وكتب الحديث
حديث بكتاب الغريب لأبي عبيد عن علي بن عبد العزيز كتب عنه أبو سعيد بن يونس توفي سنة 330
كذا في الجواهر المضية.
35 - محمد بن بكر بن مطروح كما في تذكرة الحفاظ.
36 - محمد بن بكر بن الفضل بن موسى الثعالبي الفقيه أبو بكر المصري كما ذكر القاري في
الأثمار الجنية.
37 - محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي المعروف بغندر الحافظ المفيد كان جوالا حافظا ثقة توفي سنة 360
وقيل بعدها كما في تاريخ الخطيب
38 - محمد بن الحسن بن عمر التنوخي كما ذكر في اللسان.
39 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر أبو سليمان الحافظ المفيد المصنف الربعي محدث دمشق ثقة مأمون نبيل
توفي سنة 379 كما في التذكرة.
40 - محمد بن عبيدة أبو عبيد الله قاضي مصر ولي القضاء سنة 277 فأقام إلى سنة 283 كما في
حسن المحاضرة.
41 - محمد بن عمر الترمذي أبو الفضل كما ذكر في الحاوي.
42 - محمد بن المظفر بن موسى أبو الحسين البغدادي الحافظ صاحب المسند الذي جمعه للامام أبي حنيفة
وكان حافظا صدقا ثقة مأمونا حسن الحفظ وانتهى إليه علم الحديث في حفظه وعلمه وروى عنه
الدارقطني وكان يعظمه ويجله ولا يسند حديثا بحضرته توفي 379 كما في جامع المسانيد.
43 - مسلمة بن القاسم بن إبراهيم أبو القاسم القرطبي أحد المكثرين من الرواية والحديث وهذا رجل كبير
القدر توفي سنة 353 كذا في اللسان.
44 - مكي بن أحمد بن سعيدويه البردعي أبو بكر أحد الرحالة في طلب الحديث توفي سنة 354
كما في المنتظم.
45 - ميمون بن حمزة العبيدلي كما ذكر في الجواهر المضية.
46 - ميمون بن حمزة الحسيني كما وقع في اسناد عبد البر في جامع بيان العلم.
47 - هشام بن محمد أبي خليفة الرعيني كما في الحاوي.
48 - هشام بن محمد بن قرة المصري كما في الحاوي.
49 - يوسف بن القاسم الميانجي أبو بكر ذكره السمعاني في الأنساب ولم يذكر فيه كلاما.
المقدمة 28

الفائدة السابعة في معاصرة الامام الطحاوي الأئمة الستة
قال البدر العيني كما في الحاوي كان عمر الطحاوي حين مات أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب
الصحيح سبعا وعشرين سنة لان البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين وكان عمره حين مات مسلم بن الحجاج
صاحب الصحيح اثنتين وثلاثين سنة لان مسلما مات في سنة إحدى وستين ومائتين وشاركه الطحاوي في روايته
عن بعض شيوخه وكان عمره حين مات أبو داود صاحب السنن ستا وأربعين سنة لان أبا داود مات في سنة خمس
وسبعين ومائتين وشاركه أيضا في روايته عن بعض شيوخه وكان عمره حين مات أبو عيسى محمد بن عيسى
الترمذي صاحب الجامع خمسين سنة لان الترمذي مات في سنة تسع وسبعين ومائتين وكان عمره حين مات احمد
ابن شعيب بن علي النسائي أربعا وسبعين سنة لان النسائي مات في سنة ثلاث وثلاثمائة وشاركه أيضا في روايته
وروى الطحاوي عنه أيضا وكان عمره حين مات محمد بن يزيد بن ماجة صاحب السنن أربعا وأربعين سنة لان
ابن ماجد مات في سنة ثلاث وسبعين ومائتين وشاركه أيضا في روايته عن بعض شيوخه وكان عمره حين مات
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله اثنتي عشرة سنة لان احمد مات في سنة إحدى وأربعين ومائتين وكان عمره
حين مات يحيى بن معين أروع سنين لان يحيى بن معين مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وهذا كله على القول
الصحيح ان مولده سنة تسع وعشرين ومائتين وكذا ذكر مولده الحافظ محمد بن عبد النبي بن أبي بكر بن
نقطة البغدادي في كتابه التقييد لمعرفة رواة المسانيد في باب الأحمدين فهكذا كما رأيت قد عاصر الطحاوي
هؤلاء الأئمة الحفاظ الكبار وشارك بعضهم في روايتهم انتهى.
وهؤلاء أسماء من شاركهم في الرواية عنهم الامام الطحاوي رحمه الله تعالى.
1 - أحمد بن سنان روى عنه المصنف حديثا واحدا عن الحسن بن عمر بن شقيق في المشكل والذي يغلب
على الظن ان أحمد بن سنان هذا هو ابن أسد بن حبان أبو جعفر الواسطي الذي روى عنه البخاري
ومسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي في مسند مالك فقد ذكر في الخلاصة في مشايخه أبا معاوية ويحيى
القطان ووكيعا وابن مهدي وإسحاق الأزرق ومحمد بن فضيل ويزيد بن هارون وزاد وطبقتهم وذكر
في تهذيب التهذيب الشافعي وأبا احمد الزبيري وأبا أسامة وقد ذكر الحافظ هؤلاء في التقريب في الطبقة
التاسعة وهذا طبقة شيوخ شيوخ الطحاوي رحمه الله وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب والذهبي في
تذكرة الحفاظ من تلامذته غير ما تقدم عبد الرحمن بن أبي حاتم وابن صاعد وابن خزيمة وزاد الحافظ
زكريا بن يحيى الساجي وأبا بكر بن أبي داود وهؤلاء يشاركون الطحاوي في كثير من المشايخ.
2 - أحمد بن حماد التجيبي أبو جعفر المصري روى في المشكل عن يحيى بن عبد الله بن بكير وغيره
وقد روى عنه النسائي كما في تهذيب التهذيب وذكر من مشايخه يحيى هذا ومن تلامذته الطبراني وغيره
وقد روى الطبراني عن الطحاوي.
3 - أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري أبو عبيد الله بحشل روى عنه المصنف في معاني الآثار ومشكل
الآثار أحاديث متعددة عن عمه ابن وهب وغيره وقد ذكره في تهذيب التهذيب وغيره من مشايخ مسلم
وذكر الحافظ من مشايخه ابن وهب وقال أكثر عن عمه والعجب منه انه ذكر من تلامذته ابن جرير
وابن أبي داود وغيرهما ولم يذكر الطحاوي.
4 - إبراهيم بن الحسن بن الهيثم الخثعمي أبو إسحاق المصيصي روى عنه المصنف في المشكل حديثا واحدا
المقدمة 29

عنه عن الحجاج بن محمد وقد ذكر في تهذيب التهذيب حجاجا هذا في مشايخ إبراهيم المذكور وقال
وعنه أبو داود والنسائي.
5 - إبراهيم بن موسى بن جميل الأموي أبو إسحاق الأندلسي نزيل مصر روى عنه النسائي والطحاوي
كما صرح الحافظ في تهذيب التهذيب.
6 - إبراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي أبو إسحاق البصري نزيل مصر روى عنه النسائي والطحاوي كما
صرح في تهذيب التهذيب وقد أكثر عنه الطحاوي في الكتابين جدا.
7 - إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي أبو يعقوب الوراق المعروف بالمنجنيقي نزيل مصر روى عنه
المصنف عدة أحاديث في المشكل ومعاني الآثار وروى في المشكل عن أبي كريب وابن أبي عمر
وغيرهما وذكرهما في تهذيب التهذيب في مشايخ إسحاق المذكور وعنه النسائي والحسن بن
سفيان وهما من أقرانه وذكر من تلامذته الطبراني ولم يذكر الطحاوي.
8 - بحر بن نصر بن سابق تلميذ الشافعي روى الطحاوي عنه في الكتابين أحاديث متعددة وروى له
النسائي في مسند مالك حديثا واحدا وروى عنه الطحاوي وابن جوصا وابن أبي حاتم وأبو عوانة
وابن خزيمة وابن صاعد وغيرهم كما في تهذيب التهذيب.
9 - حسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزي أبو علي نزيل مكة يروى في المشكل عن يعقوب بن
إبراهيم بن سعد والنضر بن شميل وذكرهما في تهذيب التهذيب في مشايخ الحسن هذا وقال
وعنه الترمذي.
10 - الحسن بن غليب الأزدي مولاهم المصري روى عنه النسائي والطحاوي وغيرهما كما في
تهذيب التهذيب.
11 - ربيع بن سليمان الجيزي المصري روى عنه أبو داود والنسائي وابن أبي داود والطحاوي وأبو بكر
الباغندي وغيرهم كما في تهذيب التهذيب.
12 - ربيع بن سليمان المؤذن المرادي صاحب الشافعي ورواية كتبه عنه وعنه أبو داود والنسائي وابن ماجة
وابن أبي حاتم والطحاوي ويحيى بن صاعد وغيرهم وروي له الترمذي بواسطة أبي إسماعيل الترمذي
وقد روى الترمذي عنه بالإجازة وأبو زرعة وأبو حاتم كذا في تهذيب التهذيب.
13 - عبد الرحمن بن عمرو النصري أبو زرعة الدمشقي روى عنه أبو داود ويعقوب بن سفيان وابن أبي حاتم
وابن أبي داود وابن صاعد والطحاوي والطبراني وغيرهم كما في تهذيب التهذيب.
14 - عبد الرحمن بن محمد بن سلام البغدادي أبو القاسم يروى في المشكل عن حجاج بن محمد الأعور وقد
ذكره في تهذيب التهذيب في مشايخ عبد الرحمن هذا وقال وعنه أبو داود والنسائي وأبو حاتم والدولابي
وابن أبي داود وجماعة.
15 - عبد الأعلى بن حماد الزسي أبو يحيى البصري يروى في المشكل عن حماد بن سلمة وقد ذكروه في
مشايخ عبد الأعلى هذا وقال الحافظ روى عنه البخاري ومسلم وأبو أود وروى النسائي عن زكريا
السجزي وغيره عنه وأبو يعلى وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو القاسم البغوي وغيرهم وكان الطحاوي عند
وفاته ابن ثمان سنين على القول الصحيح فالسماع ممكن.
16 - عبد العزيز بن معاوية القرشي العتابي أبو خالد البصري يروى في المعاني عن يحيى بن حماد وغيره وقد
المقدمة 30

ذكر يحيى هذا في مشايخه الحافظ في تهذيب التهذيب وقال روى عنه أبو داود في المراسيل وأبو العباس
السراج وابن صاعد وذكر غيرهما وقد روى عنه الطحاوي في الكتابين في مواضع متعددة.
17 - عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل اللخمي أبو جعفر المصري روى عنه أبو داود والطحاوي وغيرهما
كما في تهذيب التهذيب.
18 - علي بن حسين بن حرب القاضي أبو عبيد بن حربويه الفقيه الشافعي روى عنه النسائي والدولابي
والطحاوي كما في تهذيب التهذيب.
19 - علي بن عبد الرحمن بن محمد الكوفي أبو الحسن علان روى عنه الطحاوي في الكتابين ورمز له
الحافظ للنسائي في اليوم والليلة.
20 - علي بن معبد بن نوح البغدادي نزيل مصر روى عنه النسائي في مسند ملك وأبو جعفر الطحاوي
وابن خزيمة والدولابي كما في تهذيب التهذيب.
21 - عمر بن عبد العزيز بن عمران الخزاعي أبو حفص المصري روى عنه النسائي وأبو جعفر الطحاوي
والطبراني كما في تهذيب التهذيب.
22 - عيسى بن إبراهيم الغافقي أبو موسى المصري روى عنه أبو داود والنسائي وأبو جعفر الطحاوي
والساجي كما في تهذيب التهذيب.
23 - محمد أحمد بن جعفر الذهلي أبو العلاء الكوفي روى عنه النسائي والطحاوي وغيرهما كما في
تهذيب التهذيب.
24 - محمد بن جعفر بن محمد بن حفص الحنفي الربعي مولاهم أبو بكر البغدادي روى عنه النسائي والطحاوي
وغيرهما كما في تهذيب التهذيب.
25 - محمد بن سليمان بن هشام اليشكري أبو جعفر يروى في المشكل عن أبي أسامة حماد بن سلمة وذكره
في تهذيب التهذيب في مشايخ محمد هذا وقال وعنه ابن ماجة وابن خزيمة وأبو عوانة.
26 - محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري الفقيه روى عنه الطحاوي في الكتابين وروى في المشكل
عن محمد هذا عن عبد الله بن يزيد المقري وابن وهب وعبد الله بن عبد الحكم وغيرهم وذكر الحافظ
هؤلاء الثلاثة في مشايخ محمد المذكور وقال روى عنه النسائي وابن أبي حاتم وابن صاعد.
27 - محمد بن عبد الله بن ميمون أبو بكر السكري روى عنه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن أبي
حاتم وابن أبي داود وابن صاعد كما في تهذيب التهذيب.
28 - محمد بن عزيز بن عبد العزيز الأيلي أبو عبد الله العقيلي روى عنه النسائي وابن ماجة وأبو داود في
غير السنن والطحاوي وأبو حاتم وابن خزيمة وابن أبي حاتم وابن أبي داود والساجي وغيرهم كما
في تهذيب التهذيب.
29 - موسى بن عبد الرحمن المسروقي أبو عيسى الكوفي روى عنه في المشكل عن حسين الجعفي وقد
ذكره في تهذيب التهذيب في مشايخ موسى هذا وقال عنه الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة
وابن جرير وابن صاعد وغيرهم.
30 - وهبان بن عثمان الواسطي واسمه وهب بن بقية بن عثمان أبو محمد يعرف بوهبان روى عنه الطحاوي
المقدمة 31

في ثلاثة مواضع وروى عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة وأبو يعلى وغيرهم هكذا يظهر من المغاني كما
في الكشف وتهذيب التهذيب.
31 - هارون بن سعيد الأيلي أبو جعفر نزيل مصر روى عنه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وأبو
جعفر الطحاوي وغيرهم كما في تهذيب التهذيب.
32 - يحيى بن أيوب بن بادي الخولاني العلاف روى عنه النسائي وأبو جعفر الطحاوي وغيرهما كما في
تهذيب التهذيب.
33 - يحيى بن عثمان بن صالح أبو زكريا المصري يروى في المعاني عن سعيد بن أبي مريم ونعيم بن حماد
وعن أبيه عثمان واصبغ بن الفرج وأبي الأسود النضر بن عبد الجبار وعمرو بن خالد وغيرهم وقد ذكر
في تهذيب التهذيب هؤلاء في مشايخ يحيى هذا وقال روى عنه ابن ماجة والطبراني.
34 - يزيد بن سنان بن يزيد أبو خالد القزاز البصري نزيل مصر روى عنه النسائي وأبو عوانة وأبو جعفر
الطحاوي كما في تهذيب التهذيب.
35 - يوسف بن يزيد القراطيسي المصري روى في المشكل عن حجاج بن إبراهيم وغيره وذكره
في تهذيب التهذيب في مشايخ يوسف هذا وقال روى عنه مسلم والنسائي وابن ماجة وأبو زرعة وأبو حاتم
وأبو جعفر الطحاوي كما في تهذيب التهذيب.
الفائدة الثامنة في ثناء العلماء على الامام الطحاوي رحمه الله تعالى
قال ابن يونس كان ثقة ثبتا فقيها عاقلا لم يخلف مثله كذا في تذكرة الذهبي ومعجم البلدان وهكذا قال ابن
عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي في كتاب الصلة كان ثقة جليل
القدر فقيه البدن عالما باختلاف العلماء بصيرا بالتصنيف وكان يذهب مذهب أبي حنيفة وكان شديد العصبية فيه
كذا في اللسان وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم كان من اعلم الناس بسير القوم واخبارهم لأنه كان كوفي
المذهب وكان عالما بجميع مذاهب الفقهاء رحمه الله انتهى وقال السمعاني في كتاب الأنساب كان إماما ثقة
ثبتا فقيها عالما لم يخلف مثله انتهى وقال ابن الجوزي في المنتظم كان ثبتا فهما فقيها عاقلا اه‍ كذا قال سبطه
في مرآة الزمان ثم قال اتفقوا على فضله وصدقه وزهده وورعه وقال الذهبي في تاريخه الكبير الفقيه المحدث
الحافظ أحد الاعلام وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا كذا في الحاوي - وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في طبقة
الخلال وأبي بكر الرازي وأبي عوانة الحافظ وابن الجارود وغيرهم وقال العلامة الحافظ صاحب التصانيف
البديعة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي - وقال الحافظ
ابن كثير في البداية في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وفيها توفي من الأعيان أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة
ابن عبد الملك أبو جعفر الطحاوي الفقيه الحنفي صاحب المصنفات المفيدة والفوائد الغزيرة وهو أحد الثقات
الاثبات والحفاظ الجهابذة انتهى وقال الصلاح الصفدي في الوافي كم في الحاوي وكان ثقة نبيلا ثبتا فقيها
عاقلا لم يخلف بعده مثله وقال اليافعي في المرآة برع في الفقه والحديث وصنف التصانيف المفيدة اه‍ ذكره
السيوطي في حسن المحاضرة في من كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده وقال الامام العلامة صاحب التصانيف
البديعة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن مسلمة الأزدي المصري الحنفي ابن أخت المزني تفقه بالقاضي
المقدمة 32

أبي خازم وكان ثقة فقيها لم يخلف بعده مثله انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر انتهى وقال ابن عماد الحنبلي في
شذرات الذهب شيخ الحنفية الثقة الثبت برع في الفقه والحديث - وقال ابن تغري في النجوم الزاهرة الطحاوي
الفقيه الحنفي المحدث الحافظ أحد الاعلام وشيخ الاسلام وكان امام عصره بلا مدافعة في الفقه والحديث واختلاف
العلماء والاحكام واللغة والنحو وصنف المصنفات الحسان وقال ابن النديم في الفهرست وكان أوحد زمانه علما
وزهدا وقال البدر العيني في نخب الأفكار كما في الحاوي اما الطحاوي فإنه مجمع عليه في ثقته وديانته وأمانته
وفضيلته التامة ويده الطولى في الحديث وعلله وناسخه ومنسوخه ولم يخلفه في ذلك أحد ولقد اثنى عليه كل
من ذكره من أهل الحديث والتاريخ كالطبراني وأبي بكر الخطيب وأبي عبد الله الحميدي والحافظ ابن عساكر
وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين كالحافظ أبي الحجاج المزي والحافظ الذهبي وعماد الدين بن كثير وغيرهم من
أصحاب التصانيف ولا يشك عاقل منصف ان الطحاوي ثبت في استنباط الاحكام من القرآن ومن الأحاديث
النبوية واقعد في الفقه من غيره ممن عاصرة سنا أو شاركه رواية من أصحاب الصحاح والسنن لان هذا إنما يظهر
بالنظر في كلامه ومما يدل على ذلك ويقوي ما ادعيناه تصانيفه المفيدة الغزيرة في سائر الفنون من العلوم
النقلية والعقلية واما في رواية الحديث ومعرفة الرجال وكثرة الشيوخ فهو كما ترى امام عظيم ثبت ثقة حجة
كالبخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح والسنن يدل على ذلك اتساع روايته ومشاركته فيها أئمة الحديث
المشهورين كما ذكرناهم انتهى مختصرا - وقال الخفاجي المصري في شرح الشفاء هو الامام الجليل القدر المحدث
أبو جعفر أحمد بن محمد بن مسلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم الأزدي ثم المصري الحنفي لا المالكي كما قيل وكان
أولا شافعيا من تلامذة المزني ثم تحنف وانتهت إليه رياسة الحنفية بمصر وله تآليف جليلة انتهى مختصرا وقال في
العرف الشذي والطحاوي اعلم بمذهب أبي حنيفة وهو تلميذ الشافعي بواسطة واحدة وتلميذ مالك بواسطتين
وتلميذ أبي حنيفة بثلاث وسائط وذكر في باب الحج إجازة عن أحمد بوسطة الطحاوي امام مجتهد ومجدد كما قال
ابن أثير الجزري انه مجده - أقول إنه مجدد من حيث شرح الحديث وهو بيان محامل الحديث والأسئلة والأجوبة
وغيرها والمتقدمون كانوا يروون الحديث سندا ومتنا لا بحثا انتهى.
الفائدة التاسعة في سعة دائرة الطحاوي عن شيوخ عصره
قال ابن زولاق في كتاب قضاة مصر حدثني عبد الله بن عمر الفقيه سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول كان
لمحمد بن عبدة القاضي مجلس للفقه عشية الخميس يحضره الفقهاء وأصحاب الحديث فإذا فرغ وصلى المغرب انصرف
الناس ولم يبق أحد الا من تكون له حاجة فيجلس فلما كان ليلة رأينا إلى جنب القاضي شيخنا عليه عمامة طويلة
وله لحية حسنة لا نعرفه فلما فرغ المجلس وصلى القاضي التفت فقال يتأخر أبو سعيد يعني الفاريابي وأبو جعفر
وانصرف الناس ثم قام يركع فلما فرغ استند ونصبت بين يديه الشموع ثم قال خذوا في شئ فقال ذلك الشيخ
إيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أمه عن أبيه فلم يقل أبو سعيد الفاريابي شيئا فقلت انا حدثنا
بكار بن قتيبة ثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أمه عن أبيه ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله ليغار للمؤمن فليغر قال فقال لي ذلك الشيخ أتدري ما تتكلم به فقلت له إيش
الخبر فقال لي رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم ورأيتك الساعة في أصحاب الحديث في ميدانهم وقل من
يجمع ما بين الحالتين فقلت هذا من فضل الله وإنعامه فأعجب القاضي في وصفه لي ثم أخذنا في المذاكرة كذا في
اللسان وذكره في اللسان أيضا عن الامام أبي جعفر الطحاوي في قول أبي إسحاق الشيرازي وزاد قال أبو جعفر
المقدمة 33

فذكرت له الحديث باسناده من وجهين أحدهما مرفوعا والآخر موقوفا والباقي بنحوه قال الكوثري في الحاوي
وأبو سعيد هذا هو محمد بن عقيل الفريابي يعد في كبار فقهاء الشافعية من أصحاب المزني ولم يكن يسعه غير
السكوت امام الطحاوي المتبحر في العلوم وبهذا العلم الواسع تمكن من تأليف كتب لا نظير لها بين مؤلفات أهل عصره
وكان الحامل له على استجماع الروايات ما لمس في منهجه الجديد من الحاجة الماسة في استعراض جميع
ما ورد في كل موضوع فقهي من خبر مرفوع أو موقوف أو مرسل أو أثر من السلف أو رأى منهم بأسانيد
مختلفة المراتب ليستخلص من بينها الحق الصراح لان من قصر في جميع الروايات واكتفى بخبره يعده صحيحا لا
يكون وفي العلم حقه لان الروايات تختلف زيادة ونقصا ومحافظة على الأصل ورواية بالمعنى واختصارا فلا تحصل
طمأنينة في قلب الباحث الا باستعراض جميعها مع آراء فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم فيتمكن بذلك من
رد المردود وتأييد المقبول وهذا ما فعله الطحاوي في كتبه وقد أهله علمه الواسع لحمل هذه الأعباء المضنية بمقدرة
فائقة أثارت نفوس بعض المخالفين فتقولوا عليه فازداد رفعة عند الله وعند الناس ولولا هذه الهمة القعساء عنده
لكان في امكانه ان يكتفي بكتاب من كتب الصحاح والسنن فيعكف عليه وحده ظانا انه هو العلم كله لكن
مواهبه أبت الا هذا الاعتلاء ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وزيادة على هذا له منهج حكيم في ترجيح الروايات
بعضها على بعض من غير اكتفاء بنقد رجال الأسانيد فقط وهو دراسة الاحكام المنصوصة وتبيين الأسس الجامعة
لشتى الفروع من ذلك فإذا شذ الحكم المفهوم من رواية راو عن نظائره في الشرع بعد ذلك علة فادحة في قبول
الخبر لان الأصل الجامع لشتى الفروع والنظائر في حكم المتواتر وانفراد راو بحكم مخالف لذلك لا يرفعه إلى درجة
الاعتداد به مع هذه المخالفة الصارخة وهو أجاد تطبيق هذه القاعدة الحكيمة في كتبه جد الإجادة وليس هذا
ترجيحا لخبر على خبر بموافقة القياس كما ظن على ما شرحت ذلك في الاشفاق وغيره ولم يكتف بمجرد نقد
الرجال علما منه بمبلغ اختلاف النقاد حتى في أشهر مشهوري حملة الآثار فالطحاوي لم يكتف بهذا النقد القابل
للمعارضة بل سلك منهجا تخبره أصحابنا وسار سيرهم فيه وهو عدم اهمال ناحية موافقة حكم الخبر لنظائره
أو مخالفته لها وهذه طريقة بديعة تركها المتأخرون وهي محفوظة يحدثها في كتب الطحاوي وبروعتها ويرعاها
في بحوثه بحيث لو تتبعها المتفقه نمت ملكته وانكشفت وليس ذلك من جهله بأحوال الرجال بل كان ما قاله
أصحاب الشأن في رجال الرواية على طرف لسانه ومبلغ سعة علمه في الرجال يظهر عند كلامه في الأحاديث
المتعارضة في كتبه وكتابه الكبير في تاريخ الرجال موضع ثناء أهل العلم وان لم نطلع عليه لكن رأينا كثير امن
النقول عنه في كتب أهل الشأن مما يدل على زاخر علمه في هذا الباب وليس ترجيحه لرواية على أخرى لموافقة
أحدهما للأصول الجامعة دون الأخرى من قبل الترجيح بموافقة القياس بل رد لما لا نظير له في الشرع بالشذوذ
وهو اخذ بأقوى الحجج ولا يهمل الكلام في الرجال أصلا كما تجد مصداق ذلك في معاني الآثار ومشكل الآثار
وغيرهما من مؤلفاته الخالدة ومن زعم خلاف ذلك فقد قصر في التنقيب ورمى بدائه غيره والله المستعان انتهى
ما قاله الكوثري بحذف يسير.
الفائدة العاشرة في كلام الامام الطحاوي في الجرح والتعديل
كلام الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في الرواة جرحا وتعديلا مذكور في كتب الجرح والتعديل وكذلك
كتابه معاني الآثار أيضا مملوء بذكر تعديل الرواة وجرحهم عند الكلام في الأحاديث المتعارضة وكذلك يذكر
الكلام على الرواة في مشكل الآثار وقد صنف في تاريخ الرجال كتابه الكبير كما قال ابن كثير السيوطي
المقدمة 34

واليافعي والقاري وصنف كتاب نقض المدلسين على الكرابيسي كما ذكر ابن النديم والقاري وله الرد على أبي عبيد
فيما أخطأ فيه في كتاب النسبة كما قال القاري وغيره فهذا كله يدل على الامام الطحاوي له في هذا الميدان
مقام عال ومهارة تامة وقد تلمذ عليه من أئمة الجرح والتعديل ابن عدي وابن يونس والطبراني وغيرهم وليس
عندنا كتب الامام الطحاوي ولا كتب هؤلاء الاعلام حتى ننظر ما تكلم الامام الطحاوي في الرواة وما ذكر
تلاميذه الاعلام الكبار من أقوال شيخهم في كتبهم وإنما المطبوع الموجود كتب الحافظ ابن حجر وهو كما يقول
أبر أصحابه له الحافظ السخاوي في تعليقاته على الدرر الكامنة كما في الحاوي لا يستطيع ان يترجم لحنفي الا
باخسا لحقه ومنتقصا لشانه وفي هوامش الدرر كثير من كلام السخاوي في ذلك فبهذا يتبين صواب ما قاله المحب
ابن الشختة في ابن حجر انه لا يعول على كلامه في حنفي متقدم ولا متأخر لبالغ تعصبه ولأجل هذا التعصب
الشديد ترك ذكر الامام الطحاوي في تراجم الثقات الاثبات المشاهير الذين اخذ عنهم الطحاوي وأخذوا عنه
الا فيمن اشتهر في كتب الرجال انه شيخ للطحاوي أو تلميذ له وإنما يذكره عامة في الرواة الذين تكلم فيهم
أحد وكم من راو ضعيف لم يرو عنه الطحاوي الا في مواضع قليلة قال ابن حجر أكثر عنه الطحاوي في كتبه لم
ينبه ابن حجر على ذلك في تراجمهم وكذلك اقتصر على ذكر أقواله في الجرح والتعديل في تهذيب التهذيب
واللسان على بعض الرواة لحاجة دعته إلى ذلك ومع هذا فأقوال الامام موجودة في كتبه فذكر في تهذيب
التهذيب في ترجمة جعفر بن ربيعة الكندي المصري قال الطحاوي لا نعلم له من أبي سلمة سماعا وقال في ترجمة
الحسن بن عياش الأسدي الكوفي قال الطحاوي ثقة حجة وقال في ترجمة عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي قال
الطحاوي لا يعرف له سماع من أبي علي الهمداني وقال في ترجمة محمد بن عمرو بن عطاء العامري وروايته عن أبي
قتادة مرسلة وكذا قال الطحاوي واعترف ابن القطان انه تلقاه عنه وليس ذلك بصحيح لان ذلك الذي حمل
عليه الثوري اختلف فيه فقيل هو محمد بن عمرو بن علقمة الآتي ذكره بعد هذا وهو الذي خرج مع محمد بن
عبد الله بن حسن لأنه تأخرت وفاته فاما محمد بن عمرو بن عطاء فمات قبل خروج محمد بمدة مديدة كما يروى
وزاد الطحاوي فهذا يدل على أن روايته عن أبي قتادة منقطعة لان أبا قتادة حدث في خلافة علي وذلك قبل
سنة أربعين وهذا خرج مع محمد بن عبد الله بن حسن وذلك بعد سنة أربعين ومائة فسنه نقص عن ادراك أبي
قتادة وقد بينا ان هذا جميعه باطل إلى آخر ما ذكر في النقض وللكلام عليه موضع آخر إن شاء الله تعالى وقال
في ترجمة محمد بن مسلم بن عثمان الرازي أبي عبد الله بن وارة قال الطحاوي ثلاثة من علماء الزمان بالحديث اتفقوا
بالري لم يكن في الأرض في وقتهم مثلهم أبو زرعة وأبو حاتم وابن وارة - وقال في ترجمة محمد بن موسى بن
أبي عبد الله الفطري المدني قال أبو جعفر الطحاوي محمود في روايته وقال في ترجمة مندل بن علي العنزي
الكوفي قال الطحاوي ليس من أهل التثبت في الرواية بشئ ولا يحتج به - وقال في ترجمة يوسف بن خالد
السمتي البصري قال الطحاوي ثنا المزني ثنا الشافعي ثنا يوسف بن خالد وكان ضعيفا وقال في ترجمة أبي عمرو
ابن محمد بن حريث العذري قال أبو جعفر الطحاوي وهو مجهول وقال أيضا في ترجمته قال الطحاوي أبو عمرو
وجده مجهولان وليس لهما ذكر في غير حديث الخط - وقال في ترجمة الربيع بن سليمان المرادي المصري المؤذن
اختلف اثنان انه بشر كما قال الثوري يعني بالمعجمة وقال في ترجمة الربيع بن سليمان المرادي المصري المؤذن
قال الطحاوي كان مولده ومولد المزني ومحمد بن نصر سنة 174 وكان المزني أسن من الربيع بستة أشهر وقال
في ترجمة زيد بن عياش الزرقي قال الطحاوي قيل فيه أبو عياش الزرقي وهو محال لان أبا عياش الزرقي من
المقدمة 35

جلة الصحابة لم يدركه ابن زيد وقال في ترجمة عيسى بن إبراهيم المثرودي الغافقي قال الطحاوي ذكر ان مولده
سنة 166 وهو أبي من الرضاعة وقال في ترجمة كيسان المقبري المدني زعم الطحاوي في بيان المشكل انه
مات سنة خمس وعشرين ومائة وهو وهم منه إلى آخر ما قال وقال في اللسان في ترجمة عبد الله بن محمد بن
جعفر القزويني قال الطحاوي إن كان أبو القاسم قدم إلى مصر فسمع بها هذه الأحاديث من شيوخها ونحن بها
فلم نكتبها فما كنا الا نناظره وهذا كما ترى أقل قليل من أقاويل الطحاوي في الجرح والتعديل وما ذكره
في معاني الآثار ومشكل الآثار من الكلام في الرواة جرحا وتعديلا أكثر من ذلك.
وهذا نبذة مما ذكره في الرواة جرحا وتعديلا في معاني الآثار عن نفسه أو عن غيره من أئمة الفن
إبراهيم بن مرة ضعيف الحديث ليس عند أهل الآثار من أهل العلم أصلا - طح 2 ص 411
إسماعيل بن عياش هم لا يجعلون إسماعيل فيما روى عن غير الشاميين حجة طح 1 ص 134
جرير بن حازم هو رجل كثير الغلط - طح 2 ص 411
جعفر بن ربيعة لا نعلم لجعفر بن ربيعة منه اي من سلمة سماعا ولا نعلمه لقيه أصلا - طح 2 ص 95
حسن بن عياش ثقة حجة قد ذكر ذلك يحيى بن معين وغيره -
حماد بن سلمة ليس حماد بن سلمة عندكم في هشام بن عروة بدون مالك والليث وعمرو بن الحارث 3 طح 1 ص 418
ثم جاء حماد بن سلمة وقدره عند أهل العلم في العلم اجل من قدر عبد الله بن المثنى وهو ممن يحتج به فروى هذا
الحديث عن ثمامة منقطعا فكان يجئ على أصولكم ان يكون هذا الحديث يجب ان يدخل في معنى المنقطع ويخرج
من معنى المتصل لأنكم تذهبون إلى أن زيادة غير الحافظ على الحافظ غير ملتفت إليها -
الدراوردي هذا الحديث أخطأ فيه الدراوردي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أصله عن أبي عمر عن
نفسه هكذا رواه الحفاظ وهم مع هذا فلا يحتجون بالدراوردي عن عبيد الله أصلا فكيف يحتجون به في هذا فاما
ما رواه الحفاظ من ذلك عن عبيد الله فذكر أحاديثهم طح 1 ص 402
زكريا قال سفيان وزاد زكريا فيه وكان احفظ الثلاثة لهذا الحديث - طح 1 ص 408
الزهري ففي هذا اختلف هشام والزهري أولى لأنه أتقن وأضبط واحفظ من هشام طح 2 ص 222
زهير بن محمد وإن كان رجلا ثقة فان رواية عمرو بن أبي سلمة عنه تضعف جدا هكذا قال يحيى بن معين
فيما حكى لي عنه غير واحد من أصحابنا لآمنهم علي بن عبد الرحمن بن المغيرة إلي وزعم أن فيه تخليطا
كثيرا طح 1 ص 159
سالم بن عبد الله فهذا سالم وهو أثبت من نافع واحفظ إنما روى ذلك عن ابن عمر عن عمر لا عن النبي صلى الله
عليه وسلم فصار هذا الحديث عن عمر لا عن النبي صلى الله عليه وسلم طح 1 ص 221
سالم البراد قال عطاء بن السائب كان عندي أوثق من نفسي طح 1 ص 130
سعيد بن جبير حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال حدثني أربعة كلهم ثقة منهم سعيد
ابن جبير وعلى الأزدي عن ابن عمر طح 1 ص 410
سعيد بن منصور هو أضبط الناس لألفاظ هشيم وهو الذي ميز للناس ما كان هشيم يدلس به من غيره
طح 1 ص 226
المقدمة 36

سفيان فكان أصل حديث يحيى عن عمرة هو ما ذكرنا مما رواه عنه أهل الحفظ والاتقان مالك وابن عيينة
لا كما رواه أبان بن يزيد طح 1 ص 94
سليمان بن داود واما حديث الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فإنما رواه عن الزهري سليمان بن
داود وقد سمعت ابن أبي داود يقول سليمان بن داود هذا وسليمان بن داود الحراني عندهم ضعيفان جميعا وسليمان
ابن داود الذي يروي عن عمر بن عبد العزيز عندهم ثبت ومما يدل أيضا على وهاء هذا الحديث ان أصحاب الزهري
المأخوذ علمه عنهم مثل يونس بن يزيد ومن روى عن الزهري في ذلك شيئا إنما روى عن الصحيفة التي عند آل
عمر رضي الله عنه افترى الزهري يكون فرائض الإبل عنده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن
جده وهم جميعا أيمة وأهل علم مأخوذ عنهم فيسكت عن ذلك ويضطره الامر إلى الرجوع إلى صحيفة عمر غير
مروية فيحدث الناس بهذا هذا عندنا مما لا يجوز على مثله طح 2 ص 418
سهل بن يوسف الأنماطي قال ابن أبي داود بصري ثقة طح 1 ص 156
الشعبي ذكر في ترجيح حديثه على حديث غيره وليس كما توهم لان الشعبي أضبط مما يظن وأتقن وأوثق وقال
بعدما ما قرر ما ذكره فما جاء عن الشعبي في هذا تخليط وإنما جاء التخليط ممن روى عن أبي سلمة عن فاطمة
فحذف بعض ما فيه وجاء ببعض فاما أصل الحديث فكما رواه الشعبي ح 2 ص 41 وقال 1 ص 287 وما
حكى عامر عن علقمة من هذا فهو أثبت لان عمرا قد لقي علقمة واخذ عنه.
شقيق أبو ليث كذا قال ابن أبي داود من حفظه سفيان الثوري وقد غلط شقيق وهو عاصم بن كليب عن أبيه
وشقيق أبو ليث هذا فلا يعرف طح 1 ص 150
صدقة بن عبد الله ضعف حديث ابن عمر في الوضوء من مس الذكر بصدقة هذا وقال قيل لهم صدقة بن
عبد الله هذا عندكم ضعيف فكيف تحتجون به طح 1 ص 45
عبد الله بن أبي بكر ليس حديثه عن عروة كحديث الزهري عن عروة ولا عبد الله بن أبي بكر عندهم في
حديثه بالمتقن ثم أسند عن ابن عيينة كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عند واحد من نفر سماهم منهم عبد الله
ابن أبي بكر سخرنا منه لأنهم لم يكونوا يعرفون طح 1 ص 43 وقال 2 ص 419 واما حديث معمر فإنما رواه
عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه وعبد الله ابن أبي بكر فليس في الثبت والاتقان كقيس بن سعد.
عبد الله بن عامر واما حديث عبد الله بن عمر فإنما يدور على ما رووه عن عبد الله بن عامر وهو عندهم
ضعيف وإنما أصل هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما نفسه طح 2 ص 399
عبد الله بن عبد الرحمن حديث عبد الله بن عمر وإنما يدور على عبد الله بن عبد الرحمن وليس عندهم بالذي
يحتج بروايته ثم هو أيضا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وذلك عندهم أيضا ليس بسماع فكيف يحتجون
على خصمهم بما لو احتج به عليهم لم يسوغوه ذلك طح 2 ص 399
عبد الله بن يوسف هذا حديث حسن الاسناد وعبد الله بن يوسف ويحيى بن حمزة والوضين والقاسم كلهم
أهل رواية معروفون بصحة الرواية وليس كمن روينا عنه الآثار الأول طح 2 ص 400
عبد الحميد بن جعفر واما حديث عبد الحميد بن جعفر فإنهم يضعفون عبد الحميد فلا يقيمون به حجة فكيف
يحتجون به في مثل هذا ومع ذلك فان محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع ذلك الحديث من أبي حميد ولا ممن ذكر
معه في ذلك الحديث بينهما رجل مجهول قد ذكر ذلك العطاف بن خالد عنه عن رجل وقال ص 153 فقد
المقدمة 37

فسد بما ذكرنا حديث أبي حميد لأنه صار عن محمد بن عمرو عن رجل وأهل الاسناد لا يحتجون بمثل هذا فان
ذكروا في ذلك ضعف العطاف بن خالد قيل لهم وأنتم أيضا تضعفون عبد الحميد أكثر من تضعيفكم العطاف
مع أنكم لا تطرحون حديث العطاف كله إنما تزعمون أن حديثه في القديم صحيح كله وان حديثه بآخره قد
دخله شئ هكذا قال يحيى بن معين في كتابه فأبوا صالح سماعه من العطاف قديم جدا فقد دخل ذلك فيما
صححه يحيى من حديثه مع أن سن محمد بن عمرو بن عطاء لا يحتمل مثل هذا وليس أحد يجعل هذا الحديث
سماعا لمحمد بن عمرو من أبي حميد الا عبد الحميد وهو عندكم أضعف -
العلاء بن سليمان كيف تحتجون بالعلاء هذا وهو عندكم ضعيف طح 1 ص 45
علقمة هو اجل أصحاب عبد الله رضي الله عنه وأعلمهم قد ترك قول عبد الله في ذلك مع جلالة عبد الله رضي
الله عنه عنده وصار إلى غيره وذلك عندنا لثبوت نسخ ما كان ذهب إليه عبد الله في ذلك عنده طح 2 ص 85
عمر بن حمزة اما حديث عمر بن حمزة فليس أيضا في اسناده كحديث بكير الذي قد ذكرنا لان عمر بن
حمزة ليس مثل بكير بن عبد الله في جلالته وموضعه من العلم وإتقانه طح 1 ص 344
عمر بن شريح أنتم لا تسرعون خصمكم ان يحتج عليكم بمثل عمر بن شريح فكيف تحتجون به أنتم عليه
طح 1 ص 45
قاسم عن زينب منقطع لان زينب لم يدركها القاسم ولم يولد في زمانها لأنها توفيت في عهد عمر بن الخطاب
وهي أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بعده طح 1 ص 62
قرة قال في موضع الترجيح ليس في هذا ما يجب به فساد حيث قرة لان محمد بن سيرين قد كان يفعل هذا في
حديث أبي هريرة يوقفها عليه فإذا سئل عنها هل هي عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعها ثم أسند ذلك عن ابن
سيرين ثم قال وإنما كان يفعل ذلك لان أبا هريرة لم يكن يحدثهم الا عن النبي صلى الله عليه وسلم فأغناه ما
أعلمهم من ذلك في حديث ابن أبي داود وان يرفع كل حديث يرويه لهم محمد عنه فثبت بذلك اتصال حديث
أبي هريرة هذا مع ثبت قرة وضبطه وإتقانه طح 1 ص 11
قيس بن سعد قيل له ومن أين اضطراب حديث عمرو بن حزم اما قيس بن سعد فقد رواه عن أبي بكر
ابن محمد بن عمرو بن حزم على ما قد ذكرنا عنه وقيس حجة حافظ واما حديث الزهري الذي خالفه فإنما رواه
عن الزهري من لا تقبلون أنتم رواته عن الزهري لضعفه عندكم ثم ذكر ما تقدم في عبد الله بن أبي بكر ثم قال
فلما لم يكافئ عبد الله بن أبي بكر قيسا في الضبط والحفظ صار الحديث عندنا على ما رواه قيس طح 2 ص 419
وقال في 2 ص 281 واما حديث ابن عباس فمنكر لان قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشئ
فكيف يحتجون به في مثل هذا -
الليث فقد كان ينبغي على مذهب هذا المخالف لنا ان يجعل ما روى الليث بن سعد في هذا أولى مما رواه
عبد الله بن لهيعة لثبت الليث وضبطه وقلة تخليط حديثه ولما في حديث عبد الله بن لهيعة من ضد ذلك
طح 2 ص 414
محمد بن إسحاق أنت لا تجعل محمد بن إسحاق حجة في شئ إذا خالفه فيه مثل من خالفه في هذا الحديث
ولا إذا انفرد طح 1 ص 44
المقدمة 38

مطر الوراق فكان من حجتنا عليهم ان هذا الامر إن كان يؤخذ من طريق صحة الاسناد واستقامته وهكذا
ومذهبهم فان حديث أبي رافع الذي ذكروا فإنما رواه مطر الوراق ومطر عندهم ليس هو ممن يحتج بحديثه وقد
رواه مالك وهو أضبط منه واحفظ فقطعه طح 1 ص 442
مكحول قيل لهم هذا حديث منقطع أيضا لان مكحولا لم يسمع من عنبسة شيئا ثم أسنده عن أبي مسهر
طح 1 ص 45
نبيه بن وهب واما حديث عثمان فإنما رواه نبيه بن وهب وليس كعمرو بن دينار ولا كجابر بن زيد ولا
كمن روى ما يوافق ذلك عن مسروق عن عائشة ولا لنبيه أيضا موضع في العلم كموضع في العلم أحد ممن ذكرنا
طح 1 ص 443
هشام بن زيد وهشام بن زيد فليس من أهل العلم الذين يثبت بروايتهم مثل هذا طح 1 ص 45 -
هشام بن عروة ليس ممن يتكلم في روايته بشئ ولم يسمع حديث بسرة عن أبيه وإنما اخذه من أبي بكر
فدلس به عن أبيه طح 1 ص 44
يحيى بن أبي أنيسة فان طعن طاعن في يحيى بن أبي أنيسة وأنكر علينا الاحتجاج بحديثه فان علي بن
المديني قد ذكر عن يحيى بن سعيد انه أحب إليه في حديث الزهري من محمد بن إسحاق طح 2 ص 105
يحيى بن أبي كثير ولئن كان هذا الامر يؤخذ من طريق فضل بعض الرواة على بعض في الحفظ والاتقان
والجلالة فان يحيى بن أبي كثير اجل من محمد بن عمرو وأتقن وأصح رواية لقد فضله أيوب السختياني على أهل
زمان ذكره فيه ثم أسند عن أيوب يقول ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير رحمه الله وليس محمد
ابن عمرو في هذه المرتبة ولا في قريب منها بل قد تكلم فيه جماعة منهم مالك بن انس رحمه الله وليس محمد
ابن عمرو فهذه المرتبة ولا في قريب منها بل قد تكلم فيه جماعة منهم مالك بن انس رحمه الله ثم أسند عن
مالك قال حملوه يعني الحديث فتحمل طح 2 ص 413
يحيى بن سعيد ليس بدون عبد الرحمن بن القاسم في الضبط والحفظ 1 ص 185 وأسند 1 ص 415 عن أحمد
قال رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشده كان محدثا وأثنى عليه وأحسن الثناء عليه.
يحيى بن سلام حديث يحيى بن سلام عن شعبته فهو حديث منكر لا يثبته أهل العلم بالرواية لضعف يحيى
ابن سلام عندهم وابن أبي ليلى وفساد حفظهما مع اني لا أحب ان أطعن على أحد من العلماء بشئ ولكن
ذكرت ما يقول أهل الرواية في ذلك طح 1 ص 430
يزيد بن الأصم وحديث يزيد بن الأصم فقد ضعفه عمرو بن دينار في خطابه للزهري الانكار عليه وأخرجه
من أهل العلم وجعله عربيا بوالا وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام بكلام من هو أقل من عمرو بن
دينار الزهري فكيف وقد أجمعا جميعا على الكلام بما ذكرنا في يزيد بن الأصم طح 1 ص 443
يزيد بن عبد الملك يزيد هذا عندكم منكر الحديث لا يستوي حديثه شيئا طح 1 ص 45
يونس بن يزيد ويونس بن يزيد عندكم لا يقارب ابن عيينة فكيف تحتجون بما روى وتدعون ما روى ابن
عيينة طح 2 ص 94
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قيل لهم قد روى هذا كما ذكرتم ولكنه لا يجب على أصولكم ان تعارضوا
بهذا الحديث ما روى الزهري ولا ما روى يحيى وعبد ربه ابنا سعيد لان أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
وليس له من الاتقان ولا من الحفظ ما لواحد من هؤلاء ولا لمن روى هذا الحديث أيضا عن أبي بكر بن محمد
وهو ابن الهاد ومحمد بن إسحاق عندكم من الاتقان للرواية والحفظ ما لمن روى حديث الزهري ويحيى وعبد ربه
المقدمة 39

ابني سعيد عنهم وقد خالف أيضا أبا بكر بن محمد فيما روى عن عمرة من هذا ابنه عبد الله بن أبي بكر فأسند
حديثه وقد خالفه في ذلك أيضا زريق بن حكيم فرواه عن عمرة مثل ما رواه عبد الله بن بن أبي بكر ويحيى
وعبد ربه عنهما فإن كان هذا الامر يؤخذ من جهة كثرة الرواة فان من روى حديث عمرة عنهما بخلاف ما
رواه عنهما أبو بكر بن محمد أكثر عددا وإن كان يؤخذ من جهة الاتقان في الرواية والحفظ فان لمن روى
حديث عمرة عنهما من يحيى وعبد ربه من الاتقان في الرواية والضبط لها ما ليس لأبي بكر بن محمد
طح 2 ص 95
أبو صالح واما حديث عثمان بن الحكم عن زهير بنن محمد عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت فمنكر أيضا
لان أبا صالح لا تعرف له رواية عن زيد ولو كان عند سهيل من ذلك شئ ما أنكر على الدراوردي ما ذكرتم عن
ربيعة ويقول له لم يحدثني به أبي عن أبي هريرة ولكن حدثني به عن زيد بن ثابت مع أن عثمان بن الحكم ليس
بالذي يثبت مثل هذا بروايته طح 2 281
أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه شيئا طح 1 ص 57
أبو يزيد الضبي فهذا الحديث صحيح الاسناد معروف الرواة وليس كحديث ميمونة بنت سعد الذي رواه
عنها أبو يزيد الضبي وهو رجل لا يعرف فلا ينبغي ان يعارض حديث من ذكرنا بحديث مثله طح 1 ص 344 -
فهذا ما ذكرنا من الكلام على الرواة والأحاديث وترجيح بعضها على بعض من حيث الصناعة الحديثية قليل
باعتبار ما ذكر الامام الطحاوي في معاني الآثار من الكلام على الرواة وترجيح بعض الأحاديث على بعضها على
طريق الناقدين من المحدثين ودأبه رحمه الله تعالى انه يذكر الأحاديث ويتكلم عليها ثم يقول في آخرها هذا وجه
هذا الباب من طريق الآثار ثم يؤيد ما رجحه بآثار الصحابة والتابعين ثم يشد ما أيده بالنظر الصحيح الذي
يليق بشأن المصنف رحمه الله فلله در المصنف ما أحسن فأجاد وأفاد ولم يترك المصنف رحمه الله تعالى طريقه في
بيان أحوال الرواة على طريقة أئمة النقد في كتابه مشكل الآثار أيضا -
وهذا نبذة من كلامه في الرواة والترجيح في الروايات في مشكل الآثار
ربيعة بن سيف هذا حديث منقطع وربيعة بن سيف لم يلق عبد الله بن عمرو وإنما كان يحدث عن أبي عبد
الرحمن الحبلي عنه ثم أسن الحديث من طريق أبي عبد الرحمن وغيره مشكل 1 ص 108
عبد الغفار بن داود الحراني هذا الحديث مما لم يرفعه أحد من حديث حماد بن سلمة غير عبد الغفار بن داود
وهو مما يخطئه فيه أهل الحديث ويقولون انه موقوف على ابن عباس وقد خالفه فيه أصحاب حماد فلم يرفعه فممن
خالفه فيه منهم خالد بن عبد الرحمن الخرساني وحجاج بن منهال الأنماطي ثم ذكر حديثهما مشكل 1 ص 110
محمد بن أبي حفص وجدنا البخاري قد ذكر في تاريخه محمد بن أبي حفص هذا فقال هو كوفي سمع منه أبو نعيم
وثنا عنه أبو غسان وذكر لي محمد بن موسى الحضرمي ان أبا حفص بن أسلم بن راشد السكوني قال وهو عن محمد
ابن جعفر بن الإمام الذي كان عندنا ههنا قال وكان عمه هذا أحد الثقات ببغداد انه حدثه حدثنا عبد الله يعني
ابن صالح العجلي فذكر الحديث باسناده ثم قال فوقفنا بما ذكرنا على جلالة محمد بن أبي حفص في الرواية -
مشكل 1 ص 268 ثم طلبنا الوقوف على كعب بن زيد أو زيد بن كعب أو سعد بن زيد هل له صحبة أم لا
فوجدنا البخاري في تاريخه فذكر عنه المسمين بكعب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال وكل
هؤلاء لهم صحبة ثم ذكر بعقب ذلك كعب بن زيد قال ويقال زيد بن كعب ثم ذكره بعد كعب بن ماتع
المقدمة 40

الذي يقال له الأحبار فكان ذلك دليلا على ادخاله إياه في الصحابة أو على قربة منهم كان عند
مشكل 1 ص 268
عبد الكريم ذكر حديث سفيان عنه عن مجاهد ثم قال فاحتمل ان يكون عبد الكريم الذي روى هذا
الحديث عنه عبد الكريم بن مالك الجزري وهو حجة عند أهل الحديث في الحديث واحتمل ان يكون عبد
الكريم أبو أمية وليس عندهم بحجة ثم أيد الأول بذكر اسناد أخرى عن الأول - مشكل 1 ص 344
أبو حمزة القيسي هو عيسى بن سليم الرستني قد حدث عنه عمر بن الحارث وعيسى بن يونس وغيرهما -
مشكل 1 ص 349
أبو عبيد ما حكاه أبو عبيد من هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا أصل له وقد كان الأولى به لجلالة
قدره ولصدقه في روايته غير هذا الحديث ان لا يضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا يعرفه أهل
الحديث عنه - مشكل 1 ص 398
مجاهد بن وردان ذكر البخاري ان مجاهد هذا من أهل المدينة وان مما روى عنه جعفر بن ربيعة وقد
ذكر عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن انس ان خارجة بن زيد ومجاهدا كانا يقسمان للناس بالمدينة بغير اجر
فلم يدر مجاهد الذي أراده مالك الذي وقفنا على ما ذكرنا فعلمنا انه مجاهد وأردنا بما ذكرنا ان خلاف مجاهد
ابن جبر إذ كان مجاهد بن جبر إنما كان يكون مرة بمكة ومرة بالكوفة ولا ذكر له في أهل المدينة
مشكل 1 ص 427
روح سماعة من سعيد بن أبي عروبة إنما كان بعد اختلاطه مشكل 1 ص 454
ابن محرز رجل من آل عمر جليل المقدار وقد روى عنه مالك بن انس ولم يتكلم في حديثه قد روى عنه
المتأخرون مشكل 1 ص 470
محمد بن عجلان فوقفنا بذلك على أن محمد بن عجلان إنما حدث به عن الأعرج تدليسا به منه عنه وإنما كان
اخذه من ربيعة بن عثمان عنه ثم تأملنا حديث ربيعة عن الأعرج هل هو سماعة إياه عنه أو هو على التدليس به
عنه فوجدنا فهدا فذكر حديثه فوقفنا بذلك على أن أصل هذا الحديث في اسناده إنما هو عن ابن عجلان عن
ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج مشكل 1 ص 101
عبد الله بن يزيد يقول حماد في اسناد هذا الحديث عن عبد الله بن يزيد الخطمي والناس يخالفونه في ذلك
ويقولون عبد الله بن يزيد رضيع عائشة وهو أشبه بالصواب في ذلك والله أعلم وعبد الله بن يزيد الخطمي هو
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث وذكره محمد بن
سعد في الطبقات فقال عبد الله بن يزيد الخطمي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن نزل الكوفة واختط
بها دارا وولاه عليها عبد الله بن الزبير مشكل 1 ص 104 ص 105
يونس بن بكير هذا حديث منكر وليس أحد يرفعه بهذا اللفظ غير يونس بن بكير وطلحة بن مصرف
ليس في سنه ما يدرك عمرو بن شرحبيل لقدم وفاته مشكل 1 ص 174
جرير بن حازم هذا الحديث عندنا مما تفرد به جرير بن حازم عن يونس بن يزيد بهذا الاسناد لا نعلم أحدا
شركه فيه ولا نعلم أحدا من أصحاب الزهري رواه عن الزهري عن يونس بن يزيد غير أن أحمد بن شعيب قد
كان خالفنا في ذلك وذكر ان هذا الحديث بهذا الاسناد قد شرك يونس بن يزيد فيه عقيل بن خالد فرواه عن
الزهري بهذا الاسناد كما رواه عنه يونس بن يزيد وذكر لنا في ذلك ما ذكر انه أخبره إياه أحمد بن سليمان يعني
المقدمة 41

لونيا عن حبان بن علي عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف وذكر كلمته معناها ان لا يهزم اثني عشر
من قلة إذ صبروا وصدقوا ثم قال لنا أحمد بن شعيب عند ذلك وحبان بن علي ليس بالقوي وكان من حجتنا
عليه في ذلك بتوفيق الله تعالى ان حبان بن علي إنما اخذ هذا الحديث عن يونس بن يزيد عن عقيل فيما ذكر كما
حدثنا فهد ثنا الحماني حدثنا مندل وحبان عن يونس بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الله عن ابن
عباس فذكر الحديث فعاد هذا الحديث عن حبان عن يونس بن يزيد عن عقيل باسناده تتمته وكان حبان ليس
بالقوي في روايته كما ذكر أحمد بن شعيب وكذلك يقول أهل العلم بالأسانيد سواه ومندل أخاه عندهم دونه في
ذلك وإذا كان ذلك كذلك عاد الحديث إلى يونس على ما رواه عنه جرير بن حازم بلا شريك في التثبت في
الرواية فيه - مشكل 1 ص 238
محمد بن موسى المدني المعروف بالفطري وهو محمود في روايته - مشكل 2 ص 9
إسماعيل بن عياش أهل الاسناد يضعفون هذا الاسناد لأنه عن إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده وان
كانوا لا يتحامون روايته - مشكل 2 ص 14
مغيرة بن مسلم والمغيرة هذا هو القسملي ويقال له السراج وهو أحد الاثبات وعبد العزيز بن مسلم القسملي
هو أخوه والمغيرة فوقه مشكل 2 ص 39
سالم أبو العلاء هذا هو رجل من أهل الكوفة يقال له الأنعمي وهو ثقة مقبول الرواية وقد روى عنه أبو نعيم
وقال هو سالم بن العلاء مشكل 2 ص 85
حسين بن يونس الزيات وهو الكوفي وهو مشهور ثقة - مشكل 2 ص 163
علي بن قادم هذا الاسناد مما يذكر أهل العلم بالأسانيد ان علي بن القادم غلط فيه فأدل فيه أبا سهل وهو
أبو صالح بين سهيل وبين عطاء بن يزيد ويذكرون ان اتصال هذا الاسناد عن سهيل عن عطاء نفسه -
مشكل 2 ص 189
قيس بن سعد متأخر الوفاة ليس بمستنكر لقي الشعبي إياه ذكر محمد بن سعد صاحب الواقدي في كتابه في
الطبقات قال وقيس بن سعد توفي بالمدينة في خلافة معاوية مشكل 2 ص 210
يحيى بن زكريا اختلف يحيى بن زكريا وإسحاق بن يوسف على زكريا بن أبي زائدة في اسناد هذا الحديث لبطلان
اسناده مشكل 2 ص 246
حبان بن علي صالح الحديث - مشكل 2 ص 272
يحيى بن سعيد الأنصاري امام من أئمة زمنه - مشكل 3 ص 7
عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد ظاهر سماع عبيد الله إياه من القاسم فكشفنا ذلك فوجدناه لم يسمعه
منه وإنما اخذه من غيره ثم أسند الحديث في ذلك مشكل 3 ص 37
سليمان بن أرقم ليس ممن يقبل أهل الاسناد حديثه مشكل 3 ص 42
محمد بن أبان عن القاسم لا يعرف مشكل 3 ص 43
المقدمة 42

أبو شريح العدوي ينسبه قوم إلى عدي وهو بطن من بطون خزاعة وينسبه قوم إلى علب وهو بطن من
بطون خزاعة واسمه على ما ذكر الواقدي خليد بن عمر ثم اجتمعا جميعا على أن وفاته كانت في سنة ثمان وستين
قال الواقدي بالمدينة مشكل 3 ص 55
أشعث بن سوار ليس بمتروك الحديث وما تخلف عنه أحد من أئمة الحديث في زمنه حتى حدث عنه منهم
شعبة والثوري وقد حدث عنه من اجل من هذه الطبقة وهو أبو إسحاق السبيعي ولقد ذكر البخاري عن أبي
بكر بن الأسود عن عبد الرحمن بن مهدي قال: قال سفيان أشعث أثبت عندي من مجالد وهذه رتبة جليلة
مشكل 3 ص 133
الزهري قتل عبد الله بن صفوان مع عبد الله بن الزبير في اليوم الذي قتل فيه من سنة ثلاث وسبعين والزهري
يومئذ سنه أربع عشرة سنة لان مولده كان في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنهما وهي سنة
إحدى وستين فسماعه من عبد الله بن صفوان غير مستنكر اه‍ مختصرا 3 ص 134
عطاء لم يأخذه عن صفوان وإنما اخذه عن طارق بن المرقع عن صفوان وان كنا لا نعرف طارقا هذا -
مشكل 3 ص 135
طاوس وجدنا وفاة صفوان كانت بمكة عند خروج الناس إلى الجمل ووجدنا وفاة طاوس كانت بمكة
سنة ست ومائة وسنة يومئذ بضع وسبعون فعقلنا بذلك انه لا يحتمل ان يكون اخذ من صفوان سماعا -
مشكل 3 ص 135
عن ابن أبي طلحة واحتملنا حديث علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وإن كان لم يلقه لأنه عند أهل العلم
بالأسانيد إنما اخذ الكتاب الذي فيه هذا الحديث عن مجاهد وعن عكرمة - مشكل 3 ص 186
أبو قلابة لا سماع له من ابن عباس مشكل 3 225
ابن أبي ليلى مع جلالة مقداره وعلو مرتبته في الفقه وفيما سواه فهو مضطرب الحفظ جدا مشكل 3 ص 226
يعقوب بن عطاء ليس هذا عند أهل الحديث حجة في الحديث مشكل 3 ص 226
عبد الرحمن بن عبد القاري ممن ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال انه قد رآه فدخل بذلك في
صحابته مشكل 3 ص 233
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف - مشكل 3 ص 267
أيوب فوق هشام في الجلالة والثبت فزيادته عليه مقبولة وقرة وان لم يكن فوق هشام في الثبت والحفظ ولكنه
لم يكن دونه مشكل 3 ص 268
حارثة بن أبي الرجال هو ممن يتكلم في حديثه ويضعف غاية الضعف مشكل 3 ص 269
أبو الرجال الثقة المأمون مشكل 3 ص 269
مصعب بن شيبة أصحاب الحديث يقولون ليس حديث مصعب بن شيبة عندهم بالقوي - مشكل 3 ص 278
راشد بن سعد ليس منكر على راشد بن سعد ان يكون سمع لمقدام بن معد يكرب لأنه قد سمع ممن كان في
أيامه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع من معاوية بن أبي سفيان - مشكل 4 ص 7
إبراهيم بن ميمون مولى سمرة قال الرمادي يعني إبراهيم بن بشار لم يرو ابن عيينة عن هذا الشيخ الا هذا
الحديث مشكل 4 ص 12
المقدمة 43

عبد الله بن عثمان بن خثيم وهو رجل مطعون في روايته منسوب إلى سوء الحفظ والى قلة الضبط وردائة
الاخذ مشكل 4 ص 91
أبو الحسن مولى عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب وكان من أرضى مولى قريش وأهل العلم والصلاح منهم -
مشكل 4 134
فهذا ما ذكرنا من كلام الطحاوي في مشكل الآثار على الرواة جرحا وتعديلا قليل ومستجد في كتابه المشكل
الكلام على الرواة وترجيح بعض الروايات على بعضها من حيث الصناعة الحديثية كثيرا فان الطحاوي رحمه الله
تعالى يفسر المبهم ويبين التدليس وعلل الحديث وغوامضه كثيرا ثم يذكر محامل الأحاديث المختلفة ويجمع بينها
للتوافق الآثار ولا تتضاد - وقد اخذ الخطيب أيضا في تاريخه من أقوال الامام الطحاوي فقال في ترجمة محمد بن
مسلم بن وارة من طريق القاضي يوسف بن القاسم الميانجي قال سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول ثلاثة من علماء
الزمان بالحديث اتفقوا بالري لم يكن في الأرض في وقتهم أمثالهم فذكر أبا زرعة ومحمد بن مسلم ابن وارة وأبا حاتم
الرازي وقال في ترجمة إبراهيم بن مكتوم أبي إسحاق السلمي وراق المصاحف قال أبو جعفر الطحاوي إبراهيم بن
مكتوم بصري صار إلى بغداد فحدث هناك وهو عند أهل الحديث معروف ثقة واخذ عنه العراقي فقال في شرح
مقدمة ابن الصلاح وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم
وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد انتهى وبالجملة فالامام الطحاوي من أكابر علماء هذا
الفن - ولقد أنصف من ذكره في حفاظ الحديث ونقاده ومن جعله من الثقات الاثبات والحفاظ الجهابذة ومن وجعله
أحد الاعلام وشيخ الاسلام وامام عصره بلا مدافعة ومن جعله ثقة ثبتا فقيها عاقلا نبيلا فهما جليل القدر فقيه
البدن عالما باختلاف العلماء بصيرا بالتصنيف لم يخلف بعده مثله كما تقدم في ثناء العلماء عليه - وقد ظلم وجهل
أو تجاهل وتعصب من ذكره في المتكلم فيهم والمجروحين بما لا طائل تحته ومن اخرج من عادة الامام الطحاوي
نقد الحديث كنقد أهل العلم ومن ألزمه بتصحيح حديث ضعيف وتضعيف حديث صحيح لأجل الرأي وحاشا
لله ان الامام الطحاوي رحمه الله تعالى رحمة واسعة ولقيه يضحك إليه وهو يضحك إليه وجازاه جزاء وافيا برئ
عما قال هؤلاء كما سيأتي -
الفائدة الحادية عشرة في كلام بعض الناس في الامام الطحاوي رحمه الله تعالى
قال البيهقي في المعرفة بعد أن ذكر كلاما للطحاوي في حديث مس الذكر فتعقبه قال أردت ان أبين خطأه
في هذا وسكت عن كثير من أمثال ذلك فبين في كلامه ان علم الحديث لم يكن من صناعته وإنما اخذ الكلمة بعد
الكلمة من أهله ثم لم يحكمها كذا نقل ابن حجر في اللسان وسكت عنه كأنه رضي بقوله وقال العلامة الشيخ
عبد القادر في الجواهر المضية ذكر الإمام أبو بكر البيهقي في أول كتابه الأوسط المعروف بالسنن والآثار وإنما
قلت الأوسط لان له في السنة ثلاث مجلدات والثالث السنن الصغير في مجلد فرأيت في كتابه الأوسط قال
البيهقي وحين شرعت في كتابي هذا جاءني شخص بكتاب أبي جعفر الطحاوي فكم من حديث ضعيف فيه
صححه لأجل رأيه وكلم من حديث فيه صحيح ضعفه لأجل رأيه هكذا قال وحاشا لله ان الطحاوي رحمه الله
تعالى يقع في هذا فهذا الكتاب الذي أشار إليه هو الكتاب المعروف بمعاني الآثار وقد تكلمت على أسانيده
وعزوت أحاديثه واسناده إلى الكتب الستة والمصنف لابن أبي شيبة وكتب الحفاظ وسميته بالحاوي في بيان
المقدمة 44

آثار الطحاوي وكان ذلك بإشارة شيخنا العلامة الحجة قاضي القضاة علاء الدين المارديني والد شيخنا قاضي
القضاة جمال الدين لما سأله بعض الامراء عن ذلك وقال له عندنا كتاب الطحاوي فإذا ذكرنا لخصمنا الحديث
منه يقولون لنا ما نسمع الا من البخاري ومسلم فقال له قاضي القضاة علاء الدين والأحاديث التي في الطحاوي
أكثرها في البخاري ومسلم والسنن وغير ذلك من كتب الحفاظ فقال له الأمير أسألك ان تخرجه وتعزو أحاديثه
إلى هذه الكتب فقال له قاضي القضاة ما تفرغ لذلك ولكن عندي شخص من أصحابي يفعل ذلك وتكلم معه
رحمه الله في الاحسان إلي وأمدني الأمير بكتب كثيرة كالأطراف للمزي وتهذيب الكمال له وغيرهما وشرعت
فيه وكان ابتدائي فيه في سنة أربعين وأمدني شيخنا قاضي القضاة بكتاب لطيف فيه أسماء شيوخ الطحاوي
وقال لي يكفيك هذا من عندي فحصل لي النفع العظيم به ووجدت الطحاوي قد شارك مسلما في بعض شيوخه
كيونس بن عبد الأعلى فوقع لي في كثير من الأحاديث ان الطحاوي يروي الحديث عن يونس بن عبد الأعلى
ويسوقه ومسلم يرويه بعينه عن يونس بن عبد الأعلى بسند الطحاوي ووالله لم أر في هذا الكتاب شيئا مما ذكره
البيهقي عن الطحاوي وقد اعتنى شيخنا قاضي القضاة علاء الدين ووضع كتابا عظيما نفيسا على السنن الكبير
له وبين فيه أنواعا مما ارتكبها من ذلك النوع الذي رمى به البيهقي الطحاوي فيذكر حديثا لمذهبه وسنده
ضعيف فيوثقه ويذكر حديثا على مذهبنا وفيه ذلك الرجل الذي وثقه فيضعفه ويقع هذا في كثير من المواضع
وبين هذين العملين مقدار ورقتين أو ثلاثة وهذا كتابه موجود بأيدي الناس فمن شك في هذا فلينظر فيه وكتاب
سيدنا قاضي القضاة كتاب عظيم ولو رآه من قبله من الحفاظ لسأله تقبيل لسانه الذي تفوه بهذا كما سال أبو
سليمان الدارمي أبا داود صاحب السنن ان يخرج إليه لسانه حتى يقبله انتهى ما في الجواهر بحذف يسير وهذا
الكتاب الذي أشار إليه هو الجوهر النقي في الرد على سنن البيهقي طبع أولا وحده في دائرة المعارف حيدر
آباد الدكن ثم طبع مع السنن الكبرى وفي كشف الظنون في بيان معنى الآثار للطحاوي قال الأتقاني في صوم
الهداية عند مسالة قضاء المريض حين ساق الخلاف عن الطحاوي فيها رادا على المشايخ باعتماد قوله فأقول لا معنى
لإنكارهم على أبي جعفر لأنه مؤتمن لا متهم مع غزارة علمه واجتهاده وورعه وتقدمه في معرفة المذهب وغيرها
ولأنه رأى أن ما ذكره في الخلاف إنما هو بعد ثبوته عنده بوجهه فانكارهم عليه بعد تأخر زمانهم بكثير لا يجدي
نفعا في ذلك لعدم بلوغهم إياه فان شككت في أمر أبي جعفر فانظر في كتاب شرح معاني الآثار هل ترى له
نظيرا في سائر المذاهب فضلا عن مذهبنا هذا ثم نقل ما قال البيهقي في كتاب المعرفة في شان أبي جعفر وقال
هذا لعمري تحامل ظاهر من هذا الامام في شان هذا الأستاذ الذي اعتمده أكابر المشايخ انتهى - وقد تكلم
ابن تيمية أيضا في الطحاوي كما في الفوائد البهية وقال في منهاج السنة في بحث حديث رد الشمس الطحاوي
ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم ولهذا روى في شرح معاني الآثار الأحاديث المختلة وإنما رجح ما
يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة ويكون أكثر مجروحا من جهة الاسناد ولا يثبت فإنه
لم يكن له معرفة بالاسناد كمعرفة أهل العلم به وإن كان كثير الحديث فقيها عالما انتهى - قال العبد الضعيف
ظاهر كلام العلامة ابن تيمية يدل على أنه حكم هذا الحكم على الامام أبي جعفر الطحاوي وأخرجه من أئمة النقد
لأنه صحح حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه والامام الطحاوي رحمه الله تعالى ليس بمتفرد بتصحيح هذه
الرواية وقد وافقه غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين ورجحوا قوله على قول ابن تيمية ومن تبعه كما
الرواية وقد وافقه غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين ورجحوا قوله على قول ابن تيمية ومن تبعه كما
سيأتي ذلك إن شاء الله تعالى وما ذكرنا في الفائدة العاشرة من أقوال الامام الطحاوي في الرجال وكلامه في نقد
الأحاديث كنقد أهل العلم من كتابيه معاني الآثار وكتب أسماء الرجال يرد كل الرد ويدفع
المقدمة 45

كل الدفع قول ابن تيمية هذا ويثبت صحة ما اختاره الذهبي من ذكره الحفاظ الذين يرجع إلى أقوالهم
والسيوطي من ذكره فيمن كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده وقد شهد له الأئمة المتقدمون بجلالة قدره كابن
يونس ومسلمة ابن القاسم وابن عساكر وابن عبد البر أضرابهم وهؤلاء أقرب زمانا بالطحاوي من ابن تيمية
ومنهم من هو اعلم منه بحال علماء مصر فان صاحب البيت أدرى بما فيه فجرح ابن تيمية بغير دليل لم يؤثر في
الامام الطحاوي مع شهادة هؤلاء الاعلام وقد قال التاج السبكي في طبقاته كما في مقدمة الأوجز الحذر كل الحذر
ان تفهم من قاعدتهم ان الجرح مقدم على التعديل على اطلاقها بل الصواب ان من ثبت عدالته وإمامته وكثر
مادحوه ومزكوه وندر جارحه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لم يلتفت
إلى جرحه ثم قال بعد كلام طويل قد عرفناك ان الجارح لا يقبل جرحه وان فسره في حق من غلبت طاعاته
على معصيته ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة دالة يشهد العقل بان مثلها حامل
على الوقيعة انتهى على أن ابن تيمية كما في الدرر الكامنة عن الذهبي كان مع سعة علمه وفرط شجاعته وسيلان
ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشرا من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم تزرع له عداوة في
النفوس والا لو لاطف خصومه لكان كلمة اجماع فان كبارهم خاضعون لعلومه معترفون بشنوفه مقرون بندور
خطائه وانه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له ولكن ينقمون عليه أخلاقا وأفعالا وكل أحد يؤخذ من قوله
ويترك انتهى واما حديث رد الشمس فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار من حديث أسماء بنت عميس من
طريقين وسقط ما بعده إلى آخر الكتاب من الطبع فلم نظفر على كلام الطحاوي في كتابه وذكر في المعتصر من
المختصر من مشكل الآثار معرضة الحديث بحديث أبي هريرة مرفوعا لم ترد الشمس مذ ردت على يوشع بن
نون ليالي سار إلى بيت المقدس ودفع بان معناه مذ ردت إلى يومئذ وليس في ذلك ما يدفع ان يكون ردت على
علي رضي الله عنه بعد ذلك بدعائه صلى الله عليه وسلم وهذا من اجل علامات النبوة وذكر فوائد أخرى إلى أن
قال هذا منقطع وحديث أسماء متصل وقال القاضي عياض في الشفا وخرج الطحاوي في مشكل الحديث عن
أسماء بنت عميس من طريقين انه صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى
غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصليت يا علي فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم
انه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت أسماء فرأيتها غربت ثم رايتها طلعت ووقفت على
الجبال والأرض وذلك بالصهباء قال وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات وحكى الطحاوي عن أحمد بن
صالح كان يقول لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة انتهى كلام القاضي
وقال الخفاجي المصري في شرح الشفا واعترض عليه بعض الشراح وقال إنه موضوع ورجاله مطعون فيهم
كذابون ووضاعون ولم يدر ان الحق خلافه والذي غره كلام ابن الجوزي ولم يقف على أن كتابه أكثره مردود
وقد قال خاتمة الحفاظ السيوطي وكذا السخاوي ان ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملا كثيرا حتى أدرج
فيه كثيرا من الأحاديث الصحيحة كما أشار إليه ابن الصلاح وهذا الحديث صححه المصنف رحمه الله تعالى وأشار
إلى أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته وقد صححه قبله كثير من الأئمة كالطحاوي وأخرجه ابن شاهين
وابن مندة وابن مردويه والطبراني في معجمه وقال إنه حسن وصنف السيوطي في هذا الحديث رسالة مستقلة
سماها كشف اللبس عن حديث رد الشمس وقال إنه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة
وصححه بما لا مزيد عليه ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله وأحمد بن صالح المذكور في كلام
الطحاوي هو أبو جعفر الطبري الحافظ الثقة روى عنه أصحاب السنن ويكفي في توثيقه ان البخاري روى عنه
المقدمة 46

في صحيحه فلا يلتفت إلى من ضعفه وطعن في روايته وبهذا أيضا سقط ما قاله ابن تيمية وابن الجوزي من أن
هذا الحديث موضوع فإنه مجازفة منهما انتهى مختصرا وقال القاري في شرح الشفا قال ابن الجوزي في الموضوعات
حديث رد الشمس في قصة علي رضي الله عنه موضوع بلا شك وتبعه ابن القيم وشيخه ابن تيمية وذكروا تضعيف
رجال أسانيد الطحاوي ونسبوا بعضهم إلى الوضع الا ان ابن الجوزي قال انا لا اتهم به الا ابن عقدة لأنه كان
رافضيا يسب الصحابة اه‍ ولا يخفى ان مجرد كون راو من الرواة رافضيا أو خارجيا لا يوجب الجزم بوضع
حديثه إذا كان ثقة من جهة دينه وكان الطحاوي لاحظ هذا المبنى وبنى عليه هذا المعنى ثم من المعلوم ان من
حفظ حجة على من لم يحفظ والأصل هو العدالة حتى يثبت الجرح المبطل للرواية انتهى وقال الشيخ محمد طاهر
الفتني الهندي في تذكرة الموضوعات حديث أسماء في رد الشمس فيه فضيل ابن مرزوق ضعيف وله طريق آخر
فيه ابن عقدة رافضي رمى بالكذب ورافضي كاذب قلت فضيل صدوق احتج به مسلم والأربعة وابن عقدة
من كبار الحفاظ وثقة الناس ومن ضعفه الأعصري متعصب والحديث صرح جماعة بتصحيحه منهم القاضي عياض
وفي اللآلي قيل هو منكر وقيل موضوع قلت صرح به جماعة من الحفاظ وفي المقاصد رد الشمس على علي رضي الله
عنه قال احمد لا أصل له وتبع ابن الجوزي ولكن صححه الطحاوي وصاحب الشفا انتهى وصححه الحافظ
ابن الفتح الأزدي وحسنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقي والحافظ السيوطي في الدر المنتشرة في الأحاديث
المشتهرة وقد أنكر الحفاظ على ابن الجوزي ايراده الحديث في كتاب الموضوعات كذا في الأمم لإيقاظ الهمم
عن تلميذ السيوطي أبي عبد الله الدمشق وقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر بعد أن أورد الحديث أخطأ ابن
الجوزي بايراده له في الموضوعات وكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه وقد ذكر الهيثمي
في المجمع حديث أسماء ثم قال رواه كله الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح عن إبراهيم بن حسن
وهو ثقة وثقة ابن حبان وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها انتهى واما رجال الطريقين عند المصنف ففي
الطريق الأول شيخه أبو أمية وهو محمد بن إبراهيم ابن مسلم الخزاعي الطرسوسي الحافظ بغدادي الأصل شيخ
أبي حاتم الرازي وأبو عوانة الإسفرائيني قال أبو داود ثقة وقال مسلمة بن قاسم روى عنه غير واحد وهو ثقة
وقال في موضع آخر أنكرت عليه أحاديث ولج فيها وحدث فتكلم الناس فيه وقال الحاكم صدوق كثير الوهم
وقال ابن يونس كان من أهل الرحلة فهما بالحديث وكان حسن الحديث وقال أبو بكر الخلال أبو أمية رفيع
القدر جدا كان إماما في الحديث مقدما في زمانه كذا في تهذيب التهذيب وقال في التقريب صدوق صاحب
حديث يهم اه‍ وشيخ أبي أمية عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي أبو محمد الحافظ من رواة الستة ثقة كان
يتشيع من التاسعة قال أبو حاتم كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم كذا في التقريب وقال في الميزان
شيخ البخاري ثقة في نفسه لكنه شيعي منحرف وثقة، أبو حاتم وابن معين انتهى وشيخ عبيد الله الفضيل بن
مرزوق الأغر الرقاشي الكوفي أبو عبد الرحمن مولى بني عنزة من رواة مسلم والأربعة صدوق يهم ورمى بالتشيع
من السابعة كذا في التقريب وقال ابن عدي أرجو انه لا باس به
وقال النسائي ضعيف وكذا ضعفه عثمان بن سعيد قلت وكان معروفا بالتشيع من غير سب انتهى وشيخ فضيل
إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال ابن أبي حاتم روى عن أبيه ولم يذكر فيه جرحا وذكره
ابن حبان في الثقات فقال روى عن أبيه وفاطمة بنت الحسن قلت هي أمه كذا في اللسان - ويروى إبراهيم عن
أمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمية المدنية من رواة أبي داود والترمذي وابن ماجة قال ابن
سعد أمها أم اسحق بنت طلحة تزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي ثم تزوجها بعده عبد الله بن عمرو بن
المقدمة 47

عثمان ذكرها ابن حبان في الثقات كما في تهذيب التهذيب وقال في التقريب ثقة من الرابعة اه‍ وروت فاطمة هذه
عن أسماء بنت عميس الخثعمية صحابية تزوجها جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر ثم علي ولدت لهم وهي أخت
ميمونة بنت الحارث لامها هاجرت إلى الحبشة وكان عمر يسألها عن تعبير الرؤيا كذا في تهذيب التهذيب وتقريب
التهذيب وفي الطريق الثاني شيخ الطحاوي علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة المخزومي مولاهم المصري لقبه
علان وكان أصله من الكوفة شيخ النسائي في خصائص علي ثقة صدوق حسن الحديث كما في التقريب وتهذيب
التهذيب وشيخه أحمد بن صالح المصري أبو جعفر بن الطبري ثقة حافظ من العاشرة تكلم فيه النسائي بسبب
أوهام له قليلة ونقل عن ابن معين تكذيبه وجزم ابن حبان بأنه إنما تكلم في أحمد بن صالح الشموني فظن النسائي
انه عني ابن الطبري واحمد هذا من رواة البخاري وأبي داود والترمذي كذا في التقريب وشيخه ابن أبي فديك
وهو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك الدبلي مولاهم أبو إسماعيل المدني من رواة الستة صدوق من صغار
الثامنة كما في التقريب وشيخه محمد بن موسى بن أبي عبد الله الفطري المدني مولاهم أبو عبد الله بن أبي طالحة من
رواة الستة الا البخاري قال أبو حاتم صدوق صالح الحديث كان يتشيع وقال الترمذي ثقة وقال أبو جعفر
الطحاوي محمود في روايته وقال ابن شاهين في الثقات قال أحمد بن صالح محمد بن موسى الفطري شيخ ثقة من
الفطريين حسن الحديث قليل الحديث كذا في تهذيب التهذيب وشيخه عون بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي
ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه كلاما وروى عون عن أمه أم جعفر قال في تهذيب التهذيب
أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمية ويقال أم جعفر زوجة محمد بن الحنفية وأم ابنه عون روت عن
جدتها أسماء بنت عميس وعنها ابنها عون كذا في تهذيب التهذيب وقال في التقريب مقبولة من الثالثة من رواة
ابن ماجة وروت أم جعفر عن أسماء بنت عميس - ثم إن الحافظ ابن حجر أيضا ذكر الامام أبا جعفر الطحاوي
رحمه الله تعالى في لسان الميزان مستدركا على ما فات من الميزان فكأنه عده بذلك من الذين تكلم فيهم وهذا
مع أنه شذوذ عن جماعة أهل العلم وخروج عن أقوال المتقدمين والمتأخرين في الثناء على هذا الامام لم يأت لاثبات
ما قال الا قول البيهقي في المعرفة وقد تقدم قوله وما يتعلق به وقول مسلمة بن قاسم الأندلسي عن أبي بكر
محمد بن معاوية بن الأحمر القرشي دخلت مصر قبل الثلاثمائة وأهل مصر يرمون الطحاوي بأمر عظيم فظيع ثم
قال شارحا لقوله يعني من جهة أمور القضاء أو من جهد ما قيل إنه رفق به أبا الجيش من أمر الخصيان اه‍
ولعل كلام الحافظ يكمل من قول ابن النديم حيث قال في الفهرست ويقال انه تعمل لأحمد بن طولون كتابا
في نكاح ملك اليمين يرخص له في نكاح الخدم اه‍ وهذا عجيب من مثل الحافظ فقد أسس بنيانه على روايته لم
يلتفت إليها أحد غيره ومسلمة بن قاسم هذا ضعفه الذهبي في الميزان ونسبه إلى المشبهة وذكر الحافظ في ترجمة
مسلمة هذا سئل القاضي محمد بن يحيى بن مفرج عنه فقال لم يكن كذابا ولكن كان ضعيف العقل وعن عبد الله
ابن يوسف الأزدي يعني ابن الفرضي قال كان مسلمة صاحب رأي وسر وكتاب وحفظ عليه كلام سوء في
التشبيهات اه‍ وقد الزم مسلمة بن قاسم هذا في كتاب الصلة الامام البخاري بسرقة كتاب شيخه على ابن المديني
كما سيأتي كما الزم ههنا الامام الطحاوي ولكن الحافظ لم يرض بما قاله في البخاري ورضي عنه ههنا بما قال في
الطحاوي وابن الأحمر الذي روى عنه مسلمة بن قاسم لم يوجد في كتب الرجال فلعله مجهول وأهل مصر الذين
روى عنهم ابن الأحمر الذي روى عنه مسلمة بن قاسم لم يوجد في كتب الرجال فلعله وأهل مصر الذين
روى عنهم ابن الأحمر مجاهيل وما ذكره عنهم من أمر فظيع جرح غير مفسر ثم ما ذكره شارحا لكلامه يعني
من جهة أمور القضاء فإن كان مراده انه ولي القضاء نساء في أموره فلم يثبت انه ولي القضاء حتى يصح رميه
بأمور تتعلق بالجور في القضاء بل صرح بعضهم بأنه لا يصح كونه قاضيا وهو الذي حض القاضي أبا عبيد على
المقدمة 48

محاسبة الامناء وناظره في ذلك - وإن كان مراده ما أشاع حساده من الامناء فأغروا به نائب هارون بن أبي
الجيش حتى اعتقل أبا جعفر الطحاوي بسبب اعتبار الأوقاف وأوقعوا بين أبي عبيد القاضي وأبي جعفر الطحاوي
حتى تغير كل منهما للآخر فالحق مع أبي جعفر الطحاوي نال ما نال من الحساد الذين يتعسفون عليه بالعدالة في
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والله يجزيه على ذلك إن شاء الله تعالى واما قوله أو من جهة الخ فالقائل
مجهول ولا يكون الجرح عند أهل النقد هكذا والظاهر أنه اخذ ذلك عن ابن النديم فإنه اخذ كلامه كله ولكن
حذف هذه الجملة من أثناء كلامه ثم شرح قول ابن الأحمر بقول ابن النديم وابن النديم لم يجزم على ما قال بل
ذكر
بصيغة التمريض بدون التحقيق على ما هو عادة المؤرخين في الجمع بين الرطب واليابس والصحيح والسقيم بمثل
هذا لا يثبت جرح من ثبتت إمامته وأمانته وديانته وتثبته وثقته ومن اتفق على فضله وصدقه وزهده وورعه
وقد أعرض المتقدمون والمتأخرون عن ذكر ما ذكره الحافظ فلم يذكروا ذلك لا في ترجمة أبي جعفر ولا في
ترجمة أبي الجيش فهذا دليل قوي على بطلانه وقد ترك الحافظ ههنا في الكلام على الامام الطحاوي ما ذكره في
مقدمة اللسان عن ابن عبد البر من صحة عدالته وثبتت في العلم إمامته وبانت همته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه
إلى قول أحد الا ان يأتي الجارح في جرحه ببينة عادلة يصح بها جرحه على طريق الشهادات والعمل بما فيها من
المشاهدة لذلك ما يوجب قبوله انتهى قال الكوثري واما قول الأستاذ أبي منصور عبد القاهر التميمي في نقضه
لكتاب أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني في ترجيح مذهبه واستقصى محمد بن جرير الطبري الشروط
في كتاب على أصول الشافعي وسرق أبو جعفر الطحاوي من كتابه ما أودعه كتابه وأوهم انه من منتجات
أهل الرأي فدليل على صواب ما ادعاه الفخر الرازي من أهل مذهبه فيه من أنه كان شديد التعصب على
المخالفين ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه راجع رسالة الرازي في مناظرته لأهل ما وراء النهر فهل كان ابن
جرير مصري الدار يساكن الطحاوي حتى يتمكن الطحاوي من سرقة كتاب ابن جرير في الشروط وكتب
الطحاوي في الشروط على مذهب أبي حنيفة أفهل كان الكتاب المسروق مؤلفا على مذهب أبي حنيفة فإن كان
ابن جرير كتب كتابا في طبرستان مدة وفي بغداد مدة وبعدهما عن مصر معلوم فكيف يتصور ان يسرق أحدهما
من الآخر خلسة وليس بين وفاتيهما مدة كبيرة تسع لاخفاء السرقة على أن كتاب الشروط المعزو إلى ابن جرير
باسم أمثلة العدول مما لا وجود له بين تراث السلف الا في كتب التراجم واما كتب الشروط للطحاوي من
صغير ومتوسط وكبير فمعروفة شرقا وغربا متداولة في أيدي العلماء ثم إن ابن جرير أطال المقام في طبرستان
وعندما عاد إلى بغداد كان مقهورا تحت سلطان الحشوية ببغداد يرمون بيته بأحجار ولا يتمكن من المحافظة
على نفسه الا بحرس من الحكومة ويضطر في بعض الأحوال ان يدفن بعض كتبه مثل اختلاف الفقهاء فلم يكن
حرا طليقا في نشر العلم في عهد سطوة الحشوية وطال ذلك العهد هناك واما الطحاوي في مصر فكان موفور
الكرامة يجله الكبير والصغير ويوالي القضاة الاستعانة بغزير علمه في الفقه والحديث والتوثيق وتسجيل الشروط
حتى سارت بتصانيفه وأنبائه الركبان في جميع البلدان شرقا وغربا أمثله يكون في حاجة إلى السرقة في علم
الشروط وقد تلقى علم الشروط من أمثال القاضي بكار وابن أبي عمران وأبي حازم عبد الحميد أصحاب أئمة علم
الشروط بالبصرة والكوفة وبغداد فمهما أبعد بعض العلوم عن الحنفية لا يمكن ابعاد علم الشروط والتوثيق عنهم
فإنهم أئمة هذا العلم من عهد أبي يوسف وقبل عهده وما جرى بين إبراهيم بن الجراح وبين حماد بن زيد مسجل
في موضعه وقوله يحيى بن أكثم في شروط هلال الرأي وغيره من أهل البصرة معروف ومن أحاط علما بذلك
كله لا يتردد لحظة في أن هذا الزعم نسج خيال التعصب وافتعال غير مدبر نسأل الله السلامة وعلى كل حال فان
المقدمة 49

كتاب أبي عبد الله الجرجاني وكتاب نقضة لأبي منصور عبد القاهر لا يخلوان من غلو وإسراف في القول على جلالة
قدر مؤلفيهما وأصاب ابن الصلاح حيث قال فيهما وكل واحد منهما لم يخل كلامه من ادعاء ما ليس له والتشنيع
بما لا يؤبه به مع وهم كثير أتياه سامحهما الله تعالى وإيانا بمنه وكرمه انتهى ما في الحاوي بحذف يسير وقد قيل
في الامام البخاري رحمه الله تعالى انه سرق كتاب العلل لشيخه علي بن المديني وعزا ما فيه إلى نفسه كما في
كتاب الصلة لمسلمة بن القاسم الأندلسي المتوفي سنة 353 وتعقب عليه الحافظ في تهذب التهذيب إذ قال: قال
مسلمة وألف علي بن المديني كتاب العلل وكان ضنينا به فغاب يوما في بعض ضياعه فجاء البخاري إلى بعض
بنيه وراغبه بالمال على أن يرى الكتاب يوما واحدا فأعطاه له فدفعه إلى النساخ فكتبوه له ورده إليه فلما
حضر علي تكلم بشئ فأجابه البخاري بنص كلامه مرارا ففهم القضية واغتم لذلك فلم يزل مغموما حتى مات
بعد يسير واستغنى البخاري عنه بذل الكتاب وخرج إلى خراسان ووضع كتابه الصحيح فعظم شانه وعلا
ذكره قال الحافظ إنما أوردت كلام مسلمة هذا لأبين فساده فان القصة غنية عن الرد لظهور فسادها وحسبك
انه بلا اسناد إلى آخر ما قال كما في اللامع فإن كان الامام البخاري رحمه الله تعالى مع علو شانه وعظمته يتهم
بسرقة كتاب شيخه فلا ضير إذا باتهام الامام الطحاوي بسرقة كتاب ابن جرير وكما أن اتهام البخاري لا يؤثر في
عظمته فكذلك اتهام الطحاوي بذلك لا يؤثر في شانه فان الاتهام بذلك بلا اسناد فلا يقبل والله ملهم
الرشد والصواب -
الفائدة الثانية عشرة في مقام الامام الطحاوي في الفقه والاجتهاد
قال ابن زولاق سمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول سمعت أبي يقول وذكر فضل أبي عبيد بن
حربويه وفقهه فقال كان يذاكرني بالمسائل فأجبته يوما في مسألة فقال لي ما هذا قول أبي حنيفة فقلت له أيها
القاضي أو كل ما قاله أبو حنيفة أقول به - فقال ما ظننتك الا مقلدا فقلت له وهل يقلد الا عصبي فقال لي أو غبي
قال فطارت هذه الكلمة بمصر حتى صارت مثلا وحفظها الناس كذا في اللسان والحاوي - وهذا القول يدل
على أن للامام الطحاوي درجة عالية في الاجتهاد - وقد ذكره القاري في ذيل الجواهر المضية في الطبقة الثالثة
وقال الثالثة طبقه المجتهدين في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف وأبي جعفر الطحاوي
وأبي الحسن الكرخي وشمس الأئمة الحلواني وشمس الأئمة السرخسي وفخر الاسلام البزدوي وفخر الدين قاضيخان
وأمثالهم فإنهم لا يقدرون على المخالفة للشيخ لا في الأصول ولا في الفروع لكنهم يستنبطون الاحكام في مسألة
لا نص فيها على حسب أصول قررها ومقتضى قواعد بسطها انتهى وذكره العلامة عبد الحي في الفوائد البهية
في هذه الطبقة الا انه جعل ذلك الطبقة الطبقة الثانية وجعل الطبقة الأولى طبقة المجتهدين في المذهب كأبي
يوسف ومحمد وغيرهما من أصحاب أبي حنيفة القادرين على استخراج الاحكام من القواعد التي قررها الامام وجعل
القاري ذلك الطبقة الطبقة الثانية وجعل الطبقة الأولى طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة ومن سلك
مسلكهم في تأسيس قواعد الأصول واستنباط احكام الفروع من الأدلة الأربعة الكتاب والسنة والاجماع
والقياس على حسب تلك القواعد من غير تقليد لأحد في الفروع ولا في الأصول - وقال العلامة عبد الحي في
التعليقات السنية عده ابن كمال باشا وغيره من طبقة من يقدر على الاجتهاد في المسائل التي لا رواية فيها ولا
يقدر على مخالفة صاحب المذهب لا في الفروع ولا في الأصول وهو منظور فيه فان له درجة عالية ورتبة
شامخة
قد خالف بها صاحب المذهب في كثير من الأصول والفروع ومن طالع شرح معاني الآثار وغيره من مصنفاته
المقدمة 50

يجده يختار خلاف ما اختاره صاحب المذهب كثيرا إذا كان ما يدل عليه قويا فالحق انه من المجتهدين المنتسبين
الذين ينتسبون إلى امام معين من المجتهدين لكن لا يقلدونه لا في الفروع ولا في الأصول لكونهم منصفين بآلات
الاجتهاد وإنما انتسبوا إليه لسلوكهم طريقة في الاجتهاد وان انحط عن ذلك فهو من المجتهدين في المذهب القادرين
على استخراج الاحكام من القواعد التي قررها الامام ولا تنحط مرتبته عن هذه المرتبة ابدا على رغم أنف من
جعله منحطا وما أحسن كلام المولى عبد العزيز المحدث الدهلوي في بستان المحدثين حيث قال ما معربه ان
مختصر الطحاوي يدل على أنه كان مجتهدا ولم يكن مقلدا للمذهب الحنف تقليدا محضا فإنه اختار فيه أشياء
تخالف مذهب أبي حنيفة لما لاح له من الأدلة القوية انتهى وبالجملة فهو في طبقة أبي يوسف ومحمد لا ينحط عن مرتبتهما
على القول المسدود انتهى ما في التعليقات.
الفائدة الثالثة عشر في بعض ما يتعلق بسيرة الطحاوي رحمه الله تعالى
قال ابن زولاق أراد أبو جعفر الطحاوي مقاسمة عمه في الربع الذي بينهما فحكم له القاضي بالقسمة وأرسل
إليه بمال يستعين به في ذلك ووافق ذلك إملاكا في مجلس أحمد بن طولون فحضره أبو جعفر الطحاوي وقرا
الكتاب وعقد النكاح فخرج خادم بصينية فيها مائة دينار وطيب فقال كم القاضي فقال القاضي كم أبي جعفر
فألقاها في كمه ثم خرج إلى الشهود وكانوا عشرة بعشر صواني والقاضي يقول كم أبي جعفر ثم خرجت صينية أبي
جعفر فانصرف أبو جعفر في ذلك اليوم بألف ومائتي دينار سوى الطيب قال ابن زولاق وحدثني عبد الله بن
عثمان قال سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول لأبي الجيش بن حمد بن طولون أمير مصر شهادة فحضر الشهود وكان
كلما كتب شاهد شهادته قراها الأمير والقاضي وكان كل شاهد يكتب أشهدني الأمير أبو الجيش بن أحمد بن
طولون مولى أمير المؤمنين قال أبو جعفر فلما شهدت انا كتبت اشهد على اقرار الأمير أبي الجيش بن أحمد بن
طولون مولى أمير أطال الله بقائه وأدام عزه وعلوه بجميع ما في هذا الكتاب فلما قراه الأمير قال
القاض من هذا قال هذا كاتبي فقال أبو من قال أبو جعفر فقال وأنت يا أبا جعفر فأطال الله بقاءك وأدام
عزك قال فقمت بسبب ذلك محسودا من الجماعة قال ابن زولاق فلم يزل محمد بن عبدة وأصحابه (يسعون)
فأغروا به نائب هارون بن أبي الجيش فاعتقل أبا جعفر الطحاوي بسبب اعتبار الأوقاف قال ابن زولاق وسمعت
أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول سمعت أبي فذكر ما تقدم في الفائدة الثانية عشر من قول الطحاوي
هل يقلد الا عصبي وقول القاضي أو غبي قال وكان الشهود ينفسون على أبي جعفر بالشهادة لئلا يجتمع له رياسة
العلم وقبول الشهادة فلم يزل أبو عبيد في سنة ست وثلاثمائة حتى عدله بشهادة أبي القاسم مأمون ومحمد بن
موسى سقلاب فضله وقدمه وكان أكثر الشهود في تلك السنة قد حجوا أو جاوروا بمكة فتم لأبي عبيد ما أراد
من تعديله كذا في اللسان والحاوي - وقد ذكر ابن في وفيات الأعيان قصة تعديله عن القضاعي قال
كان قد استكتب أبو عبيد الله محمد بن عبدة القاضي وكان صعلوكا فأغناه وكان أبو عبيد سمحا جوادا ثم
عدله أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي عقيب القضية التي جرت لمنصور الفقيه مع أبي عبيد وذلك في
سنة ست وثلاثمائة وكان الشهود يتعسفون عليه بالعدالة لئلا تجتمع له رياسة العلم وقبول الشهادة وكان جماعة
من الشهود قد جاوروا بمكة في هذه السنة فاغتنم أبو عبيد غيبتهم وعدل أبا جعفر بشهادة أبي القاسم المأمون
وأبي بكر السقلاب انتهى وقال في اللسان والحاوي عن ابن زولاق كان لأبي عبيد في كل عشية مجلس لواحد
من الفضلاء يذاكره وقد قسم أيام الأسبوع عليهم منها عشية لأبي جعفر فقال له في بعض كلامه ما بلغه عن
المقدمة 51

امناء القاضي وحضه على محاسبتهم فقال القاضي أبو عبيد كان إسماعيل بن إسحاق لا يحاسبهم فقال أبو جعفر
قد كان القاضي بكار يحاسبهم فقال القاضي أبو عبيد كان إسماعيل (بياض في الأصل) وقال أبو جعفر قد
حاسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمناءه وذكر له قصة ابن الأتبية فلما بلغ ذلك الامناء لم يزالوا حتى
أوقعوا بين أبي عبيد وأبي جعفر تغير كل منهما للآخر وكان ذلك قرب صرف أبي عبيد عن القضاء قال
فلما صرف أبو عبيد عن القضاء أرسل الذي ولي بعده إلى أبي جعفر بكتاب عزله قال فحدثني علي بن أبي جعفر
قال فجئت إلى أبي فهنأته فقال لي أبي ويحك أهذه تهنئة هذه والله تعزية من أذاكر بعده أو من أجالس وقال في
اللسان قال ابن زولاق وحدثني عبيد الله بن عبد الكريم قال كان أبو عبيد في غاية المعرفة بالأحكام وكان أبو جعفر
الطحاوي وجيه النقد في الشروط والسجلات والشهادات فجلس بين يدي أبي عبيد يوما ليؤدي شهادة فأداها
فلما فرغ قال له القاضي عرفني فأعادها فقال عرفني فقال أبو جعفر يأذن لي القاضي في القيام إلى موضع فقال قم
فقام أبو جعفر يجر ردائه قد سقط بعضه ومال فأقام في ناحية ثم عاد يحبو على ركبتيه وقال نعم أعزك الله اشهد
بكذا وكذا فاخذ منه أبو عبيد الكتاب وعلم على شهادته قال ابن زولاق كان أبو زكريا يحيى بن محمد بن عمروس
عاقلا وهو الذي أدب أبا جعفر وعلمه القرآن وكان يقال ليس في الجامع سارية الا وقد ختم أبو زكريا عندها
القرآن قال ولما تولى عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معمر الجوهري القضاء بمصر كان يركب بعد أبي جعفر
وينزل بعده فقيل له في ذلك فقال هذا واجب لأنه عالمنا وقدوتنا وهو أسن مني بإحدى عشرة سنة ولو كانت
إحدى عشرة ساعة لكان القضاء أقل من أن افتخر به على أبي جعفر ولما ولي محمد أبو عبد الله بن زبر قضاء مصر
وحضر عنده أبو جعفر الطحاوي فشهد عنده أكرمه غاية الاكرام وسأله عن حديث ذكر انه كتبه عن رجل
عنه من ثلاثين سنة فأملاه عليه قال وحدثني الحسين بن عبد الله القرشي قال وكان أبو عثمان أحمد بن إبراهيم بن
حماد في ولايته القضاء بمصر يلازم أبا جعفر الطحاوي يسمع عليه الحديث فدخل رجل من أهل أسوار فسال
أبا جعفر عن مسألة فقال أبو جعفر من مذهب القاضي أيده الله كذا وكذا فقال له ما جئت إلى القاضي إنما
جئت إليك فقال له يا هذا من مذهب القاضي ما قلت لك فأعاد القول فقال أبو عثمان تفتيه أعزك الله فقال إذا
اذن الله افتيته فقال قد أذنت قال فكان ذلك يعد في فضل أبي جعفر وأدبه قال ومات أبو جعفر فكان ولاية أبي
عثمان هذا انتهى في تهذيب تاريخ ابن عساكر لابن بدران قال القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب حضرت عند
الطحاوي فاتته امرأة برقعة وزعمت أنها مسألة بعثت بها إليه فإذا مكتوب فيها رحم الله من دعا الغريب وجمع
بين عاشق وحبيب قال فطواها ثم ردها إليها وقال لها ليس هذا المكان الذي بعثت إليه يا امرأة غلطت انتهى.
الفائدة الرابعة عشرة في مؤلفات الامام الطحاوي رحمه الله تعالى
تصانيف الامام أبي جعفر الطحاوي في غاية الحسن والجمع والتحقيق وكثرة الفوائد قبلها العلماء المحققون
والفقهاء المدققون وكانت عناية المتقدمين بكتبه أكثر من المتأخرين فلهذا لم تطبع من كتبه الا قلائل فمن مصنفات
الامام الطحاوي كتاب معاني الآثار وهو أول تصانيفه كما قال القاري وسيأتي ما يتعلق بذلك في الفائدة التالية
ومنها مشكل الآثار في نفي التضاد عن الأحاديث واستخراج الاحكام منها وهو آخر تصانيفه كما قال القاري
في الأثمار الجنية - قال الكوثري في الحاوي وهو من محفوظات مكتبة فيض الله شيخ الاسلام في إسطنبول
تحت أرقام (273 - 279) في سبعة مجلدات ضخام وهي نسخة صحيحة مقروءة من رواية أبي القاسم هشام
ابن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن الطحاوي قابلها وصححها ابن السابق المترجم له في الضوء اللامع والقسم
المقدمة 52

المطبوع منه في حيدر آباد في أربعة اجزاء ربما لا يكون نصف الكتاب عل سقم الطبع ومن اطلع على اختلاف
الحديث للامام الشافعي ومختلف الحديث لابن قتيبة ثم اطلع على كتاب الطحاوي وهذا يزداد إجلالا له ومعرفة
لمقداره العظيم وكم كنا نود لو طبع بمصر تمام الكتاب من النسخة المذكورة وقد اختصر أبو الوليد بن رشد الجد
كتاب مشكل الآثار مع بعض اعتراضات منه عليه واختصاره محفوظ بدار الكتب المصرية واختصر هذا
المختصر قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن موسى الملطي من شيوخ الدر العيني في كتاب سماه المعتصر من
المختصر فأجاد في التلخيص والإجابة عما أورده ابن رشد وطبع المعتصر بالهند من الخطا في اسم مؤلفه واسم
مختصره وهذا المعتصر نافع أيضا انتهى وقال القاضي جمال الدين يوسف في مقدمة المعتصر لما طالعت كتاب
مشكل الآثار للامام الحافظ أبي جعفر الطحاوي وجدته مطولا والكتاب يحتوي على معان حسنة عزيزة وفوائد
جمه عزيرة ويشتمل على فنون من الفقه وضروب من العلم دعاه إلى ذلك ما ذكر في خطبة كتابه حيث قال إني
نظرت في الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة
عليها وحسن الأداء لها فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس فمال قلبي إلى تأملها
وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها ومن استخراج الاحكام التي فيها ومن نفي الإحالات عنها وان اجعل ذلك
أبوابا أذكر في كل باب منها ما يهب الله لي من ذلك فيها حتى أبين ما قدرت عليه منها كذلك ملتمسا ثواب الله
عز وجل عليه وقد أثابه الله على ذلك ثوابا جزيلا وكان تطويل كتابه بكثرة تطريقه الأحاديث وتدقيق الكلام
فيه حرصا على التناهي في البيان على غير ترتيب ونظام لم يتوخ فيه ضم باب إلى شكله ولا الحاق نوع بجنسه
فصارت بذلك فوائده ولطائفه منتشرة متشتتة فيه يعسر استخراجها منه ان أراد طالب ان يقف على معنى
يعنيه لم يجد ما يستدل به على موضعه الا بعد تصفح جميع الكتاب فقصدت جمع فوائده والتقاط فرائده في
مختصر وبقت مترددا في جمعه بين الاقدام والإحجام لصعوبة مدركه إلى أن ظفرت بمختصر الامام الفقيه
الحافظ القاضي أبي الوليد الباجي المالكي اختصر كتاب مشكل الآثار اختصارا بديعا ضم كل نوع فيه إلى
نوعه والحق كل مشكل منه إلى شكله ورتبه ترتيبا حسنا حذف أسانيد الحديث وتطريقها واختصر كثيرا من
ألفاظه من غير أن يخل بشئ من معانيه وفقهه ليسهل على الطالب تحفظه ويتيسر عليه فهمه وتفحصه فشكرت
الله على ذلك وشمرت عن ساعد الاجتهاد وعزمت ان أنقي خلاصته غير ملتزم حكاية ألفاظه بأعيانها ذاكرا
لمعانيه أجمع بنصف ألفاظه على ترتيب المختصر من غير عدول عن ذلك في شئ وفي أثناء الكلام أشير إلى
اعتراضات القاضي واستدراكاته والى أجوبة بعضها انتهى مختصرا وممن اختصر مشكل الآثار ابن خلف
الباجي ومختصره في المتحف البريطاني وهو أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الامام المشهور وهم بروكلمان
فسماه سعيد بن خلف كذا في هامش الحاوي - 3 ومنها اختلاف العلماء كما ذكر ابن خلكان وابن كثير في البداية
وابن حجر في اللسان واليافعي في المرآة والسيوطي في حسن المحاضرة وابن تغري في النجوم الزاهرة وابن بدران
في تهذيب تاريخ ابن عساكر وأبو اسحق الشيرازي في طبقات الفقهاء قال ابن النديم في الفهرست وله من الكتب
كتاب الاختلاف بين الفقهاء وهو كتاب كبير لم يتممه والذي خرج منه نحو ثمانين كتابا على ترتيب كتب الاختلاف
على الولاء انتهى وقال في الحاوي اختلاف العلماء للطحاوي في نحو مائة وثلاثين جزءا حديثيا وقد اختصره
أبو بكر الرازي واختصاره هو الموجود في مكتبة جار الله ولي الدين في إسطنبول واما الأصل فلم أظفر به
واما القطعة الموجودة بدار الكتب المصرية فهي من مختصر علماء الأمصار لأبي بكر الرازي وان نسبت غلطا
إلى الطحاوي وفي المختصر يذكر أقوال الأئمة الأربعة وأصحابهم وأقوال النخعي وعثمان البتي الأوزاعي والثوري
المقدمة 53

والليث بن سعد وابن شبرمة وابن أبي ليلى والحسن بن حي وغيرهم من المجتهدين الأقدمين الذين صعب اليوم
الاطلاع على آرائهم في المسائل الخلافية فيا ليت الأصل بحث عنه وعن مختصه وطبع هو أو مختصره أو كلاهما
انتهى - 4 ومنها كتاب احكام القرآن كما ذكر ابن النديم وأبو إسحاق الشيرازي وابن بدران وابن كثير
والسيوطي وابن حجر وابن خلكان واليافعي وغيرهم قال في الحاوي وأحكام القرآن للطحاوي في نحو عشرين
جزءا ويقول القاضي عياض في الاكمال للطحاوي الف ورقة في تفسير القرآن وذلك هو احكام القرآن له -
5 - ومنها كتاب الشروط الكبير كما قال ابن النديم والقاري في الأثمار الجنية والشيخ عبد القادر في الجواهر
قال الكوثري في الحاوي وللطحاوي أيضا كتاب الشروط الكبير في نحو أربعين جزءا وقد طبع بعض
المستشرقين جزءا منه وتوجد قطعة منه في مكتبة علي باشا الشهيد وأخرى في مكتبة مراد ملا باسطنبول من
غير أن تتم بهما نسخة كاملة - 6 - ومنها الشروط الأوسط كما قال الشيخ عبد القادر في الجواهر والقاري
7 - ومنها الشروط الصغير كما قال الشيخ عبد القادر في الجواهر والقاري قال الكوثري وله أيضا الشروط
الأوسط ومختصر الشروط له في خمسة اجزاء محفوظ في مكتبة شيخ الاسلام فيض الله وتدل تلك الكتب
على براعة الطحاوي البالغة في علم الشروط والتوثيق اه‍ 8 - ومنها المختصر في الفقه وولع الناس لشرحه وعليه
عدة شروح كما قال الشيخ عبد القادر والقاري وقال الكوثري ومختصر الطحاوي في الفقه في المذهب على
شاكلة مختصر المزني في مذهب الشافعي وهو محفوظ بمكتبة الأزهر ومكتبتي جار الله وفيض الله بالآستانة
انتهى - وفي مقدمة مختصر الطحاوي وهو أول من جمع مختصرا في الفقه من أصحابنا بذكر أمهات المسائل
وعيونها ورواياتها المعتبرة ومختاراته الظاهرة المعول عليها عند الفقهاء قال في كشف الظنون مختصر الطحاوي
في فروع الحنفية للامام أبي جعفر الطحاوي الحنفي الفه كبيرا وصغيرا ورتبه كترتيب مختصر المزني فهذا كما
ترى أول المختصرات في مذهبنا وأبدعها وأحسنها تهذيبا وأصحها رواية عن أصحابنا وأقواها دراية وأرجحها
فتوى وله مختصران غير هذا المختصر كبير وصغير كما مر عن كشف الظنون وفي الجواهر المضية والمختصر في
الفقه ولع الناس بشرحه وعليه عدة شروح إلى أن قال والمختصر الكبير والمختصر الصغير فعلم من نص القرشي
انهما غير الذي ولع الناس بشرحه انتهى مختصرا وقد طبع مختصر الطحاوي قال الكوثري ولمختصر الطحاوي
شروح أقدمها وأهمها شرح أبي بكر الرازي الجصاص غاية في الاتقان دراية ورواية قطعة منه توجد بدار
الكتب المصرية والباقي في مكتبة جار الله بالآستانة ومنها شرح أبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري ومنها
شرح شمس الأئمة السرخسي قطعة منه توجد في مكتبة السليمانية والباقي في مكتبة شهزادة بالآستانة ومنها شرح
أبي نصر أحمد بن محمد المعروف بالأقطع شارح مختصر القدوري ومنها شرح أبي نصر أحمد بن منصور الخجندي
الأسبيجابي الكبير ومنها شرح بهاء الدين علي بن محمد السمرقندي الأسبيجابي الصغير وهما موجودان في عدة
مكتبات في الآستانة والكبير في مكتبة علي باشا الشهيد والصغير في مكتبة بني جامع ومنها شرح أحمد بن محمد
ابن مسعود الوبري وله غير ذلك من الشروح انتهى وقد بسط في شراح المختصر في مقدمة مختصر الطحاوي
فارجع إلى مقدمته - 9 ومنها كتاب المختصر الصغير 10 ومنها كتاب المختصر الكبير كما ذكرهما ابن النديم
في الفهرست والشيخ عبد القادر في الجواهر والقاري في الأثمار الجنية - 11 ومنها النوادر الفقهية في عشرة
اجزاء كما قال الشيخ عبد القادر الجواهر والقاري في الأثمار الجنية 12 ومنها النوادر أو الحكايات في نيف
وعشرين جزءا كما في الجواهر وكما قال القاري 13 ومنها جزء في حكم ارض مكة 14 ومنها جزء في قسم
الفئ والغنائم كما في الحاوي والجواهر والقاري 15 ومنها كتاب نقض كتاب المدلسين على الكرابيسي كما
المقدمة 54

قال في الجواهر وكما قال ابن النديم والقاري وقال الكوثري وله الرد في خمسة اجزاء على كتاب المدلسين لأبي علي
الحسين بن علي الكرابيسي الذي أعطى حججا لأعداء أهل السنة بكتابه هذا حيث حاول فيه توهين الرواة من
غير أهل مذهبه ليحيا هو فقط ومذهبه وكلمة احمد في كتاب الكرابيسي هذا مذكورة في شرح علل الترمذي
لابن رجب فالطحاوي سد هذه الثلمة برده على الكرابيسي مشكورا فضله وقد ذكر كتاب المدلسين هذا الإمام أحمد
فذمه ذما شديدا وكذلك أنكر عليه أبو ثور وغيره من العلماء قال المروزي مضيت إلى الكرابيسي وهو
إذ ذاك مستور يذب عن السنة ويظهر نصرة أبي عبد الله فقال لي ان أبا عبد الله رجل صالح مثله يوفق لإصابة
الحق وقد رضيت ان يعرض كتابي عليه قال وقد سألني أبو ثور وابن عقيل وابن حبيش ان اضرب على هذا
الكتاب فأبيت عليهم وقلت بل أزيد فيه ما سنح في ذلك وأبى ان يرجع عنه فجئ بالكتاب إلى أبي عبد الله
وهو لا يدري من وضع الكتاب وكان في الكتاب الطعن على الأعمش والنصرة للحسن بن صالح وكان في الكتاب
ان قلتم ان الحسن بن صالح كان يرى رأي الخوارج فهذا ابن الزبير قد خرج فلما قرئ على أبي عبد الله قال هذا
قد جمع للمخالفين ما لم يحسنوا ان يحجوا به حذروا عن هذا ونهى عنه اه‍ وقال ابن رجب وقد تسلط بهذا
الكتاب طوائف من أهل البدع في الطعن على أهل الحديث وكذلك بعض أهل الحديث ينقل منه دسائس اما
يخفى عليه أمرها أو لا يخفى كيعقوب الفسوي وغيره اه‍ وعلى مثل هذا الكتاب الخطر رد الطحاوي ردا موفقا
يشكر عليه انتهى - 16 ومنها كتاب الأشربة حملها هشام الرعيني إلى المغرب فيما حمل من كتب الطحاوي كما
قال الكوثري في الحاوي - 17 - ومنها الرد على عيسى بن أبان في كتابه الذي سماه خطا الكتب كما قال الشيخ
عبد القادر في الجواهر والقاري في الأثمار الجنية وعيسى بن أبان هذا من أصحاب محمد بن الحسن كما قال الكوثري
18 - ومنها الرد على أبي عبيد فيما أخطأ فيه في كتاب النسب كما في الجواهر وكما قال القاري 19 ومنه اختلاف
الروايات على مذهب الكوفيين كما في الجواهر وكما قال القاري 20 ومنها جزء في الرزية كما في الحاوي 21 ومنها
شرح الجامع الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني 22 ومنها شرح الجامع الصغير له كما في الجواهر والحاوي
وكما قال القاري وابن النديم 23 ومنها كتاب المحاضر والسجلات كما قال ابن النديم والقاري والشيخ عبد
القادر في الجواهر 24 ومنها كتاب الوصايا 25 ومنها كتاب الفرائض كما قال ابن النديم في الفهرست وكما قال
القاري وكما هو في الجواهر 26 ومنها كتاب التاريخ الكبير كما قال ابن خلكان وابن كثير واليافعي والسيوطي
والقاري والشيخ عبد القادر قال الكوثري قال ابن خلكان وله تاريخ كبير لقد اجتهدت في تحصيله غاية الاجتهاد
وما ظفرت به وكل من سالت عنه من أهل الشأن جهلوا به اه‍ لكن نرى كتب الرجال مكتظة بالنقل عنه
انتهى - 27 ومنها مجلد في مناقب أبي حنيفة كما في الجواهر وكذا قال القاري وقال الكوثري وله أيضا اخبار
أبي حنيفة وأصحابه وهو الذي يسميه بعضهم بمناقب أبي حنيفة 28 ومنها كتاب في النحل وأحكامها وصفاتها
وأجناسها وما روى فيها من خبر في نحو أربعين جزءا كما في الحاوي 29 ومنها كتاب أصله كتب العزل كما
في الجواهر وكما قال القاري 30 ومنها كتاب التسوية بين حدثنا وأخبرنا صغير كما قال ابن النديم في الفهرست
وقال الكوثري وقد لخصه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 31 ومنها كتاب العقيدة كما قال ابن النديم
وقال الكوثري وله العقيدة المشهورة المسماة بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة وأبي
يوسف الأنصاري ومحمد بن الحسن رحمهم الله انتهى وعقيدة الطحاوي لها شروح منها شرح نجم الدين أبي شجاع
بكبرس الناصري البغدادي من شيوخ الشرف الدمياطي ومنها شرح السراج عمر بن إسحاق الغزنوي ثم المصري
ومنها شرح محمود بن أحمد بن مسعود القونوي ومنها شرح الصدر علي بن محمد الأذرعي وتلك الشروح توجد في
المقدمة 55

الخزانات بكثرة ولها شروح سوى ذلك كذا في هامش الحاوي - 32 ومنها كتاب سنن الشافعي جمع فيه ما
سمعه من المزني من أحاديث الشافعي والشافعية يروون تلك الأحاديث بطريقه كذا في الحاوي وقال في موضع
آخر قال العيني ان غالب من يروى مسند الشافعي إلى يومنا يروون عن طريقه أقول إن الأحاديث المروية عن
الشافعي بطريق الطحاوي هي من جمع الطحاوي من مسموعاته من المزني عن الشافعي فيعرف هذا المجموع بسنن
الشافعي وسنن الطحاوي وله نسخ في غاية الصحة وعليها خطوط التسميع طبقة فطبقة منها النسخة المحفوظة في
مكتبة أبا صوفيا بالآستانة والنسخة المطبوعة جيدة أيضا انتهى 33 ومنها كتاب صحيح الآثار محفوظ في مكتبة
بانتا كما ذكره بروكلمان ولم اطلع عليه قاله الكوثري في الحاوي 34 ومنها شرح المغني اخذ منه الحفاظ في
الفتح كثير منها ما قال في باب إذا صلي في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه وعقد الطحاوي له بابا في شرح
المغني ونقل المنع عن ابن عمر ثم عن طاوس النخعي انتهى -
الفائدة الخامسة عشرة فيما يتعلق بكتاب معاني الآثار
قال العيني في نخب الأفكار كما في الحاوي واما تصانيفه فتصانيف حسنة كثيرة الفوائد ولا سيما كتاب
معاني الآثار فان الناظر فيه المصنف تأمله يجده راجحا على كثير من كتب الحديث المشهورة المقبولة ويظهر
له رجحانه بالتأمل في كلامه وترتيبه ولا يشك في هذا الا جاهل أو متعصب واما رجحانه على نحو سنن أبي
داود وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة ونحوها فظاهر لا يشك فيه عاقل ولا يرتاب فيه الا جاهل وذلك
لزيادة ما فيه من بيان وجوه الاستنباطات واظهار وجوه المعارضات وتمييز النواسخ من المنسوخات ونحو ذلك
فهذه هي الأصل وعليها العمدة في معرفة الحديث والكتب المذكورة غير مشحونة كما ينبغي كما ترى ذلك
وتعانيه فان ادعى المدعي كونه مرجوحا بوجود بعض الضعفاء والاسقاط في رجاله فيجاب بان السنن المذكورة
ملأى بمثل ذلك بل وقد قيل إنه لا تخلو عن بعض أحاديث باطلة وأحاديث موضوعة واما الأحاديث الضعيفة
فكثيرة جدا واما سنن الدارقطني أو الدارمي أو البيهقي ونحوها فلا تقارب خطوة ولا تداني حقوة ولا هي مما
تجري معه في الميدان ولا مما تعادل معه في كفتي الميزان ولم يظهر رجحان هذا الكتاب عند كثير من الناس
لكونه كنزا مخفيا ومعدنا مخبيا لم يصادفه من يستخرج فيه من العجائب ولم يعثر عليه من يستنبط ما فيه من
الغرائب فلم يبرح الكمون والاختفاء ولم يبرز على منصة الاجتلاء حتى كاد ان تضيف شمسه إلى الأفول وبدره إلى
النحول وذلك لقصور فهم المتأخرين وتركهم هذا الكتاب واشتغالهم بما لا يفيد شيئا في هذا الباب مع استيلاء
المخالفين المتعصبة على بقاع مناره وتحامل الخصوم المعادية على اندراس معالمه وآثاره ولكن الله يحق الحق ويبطل
الباطل حيث خلق أناسا قاموا بحقوقه وأحبوا مواته وقضوا على محاسن معالمه ما فاته فظهر له الترجح على أمثاله
والتفوق على اشكاله انتهى وقد رجح ابن حزم مصنف الطحاوي على موطأ الامام مالك رحمه الله تعالى في كتابه
مراتب الديانة كما لخص كلامه في تدريب الراوي في شرح تقريب النوادي وقال اما ابن حزم فإنه قال أولى
الكتب الصحيحان ثم صحيح سعيد بن السكن والمنتقى لابن الجارود والمنتقى لقاسم بن اصبغ ثم بعد هذه الكتب
كتاب أبي داود وكتاب النسائي ومصنف قاسم بن اصبغ ومصنف الطحاوي ومسانيد احمد والبزار وابني أبي
شيبة أبي بكر وعثمان وابن راهويه والطيالسي والحسن بن سفيان والمستدرك وابن سنجر ويعقوب بن شيبة وعلي
ابن المديني وابن أبي عزرة وما جرى مجراها التي أفردت لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صرفا ثم بعدها
الكتب التي فيها كلامه وكلام غيره ثم ما كان فيه الصحيح فهو اجل مثل مصنف عبد الرزاق ومصنف بن أبي
المقدمة 56

شيبة ومصنف تقي بن مخلد وكتاب محمد بن نصر المروزي وكتاب بن المنذر ثم مصنف حماد بن سلمة ومصنف
سعيد بن منصور ومصنف وكيع ومصنف الزريابي وموطأ مالك وموطأ ابن أبي ذئب وموطأ ابن وهب ومسائل
ابن حنبل وفقه أبي عبيد وفقه أبي ثور وما كان من هذا النمط مشهورا كحديث شعبة وسفيان والليث
والأوزاعي والحميدي وابن مهدي ومسرد وما جرى مجراها فهذه طبقة موطأ مالك بعضها أجمع للصحيح وبعضها
مثله وبعضها دونه ولقد أحصيت ما في حديث شعبة من الصحيح فوجدته ثمانمائة حديث ونيفا مسندة ومرسلا
يزيد على المائتين وأحصيت ما في موطأ مالك وما في حديث سفيان بن عيينة فوجدت في كل واحد منهما من
المسند خمسمائة ونيفا مسندا وثلاثمائة مرسلا ونيفا وفيه نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل بها وفيها
أحاديث ضعيفة وها هما جمهور العلماء اه‍ ملخصا من تابه مراتب الديانة وقد قال الذهبي في تذكرة الحفاظ وقد
ذكر لابن حزم قول من يقول اجل المصنفات الموطأ فقال بل أولى الكتب بالتعظيم الصحيحان وصحيح سعيد بن
السكن والمنتقى لابن الجارود والمنتقى لقاسم بن اصبغ ومصنف الطحاوي ومسند البزار ومسند ابن أبي شيبة
ومسند أحمد بن حنبل ومسند ابن راهويه ومسند الطيالسي ومسند الحسن بن سفيان ومسند سنجر ومسند
عبد الله بن محمد المسندي ومسند يعقوب بن شيبة ومسند علي بن المديني ومسند ابن أبي عزرة وما جرى مجرى
هذه الكتب التي أوردت لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صرفا ثم بعدها التي فيها كلامه وكلام غيره مثل
مصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومصنف بقي بن مخلد وكتاب محمد بن نصر المروزي وكتاب
أبي بكر بن المنذر الأكبر والأصغر ثم مصنف حماد بن سلمة ومصنف بقي بن مخلد وكتاب محمد بن نصر المروزي وكتاب
أبي بكر بن المنذر الأكبر والأصغر ثم مصنف حماد بن سلمة ومصنف سعيد بن منصور ومصنف وكيع ومصنف
الفريابي وموطأ مالك بن انس وموطأ ابن أبي ذئب وموطأ ابن وهب ومسائل أحمد بن حنبل وفقه أبي عبيد
وفقه أبي ثور انتهى بلفظه وهكذا ذكر الذهبي في سير النبلاء في ترجمة ابن حزم كما في التعليق الممجد وزاد
بعد قوله والمنتقى لقاسم بن اصبغ ثم بعدها كتاب أبي داود وكتاب النسائي ومصنف القاسم بن اصبغ ومصنف
أبي جعفر الطحاوي إلى آخر ما ذكر ههنا وقال ما ذكر سنن ابن ماجة ولا جامع أبي عيسى الترمذي فإنه ما
رآهما ولا دخلا إلى الأندلس الا بعد موته وما أنصف ابن حزم بل رتبة الموطأ ان يذكر تلو الصحيحين مع سنن
أبي داود والنسائي لكنه تأدب وقدم المسندات النبوية الصرفة وان للموطأ لوقعا في النفوس ومهابة في القلوب
لا يوازيهما شئ انتهى كلام الذهبي وقال في مقدمة فيض الباري ويقربه و (اي كتاب أبي داود) عندي كتاب
الطحاوي المشهور بشرح معاني الآثار فان رواته كلهم معروفون وإن كان بعضهم متكلما فيه أيضا ثم الترمذي
وكتابه وان اشتمل على غرائب وضعاف لكنه ينبه عليه في كل موضع وهو وإن كان أقل حديثا باعتبار السرد
في الأبواب الا انه جبره بالايماء إليها ضمن قوله وفي الباب وبعده ابن ماجة وفيه نحو من عشرين حديثا متهم
بالوضع انتهى وبالجملة فلا تنحط درجة كتاب معاني الآثار عن السنن الأربعة بل ترجح على أكثرها أو كلها
وقد حث العلماء على الاعتناء بكتاب الطحاوي قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث كما في ما تمس إليه الحاجة
وكذا اعتن من الكتب المبوبة بسماع الصحاح لابن خزيمة ولم يوجد تاما ولابن حبان ولأبي عوانة وبسماع الجامع
المشهور بالمسند للدارمي والسنن لإمامنا الشافعي مع مسنده وهو على الأبواب والسنن الكبرى للنسائي لما اشتملت
عليه من الزيادات على تلك والسنن لابن ماجة وللدار قطني وبشرح معاني الآثار انتهى - ولكتاب معاني الآثار
مزايا كثيرة يجدها من يمعن النظر فيه ونحن نشير إلى بعضها منها انه يشتمل على الأحاديث الكثيرة التي لا
توجد في غيره ومنها انه يكثر في سرد أسانيد الحديث فكثير من الأحاديث المروية في غيره توجد فيه بزيادات
مهمة كتعدد الأسانيد الذي يزيد الحديث قوة وقد يكون الحديث في غيره بسند ضعيف ويوجد فيه بسند قوي
المقدمة 57

أو يكون في غيره وتوجد فيه طرق أخرى وتبعد والأسانيد يظهر للمحدث نكت وفوائد مهمة وقد
يكون الحديث في غيره من طريق مدلس لم يصرح بالسماع ويوجد في كتابه مصرحا بالسماع وقد يكون
الحديث عند غيره من طريق رجل اختلط بآخره ويكون الراوي عنه ممن سمع بعد الاختلاط ويوجد في كتابه
رواية من سمع ذلك الرجل قبل الاختلاط وقد يكون الحديث في غيره مرسلا أو منقطعا أو موقوفا فيثبت في
كتابه متصلا أو مرفوعا وقد يوجد في كتابه نسبة من لم ينسب في غيره وتسمية المبهم وتمييز المشتبه وتفسير المجمل
وبيان السبب واضطراب الراوي وشكه وزيادة راو في السند وسماع الراوي من الصحابي مرتين مرة رفعة ومرة
وقفه ومن التابعي مرتين مرة وصله ومرة أرسله وغير ذلك من الفوائد - ومنها توجد في كتابه فوائد كثيرة في
المتون فيقع في كتابه مطولا ما وقع في غير كتابه مختصرا أو مفسرا ما كان عند غيره مجملا أو مقيدا ما كان
عند غيره مطلقا وغير ذلك من مهمات الفوائد ومنها ان كتابه يشتمل على كثير من الآثار عن الصحابة والتابعين
والأئمة بعدهم ما لا توجد في كتب غيره من أئمة أهل عصره ومنها ان كتابه يوجد فيه كثير من كلام الأئمة في
الأحاديث والرجال من تصحيح أو ترجيح أو تضعيف ومنها انه يترجم على مسائل الفقه ثم يورد الأحاديث
وينبه على استنباطات عزيزة من الأحاديث لا يكاد يتنبه لها ومنها انه رتب الكتاب على ترتيب كتب الفقه ثم
تلطف في استخراج مناسبات يورد فيها الأحاديث المتعلقة بالأمور التي يتبادر إلى الذهن انها ليست بمتعلقة بتلك
المسألة التي عقد لها الباب كما أنه أورد حديث المسلم لا يبخس وحديث بول الاعرابي في المسجد في باب المياه
وأحاديث القراءة في الفجر في وقت الفجر وأحاديث الوعيد عن التخلف عن صلاة العشاء والمغرب والجمعة والفجر
وأحاديث فضل المغرب والعشاء وآثارا في معنى القنوت في باب الصلاة الوسطى وأحاديث صلاة الفرض خلف
المتطوع في وقت المغرب وأحاديث تقديم أولي الأحلام والنهي في باب التكبير عند الركوع والسجود ورفع
اليدين وحديث التشهد والسلام في باب أذكار الركوع والسجود وأحاديث حكم الاغماء في شعبان ورمضان في
باب الشك في الصلاة وذلك في كتابه كثير يظهر بالتتبع والتأمل ومنها انه مع اثباته مذهب الأحناف وبيان
ايراد أدلتهم يذكر أدلة المختلفين في الباب قال العلامة الكوثري في الحاوي من مصنفات الطحاوي الممتعة
كتاب معاني الآثار في المحاكمة بين أدلة المسائل الخلافية يسوق بسنده الاخبار التي يتمسك بها أهل الخلاف في
تلك المسائل ويخرج من بحوثه بعد نقدها اسنادا ومتنا رواية ونظرا بما يقتنع به الباحث المنصف المتبرئ
من التقليد الأعمى وليس لهذا الكتاب نظير في التفقيه وتعليم طرق التفقه وتنمية ملكة الفقه رغم اعراض من
أعرض عنه وكان لأهل العلم عناية خاصة بتدريس كتاب معاني الآثار وروايته وتلخيصه وشرحه والكلام في
رجاله - فمن شراحه الحافظ أبو محمد المنبجي مؤلف اللباب في الجمع بين السنة والكتاب وقطعة من شرحه
موجودة في مكتبة أيا صوفيا بالآستانة انتهى وسمى أبا محمد هذا في ما تمس إليه الحاجة علي بن زكريا بن مسعود
الأنصاري المنبجي المتوفي في حدود سنة ثمان وتسعين وستمائة ومنهم الحافظ عبد القادر القرشي صاحب الحاوي
في تحريج أحاديث معاني الآثار للطحاوي وكان سبب تأليفه بإشارة الشيخ العلامة القاضي علاء الدين المارديني
صاحب الجوهر النقي كما تقدم بطوله في الفائدة الحادية عشر وكان ابتداءه سنة أربعين وسبعمائة قال الكوثري
وقطعة منه موجود بدار الكتب المصرية وطريقته في التخريج انه يتكلم على أسانيده ويعزو أحاديثه واسناده
إلى الكتب الستة والمصنف لابن أبي شيبة وكتب الحفاظ وهكذا فخدم خدمة عظيمة في هذا الباب انتهى
مختصرا ومنهم البدر العيني الحافظ وقد عني بتدريسه سنين متطاولة في المؤيدية وكان الملك المؤيد شيخ ملما
بالعلم يناقش العلماء في العلم حتى جعل لهذا الكتاب كرسيا خاصا في جامعته كباقي أمهات كتب الحديث وعين
المقدمة 58

لهذا الكرسي البدر العيني فقام البدر بتدريس هذا الكتاب خير قيام مدة مديدة وألف شرحين ضخمين فخمين
صورة ومعنى أحدهما نخب الأفكار في رح معاني الآثار ويتعرض لتراجم رجال الكتاب في صلب هذا الشرح
كما فعل في شرح صحيح البخاري وهذا من محفوظات دار الكتب المصرية في ثمانية مجلدات بخط المؤلف وبها
خروم توجد بعض اجزاء منه في مكتبة احمد الثالث في طوبقبو ومكتبة عموجة حسين باشا بالآستانة والشرح
الآخر هو مباني الاخبار في شرح معاني الآثار للبدر العيني وهو محفوظ في دار الكتب المصرية بخط المؤلف
في ستة مجلدات وهو خلو من الكلام في الرجال حيث أفردهم في تأليف سماه مغاني الاخبار في رجال معاني
الآثار في مجلدين مع نقص في نسخة دار الكتب المصرية يستدرك من نسخة مكتبة رواق الأتراك في الأزهر
الشريف وخدمة البدر العيني لمعاني الآثار لا تقل عن خدمته لصحيح البخاري كذا في الحاوي وقد من الله
تبارك وتعالى علي فأعطاني بمحض فضله وكرمه نخب الأفكار فتحصلت أكثره من مصر ولم يبق الا مجلد ونصف
والباقي موجود عندي وفي مدرسة مظاهر العلوم سهار نفور وتحصلت أيضا مجلدين من مباني الاخبار اشتريت
المجلد التاسع بخط العيني وفي آخره وقد نجز هذا الجزء وهو التاسع من مباني الاخبار في شرح معاني الآثار على
يد مؤلفه العبد الفقير إلى الله الغني أبي محمد محمود بن أحمد العيني عامله ربه ووالديه بلطفه الجلي والخفي وبلغ في
هذا المجلد إلى باب اكل لحم الفرس والباقي بعده كثير مقدار ثلاث مجلدات أو خمس مجلدات والله أعلم بحقيقة
الحال - والجزء الخامس من شرح العيني استكتبته من بلدة حيدر آباد وهي من باب القراءة في الظهر والعصر إلى
آخر باب التطوع بعد الوتر وذكر الفراغ عن تحرير هذا المجلد في رجب سنة ثمان وثمانمائة - ثم قال الكوثري
وممن لخص معاني الآثار حافظ المغرب ابن عبد البر وبه امتلأ قلبه إجلالا للطحاوي ويكثر النقل عنه في كتبه
ولا سيما التمهيد ومما لخصه أيضا الحافظ الزيلعي صاحب نصب الراية وملخصه محفوظ بمكتبة رواق الأتراك
ومكتبة الكوبريلي بالآستانة وشرحه صاحب اللباب في الجمع بين السنة والكتاب أيضا وهو محفوظ في مكاتبة
أيا صوفيا في الآستانة ولمحمد بن محمد الباهلي المالكي كتاب تصحيح معاني الآثار محفوظ في بانكوك كما كره
بروكلمان ولم اطلع عليه انتهى وقد جمع مشايخ الطحاوي في جزء واحد عبد العزيز بن أبي طاهر التميمي كما
في الحاوي - وقد أفرد بعض أهل العلم الذين رووا عنه بالتأليف في جزء كما في الحاوي - وقال في ما تمس إليه
الحاجة وذكر السخاوي في الاعلان بالتوبيخ للزين قاسم الحنفي رجال كل من الطحاوي والموطأ لمحمد بن الحسن
والآثار له ومسند أبي حنيفة لابن المقري اه‍ والكتاب الذي جمعه الحافظ قاسم في رجاله سماه الايثار في رجال
معاني الآثار كما في الرسالة المستطرفة وقد اعتنى بجمع أطرافه الحافظ بن حجر العسقلاني في كتابه إتحاف
المهرة بأطراف العشرة ورأيت منه نسخة عتيقة في خزانة الآصفية بحيدر آباد الدكن بالهند ومنه نسخة أخرى
في خزانة بير جهند وبحيدر آباد بباكستان انتهى -
الفائدة السادسة عشرة في أسانيد الاعلام إلى الامام في كتبه
قال الكوثري في الحاوي فرواية المشارقة لكتاب معاني الآثار للطحاوي بطريق الحافظ أبي بكر محمد بن
إبراهيم المقري الحنبلي صاحب مسند أبي حنيفة ومؤلف المعجم المشهور وبطريق أبي الفضيل محمد بن عمر الترمذي
كلاهما عن الطحاوي واما رواية المغاربة فبطريق أبي القاسم هشام بن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن الطحاوي
وهو حمل إليهم كتاب بيان مشكل الحديث المعروف بمشكل الآثار وكتاب الأشربة للطحاوي أيضا كما يظهر
من فهرس أبي بكر بن خير الإشبيلي وقد أطال السخاوي بيان ذكر أسانيده المتشعبة في معاني الآثار سماعا
المقدمة 59

لخصهما المحدث عبد القادر بن خليل المدني خطيب المنبر النبوي المعروف بكدك زاده في كتابه المطرب المعرب
الجامع لأسانيد أهل المشرق والمغرب وساق أسانيد جمع من شيوخه إلى الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي
جماعة عن جماعة في الكتاب إلى الطحاوي ويطول الكلام لو نقلناها كلها فليرجع من شاء إلى المطرب المعرب -
ثم ذكر الكوثري إسناديه إلى المحدث عبد القادر المذكور ثم قال وساق البدر العيني في شرحه سنده رواية عن
الزين تغري برمش الفقيه عن الجلال الخجندي عن العفيف عبد الله العبادي عن عبد الرحمن بن عبد الوليد اليلداني
عن الضياء المقدسي والخشوعي ومحمد بن عبد الهادي عن أبي موسى المديني سماعا على إسماعيل بن الفضل السراج
عن أبي الفتح منصور بن الحسين بن علي عن أبي بكر المقرئ عن الطحاوي وساق أبو الوليد محمد بن رشد الجد
سنده في كتاب مشكل الحديث للطحاوي قائلا حدثني به أبو علي الحسين بن محمد الغساني قال أخبرنا أبو عمر احمد
ابن يحيى بن الحارث قال أخبرنا أبي قال أخبرنا أبو القاسم هشام بن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن أبي جعفر
الطحاوي انتهى ما في الحاوي ذكر الشيخ عبد القادر في الجواهر المضية في ترجمة عبد الرحيم بن عبد العزيز بن
محمود بن محمد السديدي الزوزني القاضي المعروف بعماد الاسلام سمع معاني الآثار للطحاوي من محمد بن مؤيد
الخجندي الفقيه الحنفي بسماعه من عبد الرحيم بن أبي الفهم البلدي بسماعه من المشايخ الأربعة محمد بن عبد
الواحد المقدسي الحافظ ومحمد بن جعفر القرطبي وعبد الله الخشوعي ومحمد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن
قدامة إجازة قالوا كلهم انا الحافظ أبو موسى الأصبهاني إجازة انا إسماعيل بن الفضل السراج سماعا عليه انا
منصور بن الحسن بن علي التاجر أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الحافظ الامام انا الإمام أبو جعفر
الطحاوي انتهى وذكر في ترجمة محمد بن عمر بن عبد الملك بن عبد العزيز الصفار شيخ صاحب الهداية سمع شرح
الآثار للطحاوي على القاضي الامام أبي بكر محمد علي بن الفضل الزرنجري سنة عشر وخمس مائة بروايته عن
الأستاذ شيخ الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني عن الرئيس أبي بكر محمد بن حمدان السويحي عن
إبراهيم محمد بن سعد بن إبراهيم النوحي البريدي عن الطحاوي انتهى وقال في ترجمة محمد بن عمر بن حمدان أبي
بكر السويحتي روى عنه شمس الأئمة الحلواني شرح معاني الآثار بسماعه من الامام أبي إبراهيم محمد بن سعيد
ابن إبراهيم اليزيدي بسماعه من الطحاوي وذكر في ترجمة شمس الأئمة الحلواني عبد العزيز بن أحمد وحدث
بشرح معاني الآثار عن أبي بكر محمد بن عمر بن حمدان عن الامام أبي إبراهيم محمد بن سعيد الترمذي عن
الطحاوي وذكر الشيخ عبد القادر في الجواهر سنده إلى الطحاوي في ترجمة محمد بن أيوب المقرئ الملقب
بدر الدين وقال روى لنا عنه بدر الدين أبو عبد الله محمد بن منصور بن إبراهيم عرف بابن الجوهري قرأت عليه
العقيدة لأبي جعفر الطحاوي سنة سبع عشرة وسبع مائة بجامع الأزهر بسماعه من محمد بن أيوب هذا بسماعه
من رئيس الأصحاب أبي القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله في سنة ثلاث وخمسين وست مائة بحلب أخبرنا أبو
الخطاب عمر بن أيلمك انا الشريف النسابة محمد بن أسعد بن علي الحسيني حدثنا أبو الطاهر عبد المنعم بن موهوب
ابن أحمد بن المقري سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة بالجامع بمصر أخبرنا أبو الحسن الثكلي في سنة حمس عشرة
وخمس مائة انا الخليل العالم أحمد بن القاسم بن ميمون العبيدلي بمصر سنة ستين وأربعمائة انا جدي الشريف
القاضي العدل ميمون بن حمزة الحسني العبيدلي بمصر قال: قال شيخنا الامام العلم أبو جعفر الطحاوي بمصر
المقدمة 60

انتهى من الجواهر - وقال الشيخ سالم في كتاب الامداد في ما جمع من أسانيد والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن
سالم البصري المكي - واما شرح معاني الآثار فيرويه عن الشيخ البابلي عن الزين عبد الله بن محمد النحريري
الحنفي عن الجمال يوسف بن زكريا عن أبيه عن أبي الفضل بن حجر عن الشريف أبي الطاهر بن الكويك عن
زينب بنت الكمال المقدسية عن محمد بن عبد الهادي عن الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني عن أبي
الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج عن أبي الفتح منصور بن الحسين التأني بالمثناة الفوقية عن الحافظ
أبي بكر محمد بن إبراهيم المقري عن الامام الحافظ أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي رحمه الله
تعالى انتهى وقال الشوكاني في إتحاف الأكابر في حرف الميم معاني الآثار للطحاوي أرويها بالاسناد المتقدم في
أول الكتاب إلى البابلي فذكر الاسناد المذكور وقال في حرف الشين شرح معاني الآثار للطحاوي أرويه بهذا
الاسناد إلى البابلي فذكره بنحوه وقال في أول حرف الشين في الشاطبية أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد
عن شيخه محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله البصري عن أبيه عن الشيخ محمد البابلي وهكذا ذكر
الاسناد إلى البابلي في أول الكتاب في احياء الغزالي - وقال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن الكردي
الكوراني الشهرزوري في كتاب الأمم عقيدة الامام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي أرويها إلى
الحافظ الدمياطي عن الحافظ منصور بن سليم الهمداني عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعي عن
عبد الله بن جرير الكاتب عن الحافظ المؤرخ أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني عن القاضي منصور
أحمد بن محمد الحازمي السرخسي إجازة عن الإمام محمد بن علي بن الحسين السرخسي عن القاضي أبي محمد
عبد الله بن عمر الأكفاني عن أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني عن الطحاوي وذكر سنده إلى الدمياطي في
سند صحيح مسلم وغيره فارجع إلى كتابه الأمم -
المقدمة 61

شرح
معاني الآثار
للامام
أبي جعفر، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي
الحجري المصري للطحاوي الحنفي
المولود سنة 229 ه‍ - والمتوفى سنة 321 ه‍
الجزء الأول
حققه وعلق عليه
محمد السيد جاد الحق
من علماء الأزهر الشريف
دار الكتب العلمية
1

بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الامام الهمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي المصري
صاحب معاني الآثار
الحمد لله الذي شيد اعلام الدين الحنيفي بكتابه المبين واحكم أصول احكامه بمحكمات بيناته الموجبة لليقين
والصلاة والسلام على نبيه المبعوث إلى كافة العالمين الذي بعثه في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويرشدهم إلى
الدين ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا لفي ضلال مبين.
فمحا بأحاديثه - الباهرة الظاهرة الفائحة اللائحة المشهود لها بأنه لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى -
ريب المرتابين وما حاك في صدور المبتدعين وصحح بصحاح حديثه سقم قلوب العاملين ورفع بطرق حسانه اعلام الدين.
فنرى الاسناد في الروايات للعدول الثقات العارفين سببا متصلا إلى اللحوق بسيد المرسلين خاتم النبيين
وموجبا للنجاة والفوز بما فاز به الفائزون من حملة الشريعة وأساطين الدين.
فطوبى لمن اعتصم بحبل الله المتين واستمسك بعرى أحاديث خير المبلغين فإنه الفوز العظيم والتشريف الجسيم
وبعد فاعلم - وفقك الله وإيانا وجعل آخرتنا خيرا من أولانا - ان علماء الدين والأئمة والمجتهدين بذلوا جهدهم
في تحقيق المسائل الشرعية وتدقيق النظائر الفرعية واستنبطوا احكام الفروع عن الأدلة الأربعة. فاتفاقهم حجة قاطعة،
واختلافهم رحمة واسعة، قوام الدين بهم وثبات الشرع بفقههم.
فمنهم أصحاب الطبقة العالية في الاجتهاد، وهم الذين صادف الدين منهم أقوى عماد، وضعوا المسائل على حسب
قواعد أصولهم، وهذبوا مسائل الاجتهاد مع تنقيح طرق النظر على مذاهبهم، يستبدون في استنباط الاحكام من
الكتاب والسنة والاجماع والقياس من غير تقليد في الأصول ولا في الفروع لأحد من الناس، وأحوالهم متفاوتة
في اشتهار مذاهبهم واعتبار مشاربهم.
فممن شاع مذهبهم في الاعصار وأشهر آثار علمهم في الأقطار والأمصار، إمامنا الأعظم، وهمامنا الأقدم
الأفخم، نعمان الكوفي، ومالك بن انس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وابن أبي ليلى
محمد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأوزاعي.
ولكن الله خص من بينهم الأئمة الأربعة أبا حنيفة ومالكا والشافعي وابن حنبل، بحيث منع العلماء تقليد
غيرهم إذ لم يدر مثلهم في غيرهم من المجتهدين إلى الآن لاندراس مذاهبهم ولانقراض أصحاب غيرهم وتعذر نقل مذاهبهم.
والحاصل ان هؤلاء الأربعة الجلة انخرقت بهم العادة على معنى الكرامة عناية من الله لهم إذا قيست أحوالهم
بأحوال أضرابهم.
فاشتهار مذاهبهم في ظهور الآفاق، واعتبار أصولهم وفروعهم في بطون الأوراق، واجتماع القلوب على الاخذ بها
3

مر الدهور دون ما سواها، مما يشهد بصلاح نيتهم، وحسن طويتهم، وجليل سيرتهم، وجميل سريرتهم.
لا سيما الامام الأعظم، والقرم الهمام الأقدم، سراج الملة، وقمر الأئمة، أبو حنيفة بن ثابت، ثبته الله في أخراه
بالقول الثابت.
قد خصه الله بعنايته إلى آخر الدهر ونهايته، حتى شاع علمه واشتهر مذهبه لكثرة المجتهدين في ذاهبي
ما يذهبه وأظهر علوم التشرع بين المسلمين ونشر احكام الفروع بين المؤمنين.
فإنه أول من فرع في الفقه وألف، وقد كتب الفروع وصنف، باتفاق أصحابه الملازمين إلى درسه، من مشاهير
العلماء المجتهدين، واجتماع أحزابه المختلفين إلى مجلسه من جماهير الفضلاء المتقدمين كالامام أبى يوسف،
والإمام محمد
، وزفر بن هذيل، وحسن بن زياد، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وحفص بن غياث، ويحيى بن
زكريا بن أبي زائدة، وأسد بن عمر القاضي، ونوح بن أبي مريم وأبي مطيع البلخي ويوسف بن خالد السميني
الذين أكثرهم من رواة البخاري وغيره، كابن المبارك ووكيع في آخرين، رحمة الله عليهم أجمعين.
فمذهبه خير المذاهب ومشربه خير المشارب، ولنعم ما قيل:
مذهب النعمان خير المذاهب * كالقمر الوضاح بين الكواكب
لفقه في خير القرون مع التقى * فمذهبه لا شك خير المذاهب
ويكفيك في فضل مذهبه وحسن مشربه ما أنشده تلميذه الشريف وصاحبه الغطريف البارع في الاخبار والآثار
القاضي بقضايا سيد الأبرار، الإمام أبو يوسف حماه الله في آجله كما حماه في عاجله عما يوسف:
حسبي من الخيرات ما أعددته * يوم القيامة في رضى الرحمن
دين النبي محمد خير الورى * ثم اعتقادي مذهب النعمان
ثم أقر بفضله الخصوم، وسلموا له في كل العلوم، حتى قال الامام مالك حين سئل عنه (عن أبي حنيفة رحمه
الله) رايته رجلا لو كلمك في هذه السارية ان يجعلها ذهبا لقام بحجته.
وقال أيضا: ان أبا حنيفة لأهل الفقه خير مؤنس.
وقال الإمام الشافعي: " الناس كلهم عيال على أبي حنيفة في الفقه " وأنشد في حقه:
لقد زان البلاد ومن عليها * امام المسلمين أبو حنيفة
بأحكام وآيات وفقه * كآيات الزبور على الصحيفة
فما بالمشرقين له نظير * ولا بالمغربين ولا بكوفة
إماما كان للاسلام بحرا * أمينا للنبي وللخليقه
وكان الإمام أحمد بن حنبل كثيرا ما يذكر فضله، ويترحم عليه، ويبكي في زمن محنته، وأنشد في فضل شمائله شعرا:
واني لا أحصي ثناء خصاله * ولو أن أعضائي جميعا تكلم
4

وكل واحد من هؤلاء الأئمة، وإن كان إماما متفقا عليه، ولكنهم لم يصلوا - ولا غيرهم - معشار ما وصل إليه:
وليس على الله بمستنكر * ان يجمع العالم في واحد
فأصحابنا الحنيفة - عاملهم الله بألطافه الخفية - هم السابقون في الفقه والاجتهاد، ولهم الرتبة العليا في الفقه
والحديث والارشاد، وهم الربانيون في علم الكتاب والسنة وملازمة القدوة ومجانبة الهوى والبدعة، ولزوم طريق
السنة والجماعة، الذي كان عليه الصحابة والتابعون، ومضى عليه السلف الصالحون.
فالطريق المتباهى في أصول الشريعة وفروعها على الكمال، هو طريق أصحابنا بحمد الله المهيمن المتعال،
انتهى إليهم الدين بكماله، وقام الشرع بفتواهم إلى آخر الدهر بخصاله.
ثم إن من المجتهدين الذين ذهبوا إلى ما يذهبه الامام الهمام، وسلموا له الأصول وقلدوه في الاحكام - هذا
المصنف المصنف العلامة الحجة هادي الناس إلى المحجة، قامع الهوى والبدعة، الجامع بين التحديث والفقاهة،
الجليل قدره، والجميل ذكره، عظيم الشأن، قوى البرهان، عالم القرآن، حافظ أحاديث الرسول إلى الإنس والجان
الذي سلم له الفقهاء والمحدثون أجمعون، ومما أفاد في مصنفاته البديعة من الفوائد البهية يستضيئون. وفاق الاقران
في الحفظ والاتقان، وسبقهم في استنباط الاحكام، من السنة والقرآن، الامام الجليل، والعالم النبيل، صاحب
معاني الآثار، وقد يقال له شرح معاني الآثار، الإمام أبو جعفر الطحاوي الحنفي، رحمة الله عليه مر الأيام والليالي.
فمن الواجب علينا ان نذكر ترجمته في مقدمة كتابه، كي يطمئن المؤمنون بنباهته، ويؤمن المنكرون بنبالته،
فأقول - سائلا من الله المنان - العصمة في هذا الشأن، وطالبا منه توفيق تحرير الجمل الجميلة، في أثناء البيان،
إذ لا آمن على نفسي من السهو والخطأ والنسيان، فإنه قلما ينجو منه من افراد الانسان آخذا مما أفاده صاحب
الكمال الجلي المحقق المحدث الجلال السيوطي في (حسن المحاضرة في اخبار مصر والقاهرة) والحافظ الامام الذهبي
في التذكرة، والعلامة الفهامة محمود بن سليمان الكفوي في طبقاته وصاحب العلم الباهر والفضل الظاهر المحدث المكي
على القارئ في طبقاته، والعلامة الماهر الشيخ عبد القادر في طبقاته والسمعاني في أنسابه، وابن خلكان في
تاريخه والإتقاني في (غاية البيان) واليافعي في (مرآة الجنان).
هو الامام حافظ الاسلام خاتمة الجهابذة النقاد الاعلام شيخ الحديث وطبيب علله في القديم والحديث،
أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن سليمان بن خباب الأزدي الحجري المصري، أبو جعفر
الطحاوي الحنفي، الفقيه الامام الحافظ، تكرر ذكره في (الهداية) و (الخلاصة).
والأزدي، بفتح الهمزة، وسكون الزاي المعجمة، نسبة إلى أزد شنوءة، وهو أزد بن غوث، ونسبة إلى أزد
ابن عمران، ونسبة إلى أزد الحجر، وهي نسبة أبى جعفر الطحاوي.
والحجري بفتح الحاء المهملة، وسكون الجيم في آخرها راء، هذه النسبة إلى ثلاث قبائل، اسم كل واحد منها
حجر، أحدا حجر بن وحير، وثانيها حجر ذي رعين، وثالثها حجر الأزد، منهم الحافظ المصري الطحاوي،
كان ثقة نبيلا من أوعية الحديث، كذا ذكره الشيخ عبد القادر في الطبقات.
وقال المجد في قاموسه: (ومن حجر الأزد الحافظان، عبد الغنى: والامام أبو جعفر الطحاوي) انتهى بلفظه.
5

والمصري بكسر الميم وسكون الصاد، في آخرها راء، نسبة إلى مصر، وسميت بها، لأنها بناها، المصر بن
نوح ونسب إليها كثير من العلماء، ولها تاريخ في أهلها والواردين عليها.
والطحاوي: بفتح الطاء والحاء المهملتين، وبعد الألف واو، نسبة إلى (طحا) قرية بأسفل ارض مصر،
ينسب إليها جماعة.
منهم، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحجري الطحاوي صاحب (شرح معاني الآثار)
كان إماما فقيها من الحنفيين، ولد سنة تسع وعشرين ومئتين، ومات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، صحب
خاله المزني، وتفقه عليه ثم ترك مذهبه وصار حنفي المذهب وكان إماما ثقة عاقلا، لم يخلف مثله، كذا ذكره
السمعاني وغيره، كان مرجعا لعلم الحديث، ووعاء لعلوم الدين، ذكره السيوطي في حفاظ الحديث.
قال (وكان ثقة ثبتا فقيها لم يخلف بعده مثله، انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر) انتهى.
برع في الفقه والحديث، وصنف التصانيف البديعة، والكتب المفيدة.
قال الشيخ أبو إسحاق: (انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر).
وقال غيره: كان شافعي المذهب، يقرا على المزني، فقال له يوما (والله لا جاء منك شئ) فغضب أبو جعفر
من ذلك، وانتقل إلى ابن أبي عمران فلما صنف مختصره، قال: (رحم الله أبا إبراهيم (يعنى المزني) لو كان حيا،
لكفر عن يمينه).
وذكر أبو يعلى الخليلي في كتاب (الارشاد) في ترجمة المزني: ان الطحاوي ابن أخت المزني، وان محمد بن أحمد
الشروطي قال للطحاوي: (لم خالفت مذهب خالك) قال: لأنه كان يديم النظر في كتب الامام أبي حنيفة)،
كذا في (مرآة الجنان) و (وتاريخ ابن خلكان).
قال الذهبي في (تذكرة الحفاظ) وكان رحمه الله، ثقة ثبتا فقيها عالما ولم يخلف مثله.
قال أبو إسحاق الشيرازي في الطبقات: انتهت إلى أبى جعفر رياسة أصحاب أبي حنيفة بمصر) إلى آخر
ما أوردناه عن اليافعي.
قال العلامة الكفوي في الطبقات - بعدما عده من أهل الطبقة الثانية - من أصحابنا (هو الشيخ الامام،
جليل القدر، مشهور في الآفاق، ذكره الجميل مملوء في بطون الأوراق) إلى أن قال: وتفقه في مذهب أبي حنيفة
وصار إماما، اخذ الفقه عن أبي جعفر أحمد بن أبي عمران عن محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ثم خرج
إلى الشام، فلقى بها أبا حازم عبد الحميد، قاضى القضاة بالشام، واخذ عن أبي حازم، عن عيسى بن أبان، عن محمد
ابن الحسن، عن أبي حنيفة.
وكان رحمه الله إماما في الأحاديث والاخبار، سمع الحديث من خلق كثير، من المصريين والغرباء القادمين
إلى مصر، منهم سليمان بن شعيب الكيساني، وأبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي.
وتفقه عليه الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني، والشيخ الإمام أبو طالب سعيد بن محمد
البردعي، وابنه أبو الحسن علي بن أحمد الطحاوي انتهى.
6

قال الشيخ عبد القادر في الطبقات: تفقه أولا على خاله المزني، وروى عنه مسند الشافعي وسمع الحديث من
خلق من المصريين والواردين على مصر، منهم سليمان بن شعيب الكيساني، وأبوه محمد بن سلامة، ويونس بن
عبد الأعلى الصدفي، شارك مسلما وأكثر الرواية عنه، وجمع بعضهم مشايخه في جزء وروى عنه الخلق الكثير.
فمنهم أبو محمد عبد العزيز بن محمد التميمي الجوهري قاضى الصعيد وأحمد بن القاسم بن عبد الله البغدادي المعروف
بابن الخشاب الحافظ، وأبو بكر مكي بن أحمد البردعي، وأبو القاسم، مسلمة بن القاسم بن إبراهيم القرطبي،
وأبو القاسم عبيد الله بن علي الداودي القاضي، والحسن بن القاسم بن عبد الرحمن، وأبو محمد المصري الفقيه، وابن أبي
العوام القاضي الكبير، وأبو الحسن محمد بن أحمد الأخميمي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ الحافظ.
وسمع منه كتابه (معاني الآثار) ابنه أبو الحسن علي بن أحمد الطحاوي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن
أيوب الطبراني، صاحب المعجم، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد المصري الحافظ، وأبو بكر محمد بن جعفر بن
الحسين البغدادي الحافظ، المعروف ب‍ (غندر) في آخرين من أهل الصلاح والدين، وجمع بعضهم من روى عنه
في جزء، انتهى محصل كلامه.
قال العلامة الكفوي: كان رحمه الله عالما بجميع مذاهب الفقهاء، وكان اعلم الناس بسير الكوفيين واخبارهم.
وقال المحدث القاري في الطبقات: ونقل عن ابن عبد البر أنه قال: كان الطحاوي كوفي المذهب، عالما بجميع
مذاهب العلماء.
وقال الإتقاني في (غاية البيان) لا معنى لإنكارهم على أبى جعفر فإنه مؤتمن لا متهم، مع غزارة علمه،
واجتهاده، وورعه، وتقدمه في معرفة المذاهب وغيرها، فان شككت في امره فانظر (شرح معاني الآثار)
هل ترى له نظيرا في سائر المذاهب فضلا عن مذهبنا، انتهى.
مؤلفاته
وله رحمه الله تصانيف معتمدة، ومسانيد معتبرة، لم يأت بمثلها أحد من الفحول، وتلقاها أهل الفقه
والحديث بالقبول.
فمنها (1) " معاني الآثار " وشرحه بدر المحدثين الامام العيني، كما شرح البخاري في مجلدات كبار، واعتنى بأسماء
رجاله، زين المحدثين زين الدين المعروف بابن الهمام، الثاني الشيخ قاسم بن قطلو بغا الحنفي (2) و " بيان مشكل الآثار "
قال المحدث القاري في الطبقات: الأول، أول تصانيفه. والثاني آخر تصانيفه (3) و " احكام القرآن " في نيف
وعشرين جزءا (4) والمختصر في الفقه، وولع الفضلاء بشرحه. وعليه عدة شروح (5) وشرح الجامع الكبير (6)
وشرح الجامع الصغير (7) وله كتاب الشروط الكبير (8) والشروط الأوسط (9) والشروط الصغير (10) وله
المحاضر والسجلات (11) والوصايا (12) الفرائض وله (13) نقض كتاب المدلسين على الكرابيسي (14) وكتاب
أصله كتب العزل (15) والمختصر الكبير (16) والمختصر الصغير وله (17) تاريخ كبير وله (18) مجلد في مناقب
الامام الأقدم، وفضائل الهمام الأعظم الأفخم، نائل الدرجات العلى بشهادة لو كان العلم عند الثريا كما رواه أهل الفضل
7

والتقى فخر الأمة المحمدية وناشر السنة المصطفوية، قوام الفقهاء والمحدثين، ومعظم أهل الصلاح والدين، إمامنا وامام
المسلمين، من لدن عهد التابعين إلى يوم الدين، أبي حنيفة الصوفي التابعي الكوفي، رحمة الله عليه، وعلى من يحبه
ويترحم عليه وله (19) في القرآن الف ورقة، حكاه صاحب الكمال القاضي عياض في الاكمال وله (20) النوادر
الفقهية في عشرة اجزاء وله (21) الحكايات في نيف وعشرين جزءا وله (22) حكم ارض مكة وله (23) قسم الفئ
والغنائم وله (24) الرد على عيسى بن أبان في كتابه الذي سماه خطأ الكتب وله (25) الرد على أبى عبيد فيما أخطأ
فيه، في كتاب النسب وله (26) اختلاف الروايات على مذهب الكوفيين.
يقول المترجم الراجي شفاعة شافع الأمم وصى احمد السورتي موطنا، والحنفي مذهبا، الذي لاحظ له من
الحسنات الا تعمير ما اندرس من أبنية ألفاظ اخبار سيد المرسلين وتدبير تجديد انطمس من أساس آثار خاتم
النبيين - انى قد تشرفت من مصنفاته بمطالعة (معاني الآثار) فرأيته وضعه على نمط منشط لم يظفر به أحد من أولى
الاخبار وأودع فيه ما يكشف به قناع خرائد الاخبار ويعرف به رموز أبكار الآثار وسرد فيه الأحاديث بألفاظ
رائقة تقر بسماعها عيون الاسماع وسلك في سردها مسالك معجبة فائقة تطرب لملاحظتها الطباع ووجدته عينا تجرى
منها أنهار الآثار أو محيطا تتشعب منه بحار الاخبار وشاهدته بحرا فيه فرائد اللآلئ النفيسة وقصرا فيه خرائد الفوائد
الشريفة ينطق بفضل مصنفه وقوة حفظه وإتقانه وينادى بأعلى نداء بمهارة مؤلفه في فنون الحديث بحيث لا يكاد
يقاربه من سواه من أهل الحديث وقد سلك فيه مسلك خير الأوصاف وتجنب عن طريق الاعتساف، وأورد فيه
ما هو الأليق الأنيق، ورجح ما هو عنده الحق الحقيق خلاف ما يزعمه بعض الزاعمين من معاصرينا، وتفوه في بعض
مؤلفاته من أنه عزل النظر في بعض المواضع عن التحقيق وسلك المسلك الغير الأنيق.
ولعل منشأ هذا قلة الاعتناء بشأن كلامه أو سوء الفهم في درك مرامه فان تصانيفه لما فيها من الغموضة والدقة
كما لا يخفى على المهرة، لا يظهر على ما فيها ظهورا واقعيا الا أولو الطبائع السليمة المجبولة على السلامة،
وكم من عائب قولا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم
وكيف يظن به ما ظن به، وانه قد أوتي في علوم الأحاديث والاخبار سعة باع (1) لم يؤت أحد مذ أوتي إلى هذا
الآن وأعطى في متون الآثار وطرقها كثرة اطلاع لم يعط أحد منذ أعطي إلى هذا الزمان مع ما رزق من النظر الصائب
والفكر الثاقب ولقد فاق من سواه من المحدثين حيث رزق الفقه في الدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا
يفقهه في الدين " ومع هذا فمن أساء الأدب في جنابه الأطهر، ونسب إلى حضرته عزل النظر، فهو - في الحقيقة -
عازل النظر وفاقد البصر ومن أعمى الله بصر بصيرته، فلم ير هذه الشمس الا مظلمة فليبك على نفسه، وأي ذنب
للشمس ان لم يرها الخفاش؟!.
ولى غرضي من هذا الكلام، الحط على ذلك الزاعم المرجع للعوام، فان هذا من عادة اللئام، بل الذب عن
هذا الامام، وتحذير الأنام عن أن يتبعوه في مثل هذا المقام.

(1) الباع قد رمد اليدين والجمع (أبواع).
8

فيا اخوان الاسلام، إياكم إياكم ان تذعنوا له فيما أدرج في مؤلفاته من النقص والحط على العلماء الكرام،
أو ان تسلموا له فيما خالف فيه أساطين الملة وحملة الشريعة، أئمتنا الفخام.
هذا، وله - رحمه الله - مناقب أكثر من أن يحصرها الحاصر، كتب العلماء عنها مملوءة، وأسفار الفضلاء
بها مشحونة.
وإنما اكتفينا بهذا القدر من المآثر، شفقة على الناظر.
قال المترجم: انى قد حضرت بعد ما فرغت من الكتب الدرسية حضرة سيد الفقهاء، علامة الزمان، ترجمان
الحديث والقرآن، حافظ الوقت، مولانا الحافظ، الشيخ المحدث، احمد على السهارنفوري، تغمده الله بالغفران
المعنوي والصوري، لتحصيل الفن الشريف، والعلم المنيف، الذي أحاديثه خير الأحاديث، أعني فن الحديث.
قرأت عليه الأمهات الست، وموطأ الإمام محمد، قراءة وسماعة، ورضى عنى ورضيت عنه، فأجازني بمروياته
ومسموعاته إجازة عامة، وأمرني بتدريسه وبالاشتغال بنشره، ودعا لي بالبركة، فرخصني.
وقد من الله علي بان قرا علي بعد فراغي عنه بعض الأذكياء، صحيح البخاري، وسنن ابن ماجة، وموطأ
الإمام محمد، ووفقني لخدمة كتبه.
فأول ما ابتدأت به تحشية سنن النسائي، فجاء - بحمد الله - كما ينبغي، ثم تصحيح أصل هذا المسند
للطحاوي، وأزينه - إن شاء الله - ببعض تعليقاتي وهذا هو مأمولي، فالحمد لله الذي أنعم علينا بعلم أحاديث
خير الأنام، وأغنانا وإخواننا الحنفاء بنقود الآثار المروية، لأبي جعفر الامام.
9

بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي رحمة الله عليه: سألني بعض أصحابنا من أهل العلم
أن أضع له كتابا أذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله (ص) في الاحكام التي يتوهم أهل الالحاد والضعفة من أهل
الاسلام أن بعضها ينقض بعضا لقلة علمهم بناسخها من منسوخها وما يجب به العمل منها لما يشهد له من الكتاب
الناطق والسنة المجتمع عليها وأجعل لذلك أبوابا أذكر في كل كتاب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ وتأويل العلماء
واحتجاج بعضهم على بعض وإقامة الحجة لمن صح عندي قوله منهم بما يصح به مثله من كتاب أو سنة أو إجماع
أو تواتر من أقاويل الصحابة أو تابعيهم.
وإني نظرت في ذلك وبحثت عنه بحثا شديدا، فاستخرجت منه أبوابا على النحو الذي سأل، وجعلت ذلك
كتبا، ذكرت في كل كتاب منها جنسا من تلك الأجناس.
فأول ما بدأت بذكره من ذلك ما روى عن رسول الله (ص)
في الطهارة
فمن ذلك باب الماء يقع فيه النجاسة.
حدثنا محمد بن خزيمة بن راشد البصري قال ثنا الحجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق
عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ من بير بضاعة فقيل يا رسول الله
إنه يلقى فيه الجيف والمحائض فقال إن الماء لا ينجس.
حدثنا إبراهيم بن أبي داود وسليمان أبو داود الأسدي قالا ثنا أحمد بن خالد الوهبي قال ثنا محمد بن إسحاق
عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله إنه يستقى
لك من بير بضاعة وهي بير يطرح فيها عذرة الناس ومحائض النساء ولحم الكلاب فقال إن الماء طهور
لا ينجسه شئ.
11

حدثنا إبراهيم قال ثنا عيسى بن إبراهيم البركي قال ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال ثنا مطرف عن خالد
ابن أبي نوف عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بير بضاعة
فقلت يا رسول الله أنتوضأ منها وهي يلقى فيها ما يلقى من النتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ.
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى
الأسلمي عن أمه قالت دخلنا على سهل بن سعد في أربع نسوة فقال لو سقيتكم من بير بضاعة لكرهتم ذلك
وقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بيدي.
حدثنا فهد بن سليمان بن يحيى قال محمد بن سعيد الأصبهاني قال أنا شريك بن عبد الله النخعي عن طريف
البصري عن أبي نضرة عن جابر أو أبي سعيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرنا فانتهينا إلى غدير وجيفة
فكففنا وكف الناس حتى أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالكم لا تستقون فقلنا يا رسول الله هذه الجيفة
فقال استقوا فإن الماء لا ينجسه شئ فاستقينا وارتوينا.
فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا لا ينجس الماء شئ وقع فيه إلا أن يغير لونه أو طعمه أو ريحه
فأي ذلك إذا كان فقد نجس الماء
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أما ما ذكرتموه من بير بضاعة فلا حجة لكم فيه لان بير بضاعة قد اختلفت فيها
ما كانت فقال قوم كانت طريقا للماء إلى البساتين فكان الماء لا يستقر فيها فكان حكم مائها كحكم ماء الأنهار وهكذا
نقول في كل موضع كان على هذه الصفة وقعت في مائه نجاسة فلا ينجس ماؤه إلا أن يغلب على طعمه أو لونه
أو ريحه أو يعلم أنها في الماء الذي يؤخذ منها فإن علم ذلك كان نجسا وإن لم يعلم ذلك كان طاهرا
وقد حكى هذا القول الذي ذكرناه في بير بضاعة عن الواقدي حدثنيه أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي
عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي أنها كانت كذلك
وكان من الحجة في ذلك أيضا أنهم قد أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البير فغلبت على طعم مائها أو ريحه
أو لونه أن ماءها قد فسد
وليس في حديث بير بضاعة من هذا شئ إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بير بضاعة فقيل له إنه يلقى فيها
الكلاب والمحائض فقال إن الماء لا ينجسه شئ
ونحن نعلم أن بيرا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالا أن لا يتغير ريح مائها وطعمه هذا مما
يعقل ويعلم
فلما كان ذلك كذلك وقد أباح لهم النبي صلى الله عليه وسلم ماءها وأجمعوا أن ذلك لم يكن وقد داخل الماء التغيير من جهة
من الجهات اللاتي ذكرنا استحال عندنا والله أعلم أن يكون سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن مائها وجوابه
إياهم في ذلك بما أجابهم كان والنجاسة في البير
12

ولكنه والله أعلم كان بعد أن أخرجت النجاسة من البير فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك هل تطهر بإخراج
النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك وذلك موضع مشكل لان حيطان البير لم تغسل وطينها
لم يخرج فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إن الماء لا ينجس يريد بذلك الماء الذي طرأ عليها بعد إخراج النجاسة منها لا أن
الماء لا ينجس إذا خالطته النجاسة وقد رأيناه صلى الله عليه وسلم قال المؤمن لا ينجس. حدثناه بن أبي داود قال ثنا المقدمي
قال ثنا ابن أبي عدي عن حميد ح وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا الحجاج بن منهال قال ثنا حماد عن حميد عن بكر عن
أبي رافع عن أبي هريرة قال لقيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جنب فمد يده إلي فقبضت يدي عنه وقلت إني
جنب
فقال سبحان الله إن المسلم لا ينجس وقال عليه السلام في غير هذا الحديث إن الأرض لا تنجس.
حدثنا بذلك أبو بكرة بكار بن قتيبة البكرلوي قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عقيل الدورقي قال ثنا
الحسن أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهم قبة في المسجد فقالوا يا رسول الله قوم أنجاس
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليس على الأرض من أنجاس الناس شئ إنما أنجاس الناس على أنفسهم
فلم يكن معنى قوله المسلم لا ينجس يريد بذلك أن بدنه لا ينجس وإن أصابته النجاسة إنما أراد أنه
لا ينجس لمعنى غير ذلك
وكذلك قوله الأرض لا تنجس ليس يعني بذلك أنها لا تنجس وإن أصابتها النجاسة
وكيف يكون ذلك وقد أمر بالمكان الذي بال فيه الاعرابي من المسجد أن يصب عليه ذنوب من ماء.
حدثنا بذلك أبو بكرة قال ثنا عمر بن يونس اليمامي قال ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
قال حدثني أنس بن مالك قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم مه مه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فتركوه حتى بال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له
إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول والعذرة إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن.
قال عكرمة أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رجلا فجاءه بدلو من ماء فشنه عليه.
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن يحيى بن سعيد أنه سمع أنس بن مالك
يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه غير أنه لم يذكر قوله إن هذه المساجد إلى آخر الحديث
13

وروى طاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمكانه أن يحفر.
حدثنا بذلك أبو بكرة بكار بن قتيبة البكراوي قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان بن عيينة عن
عمر بن دينار عن طاوس بذلك وقد روى عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أيضا.
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال ثنا أبو بكر بن عياش عن سمعان بن مالك الأسدي
عن أبي وائل عن عبد الله قال بال أعرابي في المسجد فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فصب عليه دلو من ماء ثم أمر به
فحفر مكانه.
قال أبو جعفر فكان معنى قوله إن الأرض لا تنجس أي أنها لا تبقى نجسة إذا زالت النجاسة منها لا أنه
يريد أنها غير نجسة في حال كون النجاسة فيها
فكذلك قوله في بير بضاعة إن الماء لا ينجسه شئ ليس هو على حال كون النجاسة فيها إنما هو
على حال عدم النجاسة فيها
فهذا وجه قوله صلى الله عليه وسلم في بير بضاعة الماء لا ينجسه شئ والله أعلم وقد رأيناه بين ذلك في غير هذا الحديث.
حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري وعلي بن شيبة بن الصلت البغدادي قالا حدثنا
عبد الله بن يزيد المقرئ قال سمعت بن عون يحدث عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أنه قال نهى أو نهي
أن يبول الرجل في الماء الدائم أو الراكد ثم يتوضأ منه أو يغتسل منه.
وحدثنا علي بن معبد بن سيرين نوح البغدادي قال ثنا عبد الله بن بكر السهمي قال ثنا هشام بن حسان
عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم
يغتسل فيه.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى أبو موسى الصدقي قال أخبرني أنس بن عياض الليثي عن الحارث بن أبي ذباب
وهو رجل من الأزد عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم
يتوضأ منه أو يشرب.
حدثنا يونس قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن عبد الله بن الأشج حدثه
أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل أحدكم في الماء
الدائم وهو جنب فقال كيف يفعل يا أبا هريرة فقال يتناوله تناولا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال ثنا
أبي عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم
الذي لا يجري ثم يغتسل منه
وكما حدثنا حسين بن نصر بن المقراك البغدادي قال ثنا محمد بن يوسف الفريابي قال ثنا سفيان رحمه الله
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن أبي الزناد فذكر بإسناده مثله
14

حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا عبد الله بن لهيعة قال ثنا عبد الرحمن
الأعرج قال سمعت أبا هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم
يغتسل منه.
حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال أنا حياة بن شريح قال
سمعت بن عجلان يحدث عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم في الماء
الراكد ولا يغتسل فيه.
حدثنا إبراهيم بن منقذ العصفري قال حدثني إدريس بن يحيى قال ثنا عبد الله بن عياش عن الأعرج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال ولا يغتسل فيه جنب.
وحدثنا محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو يوسف عن ابن أبي ليلى
عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد ثم يتوضأ فيه
قال أبو جعفر فلما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء الراكد الذي لا يجري دون الماء الجاري علمنا بذلك أنه إنما
فصل ذلك لأن النجاسة تداخل الماء الذي لا يجري ولا تداخل الماء الجاري
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في غسل الإناء من ولوغ الكلب ما سنذكره في غير هذا الموضع من
كتابنا هذا إن شاء الله تعالى فذلك دليل على نجاسة الاناء ونجاسة مائه وليس ذلك بغالب على ريحه ولا على لونه
ولا على طعمه
فتصحيح معاني هذه الآثار يوجب فيما ذكرنا من هذا الباب من معاني حديث بير بضاعة ما وصفنا لتتفق
معاني ذلك ومعاني هذه الآثار ولا تتضاد
فهذا حكم الماء الذي لا يجري إذا وقعت فيه النجاسة من طريق تصحيح معاني الآثار
غير أن قوما وقتوا في ذلك شيئا فقالوا إذا كان الماء مقدار قلتين لم يحمل خبثا واحتجوا في ذلك بما
حدثنا بحز بن نصر بن سابق الخولاني قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن الوليد بن
كثير المخزومي عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن
الماء وما ينوبه من السباع فقال إذا بلغ الماء قلتين فليس يحمل الخبث
وكما حدثنا الحسين بن نصر سمعت يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الحياض التي بالبادية تصيب منها السباع فقال
إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا.
حدثنا محمد بن الحجاج ثنا علي بن معبد ثنا عباد بن عباد المهلبي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
15

وكما حدثنا يزيد بن سنان بن يزيد البصري قال ثنا موسى بن إسماعيل قال أنا حماد بن سلمة عن محمد بن
إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يزيد قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا حماد بن سلمة أن عاصم بن المنذر أخبرهم قال كنا في بستان
لنا أو بستان لعبيد الله بن عبد الله بن عمر فحضرت الصلاة صلاة الظهر فقام إلى بير البستان فتوضأ منه وفيه
جلد بعير ميت فقلت أتتوضأ منه وهذا فيه
فقال عبيد الله أخبرني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم ينجس
وكما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا حماد بن سلمة فذكر بإسناده مثله غير أنه لم
يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأوقفه علي بن عمر
فقال هؤلاء القوم إذا بلغ الماء هذا المقدار لم يضره ما وقعت فيه من النجاسة الا ما غلب على ريحه
أو طعمه أو لونه
واحتجوا في ذلك بحديث بن عمر هذا فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة التي صححناها أن هاتين القلتين لم
يبين لنا في هذه الآثار ما مقدارهما
فقد يجوز أن يكون مقدارهما قلتين من قلال هجر كما ذكرتم ويحتمل أن تكونا قلتين أريد بها قلتا
الرجل وهي قامته فأريد إذا كان الماء قلتين أي قامتين لم يحمل نجسا لكثرته ولأنه يكون بذلك في معنى الأنهار
فإن قلتم إن الخبر عندنا على ظاهره والقلال هي قلال الحجاز المعروفة
قيل لكم فإن كان الخبر على ظاهره كما ذكرتم فإنه ينبغي أن يكون الماء إذا بلغ ذلك المقدار لا يضره
النجاسة وإن غيرت لونه أو طعمه أو ريحه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ذلك في هذا الحديث فالحديث على ظاهره
فإن قلتم فإنه وإن لم يذكر في هذا الحديث فقد ذكره في غيره فذكرتم ما (0) حدثنا محمد بن الحجاج
قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه
قيل لكم هذا منقطع وأنتم لا تثبتون المنقطع ولا تحتجون به فإن كنتم قد جعلتم قوله في القلتين على
خاص من القلال جاز لغيركم أن يجعل الماء على خاص من المياه فيكون ذلك عنده على ما يوافق معاني الآثار
الأول ولا يخالفها فإذا كانت الآثار الأول التي قد جاءت في البول في الماء الراكد وفي نجاسة الماء الذي في الاناء
من ولوغ الهر فيه عاما لم يذكر مقداره وجعل على كل ماء لا يجري ثبت بذلك أن ما في حديث القلتين هو
على الماء الذي يجري ولا ينظر في ذلك إلى مقدار الماء كما لم ينظر في شئ مما ذكرنا إلى مقداره حتى لا يتضاد
شئ من الآثار المروية في هذا الباب
وهذا المعنى الذي صححنا عليه معاني هذه الآثار هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد روى في ذلك عمن تقدمهم ما يوافق مذهبهم
16

فما روى في ذلك ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا منصور
عن عطاء أن حبشيا وقع في زمزم فمات فأمر بن الزبير فنزح ماؤها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجري
من قبل الحجر الأسود فقال بن الزبير حسبكم
وما قد حدثنا حسين بن نصر ثنا الفريابي ثنا سفيان أخبرني جابر عن أبي الطفيل قال وقع غلام في
زمزم فنزفت أي نزح ماؤها.
وما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن
ميسرة أن عليا رضي الله عنه قال في بير وقعت فيها فأرة فماتت قال ينزح ماؤها
وما قد حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني قال ثنا علي بن معبد قال ثنا موسى بن أعين عن عطاء
عن ميسرة وذا ذان عن علي رضي الله عنه قال إذا سقطت الفأرة أو الدابة في البير فانزحها حتى
يغلبك الماء.
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أبي المهزم قال سألنا أبا هريرة عن الرجل يمر بالغدير
أيبول فيه قال لا فإنه يمر به أخوه المسلم فيشرب منه ويتوضأ وإن كان جاريا فليبل فيه إن شاء
وما قد حدثنا محمد قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة مثله
وما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا سفيان عن زكريا عن الشعبي في الطير والسنور
ونحوهما يقع في البير قال ينزح منها أربعون دلوا.
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي ثنا سفيان عن زكريا عن الشعبي قال ينزح منها أربعون دلوا.
وما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن عبد الله بن سبرة الهمداني
عن الشعبي قال يدلو منها سبعين دلوا
وما قد حدثناه فهد بن سليمان قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال ثنا حفص بن غياث النخعي عن عبد الله
بن سبرة الهمداني عن الشعبي قال سألناه عن الدجاجة تقع في البير فتموت فيها قال ينزح منها سبعون دلوا.
وما قد حدثنا صالح قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا مغيرة عن إبراهيم في البير يقع فيه
الجرذ أو السنور فيموت قال يدلو منها أربعين دلوا قال المغيرة حتى يتغير الماء
وما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا الحجاج قال ثنا أبو عوانة عن المغيرة عن إبراهيم في فأرة وقعت في بير
قال ينزح منها قدر أربعين دلوا
وما قد حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان عن المغيرة عن إبراهيم في البير تقع فيه
الفأرة قال ينزح منها دلاء
17

وما قد حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان أنه قال في دجاجة وقعت
في بير فماتت قال ينزح منها قدر أربعين دلوا أو خمسين ثم يتوضأ منها
فهذا من روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم قد جعلوا مياه الآبار نجسة بوقوع النجاسات
فيها ولم يراعوا كثرتها ولا قلتها وراعوا دوامها وركودها وفرقوا بينها وبين ما يجري مما سواها
فإلى هذه الآثار مع ما تقدمها مما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب أصحابنا في النجاسات التي تقع في الآبار
ولم يجز لهم أن يخالفوها لأنه لم يرو عن أحد خلافها
فإن قال قائل فأنتم قد جعلتم ماء البير نجسا بوقوع النجاسة فيها فكان ينبغي أن لا تطهر تلك البير أبدا لان
حيطانها قد تشربت ذلك الماء النجس واستكن فيها فكان ينبغي أن
تطم قيل له لم تر العادات جرت على هذا قد فعل عبد الله بن الزبير ما ذكرنا في زمزم بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم
ينكروا ذلك عليه ولا أنكره من بعدهم ولا رأى أحد منهم طمها وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاناء الذي قد نجس
من ولوغ الكلب فيه أن يغسل ولم يأمر بأن يكسر وقد شرب من الماء النجس
فكما لم يؤمر بكسر ذلك الاناء فكذلك لا يؤمر بطم تلك البير.
فإن قال قائل فإنا قد رأينا الاناء يغسل فلم لا كانت البير كذلك
قيل له إن البير لا يستطاع غسلها لان ما يغسل به يرجع فيها وليست كالإناء الذي يهراق منه ما يغسل به
فلما كانت البير مما لا يستطاع غسلها وقد ثبت طهارتها في حال ما وكان كل من أوجب نجاستها بوقوع
النجاسة فيها وقد أوجب طهارتها بنزحها وإن لم ينزح ما فيها من طين
فلما كان بقاء طينها فيها لا يوجب نجاسة ما يطرأ فيها من الماء وإن كان يجري على ذلك الطين كان إذا ما بين
حيطانها أحرى أن لا ينجس ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما طهرت حتى تغسل حيطانها ويخرج طينها
ويحفر فلما أجمعوا أن نزح طينها وحفرها غير واجب كان غسل حيطانها أحرى أن لا يكون واجبا
وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب سؤر الهر
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله بن وهب أن مالكا حدثه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت بن أبي قتادة أن أبا قتادة دخل
عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه فأصغى لها أبو قتادة الاناء حتى شربت
قال كبشة فرآني أنظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي قالت قلت نعم قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
18

إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم أو الطوفات.
حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا قيس بن الربيع عن كعب بن عبد الرحمن عن جده
أبي قتادة قال رأيته يتوضأ فجاء الهر فأصغى له حتى شرب من الاناء فقلت يا أبتاه لم تفعل هذا فقال كان النبي
صلى الله عليه وسلم يفعله أو قال هي من الطوافين عليكم.
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان الثوري قال ثنا أبو الرجال عن أمه عمرة عن
عائشة رضي الله عنه قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من الاناء الواحد وقد أصابت الهر منه قبل ذلك.
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال ثنا سفيان الثوري عن حارثة بن أبي الرجال رحمه الله
وحدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن حارثة بن محمد عن عمرة
عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا علي بن معبد قال ثنا خالد بن عمرو الخراساني قال ثنا صالح بن حيان قال ثنا عروة بن الزبير عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصغي الاناء للهر ويتوضأ بفضله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فلم يروا بسؤر الهر بأسا وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف ومحمد
وخالفهم في ذلك آخرون فكرهوه وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن حديث مالك عن إسحاق
بن عبد الله لا حجة لكم فيه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم
أو الطوافات
لان ذلك قد يجوز أن يكون أريد به كونها في البيوت ومماستها الثياب
فأما ولوغها في الاناء فليس في ذلك دليل أن ذلك يوجب النجاسة أم لا
وإنما الذي في الحديث من ذلك فعل أبي قتادة فلا ينبغي أن يحتج من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد يحتمل
المعنى الذي يحتج فيه ويحتمل خلافه وقد رأينا الكلاب كونها في المنازل غير مكروه وسؤرها مكروه فقد يجوز
أيضا أن يكون ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما في حديث أبي قتادة أريد به الكون في المنازل للصيد
والحراسة والزرع
وليس في ذلك دليل على حكم سؤرها هل هو مكروه أم لا
ولكن الآثار الاخر عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها إباحة سؤرها فنريد أن ننظر هل روي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما يخالفها فنظرنا في ذلك.
فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو عاصم عن قرة بن خالد قال ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال طهور الاناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين قرة شك
وهذا حديث متصل الاسناد فيه خلاف ما في الآثار الأول وقد فصلها هذا الحديث بصحة إسناده
19

فإن كان هذا الامر يؤخذ من جهة الاسناد فإن القول بهذا أولى من القول بما خالفه
فإن قال قائل فإن هشام بن حسان قد روى هذا الحديث عن محمد بن سيرين فلم يرفعه وذكر في ذلك ما حدثنا
أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة قال سؤر الهرة يهراق ويغسل
الاناء مرة أو مرتين
قيل له ليس في هذا ما يجب به فساد حديث قرة لان محمد بن سيرين قد كان يفعل هذا في حديث أبي هريرة
يوقفها عليه فإذا سئل عنها هل هي عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعها
والدليل على ذلك ما حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال ثنا إسماعيل
بن إبراهيم عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين انه كان إذا حدث عن أبي هريرة فقيل له عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال
كل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان يفعل ذلك لان أبا هريرة لم يكن يحدثهم إلا عن النبي
صلى الله عليه وسلم فأغناه ما أعلمهم من ذلك في حديث بن أبي داود أن يرفع كل حديث يرويه لهم محمد عنه فثبت بذلك
اتصال حديث أبي هريرة هذا مع ثبت قرة وضبطه وإتقانه
ثم قد روى ذلك أيضا عن أبي هريرة موقوفا من غير هذا الطريق ولكنه غير مرفوع
حدثنا ربيع الجيزي قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال أنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عمرو
بن دينار عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال يغسل الاناء من الهر كما يغسل من الكلب
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب عن خير بن نعيم عن أبي الزبير عن أبي
صالح عن أبي هريرة مثله
وقد روى ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا عبد الله بن نافع مولى بن عمر عن أبيه عن ابن
عمر أنه كان لا يتوضأ بفضل الكلب والهر وما سوى ذلك فليس به بأس.
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الربيع بن يحيى الأشناني قال ثنا شعبة عن واقد بن محمد عن نافع عن ابن عمر
أنه قال لا توضؤوا من سؤر الحمار ولا الكلب ولا السنور
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن سعيد قال إذا
ولغ السنور في الاناء فاغسله مرتين وثلاثا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب في السنور
يلغ في الاناء قال أحدهما يغسله مرة وقال الآخر يغسله مرتين
حدثنا سليمان بن شعيب بن سليمان الكيساني قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا حماد عن قتادة قال كان
سعيد بن المسيب والحسن يقولان اغسل الاناء ثلاثا يعني من سؤر الهر
20

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حوة عن النسفي هر ولغ في إناء أو شرب منه قال يصب
ويغسل الاناء مرة.
حدثنا روح بن الفرج القطان قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني يحيى بن أيوب أنه سأل يحيى
بن سعيد عما لا يتوضأ بفضله من الدواب فقال الخنزير والكلب والهر
وقد شد هذا القول النظر الصحيح وذلك أنا رأينا اللحمان على أربعة أوجه
1 فمنها لحم طاهر مأكول وهو لحم الإبل والبقر والغنم فسؤر ذلك كله طاهر لأنه ماس لحما طاهرا
2 ومنها لحم طاهر غير مأكول وهو لحم بني آدم وسؤرهم طاهر لأنه ماس لحما طاهرا
3 ومنها لحم حرام وهو لحم الخنزير والكلب فسؤر ذلك حرام لأنه ماس لحما حراما
فكان حكم ما ماس هذه اللحمان الثلاثة كما ذكرنا يكون حكمه حكمها في الطهارة والتحريم
4 ومن اللحمان أيضا لحم قد نهي عن أكله وهو لحم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع أيضا
ومن ذلك السنور وما أشبهه فكان ذلك منهيا عنه ممنوعا من أكل لحمه بالسنة
وكان في النظر أيضا سؤر ذلك حكمه حكم لحمه لأنه ماس لحما مكروها فصار حكمه حكمه كما صار حكم
ما ماس اللحمان الثلاث الأول حكمها
فثبت بذلك كراهة سؤر السنور فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة رحمة الله عليه
باب سؤر الكلب.
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن شعبة عن الأعمش عن ذكوان عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال ثنا أبو صالح عن أبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا المعتمر بن سليمان عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثله وزاد أولا هن بالتراب
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم عن قرة قال ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال سئل سعيد عن الكلب يلغ في الاناء فأخبرنا عن
قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال أولاها أو السابعة بالتراب شك سعيد
21

فذهب قوم إلى هذا الأثر فقالوا لا يطهر الاناء إذا ولغ فيه الكلب حتى يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا يغسل الاناء من ذلك كما يغسل من سائر النجاسات واحتجوا في
ذلك بما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
فمن ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي رحمه الله
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا الأوزاعي قال حدثني بن شهاب قال ثنا سعيد بن المسيب أن
أبا هريرة كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الاناء حتى يفرغ عليه مرتين
أو ثلاثا فإنه لا يدري أحدكم أين باتت يده
حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا ثنا أبو صالح قال حدثني الليث بن سعد قال حدثني عبد الرحمن بن خالد بن
مسافر قال حدثني بن شهاب عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة بن قدامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا أبو شهاب عن الأعمش عن أبي صالح
وأبي رزين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال فليغسل يديه مرتين أو ثلاثا
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن محمد عن عمرو وعن أبي سلمة عن أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا ابن وهب عن جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب
عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم أفرغ على يديه ثلاثا
قالوا: فلما روي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطهارة من البول لأنهم كانوا يتغوطون أي يقضون حاجتهم
ويبولون ولا يستنجون بالماء فأمرهم بذلك إذا قاموا من نومهم لأنهم لا يدرون أين باتت أيديهم من أبدانهم وقد
يجوز أن يكون كانت في موضع قد مسحوه من البول أو الغائط فيعرقون فتنجس بذلك أيديهم فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم
بغسلها ثلاثا وكان ذلك طهارتها من الغائط أو البول إن كان أصابها
فلما كان ذلك يطهر من البول والغائط وهما أغلظ النجاسات كان أحرى أن يطهر بما دون ذلك
من النجاسات
22

وقد دل على ما ذكرنا من هذا ما قد روي عن أبي هريرة من قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد حدثنا إسماعيل
بن إسحاق قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد السلام بن حرب عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة في الاناء يلغ
فيه الكلب أو الهر قال يغسل ثلاث مرار
فلما كان أبو هريرة قد رأى أن الثلاثة يطهر الاناء من ولوغ الكلب فيه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا
ثبت بذلك نسخ السبع لأنا نحسن الظن به فلا نتوهم عليه أنه يترك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إلا إلى مثله وإلا
سقطت عدالته فلم يقبل قوله ولا روايته
ولو وجب أن يعمل بما روينا في السبع ولا يجعل منسوخا لكان ما روى عبد الله بن المغفل في ذلك عن النبي
صلى الله عليه وسلم أولى مما روى أبو هريرة لأنه زاد عليه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر ووهب بن جرير قالا ثنا شعبة عن أبي التياح عن مطرف بن عبد الله
عن عبد الله بن المغفل ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال مالي والكلاب ثم قال إذا ولغ الكلب في
إناء أحدكم فليغسله سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة فذكر مثله
فهذا عبد الله بن المغفل قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغسل سبعا ويعفر الثامنة بالتراب وزاد على أبي هريرة
والزائد أولى من الناقص
فكان ينبغي لهذا المخالف لنا أن يقول لا يطهر الاناء حتى يغسل ثماني مرات السابعة بالتراب والثامنة كذلك
ليأخذ بالحديثين جميعا فإن ترك حديث عبد الله بن المغفل فقد لزمه ما ألزمه خصمه في تركه السبع التي قد ذكرنا وإلا
فقد بينا أن أغلظ النجاسات يطهر منها غسل الإناء ثلاث مرات فما دونها أحرى أن يطهره ذلك أيضا
ولقد قال الحسن في ذلك بما روى عبد الله بن المغفل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ثنا أبو حياة عن الحسن قال إذا ولغ الكلب في الاناء غسل سبع
مرات والثامنة بالتراب
وأما النظر في ذلك فقد كفانا الكلام فيه ما بينا من حكم اللحمان في باب سؤر الهر
وقد ذهب قوم في الكلب يلغ في الاناء أن الماء طاهر ويغسل الاناء سبعا وقالوا إنما ذلك تعبد تعبدنا به
في الآنية خاصة
فكان من الحجة عليهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الحياض التي تردها السباع فقال إذا كان الماء قلتين
لم يحمل خبثا
23

فقد دل ذلك أنه إذا كان دون القلتين حمل الخبث ولولا ذلك لما كان لذكر القلتين معني ولكان ما هو
أقل منهما وما هو أكثر سواء
فلما جرى الذكر على القلتين ثبت أن حكمها خلاف حكم ما هو دونهما
فثبت بهذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ولوغ الكلب في الماء ينجس الماء
وجميع ما بينا في هذا الباب هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب سؤر بني آدم
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا المعلى بن أسد قال ثنا عبد العزيز بن المختار عن عاصم الأحول عن عبد الله بن
سرجس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل ولكن يشرعان جميعا
حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا مسدد قال ثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن
عبد الرحمن قال لقيت من صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن شعبة عن عاصم الأحول قال سمعت أبا حاجب يحدث
عن الحكم الغفاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة أو بسؤر المرأة لا يدري أبو حاجب
أيهما قال
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان عن سوادة بن عاصم
أبو حاجب عن الحكم الغفاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤر المرأة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فكرهوا أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة أو تتوضأ المرأة بفضل الرجل
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بهذا كله وكان مما احتجوا به في ذلك ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا
عبد الوهاب بن عطاء عن شعبة عن عاصم عن معاذة امرأة عن عائشة قال كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل
من إناء واحد
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا حماد عن عاصم فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث قال ثنا أبو عبد الرحمن بن المقرئ قال ثنا الليث بن سعد
قال حدثني بن شهاب عن عروة عن عائشة مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن عروة عن عائشة مثله
24

حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعلي بن عبيد عن حريث عن الشعبي عن مسروق عن عائشة مثله
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب بن خالد عن منصور بن عبد الرحمن عن
أمه عن عائشة مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن
عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن
عباس قال أخبرتني ميمونة أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم بن عتيبة عن
إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد
حدثنا يزيد بن سنان البصري قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا رباح بن أبي معروف عن عطاء عن عائشة مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا عبد الله بن المبارك قال أنا سعيد بن يزيد قال سمعت
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج يقول حدثني ناعم مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله
صلى الله عليه وسلم من مركن واحد نفيض على أيدينا حتى ننقيها ثم نفيض علينا الماء
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أخبرنا شعبة رحمه الله
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جابر عن أنس بن
مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل هو والمرأة من نسائه من الاناء الواحد
قال أبو جعفر فلم يكن في هذا عندنا حجة على ما يقول أهل المقالة الأولى لأنه قد يجوز أن يكون كانا
يغتسلان جميعا
وإنما التنازع بين الناس إذا ابتدأ أحدهما قبل الآخر فنظرنا في ذلك فإذا علي بن معبد قد حدثنا قال ثنا عبد
الوهاب عن أسامة بن زيد عن سالم عن أم صبية الجهنية قال وزعم أنها قد أدركت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني أسامة عن سالم بن النعمان عن أم صبية الجهنية مثله
ففي هذا دليل على أن أحدهما قد كان يأخذ من الماء بعد صاحبه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا أبان بن سمعة عن عكرمة عن
عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يبدأ قبلي
25

ففي هذا دليل على أن سؤر الرجل جائز للمرأة التطهير به
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت كنت
أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف فيه أيدينا من الجنابة حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال ثنا أفلح رحمه الله
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا أفلح فذكرا مثله بإسناده
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة
قالت كنت أنازع أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل من إناء واحد من الجنابة
حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها
والنبي صلى الله عليه وسلم كانا يغتسلان من إناء واحد يغترف قبلها وتغترف قبله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن مبارك بن فضالة عن أمه عن معاذة عن عائشة قالت كنت أغتسل
أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد فأقول أبق لي أبق لي
حدثنا محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا المبارك فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة عن عائشة مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
اغتسلت من جنابة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فقالت له فقال إن الماء لا ينجسه شئ
فقد روينا في هذه الآثار تطهر كل واحد من الرجل والمرأة بسؤر صاحبه فضاد ذلك ما روينا في أول هذا
الباب فوجب النظر هاهنا لنستخرج به من المعنيين المتضادين معنى صحيحا
فوجدنا الأصل المتفق عليه أن الرجل والمرأة إذا أخذا بأيديهما الماء معا من إناء واحد أن ذلك لا ينجس الماء
ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت في الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضي منه أن حكم ذلك سواء
فلما كان ذلك كذلك وكان وضوء كل واحد من الرجل والمرأة مع صاحبه لا ينجس الماء عليه كان وضوؤه بعده
من سؤره في النظر أيضا كذلك
فثبت بهذا ما ذهب إليه الفريق الآخر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب تسمية على الوضوء
حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا وهيب قال ثنا عبد الرحمن بن حرملة
أنه سمع أبا ثقال المري يقول سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب يقول حدثتني جدتي أنها سمعت
أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه
26

حدثنا عبد الرحمن بن الجارود البغدادي قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني سليمان بن بلال عن
أبي ثفال المري قال سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان يقول حدثتني جدتي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ذلك
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا الدراوردي عن ابن حرملة عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الرحمن
العامري عن ابن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
فذهب قوم إلى أن من لم يسم على وضوء الصلاة فلا يجزيه وضوؤه واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا من لم يسم على وضوئه فقد أساء وقد طهر بوضوئه ذلك
واحتجوا في ذلك بما حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن
حضين أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه فلما فرغ من وضوئه
قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يذكر الله إلا على طهارة ورد السلام بعد الوضوء الذي صار
به متطهرا
ففي ذلك دليل أنه قد توضأ قبل أن يذكر اسم الله
وكان قوله لا وضوء لمن لم يسم يحتمل أيضا ما قاله أهل المقالة الأولى ويحتمل لا وضوء له أي لا وضوء
له متكاملا في الثواب كما قال ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان
فلم يرد بذلك أنه ليس بمسكين خارج من حد المسكنة كلها حتى تحرم عليه الصدقة
وإنما أراد بذلك أنه ليس بالمسكين المتكامل في المسكنة الذي ليس بعد درجته في المسكنة درجة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا خالد بن عبد الله عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص
عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان قالوا فمن
المسكين قال الذي يستحي أن يسأل ولا يجد ما يغنيه ولا يفطن له فيعطي
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان عن إبراهيم فذكر مثله بإسناده
حدثنا يونس قال لنا ابن وهب قال أنا ابن أبي ذؤيب عن أبي الوليد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم قال ثنا علي بن عياش الحمصي عن ابن ثوبان عن عبد الله بن الفضل
عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثله أو كما قال ليس المؤمن الذي يبيت شبعان وجاره جائع
27

حدثنا بذلك أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير عن عبد الله بن المساور أو
بن أبي المساور قال سمعت بن عباس يعاتب بن الزبير في البخل ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المؤمن الذي
يبيت شبعان وجاره إلى جنبه جائع فلم يرد بذلك أنه ليس بمؤمن إيمانا خرج بتركه إياه إلى الكفر ولكنه أراد
به أنه ليس في أعلى مراتب الايمان وأشباه هذا كثيرة يطول الكتاب بذكرها
فكذلك قوله لا وضوء لمن لم يسم لم يرد بذلك أنه ليس بمتوضئ وضوءا لم يخرج به من الحدث
ولكنه أراد أنه ليس بمتوضئ وضوءا كاملا في أسباب الوضوء الذي يوجب الثواب
فلما احتمل هذا الحديث من المعاني ما وصفنا ولم يكن هناك دلالة يقطع بها لأحد التأويلين على الآخر وجب
أن يجعل معناه موافقا لمعاني حديث المهاجر حتى لا يتضادا
فثبت بذلك أن الوضوء بلا تسمية يخرج به المتوضئ من الحدث إلى الطهارة
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا رأينا أشياء لا يدخل فيها إلا بكلام
منها العقود التي يعقدها بعض الناس لبعض من البياعات والإجارات والمناكحات والخلع وما أشبه ذلك
فكانت تلك الأشياء لا تجب إلا بأقوال وكانت الأقوال منها إيجاب لأنه يقول قد بعتك قد زوجتك
قد خلعتك
فتلك أقوال فيها ذكر العقود
وأشياء تدخل فيها بأقوال وهي الصلاة والحج فتدخل في الصلاة بالتكبير وفي الحج بالتلبية
فكان التكبير في الصلاة والتلبية في الحج ركنا من أركانها
ثم رجعنا إلى التسمية في الوضوء هل تشبه شيئا من ذلك فرأيناها غير مذكور فيها إيجاب شئ كما كان
في النكاح والبيوع
فخرجت التسمية لذلك من حكم ما وضعنا ولم تكن التسمية أيضا ركنا من أركان الوضوء كما كان التكبير
ركنا من أركان الصلاة وكما كانت التلبية ركنا من أركان الحج فخرج أيضا بذلك حكمها من حكم التكبير والتلبية
فبطل بذلك قول من قال إنه لا بد منها في الوضوء كما لا بد من تلك الأشياء فيما يعمل فيه
فإن قال قائل فإنا قد رأينا الذبيحة لا بد من التسمية عندها ومن ترك ذلك متعمدا لم تؤكل ذبيحته
فالتسمية أيضا على الوضوء كذلك
قيل له ما ثبت في حكم النظر أن من ترك التسمية على الذبيحة متعمدا أنها لا تؤكل لقد تنازع الناس في ذلك
فقال بعضهم تؤكل وقال بعضهم لا تؤكل فأما من قال تؤكل فقد كفينا البيان لقوله
وأما من قال لا تؤكل فإنه يقول إن تركها ناسيا تؤكل وسواء عنده كان الذابح مسلما أو كافرا بعد أن
يكون كتابيا
فجعلت التسمية هاهنا في قول من أوجبها إنما هي لبيان الملة
28

فإذا سمى الذابح صارت ذبيحته من ذبائح الملة المأكولة ذبيحتها وإذا لم يسم جعلت من ذبائح الملل التي
لا تؤكل ذبائحها
والتسمية على الوضوء ليس للملة إنما هي مجعولة لذكر على سبب من أسباب الصلاة فرأينا من أسباب الصلاة
الوضوء وستر العورة فكان من ستر عورته لا بتسمية لم يضره ذلك
فالنظر على ذلك أن يكون من تطهر أيضا لا بتسمية لم يضره ذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب الوضوء للصلاة مرة مرة وثلاثا ثلاثا
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا زائدة بن قدامة قال ثنا علقمة بن خالد أو خالد بن علقمة عن
عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه توضأ ثلاثا ثم قال هذا طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا حسين قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو إسحاق عن أبي حية الوازعي عن علي رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن الجعد قال أنا ابن ثوبان عن عبدة بن أبي لبابة عن شقيق قال رأيت عليا
وعثمان توضأ ثلاثا ثلاثا وقالا هكذا كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أحمد بن يحيى الصوري قال ثنا الهيثم بن جميل قال ثنا ابن ثوبان فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال ثنا إسحاق بن يحيي عن معاوية بن عبد الله عن
عبد الله بن جعفر عن عثمان بن عفان أنه توضأ ثلاثا ثلاثا وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن سبيع عن أبي أمامة أن
النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا وقد روي عنه أنه توضأ مرة مرة.
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا الضحاك بن شرحبيل عن زيد بن أسلم
عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال
ألا أنبئكم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة أو قال توضأ مرة مرة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
عن عبد الله بن عمر قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن الحسن بن عمارة عن ابن أبي نجيح ثم ذكر
بإسناده مثله
29

حدثنا محمد بن خزيمة وابن أبي داود قالا ثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو
بن أبي عمرو عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا
ورأيته غسل مرة مرة
فثبت بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة فثبت بذلك أن ما كان منه من وضوئه ثلاثا ثلاثا إنما
هو لإصابة الفضل لا الفرض
باب فرض مسح الرأس في الوضوء
حدثنا يونس وعبد الغني بن أبي عقيل وأحمد بن عبد الرحمن قالوا أنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن عبد الله
بن سالم ومالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه أخذ بيده في وضوئه للصلاة ماء فبدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بيده إلى مؤخر الرأس ثم ردهما إلى مقدمه
قال مالك هذا أحسن ما سمعت في ذلك وأعمه في مسح الرأس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا أبي وحفص بن غياث عن ليث عن طلحة
بن مصرف عن أبيه عن جده قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسح مقدم رأسه حتى بلغ القذال مؤخر الرأس من مقدم عنقه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث بن سعيد عن ليث فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن بحر قال ثنا أبو الوليد بن مسلم قال ثنا عبد الله بن العلاء عن أبي
الأزهر عن معاوية أنه أراهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه ثم مر بهما حتى بلغ القفا ثم ردهما حتى بلغ المكان الذي
منه بدأ
فذهب ذاهبون إلى أن مسح الرأس كله واجب في وضوء الصلاة لا يجزئ ترك شئ منه واحتجوا في ذلك
بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الذي في آثاركم هذه إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه كله في وضوئه للصلاة
فهكذا نأمر المتوضئ أن يفعل ذلك في وضوئه للصلاة ولا نوجب ذلك بكماله عليه فرضا
وليس في فعل النبي صلى الله عليه وسلم إياه ما قد دل على أن ذلك كان منه لأنه فرض فقد رأيناه صلى الله عليه
وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا لا أن
ذلك فرض لا يجزئ أقل منه ولكن منه فرض ومنه فضل
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار الدالة على ما ذهبوا إليه في الفرض في مسح الرأس أنه على بعضه ما قد
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن عمرو بن وهب
الثقفي عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وعليه عمامة فمسح على عمامته ومسح بناصيته
30

حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا ابن عون عن عامر عن ابن المغيرة بن شعبة عن
أبيه وابن عون عن ابن سيرين عن عمرو بن وهب عن المغيرة رفعه إليه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فتوضأ
للصلاة فمسح على عمامته وقد ذكر الناصية بشئ
ففي هذا الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على بعض الرأس وهو الناصية وظهور الناصية دليل أن بقية الرأس
حكمه حكم ما ظهر منه لأنه لو كان الحكم قد ثبت بالمسح على العمامة لكان كالمسح على الخفين فلم يكن إلا وقد
غيبت الرجلان فيهما ولو كان بعض الرجلين باديا لما أجزأه أن يغسل ما ظهر منهما ويمسح على ما غاب منهما فجعل
حكم ما غاب منهما مضمنا بحكم ما بدأ منهما فلما وجب غسل الظاهر وجب غسل الباطن
فكذلك الرأس لما وجب مسح ما ظهر منه ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه ليكون حكم كله حكما واحدا
كما كان حكم الرجلين إذا غيبت بعضها في الخفين حكما واحدا
فلما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأثر بمسح الناصية على مسح ما بقي من الرأس دل ذلك أن الفرض في مسح
الرأس هو مقدار الناصية وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار كان دليلا على الفضل لا على
الوجوب حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فإنا رأينا الوضوء يجب في أعضاء فمنها ما حكمه أن يغسل ومنها ما حكمه أن يمسح
فأما ما حكمه أن يغسل فالوجه واليدان والرجلان في قول من يوجب غسلهما
فكل قد أجمع أن ما وجب غسله من ذلك فلا بد من غسله كله ولا يجزئ غسل بعضه دون بعض وكلما كان
ما وجب مسحه من ذلك وهو الرأس
فقال قوم حكمه أن يمسح كله كما تغسل تلك الأعضاء كلها وقال آخرون يمسح بعضه دون بعضه
فنظرنا في حكم المسح كيف هو فرأينا حكم المسح على الخفين قد اختلف فيه
فقال قوم يمسح ظاهرهما دون باطنهما وقال آخرون يمسح ظاهرهما دون باطنهما
فكل قد اتفق أن فرض المسح في ذلك هو على بعضهما دون مسح كلهما
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم مسح الرأس هو على بعضه دون بعض قياسا ونظرا على ما بينا
من ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله وقد روى في ذلك عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أيضا
ما يوافق ذلك
31

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا يحيى بن حمزة عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن
أبيه أنه كان يمسح بمقدم رأسه إذا توضأ
باب حكم الاذنين في وضوء الصلاة
حدثنا فهد قال ثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد
بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن عبد الله بن عباس قال دخل علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد أراق الماء
فدعا بإناء فيه ماء فقال يا بن عباس ألا أتوضأ لك كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قلت بلى فداك أبي وأمي فذكر
حديثا طويلا ذكر فيه أنه أخذ حفنة هي ملء الكفين من ماء بيديه جميعا فصك أي ضرب بهما وجهه
ثم الثانية مثل ذلك ثم الثالثة ثم ألقم إبهاميه أي جعل إبهاميه في الاذنين كاللقمة في الفم ما أقبل من أذنيه ثم
أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فصبها على ناصيته ثم أرسلها تستن أي تسيل على وجهه ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق
ثلاثا واليسرى مثل ذلك ثم مسح رأسه وظهور أذنيه
فذهب قوم إلى هذا الأثر فقالوا ما أقبل من الاذنين فحكمه حكم الوجه يغسل مع الوجه وما أدبر منهما
فحكمه حكم الرأس يمسح مع الرأس
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الأذنان من الرأس يمسح مقدمهما ومؤخرهما مع الرأس واحتجوا في ذلك
بما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق بن سلمة عن عثمان بن عفان
أنه توضأ فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي قال ثنا أبو الوليد قال ثنا الدراوردي قال ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح برأسه وأذنيه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا عبد العزيز فذكر بإسناده مثله غير أنه قال مرة واحدة
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال ثنا الوليد بن مسلم قال قال ثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن
بن ميسرة أنه سمع المقدم بن معد يكرب يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم
رأسه ثم مر بهما حتى بلغ القفا ثم ردهما حتى بلغ المكان الذي منه بدأ ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما مرة واحدة
حدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا ابن أبي لهيعة عن أبي الأسود عن عباد بن تميم الأنصاري عن أبيه أنه
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه وأذنيه داخلهما وخارجهما
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا شعبة قال ثنا حبيب الأنصاري قال بن أبي
داود وهو حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد جد حبيب هذا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بوضوء
فدلك أذنيه حين مسحهما
32

حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده أن رجلا أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف الطهور
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ فأدخل أصبعيه السبابتين أذنيه فمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه وبالسبابتين باطن أذنيه
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب
عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح أذنيه مع الرأس وقال الأذنان من الرأس.
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا محمد بن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن الربيع ابنة معوذ بن عفراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها فمسح رأسه على مجاري الشعر ومسح صدغيه وأذنيه
ظاهرهما وباطنهما.
حدثنا إبراهيم بن منقذ العصفري قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني
بن عجلان ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي قال ثنا عمي أبو الأسود قال حدثني بكر بن مضر عن ابن عجلان فذكر بإسناده مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا همام قال ثنا محمد بن عجلان فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن عبد الله بن محمد عن الربيع قالت أتانا النبي صلى الله عليه وسلم
فتوضأ فمسح ظاهر أذنيه وباطنهما.
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا روح بن القاسم عن عبد الله بن
محمد عن الربيع عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر ففي هذه الآثار أن حكم الاذنين ما أقبل منهما وما أدبر من الرأس وقد تواترت الآثار بذلك
ما لم تتواتر بما خالفه
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فإنا قد رأيناهم لا يختلفون أن المحرمة ليس لها أن تغطي وجهها أن تغطي رأسها
وكل قد أجمع أن لها أن تغطي أذنيها ظاهرهما وباطنهما ودل ذلك أن حكمهما حكم الرأس في المسح لا حكم الوجه
وحجة أخرى أنا قد رأيناهم لم يختلفوا أن ما أدبر منهما يمسح مع الرأس واختلفوا فيما أقبل منهما على ما ذكرنا
فنظرنا في ذلك فرأينا الأعضاء التي قد اتفقوا على فرضيتها في الوضوء الوجه واليدان والرجلان والرأس
فكان الوجه يغسل كله وكذلك اليدان وكذلك الرجلان ولم يكن حكم شئ من تلك الأعضاء خلاف
حكم بقيته
بل جعل حكم كل عضو منها حكما واحدا فجعل مغسولا كله أو ممسوحا كله
33

واتفقوا أن ما أدبر من الاذنين فحكمه المسح فالنظر على ذلك أن يكون ما أقبل منهما كذلك وأن يكون
حكم الاذنين كله حكما واحدا كما كان حكم سائر الأعضاء التي ذكرنا
فهذا وجه النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد قال بذلك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا هشيم عن حميد قال رأيت أنس بن مالك توضأ فمسح أذنيه
ظاهرهما وباطنهما مع رأسه وقال إن بن مسعود كان يأمر بالأذنين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا يحيى بن أيوب قال حدثني حميد فذكر مثله.
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا هشيم عن أبي حمزة قال: رأيت بن عباس توضأ فمسح
أذنيه ظاهرهما وباطنهما
فهذا بن عباس قد روى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد رويناه في أول هذا الباب وروى عنه عطاء بن يسار
عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رويناه في الفصل الثاني من هذا الباب ثم عمل هو بذلك وترك ما حدثه علي رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم فهذا دليل على أن نسخ ما روى عن علي قد كان ثبت عنده.
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول
الأذنان من الرأس فامسحوهما
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا هشام عن غيلان بن عبد الله قال سمعت بن عمر
يقول الأذنان من الرأس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا أيوب عن نافع أن
بن عمر كان يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما يتتبع بذلك الغضون
باب فرض الرجلين في وضوء الصلاة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة
قال رأيت عليا رضي الله عنه صلى الظهر ثم قعد للناس في الرحبة ثم أتي بماء فمسح بوجهه ويديه ومسح برأسه
ورجليه وشرب فضله قائما ثم قال
إن ناسا يزعمون أن هذا يكره وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع مثل ما صنعت وهذا وضوء من لم يحدث
قال أبو جعفر وليس في هذا الحديث عندنا دليل أن فرض الرجلين هو المسح لان فيه أنه قد مسح
وجهه فكان ذلك المسح هو غسل فقد يحتمل أن يكون مسحه برجله أيضا كذلك
حدثنا فهد قال ثنا أبو كريب قال ثنا عبدة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله
34

الخولاني عن ابن عباس قال دخل على علي رضي الله عنه وقد أراق الماء فدعا بوضوء فجئناه بإناء من ماء فقال
يا بن عباس ألا أتوضأ لك كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قلت بلى فداك أبي وأمي فذكر حديثا طويلا
قال ثم أخذ بيديه جميعا حفنة من ماء فصك بها على قدمه اليمنى واليسرى كذلك
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار عن ابن عباس قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ ملء كفه ماء فرش به على قدميه وهو منتعل
حدثنا أبو أمية قال ثنا محمد بن الأصبهاني قال أنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي رضي الله عنه
أنه توضأ فمسح على ظهر القدم وقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لكان باطن القدم أحق من ظاهره
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن الحسين اللهبي قال ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع
عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح ظهور قدميه بيديه ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصنع هكذا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا همام بن يحيى قال أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي
طلحة قال ثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع أنه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث
حتى قال أنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح
برأسه ورجليه إلى الكعبين
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عباد بن تميم عن عمه
أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على القدمين وأن عروة كان يفعل ذلك
فذهب قوم إلى هذا وقالوا هكذا حكم الرجلين يمسحان كما يمسح الرأس
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يغسلان واحتجوا في ذلك من الآثار بما حدثنا حسين بن نصر قال
ثنا الفريابي قال ثنا زائدة بن قدامة قال ثنا علقمة بن خالد أو خالد بن علقمة عن عبد خير قال دخل علي رضي الله عنه الرحبة ثم قال لغلامه إيتني بطهور فأتاه بماء وطست فتوضأ فغسل رجليه ثلاثا ثلاثا وقال
هكذا كان طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا حسين قال الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو إسحاق عن أبي حية الوادعي عن علي
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا شعبة عن مالك بن عرفطة قال سمعت عبد خير قال سمعت
عليا فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال ثنا إسحاق بن يحيى عن معاوية بن عبيد الله بن
جعفر عن عثمان بن عفان أنه توضأ فغسل رجليه ثلاثا ثلاثا وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا
35

حدثنا يونس وابن أبي عقيل قالا أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي
أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره عن عثمان مثله
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا محمد بن عبد الله بن أبي مريم قال دخلت على زيد
بن دارة بيته فسمعني وأنا أمضمض فقال لي يا أبا محمد فقلت لبيك فقال ألا أخبرك عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت بلى قال رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه عند المقاعد دعا بوضوء فتوضأ ثلاثا ثلاثا فغسل رجليه ثلاثا
ثم قال من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى وضوئي
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا كثير بن زيد قال ثنا المطلب بن عبد الله بن حنطب
المخزومي عن حمران بن أبان أن عثمان توضأ فغسل رجليه ثلاثا ثلاثا وقال لو قلت إن هذا وضوء رسول الله
صلى الله عليه وسلم صدقت
حدثنا ابن أبي عقيل قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا عبد
الرحمن عبد الله بن زيد يقول سمعت المستورد بن شداد القرشي يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين
أصابع رجليه
وهذا لا يكون إلا في الغسل لان المسح لا يبلغ فيه ذلك إنما هو على ظهور القدمين خاصة
حدثنا محمد بن خزيمة وابن أبي داود قالا ثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن
أبي عمرو عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فغسل
رجليه ثلاثا
حدثنا يونس وحسين بن نصر قالا حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد
بن عقيل عن الربيع قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيتوضأ للصلاة فيغسل رجليه ثلاثا ثلاثا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام قال ثنا عامر الأحول عن عطاء عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه
ووضأ قدميه
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله كيف الطهور فدعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه
وغسل رجليه ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم
حدثنا يونس وابن أبي عقيل قالا أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه
قال لعبد الله بن زيد بن عاصم هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فدعا بماء
فتوضأ
وغسل رجليه
حدثنا بحر قال ثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه
أن أبا جبير الكندي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بوضوء فقال توض يا أبا جبير فبدأ بفيه فقال له
36

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبدأ بفيك فإن الكافر يبدأ بفيه ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا ثم مسح
برأسه وغسل رجليه
حدثنا فهد قال ثنا آدم قال ثنا الليث بن سعد عن معاوية ثم ذكر مثله بإسناده
قال فهد فذكرته لعبد الله بن صالح فقال سمعته من معاوية بن صالح
فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غسل قدميه في وضوئه للصلاة وقد روي عنه أيضا ما يدل
أن حكمهما الغسل
فما روى في ذلك ما (0) حدثنا يونس وابن أبي عقيل قالا أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من
وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه فإذا غسل رجليه
خرجت كل خطيئة مشت إليها رجلاه
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا موسى بن يعقوب قال حدثني عباد بن أبي صالح
السمان أنه سمع أباه يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يتوضأ فيغسل سائر
رجليه إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة مشى بهما إليها
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحماني قال ثنا قيس بن الربيع عن الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عباد العبدي
عن أبيه قال ما أدراكم حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجا وأفرادا ما من عبد يتوضأ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه
حتى يسيل الماء على ذقنه ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ويغسل رجليه حتى يسيل الماء من قبل
كعبيه ثم يقوم فيصلي ركعتين إلا غفر له ما سلف من ذنبه
حدثنا عبد الله بن محمد بن حشيش البصري قال أبو الوليد قال ثنا قيس فذكر مثله بإسناده
حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة
عن شرحبيل بن السمط أنه قال من يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال عمرو بن عبسة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دعا الرجل بطهوره فغسل وجهه سقطت خطاياه من
وجهه وأطراف لحيته فإذا غسل يديه سقطت خطاياه من أطراف أنامله فإذا مسح برأسه سقطت خطاياه من
أطراف شعره فإذا غسل رجليه خرجت خطايا رجليه من بطون قدميه
حدثنا بحر قال ثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب وأبي يحيى وأبي طلحة عن
أبي أمامة الباهلي عن عمرو بن عبسة قال قلت يا رسول الله كيف الوضوء قال إذا توضأت فغسلت يديك ثلاثا
خرجت خطاياك من بين أظفارك وأناملك فإذا مضمضت واستنشقت في منخريك وغسلت وجهك وذراعيك
إلى المرفقين وغسلت رجليك إلى الكعبين اغتسلت من عامة خطاياك
37

فهذه الآثار تدل أيضا على أن الرجلين فرضهما الغسل لان فرضهما لو كان هو المسح لم يكن في غسلهما ثواب
ألا ترى أن الرأس الذي فرضه المسح لا ثواب في غسله فلما كان في غسل القدمين ثواب دل ذلك أن فرضهما
هو الغسل وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ما يدل على ذلك
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر بن عبد الله
قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم في قدم رجل لمعة لم يغسلها فقال ويل للأعقاب من النار
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عمرو بن يونس قال ثنا عكرمة بن عمار قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال
ثنا أبو سلمة قال ثنا سالم مولى المهري قال سمعت عائشة تنادي عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ويل للأعقاب من النار
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن عجلان عن المقبري عن أبي سلمة أنه سمع عائشة رضي الله
عنها تقول يا عبد الرحمن فذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن سالم الدوسي عن
عائشة مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو زرعة قال أنا حياة بن شريح قال أنا أبو الأسود أن أبا عبد الله مولى شداد
بن الهاد حدثه أنه دخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعندها عبد الرحمن بن أبي بكر ثم ذكر مثله
حدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا سليمان بن بلال قال حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار يوم القيامة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا علي بن الجعد قال ثنا شعبة فذكر مثله بإسناده
حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث عن حياة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن
عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويل للأعقاب وبطون الاقدام من النار
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال ثنا الليث وابن لهيعة قالا ثنا حياة بن شريح عن عقبة بن مسلم
قال سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن
عبد الله بن عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار
38

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله
بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما توضؤوا وكأنهم تركوا من أرجلهم شيئا فقال ويل للأعقاب من النار
أسبغوا الوضوء
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى
عن عبد الله بن عمرو قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فأتى على ماء بين مكة والمدينة فحضرت
العصر فتقدم أناس فانتهينا إليهم وقد توضؤوا وأعقابهم تلوح لم يمسها ماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار
أسبغوا الوضوء
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سهل بن بكار قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله
بن عمرو قال تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا صلاة العصر ونحن نتوضأ ونمسح
على أرجلنا فنادى بلال ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة فذكر مثله
قال أبو جعفر فذكر عبد الله بن عمرو أنهم كانوا يمسحون حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء
وخوفهم فقال ويل للأعقاب من النار
فدل ذلك أن حكم المسح الذي كانوا يفعلونه قد نسخه ما تأخر عنه مما ذكرنا فهذا حكم هذا الباب من طريق
الآثار وأما وجهه من طريق النظر فإنا قد ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لمن غسل رجليه
في وضوئه من الثواب فثبت بذلك أنهما مما يغسل وأنهما ليستا كالرأس الذي يمسح وغاسله لا ثواب له في غسله
وهذا الذي ثبت بهذه الآثار قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد اختلف الناس في قوله تعالى * (وأرجلكم) * فأضافه قوم إلى قوله تعالى (وامسحوا برءوسكم)
قصرا على معنى (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم)
وأضافه قوم إلى قوله * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)
فقرأوا وأرجلكم نسقا على قوله فاغسلوا وجوهكم واغسلوا أيديكم واغسلوا أرجلكم على الاضمار والنسق
وقد اختلف في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دونهم
فما روي عنهم في ذلك ما (0) حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود عن قيس عن عاصم عن زر أن عبد الله
بن مسعود قرأ وأرجلكم بالفتح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب بن إسحاق قال ثنا عبد الوارث بن سعيد ووهيب بن خالد عن خالد
الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس انه قرأها كذلك
39

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا عبد الوارث عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس مثله
حدثنا محمد بن خزيم قال ثنا سعيد بن منصور قال سمعت هشاما يقول أنا خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأها كذلك وقال عاد إلى الغسل
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا حماد بن سلمة عن قيس عن مجاهد قال رجع القرآن إلى الغسل
وقرأ وأرجلكم ونصبها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا حماد فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا عبد الوارث قال ثنا أبو التياح عن شهر بن حوشب مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا حماد عن عاصم عن الشعبي قال نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا عبد الوارث قال ثنا حميد الأعرج عن مجاهد أنه قرأها
وأرجلكم خفضها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود عن قرة عن الحسن أنه قرأها كذلك وقد روى عن جماعة من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يغسلون
فمما روي في ذلك ما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن الزبير بن عدي عن إبراهيم قال
قلت للأسود أكان عمر يغسل قدميه فقال نعم كان يغسلهما غسلا
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال توضأ
عمر فغسل قدميه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا أبو ربيعة قال ثنا أبو عوانة عن أبي حمزة قال رأيت بن عباس يغسل رجليه
ثلاثا ثلاثا
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال أنا ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن ابن المجمر قال رأيت
أبا هريرة يتوضأ مرة وكان إذا غسل ذراعيه كان أن يبلغ نصف العضد ورجليه إلى نصف الساق فقلت له في ذلك
فقال أريد أن أطيل غرتي إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء
ولا يأتي أحد من الأمم كذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن مجاهد أنه ذكر له المسح على القدمين
فقال كان بن عمر يغسل رجليه غسلا وأنا أسكب عليه الماء سكبا
40

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن عبد الله بن دينار عن ابن
عمر أنه كان يغسل رجليه إذا توضأ
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال ثنا عبد السلام عن عبد الملك قال قلت لعطاء أبلغك عن أحد من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح القدمين قال لا
وقد زعم زاعم أن النظر يوجب مسح القدمين في وضوء الصلاة قال لأني رأيت حكمهما بحكم الرأس أشبه
لأني رأيت الرجل إذا عدم الماء فصار فرضه التيمم ييمم وجهه ويديه ولا ييمم رأسه ولا رجليه
فلما كان عدم الماء يسقط فرض غسل الوجه واليدين إلى فرض آخر وهو التيمم ويسقط فرض الرأس والرجلين
لا إلى فرض ثبت بذلك أن حكم الرجلين في حال وجود الماء كحكم الرأس لا كحكم الوجه واليدين
فكان من الحجة عليه في ذلك أنا رأينا أشياء يكون فرضها الغسل في حال وجود الماء ثم يسقط ذلك الفرض
في حال عدم الماء لا إلى فرض من ذلك الجنب عليه أن يغسل سائر بدنه بالماء في حال وجوده وإن عدم الماء وجب
عليه التيمم في وجهه ويديه
فأسقط فرض حكم سائر بدنه بعد الوجه واليدين لا إلى بدل فلم يكن ذلك بدليل أن ما سقط فرضه من ذلك
لا إلى بدل كان فرضه في حال وجود الماء هو المسح
فكذلك أيضا لا يكون سقوط فرض الرجلين في حال عدم الماء لا إلى بدل بدليل أن حكمهما كان في حال
وجود الماء هو المسح
فبطلت بذلك علة المخالف إذا كان قد لزمه في قوله مثل ما ألزم خصمه
باب الوضوء هل يجب لكل صلاة أم لا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن
أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم وأبو حذيفة قالا ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة
عن أبيه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة خمس صلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه
فقال له عمر صنعت شيئا يا رسول الله لم تكن تصنعه فقال عمدا فعلته يا عمر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان قال ثنا علقمة عن سليمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يتوضأ لكل صلاة
فذهب قوم إلى أن الحاضرين يجب عليهم أن يتوضأوا لكل صلاة واحتجوا في ذلك بهذا الحديث فخالفهم في ذلك أكثر العلماء فقالوا لا يجب الوضوء إلا من حدث
41

وكان مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يوافق ما ذهبوا إليه في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب
قال أخبرني أسامة بن زيد وابن جريج وابن سمعان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال ذهب
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار ومعه أصحابه فقربت لهم شاة مصلية فأكل وأكلنا ثم حانت الظهر
فتوضأ وصلى ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل ثم حانت العصر فصلى ولم يتوضأ
قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أنه صلى الظهر والعصر بوضوئه الذي كان في وقت الظهر
وقد يجوز أن يكون وضوؤه لكل صلاة على ما روى بن بريدة كان ذلك على التماس الفضل لا على الوجوب
فإن قال قائل فهل في هذا من فضل فليلتمس
قيل له نعم قد حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي غطيف
الهذلي قال صليت مع عبد الله بن عمر بن الخطاب الظهر فانصرف في مجلس في داره فانصرفت معه حتى إذا نودي
بالعصر دعا بوضوء فتوضأ ثم خرج وخرجت معه فصلى العصر ثم رجع إلى مجلسه ورجعت معه حتى إذا نودي
بالمغرب دعا بوضوء فتوضأ
فقلت له أي شئ هذا يا أبا عبد الرحمن الوضوء عند كل صلاة
فقال وقد فطنت لهذا مني ليست بسنة إن كان لكاف وضوئي لصلاة الصبح صلواتي كلها ما لم أحدث
ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ على طهر كتب الله له بذلك عشر حسنات ففي ذلك رغبت
يا بن أخي
فقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فعل ما روى عنه بن بريدة لإصابة هذا الفضل لا لان ذلك كله
واجبا عليه
وقد روى أنس بن مالك أيضا ما يدل على ما ذكرنا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال اتي
رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ منه فقلت لأنس أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة قال نعم
قلت فأنتم قال كنا نصلي الصلوات بوضوء
فهذا أنس قد علم حكم ما ذكرنا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير ذلك فرضا على غيره
وقد يجوز أيضا أن يكون كان يفعل ذلك وهو واجب ثم نسخ فنظرنا في ذلك هل نجد شيئا من الآثار يدل
على هذا المعنى
فإذا بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله
بن عبد الله بن عمر قال قلت له أرأيت توضى ابن عمر لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر عما ذاك
42

قال حدثنيه أسماء ابنة زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة
وكان بن عمر يرى أن به قوة على ذلك فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمر بالوضوء لكل صلاة ثم نسخ ذلك فثبت بما ذكرنا أن الوضوء
يجزي ما لم يكن الحدث
فإن قال قائل ففي هذا الحديث إيجاب السواك لكل صلاة فكيف لا توجبون ذلك وتعلمون بكل الحديث
إذ كنتم قد عملتم ببعضه
قيل له قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خص بالسواك لكل صلاة دون أمته
ويجوز أن يكونوا هم وهو في ذلك سواء وليس يوصل إلى حقيقة ذلك إلا بالتوقيف فاعتبرنا ذلك هل نجد فيه
شيئا يدلنا على شئ من ذلك
فإذا علي بن معبد قد حدثنا قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني عمي
عبد الرحمن بن يسار عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا أن أشق على أمتي
لامرتهم بالسواك عند كل صلاة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان قال ثنا عبد الله بن يسار عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الله بن خلف الغفاري قال ثنا هشام بن حسان عن عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر هذا حديث غريب ما كتبناه إلا عن ابن مرزوق
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن أبي إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التميمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زيد بن خالد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني سعيد المقبري عن عطاء مولى
أم صبية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس وابن أبي عقيل قالا أنا ابن وهب قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل وضوء
43

حدثنا يونس قال أنا أنس بن عياض عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة ح وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا
حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
يرفعه مثله
فثبت بقوله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة أنه لم يأمرهم بذلك وأن ذلك ليس
عليهم وأن في ارتفاع ذلك عنهم وهو المجعول بدلا من الوضوء لكل صلاة دليل على أن الوضوء لكل
صلاة لم يكن عليهم ولا أمروا به وأن المأمور به النبي صلى الله عليه وسلم دونهم وأن حكمه كان في ذلك غير حكمهم
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وقد ثبت بذلك ارتفاع وجوب الوضوء لكل صلاة
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا رأينا الوضوء طهارة من حدث فأردنا أن ننظر في الطهارات من الاحداث
كيف حكمها وما الذي ينقضها فوجدنا الطهارات التي توجبها الاحداث على ضربين
فمنها الغسل ومنها الوضوء فكان من جامع أو أجنب وجب عليه الغسل وكان من بال أو تغوط وجب
عليه الوضوء
فكان الغسل الواجب بما ذكرنا لا ينقضه مرور الأوقات ولا ينقضه إلا الاحداث
فلما ثبت أن حكم الطهارة من الجماع والاحتلام كما ذكرنا كان في النظر أيضا أن يكون حكم الطهارات من
سائر الاحداث كذلك وأنه لا ينقض ذلك مرور وقت كما لا ينقض الغسل مرور وقت
وحجة أخرى أنا رأيناهم أجمعوا أن المسافر يصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم يحدث
وإنما اختلفوا في الحاضر فوجدنا الاحداث من الجماع والاحتلام والغائط والبول وكل ما إذا كان من الحاضر
كان حدثا يوجب به عليه طهارة فإنه إذا كان من المسافر كان كذلك أيضا وجب عليه من الطهارة ما يجب عليه
لو كان حاضرا
ورأينا طهارة أخرى ينقضها خروج وقت وهي المسح على الخفين فكان الحاضر والمسافر في ذلك سواء
ينقض طهارتهما خروج وقت ما وإن كان ذلك الوقت في نفسه مختلفا في الحضر والسفر
فلما ثبت أن ما ذكرنا كذلك وإنما ينقض طهارة الحاضر من ذلك ينقض طهارة المسافر وكان خروج الوقت
عن المسافر لا ينقض طهارة كان خروجه عن المقيم أيضا كذلك قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد قال بذلك جماعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
44

حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك أن أصحاب
أبي موسى الأشعري توضؤوا وصلوا الظهر فلما حضرت العصر قاموا ليتوضأوا فقال لهم مالكم أحدثتم
فقالوا لا فقال الوضوء من غير حدث ليوشك أن يقتل الرجل أباه وأخاه وعمه وابن عمه وهو يتوضأ
من غير حدث
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن عمرو بن عامر قال سمعت أنسا يقول كنا نصلي
الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أخبرني مسعود بن علي عن عكرمة أن سعدا
كان يصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم يحدث
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر
عكرمة وزاد وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتوضأ لكل صلاة ويتلو (إذا قمتم إلى الصلاة
فاغسلوا وجوهكم وأيديكم)
قال أبو جعفر وليس في هذه الآية عندنا دليل على وجوب الوضوء لكل صلاة لأنه قد يجوز أن يكون
قوله ذلك على القيام وهم محدثون
ألا ترى أنهم قد أجمعوا أن حكم المسافر هو هذا أو أن الوضوء لا يجب عليه حتى يحدث
فلما ثبت أن هذا حكم المسافر في هذه الآية وقد خوطب بها كما خوطب الحاضر ثبت أن حكم الحاضر فيها
كذلك أيضا
وقد قال بن الفغواء إنهم كانوا إذا أحدثوا لم يتكلموا حتى يتوضأوا فنزلت هذه الآية (إذا قمتم إلى
الصلاة) فأخبر أن ذلك إنما هو القيام إلى الصلاة بعد حدث
حدثنا ابن مرزوق مرة أخرى قال ثنا عبد الصمد وبشر بن عمر قالا ثنا شعبة عن مسعود بن علي بذلك
ولم يذكر عكرمة
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن محمد أن شريحا كان يصلي الصلوات كلها
بوضوء واحد
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا الحجاج عن يزيد بن إبراهيم عن الحسن انه كان لا يرى بذلك بأسا والله أعلم
باب الرجل يخرج من ذكره المذي كيف يفعل
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا أمية بن بسطام قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن ابن
أبي نجيح عن عطاء عن إياس بن خليفة عن رافع بن خديج أن عليا أمر عمارا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
المذي فقال يغسل مذاكيره ويتوضأ
45

قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن غسل المذاكير واجب على الرجل إذا أمذى وإذا بال
واحتجوا في ذلك بهذا الأثر
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لم يكن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم على إيجاب غسل المذاكير ولكنه ليتقلص
المذي فلا يخرج
قالوا ومن ذلك ما أمر به المسلمون في الهدي إذا كان له لبن أن ينضح ضرعه بالماء ليتقلص ذلك فيه
فلا يخرج
وقد جاءت الآثار متواترة بما يدل على ما قالوا
فمن ذلك ما حدثنا ابن أبي داود وابن أبي عمران قالا ثنا عمرو بن محمد الناقد قال ثنا عبيدة بن حميد
عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال علي رضي الله عنه كنت
رجلا مذاء فأمرت رجلا يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه الوضوء
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال أنا هشيم قال أنا الأعمش عن منذر أبي يعلي
الثوري عن محمد بن الحنفية قال سمعته يحدث عن أبيه قال كنت أجد مذيا فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم
عن ذلك واستحييت أن أسأله لان ابنته عندي فسأله فقال إن كل فحل يمذي فإذا كان المني ففيه الغسل
وإذا كان المذي ففيه الوضوء
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا زائدة بن قدامة عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن
عن علي رضي الله عنه قال كنت رجلا مذاء وكانت عندي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال توضأ واغسله
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا يزيد بن أبي زياد قال ثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
علي رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي فقال فيه الوضوء وفي المني الغسل
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ عن
علي رضي الله عنه قال كنت رجلا مذاء فكنت إذا أمذيت اغتسلت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه الوضوء
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا إسرائيل ح
وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا إسرائيل ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا زائدة قال ثنا الركين بن الربيع الفزاري عن حصين
بن قبيصة عن علي قال كنت رجلا مذاء فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا رأيت المذي فتوضأ واغسل ذكرك
وإذا رأيت المني فاغتسل
46

حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عائش بن
أنس قال سمعت عليا على المنبر يقول كنت رجلا مذاء فأردت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه لان ابنته
كانت تحتي فأمرت عمارا فسأله فقال يكفي منه الوضوء
قال أبو جعفر أفلا ترى أن عليا لما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوجبه عليه في ذلك ذكر وضوء الصلاة
فثبت بذلك أن ما كان سوى وضوء الصلاة مما أمر به فإنما كان ذلك لغير المعنى الذي وجب له وضوء الصلاة
وقد روى سهل بن حنيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على هذا أيضا
حدثنا نصر بن مرزوق وسليمان بن شعيب قالا ثنا يحيى بن حسان قال ثنا حماد بن زيد عن محمد بن
إسحاق عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي
فقال فيه الوضوء
فأخبر أن ما يجب فيه هو الوضوء وذلك ينفي أن يكون عليه مع الوضوء غيره
فإن قال قائل فقد روي عن عمر بن الخطاب ما يوافق ما قال أهل المقالة الأولى فذكر ما حدثنا أبو بكرة
قال ثنا أبو عمر قال أنا حماد بن سلمة قال أنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن سليمان بن ربيعة الباهلي
تزوج امرأة من بني عقيل فكان يأتيها فيلاعبها
فسأل عن ذلك عمر بن الخطاب فقال إذا وجدت الماء فاغسل فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة
قيل له يحتمل أن يكون وجه ذلك أيضا ما صرفنا إليه وجه حديث رافع بن خديج
وقد روي عن جماعة ممن بعده ما يوافق ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن اسما عيل قال ثنا سفيان الثوري ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا هلال بن يحيى بن مسلم قال ثنا أبو عوانة كلاهما عن منصور عن مجاهد عن
مورق العجلي عن ابن عباس رضي الله عنه قال هو المني والمذي والودي
فأما المذي والودي فإنه يغسل ذكره ويتوضأ وأما المني ففيه الغسل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن أبي جمرة قال قلت لابن عباس إني أركب الدابة فأمذي
فقال أغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة
أفلا ترى أن بن عباس رضي الله عنه حين ذكر ما يجب في المذي ذكر الوضوء خاصة وحين أمر أبا جمرة أمره
مع الوضوء بغسل الذكر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن في المذي والودي قال
يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة
47

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن زياد بن فياض عن سعيد بن جبير قال
إذا أمذى الرجل غسل الحشفة وتوضأ وضوءه للصلاة
قال أبو جعفر فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار فقد ثبت به ما وصفنا
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا رأينا خروج المذي حدثا فأردنا أن ننظر في خروج الاحداث
ما الذي يجب به
فكان خروج الغائط يجب به غسل ما أصاب البدن منه ولا يجب غسل ما سوى ذلك إلا التطهر للصلاة
وكذلك خروج الدم من أي موضع ما خرج في قول من جعل ذلك حدثا
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك خروج المذي الذي هو حدث لا يجب فيه غسل غير الموضع الذي أصابه
من البدن غير التطهر للصلاة فثبت ذلك أيضا بما ذكرنا من طريق النظر وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب حكم المني هل هو طاهر أم نجس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن همام بن الحارث أنه
كان نازلا على عائشة رضي الله عنه فاحتلم فرأته جارية لعائشة وهو يغسل أثر الجنابة من ثوبه أو يغسل ثوبه
فأخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها فقالت عائشة رضي الله عنها لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه من ثوب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال شعبة أنا عن الحكم فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن إبراهيم
النخعي عن همام عن عائشة رضي الله عنها نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن همام
فذكر نحوه
حدثنا فهد قال ثنا علي قال ثنا عبيد الله عن زيد عن الأعمش فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يوسف بن عدي قال أنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود بن
يزيد وهمام عن عائشة رضي الله عنها مثله
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن همام عن عائشة مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن حماد عن إبراهيم عن همام عن عائشة
رضي الله عنها مثله
48

غير أنه قال لقد رأيتني وما أزيد على أن أحته من الثوب فإذا جف دلكته
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال ثنا مهدي بن ميمون قال ثنا واصل الأحدب
عن إبراهيم النخعي عن الأسود قال لقد رأتني عائشة وأنا أغسل جنابة من ثوبي فقالت لقد رأيتني وإنه
ليصيب ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يزيد على أن يفعل به هكذا تعني يفركه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا دحيم قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعي عن عطاء عن عائشة
قالت كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني المني
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن أبي هاشم عن أبي مخلد عن الحارث بن نوفل
عن عائشة رضي الله عنها مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي السري قال ثنا مبشر بن إسماعيل قال ثنا جعفر بن برقان عن الزهري
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أفرك المني من مرط رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مرطنا يومئذ الصوف
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال ثنا الحميدي قال ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى
بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا
وأغسله أو أمسحه إذا كان رطبا شك الحميدي
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبثر بن القاسم عن برد أخي يزيد بن أبي زياد عن أبي
شقالة النخعي عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي رحمه الله فذهب ذاهبون إلى أن المني طاهر وأنه لا يفسد الماء وإن
وقع فيه وأن حكمه في ذلك حكم النخامة واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل هو نجس وقالوا لا حجة لكم في هذه الآثار لأنها إنما جاءت في ذكر
ثياب ينام فيها ولم تأت في ثياب يصلي فيها وقد رأينا الثياب النجسة بالغائط والبول والدم لا بأس بالنوم فيها ولا
تجوز الصلاة فيها فقد يجوز أن يكون المني كذلك
وإنما يكون هذا الحديث حجة علينا لو كنا نقول لا يصلح النوم في الثوب النجس فإذا كنا نبيح ذلك ونوافق
ما رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ونقول من بعد لا يصلح الصلاة في ذلك فلم نخالف شيئا مما روي في ذلك
عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد جاء عن عائشة رضي الله عنه فيما كانت تفعل بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه إذا أصابه المني
ما حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا عبد الله بن المبارك وبشر بن المفضل عن عمرو بن ميمون عن
سليمان
49

بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن
بقع الماء لفي ثوبه
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية عن عمرو فذكر بإسناده نحوه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا عمرو فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فهكذا كانت عائشة رضي الله عنها تفعل بثوب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه تغسل المني منه
وتفركه من ثوبه الذي كان لا يصلي فيه
وقد وافق ذلك ما روي عن أم حبيبة
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا إسحاق بن بكر بن مضر قال حدثني أبي عن جعفر بن ربيعة عن يزيد بن أبي
حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن خديج عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يضاجعك فيه فقالت نعم إذا لم يصبه أذى
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو وابن لهيعة والليث عن يزيد فذكر بإسناده مثله
وقد روى عن عائشة رضي الله عنها أيضا ما يوافق ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا خالد بن الحارث عن أشعث عن محمد عن عبد الله بن شقيق
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لحف نسائه
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن حميد قال ثنا غندر عن شعبة عن أشعث فذكر بإسناده مثله غير أنه قال
في لحفنا
قال أبو جعفر فثبت بما ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي في الثوب الذي ينام فيه إذا أصابه شئ من
الجنابة وثبت أن ما ذكره الأسود وهمام عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في ثوب النوم لا في
ثوب الصلاة
فكان من الحجة لأهل القول الأول على أهل القول الثاني في ذلك ما حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن
يحيى قال أنا خالد بن عبد الله عن خالد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة رضي الله عنها
قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بأصابعي ثم يصلي فيه ولا يغسله
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن همام عن عائشة رضي الله عنها مثله
حدثنا محمد بن الحجاج وسليمان بن شعيب قالا ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن
50

إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا قزعة بن سويد قال حدثني حميد الأعرج وعبد الله بن أبي
نجيح عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها مثله
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا عيسى بن ميمون قال ثنا القاسم بن محمد عن
عائشة رضي الله عنها مثله
قالوا ففي هذه الآثار أنها كانت تفرك المني من ثوب الصلاة كما تفركه من ثوب النوم
قال أبو جعفر وليس في هذا عندنا دليل على طهارته فقد يجوز أن يكون كانت تفعل به هذا فيطهر بذلك
الثوب والمني في نفسه نجس كما قد روي فيما أصاب النعل من الأذى
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وطئ أحدكم الأذى بخفه أو بنعله فطهورهما التراب
قال أبو جعفر فكان ذلك التراب يجزئ من غسلهما وليس في ذلك دليل على طهارة الأذى في نفسه
فكذلك ما روينا في المني يحتمل أن يكون كان حكمه عندهما كذلك يطهر الثوب بإزالتهم إياه عنه بالفرك
وهو في نفسه نجس كما كان الأذى يطهر النعل بإزالتهم إياه عنها وهو في نفسه نجس
فالذي وقفنا عليه من هذه الآثار المروية في المني هو أن الثوب يطهر مما أصابه من ذلك بالفرك إذا كان يابسا
ويجزئ ذلك من الغسل وليس في شئ من هذا دليل على حكمه هو في نفسه أطاهر هو أم نجس
فذهب ذاهب إلى أنه قد روى عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على أنه كان عندها نجسا وذكر في ذلك
ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في المني إذا أصاب الثوب إذا رأيته فاغسله وإن لم تره فانضحه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال حدثنا شعبة قال أنا أبو بكر بن حفص قال
سمعت عمتي تحدث عن عائشة مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله قال فهذا قد دل على
نجاسته عندها
قيل له ما في ذلك دليل على ما ذكرت لأنه لو كان حكمه عندها حكم سائر النجاسات من الغائط والبول
والدم لأمرت بغسل الثوب كله إذا لم يعرف موضعه منه
51

ألا ترى أن ثوبا لو أصابه بول فخفي مكانه أنه لا يطهره النضح وأنه لا بد من غسله كله حتى يعلم طهوره
من النجاسة
فلما كان حكم المني عند عائشة رضي الله عنها إذا كان موضعه من الثوب غير معلوم النضح ثبت بذلك
أن حكمه كان عندها بخلاف سائر النجاسات
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فروى عنهم في ذلك ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد
قال ثنا هشيم قال أنا حصين عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يفرك الجنابة من ثوبه
فهذا يحتمل أن يكون كان يفعل ذلك لأنه عنده طاهر
ويحتمل أن يكون كان يفعل ذلك كما يفعل بالروث المحكوك من النعل لا لأنه عنده طاهر
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن
حاطب أنه أعتمر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ركب فيهم عمرو بن العاص وأن عمر عرس ببعض
الطريق قريبا من بعض المياه
فاحتلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد كاد أن يصبح فلم يجد ماء في الركب فركب حتى جاء الماء فجعل
يغسل ما رأى من الاحتلام حتى أسفر
فقال له عمرو أصبحت ومعنا ثياب فدع ثوبك فقال عمر بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن الصلت أنه قال
خرجت مع عمر بن الخطاب إلي الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم ولم يغتسل فقال والله ما أراني إلا قد احتلمت
وما شعرت وصليت وما اغتسلت فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم يره
فأما ما روى يحيى بن عبد الرحمن عن عمر فهو يدل على أن عمر فعل ما لا بد له منه لضيق وقت الصلاة ولم
ينكر ذلك عليه أحد ممن كان معه فدل ذلك على متابعتهم إياه على ما رأى من ذلك
وأما قوله وأنضح ما لم أره بالماء فإن ذلك يحتمل أن يكون أراد به وأنضح ما لم أر مما أتوهم أنه أصابه
ولا أتيقن ذلك حتى يقطع ذلك عنه الشك فيما يستأنف ويقول هذا البلل من الماء
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن طلحة بن
عبد الله عن أبي هريرة قال في المني يصيب الثوب إن رأيته فاغسله وإلا فاغسل الثوب كله
فهذا يدل على أنه قد كان يراه نجسا
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضي الله عنه قال امسحوا بإذخر
فهذا يدل على أنه قد كان يراه طاهرا
52

حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس
رضي الله عنه نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن مسعر عن جبلة بن سحيم قال سألت
بن عمر عن المني يصيب الثوب قال انضحه بالماء
فقد يجوز أن يكون أراد بالنضح الغسل لان النضح قد يسمى غسلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف مدينة
ينضح البحر بجانبها يعني يضرب البحر بجانبها
ويحتمل أن يكون بن عمر أراد غير ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير قال سئل جابر بن سمرة
وأنا عنده عن الرجل يصلي في الثوب الذي يجامع فيه أهله قال صل فيه إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله
ولا تنضحه فإن النضح لا يزيده إلا شرا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا الوليد قال ثنا السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد قال سئل
أنس بن مالك عن قطيفة أصابتها جنابة لا يدري أين موضعها قال اغسلها
قال أبو جعفر فلما اختلف فيه هذا الاختلاف ولم يكن فيما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على حكمه
كيف هو اعتبرنا ذلك من طريق النظر فوجدنا خروج المني حدثا أغلظ الاحداث لأنه يوجب أكبر
الطهارات
فأردنا أن ننظر في الأشياء التي خروجها حدث كيف حكمها في نفسها
فرأينا الغائط والبول خروجهما حدث وهما نجسان في أنفسهما
وكذلك دم الحيض والاستحاضة هما حدث وهما نجسان في أنفسهما ودم العروق كذلك في النظر
فلما ثبت بما ذكرنا أن كل ما كان خروجه حدثا فهو نجس في نفسه وقد ثبت أن خروج المني حدث ثبت
أيضا أنه في نفسه نجس
فهذا هو النظر فيه غير أنا اتبعنا في إباحة حكمه إذا كان يابسا ما روى في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الذي يجامع ولا ينزل
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا أبي قال ثنا حسين المعلم عن يحيى بن
أبي كثير عن أبي سلمة عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد الجهني أنه سأل عثمان بن عفان عن الرجل يجامع
فلا ينزل قال ليس عليه إلا الطهور ثم قال سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم
53

قال وسألت علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب فقالوا ذلك
قال وأخبرني أبو سلمة قال حدثني عروة أنه سأل أبا أيوب فقال ذلك
حدثنا يزيد قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا عبد الوارث فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر عليا
ولا سؤال عروة أبا أيوب
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا عبد الوارث عن حسين المعلم عن يحيى عن أبي سلمة عن عطاء
بن يسار عن زيد بن خالد قال سألت عثمان عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل قال ليس عليه غسل
فأتيت الزبير بن العوام وأبي بن كعب فقالا مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا يزيد قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا الحجاج قال ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب الأنصاري
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس في الإكسال إلا الطهور
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا نعيم قال أنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه قال حدثني
أبو أيوب الأنصاري عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع فيكسل
قال يغسل ما أصابه ويتوضأ وضوءه للصلاة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان قال ثنا عمرو بن دينار عن عروة بن عياض
عن أبي سعيد الخدري قال قلت لإخواني من الأنصار أنزلوا الامر كما تقولون الماء من الماء أرأيتم إن
أغتسل
فقالوا لا والله حتى لا يكون في نفسك حرج مما قضى الله ورسوله
حدثنا يزيد قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فدعاه فخرج إليه ورأسه يقطر ماء قال لعلنا أعجلناك قال نعم
قال فإذا أعجلت أو أقحطت أي فقد ماؤك فعليك الوضوء
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بن شهاب
أخبره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الماء من الماء
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا عمرو بن دينار عن
عبد الرحمن بن السائب عن عبد الرحمن بن سعاد عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يزيد قال ثنا العلاء بن محمد سنان قال حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن
54

أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من الأنصار فأبطأ فقال ما حبسك قال كنت أصبت
من أهلي فلما جاء رسولك اغتسلت ولم أحدث شيئا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء من الماء والغسل على من أنزل
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن من وطئ في الفرج فلم ينزل فليس عليه غسل واحتجوا في ذلك بهذه
الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا عليه الغسل وإن لم ينزل
واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن الحجاج وسليمان بن شعيب قالا ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي
قال حدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن الرجل يجامع فلا ينزل
فقالت فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا منه جميعا
حدثنا محمد بن بحز بن مطر البغدادي قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن عبد العزيز بن
النعمان عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان اغتسل
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال
ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان أيوجب الغسل فقال أبو موسى أنا آتيكم بعلم ذلك فنهض
وتبعته حتى أتى عائشة فقال يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شئ وأنا أستحي أن أسألك فقالت
سل فإنما أنا أمك
قال إذا التقى الختانان أيجب الغسل
فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان اغتسل
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد فذكر بإسناده مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عياض بن عبد الله القرشي وابن لهيعة عن أبي الزبير المكي
عن جابر بن عبد الله قال أخبرتني أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل
يجامع أهله ثم يكسل هل عليه من غسل وعائشة رضي الله عنها جالسة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل
قالوا فهذه الآثار تخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل إذا جامع وإن لم ينزل
فقيل لهم هذه الآثار إنما تخبر عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يجوز أن يفعل ما ليس عليه والآثار الأول
تخبر عما يجب وما لا يحب فهي أولى
55

فكان من الحجة لأهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى أن الآثار التي رويناها في الفصل الأول من هذا
هذا الباب على ضربين
فضرب منهما الماء من الماء لا غير وضرب منهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأغسل على من أكسل
حتى ينزل
فأما ما كان من ذلك فيه ذكر الماء من الماء فإن بن عباس رضي الله عنه قد روى عنه في ذلك أن مراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم به قد كان غير ما حمله عليه أهل المقالة الأولى
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا شريك عن داود عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه
قولها لماء من الماء إنما ذلك في الاحتلام إذا رأى أنه يجامع ثم لم ينزل فلا غسل عليه
فهذا بن عباس قد أخبر أن وجهه غير الوجه الذي حمله عليه أهل المقالة الأولى فضاد قوله قولهم
وأما ما روي فيما بين فيه الامر وأخبر فيه بالقصد أنه لأغسل عليه في ذلك حتى يكون الماء فإنه
قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد وجب الغسل
حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا همام وأبان عن قتادة فذكر
بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا هشام عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد بين شعبها الأربع ثم ألزق الختان الختان فقد وجب الغسل
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي قال ثنا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن حبان بن واسع
عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
قال أبو جعفر فهذه الآثار تضاد الآثار الأول وليس في شئ من ذلك دليل على الناسخ من ذلك ما هو
56

فنظرنا في ذلك فإذا علي بن شيبة قد حدثنا قال ثنا الحماني قال ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس
عن الزهري عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال إنما كان الماء من الماء في أول الاسلام فلما أحكم الله
الامر نهى عنه
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي قال أخبرني عمرو بن الحارث قال قال بن شهاب حدثني بعض
من أرضي عن سهل بن سعد الساعدي أن أبي بن كعب الأنصاري أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الماء من الماء
رخصة في أول الاسلام ثم نهى عن ذلك وأمر بالغسل
حدثنا يزيد بن سنان بالفتح وابن أبي داود قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث
قال حدثني عقيل عن ابن قال قال سهل بن سعد الساعدي قال حدثني أبي بن كعب ثم ذكر مثله
قال أبو جعفر فهذا أبي يخبر أن هذا هو الناسخ لقوله الماء من الماء
وقد روي عنه بعد ذلك من قوله ما يدل على هذا أيضا
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب عن محمود بن
لبيد أنه سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد يغتسل
فقلت له أن أبي بن كعب كان لا يرى فيه الغسل
فقال زيد أن أبيا قد نزع رجع عن ذلك قبل أن يموت
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فهذا أبي قد قال هذا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فلا يجوز هذا عندنا إلا وقد ثبت
نسخ ذلك عنده من رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه وعثمان بن عفان رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون إذا مس الختان
الختان فقد وجب الغسل
فهذا عثمان أيضا يقول هذا وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه فلا يجوز هذا إلا وقد ثبت النسخ عنده
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حميد الصائغ قال ثنا حبيب بن شهاب عن أبيه قال سألت أبا هريرة ما يوجب
الغسل فقال إذا غابت المدورة
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرناه عنه في هذا الباب ما يخالف ذلك فهذا أيضا دليل على
نسخ ذلك
57

حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة
الجملي عن سعيد بن المسيب قال رجال من الأنصار يفتون أن الرجل إذا جامع المرأة ولم ينزل فلا غسل عليه
وكان المهاجرون لا يتابعونهم على ذلك
فهذا يدل على نسخ ذلك أيضا لان عثمان والزبير هما من المهاجرين وقد سمعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما قد روينا عنهما في أول هذا الباب ثم قد قالا بخلاف ذلك فلا يجوز ذلك منهما إلا وقد ثبت النسخ عندهما
ثم قد كشف ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار
فلم يثبت ذلك عنده فحمل الناس على غيره وأمرهم بالغسل ولم يعترض عليه في ذلك أحد وسلموا ذلك له فذلك
دليل على رجوعهم أيضا إلى قوله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن
معمر بن أبي حبيبة قال سمعت عبيد بن رفاعة الأنصاري يقول كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت فتذاكرنا الغسل
من الانزال
فقال زيد ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة
فقام رجل من أهل المجلس فأتي عمر فأخبره بذلك
فقال عمر للرجل اذهب أنت بنفسك فائتني به حتى يكون أنت الشاهد عليه
فذهب فجاء به وعند عمر ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل
رضي الله عنه
فقال عمر أنت عدو نفسك تفتي الناس بهذا فقال زيد أم والله ما ابتدعته ولكني سمعته من عماي
رفاعة بن رافع ومن أبي أيوب الأنصاري
فقال عمر لمن عنده من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما تقولون فاختلفوا عليه
فقال عمر يا عباد الله فمن أسأل بعدكم وأنتم أهل بدر الأخيار
فقال له علي بن أبي طالب فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إن كان شئ من ذلك ظهرت عليه
فأرسل إلى حفصة فسألها فقالت لا علم لي بذلك ثم أرسل إلى عائشة رضي الله عنها فقالت إذا جاوز الختان
الختان فقد وجب الغسل
فقال عمر رضي الله عنه عند ذلك لا أعلم أحدا فعله ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا عياش بن الوليد قال ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن
58

يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حبيبة عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال إني لجالس عند عمر بن الخطاب
رضي الله عنه إذ جاء رجل فقال يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في الغسل من الجنابة برأيه
فقال عمر رضي الله عنه أعجل علي به فجاء زيد
فقال عمر رضي الله عنه قد بلغني من أمرك أن تفتي الناس بالغسل من الجنابة برأيك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له زيد أم والله يا أمير المؤمنين ما أفتيت برأيي ولكني سمعت من أعمامي شيئا فقلت به
فقال من أي أعمامك فقال من أبي بن كعب وأبي أيوب ورفاعة بن رافع
فالتفت إلي عمر فقال ما يقول هذا الفتى
قال فقلت إنا كنا لنفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا نغتسل
قال أفسألتم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقلت لا
قال علي بالناس فاتفق الناس أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا ما كان من علي ومعاذ بن جبل فقالا
إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
فقال يا أمير المؤمنين لا أجد أحدا أعلم بهذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه
فأرسل إلى حفصة رضي الله عنه فقالت لا علم لي
فأرسل إلي عائشة رضي الله عنه فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
فتحطم عمر وقال لئن أخبرت بأحد يفعله ثم لا يغتسل لأنهكته عقوبة أي لما لنت في عقوبته
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث قال حدثني معمر بن
أبي حبيبة عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال تذاكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر بن الخطاب الغسل من
الجنابة فقال بعضهم إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل وقال بعضهم إنما الماء من الماء
فقال عمر رضي الله عنه قد اختلفتم علي وأنتم أهل بدر الأخيار فكيف بالناس بعدكم فقال علي بن أبي
طالب رضي الله عنه يا أمير المؤمنين إن أردت أن تعلم ذلك فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسلهن عن ذلك
فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
فقال عمر رضي الله عنه عند ذلك لا أسمع أحدا يقول الماء من الماء إلا جعلته نكالا
فهذا عمر قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منكر
وقول رفاعة في حديث بن إسحاق فقال الناس الماء من الماء يحتمل أن يكون عمر لم يقبل ذلك لأنه
قد يحتمل أن يكون على ما حملوه عليه من ذلك ويحتمل أن يكون كما قال بن عباس رضي الله عنه
59

فلما لم يثبتوا له ذلك ترك قولهم فصار إلى ما رآه هو وسائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد روي عن آخرين منهم ما يوافق ذلك أيضا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا حماد بن زيد عن الحجاج عن أبي جعفر
عن محمد بن علي رضي الله عنهما قال اجتمع المهاجرون أن ما أوجب عليه الحد من الجلد والرجم أوجب الغسل
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم
حدثنا يزيد قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبد الله في الرجل
يجامع فلا ينزل قال إذا بلغت ذلك اغتسلت
حدثنا يزيد قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال إذا خلف
الختان الختان فقد وجب الغسل
حدثنا روح قال ثنا ابن بكير قال ثنا حماد بن زيد عن الصقعب بن زهير عن عبد الله بن الأسود قال
كان أبي يبعثني إلى عائشة رضي الله عنها قبل أن أحتلم فلما احتلمت جئت فناديت فقلت ما يوجب الغسل
فقالت إذا التقت المواسي
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي النضر عن أبي سلمة قال سألت عائشة رضي الله
عنها ما يوجب الغسل فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل
حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن ميمون بن مهران عن عائشة
رضي الله عنها قال إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال ثنا جويرية عن نافع عن عبد الله قالا
إذا خلف الختان الختان فقد وجب الغسل
حدثنا أحمد قال ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر عن علي رضي الله عنه مثله
قال أبو جعفر فقد ثبت بهذه الآثار التي رويناها صحة قول من ذهب إلى وجوب الغسل بالتقاء الختانين
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فإنا رأيناهم لم يختلفوا أن الجماع في الفرج الذي لا إنزال معه حدث
فقال قوم هو أغلظ الاحداث فأوجبوا فيه أغلظ الطهارات وهو الغسل
وقال قوم هو كأخف الاحداث فأوجبوا فيه أخف الطهارات وهو الوضوء
60

فأردنا أن ننظر إلى التقاء الختانين هل هو أغلظ الأشياء فنوجب فيه أغلظ ما يجب في ذلك
فوجدنا أشياء يوجبها الجماع وهو فساد الصيام والحج فكان ذلك بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال
ويوجب ذلك في الحج الدم وقضاء الحج ويوجب في الصيام القضاء والكفارة في قول من يوجبها
ولو كان جامع فيما دون الفرج وجب عليه في الحج دم فقط ولم يجب عليه في الصيام شئ إلا أن ينزل
وكل ذلك محرم عليه في حجه وصيامه وكان من زنى بامرأة حد وإن لم ينزل ولو فعل ذلك على وجه شبهة
فسقط بها الحد عنه وجب عليه المهر
وكان لو جامعها فيما دون الفرج لم يجب عليه في ذلك حد ولا مهر ولكنه يعزر إذا لم تكن هناك شبهة
وكان الرجل إذا تزوج المرأة فجامعها جماعا لا خلوة معه في الفرج ثم طلقها كان عليه المهر أنزل أو لم
ينزل ووجبت عليها العدة وأحلها ذلك لزوجها الأول
ولو جامعها فيما دون الفرج لم يجب في ذلك عليه شئ وكان عليه في الطلاق نصف المهر إن كان سمي لها
مهرا أو المتعة إذا لم يكن سمي لها مهرا
فكان يجب في هذه الأشياء التي وصفنا التي لا إنزال معها أغلظ ما يجب في الجماع الذي معه الانزال من
الحدود والمهور وغير ذلك
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو في حكم الاحداث أغلظ الاحداث ويجب فيه أغلظ ما يجب
في الاحداث وهو الغسل
وحجة أخرى في ذلك أنا رأينا هذه الأشياء التي وجبت بالتقاء الختانين فإذا كان بعدها الانزال لم يجب
بالانزال حكم ثان وإنما الحكم لالتقاء الختانين
ألا ترى أن رجلا لو جامع امرأة جماع زناء فالتقى ختاناهما وجب الحد عليهما بذلك ولو أقام عليهما حتى
أنزل لم يجب بذلك عليه عقوبة غير الحد الذي وجب عليه بالتقاء الختانين ولو كان ذلك الجماع على وجه شبهة
فوجب عليه المهر بالتقاء الختانين ثم أقام عليها حتى أنزل لم يجب عليه في ذلك الانزال شئ بعد ما وجب
بالتقاء الختانين وكان ما يحكم به في هذه الأشياء على من جامع فأنزل هو ما يحكم به عليه إذا جامع ولم ينزل
وكان الحكم في ذلك هو لالتقاء الختانين لا للإنزال الذي يكون بعده
فالنظر على ذلك أن يكون الغسل الذي يجب على من جامع وأنزل هو بالتقاء الختانين لا بالانزال الذي
يكون بعده
فثبت بذلك قول الذين قالوا إن الجماع يوجب الغسل كان معه إنزال أو لم يكن
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وعامة العلماء رحمهم الله تعالى
وحجة أخرى في ذلك أن فهدا حدثنا قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن زيد عن جابر هو
بن يزيد عن أبي صالح قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب فقال إن نساء الأنصار تفتين أن
61

الرجل إذا جامع فلم ينزل فإن على المرأة الغسل ولا غسل عليه وإنه ليس كما أفتين وإذا جاوز الختان الختان
فقد وجب الغسل
قال أبو جعفر ففي هذا الأثر أن الأنصار كانوا يرون أن الماء من الماء إنما هو في الرجال المجامعين
لا في النساء المجامعات وأن المخالطة توجب على النساء الغسل وإن لم يكن معها إنزال
وقد رأينا الانزال يستوي فيه حكم النساء والرجال في وجوب الغسل عليهم
فالنظر على ذلك أن يكون حكم المخالطة التي لا إنزال معها يستوي فيها حكم الرجال والنساء في وجوب
الغسل عليهم
باب أكل ما غيرت النار هل يوجب الوضوء أم لا
حدثنا ابن أبي داود وأحمد بن داود قالا ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام عن مطر الوراق
قال قلت عمن أخذ الحسن الوضوء مما غيرت النار
قال أخذه الحسن عن أنس وأخذه أنس عن أبي طلحة وأخذه أبو طلحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال حدثني أبي
عن أبيه وهو محمد بن عبد الله وهو بن عبد الله القارئ عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه أكل ثور أقط فتوضأ منه قال عمرو والثور القطعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر عن
خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال توضؤوا مما غيرت النار
حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث بن سعد قال حدثني
عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله
حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني
عقيل عن ابن شهاب فذكر مثله بإسناده
حدثنا فهد وابن أبي داود قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال أخبرني الليث قال حدثني عقيل
عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان أنه سأل عروة بن الزبير عن ذلك فقال عروة
سمعت عائشة رضي الله عنها تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة
بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا سعيد بن أبي سفيان بن المغيرة أخبره أنه دخل على أم حبيبة زوج
62

النبي صلى الله عليه وسلم فدعت له بسويق فشرب ثم قالت يا بن أخي توض فقال إني لم أحدث شيئا فقالت إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال توضؤا مما مست النار
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا إسحاق بن بكر بن مضر قال ثنا أبي عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن
سوادة عن محمد بن مسلم بن شهاب عن أبي سلمة عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس عن أم حبيبة
رضي الله عنها مثله غير أنه قال يا بن أختي
حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عبد الرحمن بن خالد
عن ابن شهاب فذكر مثله بإسناده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضؤوا مما غيرت النار ولو من ثور أقط
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضؤوا من ثور أقط
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضؤوا مما مست النار ولو من ثور أقط
فقال بن عباس رضي الله عنه يا أبا هريرة فإنا ندهن بالدهن وقد سخن بالنار ونتوضأ بالماء
وقد سخن بالنار
فقال يا بن أخي إذا سمعت الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له الأمثال
حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا بكر بن مضر قال ثنا الحارث بن يعقوب أن عراك بن
مالك أخبره قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضؤوا مما مست النار
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا إسحاق بن بكر قال حدثني أبي عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة
عن محمد بن مسلم عن عمرو بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ قال رأيت أبا هريرة يتوضأ على ظهر
المسجد فقال أكلت من أثوار أقط فتوضأت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضؤوا مما مست النار
حدثنا فهد وابن أبي داود قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عبد الرحمن بن
خالد عن ابن شهاب فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن
بن عمرو الأوزاعي عن المطلب بن حنطب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث عن حسين المعلم عن يحيى فذكر مثله بإسناده
63

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن معين قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن سليمان
بن أبي الربيع عن القاسم مولى معاوية قال اتيت المسجد فرأيت الناس مجتمعين على شيخ يحدثهم قلت من هذا
قالوا سهل بن الحنظلية فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل لحما فليتوضأ
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قال كنا نتوضأ مما غيرت النار ونمضمض من اللبن ولا نمضمض من التمر
فذهب قوم إلى الوضوء مما غيرت النار واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا وضوء في شئ من ذلك
وذهبوا في ذلك إلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
حدثني يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا القعنبي
قال ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى
ولم يتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن زيد بن أسلم
فذكر نحوه بإسناده
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا محمد بن الزبير الحنظلي عن علي بن عبد الله بن
العباس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا أحمد بن يحيى الصوري قال ثنا الهيثم بن جميل قال ثنا ابن ثوبان عن داود بن علي عن أبيه
عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبي نعيم هو هب بن كيسان
عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال اكل رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا ولحما ثم ذكر مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو
بن حلحلة الدولي عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه دخل علي بن عباس رضي الله عنه يوما في بيت ميمونة
فضرب على يدي وقال عجبت من ناس يتوضئون مما مست النار والله لقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه يوما ثيابه
ثم أتي بثريد فأكل منها ثم قام فخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ
حدثنا يونس والربيع المؤذن قالا ثنا أسد ح وحدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم بن أبي إياس ح
64

وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قالوا ثنا شعبة قال سمعت أبا عون محمد بن عبد الله الثقفي يقول
سمعت عبد الله بن شداد بن الهاد يحدث عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة فنشلت له كتفا
فأكل منها ثم خرج فصلى ولم يتوضأ
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان الثوري عن أبي عون قال سمعت عبد الله
بن شداد يقول سأل مروان أبا هريرة عن الوضوء مما غيرت النار فأمره به ثم قال كيف نسأل أحدا وفينا
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
فأرسلوا إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألوها ثم ذكر مثل حديث شعبة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أخبرني بن جريج عن محمد بن يوسف عن سليمان بن يسار
عن أم سلمة قال قربت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبا مشويا فأكل منه ولم يتوضأ
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا زائدة بن قدامة قال ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل
عن جابر بن عبد الله قال اتينا ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فأكلنا ثم قمنا إلى الصلاة ولم يتوضأ أحد منا ثم
تعشينا ببقية الشاة ثم قمنا إلى صلاة العصر ولم يمس أحد منا ماء
حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن محمد بن
المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال دعتنا امرأة من الأنصار فذبحت لنا شاة وذكر الحديث ورشت لنا صورا
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطهور فأكلنا ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا عمارة بن زاذان عن محمد بن المنكدر قال دخلت على بعض
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلت حدثيني في شئ مما غيرت النار فقالت قل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إلا قلينا له
جنة تكون بالمدينة فيأكل منها ويصلي ولا يتوضأ
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا عمارة بن زاذان عن محمد بن المنكدر قال دخلت على فلانة
بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قد سماها ونسيت
قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي بطن معلق فقال لو طبخت لنا من هذا البطن كذا وكذا
قالت فصنعناه فأكل ولم يتوضأ
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن أم حكيم قالت دخل علي رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأكل كتفا فأذنه بلال بالاذان فصلى ولم يتوضأ
حدثنا ابن مرزوق وربيع الجيزي وصالح بن عبد الرحمن قالوا ثنا القعنبي قال ثنا فائد مولى عبيد الله بن
علي عن عبيد الله عن جده قال
65

طبخت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطن شاة فأكل منها ثم صلى العشاء ولم يتوضأ
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا القعنبي قال ثنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن المغيرة بن أبي رافع
عن أبي رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر العشاء
حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا أسد قال ثنا سعيد بن سالم عن محمد بن أبي حميد قال حدثتني هند بنت
سعيد بن أبي سعيد الخدري عن عمتها قالت زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أكل عندنا كتف شاة ثم قام فصلى ولم يتوضأ
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا نصر بن عبد الجبار قال ثنا ابن لهيعة عن سليمان بن زياد عن عبد الله
بن الحارث الزبيدي قال أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما في المسجد قد شوي ثم أقيمت الصلاة فمسحنا أيدينا
بالحصباء ثم قمنا نصلي ولم نتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح
بن كيسان عن ابن شهاب قال أخبرني جعفر بن عمرو بن أمية أن أباه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل ذراعا
يحتز منها فدعي إلى الصلاة فقام فطرح السكين فصلى ولم يتوضأ
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى بني حارثة
أن سويد بن النعمان حدثه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كان بالصهباء وهي من أدنى خيبر
نزل فصلى العصر ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فترى فأكل وأكلنا ثم قام إلى المغرب
فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن يحيى فذكر نحوه بإسناده غير أنه لم يقل وهي
من أدنى خيبر (0)
حدثنا علي بن معبد قال ثنا مكي بن إبراهيم قال ثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن الحسن بن عبد الله بن
عبيد الله أن عمرو بن عبيد الله حدثه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتفا ثم قام فصلى ولم يتوضأ
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمرو قال حدثني إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن ثابت
وغيره من مشيخة بني عبد الأشهل عن أم عامر بن يزيد امرأة ممن بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق في مسجد بني عبد الأشهل فعرقه ثم قام فصلى ولم يتوضأ
ففي هذه الآثار ما ينفي أن يكون أكل ما مست النار حدثا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوضأ منه
وقد يجوز أن يكون ما أمر به من الوضوء في الآثار الأول هو وضوء الصلاة ويجوز أن يكون هو غسل
اليد لا وضوء الصلاة إلا أنه قد ثبت عنه بما روينا أنه توضأ وأنه لم يتوضأ
فأردنا أن نعلم ما الآخر من ذلك فإذا بن أبي داود وأبو أمية وأبو زرعة الدمشقي قد حدثونا قالوا
66

حدثنا علي بن عباس قال ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال كان آخر
الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا عبد العزيز بن مسلم عن سهيل بن أبي صالح عن
أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ثور أقط فتوضأ ثم أكل بعده كتفا فصلى ولم يتوضأ
فثبت بما ذكرنا أن آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ترك الوضوء مما غيرت النار وأن ما خالف ذلك
فقد نسخ بالفعل الثاني
هذا إن كان ما أمر به من الوضوء يريد به وضوء الصلاة
وإن كان لا يريد به وضوء الصلاة فلم يثبت بالحديث الأول أن أكل ما غيرت النار حدث
فثبت بما ذكرنا بتصحيح هذه الآثار أن أكل ما مست النار ليس بحدث
وقد روى ذلك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا رباح بن أبي معروف عن عطاء عن جابر رضي الله عنه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر رضي الله عنه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه ح
وحدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عمرو عن جابر رضي الله عنه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة قال ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر رضي الله عنه قال أكلنا مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه خبزا ولحما ثم صلى ولم يتوضأ
وفي حديث عبد الله بن محمد خاصة وأكلنا مع عمر خبزا ولحما ثم قام إلى الصلاة ولم يمس ماءا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن محمد
المنكدر عن جابر عن أبي بكر وعمر مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله
يقول رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه أكل لحما ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام قال ثنا قتادة قال قال لي سليمان
بن هشام أن هذا لا يدعنا يعني الزهري أن نأكل شيئا إلا أمرنا أن نتوضأ منه
فقلت سألت عنه سعيد بن المسيب فقال إذا أكلته فهو طيب ليس عليك فيه وضوء فإذا خرج فهو خبيث
عليك فيه الوضوء
67

فقال ما أراكما إلا قد اختلفتما فهل بالبلد من أحد فقلت نعم أقدم رجل في جزيرة العرب
قال من هو قلت عطاء فأرسل فجئ به فقال إن هذين قد اختلفا علي فما تقول
فقال حدثنا جابر بن عبد الله ثم ذكر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مثله
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء قال حدثني جابر
أنه رأى أبا بكر فعل ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن حماد ومنصور وسليمان ومغيرة عن إبراهيم أن بن
مسعود وعلقمة خرجا من بيت عبد الله بن مسعود يريدان الصلاة فجئ بقصعة من بيت علقمة فيها ثريد ولحم
فأكلا فمضمض بن مسعود وغسل أصابعه ثم قام إلى الصلاة
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن الحجاج عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه
عن ابن مسعود قال لان أتوضأ من الكلمة المنتنة أحب إلي من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن محمد بن المنكدر وصفوان بن سليم أنهما أخبراه عن
محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه تعشى مع عمر بن الخطاب ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ضمرة بن سعيد المازني عن أبان بن عثمان رضي الله عنه
أن عثمان أكل خبزا ولحما وغسل يديه ثم مسح بهما وجهه ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان
عن عتبة بن مسلم عن عبيد بن حنين قال رأيت عثمان أتي بثريد فأكل ثم تمضمض ثم غسل يده ثم قام
فصلى بالناس ولم يتوضأ
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن أبي نوفل بن أبي عقرب الكناني قال رأيت بن
عباس أكل خبزا رقيقا ولحما حتى سأل الودك على أصابعه فغسل يده وصلى المغرب
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا إسرائيل عن طارق عن سعيد بن جبير أن بن عباس أتي
بجفنة من ثريد ولحم عند العصر فأكل منها فأتي بماء فغسل أطراف أصابعه ثم صلى ولم يتوضأ
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير
قال دخل قوم علي بن عباس فأطعمهم طعاما ثم صلى بهم على طنفسة فوضعوا عليها وجوههم وجباههم
وما توضؤوا
68

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال قال بن عمر
لأبي هريرة رضي الله عنهما تقول في الوضوء مما غيرت النار
قال توضأ منه قال فما تقول في الدهن والماء المسخن يتوضأ منه
فقال أنت رجل من قريش وأنا رجل من دوس
قال يا أبا هريرة لعلك تلتجئ إلى هذه الآية (بل هم قوم خصمون)
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن حصين عن مجاهد قال
قال بن عمر لا تتوضأ من شئ تأكله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أبي غالب عن أبي أمامة أنه أكل خبزا ولحما
فصلى ولم يتوضأ وقال الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل
قال أبو جعفر فهؤلاء الجلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون في أكل ما غيرت النار وضوءا
وقد روي عن آخرين منهم مثل ذلك ممن قد روى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء مما غيرت النار
فمن ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكير قال ثنا الأوزاعي قال حدثني أسامة
بن زيد الليثي قال حدثني عبد الرحمن بن زيد الأنصاري قال حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال
بينا أنا وأبو طلحة الأنصاري وأبي بن كعب أتينا بطعام سخن فأكلنا ثم قمت إلى الصلاة فتوضأت فقال
أحدهما لصاحبه أعراقية ثم انتهراني فعلمت أنهما أفقه مني
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن موسى بن عقبة عن عبد الرحمن بن زيد
الأنصاري أن أنس بن مالك رضي الله عنه قدم من العراق ثم ذكر مثله
وزاد فقام أبو طلحة وأبي فصليا ولم يتوضئا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم أنا يحيى بن أيوب قال حدثني إسماعيل بن رافع ومحمد
بن النيل عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال اكلت أنا وأبو طلحة
وأبو أيوب الأنصاري طعاما قد مسته النار فقمت لان أتوضأ فقال لي أتتوضأ من الطيبات لقد جئت
بها عراقية
فهذا أبو طلحة وأبو أيوب قد صليا بعد أكلهما مما غيرت النار ولم يتوضئا وقد رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه أمر بالوضوء من ذلك فيما قد روينا عنهما في هذا الباب
فهذا لا يكون عندنا إلا وقد ثبت نسخ ما قد رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك عندهما
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
69

وأما وجهه من طريق النظر فإنا قد رأينا هذه الأشياء التي قد اختلف في أكلها أنه ينقص الوضوء أم لا إذا
مستها النار وقد أجمع أن أكلها قبل مماسة النار إياها لا ينقض الوضوء فأردنا أن ننظر هل للنار حكم يجب في
الأشياء إذا مستها فينتقل به حكمها إليها فرأينا الماء القراح طاهرا تؤدى به الفروض ثم رأيناه إذا سخن
فصار مما قد مسته النار أن حكمه في طهارته على ما كان عليه قبل مماسته النار إياه وأن النار لم تحدث فيه حكما ينتقل
به حكمه إلى غير ما كان عليه في البدء
فلما كان ما وصفنا كذلك كان في النظر أن الطعام الطاهر الذي لا يكون أكله قبل أن تمسه النار حدثا
إذا مسته النار لا تنقله عن حاله ولا تغير حكمه ويكون حكمه بعد مسيس النار إياه كحكمه قبل ذلك قياسا ونظرا
على ما بينا
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
وقد فرق قوم بين لحوم الغنم ولحوم الإبل
فأوجبوا في أكل لحوم الإبل الوضوء ولم يوجبوا ذلك في أكل لحوم الغنم
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان قال ثنا سماك عن
جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل
قال نعم قيل أفنتوضأ من لحوم الغنم قال لا
حدثنا علي بن معبد قال ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن سماك بن حرب عن جعفر بن أبي ثور
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا محمد بن خزيمة ثنا الحجاج ثنا حماد عن سماك بن حرب عن جعفر عن جده جابر بن سمرة أن
رجلا قال يا رسول الله أتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت فعلت وإن شئت لم تفعل
قال قال يا رسول الله أتوضأ من لحوم الإبل قال نعم
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن جعفر
بن أبي ثور عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجب الوضوء للصلاة بأكل شئ من ذلك
وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون الوضوء الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم هو غسل اليد
وفرق قوم بين لحوم الإبل ولحوم الغنم في ذلك لما في لحوم الإبل من الغلظ ومن غلبة ودكها على يد آكلها
فلم يرخص في تركه على اليد وأباح أن لا يتوضأ من لحوم الغنم لعدم ذلك منها
وقد روينا في الباب الأول في حديث جابر أن آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار
70

فإذا كان ما تقدم منه هو الوضوء مما مست النار وفي ذلك لحوم الإبل وغيرها كان في تركه ذلك ترك الوضوء
من لحوم الإبل
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فإنا قد رأينا الإبل والغنم سواء في حل بيعهما وشرب لبنهما وطهارة لحومهما
وأنه لا تفترق أحكامهما في شئ من ذلك
فالنظر على ذلك أنهما في أكل لحومهما سواء
فكما كان لا وضوء في أكل لحوم الغنم فكذلك لا وضوء في أكل لحوم الإبل وهو قول أبي حنيفة
وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب مس الفرج هل يجب فيه الوضوء أم لا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا الحسين بن مهدي قال ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن
عروة أنه تذاكر هو ومروان الوضوء من مس الفرج فقال مروان حدثتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الفرج فكان عروة لم يرفع بحديثها رأسا
فأرسل مروان إليها شرطيا فرجع فأخبرهم أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الفرج
فذهب قوم إلى هذا الأثر وأوجبوا الوضوء من مس الفرج
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا وضوء فيه واحتجوا في ذلك على أهل المقالة الأولى فقالوا في حديثكم
هذا أن عروة لم يرفع بحديث بسرة رأسا
فإن كان ذلك لأنها عنده في حال من لا يؤخذ ذلك عنها ففي تضعيف من هو أقل من عروة بسرة
ما يسقط به حديثها وقد تابعه على ذلك غيره
حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني زيد عن ربيعة أنه قال لو وضعت يدي في دم أو حيضة
ما نقض وضوئي فمس الذكر أيسر أم الدم أم الحيضة
قال وكان ربيعة يقول لهم ويحكم مثل هذا يأخذ به أحد ونعمل بحديث بسرة والله لو أن بسرة شهدت
على هذه النعل لما أجزت شهادتها إنما قوام الدين الصلاة وإنما قوام الصلاة الطهور فلم يكن في صحابة
رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقيم هذا الدين إلا بسرة
قال بن زيد على هذا أدركنا مشيختنا ما منهم واحد يرى في مس الذكر وضوءا وإن كان إنما ترك أن يرفع
71

بذلك رأسا لان مروان عنده ليس في حال من يجب القبول عن مثله فإن خبر شرطي مروان عن بسرة دون
خبره هو عنها
فإن كان مروان خبره في نفسه عند عروة غير مقبول فخبر شرطية إياه عنها كذلك أحرى أن لا يكون
مقبولا وهذا الحديث أيضا لم يسمعه الزهري من عروة إنما دلس به
وذلك أن يونس حدثنا قال ثنا شعيب بن الليث عن أبيه عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد
عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال الوضوء من مس الذكر
قال مروان أخبرتنيه بسرة بنت صفوان فأرسل إلى بسرة فقال تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتوضأ منه
فذكر مس الذكر
قال أبو جعفر فصار هذا الأثر إنما هو عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة
فقد حط بذلك درجة لان عبد الله بن أبي بكر ليس حديثه عن عروة كحديث الزهري عن عروة
ولا عبد الله بن أبي بكر عندهم في حديثه بالمتقن
لقد حدثني يحيى بن عثمان قال ثنا ابن وزير قال سمعت الشافعي رحمه الله يقول سمعت بن عيينة يقول
كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عند واحد من نفر سماهم منهم عبد الله بن أبي بكر سخرنا منه لأنهم
لم يكونوا يعرفون الحديث
وأنتم فقد تضعفون ما هو مثل هذا بأقل من كلام مثل بن عيينة
وقال آخرون إن الذي بين الزهري وبين عروة في هذا الحديث أبو بكر بن محمد
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال حدثني الأوزاعي قال أخبرني بن شهاب قال
حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حدثني عروة عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول يتوضأ الرجل من مس الذكر
فإن قالوا فقد روى هذا الحديث أيضا هشام بن عروة عن أبيه وهشام فليس ممن يتكلم في روايته بشئ
ثم ذكروا في ذلك ما حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال أنا حماد بن سلمة عن
هشام بن عروة عن أبيه قال سألني مروان عن مس الذكر فقلت لا وضوء فيه
فقال مروان فيه الوضوء ثم ذكر مثل حديث أبي بكر الذي في أول هذا الباب عن حسين بن مهدي
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن هشام فذكر مثله بإسناده
غير أنه قال فأنكر ذلك عروة
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا علي بن مسهر عن هشام فذكر
مثله بإسناده
72

حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه
عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مس أحدكم ذكره فلا يصلين حتى يتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح قال ثنا ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه عن مروان
عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قيل له إن هشام بن عروة أيضا لم يسمع هذا من أبيه وإنما أخذه من أبي بكر أيضا فدلس به عن أبيه
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن هشام بن عروة قال حدثني أبو بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم عروة أنه كان جالسا مع مروان ثم ذكر الحديث على ما ذكره بن أبي عمران وابن خزيمة
فرجع الحديث إلى أبي بكر أيضا
فإن قالوا فقد رواه عن عروة أيضا غير الزهري وغير هشام فذكروا في ذلك ما (0) حدثنا محمد بن الحجاج
وربيع المؤذن قالا ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود أنه سمع عروة يذكر عن بسرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قيل لهم كيف تحتجون في هذا بابن لهيعة وأنتم لا تجعلونه حجة لخصمكم فيما يحتج به عليكم
ولم أرد بشئ من ذلك الطعن على عبد الله بن أبي بكر ولا علي بن لهيعة ولا على غيرهما ولكني أردت
بيان ظلم الخصم
فثبت وهاء حديث الزهري بالذي دخل بينه وبين عروة ووهاء حديث الزهري أيضا وهشام بالذي بين
عروة وبسرة لان عروة لم يقبل ذلك ولم يرفع به رأسا وقد سقط الحديث بأقل من هذا
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير
أنه سمع رجلا يحدث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
قيل لهم كفى بكم ظلما أن تحتجوا بمثل هذا
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال ثنا أبي عن ابن إسحاق
قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عياش الرقام قال ثنا عبد الأعلى عن ابن إسحاق فذكر بإسناده مثله
قيل له أنت لا تجعل محمد بن إسحاق حجة في شئ إذا خالفه فيه مثل من خالفه في هذا الحديث
ولا إذا انفرد
ونفس هذا الحديث منكر وأخلق به أن يكون غلطا لان عروة حين سأله مروان عن مس الفرج
فأجابه من رأيه أن لا وضوء فيه
73

فلما قال له مروان عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال قال له عروة ما سمعت به وهذا بعد موت زيد
بن خالد بكم ما شاء الله
فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما قد حدثه إياه زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم
فإن احتج في ذلك بما حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال ثنا إبراهيم بن إسماعيل
بن أبي حبيبة الأشهلي عن عمرو بن شريح عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الفروي إسحاق بن محمد قال ثنا إبراهيم فذكر مثله بإسناده
قيل لهم أنتم لا تسرعون خصمكم أن يحتج عليكم بمثل عمر بن شريح فكيف تحتجون به أنتم عليه
ثم ذلك أيضا في نفسه منكر لان عروة لما أخبره مروان عن بسرة بما أخبره به من ذلك لم يكن عرفه
قبل ذلك لا عن عائشة رضي الله عنها ولا عن غيرها
فإن احتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا دحيم بن اليتيم قال ثنا عمرو بن أبي سلمة
عن صدقة بن عبد الله عن هشام بن زيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
قيل لهم صدقة بن عبد الله هذا عندكم ضعيف فكيف تحتجون به وهشام بن زيد فليس من أهل
العلم الذين يثبت بروايتهم مثل هذا
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا العلاء بن سليمان عن
الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من مس فرجه فليتوضأ
قيل لهم كيف تحتجون بالعلاء هذا وهو عندكم ضعيف
وإن احتجوا في ذلك أيضا بما حدثنا يونس قال ثنا معن ابن عيسى القزاز عن يزيد بن عبد الملك عن
المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله قال من أفضى بيده إلى ذكره ليس بينهما ستر ولا حجاب
فليتوضأ
قيل لهم يزيد هذا عندكم منكر الحديث لا يستوي حديثه شيئا فكيف تحتجون به
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد قال ثنا دحيم قال ثنا عبد الله بن نافع الصائغ قال ثنا ابن
أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثل حديث يونس عن معن
قيل لهم هذا الحديث كل من رواه عن ابن أبي ذئب من الحفاظ يقطعه ويوقفه على محمد بن عبد الرحمن
74

فمن ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن عقبة عن محمد بن عبد الرحمن
عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
فهؤلاء الحفاظ يوقفون هذا الحديث على محمد بن عبد الرحمن ويخالفون فيه بن نافع وهو عندكم حجة عليه
وليس هو بحجة عليهم
فكيف تحتجون بحديث منقطع في هذا وأنتم لا تثبتون المنقطع
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا صالح بن عبد الرحمن ويونس وربيع الجيزي قالوا ثنا عبد الله بن يوسف
عن الهيثم بن حميد قال أخبرني العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو مسهر عن الهيثم فذكر بإسناده مثله
قيل لهم هذا حديث منقطع أيضا لان مكحولا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان شيئا
حدثنا بذلك بن أبي داود قال سمعت أبا مسهر يقول ذلك وأنتم تحتجون في مثل هذا بقول أبي مسهر
وإن احتجوا في ذلك بما (0) حدثنا يونس قال ثنا معن ابن عيسى عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن بسرة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت المرأة تضرب بيدها فتصيب فرجها
قال تتوضأ يا بسرة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الخطاب بن عثمان الفوزي قال ثنا بقية عن الزبيدي عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ
قيل لهم أنتم تزعمون أن عمرو بن شعيب لم يسمع من أبيه شيئا وإنما حديثه عنه عن صحيفة
فهذا على قولكم منقطع والمنقطع فلا يجب به عندكم حجة
فقد ثبت فساد هذه الآثار كلها التي يحتج بها من يذهب إلى إيجاب الوضوء من مس الفرج
وقد رويت آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف ذلك
فمنها ما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه
وسلم
أفي مس الذكر وضوء قال لا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مسدد قال ثنا محمد بن جابر رضي الله عنه فذكر بإسناده نحوه
حدثنا محمد بن العباس اللؤلؤي قال ثنا أسد قال ثنا أيوب عن عتبة ح
وحدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج قال ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر السحيمي
عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
75

حدثنا أبو أمية قال ثنا الأسود بن عامر وخلف بن الوليد وأحمد بن يونس وسعيد بن سليمان عن
أيوب عن قيس أنه حدثه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا ملازم عن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل فقال يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما توضأ
فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل هو إلا بضعة منك أو مضغة منك
فهذا حديث ملازم صحيح مستقيم الاسناد غير مضطرب في إسناده ولا في متنه فهو أولى عندنا
مما رويناه أولا من الآثار المضطربة في أسانيدها
ولقد حدثني بن أبي عمران قال سمعت عباس بن عبد العظيم العنبري يقول سمعت علي بن المديني يقول
حديث ملازم هذا أحسن من حديث بسرة
فإن كان هذا الباب يؤخذ من طريق الاسناد واستقامته فحديث ملازم هذا أحسن إسنادا
وإن كان يؤخذ من طريق النظر فإنا رأيناهم لا يختلفون أن من مس ذكره بظهر كفه أو بذراعيه لم يجب
في ذلك وضوء
فالنظر أن يكون مسه إياه ببطن كفه كذلك
وقد رأيناه لو مسه بفخذه لم يجب عليه بذلك وضوء والفخذ عورة
فإذا كانت مماسته إياه بالعورة لا توجب عليه وضوءا فمماسته إياه بغير العورة أحرى أن لا توجب عليه وضوءا
فقال الذين ذهبوا إلى إيجاب الوضوء منه فقد أوجب الوضوء في مماسته بالكف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكروا في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أنبأني الحكم قال سمعت
مصعب بن سعد بن أبي وقاص يقول كنت أمسك المصحف على أبي فمسست فرجي فأمرني أن أتوضأ
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن قتادة قال كان بن عمر وابن
عباس يقولان في الرجل يمس ذكره قالا يتوضأ
قال شعبة فقلت لقتادة عمن هذا فقال عن عطاء بن أبي رباح
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه رآه صلى صلاة لم يكن يصليها
قال فقلت له ما هذه الصلاة قال إني مسست فرجي فنسيت أن أتوضأ
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مثله
76

حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد قال صلينا
مع بن عمر أو صلى بنا ابن عمر ثم سار ثم أناخ جمله
فقلت يا أبا عبد الرحمن إنا قد صلينا فقال إن أبا عبد الرحمن قد عرف ذلك ولكني مسست ذكري
قال فتوضأ وأعاد الصلاة
قيل لهم أما ما رويتموه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص فإنه قد روى عن مصعب بن سعد عن أبيه
خلاف ما رواه عنه الحكم
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن مصعب
بن سعد قال كنت آخذ على أبي المصحف فاحتككت فأصبت فرجي فقال أصبت فرجك قلت
نعم احتككت
فقال اغمس يدك في التراب ولم يأمرني أن أتوضأ
وروى عن مصعب أيضا أن أباه أمره بغسل يده
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال وحدثنا زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن
الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد مثله غير أنه قال قم فاغسل يدك
فقد يجوز أن يكون الوضوء الذي رواه الحاكم في حديثه عن مصعب هو غسل اليد على ما بينه عنه الزبير بن
عدي حتى لا يتضاد الروايتان
وقد روى عن سعد من قوله أنه لا وضوء في ذلك
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم قال سئل سعد عن مس الذكر فقال إن كان نجسا فاقطعه لا بأس به
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال أنا هشيم قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد
عن قيس بن أبي حازم قال قال رجل لسعد إنه مس ذكره وهو في الصلاة فقال اقطعه إنما هو بضعة منك
فهذا سعد لما كشفت الروايات عنه ثبت أنه لا وضوء في مس الذكر
وأما ما روي عن ابن عباس في إيجاب الوضوء فيه فإنه قد روي عنه خلاف ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يعقوب بن إسحاق قال ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا عطاء عن ابن عباس
رضي الله عنه قال ما أبالي إياه مسست أو أنفي
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن شعبة مولى بن عباس عن ابن عباس
رضي الله عنه مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا الأعمش عن حبيب بن
أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان لا يرى في مس الذكر وضوءا
77

فهذا بن عباس قد روى عنه غير ما رواه قتادة عن عطاء عنه
فلم نعلم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتى بالوضوء منه غير بن عمر
وقد خالفه في ذلك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن العباس رضي الله عنه قال ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة قال أنا مسعر عن قابوس
عن أبي ظبيان عن علي رضي الله عنه أنه قال ما أبالي أنفي مسست أو أذني أو ذكري
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس
بن السكن قال قال عبد الله بن مسعود ما أبالي ذكري مسست في الصلاة أو أذني أو أنفي
حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا شعبة قال ثنا أبو قيس قال سمعت هزيلا
يحدث عن عبد الله نحوه
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال أنا هشيم قال أنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن
عن عبد الله مثله
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا سليمان الشيباني عن أبي قيس فذكر بإسناده مثله
أخبرنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال ثنا مسعر عن عمير بن سعيد ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر عن عمير بن سعيد قال كنت في مجلس فيه عمار بن ياسر
فذكر مس الذكر فقال إنما هو بضعة منك مثل أنفي أو أنفك وإن لكفك موضعا غيره
أخبرنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن إياد بن لقيط عن البراء بن قيس ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو شعبة عن منصور قال سمعت سدوسيا يحدث عن
البراء بن قيس ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن أبيه عن البراء بن قيس
قال سمعت حذيفة يقول ما أبالي إياه مسست أو أنفي
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد ح
وحدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن المخارق بن أحمد عن حذيفة
رضي الله عنه نحوه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عمرو بن أبي رزين قال ثنا هشام بن حسان عن الحسن عن خمسة من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وعمران بن حصين
ورجل آخر أنهم كانوا لا يرون في مس الذكر وضوءا
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد ح
78

وحدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا شعبة عن قتادة عن الحسن عن عمران بن
حصين نحوه
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا حميد الطويل عن الحسن عن عمران بن حصين مثله
فإن كان يجب في مثل هذا تقليد بن عمر فتقليد من ذكرنا أولى من تقليد بن عمر
وقد روي ذلك عن سعيد بن المسيب والحسن
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا هشام قال ثنا قتادة عن سعيد
بن المسيب أنه كان لا يرى في مس الذكر وضوءا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن قتادة عن الحسن مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن عمران قال ثنا أشعث عن الحسن أنه كان يكره مس الفرج فإن فعله
لم ير عليه وضوءا
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا يونس عن الحسن أنه كان لا يرى في مس
الذكر وضوءا
فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب المسح على الخفين كم وقته للمقيم والمسافر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال حدثني عبد الرحمن بن رزين
عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمار وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمارة
القبلتين) أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: نعم
قال يوما يا رسول الله قال نعم ويومين
قال ويومين يا رسول الله قال نعم وثلاثا
قال: وثلاثا يا رسول الله قال نعم حتى بلغ سبعا ثم قال امسح ما بدا لك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن عفير قال انا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن زرين أنه
أخبره عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن عبادة عن أبي بن عمارة قال وكان ممن صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
القبلتين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا ابن عفير قال ثنا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن
يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة عن أبي بن عمارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
فذهب قوم إلى هذا فقالوا لا وقت للمسح على الخفين في السفر ولا في الحضر
79

قالوا وقد شد ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضا فذكروا ما حدثنا سليمان بن شعيب
قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر قال إتردت من الشام إلى عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فخرجت من الشام يوم الجمعة ودخلت المدينة يوم الجمعة
فدخلت على عمر وعلي خفان مجرمقانيان فقال لي متى عهدك يا عقبة بخلع خفيك فقلت لبستهما يوم
الجمعة وهذا الجمعة فقال لي أصبت السنة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا المفضل بن فضالة قاضي أهل مصر عن يزيد
بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن عقبة بن عامر بمثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو وابن لهيعة والليث عن يزيد بن أبي حبيب عن
عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر عن عقبة بن عامر فذكر مثله غير أنه قال فقال
أصبت ولم يقل السنة
قالوا ففي قول عمر هذا لعقبة أصبت السنة يدل أن ذلك عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم لان السنة لا تكون
إلا عنه
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يمسح المقيم على خفيه يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن
وقالوا أما ما رويتموه عن عمر من قوله أصبت السنة فليس في ذلك دليل على أنه عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم
لان السنة قد تكون منه وقد تكون من خلفائه
80

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين
حدثنا به أبو أمية قال ثنا أبو عاصم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن
عبد السلام عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد قال سعيد بن المسيب لربيعة في أروش أصابع المرأة يا بن أخي إنها السنة يريد قول زيد بن ثابت
فقد يجوز أن يكون عمر رأى ما قال لعقبة وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فسمى رأيه ذلك سنة مع
أنه قد جاءت الآثار المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بتوقيت المسح للمسافر والمقيم بخلاف ما جاء به حديث
أبي بن عمارة
فما روى عنه في ذلك ما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان عن عمرو بن قيس
عن الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ عن علي رضي الله عنه قال جعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم يعني المسح على الخفين
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن القاسم بن
مخيمرة عن شريح بن هانئ قال رأيت عليا فسألته عن المسح على الخفين فقال كنا نؤمر إذا كنا سفرا
أن نمسح ثلاثة أيام ولياليهن وإذا كنا مقيمين فيوما وليلة
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن الحكم بن عتيبة عن شريح
بن هانئ قال اتيت عائشة رضي الله عنها فقلت يا أم المؤمنين ما ترين في المسح على الخفين
فقالت إيت عليا رضي الله عنه فهو أعلم بذلك مني كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال كنا إذا
كنا سفرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام وثلاث ليال
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله
الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم
يوما وليلة قال ولو أطنب له السائل في مسألته لزاده
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا سفيان وجرير عن منصور فذكر بإسناده مثله إلا أنه
قال ولو استزدناه لزادنا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن أبي عبد الله
الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل المسح على الخفين للمسافر ثلاثة ولياليهن وللمقيم يوما وليلة
قال ولو أطنب له السائل في مسألته لزاده
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم فذكر مثله بإسناده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم فذكر
بإسناده مثله
81

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود وأبو عامر قالا ثنا هشام عن حماد عن إبراهيم فذكر
بإسناده مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا هدية قال ثنا همام عن قتادة عن أبي معشر عن إبراهيم عن أبي
عبد الله الجدلي عن خزيمة أنه شهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم قال ثنا هشام عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله عن خزيمة
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا شعبة قال أنا الحكم وحماد عن إبراهيم بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الرحمن بن المبارك قال ثنا الصعق بن حزن قال ثنا علي بن الحكم
عن المنهال بن عمرو وعن زر بن حبيش الأسدي عن عبد الله بن مسعود قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
فجاء رجل من مراد يقال له صفوان بن عسال فقال يا رسول الله إني أسافر بين مكة والمدينة فأفتني عن المسح
على الخفين فقال ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عاصم عن ذر قال اتيت صفوان بن عسال فقلت حاك في نفسي أو
في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا
قال نعم كنا إذا كنا سفرا أو مسافرين أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن
من غائط وبول
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن عاصم فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا أبو روق عطية بن الحارث
قال ثنا أبو الغريف عبيد الله بن خليفة عن صفوان بن عسال قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال للمسافر
ثلاثا وللمقيم يوم وليلة مسحا على الخفين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا عبد الوهاب الثقفي عن مهاجر عن عبد الرحمن
بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد إذا لبستهما على طهارة
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال أنا هشيم قال أنا داود بن عمرو الحضرمي
عن بشر بن عبيد الله الحضرمي عن أبي إدريس الخولاني قال ثنا عوف بن مالك الأشجعي عن النبي صلى صلى الله عليه وسلم مثله
في التوقيت خاصة وزاد أنه جعل ذلك في غزوة تبوك
82

حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا هشيم عن داود فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا مكي بن إبراهيم قال ثنا داود بن يزيد عن عامر عن عروة بن المغيرة أنه سمع
أباه يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب لحاجته فأتيته بماء وعليه جبة شامية فتوضأ ومسح على الخفين
فكانت سنة للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا ابن شهاب عن الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق عن علي بن
ربيعة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة
أيام ولياليهن
فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوقيت في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليها وللمقيم
يوم وليلة
فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة
وأما ما احتجوا به مما رواه عقبة عن عمر رضي الله عنه فإنه قد تواترت الآثار أيضا عن عمر بخلاف ذلك
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا أبو الأحوص عن عمران بن مسلم عن سويد بن
غفلة قال قلنا لبنانة الجعفي وكان أجرأنا على عمر سله عن المسح على الخفين فسأله فقال للمسافر ثلاثة أيام
ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان الثوري قال ثنا عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة أن
بنانة سأل عمر رضي الله عنه عن ذلك فقال امسح عليهما يوما وليلة
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا مالك بن مغول عن عمران بن مسلم عن سويد بن
غفلة قال اتينا عمر رضي الله عنه فسأله بنانة عن المسح على الخفين فقال عمر رضي الله عنه للمسافر ثلاثة أيام
ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن ابنانة عن
عمر رضي الله عنه مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن ابنانة عن
عمر رضي الله عنه مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر رضي الله عنه قال ثنا هشام عن حماد فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا مسلم قال ثنا هشام قال ثنا حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عمر رضي الله عنه مثله
83

حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال أنا حفص عن عاصم عن أبي عثمان أن عمر رضي الله
عنه قال من أدخل قدميه وهما طاهرتان فليمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال كتب
إلينا عمر في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
فهذا عمر قد جاء عنه في هذا ما يوافق ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوقيت للمسافر وللمقيم
وقد يحتمل حديث عقبة أيضا أن يكون ذلك الكلام كان من عمر لأنه علم أن طريق عقبة الذي جاء منه
طريق لا ماء فيه
فكان حكمه أن يتيمم فسأله متى عهدك بخلع خفيك إذا كان حكمك هو التيمم فأخبره بما أخبره
وهذا الوجه أولى ما حمل عليه هذا الحديث ليوافق ما روي عن عمر رضي الله عنه سواه ولا يضاده
وقد روي عن غير عمر رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما روينا في التوقيت
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ
قال اتيت عائشة رضي الله عنها فسألتها عن المسح على الخفين فقالت إيت عليا رضي الله عنه فإنه أعلمهم بوضوء
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسافر معه فأتيته فسألته فقال يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم التيمي عن الحارث
بن سويد قال جعل عبد الله المسح على الخفين ثلاثة أيام للمسافر وللمقيم يوما
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن المغيرة عن إبراهيم عن عمرو بن الحارث
قال سافرت مع عبد الله فكان لا ينزع خفيه ثلاثا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد قال ثنا شعبة عن قتادة عن موسى بن سلمة قال سألت بن عباس
رضي الله عنه عن المسح على الخفين قال للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أخبرني غيلان بن عبد الله قال سمعت بن عمر رضي الله
عنه يقول ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا هدية قال ثنا سلام بن مسكين عن عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن سعيد بن قطن عن أبي زيد الأنصاري عن رجل
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن يونس وقتادة عن موسى بن سلمة عن ابن عباس
رضي الله عنه مثله
84

فهذه أقوال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتفقت على ما ذكرنا من التوقيت في المسح على الخفين للمسافر والمقيم
فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك
وهذا الذي ذكرناه أيضا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب ذكر الجنب والحائض والذي ليس على وضوء
وقراءتهم القرآن
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين أبي
ساسان عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه فلما فرغ من وضوئه
قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهارة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد قال أنا حميدة وغيره عن الحسن عن المهاجر أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يبول أو قال مررت به وقد بال فسلمت عليه فلم يرد علي حتى فرغ من وضوئه ثم رد علي
فذهب قوم إلى هذا فقالوا لا ينبغي لأحد أن يذكر الله تعالى بشئ إلا وهو على حال يجوز له أن يصلي عليها
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا من سلم عليه وهو على حال حدث تيمم ورد عليه السلام وإن كان في المصر
وقالوا فيما سوى السلام مثل قول أهل المقالة الأولى وكان مما احتجوا به في ذلك ما حدثنا به ربيع المؤذن
قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن ثابت العبدي ح
وحدثنا حسين بن نصر وسليمان بن شعيب قالا ثنا يحيى بن حسان قال ثنا محمد بن ثابت قال ثنا نافع
قال انطلقت مع بن عمر إلى بن عباس في حاجة لابن عمر فقضى حاجته فكان من حديثه يومئذ أنه قال مر
رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام حتى
كاد الرجل أن يتوارى في السكة فضرب بيديه على الحائط فتيمم لوجهه ثم ضرب ضربة أخرى فتيمم لذراعيه
قال ثم رد عليه السلام وقال أما إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني كنت لست بطاهر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن بشار قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال ثنا سفيان عن الضحاك بن عثمان
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه حتى أتي حائطا فتيمم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز
عن عمير مولى بن عباس رضي الله عنه أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة رضي الله عنها
زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري
85

فقال أبو الجهم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بير جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه
حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا عمرو بن محمد الناقد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم
بن سعد قال ثنا أبي عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن عمير مولى بن عباس رضي الله عنه
فذكر مثله
قالوا فبهذه الآثار رخصنا للذي يسلم عليه وهو غير طاهر أن يتيمم ويرد السلام ليكون ذلك جوابا للسلام
وهذا كما رخص قوم في التيمم للجنازة وللعيدين إذا خيف فوت ذلك إذا تشوغل بطلب الماء لوضوء الصلاة
وذكروا في ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا عمر بن أيوب الموصلي عن
المغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه في الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير وضوء قال يتيمم
ويصلي عليها
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن عون قال أنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم وعبد الملك عن عطاء
وزكريا عن عامر ويونس عن الحسن مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حماد عن إبراهيم مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم عن يونس عن الحسن ومغيرة عن إبراهيم
وعبد الملك عن عطاء نحوه
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قال ثنا أبو داود عن عباد بن راشد قال سمعت الحسن يقول ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب مثله قال وقال لي الليث مثله
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن عبد الملك بن أبي عتبة عن الحكم مثله
فلما كان قد رخص في التيمم في الأمصار خوف فوت الصلاة على الجنازة وفي صلاة العيدين لان ذلك إذا
فات لم يقض
قالوا فكذلك رخصنا في التيمم في الأمصار لرد السلام ليكون ذلك جوابا للمسلم لان ذلك إذا لم يفعل فلم يرد
السلام حينئذ فات ذلك وإن رد بعد ذلك فليس بجواب له وأما ما سوى ذلك مما لا يخاف فوته من الذكر
وقراءة القرآن فلا ينبغي أن يفعل ذلك أحد إلا على طهارة
86

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس أن يذكر الله تعالى في الأحوال كلها من الجنابة وغيرها ويقرأ
القرآن في ذلك خلاف الجنابة والحيض فإنه لا ينبغي لصاحبهما أن يقرأ القرآن
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد
الله بن سلمة قال دخلت على علي رضي الله عنه أنا ورجل منا ورجل من بني أسد فبعثهما في وجه ثم قال
إنكما علجان فعالجا عن دينكما قال ثم دخل المخرج ثم خرج فأخذ حفنة من ماء فمسح بها وجعل يقرأ
القرآن قرآنا كأنا أنكرنا عليه ذلك فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا
اللحم ولم يكن يحجزه عن ذلك شئ ليس الجنابة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة قال أنا عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة
فذكر مثله
غير أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فيقرأ القرآن
حدثنا حسين بن نصر وسليمان بن شعيب قالا ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا عمرو بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال قال عمرو بن مرة عن عبد الله
بن سلمة عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على كل حال إلا الجنابة
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس السوسي قال ثنا يحيى بن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عمرو عن
عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن على كل حال إلا الجنابة
قال أبو جعفر ففيما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة ذكر الله تعالى على غير وضوء وقراءة القرآن كذلك
ومنع الجنب من قراءة القرآن خاصة
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا فيما يدل على إباحة ذكر الله تعالى على غير طهارة ما حدثنا فهد قال ثنا
الحسن بن الربيع قال ثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب قال ثنا
أبو ظبية قال سمعت عمرو بن عبسة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرئ مسلم يبيت طاهرا على ذكر الله
فيتعار من الليل يسأل الله تعالى شيئا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد قال كنت أنا وعاصم بن بهدلة وثابت فحدث عاصم
عن شهر بن حوشب عن أبي ظبية عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه لم يذكر قوله على ذكر الله
قال ثابت قدم علينا فحدثنا هذا الحديث ولا أعلمه إلا يعني أبا ظبية
قلت لحماد، عن معاذ؟ قال: عن معاذ
87

حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عاصم
بن أبي النجود عن شمر بن عطية فذكر مثله بإسناده
فهذا أيضا بعد النوم ففي ذلك إباحة ذكر الله تعالى بعد الحدث
وقد روى عن عائشة رضي الله عنها من ذلك شئ
حدثنا علي بن معبد قال ثنا علي بن منصور قال ثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن
عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه
ففي هذا إباحة ذكر الله عز وجل في حال الجنابة وليس فيه ولا في حديث أبي ظبية من قراءة القرآن شئ
وفي حديث علي رضي الله عنه بيان فرق ما بين قراءة القرآن وذكر الله تعالى في حال الجنابة
وقد روى أيضا في النهي عن قراءة القرآن في حال الجنابة ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن
يوسف قال ثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يقرأ الجنب ولا الحائض القرآن
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن خالد ح وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا ابن بكير قالا ثنا
عبد الله بن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة بن أبي الكنود عن مالك بن عبادة الغافقي قال
أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جنب فأخبرت عمر بن الخطاب فجرني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
إن هذا أخبرني أنك أكلت وأنت جنب
قال نعم إذا توضأت أكلت وشربت ولكني لا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل
ففي هذين الأثرين منع الجنب من قراءة القرآن وفي أحدهما منع الحائض من ذلك
فثبت بما في هذين الحديثين مع ما في حديث علي رضي الله عنه أنه لا بأس بذكر الله وقراءة القرآن في حال
الحدث غير الجنابة والحيض
وأن قراءة القرآن خاصة مكروهة في حال الجنابة والحيض
فأردنا أن ننظر أي هذه الآثار تأخر فنجعله ناسخا لما تقدم
فنظرنا في ذلك (0) فإذا بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا أبو كريب قال ثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن
جابر عن عبد الله بن محمد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن علقمة بن الفغواء عن أبيه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أهراق الماء إنما نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى نزلت (يا أيها
الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة).
فأخبر علقمة في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم الجنب كان عنده قبل نزول هذه الآية أن لا يتكلم
88

وأن لا يرد السلام حتى نسخ الله عز وجل ذلك بهذه الآية فأوجب بها الطهارة على من أراد الصلاة خاصة
فثبت بذلك أن حديث أبي الجهم وحديث بن عمر وابن عباس والمهاجر منسوخة كلها وأن الحكم الذي
في حديث علي رضي الله عنه متأخر عن الحكم الذي فيها
وقد دل على ذلك أيضا ما حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا الحسن بن صالح قال سمعت سلمة بن
كهيل عن سعيد بن جبير قال كان بن عباس وابن عمر يقرآن القرآن وهما على غير وضوء
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل فذكر
بإسناده نحوه
حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا خالد بن عبد الرحمن عن حماد بن سلمة ح
وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن حميد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه مثله
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن عبد الله بن
بريدة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقرأ حزبه وهو محدث
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد قال أخبرني الأزرق بن قيس عن رجل يقال له أبان
قال قلت لابن عمر رضي الله عنه إذا أهرقت الماء أذكر الله
قال أي شئ إذا أهرقت الماء
قال إذا بلت قال نعم أذكر الله
فهذا بن عباس رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنه قد رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرد السلام في حال الحديث
حتى يتيمم وهما فقد قرءا القرآن في حال الحدث
ولا يجوز ذلك عندنا إلا وقد ثبت النسخ أيضا عندهما
وقد تابعهما على ما ذهب إليه من هذا قوم
89

حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن حماد الكوفي عن إبراهيم أن بن مسعود كان
يقرئ رجلا فلما انتهى إلى شاطئ الفرات كف عنه الرجل
فقال له مالك قال أحدثت قال اقرأ فجعل يقرأ وجعل يفتح عليه
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن عاصم الأحول عن عزرة عن سلمان أنه
أحدث فجعل يقرأ
فقيل له أتقرأ وقد أحدثت قال نعم إني لست بجنب
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة قال سألت قتادة عن الرجل
يقرأ القرآن وهو غير طاهر
فقال سمعت سعيد بن المسيب يقول كان أبو هريرة رضي الله عنه ربما قرأ السورة وهو غير طاهر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير عن شعبة عن قتادة عن سعيد عن أبي هريرة
رضي الله عنه مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا همام عن قتادة فذكر بإسناده مثله
فقد ثبت بتصحيح ما روينا نسخ حديث بن عباس رضي الله عنه ومن تابعه وثبوت حديث علي رضي الله
عنه على ما قد شده من أقوال الصحابة
فبذلك نأخذ فنكره للجنب والحائض قراءة الآية تامة ولا نرى بذلك بأسا للذي على غير وضوء ولا نرى
لهم جميعا بأسا بذكر الله تعالى
وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في منع الجنب أيضا من قراءة القرآن ما يوافق ما قلنا
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا زائدة عن الأعمش عن شقيق
عن عبيدة قال كان عمر رضي الله عنه يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش فذكر مثله بإسناده
فهذا عندنا أولى من قول بن عباس رضي الله عنه لما قد وافقه مما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث
علي بن أبي طالب وابن عمر رضي الله عنهما وأبي موسى ومالك بن عبادة
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أيضا ما يدل على خلاف ما رواه نافع عنه في حديث محمد بن ثابت
الذي ذكرناه فيما تقدم في كتابنا هذا
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس رضي الله عنه
90

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فطعم فقيل له ألا تتوضأ فقال إني لا أريد أن أصلي فأتوضأ
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال أخبرني سعيد بن الحويرث فذكر
مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن ذريع قال ثنا روح بن القاسم عن
عمرو بن دينار فذكر مثله بإسناده
حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو مثله بإسناده
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له ألا تتوضأ فقال لا أريد الصلاة فأتوضأ
فأخبر أن الوضوء إنما يراد للصلاة لا للذكر
فهذا معارض لما رويناه عن ابن عباس رضي الله عنه في أول هذا الباب
وهذا أولى لان بن عباس رضي الله عنه عمل به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل عمله به على أنه هو الناسخ
فإن عارض في ذلك معارض بما حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال أنا زهير قال ثنا جابر عن
عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء إلا توضأ حين
يخرج منه وضوءه للصلاة
قالوا فهذا يدل على فساد ما رويتموه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على
كل أحيانه
قيل له ما في هذا دليل على ما ذكرت لأنه قد يجوز أن يكون كان يتوضأ إذا خرج من الخلاء ولا يتوضأ إذا
بال فيكون ذلك الحين حين حدث قد كان يذكر الله فيه
فيكون معنى قولها كان يذكر الله في كل أحيانه أي في حين طهارته وحدثه حتى لا يتضاد الآثار م
ع أنه قد خالف ذلك حديث بن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لا أريد الصلاة فأتوضأ
فدل ذلك على أنه لم يكن يتوضأ إلا وهو يريد الصلاة
فقد يحتمل أن يكون ما حضرت منه عائشة رضي الله عنها من الوضوء عند خروجه إنما هو لإرادته الصلاة
لا للخروج من الخلاء
ويحتمل أيضا أن يكون ذلك إخبارا منها عما كان يفعل قبل نزول الآية وما في حديث خالد بن سلمة إخبارا
منها بما كان يفعل بعد نزول الآية حتى يتفق ما روي عنها وما روي عن غيرها ولا يتضاد من ذلك شئ
91

باب حكم بول الغلام والجارية قبل أن يأكلا الطعام
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا بكر بن خلف قال ثنا معاذ بن هشام قال أخبرني أبي عن قتادة عن
أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرضيع يغسل بول
الجارية وينضح بول الغلام
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قابوس بن
المخارق عن لبابة بنت الحارث أن الحسين بن علي رضي الله عنهما بال على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أعطني ثوبك
أغسله فقال إنما يغسل من الأنثى وينضح من بول الذكر
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو الأحوص فذكر مثله بإسناده
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك والليث وعمرو ويونس عن ابن شهاب
عن عبيد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها لم يأكل الطعام إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالت أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه ويدعو له فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى التفريق بين حكم بول الغلام وبول الجارية قبل أن يأكلا الطعام
فقالوا بول الغلام طاهر وبول الجارية نجس
وخالفهم في ذلك آخرون فسووا بين بوليهما جميعا وجعلوهما نجسين
وقالوا قد يحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم بول الغلام ينضح إنما أراد بالنضح صب الماء عليه
فقد تسمي العرب ذلك نضحا ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها فلم يعن
بذلك النضح الرش
ولكنه أراد يلزق بجانبها
قالوا وإنما فرق بينهما لان بول الغلام يكون في موضع واحد لضيق مخرجه وبول الجارية يتفرق
لسعة مخرجه
فأمر في بول الغلام بالنضح يريد صب الماء في موضع واحد وأراد بغسل بول الجارية أن يتتبع بالماء لأنه
يقع في مواضع متفرقة وهذا محتمل لما ذكرناه
92

وقد روي عن بعض المتقدمين ما يدل على ذلك
فمن ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن قتادة عن سعيد بن المسيب
أنه قال الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلها
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن حميد عن الحسن أنه قال بول الجارية
يغسل غسلا وبول الغلام يتبع بالماء
أفلا ترى أن سعيدا قد سوى بين حكم الأبوال كلها من الصبيان وغيرهم
فجعل ما كان منه رشا يطهر بالرش وما كان منه صبا يطهر بالصب
ليس أن بعضها عنده طاهر وبعضها غير طاهر ولكنها كلها عنده نجسة وفرق بين التطهر من نجاستها
عنده بضيق مخرجها وسعته
ثم أردنا بعد ذلك أن ننظر في الآثار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هل فيها ما يدل على شئ مما ذكرنا
فنظرنا في ذلك فإذا محمد بن عمرو بن يونس قد حدثنا قال ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم فأتي بصبي مرة
فبال عليه فقال صبوا عليه الماء صبا
حدثنا ربيع قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن حازم فذكر بإسناده مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي فبال عليه فأتبعه الماء ولم يغسله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يقل
ولم يغسله
واتباع الماء حكمه حكم الغسل ألا ترى أن رجلا لو أصاب ثوبه عذرة فأتبعها الماء حتى ذهب بها أن ثوبه
قد طهر
وقد روى هذا الحديث زائدة عن هشام بن عروة فقال فيه فدعا بماء فنضحه عليه
وقال مالك وأبو معاوية وعبدة عن هشام بن عروة فدعا بماء فصبه عليه
فدل ذلك أن النضح عندهم الصب
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا ابن شهاب عن ابن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ليلى قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئ بالحسن رضي الله عنه فبال عليه
فأراد القوم أن يعجلوه فقال ابني ابني
فلما فرغ من بوله صب عليه الماء
93

حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا وكيع عن ابن أبي ليلى فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح قال ثنا زهير بن معاوية عن عبد الله بن عيسى عن جده
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بطنه أو على صدره حسن
أو حسين فبال عليه حتى رأيت بوله أساريع فقمنا إليه فقال دعوه فدعا بماء فصبه عليه
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا شريك عن سماك عن قابوس عن أم الفضل قالت لما ولد
الحسين قلت يا رسول الله أعطنيه أو أدفعه إلي فلأكفله أو أرضعه بلبني ففعل
فأتيته به فوضعه على صدره فبال عليه فأصاب إزاره فقلت له يا رسول الله أعطني إزارك أغسله
قال إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية
قال أبو جعفر فهذه أم الفضل في حديثها هذا إنما يصب على بول الغلام
وفي حديثها الذي ذكرناه في الفصل الأول إنما ينضح من بول الغلام
فلما كان ما ذكرناه كذلك ثبت أن النضح الذي أراد به في الحديث الأول هو الصب المذكور هاهنا حتى
لا يتضاد الأثران
وهذا أبو ليلى فلم يختلف عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صب على البول الماء
فثبت بهذه الآثار أن حكم بول الغلام هو الغسل إلا أن ذلك الغسل يجزئ منه الصب وأن حكم بول
الجارية هو الغسل أيضا
وفرق في اللفظ بينهما وإن كانا مستويين في المعنى للعلة التي ذكرنا من ضيق المخرج وسعته
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فإنا رأينا الغلام والجارية حكم أبوالهما سواء بعدما يأكلان الطعام فالنظر
على ذلك أن يكون أيضا سواء قبل أن يأكلا الطعام فإذا كان بول الجارية نجسا فبول الغلام أيضا نجس
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الرجل لا يجد إلا نبيذ التمر هل يتوضأ به أو يتيمم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس رضي الله عنه أن بن مسعود خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أمعك
يا بن مسعود ماء قال معي نبيذ في إداوتي
94

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبب علي فتوضأ به وقال شراب وطهور
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمرو الحوضي قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرني علي بن زيد بن جدعان
عن أبي رافع مولى عمر رضي الله عنه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتاج إلى ماء يتوضأ به ولم يكن معه إلا النبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء
طهور فتوضأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن من لم يجد إلا نبيذ التمر في سفره توضأ به واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رضي الله عنه
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يتوضأ بنبيذ التمر ومن لم يجد غيره تيمم ولا يتوضأ به وممن ذهب
إلى هذا القول أبو يوسف
وكان من الحجة لأهل هذا القول على أهل القول الأول أن عبد الله بن مسعود إنما روى ما ذكرنا عنه في أول
هذا الباب من الطرق التي وصفنا وليست هذه الطرق طرقا تقوم بها الحجة عند من يقبل خبر الواحد
ولم يجئ أيضا المجئ الظاهر
فيجب على من يستعمل الخبر إذا تواترت الروايات به
فهذا مما لا يجب استعماله لما ذكرنا على مذهب الفريقين الذين ذكرنا
ولقد روي عن أبي عبيدة بن عبد الله ما يدل على أن عبد الله لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال
قلت لأبي عبيدة أكان عبد الله بن مسعود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال لا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة فذكر مثله بإسناده
فلما انتفى عند أبي عبيدة أن أباه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتذ وهذا أمر لا يخفي مثله على مثله بطل بذلك
ما رواه غيره مما يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ليلتئذ إذ كان معه
فإن قال قائل الآثار الأول أولى من هذا لأنها متصلة وهذا منقطع لان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا
قيل له ليس من هذه الجهة احتججنا بكلام أبي عبيدة إنما احتججنا به لان مثله على تقدمه في العلم
وموضعه من عبد الله وخلطته لخاصته من بعده لا يخفي عليه مثل هذا من أموره
فجعلنا قوله ذلك حجة فيما ذكرناه لا من الطريق الذي وضعت
وقد روينا عن عبد الله بن مسعود من كلامه بالاسناد المتصل ما قد وافق ما قال أبو عبيدة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن عون قال ثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي معشر
عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لم أكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ولوددت أني كنت معه
95

حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال ثنا داود بن أبي هند عن
عامر عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه هل كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن أحد
فقال لم يصحبه منا أحد ولكن فقدناه ذات ليلة فقلنا استطير أو اغتيل
فتفرقنا في الشعاب والأودية نلتمسه وبتنا بشر ليلة بات بها قوم نقول استطير أم اغتيل
فقال إنه أتاني داعي الجن فذهبت أقرئهم القرآن فأرانا آثارهم
فهذا عبد الله قد أنكر أن يكون كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
فهذا الباب إن كان يؤخذ من طريق صحة الاسناد فهذا الحديث الذي فيه الانكار أولى لاستقامة طريقه
ومتنه وثبت رواته
وإن كان من طريق النظر فإنا قد رأينا الأصل المتفق عليه أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب ولا بالخل فكان
النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضا كذلك
وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في حال وجود الماء أنه لا يتوضأ به لأنه ليس بماء
فلما كان خارجا من حكم المياه في حال وجود الماء كان كذلك هو في حال عدم الماء
وحديث بن مسعود الذي فيه التوضي بنبيذ التمر إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ به وهو غير مسافر لأنه
إنما خرج من مكة يريدهم فقيل إنه توضأ بنبيذ التمر في ذلك المكان وهو في حكم من هو بمكة لأنه يتم الصلاة
فهو أيضا في حكم استعماله ذلك النبيذ هنالك في حكم استعماله إياه بمكة
فلو ثبت هذا الأثر أن النبيذ مما يجوز التوضي به في الأمصار والبوادي ثبت أنه يجوز التوضي لأنه في حال
وجود الماء وفي حال عدمه
فلما أجمعوا على ترك ذلك والعمل بضده فلم يجيزوا التوضي به في الأمصار ولا فيما حكمه حكم الأمصار
ثبت بذلك تركهم لذلك الحديث وخرج حكم ذلك النبيذ من حكم سائر المياه
فثبت بذلك أنه لا يجوز التوضي به في حال من الأحوال وهو قول أبي يوسف وهو النظر عندنا
والله أعلم
باب المسح على النعلين
حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق قالا ثنا أبو داود قال ثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن يعلي بن عطاء عن أوس بن أبي أوس قال
رأيت أبي توضأ ومسح على نعلين له
فقلت له أتمسح على النعلين فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على النعلين
96

حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن يعلي بن عطاء عن أوس بن أبي أوس قال كنت
مع أبي في سفر ونزلنا بماء من مياه الاعراب فبال فتوضأ ومسح على نعليه
فقلت له أتفعل هذا فقال ما أزيدك على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى المسح على النعلين كما يمسح على الخفين وقالوا قد شد ذلك ما روي عن علي
رضي الله عنه
فذكروا في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ووهب قالا ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن
أبي ظبيان أنه رأى عليا رضي الله عنه بال قائما ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه ثم دخل المسجد فخلع
نعليه ثم صلى
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا نرى المسح على النعلين
وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على نعلين تحتهما جوربان وكان
قاصدا بمسحه ذلك إلى جوربيه لا إلى نعليه
وجورباه مما لو كانا عليه بلا نعلين جاز له أن يمسح عليهما فكان مسحه ذلك مسحا أراد به الجوربين فأتي
ذلك على الجوربين والنعلين فكان مسحه على الجوربين هو الذي تطهر به ومسحه على النعلين فضل
وقد بين ذلك ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا المعلى بن منصور قال ثنا عيسى بن يونس عن أبي سنان
عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو عاصم عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هذيل بن
شرحبيل عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله
فأخبر أبو موسى والمغيرة عن مسح النبي صلى الله عليه وسلم على نعليه كيف كان منه
وقد روي عن ابن عمر في ذلك وجه آخر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن الحسين اللهبي قال ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع
أن بن عمر كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح على ظهور قدميه بيديه ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا
فأخبر بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في وقت ما كان يمسح على نعليه يمسح على قدميه
فقد يحتمل أن يكون ما مسح على قدميه هو الفرض وما مسح على نعليه كان فضلا
فحديث أبي أوس يحتمل عندنا ما ذكرنا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسحه على نعليه أن يكون كما قال
أبو موسى والمغيرة أو كما قال بن عمر
97

فإن كان كما قال أبو موسى والمغيرة فإنا نقول بذلك لأنا لا نرى بأسا بالمسح على الجوربين إذا كانا صفيقين
قد قال ذلك أبو يوسف ومحمد
وأما أبو حنيفة فإنه كان لا يرى ذلك حتى يكونا صفيقين ويكونا مجلدين فيكونان كالخفين
وإن كان كما قال بن عمر فإن في ذلك إثبات المسح على القدمين فقد ثبت ذلك وما عارضه وما نسخه
في باب فرض القدمين
فعلى أي المعنيين كان وجه حديث أوس بن أبي أوس من معنى حديث أبي موسى والمغيرة ومن معنى
حديث بن عمر فليس في ذلك ما يدل على جواز المسح على النعلين
فلما احتمل حديث أوس ما ذكرنا ولم يكن فيه حجة في جواز المسح على النعلين التمسنا ذلك من طريق
النظر لنعلم كيف حكمه
فرأينا الخفين اللذين قد جوز المسح عليهما إذا تخرقا حتى بدت القدمان منهما أو أكثر القدمين فكل
قد أجمع أنه لا يمسح عليهما
فلما كان المسح على الخفين إنما يجوز إذا غيبا القدمين ويبطل ذلك إذا لم يغيبا القدمين وكانت النعلان غير
مغيبين للقدمين ثبت أنهما كالخفين اللذين لا يغيبان القدمين
باب المستحاضة كيف تتطهر للصلاة
حدثنا محمد بن النعمان السقطي قال ثنا الحميدي قال ثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثني بن الهادي
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة رضي الله عنها بنت جحش
كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وأنها استحيضت حتى لا تطهر فذكر شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم لتنظر قدر قروئها التي تحيض لها فلتترك الصلاة ثم
لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة وتصلي
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن أم حبيبة رضي الله عنها بنت جحش كانت استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالغسل لكل صلاة
فإن كانت لتغتمس في المركن وهو مملوء ماء ثم تخرج منه وإن الدم لغالبه ثم تصلي
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل لكل صلاة
98

واحتجوا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المروي في هذه الآثار وبفعل أم حبيبة رضي الله عنها بنت جحش
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا الهيثم بن حميد قال أخبرني النعمان
والأوزاعي وأبو معبد حفص بن غيلان عن الزهري قال أخبرني عروة وعمرة عن عائشة رضي الله عنها
قالت استحيضت أم حبيبة رضي الله عنها بنت جحش فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه ليست بحيضة ولكنه عرق فتقه إبليس فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي
وصلي وإذا أقبلت فاتركي لها الصلاة
قالت عائشة رضي الله عنها فكانت أم حبيبة رضي الله عنها تغتسل لكل صلاة وكانت تغتسل أحيانا
في مركن في حجرة أختها زينب وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إن حمرة الدم لتعلو الماء فتصلي مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فما منعها ذلك من الصلاة
حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة وعمرة عن
عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة رضي الله عنها بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك
فأمرها أن تغتسل وقال إن هذه عرق وليست بالحيضة فكانت هي تغتسل لكل صلاة
حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث بن سعد عن ابن شهاب عن
عروة عن عائشة رضي الله عنها مثله
قال الليث لم يذكر بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة رضي الله عنها أن تغتسل عند كل صلاة
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس قال أنا إبراهيم بن سعد سمع بن شهاب عن
عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها مثله
حدثنا إسماعيل قال ثنا محمد قال ثنا سفيان عن الزهري عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها مثله
ولم يذكر قول الليث
قالوا فهذه أم حبيبة رضي الله عنها قد كانت تفعل هذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها
بالغسل فكان ذلك عندها على الغسل لكل صلاة
وقد قال ذلك علي رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفتيا بذلك
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا همام عن قتادة عن أبي حسان عن سعيد
بن جبير أن امرأة أتت بن عباس رضي الله عنه بكتاب بعد ما ذهب بصره فدفعه إلى ابنه فتترتر فيه فدفعه
إلى فقرأته فقال لابنه ألا هذرمته كما هذرمه الغلام المصري
99

فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من امرأة من المسلمين أنها استحيضت فاستفتت عليا رضي الله عنه
فأمرها أن تغتسل وتصلي
فقال اللهم لا أعلم القول إلا ما قال علي رضي الله عنه ثلاث مرات
قال قتادة وأخبرني عزرة عن سعيد أنه قيل له إن الكوفة أرض باردة وأنه يشق عليها الغسل لكل
صلاة فقال لو شاء الله لابتلاها بما هو أشد منه
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير
أن امرأة من أهل الكوفة استحيضت فكتبت إلى عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير
تناشدهم الله وتقول إني امرأة مسلمة أصابني بلاء إنما استحضت منذ سنتين فما ترون في ذلك
فكان أول من وقع الكتاب في يده بن الزبير فقال ما أعلم لها إلا أن تدع قروءها وتغتسل عند كل
صلاة وتصلي فتتابعوا على ذلك
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه خاصة مثله غير أنه قال تدع الصلاة أيام حيضها
فجعل أهل هذه المقالة على المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة لما ذكرناه من هذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الذي يجب عليها أن تغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا تصلي به الظهر
في آخر وقتها والعصر في أول وقتها وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا تصليهما به فتؤخر الأولى منهما
وتقدم الآخرة كما فعلت في الظهر والعصر وتغتسل للصبح غسلا
وذهبوا في ذلك إلى ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا ابن المبارك قال أنا سفيان
الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن زينب بنت جحش قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أنها
مستحاضة فقال لتجلس أيام أقرائها ثم تغتسل وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي وتؤخر
المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصلي وتغتسل للفجر
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن امرأة من المسلمين استحيضت
فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه إلا أنه قال قدر أيامها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت ثم ذكر نحوه غير أنه لم يذكر تركها الصلاة
أيام أقرائها ولا أيام حيضها
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا خالد بن عبد الله عن سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء
ابنة عميس قالت قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل
100

فقال سبحان الله هذا من الشيطان لتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر
والعصر غسلا واحدا ثم تغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا وتتوضأ فيما بين ذلك
فقوله وتتوضأ فيما بين ذلك يحتمل أن تتوضأ لما يكون منها من الاحداث التي توجب نقض الطهارات
ويحتمل أن تتوضأ للصبح
فليس فيه دليل على خلاف ما تقدمه من حديث شعبة وسفيان
قالوا فهذه الآثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا في جمع الظهر والعصر بغسل واحد وفي جمع
المغرب والعشاء بغسل واحد وإفراد الصبح بغسل واحد
فبهذا نأخذ وهو أولى من الآثار الأول التي فيها ذكر الامر بالغسل لكل صلاة لأنه قد روى ما يدل على
أن هذا ناسخ لذلك
فذكروا ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت إنما هي سهلة ابنة سهيل بن عمرو استحيضت وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة
فلما أجهدها ذلك أمرها أن تجمع الظهر والعصر في غسل واحد والمغرب والعشاء في غسل واحد
وتغتسل للصبح
قالوا فدل ذلك على أن هذا الحكم ناسخ للحكم الذي في الآثار الأول لأنه إنما أمر به بعد ذلك فصار القول
به أولى من القول بالآثار الأول
قالوا وقد روى ذلك أيضا عن علي رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه
فذكروا ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث قال ثنا محمد بن جحادة عن إسماعيل
بن رجاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال جاءته امرأة مستحاضة تسأله فلم يفتها
وقال لها سلي غيري
قال فأتت بن عمر رضي الله عنه فسألته فقال لها لا تصلي ما رأيت الدم فرجعت إلى بن عباس رضي الله
عنه فأخبرته فقال رحمه الله إن كاد ليكفرك
قال ثم سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال تلك ركزة من الشيطان أو قرحة في الرحم اغتسلي
عند كل صلاتين مرة وصل
قال فلقيت بن عباس رضي الله عنه بعد فسألته فقال ما أجد لك إلا ما قال علي رضي الله عنه
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن قيس بن سعد عن مجاهد قال قيل لابن عباس
رضي الله عنه إن أرضنا أرض باردة
101

قال تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلا واحدا وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل
لهما غسلا وتغتسل للفجر غسلا
فذهب هؤلاء إلى هذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا تدع المستحاضة الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي
وذهبوا في ذلك إلى ما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس السوسي قال ثنا يحيى بن عيسى قال ثنا الأعمش 34 عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت يا رسول الله إني أستحاض فلا ينقطع عني الدم فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل
وتتوضأ لكل صلاة وتصلي وإن قطر الدم على الحصير قطرا
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال ثنا أبو حنيفة رحمة الله ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا أبو حنيفة رحمه الله عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني أحيض الشهر والشهرين
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك ليس بحيض وإنما ذلك عرق من دمك فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة
وإذا أدبر فاغتسلي لطهرك ثم توضئي عند كل صلاة
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على شريك عن أبي اليقظان ح
وحدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت
عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة
وتصوم وتصلي
قالوا وقد روي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك فذكروا ما حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا
شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي رضي الله عنه مثله
يعني مثل حديثه عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا
قال فيما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه من هذا القول
فعارضهم معارض فقال أما حديث أبي حنيفة الذي رواه عن هشام عن عروة فخطأ
وذلك أن الحفاظ عن هشام بن عروة رووه على غير ذلك فذكروا ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب
قال أخبرني عمرو وسعيد بن عبد الرحمن ومالك والليث عن هشام بن عروة أنه أخبرهم عن أبيه عن
102

عائشة رضي الله عنها أن فاطمة ابنة أبي حبيش جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تستحاض فقالت يا رسول الله
إني والله ما أطهر أفأدع الصلاة أبدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة وإذا ذهب
قدرها فاغسلي عنك الدم ثم صلي
حدثنا محمد بن علي بن داود قال ثنا سليمان بن داود قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه وهشام
كليهما عن عروة عن عائشة رضي الله عنها مثله
فهكذا روى الحفاظ هذا الحديث عن هشام بن عروة لا كما رواه أبو حنيفة رحمه الله تعالى
فكان من الحجة عليهم أن حماد بن سلمة قد روى هذا الحديث عن هشام فزاد فيه حرفا يدل على
موافقته لأبي حنيفة رحمه الله تعالى
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث يونس عن ابن وهب وحديث محمد بن علي عن سليمان بن
داود غير أنه قال فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بالوضوء مع أمره إياها بالغسل فذلك الوضوء هو الوضوء لكل
صلاة فهذا معنى حديث أبي حنيفة رحمه الله تعالى
وليس حماد بن سلمة عندكم في هشام بن عروة بدون مالك والليث وعمرو بن الحارث
فقد ثبت بما ذكرنا صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة أنها تتوضأ في حال استحاضتها لوقت
كل صلاة
إلا أنه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقدم ذكرنا له في هذا الباب
فأردنا أن ننظر في ذلك لنعلم ما الذي ينبغي أن يعمل به من ذلك
فكان ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما رويناه في أول هذا الباب أنه أمر أم حبيبة رضي الله عنها
بنت جحش
بالغسل عند كل صلاة
فقد ثبت نسخ ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفصل الثاني من هذا الباب في حديث بن أبي داود
عن الوهبي في أمر سهلة بنت سهيل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمرها بالغسل لكل صلاة
فلما أجهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وتغتسل
للصبح غسلا
فكان ما أمرها به من ذلك ناسخا لما كان أمرها به قبل ذلك من الغسل لكل صلاة
103

فأردنا أن ننظر فيما روي في ذلك كيف معناه فإذا عبد الرحمن بن القاسم قد روى عن أبيه في المستحاضة
التي استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلف عن عبد الرحمن في ذلك
فروى الثوري عنه عن أبيه عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك وأن تدع الصلاة
أيام أقرائها
ورواه بن عيينة عن عبد الرحمن أيضا عن أبيه ولم يذكر زينب إلا أنه وافق الثوري في معنى متن
الحديث فكان ذلك على الجمع بين كل صلاتين بغسل في أيام الاستحاضة خاصة
فثبت بذلك أن أيام الحيض كان موضعها معروفا
ثم جاء شعبة فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كما رواه الثوري وابن
عيينة غير أنه لم يذكر أيام الأقراء وتابعه على ذلك محمد بن إسحاق
فلما روى هذا الحديث كما ذكرنا فاختلفوا فيه كشفناه لنعلم من أين جاء الاختلاف فكان ذكر أيام
الأقراء في حديث القاسم عن زينب وليس ذلك في حديثه عن عائشة فوجب أن يجعل روايته عن زينب غير
روايته عن عائشة رضي الله عنها فكان حديث زينب الذي فيه ذكر الأقراء حديثا منقطعا لا يثبته أهل الخبر لأنهم
لا يحتجون بالمنقطع وإنما جاء انقطاعه لان زينب لم يدركها القاسم ولم يولد في زمنها لأنها توفيت في عهد
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بعده
وكان حديث عائشة رضي الله عنها هو الذي ليس فيه ذكر الأقراء إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن
تجمع بين الصلاتين بغسل على ما في ذلك الحديث ولم يبين أي مستحاضة هي
فقد وجدنا استحاضة قد تكون على معاني مختلفة
فمنها أن يكون مستحاضة قد استمر بها الدم وأيام حيضها معروفة لها
فسبيلها أن تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل وتتوضأ بعد ذلك
ومنها أن يكون مستحاضة لان دمها قد استمر بها فلا ينقطع عنها وأيام حيضها قد خفيت عليها
فسبيلها أن تغتسل لكل صلاة لأنها لا يأتي عليها وقت إلا احتمل أن تكون فيه حائضا أو طاهرا من حيض
أو مستحاضة فيحتاط لها فتؤمر بالغسل
ومنها أن تكون مستحاضة قد خفيت عليها أيام حيضها ودمها غير مستمر بها ينقطع ساعة ويعود
بعد ذلك هكذا هي في أيامها كلها
فتكون قد أحاط علمها أنها في وقت انقطاع دمها إذا اغتسلت حينئذ غير طاهر من حيض طهرا يوجب
عليها غسلا
104

فلها أن تصلي في حالها تلك ما أرادت من الصلوات بذلك الغسل إن أمكنها ذلك
فلما وجدنا المرأة قد تكون مستحاضة بكل وجه من هذه الوجوه التي معانيها مختلفة وأحكامها مختلفة
واسم المستحاضة يجمعها ولم نجد في حديث عائشة رضي الله عنها ذلك بيان استحاضة تلك المرأة التي أمر النبي
صلى الله عليه وسلم لها بما ذكرنا أي مستحاضة هي لم يجز لنا أن نحمل ذلك على وجه من هذه الوجوه دون غيره إلا
بدليل يدلنا على ذلك
فنظرنا في ذلك هل نجد فيه دليلا
فإذا بكر بن إدريس قد حدثنا قال ثنا آدم قال ثنا شعبة قال ثنا عبد الملك بن ميسرة والمجالد بن سعيد
وبيان قالوا سمعنا عامر الشعبي يحدث عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت
في المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ عند كل صلاة
حدثنا حسين بن نصر وعلي بن شيبة قالا ثنا أبو نعيم قالا ثنا سفيان عن فراس وبيان عن
الشعبي فذكر بإسناده مثله
فلما روي عن عائشة رضي الله عنها ما ذكرنا من قولها الذي أفتت به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما ذكرنا من
حكم المستحاضة أنها تغتسل لكل صلاة وما ذكرنا أنها تجمع بين الصلاتين بغسل وما ذكرنا أنها تدع الصلاة
أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وقد روي ذلك كله عنها ثبت بجوابها ذلك أن ذلك الحكم هو
الناسخ للحكمين الآخرين لأنه لا يجوز عندنا عليها أن تدع الناسخ وتفتي بالمنسوخ ولولا ذلك
لسقطت روايتها
فلما ثبت أن هذا هو الناسخ لما ذكرنا وجب القول به ولم يجز خلافها
هذا وجه قد يجوز أن يكون معاني هذه الآثار عليه
وقد يجوز في هذا وجه آخر يجوز أن يكون ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فاطمة ابنة أبي حبيش لا يخالف
ما روي عنه في أمر سهلة ابنة سهيل لان فاطمة ابنة أبي حبيش كانت أيامها معروفة وسهلة كانت أيامها مجهولة
إلا أن دمها ينقطع في أوقات ويعود في أوقات وهي قد أحاط علمها انها لم تخرج من الحيض بعد غسلها إلى أن
صلت الصلاتين جميعا
فإن كان ذلك كذلك فإنا نقول بالحديثين جميعا فنجعل حكم حديث فاطمة على ما صرفناه إليه ونجعل حكم
حديث سهلة على ما صرفناه أيضا إليه
وأما حديث أم حبيبة رضي الله عنها فقد روي مختلفا
فبعضهم يذكر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل عند كل صلاة ولم
يذكر
أيام أقرائها
105

فقد يجوز أن يكون أمرها بذلك ليكون ذلك الماء علاجا لها لأنها تقلص الدم في الرحم فلا يسيل
وبعضهم يرويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل
لكل صلاة
فإن كان ذلك كذلك فقد يجوز أن يكون أراد به العلاج
وقد يجوز أن يكون أراد به ما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا لان دمها سائل دائم السيلان فليست صلاة
إلا يحتمل أن تكون عندها طاهرا من حيض ليس لها أن تصليها إلا بعد الاغتسال فأمرها بالغسل لذلك
فإن كان هذا هو معنى حديثها فإنا كذلك نقول أيضا فيمن استمر بها الدم ولم تعرف أيامها
فلما احتملت هذه الآثار ما ذكرنا وروينا عن عائشة رضي الله عنها من قولها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصفنا ثبت
أن ذلك هو حكم المستحاضة التي لا تعرف أيامها وثبت أن ما خالف ذلك مما روي عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مستحاضة استحاضتها غير استحاضة هذه أو في مستحاضة استحاضتها مثل استحاضة هذه
إلا أن ذلك على أي المعاني كان فما روي في أمر فاطمة ابنة أبي حبيش أولى لان معه الاختيار من عائشة
له بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقد علمت ما خالفه وما وافقه من قوله
وكذلك أيضا ما رويناه عن علي رضي الله عنه في المستحاضة أنها تغتسل لكل صلاة وما رويناه عنه أنها تجمع
بين الصلاتين بغسل وما رويناه عنه أنها تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة إنما اختلفت أقواله
في ذلك لاختلاف الاستحاضة التي أفتي فيها بذلك
وأما ما رووا عن أم حبيبة رضي الله عنها في اغتسالها لكل صلاة فوجه ذلك عندنا أنها كانت تتعالج به
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار وهي التي يحتج بها فيه
ثم اختلف الذين قالوا إنها تتوضأ لكل صلاة
فقال بعضهم تتوضأ لوقت كل صلاة وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن
رحمهم الله تعالى
وقال آخرون بل تتوضأ لكل صلاة ولا يعرفون ذكر الوقت في ذلك
فأردنا نحن أن نستخرج من القولين قولا صحيحا
فرأيناهم قد أجمعوا أنها إذا توضأت في وقت صلاة فلم تصل حتى خرج الوقت فأرادت أن تصلي بذلك
الوضوء أنه ليس ذلك لها حتى تتوضأ وضوءا جديدا
ورأيناها لو توضأت في وقت صلاة فصلت ثم أرادت أن تتطوع بذلك الوضوء كان ذلك لها ما دامت
في الوقت
106

فدل ما ذكرنا أن الذي ينقض تطهرها هو خروج الوقت وأن وضوءها يوجبه الوقت لا الصلاة وقد رأيناها
لو فاتتها صلوات فأرادت أن تقضيهن كان لها أن تجمعهن في وقت صلاة واحدة بوضوء واحد
فلو كان الوضوء يجب عليها لكل صلاة لكان يجب أن تتوضأ لكل صلاة من الصلوات الفائتات
فلما كانت تصليهن جميعا بوضوء واحد ثبت بذلك أن الوضوء الذي يجب عليها هو لغير الصلاة وهو الوقت و
حجة أخرى أنا قد رأينا الطهارات تنتقض بأحداث منها الغائط والبول
وطهارات تنتقض بخروج أوقات وهي الطهارة بالمسح على الخفين ينقضها خروج وقت المسافر وخروج
وقت المقيم
وهذه الطهارات المتفق عليها لم نجد فيما ينقضها صلاة إنما ينقضها حدث أو خروج وقت
وقد ثبت أن طهارة المستحاضة طهارة ينقضها الحدث وغير الحدث
فقال قوم هذا الذي هو غير الحدث هو خروج الوقت
وقال آخرون هو فراغ من صلاة ولم نجد الفراغ من الصلاة حدثا في شئ غير ذلك وقد وجدنا خروج
الوقت حدثا في غيره
فأولى الأشياء أن نرجع في هذا الحدث المختلف فيه فنجعله كالحدث الذي قد أجمع عليه ووجد له أصل ولا نجعله
كما لم يجمع عليه ولم نجد له أصلا
فثبت بذلك قول من ذهب إلى أنها تتوضأ لكل وقت صلاة وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب حكم بول ما يؤكل لحمه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن بكر قال ثنا حميد عن أنس قال قدم ناس من عرينة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالمدينة فاجتووها
فقال لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها
قال وذكر قتادة أنه قد حفظ عنه أبوالها
107

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت
وقتادة وحميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وقال من ألبانها وأبوالها
فذهب قوم إلى أن بول ما يؤكل لحمه طاهر وأن حكم ذلك كحكم لحمه
وممن ذهب إلى ذلك محمد بن الحسن
وقالوا لما جعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم دواء لما بهم ثبت أنه حلال لأنه لو كان حراما لم يداوهم به لأنه
داء ليس بشفاء كما قال في حديث علقمة بن وائل بن حجر
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال حدثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل
عن طارق بن سويد الحضرمي قال قلت يا رسول الله إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها قال لا
فراجعته فقال لا
فقلت يا رسول الله إنا نستشفي بها المريض قال ذاك داء وليس بشفاء
وكما قال عبد الله بن مسعود وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال قال عبد الله
ما كان الله ليجعل في رجس أو فيما حرم شفاء
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عاصم عن أبي وائل قال: اشتكى رجل منا
فنعت له السكر فأتينا عبد الله فسألناه فقال إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود عن عطاء قال قالت عائشة رضي الله عنها
اللهم لا تشف من استشفى بالخمر
قالوا فلما ثبت بهذه الآثار أن الشفاء لا يكون فيما حرم على العباد ثبت بالأثر الأول الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم
بول الإبل فيه دواء أنه طاهر غير حرام
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن
لهيعة قال ثنا ابن هبيرة عن حنش بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن
في أبوال الإبل وألبانها شفاء لذربة بطونهم
قالوا ففي ذلك تثبيت ما وصفنا أيضا
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أبوال الإبل نجسة وحكمها حكم دمائها لا حكم ألبانها ولحومها
108

وقالوا أما ما رويتموه في حديث العرنيين فذلك إنما كان للضرورة فليس في ذلك دليل أنه مباح في غير
الضرورة لأنا قد رأينا أشياء أبيحت في الضرورات ولم تبح في غير الضرورات ورويت فيها الآثار عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا همام ح
وحدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا الحجاج بن المنهال قال ثنا همام قال أنا قتادة عن أنس
رضي الله عنه أن الزبير وعبد الرحمن بن عوف شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في قميص الحرير في غزاة لهما
قال أنس رضي الله عنه فرأيت على كل واحد منهما قميصا من حرير
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح الحرير لمن أباح له اللبس من الرجال للحكة التي كانت بمن أباح ذلك له
فكان ذلك من علاجها ولم يكن في إباحته ذلك لهم للعلة التي كانت بهم ما يدل أن ذلك مباح في غير
تلك العلة
فكذلك أيضا ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم للعرنيين للعلل التي كانت بهم فليس في إباحة ذلك لهم دليل
أن ذلك مباح في غير تلك العلل
ولم يكن في تحريم لبس الحرير ما ينفي أن يكون حلالا في حال الضرورة ولا أنه علاج من بعض العلل
وكذلك حرمه البول في غير حال الضرورة ليس فيه دليل أنه حرام في حال الضرورة
فثبت بذلك أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر إنه داء وليس بشفاء إنما هو لأنهم كانوا يستشفون بها
لأنها خمر فذلك حرام
وكذلك معنى قول عبد الله عندنا إن الله عز وجل لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم إنما هو لما كانوا
يفعلون بالخمر لإعظامهم إياها
ولأنهم كانوا يعدونها شفاء في نفسها فقال لهم إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم
فهذه وجوه هذه الآثار
فلما احتملت ما ذكرنا ولم يكن فيها دليل على طهارة الأبوال احتجنا أن نرجع فنلتمس ذلك من طريق
النظر فنعلم كيف حكمه
فنظرنا في ذلك فإذا لحوم بني آدم كل قد أجمع أنها لحوم طاهرة وأن أبوالهم حرام نجسة فكانت
أبوالهم باتفاقهم محكوما لها بحكم دمائهم لا بحكم لحومهم
109

فالنظر على ذلك أن تكون كذلك أبوال الإبل يحكم لها بحكم دمائها لا بحكم لحومها فثبت بما ذكرنا أن
أبوال الإبل نجسة
فهذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة
رحمه الله تعال
وقد اختلف المتقدمون في ذلك
فمما روي عنهم في ذلك ما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا جابر عن
محمد بن علي قال لا بأس بأبوال الإبل البقر والغنم أن يتداوى بها
فقد يجوز أن يكون ذهب إلى ذلك لأنها - عنده - حلال طاهرة، في الأحوال كلها كما قال محمد بن الحسن
وقد يجوز أن يكون أباح العلاج بها للضرورة لا لأنها طاهرة في نفسها ولا مباحة في غير حال الضرورة
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كانوا يستشفون بأبوال
الإبل لا يرون بها بأسا
فقد يحتمل هذا أيضا ما أحتمل قول محمد بن علي رضي الله عنهما
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان عن عبد الكريم عن عطاء قال كل ما أكلت
لحمه فلا بأس ببوله فهذا حديث مكشوف المعنى
حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم قال ثنا شعبة عن يونس عن الحسن أنه كره أبوال الإبل والبقر
والغنم أو كلاما هذا معناه
باب صفة التيمم كيف هي
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله عن عبد الله بن
عباس رضي الله عنه عن عمار قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت آية التيمم فضربنا ضربة واحدة للوجه
ثم ضربنا ضربة لليدين إلى المنكبين طهرا وبطنا
حدثنا ابن أبي داود ومحمد بن النعمان قالا حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال ثنا إبراهيم
بن سعد عن صالح عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال أنا جويرية عن مالك عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله أنه أخبره عن أبيه عن عمار قال تمسحنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتراب فمسحنا وجوهنا
وأيدينا إلى المناكب
حدثنا محمد بن علي بن داود قال ثنا سعيد بن داود قال ثنا مالك أن بن شهاب حدثه أن عبيد الله بن
عبد الله أخبره عن أبيه عن عمار مثله
110

حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا عمرو بن دينار عن ابن شهاب
عن عبيد الله عن أبيه عن عمار قال تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله عن عمار بن ياسر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فهلك عقد لعائشة رضي الله عنها فطلبوه حتى
أصبحوا وليس مع القوم ماء فنزلت الرخصة في التيمم بالصعيد فقام المسلمون فضربوا بأيديهم إلى الأرض
فمسحوا بها وجوههم وظاهر أيديهم إلى المناكب وباطنها إلى الآباط
حدثنا محمد بن النعمان وابن أبي داود قالا ثنا الأويسي قال ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن
كيسان عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنه عن عمار بن ياسر عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هكذا التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى
المناكب والآباط
وخالفهم في ذلك آخرون فافترقوا فرقتين
فقالت فرقة منهم التيمم للوجه واليدين إلى المرفقين
وقالت فرقة منهم التيمم للوجه والكفين
فكان من الحجة لهذين الفريقين على الفرقة الأولى أن عمار بن ياسر لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يتيمموا
كذلك وإنما أخبرهم عن فعلهم
فقد يحتمل أن تكون الآية لما أنزلت لم تنزل بتمامها وإنما أنزل منها فتيمموا صعيدا طيبا ولم
يبين لهم كيف يتيممون
فكان ذلك عندهم على كل ما فعلوا من التيمم لا وقت في ذلك وقتا ولا عضوا مقصودا به إليه بعينه
حتى نزلت بعد ذلك فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
ومما يدل على ما قلنا من ذلك ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة
عن أبي الأسود حدثه أنه سمع عروة يخبره عن عائشة رضي الله عنها قالت أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة له
حتى إذا كنا بالمعرس قريبا من المدينة نعست من الليل وكانت علي قلادة تدعى السمط تبلغ السرة
فجعلت أنعس فخرجت من عنقي
فلما نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح قلت يا رسول الله خرت قلادتي من عنقي
فقال أيها الناس إن أمكم قد ضلت قلادتها فابتغوها
111

فابتغاها الناس ولم يكن معهم ماء فاشتغلوا بابتغائها إلى أن حضرتهم الصلاة ووجدوا القلادة ولم
يقدروا على ماء
فمنهم من تيمم إلى الكف ومنهم من تيمم إلى المنكب وبعضهم على جسده
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت آية التيمم
ففي هذا الحديث أن نزول آية التيمم كان بعد ما تيمموا هذا التيمم المختلف الذي بعضه إلى المناكب فعلمنا
تيممهم أنهم لم يفعلوا ذلك إلا وقد تقدم عندهم أصل التيمم وعلمنا بقولها فأنزل الله آية التيمم أن الذي
نزل بعد فعلهم هو صفة التيمم
فهذا وجه حديث عمار عندنا
ومما يدل أيضا على أن هذه الآية تنفي ما فعلوا من ذلك أن عمار بن ياسر هو الذي روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
قد روى غيره عنه في التيمم الذي عمله بعد ذلك خلاف ذلك
فمنه ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن عروة عن سعيد بن
عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن عمار بن ياسر سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن التيمم فأمره بالوجه والكفين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت ذر بن عبد الله يحدث عن ابن
عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رجلا أتي عمر رضي الله عنه فقال إني كنت في سفر فأجنبت فلم أجد الماء
فقال عمر رضي الله عنه لا تصل فقال عمار يا أمير المؤمنين أما تذكر أني كنت أنا وإياك في سرية
فأجنبنا فلم نجد الماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمرغت في التراب
فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال أما أنت فكان يكفيك وقال بيديه فضرب بهما ونفخ فيهما
ومسح بهما وجهه وكفيه
ففعل عمار إذ تمرغ يريد بذلك التيمم وإن كان ذلك بعد نزول الآية فإنما كان ذلك منه عندنا
والله أعلم لأنه عمل على أن التيمم للجنابة غير التيمم للحدث حتى علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما سواء
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة وشعبة عن حصين عن أبي مالك عن عمار أنه قال
إلى المفصل ولم يرفعه
حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سلمة بن كهيل
عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن عمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إنما يكفيك أن تقول هكذا
وضرب الأعمش بيديه الأرض ثم نفخهما ومسح بهما وجهه وكفيه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا شعبة قال أخبرني الحكم عن ذر عن عبد الرحمن بن
أبزي عن أبيه عن عمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إنما كان يكفيك هكذا وضرب شعبة بكفيه إلى
الأرض وأدناهما من فيه فنفخ فيهما ثم مسح وجهه وكفيه
112

قال أبو جعفر هكذا قال محمد بن خزيمة في إسناد هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبزن عن أبيه وإنما
هو عن ذر عن ابن عبد الرحمن عن أبيه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن سلمة قال سمعت ذرا يحدث عن ابن
عبد الرحمن بن أبزن عن أبيه نحوه
قال سلمة لا أدري بلغ الذراعين أم لا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا محمد بن كثير قال أنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي مالك عن
عبد الرحمن بن أبزن مثله
وزاد فمسح بهما وجهه ويديه إلى أنصاف الذراع
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان فذكر بإسناده مثله
فقد اضطرب علينا حديث عمار هذا غير أنهم جميعا قد نفوا أن يكون قد بلغ المنكبين والإبطين
فثبت بذلك انتفاء ما روي عنه في حديث عبيد الله عن أبيه أو بن عباس رضي الله عنهما وثبت أحد
القولين الآخرين
فنظرنا في ذلك فإذا أبو جهيم قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يمم وجهه وكفيه
فذلك حجة لمن ذهب إلى أن التيمم إلى الكفين
وروى نافع عن ابن عبا س رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تيمم إلى مرفقيه
وقد ذكرت هذين الحديثين جميعا في باب قراءة القرآن للحائض
وقد حدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو يوسف عن الربيع بن بدر
قال حدثني أبي عن جدي عن أسلع التميمي قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال لي
يا أسلع قم فأرحل لنا
قلت يا رسول الله أصابتني بعدك جنابة فسكت عني حتى أتاه جبرائيل بآية التيمم فقال لي يا أسلع قم
فتيمم صعيدا طيبا ضربتين ضربة لوجهك وضربة لذراعيك ظاهرهما وباطنهما
فلما انتهينا إلى الماء قال يا أسلع قم فاغتسل
فلما اختلفوا في التيمم كيف هو واختلفت هذه الروايات فيه رجعنا إلى النظر في ذلك لنستخرج به من
هذه الأقاويل قولا صحيحا
فاعتبرنا ذلك فوجدنا الوضوء على الأعضاء التي ذكرها الله تعالى في كتابه وكان التيمم قد أسقط عن
بعضها فأسقط عن الرأس والرجلين فكان التيمم هو على بعض ما عليه الوضوء
فبطل بذلك قول من قال إنه إلى المناكب لأنه لما بطل عن الرأس والرجلين وهما مما يوضأ كان أحرى
أن لا يجب على ما لا يوضأ
113

ثم اختلف في الذراعين هل ييممان أم لا
فرأينا الوجه ييمم بالصعيد كما يغسل بالماء ورأينا الرأس والرجلين لا ييمم منهما شئ
فكان ما سقط التيمم عن بعضه سقط عن كله وكان ما وجب فيه التيمم كان كالوضوء سواء لأنه
جعل بدلا منه
فلما ثبت أن بعض ما يغسل من اليدين في حال وجود الماء ييمم في حال عدم الماء ثبت بذلك أن التيمم في
اليدين إلى المرفقين قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما وجابر رضي الله عنه
حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد عن عبيد الله بن عمر وعن عبد الكريم الجزري عن نافع قال
سألت بن عمر عن التيمم
فضرب بيديه إلى الأرض ومسح بهما يديه ووجهه وضرب ضربة أخرى فمسح بهما ذراعيه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا محمد بن عبد الله الكناسي قال ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني يحيى بن أيوب عن هشام بن
عروة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أقبل من
الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم صعيدا طيبا فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال أتاه رجل
فقال أصابتني جنابة وإني تمعكت في التراب
فقال أصرت حمارا وضرب بيديه إلى الأرض فمسح وجهه ثم ضرب بيديه إلى الأرض فمسح بيديه إلى
المرفقين وقال هكذا التيمم وقد روى مثل ذلك أيضا عن الحسن
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن قتادة عن الحسن أنه قال ضربة للوجه
والكفين وضربة للذراعين إلى المرفقين
حدثنا محمد قال ثنا حجاج ثنا أبو الأشهب عن الحسن مثله ولم يقل إلى المرفقين
114

باب غسل يوم الجمعة
حدثنا محمد بن علي بن محرز قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن إسحاق عن الزهري عن
طاوس قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا
رءوسكم وإن لم تكونوا جنبا وأصيبوا من الطيب
فقال بن عباس رضي الله عنهما أما الغسل فنعم وأما الطيب فلا أعلمه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال قال طاوس
قلت لابن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن
عباس رضي الله عنهما مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن يحيى بن وثاب قال
سمعت رجلا سأل بن عمر رضي الله عنهما عن الغسل يوم الجمعة فقال أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن نافع وعن يحيى بن وثاب
قالا سمعنا ابن عمر رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن الحكم أنه سمع نافعا يحدث عن ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن الزهري عن حديث سالم بن عبد الله عن
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود أبو بشر البغدادي قال ثنا ابن أبي مريم قال حدثني الليث بن سعد
قال حدثني بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
قال حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة قال سمعت بن عمر على المنبر يقول ألم تسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا جاء
أحدكم الجمعة فليغتسل
115

حدثنا محمد بن حميد قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس
عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نافع مولى عبد الله عن عبد الله بن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال على كل محتلم الرواح إلى الجمعة وعلى من راح إلى المسجد الغسل
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله ويزيد بن موهب وعبد الله بن عباد البصري
قالوا حدثنا المفضل فذكر مثله بإسناده
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو غسان قال ثنا محمد بن بشر قال ثنا زكريا بن أبي زائدة عن
مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر
بالغسل يوم الجمعة
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن سعيد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الرحمن بن
ثوبان عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على كل مسلم أن يغتسل
يوم الجمعة وأن يتطيب من طيب إن كان عنده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو خالد عن داود عن أبي الزبير عن جابر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال الغسل واجب على كل مسلم في كل أسبوع يوما وهو يوم الجمعة
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري يبلغ
به النبي صلى الله عليه وسلم الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن صفوان فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أخبرنا يزيد بن أبي زياد
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من الحق على كل مسلم أن
يغتسل يوم الجمعة وأن يمس من طيب إن كان عند أهله فإن لم يكن عندهم طيب فإن الماء طيب
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى إيجاب الغسل يوم الجمعة واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس الغسل يوم الجمعة بواجب ولكنه مما قد أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
لمعان قد كانت
فمنها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك (0) حدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا الدراوردي ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا القعنبي قال ثنا الدراوردي قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن
عكرمة قال سئل بن عباس عن الغسل يوم الجمعة أواجب هو قال لا ولكنه طهور وخير فمن اغتسل
116

فحسن ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وسأخبركم كيف بدأ كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون
على ظهورهم وكان المسجد ضيقا مقارب السقف إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وقد عرق
الناس في ذلك الصوف حتى ثارت رياح حتى آذى بعضهم بعضا
فوجد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الرياح فقال أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس أحدكم أمثل ما يجد
من دهنه وطيبه
قال بن عباس رضي الله عنه ثم جاء الله بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم
فهذا بن عباس رضي الله عنه يخبر أن ذلك الامر الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل لم يكن للوجوب
عليهم وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل وهو أحد من روى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان
يأمر بالغسل
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك شئ
حدثنا يونس قال ثنا أنس بن عياض عن يحيى بن سعيد ح
وحدثنا محمد بن الحجاج قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن يحيى قال سألت عمرة عن غسل
يوم الجمعة فذكرت أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول كان الناس عمال أنفسهم فيروحون بهيئاتهم فقال
لو اغتسلتم
فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان ندبهم إلى الغسل للعلة التي أخبر بها بن
عباس رضي الله عنهما وأنه لم يجعل ذلك عليهم حتما وهي أحد من روينا عنها في الفصل الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يأمر بالغسل في ذلك اليوم
وقد روي عن عمر بن الخطاب ما يدل على أن ذلك لم يقع عنده موقع الفرض
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن ابن عباس
أن عمر رضي الله عنه بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ أقبل رجل فدخل المسجد فقال له عمر الآن حين توضأت
فقال ما زدت حين سمعت الاذان على أن توضأت ثم جئت
فلما دخل أمير المؤمنين ذكرته فقلت يا أمير المؤمنين أنا سمعت ما قال
قال وما قال قلت قال ما زدت على أن توضأت حين سمعت النداء ثم أقبلت
فقال أما إنه قد علم أنا أمرنا بغير ذلك قلت ما هو قال الغسل
قلت أنتم أيها المهاجرون الأولون أم الناس جميعا قال لا أدري
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال دخل رجل
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب
117

فقال عمر رضي الله عنه أية ساعة هذه فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت
على أن توضأت
فقال عمر الوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل
قال مالك والرجل عثمان بن عفان رضي الله عنه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال ثنا جويرية عن مالك عن الزهري عن
سالم عن أبيه مثله
غير أنه لم يذكر قول مالك أنه عثمان رضي الله عنه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا حسين بن مهدي قال ثنا عبد الرازق عن معمر عن الزهري عن سالم
عن ابن عمر مثله
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد قال حدثني يحيى قال حدثني أبو سلمة
قال حدثني أبو هريرة قال بينما عمر يخطب الناس إذ دخل عثمان بن عفان فعرض له عمر رضي الله عنه
وقال ما بال رجال يتأخرون بعد النداء ثم ذكر مثله
وحدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا من
المهاجرين الأولين دخل المسجد وعمر يخطب فناداه عمر أية ساعة هذه فقال ما كان إلا الوضوء ثم
الاقبال فقال عمر والوضوء أيضا وقد علمت أنا كنا نؤمر بالغسل
قال أبو جعفر ففي هذه الآثار غير معنى ينفي وجوب الغسل
أما أحدهما فإن عثمان لم يغتسل واكتفى بالوضوء وقد قال عمر قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا
بالغسل
ولم يأمره عمر أيضا بالرجوع لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بالغسل
ففي ذلك دليل على أن الغسل الذي كان أمر به لم يكن عندهما على الوجوب وإنما كان لعلة ما قال بن
عباس رضي الله عنهما وعائشة رضي الله عنها أو لغير ذلك
ولولا ذلك ما تركه عثمان رضي الله عنه ولما سكت عمر رضي الله عنه عن أمره إياه بالرجوع حتى يغتسل
وذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قد سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه عمر وعلموا معناه الذي أراده فلم
ينكروا من ذلك شيئا ولم يأمروا بخلافه
ففي هذا إجماع منهم على نفي وجوب الغسل
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن ذلك كان من طريق الاختيار وإصابة الفضل
118

حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا يعقوب الحضرمي قال ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن وعن
يزيد الرقاشي عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل
فالغسل حسن
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو الوليد قال ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله
غير أنه قال ومن اغتسل فالغسل أفضل
حدثنا أحمد بن خالد البغدادي قال ثنا علي بن الجعد قال أنا الربيع بن صبيح وسفيان الثوري
عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن خالد قال ثنا عبيد بن إسحاق العطار قال أنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن أبي
سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خالد بن حلي الجمصي قال ثنا محمد بن حرب قال حدثني الضحاك
بن حمرة الأملوكي عن الحجاج بن أرطأة عن إبراهيم بن المهاجر عن الحسن بن أبي الحسن عن أنس بن مالك
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت وقد أدى الفرض ومن اغتسل فالغسل أفضل
فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الفرض هو الوضوء وأن الغسل أفضل لما ينال به من
الفضل لا على
أنه فرض
فإن احتج محتج في وجوب ذلك بما روي عن علي وسعد وأبي قتادة وأبي هريرة رضي الله عنه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث
قال كنت قاعدا مع سعد فذكر الغسل يوم الجمعة
قال ابنه فلم أغتسل فقال سعد ما كنت أرى مسلما يدع الغسل يوم الجمعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب بن إسحاق قال ثنا شعبة قال أخبرني عمرو بن مرة عن زاذان
قال سألت عليا رضي الله عنه عن الغسل فقال اغتسل إذا شئت
فقلت إنما أسألك عن الغسل الذي هو الغسل قال يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم الأضحى
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عمر وعن طاوس قال سمعت أبا هريرة يقول حق الله واجب على
كل مسلم في كل سبعة أيام يغتسل ويغسل منه كل شئ ويمس طيبا إن كان لأهله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعبة قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن مصعب بن ثابت حدثه
119

أن ثابت بن أبي قتادة حدثه أن أبا قتادة قال له اغتسل للجمعة فقال له قد اغتسلت للجنابة
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا سفيان عن عبدة بن أبي لبابة عن
سعيد بن عبد الرحمن بن أبزن أن أباه كان يحدث بعد ما يغتسل يوم الجمعة فيتوضأ ولا يعيد الغسل
قيل له أما ما روي عن علي رضي الله عنه فلا دلالة فيه على الفرض لأنه لما قال له زاذان إنما أسألك عن
الغسل الذي هو الغسل أي الذي في إصابته الفضل قال يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة
فقرن بعض ذلك ببعض
فلما كان ما ذكر مع غسل يوم الجمعة ليس على الفرض فكذلك غسل يوم الجمعة
وأما ما روي عن سعد من قوله ما كنت أرى أن مسلما يدع الغسل يوم الجمعة أي لما فيه من الفضل
الكبير مع خفة مؤنته
وأما ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه من قوله حق الله واجب على كل مسلم يغتسل في كل سبعة أيام
فقد قرن ذلك بقوله وليمس طيبا إن كان لأهله فلم يكن مسيس الطيب على الفرض فكذلك الغسل
فقد سمع عمر يقول لعثمان رضي الله عنه ما ذكرناه ولم يأمره بالرجوع بحضرته فلم ينكر ذلك عليه
فذلك أيضا دليل على أنه عنده كذلك
وأما ما روي عن أبي قتادة مما ذكرنا عنه في ذلك فهو إرادة منه للقصد بالغسل إلى الجمعة لإصابة الفضل
في ذلك وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبزن خلاف ذلك
وجمع ما بيناه في هذا الباب هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الاستجمار
حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا عبد الرحمن بن زياد عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استجمر فليوتر
حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق قال ثنا الزهري عن عائذ الله قال سمعت
أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثله
120

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي إدريس
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا أبو غسان قال حدثني بن عجلان عن
القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أتي أحدنا الغائط بثلاثة أحجار
حدثنا محمد بن حميد قال حدثني عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني هشام بن
سعد عن أبي حازم عن مسلم بن قرط أنه سمع عروة يقول حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرج
أحدكم إلى الغائط فليذهب بثلاثة أحجار يستنظف بها فإنها ستكفيه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا شعبة عن منصور ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة قال قرأت على منصور ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن سلمة بن
قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استجمر فليوتر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا محمد بن عجلان ح
وحدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الكوفي قال ثنا عفان قال ثنا وهيب عن ابن عجلان
قال ثنا القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بثلاثة أحجار
يعني في الاستجمار
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الرحمن بن سليمان عن هشام بن عروة
عن عمرو بن خزيمة عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستجمار بثلاثة أحجار
ليس فيها رجيع
حدثنا فهد قال ثنا جندل بن والق قال ثنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد
عن سليمان قال نهينا أن نكتفي بأقل من ثلاثة أحجار
فذهب قوم إلي أن الاستجمار لا يجزي بأقل من ثلاثة أحجار واحتجوا في ذلك بما ذكرنا من هذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ما استجمر به منها فأنقي به الأذى ثلاثة كانت أو أكثر منها أو أقل وترا
كانت أو غير وتر كان ذلك طهره
وكان من الحجة لهم في ذلك أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا بالوتر يحتمل أن يكون ذلك على الاستحباب منه
للوتر لا على أن ما كان غير وتر لا يطهر
ويحتمل أن يكون أراد به التوقيت الذي لا يطهر ما هو أقل منه
فنظرنا في ذلك هل نجد فيه ما يدل على شئ من ذلك
فإذا يونس قد حدثنا قال ثنا يحيى بن حسان قال حدثني عيسى بن يونس قال ثنا ثور بن يزيد
121

عن حصين الحبراني عن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل
فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن تخلل فليلفظ
ومن لاك بلسانه فليبتلع من فعل هذا فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أتي الغائط فليستتر فإن لم يجد
إلا كثيبا يجمعه فليستتر به فإن الشيطان يتلاعب بمقاعد بني آدم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ثور بن يزيد قال ثنا حصين الحميري قال حدثني
أبو سعد الخير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
وزاد من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج
فدل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالوتر في الآثار الأول استحبابا منه للوتر لا أن ذلك من طريق الفرض
الذي لا يجزئ إلا هو
وقد روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد بين ذلك أيضا
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن زهير قال أخبرني أبو إسحاق
عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتي الغائط فقال
إيتني بثلاثة أحجار فالتمست فلم أجد إلا حجرين وروثة فألقى الروثة وأخذ الحجرين وقال إنها ركس
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا زهير بن عباد قال ثنا يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود
قالا قال بن مسعود فذكر نحوه
ففي هذا الحديث ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار لقوله لعبد الله ناولني
ثلاثة أحجار
ولو كان بحضرته من ذلك شئ لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان
فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة فألقى الروثة وأخذ الحجرين دل ذلك على استعماله الحجرين وعلى أنه
قد رأى أن الاستجمار بهما يجزئ مما منه الاستجمار بالثلاث
لأنه لو كان لا يجزئ الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين ولامر عبد الله أن يبغيه ثالثا
ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما من طريق النظر فإنا رأينا الغائط والبول إذا غسلا بالماء مرة فذهب بذلك أثرهما أو ريحهما حتى لم يبق من
ذلك شئ أن مكانهما قد طهر
ولو لم يذهب بذلك لونهما ولا ريحهما احتيج إلى غسله ثانية
فإن غسل ثانية فذهب لونهما وريحهما طهر بذلك كما يطهر بالواحدة
122

ولو لم يذهب لونهما ولا ريحهما يغسل مرتين احتيج إلى أن يغسل بعد ذلك حتى يذهب لونهما وريحهما
فكان ما يراد في غسلهما هو ذهابهما بما أذهبهما من الغسل ولم يرد في ذلك مقدار من الغسل معلوم لا يجزئ
ما هو أقل منه
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الاستجمار بالحجارة لا يراد من الحجارة في ذلك مقدار معلوم لا يجزئ
الاستجمار بأقل منه ولكن يجزئ من ذلك ما أذهب بالنجاسة مما قل أو كثر
وهذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب الاستجمار بالعظام
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي عثمان بن سنة الخزاعي
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله نهى أن يستطيب أحد بعظم أو بروثة
حدثنا فهد قال ثنا جندل بن والق قال ثنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد
عن سلمان قال نهينا أن نستنجي بعظم أو رجيع
حدثنا يونس قال أخبرني بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري
عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يستطيب
أحد بعظم أو روثة أو جلد
حدثنا حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا صفوان قال ثنا ابن عجلان ح
وحدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي بروث أو رمة والرمة العظام
حدثنا محمد بن حميد وهشام الرعيني قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا ابن وهب قال أخبرني حياة بن
شريح عن عياش بن عباس أن شييم بن بيتان أخبره أنه سمع رويفع بن ثابت الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له
يا رويفع بن ثابت لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أن من استنجي برجيع دابة أو عظم فإن محمدا
منه برئ
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أنه لا يستنجي بالعظام وجعلوا المستنجي بها في حكم من لم يستنج واحتجوا
في ذلك بهذه الآثار
123

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لم ينه عن الاستنجاء بالعظم لان الاستنجاء به ليس كالاستنجاء بالحجر
وغيره ولكنه نهى عن ذلك لأنه جعل زادا للجن فأمر بنو آدم أن لا يقذروه عليهم
وقد بين ذلك ما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا حفص بن غياث عن داود بن
أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنجوا بعظم ولا روث فإنها
أزودة إخوانكم الجن
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود
أنه قال سألت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر ليلة لقيهم في بعض شعاب مكة الزاد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عظم يقع في أيديكم قد ذكر اسم الله عليه أوفر ما يكون لحما والبعر يكون علفا
لدوابكم فقال إن بني آدم ينجسونه علينا
فعند ذلك قال لا تستنجوا بروث دابة ولا بعظم إنه زاد إخوانكم من الجن
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أحمد بن محمد الأزرقي قال ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في حاجة له وكان لا يلتفت فدنوت منه فاستأنست وتنحنحت
فقال من هذا فقلت أبو هريرة فقال يا أبا هريرة ابغني أحجارا أستطيب بهن ولا تأتني بعظم ولا بروث
قال فأتيته بأحجار أحملها في ملاة فوضعتها إلى جنبه ثم أعرضت عنه
فلما قضى حاجته اتبعته فسألته عن الأحجار والعظم والروثة فقال إنه جاءني وفد نصيبين من الجن ونعم
الجن هم فسألوني الزاد فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروث إلا وجدوا عليه طعاما
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سويد بن سعيد قال ثنا عمرو بن يحيى فذكر بإسناده مثله
فثبت بهذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الاستنجاء بالعظام لمكان الجن لا لأنها لا تطهر كما يطهر الحجر
وجميع ما ذهبنا إليه من الاستنجاء بالعظام أنه يطهر قول حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب الجنب يريد النوم أو الاكل أو الشرب أو الجماع
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان قال حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا
سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينام وهو جنب ولا يمس الماء
124

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا أبو الأحوص قال ثنا أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة
رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من المسجد صلى ما شاء الله ثم مال إلى فراشه وإلى أهله فإن
كانت له حاجة قضاها ثم ينام كهيأته ولا يمس الماء
حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن
أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ولا يمس ماء حتى
يقوم بعد ذلك فيغتسل
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا الحجاج بن إبراهيم قال ثنا أبو بكر بن عياش فذكر مثله بإسناده
حدثنا صالح قال ثنا سعيد بن منصور قال أنا هشيم قال أنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق
فذكر مثله بإسناده
حدثنا صالح قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن الأعمش عن أبي إسحاق فذكر
مثله بإسناده
فذهب قوم إلى هذا وممن ذهب إليه أبو يوسف فقالوا لا نرى بأسا أن ينام الجنب من غير أن يتوضأ
لان التوضي لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ينبغي له أن يتوضأ للصلاة قبل أن ينام وقالوا هذا الحديث غلط لأنه حديث
مختصر اختصره أبو إسحاق من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه
وذلك أن فهدا حدثنا قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق قال أتيت الأسود بن يزيد
وكان لي أخا وصديقا
فقلت يا أبا عمرو حدثني ما حدثتك عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل ويحيي آخره ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ثم ينام
قبل أن يمس ماء فإذا كان عند النداء الأول وثب وما قالت قام فأفاض عليه الماء وما قالت اغتسل
وأنا أعلم ما تريد وإن كان جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة
فهذا الأسود بن يزيد قد أبان في حديثه لما ذكرناه بطوله أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة
وأما قولها فإن كانت له حاجة قضاها ثم ينام قبل أن يمس ماء فيحتمل أن يكون قدر ذلك على الماء الذي
يغتسل به لا على الوضوء
وقد بين ذلك غير أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ وضوءه للصلاة
ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب يتوضأ ثم روي عن الأسود
من رأيه مثل ذلك
125

حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال
قال الأسود إذا أجنب الرجل فأراد أن ينام فليتوضأ
فاستحال عندنا أن تكون عائشة رضي الله عنها قد حدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان ينام ولا يمس
ماء ثم تأمرهم بعد ذلك بالوضوء ولكن الحديث في ذلك ما رواه إبراهيم
وقد روى غير الأسود عن عائشة رضي الله عنها ما يوافق ذلك أيضا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس والليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى فذكر بإسناده مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة
رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وزاد ويغسل فرجه
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الزبير عن جابر أن أبا عمرو مولى عائشة
أخبره عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث الزهري عن أبي سلمة
فهذا غير الأسود قد روى عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما روى إبراهيم عن
الأسود عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها من قولها مثل ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها
أنها كانت تقول إذا أصاب أحدكم المرأة ثم أراد أن ينام فلا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة
حدثنا يزيد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا هشام قال أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها مثله وزاد
فإنه لا يدري لعل نفسه تصاب في نومه
فمحال أن يكون عندها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف هذا ثم تفتي بهذا
فثبت بما ذكرنا فساد ما روي عن أبي إسحاق عن الأسود مما ذكرنا وثبت ما روى إبراهيم
عن الأسود
126

وقد يحتمل أيضا أن يكون ما أراد أبو إسحاق في قوله ولا يمس ماء يعني الغسل فإن أبا حنيفة قد روى
عنه من هذا شيئا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا معاذ بن فضالة قال ثنا يحيى بن أيوب عن أبي حنيفة رحمه الله وموسى
بن عقبة عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ وينام ولا يغتسل
فكان ما ذكر أنه لم يكن يفعله إذا جامع قبل نومه هو الغسل فذلك لا ينفي الوضوء
وقد روي عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن ابن
عمر أن عمر رضي الله عنه قال يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب قال نعم ويتوضأ
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله
عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وزاد وضوءه للصلاة
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا سعيد بن سفيان الجحدري قال ثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله
عنه عن رسول الله مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وزاد واغسل ذكرك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة ح
وحدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي ثم أجمعوا جميعا فقالوا عن سفيان عن عبد الله بن دينار فذكر
بإسناده مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن دينار فذكر مثله بإسناده
وروى عن عمار بن ياسر وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مثل ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن
ياسر قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنب إذا أراد أن ينام أو يشرب أو يأكل أن يتوضأ وضوءه للصلاة
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب ونافع بن يزيد نحو
ذلك عن ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري أنه قال قلت يا رسول الله أصبت أهلي وأريد
النوم قال توضأ وارقد
فقد تواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنب إذا أراد النوم بما ذكرنا
127

وقد قال بذلك نفر من الصحابة من بعده منهم عائشة رضي الله عنها قد ذكرنا ذلك عنها من رأيها فيما تقدم
وقد روي ذلك أيضا عن زيد بن ثابت
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن لهيعة عن ابن هبيرة عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد
بن ثابت قال إذا توضأ الجنب قبل أن ينام فقد بات طاهرا
فهذا زيد بن ثابت يخبر أنه إذا توضأ قبل أن ينام ثم نام كان كمن قد اغتسل قبل أن ينام في الثواب
الذي يكتب لمن بات طاهرا
وقد ذكرنا حديث الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن
يأكل وهو جنب توضأ وعن أبي سعيد الخدري ما يوافق ذلك
فذهب إلى هذا قوم فقالوا لا ينبغي للجنب أن يطعم حتى يتوضأ
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس أن يطعم وإن لم يتوضأ
وكان لهم من الحجة في ذلك أن فهدا حدثنا قال أخبرني سحيم الحراني قال ثنا عيسى بن يونس قال
ثنا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل
وهو جنب غسل كفيه
فقد روي عن عائشة ما ذكرنا وروي عنها خلاف ذلك أيضا مما روينا عنها أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة
فلما تضاد ذلك احتمل عندنا والله أعلم أن يكون وضوءه حين كان يتوضأ في الوقت الذي قد ذكرناه في غير
هذا الباب أنه كان إذا رأى الماء لم يتكلم فكان يتوضأ ليتكلم فيسمي ويأكل ثم نسخ ذلك فغسل
كفيه للتنظيف وترك الوضوء
وكذلك وضوءه صلى الله عليه وسلم عند النوم يحتمل أنه كان يفعله أيضا لينام على ذكر ثم نسخ ذلك فأبيح للجنب
ذكر الله فارتفع المعنى الذي له توضأ
وقد روينا في غير موضع عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقيل له ألا تتوضأ
فقال أريد الصلاة فأتوضأ فأخبر أنه لا يتوضأ إلا للصلاة
ففي ذلك أيضا نفى الوضوء عن الجنب إذا أراد النوم أو الاكل أو الشرب
ومما يدل على نسخ ذلك أيضا أن بن عمر رضي الله عنه قد روى ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لعمر
ثم جاء عنه أنه قال بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال إذا أجنب الرجل وأراد أن يأكل أو يشرب أو ينام غسل كفيه
ومضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه وغسل فرجه ولم يغسل قدميه فهذا وضوء غير تام
وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في ذلك بوضوء تام فلا يكون هذا إلا وقد ثبت النسخ لذلك عنه
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل يجامع أهله ثم يريد المعاودة ما حدثنا بحر بن نصر قال ثنا يحيى
128

بن حسان قال ثنا أبو الأحوص عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يوسف بن يعقوب قال ثنا شعبة عن عاصم ثم ذكر مثله بإسناده
فقد يجوز أن يكون أمر بهذا في حال ما كان الجنب لا يستطيع ذكر الله حتى يتوضأ فأمر بالوضوء ليسمي عند
جماعه كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث ثم رخص لهم أن يتكلموا بذكر الله وهم جنب فارتفع ذلك
وقد روى عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجامع ثم يعود ولا يتوضأ قد ذكرنا ذلك في غير
هذا الباب
فهذا عندنا ناسخ لذلك
فإن قال قائل فقد روي عنه أنه كان يطوف على نسائه فكان يغتسل كلما جامع واحدة منهن وذكر في ذلك
ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان بن مسلم وأبو الوليد قالا حدثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا حماد عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته
سلمى عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف على نسائه في يوم فجعل يغتسل عند هذه وعند هذه
فقيل يا رسول الله لو جعلته غسلا واحدا فقال هذا أزكى وأطهر وأطيب
قيل له في هذا ما يدل على أن ذلك لم يكن على الوجوب لقوله هذا أزكى وأطيب وأطهر
وقد روى عنه أنه طاف على نسائه بغسل واحد
حدثنا يونس وبحر قالا حدثنا يحيى بن حسان قال ثنا عيسى بن يونس ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا عيسى بن يونس عن صالح بن أبي الأخضر
عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه بغسل واحد
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان فذكر بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى قال ثنا هشيم عن حميد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن محمد التيمي قال أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا حياة بن شريح قال ثنا بقية عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس
بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
129

كتاب الصلاة
باب الاذان كيف هو
حدثنا علي بن معبد وعلي بن شيبة قالا ثنا روح بن عبادة ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عثمان بن السائب قال أبو عاصم
في حديثه قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة يعني عن أبي محذورة قال روح في حديثه عن أم
عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان كما تؤذنون الآن الله أكبر
الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على
الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
وقال روح في حديثه أخبرني عثمان هذا الخبر كله عن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنها سمعت ذلك من
أبي محذورة
وقال أبو عاصم في حديثه قال وأخبرني هذا الخبر كله عثمان بن السائب عن أبيه وعن أم عبد الملك
بن أبي محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة
حدثنا علي بن شيبة وعلي بن معبد قالا ثنا روح قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عبد العزيز بن
عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز حدثه وكان يتيما في حجر أبي محذورة قال أخبرني أبو محذورة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له قم فأذن بالصلاة
فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقي علي التأذين هو بنفسه ثم ذكر مثل التأذين الذي في الحديث الأول
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هكذا ينبغي أن يؤذن
وخالفهم آخرون في موضعين
أحدهما ابتداء الاذان فقالوا ينبغي أن يقال في أول الاذان الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة وعلي بن عبد الرحمن واللفظ لأبي بكرة قالا ثنا عفان بن مسلم الصفار
قال ثنا همام بن يحيى قال ثنا عامر الأحول قال حدثني مكحول أن عبد الله بن محيريز حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم
علمه الاذان تسع عشرة كلمة الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثم ذكر بقية الاذان على
ما في الحديث الأول
حدثنا علي بن معبد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا ابن داود قال ثنا همام ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن سنان العوفي قال ثنا همام ح
130

وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد وأبو عمر الحوضي قالا ثنا همام ثم ذكروا مثله بإسناده
ففي هذا الحديث أنه يقول في أول الاذان الله أكبر أربع مرات
فكان هذا القول عندنا أصح القولين في النظر لأنا رأينا الاذان منه ما يردد في موضعين ومنه ما لا يردد
إنما يذكر في موضع واحد
فأما ما يذكر في موضع واحد ولا يكرر فالصلاة والفلاح فذلك ينادي بكل واحد منه مرتين
والشهادة تذكر في موضعين أول الاذان وفي آخره فيثنى في أوله فيقال أشهد أن لا إله إلا الله
مرتين ثم يفرد في آخره فيقال لا إله إلا الله ولا يثني ذلك
فكان ما ثني من الاذان إنما ثني على نصف ما هو عليه في الأول وكان التكبير يذكر في موضعين في أول
الاذان وبعد الفلاح
فأجمعوا أنه بعد الفلاح يقول الله أكبر الله أكبر
فالنظر على ما وصفنا أن يكون ما اختلف فيه مما يبتدأ به الاذان من التكبير أن يكون مثل ما يثني به قياسا
ونظرا على ما بينا من الشهادة أن لا إله إلا الله فيكون ما يبتدأ به الاذان من التكبير على ضعف ما يثني فيه
من التكبير
فإذا كان الذي يثني هو الله أكبر الله أكبر كان الذي يبتدأ به هو ضعفه الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر فهذا هو النظر الصحيح
وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله
غير أن أبا يوسف رحمه الله قد روي عنه أيضا في ذلك مثل القول الأول
والموضع الآخر الذي اختلفوا فيه منه هو الترجيع فذهب قوم إلى الترجيع وتركه آخرون
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن عمر بن مرة عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عبد الله بن زيد رأى رجلا نزل من السماء عليه ثوبان أخضران أو بردان أخضران فقام
على جذم حائط فنادى الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر
فذكر الاذان على ما في حديث أبي محذورة غير أنه لم يذكر الترجيع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال نعم ما رأيت
علمه بلالا
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيي بن يحيي النيسابوري قال ثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة
131

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري رأى الاذان في المنام فأتى
النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال علمه بلالا فقام بلال فأذن مثنى مثنى
فهذا عبد الله بن زيد لم يذكر في حديثه الترجيع فقد خالف أبا محذورة في الترجيع في الاذان
فاحتمل أن يكون الترجيع الذي حكاه أبو محذورة إنما كان لان أبا محذورة لم يمد بذلك صوته على ما أراد النبي
صلى الله عليه وسلم منه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع وامدد من صوتك هكذا اللفظ في الحديث
فلما احتمل ذلك وجب النظر لنستخرج به من القوانين قولا صحيحا فرأينا ما سوى ما اختلف فيه من الشهادة
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لا ترجيع فيه
فالنظر على ذلك أن يكون ما اختلفوا فيه من ذلك معطوفا على ما أجمعوا عليه ويكون إجماعهم أن
لا ترجيع في سائر الاذان غير الشهادة يقضي على اختلافهم في الترجيع في الشهادة
وهذا الذي وصفنا وما بيناه من نفي الترجيع قول أبي حنيفة رضي الله عنه وأبي يوسف ومحمد
رحمهما الله تعالى
باب الإقامة كيف هي
حدثنا مبشر بن الحسن بن مبشر بن مكسر قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا شعبة عن خالد الحذاء
عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا شعبة وحماد بن زيد فذكر بإسناده مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن خالد فذكر بإسناده مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن خالد
فذكر بإسناده مثله
حدثنا محمد بن عيسى بن فليح بن سليمان قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن خالد فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال ثنا محمد بن دينار الطاخي قال ثنا خالد
الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال كانوا قد أرادوا أن يضربوا بالناقوس وأن يرفعوا نارا لاعلام
الصلاة حتى رأى ذلك الرجل تلك الرؤيا فأمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو الجزري عن أيوب عن أبي
قلابة عن أنس رضي الله عنه قال أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة
132

قال أبو جعفر فذهب إلى هذا فقالوا هكذا الإقامة تفرد مرة مرة
وخالفهم آخرون في حرف واحد من ذلك فقالوا إلا قوله قد قامت الصلاة فإنه ينبغي له أن يثني ذلك مرتين
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن سماك بن عطية
عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن سنان العوفي قال ثنا حماد بن سلمة عن خالد عن أبي قلابة
عن أنس رضي الله عنه
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن إسماعيل قال ثنا إسماعيل قال ثنا خالد عن أبي قلابة عن أنس
رضي الله عنه قال أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة
قال إسماعيل فحدثت به أيوب فقلت له وأن يوتر الإقامة فقال إلا الإقامة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا شعبة عن أبي جعفر الفراء عن مسلم مؤذن كان لأهل الكوفة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان الاذان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه إذ قال
قد قامت الصلاة قالها مرتين فعرفنا أنها الإقامة فيتوضأ أحدنا ثم يخرج
واحتجوا في ذلك أيضا من النظر فقالوا قد رأينا الاذان ما كان منه مكررا لم يثن في المرة الثانية إلا وجعل على
النصف مما هو عليه في الابتداء وكانت الإقامة لا يبتدأ بها إنما تكون بعد الاذان
فكان النظر على ذلك أن يكون ما فيها مما هو في الاذان غير مثنى وما فيها مما ليس في الاذان فكل الإقامة
في الاذان غير قد قامت الصلاة فيفرد الإقامة كلها ولا يثني غير قد قامت الصلاة فإنها تكرر لأنها
ليست في الاذان
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الإقامة كلها مثنى مثنى مثل الاذان سواء غير أنه يقال في آخرها
قد قامت الصلاة
وقالوا ما ذكرتم عن بلال قد روى عنه خلاف ذلك مما سنذكره إن شاء الله تعالى
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى أن عبد الله بن زيد رأى رجلا نزل من السماء عليه ثوبان أخضران أو بردان أخضران فقام على جذم
حائط فأذن الله أكبر الله أكبر على ما ذكرنا في الباب الأول ثم قعد ثم قام فأقام مثل ذلك فأتى النبي
صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال نعم ما رأيت علمها بلالا
133

حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيي بن يحيي النيسابوري قال ثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أخبرني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري رأى في المنام الاذان
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال علمه بلالا فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى وقعد قعدة
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحابنا فذكر نحوه
قال عبد الله لولا أني أتهم نفسي لظننت أني رأيت ذلك وأنا يقظان غير نائم ثم قال وقال عمر بن الخطاب
أنا والله لقد طاف بي الذي طاف بعبد الله فلما رأيته قد سبقني سكت
ففي هذا الأثر أن بلالا أذن بتعليم عبد الله بن زيد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياه بذلك فأقام مثنى مثنى فهذا يخالف
الحديث الأول
ثم قد روى عن بلال أنه كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى فدل ذلك أيضا على
انتفاء ما روى أنس
حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال ثنا عبد الرزاق عن معمر
عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن بلال أنه كان يثني الاذان ويثني الإقامة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن ثنان قال ثنا شريك ح
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا محمد بن سليمان لوين قال ثنا شريك عن عمران بن مسلم عن
سويد بن غفلة قال سمعت بلالا يؤذن مثنى ويقيم مثنى
فهذا بلال قد روي عنه في الإقامة ما يخالف ما ذكر أنس وفي حديث أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه
الإقامة مثنى مثنى
حدثنا علي بن معبد وعلي بن شيبة قالا ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عثمان بن
السائب عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة قالت سمعت أبا محذورة ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عثمان بن السائب عن أبيه وأم
عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا أبا محذورة يقول علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الإقامة مثنى مثنى الله أكبر الله أكبر
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله أشهد أن محمد رسول الله حي على الصلاة
حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
غير أن أبا بكرة لم يذكر في حديثه قد قامت الصلاة
134

حدثنا أبو بكرة وعلي بن عبد الرحمن قالا حدثنا عفان قال ثنا همام قال حدثني عامر الأحول قال
حدثني مكحول أن عبد الله بن محيريز حدثه أن أباه محذورة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الإقامة سبع عشرة كلمة
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثم ذكر مثل حديث روح سواء
حدثنا علي بن معبد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا همام ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن سنان قال ثنا همام عن عامر الأحول عن ابن محيريز عن
أبي محذورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد وأبو عمر الحوضي قالا ثنا هما ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا همام قال ثنا عامر الأحول قال ثنا مكحول
أن بن محيريز حدثه أنه سمع أبا محذورة يقول علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الإقامة سبع عشرة كلمة
فتصحيح معاني هذه الآثار يوجب أن يكون الإقامة مثل الاذان سواء على ما ذكرنا لان بلالا اختلف
فيما أمر به من ذلك ثم ثبت هو من بعد على التثنية في الإقامة بتواتر الآثار في ذلك فعلم أن ذلك هو ما أمر به
وفي حديث أبي محذورة التثنية أيضا فقد ثبت التثنية في الإقامة
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإن قوما احتجوا في ذلك ممن يقول الإقامة تفرد مرة مرة
بالحجة التي ذكرناها لهم في هذا الباب مما يكرر في الاذان مما لا يكرر فكانت الحجة في ذلك أن الاذان
كما ذكروا
وأما ما كان منه مما يذكر في موضعين يثني في الموضع الأول وأفرد في الموضع الآخر وما كان منه غير
مثنى أفرد
وأما الإقامة فإنما تفعل بعد انقطاع الاذان فلها حكم مستقل وقد رأينا ما يختم به الإقامة من قول لا إله
إلا الله هو ما يختم به الاذان أيضا
فالنظر على ذلك أن يكون بقية الإقامة على مثل بقية الاذان أيضا
فكان مما يدخل على هذه الحجة أنا رأينا ما يختم به الإقامة لا نصف له فيجوز أن يكون المقصود إليه منه
هو نصفه
إلا أنه لما لم يكن له نصف كان حكمه حكم سائر الأشياء التي لا تنقسم مما إذا وجب بعضها وجب
بوجوبه كلها فلهذا صار ما يختم به الأذان والإقامة من قول لا إله إلا الله سواء فلم يكن في ذلك دليل لأحد
المعنيين على الآخر
135

نظرنا في ذلك فرأيناهم لم يختلفوا أنه في الإقامة بعد الصلاة والفلاح يقول الله أكبر الله أكبر فيجئ
به هاهنا على مثل ما يجئ به في الاذان في هذا الموضع أيضا ولا يجئ به على نصف ما هو عليه في الاذان
فلما كان هذا من الإقامة مما له نصف على مثل ما هو عليه في الاذان سواء كان ما بقي من الإقامة أيضا
هو على مثل ما هو عليه في الاذان أيضا سواء لا يحذف من ذلك شئ
فثبت بذلك أن الإقامة مثنى مثنى وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد روي ذلك عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الحميد بن صالح قال ثنا وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع
بن جارية عن عبيد مولى سلمة بن الأكوع أن سلمة بن الأكوع كان يثني الإقامة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن سنان قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم قال كان
ثوبان يؤذن مثنى ويقيم مثنى
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا محمد قال ثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع قال سمعت أبا محذورة
يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى
وقد روى عن مجاهد في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا قطر بن
خليفة عن مجاهد في الإقامة مرة مرة إنما هو شئ استخفه الامراء فأخبر مجاهد أن ذلك محدث وأن الأصل
هو التثنية
باب قول المؤذن في أذان الصبح
الصلاة خير من النوم
قال أبو جعفر كره قوم أن يقال في أذان الصبح الصلاة خير من النوم واحتجوا في ذلك بحديث عبد الله
بن زيد في الاذان الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمه إياه بلالا فأمر بلالا بالتأذين
وخالفهم في ذلك آخرون فاستحبوا أن يقال ذلك في التأذين للصبح بعد الفلاح
وكان من الحجة لهم ذلك أنه وإن لم يكن ذلك في حديث عبد الله بن زيد فقد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا
محذورة بعد ذلك وأمره أن يجعله في الاذان للصبح
136

حدثنا علي بن معبد قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عثمان بن السائب عن أم عبد الملك
بن أبي محذورة عن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه في الاذان الأول من الصبح الصلاة خير من النوم الصلاة
خير من النوم
حدثنا علي قال ثنا الهيثم بن خالد بن يزيد قال ثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع قال سمعت
أبا محذورة قال كنت غلاما صبيا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم
قال أبو جعفر فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبا محذورة كان ذلك زيادة على ما في حديث عبد الله بن زيد
ووجب استعمالها
وقد استعمل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال كان في الاذان الأول بعد الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال أنا هشيم ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن عون قال أنا هشيم عن أبي عون عن محمد بن سيرين عن
أنس رضي الله عنه قال كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن حي على الفلاح قال الصلاة خير
من النوم مرتين
فهذا بن عمر رضي الله عنهما وأنس رضي الله عنه يخبر أن ذلك مما كان المؤذن يؤذن به في أذان الصبح
فثبت بذلك ما ذكرنا وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب التأذين للفجر أي وقت هو
بعد طلوع الفجر أو قبل ذلك
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال ثنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن
أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم
قال بن شهاب وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت
حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب أن مالكا حدثه عن الزهري عن سالم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر
بن عمر رضي الله عنهما
حدثنا يزيد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
137

حدثنا يزيد قال ثنا أبو داود قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن الزهري فذكر
مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال قال سالم بن
عبد الله سمعت عبد الله يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى
بن أم مكتوم
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن
سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن دينار فذكر بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا مالك وشعبة عن عبد الله بن دينار فذكر
بإسناده مثله
غير أنه قال حتى ينادي بلال أو بن أم مكتوم شك شعبة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة
رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ولم يشك
قالت ولم يكن بينهما إلا مقدار ما ينزل هذا ويصعد هذا
حدثنا علي بن معبد قال ثنا روح قال ثنا شعبة قال سمعت خبيب بن عبد الرحمن يحدث عن
عمته أنيسة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا أو بن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى بلال
أو بن أم مكتوم
فكان إذا نزل هذا وأراد هذا أن يصعد تعلقوا به وقالوا كما أنت حتى تتسحر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة فذكر مثله بإسناده وزادوا كانت قد حجت مع النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يكن بينهما إلا مقدار ما يصعد هذا وينزل هذا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمر بن عون قال ثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن خبيب بن
عبد الرحمن عن عمته أنيسة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى
تسمعوا نداء بلال
حدثنا علي بن معبد قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة قال سمعت سوادة القشيري وكان
138

إمامهم قال سمعت سمرة بن جندب يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا
البياض حتى يبدو الفجر وينفجر الفجر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سوادة القشيري عن سمرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الفجر يؤذن لها قبل دخول وقتها واحتجوا في ذلك بهذه الآثار فمن ذهب
إلى ذلك أبو يوسف رحمه الله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا ينبغي أن يؤذن للفجر أيضا إلا بعد دخول وقتها كما لا يؤذن لسائر
الصلوات إلا بعد دخول وقتها
واحتجوا في ذلك فقالوا إنما كان أذان بلال الذي كان يؤذن به بليل لغير الصلاة
فذكروا ما حدثنا علي بن معبد وأبو بشر الرقي قالا حدثنا شجاع بن الوليد واللفظ لابن معبد ح
وحدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أسباط بن محمد ح
وحدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا نعيم قال ثنا ابن المبارك ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله
بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه ينادي أو يؤذن ليرجع
غائبكم ولينتبه قائمكم
وقال ليس الفجر أو الصبح هكذا وهكذا وجمع أصبعيه وفرقهما
وفي حديث زهير خاصة ورفع زهير يده وخفضها حتى يقول هكذا أو مد زهير يديه عرضا
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك النداء كان من بلال لينتبه النائم وليرجع الغائب لا للصلاة
وقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما ما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا موسي بن إسماعيل قال ثنا حماد
بن سلمة ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فنادى ألا إن العبد قد نام فرجع فنادى ألا إن
العبد قد نام
فهذا بن عمر رضي الله عنهما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا وهو ممن قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن بن مكتوم
139

فثبت بذلك أن ما كان من ندائه قبل طلوع الفجر مما كان مباحا له هو لغير الصلاة وأن ما أنكره عليه
إذ فعله قبل الفجر كان للصلاة
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا عن حفصة رضي الله عنها ما حدثنا يونس قال ثنا علي بن
معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن حفصة
رضي الله عنها بنت عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر ثم خرج إلى
المسجد وحرم الطعام وكان لا يؤذن حتى يصبح
فهذا بن عمر رضي الله عنهما يخبر عن حفصة رضي الله عنها أنهم كانوا لا يؤذنون للصلاة إلا بعد طلوع الفجر
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا بلالا أن يرجع فينادي ألا إن العبد قد نام يدل على أن عادتهم أنهم كانوا لا
يعرفون
أذانا قبل الفجر
ولو كانوا يعرفون ذلك أذانا لما احتاجوا إلى هذا النداء وأراد به عندنا والله أعلم بذلك النداء إنما هو ليعلمهم
أنهم في ليل بعد حتى يصلى من آثر منهم أن يصلي ولا يمسك عما يمسك عنه الصائم
وقد يحتمل أن يكون بلال كان يؤذن في وقت كان يرى أن الفجر قد طلع فيه ولا يتحقق ذلك
لضعف بصره
والدليل على ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن إشكاب ح
وحدثنا فهد قال ثنا شهاب بن عباد العبدي قال ثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم أذان بلال فان في بصره شيئا
فدل ذلك على أن بلالا كان يريد الفجر فيخطيه لضعف بصره
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعملوا على أذانه إذ كان من عاداته الخطأ لضعف بصره
وقد حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال ثنا ابن لهيعة عن سالم عن سليمان عن ابن عثمان أنه حدثه عن عدي بن حاتم عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال إنك تؤذن إذا كان
الفجر ساطعا وليس ذلك الصبح إنما الصبح هكذا معترضا
فأخبره في هذا الأثر أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر وليس هو في الحقيقة بفجر
وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى
ينادى بن أم مكتوم
قالت ولم يكن بينهما إلا مقدار ما يصعد هذا وينزل هذا
فلما كان بين أذانهما من القرب ما ذكرنا ثبت أنهما كانا يقصدان وقتا واحدا وهو طلوع الفجر فيخطيه
بلال لما يبصره ويصيبه بن أم مكتوم لأنه لم يكن يفعله حتى يقول له الجماعة أصبحت أصبحت
ثم قد روى عن عائشة رضي الله عنها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن
140

شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود قال قلت يا أم المؤمنين متى توترين قالت إذا أذن المؤذن
قال الأسود وإنما كانوا يؤذنون بعد الصبح وهذا تأذينهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لان الأسود إنما كان
سماعه عن عائشة رضي الله عنها بالمدينة وهي قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما روينا عنها ذلك فلم ينكر عليهم تركهم
التأذين قبل الفجر ولا أنكر ذلك غيرها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فدل ذلك أن مراد بلال بأذانه ذلك الفجر وأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلوا واشربوا حتى ينادي
بن أم مكتوم إنما هو لإصابة طلوع الفجر
فلما رويت هذه الآثار على ما ذكرنا وكان في حديث حفصة رضي الله عنها أنهم كانوا لا يؤذنون حتى يطلع
الفجر فإن كان ذلك كذلك فقد بطل المعنى الذي ذهب إليه أبو يوسف
وإن كان المعنى على غير ذلك وكانوا يؤذنون قبل الفجر على القصد منهم لذلك فإن حديث بن مسعود عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن ذلك التأذين كان لغير الصلاة
وفي تأذين بن أم مكتوم بعد طلوع الفجر دليل أن ذلك موضع أذان لتلك الصلاة
ولو لم يكن ذلك موضع أذان لها لما أبيح الاذان فيها
فلما أبيح ذلك ثبت أن ذلك الوقت وقت للاذان واحتمل تقديمهم أذان بلال قبل ذلك ما ذكرنا
ثم اعتبرنا ذلك أيضا من طريق النظر لنستخرج من القولين قولا صحيحا فرأينا سائر الصلوات غير الفجر
لا يؤذن لها إلا بعد دخول أوقاتها
واختلفوا في الفجر فقال قوم التأذين لها قبل دخول وقتها
وقال آخرون بل هو بعد دخول وقتها
فالنظر على ما وصفنا أن يكون الاذان لها كالاذان لغيرها من الصلوات فلما كان ذلك بعد دخول أوقاتها
كان أيضا في الفجر كذلك
فهذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه ومحمد وسفيان الثوري
حدثني بن أبي عمران قال ثنا علي بن الجعد قال سمعت سفيان بن سعيد وقال له رجل إني أؤذن قبل
طلوع الفجر لأكون أول من يقرع باب السماء بالنداء
فقال سفيان لا حتى ينفجر الفجر
وقد روى عن علقمة من هذا شئ
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا شريك عن علي بن علي عن إبراهيم قال
141

شيعنا علقمة إلى مكة فخرج بليل فسمع مؤذنا يؤذن بليل فقال اما هذا فقد خالف سنة أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم لو كان نائما كان خيرا له فإذا طلع الفجر أذن
فأخبر علقمة أن التأذين قبل طلوع الفجر خلاف لسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
باب الرجلين يؤذن أحدهما ويقيم الآخر
حدثنا يونس قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن زياد بن نعيم
أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان أول الصبح أمرني فأذنت ثم قام إلي
الصلاة فجاء بلال ليقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان قال أخبرني عبد الرحمن بن زياد عن زياد بن نعيم عن
عبد الله بن الحارث الصدائي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فقالوا لا ينبغي أن يقيم للصلاة غير الذي أذن لهم وخالفهم في
ذلك آخرون فقالوا لا بأس أن يقيم الصلاة غير الذي أذن لها
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو أمية قال ثنا المعلي بن منصور قال أخبرني عبد السلام بن حرب عن
أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده أنه حين أرى الاذان أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بلالا فأذن ثم أمر عبد الله فأقام
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال ثنا عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن
عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته كيف رأيت الاذان
فقال ألقهن على بلال فإنه أندى صوتا منك
فلما أذن بلال ندم عبد الله فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم
فلما تضاد هذان الحديثان أردنا أن نلتمس حكم هذا الباب من طريق النظر لنستخرج به من القولين
قولا صحيحا
فنظرنا في ذلك فوجدنا الأصل المتفق عليه أنه لا ينبغي أن يؤذن رجلان أذانا واحدا يؤذن كل واحد
منهما بعضه
فاحتمل أن يكون الأذان والإقامة كذلك لا يفعلهما إلا رجل واحد
142

واحتمل أن يكونا كالشيئين المتفرقين فلا بأس بأن يتولى كل واحد منهما رجل على حدة
فنظرنا في ذلك فرأينا الصلاة لها أسباب تتقدمها من الدعاء إليها بالاذان ومن الإقامة لها هذا في
سائر الصلوات
ورأينا الجمعة يتقدمها خطبة لا بد منها فكانت الصلاة مضمنة بالخطبة وكان من صلى الجمعة بغير خطبة
فصلاته باطلة حق تكون الخطبة قد تقدمت الصلاة
ورأينا الامام لا يجب أن يكون هو غير الخطيب لان كل واحد منهما مضمن بصاحبه
فلما كان لا بد منهما لم ينبغ أن يكون القائم بهما إلا رجلا واحدا
ورأينا الإقامة جعلت من أسباب الصلاة أيضا وأجمعوا أنه لا بأس أن يتولاها غير الامام فكما كان يتولاها
غير الامام وهي من الصلاة أقرب منها من الاذان كان لا بأس أن يتولاها غير الذي يتولى الاذان
فهذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب ما يستحب للرجل أن يقوله إذا سمع الاذان
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك ويونس عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي
عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن وفي حديث مالك النداء فقولوا
مثل ما يقول وفي حديث مالك ما يقول المؤذن
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر عن يونس فذكر مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو زرعة قال أبا حياة قال أنا كعب بن علقمة أنه سمع عبد الرحمن
بن جبير مولى نافع بن عبد الله بني عمرو القرشي يقول إنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلي على صلاة صلى الله
عليه وسلم بها عشرا ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة فإنها منزل في الجنة لا ينبغي لأحد إلا لعبد من عباد الله وأرجو
أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة ح
وحدثنا ابن أبي داود وأحمد بن داود قالا حدثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي المليح
عن عبد الله بن عتبة عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يقول مثل ما يقول حتى يسكت
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني محمد بن عمرو الليثي عن أبيه عن
143

جده قال كنا عند معاوية فأذن المؤذن فقال معاوية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل
مقالته أو كما قال
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا ينبغي لمن سمع الاذان أن يقول كما يقول المؤذن حتى يفرغ
من أذانه
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس لقوله حي على الصلاة حي على الفلاح معنى لان ذلك إنما يقول
المؤذن ليدعو به الناس إلى الصلاة وإلى الفلاح
والسامع لا يقول ما يقول من ذلك على جهة دعاء الناس إلى ذلك إنما يقوله على جهة الذكر وليس هذا من الذكر
فينبغي له أن يجعل مكان ذلك ما قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآثار الاخر وهو لا حول ولا قوة إلا بالله
فكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون قوله فقولوا مثل ما يقول حتى يسكت أي فقولوا
مثل ما ابتدأ به الاذان من التكبير والشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حتى يسكت
فيكون التكبير والشهادة هما المقصود إليهما بقوله مثل ما يقول وقد قصد إلى ذلك في حديث أبي هريرة
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي قال ثنا عبد الله بن رجاء عن عباد بن إسحاق
عن ابن شهاب ح
وحدثنا أحمد قال ثنا مسدد قال ثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا تشهد المؤذن فقولوا مثل ما يقول
وأما ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عند ذلك لا حول ولا قوة إلا بالله وفي الحض على ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا إسحاق بن محمد القروي قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمارة بن غزية
عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله
إلا الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال
حي على الصلاة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال
الله أكبر الله أكبر فقال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله فقال لا إله إلا الله من قبله دخل الجنة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن سليمان عن شريك عن عاصم بن عبيد الله عن علي بن حسين
عن أبي رافع قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المؤذن قال مثل ما قال وإذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح
قال لا حول ولا قوة إلا بالله
144

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبيد الله عن يحيى بن أبي كثير عن محمد
بن إبراهيم القرشي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فأذن المؤذن فقال
الله أكبر الله أكبر فقال معاوية الله أكبر الله أكبر فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية
أشهد أن لا إله إلا الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال معاوية أشهد أن محمدا رسول الله حتى بلغ حي
على الصلاة حي على الفلاح فقال لا حول ولا قوة إلا بالله
قال يحيى وحدثني رجل أن معاوية لما قال ذلك قال هكذا سمعنا نبيكم يقول
حدثنا أبو بكرة قال سعيد بن عامر قال ثنا محمد بن عمر عن أبيه عن جده أن معاوية قال مثل ذلك
ثم قال هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا عبد الله بن وهب قال حدثني أيضا يعني داود بن عبد الرحمن عن
عمرو بن يحيى عن عبد الله بن علقمة قال كنت جالسا إلى جنب معاوية فذكر مثله ثم قال معاوية هكذا سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى الأنصاري أن عيسى
بن محمد أخبره عن عبد الله بن وقاص فذكر نحوه
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا أنه كان يقول عند الاذان ويأمر به ما حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال
ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن الحكيم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا الليث فذكر بإسناده مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني يحيى بن أيوب عن عبيد الله
بن المغيرة عن الحكيم بن عبد الله بن قيس فذكر مثله بإسناده وزاد أنه قال من قال حين يسمع
المؤذن يتشهد
حدثنا محمد بن النعمان السقطي قال ثنا يحيى بن يحيى النيسابوري قال ثنا أبو عمر البزار عن قيس بن مسلم
عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يقول إذا سمع النداء فيكبر المنادى
فيكبر ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فيشهد على ذلك ثم يقول اللهم أعط محمدا الوسيلة واجعل
في عليين درجته وفي المصطفين محبته وفي المقربين داره إلا وجبت له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة
145

حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا علي بن عياش قال ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن
المنكدر عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المؤذن قال اللهم رب هذه الدعوة التامة
والصلاة القائمة أعط سيدنا محمدا الوسيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم الطحان قال ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن حفصة
بنت أبي بكر عن أمها قالت علمتني أم سلمة وقالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أم سلمة إذا كان عند
أذان المغرب فقولي اللهم هذا عند استقبال ليلك واستدبار نهارك وأصوات دعاتك وحضور صلاتك
اغفر لي
فهذه الآثار تدل على أنه أراد بما يقال عند الاذان الذكر فكل الاذان ذكر غير حي على الصلاة حي على
الفلاح فإنهما دعاء
فما كان من الاذان ذكر فينبغي للسامع أن يقوله وما كان منه دعاء إلى الصلاة فالذكر الذي هو غيره أفضل
منه وأولى أن يقال
وقد قال قوم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم المؤذن فقولوا ما يقول على الوجوب
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ذلك على الاستحباب لا على الوجوب
فكان من الحجة لهم في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال ثنا أبي قال
ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الأحوص عن علقمة عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره
فسمع مناديا وهو يقول الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة فقال أشهد أن لا إله إلا الله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من النار قال فابتدرناه فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع المنادي ينادي فقال غير ما قال فدل ذلك على أن قوله إذا سمعتم المنادي فقولوا مثل
الذي يقول أن ذلك ليس على الايجاب وأنه على الاستحباب والندبة إلى الخير وإصابة الفضل كما علم الناس من
الدعاء الذي أمرهم أن يقولوه في دبر الصلاة وما أشبه ذلك
باب مواقيت الصلاة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة
عن حكيم بن حكيم بن عباد بن سهل بن حنيف عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحارث
المخزومي عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه
146

وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش
بن ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني
جبرائيل عليه السلام مرتين عند باب البيت فصلى بي الظهر حين مالت الشمس وصلى بي العصر حين صار ظل
كل شئ مثله وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين
حرم الطعام والشراب على الصائم وصلى بي الظهر من الغد حين صار ظل كل شئ مثله وصلى بي العصر حين
صار ظل كل شئ مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين مضى ثلث الليل وصلى بي
الغداة عندما أسفر ثم التفت إلى فقال يا محمد الوقت فيما بين هذين الوقتين هذا وقت الأنبياء من قبلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا عبد الله بن لهيعة قال ثنا بكير بن الأشج عن
عبد الملك بن سعيد بن سويد الساعدي سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبرائيل
عليه السلام في الصلاة فصلى الظهر حين زاغت الشمس وصلى العصر حين قامت قائمة وصلى المغرب حين غابت
الشمس وصلى العشاء حين غاب الشفق وصلى الصبح حين طلع الفجر
ثم أمني في اليوم الثاني فصلى الظهر وفئ كل شئ مثله وصلى العصر والفئ قامتان وصلى المغرب حين غابت
الشمس وصلى العشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول وصلى الصبح حين كادت الشمس أن تطلع ثم قال
الصلاة فيما بين هذين الوقتين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا الفضل بن موسى الشيباني قال ثنا محمد بن عمر عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبرائيل عليه السلام يعلمكم أمر دينكم
ثم ذكر مثله غير أنه قال في العشاء الآخرة وصلاها في اليوم الثاني حين ذهبت ساعة من الليل
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا حامد بن يحيى قال ثنا عبد الله بن الحارث قال ثنا ثور بن يزيد عن
سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال سأل رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة
فقال صل معي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح حين تطلع الفجر ثم صلى الظهر حين زاغت الشمس ثم صلى العصر
حين كان فئ الانسان مثله ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس ثم صلى العشاء قبل غيبوبة الشفق ثم صلى الصبح
فأسفر ثم صلى الظهر حين كان فئ الانسان مثله ثم صلى العصر حين كان فئ الانسان مثليه ثم صلى المغرب قبل
غيبوبة الشفق ثم صلى العشاء فقال بعضهم ثلث الليل وقال بعضهم شطر الليل
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا همام قال سمعت عطاء بن أبي رباح قال حدثني
رجل منهم أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة فأمره أن يشهد الصلاة معه فصلى الصبح فعجل
147

ثم صلى الظهر فعجل ثم صلى العصر فعجل ثم صلى المغرب فعجل ثم صلى العشاء فعجل ثم صلى الصلوات كلها
من الغد فأخر ثم قال للرجل ما بين صلاتي في هذين الوقتين وقت كله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا بدر بن عثمان قال حدثني أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال اتاه سائل فسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا فأمر بلال فأقام الفجر حين انشق الفجر
والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس والقائل يقول انتصف النهار أو لم
وكان أعلم منهم ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة ثم أمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس ثم أمره فأقام
العشاء حين غاب الشفق ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول طلعت الشمس أو كادت ثم
أخر الظهر حتى كان قريبا من العصر ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول احمرت الشمس ثم أخر
المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ثم أخر العشاء حتى كان ثلثي الليل الأول ثم أصبح فدعا السائل فقال
الوقت فيما بين هذين
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا موسى قال ثنا إسماعيل بن سالم قال ثنا إسحاق بن يوسف عن سفيان
الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله عن وقت الصلاة فقال
صل معنا قال فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن ثم أمره فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة نقية ثم أمره فأقام
المغرب حين غابت الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم أمره فأقام الفجر حين تطلع الفجر
فلما كان في اليوم الثاني أمره فأذن للظهر فأبرد بها فأنعم أن يبرد بها وصلى العصر والشمس مرتفعة
أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل وصلى الفجر
فأسفر بها ثم قال أين السائل عن وقت الصلاة فقال الرجل أنا يا رسول الله فقال وقت صلاتكم فيما بين
ما رأيتم
فأما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار في صلاة الفجر فلم يختلفوا عنه فيه أنه صلاها في اليوم
الأول حين طلع الفجر وهو أول وقتها وصلاها في اليوم التالي حين كادت الشمس أن تطلع وهذا اتفاق
المسلمين أن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وآخر وقتها حين تطلع الشمس
أما ما ذكر عنه في صلاة الظهر فإنه ذكر عنه أنه صلاها حين زالت الشمس على ذلك اتفاق المسلمين أن ذلك
أول وقتها
وأما آخر وقتها فإن بن عباس رضي الله عنه وأبا سعيد رضي الله عنه وجابر وأبا هريرة رضي الله عنه
رووا عنه أنه صلاها في اليوم التالي حين كان ظل كل شئ مثله
148

فاحتمل أن يكون ذلك بعدما صار ظل كل شئ مثله فيكون ذلك هو وقت الظهر بعد
واحتمل أن يكون ذلك على قرب أن يصير ظل كل شئ مثله وهذا جائز في اللغة قال الله عز وجل
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف فلم يكن ذلك الامساك والتسريح
مقصودا به أن يفعل بعد بلوغ الاجل لأنها بعد بلوغ الاجل قد بانت وحرم عليه أن يمسكها
وقد بين الله عز وجل ذلك في موضع آخر فقال وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن
فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
فأخبر الله عز وجل أن حلالا لهن بعد بلوغ أجلهن أن ينكحن
فثبت بذلك أن ما جعل للأزواج عليهن في الآية الأخرى إنما هو في قرب بلوغ الاجل لا بعد بلوغ
الاجل
فكذلك ما روى عمن ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله
يحتمل أن يكون على قرب أن يصير ظل كل شئ مثله فيكون الظل إذا صار مثله فقد خرج وقت الظهر
والدليل على ما ذكرنا من ذلك أن الذين ذكروا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكروا عنه في هذه الآثار أيضا
أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله ثم قال ما بين هذين وقت فاستحال أن يكون
ما بينهما وقت وقد جمعهما في وقت واحد ولكن معنى ذلك عندنا والله أعلم على ما ذكرنا
وقد دل على ذلك أيضا ما في حديث أبي موسى وذلك أنه قال فيما أخبر عن صلاته في اليوم الثاني ثم أخر
الظهر حتى كان قريبا من العصر
فأخبر أنه إنما صلاها في ذلك اليوم في قرب دخول وقت العصر لا في وقت العصر فثبت بذلك إذا أجمعوا في
هذه الروايات أن بعد ما يصير ظل كل شئ مثله وقتا للعصر أنه محال أن يكون وقتا للظهر لاخباره أن الوقت
الذي لكل صلاة فيما بين صلاتيه في اليومين
وقد دل على ذلك أيضا ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت
الظهر حين تزول الشمس وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر
فثبت بذلك أن دخول وقت العصر بعد خروج وقت الظهر
وأما ما ذكر عنه في صلاة العصر فلم يختلف عنه أنه صلاها في أول يوم في الوقت الذي ذكرناه عنه فثبت
أن ذلك هو أول وقتها
149

وذكر عنه أنه صلاها في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثليه ثم قال الوقت فيما بين هذين فاحتمل
أن يكون ذلك هو آخر وقتها الذي إذا خرج فاتت
واحتمل أن يكون هو الوقت الذي لا ينبغي أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وأن من صلاها بعده وإن
كان قد صلاها في وقتها مفرط لأنه قد فاته من وقتها ما فيه الفضل وإن كانت لم تفت بعد
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الرجل ليصلي الصلاة ولم تفته ولما فاته من وقتها خير له
من أهله وماله
فثبت بذلك أن الصلاة في خاص من الوقت أفضل من الصلاة في بقية ذلك الوقت
ويحتمل أن يكون الوقت الذي لا ينبغي أن يؤخر العصر حتى يخرج هذا الوقت الذي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في
اليوم الثاني
وقد دل على ما ذكرنا ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن الفضيل عن الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت
العصر حين يدخل وقتها وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي أيوب عن
عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت العصر ما لم تصفر الشمس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو
قال شعبة حدثنيه ثلاث مرار فرفعه مرة ولم يرفعه مرتين فذكر مثله
ففي هذا الأثر أن آخر وقتها حين تصفر الشمس وذلك بعدما يصير الظل قامتين فدل ذلك أن الوقت الذي
قصده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآثار الأول من وقتها هو وقت الفضل لا للوقت الذي إذا خرج فاتت الصلاة بخروجه
حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد
غير أن قوما ذهبوا إلى أن آخر وقتها إلى غروب الشمس
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل طلوع الشمس
فقد أدرك الصلاة ومن أدرك ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك
150

حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا سعيد أخبرنا محمد عن الزهري عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك بن أنس رضي الله عنه عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار وبشر بن سعيد وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من
أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب
الشمس فقد أدرك العصر
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة
رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قالوا فلما كان من أدرك من العصر ما ذكرنا في هذه الآثار مدركا لها ثبت أن آخر وقتها هو
غروب الشمس
وممن قال بذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
من نهيه
عن الصلاة عند غروب الشمس
فمن ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن
ذر قال قال لي عبد الله كنا ننهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ونصف النهار
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن محمد عن زيد بن ثابت
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إذا طلع قرن الشمس أو غاب قرن الشمس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا موسى بن علي بن رباح اللخمي عن أبيه عن
عقبة بن عامر الجهني قال ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين
تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين تقوم قائم الظهيرة حتى تميل وحين تضيف الشمس للغروب
حتى تغرب
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا الدراوردي عن هشام بن عروة عن سالم بن عبد الله
151

عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها وإذا بدأ حاجب الشمس فأخروا
الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها قالت وهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس
أو غروبها
حدثنا بحر بن نصر قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني معاوية بن صالح قال حدثني أبو يحيى
وضمرة بن حبيب وأبو طلحة عن أبي أمامه الباهلي قال حدثني عمر بن عبسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا طلعت الشمس فإنها تطلع بين قرني الشيطان وهي ساعة صلاة الكفار فدع الصلاة حتى ترتفع ويذهب شعاعها
ثم الصلاة محضورة مشهودة إلى أن ينتصف النهار فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر فدع الصلاة حتى
يفئ الفئ ثم الصلاة محضورة مشهودة إلى غروب الشمس فإنها تغرب بين قرني الشيطان وهي ساعة
صلاة الكفار
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت المهلب
بن أبي صفرة يحدث عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلوا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها فإنها تطلع
بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان
قالوا فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس ثبت أنه ليس بوقت صلاة وأن وقت العصر
يخرج بدخوله
فكان من حجة الآخرين عليه أنه روى في هذا الحديث النهي عن الصلاة عند غروب الشمس وروى
في غيره من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر فكان في ذلك إباحة الدخول في
العصر في ذلك الوقت
فجعل النهي في الحديث الأول على غير الذي أبيح في الحديث الآخر حتى لا يتضاد الحديثان
152

فهذا أولى ما حملت عليه الآثار حتى لا يتضاد
وأما وجه النظر عندنا في ذلك فإنا رأينا وقت الظهر والصلوات كلها فيه مباحة التطوع له وقضاء كل
صلاة فائتة
وكذلك ما اتفق عليه أنه وقت العصر ووقت الصبح مباح قضاء الصلوات الفائتات فيه فإنما نهى عن
التطوع خاصة فيه
فكان كل وقت قد اتفق عليه أنه وقت الصلاة من هذه الصلوات كل قد أجمع أن الصلاة الفائتة
تقضي فيه
فلما ثبت ان هذه صفة أوقات الصلوات المجمع عليها وثبت أن غروب الشمس لا يقضي فيه صلاة فائتة باتفاقهم
خرجت بذلك صفته من صفة أوقات الصلوات المكتوبات وثبت أنه لا يصلي فيه صلاة أصلا كنصف النهار
وطلوع الشمس وأن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس ناسخ لقوله من أدرك من العصر
ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر للدلائل التي شرحناها وبيناها
فهذا هو النظر عندنا وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله
وأما وقت المغرب فإن في الآثار الأول كلها أنه قد صلاها عند غروب الشمس
وقد ذهب قوم إلى خلاف ذلك فقالوا أول وقت المغرب حين يطلع النجم
واحتجوا في ذلك بما حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال أخبرني الليث بن سعد عن خير بن نعيم عن
أبي هبيرة الشيباني عن أبي تميم الجيشاني عن أبي بصرة الغفاري قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص
فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها منكم أوتي أجره مرتين ولا صلاة
بعدها حتى يطلع الشاهد
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي
حبيب عن خير بن نعيم الحضرمي ثم ذكر مثله بإسناده غير أنه لم يذكر بالمخمص وقال لا صلاة بعدها حتى
يرى الشاهد والشاهد النجم فقالوا طلوع النجم هو أول وقتها وكان قوله عندنا ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد
قد يحتمل أن هذا آخر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره الليث ويكون الشاهد هو الليل
ولكن الذي رواه غير الليث تأول أن الشاهد هو النجم فقال ذلك برأيه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد تواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي المغرب إذا تواترت الشمس بالحجاب
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش عن عمارة عن أبي عطية
153

قال دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال مسروق يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
كلاهما لا يألوا عن الخير
أما أحدهما فيعجل المغرب ويعجل الافطار والآخر يؤخر المغرب حتى تبدو النجوم ويؤخر الافطار
يعني أبا موسى
قالت أيهما يعجل الصلاة والافطار قال عبد الله
قالت عائشة رضي الله عنها كذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن
أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن عروة قال أخبرني بشير بن أبي مسعود عن أبي مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي المغرب إذا وجبت الشمس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو بن الحسن عن
جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا وجبت الشمس
حدثنا علي بن معبد قال ثنا مكي بن إبراهيم قال ثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال كنا نصلي
المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توارت بالحجاب
وقد روى في ذلك أيضا عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية عن عمران بن مسلم عن
سويد بن غفلة قال قال عمر صلوا هذه الصلاة يعني المغرب والفجاج مسفرة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن عمران فذكر مثله بإسناده
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن عمران فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا يزيد بن إبراهيم قال ثنا محمد بن سيرين عن
المهاجر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى أن صل المغرب حين تغرب الشمس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب أن عمر
رضي الله عنه كتب إلى أهل الجابية أن صلوا المغرب قبل أن تبدو النجوم
حدثنا فهد قال ثنا عمرو بن حفص قال ثنا أبي عن الأعمش قال ثنا إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال
صلى عبد الله بأصحابه صلاة المغرب فقام أصحابه يتراءون الشمس فقال ما تنظرون قالوا ننظر أغابت الشمس
فقال عبد الله هذا والله الذي لا إله إلا الله هو وقت هذه الصلاة ثم قرأ عبد الله (أقم الصلاة لدلوك
154

الشمس إلى غسق الليل) وأشار بيده إلى المغرب فقال هذا غسق الليل وأشار بيده إلى المطلع فقال
هذا دلوك الشمس
قيل حدثكم عمارة أيضا قال نعم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال قال
عبد الرحمن بن يزيد صلى بن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس ثم قال هذا والذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة
حدثنا فهد قال ثنا عمر قال ثنا أبي عن الأعمش قال حدثني عبد الله بن مرة عن مسروق عن
عبد الله مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد
عن ابن مسعود أنه قال حين غربت الشمس والذي لا إله إلا هو إن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة ثم قرأ عبد الله
تصديق ذلك من كتاب الله (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل)
قال ودلوكها حين تغيب وغسق الليل حين يظلم فالصلاة بينهما
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خطاب بن عثمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خثيم
عن عبد الرحمن بن لبيبة قال قال لي أبي هريرة رضي الله عنه متى غسق الليل قال إذا غربت الشمس قال
فاحدر المغرب في أثرها ثم أحدرها في أثرها
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن
قال رأيت عمر وعثمان يصليان المغرب في رمضان إذا أبصر إلى الليل الأسود ثم يفطران بعد
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في أن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس
وهذا هو النظر أيضا لأنا قد رأينا دخول النهار وقت لصلاة الصبح فكذلك دخول الليل وقت لصلاة المغرب
وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف ومحمد رحمهما الله وعامة الفقهاء واختلف الناس في خروج وقت المغرب
فقال قوم إذا غابت الشفق وهو الحمرة خرج وقتها وممن قال ذلك أبو يوسف ومحمد رحمه الله
وقال آخرون إذا غاب الشفق وهو البياض الذي بعد الحمرة خرج وقتها وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمه الله
وكان النظر في ذلك عندنا أنهم قد أجمعوا أن الحمرة التي قبل البياض من وقتها وإنما اختلافهم في البياض
الذي بعده
فقال بعضهم حكمه حكم الحمرة وقال بعضهم حكمه حكم الحمرة
155

فنظرنا في ذلك فرأينا الفجر يكون قبلة حمرة ثم يتلوها بياض الفجر فكانت الحمرة والبياض في ذلك وقتا لصلاة
واحدة وهو الفجر فإذا خرجا خرج وقتها
فالنظر على ذلك أن يكون البياض والحمرة في المغرب أيضا وقتا لصلاة واحدة وحكمها حكم واحد إذا خرجا
خرج وقتا الصلاة اللذان هما وقت لها
وأما العشاء الآخرة فإن تلك الآثار كلها فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها في أول يوم بعد ما غاب الشفق
إلا جابر بن عبد الله فإنه ذكر أنه صلاها قبل أن يغيب الشفق
فيحتمل ذلك عندنا والله أعلم أن يكون جابر عني الشفق الذي هو البياض وعنى الآخرون الشفق الذي
هو الحمرة فيكون قد صلاها بعد غيبوبة الحمرة وقبل غيبوبة البياض حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد
وفي ثبوت ما ذكرنا ما يدل على ما قال بعضهم إن بعد غيبوبة الحمرة وقت المغرب إلى أن يغيب البياض
وأما آخر وقت العشاء الآخرة فإن بن عباس رضي الله عنهما وأبا سعيد الخدري وأبا موسى ذكروا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخرها إلى ثلث الليل ثم صلاها
وقال جابر بن عبد الله صلاها في وقت قال بعضهم هو ثلث الليل وقال بعضهم هو نصف الليل
فاحتمل أن يكون صلاها قبل مضي الثلث فيكون مضى الثلث هو آخر وقتها
واحتمل أن يكون صلاها بعد الثلث فيكون قد بقيت بقية من وقتها بعد خروج الثلث
فلما احتمل ذلك نظرنا فيما روي في ذلك فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا
محمد بن الفضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة
أولا وآخرا وإن أول وقت العشاء حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول وقت الفجر
حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت العشاء إلى نصف الليل
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله
بن عمرو قال شعبة حدثنيه ثلاث مرات فرفعه مرة ولم يرفعه مرتين فذكر مثله
فثبت بهذه الآثار أن ما بعد ثلث الليل أيضا هو وقت من وقت العشاء الآخرة
وقد روى في ذلك أيضا ما يدل على ذلك
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا الحسن بن عمر بن شقيق قال ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن
156

نافع عن ابن عمر قال مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للعشاء الآخرة فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل
أو بعده ولا ندري أشئ شغله في أهله أو غير ذلك
فقال حين خرج إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل الدين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه
الساعة ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا الحسين بن علي عن زائدة بن سليمان عن
أبي سفيان عن جابر قال جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا حتى إذا انتصف الليل أو بلغ ذاك خرج إلينا
فقال صلى الناس ورقدوا وأنتم تنتظرون هذه الصلاة أما إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة أن عائشة
قالت أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعتمة حتى ناداه عمر رضي الله عنه فقال نام الناس والصبيان
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم ولا يصلي يومئذ إلا بالمدينة
قالت وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب غسق الليل إلى ثلث الليل
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن بكر قال أنا حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه قال اخر رسول الله صلى الله عليه وسلم
العتمة إلى قريب من شطر الليل فلما صلى اقبل علينا بوجهه فقال إن الناس قد صلوا وناموا ورقدوا ولم تزالوا
في صلاة ما انتظرتموها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال أنا حماد قال أنا ثابت أنهم سألوا أنس بن مالك رضي الله عنه
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم قال نعم
ثم قال أخر العشاء ذات ليلة حتى كاد يذهب شطر الليل أو إلى شطر الليل ثم ذكر مثله
ففي هذه الآثار أنه صلى الله صلى الله عليه وسلم صلى العشاء بعد مضي ثلث الليل فثبت بذلك أن مضى ثلث الليل
لا يخرج به وقتها
ولكن معنى ذلك عندنا والله أعلم أن أفضل وقت العشاء الآخرة الذي يصلي فيه هو من حين يغيب الشفق
إلى ثلث الليل وهو الوقت الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها فيه على ما ذكرنا في حديث عائشة رضي الله عنها ثم
ما بعد ذلك إلى أن يمضي نصف الليل في الفضل دون ذلك حتى لا تتضاد هذه الآثار
ثم أردنا أن ننظر هل بعد خروج نصف الليل من وقتها شئ
فنظرنا في ذلك فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب قال انا يحيى بن أيوب وعبد الله بن عمر وأنس
بن عياض عن حميد الطويل قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول اخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ذات
ليلة إلى شطر الليل ثم انصرف فأقبل علينا بوجهه بعدما صلى بنا
157

فقال قد صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس مثله
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يحيى بن أيوب عن حميد
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
ففي هذه الآثار أنه صلاها بعد مضي نصف الليل فذلك دليل أنه قد كانت بقية من وقتها بعد مضي
نصف الليل
وقد روى عنه في ذلك أيضا ما هو أدل من هذا
حدثنا علي بن معبد وأبو بشر الرقي قالا ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني المغيرة بن
حكيم عن أم كلثوم بنت أبي بكر أنها أخبرته عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات
ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى وقال إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي
ففي هذا أنه صلاها بعد مضي أكثر الليل وأخبرني أن ذلك وقت لها
فثبت بتصحيح هذه الآثار أن أول وقت العشاء الآخرة من حين يغيب الشفق إلى أن يمضي الليل كله
ولكنه على أوقات ثلاثة
فأما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل فأفضل وقت صليت فيه
وأما من بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل ففي الفضل دون ذلك
وأما بعد نصف الليل ففي الفضل دون كل ما قبله
وقد روى أيضا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقتها أيضا ما يدل على ما ذكرنا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن أسلم أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه كتب إن وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل ولا تؤخروه إلى ذلك إلا من
شغل ولا تناموا قبلها فمن نام قبلها فلا نامت عيناه قالها ثلاثا
فهذا عمر قد روى عنه أيضا ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا يزيد بن إبراهيم
قال ثنا محمد بن سيرين عن المهاجر أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى أن صل صلاة العشاء من العشاء
إلى نصف الليل أي حين شئت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن المهاجر مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا عبد الله بن عون عن محمد عن المهاجر مثله وزاد
ولا أدري ذلك إلا نصفا لك
158

ففي هذا أنه قد جعل له أن يصليها إلى نصف الليل وقد جعل ذلك نصفا
وقد روى عنه أيضا في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان الثوري عن حبيب
بن أبي ثابت ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير
قال كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها
ففي هذا أنه جعل الليل كله وقتا لها على أنه لا يغفلها
فوجه ذلك عندنا على أن تركه إياها إلى نصف الليل إغفال لها وتركه إياها إلى أن يمضي ثلث الليل ليس
بإغفال لها بل هو مؤاخذ بالفضل الذي يطلب في تقديمها في وقتها وما بين هذين الوقتين نصفا بين الامرين
أي أنه دون الوقت الأول وفوق الوقت الثاني
فقد وافق هذا أيضا ما صرفنا إليه معنى ما قدمنا ذكره مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه في ذلك من قوله ما حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف
قال ثنا الليث ح
وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبيد بن
جريج أنه قال لأبي هريرة رضي الله عنه ما افراط صلاة العشاء قال طلوع الفجر
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه قد جعل إفراطها الذي به تفوت طلوع الفجر
وقد روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العشاء في اليوم الثاني حين سئل عن مواقيت الصلاة بعد ما مضي
ساعة من الليل
وفي حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وقت العشاء إلى نصف الليل
فثبت بذلك أن وقتها إلى طلوع الفجر ولكن بعضه أفضل من بعض
وجميع ما بينا من هذه الأقاويل في هذا الباب قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله
إلا ما بينا مما اختلفوا فيه من وقت الظهر
فإن أبا حنيفة رحمه الله قال هو إلى أن يصير الظل مثليه هكذا روى عنه أبو يوسف رحمه الله فيما حدثنا أحمد
بن عبد الله بن محمد بن خالد الكندي عن علي بن معبد عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف رحمه الله
عن أبي حنيفة رحمه الله
وقد حدثني بن أبي عمران عن ابن الثلجي عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال في ذلك
آخر وقتها إذا صار الظل مثله وهو قول أبي يوسف رحمه الله ومحمد وبه نأخذ
159

باب الجمع بين صلاتين كيف هو
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال حدثني أبي عن ابن أبي ليلى عن أبي قيس
الأودي عن هذيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين
الصلاتين في السفر
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل أن معاذ
بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر
والمغرب والعشاء
حدثني يزيد بن سنان قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا قرة بن خالد عن أبي الزبير قال
ثنا أبو الطفيل قال ثنا معاذ بن جبل رضي الله عنه فذكر مثله
قال قلت ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته
حدثنا يونس قال ثنا أسد قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانيا جميعا وسبعا جميعا
حدثنا إسماعيل بن يحيى قال ثنا محمد بن إدريس قال أخبرنا سفيان قال ثنا عمرو بن دينار قال
أنا جابر بن زيد أنه سمع بن عباس رضي الله عنهما يقول صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا
وسبعا جميعا
قلت لأبي الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظن ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير
خوف ولا سفر
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا قرة عن أبي الزبير فذكر بإسناده مثله
قلت ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج عن ابن جريج عن أبي الزبير فذكر بإسناده مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال ثنا داود بن قيس الفراء عن صالح مولى
التوأمة عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله غير أنه قال في غير سفر ولا مطر
160

حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن عمران بن حسين عن عبد الله بن شقيق أن
بن عباس رضي الله عنهما أخر صلاة المغرب ذات ليلة فقال رجل الصلاة الصلاة
فقال لا أم لك أتعلمنا بالصلاة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما جمع بينهما بالمدينة
حدثنا يزيد بن سنان وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني نافع أن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عجل السير ذات ليلة وكان قد استصرخ على بعض أهله ابنة أبي عبيد فسار
حتى هم الشفق أن يغيب وأصحابه ينادونه للصلاة فأبى عليهم حتى إذا أكثروا عليه قال إني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين هاتين الصلاتين المغرب والعشاء وأنا أجمع بينهما
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيع عن إسماعيل بن أبي ذؤيب قال
كنت مع بن عمر رضي الله عنهما فلما غربت الشمس هبنا أن نقول له الصلاة فسار حتى ذهبت فحمة
العشاء ورأينا بياض الأفق فنزل فصلى ثلاثا المغرب واثنتين العشاء ثم قال هكذا رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
حدثنا محمد بن خزيمة وابن أبي داود وعمران بن موسى الطائي قالوا حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني قال
ثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر
والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن مالك بن أنس
رضي الله عنهما عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غربت له الشمس بمكة فجمع بينهما بسرف
يعني الصلاة
161

حدثنا ابن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن حفص
بن عبيد الله عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الظهر والعصر وقتهما واحد قالوا ولذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في
وقت إحداهما وكذلك المغرب والعشاء في قولهم وقتهما وقت لا يفوت إحداهما حتى يخرج وقت الأخرى منهما
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل كل واحدة من هذه الصلوات وقتها منفرد من وقت غيرها
وقالوا أما ما رويتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمعه بين الصلاتين فقد روى عنه كما ذكرتم
وليس في ذلك دليل أنه جمع بينهما في وقت إحداهما فقد يحتمل أن يكون جمعه بينهما كان كما ذكرتم ويحتمل
أن يكون صلى كل واحدة منهما في وقتها كما ظن جابر بن زيد وهو روى ذلك عن ابن عباس وعمرو بن
دينار من بعده
فقال أهل المقالة الأولى قد وجدنا في بعض الآثار ما يدل على أن صفة الجمع الذي فعله صلى الله عليه وسلم كما قلنا
فذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عازم بن الفضل قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن
نافع أن بن عمر رضي الله عنهما استصرخ على صفية بنت أبي عبيد وهو بمكة فأقبل إلى المدينة فسار حتى
غربت الشمس وبدت النجوم وكان رجل يصحبه يقول الصلاة الصلاة
قال وقال له سالم الصلاة
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير في سفر جمع بين هاتين الصلاتين وأني أريد أن أجمع بينهما
فسار حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله
عنهما أنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد ما يغيب الشفق ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا جد به السير جمع بينهما
قالوا ففي هذا دليل على صفة جمعه كيف كان
فكان من الحجة عليهم لمخالفهم أن حديث أيوب الذي قال فيه فسار حتى غاب الشفق ثم نزل كل
أصحاب نافع لم يذكروا ذلك لا عبيد الله ولا مالك ولا الليث ولا من روينا عنه حديث بن عمر رضي الله عنهما
في هذا الباب
وإنما أخبر بذلك من فعل بن عمر رضي الله عنهما وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع ولم يذكر كيف جمع فأما حديث
عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بينهما ثم ذكر جمع بن عمر رضي الله عنهما كيف كان وأنه بعد ما غاب الشفق
فقد يجوز أن يكون أراد أن صلاته العشاء الآخرة التي بها كان جامعا بين الصلاتين بعد ما غاب الشفق
وإن كان قد صلى المغرب قبل غيبوبة الشفق لأنه لم يكن قط جامعا بينهما حتى صلى العشاء الآخرة فصار
بذلك جامعا بين المغرب والعشاء
162

وقد روى ذلك غير أيوب مفسرا على ما قلنا
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد قال أخبرني نافع أن بن
عمر رضي الله عنهما جد به السير فراح روحة لم ينزل إلا لظهر أو لعصر وأخر المغرب حتى صرخ به سالم
قال الصلاة فصمت بن عمر رضي الله عنهما حتى إذا كان عند غيبوبة الشفق نزل فجمع بينهما وقال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا إذا جد به السير
ففي هذا الحديث أن نزوله للمغرب كان قبل أن يغيب الشفق فاحتمل أن يكون قول نافع بعد ما غاب
الشفق في حديث أيوب إنما أراد به قربه من غيبوبة الشفق لئلا يتضاد ما روى عنه في ذلك
وقد روى هذا الحديث غير أسامة عن نافع كما رواه أسامة
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا بشر بن بكر قال حدثني بن جابر قال حدثني نافع قال خرجت
مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو يريد أرضا له قال فنزلنا منزلا فأتاه رجل فقال له إن صفية
بنت أبي عبيد لما بها ولا أظن أن تدركها
فخرج مسرعا ومعه رجل من قريش فسرنا حتى إذا غابت الشمس لم يصل الصلاة وكان عهدي بصاحبي
وهو محافظ على الصلاة
فلما أبطأ قلت الصلاة رحمك الله فلما التفت إلي ومضى كما هو حتى إذا كان في آخر الشفق نزل فصلى
المغرب ثم العشاء وقد توارت ثم أقبل علينا فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به أمر صنع هكذا
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا العطاف بن خالد المخزومي عن نافع قال أقبلنا
مع بن عمر رضي الله عنه حتى إذا كنا ببعض الطريق استصرخ على زوجته بنت أبي عبيد فراح مسرعا حتى
غابت الشمس فنودي بالصلاة فلم ينزل حتى إذا أمسى فظننا أنه قد نسي فقلت الصلاة فسكت حتى إذا كاد
الشفق أن يغيب نزل فصلى المغرب وغاب الشفق فصلى العشاء وقال هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا جد بنا السير
فكل هؤلاء يروى عن نافع أن نزول بن عمر رضي الله عنه عنهما كان قبل أن يغيب الشفق
وقد ذكرنا احتمال قول أيوب عن نافع حتى إذا غاب الشفق أنه يحتمل قرب غيبوبة الشفق فأولى الأشياء
بنا أن تحمل هذه الروايات كلها على الاتفاق لا على التضاد
فنجعل ما روى عن ابن عمر أن نزوله للمغرب كان بعد ما غاب الشفق انه على قرب غيبوبة الشفق إذا
كان قد روى عنه أن نزوله ذلك كان قبل غيبوبة الشفق
163

ولو تضاد ذلك لكان حديث بن جابر أولاهما لان حديث أيوب أيضا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع
بين الصلاتين ثم ذكر فعل بن عمر كيف كان
وفي حديث بن جابر صفة جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان فهو أولى
فإن قالوا فقد روى عن أنس ما قد فسر الجمع كيف كان فذكروا في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب
قال أخبرني جابر بن إسماعيل عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه مثله
يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير يوما جمع بين الظهر والعصر وإذا أراد السفر ليلة جمع بين
المغرب والعشاء يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء
حتى يغيب الشفق
قالوا ففي هذا الحديث أنه صلى الظهر والعصر في وقت العصر وأن جمعه بينهما كان كذلك
فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن هذا الحديث قد يحتمل ما ذكرنا
وقد يحتمل أن يكون صفة الجمع من كلام الزهري لا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد كان كثيرا ما يفعل هذا
يصل الحديث بكلامه حتى يتوهم أن ذلك في الحديث
وقد يحتمل أن يكون قوله إلى أول وقت العصر إلى أقرب أول وقت العصر
فإن كان معناه بعض ما صرفناه إليه مما لا يجب معه أن يكون صلاها في وقت العصر فلا حجة في هذا
الحديث الذي يقول إنه صلاها في وقت العصر وإن كان أصل الحديث على أنه صلاها في وقت العصر فكان ذلك
هو جمعه بينهما فإنه قد خالفه في ذلك عبد الله بن عمر فيما روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفته في ذلك عائشة
رضي الله عنها أيضا
حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن بشر قال ثنا المعافي بن عمران عن مغيرة بن زياد الموصلي عن عطاء
بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر يؤخر الظهر ويقدم العصر
ويؤخر المغرب ويقدم العشاء
ثم هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أيضا قد روينا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع بين
الصلاتين في السفر
ثم قد روى عنه ما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا قبيصة بن عقبة والفريابي قالا ثنا سفيان عن الأعمش
عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قط في غير وقتها
إلا أنه جمع بين الصلاتين بجمع وصلى الفجر يومئذ لغير ميقاتها
164

فثبت بما ذكرنا أن ما عاين من جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين هو بخلاف ما تأوله المخالف لنا
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار المروية في جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين
وقد ذكر فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في الحضر في غير خوف كما جمع بينهما في السفر
أفيجوز لأحد في الحضر لا في حال خوف ولا علة أن يؤخر الظهر إلى قرب تغير الشمس ثم يصلي
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التفريط في الصلاة
ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن
أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة بأن يؤخر صلاة إلى وقت أخرى
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن تأخير الصلاة إلى وقت التي بعدها تفريط وقد كان قوله ذلك وهو مسافر فدل ذلك أنه أراد به
المسافر والمقيم فلما كان مؤخر الصلاة إلى وقت التي بعدها مفرطا فاستحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه
وسلم جمع بين الصلاتين
بما كان به مفرطا
ولكنه جمع بينهما بخلاف ذلك فصلي كل صلاة منهما في وقتها
وهذا بن عباس رضي الله عنه قد روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الصلاتين ثم قد قال ما حدثنا
أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا سفيان بن عيينة عن ليث عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه
قال لا يفوت صلاة حتى يجئ وقت الأخرى
فأخبر بن عباس رضي الله عنهما أن مجئ وقت الصلاة بعد الصلاة التي قبلها فوت لها
فثبت بذلك أن ما علمه من جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين كان بخلاف صلاته إحداهما في وقت الأخرى
وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه أيضا مثل ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا قيس وشريك أنهما سمعا عثمان بن عبد الله بن موهب قال
سئل أبو هريرة رضي الله عنه ما التفريط في الصلاة قال أن تؤخر حتى يجئ وقت الأخرى
قالوا وقد دل على ذلك أيضا ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن مواقيت الصلاة فصلى العصر
في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله ثم صلى الظهر في اليوم الثاني في ذلك الوقت بعينه فدل ذلك أنه وقت
لهما جميعا
قيل لهم ما في هذا حجة توجب ما ذكرتم لان هذا قد يحتمل أن يكون أريد به أنه صلى الظهر في اليوم الثاني
في قرب الوقت الذي صلي فيه العصر في اليوم الأول وقد ذكرنا ذلك والحجة فيه في باب مواقيت الصلاة
والدليل على ذلك قوله عليه السلام الوقت فيما بين هذين الوقتين
فلو كان كما قال المخالف لنا لما كان بينهما وقت إذا كان ما قبلهما وما بعدهما وقت كله ولم يكن ذلك
دليلا على أن كل صلاة من تلك الصلوات منفردة بوقت غير وقت غيرها من سائر الصلوات
165

وحجة أخرى أن عبد الله بن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما قد رويا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواقيت الصلاة
ثم قالاهما في التفريط في الصلاة أنه تركها حتى يدخل وقت التي بعدها
فثبت بذلك أن وقت كل صلاة من الصلوات خلاف وقت الصلاة التي بعدها فهذا وجه هذا الباب من طريق
تصحيح معاني الآثار
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صلاة الصبح لا ينبغي أن تقدم على وقتها ولا تؤخر
عنه فإن وقتها وقت لها خاصة دون غيرها من الصلاة
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك سائر الصلوات كل واحدة منهن منفردة لوقتها دون غيرها فلا ينبغي أن
يؤخر عن وقتها ولا يقدم قبله
فإن اعتل معتل بالصلاة بعرفة وبجمع
قيل له قد رأيناهم أجمعوا أن الامام بعرفة لو صلى الظهر في وقتها في سائر الأيام وصلى العصر في وقتها
في سائر الأيام وفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة فصلى كل واحدة منهما في وقتها كما صلى في سائر
الأيام كان مسيئا
ولو فعل ذلك وهو مقيم أو فعله وهو مسافر في غير عرفة وجمع لم يكن مسيئا
فثبت بذلك أن عرفة وجمعا مخصوصتان بهذا الحكم وأن حكم ما سواهما في ذلك بخلاف حكمهما
فثبت بما ذكرنا أن ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجمع بين الصلاتين أنه تأخير الأولى وتعجيل الآخرة
وكذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده يجمعون بينهما
حدثنا محمد بن النعمان السقطي قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا أبو خيثمة عن عاصم الأحول عن أبي
عثمان قال وفدت أنا وسعد بن مالك ونحن نبادر للحج فكنا نجمع بين الظهر والعصر نقدم من هذه
ونؤخر من هذه ونجمع بين المغرب العشاء نقدم من هذه ونؤخر من هذه حتى قدمنا مكة
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحاق
قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول صحبت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في حجة فكان يؤخر
الظهر ويعجل العصر ويؤخر المغرب ويعجل العشاء ويسفر بصلاة الغداة
وجميع ما ذهبنا إليه في هذا الباب من كيفية الجمع بين الصلاتين قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
رحمهم الله تعالى
166

باب الصلاة الوسطى أي الصلوات
حدثنا ربيع بن سليمان المرادي المؤذن قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزبرقان
قال إن رهطا من قريش اجتمعوا فمر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى
فقال هي الظهر
فقام إليه رجلان منهم فقال هي الظهر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه
إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم
حدثنا فهد قال ثنا عمرو بن مرزوق قال ثنا شعبة عن عمرو بن حكيم عن الزبرقان عن عروة عن زيد
بن ثابت قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير أو قال بالهاجرة وكانت أثقل الصلوات على أصحابه
فنزلت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) لان قبلها صلاتين وبعدها صلاتين
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج بن محمد قال ثنا شعبة عن عمرو بن سليمان عن عبد الرحمن بن
أبان بن عثمان عن أبيه عن زيد بن ثابت قال هي الظهر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن
زيد بن ثابت مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن داود بن الحصين عن ابن اليربوع المخزومي أنه
سمع زيد بن ثابت يقول ذلك
حدثنا ابن معبد قال ثنا المقرئ عن حياة وابن لهيعة قالا أنا أبو صخر أنه سمع يزيد بن عبد الله
بن قسيط يقول سمعت خارجة بن زيد بن ثابت يقول سمعت أبي يقول ذلك
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا موسى بن ربيعة عن الوليد بن أبي
الوليد المديني عن عبد الرحمن بن أفلح أن نفرا من أصحابه أرسلوه إلى عبد الله بن عمر يسأله عن الصلاة
الوسطى فقال اقرأ عليهم السلام وأخبرهم أنا كنا نتحدث أنها التي في إثر الضحى
قال فردوني إليه الثانية فقلت يقرؤون عليك السلام ويقولون بين لنا أي صلاة هي
فقال اقرأ عليهم السلام وأخبرهم أنا كنا نتحدث انها الصلاة التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة قال
وقد عرفناها هي الظهر
167

قال أبو جعفر فذهب قوم إلى ما ذكرنا فقالوا هي الظهر واحتجوا في ذلك بما احتج به زيد بن ثابت على
ما ذكرناه عنه في حديث ربيع المؤذن وبما رويناه في ذلك عن ابن عمر
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أما حديث زيد بن ثابت فليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله لينتهين أقوام
أو لأحرقن عليهم بيوتهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير ولا يجتمع معه إلا الصف والصفان فأنزل
الله تعالى هذه الآية
فاستدل هو بذلك على أنها الظهر فهذا قول من زيد بن ثابت ولم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وليس في هذه الآية عندنا دليل على ذلك لأنه قد يجوز أن تكون هذه الآية أنزلت للمحافظة على الصلوات
كلها الوسطى وغيرها
فكانت الظهر فيما أريد وليست هي الوسطى فوجب بهذه الآية المحافظة على الصلوات كلها ومن المحافظة
عليها حضورها حيث تصلى
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة التي يفرطون في حضورها لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم يريد
لينتهين أقوام عن تضييع هذه الصلاة التي قد أمرهم الله عز وجل بالمحافظة عليها أو لأحرقن عليهم بيوتهم وليس
في شئ من ذلك دليل على الصلاة الوسطى أي صلاة هي منهن
وقد قال قوم إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لم يكن لصلاة الظهر وإنما كان لصلاة الجمعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق
عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي
بالناس ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة في بيوتهم
فهذا بن مسعود يخبر أن قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إنما كان للمتخلفين عن الجمعة في بيوتهم
ولم يستدل هو بذلك على أن الجمعة هي الصلاة الوسطى بل قال بضد ذلك وأنها العصر وسنأتي بذلك في موضعه
إن شاء الله تعالى
وقد وافق بن مسعود رضي الله عنه على ما قال من ذلك غيره من التابعين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال زعم حميد وغيره عن الحسن قال كانت
الصلاة التي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق على أهلها صلاة الجمعة
وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه خلاف ذلك أيضا
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر رجلا بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة
168

فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم
أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني بن أبي الزناد ومالك عن أبي الزناد فذكر
مثله بإسناده
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني أبو صالح عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر وصلاة العشاء ولو يعلمون
ما فيهما لأتوهما ولو حبوا لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم آخذ شعلا من نار
فأحرق على من لم يخرج إلى الصلاة بيته
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخر عشاء الآخرة حتى كان ثلث الليل أو قربه ثم جاء وفي
الناس رقد وهم عرون فغضب غضبا شديدا ثم قال لو أن رجلا ندب الناس إلى عرق أو مرماتين
لأجابوا له وهم يتخلفون عن هذه الصلاة لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أتخلف على أهل هذه الدور
الذين يتخلفون عن هذه الصلاة فأضرمها عليهم بالنيران
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا أبو بكر عن عاصم فذكر مثله بإسناده
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يخبر أن الصلاة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول هي العشاء ولم يدله ذلك
على أنها هي الصلاة الوسطى بل وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك مما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى
وقد وافق أبا هريرة رضي الله عنه من التابعين على ما قال من ذلك سعيد بن المسيب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد قال أنا عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب قال
كانت الصلاة التي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق علي من تخلف عنها صلاة العشاء الآخرة
وقد روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه خلاف ذلك كله وأن ذلك القول لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم لحال
الصلاة وإنما كان لحال أخرى
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا عبد الله بن لهيعة قال ثنا أبو الزبير قال سألت
جابرا أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا شئ لأمرت رجلا أن يصلي بالناس ثم حرقت بيوتا على ما فيها
قال جابر إنما قال ذلك من أجل رجل بلغه عنه شئ فقال لئن لم ينته لأحرقن بيته على ما فيه
فهذا جابر يخبر أن ذلك القول من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان للتخلف عما لا ينبغي التخلف عنه
169

فليس في هذا ولا في شئ مما تقدمه الدليل على الصلاة الوسطى ما هي
فلما انتفى بما ذكرنا أن يكون فيما روينا عن زيد بن ثابت في شئ من ذلك دليل رجعنا إلى ما روى عن ابن
عمر فإذا ليس فيه حكاية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قوله لأنه قال هي الصلاة التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى الكعبة
وقد روى عنه من غير هذا الوجه خلاف ذلك
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث ح
وحدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا الليث قال حدثني بن الهاد عن ابن شهاب عن
سالم عن أبيه قال الصلاة الوسطى صلاة العصر
فلما تضاد ما روى في ذلك عن ابن عمر دل هذا على أنه لم يكن عنده فيه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ورجعنا إلى
ما روى عن غيره فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن عوف عن أبي رجاء
قال صليت خلف بن عباس رضي الله عنهما الغداة فقنت قبل الركوع وقال هذه الصلاة الوسطى
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا قرة قال ثنا أبو رجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال هي صلاة الصبح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان عن همام عن قتادة عن أبي الخليل عن جابر بن زيد عن ابن عباس
رضي الله عنهما مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن عفير قال ثنا داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عن مجاهد
عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله
حدثني أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا عبد الله بن المبارك عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال
صليت خلف أبي موسى الأشعري صلاة الصبح فقال رجل إلى جنبي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذه الصلاة الوسطى
فكان ما ذهب إليه بن عباس رضي الله عنهما من هذا هو قول الله عز وجل (حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى وقوموا لله قانتين) فكان ذلك القنوت عنده هو قنوت الصبح فجعل بذلك الصلاة الوسطى هي
الصلاة التي فيها القنوت عنده
وقد خولف بن عباس رضي الله عنه في هذه الآية فيم نزلت فحدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون
قال أنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال كنا
نتكلم في الصلاة حتى نزلت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون فذكر مثله
170

حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن سفيان في هذه الآية وقوموا لله قانتين فذكر
عن منصور عن مجاهد قال كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت هذه الآية فالقنوت السكوت والقنوت الطاعة
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد في هذه الآية (وقوموا لله
قانتين) قال من القنوت الركوع والسجود وخفض الجناح وغض البصر من رهبة الله
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا محمد بن طلحة عن ابن عون عن عامر الشعبي قال
لو كان القنوت كما تقولون لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم منه شئ إنما القنوت الطاعة يعني ومن يقنت منكن لله
ورسوله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا أبو الأشهب قال سألت جابر بن زيد عن
القنوت فقال الصلاة كلها قنوت أما الذي تصنعون فلا أدري ما هو
فهذا زيد بن أرقم ومن ذكرنا معه يخبرون أن ذلك القنوت الذي أمر به في هذه الآية هو السكوت عن
الكلام الذي كانوا يتكلمون به في الصلاة
فيخرج بذلك أن يكون في هذه الآية دليل على أن القنوت المذكور فيها هو القنوت المفعول في صلاة الصبح
وقد أنكر قوم أن يكون بن عباس كان يقنت في صلاة الصبح وقد روينا ذلك بإسناده في باب القنوت
في صلاة الصبح
فلو كان هذا القنوت المذكور في هذه الآية هو القنوت في صلاة الصبح إذا لما تركه إذا كان قد أمر به
الكتاب
وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الذي ذهب إليه في ذلك معنى آخر
حدثنا أحمد بن أبي عمران قال ثنا خالد بن خداش المهلبي قال ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن
ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس قال الصلاة الوسطى هي الصبح فصل بين سواد الليل وبياض النهار
فهذا بن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن الذي جعل صلاة الغداة به هي الصلاة الوسطى هذه هي العلة
وقد يحتمل أيضا أن يكون قول الله عز وجل (وقوموا لله قانتين) أراد به صلاة الصبح فيكون ذلك
القنوت هو طول القيام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الصلاة أفضل فقال طول القنوت
وقد ذكرنا ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا
وقد روى عن عائشة رضي الله عنها أيضا أنها قالت إنما أقرت الصبح ركعتين لطول القراءة فيهما
وقد ذكرنا ذلك أيضا في غير هذا الموضع
وقد يحتمل أن يكون قوله (وقوموا لله قانتين) أراد به في كل الصلوات صلاة الوسطى وغيرها
171

وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في الصلاة الوسطى أنها العصر
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زر بن عبيد الله العبدي قال
سمعت بن عباس رضي الله عنهما يقول الصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين
فلما اختلف عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك أردنا أن أن ننظر فيما روى عن غيره
وذهب أيضا من ذهب إلى أنها غير العصر أنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك
فذكروا ما حدثنا علي بن معبد بن نوح قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال ثنا أبي عن ابن إسحاق
قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي ونافع مولى عبد الله بن عمر أن عمرو بن رافع مولى عمر بن الخطاب
رضي الله عنه حدثهما أنه كان يكتب المصاحف على عهد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال استكتبتني حفصة رضي الله عنها بنت
عمر رضي الله عنه زوج النبي صلى الله عليه وسلم مصحفا وقالت لي إذا بلغت هذه الآية من سورة البقرة فلا تكتبها حتى تأتيني
فأمليها عليك كما حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فلما بلغتها أتيتها بالورقة التي أكتبها فقالت أكتب (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
وصلاة العصر)
حدثنا يونس قال حدثني بن وهب أن مالكا حدثه عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع مثله عن
حفصة غير أنها لم تذكر النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى
عائشة رضي الله عنها أنه قال أمرتني عائشة رضي الله عنها ثم ذكر نحو حديث حفصة من حديث علي بن معبد
حدثنا علي بن معبد قال ثنا الحجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن عن
أمه أم حميد بنت عبد الرحمن سألت عائشة رضي الله عنها عن قول الله عز وجل الصلاة الوسطى فقالت كنا
نقرؤها على الحرف الأول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا
لله قانتين
قالوا فلما قال الله عز وجل في هذه الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة
العصر ثبت بذلك أن الوسطى غير العصر
وليس في ذلك دليل عندنا على ما ذكروا لأنه قد يجوز أن يكون العصر مسماة بالعصر ومسماة بالوسطى فذكرها
ههنا باسميهما جميعا
هذا يجوز لو ثبت ما في تلك الآثار من التلاوة الزائدة على التلاوة التي قامت بها الحجة مع أن التلاوة التي
قامت بها الحجة دافعة لكل ما خالفها
وقد روى أن الذي كان في مصحف حفصة من ذلك غير ما روينا في الآثار الأول
172

حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن رافع
قال كان مكتوبا في مصحف حفصة بنت عمر رضي الله عنهما (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) وهي صلاة
العصر وقوموا لله قانتين
فقد ثبت بهذا ما صرفنا إليه تأويل الآثار الأول من قوله (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) وصلاة
العصر أنه سمى صلاة العصر بالعصر وبالوسطى
فقد ثبت بهذا قول من ذهب إلى أنها صلاة العصر
وقد روى عن البراء بن عازب في ذلك ما يدل على نسخ ما روى في ذلك عن حفصة رضي الله عنها وعائشة
رضي الله عنها وأم كلثوم
حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا بن يحيى قال ثنا محمد بن يوسف الفريابي قال ثنا محمد بن فضيل
بن مرزوق قال ثنا شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال نزلت حافظوا على الصلوات وصلاة العصر
فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ثم نسخها الله عز وجل فأنزل حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى
فأخبر البراء بن عازب في هذا الحديث أن التلاوة الأولى هي ما روت عائشة وحفصة رضي الله عنهما وأنه نسخ
ذلك التلاوة التي قامت بها الحجة
فإن كان قوله الثاني والصلاة الوسطى نسخا للعصر أن تكون هي الوسطى فذلك نسخ لها
وإن كان نسخا لتلاوة أحد اسميها وتثبيت اسمها الآخر فإنه قد ثبت أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر
فلما احتمل هذا ما ذكرنا عدنا إلى ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
فحدثنا علي بن معبد قال ثنا شجاع بن الوليد قال ثنا زائدة بن قدامة قال سمعت عاصما يحدث عن زر
عن علي رضي الله عنه قال قاتلنا الأحزاب فشغلونا عن صلاة العصر حتى كادت الشمس أن تغيب فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم املأ قلوب الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى نارا واملأ بيوتهم نارا واملأ قبورهم
نارا قال علي رضي الله عنه كنا نرى أنها صلاة الفجر
فهذا علي رضي الله عنه قد أخبر أنهم كانوا يرونها قبل قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصبح حتى سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم
يومئذ يقول هذا فعلموا بذلك أنها العصر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي عن شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قعد يوم الخندق على فرضه من فرض الخندق ثم ذكر نحوه إلا أنه لم يذكر
قول علي رضي الله عنه كنا نرى أنها الصبح
173

حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا الفريابي عن سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال
قلت لعبيدة سل لنا عليا عن الصلاة الوسطى فسأله فذكر نحوه وزاد كنا نرى أنها الفجر حتى سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا
حدثنا علي رضي الله عنه قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن مرة عن
عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
غير أنه لم يذكر قول علي رضي الله عنه كنا نرى أنها الفجر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر عن محمد بن طلحة فذكر بإسناده مثله
حدثنا علي قال ثنا معلى بن منصور قال ثنا أبو عوانة عن هلال بن حباب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا غزوا فلم يرجع منه حتى مسا بصلاة العصر عن الوقت الذي كان
يصلى فيه ثم ذكر مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعدويه عن عباد عن هلال فذكر مثله بإسناده
حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي قال ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال حدثنا أبي قال
حدثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم وسعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال يوم الخندق ثم ذكر مثله
فهذا بن عباس رضي الله عنه عنهما يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها صلاة العصر فكيف يجوز أن يقبل عنه من رأيه
ويخالف ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو مسهر قال ثنا صدقة بن خالد قال حدثني خالد بن دهقان قال
أخبرني خالد سبلان عن كهيل بن حرملة النمري عن أبي هريرة أنه أقبل حتى نزل دمشق على آل أبي كلثم
الدوسي فأتى المسجد فجلس في غربيه فتذاكروا الصلاة الوسطى فاختلفوا فيها فقال اختلفنا فيها كما اختلفتم
ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال أنا أعلم لكم
ذلك فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جريا عليه فاستأذن فدخل ثم خرج إلينا فأخبرنا أنها صلاة العصر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن حباب قال ثنا عيسى بن يونس عن محمد بن أبي حميد عن
موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الوسطى صلاة العصر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام عن قتادة ح
وحدثنا علي بن معبد قال ثنا روح قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
174

فهذه آثار قد تواترت وجاءت مجيئا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي العصر
وقد قال بذلك أيضا جلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا وهيب بن خالد عن أيوب عن أبي قلابة عن
أبي بن كعب قال الصلاة الوسطى صلاة العصر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان عن همام عن قتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا يعقوب بن أبي عباد قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن
الحارث عن علي رضي الله عنه مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خطاب بن عثمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان عن
خثيم عن عبد الرحمن بن لبيبة الطائفي أنه سأل أبا هريرة عن الصلاة الوسطى فقال سأقرأ عليك القرآن
حتى تعرفها أليس يقول الله عز وجل في كتابه (أقم الصلاة لدلوك الشمس الظهر إلى غسق الليل
المغرب) (ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم) العتمة ويقول (إن قرآن الفجر
كان مشهودا) الصبح ثم قال (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين)
هي العصر هي العصر
فإن قال قائل ولم سميت صلاة الوسطى صلاة العصر
قيل له قد قال الناس في هذا قولين فقال قوم سميت بذلك لأنها بين صلاتين من صلاة الليل وبين صلاتين
من صلاة النهار
وقال آخرون في ذلك ما حدثني القاسم بن جعفر قال سمعت بحر بن الحكم الكيساني يقول سمعت
أبا عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن عائشة يقولان آدم عليه السلام لما تيب عليه عند الفجر صلى ركعتين
فصارت الصبح وفدى إسحاق عند الظهر فصلى إبراهيم عليه السلام أربعا فصارت الظهر وبعث عزير فقيل
له كم لبثت فقال يوما فرأى الشمس فقال أو بعض يوم فصلى أربع ركعات فصارت العصر
وقد قيل غفر لعزير عليه السلام وغفر لداود عليه السلام عند المغرب فقام فصلى أربع ركعات فجهد
فجلس في الثالثة فصارت المغرب ثلاثا
وأول من صلى العشاء الآخرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلذلك قالوا الصلاة الوسطى هي صلاة العصر
فهذه عندنا معنى صحيح لان أول الصلوات إن كانت الصبح وآخرها العشاء الآخرة فالوسطى
175

فيما بين الأولى والآخرة هي العصر فلذلك قلنا إن الصلاة الوسطى صلاة العصر وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الوقت الذي يصلى فيه الفجر أي وقت هو
حدثنا يونس قال ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا
نساءا من المؤمنات يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى أهلهن
وما يعرفهن أحد
حدثنا ابن أبي داود قال أنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري فذكر مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا فليح بن سليمان عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها مثله
غير أنه قال وما يعرف بعضهن بعضا من الغلس
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن
عن عائشة رضي الله عنها نحوه
غير أنه قال وما يعرفن من الغلس
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد
بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال أخبرني بشير بن أبي مسعود
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الغداة فغلس بها ثم صلاها فأسفر ثم لم يعد إلى الاسفار حتى
قبضه الله عز وجل حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال حدثني الأوزاعي ح
وحدثنا فهد قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا الأوزاعي قال حدثني نهيك بن يريم عن مغيث
بن سمي أنه قال صليت مع بن الزبير الصبح بغلس فالتفت إلى عبد الله بن عمر فقلت ما هذا
فقال هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر فلما قتل عمر رضي الله عنه أسفر بها عثمان
رضي الله عنه
176

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر المقدي قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أنس
بن مالك وزيد بن ثابت قالا تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرجنا إلى الصلاة
قلت كم بين ذلك قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية
حدثنا محمد بن سليمان الباغندي قال ثنا عمرو بن عون قال أنا هشيم عن منصور بن زاذان عن قتادة
عن أنس عن زيد بن ثابت مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال حدثني سعد بن إبراهيم قال سمعت محمد بن عمرو
بن حسن قال لما قدم الحجاج جعل يؤخر الصلاة فسألنا جابر بن عبد الله عن ذلك فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي الصبح أو قال كانوا يصلون الصبح بغلس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو بن
حسن عن جابر بن عبد الله قال كانوا يصلون الصبح بغلس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال ثنا عبد الله بن حسان العنبري
قال حدثتني جدتاي صفية بنت عليبة ودحيبة بنت عليبة أنهما أخبرتهما قيلة بنت مخرمة أنها قدمت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر وقد أقيمت حين شق الفجر والنجوم شابكة في السماء والرجال
لا تكاد تعارف مع الظلمة
حدثنا أبو أمية قال ثنا روح بن عبادة والحجاج بن نصير قالا ثنا قرة بن خالد السدوسي قال ثنا
ضرغامة بن عليبة بن حرملة العنبري قال حدثني أبي عن جدي قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركب من الحي
فصلى بنا صلاة الغداة فانصرف وما أكاد أن أعرف وجوه القوم أي كأنه بغلس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز قال ثنا قرة عن ضرغامة بن عليبة عن أبيه عن
جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار وقالوا هكذا يفعل في صلاة الفجر يغلس بها فإنه أفضل
من الاسفار بها
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل الاسفار بها أفضل من التغليس
واحتجوا في ذلك بما حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا
أبو إسحاق قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول حج عبد الله فأمرني علقمة أن ألزمه
فلما كانت ليلة مزدلفة وطلع الفجر قال أقم فقلت يا أبا عبد الرحمن إن هذه الساعة ما رأيتك
تصلي فيها قط
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي يعني هذه الصلاة إلا هذه الساعة في هذا المكان من هذا اليوم
177

قال عبد الله هما صلاتان تحولان عن وقتهما صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس من مزدلفة وصلاة الغداة
حين ينزع الفجر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد
قال خرجت مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إلى مكة فصلى الفجر يوم النحر حين سطع الفجر ثم قال
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هاتين الصلاتين تحولان عن وقتهما في هذا المكان المغرب وصلاة الفجر
هذه الساعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن معين قال ثنا بشر بن السري قال ثنا زكريا بن إسحاق عن
الوليد بن عبد الله بن أبي سمرة قال حدثني أبو طريف أنه كان شاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف
فكان يصلي بنا صلاة البصير حتى لو أن إنسانا رمى بنبله أبصر مواقع نبله
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال
سمعت جابر بن عبد الله يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر الفجر كإسمها
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا سعيد بن عامر قال ثنا عوف عن سيار بن سلامة قال
دخلت مع أبي على أبي برزة فسأله أبي عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان ينصرف من صلاة الصبح والرجل
يعرف وجه جليسه وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة
قالوا ففي هذه الآثار ما يدل على تأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وعلى تنويره بها وفي حديث عبد الله بن مسعود
رضي الله عنهما أنه كان يصلي في سائر الأيام صلاة الصبح في خلاف الوقت الذي يصلى فيه بمزدلفة وأن هذه
الصلاة تحول عن وقتها
قال أبو جعفر وليس في شئ من هذه الآثار ولا فيما تقدمها دليل على الأفضل من ذلك ما هو لأنه قد
يجوز أن يكون قد فعل شيئا وغيره أفضل منه على التوسعة منه على أمته كما توضأ مرة مرة وكان وضوؤه
ثلاثا ثلاثا أفضل من ذلك
فأردنا أن ننظر فيما روى عنه سوى هذه الآثار هل فيها ما يدل على الفضل في شئ من ذلك
فإذا علي بن شيبة قد حدثنا قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان الثوري عن محمد بن عجلان عن عاصم
بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر
فكلما أسفرتم فهو أعظم للاجر وقال لأجوركم
178

حدثنا روح بن الفرج قال ثنا زهير بن عباد قال ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر
بن قتادة عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا قال النبي صلى الله عليه وسلم أصبحوا بصلاة
الصبح فما أصبحتم بها فهو أعظم للاجر
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن
محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نوروا بالفجر فإنه أعظم للاجر
حدثنا محمد بن حميد قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا الليث قال حدثني هشام بن سعد عن زيد
بن أسلم عن عاصم بن عمر عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصبحوا بالصبح فكلما أصبحتم بها فهو أعظم للاجر
حدثنا بكر بن إدريس بن الحجاج قال ثنا آدم قال ثنا شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم
عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نوروا بالفجر فإنه أعظم للاجر
حدثنا علي بن معبد قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن
جابر عن أبي بكر الصديق عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر ففي هذه الآثار الاخبار عن موضع الفضل وأنه التنوير بالفجر
وفي الآثار الأول التي في الفصلين الأولين الاخبار عن الوقت الذي كان يصلي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي
وقت هو؟
فقد يجوز أن يكون كان مرة يغلس ومرة يسفر على التوسعة
والأفضل من ذلك ما بينه في حديث رافع حتى لا تتضاد الآثار في شئ من ذلك
فهذا وجه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب
وأما ما روى عمن بعده في ذلك فإن محمد بن خزيمة قد حدثنا قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا معتمر
بن سليمان قال سمعت منصور بن المعتمر يحدث عن إبراهيم النخعي عن قرة بن حيان بن الحارث قال
تسحرنا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما فرغ من السحور أمر المؤذن فأقام الصلاة
قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أن عليا رضي الله عنه دخل في الصلاة عند طلوع الفجر وليس في ذلك
دليل على وقت خروجه منها أي وقت كان
فقد يحتمل أن يكون أطال فيها القراءة فأدرك التغليس والتنوير جميعا وذلك عندنا حسن فأردنا أن ننظر هل
روى عنه ما يدل على شئ من ذلك فإذا أبو بشر الرقي قد حدثنا قال ثنا شجاع بن الوليد عن داود بن يزيد
179

الأودي عن أبيه قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصلي بنا الفجر ونحن نتراءى الشمس مخافة أن
تكون قد طلعت
فهذا الحديث يخبر عن انصرافه أنه كان في حال التنوير فدل ذلك على ما ذكرنا وقد روى عنه أيضا
في ذلك الامر بالاسفار
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة قال سمعت عليا
رضي الله عنه يقول يا قنبر أسفر أسفر
حدثنا فهد قال ثنا ابن الأصبهاني قال أنا سيف بن هارون البرجمي عن عبد الملك بن سلع الهمداني عن
عبد خير قال كان علي رضي الله عنه ينور بالفجر أحيانا ويغلس بها أحيانا
فيحتمل تغليسه بها أن يكون تغليسا يدرك به الاسفار
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثل ذلك
حدثنا فهد قال ثنا ابن الأصبهاني قال أنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن خرشة بن الحر قال
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينور بالفجر ويغلس ويصلي فيما بين ذلك ويقرأ بسورة يوسف ويونس
وقصار المثاني والمفصل
وقد رويت عنه آثار متواترة تدل على أنه قد كان ينصرف من صلاته مسفرا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن
ربيعة يقول صلينا وراء عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة
بطيئة فقلت والله إذا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر قال أجل
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريح قال ثنا محمد بن يوسف قال سمعت السائب
بن يزيد قال صليت خلف عمر الصبح فقرأ فيها بالبقرة فلما انصرفوا استشرفوا الشمس فقالوا طلعت فقال
لو طلعت لم تجدنا غافلين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهب
قال صلى بنا عمر رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ بني إسرائيل والكهف حتى جعلت أنظر إلى جدر المسجد
طلعت الشمس
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا مسعر قال أخبرني عبد الملك بن ميسرة عن زيد
بن وهب قال قرأ عمر رضي الله عنه في صلاة الصبح بالكهف وبني إسرائيل
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عامر أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قرأ في الصبح بسورة الكهف وسورة يوسف
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا بديل بن ميسرة عن
180

عبد الله بن شقيق قال صلى بنا الأحنف بن قيس صلاة الصبح بعاقول الكوفة فقرأ في الركعة الأولى الكهف
والثانية بسورة يوسف
قال وصلى بنا عمر رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ بهما فيهما
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمكة صلاة الصبح فقرأ في الركعة الأولى
بيوسف حتى بلغ وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) ثم ركع ثم قام فقرأ في الركعة
الثانية بالنجم فسجد ثم قام فقرأ (إذا زلزلت الأرض زلزالها) ورفع صوته بالقراءة حتى لو كان في
الوادي أحد لأسمعه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه أنه صلى
مع عمر رضي الله عنه الفجر فقرأ في الركعة الأولى بيوسف وفي الثانية بالنجم فسجد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن إبراهيم التيمي عن
حصين بن سبرة قال صلى بنا عمر رضي الله عنه فذكر مثله
قال أبو جعفر فلما روى ما ذكرنا عن عمرو رضي الله عنه في حديث عبد الله بن عامر أن قراءته تلك كانت
قراءة بطية لم نر والله أعلم أن يكون دخوله فيها كان إلا بغلس ولا خروجه كان منها إلا وقد أسفر إسفارا
شديدا
وكذلك كان يكتب إلى عماله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا يزيد بن إبراهيم قال ثنا محمد بن سيرين عن المهاجر
بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى أن صل الفجر بسواد أو قال بغلس وأطل القراءة
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن عون عن محمد عن المهاجر عن عمر
رضي الله عنه مثله
أفلا تراه يأمرهم أن يكون دخولهم فيها بغلس وأن يطيلوا القراءة فكذلك عندنا أراد منه أن يدركوا
الاسفار وكذلك كل من روينا عنه في هذا شيئا سوى عمر رضي الله عنه قد كان ذهب إلى هذا المذهب أيضا
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال صلى بنا أبو بكر رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ بسورة آل عمران فقالوا قد كادت الشمس تطلع فقال
لو طلعت لم تجدنا غافلين
181

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا ابن لهيعة قال ثنا عبيد الله بن المغيرة عن عبد الله
بن الحارث بن جزء الزبيدي قال صلى بنا أبو بكر رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ بسورة البقرة في الركعتين
جميعا فلما انصرف قال له عمر رضي الله عنه كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين
قال أبو جعفر فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد دخل فيها في وقت غير الاسفار ثم مد القراءة فيها
حتى خيف عليه طلوع الشمس
وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقرب عهدهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفعله لا ينكر ذلك عليه منهم
منكر فذلك دليل علي متابعتهم له
ثم فعل ذلك عمر رضي الله عنه من بعده فلم ينكره عليه من حضره منهم
فثبت بذلك أن هكذا يفعل في صلاة الفجر وأن ما علموا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فغير مخالف لذلك
فإن قال قائل فما معنى قول بن عمر لمغيث بن سمي لما غلس بالفجر هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومع أبي بكر رضي الله عنه ومع عمر رضي الله عنه فلما قتل عمر رضي الله عنه أسفر بها عثمان رضي الله عنه
قيل له قد يحتمل أن يكون أراد بذلك وقت الدخول فيها لا وقت الخروج منها حتى يتفق ذلك وما روينا
قبله ويكون قوله ثم أسفر بها عثمان أي ليكون خروجهم في وقت يأمنون فيه ولا يخافون فيه أن يغتالوا
كما أغتيل عمر رضي الله عنه
وقد روى عن عثمان رضي الله عنه أيضا ما يدل أنه كان يدخل فيها بسواد لإطالته القراءة فيها
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن
محمد أن الفرافصة بن عمير الحنفي أخبره قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان رضي الله عنه
إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها
فهذا يدل أيضا أنه قد كان يحذو فيها حذو من كان قبله من الدخول فيها بسواد والخروج منها
في حال الاسفار
وقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ينصرف منها مسفرا
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي عن الأعمش قال حدثني إبراهيم التيمي عن الحارث بن
سويد أنه كان يصلي مع إمامهم في التيم فيقرأ بهم سورة من المئين ثم يأتي عبد الله فيجده في صلاة الفجر
حدثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا إسرائيل قال ثنا
أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا نصلي مع بن مسعود رضي الله عنه فكان يسفر بصلاة الصبح.
182

فقد عقلنا بهذا أن عبد الله كان يسفر فعلمنا بذلك أن خروجه منها كان حينئذ ولم يذكر في هذه الأحاديث
دخوله فيها في أي وقت كان فذلك عندنا والله أعلم على مثل ما روى عن غيره من أصحابه
وقد كان يفعل أيضا مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس الشافعي قال أنا سفيان بن عيينة قال ثنا عثمان بن
أبي سليمان قال سمعت عراك بن مالك يقول سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بخيبر ورجل من بني غفار يؤم الناس فسمعته يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بسورة مريم وفي الثانية
بويل للمطففين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا فضيل بن سليمان عن خثيم بن عراك عن أبيه عن
أبي هريرة مثله غير أنه قال فاستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري فصليت خلفه
فهذا سباع بن عرفطة قد كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باستخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه يصلي بالناس صلاة
الصبح هكذا يطيل فيها القراءة حتى يصيب فيها التغليس والاسفار جميعا
وقد روى أيضا عن أبي الدرداء من هذا شئ
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية بن صالح عن
أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال صلى بنا معاوية الصبح بغلس فقال أبو الدرداء أسفروا بهذه الصلاة فإنه
أفقه لكم إنما تريدون أن تخلوا بحوائجكم
فهذا عندنا والله تعالى أعلم من أبي الدرداء علي إنكاره عليهم ترك المد بالقراءة إلى وقت الاسفار لا على إنكاره
عليهم وقت الدخول فيها
فلما كان ما روينا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الاسفار الذي يكون الانصراف من الصلاة فيه مع ما روينا
عنه من إطالة القراءة في تلك الصلاة ثبت أن الاسفار بصلاة الصبح لا ينبغي لأحد تركه وأن التغليس لا يفعل إلا ومعه
الاسفار فيكون هذا في أول الصلاة وهذا في آخرها
فإن قال قائل فما معنى ما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النساء كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم
ينصرفن وما يعرفن من الغلس
قيل له يحتمل أن يكون هذا قبل أن يؤمر بإطالة القراءة فيها فإنه قد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر
الحوضي قال ثنا مرجا بن رجاء قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت أول
ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وصل إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنه وتر
وصلاة الصبح لطول قراءتها وكان إذا سافر عاد إلي صلاته الأولى
183

فأخبرت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل أن يتم الصلاة علي مثال ما
يصلي إذا سافر وحكم المسافر تخفيف الصلاة ثم أحكم بعد ذلك فزيد في بعض الصلوات وأمر بإطالة بعضها
فيجوز والله أعلم أن يكون ما كان يفعل من تغليسه بها وانصراف النساء منها ولا يعرفن من الغلس كان
ذلك في الوقت الذي كان يصليها فيه علي مثل ما يصلى فيه الآن في السفر ثم أمر بإطالة القراءة فيها وأن يكون
مفعوله في الحضر بخلاف ما يفعل في السفر من إطالة هذه وتخفيف هذه وقال أسفروا بالفجر أي أطيلوا
القراءة فيها
ليس ذلك علي أن يدخلوا فيها في آخر وقت الاسفار ولكن يخرجوا منها في وقت الاسفار
فثبت بذلك نسخ ما روت عائشة رضي الله عنها بما ذكرنا مع ما قد دل على ذلك أيضا من فعل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده في إصابتهم الاسفار في وقت انصرافهم منها واتفاقهم على ذلك
حتى لقد قال إبراهيم النخعي ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا القعنبي قال ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش
عن إبراهيم قال ما اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على شئ ما اجتمعوا علي التنوير
فأخبر أنهم كانوا قد اجتمعوا على ذلك فلا يجوز عندنا والله أعلم اجتماعهم على خلاف ما قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعله إلا بعد نسخ ذلك وثبوت خلافه
فالذي ينبغي الدخول في الفجر في وقت التغليس والخروج منها في وقت الاسفار على موافقة ما روينا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب الوقت الذي يستحب أن يصلي صلاة الظهر فيه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا ابن أبي ذئب قال ثنا شعبة عن الزبرقان عن عروة عن أسامة
بن زيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال حدثني سعيد بن إبراهيم قال سمعت محمد
بن عمرو بن حسن يقول سألنا جابر بن عبد الله فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة أو حين تزول
الشمس
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا عبدة بن سليمان قال ثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن
184

سعيد بن الحويرث عن جابر بن عبد الله قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فأخذ قبضة من الحصباء
أو من التراب فأجعلها في كفي ثم أحولها في الكف الأخرى حتى تبرد ثم أضعها في موضع جبيني من
شدة الحر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب
قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء بالهجير فما أشكانا
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق عن سعيد بن
وهب عن خباب مثله
قال أبو إسحاق كان يعجل الظهر فيشتد عليهم الحر
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال ثنا أبو إسحاق عن حارثة
بن مضرب أو من هو مثله من أصحابه قال خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا
حدثنا أبو أمية قال ثنا قبيصة قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق ح
وحدثنا أبو أمية قال ثنا أبو نعيم ومحمد بن سعيد قال أنا شريك عن أبي إسحاق ح وحدثنا أبو أمية
قال ثنا ابن الأصبهاني قال ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة عن خباب مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن
الأسود قال قالت عائشة رضي الله عنها ما رأيت أحدا أشد تعجيلا لصلاة الظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استثنت
أباها ولا عمر رضي الله عنهما
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا سعيد بن عامر قال ثنا عوف الاعرابي عن سيار بن سلامة قال
سمعت أبا برزة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير الذي تدعونه الظهر إذا دحضت الشمس
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا شعبة عن حمزة العايذي قال سمعت أنس بن
مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا لم يرتحل منه حتى يصلي الظهر
فقال رجل ولو كان نصف النهار؟ فقال ولو كان نصف النهار
185

حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب أن أنس بن مالك
رضي الله عنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زالت الشمس فصلى بهم صلاة الظهر
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن سليمان بن مهران ح
وحدثنا ابن خزيمة قال أنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن مسروق
قال صليت خلف عبد الله بن مسعود الظهر حين زالت الشمس فقال هذا والذي لا إله إلا هو وقت
هذه الصلاة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فاستحبوا تعجيل الظهر في الزمان كله في أول وقتها واحتجوا في
ذلك بما ذكرنا
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أما في أيام الشتاء فيعجل بها كما ذكرتم وأما في أيام الصيف فتؤخر
حتى يبرد بها
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن عن
زيد بن وهب عن أبي ذر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل فأذن بلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه يا بلال
ثم أراد أن يؤذن فقال مه يا بلال ثم أراد أن يؤذن فقال مه يا بلال
حتى رأينا في التلول ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا بالصلاة
إذا اشتد الحر
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا بالصلاة إذا اشتد الحر
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال ثنا أبو صالح عن أبي سعيد عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب أخبره عن أبي سلمة
وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
186

حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا النضر بن عبد الجبار قال أنا نافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم
عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن الهاد عن
محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن
أبي سلمة وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله
عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز
قال كان أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال ثنا عمي قال ثنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله
بن الأشج عن بشر بن سعيد وسلمان الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان
اليوم الحار فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا هشام بن حسان عن
ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن عوف عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن شدة الحر من
فيح جهنم فأبردوا بالصلاة
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن
يزيد بن أوس عن ثابت بن قيس عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ح
وعن أبي زرعة عن ثابت بن قيس عن أبي موسى يرفعه قال أبردوا بالظهر فإن الذي تجدون من الحر
من فيح من جهنم
ففي هذه الآثار الامر بالإبراد بالظهر من شدة الحر وذلك لا يكون إلا في الصيف فقد خالف ذلك ما روى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعجيل الظهر في الحر على ما ذكرنا من الآثار الأول
فإن قال قائل فما دل أن أحد الامرين أولى من الآخر
قيل له لأنه قد روى أن تعجيل الظهر في الحر قد كان يفعل ثم نسخ
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا يحيى بن معين وتميم بن المنتصر قالا ثنا إسحاق بن يوسف
قال ثنا شريك عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر
بالهجير ثم قال إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا بالصلاة.)
187

فأخبر المغيرة في حديثه هذا أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبراد بالظهر بعد أن كان يصليها في الحر
فثبت بذلك نسخ تعجيل الظهر في شدة الحر ووجب استعمال الابراد في شدة الحر.
وقد روى عن أنس بن مالك وأبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجلها في الشتاء ويؤخرها
في الصيف
حدثنا بذلك بن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد
بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد عن محمد بن شهاب عن عروة بن الزبير قال أخبرني بشير بن أبي مسعود
عن أبي مسعود أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزيغ الشمس وربما أخرها في شدة الحر
وبإسناده عن أبي مسعود أنه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجلها في الشتاء ويؤخرها في الصيف
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا حرمي بن عمارة قال ثنى أبو خالدة قال ثنا أنس بن مالك
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا بشر بن ثابت قال ثنا أبو خالدة عن أنس رضي الله عنه قال كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الشتاء بكر بالظهر وإذا كان الصيف أبرد بها
قال أبو جعفر فهكذا السنة عندنا في صلاة الظهر على ما يذكر أبو مسعود رضي الله عنه وأنس رضي الله
عنه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وليس فيما قدمنا ذكره في الفصل الأول ما يجب به خلاف شئ من هذا لان حديث أسامة وعائشة رضي الله
عنها وخباب وأبي برزة كلها عندنا منسوخة بحديث المغيرة الذي رويناه في الفصل الآخر
وأما حديث بن مسعود في صلاة الظهر حين زالت الشمس وحلفه أن ذلك وقتها فليس في ذلك الحديث أن
ذلك كان منه في الصيف ولا أنه كان منه في الشتاء ولا دلالة في ذلك على خلاف غيره
وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه قد روى عنه الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين زالت الشمس
ثم جاء أبو خالدة ففسر عنه أنه كان يصليها في الشتاء معجلا وفي الصيف مؤخرا فاحتمل أن يكون ما روى
بن مسعود رضي الله عنه هو كذلك أيضا
فإن احتج محتج في تعجيل الظهر بما حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا
أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن سويد بن غفلة قال سمع الحجاج أذانه بالظهر وهو في الجبانة فأرسل
إليه فقال ما هذه الصلاة قال صليت مع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان جين زالت الشمس قال
فصرفه وقال لا تؤذن ولا تؤم
188

قيل له ليس في هذا الحديث أن الوقت الذي رآهم فيه سويد كان في الصيف وقد يجوز أن يكون كان في الشتاء
ويكون حكم الصيف عندهم بخلاف ذلك
والدليل على ذلك أن يزيد بن سنان قد حدثنا قال ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا عبد الله بن نافع عن
أبيه عن ابن عمر أن عمر قال لأبي محذورة بمكة إنك بأرض حارة شديدة الحر فأبرد ثم أبرد
بالاذان للصلاة
أفلا ترى أن عمر رضي الله عنه قد أمر أبا محذورة في هذا الحديث بالإبراد لشدة الحر
وأولى الأشياء بنا أن نحمل ما رواه عنه سويد علي غير خلاف ذلك فيكون ذلك كان منه في
وقت لا حر فيه
فإن قال قائل إن حكم الظهر أن يعجل في سائر الزمان ولا يؤخر كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث خباب
وعائشة رضي الله عنها وجابر وأبي برزة وإنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من أمره إياهم بالإبراد رخصة
منه لهم لشدة الحر لان مسجدهم لم يكن له ظلال وذكر في ذلك ما روى عن ميمون بن مهران
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال لا بأس بالصلاة نصف النهار
وإنما كانوا يكرهون الصلاة نصف النهار لأنهم كانوا يصلون بمكة وكانت شديدة الحر ولم يكن لهم ظلال فقال
أبردوا بها
قيل له هذا كلام يستحيل لان هذا لو كان كما ذكرت لما أخرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السفر
حيث لا كن ولا ظل على ما في حديث أبي ذر ويصليها حينئذ لأنه في أول وقتها من غير كن ولا ظل
فتركه الصلاة حينئذ دليل على أن ما كان منه من الامر بالإبراد ليس لان يكونوا في شدة الحر في الكن
ثم يخرجون فيصلون الظهر في حال ذهاب الحر
لأنه لو كان ذلك كذلك لصلاها حيث لا كن في أول وقتها ولكن ما كان منه في هذا القول عندنا
والله أعلم إيجاب منه أن ذلك هو سنتها كان الكن موجودا أو معدوما وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد رحمهم الله تعالى
باب صلاة العصر هل تعجل أو تؤخر
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال ثنا أبي عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمر
بن قتادة الأنصاري ثم الظفري عن أنس بن مالك قال سمعته يقول ما كان أحد أشد تعجيلا لصلاة العصر
من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أبعد رجلين من الأنصار دارا من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو لبابة بن عبد المنذر
189

أخو بني عمرو بن عوف وأبو عبس بن خير أحد بني حادثة دار أبي لبابة بقباء ودار أبي عبس في بني حارثة
ثم إن كان ليصليان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم يأتيان قومهما وما صلوها لتبكير رسول الله صلى الله عليه وسلم بها
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا نصلي العصر ثم يخرج الانسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم
يصلون العصر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم قال ثنا ابن المبارك قال أنا مالك بن أنس قال حدثني الزهري
وإسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء
قال أحدهما وهم يصلون وقال الآخر والشمس مرتفعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال أنا مالك عن الزهري عن أنس ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن أنس قال كنا نصلي العصر
ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم قال ثنا ابن المبارك قال أنا معمر عن الزهري عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة
قال الزهري والعوالي على الميلين والثلاثة وأحسبه قال والأربعة
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا شعيب بن الليث عن أبيه عن ابن شهاب عن أنس بن مالك
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتي العوالي
والشمس مرتفعة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن منصور عن ربعي قال ثنا
أبو الأبيض قال ثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا العصر والشمس بيضاء
ثم أرجع إلى قومي وهم جلوس في ناحية المدينة فأقول لهم قوموا فصلوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى
فقد اختلف عن أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا الحديث فكان ما روى عاصم بن عمر بن قتادة وإسحاق
بن عبد الله وأبو الأبيض عن أنس بن مالك رضي الله عنه يدل على التعجيل بها لان في حديثهم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها ثم يذهب الذاهب إلى المكان الذي ذكروا فيجدهم لم يصلوا العصر
ونحن نعلم أن أولئك لم يكونوا يصلونها إلا قبل اصفرار الشمس فهذا دليل التعجيل
وأما ما روى الزهري عن أنس رضي الله عنه فإنه قال كنا نصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نأتي العوالي والشمس
مرتفعة فقد يجوز أن تكون مرتفعة قد اصفرت
فقد اضطرب حديث أنس هذا لان معنى ما روى الزهري منه بخلاف ما روى إسحق بن عبد الله وعاصم
بن عمر وأبو الأبيض عن أنس رضي الله عنه
190

وقد روى في ذلك أيضا عن غير أنس
فمن ذلك ما حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا حدثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا وهيب بن خالد قال
ثنا أبو واقد ليثي قال ثنا أبو أروى قال كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر بالمدينة ثم آتي الشجرة ذا الحليفة
قبل أن تغرب الشمس وهي على رأس فرسخين
ففي هذا الحديث أنه كان يسير بعد العصر فرسخين قبل أن تغيب الشمس
فقد يجوز أن يكون ذلك سيرا على الاقدام وقد يجوز أن يكون سيرا على الإبل والدواب
فنظرنا في ذلك فإذا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ قد حدثنا قال ثنا معلى وأحمد بن إسحاق الحضرمي
قالا ثنا وهيب عن أبي واقد قال ثنا أبو أروى قال كنت أصلي العصر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمشي إلى ذي الحليفة
فآتيهم قبل أن تغيب الشمس
ففي هذا الحديث أنه كان يأتيها ماشيا
وأما قوله قبل أن تغرب الشمس فقد يجوز أن يكون ذلك وقد اصفرت الشمس ولم يبق منها إلا أقل القليل
وقد روي عن أبي مسعود نحو من ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو صالح قال ثنا الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أسامة
بن زيد عن محمد بن شهاب قال سمعت عروة بن الزبير يقول أخبرني بشير بن أبي مسعود عن أبيه قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر والشمس بيضاء مرتفعة يسير الرجل حين ينصرف منها إلى ذي الحليفة ستة
أميال قبل غروب الشمس
فقد وافق هذا الحديث أيضا حديث أبي أروى وزاد فيه أنه كان يصليها والشمس مرتفعة فذلك دليل على
أنه قد كان يؤخرها
وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضا ما يدل على هذا ما حدثنا نصار بن حرب السمعي البصري
قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي الأبيض عن أنس رضي الله عنه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة العصر والشمس بيضاء محلقة
فقد أخبر أنس رضي الله عنه في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها والشمس بيضاء محلقة
فذلك دليل على أنه قد كان يؤخرها ثم يكون بين الوقت الذي كان يصليها فيه وبين غروبها مقدار ما كان يسير
الرجل إلى ذي الحليفة وإلى ما ذكر في هذه الآثار من الأماكن
وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب
191

بن جرير قال ثنا شعبة عن أبي صدقة مولى أنس رضي الله عنه عن أنس أنه سئل عن مواقيت الصلاة فقال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة العصر ما بين صلاتيكم هاتين
فذلك محتمل أن يكون أراد بقوله فيما بين صلاتيكم هاتين ما بين صلاة الظهر وصلاة المغرب فذلك دليل
على تأخيره العصر
ويحتمل أن يكون أراد فيما بين تعجيلكم وتأخيركم فذلك دليل على التأخير أيضا وليس بالتأخير الشديد
فلما احتمل ذلك ما ذكرنا وكان في حديث أبي الأبيض عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصليها والشمس بيضاء محلقة دل على أنه قد كان يؤخرها
فإن قال قائل وكيف ذلك كذلك وقد روى عن أنس رضي الله عنه في ذم من يؤخر العصر
فذكر في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال
دخلت على أنس بن مالك رضي الله عنه بعد الظهر فقام يصلي العصر
فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة
المنافقين قالها ثلاثا يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان قام فنقرأ ربعا
لا يذكر الله فيهن إلا قليلا
قيل له فقد بين أنس رضي الله عنه في هذا الحديث التأخير المكروه ما هو وإنما هو التأخير الذي لا يمكن بعده أن يصلى العصر إلا أربعا لا يذكر الله إلا قليلا
فأما صلاة يصليها متمكنا ويذكر الله تعالى فيها متمكنا قبل تغير الشمس فليس ذلك من الأول في شئ
والأولى بنا في هذه الآثار لما جاءت هذا المجئ أن نحملها ونخرج وجوهها على الاتفاق لا على الخلاف والتضاد
فنجعل التأخير المكروه فيها هو ما بينه العلاء عن أنس ونجعل الوقت المستحب من وقتها أن يصلى فيه
هو ما بينه أبو الأبيض عن أنس ووافقه على ذلك أبو مسعود
فإن قال قائل فقد روى عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على التعجيل بها فذكر ما حدثنا يونس قال
أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن عروة قال حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر
192

حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا الحجاج بن المنهال قال ثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يحدث عن عائشة
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يفئ الفئ بعد
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها
أنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي
قيل له قد يجوز أن يكون ذلك كذلك وقد أخر العصر لقصر حجرتها فلم يكن الشمس قد تنقطع منها إلا بقرب
غروبها فلا دلالة في هذا الحديث علي تعجيل العصر
وذكر في ذلك ما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن يسار بن سلامة قال دخلت مع أبي
علي أبي برزة فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العصر فيرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية
قيل له قد مضى جوابنا في هذا فيما تقدم من هذا الباب فلم نجد في هذه الآثار لما صححت وجمعت
ما يدل إلا على تأخير العصر ولم نجد شيئا منها يدل علي تعجيلها إلا قد عارضه غيره فاستحببنا بذلك تأخير العصر
إلا أنها تصلى والشمس بيضاء في وقت يبقى بعده من وقتها مدة قبل تغيب الشمس
ولو خلينا والنظر لكان تعجيل الصلوات كلها في أوائل أوقاتها أفضل ولكن اتباع ما روى عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مما تواترت به الآثار أولى
وقد روي عن أصحابه من بعده ما يدل على ذلك أيضا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله إن أهم
أمركم عندي الصلاة من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع صلوا العصر والشمس
مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلثه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا يزيد بن أبي حكيم عن الحكم بن أبان عن عكرمة
قال كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه في جنازة فلم يصل العصر وسكت حتى راجعناه مرارا فلم يصل العصر
حتى رأينا الشمس علي رأس أطول جبل بالمدينة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كان من قبلكم
أشد تعجيلا للظهر وأشد تأخيرا للعصر منكم
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم بأن يصلوا العصر
والشمس بيضاء مرتفعة
193

ثم أبو هريرة رضي الله عنه قد أخرها حتى رآها عكرمة على رأس أطول جبل بالمدينة
ثم إبراهيم يخبر عمن كان قبله يعني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب عبد الله أنهم كانوا أشد تأخيرا
للعصر ممن بعدهم
فلما جاء هذا من أفعالهم ومن أقوالهم مؤتلفا على ما ذكرنا وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها
والشمس مرتفعة وفي بعض الآثار محلقة وجب التمسك بهذه الآثار وترك خلافها وأن يؤخروا العصر حتى
لا يكون تأخيرها يدخل مؤخرها في الوقت الذي أخبر أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث العلاء أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال تلك صلاة المنافقين فإن ذلك الوقت هو الوقت المكروه تأخير صلاة العصر إليه
فأما ما قبله من وقتها مما لم تدخل الشمس فيه صفرة وكان الرجل يمكنه أن يصلي فيه صلاة العصر ويذكر الله
فيها متمكنا ويخرج من الصلاة والشمس كذلك فلا بأس بتأخير العصر إلى ذلك الوقت وذلك أفضل لما قد تواترت
به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده
ولقد روى عن أبي قلابة أنه قال إنما سميت العصر لتعصر أي تأخر
حدثنا بذلك صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصاري قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا
هشيم قال أنا خالد عن أبي قلابة قال إنما سميت العصر لتعصر
فأخبر أبو قلابة أن اسمها هذا إنما لان سبيلها أن تعصر
وهذا الذي استحببناه من تأخير العصر من غير أن يكون ذلك إلى وقت قد تغيرت فيه الشمس أو دخلتها
صفرة وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى وبه نأخذ
فإن احتج محتج في التكبير بها أيضا بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي
قال حدثني أبو النجاشي قال حدثني رافع بن خديج قال كنا نصلى العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ننحر
الجزور فنقسمه عشر قسم ثم نطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس
قيل له قد يجوز أن يكونوا يفعلون ذلك بسرعة عمل وقد أخرت العصر فليس في هذا الحديث عندنا حجة
على من يرى تأخير العصر
وقد ذكرنا في باب مواقيت الصلاة في حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن مواقيت الصلاة صلى
العصر في اليوم الأول والشمس بيضاء مرتفعة نقية ثم صلاها في اليوم الثاني والشمس مرتفعة أخرها فوق
الذي قد كان أخرها في اليوم الأول فكان قد أخرها في اليومين جميعا ولم يعجلها في أول وقتها كما فعل
في غيرها
فثبت بذلك أن وقت العصر الذي ينبغي أن يصلى فيه هو ما ذهب إليه
الآخرون آخر كتاب الاذان والمواقيت
194

باب رفع اليدين في افتتاح الصلاة إلى أين يبلغ بهما
حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان مولى
الزرقيين قالا دخل علينا أبو هريرة رضي الله عنه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا
فذهب قوم إلى أن الرجل يرفع يديه إذا افتتح الصلاة مدا ولم يوقتوا في ذلك شيئا واحتجوا بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ينبغي له أن يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عبد الرحمن
بن أبي الزناد عن موسي بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلي الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه
حذو منكبيه
وبما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه
وبما قد حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر عن مالك عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله
وبما قد حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن
جابر قال رأيت سالم بن عبد الله حين افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه
فسألته عن ذلك فقال رأيت بن عمر رضي الله عنه يفعل ذلك وقال بن عمر رضي الله عنه عنهما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
وبما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عبد الحميد بن جعفر قال ثنا محمد بن عمرو بن عطاء
قال سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة قال قال أبو حميد أنا أعلمكم
بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا لم فوالله ما كنت أكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له صحبة فقال بلى قالوا فأعرض
فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه قال فقالوا جميعا صدقت
هكذا كان يصلي
قال أبو جعفر فذهب إلى هذا فقالوا الرفع في التكبير في افتتاح الصلاة يبلغ به المنكبين ولا
يجاوزان واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
195

وكان ما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندنا غير مخالف لهذا لأنه إنما ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام
إلى الصلاة رفع يديه مدا فليس في ذلك ذكر المنتهى بذلك المد إليه أي موضع هو
قد يجوز أن يكون يبلغ به حذاء المنكبين وقد يحتمل أيضا أن يكون ذلك الرفع قبل الصلاة للدعاء ثم
يكبر للصلاة بعد ذلك ويرفع يديه حذاء منكبيه
فيكون حديث أبي هريرة رضي الله عنه على الرفع عند القيام للصلاة للدعاء وحديث علي رضي الله عنه وابن عمر
رضي الله عنه عنهما على الرفع بعد ذلك عند افتتاح الصلاة حتى لا تتضاد هذه الآثار
وخالف في ذلك آخرون فقالوا يرفع الأيدي في افتتاح الصلاة حتى يحاذي بها الأذنان
واحتجوا في ذلك بما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان قال ثنا يزيد
بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه
حتى يكون إبهاماه قريبا من شحمتي أذنيه
وبما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل
بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين يكبر للصلاة يرفع يديه حيال أذنيه
وبما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن عاصم بن كليب
فذكر بإسناده مثله
وبما قد حدثنا محمد بن عمرو بن يونس السوسي الكوفي قال ثنا عبد الله بن نمير عن سعيد بن
أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال
حتى يحاذي بهما فوق أذنيه
وبما قد حدثني أبو الحسين محمد بن عبد الله بن مخلد الأصبهاني قال ثنا هشام بن عمار قال ثنا إسماعيل
بن عيا ش قال ثنا عتبة بن أبي حكيم عن عيسى بن عبد الرحمن العدوي عن العباس بن سهل عن أبي حميد
الساعدي أنه كان يقول لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة
كبر ورفع يديه حذاء وجهه
قال أبو جعفر فلما اختلفت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها بيان الرفع إلى أي موضع هو في الموضع
الذي انتهى به وخرج حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي بدأنا بذكره أن يكون مضادا لها أردنا أن ننظر
أي هذين المعنيين أولى أن يقال به
فإذا فهد بن سليمان قد حدثنا قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا شريك عن عاصم بن
كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبر وإذا رفع
وإذا سجد فذكر من هذا ما شاء الله
196

قال ثم أتيته من العام المقبل وعليهم الأكسية والبرانس فكانوا يرفعون أيديهم فيها وأشار شريك
إلى صدره
فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لان أيديهم كانت حينئذ في ثيابهم
وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم إلى حذو آذانهم
فاعلمنا روايته كلها فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما يستطاع الرفع إليه
وهو المنكبان
وإذا كانتا باديتين رفعهما إلى الاذنين كما فعل صلى الله عليه وسلم
ولم يجز أن يجعل حديث بن عمر رضي الله عنه عنهما وما أشبهه الذي فيه ذكر رفع اليدين إلى المنكبين كان
ذلك واليدان باديتان
إذا كان قد يجوز أن تكونا كانتا في الثياب فيكون ذلك مخالفا لما روى وائل بن حجر
فيتضاد الحديثان
ولكنا نحملهما على الاتفاق فنجعل حديث بن عمر رضي الله عنهما على أن ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويداه في ثوبه على ما حكاه وائل في حديثه
ونجعل ما روى وائل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله في غير حال البرد من رفع يديه إلى أذنيه فيستحب القول
به وترك خلافه
وأما ما رويناه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فهو خطأ وسنبين ذلك في باب رفع اليدين
في الركوع إن شاء الله تعالى
فثبت بتصحيح هذه الآثار ما روى وائل عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما فصلنا مما فعل في حال البرد وفي
غير حال البرد
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب ما يقال في الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر على وزن مفعول من التفعيل قال
ثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك
197

ولا إله غيرك ثم يقول لا إله إلا الله ثم يقول الله أكبر كبيرا ثلاثا ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم
من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا الحسن بن الربيع قال ثنا جعفر بن سليمان فذكر مثله بإسناده غير أنه
لم يقل ثم يقرأ
حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو معاوية عن حارثة بن محمد
بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه
حذو منكبيه ثم يكبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك
حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن الربيع قال ثنا أبو معاوية فذكر مثله بإسناده
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضا أنه كان يقول هذا أيضا إذا افتتح الصلاة
كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن الحكم عن عمرو بن ميمون
قال صلى بنا عمر رضي الله عنه بذي الحليفة فقال الله أكبر سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك
وتعالي جدك
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ووهب قالا ثنا شعبة عن الحكم فذكر بإسناده مثله وزاد لا إله غيرك
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد بن عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان الثوري عن منصور
عن إبراهيم عن الأسود عن عمر مثله غير أنه لم يقل بذي الحليفة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا محمد بن بكر البرساني قال أنا سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن
إبراهيم عن علقمة والأسود عن عمر مثله وزاد يسمع من يليه
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن
عمر رضي الله عنه مثله
وكما حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني
إبراهيم عن علقمة والأسود أنهما سمعا عمر رضي الله عنه كبر فرفع صوته وقال مثل ذلك ليتعلموها
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هكذا ينبغي للمصلي إذا افتتح الصلاة أن يقول ولا يزيد على
هذا شيئا غير التعوذ إن كان إماما أو مصليا لنفسه وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمه الله
198

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ينبغي له أن يزيد بعد هذا ما قد روى عن علي رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم
فذكروا ما حدثنا الحسين بن نصر قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
عن عمه عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
إذا افتتح الصلاة قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من
المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين
وما قد حدثنا محمد بن خزيمة البصري قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
وما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن خالد الوهبي وعبد الله بن صالح قالا ثنا عبد العزيز بن الماجشون
عن الماجشون وعبد الله بن الفضل عن الأعرج فذكر بإسناده مثله
وما قد حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن
موسي بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج فذكر بإسناده مثله
قالوا فلما جاءت الرواية بهذا وبما قبله استحببنا أن يقولهما المصلى جميعا وممن قال هذا أبو يوسف رحمه الله
باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا الليث بن سعد قال أخبرني خالد بن يزيد
عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم بن المجمر قال صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم فلما بلغ (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال آمين فقال الناس آمين
ثم يقول إذا سلم أما والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي قال ثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيتها فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله
رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا
الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
199

قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب وأنه ينبغي للمصلي أن يقرأ
بها كما يقرأ بفاتحة الكتاب
واحتجوا في ذلك أيضا بما روى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد
قال ثنا عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال صليت خلف عمر رضي الله
عنه فجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم وكان أبي يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم
وكما حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن عاصم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه جهر بها
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال أنا ابن جريج عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه
كان لا يدع بسم الله الرحمن الرحيم قبل السورة وبعدها إذا قرأ بسورة أخرى في الصلاة
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو بكر النهشلي قال ثنا يزيد الفقير عن ابن عمر
رضي الله عنه أنه كان يفتتح القراءة ب بسم الله الرحمن الرحيم
وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو زيد الهروي قال ثنا شعبة عن الأزرق بن قيس قال
صليت خلف بن الزبير فسمعته يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم غير المغضوب عليهم ولا الضالين بسم الله
الرحمن الرحيم
واحتجوا في ذلك أيضا بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال أنا ابن جريج عن أبيه عن سعيد
بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال فاتحة الكتاب ثم
قرأ بن عباس بسم الله الرحمن الرحيم وقال هي الآية السابعة
قال وقرأ على سعيد بن جبير كما قرأ عليه بن عباس رضي الله عنه
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا نرى الجهر بها في الصلاة واختلفوا بعد ذلك
فقال بعضهم يقولها سرا وقال بعضهم لا يقولها البتة لا في السر ولا في العلانية
واحتجوا على أهل المقالة الأولى في ذلك بما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا
عبد الواحد بن زياد قال ثنا عمارة بن القعقاع قال ثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير قال ثنا أبو هريرة
رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الثانية استفتح بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت
قال أبو جعفر ففي هذا دليل أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من فاتحة الكتاب ولو كانت من فاتحة
الكتاب لقرأ بها في الثانية كما قرأ فاتحة الكتاب
والذين استحبوا الجهر بها في الركعة الأولى لأنها عندهم من فاتحة الكتاب استحبوا ذلك أيضا
في الثانية
200

فلما انتفى بحديث أبي هريرة هذا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بها في الثانية انتفى به أيضا أن يكون قرأ
بها في الأولى
فعارض هذا الحديث حديث نعيم بن المجمر وكان هذا أولى منه لاستقامة طريقه وفضل صحة مجيئه
على مجئ حديث نعيم
وقالوا وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها الذي رواه بن أبي مليكة فقد اختلف الذين رووه في لفظه
فرواه بعضهم على ما ذكرناه ورواه آخرون على غير ذلك كما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث
قال ثنا الليث عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عن يعلى أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنعتت له قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرة حرفا حرفا
ففي هذا أن ذكر قراءة بسم الله الرحمن الرحيم من أم سلمة تنعت بذلك قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائر
القرآن كيف كانت
وليس في ذلك دليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فمعنى هذا غير معنى حديث
بن جريج
وقد يجوز أيضا أن يكون تقطيع فاتحة الكتاب الذي في حديث بن جريج كان من بن جريج أيضا حكاية
منه للقراءة المفسرة حرفا حرفا التي حكاها الليث عن ابن أبي مليكة
فانتفى بذلك أن يكون في حديث أم سلمة ذلك حجة لأحد
وقالوا لهم أيضا فيما رووه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (ولقد آتيناك سبعا
من المثاني)
أما ما ذكرتموه من أنها هي السبع المثاني فإنا لا ننازعكم في ذلك
وأما ما ذكرتموه من أن بسم الله الرحمن الرحيم منها فقد روى هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما كما
ذكرتم وقد روى عن غيره ممن روينا عنه في هذا الباب ما يدل على خلاف ذلك أنه لم يجهر بها
ولم يختلفوا جميعا أن فاتحة الكتاب سبع آيات
فمن جعل بسم الله الرحمن الرحيم منها عدها آية ومن لم يجعلها منها عد أنعمت عليهم آية
فلما اختلفوا في ذلك وجب النظر وسنبين ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى
وقد روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ما قد حدثنا علي بن شيبة قال ثنا هوذة بن خليفة عن عوف
عن يزيد الرقاشي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه ما حملكم على
أن عمدتم إلى الأنفال وهي من السبع الطول وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما وجعلتموهما في السبع
الطول ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم
201

فقال عثمان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الآية فيقول اجعلوها في السورة التي يذكر فيها كذا
وكذا وكانت قصتها شبيهة بقصتها
فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسأله عن ذلك فخفت أن تكون منها فقرنت بينهما ولم أكتب بينها سطر
بسم الله الرحمن الرحيم وجعلتهما في السبع الطول
قال أبو جعفر فهذا عثمان رضي الله عنه يخبر في هذا الحديث أن بسم الله الرحمن الرحيم لم تكن عنده
من السورة وأنه إنما كان يكتبها في فصل السور وهي غيرهن
فهذا خلاف ما ذهب إليه بن عباس رضي الله عنه من ذلك
وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا
لا يجهرون بها في الصلاة
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكرة بن أبي شيبة قال ثنا إسماعيل بن علية عن الجريري عن قيس بن عباية
قال حدثني بن عبد الله بن مغفل عن أبيه وقلما رأيت رجلا أشد عليه حدثا في الاسلام منه فسمعني وأنا
أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال أي بني إياك والحدث في الاسلام فإني قد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمعها من أحد منهم ولكن إذا قرأت فقل (الحمد لله
رب العالمين)
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم وسعيد بن عامر قالا ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن
أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون القراءة
ب الحمد لله رب العالمين
وكما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن قتادة
قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان
فلم أسمع أحدا منهم يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم
وكما حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن حميد الطويل عن أنس بن
مالك رضي الله عنه أنه قال قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان بن عفان رضي الله عنه عنهم فكلهم كان لا يقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة
وكما حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير بن معاوية عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر
وعمر ويرى حميد أنه قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه
وكما حدثنا أحمد بن أبي عمران وعلي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قالا ثنا علي بن الجعد قال أنا
شيبان عن قتادة قال سمعت أنسا يقول صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنه
فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
202

وكما حدثنا أبو أمية قال ثنا الأحوص بن جواب قال ثنا عمار بن رزيق عن الأعمش عن شعبة عن
ثابت عن أنس رضي الله عنه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنه عنهم يجهرون
ب بسم الله الرحمن الرحيم
وكما حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا دحيم بن اليتيم قال ثنا سويد بن عبد العزيز عن عمران
القصير عن الحسن عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنه عنهما كانوا يسرون ب بسم الله
الرحمن الرحيم
وكما حدثنا أبو أمية قال ثنا سليمان بن عبيد الله الرقي قال ثنا مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان
عن ابن سيرين والحسن عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
يستفتحون بالحمد لله رب العالمين
وكما حدثنا أحمد بن مسعود الخياط المقدسي قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وكما حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن محمد بن
لوح أخا بني سعد بن بكر حدثه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر
رضي الله عنه عنهما يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال حدثني أسباط بن محمد قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن بديل
عن أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير ويفتتح القراءة
بالحمد لله ويختمها بالتسليم
قال أبو جعفر فلما تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان بما ذكرنا
وكان في بعضها أنهم كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين وليس في ذلك دليل انهم كانوا لا يذكرون
بسم الله الرحمن الرحيم قبلها ولا بعدها لأنه إنما عنى بالقراءة ها هنا قراءة القرآن
فاحتمل أنهم لم يعدوا بسم الله الرحمن الرحيم قرآنا وعدوها ذكرا مثل سبحانك اللهم وبحمدك
وما يقال عند افتتاح الصلاة
فكان ما يقرأ من القرآن بعد ذلك ويستفتح بالحمد لله رب العالمين وفي بعضها أنهم كانوا لا يجهرون
ب بسم الله الرحمن الرحيم
ففي ذلك دليل أنهم كانوا يقولونها من غير طريق الجهر ولولا ذلك لما كان لذكرهم نفى الجهر معنى
فثبت بتصحيح هذه الآثار ترك الجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم وذكرها سرا
وقد روى ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا سليمان
203

بن شعيب الكيساني قال ثنا علي بن معبد قال ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد عن أبي وائل
قال كان عمر وعلي رضي الله عنهما لا يجهران ببسم الله الرحمن الرحيم ولا بالتعوذ ولا بالتأمين
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية قال سمعت عاصما
وعبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في الجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم قال ذلك
فعل الاعراب
وكما حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا شريك عن عبد الملك بن أبي بشير عن
عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه مثله
قال أبو جعفر فهذا خلاف ما روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما في الفصل الذي قبل هذا
وكما حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة أن سنان بن عبد الرحمن الصدفي
حدثه عن عبد الرحمن الأعرج قال أدركت الأئمة وما يستفتحون القراءة إلا بالحمد لله رب العالمين
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة
بن الزبير مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال ثنا يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد
قال لقد أدركت رجالا من علمائنا ما يقرؤون بها
وكما حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد قال ثنا يحيى عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم
قال ما سمعت القاسم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو جعفر فلما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن ذكرنا بعده ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ثبت
أنها ليست من القرآن
ولو كانت من القرآن لوجب أن يجهر بها كما يجهر بالقرآن سواها
ألا ترى أن بسم الله الرحمن الرحيم التي في النمل يجهر بها كما يجهر بغيرها من القرآن لأنها من القرآن
فلما ثبت أن التي قبل فاتحة الكتاب يخافت بها ويجهر بالقرآن ثبت أنها ليست من القرآن وثبت أن
يخافت بها ويسر كما يسر التعوذ والافتتاح وما أشبهها
204

وقد رأيناها أيضا مكتوبة في فواتح السور في المصحف في فاتحة الكتاب وفي غيرها وكانت في غير فاتحة
الكتاب ليست بآية ثبت أيضا أنها في فاتحة الكتاب ليست بآية وهذا الذي ثبت من نفي بسم الله الرحمن الرحيم
أن تكون من فاتحة الكتاب ومن نفى الجهر بها في الصلاة قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن
رحمهم الله تعالى
باب القراءة في الظهر والعصر
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد بن موسي قال ثنا سعيد وحماد أنا زيد عن أبي جهضم موسى بن
سالم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال كنا جلوسا في فتيان من بني هاشم إلى بن عباس
رضي الله عنهما فقال له رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال لا
قال فلعله كان يقرأ فيما بينه وبين نفسه في حديث سعيد قال لا وفي حديث حماد هي شر من الأولى
ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا لله أمره الله عز وجل فبلغ والله ما أمر به
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير بن حازم قال ثنا أبي قال سمعت أبا يزيد المدني يحدث
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له إن ناسا يقرؤون في الظهر والعصر
فقال لو كان لي عليهم سبيل لقلعت ألسنتهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فكانت قراءته لنا قراءة وسكوته
لنا سكوت
فذهب قوم إلي هذه الآثار التي رويناها فقلدوها وقالوا لا نرى أن يقرأ أحد في الظهر والعصر البتة
ورووا ذلك أيضا عن سويد بن غفلة كما حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي قال ثنا شجاع بن
الوليد عن زهير بن معاوية عن الوليد بن قيس قال سألت سويد بن غفلة أيقرأ في الظهر والعصر
فقال لا
فقيل لهم مالكم فيما روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما حجة وذلك أن بن عباس رضي الله عنهما
قد روى عنه خلاف ذلك كما
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا حصين
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قد حفظت السنة غير أني لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
في الظهر والعصر أم لا
فهذا بن عباس رضي الله عنه عنهما يخبر في هذا الحديث أنه لم يتحقق عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ فيهما
وإنما أمر بترك القراءة فيما تقدمت روايتنا له عنه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ في ذلك
205

فإذا انتفي أن يكون قد تحقق ذلك عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم انتفي ما قال من ذلك لان غيره قد تحقق قراءة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما مما سنذكره في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى
مع أنه قد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما من رأيه ما يدل على خلاف ذلك كما حدثنا علي بن شيبة قال
ثنا يزيد بن هارون قال أنا إسماعيل بن أبي خالد عن العيزار بن حريث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إقرأ
خلف الامام بفاتحة الكتاب في الظهر والعصر
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث قال شهدت
بن عباس رضي الله عنهما فسمعته يقول لا تصل صلاة إلا قرأت فيها ولو بفاتحة الكتاب
وحدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي وموسى بن إسماعيل قال ثنا حماد
بن سلمة عن أيوب عن أبي العالية البراء قال سألت بن عباس رضي الله عنه أو سئل عن القراءة في
الظهر والعصر فقال هو إمامك فأقرأ منه ما قل وما كثر وليس من القرآن شئ قليل
وكما حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا سعيد بن أبي عروبة عن أبي العالية قال
سألت بن عباس رضي الله عنهما فذكر مثله
قال وسألت بن عمر رضي الله عنهما فقال إني لأستحي أصلي صلاة لا أقرأ فيها بأم القرآن وما تيسر
قال أبو جعفر فهذا بن عباس رضي الله عنه قد روى عنه من رأيه أن المأموم يقرأ خلف الامام في الظهر والعصر
وقد رأينا الامام تحمل عن المأموم ولم نر المأموم تحمل عن الامام شيئا
فإذا كان المأموم يقرأ فالامام أحرى أن يقرأ مع ما قد روينا عنه أيضا من أمره بالقراءة فيهما
فأما ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما رواه بن عباس رضي الله عنه من ذلك فإن أبا بكرة بكار بن قتيبة
قد حدثنا قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة أن
أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر فيسمعنا الآية أحيانا وأن أبا بكرة قد حدثنا قال
ثنا أبو عاصم قال ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
وأن بن بي داود قد حدثنا قال ثنا خطاب بن عثمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن مسلم بن خالد عن
جعفر بن محمد عن الزهري عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الركعتين الأولين
من الظهر بأم القرآن وقرآن وفي العصر مثل ذلك وفي الأخريين منهما بأم القرآن وفي المغرب في الأوليين
بأم القرآن وقرآن وفي الثالثة بأم القرآن
قال عبيد الله وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
206

وأن محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قد حدثنا قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن
أبي كثير قال حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بأم القرآن وسورتين معها
في الأوليين من صلاة الظهر والعصر ويسمعنا الآية أحيانا
وأن أبا بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن زيد العمى عن أبي نضرة عن أبي سعيد
الخدري قال اجتمع ثلاثون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لم يجهر فيه من
الصلوات فما اختلف منهم رجلان
فقاسوا قراءته في الركعتين الأوليين من الظهر بقدر قراءة ثلاثين آية وفي الركعتين الأخريين على النصف من
ذلك وفي صلاة العصر في الركعتين الأوليين على قدر النصف من الأوليين في الظهر وفي الركعتين الأخريين على قدر
النصف من الركعتين الأخريين من الظهر
وأن إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا أبو عوانة عن منصور بن زاذان
عن الوليد أبي بشر بن مسلم العنبري عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة ثلاثين آية وفي الأخريين نصف
ذلك وكان يقوم في العصر في الركعتين الأوليين قدر خمس عشرة آية وفي الأخريين قدر نصف ذلك
وأن أحمد بن شعيب قد حدثنا قال أنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ثنا هشيم قال ثنا منصور
بن زاذان عن الوليد بن مسلم عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال كنا نحزر قيام رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الظهر قدر ثلاثين آية قدر سورة السجدة في الركعتين الأوليين وفي
الأخريين على قدر النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر
وحزرنا قيامه في الركعتين الأخريين من العصر على النصف من ذلك
وأن علي بن معبد قد حدثنا قال ثنا يونس بن محمد المؤذن قال ثنا حماد بن سلمة عن سماك عن جابر بن سمرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق والسماء ذات البروج ونحوهما من السور
وأن عبد الله بن محمد بن خشيش البصري قد حدثنا قال ثنا عازم قال ثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة
بن أوفى عن عمران بن حصين قال قرأ رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فلما انصرف قال أيكم
قرأ بسبح اسم ربك الأعلى قال رجل أنا قال لقد علمت أن بعضكم قد خالجنيها
وأن محمد بن خزيمة قد حدثنا قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
أن زرارة قد حدثهم عن عمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
وأن محمد بن خزيمة قد حدثنا قال ثنا حجاج بن منهال قال ثنا حماد عن قتادة عن زرارة عن
عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
وأن محمد بن بحر بن مطر البغدادي قد حدثنا قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا سليمان التيمي عن
207

أبي مخلد عن ابن عمر قال ولم أسمعه منه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر قال فرآه أصحابه أنه قرأ
بتنزيل السجدة
وأن عبد الرحمن بن الجارود قد حدثنا قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيجهر ويخافت فجهرنا فيما جهر وخافتنا فيما خافت
وسمعته يقول لا صلاة إلا بقراءة
وأن بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا سهل بن بكار قال ثنا أبو عوانة عن رقبة بن عطاء عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال في كل الصلاة قراءة فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفاه علينا
أخفيناه عليكم
وأن محمد بن النعمان السقطي قد حدثنا قال ثنا يحيى قال ثنا يزيد بن زريع عن حبيب المعلم
عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله
وأن يونس بن عبد الأعلى قد حدثنا قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني بن جريج عن عطاء قال
سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول فذكر نحوه
وأن محمد بن بحر بن مطر قد حدثنا قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا حبيب المعلم عن عطاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله وأن محمد بن النعمان قد حدثنا قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان عن ابن جريح عن
عطاء قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه ثم ذكر مثله
وأن بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال ثنا عباد بن العوام عن سفيان
بن حسين قال أخبرني أبو عبيدة وهو حميد الطويل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر ب سبح
اسم ربك الأعلى
قال أبو جعفر وقد احتج قوم في ذلك أيضا مع ما ذكرنا بما روى عن خباب بن الأرت
كما قد حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير
عن أبي معمر قال قلنا لخباب أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر قال نعم
قلت بأي شئ كنتم تعرفون ذلك قال باضطراب لحيته
وكما قد حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال أنا شريك وأبو معاوية
ووكيع عن الأعمش فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فلم يكن في هذا عندنا دليل على أنه قد كان يقرأ فيهما لأنه قد يجوز أن يضطرب لحيته
بتسبيح سبحه أو دعاء أو غيره
ولكن الذي حقق القراءة منه في هاتين الصلاتين من قد روينا عنه الآثار التي في الفصل الذي قبل هذا
فلما ثبت بما ذكرنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تحقيق القراءة في الظهر والعصر وانتفى ما روي عن ابن عباس
208

مما يخالف ذلك رجعنا إلى النظر بعد ذلك هل نجد فيه ما يدل علي صحة أحد القولين اللذين ذكرنا
فاعتبرنا ذلك فرأينا القيام في الصلاة فرضا وكذلك الركوع وكذلك السجود وهذا كله من فرض
الصلاة وهي به مضمنه لا تجزئ الصلاة إذا ترك شئ من ذلك وكان ذلك في سائر الصلوات سواء
ورأينا القعود الأول سنة لا اختلاف فيه فهو في كل الصلوات سواء ورأينا القعود الأخير فيه اختلاف
بين الناس
فمنهم من يقول هو فرض ومنهم من يقول إنه سنة وكل فريق منهم قد جعل ذلك في كل الصلوات سواء
فكانت هذه الأشياء ما كان منها فرضا في صلاة فهو فرض في كل الصلوات وكان الجهر بالقراءة في صلاة
الليل ليس بفرض ولكنه سنة
وليست الصلاة به مضمنة كما كانت مضمنة بالركوع والسجود والقيام فذلك قد ينتفي من بعض الصلوات
ويثبت في بعضها والذي هو فرض والصلاة به مضمنة لا تجزي إلا بإصابته إذا كان في بعض الصلوات فرضا كان
في سائرها كذلك
فلما رأينا القراءة في المغرب والعشاء والصبح واجبة في قول هذا المخالف لا بد منها ولا تجزئ الصلاة
إلا بإصابتها كان كذلك هي في الظهر والعصر
فهذه حجة قاطعة على من ينفي القراءة من الظهر والعصر ممن يراها فرضا في غيرها
وأما من لا يرى القراءة من صلب الصلاة فإن الحجة عليه في ذلك أنا قد رأينا المغرب والعشاء يقرأ في كلهما
في قوله ويجهر في الركعتين الأوليين منهما ويخافت فيما سوى ذلك
فلما كانت سنة ما بعد الركعتين الأوليين هي القراءة ولم تسقط بسقوط الجهر كان النظر على ذلك أن يكون
كذلك السنة في الظهر والعصر لما سقط الجهر فيهما بالقراءة أن لا يسقط القراءة قياسا على ما ذكرنا من ذلك
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد روى ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبيد الله بن محمد وموسى بن إسماعيل قالا ثنا حماد بن سلمة عن علي بن
زيد عن أبي عثمان النهدي قال سمعت من عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في الظهر والعصر ق
والقرآن المجيد)
حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم قال ثنا شعبة قال ثنا سفيان بن حسين قال سمعت الزهري
يحدث عن ابن أبي رافع عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يأمر أو يحب أن يقرأ خلف
الامام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب
209

حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن أشعث بن أبي الشعثاء قال سمعت
أبا مريم الأسدي يقول سمعت بن مسعود رضي الله عنه يقرأ في الظهر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام بن حسان عن جميل بن مرة وحكيم أنهما
دخلا على مؤرق العجلي فصلى بهم الظهر فقرأ بقاف والذاريات أسمعهم بعض قراءته
فلما انصرف قال صليت خلف بن عمر فقرأ بقاف والذاريات وأسمعنا نحو ما أسمعناكم
وحدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا المقرئ عن حياة وابن لهيعة قالا أنا بكر بن عمرو أن عبيد الله بن
مقسم أخبره أن بن عمر رضي الله عنه عنهما قال له إذا صليت وحدك فاقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بأم
القرآن وسورة وسورة وفي الركعتين الأخريين بأم القرآن
قال فلقيت زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله فقالا مثل قال بن عمر رضي الله عنهما
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن عبيد الله بن مقسم
قال سألت جابر بن عبد الله عن القراءة في الظهر والعصر فقال أما أنا فأقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب
وسورة سورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني أسامة بن زيد عن عبيد الله بن
مقسم عن جابر بن عبد الله أنه سأله كيف تصنعون في صلاتكم التي لا تجهرون فيها بالقراءة إذا كنتم في بيوتكم
فقال نقرأ في الأوليين من الظهر والعصر في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة ونقرأ في الأخريين بأم
القرآن وندعو
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني مخرمة عن أبيه عن عبيد الله بن مقسم قال سمعت
جابر بن عبد الله يقول إذا صليت وحدك شيئا من الصلوات فاقرأ في الركعتين الأوليين بسورة مع أم القرآن وفي
الأخريين بأم القرآن
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا مسعر بن كدام قال حدثني يزيد الفقير عن
جابر بن عبد الله سمعته يقول يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب
قال وكنا نتحدث أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما فوق ذلك أو فما أكثر من ذلك
حدثنا فهد قال ثنا ابن الأصبهاني قال أنا شريك عن زكريا عن عبد الله بن خباب عن خالد بن
عرفطة قال سمعت خبابا يقرأ في الظهر والعصر إذا زلزلت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم
قال سمعت هشام بن إسماعيل عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال أبو الدرداء اقرؤا في الركعتين الأوليين من
الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الأخريين بفاتحة الكتاب
210

باب القراءة في صلاة المغرب
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ح
وحدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا مالك قال أخبرني الزهري عن ابن جبير
بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس قال أنا مالك وسفيان عن ابن شهاب
فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن سعيد بن إبراهيم قال حدثني بعض
إخوتي عن أبيه عن جبير بن مطعم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في بدر قال فانتهيت إليه وهو يصلي المغرب فقرأ
بالطور فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن وذلك قبل أن يسلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفا
فقال يا بني لقد ذكرتني قراءتك هذه السورة أنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري فذكر مثله بإسناده
حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا أبو زرعة قال أنا حياة قال أنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن
الزبير يقول أخبرني زيد بن ثابت أنه قال لمروان بن الحكم يا أبا عبد الملك ما يحملك أن تقرأ في صلاة المغرب
ب قل هو الله أحد وسورة أخرى صغيرة
قال زيد فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بأطول الطول وهي المص
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد بن عفير قال ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود فذكر مثله بإسناده
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن هشام عن أبيه أن مروان كان يقرأ في المغرب
بسورة يس
قال عروة قال زيد بن ثابت أو أبو زيد الأنصاري شك هشام لمروان وقال لم تقصر صلاة المغرب
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطوال الطوليين الأعراف
حدثنا فهد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن حميد عن أنس عن أم الفضل
211

بنت الحارث قالت صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته المغرب في ثوب واحد متوحشا به فقرأ والمرسلات
ما صلى بعدها صلاة حتى قبض
فزعم قوم أنهم يأخذون بهذه الآثار ويقلدونها
وخالفهم آخرون في قولهم فقالوا لا ينبغي أن يقرأ في المغرب إلا بقصار المفصل
وقالوا قد يجوز أن يكون يريد بقوله قرأ بالطور قرأ ببعضها وذلك جائز في اللغة يقال هذا فلان يقرأ القرآن
إذا كان يقرأ شيئا منه
ويحتمل قرأ بالطور قرأ بكلها
فنظرنا في ذلك هل روى فيه شئ يدل على أحد التأولين
فإذا صالح بن عبد الرحمن وابن أبي داود قد حدثنا قالا ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن الزهري
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قدمت المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر فانتهيت
إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ (إن عذاب ربك لواقع) فكأنما صدع قلبي فلما
فرغ كلمته فيهم فقال شيخ لو كان أتاني لشفعته يعني أباه مطعم بن عدي
فهذا هشيم قد روى هذا الحديث عن الزهري فبين القصة على وجهها وأخبر أن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم
(إن عذاب ربك لواقع)
فبين هذا أن قوله في الحديث الأول قرأ بالطور إنما هو ما سمعه يقرأ منها
وليس لفظ جبير إلا ما روي هشيم لأنه ساق القصة على وجهها
فصار ما حكى فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم هو قراءته (إن عذاب ربك لواقع) خاصة
وأما حديث مالك مختصر من هذا وكذلك قول زيد بن ثابت في قوله لمروان لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ
فيها بأطول الطول المص يجوز أن يكون ذلك على قراءته ببعضها
ومما يدل أيضا على صحة هذا التأويل: أن محمد بن خزيمة حدثنا قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنهم كانوا يصلون المغرب ثم ينتضلون
(حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا عبيد الله بن محمد وموسى بن إسماعيل قالا ثنا حماد قال أنا ثابت
عن أنس رضي الله عنه قال كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرمى أحدنا فيرى موضع نبله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد فذكر بإسناده مثله
212

حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سهل بن بكار قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود عن أبي عوانة وهشيم عن أبي بشر عن علي بن بلال قال صليت
مع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار فحدثوني أنهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم ينطلقون
يرتمون لا يخفى عليهم موقع سهامهم حتى يأتوا ديارهم وهم في أقصى المدينة في بني سلمة
حدثنا أحمد بن مسعود الخياط قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن بعض بني سلمة
أنهم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب ثم ينصرفون إلى أهلهم وهم يبصرون موقع النبل على قدر
ثلثي ميل
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن القعقاع بن حكيم عن جابر بن
عبد الله قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب ثم نأتي بني سلمة وإنا لنبصر مواقع النبل
فلما كان هذا وقت انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاة المغرب استحال أن يكون ذلك وقد قرأ فيها
الأعراف ولا نصفها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا شعبة عن محارب بن دثار عن جابر
بن عبد الله قال صلى معاذ بأصحابه المغرب فافتتح سورة البقرة أو النساء فصلى رجل ثم انصرف فبلغ ذلك
معاذا فقال إنه منافق فبلغ ذلك الرجل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاتن أنت يا معاذ قالها مرتين لو قرأت ب سبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها
فإنه يصلي خلفك ذو الحاجة والضعيف والصغير والكبير
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن
محارب بن دثار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن جابر قال هي العتمة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه قال
كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤمنا فأخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة فصلى معه معاذ بن
جبل ثم جاء ليؤمنا فافتتح سورة البقرة فلما رأى ذلك رجل من القوم تنحى ناحية فصلى وحده
فقلنا مالك يا فلان أنافقت قال ما نافقت ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن معاذا يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا وإنك أخرت العشاء البارحة فصلى
معك ثم جاء فتقدم ليؤمنا فافتتح سورة البقرة فلما رأيت ذلك تنحيت فصليت وحدي يا رسول الله إنما نحن
أصحاب نواضح إنما نعمل بأجزائنا أي بأعضائنا
213

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتان أنت يا معاذ مرتين اقرأ سورة كذا اقرأ سورة كذا السور قصار
من المفصل لا أحدها
فقلنا لعمرو إن أبا الزبير ثنا عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له اقرأ بسورة والليل إذا يغشى
والشمس وضحاها والسماء ذات البروج والسماء والطارق فقال عمرو بن دينار وهو نحو هذا
فقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ تثقيل قراءته بهم سورة البقرة فقال له أفتان أنت يا معاذ وأمره
بالسور التي ذكرنا من المفصل
فإن كانت تلك الصلاة هي صلاة المغرب فقد ضاد هذا الحديث حديث زيد بن ثابت وما ذكرنا معه في أول
هذا الباب
وإن كانت هي صلاة العشاء الآخرة فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ فيها بما ذكرنا مع سعة وقتها فإن صلاة
المغرب مع ضيق وقتها أحرى أن يكون تلك القراءة فيها مكروهة
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يقرأ به في صلاة العشاء الآخرة نحو من هذا
حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الخراساني قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال ثنا الحسين بن واقد عن
عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ب الشمس وضحاها وأشباهها
من السور
فإن قال قائل فهل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل
قيل له نعم حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر
رضي الله عنه عن عامر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالتين والزيتون
حدثنا يحيى بن إسماعيل أبو زكريا البغدادي قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب
قال ثنا الضحاك بن عثمان قال حدثني بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بقصار المفصل
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا أبو مصعب قال ثنا المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي عن الضحاك عن
بكير عن سليمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان
قال بكير فسألت سليمان وقد كان أدرك ذلك الرجل فقال كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا عثمان بن مكتل عن الضحاك ثم ذكر
بإسناده مثله
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه قد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في صلاة المغرب بقصار المفصل
214

فإن حملنا حديث جبير وما روينا معه من الآثار على ما حمله عليه المخالف لنا تضادت تلك الآثار وحديث
أبي هريرة هذا وإن حملناها على ما ذكرنا اتفقت هي وهذا الحديث
وأولى بنا أن نحمل الآثار على الاتفاق لا على التضاد
فثبت بما ذكرنا أن ما ينبغي أن يقرأ به في صلاة المغرب هو قصار المفصل وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى مثل ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثنا فهد قال ثنا ابن الأصبهاني قال أخبرنا
شريك عن علي بن زيد بن جدعان عن زرارة بن أوفى قال أقرأني أبو موسى كتاب عمر إليه اقرأ في المغرب
بآخر المفصل
باب القراءة خلف الإمام
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن
الربيع عن عبادة بن الصامت قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فتعايت عليه القراءة فلما سلم قال
أتقرأون خلفي قلنا نعم يا رسول الله قال فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد قال أنا محمد بن إسحاق قال ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير
عن أبيه عباد عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا يزيد بن زريع قال أنا محمد بن إسحاق فذكر
بإسناده مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن
زهرة يقول سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي
خداج غير تمام
فقلت يا أبا هريرة إني أكون أحيانا وراء الإمام قال اقرأها يا فارسي في نفسك
215

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب وسعيد بن عامر قالا ثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا أبو غسان قال ثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب إلى هذه الآثار قوم وأوجبوا بها القراءة خلف الإمام في سائر الصلوات بفاتحة الكتاب
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا نرى أن يقرأ خلف الامام في شئ من الصلوات بفاتحة الكتاب
ولا بغيرها
وكان من الحجة لهم عليهم في ذلك أن حديثي أبي هريرة رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها اللذين رووهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج
ليس في ذلك دليل على أنه أراد بذلك الصلاة التي تكون وراء الامام
قد يجوز أن يكون عني بذلك الصلاة التي لا إمام فيها للمصلى وأخرج من ذلك المأموم بقوله من كان له إمام
فقراءة الامام قراءة له
فجعل المأموم في حكم من يقرأ بقراءة إمامه فكان المأموم بذلك خارجا من قوله كل من صلى صلاة فلم يقرأ
فيها بفاتحة الكتاب فصلاته خداج
وقد رأينا أبا الدرداء قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك مثل هذا فلم يكن ذلك عنده على المأموم
حدثنا بحر بن نصر قال ثنا عبد الله بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح ح
وحدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية بن صالح
عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء أن رجلا قال يا رسول الله في كل الصلاة قرآن قال
نعم فقال رجل من الأنصار وجبت
قال وقال أبو الدرداء أرى أن الامام إذا أم القوم فقد كفاهم
فهذا أبو الدرداء قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في كل الصلاة قرآن فقال رجل من الأنصار وجبت فلم ينكر
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول الأنصار
ثم قال أبو الدرداء بعد من رأيه ما قال وكان ذلك عنده على من يصلي وحده وعلى الامام لا على المأمومين
فقد خالف ذلك رأي أبي هريرة رضي الله عنه أن ذلك على المأموم مع الامام وانتفى بذلك أن يكون في ذلك
حجة لأحد الفريقين على صاحبه
وأما حديث عبادة فقد بين الامر وأخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر المأمومين بالقراءة خلفه بفاتحة الكتاب
فأردنا أن ننظر ها ضاد ذلك غيره أم لا
216

فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال هل قرأ منكم معي أحد آنفا فقال
رجل نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أقول مالي أنازع القرآن
قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات حين
سمعوا ذلك منه
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي عن الأوزاعي قال حدثني الزهري عن سعيد عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه غير أنه قال فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرؤون
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحسين بن عبد الأول الأحول قال ثنا أبو خالد سليمان بن حيان قال ثنا ابن
عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنما جعل
الامام ليؤتم به فإذا قرأ فأنصتوا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال كان يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال خلطتم علي القراءة
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي عبد الله بن وهب قال أخبرني الليث عن يعقوب عن النعمان عن
موسي بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له إمام فقراءة
الامام له قراءة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن
شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يذكر جابرا
وإذا أبو بكرة حدثنا قال ثنا أبو أحمد قال ثنا إسرائيل عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد
عن رجل من أهل البصرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا أبو أمية قال ثنا إسحاق بن منصور السلولي قال ثنا الحسن بن صالح عن جابر وليث عن
أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن داود وفهد قالا ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا الحسن بن صالح عن جابر يعني
الجعفي عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
217

وحدثنا فهد قال ثنا أحمد بن حي عن جابر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
حدثنا بحر بن نصر قال ثنا يحيى بن سلام قال ثنا مالك عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى ركعة فلم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الامام
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن وهب بن كيسان عن جابر مثله ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا فهد قال ثنا إسماعيل بن موسى بن ابنة السدي قال ثنا مالك فذكر مثله بإسناده قال فقلت
لمالك ارفعه فقال خذوا برجله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن قلابة
عن أنس رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل بوجهه فقال أتقرأون والإمام يقرأ فسكتوا فسألهم
ثلاثا فقالوا إنا لنفعل قال فلا تفعلوا
قال أبو جعفر فقد بينا بما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما روى عبادة
فلما اختلفت هذه الآثار المروية في ذلك التمسنا حكمه من طريق النظر فرأيناهم جميعا لا يختلفون في الرجل
يأتي الامام وهو راكع أنه يكبر ويركع معه ويعتد تلك الركعة وإن لم يقرأ فيها شيئا
فلما أجزاه ذلك في حال خوفه فوت الركعة احتمل أن يكون إنما أجزأه ذلك لمكان الضرورة واحتمل
أن يكون إنما أجزأه ذلك لان القراءة خلف الإمام ليست عليه فرضا
فاعتبرنا ذلك فرأيناهم لا يختلفون أن من جاء إلى الامام وهو راكع فركع قبل أن يدخل في الصلاة
بتكبير كان منه إن ذلك لا يجزئه وإن كان إنما تركه لحال الضرورة وخوف فوات الركعة فكان لا بد له من
قومه في حال الضرورة وخوف فوات الركعة فكان لا بد له من قومه في حال الضرورة وغير حال الضرورة
فهذه صفات الفرائض التي لا بد منها في الصلاة ولا تجزئ الصلاة إلا بإصابتها
فلما كانت القراءة مخالفة لذلك وساقطة في حال الضرورة كانت من غير جنس ذلك
فكانت في النظر أنها ساقطة في غير حالة الضرورة
فهذا هو النظر في هذا وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
فإن قال قائل فقد روى عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقرؤون خلف الامام ويأمرون بذلك
فذكر ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا أبو إسحاق الشيباني
عن جواب بن عبيد الله التيمي قال ثنا يزيد بن شريك أبو إبراهيم التيمي أنه قال سألت عمر بن الخطاب
رضي الله عنه عن القراءة خلف الإمام فقال لي اقرأ
218

فقلت وإن كنت خلفك قال وإن كنت خلفي قلت وإن قرأت قال وإن قرأت
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا أبو بشر عن مجاهد قال سمعت عبد الله بن عمرو
يقرأ خلف الامام في صلاة الظهر من سورة مريم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن حصين قال سمعت مجاهدا يقول صليت مع عبد الله
بن عمرو الظهر والعصر فكان يقرأ خلف الامام
قيل له قد روى هذا عمن ذكرتم وقد روى عن غيرهم بخلاف ذلك
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال سمعت محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ومر على دار بن الأصبهاني قال
حدثني صاحب هذه الدار وكان قد قرأ على أبي عبد الرحمن عن المختار بن عبد الله بن أبي ليلى قال قال علي
رضي الله عنه من قرأ خلف الامام فليس على الفطرة
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب قال ثنا وهيب بن خالد عن منصور بن المعتمر عن أبي وائل
عن ابن مسعود قال انصت للقراءة فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذلك الامام
حدثنا مبشر بن الحسن قال ثنا أبو عاصم وأبو جابر أنا أشك عن شعبة عن منصور عن
أبي وائل عن عبد الله مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن منصور عن أبي وائل
عن ابن مسعود نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود قال ليت الذي يقرأ خلف الامام ملئ فوه ترابا
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن الزبير عن إبراهيم عن علقمة نحوه
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني حياة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبيد الله
بن مقسم أنه سأل عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله فقالوا لا تقرؤوا خلف الامام
في شئ من الصلوات
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني مخرمة عن أبيه عن عبيد الله بن مقسم قال سمعت جابر
بن عبد الله ثم ذكر الحديث مثل ذلك
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن
عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت سمعه يقول لا تقرأ خلف الامام في شئ من الصلوات
219

حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير عن يزيد بن قسيط عن عطاء بن يسار
عن زيد مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو صالح الحراني قال ثنا حماد بن سلمة عن أبي حمزة قال قلت
لابن عباس أقرأ والامام بين يدي فقال لا
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل هل يقرأ
أحد خلف الامام يقول إذا صلى أحدكم خلف الامام فحسبه قراءة الإمام وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ
خلف الامام
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال
يكفيك قراءة الإمام
فهؤلاء جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجمعوا على ترك القراءة خلف الإمام
وقد وافقهم على ذلك ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قدمنا ذكره وشهد لهم النظر بما قد ذكرنا
فذلك أولى مما خالفه
باب الخفض في الصلاة هل فيه تكبير
حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا أبو خيثمة قال ثنا يحيى بن حماد عن شعبة عن الحسن عن ابن عمران
عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يتم التكبير
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن مرزوق قال ثنا شعبة فذكر مثله بإسناده
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فكانوا لا يكبرون في الصلاة إذا خفضوا ويكبرون إذا رفعوا وكذلك
كانت بنو أمية تفعل ذلك
وخالفهم في ذلك آخرون فكبروا في الخفض والرفع جميعا وذهبوا في ذلك إلى ما تواترت به الآثار عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن
بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن عبد الله قال أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل وضع ورفع
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع عن زهير فذكر مثله بإسناده قال ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله
عنهما يفعلان ذلك
220

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا عطاء بن السائب قال حدثني سالم البراد
قال وكان عندي أوثق من نفسي قال قال أبو مسعود البدري ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا
أربع ركعات يكبر فيهن كلما خفض ورفع وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد العزيز بن المختار قال ثنا عبد الله الداناج قال ثنا عكرمة قال
صلى بنا أبو هريرة رضي الله عنه فكان يكبر إذا رفع وإذا وضع
فأتيت بن عباس رضي الله عنه فأخبرته بذلك فقال أوليس ذلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أخبرنا أبو بشر عن عكرمة مثله ولم
يذكر أبا هريرة رضي الله عنه
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال قال
أبو موسى الأشعر يذكرنا علي رضي الله عنه صلاة كنا نصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم إما نسيناها وإما تركناها عمدا
يكبر كلما خفض وكلما رفع وكلما سجد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله
الرقاشي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كبر الامام وسجد فكبروا واسجدوا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال ثنى يحيى بن سعيد عن سفيان قال
حدثني عبد الرحمن الأصم قال سمعت أنسا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنه عنهما يتمون
التكبير يكبرون إذا سجدوا وإذا رفعوا وإذا قاموا من الركعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم وأبو حذيفة عن سفيان عن عبد الرحمن الأصم فذكر بإسناده مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله
عنه كان يصلي لهم المكتوبة فيكبر كلما خفض ورفع
فإذا انصرف قال والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا أبي قال سمعت النعمان يحدث عن الزهري عن أبي سلمة
وأبي بكر بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يصلي بهم المكتوبة فذكر مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة
رضي الله عنه نحوه
221

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر كلما سجد ورفع
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي قال حدثني يحيى أن أبا سلمة قال
رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع
فقلت يا أبا هريرة ما هذه الصلاة فقال إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكانت هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير في كل خفض ورفع أظهر من حديث
عبد الرحمن بن أبزي وأكثر تواترا
وقد عمل بها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلي وتواتر بها العمل إلى يومنا هذا
لا ينكر ذلك منكر ولا يدفعه دافع
ثم النظر يشهد له أيضا وذلك أنا رأينا الدخول في الصلاة يكون بالتكبير ثم الخروج من الركوع والسجود
يكونان أيضا بتكبير
وكذلك القيام من القعود يكون أيضا بتكبير
فكان ما ذكرنا من تغير الأحوال من حال إلى حال قد أجمع أن فيه تكبيرا
فكان النظر على ذلك أن يكون تغير الأحوال أيضا من القيام إلى الركوع وإلى السجود فيه أيضا تكبير قياسا
على ما ذكرنا من ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب التكبير للركوع والتكبير للسجود والرفع من الركوع
هل مع ذلك رفع أم لا
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن
عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا
قضى قراءته إذا أراد أن يركع ويصنعه إذا فرغ ورفع من الركوع ولا يرفع يديه في شئ من صلاته وهو قاعد
وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع
يديه حتى يحاذي بهما منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع ولا يرفع بين السجدتين
222

حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا كبر للركوع وإذا رفع من الركوع رفعهما كذلك وقال
سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد وكان لا يفعل ذلك بين السجدتين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك رضي الله عنه فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد عن جابر قال رأيت سالم بن
عبد الله رفع يديه حذاء منكبيه في الصلاة ثلث مرار حين افتتح الصلاة وحين ركع وحين رفع رأسه
قال جابر فسألت سالما عن ذلك فقال سالم رأيت بن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك وقال بن عمر
رضي الله عنهما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عبد الحميد بن جعفر قال ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال
سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة قال قال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة
النبي صلى الله عليه وسلم
قالوا لم فوالله ما كنت أكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له صحبة فقال بلى فقالوا فاعرض
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر ثم يقرأ ثم يكبر
فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ثم يرفع رأسه فيقول سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه ثم يقول الله أكبر يهوى إلى الأرض فإذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي
بهما منكبيه ثم صنع مثل ذلك في بقية صلاته
قال فقالوا جميعا صدقت هكذا كان يصلى
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل قال اجتمع
أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام رفع يديه ثم رفع يديه
حين يكبر للركوع فإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن
وائل بن حجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يكبر للصلاة وحين يرفع رأسه من الركوع يرفع يديه
حيال أذنيه
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن عاصم فذكر بإسناده مثله
223

حدثنا محمد بن عمر قال ثنا عبد الله بن نمير عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك
بن الحويرث قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وإذا رفع رأسه من ركوعه يرفع يديه حتى يحاذي بهما
فوق أذنيه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا إسماعيل بن عياش عن صالح بن كيسان عن الأعرج
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وحين يركع وحين يسجد
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فأوجبوا الرفع عند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند النهوض
إلى القيام من القعود في الصلاة كلها
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا نرى الرفع إلا في التكبيرة الأولى
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان قال ثنا يزيد بن أبي زياد عن ابن
أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى يكون
إبهاماه قريبا من شحمتي أذنيه ثم لا يعود
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن عون قال أنا خالد عن ابن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن عن
أبيه عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا وكيع عن ابن أبي ليلي عن أخيه وعن الحكم
عن ابن أبي ليلى عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن كليب عن
عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم
لا يعود
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا وكيع عن سفيان فذكر مثله بإسناده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن المغيرة قال قلت لإبراهيم حديث وائل أنه رأى
النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع
فقال إن كان وائل رآه مرة يفعل ذلك فقد رآه عبد الله خمسين مرة لا يفعل ذلك
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا خالد بن عبد الله قال ثنا حصين عن عمرو بن مرة قال
دخلت مسجد حضرموت فإذا علقمة بن وائل يحدث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه قبل
الركوع وبعده
224

فذكرت ذلك لإبراهيم فغضب وقال رآه هو ولم يره بن مسعود رضي الله عنه ولا أصحابه
فكان هذا مما احتج به أهل هذا القول لقولهم مما رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم
فكان من حجة مخالفهم عليهم في ذلك أن قال ما روينا نحن بتواتر الآثار وصحة أسانيدها واستقامتها
فقولنا أولى من قولكم
فكان من الحجة عليهم في ذلك ما سنبينه إن شاء الله تعالى
أما ما روى في ذلك عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بن أبي الزناد الذي بدأنا بذكره في أول
هذا الباب
فإن أبا بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو أحمد قال ثنا أبو بكر النهشلي قال ثنا عاصم بن كليب عن أبيه
أن عليا رضي الله عنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر النهشلي عن عاصم عن أبيه وكان
من أصحاب علي رضي الله عنه عن علي مثله
فحديث عاصم بن كليب هذا قد دل أن حديث بن أبي الزناد على أحد وجهين
إما أن يكون في نفسه سقيما أو لا يكون فيه ذكر الرفع أصلا كما قد رواه غيره فإن بن خزيمة قد حدثنا قال
ثنا عبد الله بن رجاء ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح والوهبي قالوا أنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله
بن الفضل
فذكروا مثل حديث بن أبي الزناد في إسناده ومتنه ولم يذكروا الرفع في شئ من ذلك
فإن كان هذا هو المحفوظ وحديث بن أبي الزناد خطأ فقد ارتفع بذلك أن يجب لكم بحديث خطأ حجة
وإن كان ما روى بن أبي الزناد صحيحا لأنه زاد على ما روى غيره فإن عليا لم يكن ليرى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع
ثم يترك هو الرفع بعده إلا وقد ثبت عنده نسخ الرفع
فحديث علي رضي الله عنه إذا صح ففيه أكثر الحجة لقول من لا يرى الرفع
وأما حديث بن عمر رضي الله عنهما فإنه قد روى عنه ما ذكرنا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى عنه من
فعله بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال صليت
خلف بن عمر رضي الله عنهما فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة
فهذا بن عمر قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثم قد ترك هو الرفع بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده
نسخ ما قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله وقامت الحجة عليه بذلك
فإن قال قائل هذا حديث منكر قيل له وما دلك على ذلك فلن تجد إلى ذلك سبيلا
225

فإن قال فإن طاوسا قد ذكر أنه رأى بن عمر يفعل ما يوافق ما روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك
قيل لهم فقد ذكر ذلك طاوس وقد خالفه مجاهد
فقد يجوز أن يكون بن عمر فعل ما رآه طاوس يفعله قبل أن نقوم عنده الحجة بنسخه ثم قامت عنده
الحجة بنسخه فتركه وفعل ما ذكره عنه مجاهد
هكذا ينبغي أن يحمل ما روى عنهم وينفي عنه الوهم حتى يتحقق ذلك وإلا سقط أكثر الروايات
وأما حديث وائل فقد ضاده إبراهيم بما ذكر عن عبد الله أنه لم يكن رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما ذكر
فعبد الله أقدم صحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأفهم بأفعاله من وائل قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون
ليحفظوا عنه
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن بكر قال ثنا حميد عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن بكر فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر وقال صلى الله عليه وسلم ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى
كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة قال أخبرني سليمان قال سمعت
عمارة بن عمير يحدث عن أبي معمر عن أبي مسعود الأنصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليليني
منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
وكما حدثانا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن أبي حمزة عن إياس
بن قتادة عن قيس بن عباد قال قال لي أبي بن كعب قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كونوا في الصف الذي يليني
قال أبو جعفر فعبد الله من أولئك الذين كانوا يقربون من النبي صلى الله عليه وسلم ليعلموا أفعاله في الصلاة كيف
هي
ليعلموا الناس ذلك
فما حكوا من ذلك فهو أولى مما جاء به من كان أبعد منه منهم في الصلاة
فإن قالوا ما ذكرتموه عن إبراهيم عن عبد الله غير متصل
قيل لهم كان إبراهيم إذا أرسل عن عبد الله لم يرسله إلا بعد صحته عنده وتواتر الرواية عن عبد الله
قد قال له الأعمش إذا حدثتني فأسند
فقال إذا قلت لك قال عبد الله فلم أقل ذلك حتى حدثنيه جماعة عن عبد الله وإذا قلت حدثني فلان عن
عبد الله فهو الذي حدثني
226

حدثنا بذلك إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب أو بشر بن عمر شك أبو جعفر عن شعبة عن
الأعمش بذلك
قال أبو جعفر فأخبر أن ما أرسله عن عبد الله فمخرجه عنده أصح من مخرج ما ذكره عن رجل بعينه عن
عبد الله فكذلك هذا الذي أرسله عن عبد الله لم يرسله إلا ومخرجه عنده أصح من مخرج ما يرويه عن رجل بعينه
عن عبد الله
ومع ذلك فقد رويناه متصلا في حديث عبد الرحمن بن الأسود وكذلك كان عبد الله يفعل في سائر صلاته
كما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو الأحوص عن حصين عن إبراهيم قال
كان عبد الله لا يرفع يديه في شئ من الصلاة إلا في الافتتاح
وقد روى مثل ذلك أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحماني
قال ثنا يحيى بن آدم عن الحسن بن عياش عن عبد الملك بن أبحر عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن
الأسود قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود قال ورأيت إبراهيم
والشعبي يفعلان ذلك
قال أبو جعفر فهذا عمر رضي الله عنه لم يكن يرفع يديه أيضا إلا في التكبيرة الأولى في هذا الحديث وهو
حديث صحيح لان الحسن بن عياش وإن كان هذا الحديث إنما دار عليه فإنه ثقة حجة قد ذكر ذلك يحيى
بن معين وغيره
أفترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خفي عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والسجود وعلم بذلك م
ن دونه ومن هو معه يراه يفعل غير ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ثم لا ينكر ذلك عليه هذا عندنا محال
وفعل عمر رضي الله عنه هذا وترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه علي ذلك دليل صحيح أن ذلك هو الحق الذي
لا ينبغي لأحد خلافه
وأما ما رووه عن أبي هريرة رضي الله عنه من ذلك فإنما هو من حديث إسماعيل بن عياش عن صالح
بن كيسان
وهم لا يجعلون إسماعيل فيما روى عن غير الشاميين حجة فكيف يحتجون على خصمهم بما لو احتج بمثله
عليهم لم يسوغوه إياه
وأما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فهم يزعمون أنه خطأ وأنه لم يرفعه أحد إلا عبد الوهاب الثقفي
خاصة والحفاظ يوقفونه على أنس رضي الله عنه
وأما حديث عبد الحميد بن جعفر فإنهم يضعفون عبد الحميد فلا يقيمون به حجة فكيف يحتجون به في مثل هذا
227

ومع ذلك فإن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع ذلك الحديث من أبي حميد ولا ممن ذكر معه في ذلك الحديث
بينهما رجل مجهول قد ذكر ذلك العطاف بن خالد عنه عن رجل وأنا ذاكر ذلك في باب الجلوس في الصلاة
إن شاء الله تعالى
وحديث أبي عاصم عن عبد الحميد هذا ففيه فقالوا جميعا صدقت فليس يقول ذلك أحد غير أبي عاصم
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى قال ثنا هشيم ح
وحدثنا ابن أبي عمران قال ثنا القواريري قال ثنا يحيى بن سعيد قالا ثنا عبد الحميد فذكراه بإسناده
ولم يقولا فقالوا جميعا صدقت وهكذا رواه غير عبد الحميد
وقد ذكرنا في باب الجلوس في الصلاة
فما نرى كشف هذه الآثار يوجب لما وقف على حقائقها وكشف مخارجها إلا ترك الرفع في الركوع
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
قال أبو جعفر فما أردت بشئ من ذلك تضعيف أحد من أهل العلم وما هكذا مذهبي ولكني أردت بيان
ظلم الخصم لنا
وأما وجه هذا الباب من طريق النظر فإنهم قد أجمعوا أن التكبيرة الأولى معها رفع والتكبيرة بين
السجدتين لا رفع معها
واختلفوا في تكبيرة النهوض وتكبيرة الركوع
فقال قوم حكمها حكم تكبيرة الافتتاح وفيهما الرفع كما فيها الرفع
وقال آخرون حكمها حكم التكبيرة بين السجدتين ولا رفع فيهما كما لا رفع فيها
وقد رأينا تكبيرة الافتتاح من صلب الصلاة لا تجزئ الصلاة إلا بإصابتها ورأينا التكبيرة بين السجدتين
ليست كذلك لأنه لو تركها تارك لم تفسد عليه صلاته
ورأينا تكبيرة الركوع وتكبيرة النهوض ليستا من صلب الصلاة لأنه لو تركها تارك لم تفسد عليه صلاته
وهما من سننها
فلما كانت من سنة الصلاة كما أن التكبيرة بين السجدتين من سنة الصلاة كانتا كهي في أن لا رفع فيهما
كما لا رفع فيها
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
ولقد حدثني بن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش قال ما رأيت فقيها قط
يفعله يرفع يديه في غير التكبيرة الأولى
228

باب التطبيق في الركوع
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة
والأسود أنهما دخلا على عبد الله فقال أصلى هؤلاء خلفكم فقالا نعم
فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا فطبق
ثم طبق بيديه فجعلهما بين فخذيه
فلما صلى قال هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا علي قال ثنا عبيد الله قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن
علقمة والأسود أنهما كانا مع عبد الله ثم ذكر نحوه
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن
الأسود قال دخلت أنا وعلقمة على عبد الله فقال أصلى هؤلاء خلفكم فقلنا نعم قال فصلوا
فصلى بنا فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة فقمنا خلفه فقدمنا فقام أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فلما
ركع وضع يديه بين رجليه وحنا قال وضرب يدي على ركبتي وقال هكذا وأشار بيده
فلما صلى قال إذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعا وإذا كنتم أكثر من ذلك فقدموا أحدكم فإذا ركع أحدكم هكذا
وطبق يديه ثم ليفرش ذراعيه بين فخذيه فكأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا واحتجوا بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ينبغي له إذا ركع أن يضع يديه على ركبتيه شبه القابض عليهما ويفرق
بين أصابعه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا بشر بن عمر وحيان بن هلال قالا ثنا شعبة قال
أخبرني أبو حصين عن أبي عبد الرحمن قال قال عمر أمسوا فقد سنت لكم الركب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا عطاء بن السائب قال ثنا سالم البراد قال
وكان عندي أوثق من نفسي قال قال لنا أبو مسعود البدري ألا أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا
طويلا قال ثم ركع فوضع كفيه على ركبتيه وفصلت أصابعه على ساقيه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل قال اجتمع
أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فيما يظن بن مرزوق فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
229

فقال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الحميد بن جعفر قال ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال سمعت أبا حميد الساعدي
في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة فذكر مثله
قال فقالوا جميعا صدقت
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن عاصم بن كليب عن
أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وضع يديه على ركبتيه
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو زرعة قال أنا حياة قال سمعت بن عجلان يحدث من سمى عن
أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال اشتكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم التفرج في الصلاة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم استعينوا بالركب
فكانت هذه الآثار معارضة للأثر الأول ومعها من التواتر ما ليس معه فأردنا أن ننظر هل في شئ من هذه
الآثار ما يدل على نسخ أحد الامرين بصاحبه
فاعتبرنا ذلك فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا شعبة عن أبي يعفور
قال سمعت مصعب بن سعد يقول صليت إلى جنب أبي فجعلت يدي بين ركبتي فضرب يدي فقال يا بني إنا
كنا نفعل هذا فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا أبو عوانة عن أبي يعفور فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحاق عن مصعب بن
سعد قال صليت مع سعد فلما أردت الركوع طبقت فنهاني عنه وقال كنا نفعله حتى نهى عنه
فقد ثبت بما ذكرنا نسخ التطبيق وأنه كان متقدما لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من وضع اليدين على الركبتين
ثم التمسنا حكم ذلك من طريق النظر كيف هو فرأينا التطبيق فيه التقاء اليدين ورأينا وضع اليدين على
الركبتين فيه تفريقهما
فأردنا أن ننظر في حكم أشكال ذلك في الصلاة كيف هو
فرأينا السنة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتجافي في الركوع والسجود واجمع المسلمون على ذلك فكان ذلك من
تفريق الأعضاء وكمن قام في الصلاة أمر أن يراوح بين قدميه وقد روى ذلك عن ابن مسعود وهو الذي
روي التطبيق
فلما رأينا تفريق الأعضاء في هذا بعضها من بعض أولى من إلصاق بعضها ببعض واختلفوا في إلصاقها
230

وتفريقها في الركوع كان النظر على ذلك أن يكون ما اختلفوا فيه من ذلك معطوفا على ما أجمعوا عليه منه فيكون كما
كان التفريق فيما ذكرنا أفضل يكون في سائر الأعضاء كذلك
وقد روى التجافي في السجود ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق
عن التيمي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يرى بياض إبطيه
حدثنا أبو أمية قال ثنا كثير بن هشام وأبو نعيم قالا ثنا جعفر بن برقان قال حدثني يزيد بن الأصم
عن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى من خلفه وضح إبطيه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن الصياح قال ثنا إسماعيل بن زكريا عن جعفر بن برقان وعبد الله بن
عبد الله بن الأصم عن يزيد بن الأصم عن ميمونة بنحوه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن بحر قال ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن منصور عن سالم
بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه
أو حتى أرى
بياض إبطيه
حدثنا أبو أمية قال ثنا يحيى بن إسحاق قال ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة قال حدثني
أبو الهيثم قال سمعت أبا سعيد يقول كأني أنظر إلى بياض كشحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد
حدثنا أبو أمية قال ثنا يحيى الحماني قال ثنا شريك عن أبي إسحاق قال رأيت البراء إذا سجد
خوى ورفع عجيزته وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو صالح قال حدثني يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة عن
عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن بحينة أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد فرج بين ذراعيه وبين
جنبيه حتى يرى بياض إبطيه
حدثنا يونس قال أخبرني عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الكعبي
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي إلى عفرة إبطيه يعني بياض إبطيه وهو ساجد
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا ابن أبي مريم قال أخبرني نافع عن يزيد قال أخبرني خالد بن يزيد
عن عبيد الله بن المغيرة عن أبي الهيثم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال كأني أنظر إلى بياض كشحي
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد
231

حدثنا محمد بن علي بن داود قال ثنا أبو نعيم وعفان قالا ثنا عباد بن راشد قال ثنا الحسن قال
حدثني أحمر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كنا لنأوى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجافي يديه عن جنبيه إذا سجد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم وأبو عامر عن عباد بن ميسرة عن الحسن قال أخبرني أحمر
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
فلما كانت السنة فيما ذكرنا تفريق الأعضاء لا إلصاقها كانت فيما ذكرنا أيضا كذلك
فثبت بثبوت النسخ الذي ذكرنا وبالنسخ الذي وصفنا انتفاء التطبيق ووجوب وضع اليدين على الركبتين
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل منه
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد عن عون
بن عبد الله عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا قال أحدكم في ركوعه سبحان ربي العظيم
ثلاثا فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا قال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا فقد تم سجوده وذلك أدناه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا مقدار الركوع والسجود الذي لا يجزئ أقل من هذا واحتجوا في
ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا مقدار الركوع أن يركع حتى يستوي راكعا ومقدار السجود أن يسجد حتى
يطمئن ساجدا فهذا مقدار الركوع والسجود الذي لا بد منه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال ثنا سليمان بن بلال قال
حدثني شريك بن أبي نمر عن علي بن يحيى عن عمه رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في المسجد
فدخل رجل فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فقال له إذا قمت في صلاتك فكبر ثم أقرأ إن كان معك قرآن
فإن لم يكن معك قرآن فاحمد الله وكبر وهلل ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم قم حتى تعتدل قائما ثم اسجد
حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك وما أنقصت من ذلك فإنما
تنقص من صلاتك
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري عن يحيى بن علي بن خلاد
الزرقي عن أبيه عن جده رفاعة بن رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
232

حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر قال حدثني سعيد
بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين بالفرض الذي لا بد منه ولا تتم الصلاة إلا به
فعلمنا أن ما سوى ذلك إنما أريد به أنه أدنى ما يبتغى به الفضل وإن كان ذلك الحديث الذي ذلك فيه منقطعا
عنه غير مكاف لهذين الحديثين في إسنادهما وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب ما ينبغي أن يقال في الركوع والسجود
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن
الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول وهو راكع اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي
وعظمي وعصبي لله رب العالمين
ويقول في سجوده اللهم لك سجدت ولك أسلمت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره
تبارك الله أحسن الخالقين
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي وعبد الله بن صالح قالوا أنا عبد العزيز بن الماجشون عن الماجشون
وعبد الله بن الفضل عن الأعرج فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو أمية قال ثنا روح بن عبادة عن ابن جريج قال أخبرني موسى بن عقبة عن عبد الله بن
الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع
قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وما استقلت
به قدمي لله رب العالمين
حدثنا أحمد بن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال أنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق
عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيت أن أقرأ وأنا راكع أو ساجد
فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم
حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي قال سمعت بن عيينة يقول حدثنا سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن
233

عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف
خلف أبي بكر ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك
وأتوب إليك فاغفر لي إنك أنت التواب
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير وبشر بن عمر ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قالوا حدثنا شعبة عن منصور فذكروا بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا محمد بن عبد الله الكناسي قال ثنا سفيان عن منصور فذكر بإسناده مثله
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف عن
عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن قتادة فذكر بإسناده مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة
رضي الله عنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه أتى جاريته فالتمسته بيدي فوقعت يدي على صدور
قدميه وهو ساجد يقول اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ بك منك
لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا بن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن
إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة رضي الله عنها قالت ثم ذكر مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني عمارة بن غزية
قال سمعت أبا النضر يقول سمعت عروة يقول قالت عائشة رضي الله عنها فذكر مثله إلا أنه لم يذكر قوله
لا أحصى ثناء عليك وزاد أثني عليك لا أبلغ كما فيك
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن سمي مولى أبي بكر
عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده اللهم أغفر لي ذنبي كله
دقه وجله أوله وآخره وعلانيته وسره
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا أبو صالح قال حدثني يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن سمي
مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أقرب ما يكون العبد
إلى الله عز وجل وهو ساجد فأكثروا الدعاء
234

قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار أنه لا بأس أن يدعو الرجل في ركوعه وسجوده بما أحب وليس
في ذلك عندهم شئ موقت واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا ينبغي له أن يزيد في ركوعه على سبحان ربي العظيم يرددها ما أحب
ولا ينبغي له أن ينقص في ذلك من ثلاث مرات ولا ينبغي له أن يزيد في سجوده على سبحان ربي الأعلى يرددها
ما أحب ولا ينبغي له أن ينقص ذلك من ثلاث مرات
واحتجوا في ذلك بما حدثنا عبد الرحمن بن الجارود قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا موسى
بن أيوب عن عمه إياس بن عامر الغافقي عن عقبة بن عامر الجهني قال لما نزلت (فسبح باسم ربك
العظيم) قال النبي صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم ولما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال النبي صلى الله عليه وسلم
اجعلوها في سجودكم
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال ثنا عمي قال حدثني موسى بن أيوب فذكر بإسناده مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا يحيى بن أيوب قال ثنا موسى بن
أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذكر مثله
وكان من الحجة لهم أيضا في ذلك أنه يجوز أن يكون ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم في الآثار الأول إنما كان
قبل نزول الآيتين اللتين ذكرنا في حديث عقبة
فلما نزلتا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بما أمرهم به من ذلك فكان أمره ناسخا لما تقدم من فعله
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قد كان يقول في ركوعه وسجوده ما أمر به في حديث عقبة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر وبشر بن عمر قالا ثنا شعبة عن سليمان الأعمش عن سعد
بن عبيدة عن المستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقول في
ركوعه سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا سحيم الحراني قال ثنا حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي عن صلة عن
حذيفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا
فهذا أيضا قد دل على ما ذكرنا من وقوفه على دعاء بعينه في الركوع والسجود
وقال آخرون أما الركوع فلا يزاد فيه على تعظيم الرب عز وجل وأما السجود فيجتهد فيه في الدعاء
واحتجوا في ذلك بحديثي علي رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنهما اللذين ذكرناهما في الفصل الأول
فكان من الحجة عليهم في ذلك أنهم قد جعلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم أما الركوع فعظموا فيه الرب ناسخا لما
تقدم من أفعاله قبل ذلك في الأحاديث الأول
فيحتمل أن يكون أمرهم بالتعظيم في الركوع قبل أن ينزل عليه (فسبح باسم ربك العظيم) ويجهدهم بالدعاء في
السجود بما أحبوا قبل أن ينزل عليه (سبح اسم ربك الأعلى) فلما نزل ذلك عليه أمرهم بأن ينتهوا إليه في سجودهم
235

على ما في حديث عقبة ولا يزيدون عليه فصار ذلك ناسخا لما قد تقدم منه قبل ذلك كما كان الذي أمرهم به في
الركوع عند نزول (فسبح باسم ربك العظيم) ناسخا لما قد كان منه قبل ذلك
فإن قال قائل إنما كان ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بقرب وفاته لان في حديث بن عباس رضي الله عنهما كشف
رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر
قيل له فهل في هذا الحديث أن تلك الصلاة التي توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبها أو أن تلك المرضة هي مرضته
التي توفى فيها ليس في الحديث من هذا شئ
وقد يجوز أن يكون هي الصلاة التي توفى بعقبها ويجوز أن تكون صلاة غيرها قد صح بعدها
فإن كانت تلك هي الصلاة التي توفى بعدها فقد يجوز أن يكون سبح اسم ربك الأعلى أنزلت عليه بعد
ذلك قبل وفاته
وإن كانت تلك الصلاة متقدمة لذلك فهي أحرى أن يجوز أن يكون بعدها ما ذكرنا
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد رأينا مواضع في الصلاة فيها ذكر
فمن ذلك التكبير للدخول في الصلاة ومن ذلك التكبير للركوع والسجود والقيام من القعود
فكان ذلك التكبير تكبيرا قد وقف العباد عليه وعلموه ولم يجعل لهم أن يجاوزوه إلى غيره
ومن ذلك ما يشهدون به في القعود فقد علموه ووقفوا عليه ولم يجعل لهم أن يأتوا مكانه بذكر غيره لان
رجلا لو قال مكان قوله الله أكبر الله أعظم أو الله أجل كان في ذلك مسيئا
ولو تشهد رجل بلفظ يخالف لفظ التشهد الذي جاءت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كان في ذلك مسيئا
وكان بعد فراغه من التشهد الأخير قد أبيح له من الدعاء ما أحب فقيل له فيما روى بن مسعود رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم ثم ليختر من الدعاء ما أحب
فكان قد وقف في كل ذكر على ذكر بعينه ولم يجعل مجاوزته إلى ما أحب إلا ما قد وقف عليه من ذلك وإن
استوى ذلك في المعنى
236

فلما كان في الركوع والسجود قد أجمع على أن فيهما ذكرا ولم يجمع على أنه أبيح له فيهما كل الذكر كان
النظر على ذلك أن يكون ذلك الذكر كسائر الذكر في صلاته من تكبيره وتشهده وقوله سمع الله لمن حمده
وقول المأموم ربنا ولك الحمد فيكون ذلك قولا خاصا لا ينبغي لا حد مجاوزته إلى غيره كما لا ينبغي له في سائر
الذكر الذي في الصلاة ولا يكون له مجاوزته ذلك إلى غيره إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك
فثبت بذلك قول الذين وقتوا في ذلك ذكرا خاصا وهم الذين ذهبوا إلى حديث عقبة على ما فصل فيه من
القول في الركوع والسجود
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
فإن قال قائل وأين جعل المصلى أن يقول بعد التشهد ما أحب
قيل له في حديث بن مسعود حدثنا بذلك أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن
سليمان عن شقيق عن عبد الله قال كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا في الصلاة السلام على الله وعلى ع
باده السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله هو السلام فلا تقولوا هكذا ولكن قولوا فذكروا التشهد على ما ذكرناه
في غير هذا الموضع عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ثم ليختر أحدكم بعد ذلك أطيب الكلام أو ما أحب
من الكلام
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله
قال كنا لا ندري ما نقول بين كل ركعتين غير أنا نسبح ونكبر ونحمد ربنا وأن محمدا أوتى فواتح الكلم
وجوامعه أو قال خواتمه فقال إذا قعدتم في الركعتين فقولوا فذكر التشهد ثم يتخير أحدكم من الدعاء ما أعجبه
إليه فيدعوا به ربه
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا الفضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن شقيق عن
عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال ثم ليتخير من الكلام بعد ما شاء
فأبيح له هاهنا أن يختار من الدعاء ما أحب لان ما سواه من الصلاة بخلافه
من ذلك ما ذكرنا من التكبير في مواضعه ومن التشهد في موضعه ومن الاستفتاح في موضعه ومن التسليم
في موضعه فجعل ذلك ذكرا خاصا غير متعد إلى غيره
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الذكر في الركوع والسجود ذكرا خاصا لا يتعدى إلى غيره
237

باب الامام يقول سمع الله لمن حمده
هل ينبغي له أن يقول بعدها ربنا ولك الحمد أم لا
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا همام وأبو عوانة وأبان عن قتادة عن
يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى الأشعري قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقال إذا
كبر الامام فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم
ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا سعيد بن عامر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فذكر
بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت أبا علقمة يحدث عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه غير أنه لم يذكر قوله يسمع الله لكم إلى آخر الحديث
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب عن مصعب بن محمد القرشي عن
أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله
قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
فذهب قوم إلى أن هذه الآثار قد دلتهم على ما يقول الإمام والمأموم جميعا وأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال
سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد دليل على أن سمع الله لمن حمده يقولها الامام دون المأموم
وأن ربنا لك الحمد يقولها المأموم دون الامام
وممن ذهب إلى هذا القول أبو حنيفة ومالك رحمهما الله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يقول الامام سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقول المأموم
ربنا ولك الحمد خاصة
وقالوا ليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم وإذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد دليل على أن
ذلك يقوله المأموم دون غيره
ولو كان ذلك كذلك لاستحال أن يقولها من ليس بمأموم
فقد رأيناكم تجمعون أن المصلى وحده يقولها مع قوله سمع الله لمن حمده
238

فكما كان من يصلى وحده يقولها وليس بمأموم ولم ينف ذلك ما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الامام
أيضا يقولها كذلك ولا ينفى ذلك ما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن
موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء
وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد
وبما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا هشام بن حسان عن قيس بن سعد عن عطاء
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة قال أخبرني عبيد هو بن حسن أبو الحسن قال
سمعت بن أبي أوفى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف قال ثنا عبد الله بن يوسف الدمشقي قال أنا سعيد بن عبد العزيز
التنوخي عن عطية بن قيس الكلاعي عن قزعة بن يحيى عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثله وزاد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا نازع لما أعطيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن سليمان عن شريك عن أبي عمرو هو المنبهي عن أبي جحيفة
قال ذكرت الجدود عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعض القوم جد فلان في الإبل وقال بعضهم في الخيل فسكت
النبي صلى الله عليه وسلم فلما قام يصلى فرفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء
ما شئت من شئ بعد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
فليس في هذه الآثار أنه قد كان يقول ذلك وهو إمام ولا فيها ما يدل على شئ من ذلك
غير أنه قد ثبت بها أن من صلى وحده يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد
فأردنا أن ننظر هل روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حكم الامام في ذلك كيف هو وهل يقول من ذلك ما يقوله
من يصلى وحده أم لا
فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهما سمعاه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يفرغ من صلاة الفجر من
239

القراءة ويكبر ويرفع رأسه من الركوع يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد
ثم ذكر الحديث فقد يجوز أيضا أن يكون قال ذلك لأنه من القنوت ثم تركه بعد لما ترك القنوت فرجعنا إلى غير هذا الحديث
هل فيه دلالة على شئ مما ذكرنا
فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله
عنه أنه قال انا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللهم ربنا لك الحمد
وإذا يونس قد أخبرني قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله
عنها قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فلما رفع رأسه من الركوع قال
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سالم عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الركوع قال ذلك
ففي هذه الآثار ما يدل على أن الامام يقول من ذلك مثل ما يقول من صلى وحده لان في حديث عائشة رضي الله
عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو يصلى بالناس
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر ذلك
فأخبر أن ما فعل من ذلك هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله في صلاته لا يفعل غيره
وفي حديث بن عمر رضي الله عنهما ما ذكرنا عنه وهو أيضا فيه إخبار عن صفة صلاته كيف كانت
فلما ثبت عنه أنه كان يقول وهو إمام إذا رفع رأسه من الركوع سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثبت
أن هكذا ينبغي للامام أن يفعل ذلك اتباعا لما قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فإنهم قد أجمعوا فيمن يصلي وحده على أنه يقول ذلك
فأردنا أن ننظر في الامام هل حكمه في ذلك حكم من يصلي وحده أم لا
240

فوجدنا الامام يفعل في كل صلاته من التكبير والقراءة والقيام والقعود والتشهد مثل ما يفعله من
يصلي وحده
ووجدنا أحكامه فيما يطرأ عليه في صلاته كأحكام من يصلي وحده فيما يطرأ عليه من صلاته من الأشياء
التي توجب فسادها وما يوجب سجود السهو فيها وغير ذلك وكان الامام ومن يصلي وحده في ذلك سواء
بخلاف المأموم
فلما ثبت باتفاقهم أن المصلي وحده يقول بعد قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثبت أن الامام أيضا
يقولها بعد قوله سمع الله لمن حمده
فهذا وجه النظر أيضا في هذا الباب فبهذا نأخذ وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله
وأما أبو حنيفة رحمه الله فكان يذهب في ذلك إلى القول الأول
باب القنوت في صلاة الفجر وغيرها
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد
وأبي سلمة أنهما سمعا أبا هريرة رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من
القراءة ويكبر ويرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد يقول وهو قائم اللهم أنج الوليد بن الوليد
وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم
كسني يوسف اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى العشاء الآخرة فرفع رأسه من الركوع قال اللهم أنج
الوليد بن الوليد ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال قال أبو هريرة
رضي الله عنه لأرينكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمة نحوها
فكان إذا رفع رأسه من الركوع وقال سمع الله لمن حمده دعا للمؤمنين ولعن الكافرين
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبد الله بن بكر قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قال سمع الله لمن حمده في الركعة
الأخيرة من صلاة العشاء قال اللهم أنج الوليد ثم ذكر مثل حديث أبي بكرة عن أبي داود
241

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى قال حدثني أبو سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله
قال أبو هريرة رضي الله عنه وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم فذكرت ذلك فقال أو ما تراهم قد قدموا
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل قال ثنا إبراهيم بن سعد قال ثنا ابن شهاب
عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو لأحد
أو يدعو على أحد قنت بعد الركوع وربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم أنج الوليد
ثم ذكر مثله
غير أنه لم يذكر قول أبي هريرة رضي الله عنه فأصبح ذات يوم ولم يدع لهم إلى آخر الحديث
وزاد قال يجهر به وكان يقول في بعض صلاته اللهم العن فلانا وفلانا أحياء من العرب فأنزل الله
تعالى (ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)
حدثنا أبو بكرة قال ثنا حسين بن مهدي قال ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سالم عن
أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح حين رفع رأسه من الركوع قال ربنا ولك الحمد في الركعة الآخرة
ثم قال اللهم العن فلانا وفلانا على ناس من المنافقين فأنزل الله تعالى (ليس لك من الامر شئ أو
يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا سلمة بن رجاء قال ثنا محمد بن إسحاق عن
عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الله بن كعب عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه
من الركعة الآخرة
قال اللهم أنج
ثم ذكر مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرناه في أول هذا الباب وزاد فأنزل الله عز وجل ليس
لك من الامر شئ
قال فما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء على أحد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن
البراء بن عازب حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان وشعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب
242

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن نصير عن أبي حمزة
عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين يوما
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا محمد بن بشر العبدي قال ثنا محمد بن عمرو قال ثنا
خالد بن عبد الله بن حرملة عن الحارث بن خفاف عن خفاف بن إيماء قال ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفع
رأسه فقال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله وعصية عصت الله ورسوله اللهم العن ابني لحيان اللهم العن
رعلا وذكوان الله أكبر ثم خر ساجدا
حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الكثيري المدني قال ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني
عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن خالد بن عبد الله بن حرملة المدلجي عن الحارث بن خفاف
بن إيماء بن رحضة الغفاري عن خفاف بن إيماء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
غير أنه لم يذكر أنه لما خر ساجدا قال الله أكبر وزاد فقال خفاف فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير عن محمد بن عمرو فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد قال سئل أنس أقنت
النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر قال نعم
فقيل له أو فقلت له قبل الركوع أو بعده قال بعد الركوع يسيرا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث قال ثنا عمرو بن عبيد عن الحسن عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته وصليت
مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال ثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على عصية وذكوان ورعل ولحيان
حدثنا أبو أمية قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان عن عاصم عن أنس رضي الله عنه قال إنما قنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركعة شهرا
قال قلت فكيف القنوت قال قبل الركوع
243

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن عاصم قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه
عن القنوت قبل الركوع أو بعد الركوع
فقال لا بل قبل الركوع
قلت إن ناسا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع
قال إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو علي ناس قتلوا ناسا من أصحابه يقال لهم القراء
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا شاذ بن فياض قال ثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال
كان القنوت في الفجر والمغرب
حدثنا أحمد بن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا زائدة بن قدامة عن سليمان التيمي عن أبي
مخلد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا الحارث بن عبيد قال ثنا حنظلة السدوسي عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان من قنوت النبي صلى الله عليه وسلم واجعل قلوبهم على قلوب نساء كوافر
244

حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال كنت جالسا عند أنس
بن مالك رضي الله عنه فقيل له إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا
فقال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا شعبة عن مروان الأصفر قال سألت أنسا
أقنت عمر رضي الله عنه فقال قد قنت من هو خير من عمر رضي الله عنه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال
قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين يوما
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قال ثنا الهيثم بن جميل قال ثنا أبو هلال الراسبي عن
حنظلة السدوسي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح يكبر حتى إذا فرغ كبر
فركع ثم رفع رأسه فسجد ثم قام في الثانية فقرأ حتى إذا فرغ كبر فركع ثم رفع رأسه فدعا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين صباحا على رعل وذكوان وعصية الذين
عصوا الله ورسوله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال قنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا بعد الركوع يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى إثبات القنوت في صلاة الفجر ثم افترقوا فرقتين
فقالت فرقة منهم هو بعد الركوع وقالت فرقة قبل الركوع
وممن قال ذلك منهم بن أبي ليلى ومالك بن أنس رضي الله عنهما كما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال
سمعت مالكا يقول الذي أخذته في خاصة نفسي القنوت في الفجر قبل الركوع
فكان من حجة من ذهب منهم إلى أنه بعد الركوع ما ذكرناه عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما
وعبد الرحمن بن أبي بكر
وكانت الحجة عليهم للفريق الآخر ما ذكرناه في حديث سفيان عن عاصم عن أنس رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قنت بعد الركوع شهرا وإنما القنوت قبل الركوع
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا نرى القنوت في صلاة الفجر أصلا قبل الركوع ولا بعده
وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذه الآثار المروية في القنوت قد رويت على ما ذكرنا
فكان أحد من روى ذلك عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قد روينا عنه فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت
ثلاثين يوما
فكان قد ثبت عنده قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه
ثم قد وجدنا عنه ما حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا أبو غسان قال ثنا شريك عن أبي حمزة عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لم يقنت النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهرا لم يقنت قبله ولا بعده
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا أبو معشر قال ثنا أبو حمزة عن إبراهيم عن علقمة
عن ابن مسعود قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على عصية وذكوان
فلما ظهر عليهم ترك القنوت وكان بن مسعود رضي الله عنه لا يقنت في صلاة الغداة
قال أبو جعفر فهذا بن مسعود رضي الله عنه يخبر أن قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان إنما كان من أجل من
كان يدعو عليه وإنه قد كان ترك ذلك فصار القنوت منسوخا فلم يكن هو من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت
وكان أحد من روى ذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
ثم قد أخبرهم أن الله عز وجل نسخ ذلك حين أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لك من الامر شئ
أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
245

فصار ذلك عند بن عمر رضي الله عنهما منسوخا أيضا فلم يكن هو يقنت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان ينكر على من كان يقنت كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا شعبة
قال ثنا قتادة عن أبي مجلز قال صليت خلف بن عمر رضي الله عنه الصبح فلم يقنت فقلت الكبر يمنعك
فقال ما أحفظه عن أحد من أصحابي
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب ومؤمل قالا حدثنا شعبة عن الحكم عن أبي الشعثاء قال
سألت بن عمر رضي الله عنه عنهما عن القنوت فقال ما شهدت وما رأيت هكذا في حديث وهب وفي حديث مؤمل
ولا رأيت أحدا يفعله
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة عن الأشعث عن أبيه قال سئل بن عمر رضي الله
عنهما عن القنوت فقال وما القنوت فقال إذا فرغ الامام من القراءة في الركعة الآخرة قام يدعو قال ما رأيت
أحدا يفعله وإني لأظنكم معاشر أهل العراق تفعلونه
وكما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة عن منصور عن تميم بن سلمة قال سئل بن عمر
رضي الله عنهما عن القنوت فذكر مثله إلا أنه قال ما رأيت ولا علمت
فوجه ما روى عن ابن عمر رضي الله عنه في هذا الباب أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركعة
الآخرة قنت حتى أنزل الله تعالى (ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم
ظالمون) فترك لذلك القنوت الذي كان يقنته
وسأله أبو مجلز فقال الكبر يمنعك من القنوت فقال ما أحفظه من أحد من أصحابي يعني من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أي إنهم لم يفعلوه بعد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه
وسأله أبو الشعثاء عن القنوت وسأله بن عمر رضي الله عنه عن ذلك القنوت ما هو فأخبره أن الامام إذا فرغ
من القراءة في الركعة الآخرة من صلاة الصبح قام يدعو
فقال ما رأيت أحدا يفعله لان ما كان هو علمه من قنوت النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان الدعاء بعد الركوع وأما قبل
الركوع فلم يره منه ولا من غيره فأنكر ذلك من أجله
فقد ثبت بما روينا عنه نسخ قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع ونفى القنوت قبل الركوع أصلا أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله ولا خلفاؤه من بعده
وكان أحد من روى عنه القنوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر فأخبر في حديثه الذي رويناه
عنه بأن ما كان يقنت به رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء على من كان يدعو عليه وأن الله عز وجل نسخ ذلك بقوله (ليس لك
من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم) * الآية ففي ذلك أيضا وجوب ترك القنوت في الفجر
246

وكان أحد من روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أيضا خفاف بن إيماء فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما رفع
رأسه من الركوع قال أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله ورسوله اللهم العن ابني لحيان
ومن ذكر معهم
ففي هذا الحديث لعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديثي بن عمر رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر
وقد أخبراهما في حديثهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك ذلك حين أنزلت عليه الآية التي ذكرنا
ففي حديثهما النسخ كما في حديث خفاف بن إيماء فهما أولى من حديث بن إيماء وفي ذلك وجوب ترك
القنوت أيضا
وكان أحد من روى عنه ذلك أيضا البراء فروى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الفجر والمغرب ولم
يخبر بقنوته ذلك ما هو فقد يجوز أن يكون ذلك القنوت الذي رواه بن عمر رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر
ومن روى ذلك معهما ثم نسخ ذلك بهذه الآية أيضا وقد قرن في هذا الحديث بين المغرب والفجر فذكر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيهما
ففي إجماع مخالفنا لنا على أن ما كان يفعله في المغرب من ذلك منسوخ ليس لأحد بعده أن يفعله دليل على
أن ما كان يفعله في الفجر أيضا كذلك
وكان أحد من روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا القنوت في الفجر أنس بن مالك رضي الله عنه
فروى عمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت بعد الركوع في صلاة
الغداة حتى فارقه
فأثبت في هذا الحديث القنوت في صلاة الغداة وأن ذلك لم ينسخ
وقد روى عنه من وجوه خلاف ذلك فروى أيوب عن محمد بن سيرين قال سئل أنس أقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
في صلاة الصبح فقال نعم
فقيل له قبل الركوع أو بعده فقال بعد الركوع يسيرا
وروى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه أنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين صباحا علي رعل وذكوان
وروى قتادة عنه نحوا من ذلك
وروى عنه حميد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قنت عشرين يوما
فهؤلاء كلهم قد أخبروا عنه خلاف ما روي عمرو عن الحسن وقد روى عاصم عنه إنكار القنوت بعد الركوع
أصلا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك شهرا ولكن القنوت قبل الركوع فضاد ذلك أيضا ما روى عمرو بن عبيد
وخالفه
247

فلم يجز لأحد أن يحتج في حديث أنس رضي الله عنه بأحد الوجهين مما روى عن أنس رضي الله عنه لان لخصمه
أن يحتج عليه بما روى عن أنس مما يخالف ذلك
وأما قوله ولكن القنوت قبل الركوع فلم يذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد يجوز أن يكون ذلك أخذه عمن بعده
أو رأيا رآه
فقد رأى غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فلا يكون قوله أولى من قول من خالفه إلا بحجة تبين لنا
فإن قال قائل فقد روى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال كنت جالسا عند أنس بن مالك رضي الله عنه
فقيل له إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا
فقال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا
قيل له قد يجوز أن يكون ذلك القنوت هو القنوت الذي رواه عمرو عن الحسن عن أنس رضي الله عنه فإن كان ذلك
كذلك فقد ضاده ما قد ذكرنا
ويجوز أن يكون ذلك القنوت هو القنوت قبل الركوع الذي ذكره أنس رضي الله عنه في حديث عاصم
فلم يثبت لنا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت قبل الركوع شئ وقد ثبت عنه النسخ للقنوت بعد الركوع
وكان أبو هريرة رضي الله عنه أحد من روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا القنوت في الفجر فذلك القنوت
هو دعاء لقوم ودعاء على آخرين
وفي حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك ذلك حين أنزل الله عز وجل ليس لك من الامر شئ الآية
فإن قال قائل فكيف يجوز أن يكون هذا هكذا وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في
الصبح فذكر ما قد حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف ح
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قالا ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة
عن الأعرج قال كان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في صلاة الصبح
قال أبو جعفر فدل ذلك على أن المنسوخ عند أبي هريرة رضي الله عنه إنما كان هو الدعاء على من دعا عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأما القنوت الذي كان مع ذلك فلا
قيل له إن يونس بن يزيد قد روى عن الزهري في حديث القنوت الذي رويناه في أول هذا الباب ما قد
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب فذكر ذلك الحديث بطوله
ثم قال فيه ثم قد بلغنا أنه ترك ذلك حين أنزل عليه ليس لك من الامر شئ الآية فصار ذكر
نزول هذه الآية الذي كان به النسخ من كلام الزهري لا مما رواه عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه
فقد يحتمل أن يكون نزول هذه الآية لم يكن أبو هريرة رضي الله عنه علمه فكان يعمل على ما علم من فعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقنوته إلى أن مات لان الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك
248

وعلم عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر أن نزول هذه الآية كان نسخا لما كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يفعله فانتهينا إلى ذلك وتركا به المنسوخ المتقدم
وحجة أخرى أن في حديث بن إيماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رفع رأسه من الركعة غفار غفر الله لها
حتى ذكر ما ذكر في حديثه ثم قال الله أكبر وخر ساجدا
فثبت بذلك أن جميع ما كان يقوله هو ما ترك بنزول تلك الآية وما كان يدعو به مع ذلك من دعائه للأسرى
الذين كانوا بمكة ثم ترك ذلك عندما قدموا
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضا في حديث يحيى بن كثير الذي قد رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب
عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه فذكر القنوت
وفيه قال أبو هريرة رضي الله عنه وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم فذكرت ذلك فقال أو ما تراهم قد
قدموا علي
ففي ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك القنوت في العشاء الآخرة كما كان يقوله في الصبح وقد أجمعوا
أن ذلك منسوخ من صلاة العشاء الآخرة بكماله لا إلى قنوت غيره فالفجر أيضا في النسخ كذلك
فلما كشفنا وجوه هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت فلم نجدها تدل على وجوبه الآن في صلاة
الفجر لم نأمر به فيها وأمرنا بتركه مع أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكره أصلا كما حدثنا علي بن معبد
وحسين بن نصر وعلي بن شيبة عن يزيد بن هارون
قال أنا أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق قال قلت لأبي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي ههنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أفكانوا
يقنتون في الفجر
فقال أي بني محدث
قال أبو جعفر فلسنا نقول إنه محدث على أنه لم يكن قد كان ولكنه قد كان بعده ما رويناه فيما قد رويناه
في هذا الباب قبله
فلما لم يثبت لنا القنوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعنا إلى ما روى عن أصحابه في ذلك
فإذا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري قد حدثنا قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا ابن أبي
ليلى عن عطاء عن عبيد بن عمير قال صليت خلف عمر رضي الله عنه صلاة الغداة فقنت فيها بعد الركوع وقال في
قنوته اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك
اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق
249

وإذا صالح قد حدثنا قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا حصين عن ذر بن عبد الله الهمداني عن سعيد
بن عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي عن أبيه أنه صلى خلف عمر رضي الله عنه ففعل مثل ذلك إلا أنه قال نثني
عليك ولا نكفرك ونخشى عذابك الجد
وإذا بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عبدة بن أبي لبابة عن سعيد
بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قنت في صلاة الغداة قبل الركوع بالسورتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنه عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقنت في صلاة الصبح بسورتين اللهم إنا نستعينك واللهم إياك نعبد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا همام عن قتادة عن أبي رافع قال صليت خلف عمر بن الخطاب
رضي الله عنه صلاة الصبح فقرأ بالأحزاب فسمعت قنوته وأنا في آخر الصفوف
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل كلاهما عن مخارق عن طارق بن شهاب قال صليت
خلف عمر رضي الله عنه صلاة الصبح فلما فرغ من القراءة في الركعة الثانية كبر ثم قنت ثم كبر فركع
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن مخارق فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا ابن عون عن محمد بن سيرين أن سعيد
بن المسيب ذكر له قول بن عمر رضي الله عنه في القنوت فقال أما إنه قد قنت مع أبيه ولكنه نسي
قال أبو جعفر فقد روى عن عمر رضي الله عنه ما ذكرنا وروى عنه خلاف ذلك
فحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود أن عمر رضي الله
عنه كان لا يقنت في صلاة الصبح
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا زائدة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود
وعمرو بن ميمون قالا صلينا خلف عمر رضي الله عنه الفجر فلم يقنت
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الحميد بن صالح قال ثنا أبو شهاب عن الأعمش عن إبراهيم عن
علقمة والأسود ومسروق أنهم قالوا كنا نصلي خلف عمر رضي الله عنه الفجر فلم يقنت
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الحميد بن صالح قال ثنا أبو شهاب بإسناده هذا أنهم قالوا كنا نصلي
خلف عمر رضي الله عنه نحفظ ركوعه وسجوده ولا نحفظ قيام ساعة يعنون القنوت
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود وعمرو بن ميمون
قالا صلينا خلف عمر رضي الله عنه فلم يقنت في الفجر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن منصور قال سمعت إبراهيم يحدث عن عمرو
بن ميمون نحوه
250

قال أبو جعفر فهذا خلاف ما روى عنه في الآثار الأول فاحتمل أن يكون قد كان فعل كل واحد
من الامرين في وقت
فنظرنا في ذلك فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا مسعر بن كدام قال
حدثني عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهب قال ربما قنت عمر رضي الله عنه
فأخبر زيد بما ذكرنا أنه كان ربما قنت وربما لم يقنت
فأردنا أن ننظر في المعني الذي له كان يقنت ما هو
فإذا بن أبي عمران قد حدثنا قال ثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن أبي شهاب الخياط عن أبي حنيفة عن
حماد رحمهما الله عن إبراهيم عن الأسود قال كان عمر رضي الله عنه إذا حارب قنت وإذا لم يحارب لم يقنت
فأخبر الأسود بالمعنى الذي له كان يقنت عمر رضي الله عنه أنه إذا حارب ليدعو على أعدائه ويستعين الله عليهم
ويستنصره كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل لما قتل من قتل من أصحابه حتى أنزل الله عز وجل ليس من الامر
شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
قال عبد الرحمن بن أبي بكر فما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد بعد
فكانت هذه الآية عند عبد الرحمن وعند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ومن وافقهما تنسخ الدعاء بعد ذلك
في الصلاة على أحد
ولم يكن عند عمر رضي الله عنه بناسخة ما كان قبل القتال وإنما نسخت عنده الدعاء في حال عدم القتال
إلا أنه قد ثبت بذلك بطلان قول من يرى الدوام على القنوت في صلاة الفجر
فهذا وجه ما روى عن عمر رضي الله عنه في هذا الباب
وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فروى عنه في ذلك ما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد
بن منصور قال ثنا هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه أنه كان يقنت في صلاة
الصبح قبل الركوع
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث وأبو داود قالا ثنا شعبة ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان كلاهما عن أبي حصين عن عبد الله بن معقل في
حديث سفيان قال كان علي رضي الله عنه وأبو موسى يقنتان في صلاة الغداة وفي حديث شعبة قنت بنا علي رضي الله
عنه وأبو موسى
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن عبيد بن حسين قال سمعت بن معقل يقول صليت
خلف علي رضي الله عنه الصبح فقنت
251

قال أبو جعفر فقد يجوز أن يكون علي رضي الله عنه كان يرى القنوت في صلاة الفجر في سائر الدهر وقد
يجوز أن يكون فعل ذلك في وقت خاص للمعنى الذي كان فعله عمر رضي الله عنه من أجله
فنظرنا في ذلك فإذا روح بن الفرج قد حدثنا قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة
عن إبراهيم قال كان عبد الله لا يقنت في الفجر وأول من قنت فيها علي رضي الله عنه وكانوا يرون أنه إنما
فعل ذلك لأنه كان محاربا
حدثنا فهد قال ثنا محرز بن هشام قال ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال إنما كان علي رضي الله عنه
يقنت فيها ههنا لأنه كان محاربا فكان يدعو على أعدائه في القنوت في الفجر والمغرب
فثبت بما ذكرنا ان مذهب علي رضي الله عنه في القنوت هو مذهب عمر رضي الله عنه الذي وصفنا
ولم يكن علي يقصد بذلك إلى الفجر خاصة لأنه قد كان يفعل ذلك في المغرب فيما ذكر إبراهيم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود عن شعبة قال أخبرني حسين بن عبد الرحمن قال سمعت عبد الرحمن
بن معقل يقول صليت خلف علي رضي الله عنه المغرب فقنت ودعا
فكل قد أجمع أن المغرب لا يقنت فيها إذا لم يكن حرب وأن عليا رضي الله عنه إنما كان قنت فيها من
أجل الحرب فقنوته في الفجر أيضا عندنا كذلك
وأما بن عباس فروى عنه في ذلك ما قد حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان
عن عوف عن أبي رجاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال صليت معه الفجر فقنت قبل الركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عوف فذكر بإسناده مثله وزاد وقال هذه الصلاة الوسطى
فقد يجوز أيضا في أمر بن عباس رضي الله عنه في ذلك ما حاز في أمر علي رضي الله عنه فنظرنا هل روى عنه
خلاف لهذا
فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان الثوري عن واقد عن سعيد بن جبير
قال صليت خلف بن عمر وابن عباس فكانا لا يقنتان في صلاة الصبح
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن منصور قال ثنا مجاهد أو سعيد بن جبير
أن بن عباس رضي الله عنهما كان لا يقنت في صلاة الفجر
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا حصين عن عمران بن الحارث السلمي قال
صليت خلف بن عباس رضي الله عنهما في داره الصبح فلم يقنت قبل الركوع ولا بعده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن حصين بن عبد الرحمن قال أنا عمران بن الحارث
السلمي قال صليت خلف بن عباس رضي الله عنهما الصبح فلم يقنت
قال أبو جعفر فكان الذي يروي عنه القنوت هو أبو رجاء وإنما كان ذلك وهو بالبصرة واليا عليها لعلي رضي الله عنه
252

كان أحد من يروى عنه بخلاف ذلك سعيد بن جبير وإنما كانت صلاته معه بعد ذلك بمكة فكان مذهبه في
ذلك أيضا مذهب عمر وعلي رضي الله عنهما
فكان ذلك الذي رويناه عنهم القنوت في الفجر إنما كان ذلك منهم للعارض الذي ذكرنا فقنتوا فيها وفي غيرها
من الصلوات وتركوا ذلك في حال عدم ذلك العارض وقد روينا عن آخرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك
القنوت في سائر الدهر
فمن ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة قال كان عبد الله
لا يقنت في صلاة الصبح
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي قال ثنا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال كان
بن مسعود رضي الله عنه لا يقنت في شئ من الصلوات إلا الوتر فإنه كان يقنت قبل الركعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة قال كان عبد الله لا يقنت
في صلاة الصبح
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا المسعودي فذكر مثل حديث أبي بكرة عن أبي داود
عن المسعودي بإسناده
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا ابن مبارك عن فضيل بن غزوان عن الحارث العكلي عن علقمة بن قيس
قال لقيت أبا الدرداء بالشام فسألته عن القنوت فلم يعرفه
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يقنت
في شئ من الصلوات
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا محمد بن مسلم الطائفي قال حدثني عمرو بن دينار
قال كان عبد الله بن الزبير يصلي بنا الصبح بمكة فلا يقنت
قال أبو جعفر فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يكن يقنت في دهره كله وقد كان للمسلمون في قتال
عدوهم في كل ولاية عمر أو في أكثرها فلم يكن يقنت لذلك وهذا أبو الدرداء ينكر القنوت وابن الزبير
لا يفعله وقد كان محاربا حينئذ لأنه لم نعلمه أم الناس إلا في وقت ما كان الامر صار إليه
فقد خالف هؤلاء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس أجمعين فيما ذهبوا
إليه من القنوت في حال المحاربة بعد ثبوت زوال القنوت في حال عدم المحاربة
فلما اختلفوا في ذلك وجب كشف ذلك من طريق النظر لنستخرج من المعنيين معنى صحيحا فكان ما روينا
عنهم أنهم قنتوا فيه من الصلوات لذلك الصبح والمغرب خلا ما روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
253

أنه كان يقنت في صلاة العشاء فإن في ذلك محتمل أيضا أن يكون هي المغرب ويحتمل أن يكون هي العشاء الآخرة
ولم نعلم عن أحد منهم أنه قنت في ظهر ولا عصر في حال حرب ولا غيره
فلما كانت هاتان الصلاتان لا قنوت فيهما في حال الحرب وفي حال عدم الحرب وكانت الفجر والمغرب والعشاء
لا قنوت فيهن في حال عدم الحرب ثبت أن لا قنوت فيهن في حال الحرب أيضا وقد رأينا الوتر فيها القنوت عند
أكثر الفقهاء في سائر الدهر وعند خاص منهم في ليلة النصف من شهر رمضان خاصة فكانوا جميعا إنما يقنتون
لتلك الصلاة خاصة لا لحرب ولا لغيره
فلما انتفى أن يكون القنوت فيما سواها يجب لعلة الصلاة خاصة لا لعلة غيرها انتفى أن يكون يجب لمعنى
سوى ذلك
فثبت بما ذكرنا أنه لا ينبغي القنوت في الفجر في حال حرب ولا غيره قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب ما يبدأ بوضعه في السجود اليدين أو الركبتين
حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الكوفي قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا الدراوردي عن
عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه وكان يقول
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور وأصبغ بن الفرج قالا ثنا الدراوردي عن محمد بن
عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله
بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فلا
يبرك كما يبرك البعير ولكن يضع يديه ثم ركبتيه
فقال قوم هذا الكلام محال لأنه قال لا يبرك كما يبرك البعير والبعير إنما يبرك على يديه ثم قال ولكن
يضع يديه قبل ركبتيه فأمره ها هنا أن يصنع ما يصنع البعير ونهاه في أول الكلام أن يفعل ما يفعل البعير
فكان من الحجة عليهم في ذلك في تثبيت هذا الكلام وتصحيحه ونفى الإحالة منه أن البعير ركبتاه في يديه
وكذلك في سائر البهائم وبنوا آدم ليسوا كذلك فقال لا يبرك على ركبتيه اللتين في رجليه كما يبرك البعير على ركبتيه
254

اللتين في يديه ولكن يبدأ فيضع أولا يديه اللتين ليس فيهما ركبتان ثم يضع ركبتيه فيكون ما يفعل في ذلك
بخلاف ما يفعل البعير
فذهب قوم إلى أن اليدين يبدأ بوضعهما في السجود قبل الركبتين
واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يبدأ بوضع الركبتين قبل اليدين
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا ابن فضيل عن عبد الله
بن سعيد عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه
وبما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل
فهذا خلاف ما روى الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه ومعنى هذا لا يبرك على يديه كما يبرك البعير على يديه
حدثنا أحمد بن أبي عمران قال ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال أنا يزيد بن هارون قال أنا شريك
عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه عن وائل بن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد بدأ بوضع ركبتيه
قبل يديه
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا همام قال ثنا سفيان الثوري عن عاصم بن كليب
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر وائلا كذا قال بن أبي داود من حفظه سفيان الثوري وقد غلط
والصواب شقيق أبو الليث كذلك حدثنا يزيد بن سنان من كتابه قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا همام عن
شقيق أبي ليث عن عاصم بن كليب عن أبيه وشقيق أبو ليث هذا فلا يعرف
فلما اختلف عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبدأ بوضعه في ذلك نظرنا في ذلك فكان سبيل تصحيح معاني الآثار أن وائلا
لم يختلف عنه وإنما الاختلاف عن أبي هريرة رضي الله عنه فكان ينبغي أن يكون ما روى عنه لما تكافأت الروايات
فيه ارتفع وثبت ما روى وائل فهذا حكم تصحيح معاني الآثار في ذلك
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد رأينا الأعضاء التي أمر بالسجود عليها هي سبعة أعضاء بذلك جاءت
الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل
بن محمد عن عامر بن سعد عن أبيه قال أمر العبد أن يسجد على سبعة آراب وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه أيها
لم يقع فقد انتقص
255

وما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل عن عامر بن سعد عن
أبيه قال إذا سجد العبد سجد علي سبعة آراب ثم ذكر مثله
وحدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث ح
وحدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا الليث قال حدثني بن الهاد عن محمد بن إبراهيم
بن الحارث عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن عباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سجد
العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه
وما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد فذكر
بإسناده مثله
وما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد
على سبعة أعظم
وما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن عمرو
عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله فكانت هذه الأعضاء هي التي عليها السجود
فنظرنا كيف حكم ما اتفق عليه منها ليعلم به كيف حكم ما اختلفوا فيه منها فرأينا الرجل إذا سجد يبدأ بوضع
أحد هذين إما ركبتاه وإما يداه ثم رأسه بعدهما ورأيناه إذا رفع بدأ برأسه فكان الرأس مقدما في الرفع مؤخرا في
الوضع ثم يثنى بعد رفع رأسه برفع يديه ثم ركبتيه وهذا اتفاق منهم جميعا فكان النظر على ما وصفنا في حكم الرأس
إذا كان مؤخرا في الوضع لما كان مقدما في الرفع أن يكون اليدان كذلك لما كانتا متقدمتين على الركبتين في الرفع
أن تكونا مؤخرتين عنهما في الوضع فثبت بذلك ما روى وائل
فهذا هو النظر وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى ذلك أيضا عن عمر وعبد الله وغيرهما كما حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا
أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود فقالا حفظنا عن عمر في صلاته
أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر الضرير قال أنا حماد بن سلمة أن الحجاج بن أرطاة أخبرهم قال قال
إبراهيم النخعي حفظ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن ركبتيه كانتا تقعان إلى الأرض قبل يديه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن مغيرة قال سألت إبراهيم عن الرجل يبدأ بيديه قبل ركبتيه
إذا سجد فقال أو يضع ذلك إلا أحمق أو مجنون
256

باب وضع اليدين في السجود أين ينبغي أن يكون
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل قال اجتمع
أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا الذي ينبغي للمصلى أن يجعل يديه في سجوده حذاء منكبيه
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يجعل يديه في سجوده حذاء أذنيه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان الثوري عن عاصم بن كليب الجرمي
عن أبيه عن وائل بن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد كانت يداه حيال أذنيه
وبما حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا الحماني قال ثنا خالد قال ثنا عاصم فذكر بإسناده مثله
وبما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث قال ثنا محمد بن جحادة قال
حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي فحدثني وائل بن علقمة عن أبي
وائل بن حجر قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا سجد وضع وجهه بين كفيه
وبما حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا سهل بن عثمان قال ثنا حفص بن غياث عن الحجاج
عن أبي إسحاق عن البراء قال سألته أين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع جبهته إذا صلى قال بين كفيه
فكان كل من ذهب في الرفع في افتتاح الصلاة إلى المنكبين يجعل وضع اليدين في السجود حيال المنكبين أيضا
وكل من ذهب في الرفع في افتتاح الصلاة إلى الاذنين يجعل وضع اليدين في السجود حيال الاذنين أيضا
وقد ثبت فيما تقدم من هذا الكتاب تصحيح قول من ذهب في الرفع في افتتاح الصلاة إلى حيال الاذنين
فثبت بذلك أيضا قول من ذهب في وضع اليدين في السجود حيال الاذنين أيضا وهو قول أبي حنيفة وأبي
يوسف ومحمد رحمهم الله
باب صفة الجلوس في الصلاة كيف هو
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد
أراهم الجلوس فنصب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى وجلس على وركه اليسرى ولم يجلس على قدميه ثم قال أراني
هذا عبد الله بن عبد الله بن عمرو حدثني أن أباه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يفعل ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله
257

بن عمر رضي الله عنهما أنه أخبره أنه كان يرى عبد الله بن عمر رضي الله عنه يتربع في الصلاة إذا جلس قال
ففعلته يومئذ وأنا حديث السن فنهاني عبد الله بن عمر وقال إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى
فقلت له فإنك تفعل ذلك فقال إن رجلي لا تحملاني
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن القعود في الصلاة كلها أن ينصب الرجل رجله اليمنى ويثني رجله اليسرى
ويقعد بالأرض
واحتجوا في ذلك بما وصفه يحيى بن سعيد في حديثه من القعود ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنهما في حديث
عبد الرحمن بن القاسم أن ذلك سنة الصلاة قالوا والسنة لا تكون إلا عن رسول صلى الله عليه وسلم
وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا أما القعود في آخر الصلاة فكما ذكرتم وأما القعود في التشهد الأول منها فعلى
الرجل اليسرى وكان من الحجة لهم في ذلك فيما أحتج به عليهم الفريق الأول أن قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
أن سنة الصلاة فذكر ما في الحديث لا يدل ذلك أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد يجوز أن يكون رأى ذلك أو أخذه ممن
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي وقال سعيد بن
المسيب لما سأله ربيعة عن أروش أصابع المرأة أنها السنة يا بن أخي ولم يكن مخرج ذلك إلا عن زيد بن
ثابت فسمى سعيد قول زيد بن ثابت سنة فكذلك يحتمل أن يكون عبد الله بن عمر رضي الله عنهما سمى مثل ذلك
أيضا سنة وإن لم يكن عنده في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ
وفي ذلك حجة أخرى أن عبد الله بن عبد الله أرى القاسم الجلوس في الصلاة على ما في حديثه وذكر عبد الرحمن
بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله عن أبيه لما قال له فإنك تفعل ذلك فقال إن رجلاي لا تحملاني فكان
معنى ذلك أنهما لو حملتاني قعدت على إحداهما وأقمت الأخرى لان ذكره لهما لا يدل على أن إحداهما تستعمل دون
الأخرى ولكن تستعملان جميعا فيقعد على إحداهما وينصب الأخرى فهذا خلاف ما في حديث يحيى بن سعيد
وقد روى أبو حميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عبد الحميد
بن جعفر قال ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم
أبو قتادة قال قال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لم فوالله ما كنت أكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له
صحبة فقال بلى قالوا فاعرض فذكر أنه كان في الجلسة الأولى يثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى إذا كانت
السجدة التي يكون في آخرها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر قال فقالوا جميعا صدقت
وما قد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال ثنا عمي عبد الله بن وهب قال حدثني الليث بن سعد
عن يزيد بن يزيد بن محمد القرشي ويزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء ح
قال وأخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الكريم بن الحارث عن محمد بن عمرو بن عطاء
عن أبي حميد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه غير أنه لم يقل فقالوا جميعا صدقت
258

حدثني أبو الحسين الأصبهاني هو محمد بن عبد الله بن مخلد قال ثنا عثمان بن أبي شيبة قال ثنا خالد بن
مخلد قال ثنا عبد السلام بن حفص عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي فذكر بإسناده مثله
فهذا يوافق ما ذهب إليه أهل هذه المقالة
وقد خالف في ذلك أيضا آخرون فقالوا القعود في الصلاة كلها سواء على مثل القعود الأول في قول أهل
المقالة الثانية ينصب رجله اليمنى ويفترش رجله اليسرى فيقعد عليها
واحتجوا في ذلك بما حدثنا صالح بن عبد الرحمن وروح بن الفرج قالا حدثنا يوسف بن عدي قال
ثنا أبو الأحوص عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه عن وائل بن حجر الحضرمي قال صليت خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأحفظن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما قعد للتشهد فرش رجله اليسرى ثم قعد عليها ووضع
كفه اليسرى على فخذه اليسرى ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم عقد أصابعه وجعل حلقه الابهام والوسطى
ثم جعل يدعو بالأخرى
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا الحماني قال ثنا خالد عن عاصم فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فهذا يوافق ما ذهبوا إليه من ذلك
وفي قول وائل ثم عقد أصابعه يدعو دليل على أنه كان في آخر الصلاة فقد تضاد هذا الحديث وحديث أبي
حميد فنظرنا في صحة مجيئهما واستقامة أسانيدهما
فإذا فهد ويحيى بن عثمان قد حدثانا قالا ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا يحيى وسعيد بن أبي مريم قالا
حدثنا عطاف بن خالد قال حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال حدثني رجل أنه وجد عشرة من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم جلوسا فذكر نحو حديث أبي عاصم سواء
قال أبو جعفر فقد فسد بما ذكرنا حديث أبي حميد لأنه صار عن محمد بن عمرو عن رجل وأهل الاسناد
لا يحتجون بمثل هذا فإن ذكروا في ذلك ضعف العطاف بن خالد قيل لهم وأنتم أيضا تضعفون عبد الحميد أكثر
من تضعيفكم للعطاف مع أنكم لا تطرحون حديث العطاف كله إنما تزعمون أن حديثه في القديم صحيح كله
وأن حديثه بآخره قد دخله شئ
هكذا قال يحيى بن معين في كتابه فأبو صالح سماعه من العطاف قديم جدا فقد دخل ذلك فيما صححه يحيى
من حديثه مع أن محمد بن عمرو بن عطاء لا يحتمل مثل هذا وليس أحد يجعل هذا الحديث سماعا لمحمد بن عمرو
من أبي حميد إلا عبد الحميد وهو عندكم أضعف ولكن الذي روى حديث أبي حميد ووصله لم يفصل حكم الجلوس
كما فعله عبد الحميد
259

حدثنا نصر بن عمار البغدادي قال ثنا علي بن أشكاب قال حدثني أبو بدر شجاع بن الوليد قال
ثنا أبو خيثمة قال ثنا الحسن بن الحر قال حدثني عيسى بن عبد الرحمن بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء
أحد بني مالك عن عياش أو عباس بن سهل الساعدي وكان في مجلس فيه أبوه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفي
المجلس أبو هريرة رضي الله عنه وأبو أسيد وأبو حميد الساعدي من الأنصار أنهم تذاكروا الصلاة فقال أبو حميد أنا
أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا وكيف فقال اتبعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فأرنا قال فقام يصلي وهم ينظرون فبدأ فكبر
ورفع يديه نحو المنكبين ثم كبر للركوع ورفع يديه أيضا ثم أمكن يديه من ركبتيه غير مقنع رأسه
ولا مصوبه ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا ولك الحمد ثم رفع يديه ثم قال الله أكبر فسجد
فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد ثم كبر فجلس فتورك إحدى رجليه ونصب قدمه الأخرى
ثم كبر فسجد ثم كبر فقام فلم يتورك ثم عاد فركع الركعة الأخرى وكبر كذلك ثم جلس بعد الركعتين حتى
إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبير ثم ركع الركعتين ثم سلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وسلم عن
شماله أيضا السلام عليكم ورحمة الله
حدثنا نصر بن عمار قال ثنا علي قال ثنا أبو بدر قال ثنا أبو خيثمة قال ثنا الحسن بن الحر
قال حدثني عيسى هذا الحديث هكذا أو نحوه وحديث عيسى أن مما حدثه أيضا في الجلوس في التشهد أن
يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ثم يشير في الدعاء بأصبع واحدة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل قال
اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا القعود على ما ذكره عبد الحميد
في حديثه في المرة الأولى ولم يذكر غير ذلك
حدثني أبو الحسن الأصبهاني قال ثنا هشام بن عمار قال ثنا إسماعيل بن عياش قال ثنا عتبة بن
حكيم عن عيسى بن عبد الرحمن العدوي عن العباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي أنه كان يقول لأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا من أين قال رقبت ذلك منه حتى حفظت صلاته
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حذاء وجهه فإذا كبر للركوع فعل مثل ذلك وإذا
رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك فقال ربنا ولك الحمد وإذا سجد فرج بين فخذيه
غير حامل بطنه على شئ من فخذيه ولا مفترش ذراعيه فإذا قعد للتشهد أضجع رجله اليسرى ونصب اليمنى
على صدرها ويتشهد
260

فهذا أصل حديث أبي حميد هذا ليس فيه ذكر القعود إلا على مثل ما في حديث وائل والذي رواه محمد بن عمرو
فغير معروف ولا متصل عندنا عن أبي حميد لان في حديثه أنه حضر أبا حميد وأبا قتادة ووفاة أبي قتادة قبل ذلك
بدهر طويل لأنه قتل مع علي رضي الله عنهما وصلى عليه علي رضي الله عنه فأين سن محمد بن عمرو بن عطاء من هذا
فلما كان المتصل عن أبي حميد موافقا لما روى وائل ثبت القول بذلك ولم يجز خلافه مع ما شده من طريق
النظر وذلك أنا رأينا القعود الأول في الصلاة وفيما بين السجدتين في كل ركعة هو أن يفترش اليسرى
فيقعد عليها
ثم اختلفوا في القعود الأخير فلم يخل من أحد وجهين أن يكون سنة أو فريضة
فإن كان سنة فحكمه حكم القعود الأول وإن كان فريضة فحكمه حكم القعود فيما بين السجدتين
فثبت بذلك ما روى وائل بن حجر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله
وقد قال بذلك أيضا إبراهيم النخعي رحمه الله
كما حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن المغيرة عن إبراهيم
أنه كان يستحب إذا جلس الرجل في الصلاة أن يفرش قدمه اليسرى على الأرض ثم يجلس عليها
باب التشهد في الصلاة كيف هو
حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث ومالك بن أنس
أن بن شهاب حدثهما عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يعلم الناس التشهد على المنبر وهو يقول قولوا التحيات لله الزاكيات لله الصلوات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال أخبرنا بن جريج قال انا بن شهاب عن حديث عروة عن
عبد الرحمن بن عبد القارئ فذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال قلت لنافع كيف كان بن عمر رضي الله
عنهما يتشهد قال كان يقول بسم الله التحيات لله والصلوات لله والزاكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم يتشهد فيقول شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا
رسول الله
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا عبد الله بن صالح ح
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قالا حدثنا الليث بن سعد قال
حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه قال إذا تشهد أحدكم فليقل
ثم ذكر مثل تشهد عمر رضي الله عنه
261

وحدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني بن
الهاد عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال كانت عائشة رضي الله عنها تعلمنا التشهد وتشير بيدها ثم
ذكر مثله
فذهب قوم إلى هذه الأحاديث وقالوا هكذا التشهد في الصلاة لان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد علم
ذلك الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة المهاجرين والأنصار فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لو وجب ما ذكرتموه عند أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم إذا لما خالف أحد منهم عمر
رضي الله عنه في ذلك فقد خالفوه فيه وعملوا بخلافه
وروى أكثرهم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فممن خالفه في ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فروى عنه في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا أبو بكرة
قال ثنا أبو داود ووهب وأبو عامر قالوا ثنا هشام الدستوائي عن حماد بن أبي سليمان عن أبي وائل
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله السلام على جبرائيل
السلام على ميكائيل فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ولكن
قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن حماد فذكر مثله بإسناده
وما حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن
عبد الله مثله
وحدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب عن منصور بن المعتمر عن أبي وائل عن
عبد الله مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا محل بن محرز الضبي ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا محل بن محرز قال ثنا شقيق فذكر مثله بإسناده وزاد
حسين في حديثه قالوا وكانوا يتعلمونها كما يتعلم أحدكم السورة من القرآن
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عمر بن حبيب قال ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه
عن عبد الله أنه قال أخذت التشهد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقننيها كلمة كلمة ثم ذكر التشهد الذي في حديث
أبي وائل وزاد قال فكانوا يخفون التشهد ولا يظهرونه
262

حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا زهير قال ثنا مغيرة الضبي قال ثنا
شقيق بن سلمة ثم ذكر مثل حديث حماد ومنصور وسليمان ومحل عن أبي وائل غير أنه لم يقل وبركاته
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة ح
وحدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص
عن عبد الله قال كنا لا ندري ما نقول بين كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا عز وجل وأن محمدا علم
فواتح الكلم وخواتمه أو قال وجوامعه فقال إذا قعد أحدكم في الركعتين فليقل ثم ذكر مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا شبابة بن سوار وعبد الرحمن بن زياد قالا ثنا المسعودي عن أبي إسحاق
عن أبي الأحوص عن عبد الله قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الصلاة فذكر مثله
وخالفه في ذلك أيضا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فروى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن
قال ثنا شعيب بن الليث وأسد بن موسى قالا ثنا الليث عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول التحيات
المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
وحدثنا أبو بكرة قال أنا أبو عاصم قال أنا ابن جريج قال سئل عطاء وأنا أسمع عن التشهد فقال
التحيات المباركات الطيبات الصلوات لله ثم ذكر مثله ثم قال لقد سمعت عبد الله بن الزبير يقولهن على المنبر
يعلمهن الناس ولقد سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول مثل ما سمعت بن الزبير يقول
قلت فلم يختلف بن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم فقال لا
وخالفه في ذلك أيضا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا قتادة قال حدثني عبد الله
بن بابي المكي قال صليت إلى جنب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فلما قضى صلاته ضرب يده على فخذي
فقال ألا أعلمك تحية الصلاة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا قال فتلا هؤلاء الكلمات مثل ما في حديث
بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن أبي داود ويحيى بن إسماعيل البغدادي بطبرية قالا ثنا نصر بن علي قال ثنا أبي
قال ثنا شعبة عن أبي بشر قال بن أبي داود في حديثه عن مجاهد وقال يحيى سمعت مجاهدا يحدث
263

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد التحيات لله الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
إلا أن يحيى زاد في حديثه قال بن عمر زدت فيها وبركاته وزدت فيها وحده لا شريك له
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن مجاهد
قال كنت أطوف مع بن عمر رضي الله عنهما بالبيت وهو يعلمني التشهد يقول التحيات لله الصلوات الطيبات
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
قال بن عمر رضي الله عنهما وزدت فيها وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله
قال بن عمر رضي الله عنهما وزدت فيها وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وهكذا حدثنا ابن أبي داود عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن أبي بشر عن مجاهد
عن ابن عمر رضي الله عنهما ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن قول بن عمر رضي الله عنهما فيه وزدت فيها يدل أنه
أخذ ذلك عن غيره ممن هو خلاف بن عمر رضي الله عنه إما رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما أبو بكر رضي الله عنه
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان أبو بكر رضي الله عنه يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان الكتاب
ثم ذكر مثل تشهد بن مسعود رضي الله عنه سواء
فهذا الذي رويناه عن ابن عمر رضي الله عنهما يخالف ما رواه سالم ونافع عنه وهذا أولى لأنه حكاه عن رسول
الله
صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر رضي الله عنه وعلمه مجاهدا فمحال أن يكون بن عمر رضي الله عنهما يدع ما أخذه من النبي صلى الله عليه وسلم
إلى ما أخذه عن غيره
وخالفه في ذلك أبو سعيد الخدري فروى عنه في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا موسى بن هارون البردي
قال ثنا سهل بن يوسف الأنماطي قال بن أبي داود بصري ثقة قال ثنا حميد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد
الخدري قال كنا نتعلم التشهد كما نتعلم السورة من القرآن ثم ذكر مثل تشهد بن مسعود رضي الله عنه سواء
وخالفه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله فروى عنه في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال
ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا أيمن بن نابل قال حدثني محمد بن مسلم أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن بسم الله وبالله ثم ذكر مثل تشهد بن مسعود سواء
إلا أنه قال عبد الله ورسوله وأسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار
وخالفه في ذلك أبو موسى الأشعري فروى عنه في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق
قالا ثنا سعيد بن عامر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله
الرقاشي قال سمعت أبا موسى الأشعري يقول إن رسول الله خطبنا فعلمنا صلاتنا وبين لنا سنتنا فقال
264

إذا كان في القعدة الثانية فليكن من قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام أو قال سلام شك
سعيد عليك يا أيها النبي ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
عبده ورسوله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا قتادة قال ثنا أبو غلاب يونس بن جبير أن حطان
بن عبد الله الرقاشي حدثه قال قال لي أبو موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا سنتنا وعلمنا صلاتنا
فقال إذا كان عند القعدة فليكن من قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله
وخالفه في ذلك أيضا عبد الله بن الزبير فروى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد حدثنا محمد بن حميد أبو قرة
قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا ابن لهيعة قال حدثني الحارث بن يزيد أن أبا أسلم المؤذن حدثه أنه سمع
عبد الله بن الزبير يقولان تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يتشهد به بسم الله وبالله خير الأسماء التحيات
الطيبات الصلوات لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق
بشيرا ونذيرا وأن الساعة آتية لا ريب فيها السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين اللهم اغفر لي واهدني
فكل هؤلاء قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ما ذكرنا عنهم وخالف ما روى عن عمر رضي الله عنه فقد
تواترت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم الروايات فلم يخالفها شئ فلا ينبغي خلافها ولا الاخذ بغيرها ولا الزيادة على شئ
مما فيها إلا أن في حديث بن عباس رضي الله عنهما حرفا يزيد على غيره وهو المباركات
فقال قائلون هو أولى من حديث غيره إذا كان قد زاد عليه والزائد أولى من الناقص
وقال آخرون بل حديث بن مسعود رضي الله عنه وأبي موسى وابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه عنه مجاهد
وابن بابي أولى لاستقامة طرقهم واتفاقهم على ذلك لان أبا الزبير لا يكافئ الأعمش ولا منصور ولا مغيرة
ولا أشباههم ممن روى حديث بن مسعود رضي الله عنه ولا يكافئ قتادة في حديث أبي موسى ولا يكافئ أبا بشر
في حديث بن عمر ولو وجب الاخذ بما زاد وإن كان دونهم لوجب الاخذ بما زاد عن ابن نابل عن الليث
عن أبي الزبير فإنه قد قال في التشهد أيضا بسم الله ولوجب الاخذ بما زاد أبو أسلم عن عبد الله بن الزبير فإنه
قد قال في التشهد أيضا بسم الله وزاد أيضا على ما في ذلك من الزيادة على حديث بن مسعود رضي الله عنهما
فلما كانت هذه الزيادة غير مقبولة لأنه لم يزدها على الليث مثله لم يقبل زيادة بن أبي الزبير في حديث بن عباس
رضي الله عنهما على عطاء بن أبي رباح لان بن جريج رواه عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا
ورواه أبو الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس مرفوعا ولو ثبتت هذه الأحاديث
كلها وتكافأت في أسانيدها لكان حديث عبد الله أولاها لأنهم قد أجمعوا أنه ليس للرجل أن يتشهد بما شاء من
التشهد غير ما روى من ذلك
265

فلما ثبت أن التشهد بخاص من الذكر وكان ما رواه عبد الله قد وافقه عليه كل من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره
وزاد عليه غيره ما ليس في تشهده كان ما قد أجمع عليه من ذلك أولى أن يتشهد به دون الذي اختلف فيه
وحجة أخرى أنا قد رأينا عبد الله شدد في ذلك حتى أخذ على أصحابه الواو فيه كي يوافقوا لفظ رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا نعلم غيره فعل ذلك فلهذا استحسنا ما روى عن عبد الله دون ما روى عن غيره
فمما روى عن عبد الله فيم ذكرنا ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن الأعمش عن
عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان عبد الله يأخذ علينا الواو في التشهد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان قال ثنا إسحاق بن يحيى عن المسيب بن رافع قال سمع
عبد الله رجلا يقول في التشهد بسم الله التحيات لله فقال له عبد الله أتأكل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم أن الربيع بن خيثم
لقى علقمة فقال إنه قد بدا لي أن أزيد في التشهد ومغفرته فقال له علقمة ننتهي إلى ما علمناه
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق قال اتيت الأسود بن يزيد فقلت إن
أبا الأحوص قد زاد في خطبة الصلوات والمباركات قال فأته فقل له إن الأسود ينهاك ويقول لك إن علقمة بن
قيس تعلمهن من عبد الله كما يتعلم السورة من القرآن عدهن عبد الله في يده ثم ذكر تشهد عبد الله فلهذا الذي
ذكرنا استحببنا ما روى عن عبد الله لتشديده في ذلك ولاجتماعهم عليه إذ كانوا قد اتفقوا على أنه لا ينبغي
أن يتشهد إلا بخاص من التشهد
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب السلام في الصلاة كيف هو
حدثنا ربيع الجيزي وروح بن الفرج قالا ثنا أحمد بن أبي بكر الزهري قال ثنا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي عن مصعب بن ثابت عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يسلم في آخر الصلاة تسليمة واحدة السلام عليكم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المصلي يسلم في صلاته تسليمة واحدة تلقاء وجهه السلام عليكم
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ينبغي له أن يسلم عن يمينه وعن شماله يقول في كل واحدة من التسليمتين
السلام عليكم ورحمة الله
266

وكان من حجتنا عليهم في ذلك على أهل المقالة الأولى أن حديث سعد هذا إنما رواه كما ذكره
الدراوردي خاصة
وقد خالفه في ذلك كل من رواه عن مصعب غيره
حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال ثنا عبد الله بن محمد التيمي قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا
مصعب بن ثابت عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن
يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خديه من هاهنا ومن هاهنا
حدثنا محمد بن خزيمة وإبراهيم بن أبي داود قالا ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو
عن مصعب بن ثابت فذكر بإسناده مثله
فهذا عبد الله بن المبارك مع حفظه وإتقانه قد رواه عن مصعب على خلاف ما رواه الدراوردي عنه
ووافقه على ذلك محمد بن عمرو مع تقدمه وجلالته
ثم قد روى هذا الحديث عن إسماعيل بن محمد عن غير مصعب كما رواه محمد بن عمرو وابن المبارك لا كما
رواه الدراوردي
حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن حسان ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قالا ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد
عن سعد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى أرى بياض خده وعن يساره حتى أرى بياض خده
فقد انتفى بما ذكرنا ما روى الدراوردي عنه وثبت عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين
وقد وافقه على ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
فحدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن يزيد بن أبي مريم
عن أبي موسى قال صلى بنا علي رضي الله عنه يوم الجمل صلاة ذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن يكون نسيناها
أو تركناها على عمد فكان يكبر في كل خفض ورفع ويسلم عن يمينه وعن شماله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال أنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي
الأحوص عن عبد الله قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يبدو بياض خده السلام عليكم
ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
267

حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال ثنا الحسين بن واقد قال
ثنا أبو إسحاق قال ثنا علقمة والأسود بن يزيد وأبو الأحوص قالوا حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أسد قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن
بن الأسود عن أبيه عن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يسلمون عن أيمانهم
وعن شمائلهم في الصلاة السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن زهير بن معاوية ح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا زهير ح
وحدثنا علي بن معبد قال ثنا أبو الجواب الأحوص بن جواب قال أنا زهير عن أبي إسحاق عن
عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا شعبة عن الحكم ومنصور عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال صلى أمير بمكة فسلم عن يمينه وعن شماله فقال عبد الله من
أين علقها قال الحكم في حديثه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله
حدثنا أبو أمية قال ثنا علي بن المديني قال ثنا يحيى فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن وعلي بن عبد الرحمن قالا حدثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو بكر بن عياش
عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن شماله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عمر بن يحيى المازني عن
محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أنه سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال كان يكبر كلما خفض ورفع ويسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا حياة بن شريح قال ثنا بقية عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن
أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمتين عن يمينه وعن شماله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا مسعر ح
وحدثنا أبو أمية قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة قال
كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم سلمنا بأيدينا قلنا السلام عليكم السلام عليكم فقال ما بال أقوام يسلمون بأيديهم
268

كأنها أذناب خيل شمس أما يكفي أحدكم إذا جلس في الصلاة أن يضع يده على فخذه ويشير بأصبعه ويقول
السلام عليكم السلام عليكم
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا أبو إبراهيم الترجماني قال ثنا حديج بن معاوية عن أبي إسحاق
عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمتين
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد وأبو الربيع قالا ثنا عبد الله بن داود عن حريث عن الشعبي
عن البراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت محجرا أبا عنبس يحدث
عن وائل بن حجر أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عن يمينه وعن يساره
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري
قال سمعت عبد الرحمن يحدث عن وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن معين قال ثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على الفضيل حدثني
أبو حريز أن قيس بن أبي حازم حدثه أن عدي بن عميرة الحضرمي حدثه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الصلاة
أقبل بوجهه عن يمينه حتى يرى بياض خده ثم يسلم عن يساره ويقبل بوجهه حتى يرى بياض خده الأيسر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عياش الرقام قال ثنا عبد الأعلى قال ثنا قرة قال ثنا بديل عن شهر بن
حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال قال أبو مالك الأشعري لقومه ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر
الصلاة وسلم عن يمينه وعن شماله ثم قال هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أبو أمية قال ثنا علي بن المديني قال ثنا ملازم بن عمرو قال ثنا هوذة بن قيس بن طلق عن
أبيه عن جده طلق بن علي قال كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم رأينا بياض خده الأيمن وبياض
خده الأيسر
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا قيس بن الربيع عن عمير بن عبد الله عن
عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن أوس بن أوس أو أوس بن أويس قال أقمت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف شهر
فرأيته يصلي ويسلم عن يمينه وعن شماله
حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الصوفي قال ثنا أشعث بن شعبة قال ثنا المنهال بن خليفة عن الأزرق
بن قيس قال صلى بنا أبو أمية ثم حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره
269

قال أبو جعفر فلم نعلم شيئا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في السلام في الصلاة إلا وقد دخل فيما روينا في هذا الباب
فإنما يخالف ذلك من يخالفه إلى حديث الدراوردي الذي قد بينا فساده في أول هذا الباب
وقد احتج قوم في ذلك أيضا بما حدثنا ابن أبي داود وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قالا ثنا
عمرو بن أبي سلمة قال ثنا زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله
كان يسلم تسليمة واحدة
قيل لهم هذا حديث أصله موقوف على عائشة رضي الله عنها هكذا رواه الحفاظ وزهير بن محمد وإن كان رجلا
ثقة فإن رواية عمرو بن أبي سلمة عنه تضعف جدا
هكذا قال يحيى بن معين فيما حكى له عنه غير واحد من أصحابنا لآمنهم علي بن عبد الرحمن بن المغيرة إلي
وزعم أن فيها تخليطا كثيرا
فإن قال قائل فإذ ثبت عن عائشة رضي الله عنها فيما ذكرت فبمن يعارضها في ذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
قيل له بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما قد روينا ذلك عنهما فيما تقدم من هذا الباب
وقد حدثنا حسين بن نصر وعلي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حماد عن أبي الضحى
عن مسروق قال كان أبو بكر رضي الله عنه يسلم عن يمينه وعن شماله ثم ينتقل ساعتئذ كأنه على الرضف
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ووهب قالا ثنا شعبة وهشام ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا هشام عن حماد فذكر بإسناده مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي رزين
قال صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسلم عن يمينه وعن يساره
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عاصم عن أبي رزين قال كان علي
رضي الله عنه يسلم عن يمينه وعن شماله
قيل لسفيان علي رضي الله عنه قال نعم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين قال صليت خلف
علي رضي الله عنه وعبد الله فسلما تسليمتين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا زهير عن أبي إسحاق عن شقيق بن سلمة عن
علي رضي الله عنه أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن
270

السلمي أنه صلى خلف علي رضي الله عنه وابن مسعود فكلاهما يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم
ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن شقيق عن علي
رضي الله عنه أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عثمان بن أبي شيبة قال ثنا جرير عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن
عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أن أميرا صلى بمكة فسلم تسليمتين فقال بن مسعود رضي الله عنه أترى من
أين علقها
فسمعت بن أبي داود يقول قال يحيى بن معين هذا من أصح ما روى في هذا الباب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال كان
عمار أميرا علينا سنة لا يصلى صلاة الا سلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم
ورحمة الله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني عبد العزيز بن أبي حازم عن
أبيه أنه رأى سهل بن سعد الساعدي إذ انصرف من الصلاة سلم عن يمينه وعن شماله
قال أبو جعفر فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلى وابن مسعود وعمار ومن
ذكرنا معهم يسلمون عن أيمانهم وعن شمائلهم لا ينكر ذلك عليهم غيرهم على قرب عهدهم برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحفظهم لأفعاله
فما ينبغي لأحد خلافهم لو لم يكن روى في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ
فكيف وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم ما يوافق فعلهم رضي الله عنهم
فإن أنكر منكر ما روينا عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه أنه كان يسلم في الصلاة تسليمتين وما روينا عنه
في ذلك عن عبد الله واحتج لما أنكر من ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة ح
وبما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال قلت لأبي وائل أتحفظ
التكبير قال نعم قال قلت فالتسليم قال واحدة قال فكيف يجوز أن يحفظ هو التسليم واحدة وقد رأى
عليا رضي الله عنه و عبد الله يسلمان اثنتين
أفترى عمن حفظ الواحدة غيرهما وعنهما كان يتحفظ وبهما كان يقتدى
ففي ثبوت هذا عنه ما يجب به فساد ما رويتم عنه في التسليمتين
271

قيل له ان الذي روينا عنه في التسليمتين صحيح لم يدخله شئ في إسناده ولا في متنه وذلك على السلام من
الصلوات ذوات الركوع والسجود والذي أراده أبو وائل في حديث عمرو بن مرة من السلام مرة واحدة هو
في الصلاة ذات التكبير فإنه قد كان جماعة من الكوفيين منهم إبراهيم يسلمون في صلاتهم على جنائزهم تسليمة
خفية ويسلمون في سائر صلواتهم تسليمتين
فهكذا معنى حديث أبي وائل عندنا في ذلك ولهذا أولى أن يحمل عليه ما روى عنه في ذلك حتى لا يضاد
بعضه بعضا
فإن قال قائل فقد كان عمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين يسلمون في صلاتهم تسليمة واحدة
وذكر في ذلك ما قد حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا معاذ عن ابن عون عن محمد وعن أشعث عن الحسن
انهما كانا يسلمان في الصلاة تسليمة واحدة حيال وجوههما
وما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر عن ابن عون عن الحسن ومحمد تسليمة واحدة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا سعيد عن سعيد عن عمر بن عبد العزيز مثله
قيل له صدقت قد روى هذا عن هؤلاء وقد روى عمن قبلهم ممن ذكرنا ما يخالف ذلك مع ما قد تواتر عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قدمت ذكره في هذا الباب
وقد روى عن سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى وهما من التابعين أكبر من أولئك خلاف ما روى عنهم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن زهرة بن معبد قال كان
سعيد بن المسيب يسلم عن يمينه وعن يساره
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن الحكم قال كنت أصلى مع بن أبي ليلى
فيسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله
فهذان تابعيان معهما من القدم ومن الصحبة بجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس للذي يخالفهما ممن
ذكرنا في هذا الباب
فالذي روينا عنهما من ذلك أولى لاقتدائهما بمن قبلهما ولموافقتهما لما قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
وهذا أيضا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
272

باب السلام في الصلاة هل هو من فروضها أو من سننها
حدثنا الحسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد
بن الحنفية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور واحرامها
التكبير واحلالها التسليم
فذهب قوم إلى أن الرجل إذا انصرف من صلاته بغير تسليم فصلاته باطلة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
تحليلها التسليم فلا يجوز أن يخرج منها بغيره
خالفهم في ذلك آخرون فافترقوا على قولين
فمنهم من قال إذا قعد مقدار التشهد فقد تمت صلاته وان لم يسلم
ومنهم من قال إذا رفع رأسه من آخر سجدة من صلاته فقد تمت صلاته وان لم يتشهد ولم يسلم
وكان من الحجة للفريقين جميعا على أهل المقالة الأولى أن ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله تحليلها التسليم إنما
روي عن علي رضي الله عنه
وقد روي عن علي رضي الله عنه من رأيه في مثل ذلك ما يدل على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كان عنده
على غير ما حمله عليه أهل المقالة الأولى
فذكروا ما قد حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم عن أبي عوانة عن الحكم عن عاصم بن ضمرة
عن علي رضي الله عنه قال إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته
فهذا علي رضي الله عنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تحليلها التسليم ولم يكن ذلك عنده على أن الصلاة لا تتم
الا بالتسليم إذ كانت تتم عنده بما هو قبل التسليم وكان معنى تحليلها التسليم عنده أيضا هو التحليل الذي
ينبغي أن يحل به لا بغيره والتمام الذي لا يجب بما يحدث بعده إعادة الصلاة غيره
فإن قال قائل قد قال تحريمها التكبير فكان هو الذي لا يدخل فيها الا به فكذلك لما قال وتحليلها التسليم
كان كهو أيضا لا يخرج منها الا به
قيل له انه لا يجوز الدخول في الأشياء الا من حيث أمر به من الدخول فيها وقد يخرج من الأشياء من حيث
أمر أن يخرج به منها ومن غير ذلك
من ذلك أنا قد رأينا النكاح قد نهى أن يعقد على المرأة وهي في عدة وكان من عقده عليها وهي كذلك لم يكن
بذلك مالكا لبعضها ولا وجب له عليها نكاح
في أشباه لذلك كثيرة يطول بذكرها الكتاب
273

وأمر أن لا يخرج منه الا بالطلاق الذي لا إثم فيه وأن تكون المطلقة طاهرا من غير جماع فكان من طلق
على غير ما أمر به من ذلك فطلق ثلاثا أو طلق امرأته حائضا يلزمه ذلك وإن كان إثما ويخرج بذلك الطلاق المنهي
عنه من النكاح الصحيح
فكان قد تثبت الأسباب التي تملك بها الأبضاع كيف هي والأسباب التي تزول بها الإملاك عنها كيف هي
ونهوا عما خالف ذلك أو شيئا منه
فكان من فعل ما نهى عنه من ذلك ليدخل به في النكاح لم يدخل به فيه وإذا فعل شيئا منه ليخرج به من
النكاح خرج به منه
فلما كان لا يدخل في الأشياء الا من حيث أمر به والخروج منها قد يكون من حيث أمر به وقد يكون
بغير ذلك
كان كذلك في النظر في الصلاة أن يكون كذلك فيكون الدخول فيها غير واجب إلا بما أمر به من الدخول
فيها ويكون الخروج منها بما أمر به مما يخرج به منها ومن غير ذلك
وكان مما احتج به من ذهب إلى أنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من صلاته فقد تمت صلاته
ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رفع رأسه من آخر
السجود فقد مضت صلاته إذا هو أحدث
وما حدثنا يزيد بن سنان ومحمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي قال ثنا معاذ بن الحكم عن عبد الرحمن
بن زياد فذكر مثله بإسناده
قيل لهم ان هذا الحديث قد اختلف فيه فرواه قوم هكذا ورواه آخرون على غير ذلك
حدثنا إبراهيم بن منقذ وعلي بن شيبة قالا ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم
عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي وبكر بن سوادة الحذامي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إذا قضى الامام الصلاة فقعد فأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم الامام فقد تمت
صلاته فلا يعود فيها
قال أبو جعفر فهذا معناه غير معنى الحديث الأول
وقد روى هذا الحديث أيضا بلفظ غير هذا
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا معاذ بن الحكم قال ثنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن زياد
بن أنعم فذكر مثل حديث أبي بكرة عن أبي داود عن ابن المبارك
274

قال معاذ فلقيت عبد الرحمن بن زياد بن أنعم فحدثني عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة فقلت له
لقيتهما جميعا فقال كليهما حدثني به عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رفع المصلى رأسه
من آخر صلاته وقضى تشهده ثم أحدث فقد تمت صلاته فلا يعود لها
واحتج الذين قالوا لا تتم الصلاة حتى يقعد فيها قدر التشهد بما حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم وأبو غسان
واللفظ لأبي نعيم قالا ثنا زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر قال حدثني القاسم بن مخيمرة قال أخذ
علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وعلمه التشهد
فذكر التشهد على ما ذكرنا عن عبد الله في باب التشهد
وقال فإذا فعلت ذلك أو قضيت هذا فقد تمت صلاتك ان شئت أن تقوم فقم وان شئت أن تقعد فاقعد
حدثنا الحسين بن نصر قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا زهير قال ثنا الحسن بن الحر فذكر
مثله بإسناده
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا أبو معشر البراء عن أبي جمرة عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر التشهد وقال لا صلاة الا بتشهد
فرووا ما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رووا من قول عبد الله ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا يحيى
بن حسان قال ثنا أبو وكيع عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال التشهد انقضاء الصلاة
والتسليم إذن بانقضائها
ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ما يدل على أن ترك السلام غير مفسد للصلاة وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
الظهر خمسا فلم يسلم فلما أخبر بصنيعه فثنى رجله فسجد سجدتين
كما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا وهيب بن خالد عن منصور بن المعتمر عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
ففي هذا الحديث أنه أدخل في الصلاة ركعة من غيرها قبل السلام ولم ير ذلك مفسدا للصلاة ولو رآه مفسدا
لها إذا لأعادها فلما لم يعدها وقد خرج منها إلى الخامسة لا بتسليم دل ذلك أن السلام ليس من صلبها
ألا ترى أنه لو كان جاء بالخامسة وقد بقي عليه مما قبلها سجدة كان ذلك مفسدا للأربع لأنه خلطهن بما
ليس منهن فلو كان السلام واجبا كوجوب سجود الصلاة لكان حكمه أيضا كذلك ولكنه بخلافه فهو سنة
وقد روى أيضا في حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم
أربعا فليبن على اليقين ويدع الشك فإن كانت صلاته نقصت فقد أتمها وكانت السجدتان ترغمان الشيطان وان
كانت صلاته تامة كان ما زاد والسجدتان له نافلة
فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخامسة الزائدة والسجدتين اللتين للسهو تطوعا ولم يجعل ما تقدم من الصلاة بذلك
275

فاسدا وإن كان المصلى قد خرج منها إليه فثبت بذلك أن الصلاة تتم بغير تسليم وأن التسليم من سننها لا من صلبها
فكان تصحيح معاني الآثار في هذا الباب يوجب ما ذهب إليه الذين قالوا لا تتم الصلاة حتى يقعد مقدار التشهد
لان حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد احتمل ما ذكرنا واختلف في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي
صلى الله عليه وسلم على ما وصفنا وأما حديث بن مسعود فهو الذي لم يختلف فيه
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإن الذين قالوا إنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من صلاته فقد تمت صلاته
قالوا رأينا هذا القعود قعود التشهد وفيه ذكر يتشهد به وتسليم يخرج به من الصلاة وقد رأينا قبله في الصلاة
قعودا فيه ذكر يتشهد به
فكل قد أجمع أن ذلك القعود الأول وما فيه من الذكر ليس هو من صلب الصلاة بل هو من سننها
واختلف في القعود الأخير فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كالقعود الأول ويكون ما فيه كما في القعود الأول
فيكون سنة وكل ما يفعل فيه سنة كما كان القعود الأول سنة وكل ما يفعل فيه سنة وقد رأينا القيام الذي في كل
الصلاة والركوع والسجود الذي فيها أيضا كله كذلك فالنظر على ما ذكرنا أن يكون القعود فيها أيضا كله كذلك
فلما كان بعضه باتفاقهم سنة كان ما بقي منه كذلك أيضا في النظر
واحتج عليهم الآخرون فقالوا قد رأينا القعود الأول من قام عنه ساهيا فاستتم قائما أمر بالمضي في قيامه ولم
يؤمر بالرجوع إلى القعود وقد رأينا من قام من القعود الآخر ساهيا حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى قعوده
قالوا فما يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فهو الفرض ومالا يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فليس ذلك بفرض
ألا ترى أن من قام وعليه سجدة من صلاته حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى ما قام عنه لأنه قام فترك فرضا
فأمر بالعود إليه وكذلك القعود الأخير لما أمر الذي قام عنه بالرجوع إليه كان ذلك دليلا أنه فرض ولو كان
غير فرض إذا لما أمر بالرجوع إليه كما لم يؤمر بالرجوع إلى القعود الأول
فكان من الحجة عليهم الآخرين انه إنما أمر الذي قام من القعود الأول حتى استتم قائما بالمضي في قيامه وأن
لا يرجع إلى قعوده لأنه قام من قعود غير فرض فدخل في قيام فرض فلم يؤمر بترك الفرض والرجوع إلى غير
الفرض وأمر بالتمادي على الفرض حتى يتمه.
فكان لو قام عن القعود الأول فلم يستتم قائما أمر بالعود إلى القعود لأنه ما لم يستتم قائما فلم يدخل في فرض
فأمر بالعود مما ليس بسنة ولا فرض إلى القعود الذي هو سنة وكان يؤمر بالعود مما ليس بسنة ولا فريضة إلى ما هو
سنة ويؤمر بالعود من السنة إلى ما هو فريضة وكان الذي قام من القعود الأخير حتى استتم قائما داخلا لا في سنة
ولا في فريضة وقد قام من قعود هو سنة فأمر بالعود إليه وترك التمادي فيما ليس بسنة ولا فريضة
كما أمر الذي قام من القعود الأول الذي هو سنة فلم يستتم قائما فيدخل في الفريضة أن يرجع من ذلك
276

إلى القعود الذي هو سنة فلهذا أمر الذي قام من القعود الأخير حتى استتم قائما بالرجوع إليه لا لما ذهب إليه الآخرون
قال أبو جعفر فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب لا ما قال الآخرون
ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا رحمهم الله تعالى ذهبوا في ذلك إلى قول الذين قالوا إن القعود الأخير
مقدار التشهد من صلب الصلاة لأنه ثبت بالنص كما ذكرنا
وقد قال بعض المتقدمين بما قالوا من ذلك
كما حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم قال ثنا شعبة عن يونس عن الحسن في الرجل يحدث بعد
ما رفع رأسه من آخر السجدة فقال لا يجزيه حتى يتشهد أو يقعد قدر التشهد
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا سعيد بن سابق الرشيدي قال ثنا حياة بن شريح عن ابن جريج
قال كان عطاء يقول إذا قضى الرجل التشهد الأخير فقال السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين فأحدث
وان لم يكن سلم عن يمينه وعن يساره فذكر كلاما معناه فقد مضت صلاته أو قال فلا يعود إليها
باب الوتر
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا علي بن الجعد قال أنا شعبة ح
وحدثنا بكار قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا مجلز يحدث عن ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر ركعة من آخر الليل
حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن قتادة قال
سمعت أبا مجلز فذكر مثله
حدثنا سليمان قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن أبي مجلز قال سألت بن عباس
رضي الله عنهما عن الوتر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ركعة من آخر الليل وسألت بن عمر فقال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة من آخر الليل
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقلدوه وجعلوه أصلا
وخالفهم في ذلك آخرون فافترقوا على فرقتين فقال بعضهم الوتر ثلاث ركعات لا يسلم الا في آخرهن
وقال بعضهم الوتر ثلاث ركعات يسلم في الاثنتين منهن وفي آخرهن
وكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر ركعة من آخر الليل قد يحتمل عندنا ما قال أهل المقالة الأولى ويحتمل
أن يكون ركعة من شفع قد تقدمها وذلك كله وتر فتكون تلك الركعة توتر الشفع المتقدم لها
277

وقد بين ذلك ما قد رواه بعضهم عن ابن عمر رضي الله عنهما
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عاصم عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي
صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصلى ركعة توتر لك صلاتك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيي عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن
عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا بكار قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا بكار قال ثنا أبو داود عن هشيم عن أبي بشر عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا جرير عن منصور عن حبيب عن طاوس عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا خالد قال ثنا عبد الله
بن شقيق عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا فطر عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس قال سمعت بن
عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن بديل بن ميسرة وأيوب عن عبد الله
بن شقيق عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح قال ثنا معاوية بن سلام عن يحيي بن أبي كثير عن أبي
سلمة ونافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أخبرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمي عبد الله بن وهب قال ثنا عمرو بن الحارث عن ابن شهاب
عن سالم وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن أبي داود بن موسى قال ثنا علي بن بحر القطان قال ثنا الوليد بن مسلم عن الوضين
278

بن عطاء قال أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة وأخبر بن عمر رضي الله
عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك
فقد أخبر أنه كان يصلى شفعا ووترا وذلك في الجملة كله وتر وقوله يفصل بتسليمة يحتمل أن يكون تلك التسليمة
يريد بها التشهد ويحتمل أن يكون التسليم الذي يقطع الصلاة
فنظرنا في ذلك فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن منصور عن بكر بن عبد الله
قال صلى بن عمر رضي الله عنهما ركعتين ثم قال يا غلام أرحل لنا ثم قام فأوتر بركعة
ففي هذه الآثار أنه كان يوتر بثلاث ولكنه كان يفصل بين الواحدة والاثنتين فقد اتفق عنه في الوتر أنه ثلاث
وقد جاء عنه من رأيه أيضا ما يدل على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه كما وصفنا أنه يحتمل من التأويل
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن
عقبة بن مسلم قال سألت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الوتر فقال أتعرف وتر النهار قلت نعم صلاة
المغرب قال صدقت أو أحسنت ثم قال بينا نحن في المسجد قام رجل فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر أو عن
صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة
أفلا ترى أن بن عمر حين سأله عقبة عن الوتر فقال أتعرف وتر النهار أي هو كهو وفي ذلك ما ينبئك أن الوتر
كان عند بن عمر ثلاثا كصلاة المغرب إذ جعل جوابه لسائله عن وتر الليل أتعرف وتر النهار صلاة المغرب
ثم حدثه بعد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا فثبت أن قوله فأوتر بواحدة أي مع شئ تقدمها توتر بتلك
الواحدة مما صليت قبلها وكل ذلك وتر
وقد بين ذلك أيضا بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال ثنا محمد بن جعفر قال أخبرني
موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن عامر الشعبي قال سألت بن عباس وابن عمر رضي الله عنهما كيف كان
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقال ثلاث عشرة ركعة ثمان ويوتر بثلاث وركعتين بعد الفجر هكذا في النسخ
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا بشر بن بكر قال ثنا الأوزاعي قال حدثني المطلب بن عبد الله
المخزومي أن رجلا سأل بن عمر رضي الله عنهما عن الوتر فأمره أن يفصل فقال الرجل انى لأخاف أن يقول
الناس هي البتيراء
فقال بن عمر رضي الله عنهما تريد سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هذه سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وقد روى عن عائشة رضي الله عنها في ذكرها وتر النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حقيقة ما ذكرنا
279

حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى
عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت كان نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن المنهال قال ثنا يزيد بن زريع عن سعيد فذكر بإسناده مثله
فأخبرت أن الوتر ثلاثا لا يسلم بين شئ منهن
ثم قد روى عن عائشة رضي الله عنها بعد هذا أحاديث في الوتر إذا كشفت رجعت إلى معنى حديث
سعد هذا
فمن ذلك ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا أبو حرة
قال ثنا الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل
افتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم صلى ثمان ركعات ثم أوتر
فأخبرت هاهنا أنه كان يصلى ركعتين ثم ثمانيا ثم يوتر
فكان معنى ثم يوتر يحتمل ثم يوتر بثلاث منهن ركعتان من الثمان وركعة بعدها
فيكون جميع ما صلى إحدى عشرة ركعة
ويحتمل ثم يوتر بثلاث متتابعات
فيكون جميع ما صلى ثلاث عشرة ركعة
فنظرنا فيما يحتمل من ذلك هل جاء شئ يدل على شئ منه بعينه
فإذا إبراهيم بن مرزوق ومحمد بن سليمان الباغندي قد حدثانا قالا حدثنا أبو الوليد ثنا حصين بن نافع
العنبري عن الحسن عن سعد بن هشام قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت حدثيني عن صلاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة فلما بدن صلى ست ركعات وأوتر
بالسابعة وصلى ركعتين وهو جالس
ففي هذا الحديث أنه كان يوتر بالتاسعة فذلك محتمل أن يكون يوتر بالتاسعة مع اثنتين من الثمان التي قبلها حتى
يتفق هذا الحديث وحديث زرارة ولا يتضادان
حدثنا بكار قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حرة عن الحسن عن سعد بن هشام الأنصاري أنه سأل
عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت كان يصلى العشاء ثم يتجوز بركعتين وقد أعد
سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ثم يصلى ركعتين ثم يقوم فيصلى ثمان ركعات
يسوى بينهن في القراءة ثم يوتر بالتاسعة
280

فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ثم يصلى ركعتين ثم يقوم فيصلى ثمان ركعات يسوى بينهن
في القراءة ثم يوتر بالتاسعة فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم جعل تلك الثماني ستا ثم يوتر بالسابعة
ثم يصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما بقل يا أيها الكافرون وإذا زلزلت الأرض
ففي هذا الحديث أنه كان يصلى قبل الثماني التي يوتر بتاسعتهن أربعا فجميع ذلك ثلاث عشرة ركعة منها الوتر
الذي فسره زرارة عن سعد عن عائشة رضي الله عنها وهو ثلاث ركعات لا يسلم الا في آخرهن فقد صحت
رواية سعد عن عائشة وثابت على ما ذكرنا
وقد روى عبد الله بن شقيق عن عائشة في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا هشيم بن
بغير قال أنا خالد الحذاء قال أنا عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل
فقالت كان إذا صلى بالناس العشاء يدخل فيصلى ركعتين قالت وكان يصلى من الليل تسع ركعات فيهن الوتر فإذا
طلع الفجر صلى ركعتين في بيتي ثم يخرج فيصلى بالناس صلاة الفجر
ففي هذا الحديث أنه كان يصلى إذا دخل بيته بعد العشاء ركعتين ومن الليل تسعا فيهن الوتر
فذلك عندنا على تسع غير الركعتين اللتين كان يخفهما على ما قال سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح صلاته من الليل ركعتين خفيفتين
وإنما حملنا معنى حديث عبد الله بن شقيق على هذا المعنى ليتفق هو وحديث سعد بن هشام ولا يتضادان
وقد روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها في ذلك ما قد حدثنا أحمد بن داود قال ثنا
سهل بن بكار قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا يحيى بن أبي كثير قال ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يصلى ثمان ركعات ثم يوتر بركعة ثم يصلى
ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع وصلى بين أذان الفجر والإقامة ركعتين
فيحتمل أن يكون الثمان ركعات التي أوتر بتاسعتهن في هذا الحديث هي الثمان ركعات التي ذكر سعد بن هشام
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى قبلهن أربع ركعات ليتفق هذا الحديث وحديث سعد ويكون
هذا الحديث قد زاد على حديث سعد وحديث عبد الله بن شقيق تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر
ويحتمل أيضا أن يكون هذه التسع هي التسع التي ذكرها سعد بن هشام في حديثه عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليها لما بدن فيكون ذلك تسع ركعات مع الركعتين الخفيفتين اللتين كان يفتتح بهما
صلاته ثم كان يصلى بعد الوتر ركعتين جالسا بدلا مما كان يصليه قبل أن يبدن قائما وهو ركعتان فقد عاد ذلك
أيضا إلى ثلاث عشرة ركعة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز قال ثنا علي بن المبارك قال ثنا يحيى
بن أبي كثير عن أبي سلمة قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت كان
281

يصلى ثلاث عشرة ركعة يصلى ثمان ركعات ثم يصلى ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع قائما ثم
يسجد وكان يصلى ركعتين بين الأذان والإقامة من صلاة الصبح
فهذا الحديث معناه معنى حديث أحمد بن داود عن سهل غير أنه ترك ذكر الوتر
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة منها ركعتان وهو جالس
ويصلى ركعتين قبل الصبح فذلك ثلاث عشرة ركعة
فقد وافق هذا الحديث أيضا حديث أحمد بن داود وقولها يصلى ركعتين قبل الصبح يعنى قبل صلاة الصبح وهما
الركعتان اللتان ذكرهما أحمد بن داود في حديثه أنه كان يصليهما بين الأذان والإقامة
حدثنا أحمد بن أبي عمران قال ثنا القواريري ح
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا حامد بن يحيى قالا ثنا سفيان قال ثنا ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة
يقول دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت كان صلاته في رمضان وغيره
ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر
فقد وافق هذا الحديث أيضا ما رويناه قبله من أحاديث أبى سلمة
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن أنه أخبره أنه سأل عائشة كيف كان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى أربعا
فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا
قالت عائشة فقلت يا رسول الله أتنام قبل ان توتر قال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي
فيحتمل هذا الحديث أن يكون قولها ثم يصلى ثلاثا تريد يوتر بإحداهن اثنتين من الثمان ثم يصلى
الركعتين الباقيتين
وهما الركعتان اللتان ذكرهما أبو سلمة فيما تقدم مما روينا عنه أنه كان يصليهما وهو جالس حتى يتفق هذا
الحديث وما تقدمه من أحاديثه
ويحتمل أن يكون الثلاث وترا كلها وهو أغلب المعنيين لأنها قد فصلت صلاته فقالت كان يصلى أربعا ثم أربعا
ووصفت ذلك كله بالحسن والطول ثم قالت ثم يصلى ثلاثا ولم تصف ذلك بطول وجمعت الثلاث بالذكر
فذلك عندنا على الوتر فيكون جميع ما كان يصليه إحدى عشرة ركعة مع الركعتين الخفيفتين اللتين في حديث
سعد بن هشام أو مع الركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس بعد الوتر
وهذا أشبه بروايات أبى سلمة لان جميعها تخبر عن صلاته بعد ما بدن وحديث سعد بن هشام يخبر عن صلاته
بعد ما بدن وعن صلاته قبل ذلك
282

وقد روى عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا
حدثه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى من الليل إحدى عشرة
ركعة ويوتر منها بواحدة فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلى ركعتين خفيفتين
فهذا يحتمل أن يكون على صلاته قبل ان يبدن فيكون ذلك هو جميع ما كان يصليه مع الركعتين الخفيفتين اللتين
كان يفتتح بهما صلاته
ويحتمل أن يكون صلاته بعد ما بدن فيكون ذلك على إحدى عشرة منها تسع فيها الوتر وركعتان بعدهما
وهو جالس على ما في حديث أبي سلمة وعلى ما في حديث سعد بن هشام وعبد الله بن شقيق
غير أن غير مالك روى هذا الحديث فزاد فيه شيئا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس وعمرو بن الحارث وابن أبي ذئب عن ابن شهاب
أخبرهم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء
إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة ويسجد سجدة قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية
فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه
المؤذن للإقامة فيخرج معه
وبعضهم يزيد على بعض في قصة الحديث
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري فذكر مثله بإسناده
ففي هذا الحديث أن جميع ما كان يصليه بعد العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة
فقد عاد ذلك إلى حديث أبي سلمة وعلمنا به أن تلك الصلاة هي صلاته بعد ما بدن
وأما قولها يسلم بين كل ركعتين فإن ذلك محتمل أن يكون كان يسلم بين كل ركعتين في الوتر وغيره فيثبت
بذلك ما يذهب إليه أهل المدينة من التسليم بين الشفع والوتر
ويحتمل أن يكون كان يسلم بين كل ركعتين من ذلك غير الوتر ليتفق ذلك وحديث سعد بن هشام ولا
يتضادان مع أنه قد روى عن عروة في هذا خلاف ما رواه الزهري عنه
فمن ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلى إذا سمع النداء ركعتين خفيفتين
فهذا خلاف ما في حديث بن أبي ذئب وعمرو ويونس عن الزهري عن عروة فذلك محتمل أن يكون الركعتان
الزائدتان في هذا الحديث هما الركعتان الخفيفتان اللتان ذكرهما سعد بن هشام في حديثه وليس في
ذلك دليل على وتره كيف كان
283

فنظرنا في ذلك فإذا بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس سجدات يعنى ركعات
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث عن هشام بن عروة
عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس سجدات ولا يجلس بينهما حتى يجلس
في الخامسة ثم يسلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا يونس بن بكير قال أنا محمد بن إسحاق
عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس لا يجلس
الا في آخرهن
فقد خالف ما روى هشام ومحمد بن جعفر عن عروة ما روى الزهري من قوله كان يصلى إحدى عشرة ركعة
يوتر منها بواحدة ويسلم بين كل ركعتين
فلما اضطرب ما روى عن عروة في هذا عن عائشة من صفة وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فيما روى عنها في
ذلك حجة ورجعنا إلى ما روى عنها غيره
فنظرنا فذلك فإذا علي بن عبد الرحمن قد حدثنا قال ثنا عبد الغفار بن داود قال ثنا موسى بن أعين
عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ر
ضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سهل بن بكار قال ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي الضحى عن
مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع فلما بلغ سنا وثقل أوتر بسبع
حدثنا أبو أيوب يعنى بن خلف الطبراني قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا ابن فضيل عن
الأعمش عن عمارة عن يحيى بن الجزار عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
ففي هذا الحديث أن وتره كان تسعا
الا أن فهدا حدثنا قال ثنا الحسن بن الربيع قال ثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن إبراهيم
قال أبو جعفر فيما أظن عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى من الليل تسع ركعات
ففي هذا الحديث أن تلك التسع هي صلاته التي كان يصليها في الليل فخالف هذا ما قبله من حديث الأسود
واحتمل أن يكون جميع ما سماه وترا هو جميع صلاته التي فيها الوتر
والدليل على ذلك ما في حديث يحيى بن الجزار أنه كان يصلى قبل أن يضعف تسعا فلما بلغ سنا صلى سبعا فوافق
ذلك ما روى سعد بن هشام في حديثه من الثمان التي كان يصليهن أولا ويوتر بواحدة فلما بدن جعل تلك الثمان
ستا وأوتر بالسابعة
284

فدل هذا على أنه سمى جميع صلاته في الليل التي كان فيها الوتر وترا حتى تتفق هذه الآثار فلا تتضاد غير أنا لم
نقف بعد على حقيقة الوتر الا في حديث زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام خاصة
فنظرنا هل في غير ذلك دليل على كيفية الوتر أيضا كيف هي
قد حدثنا قال ثنا سعيد بن عقير قال أنا يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن
عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين اللتين كان يوتر بعدهما
بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون ويقرأ في التي في الوتر قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل
أعوذ برب الناس
حدثنا بكر بن سهل الدمياطي قال ثنا شعيب بن يحيى قال ثنا يحيي بن أيوب عن يحيى بن سعيد
عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث يقرأ في أول ركعة بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها
الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد
والمعوذتين
فأخبرت عمرة عن عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث بكيفية الوتر كيف كانت ووافقت على ذلك سعد بن هشام
وزاد عليها سعد أنه كان لا يسلم الا في آخرهن
حدثنا أبو زرعة عن عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا صفوان بن صالح قال ثنا الوليد بن مسلم عن
إسماعيل بن عياش عن محمد بن يزيد الرحبي عن أبي إدريس عن أبي موسى عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في وتره في ثلاث ركعات قل هو الله أحد والمعوذتين
فقد وافق هذا الحديث أيضا ما روى سعد وعمرة
وحدثنا بحر بن نصر قال ثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال
قلت لعائشة بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر قالت كان يوتر بأربع وثلاث وثمان وثلاث وعشر وثلاث ولم يكن
يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة
ففي هذا الحديث ذكرها لما كان يصليه صلى الله عليه وسلم في الليل من التطوع وتسميها إياه وترا الا أنها قد فصلت بين
الثلاث وبين ما ذكرت معها وليس في ذلك الا لان الثلاث كان لها معنى بائن من معنى ما قبلها فدل ذلك على معنى
حديث الأسود ومسروق ويحيي بن الجزار عن عائشة أنه كذلك
والدليل على ذلك أيضا ما روى عنها من قولها
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا ابن أبي عمر قال ثنا سفيان عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عن
سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها قالت كان الوتر سبعا وخمسا والثلاث بتيراء
285

فكرهت أن تجعل الوتر ثلاثا لم يتقدمهن شئ حتى يكون قبلهن غيرهن فلما كان الوتر عندها أحسن ما يكون
هو أن يتقدمه تطوع إما أربع وإما اثنتان جمعت بذلك تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل الذي صلح به الوتر الذي بعدها
والوتر فسمت ذلك بذلك وترا
الا أنه قد ثبت في جملة ذلك عنها أن الوتر ثلاثا فثبت من روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه عنها سعد بن هشام
لموافقة قولها من رأيها إياه
فثبت بذلك أن الوتر ثلاثا لا يسلم الا في آخرهن
غير أن ما رواه هشام بن عروة عن أبيه في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس لا يجلس الا في آخرهن لم
نجد له معنى
وقد جاءت العامة عن أبيه وعن غيره عن عائشة رضي الله عنها بخلاف ذلك فما روته العامة أولى مما رواه
هو وحده وانفرد به
وقد رويت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك آثار يعود معناها أيضا إلى المعنى الذي
عاد إليه معنى حديث عائشة رضي الله عنها
فمن ذلك ما قد حدثنا ابن مرزوق وبكار قالا ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس
رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة
ومن ذلك ما قد حدثنا ابن خزيمة قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاوس
عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه بات عند خالته ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل يصلى
فقمت فتوضأت ثم قمت عن يساره فجذبني فأدارني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة قيامه فيهن سواء
ومن ذلك ما حدثنا بكار قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت كريبا يحدث
عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر مثله وقال فتكاملت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة
فقد اتفق هذا الحديث وحديث عائشة رضي الله عنها في جملة صلاته أنها كانت ثلاث عشرة ركعة
الا أنه لا تفصيل في حديث بن عباس رضي الله عنهما فأردنا أن ننظر هل روى عن ابن عباس رضي الله
عنهما في تفصيل ذلك شئ
فنظرنا في ذلك فإذا علي بن معبد قد حدثنا قال ثنا شعبة قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا يونس
بن أبي إسحاق عن المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن أبيه قال أمرني العباس
رضي الله عنهما أن أبيت بآل النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم إلى أن لا تنام حتى تحفظ لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم نام ثم قام فبال ثم توضأ ثم صلى ركعتين ليستا بطويلتين ولا
286

بقصيرتين ثم عاد إلى فراشه ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم استوى وفعل مثل ذلك حتى صلى ست
ركعات وأوتر بثلاث
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قال ثنا أبي عن ابن عباس رضي الله عنه مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا حصين عن حبيب بن أبي
ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال ثم أوتر ولم
يقل بثلاث
فأخبر علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن وتر النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان في صلاته تلك وأنه ثلاث وخالف
أبا جمرة وعكرمة بن خالد وكريبا في عدد التطوع
وأما سعيد بن جبير فروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود
قال ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت سعيد بن جبير يقول عن ابن عباس رضي الله عنه ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر ح
وحدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قالا ثنا شعبة عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بت في بيت خالتي ميمونة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء فصلى أربعا
ثم قام فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة
ففي هذا الحديث أنه صلى إحدى عشرة ركعة منها ركعتان بعد الوتر
فقد وافق علي بن عبد الله في التسع التي منها الوتر وزاد عليه ركعتين بعد الوتر
وقد روى عن سعيد بن جبير ويحي بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما في وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم مفردا
ما يدل على أنه ثلاث
فمن ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو بكر النهشلي عن حبيب بن أبي ثابت عن
يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا لوين قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا لوين قال ثنا شريك عن مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير
287

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى
وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا ابن رجاء قال أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
فهذا فيه تحقيق ما روى علي بن عبد الله عن أبيه من وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان ثلاثا
وأما كريب فروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوحاظي قال
ثنا سليمان بن بلال قال ثنا شريك بن أبي نمر أن كريبا أخبره أنه سمع بن عباس رضي الله عنه يقول بت
ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرف من العشاء الآخرة انصرفت معه فلما دخل البيت ركع ركعتين خفيفتين
ركوعهما مثل سجودهما وسجودهما مثل قيامهما ثم اضطجع مكانه في مصلاه حتى سمعت غطيطه ثم تعار
ثم توضأ فصلى ركعتين كذلك ثم اضطجع ثانية مكانه فرقد حتى سمعت غطيطه ثم فعل مثل ذلك خمس مرات
فصلى عشر ركعات ثم أوتر بواحدة وأتاه بلال فأذنه بالصبح فصلى ركعتين ثم خرج إلى الصلاة
فقد أخبر في هذا الحديث أنه صلى عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقد يحتمل أن يكون أوتر بواحدة مع ثنتين
قد تقدمتاها فتكونان مع هذه الواحدة ثلاثا ليستوي معنى هذا الحديث معنى حديث علي بن عبد الله وسعيد
بن جبير ويحيى بن الجزار
ثم نظرنا هل روى عنه ما يبين ذلك
فإذا إبراهيم بن منقذ العصفري قد حدثنا قال ثنا المقبري عن سعيد بن أبي أيوب قال ثنا عبد ربه
بن سعيد عن قيس بن سليمان عن كريب مولى بن عباس رضي الله عنهما أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
حدثه قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العشاء ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر بثلاث
فاتفق هذا الحديث وحديث بن أبي داود على أن جميع ما صلى إحدى عشرة ركعة وبين هذا أن الوتر فيها
ثلاث فثبت بذلك أن معنى حديث بن أبي داود ثم أوتر بواحدة أي مع اثنتين قد تقدمتاهما معها وتر
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن مخرمة بن سليمان عن خريب ان عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما حدثه أنه بات ليلة عند ميمونة وهي خالته فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين
ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع ثم جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم
خرج فصلى الصبح
فقد زاد في هذا الحديث ركعتين ولم يخالفه في الوتر فكان ما روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما لما جمعت معاينه
يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث
288

وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله في ذلك شئ
حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا يزيد بن عطاء عن الأعمش عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إني لأكره أن يكون بتراء ثلاثا ولكن سبعا أو خمسا
حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال ثنا سفيان بن عيينة عن الأعمش فذكر بإسناده نحوه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا شعبة عن الأعمش فذكر بإسناده مثله
فهذا عندنا على أنه كره أن يوتر وترا لم يتقدمه تطوع وأحب أن يكون قبله تطوع إما ركعتان وإما أربع
فإن قال قائل فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما خلاف هذا
فذكر ما حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عطاء
قال قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما هل لك في معاوية أوتر بواحدة وهو يريد أن يعيب معاوية
فقال بن عباس أصاب معاوية
قيل له قد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في فعل معاوية هذا ما يدل على إنكاره إياه عليه
وذلك أن أبا غسان مالك بن يحيى الهمداني حدثنا قال ثنا عبد الوهاب عن عطاء قال أنا عمران بن حدير
عكرمة أنه قال كنت مع بن عباس عند معاوية نتحدث حتى ذهب هزيع من الليل فقام معاوية فركع
ركعة واحدة فقال بن عباس من أين ترى أخذها الحمار
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا عمران فذكر بإسناده مثله إلا أنه لم يقل الحمار
وقد يجوز أن يكون قول بن عباس أصاب معاوية على التقية له أي أصاب في شئ آخر لأنه كان في زمنه
ولا يجوز عليه عندنا أن يكون ما خالف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد علمه عنه صوابا
وقد روى عن ابن عباس في الوتر أنه ثلاث
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عبد الله بن محمد الفهمي قال أنا ابن لهيعة عن عبد العزيز بن صالح عن أبي
منصور قال سألت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن الوتر فقال ثلاث قال بن لهيعة
وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبدة عن أبي منصور بذلك
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن حصين عن أبي يحيي قال سمر المسور بن مخرمة وابن عباس رضي الله
عنه حتى طلعت الحمراء ثم نام بن عباس رضي الله عنهما فلم يستيقظ إلا بأصوات أهل الزوراء فقال لأصحابه
289

أتروني أدرك أصلى ثلاثا يريد الوتر وركعتي الفجر وصلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقالوا نعم فصلى
وهذا في آخر وقت الفجر
فمحال أن يكون الوتر عنده يجزى فيه أقل من ثلاث ثم يصليه حينئذ ثلاثا مع ما يخاف من فوت الفجر
فدل ذلك على صحة ما صرفنا إليه معاني أحاديثه في الوتر أنه ثلاث
وقد روي عن علي بن أبي طالب في الوتر أيضا أنه ثلاث
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال كان النبي
صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع سور من المفصل في الركعة الأولى ألهاكم التكاثر وإنا أنزلناه في ليلة القدر وإذا زلزلت
وفي الثانية والعصر وإذا جاء نصر الله وإنا أعطيناك الكوثر وفي الثالثة قل يا أيها الكافرون
وتبت وقل هو الله أحد
وروى عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا عباد بن العوام عن الحجاج عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران
بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر في الركعة الأولى ب سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها
الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد
وروى عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه
عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني أنه قال لأرمقن
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين
طويلتين طويلتين طويلتين ثلاث مرار ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين هما دون اللتين
قبلهما ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة
فالكلام في هذا مثل الكلام فيما تقدمه
وقد روى عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح
قال ثنا عمارة بن زاذان عن أبي غالب عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع فلما بدن
وكثر لحمه
أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما إذا زلزلت وقل يا أيها الكافرون
فقد يجوز أن يكون ذكر شفعه وهو التطوع ووتره فجعل ذلك كله وترا كما قد ذكرنا في بعض ما تقدم
ذكرنا له
وقد روينا عن أبي أمامة من فعله ما يدل على هذا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا سليمان بن حيان عن أبي غالب أن أبا أمامة كان
يوتر بثلاث
290

فثبت بذلك أن الوتر عند أبي أمامة هو ما ذكرنا ومحال أن يكون ذلك عنده كذلك وقد علم من فعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه ولكن ما علمه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم معناه ما صرفنا إليه والله أعلم
وقد روى في ذلك عن أم الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا نعيم بن حماد
قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن أم الدرداء قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوتر بثلاث عشرة ركعة فلما كبر وضعف أوتر بسبع
فالكلام في هذا مثل الكلام في حديث أبي أمامة أيضا
وقد روى في ذلك عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا جرير بن
عبد الحميد عن منصور عن الحكم عن مقسم عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس وبسبع لا يفصل
بينهن بسلام ولا كلام
فقد يجوز أن يكون هذا قبل أن يحكم الوتر فكان من شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بسبع وكان إنما
يراد منهم أن يصلوا وترا لا عدد له معلوم
وقد روى عن أبي أيوب ما يدل على أن ذلك كان كذلك
حدثنا أبو غسان قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي
عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بخمس فإن لم تستطع فبثلاث فإن لم تستطع فبواحدة
فإن لم تستطع فأومئ إيماء
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا سهل بن بكار قال ثنا وهيب بن خالد قال ثنا معمر عن الزهري عن عطاء
بن يزيد عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر حق فمن أوتر بخمس فحسن ومن أوتر بثلاث فقد أحسن
ومن أوتر بواحدة فحسن ومن لم يستطع فليومئ إيماء
حدثنا فهد قال ثنا يحيي بن عبد الله بن الضحاك قال ثنا الأوزاعي قال ثنا الزهري عن عطاء
بن يزيد عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر حق فمن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن
شاء أوتر بواحدة
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أيوب قال الوتر حق
أو واجب فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بواحدة ومن
غلب إلى أن يومئ فليومئ
فأخبر في هذا الحديث أنهم كانوا مخيرين في أن يوتروا بما أحبوا لا وقت في ذلك ولا عدد بعد أن يكون
ما يصلون وترا
وقد أجمعت الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف ذلك وأوتروا وترا لا يجوز لكل من أوتر عنده ترك شئ منه
291

فدل اجماعهم على نسخ ما قد تقدمه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لان الله عز وجل لم يكن ليجمعهم على ضلال
وقد روى عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو المطرف بن أبي الوزير
قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم
الوتر فقرأ في الأولى ب سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو
الله أحد فلما فرغ قال سبحان الملك القدوس ثلاثا يمد صوته بالثالثة
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن زبيد فذكر مثله بإسناده
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد فذكر مثله بإسناده غير
أنه قال وفي الثانية قل للذين كفروا يعنى قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة الله الواحد الصمد
فهذا يدل على أنه كان يوتر بثلاث
وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمى عبد الله بن
وهب قال ثنا سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
والأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا توتروا بثلاث وأوتروا بخمس أو سبع
ولا تشبهوا بصلاة المغرب
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة حدثه عن عراك بن
مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه ولم يرفعه قال لا توتروا بثلاث ركعات تشبهوا بالمغرب ولكن أوتروا
بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة
فقد يحتمل أن يكون كره إفراد الوتر حتى يكون معه شفع على ما قد روينا قبل هذا عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنها فيكون ذلك تطوعا قبل الوتر وفي ذلك نفى الواحدة أن تكون وترا
ويحتمل أن يكون على معنى ما ذكرنا من حديث أبي أيوب في التخيير الا أنه ليس فيه إباحة الوتر بالواحدة
فقد ثبت بهذه الآثار التي رويناها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوتر أكثر من ركعة ولم يرو في الركعة شئ
وتأويله يحتمل ما قد شرحناه وبيناه في موضعه من هذا الباب
ثم أردنا أن نلتمس ذلك من طريق النظر فوجدنا الوتر لا يخلو من أحد وجهين اما ان يكون فرضا أو سنة
فإن كان فرضا فإنا لم نر شيئا من الفرائض الا على ثلاثة أوجه فمنه ما هو ركعتان ومنه ما هو أربع ومنه ما هو
ثلاث وكل قد أجمع أن الوتر لا تكون اثنتين ولا أربعا
فثبت بذلك أنه ثلاث
292

هذا إذا كان فرضا وأما إذا كان سنة فإنا لم نجد شيئا من السنن إلا وله مثل في الفرض
من ذلك الصلاة منها تطوع ومنها فرض
ومن ذلك الصدقات لها أصل في الفرض وهو الزكاة
ومن ذلك الصيام وله أصل في الفرض وهو صيام شهر رمضان وما أوجب الله عز وجل في الكفارات
ومن ذلك الحج يتطوع به وله أصل في الفرض وهو حجة الاسلام
ومن ذلك العمرة يتطوع بها ووجوبها فيه اختلاف سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى
ومن ذلك العتاق له أصل في الفرض وهو ما فرض الله عز وجل في الكتاب من الكفارات والظهار
فكانت هذه الأشياء كلها يتطوع بها ولها أصول في الفرض فلم نر شيئا يتطوع به الا وله أصل
في الفرض
وقد رأينا أشياء هي فرض ولا يجوز أن يتطوع بها
منها الصلاة على الجنازة وهي فرض ولا يجوز أن يتطوع بها ولا يجوز لأحد أن يصلى على ميت مرتين بتطوع
بالآخرة منهما
فكان الفرض قد يكون في شئ ولا يجوز أن يتطوع بمثله
ولم نر شيئا يتطوع به الا وله مثل في الفرض منه أخذ وكان الوتر يتطوع به فلم يجز أن يكون كذلك
الا وله مثل في الفرض والفرض لم نجد فيه وترا الا ثلاثا
فثبت بذلك أن الوتر ثلاث
هذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى في ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد
قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة
قال فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى يعتمد على العصا من طول القيام وما كنا ننصرف الا في وقوع الفجر
فهذا يدل على أنهم كانوا يوترون بثلاث لأنه لا يجوز أن يكونوا كانوا يصلون شفعا واحدا ثم ينصرفون عليه
حتى يصلوه بشفع آخر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو عن ابن أبي
هلال عن ابن السباق عن المسور بن مخرمة قال دفنا أبا بكر ليلا فقال عمر انى لم أوتر فقام وصففنا وراءه
فصلى بنا ثلاث ركعات لم يسلم الا في آخرهن
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو خالدة قال سألت أبا العالية عن الوتر فقال علمنا
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو علمونا أن الوتر مثل صلاة المغرب غير أنا نقرأ في الثالثة فهذا وتر الليل وهذا وتر النهار
293

حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع عن سليمان بن مهران عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد
عن عبد الله بن مسعود قال الوتر ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان عن الأعمش عن مالك بن الحارث فذكر مثله
إسناده
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن حميد عن أنس رضي الله
عنه قالوا الوتر ثلاث ركعات وكان يوتر بثلاث ركعات
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت قال صلى بي أنس رضي الله
عنه الوتر أنا عن يمينه وأم ولده خلفنا ثلاث ركعات لم يسلم الا في آخرهن ظننت أنه يريد أن يعلمني
حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو عاصم عن ابن عجلان عن نافع والمقبري سمعا معاذا القارئ يسلم في
الركعتين من الوتر
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن عياش بن عباس القتباني عن عامر بن
يحيي عن حنش الصنعاني قال كان معاذ يقرأ للناس في رمضان فكان يوتر بواحدة يفصل بينها وبين الثنتين
بالسلام حتى يسمع من خلفه تسليمه
فلما توفى قام للناس زيد بن ثابت فأوتر بثلاث لم يسلم حتى فرغ منهن
فقال له الناس أرغبت عن سنة صاحبك فقال لا ولكن ان سلمت انفض الناس
فهؤلاء جميعا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يوترون بثلاث فمنهم من كان يسلم في الاثنتين ومنهم من كان
لا يسلم
فلما ثبت عنهم أن الوتر ثلاث نظرنا في حكم التسليم بين الاثنتين منهن كيف هو
فرأينا التسليم يقطع الصلاة ويخرج المسلم به منها حتى يكون في غير صلاة
وقد رأينا ما اجمعوا عليه من الفرض لا ينبغي أن يفصل بعضه من بعض بسلام
فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك الوتر لا ينبغي أن يفصل بعضه من بعض بسلام
فإن قال قائل فإنه قد روى عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يوتر بواحدة فذكر ما حدثنا
أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا فليح بن سليمان الخزاعي قال ثنا محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن
التيمي قال قلت لا يغلبني الليلة على القيام أحد فقمت أصلي فوجدت حس رجل من خلفي في ظاهري
فنظرت فإذا عثمان بن عفان فتنحيت له فتقدم فاستفتح القرآن حتى ختم ثم ركع وسجد فقلت أو هم الشيخ فلما
صلى قلت يا أمير المؤمنين إنما صليت ركعة واحدة فقال أجل هي وتري
294

قيل له قد يجوز أن يكون عثمان كان يفصل بين شفعه ووتره فيكون قد صلى شفعه قبل ذلك ثم أوتر
في وقت ما رآه عبد الرحمن
وفي إنكار عبد الرحمن فعل عثمان دليل على أن العادة التي قد كان جرى عليها قبل ذلك وعرفها على غير ما فعل
عثمان وعبد الرحمن فله صحبة
فقد دخل بذلك هذا المعنى في المعنى الأول
وان احتج في ذلك محتج بما روى عن سعد فإنه قد حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا
بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة حدثهم عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن سعيد بن المسيب
قال شهد عندي من شيب من آل سعد بن أبي وقاص ان سعد بن أبي وقاص كان يوتر بواحدة
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا حصين عن
مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يوتر بواحدة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة
قال أمنا سعد بن أبي وقاص في صلاة العشاء الآخرة فلما انصرف تنحى في ناحية المسجد فصلى ركعة فاتبعته
فأخذت بيده فقلت له يا أبا إسحاق ما هذه الركعة فقال وتر أنام عليه قال عمرو فذكرت ذلك لمصعب بن سعد
فقال كان يوتر بركعة واحدة يعنى سعدا
قيل له قد يجوز أن يكون سعد فعل في ذلك ما احتمله ما فعله عثمان فيما ذكرنا قبله
فإن قال قائل ففي حديث عمرو بن مرة ما يدل على خلاف ذلك لأنه قال صلى بنا فلما انصرف تنحى
فصلى ركعة
قيل له قد يجوز أن يكون ذلك الانصراف هو الانصراف إلى منزله وقد صلى قبل ذلك بعد انصرافه من صلاته
وقد حدثنا أبو أمية قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال ثنا داود بن أبي هند عن عامر قال كان
آل سعد وآل عبد الله بن عمر يسلمون في الركعتين من الوتر ويوترون بركعة ركعة
فقد بين الشعبي في الحديث مذهب آل سعد في الوتر وهم المقتدون بسعد المتبعون لفعله وإن وترهم الذي
كان ركعة ركعة إنما هو وتر بعد صلاة قد فصلوا بينه وبينها بتسليم
فقد عاد ذلك إلى قول الذين ذهبوا إلى أن الوتر ثلاث
وقد حدثنا بكار قال ثنا أبو داود قال ثنا حماد عن حماد عن إبراهيم أن بن مسعود عاب ذلك على سعد
ومحال عندنا أن يكون عبد الله عاب ذلك على سعد مع نبل سعد وعلمه إلا لمعنى قد ثبت عنده وهو أولى من فعله
295

ولو كان بن مسعود إنما خالفه برأيه لما كان رأيه أولى من رأى سعد ولما عاب ذلك على سعد إذا كان ما أخذ
ذلك منه هو الرأي ولكن الذي علمه بن مسعود رضي الله عنه مما خالف فعل سعد في ذلك هو غير الرأي
وان احتج في ذلك بما حدثنا فهد قال ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يزيد بن أبي مريم عن أبي
عبيد الله قال رأيت أبا الدرداء وفضالة بن عبيد ومعاذ بن جبل رضي الله عنه يدخلون المسجد والناس في صلاة
الغداة فيتنحون إلى بعض السواري فيوتر كل واحد منهم بركعة ثم يدخلون مع الناس في الصلاة
قيل له قد يجوز أن يكون ذلك كان منهم بعد ما كانوا صلوا في بيوتهم أشفاعا كثيرة فكان ذلك الذي صلوا
في بيوتهم هو الشفع وما صلوا في المسجد هو الوتر فيعود ذلك أيضا إلى الوتر ثلاث
وقد حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي الزناد عن أبيه قال أثبت عمر
بن عبد العزيز الوتر بالمدينة بقول الفقهاء ثلاثا لا يسلم الا في آخرهن
حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي قال ثنا خالد بن نزار الأيلي قال ثنا عبد الرحمن
بن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبى بكر
بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم أهل فقه وصلاح
وفضل وربما اختلفوا في الشئ فأخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا
فكان مما وعيت عنهم على هذه الصفة أن الوتر ثلاث لا يسلم الا في آخرهن
فهذا من ذكرنا من فقهاء المدينة وعلمائهم قد أجمعوا أن الوتر ثلاث لا يسلم الا في آخرهن وتابعهم على ذلك عمر
بن عبد العزيز ولم ينكر ذلك منكر سواهم وقد علم سعيد بن المسيب ما كان من وتر سعد فأفتى بغيره ورآه
أولى منه وقد أفتى عروة بن الزبير بذلك أيضا وقد روى عنه الزهري وابنه هشام في الوتر ما قد تقدمت روايتنا له
في هذا الباب
فهذا عندنا مما لا ينبغي خلافه لما قد شهد له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فعل أصحابه وأقوال أكثرهم من بعده
ثم اتفق عليه تابعوهم
باب القراءة في ركعتي الفجر
قال أبو جعفر قال قوم لا يقرأ في ركعتي الفجر وقال آخرون يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب خاصة
واحتج الفريقان في ذلك بما قد حدثني يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر أن
حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الاذان لصلاة الصبح أو النداء
بالصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة
296

حدثنا محمد بن إدريس المكي قال ثنا الحميدي قال ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن موسى بن عقبة
عن نافع فذكر بإسناده نحوه
فذهبوا إلى أن السنة فيهما هي التخفيف
وممن قال إنه يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب خاصة مالك بن أنس رضي الله عنهما
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال قال مالك بذلك آخذ في خاصة نفسي أن أقرأ فيهما بأم القرآن
حدثنا أبو أمية قال ثنا عبد الله بن حمران قال ثنا عبد الحميد بن جعفر عن يحيى بن سعيد عن
عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ركعتي الفجر ركعتين خفيفتين حتى أقول هل
قرأ فيهما بأم الكتاب
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا علي بن مسهر عن يحيي بن سعيد فذكر
بإسناده نحوه
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا معاوية بن صالح أن يحيي بن سعيد حدثه أن محمد
بن عبد الرحمن حدثه عن أمه عمرة أن عائشة رضي الله عنها قالت ثم ذكر نحوه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن قال سمعت عمتي عمرة
تحدث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين أقول يقرأ فيهما
بفاتحة الكتاب
قال أبو جعفر ففي حديث شعبة هذا خلاف ما في غيره من أحاديث عائشة رضي الله عنها التي قبله لأنه قال قالت
أقول قرأ فيهما بفاتحة الكتاب
ففي هذا تثبيت قراءته فيهما فذلك حجة على من نفى القراءة منهما ويجوز أن يكون يقرأ فيهما
وغيرها فيخفف القراءة جدا حتى تقول على التعجب من تخفيفه هل قرأ فيهما بفاتحة الكتاب
وقد روى عنها منقطعا ما فيه أنه قد كان يقرأ فيهما غير فاتحة الكتاب
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا هشام عن محمد أن عائشة رضي الله عنها قالت كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفى ما يقرأ فيهما وذكرت قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
فقد ثبت عنه بحديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه شعبة قراءة فاتحة الكتاب وبحديث أبى بكرة هذا قراءة
قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
فثبت بذلك أنه كان يفعل فيهما ما يفعل في سائر الصلوات من القراءة
ثم نظرنا هل روى غير عائشة رضي الله عنها في ذلك شيئا
297

فإذا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان عن
عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين
بعد المغرب ب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مجاهد ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر قال
رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين مرة أو خمسا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل صلاة الغداة وفي الركعتين بعد
المغرب ب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا سويد بن سعيد قالا ثنا مروان بن معاوية قال ثنا عثمان بن حكيم
الأنصاري قال أنا سعيد بن يسار أنه سمع بن عباس رضي الله عنهما يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي
الفجر في الأولى منهما قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية وفي الثانية قل آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا عبد العزيز بن محمد قال ثنا عثمان بن عمر بن موسى
قال سمعت أبا الغيث يقول سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في السجدتين قبل
الفجر في السجدة الأولى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم) الآية وفي السجدة الثانية (ربنا
آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عثمان بن موسى بن خلف العمى قال ثنا أخي خلف بن موسى عن أبيه
عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر ب قل يا أيها الكافرون وقل
هو الله أحد
حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي قال ثنا يحيي بن معين قال ثنا عبد الله بن يزيد
بن عبد الله بن أنيس الأنصاري قال سمعت طلحة بن خراش يحدث عن جابر أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر
فقرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا عبد آمن بربه ثم قام فقرأ
في الآخرة قل هو الله أحد حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا عبد عرف ربه قال طلحة فأنا أستحب
أن أقرأ هاتين السورتين في هاتين الركعتين
ففي هذه الآثار في بعضها أنه قرأ ب قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وفي بعضها أنه قرأ بغير
ذلك وليس في ذلك نفى أن يكون قد قرأ فاتحة الكتاب مع ما قرأ به من ذلك
فقد ثبت بما وصفنا أن تخفيفه ذلك معه قراءة وثبت بما ذكرنا من قراءته غير فاتحة الكتاب نفى
قول من كره أن يقرأ فيهما غير فاتحة الكتاب فثبت أنهما كسائر التطوع وأنه يقرأ فيهما كما يقرأ في التطوع ولم
نجد شيئا من صلوات التطوع لا يقرأ فيه بشئ ويقرأ فيه بفاتحة الكتاب خاصة
298

ولم نجد شيئا من التطوع كره أن يمد فيه القراءة
بل قد استحب طول القنوت وروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمن ذلك ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا شجاع بن الوليد قال ثنا سليمان بن مهران ح
وحدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا الفريابي قال ثنا مالك بن مغول عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر
قال أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي الصلاة أفضل قال طول القنوت
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال سمعت أبا الزبير يحدث عن جابر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصلاة طول القيام
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصلاة طول القيام
حدثنا علي بن معبد قال ثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج قال ثنا عثمان بن أبي سليمان عن علي
الأزدي عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حبشي الخثعمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الصلوات أفضل
قال طول القيام
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا حبان قال ثنا سويد أبو حاتم قال حدثني عبد الله بن عبيد بن عمير
الليثي عن أبيه عن جده أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل قال طول القنوت
وسمعت بن أبي عمران يقول سمعت بن سماعه يقول سمعت محمد بن الحسن يقول بذلك نأخذ وهو أفضل
عندنا من كثرة الركوع والسجود مع قلة طول القيام فلما كان هذا حكم التطوع وقد جعلت ركعتا الفجر من أشرف
التطوع وأكد أمرهما ما لم يؤكد أمر غيرهما من التطوع
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيهما ما قد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال ثنا خالد
بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن زيد بن قنفذ عن ابن سيلان عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتركوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال حدثني عطاء عن
عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شئ من النوافل أشد معاهدة منه
على الركعتين قبل الفجر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا حفص عن ابن جريج عن عطاء فذكر
مثله بإسناده
299

حدثنا فهد قال ثنا يحيي بن عبد الحميد قال ثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد
بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها
قال أبو جعفر فلما كانت أشرف التطوع كان أولى بهما أن يفعل فيهما أشرف ما يفعل في التطوع
وقد حدثني بن أبي عمران قال حدثني محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد قال سمعت أبا حنيفة رحمه الله
يقول ربما قرأت في ركعتي الفجر جزأين من القرآن فبهذا نأخذ لا بأس أن يطال فيهما القراءة وهي عندنا أفضل
من التقصير لان ذلك من طول القنوت الذي فضله رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطوع على غيره
وقد روى في ذلك أيضا عن إبراهيم حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر ح
وحدثنا ابن خزيمة قال ثنا مسلم عن إبراهيم قال ثنا هشام الدستوائي قال ثنا حماد عن إبراهيم قال
إذا طلع الفجر فلا صلاة الا الركعتين اللتين قبل الفجر قلت لإبراهيم أطيل فيهما القراءة قال نعم ان شئت
وقد رويت آثار عمن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة فيهما أردت بذكرها الحجة على من قال لا قراءة فيهما
فمن ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم النخعي
قال كان بن مسعود يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الصبح قل يا أيها الكافرون وقل
هو الله أحد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم عن أصحابه انهم
كانوا يفعلون ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أخبرني الأعمش عن إبراهيم أن أصحاب
بن مسعود رضي الله عنه كانوا يفعلون ذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن العلاء بن المسيب أن أبا وائل قرأ في ركعتي
الفجر بفاتحة الكتاب وبآية
حدثنا يونس وفهد قالا حدثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا بكر بن مضر قال حدثني جعفر بن
ربيعة عن عقبة بن مسلم عن عبد الرحمن بن جبير أنه سمع عبد الله بن عمرو يقرأ في ركعتي الفجر بأم القرآن
لا يزيد معها شيئا
باب الركعتين بعد العصر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق عن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت ما كان اليوم الذي يكون عندي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الا صلى ركعتين بعد العصر
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا الشيباني
300

قال ثنا عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما
سرا ولا علانية ركعتان قبل الصبح وركعتان بعد العصر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا حفص عن الشيباني ثم ذكر
بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا هلال بن يحيى قال ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه
عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الركعتين بعد العصر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا عباد بن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها قالت والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين عندي بعد العصر قط
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر قال ثنا سفيان عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي قط بعد العصر الا صلى ركعتين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا ابن أبي الرجال عن أبيه عن عمرة عن
عائشة رضي الله عنها نحوه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحوضي قال ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن أم موسى قالت أتيت عائشة
رضي الله عنها فسألتها عن الركعتين بعد العصر فذكرت عنها مثل ذلك أيضا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا إسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة العصر ثم يصلى بعدها ركعتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال سمعت أبا سعيد الأعمى يحدث عن
رجل يقال له السائب مولى القارئين عن زيد بن خالد الجهني أنه رآه ركع بعد العصر ركعتين وقال لا أدعهما
بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا وقالوا لا بأس بأن يصلى الرجل بعد العصر ركعتين وهما من السنة عندهم
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
فخالفهم أكثر العلماء في ذلك وكرهوهما
واحتجوا في ذلك بما حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال أنا طلحة بن يحيى
عن عبيد الله بن عبد الله عتبة أن معاوية أرسل إلى أم سلمة يسألها عن الركعتين اللتين ركعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد
العصر فقالت نعم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ركعتين بعد العصر فقلت أمرت بهما قال لا ولكني كنت
أصليهما بعد الظهر فشغلت عنهما فصليتهما الان
301

حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر قال ثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن أن معاوية بن أبي سفيان قال وهو على المنبر لكثير بن الصلت اذهب إلى عائشة رضي الله
عنها فاسألها عن ركعتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر قال أبو سلمة فقمت معه وقال بن عباس رضي الله عنه لعبد الله بن
الحارث اذهب معه فجئناها فسألناها فقالت لا أدرى سلوا أم سلمة فسألناها فقالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم
بعد العصر فصلى ركعتين فقلت يا رسول الله ما كنت تصلى هاتين الركعتين فقال قدم على وفد من بنى تميم
أو جاءتني صدقة فشغلوني عن ركعتين كنت أصليهما بعد الظهر وهما هاتان
حدثنا الحجاج بن عمران بن الفضل البصري قال ثنا يوسف بن موسى القطان قال ثنا أبو أسامة
قال ثنا الوليد بن كثير قال حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الرحمن بن أبي سفيان أن معاوية أرسل
إلى عائشة يسألها عن السجدتين بعد العصر فقالت ليس عندي صلاهما ولكن أم سلمة رضي الله
عنها حدثتني أنه صلاهما عندها فأرسل إلى أم سلمة رضي الله عنها فقالت صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي لم أره صلاهما
قبل ولا بعد فقلت يا رسول الله ما سجدتان رأيتك صليتهما بعد العصر ما صليتهما قبل ولا بعد فقال هما
سجدتان كنت أصليهما بعد الظهر فقدم على قلائص من الصدقة فنسيتهما حتى صليت العصر ثم ذكرتهما
فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يروني فصليتهما عندك
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا أبو الوليد قال ثنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن
ذكوان عن عائشة عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقلت يا رسول الله
ما هاتان الركعتان فقال كنت أصليهما بعد الظهر فجاءني مال فشغلني فصليتهما الان
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث
عن بكير أن كريبا مولى بن عباس رضي الله عنه حدثه أن بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة
أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها فقالوا أقرئها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر وقل انا أخبرنا
أنك تصلينهما وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما
قال بن عباس رضي الله عنه وكنت أضرب الناس مع عمر عليهما قال كريب فدخلت عليها فبلغتها ما
أرسلوني به فقالت سل أم سلمة رضي الله عنه فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة رضي الله عنه بمثل
ما أرسلوني به إلى عائشة فقالت أم سلمة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ثم رأيته صلاهما أما
حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل على وعندي نسوة من بنى حرام من الأنصار فصلاهما فأرسلت إليه الجارية
فقلت قومي إلى جنبه فقولي تقول لك أم سلمة رضي الله عنها يا رسول الله لم أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك
تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال يا بنت أبي أمية
302

سألت عن الركعتين بعد العصر وأنه أتاني أناس من عبد القيس بالاسلام من قوم فشغلوني عن الركعتين اللتين
بعد الظهر فهما هاتان
ففي هذه الآثار أوفى بعضها أن عائشة رضي الله عنها لما سئلت عما حكى عنهما مما ذكرنا في الفصل الأول أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتيها في بيتها بعد العصر الا صلى ركعتين أضافت ذلك إلى أم سلمة رضي الله عنها فانتقت بذلك الآثار
الأول كلها المروية عن عائشة رضي الله عنها فلما سئلت عن ذلك أم سلمة رضي الله عنها أخبرت انها قد كانت سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما
ووافقها على ذلك بن عباس رضي الله عنه والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأزهر الا انهم ذكروا ذلك
بلاغا ولم يذكروه سماعا
ووافقهم على ذلك جماعة حكوه عن النبي صلى الله عليه وسلم
فمما روى في ذلك ما حدثنا محمد بن عزيز الأيلي قال ثنا سلامة بن روح عن عقيل قال حدثني
بن شهاب قال أخبرني حرام بن دراج أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سبح بعد العصر ركعتين بطريق
مكة فدعاه عمر فتغيظ عليه وقال والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عنهما
حدثنا عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز العتابي قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن قتادة
عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال حدثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن منصور عن قتادة عن أبي
العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ثنا غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان عن قتادة فذكر بإسناده مثله
حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي قال ثنا أبو نعيم ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قالا ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي
رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في دبر كل صلاة ركعتين الا الفجر والعصر
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن صلاة بعد العصر
حتى تغرب الشمس
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا محمد بن دينار قال ثنا سعد بن أوس قال حدثني
مصدع أبو يحيى قال حدثتني عائشة رضي الله عنها وبيني وبينها ستر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى صلاة الا
تبعها ركعتين غير العصر والغداة فإنه كان يجعل الركعتين قبلهما
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعد عن نصر بن عبد الرحمن عن معاذ بن عفراء
303

أنه طاف بعد العصر أو بعد صلاة الصبح فلم يصل فسئل عن ذلك فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة بعد
الصبح حتى تطلع الشمس وعن صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا أبو بكر النهشلي عن عطية العوفي عن أبي سعيد
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك كما ذكره معاذ بن عفراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي
عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا فهد قال ثنا يحيى بن صالح قال ثنا سليمان بن بلال قال ثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي
سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن البرقي قال ثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد قال أخبرني
موسى بن عقبة بن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن حمران قال ثنا شعبة عن أبي التياح الضبعي قال ثنا حمران
بن أبان قال خطبنا معاوية بن أبي سفيان فقال يا أيها الناس انكم لتصلون صلاة قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما رأيناه يصليها ولقد نهى عنها يعنى الركعتين بعد العصر
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن محمد بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس
فقد جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة بالنهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعمل بذلك
أصحابه من بعده فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك
فمما روى عن أصحابه في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن السائب
بن يزيد أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب فذكر
مثله بإسناده
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال
كان عمر يكره الصلاة بعد العصر وأنا أكره ما كره عمر رضي الله عنه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن جبلة بن سحيم قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما
304

يقول رأيت عمر رضي الله عنه يضرب الرجل إذا رآه يصلى بعد العصر حتى ينصرف من صلاته
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي جمرة قال سألت بن عباس رضي الله عنهما
عن الصلاة بعد العصر فقال رأيت عمر رضي الله عنه يضرب الرجل إذا رآه يصلى بعد العصر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا عبيد الله بن أياد بن لقيط عن أياد بن لقيط عن البراء
بن عازب قال بعثني سليمان بن ربيعة بريدا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حاجة له فقدمت عليه فقال
لي لا تصلوا بعد العصر فإني أخاف عليكم أن تتركوها إلى غيرها
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أنبأني سعد بن إبراهيم قال سمعت عبد الله
بن رافع بن خديج يحدث عن أبيه قال فاتتني ركعتان من العصر فقمت أقضيهما وجاء إلى عمر رضي الله عنه
ومعه الدرة فلما سلمت قال ما هذه الصلاة فقلت فاتتني ركعتان فقمت أقضيهما فقال ظننتك تصلى بعد
العصر ولو فعلت ذلك لفعلت بك وفعلت
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعد عن عبيد الله بن رافع عن أبيه فذكر مثله
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير عن محمد بن عمرو عن عمر بن عبد الملك
بن المغيرة بن نوفل عن أبي سعيد الخدري أنه قال امرني عمر بن الخطاب أن أضرب من كان يصلى بعد العصر
الركعتين بالدرة
حدثنا الحسين بن الحكم الجيزي قال ثنا أبو غسان قال ثنا سعد بن مسعود عن الحسن بن عبيد الله
عن محمد بن شداد عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأشتر قال كان خالد بن الوليد يضرب الناس على الصلاة
بعد العصر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني عامر بن مصعب عن طاوس أنه
سأل بن عباس رضي الله عنهما عن الركعتين بعد العصر فنهاه وقال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا
قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم الآية
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهون عنهما ويضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليهما
بحضرة سائر
أصحابه على قرب عهدهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك عليه منهم منكر
فإن قال قائل فقد أخبرت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان نهى عنهما ثم صلاهما بعد ذلك
لما تركهما بعد الظهر
فهكذا أقول يصليهما بعد العصر من تركهما بعد الظهر ولا يصلى أحد بعد العصر شيئا من التطوع غيرهما
قيل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صلاهما حينئذ قد نهى عنهما أن يقضيهما أحد
305

وذلك أن علي بن شيبة حدثنا قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس
عن ذكوان عن أم سلمة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين فقلت يا رسول الله
صليت صلاة لم يكن تصليها قال قدم على مال فشغلني عن ركعتين كنت أصليهما بعد الظهر فصليتهما الآن
قلت يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا قال لا
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أحد أن يصليهما بعد العصر قضاء عما كان يصليه بعد الظهر
فدل ذلك على أن حكم غيره فيهما إذا فاتتاه خلاف حكمه فليس لأحد أن يصليهما بعد العصر ولا أن
يتطوع بعد العصر أصلا
وهذا هو النظر أيضا وذلك أن الركعتين بعد الظهر ليستا فرضا فإذا تركتا حتى يصلي صلاة العصر فإن
صليتا بعد ذلك فإنما تطوع بهما مصليهما في غير وقت تطوع فلذلك نهينا أحدا أن يصلى بعد العصر تطوعا وجعلنا
هاتين الركعتين وغيرهما من سائر التطوع في ذلك سواء
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الرجل يصلى بالرجلين أين يقيمهما
قال أبو جعفر قد ذكرنا في باب التطبيق في الركوع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه صلى بعلقمة
والأسود فجعل أحدهما عن يمينه والاخر عن شماله قال ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا
بيده وطبق فلما فرغ قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاحتمل ذلك عندنا أن يكون ما ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله هو التطبيق
واحتمل أن يكون هو التطبيق وإقامة أحد المأمومين عن يمينه والآخر عن شماله
فأردنا أن ننظر هل في شئ من الروايات ما يدل على شئ من ذلك
فإذا حسين بن نصر قد حدثنا قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن
بن الأسود عن أبيه قال دخلت أنا وعمى على عبد الله بالهاجرة فأقام الصلاة فتأخرنا خلفه فأخذ أحدنا بيمينه
والآخر بشماله فجعلنا عن يمينه وعن يساره فلما صلى قال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة
فهذا الحديث يخبر أن قول بن مسعود رضي الله عنه هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو على قيام الرجلين
أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وعلى التطبيق
وقد حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون قال كنت أنا وشعيب بن الحبحاب
عند إبراهيم فحضرت العصر فصلى بنا إبراهيم فقمنا خلفه فجرنا فجعلنا عن يمينه وعن شماله قال فلما صلينا
306

وخرجنا إلى الدار قال إبراهيم قال بن مسعود رضي الله عنه هكذا فصلوا ولا تصلوا كما يصلى فلان
قال فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين ولم اسم له إبراهيم فقال هذا إبراهيم قد قال ذاك عن علقمة ولا أرى
بن مسعود رضي الله عنه فعله الا لضيق كان في المسجد أو لعذر رآه فيه لا على أن ذلك من السنة
قال وذكرته للشعبي فقال قد زعم ذاك علقمة بن عون القائل
ففي هذا الحديث إضافة الفعل إلى بن مسعود رضي الله عنه ولا يذكره الشعبي ولا بن سيرين عن علقمة
عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد يجوز أيضا أن يكون علقمة لم يذكر ذلك للشعبي ولابن سيرين أن بن مسعود رضي الله عنه ذكره عن
النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكره الأسود لابنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان المعنى في هذا
فقد عورض ذلك بما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا مهدي بن جعفر قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن أبي
حزرة المديني يعقوب بن مجاهد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال أتينا جابر بن عبد الله فقال جابر
رضي الله عنه جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي حتى قمت عن يساره فأخذني بيده فأدارني حتى أقامني عن يمينه وجاء
جابر بن صخر فقام عن يساره فدفعنا بيده جميعا حتى أقمنا خلفه
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس
بن مالك رضي الله عنه أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته فأكل منه ثم قال قوموا
فلأصل لكم قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف
فإن قال قائل فإن فعل بن مسعود رضي الله عنه هذا الذي وصفنا بعد النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن ما عمل به من
ذلك هو الناسخ
قيل له فقد روى عن غير بن مسعود رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
مثل ما روى جابر وأنس رضي الله عنهما فإن كان ما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه من فعله بعد النبي صلى الله عليه وسلم
دليلا عندك على أن ذلك هو الناسخ كان ما روى عن غير بن مسعود رضي الله عنه من ذلك دليلا عند خصمك
أن ذلك هو الناسخ
فما روى عن غير بن مسعود رضي الله عنه في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه
قال جئت بالهاجرة إلى عمر فوجدته يصلى فقمت عن شماله فأخلفني فجعلني عن يمينه ثم جاء يرفأ فتأخرت فصليت
أنا وهو خلفه
حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا شعبة قال ثنا محمد بن عبد الرحمن مولى
307

آل طلحة قال سمعت سليمان بن يسار يقول سمعت بن عتبة يقول أقيمت الصلاة وليس في المسجد أحد الا
المؤذن ورجل وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فجعلهما عمر رضي الله عنه خلفه فصلى بهما
ثم التمسنا حكم ذلك من طريق النظر فرأينا الأصل أن الامام إذا صلى برجل واحد أقامه عن يمينه وبذلك
جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس رضي الله عنه
وفيما حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم قال ثنا شعبة عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس رضي الله عنه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه
فهذا مقام الواحد مع الامام وكان إذا صلى بثلاثة أقامهم خلفه
هذا لا اختلاف فيه بين العلماء وإنما اختلافهم في الاثنين فقال بعضهم يقيمهما حيث يقيم الواحد
وقال بعضهم يقيمهما حيث يقيم الثلاثة
فأردنا أن ننظر في ذلك لنعلم هل حكم الاثنين في ذلك الحكم الثلاثة أو كحكم الواحد
فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال الاثنان قما فوقهما جماعة
حدثنا بذلك أحمد بن داود قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي وموسى بن إسماعيل قالا ثنا الربيع بن بدر
عن أبيه عن جده عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
فجعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة فصار حكمهما كحكم ما هو أكثر منهما لا حكم ما هو أقل منهما
ورأينا الله عز وجل فرض الأخ أو للأخت من قبل الام السدس وفرض للجميع الثلث وكذلك فرض
للاثنين وجعل الأخت من الأب النصف والاثنين الثلثين وكذلك أجمعوا أنه يكون الثلث وأجمعوا أن للابنة
النصف وللبنات الثلثين وقال أكثرهم وابن مسعود رضي الله عنه فيهم أن للاثنتين أيضا
فكذلك هو في النظر لان الابنة لما كانت في ميراثها من أبيها كالأخت في ميراثها من أخيها كانت الابنتان
أيضا في ميراثهما من أبيهما كالأختين في ميراثهما من أخيهما
فكان حكم الاثنين فيما وصفنا حكم الجماعة لا حكم الواحد
فالنظر على ذلك أن يكونا في مقامهما مع الامام في الصلاة مقام الجماعة لا مقام الواحد
فثبت بذلك ما روى جابر وأنس وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنهم
وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
غير أن أبا يوسف قال الامام بالخيار ان شاء فعل كما روى بن مسعود رضي الله عنه وان شاء فعل كما روى
أنس وجابر رضي الله عنهما
وقول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله في هذا أحب إلينا
308

باب صلاة الخوف كيف هي
حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا عاصم بن علي وخلف بن هشام قالا ثنا أبو عوانة ح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو إسحاق الضرير ح
وحدثنا عبد العزيز بن معاوية قال ثنا يحيي بن حماد قال ثنا أبو عوانة
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس
عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال فرض الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم أربعا في الحضر وركعتين
في السفر وركعة في الخوف
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وجعلوه أصلا فجعلوا صلاة الخوف ركعة
فكان من الحجة عليهم في ذلك أن الله عز وجل قال (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة
فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا معك) ففرض الله عز وجل صلاة الخوف ونص فرضها
في كتابه هكذا
وجعل صلاة الطائفة بعد تمام الركعة الأولى مع الامام فثبت بهذا أن الامام يصليها في حال الخوف ركعتين وهذا خلاف هذا الحديث ولا يجوز أن يؤخذ بحديث
يدفعه نص الكتاب
ثم قد عارضه عن ابن عباس رضي الله عنهما غيره
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم قال حدثني
عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد صلاة الخوف
والمشركون بينه وبين القبلة فصف صفا خلفه وصفا موازي العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف
هؤلاء ورجع هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل
طائفة ركعة
قال أبو جعفر فهذا عبيد الله بن عبد الله قد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ما خالف ما روى مجاهد عنه
ومحال أن يكون الفرض على الامام ركعة فيصليها بأخرى بلا قعود للتشهد ولا تسليم
فلما تضاد الخبران عن ابن عباس رضي الله عنهما تنافيا ولم يكن لأحد أن يحتج في ذلك بمجاهد عن ابن
عباس رضي الله عنهما لان خ صمه يحتج عليه بعبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما بخلاف ذلك
309

فإن قالوا فقد روى عن غير بن عباس رضي الله عنهما ما يوافق ما قلنا فذكروا ما حدثنا علي بن شيبة
قال ثنا قبيصة عن سفيان عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان قال أتيت بن وديعة فسألته عن صلاة
الخوف فقال إيت زيد بن ثابت فاسأله فلقيته فسألته فقال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض
أيامه فصف صفا خلفه وصف موازي العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء
إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان ثم ذكر بإسناده مثله
وقال عبد الله بن وديعة وزاد فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال
عن ثعلبة بن زهدم الحنظلي قال كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال أيكم شهد صلاة الخوف مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقام حذيفة فقال أنا ثم فعل مثل الذي ذكر زيد سواء
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد قال ثنا عطية بن الحارث قال حدثني
محمد بن دهاث قال غزوت مع سعيد بن العاص فسأل الناس من شهد منكم صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابل العدو ثم ذكر مثله
حدثني أبو حازم عن عبد الحميد بن عبد العزيز قال حدثني أبو حفص الغلاس قال حدثنا يحيي
بن سعيد عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف فذكر مثله
قيل لهم هذا غير موافق لما روى مجاهد ولكنه موافق لما روى عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنه
وقد تقدمت حجتنا ففي أول هذا الباب لان النبي صلى الله عليه وسلم محال أن يكون الفرض عليه في تلك الصلاة ركعة واحدة
ثم يصلها بأخرى لا يسلم بينهما
فثبت بما ذكرنا أن فرض صلاة الخوف ركعتان على الامام ثم لم يذكر المأمومين بقضاء ولا غيره في
هذه الآثار
فاحتمل أن يكونوا قضوا ولا بد فيما يوجبه النظر من أن يكونوا قد قضوا ركعة ركعة لأنا رأينا الفرض على الامام
310

في صلاة الامن والإقامة مثل الفرض على المأموم سواء وكذلك الفرض عليهما في صلاة الامن في السفر سواء
ومحال أن يكون المأموم فرضه ركعة فيدخل مع غيره ممن فرضه ركعتان إلا وجب عليه ما وجب على إمامه
ألا ترى أن مسافرا لو دخل في صلاة مقيم صلى أربعا فكان المأموم يجب عليه ما يجب على إمامه ويزيد فرضه
بزيادة فرض إمامه وقد يكون على المأموم ما ليس على إمامه
من ذلك أنا رأينا المقيم يصلي خلف المسافر فيصلي بصلاته ثم يقوم بعد ذلك فيقضى تمام صلاة المقيم فكان
المأموم قد يجب عليه ما ليس على إمامه ولا يجب على إمامه ما لا يجب عليه
فلما ثبت بما ذكرنا وجوب الركعتين على الامام ثبت أن مثلهما على المأموم
وقد روى عن حذيفة من قوله ما يدل على ما تأولنا في حديثه وحديث زيد وجابر وابن عباس رضي الله عنهما
أنهم قضوا ركعة ركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن سليم بن عيد عن حذيفة
قال صلاة الخوف ركعتان وأربع سجدات
قال أبو جعفر فدل ذلك على أنهم قد كانوا فعلوا كذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الأول
ثم اعتبرنا الآثار هل نجد فيها من ذلك شيئا
فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حرة عن الحسن عن أبي موسى أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف فصلى بطائفة منهم ركعة وكانت طائفة بإزاء العدو فلما صلى بهم ركعة سلم
فنكصوا على أعقابهم حتى انتهوا إلى إخوانهم ثم جاء آخرون فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم فقام
كل فريق فصلوا ركعة ركعة
فقد أخبر في هذا الحديث أنهم قضوا وبين ما وصفنا أنه يحتمل في الآثار الأول وكان قوله ثم سلم بعد الركعة
الأولى يحتمل أن يكون سلاما لا يريد به قطع الصلاة ولكن يريد به إعلام المأمومين موضع الانصراف
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فصف صفا خلفه وصفا موازي العدو وكلهم في صلاة فصلى بهم
ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم قضوا ركعة ركعة
ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فقضوا ركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا بكر بن بكار القيسي قال ثنا عبد الملك بن الحسين قال ثنا خصيف
عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في حرة بنى سليم ثم ذكر نحوه
غير أنه لم يذكر وكلهم في صلاة وزاد وكانوا في غير القبلة
311

قال أبو جعفر فقد أخبر في هذا الحديث أنهم قضوا ركعة ركعة وأخبر أنهم دخلوا في الصلاة جميعا
فقد ثبت بما ذكرنا من الآثار أن صلاة الخوف ركعتان غير أن حديث بن مسعود رضي الله عنهما ذكر فيه
دخولهم في الصلاة معا
فأردنا أن ننظر هل عارض هذا الحديث غيره في هذا المعنى فنظرنا في ذلك
فإذا يونس قد حدثنا قال ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن
صلاة الخوف قال يتقدم الامام وطائفة من الناس فيصلى بهم ركعة ويكون طائفة منهم بينه وبين العدو ولم يصلوا
فيتقدم الذين لم يصلوا ويتأخر الآخرون فيصلى بهم ركعة ثم ينصرف الامام وقد صلى ركعتين فتقوم كل طائفة من
الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الامام فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا
ركعتين ركعتين
قال نافع لا أرى بن عمر ذكر ذلك الا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخبر في هذا الحديث أن دخول الثانية في الصلاة
بعد أن يصلي الامام بالطائفة الأولى ركعة
والكتاب شاهد لهذا فإن الله تعالى قال ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك
فقد ثبت بما وصفنا أن دخول الثانية في الصلاة بعد فراغ الامام من الركعة الأولى وهذا الخبر صحيح الاسناد
وأصله مرفوع وإن كان نافع قد شك فيه في وقت ما حدث به مالك وهكذا رواه عنه أصحابه الأكابر
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فقامت طائفة منهم معه وطائفة منهم فيما بينه وبين العدو فصلى بهم
ركعة ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم ثم
قضت الطائفتان ركعة ركعة
حدثنا فهد بن سليمان وأحمد بن مسعود الخياط قالا ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن أيوب بن موسى
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معناه
وقد رواه أيضا سالم عن أبيه مرفوعا
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو ربيع الزهراني قال ثنا فليح بن سليمان عن الزهري عن سالم
عن أبيه أنه صلاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك
حدثنا أبو محمد فهد بن سليمان قال ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سالم أن عمر
قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوته قبل نجد فوازينا العدو ثم ذكر مثله
وذهب آخرون في ذلك إلى ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يزيد بن رومان عن
312

صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه
العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى
فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن صالح
بن خوات الأنصاري أن سهل بن أبي حثمة أخبره أن صلاة الخوف فذكر نحوه ولم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد في
ذكر الآخرة قال فيركع بهم ويسجد ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن يحيي بن سعيد فذكر مثله بإسناده
قيل لهم إن هذا الحديث فيه أنهم صلوا وهم مأمومون قبل فراغ الامام من الصلاة في حديث يزيد بن رومان
عن صالح بن خوات
وقد روينا من حديث شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات خلافا لذلك لان في حديث
يزيد بن رومان أنه ثبت بعد ما صلى الركعة الأولى قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا ثم جاءت الأخرى بعد ذلك
وفي حديث شعبة عن عبد الرحمن عن أبيه عن صالح بن خوات أنه صلى بطائفة منهم ركعة ثم ذهب هؤلاء
إلى مصاف هؤلاء ولم يذكر أنهم صلوا قبل أن ينصرفوا
فقد خالف القاسم محمد بن يزيد بن رومان فإن كان هذا يؤخذ من طريق الاسناد فإن عبد الرحمن عن أبيه القاسم
عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حنتمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن من يزيد بن رومان عن صالح عمن أخبره وان
تكافئا تضادا وإذا تضادا لم يكن لأحد الخصمين في أحدهما حجة إذ كان لخصمه عليه مثل ماله على خصمه
فإن قال قائل فإن يحيي بن سعيد قد روى عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن سهل ما يوافق ما روى
يزيد بن رومان ويحيي بن سعيد ليس بدون عبد الرحمن بن القاسم في الضبط والحفظ
قيل له يحيي بن سعيد كما ذكرت ولكن لم يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أوقفه على سهل فقد يجوز أن يكون
ما روى عبد الرحمن بن القاسم عن صالح هو الذي كذلك كان عند سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ثم قال هو من رأيه ما بقي
فصار ذلك رأيا منه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك لم يرفعه يحيي إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فلما احتمل ذلك ما ذكرنا ارتفع أن يقوم به حجة أيضا
والنظر يدفع ذلك لأنا لم نجد في شئ من الصلاة أن المأموم يصلى شيئا منها قبل الامام وإنما يفعله المأموم مع
فعل الامام أو بعد فعل الامام وإنما يلتمس علم ما اختلف فيه مما أجمع عليه
313

فإن قالوا قد رأينا تحويل الوجه عن القبلة قد يجوز في هذه الصلاة ولا يجوز في غيرها فما ينكرون قضاء المأموم
قبل فراغ الامام كذلك جوز في هذه الصلاة ولم يجوز في غيرها
قيل له إن تحويل الوجه عن القبلة قد رأيناه أبيح في غير هذه الصلاة للعذر فأبيح في هذه الصلاة كما أبيح
في غيرها وذلك أنهم أجمعوا أن من كان منهزما فحضرت الصلاة فإنه يصلى وإن كان على غير قبلة
فلما كان قد يصلي كل الصلاة على غير قبلة لعله العدو ولا يفسد ذلك عليه صلاته كان انصرافه على غير القبلة
من بعض صلاته أحرى أن لا يضره ذلك
فلما وجدنا أصلا في الصلاة إلى غير القبلة مجمعا عليه أنه قد يجوز بالعذر عطفنا عليه ما اختلف فيه من استدبار
القبلة في الانصراف للعذر ولما لم نجد لقضاء المأموم قبل أن يفرغ الامام من الصلاة أصلا فيما أجمع عليه يدل عليه
فنعطفه عليه أبطلنا العمل به ورجعنا إلى الآثار الاخر التي قدمنا ذكرها التي معها التواتر وشواهد الاجماع
وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك كله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا حياة وابن لهيعة قالا أخبرنا أبو الأسود
محمد بن عبد الرحمن الأسدي أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه هل
صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف قال نعم قال مروان متى قال أبو هريرة رضي الله عنه عام غزوة نجد قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر وقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابلوا العدو وظهورهم إلى
القبلة فكبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وكبروا جميعا معه والذين مقابلوا العدو ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة وركعت معه الطائفة التي تليه ثم
سجد وسجدت معه الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلوا العدو ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه
فذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلوا العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو
ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى فركعوا معه ثم سجد وسجدوا معه ثم أقبلت الطائفة الأخرى التي
كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا معه جميعا
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق
قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة
الخوف فصدع الناس صدعين فصلت طائفة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة تجاه العدو فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمن خلفه ركعة وسجد بهم سجدتين ثم قام وقاموا معه فلما استووا قياما رجع الذين خلفه وراءهم القهقري
فقاموا وراء الذين بإزاء العدو
وجاء الآخرون فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا لأنفسهم ركعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم ثم قاموا فصلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم أخرى فكانت لهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان
314

وجاء الذين بإزاء العدو فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ثم جلسوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم بهم جميعا
ففي هذا الحديث تحول الامام إلى العدو وبالطائفة التي صلت معه الركعة وليس ذلك في شئ من الآثار غير هذا
الحديث وفي كتاب الله عز وجل ما يدل على دفع ذلك لان الله عز وجل قال (فلتقم طائفة منهم معك
وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى
لم يصلوا فليصلوا معك)
ففي هذه الآية معنيان موجبان لدفع هذا الحديث أحدهما قوله (لم يصلوا فليصلوا معك)
فهذا يدل على أن دخولهم في الصلاة إنما هو في حين مجيئهم لا قبل ذلك وقوله (فلتقم طائفة منهم
معك)
ثم قال (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) فذكر الاتيان للطائفتين إلى الامام
وقد وافق ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الآثار المتواترة التي بدأنا بذكرها فهي أولى من هذا الحديث
وذهب آخرون في صلاة الخوف إلى ما حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو عاصم عن الأشعث عن
الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فصلى بطائفة منهم ركعتين ثم انصرفوا وجاء
الآخرون فصلى بهم ركعتين فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وصلى كل طائفة ركعتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حرة عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبان قال ثنا يحيي عن أبي سلمة عن جابر بن
عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع فأقيمت الصلاة ثم ذكر مثله
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان
بن قيس عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة فصلى بهم صلاة الخوف فذكر مثل
ذلك أيضا
فقال قوم بهذا وزعموا أن صلاة الخوف كذلك
ولا حجة لهم عندنا في هذه الآثار لأنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلاها كذلك لأنه لم يكن في سفر
يقصر في مثله الصلاة فصلى بكل طائفة ركعتين ثم قضوا بعد ذلك ركعتين ركعتين
وهكذا نقول نحن إذا حضر العدو في مصر فأراد أهل ذلك المصر أن يصلوا صلاة الخوف فعلوا هكذا
يعنى بعد أن يكون تلك الصلاة ظهرا أو عصرا أو عشاء
قالوا فإن القضاء ما ذكر
قيل لهم قد يجوز أن يكونوا قد قضوا ولم ينقل ذلك في الخبر وقد يجئ في الاخبار مثل هذا كثيرا
315

وان كانوا لم يقضوا فإن ذلك عندنا لا حجة فيه أيضا لأنه يجوز أن يكون ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
والفريضة تصلى حينئذ مرتين فيكون كل واحدة منهما فريضة وقد كان ذلك يفعل في أول الاسلام ثم نسخ
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن
سليمان مولى ميمونة رضي الله عنها قال أتيت المسجد فرأيت بن عمر جالسا والناس في الصلاة فقلت ألا تصلى مع
الناس فقال قد صليت في رحلي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تصلى فريضة مرتين فالنهي لا يكون الا
بعد الإباحة
فقد كان المسلمون هكذا يصنعون في بدء الاسلام يصلون في منازلهم ثم يأتون المسجد فيصلون تلك الصلاة
التي أدركوها على أنها فريضة فيكونوا قد صلوا فريضة مرتين حتى نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بعد ذلك من
جاء إلى المسجد فأدرك تلك الصلاة أن يصليها ويجعلها نافلة
وترك بن عمر الصلاة مع القوم يحتمل عندنا ضربين
يحتمل أن يكون تلك الصلاة صلاة لا يتطوع بعدها فلم يكن يجوز أن يصليها الا على أنها فريضة فقال نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فريضة في يوم مرتين أي فلا يجوز أن أصليها فريضة لأني قد صليتها مرة ولا أدخل
معهم لأني لا يجوز لي التطوع في ذلك الوقت
ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن إعادتها على هذا المعنى الذي نهى عنه ثم رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعد ذلك أن تصلى على أنها نافلة فلم يسمع ذلك بن عمر رضي الله عنهما
فنظرنا في ذلك فإذا بن أبي داود قد حدثنا قال ثنا الوهبي قال ثنا الماجشون عن عثمان بن سعيد بن أبي
رافع قال أرسلني محرز بن أبي هريرة رضي الله عنه إلى بن عمر أسأله إذا صلى الرجل الظهر في بيته ثم جاء
إلى المسجد والناس يصلون فصلى معهم أيتهما صلاته
فقال بن عمر رضي الله عنهما صلاته الأولى
ففي هذا الحديث أن بن عمر قد رأى أن الثانية تكون تطوعا فدل ذلك على أن تركه للصلاة في حديث سليمان
إنما كان لأنها صلاة لا يجوز أن يتطوع بعدها فإن كانت في حديث أبي بكرة وجابر اللذين ذكرنا كان أولى الحكم
ما وصفنا أن من صلى فريضة جاز أن يعيدها فتكون فريضة فلذلك صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين بالطائفتين وذلك
هو جائز لو بقي الحكم على ذلك
فأما إذا نسخ فنهى أن تصلى فريضة مرتين فقد ارتفع ذلك المعنى الذي له صلى بكل طائفة ركعتين وبطل
العمل به
فلا حجة لهم في حديث أبي بكرة وجابر لاحتمالهما ما ذكرنا
316

حدثنا أبو بكرة قال ثنا حبان يعنى بن هلال قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن عامر الأحول عن
عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المعافري قال كان أهل العوالي يصلون في منازلهم ويصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم
فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الصلاة في يوم مرتين
قال عمرو قد ذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال صدق
وقد روى عن جابر بن عبد الله في هذا ما يدل على غير هذا المعنى
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سليمان اليشكري أنه
سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة في الخوف أي يوم أنزل وأين هو
قال انطلقنا نتلقى عير قريش آتية من الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أنت محمد قال نعم قال ألا تخافني قال لا قال فمن يمنعك منى قال الله يمنعني منك
قال فسل السيف قال فتهدده القوم وأوعدوه
فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل وأخذوا السلاح ثم نودي بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم
وطائفة أخرى يحرسونهم
فصلى بالذين يلونه ركعتين ثم سلم ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم وجاء الآخرون
فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ثم سلم
فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان ففي يومئذ أنزل الله عز وجل إقصار الصلاة وأمر
المؤمنين بأخذ السلاح
ففي هذا الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم أربعا يومئذ قبل إنزال الله عليه في قصر الصلاة
ما أنزل عليه وأن قصر الصلاة إنما أمره الله تعالى به بعد ذلك
فكانت الأربع يومئذ مفروضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المؤتمون به فرضهم أيضا فيها كذلك لان حكمهم
حينئذ كان في سفرهم كحكمهم في حصرهم ولا بد إذا كان ذلك كذلك من أن يكون كل طائفة من هاتين الطائفتين
قد قضت ركعتين ركعتين كما تفعل لو كانت في الحضر
فإن قال قائل ففي هذا الحديث ما يدل على خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بعد فراغه من الركعتين اللتين
صلاهما بالطائفة الأولى واستقباله الصلاة في وقت دخول الطائفة الثانية معه فيها لان في الحديث ثم سلم
317

قيل له قد يحتمل أن يكون ذلك السلام المذكور في هذا الموضع هو سلام التشهد الذي لا يراد به قطع الصلاة
ويحتمل أن يكون سلاما أراد به اعلام الطائفة الأولى بأوان انصرافها
والكلام حينئذ مباح له في الصلاة غير قاطع لها على ما قد روى في ذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه وعن أبي سعيد الخدري وعن يزيد بن أرقم على ما قد روينا عن كل واحد منهم في الباب الذي ذكرنا فيه
وجوه حديث ذي اليدين في غير هذا الموضع من هذا الكتاب
وقد روى عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاها على غير هذا المعنى
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال حدثني
يزيد بن الهاد قال حدثني شرحبيل بن سعد أبو سعد عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف
قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من خلفه من وراء الطائفة التي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود وجوههم كلهم إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفتان وركع وركعت الطائفة التي خلفه والآخرون قعود ثم سجد
فسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قام وقاموا فنكصوا خلفه حتى كانوا مكان أصحابهم وأتت الطائفة الأخرى
فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين والآخرون قعود ثم سلم فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة
وسجدتين ركعة وسجدتين
فهذا الحديث عندنا من المحال الذي لا يجوز كونه لان فيه أنهم دخلوا في الصلاة وهم قعود
وقد أجمع المسلمون أن رجلا لو افتتح الصلاة قاعدا ثم قام فأتمها قائما ولا عذر له في شئ من ذلك أن صلاته
باطلة فكان الدخول لا يجوز الا على ما يكون عليه الركوع والسجود فاستحال أن يكون الذين كانوا خلف النبي
صلى الله عليه وسلم في الصف الثاني دخلوا في الصلاة وهم قعود
فثبت عن جابر بن عبد الله ما رويناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث
وذهب آخرون في صلاة الخوف إلى ما حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان الثوري عن
منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ب عسفان والمشركون بينه
وبين القبلة فيهم أو عليهم خالد بن الوليد فقال المشركون لقد كانوا في صلاة لو أصبنا منهم لكانت الغنيمة
فقال المشركون انها ستجئ صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم قال فنزل جبريل عليه السلام بالآيات فيما
بين الظهر والعصر
قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر وصف الناس صفين وكبر وكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا
318

ثم رفع ورفعوا معه جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه وقام الصف يحرسونهم بسلاحهم ثم رفع
ورفعوا جميعا ثم سجد الصف الآخر ثم رفعوا
وتأخر الصف المقدم وتقدم الصف المؤخر فكبر وكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا ثم رفع ورفعوا
معه جميعا ثم سلم عليهم وصلاها مرة أخرى في أرض بنى سليم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه صلاها فذكر نحوا من هذا وكان بن أبي ليلى ممن ذهب إلى هذا الحديث
وتركه أبو حنيفة ومحمد بن الحسن لان الله عز وجل قال (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا
فليصلوا معك) وفي هذا الحديث أنهم صلوا جميعا
وفي حديث بن عمر رضي الله عنهما وعبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما
وفي حديث حذيفة وزيد بن ثابت دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية لم يكونوا صلوا قبل ذلك فالقرآن
يدل على ما جاءت به الرواية عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فكانت عنده أولى من حديث أبي عياش
وجابر هذين
وذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة فالصلاة كما روى أبو عياش وجابر رضي الله عنهما
وان كانوا في غير القبلة فالصلاة كما روى بن عمر رضي الله عنه وحذيفة وزيد بن ثابت
لان في حديث أبي عياش أنهم كانوا في القبلة وحديث بن عمر وحذيفة وزيد لم يذكر فيه شئ من ذلك
الا انه قد روى عن ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك ما يوافق ما رووا وقال كان العدو في غير القبلة
قال أبو يوسف رحمه الله فأصحح الحديثين فأجعل حديث بن مسعود رضي الله عنه وما وافقه إذا كان العدو
في غير القبلة وحديث أبي عياش وجابر إذا كان العدو في القبلة
وليس هذا بخلاف التنزيل عندنا لأنه قد يجوز أن يكون قوله (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا
فليصلوا معك) إذا كان العدو في غير القبلة
ثم أوحى الله إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة ففعل الفعلين جميعا كما جاء الخبران
وهذا أصح الأقاويل عندنا في ذلك وأولاها لان تصحيح الآثار يشهد له وقد دل على ذلك أيضا أن عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما قد روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ما قد ذكرنا في أول هذا الباب مما رواه عنه
عبيد الله بن عبد الله من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد فكان ذلك موافقا لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه وعبد الله بن عمر وحذيفة وزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
ثم روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في ذلك من رأيه ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الله
319

بن محمد بن صالح بن لهيعة عن الأعرج أنه سمع عبيد الله بن عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما يقول كان بن عباس رضي الله عنهما يقول في صلاة الخوف فذكر مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حديث أبي عياش وحديث جابر بن عبد الله الذي وافقه
فلما كان بن عباس رضي الله عنهما قد علم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علم على ما روينا عنه في حديث عبيد الله
وقال كان المشركون بينه وبين القبلة ثم قال هذا برأيه استحال أن يكون يصلون هكذا والعدو في غير القبلة
ويصلون إذا كان العدو في القبلة كما روى عنه عبيد
لأنهم إذا كانوا لا يستدبرون القبلة والعدو في ظهورهم كان أحرى أن لا يستدبروها إذا كانوا في وجوههم
ولكن ما ذكرنا عنه من ترك الاستدبار هو إذا كان العدو في القبلة
ويحتمل أن يكون أيضا كذلك إذا كان العدو أيضا في غير القبلة كما قال بن أبي ليلى
فقد أحاط علمنا بقوله بخلاف ما روى عنه عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان العدو في القبلة
ولم يكن ليقول ذلك الا بعد ثبوت نسخ ذلك عنده إذا كان العدو في غير القبلة فجعلنا هذا الذي رويناه عنه
من قوله هو في العدو إذا كانوا في القبلة وتركنا حكم العدو إذا كانوا في غير القبلة على مثل ما روى عنه عبيد الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال مرة لا يصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن الناس إنما صلوها
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صلوها لفضل الصلاة معه وهذا القول عندنا ليس بشئ لان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد صلوها
بعده قد صلاها حذيفة بطبرستان وما في ذلك فأشهر من أن يحتاج إلى أن نذكره هاهنا
فإن احتج في ذلك بقوله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية فقال إنما أمر بذلك إذا
كان فيهم فإذا لم يكن فيهم انقطع ما أمر به من ذلك
قيل له فقد قال عز وجل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم)
الآية فكان الخطاب ها هنا له وقد أجمع أن ذلك كان معمولا به من بعده كما كان يعمل به في حياته
ولقد حدثني أحمد بن أبي عمران أنه سمع أبا عبد الله محمد بن شجاع الثلجي يعيب قول أبى يوسف رحمه الله
هذا ويقولان الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعا فإنه لا يجوز لأحد أن يتكلم فيها
بكلام يقطعها فلا ينبغي أن يفعل فيها شئ لا يفعله في الصلاة مع غيره وأن يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره
من الاحداث كلها
فلما كانت الصلاة خلفه لا يقطعها الذهاب والمجئ واستدبار القبلة إذا كانت صلاة خوف كانت خلف غيره
كذلك أيضا
320

باب الرجل يكون في الحرب فتحضره الصلاة وهو راكب
هل يصلى أم لا
حدثنا علي بن معبد هو بن نوح قال ثنا علي بن معبد بن شداد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد
عن عدى بن ثابت عن زر عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق شغلونا عن صلاة العصر
قال ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس ملا الله قبورهم نارا وقلوبهم نارا وبيوتهم نارا
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الراكب لا يصلى الفريضة على دابته وإن كان في حال لا يمكنه فيها النزول
قالوا لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل يومئذ راكبا
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إن كان هذا الراكب يقاتل فلا يصلى وإن كان الراكب لا يقاتل ولا يمكنه
النزول صلى وقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل يومئذ لأنه كان يقاتل فالقتال عمل والصلاة لا يكون فيها عمل
وقد يجوز أن يكون لم يصل يومئذ لأنه لم يكن أمر حينئذ أن يصلى راكبا
فنظرنا في ذلك فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا أبو عامر وبشر بن عمر عن ابن أبي ذئب ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي
سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق حتى كان بعد المغر ب بهوى من الليل حتى إذا كفينا وذلك
قول الله تعالى (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بلالا فأقام الظهر فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أمره فأقام العصر فصلاها كذلك ثم امره فأقام المغرب
فصلاها كذلك وذلك قبل أن ينزل الله عز وجل في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا
فأخبر أبو سعيد أن تركهم للصلاة يومئذ ركبانا إنما كان قبل أن يباح لهم ذلك ثم أبيح لهم بهذه الآية
فثبت بذلك أن الرجل إذا كان في الحرب ولا يمكنه النزول عن دابته أن له أن يصلي عليها إيماء
وكذلك لو أن رجلا كان على الأرض فخاف إن سجد أن يفترسه سبع أو يضربه رجل بسيف فله أن يصلى
قاعدا إن كان يخاف ذلك في القيام ويومئ إيماء
وهذا كله قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الاستسقاء كيف هو وهل فيه صلاة أم لا
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود هو أبو بشر البغدادي قال ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال ثنا سليمان
بن بلال عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يذكر أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب
321

كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ثم قال يا رسول الله هلكت
الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم اسقنا
قال أنس فوالله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار
قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال فوالله ما رأينا
الشمس سبتا
قال ثم دخل رجل من الباب في الجمعة والمقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب الناس فاستقبله قائما ثم قال
يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب
قال فأقلعت وخرج يمشى في الشمس
حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على شعيب بن الليث أخبرك أبوك عن سعيد بن أبي سعيد عن شريك
فذكر بإسناده نحوه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن
أنس قال أنى لقائم عند المنبر يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال بعض أهل المسجد يا رسول الله حبس المطر
وهلكت المواشي فادع الله يسقينا فرفع يديه وما في السماء من سحاب فألف الله بين السحاب فوبلتنا حتى أن
الرجل ليهمه من نفسه أن يأتي أهله فمطرنا سبعا قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في الجمعة الثانية إذ قال بعض أهل
المسجد يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله أن يرفعها عنا قال فرفع يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا
فتقور ما فوق رؤوسنا منها حتى كانا في إكليل يمطر ما حولنا ولا نمطر
حدثنا ابن مرزوق وأبو بكرة قالا ثنا عبد الله بن بكر عن حميد قال سئل أنس بن مالك هل كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه قال قيل له يوم جمعة يا رسول الله قحط المطر وأجدبت الأرض وهلك المال
قال فمد يديه حتى رأيت بياض إبطيه ثم ذكر نحو حديث بن أبي داود
322

حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
بنحوه
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد
عن شرحبيل بن السمط قال قلنا لكعب بن مرة أو مرة بن كعب حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
لله أبوك واحذر قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر فأتيته فقلت يا رسول الله إن الله قد نصرك واستجاب لك
وان قومك قد هلكوا فادع الله لهم فقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا غدقا عاجلا غير رائث نافعا
غير ضار قال فما كان الا جمعة أو نحوها حتى مطروا
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن سنة الاستسقاء هو الابتهال إلى الله تعالى والتضرع إليه كما في هذه الآثار
وليس في ذلك صلاة وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله
وخالفهم في ذلك آخرون منهم أبو يوسف رحمه الله فقالوا بل السنة في الاستسقاء أن يخرج الامام بالناس إلى
المصلى ويصلى بهم هناك ركعتين ويجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ويحول رداءه فيجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه
الا أن يكون رداء ثقيلا لا يمكنه قلبه كذلك أو يكون طيلسانا فيجعل الشق الأيمن منه على الكتف الأيسر
والشق الأيسر منه على الكتف الأيمن
وقالوا ما ذكر في هذه الآثار من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله به فهو جائز أيضا يسأل الله ذلك فليس فيه
دفع أن يكون من سنة الامام إذا أراد أن يستسقى بالناس أن يفعل ما ذكرنا
فنظرنا فيما ذكروا من ذلك هل نجد له من الآثار دليلا
فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فقلب رداءه واستقبل القبلة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا هشيم عن يحيي بن سعيد عن عبد الله بن أبي بكر عن
عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فحول رداءه واستقبل القبلة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عباد بن تميم أن عمه وكان
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى المصلى يستسقي لهم فقام فدعا الله قائما ثم توجه
قبل القبلة فحول رداءه فسقوا
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا المسعودي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
323

عن عباد بن تميم عن عمه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستسقى فقلب رداءه قال قلت جعل الأعلى على الأسفل
والأسفل على الأعلى قال لا بل جعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا الحميدي قال ثنا الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم عن عبد الله
بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي وعليه خميصة سوداء فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذها بأسفلها
فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه أن يحولها قلبها على عاتقه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن
زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فقلب رداءه
ففي هذه الآثار قلبه لردائه وصفة قلب الرداء كيف كان وأنه إنما جعل ما على يمينه منه على يساره وما على يساره
على يمينه لما ثقل عليه أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه فكذلك نقول ما أمكن أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله
أعلاه فقلبه كذلك هو وما لا يمكن ذلك فيه حول فجعل الأيمن منه أيسر والأيسر منه أيمن
فقد زاد ما في هذه الآثار على ما في الآثار الأول فينبغي أن يستعمل ذلك ولا يترك
وقد حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن هشام أن إسحاق بن عبد الله
بن كنانة من بنى مالك بن شرحبيل قال حدثني أبي قال أرسلني الوليد بن عقبة أسأل له عن صلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء فأتيت بن عباس رضي الله عنهما فقلت انا تمارينا في المسجد في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء
قال لا ولكن أرسلك بن أخيكم الوليد وهو أمير المدينة ولو أنه أرسل فسأل ما كان بذلك بأس ثم قال بن عباس
رضي الله عنهما خرج النبي صلى الله عليه وسلم مبتذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل
في الدعاء والتضرع والتكبير فصلى ركعتين كما يصلى في العيدين
فقوله كما يصلى في العيدين يحتمل أنه جهر فيهما كما يجهر في العيدين
حدثنا فهد قال ثنا عبيد بن إسحاق العطار قال ثنا حاتم بن إسماعيل فذكر بإسناده مثله وزاد فصلى ركعتين
ونحن خلفه يجهر فيهما بالقراءة ولم يؤذن ولم يقم ولم يقل مثل صلاة العيدين فدل ذلك أن قوله مثل صلاة العيدين
في الحديث الأول إنما أراد به هذا المعنى أنه صلى بلا أذان ولا إقامة كما يفعل في العيدين
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه فذكر
مثل حديث ربيع عن أسد قال سفيان فقلت للشيخ الخطبة قبل الصلاة أو بعدها قال لا أدرى
ففي هذا الحديث ذكر الصلاة والجهر فيها بالقراءة ودل جهره فيها بالقراءة أنها كصلاة العيد التي تفعل نهارا
في وقت خاص فحكمها الجهر وكذلك أيضا صلاة الجمعة هي من صلاة النهار ولكنها مفعولة في يوم خاص
فحكمه الجهر
324

فثبت بذلك أن كذلك حكم الصلوات التي تصلى بالنهار لا في سائر الأيام ولكن لعارض أو في يوم خاص
فحكمها الجهر ولكل صلاة تفعل في سائر الأيام نهارا لا لعارض ولا في وقت خاص فحكمها المخافتة
فثبت بما ذكرنا أن صلاة الاستسقاء سنة قائمة لا ينبغي تركها
وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير وجه
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الآيلي قال ثنا خالد بن نزار عن القاسم بن مبرور
عن يونس بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط
المطر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنبر فوضع في المصلى ووعد الناس يخرجون يوما
قالت عائشة رضي الله عنها وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فحمد الله ثم
قال إنكم شكوتم إلى جدب جنابكم واستئخار المطر عن أبان زمانه عنكم وقد أمركم عز وجل أن تدعوه
ووعدكم أن يستجيب لكم
ثم قال الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت لا إله الا أنت الغنى
ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين
ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه
ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه
ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين وأنشأ الله سحابا فرعدت وبرقت وأمطرت بإذن الله تعالى
فلم يأت مسجده حتى سألت السيول
فلما رأى التواء الثياب على الناس وتسرعهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه وقال اشهد أن الله على
كل شئ قدير وأني عبد الله ورسوله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا أبي قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري
عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقى فصلى بنا ركعتين بغير
أذان ولا إقامة قال ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة ورفع يديه وقلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر
والأيسر على الأيمن
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا الحميدي قال ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك وخالد بن عبد الرحمن عن ابن أبي ذئب ح
325

وحدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه وكان
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يوما خرج يستسقي فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو
ثم حول رداءه ثم صلى ركعتين قرأ فيهما وجهر
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي ذئب فذكر مثله بإسناده غير أنه لم يذكر الجهر
ففي هذه الآثار ذكر الخطبة مع ذكر الصلاة فثبت بذلك أن في الاستسقاء خطبة غير أنه قد اختلف في خطبة
رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كانت
ففي حديث عائشة رضي الله عنها وعبد الله بن زيد أنه خطب قبل الصلاة وفي حديث أبي هريرة رضي الله
عنه أنه خطب بعد الصلاة
فنظرنا في ذلك فوجدنا الجمعة فيها خطبة وهي قبل الصلاة ورأينا العيدين فيهما خطبة وهي بعد الصلاة
كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
فأردنا أن ننظر في خطبة الاستسقاء بأي الخطبتين هي أشبه فنعطف حكمها على حكمها
فرأينا خطبة الجمعة فرضا وصلاة الجمعة مضمنة بها لا تجزى الا بإصابتها ورأينا خطبة العيدين ليست كذلك لان
صلاة العيدين تجزى أيضا وإن لم يخطب ورأينا صلاة الاستسقاء تجزى أيضا وإن لم يخطب
ألا ترى أن إماما لو صلى بالناس في الاستسقاء ولم يخطب كانت صلاته مجزئة غير أنه قد أساء في تركه الخطبة
فكانت بحكم خطبة العيدين أشبه منها بحكم خطبة الجمعة
فالنظر على ذلك أن يكون موضعها من صلاة الاستسقاء مثل موضعها من صلاة العيدين
فثبت بذلك أنها بعد الصلاة لا قبلها وهذا هو مذهب أبي يوسف
وقد روى ذلك عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في الاستسقاء وجهر بالقراءة
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحق قال خرج عبد الله بن يزيد
يستسقي وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال وخرج فيمن كان معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم قال أبو إسحق
وأنا معه يومئذ فقام قائما على راحلته على غير منبر واستسقى واستغفر وصلى ركعتين ونحن خلفه فجهر فيهما بالقراءة
ولم يؤذن يومئذ ولم يقم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن جعد قال أنا زهير فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر في حديثه أن
عبد الله بن يزيد قال كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي إسحق قال خرج عبد الله بن يزيد يستسقي
بالكوفة فصلى ركعتين
326

باب صلاة الكسوف كيف هي
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها
قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فأطال القراءة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه
فأطال القيام وهو دون قيامه الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون ركوعه الأول ثم رفع رأسه فسجد ثم قام
ففعل مثل ذلك غير أن الركعة الأولى منهما أطول
حدثنا يونس أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان الثوري قال ثنا يحيي بن سعيد عن عروة
وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس
رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا يحيي بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمرو عن عروة بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه الا أنه لم يذكر أن الركوع الثاني كان دون الركوع الأول
ولكن ذكر أنه مثله قال وذلك يوم مات إبراهيم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا وقالوا هكذا صلاة الخسوف أربع ركعات وأربع سجدات
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل هي ثمان ركعات في أربع سجدات
واحتجوا في ذلك بما (0) حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا سفيان عن حبيب
بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخسوف فقام فافتتح ثم قرأ
ثم ركع ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه فقرا ثم ركع ثم سجد ثم
فعل مثل ذلك مرة أخرى
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قال ثنا زهير بن حرب قال ثنا يحيي القطان عن سفيان فذكر
بإسناده مثله
327

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال ثنا حبيب ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا زهير عن الحسن بن الحر قال حدثني الحكم عن رجل يدعى
حنشا عن علي رضي الله عنه أنه صلى بالناس في كسوف الشمس كذلك ثم حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل
وخالف هؤلاء آخرون فقالوا بل هي ست ركعات في أربع سجدات
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عطاء عن
عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم فيركع ثلاث ركعات ثم يسجد سجدتين
ثم يقوم فيركع ثلاث ركعات ثم يسجد سجدتين تعني في صلاة الخسوف
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا هشام عن هشام عن قتادة عن عطاء عن عبيد
بن عمير عن عائشة رضي الله عنها في صلاة الآيات قال ست ركعات وأربع سجدات
حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي قال ثنا أسباط بن محمد قال ثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء
عن جابر بن عبد الله أن الشمس انكسفت يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فذكر مثل حديث
ربيع عن أسد وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا
لحياته فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي
قالوا وقد فعل بن عباس رضي الله عنهما مثل هذا بعد النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا
الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن عبد الله بن الحارث قال زلزلت الأرض على عهد بن عباس رضي الله
عنهما فقال ما أدرى أي أرض يعنى ما كان به من التفرس هكذا ذكر الخصيب أو زلزلت الأرض
فقيل له زلزلت الأرض فخرج فصلى بالناس فكبر أربعا ثم قرأ فأطال القراءة وكبر فركع ثم قال سمع الله
لمن حمده ثم كبر أربعا فكبر فأطال القراءة ثم كبر فركع ثم قال سمع الله لمن حمده ثم كبر أربعا فقرأ
فأطال القراءة ثم كبر فركع ثم سجد ثم قام ففعل مثل ذلك
فلما سلم قال هكذا صلاة الآيات وقرأ في الركعة الأولى بسورة البقرة وفي الأخرى سورة آل عمران
وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا بل يطيل الصلاة كذلك أبدا يركع ويسجد لا توقيت في شئ من ذلك
حتى تنجلي الشمس
واحتجوا في ذلك بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن يعلى بن حكيم عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لو تجلت الشمس في الركعة الرابعة لركع وسجد
328

فهذا سعيد بن جبير يخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لو تجلت له الشمس في الركعة الرابعة لركع وسجد
والرابعة هي الأولى من الركعة الثانية
فهذا يدل على أنه لم يكن يقصد في ذلك ركوعا معلوما وإنما يركع ما كانت الشمس منكسفة حتى تنجلي فيقطع
الصلاة وذهبوا في ذلك إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا حتى تنجلي
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا صلاة الكسوف ركعتان كسائر صلاة التطوع إن شئت طولتهما وإن شئت
قصرتهما ثم الدعاء من بعدهما حتى تنجلي الشمس
واختلفوا في ذلك لما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بالناس فلم يكد يركع ثم ركع
فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع وفعل في الثانية مثل ذلك فرفع رأسه
وقد أمحصت الشمس
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا الحجاج قال ثنا حماد فذكر مثله بإسناده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان قال ثنا يعلى بن عطاء عن أبيه وعطاء بن السائب
عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة بن عقبة قال ثنا سفيان الثوري عن عطاء بن السائب عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحجاج بن إبراهيم قال ثنا خالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ركعتين وأربع سجدات أطال فيهما القيام
والركوع والسجود
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا ابن لهيعة عن موسى بن أيوب عن عمه إياس بن
عامر أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فرض النبي صلى الله عليه وسلم أربع صلوات صلاة الحضر أربع ركعات
وصلاة السفر ركعتين وصلاة الكسوف ركعتين وصلاة المناسك ركعتين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عباد عن
سمرة بن جندب قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بهم مثل ما ذكر
عبد الله بن عمرو سواء
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا زهير قال ثنا الأسود فذكر
مثله بإسناده
329

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي
بكرة قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين
حدثنا علي بن معبد قال ثنا المعلى بن منصور قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا يونس عن الحسن
عن أبي بكر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسفت الشمس فقام إلى المسجد يجر رداءه من العجلة وثاب
الناس إليه فصلى كما تصلون
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا يونس عن الحسن عن أبي
بكرة أن الشمس أو القمر انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وأنهما
لا يكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته فإذا كان ذلك فصلوا حتى تنجلي
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي هو البصري قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شريك عن عاصم الأحول
عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في كسوف الشمس كما تصلون ركعة وسجدتين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن عاصم عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير
قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يركع ويسجد
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن عاصم عن أبي قلابة
عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكسوف نحوا من صلاتكم هذه يركع ويسجد
حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي
قلابة عن النعمان بن بشير أو غيره قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ويسلم ويسأل
حتى انجلت ثم قال إن رجالا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من عظماء أهل الأرض
وليس ذلك كذلك ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا تجلى الله لشئ من خلقه خشع له
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد عن زائدة عن زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة
قال انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان
لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق قال انكسفت الشمس
فصلى المغيرة بن شعبة بالناس ركعتين وأربع سجدات
فدل ذلك أن ما كان علمه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضره مثل ذلك
330

حدثنا أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز قال ثنا محمد بن بشار قال ثنا معاذ بن هشام قال ثنا أبي
عن قتادة عن أبي قلابة عن قبيصة البجلي قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى كما تصلون
حدثنا ابن أبي داود وفهد قالا ثنا ابن معبد قال ثنا عبيد الله بن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة
الهلالي أو غيره أن الشمس كسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا يجر ثوبه وأنا معه يومئذ
بالمدينة فصلى ركعتين أطالهما ثم انصرف وتجلت الشمس فقال إنما هذه الآيات يخوف الله بها فإذا رأيتموها
فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة
فكان أكثر الآثار في هذا الباب هي الموافقة لهذا المذهب الأخير فأردنا أن ننظر في معاني الأقوال الأول فكان
النعمان بن بشير قد أخبر في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى ركعتين ويسلم ويسأل فاحتمل أن يكون النعمان علم
من رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود بعد كل ركعة وعلمه من وافقه على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ولم يعلم الذين قالوا
ركع ركعتين أو أكثر من ذلك قبل أن يسجد لما كان من طول صلاته فتصحيح حديث النعمان هذا مع هذه الآثار
هو أن يجعل صلاته كما قال النعمان لان ما روى على وابن عباس وعائشة يدخل في ذلك ويزيد عليه
حديث النعمان فهو أولى من كل ما خالفهم
ثم قد شد ذلك ما حكاه قبيصة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من
المكتوبة فأخبرنا إنما يصلى في الكسوف كما يصلى المكتوبة ثم رجعنا إلى قول الذين لم يوقتوا في ذلك شيئا لما رووه
عن ابن عباس رضي الله عنهما فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث قبيصة فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من
المكتوبة دليلا على أن الصلاة في ذلك موقتة معلومة لها وقت معلوم وعدد معلوم فبطل بذلك ما ذهب إليه
المخالفون لهذا الحديث
فأما قولهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى تنجلي فقالوا ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي
أن يقطع الصلاة إذا كان ذلك حتى تنجلي
فيقال لهم فقد قال في بعض الأحاديث فصلوا وادعوا حتى تنكشف
وقد حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عبد الله بن
السائب عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت
أحد أراه ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فعليكم بذكر الله والصلاة
حدثنا فهد قال ثنا أبو كريب قال ثنا أبو أسامة عن يزيد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى
قال خسفت الشمس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلى بأطول
قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط ثم قال إن هذه الآيات التي يرسلها الله عز وجل لا تكون
331

لموت أحد ولا لحياته ولكن الله عز وجل يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم شيئا منها فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه
واستغفاره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء عندها والاستغفار كما أمر بالصلاة
فدل ذلك أنه لم يرد منهم عند الكسوف الصلاة خاصة ولكن أريد منهم ما يتقربون به إلى الله تعالى من الصلاة
والدعاء والاستغفار وغير ذلك
وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا الربيع بن يحيي قال ثنا زائدة بن قدامة عن هشام بن عروة عن
فاطمة عن أسماء قالت أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعتاقة عند الكسوف فدل ذلك على ما ذكرناه
وقد روى في ذلك عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا شجاع
بن الوليد قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا مسعود الأنصاري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموه فقوموا فصلوا
فأمروا في هذا الحديث بالقيام عند رؤيتهم ذلك للصلاة وأمروا في الأحاديث الأول بالدعاء والاستغفار بعد الصلاة
حتى تنجلي الشمس فدل ذلك على أنهم لم يؤمروا بأن لا يقطعوا الصلاة حتى تنجلي الشمس وثبت بذلك أن لهم
أن يطيلوا الصلاة إن أحبوا وان شاءوا قصروها ووصلوها بالدعاء حتى تنجلي الشمس
وقد حدثنا إبراهيم بن داود قال ثنا الوحاظي قال ثنا إسحاق بن يحيى الكلبي قال ثنا الزهري
قال كان كثير بن العباس يحدث أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يحدث عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم خسفت الشمس بمثل ما حدث به عروة عن عائشة رضي الله عنها قال الزهري فقلت لعروة فإن أخاك يوم
خسفت الشمس بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصبح فقال أجل انه أخطأ السنة
فهذا عروة والزهري قد ذكرا عن عبد الله بن الزبير أنه صلى لكسوف الشمس ركعتين وعبد الله بن الزبير رجل
له صحبة وقد حضره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر
فأما قول عروة انه أخطأ السنة ذلك عندنا ليس بشئ
وجميع ما بيناه في هذا الباب من صلاة الكسوف أنها ركعتان وأن المصلى إن شاء طولهما وان شاء قصرهما
إذا وصلهما بالدعاء حتى تنجلي الشمس
وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وهو النظر عندنا لأنا رأينا سائر الصلاة من
المكتوبات والتطوع مع كل ركعة سجدتين فالنظر على ذلك أن يكون هذه الصلاة كذلك
باب القراءة في صلاة الكسوف كيف هي
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف حرفا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة ح
332

وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا زهير بن معاوية عن الأسود بن قيس عن
ثعلبة بن عباد عن سمرة بن جندب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف لا نسمع له صوتا
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن الأسود بن قيس عن ابن عباد رجل
من بنى عبد القيس عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن الأسود بن قيس عن ثعلبة عن سمرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا هكذا صلاة الكسوف لا يجهر فيها بالقراءة لأنها من صلاة
النهار وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجهر فيها بالقراءة وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون بن
عباس وسمرة رضي الله عنهما لم يسمعاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته تلك حرفا وقد جهر فيها لبعدهما منه
فهذا لا ينفى الجهر إذ كان قد روى عنه أنه قد جهر فيها
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا ابن لهيعة عن عقيل
عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في كسوف الشمس
حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن الربيع قال ثنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان بن حسين عن الزهري
عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
فهذه عائشة تخبر أنه قد جهر فيها بالقراءة فهي أولى لما ذكرنا
وقد كان النظر في ذلك لما اختلفوا أنا رأينا الظهر والعصر يصليان نهارا في سائر الأيام ولا يجهر فيهما بالقراءة
ورأينا الجمعة تصلى في خاص من الأيام ويجهر فيها بالقراءة فكانت الفرائض هكذا حكمها ما كان منها يفعل في سائر
الأيام نهارا خوفت فيه وما كان منها يفعل في خاص من الأيام جهر فيه
وكذلك جعل حكم النوافل ما كان منها يفعل في سائر الأيام نهارا خوفت فيه بالقراءة وما كان منها يفعل
في خاص من الأيام مثل صلاة العيدين يجهر فيه بالقراءة
هذا مالا اختلاف بين الناس فيه وكانت صلاة الاستسقاء في قول من يرى في الاستسقاء صلاة هكذا حكمها
عنده يجهر فيها بالقراءة
وقد شد قوله في ذلك ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما تقدم من كتابنا هذا في جهره بالقراءة في صلاة الاستسقاء
فلما ثبت ما وصفنا في الفرائض والسنن ثبت أن صلاة الكسوف كذلك أيضا لما كانت من السنة المفعولة في
خاص من الأيام وجب أن يكون حكم القراءة فيها كحكم القراءة في السنن المفعولة في خاص من الأيام وهو الجهر
لا المخافتة قياسا ونظرا على ما ذكرنا
وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى
333

وقد روي ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان عن الشيباني عن الحكم عن حنش أن عليا
رضي الله عنه جهر بالقراءة في كسوف الشمس وقد صلى علي رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قد رويناه مما تقدم
من كتابنا هذا
باب التطوع بالليل والنهار كيف هو
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت علي بن عبد الله
البارقي يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
حدثنا فهد قال ثنا إسحق بن إبراهيم الحنيني عن العمرى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هكذا صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم في كل ركعتين
واحتجوا بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أما صلاة النهار فإن شئت تصلي بتكبيرة مثنى مثنى تسلم في كل ركعتين
وإن شئت أربعا وكرهوا أن يزيد على ذلك شيئا واختلفوا في صلاة الليل فقال بعضهم إن شئت صليت بتكبيرة
ركعتين وإن شئت أربعا وإن شئت ستا وإن شئت ثمانيا وكرهوا أن يزيد على ذلك شيئا
وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمه الله وقال بعضهم صلاة الليل مثنى مثنى يسلم في كل ركعتين
وممن قال ذلك أبو يوسف رحمه الله وأما ما ذكرنا في صلاة النهار فهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف
ومحمد رحمهم الله تعالى
وكان من حجتهم على أهل المقالة الأولى أن كل من روى حديث بن عمر سوى علي البارقي وسوى ما روى
العمرى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إنما يقصد إلى صلاة الليل خاصة دون صلاة النهار
وقد ذكرنا ذلك في باب الوتر
وقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما من فعله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على فساد هذين الحديثين أيضا
اللذين ذكرناهما في أول هذا الباب
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما
أنه كان يصلي بالليل ركعتين وبالنهار أربعا
334

حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن زيد عن جبلة بن سحيم عن عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما أنه كان يصلى قبل الجمعة أربعا لا يفصل بينهن بسلام ثم بعد الجمعة ركعتين ثم أربعا
فاستحال أين يكون بن عمر رضي الله عنهما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما روى عنه علي البارقي ثم يفعل خلاف ذلك
وأما ما روى في ذلك عن غير بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا علي بن شيبة قال انا يزيد بن
هارون قال أنا عبيدة الضبي ح
وحدثنا ربيع الجيزي قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن
عبيدة ح
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن عبيدة عن إبراهيم
هو النخعي عن سهم بن منجاب عن قزعة عن القرثع عن أبي أيوب الأنصاري قال أدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أربع ركعات بعد زوال الشمس فقلت يا رسول الله انك تدمن هؤلاء الأربع ركعات
فقال يا أبا أيوب إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء فلن ترتج حتى يصلي الظهر ف أحب أن يصعد
لي فيهن عمل صالح قبل أن ترتج
فقلت يا رسول الله أوفى كلهن قراءة قال نعم قلت بينهن تسليم فاصل قال لا
إلا التشهد
حدثنا عبد العزيز بن معاوية قال ثنا فهد بن حبان قال ثنا شعبة عن عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن
المنجاب عن قزعة عن قرثع عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع ركعات قبل الظهر لا تسليم
فيهن يفتح لهن أبواب السماء
قال أبو جعفر فقد ثبت بهذا الحديث أنه قد يجوز أن يتطوع بأربع ركعات بالنهار لا تسليم فيهن فثبت
بذلك قول من ذكرنا أنه ذهب إلى ذلك
وقد روى هذا أيضا عن جماعة من المتقدمين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن عبيدة عن إبراهيم قال كان
عبد الله يصلى أربع ركعات قبل الظهر وأربع ركعات بعد الجمعة وأربع ركعات بعد الفطر والأضحى ليس
فيهن تسليم فاصل وفي كلهن القراءة
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية الضرير عن محل الضبي عن إبراهيم أن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا لا يفصل بينهن بتسليم
335

حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حصين عن إبراهيم قال ما كانوا يسلمون
في الأربع قبل الظهر
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة قال سأل محل
إبراهيم عن الركعات قبل الظهر يفصل بينهن بتسليم
قال إن شئت اكتفيت بتسليم التشهد وإن شئت فصلت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن أبي معشر أن إبراهيم قال صلاة الليل
والنهار مثنى مثنى الا أنك إن شئت صليت من النهار أربع ركعات لا تسلم الا في آخرهن
قال أبو جعفر فقد ثبت حكم صلاة النهار على ما ذكرنا وما روينا في هذه الآثار لم يدفع ذلك ولم يعارضه
شئ وأما صلاة الليل فقد ذكرنا فيها من الاختلاف ما ذكرنا في أول هذا الباب
فكان من حجة الذين جعلوا له أن يصلى بالليل ثمانيا لا يفصل بينهن بتسليم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان
يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة منها الوتر ثلاث ركعات
فقيل لهم فقد روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها انه كان يسلم بين كل اثنتين منهن
وهذا الباب إنما يؤخذ من جهة التوقيف والاتباع لما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به وفعله أصحابه من بعده فلم
نجد عند من فعله ولا من قوله انه أباح أن يصلى في الليل بتكبيرة أكثر من ركعتين وبذلك نأخذ وهو أصح القولين
عندنا في ذلك
باب التطوع بعد الجمعة كيف هو
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان مصليا منكم بعد الجمعة فليصل أربعا
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن التطوع بعد الجمعة الذي لا ينبغي تركه هو أربع ركعات لا يفصل بينهن بسلام
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل التطوع بعد الجمعة الذي لا ينبغي تركه ركعتان ركعتان كالتطوع بعد الظهر
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج بن محمد عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلى الركعتين بعد الجمعة الا في بيته
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عادم قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن نافع أن بن عمر
336

رضي الله عنهما رأى رجلا يصلى ركعتين بعد الجمعة فدفعه وقال أتصلي الجمعة أربعا
قال وكان بن عمر رضي الله عنهما يصلى الركعتين في بيته ويقول هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا التطوع بعد الجمعة الذي لا ينبغي تركه ست ركعات أربع ثم ركعتان
وقالوا قد يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه أولا ثم فعل ما روى
عنه بن عمر رضي الله عنه فكان ذلك زيادة فيما تقدم من قوله
والدليل على ما ذهبوا إليه من ذلك أن سليمان بن شعيب حدثنا قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير
بن معاوية عن أبي إسحاق عن عطاء قال أبو إسحاق حدثني غير مرة قال صليت مع بن عمر رضي الله عنهما
يوم الجمعة فلما سلم قام فصلى ركعتين ثم قال فصلى أربع ركعات ثم انصرف
فهذا بن عمر رضي الله عنه قد كان يتطوع بعد الجمعة بركعتين ثم أربع فيحتمل أن يكون فعل ذلك لما قد كان
ثبت عنده من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وفعله على ما ذكرنا
وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل ذلك
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن
عن علي رضي الله عنه أنه قال من كان مصليا بعد الجمعة فليصل ستا
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عطاء بن السائل عن أبي عبد الرحمن قال علم بن مسعود رضي الله عنه
الناس أن يصلوا بعد الجمعة أربعا فلما جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه علمهم أن يصلوا ستا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا حماد بن يونس قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي
قال قدم علينا عبد الله فكان يصلى بعد الجمعة أربعا فقدم بعده علي رضي الله عنه فكان إذا صلى الجمعة صلى بعدها
ركعتين وأربعا فأعجبنا فعل علي رضي الله عنه فاخترناه
فثبت بما ذكرنا أن التطوع الذي لا ينبغي تركه بعد الجمعة ست وهو قول أبى يوسف رحمه الله الا أنه قال أحب
إلى أن يبدأ بالأربع ثم يثنى بالركعتين لأنه هو أبعد من أن يكون قد صلى بعد الجمعة مثلها على ما قد نهى عنه
فإنه حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن
سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر أن عمر رضي الله عنه كان يكره أن يصلى بعد صلاة الجمعة مثلها
قال أبو جعفر فلذلك استحب أبو يوسف رحمه الله أن يقدم الأربع قبل الركعتين لأنهن لسن مثل الركعتين
فكره أن يقدم الركعتان لأنهما مثل الجمعة
وأما أبو حنيفة رحمه الله فكان يذهب في ذلك إلى القول الذي بدأنا بذكره في أول هذا الباب
337

باب الرجل يفتتح الصلاة قاعدا
هل يجوز له أن يركع قائما أم لا
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين عن
عبد الله بن شقيق العقيلي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر للصلاة قائما وقاعدا فإذا
صلى قائما ركع قائما وإذا صلى قاعدا ركع قاعدا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام بن حسان عن محمد بن عبد الله بن شقيق عن
عائشة رضي الله عنها أنه سألها عن ذلك فحدثته
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي قال ثنا أبو هلال عن محمد بن سيرين عن عبد الله
بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن بكير قال ثنا حماد بن زيد قال حدثني بديل بن ميسرة عن ابن شقيق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن سنان قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن بديل فذكر مثله بإسناده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق قال سألت
عائشة رضي الله عنها فذكر مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا حماد بن سلمة عن بديل بن ميسرة وحميد عن
عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا المسعودي عن يونس بن عبيد عن عبد بن معقل عن عائشة رضي الله
عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى كراهة الركوع قائما لمن افتتح الصلاة قاعدا واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا به بأسا وكان من الحجة لهم في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن
مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلى صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين
آية ثم ركع
حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
338

حدثنا يزيد بن سنان قال حدثني يحيى بن سعيد قال ثنا هشام قال حدثني أبي عن عائشة رضي الله
عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان وأبى النضر
مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
ففي هذا الحديث غير ما في حديث عبد الله بن شقيق لان في هذا أنه كان يركع قائما بعد ما أفتتح الصلاة قاعدا
وهذا أولى من الحديث الأول الذي رواه بن شقيق لان صبره على القعود حتى يركع قاعدا لا يدل ذلك على أنه
ليس له أن يقوم فيركع قائما وقيامه من قعوده حتى يركع قائما يدل على أن له أن يركع قائما بعدما أفتتح قاعدا
فلهذا جعلنا هذا الحديث أولى مما قبله
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب التطوع في المساجد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو المطرف بن أبي الوزير قال ثنا محمد بن موسى عن سعد بن إسحاق عن أبيه
عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في مسجد بنى عبد الأشهل فلما فرغ رأى الناس يسبحون فقال أيها الناس
إنما هذه الصلاة في البيوت
حدثنا بحر بن نصر قال ثنا ابن وهب قال ثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن حكيم
عن عمه عبد الله بن سعد قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيتي والصلاة في المسجد فقال قد ترى ما أقرب
بيتي من المسجد فلان أصلى في بيتي أحب إلى من أن أصلى في المسجد الا أن تكون صلاة مكتوبة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن التطوع لا ينبغي أن يفعل في المساجد الا الذي لا ينبغي تركه مثل الركعتين بعد
الظهر والركعتين بعد المغرب والركعتين عند دخول المسجد فأما ما سوى ذلك فلا ينبغي أن تصلى في المساجد ولكن
تؤخر ذلك للبيوت
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا التطوع في المساجد حسن غير أن التطوع في المنازل أفضل منه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن المنهال
بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال لي العباس رضي الله عنه بت الليلة
بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم صلى بعدها حتى لم يبقى في المسجد غيره
قال أبو جعفر فهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يتطوع في المسجد هذا التطوع الطويل فذلك عندنا
حسن الا أن التطوع في البيوت أفضل منه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صلاة المرء في بيته الا المكتوبة
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
339

باب التطوع بعد الوتر
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا أسباط عن مطرف عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي
رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر في أول الليل وفي وسطه وفي آخره ثم ثبت له الوتر في آخره
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر وعفان قالا ثنا شعبة قال أبو إسحق أنبأني غير مرة قال
سمعت عاصم بن ضمرة يحدث عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عياد قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي
إسحاق فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو أمية قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل وقال مرة أخرى أنا أبو إسرائيل
عن السدى عن عبد خير قال خرج علينا علي رضي الله عنه ونحن في المسجد فقال أين السائل عن الوتر
فانتهينا إليه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل ثم بدا له فأوتر وسطه ثم ثبت له الوتر في هذه الساعة
قال وذلك عند طلوع الفجر
وهذا عندنا على قرب طلوع الفجر قبل أن يطلع حتى يستوي معنى هذا الحديث ومعنى حديث عاصم بن ضمرة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الوقت الذي ينبغي أن يجعل فيه الوتر هو السحر وأنه لا يتطوع بعده وأن
من تطوع بعده فقد نقضه وعليه أن يعيد وترا آخر واحتجوا في ذلك بتأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر إلى آخر الليل
وبما روى عن جماعة من أصحابه من بعده أنهم كانوا يرون من تطوع بعد وتر فقد نقضه
وذكروا في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن
موسى بن طلحة أن عثمان رضي الله عنه قال أني أوتر أول الليل فإذا قمت من آخر الليل صليت ركعة فما شبهتها
الا بقلوص أضمها إلى الإبل
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن أبيه عن سعيد بن
المسيب أن أبا بكر كان يفعل ذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله
قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول الوتر على ثلاثة أنواع رجل أوتر أول الليل ثم استيقظ فصلى ركعتين ورجل
أوتر أول الليل فاستيقظ فوصل إلى وتره ركعة فصلى ركعتين ركعتين ثم أوتر ورجل أخر وتره إلى آخر الليل
حدثنا محمد بن بحر قال ثنا يزيد بن هارون قال ثنا همام عن قتادة ومالك بن دينار عن جلاس
340

قال كنت جالسا عند عمار فأتاه رجل فقال له كيف توتر قال أرتضي بما أصنع قال نعم قال أحسب
قتادة قال في حديثه فإني أوتر بليل بخمس ركعات ثم أرقد فإذا قمت من الليل شفعت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر قال ثنا ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي سلمة
ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال من أوتر فبدا له أن يصلى فليشفع إليها بأخرى
حتى يوتر بعد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحاق عن مسروق
قال قال بن عمر رضي الله عنهما شئ أفعله برأيي لا أرويه ثم ذكر نحو ذلك
قال مسروق وكان أصحاب بن مسعود رضي الله عنه يتعجبون من صنع بن عمر رضي الله عنهما
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي الحارث
الغفاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا استفتاه عن رجل أوتر أول الليل ثم قام ثم قام كيف يصنع
قال يتمها عشرا
وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه خلاف هذا القول وسنذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بالتطوع بعد الوتر ولا يكون ذلك ناقضا للوتر
ورووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما (0) حدثنا فهد قال ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي قال ثنا الأوزاعي
قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين بعد
الوتر قرأ فيهما وهو جالس فلما أراد أن يركع قام فركع
وقد ذكرنا مثل ذلك أيضا عن عائشة رضي الله عنها في باب الوتر في حديث سعد بن هشام
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا عمارة بن زاذان عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين بعد الوتر ب (الرحمن والواقعة)
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الرحمن بن المبارك قال ثنا عبد الوارث عن أبي غالب عن أبي أمامة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما إذا زلزلت وقل يا أيها الكافرون
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر
فقال إن هذا السفر جهد وثقل فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين فإن استيقظ والا كانتا له
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تطوع بعد الوتر بركعتين وهو جالس ولم يكن ذلك ناقضا لوتره المتقدم فهذا أولى مما
تأوله أهل المقالة الأولى وادعوه من معنى حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وتره إلى السحر مع
أن ذلك أيضا ليس فيه خلاف عندنا لهذا لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ثم يتطوع بعده قبل
طلوع الفجر
341

فإن قال قائل يحتمل أن يكون تينك الركعتين هما ركعتا الفجر فلا يكون ذلك من صلاة الليل
قيل له لا يجوز ذلك من جهتين اما أحدهما فلان سعد بن هشام إنما سأل عائشة رضي الله عنها عن صلاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فكان ذلك منها جوابا لسؤالهم واخبارا منها إياه عن صلاته بالليل كيف كانت
والجهة الأخرى انه ليس لأحد أن يصلى ركعتي الفجر جالسا وهو يطيق القيام لأنه بذلك تارك لقيامه وإنما
يجوز أن يصلى قاعدا وهو يطيق القيام ماله أن لا يصليه البتة ويكون له تركه فهو كما له تركه له بكماله يكون له ترك
القيام فيه فاما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه
فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوعا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر كانتا من صلاة الليل وفي ذلك ما وجب
به قول اللذين لم يروا بالتطوع في الليل بعد الوتر بأسا ولم ينقضوا به الوتر
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من قوله ما يدل على هذا أيضا ما قد ذكرناه عنه في حديث ثوبان
وقد حدثنا عمران بن موسى الطائي وابن أبي داود قالا حدثنا أبو الوليد ح
وحدثنا ابن أبي عمران قال ثنا علي بن الجعد قالا أنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وتران في ليلة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا ملازم بن عمرو قال حدثني عبد الله بن بدر عن
قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو نعيم وأبو الوليد قالا ثنا ملازم عن عبد الله بن بدر فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر متى توتر قال أول الليل بعد العتمة قال أخذت بالوثقى
ثم قال لعمر متى توتر قال آخر الليل قال أخذت بالقوة
حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث عن ابن شهاب عن ابن المسيب
أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما تذاكرا الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر رضي الله عنه أما أنا فأصلي ثم
أنام على وتر فإذا استيقظت صليت شفعا حتى الصباح فقال عمر رضي الله عنه لكني أنام على شفع ثم أوتر
من آخر السحر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه حذر هذا وقال لعمر رضي الله عنه قوى هذا
فدل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وتران في ليلة على ما ذكرنا من نفى إعادة الوتر ووافق ذلك قول أبى بكر رضي الله عنه أما أنا فأوتر أول الليل فإذا استيقظت صليت شفعا حتى الصباح وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم النكير عليه دليل
على أن حكم ذلك كما كان يفعل وأن الوتر لا ينقضه النوافل التي يتنفل بها بعده
وقد روى ذلك أيضا عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
342

حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب بن جرير قال ثنا شعبة عن أبي جمرة قال سألت بن عباس رضي الله
عنهما عن الوتر فقال إذا أوترت أول الليل فلا توتر آخره وإذا أوترت آخره فلا توتر أوله
قال وسألت عائذ بن عمرو فقال مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا شعبة عن قتادة ومالك بن دينار أنهما سمعا
خلاسا قال سمعت عمار بن ياسر وسأله رجل عن الوتر فقال اما انا فأوتر ثم أنام فإن قمت صليت
ركعتين ركعتين
وهذا عندنا معنى حديث همام عن قتادة الذي ذكرناه في الفصل الأول لان في ذلك فإذا قمت شفعت
فأحتمل ذلك أن يكون يشفع بركعة كما كان بن عمر رضي الله عنهما يفعل ويحتمل أن يكون يصلى شفعا شفعا
ففي حديث شعبة ما قد بين أن معنى قول شفعت أي صليت شفعا شفعا ولم أنقض الوتر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال ذكر
عند عائشة رضي الله عنها نقض الوتر فقالت لا وتران في ليلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن حمران قال ثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمران بن أبي أنس
عن عمر بن الحكم أن أبا هريرة رضي الله عنه قال لو جئت بثلاث أبعرة فأنختها ثم جئت ببعيرين فأنختهما
أليس كأن يكون ذلك وترا قال وكان يضربه مثلا لنقض الوتر
وهذا عندنا كلام صحيح ومعناه أن ما صليت بعد الوتر من أشفاع فهو مع الوتر الذي أوترته وترا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن زيد بن أسلم عن أبي مرة مولى عقيل بن
أبي طالب رضي الله عنهما أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر
فقال إن شئت أخبرتك كيف أصنع أنا قلت أخبرني
قال إذا صليت العشاء صليت بعدها خمس ركعات ثم أنام فإن قمت من الليل صليت مثنى مثنى
وان أصبحت أصبحت على وتر
فهذا بن عباس رضي الله عنهما وعائذ بن عمرو وعمار وأبو هريرة رضي الله عنهما وعائشة رضي الله عنها
لا يرون التطوع بعد الوتر ينقض الوتر
فهذا أولى عندنا مما روى عمن خالفهم إذ كان ذلك موافقا لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله
والذي روى عن الآخرين أيضا فليس له أصل في النظر لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يتطوعوا صلوا ركعة
فيشفعون بها وترا متقدما قد قطعوا فيما بينه وبين ما شفعوا به بكلام وعمل ونوم وهذا لا أصل له أيضا
في الاجماع فيعطف عليه هذا الاختلاف
343

فلما كان ذلك كذلك وخالفه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكرنا وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
خلافه انتفى ذلك ولم يجز العمل به
وهذا القول الذي بينا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله
باب القراءة في صلاة الليل كيف هي
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو
عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل فيسمع قراءته من وراء الحجر
وهو في البيت
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا قيس بن الربيع عن هلال بن خباب عن يحيى بن جعدة
عن جدته أم هانئ قالت كنت أسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل وأنا نائمة على عريشي وهو
يصلى يرجع بالقرآن
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر عن أبي العلاء عن يحيى بن جعدة قال قالت
أم هانئ إني كنت أسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن القراءة في صلاة الليل هكذا هي وكرهوا المخافتة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إن شاء خافت وإن شاء جهر رضي الله عنهم
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يوسف بن علي قال ثنا ابن المبارك عن عمران
بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كانت قراءة
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى بالليل يرفع طورا ويخفض طورا
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا حفص بن غياث عن عمران فذكر بإسناده ومثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم عن عمران بن زائدة عن أبيه عن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر
أبا هريرة رضي الله عنه
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع صوته في قراءته بالليل طورا
ويخفضه طورا
فدل ذلك على أن للمصلي في الليل أن يرفع إن أحب ويخفض إن أحب
344

وقد يجوز أن يكون ما ذكرت أم هانئ وابن عباس رضي الله عنهما من رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بالقراءة
في صلاته بالليل هو رفع قد كان يفعل بعقبة الخفض
فحديث بن عباس وأم هانئ لا ينفى الخفض وحديث أبي هريرة رضي الله عنه يبين
أن للمصلى أن يخفض إن أحب ويرفع إن أحب فهو أولى من هذه الأحاديث
وبه يقول أبو حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب جمع السور في ركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن عاصم عن أبي العالية قال أخبرني من سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول لكل سورة ركعة
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية قال أنا عاصم الأحول
عن أبي العالية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل سورة ركعة
قال فذكرت ذلك لابن سيرين فقال أسمى لك من حدثه قلت لا قال أفلا تسأله
فسألته فقلت من حدثك فقال إني لأعلم من حدثني وفي أي مكان حدثني وقد كنت أصلى بين
عشرين حتى بلغني هذا الحديث
قال أبو جعفر فذهب إلى هذا قوم فقالوا لا ينبغي للرجل أن يزيد في كل ركعة من صلاته على سورة مع
فاتحة الكتاب
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وبما روى عن ابن عمر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت بن لبيبة قال
قال رجل لابن عمر انى قرأت المفصل في ركعة أو قال في ليلة
فقال بن عمر ان الله لو شاء لأنزله جملة واحدة ولكن فصله لتعطى كل سورة حظها من الركوع والسجود
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس أن يصلى الرجل في الركعة الواحدة ما بدا له من السور
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا كهمس بن الحسن
عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة رضي الله عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن السور قالت المفصل
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا هشام بن عبد الملك قال ثنا أبو عوانة عن حصين قال أخبرني
إبراهيم عن نهيك بن سنان السلمي أنه أتى عبد الله بن بن مسعود رضي الله عنهما فقال قرأت المفصل الليلة
في ركعة
345

فقال هذا مثل هذ الشعر ونثرا مثل نثر الدقل إنما فصل لتفصلوا لقد علمنا النظائر التي كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عشرين سورة الرحمن والنجم على تأليف بن مسعود رضي الله عنهما كل سورتين في ركعة
وذكر الدخان وعم يتساءلون في ركعة
فقلت لإبراهيم أرأيت ما دون ذلك كيف أصنع قال ربما قرأت أربعا في ركعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قالا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل أن رجلا قال
لعبد الله انى قرأت المفصل في ركعة فقال هذا كهذ الشعر لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرن بينهن
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال ثنا سيار عن أبي وائل عن
عبد الله مثله
غير أنه قال التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن سورتين في كل ركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح وحدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قالا ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود
قالا جاء رجل على عبد الله فقال إني قرأت المفصل في ركعة فقال نثرا كنثر الدقل وهذا كهذ الشعر
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ما فعلت كان يقرن بين كل سورتين في كل ركعة سورتين في كل ركعة
النجم والرحمن في ركعة عشرون سورة في عشر ركعات
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر الضرير قال أنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن سعيد
بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان قال صليت إلى جنب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فاستفتح سورة البقرة فلما فرغ منها استفتح آل عمران
فكان إذا أتى على آية فيها ذكر الجنة أو النار وقف فسأل أو تعوذ أو قال كلاما هذا معناه
ففي هذه الآثار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرن بين السورتين في كل ركعة
فقد خالف هذا ما روى أبو العالية وهو أولى لاستقامة طريقة وصحة مجيئه
وأما قول بن مسعود رضي الله عنه بعد ذلك إنما سمى المفصل لتفصلوه فإن ذلك لم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم
346

وقد يحتمل أن يكون ذلك من رأيه فإن كان ذلك من رأيه فقد خالفه في ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه
لأنه كان يختم القرآن في ركعة وسنذكر ذلك في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في ركعة من صلاة الصبح ببعض سورة
حدثنا بذلك بن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا ابن جريج ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي سلمة
ابن سفيان عن عبد الله بن السائب قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة الفتح صلاة الصبح فافتتح
سورة المؤمن
فلما أتى على ذكر موسى وعيسى أو موسى وهارون صلى الله عليهم أخذته سعلة فركع
فإن قال قائل إنما فعل ذلك للسعلة التي عرضت له
قيل له فقد روى عنه انه كان يقرأ في ركعتي الفجر بآيتين من القرآن قد ذكرنا ذلك في باب القراءة
في ركعتي الفجر
وقد حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر عن رجل هو
قدامة بن عبد الرحمن أو بن عبد الله عن جسرة بنت دجاجة قالت سمعت أبا ذر قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرأ آية من كتاب الله بها يركع وبها يسجد وبها يدعو
حدثنا عبد العزيز بن معاوية العتابي قال ثنا أبو الوليد قال ثنا يحيى بن سعيد القطان عن قدامة
بن عبد الله عن جسرة بنت دجاجة عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية حتى أصبح إن تعذبهم فإنهم
عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا أبو الوليد قال حدثني يحيى بن سعيد القطان
قال حدثني قدامة بن عبد الرحمن قال حدثتني جسرة بنت دجاجة أنها سمعت أبا ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
فهذا دليل على أنه لا بأس بقراءة بعض سورة في ركعة
وقد ثبت أنه لا بأس بقراءة السور في الركعة لما قد ذكرنا مما جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أفضل الصلاة طول القيام فذلك ينفي أيضا ما ذكر أبو العالية
لأنه يوجب أن الأفضل من الصلوات ما أطيلت القراءة فيه ولا يكون ذلك الا بالجمع بين السور الكثيرة
في ركعة
وهذا كله قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى عن ابن عمر خلاف ما روينا عنه في الفصل الأول
347

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا داود بن قيس عن نافع قال كان بن عمر يجمع
بين السورتين في الركعة الواحدة من صلاة المغرب
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خطاب بن عمر قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عمر
وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقرأ بالسورتين والثلاث في ركعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خطاب بن عثمان قال ثنا إسماعيل عن محمد بن إسحاق عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله وزاد وكان يقسم السورة الطويلة في الركعتين من المكتوبة
وقد روى في ذلك أيضا عن عمر وغيره ما يدل على هذا المعنى
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق
عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمكة الفجر
فقرأ في الركعة الأولى ب سورة يوسف حتى بلغ (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم)
ثم ركع
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون
قال حججت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ في الركعة الآخرة من المغرب ألم تر ولايلاف
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا زهير عن أبي إسحاق حدثه عن عبد الرحمن
بن يزيد قال صليت مع عبد الله العشاء الآخرة فافتتح الأنفال حتى انتهى إلى نعم المولى
ونعم النصير ثم ركع
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية عن عاصم الأحول
عن ابن سيرين قال كان تميم الداري يحيى الليل كله بالقرآن كله في ركعة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا الضحى يحدث
عن مسروق قال قال لي رجل من أهل مكة هذا مقام أخيك تميم الداري لقد رأيته قام ليلة حتى أصبح أو
كاد أن يصبح يقرأ آية يركع بها ويسجد ويبكي أم حسب الذين اجترحوا السيئات الآية
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحماني قال ثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أنه
قرأ القرآن في ركعة
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير أنه قرأ القرآن
في ركعة في البيت
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف قال ثنا أبو الأحوص عن المغيرة عن إبراهيم قال أمنا
في صلاة المغرب فوصل بسورة الفيل لإيلاف قريش في ركعة
348

وهذا الذي ذكرنا مع تواتر الرواية فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثرة من ذهب إليه من أصحابه ومن تابعيهم
هو النظر لأنا قد رأينا فاتحة الكتاب تقرأ هي وسورة غيرها في ركعة ولا يكون بذلك بأس ولا يجب بفاتحة
الكتاب لأنها سورة ركعة
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك ما سواها من السور لا يجب أيضا لكل سورة منه ركعة
وهذا مذهب أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب القيام في شهر رمضان
هل هو في المنازل أفضل أم مع الامام
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا وهب قال ثنا داود وهو بن أبي هند
عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير الحضرمي عن أبي ذر قال صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ولم
يكن بنا حتى بقي سبع من الشهر
فلما كانت الليلة السابعة خرج فصلى بنا حتى مضى ثلث الليل ثم لم يصل بنا السادسة حتى خرج ليلة
الخامسة فصلى بنا حتى مضى شطر الليل
فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا فقال إن القوم إذا صلوا مع الامام حتى ينصرف كتب لهم قيام
تلك الليلة ثم لم يصل بنا الرابعة حتى إذا كانت ليلة الثالثة خرج وخرج بأهله فصلى بنا حتى خشينا أن
يفوتنا الفلاح
قلت وما الفلاح قال السحور
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن القيام مع الامام في شهر رمضان أفضل منه في المنازل واحتجوا في ذلك
بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قنوت بقية ليلته
وخالفهم في في ذلك آخرون فقالوا بل صلاته في بيته أفضل من صلاته مع الامام
349

وكان من الحجة لهم في ذلك أن ما احتجوا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من قام مع الامام حتى ينصرف
كتب له قنوت بقية ليلته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكنه قد روى عنه أيضا أنه قال خير صلاة المرء في بيته الا المكتوبة في حديث زيد بن ثابت
وذلك لما قام بهم ليلة في رمضان فأرادوا أن يقوم بهم بعد ذلك فقال لهم هذا القول
فأعلمهم به أن صلاتهم في منازلهم وحدانا أفضل من صلاتهم معه في مسجده فصلاتهم تلك في منازلهم أحرى
أن يكون أفضل من الصلاة مع غيره في غير مسجده
فتصحيح هذين الأثرين يوجب أن حديث أبي ذر هو على أن يكتب له بالقيام مع الامام قنوت بقية ليلته
وحديث زيد بن ثابت يوجب أن ما فعل في بيته هو أفضل من ذلك حتى لا يتضاد هذان الأثران
حدثنا ابن مرزوق وعلي بن عبد الرحمن قالا ثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا موسى بن عقبة
قال سمعت أبا النضر يحدث عن بشر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر حجرة في المسجد
من حصير فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته فظنوا أنه قد نام فجعل
بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم منذ الليلة حتى خشيت أن يكتب
عليكم قيام الليل ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته
الا المكتوبة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوحاظي قال ثنا سليمان بن بلال قال حدثني بردان إبراهيم
350

بن أبي فلان وهو بن أبي النضر عن أبيه عن بشر بن سعيد عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة
المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا الا المكتوبة
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أسد وأبو الأسود قالا أنا ابن لهيعة عن أبي النضر عن بشر بن سعيد
عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أفضل صلاة المرء صلاته في بيته الا المكتوبة
وقد روى عن غير زيد بن ثابت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ما قد ذكرناه في باب التطوع في المساجد
فثبت بتصحيح معاني هذه الآثار ما ذكرناه
وقد روى في ذلك عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما صححناها عليه
فمن ذلك ما حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما أنه كان لا يصلى خلف الامام في رمضان
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال قال رجل لابن عمر
رضي الله عنهما أصلى خلف الامام في رمضان
فقال أتقرأ القرآن قال نعم قال صل في بيتك
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن أبي حمزة ومغيرة عن إبراهيم قال لو لم يكن
معي الا سورتين لرددتهما أحب إلى من أن أقوم خلف الامام في رمضان
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم
قال كان المتهجدون يصلون في ناحية المسجد والامام يصلى بالناس في رمضان
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم قال كانوا يصلون
في رمضان فيؤمهم الرجل وبعض القوم يصلى في المسجد وحده
قال شعبة سألت إسحاق بن سويد عن هذا فقال كان الامام هاهنا يؤمنا وكان لنا صف يقال له
صف القراء فنصلي وحدانا والامام يصلى بالناس
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن أبي حمزة عن إبراهيم قال لو لم يكن معي
الا سورة واحدة لكنت أن أرددها أحب إلى من أن أقوم خلف الامام في رمضان
حدثنا يونس وفهد قالا ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة أنه كان
يصلى مع الناس في رمضان ثم ينصرف إلى منزله فلا يقوم مع الناس
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة قال لا أعلمه الا عن أبي بشر أن سعيد
بن جبير كان يصلى في رمضان في المسجد وحده والامام يصلي بهم فيه
351

حدثنا يونس قال ثنا أنس عن عبيد الله بن عمر قال رأيت القاسم وسالما ونافعا ينصرفون
من المسجد في رمضان ولا يقومون مع الناس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن الأشعث بن سليم قال أتيت مكة
وذلك في رمضان في زمن بن الزبير فكان الامام يصلى بالناس في المسجد وقوم يصلون على حدة في المسجد
فهؤلاء الذين روينا عنهم ما روينا من هذه الآثار كلهم يفضل صلاته وحده في شهر رمضان على صلاته
مع الامام وذلك هو الصواب
باب المفصل هل فيه سجود أم لا
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني أبو صخر عن يزيد بن قسيط عن خارجة زيد
بن ثابت عن أبيه قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد أحد منا
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو زرعة قال أنا حياة بن شريح قال أنا أبو صخر فذكر
بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا ابن أبي ذئب ح
وحدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن أبي كثير عن يزيد بن قسيط عن عطاء بن يسار
عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
قال أبو جعفر فذهب إلى هذا الحديث قوم فقلدوه فلم يروا في النجم سجدة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل فيها سجدة وليس في هذا الحديث دليل عندنا على أنه لا سجود
فيها لأنه يحتمل أن يكون ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجود فيها حينئذ لأنه كان على غير وضوء فلم يسجد لذلك
ويحتمل أنه تركه لأنه كان في وقت لا يحل فيه السجود
ويحتمل أن يكون تركه لان الحكم كان عنده في سجود التلاوة أن من شاء سجد ومن شاء تركه
ويحتمل أن يكون تركه لأنه لا سجود فيها
فلما احتمل تركه للسجود كل معنى من هذه المعاني لم يكن هذا الحديث بمعنى منها أولى من صاحبه إلا
بدلالة تدل عليه من غيره
352

ولكنا نحتاج إلى أن نفتش ما بعد هذا الحديث من الأحاديث لنلتمس حكم هذه السورة هل فيها سجود
أو لا سجود فيها
فنظرنا في ذلك فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا وهب ح
وحدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قالا ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن
عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد فيها فلم يبق أحد الا سجد الا شيخ كبير أخذ كفا من تراب
فقال هذا يكفيني قال عبد الله ولقد رأيته بعد قتل كافرا
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا أبو مصعب الزهري قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن مصعب بن ثابت
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ب النجم فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون
حتى سجد الرجل على الرجل وحتى سجد الرجل على شئ رفعه إلى وجهه بكفه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر وبشر بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن
عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد وسجد
الناس معه الا رجلين أراد الشهرة
حدثنا أحمد بن مسعود الخياط رضي الله عنه قال ثنا محمد بن كثير قال ثنا مخلد بن حسين عن هشام
عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم فسجد وسجد معه من حضره
من الجن والإنس والشجر
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا أبو ثابت المدني قال ثنا عبد العزيز بن حازم عن العلاء عن أبيه
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة رضي الله عنه سجد في خاتمة النجم
قال أبو سلمة يا أبا هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها قال لولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد
فيها لما سجدت فيها
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عمن أخبره
عن أبي الدرداء قال سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة منهن النجم
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا ابن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد
عن المطلب بن وداعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم بمكة فسجد فلم أسجد معه لأني كنت على غير الاسلام
فلن أدعها أبدا
ففي هذه الآثار تحقيق السجود فيها وليس فيما ذكرنا في الفصل الأول ما ينفى أن يكون فيها سجدة فهذه
أولى لأنه لا يجوز أن يسجد في غير موضع سجود
وقد يجوز أن يترك السجود في موضعه لعارض من العوارض التي ذكرناها في الفصل الأول
فإن قال قائل فإن في ذلك دلالة أيضا تدل على أن لا سجود فيها فذكر ما حدثنا ابن أبي داود
353

قال ثنا أحمد بن الحسين اللهبي قال حدثني بن أبي فديك قال حدثني داود بن قيس عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار أنه سأل أبي بن كعب هل في المفصل سجدة قال لا
قال فأبى بن كعب قد قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كله فلو كان في المفصل سجود إذا لعلمه سجود النبي صلى الله عليه وسلم
فيه لما أتى عليه في تلاوته
ولا حجة له في هذا عندنا لأنه قد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك فيه لمعنى من المعاني التي ذكرناها
في الفصل الأول
وقد ذهب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سجود التلاوة إلى أنه غير واجب والى أن التالي لا يضره
أن لا يفعله
فمما روى عنهم في ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح
وحدثنا محمد بن عمرو قال ثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه قرأ السجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل فسجد وسجدوا معه ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأوا
للسجود فقال عمر رضي الله عنه على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا الا أن نشاء فقرأها ولم يسجد
ومنعهم أن يسجدوا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن
قال مر سلمان بقوم قد قرؤوا بالسجدة فقيل ألا تسجد فقال انا لم نقصد لها
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبد الله بن بكر قال ثنا حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مليكة قال
لقد قرأ بن الزبير السجدة وأنا شاهد فلم يسجد
فقام الحارث بن عبد الله فسجد ثم قال يا أمير المؤمنين ما منعك أن تسجد إذ قرأت السجدة
فقال إذ كنت في صلاة سجدت وإذا لم أكن في صلاة فإني لا أسجد فهؤلاء الجلة لم يروها واجبة
وهذا هو النظر عندنا لأنا رأيناهم لا يختلفون أن المسافر إذا قرأها وهو على راحلته أومى بها ولم يكن
عليه أن يسجدها على الأرض فكانت هذه صفة التطوع لا صفة الفرض لان الفرض لا يصلى إلا على الأرض
والتطوع يصلى على الراحلة
354

وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يذهبون في السجود إلى خلاف ذلك ويقولن هي
واجبة فثبت بما وصفنا أن ما ذكروا عن أبي لا دلالة فيه على أن لا سجود في المفصل لأنه قد يجوز أن يكون
الحكم كان في السجود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على واحد من المعاني التي ذكرناها في ذلك عن عمر وسلمان
وابن الزبير فترك السجود في المفصل لذلك
ولعله أيضا لم يسجد في تلاوة ما فيه سجود أيضا من غير المفصل
وقد خالف أبي بن كعب فيما ذهب إليه من ذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن ذر عن علي رضي الله عنه
قال أن عزائم السجود آلم تنزيل وحم والنجم واقرأ باسم ربك
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عاصم فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق
عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفجر بمكة فقرأ
في الركعة الثانية ب النجم ثم سجد ثم قام فقرأ إذا زلزلت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ووهب وروح قالوا ثنا شعبة قال ثنا الحكم أنه مع إبراهيم
التيمي يحدث عن أبيه قال صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر مثله واللفظ لروح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن عمران بن عبيد الله أو عبيد الله بن عمران
عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن عمر سجد في إذا السماء انشقت
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا شعبة عن علي بن زيد عن زرارة بن أوفى
عن مسروق قال صليت خلف عثمان الصبح فقرأ النجم فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود أن عمر
وعبد الله يعنى بن مسعود سجدا في إذا السماء انشقت قال منصور أو أحدهما
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان عن إبراهيم عن الأسود
قال رأيت عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما يسجدان في إذا السماء انشقت
حدثنا روح قال ثنا يوسف قال ثنا أبو الأحوص عن ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن
أبيه عن عبد الله بذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبد الرحمن
355

الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رأيت عمر رضي الله عنه يسجد في النجم في صلاة الصبح ثم استفتح
في سورة أخرى
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا مالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال صلى بنا عمر رضي الله عنه فقرأ النجم فسجد فيها
حدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا بكر بن مضر قال حدثني عمرو بن الحارث عن بكير
أن نافعا حدثه أنه رأى بن عمر رضي الله عنهما يسجد في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك في غير صلاة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوراث قال ثنا سعيد بن إسحاق قال ثنا شعبة
عن إسحاق بن سويد قال سئل نافع أكان بن عمر رضي الله عنهما يسجد في الحج سجدتين قال مات
بن عمر رضي الله عنهما ولم يقرأها ولكنه كان يسجد في النجم وفي اقرأ باسم ربك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما أنه كان يسجد في النجم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي قال ثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني عن أبي
عبد الرحمن أن بن مسعود رضي الله عنه كان يسجد في إذا السماء انشقت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة والثوري وحماد عن عاصم عن ذر أن عمارا
سجد فيها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن الأعرج
عن أبي هريرة أنه كان يسجد فيها
فهؤلاء قد خالفوا أبي بن كعب في قوله لا سجود في المفصل
وقد حدثنا فهد قال ثنا ابن الأصبهاني قال أنا شريك عن الأعمش عن أبي ظبيان قال قال لي
بن عباس رضي الله عنهما أي قراءة تقرأ
قلت القراءة الأولى قراءة بن أم عبد فقال هي القراءة الآخرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه
القرآن في كل عام قال أراه قال في كل شهر رمضان فلما كان العام الذي مات فيه عرضه عليه مرتين
فشهد عبد الله ما نسخ وما بدل
فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد أخبر أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حضر قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
القرآن مرتين في العام الذي قبض فيه فعلم ما نسخ وما بدل
فإن كان في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب ما قد دل على أن أبيا قد علم ما فيه من السجود من
القرآن حتى صار قوله لا سجود في المفصل دليلا على أنه كذلك كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن حضور
356

بن مسعود رضي الله عنه قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن مرتين دليل على أنه قد علم ما فيه السجود من القرآن
فصار قوله ان المفصل من السجود ما رويناه عنه حجة
وقال قوم قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في المفصل بمكة فلما هاجر ترك ذلك
ورووا ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما من طريق ضعيف لا يثبت مثله ورووا عنه من قوله انه
لا سجود في المفصل
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخطيب قال ثنا همام عن ابن جريج عن عطاء أنه سأل بن عباس
رضي الله عنهما عن سجود القرآن فلم يعد عليه في المفصل شيئا
وهذا عندنا لو ثبت لكان فاسدا وذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه قد روينا عنه في هذا الباب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سجد في النجم وانه كان حاضرا ذلك وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء
انشقت
واسلام أبي هريرة رضي الله عنه ولقاؤه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان بالمدينة قبل وفاته بثلاث سنين وقد روينا
ذلك عنه في مواضعه من كتابنا هذا فدل ذلك على فساد ما ذهب إليه أهل تلك المقالة
وقد تواترت الآثار أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسجوده في المفصل
فمن ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب وصفوان
بن سليم عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك الذي خلق
سجدتين
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن بكير بن عبد الله عن نعيم المجمر
أنه قال صليت مع أبي هريرة رضي الله عنه فوق هذا المسجد فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فيها وقال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا علي بن زيد عن أبي
رافع قال صليت خلف أبي هريرة رضي الله عنه بالمدينة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما
فرغ من صلاته لقيته فقلت أتسجد فيها فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها فلن أدع ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا حماد قال ثنا علي بن زيد قال ثنا أبو رافع
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه غير أنه لم يذكر قوله فلن أدع ذلك أبدا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن مروان الأصفر حدثه عن أبي رافع فذكر مثله
بإسناده وزاد فلن أدع ذلك حتى ألقاه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا الثوري وابن جريج وابن عيينة عن أيوب بن موسى
عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذا السماء انشقت
357

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان قال ثنا أيوب بن موسى قال ثنا عطاء
بن مينا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقرأ باسم ربك وإذا
السماء انشقت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود وروح واللفظ لأبي داود قالا ثنا هشام عن يحيى قال
ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رآه يسجد في إذا السماء انشقت وقال لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسجد فيها لم أسجد
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة
فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قالا ثنا مالك عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة
أن أبا هريرة رضي الله عنه قرأ بهم إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرف حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سجد فيها
حدثنا ابن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن الهاد
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة رضي الله عنه وهو يسجد في إذا السماء انشقت
فقال أبو سلمة فقلت له حين انصرف سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها
فقال لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها لم أسجد
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن عبد العزيز بن عياش عن عمر بن عبد العزيز
عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء انشقت
حدثنا ابن أبي داود قالا ثنا مسدد قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله
عنه عن رجلين كلاهما خير من أبي هريرة أن أحدهما سجد في إذا السماء انشقت وفي (أقرأ باسم ربك
الذي خلق) وكان الذي سجد أفضل من الذي لم يسجد فإن لم يكن عمر فهو خير من عمر
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه قد تواترت عنه الروايات أنه سجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في إذا السماء
انشقت
وإسلامه إنما كان بالمدينة فكيف يجوز أن يقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما هاجر لم يسجد في المفصل
وقد روى عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في سجود المفصل أيضا ما حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا
أبو الأسود قال ثنا ابن لهيعة عن العلاء بن كثير عن الحارث بن سعيد الكندي عن عبد الله بن نمير
اليحصبي أن عمرو بن العاص سجد في إذا السماء انشقت وفي (اقرأ باسم ربك الذي خلق)
فقيل له في ذلك فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيهما
358

فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسجود في المفصل فيها نقول وهو قول أبي حنيفة
وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وأما النظر في ذلك فعلى غير هذا المعنى وذلك أنا رأينا السجود المتفق عليه هو عشر سجدات
منهن في الأعراف وموضع السجود فيها منها قوله إن الذين عند ربك لا يستكبرون
عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون
ومنهن الرعد وموضع السجود عند قوله عز وجل ولله يسجد من في السماوات والأرض
طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال
ومنهن النحل وموضع السجود منها عند قوله تعالى ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض
من دابة إلى قوله يؤمرون
ومنهن في سورة بني إسرائيل وموضع السجود منها عند قوله تعالى ويخرون للأذقان سجدا
إلى قوله خشوعا
ومنهن في سورة مريم وموضع السجود منها عند قوله وإذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا
سجدا وبكيا
ومنهن سورة الحج فيها سجدة في أولها عند قوله ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات
ومن في الأرض إلى آخر الآية
ومنهن سورة الفرقان وموضع السجود منها عند قوله (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن)
إلى آخر الآية
ومنهن سورة النمل فيها سجدة عند قوله تعالى ألا يسجد لله الذي يخرج الخبء
إلى آخر الآية
ومنهن آلم تنزيل السجدة فيها سجدة عند قوله تعالى (إنما يؤمن بآياتنا الذين) إلى آخر الآية
ومنهن (حم تنزيل من الرحمن الرحيم) وموضع السجود منها فيه اختلاف فقال بعضهم موضعه
تعبدون وقال بعضهم موضعه (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل
والنهار وهم لا يسئمون)
وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى يذهبون إلى هذا المذهب الأخير
واختلف المتقدمون في ذلك فحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد منصور قال ثنا هشيم
قال أنا فطر بن خليفة عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسجد في الآية الآخرة من حم تنزيل
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا فطر عن مجاهد قال سألت بن عباس رضي الله عنهما
عن السجدة التي في حم قال اسجد بآخر الآيتين
359

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن مجاهد قال سجد
رجل في الآية الأولى من حم فقال بن عباس رضي الله عنهما عجل هذا بالسجود
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال ثنا مغيرة عن أبي وائل أنه كان يسجد في الآية
الأخيرة
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا ابن عون عن ابن سيرين مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا سفيان الثوري عن ليث عن مجاهد مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا سعيد عن قتادة مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد
يذكر أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يسجد في الآية الأولى من حم
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم عن رجل عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
فكانت هذه السجدة في حم مما قد اتفق عليه واختلف في موضعها
وما ذكرنا قبل هذا من السجود في السور الاخر فقد اتفقوا عليها وعلى مواضعها التي ذكرناها وكان
موضع كل سجدة منها فهو موضع أخبار وليس بموضع أمر
وقد رأينا السجود مذكورا في مواضع أمر منها قوله تعالى يا مريم اقنتي لربك واسجدي
ومنها قوله وكن من الساجدين فكل قد اتفق أن لا سجود في شئ من ذلك
فالنظر على ذلك أن يكون كل موضع مما أختلف فيه هل فيه سجود أم لا أن ننظر فيه فإن كان موضع
أمر فإنما هو تعليم فلا سجود فيه
وكل موضع فيه خبر عن السجود فهو موضع سجود التلاوة فكان الموضع الذي أختلف فيه من
سورة النجم
فقال قوم هو موضع سجود التلاوة وقال آخرون هو ليس موضع سجدة تلاوة وهو قوله
واسجدوا لله واعبدوا فذلك أمر وليس بخبر
فكان النظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود التلاوة وكان الموضع الذي اختلف فيه أيضا من
اقرأ باسم ربك هو قوله كلا لا تطعه واسجد واقترب فذلك أمر وليس بخبر
فالنظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود تلاوة
وكان الموضع الذي اختلف فيه من إذا السماء انشقت هو موضع سجود أو لا هو قوله فما لهم
لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون فذلك موضع إخبار لا موضع أمر
360

فالنظر على ما ذكرنا أن يكون موضع سجود التلاوة ويكون كل شئ من السجود يرد إلى ما ذكرنا
فما كان منه أمرا رد إلى شكله مما ذكرنا فلم يكن فيه سجود وما كان منه خبرا رد إلى شكله من الاخبار
فكان فيه سجود
فهذا هو النظر في هذا الباب
فكان يجئ على ذلك أن يكون موضع السجود من حم هو الموضع الذي ذهب إليه بن عباس رضي الله عنه
لأنه عنده خبر هو قوله فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار
وهم لا يسئمون لا كما ذهب إليه من خالفه لان أولئك جعلوا السجدة عند أمر وهو قوله واسجدوا
لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فكان ذلك موضع أمر وكان الموضع الآخر موضع خبر
وقد ذكرنا أن النظر يوجب أن يكون السجود في مواضع الخبر لا في مواضع الامر
فكان يجئ على ذلك أن لا يكون في سورة الحج غير سجدة واحدة لان الثانية المختلف فيها إنما موضعها
في قول من يجعلها سجدة موضع أمر وهو قوله اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم الآية
وقد بينا أن مواضع سجود التلاوة هي مواضع الاخبار لا مواضع الامر
فلو خلينا والنظر لكان القول في سجود التلاوة أن ننظر فما كان منه موضع أمر لم نجعل فيه سجودا
وما كان منه موضع خبر جعلنا فيه سجودا ولكن اتباع ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى
وقد اختلف في سورة ص وقال قوم فيها سجدة وقال آخرون ليس فيها سجدة
فكان النظر عندنا في ذلك أن يكون فيه سجدة لان الموضع الذي جعله من جعله فيها سجدة وموضع
السجود هو موضع خبر لا موضع أمر وهو قوله (فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب) فذلك خبر
فالنظر فيه أن يرد حكمه إلى حكم أشكاله من الاخبار فيكون فيه سجدة كما يكون فيها
وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال حدثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض
أن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب قال سألت مجاهدا عن
السجود في ص فقال سألت عنها بن عباس فقال اسجد في ص فتلا على هؤلاء الآيات من
الانعام ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده
فكان داود ممن أمر نبيكم صلى ا لله عليه وسلم أن يقتدى به
361

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مجاهد قال سئل بن عباس
عن السجدة في ص فقال أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده
فبهذا نأخذ فنرى السجود في ص تباعا لما قد روى فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قد أوجبه النظر
ونرى السجود في المفصل في النجم وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك الذي خلق لما قد ثبت فيه
الرواية في السجود في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونرى أن لا سجود في آخر الحج لما قد نفاه ما ذكرناه من النظر ولأنه موضع تعليم لا موضع خبر
ومواضع التعليم لا سجود فيه للتلاوة
وقد اختلف في ذلك المتقدمون
فمما روى عنهم في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود وروح قالا ثنا شعبة قال أنبأني
سعد بن إبراهيم قال سمعت بن أخت لنا يقال له عبد الله بن ثعلبة قال صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الصبح فيما أعلم قال سعد صلى بنا الصبح فقرأ بالحج وسجد فيها سجدتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا حماد قال ثنا علي بن زيد عن صفوان بن محرز أن أبا موسى
الأشعري سجد فيها سجدتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الرحمن بن جبير
بن نفير وخالد بن معدان يحدثان عن جبير بن نفير أنه رأى أبا الدرداء سجد في الحج سجدتين
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد
بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في سجود الحج الأول عزيمة والآخر تعليم فبقول بن عباس
رضي الله عنهما هذا نأخذ
وجميع ما ذهبنا إليه في هذا الباب مما جاءت به الآثار قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الرجل يصلى في رحله ثم يأتي المسجد والناس يصلون
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال ثنا زيد بن أسلم عن بسر بن محجز الدئلي
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه وقد أقيمت الصلاة قال فجلست ولم أقم للصلاة فلما قضى صلاته قال لي
ألست مسلما قلت بلى قال فما منعك أن تصلى معنا فقلت قد كنت صليت مع أهلي
فقال صل مع الناس وإن كنت قد صليت مع أهلك
362

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال ثنا سليمان بن بلال قال حدثني زيد
بن أسلم عن بسر بن محجز الدئلي عن أبيه قال صليت في بيتي الظهر أو العصر ثم خرجت إلى المسجد فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وحوله أصحابه ثم أقيمت الصلاة ثم ذكر نحوه
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قالا ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجز الدئلي عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
غير أنه لم يذكر أي صلاة هي
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجز الدئلي
عن أبيه أو عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا أبو بكرة ثنا وهب بن جريج ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قالا ثنا شعبة عن أبي عمران عن عبد الله
بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أصلى الصلاة لوقتها وإن أدركت الامام
وقد سبقك فقد أجزتك صلاتك والا فهي لك نافلة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة قال ثنا بديل عن أبي العالية
عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه يرفعه قال فضرب فخذي فقال لي كيف أنت إذا بقيت
في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها ثم قال لي صل الصلاة لوقتها ثم أخرج وإن كنت في المسجد فأقيمت
الصلاة فصل معهم ولا تقل اني قد صليت فلا أصلى
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أخبرني يعلى بن عطاء قال سمعت جابر
بن يزيد بن الأسود الأسوائي عن أبيه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف صلاة الصبح فلما قضى
صلاته إذا رجلان جالسان في مؤخر المسجد فأتى بهما ترعد فرائصهما فقال ما منعكما أن تصليا معنا
فقالا يا رسول الله صلينا في رحالنا قال فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما الناس وهم يصلون
فصليا معهم فإنا لكما نافلة أو قال تطوع
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا إذا صلى الرجل في بيته صلاة مكتوبة أي صلاة كانت
ثم جاء المسجد فوجد الناس وهم يصلون صلاها معهم
363

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا كل صلاة يجوز التطوع بعدها فلا بأس أن يفعل فيها ما ذكرتم من صلاته
إياها مع الامام على أنها نافلة له غير المغرب فإنهم كرهوا أن تعاد لأنها إن أعيدت كانت تطوعا
والتطوع لا يكون وترا إنما يكون شفعا
وكل صلاة لا يجوز التطوع بعدها فلا ينبغي أن يعيدها مع الامام لأنها تكون تطوعا في وقت لا يجوز
فيه التطوع
واحتجوا في ذلك بما قد تواترت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب
الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس
وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من كتابنا هذا فذلك عندهم ناسخ لما رويناه في أول هذا الباب
وقالوا انه لما بين في بعض الأحاديث الأول فقال فصلوها فإنهما لكم نافلة أو قال تطوع ونهى
عن التطوع في هذه الآثار الاخر وأجمع على استعمالها كان ذلك داخلا فيها ناسخا لما قد تقدمه
مما قد خالفه
ومن تلك الآثار ما لم يقل فيه فإنها لكم تطوع فذلك يحتمل أن يكون معناه معنى هذا الذي بين فيه فقال
فإنها لكم تطوع
ويحتمل أن يكون ذلك كان في وقت كانوا يصلون فيه الفريضة مرتين فيكونان جميعا فريضتين ثم
نهوا عن ذلك
فعلى أي الامرين كان فإنه قد نسخه ما قد ذكرنا
وممن قال بأنه لا يعاد من الصلوات الا الظهر والعشاء الآخرة أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد
رحمهم الله تعالى
وقد روى في ذلك عن جماعة من المتقدمين ما حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا ابن
لهيعة قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ناعم بن إجيل مولى أم سلمة قال كنت أدخل المسجد لصلاة
المغرب فأرى رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا في آخر المسجد والناس يصلون فيه قد صلوا
في بيوتهم
فهؤلاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يصلون المغرب في المسجد لما كانوا قد صلوها في بيوتهم
ولا ينكر ذلك عليهم غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
فذلك دليل عندنا على نسخ ما قد كان تقدمه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز أن يكون مثل ذلك
من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب عليهم جميعا حتى يكونوا على خلافه ولكن كان ذلك منهم لما قد ثبت عندهم
فيه من نسخ ذلك القول
364

وقد روى في ذلك أيضا عن ابن عمر وغيره ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج
قال أخبرني نافع أن بن عمر قال إن صليت في أهلك ثم أدركت الصلاة فصلها الا الصبح والمغرب فإنهما
لا يعادان في يوم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم أنه
كان يكره أن يعاد المغرب الا أن يخشى رجل سلطانا فيصليها ثم يشفع بركعة
باب الرجل يدخل المسجد يوم الجمعة والامام يخطب
هل ينبغي له أن يركع أم لا
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه
قال جاء سليك الغطفاني في يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلى فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم أركعت ركعتين قال لا قال قم فاركعهما
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن أبي الزبير عن جابر
أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب ثم ذكر مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن
عبد الله يقول فذكر مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا أحمد بن اسكاب الكوفي قال ثنا معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر رضي الله عنه قال جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والامام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال سمعت أبا صالح يذكر حديث
سليك الغطفاني
ثم سمعت أبا سفيان بعد ذلك يقول سمعت جابرا يقول جاء سليك الغطفاني في يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا سليك فصل ركعتين خفيفتين تجوز فيهما ثم قال إذا جاء
أحدكم والامام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين يتجوز فيهما
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا هشام بن حسان عن الحسن عن سليك
بن هدية الغطفاني أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقال له أركعت ركعتين قال لا
قال صل ركعتين وتجوز فيهما
365

حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال
حدثني بن عجلان عن عياض بن عبد الله أخبره عن أبي سعيد أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم
على المنبر فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يقول أدن حتى دنا فأمره فركع ركعتين قبل أن يجلس وعليه
خرقة خلق ثم صنع مثل ذلك في الثانية فأمره بمثل ذلك ثم صنع مثل ذلك في الجمعة الثالثة فأمره
بمثل ذلك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس تصدقوا فألقوا الثياب فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخذ ثوبين
فلما كان بعد ذلك أمر الناس أن يتصدقوا فألقى الرجل أحد ثوبيه فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمره
أن يأخذ ثوبه
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن من دخل المسجد يوم الجمعة والامام على المنبر يخطب فينبغي له أن يركع
ركعتين يتجوز فيهما
واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ينبغي له أن يجلس ولا يركع والامام يخطب
وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سليكا بما أمره به من ذلك فقطع
بذلك خطبته إرادة منه أن يعلم الناس كيف يفعلون إذا دخلوا المسجد ثم استأنف الخطبة
ويجوز أيضا أن يكون بنى على خطبته وكان ذلك قبل أن ينسخ الكلام في الصلاة ثم نسخ الكلام
في الصلاة فنسخ أيضا في الخطبة
وقد يجوز أن يكون ما أمره به من ذلك كما قال أهل المقالة الأولى ويكون سنة معمولا بها
فنظرنا هل روى شئ يخالف ذلك فإذا بحر بن نصر قد حدثنا قال ثنا عبد الله بن وهب قال
سمعت معاوية بن صالح يحدث عن أبي الزاهرية عن عبد الله بن بسر قال كنت جالسا إلى جنبه يوم الجمعة
فقال جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت وآنيت قال أبو الزاهرية وكنا نتحدث حتى يخرج الامام
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرجل بالجلوس ولم يأمره بالصلاة فهذا يخالف حديث سليك
وفي حديث أبي سعيد الذي رويناه في الفصل الأول ما يدل على أن ذلك كان في حال إباحة الافعال في الخطبة
قبل أن ينهى عنها ألا تراه يقول فألقى الناس ثيابهم
وقد أجمع المسلمون أن نزع الرجل ثوبه والامام يخطب مكروه وأن مسه الحصا والامام يخطب مكروه
وأن قوله لصاحبه أنصت والامام يخطب مكروه أيضا
366

فذلك دليل على أن ما كان أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سليكا والرجل الذي أمره بالصدقة عليه كان في حال
الحكم فيها في ذلك بخلاف الحكم فيما بعد
ولقد تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من قال لصاحبه أنصت والامام يخطب يوم الجمعة فقد لغا
حدثنا بذلك يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت
حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو غسان قال ثنا القاسم بن معن عن ابن جريج عن ابن شهاب فذكر
بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب
قال أخبرني عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ وعن ابن المسيب أنهما حدثاه عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت
فإذا كان قول الرجل لصاحبه والامام يخطب أنصت لغوا كان قول الإمام للرجل قم فصل لغوا أيضا
فثبت بذلك أن الوقت الذي كان فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الامر لسليك بما أمره به كان الحكم منه في ذلك
بخلاف الحكم في الوقت الذي جعل مثل ذلك لغوا
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك ما حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا مكي بن إبراهيم
قال ثنا عبد الله بن سعيد عن حرب بن قيس عن أبي الدرداء أنه قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة
على المنبر يخطب الناس فتلا آية والى جنبي أبي بن كعب فقلت له يا أبى متى نزلت هذه الآية فأبى أن
يكلمني حتى إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر قال مالك من جمعتك الا ما لغوت
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئته فأخبرته فقلت يا رسول الله انك تلوت آية والى جنبي أبي بن كعب
فسألته متى نزلت هذه الآية فأبى أن يكلمني حتى إذا نزلت زعم أنه ليس لي من جمعتي الا ما لغوت قال صدق
إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبد الله بن محمد التيمي قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة فقرأ سورة
فقال أبو ذر لأبي بن كعب متى نزلت هذه السورة فأعرض عنه
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أبى لأبي ذر مالك من صلاتك الا ما لغوت
فدخل أبو ذر على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبي
367

فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانصات عند الخطبة وجعل حكمها في ذلك كحكم الصلاة وجعل الكلام
فيها لغوا
فثبت بذلك أن الصلاة فيها مكروهة فإذا كان الناس منهيين عن الكلام ما دام الامام يخطب كان كذلك
الامام منهيا عن الكلام ما دام يخطب بغير الخطبة
ألا ترى أن المأمومين ممنوعون من الكلام في الصلاة فكذلك الامام فكان ما منع منه غير الامام فقد
منع منه الامام
فكذلك لما منع غير الامام من الكلام في الخطبة كان الامام منع بذلك أيضا من الكلام في الخطبة بما
هو من غيرها
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما حدثنا ابن مرزوق ومحمد بن سليمان الباغندي قال
ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن المغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع عن سلمان رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما الجمعة قلت الله ورسوله أعلم ثم قال أتدرون ما الجمعة قلت
في الثالثة
أو الرابعة هو اليوم الذي جمع فيه أبوك قال لا ولكن أخبرك عن الجمعة ما من أحد يتطهر ثم يمشى
إلى الجمعة ثم ينصت حتى يقضى الامام صلاته الا كان له كفارة ما بينه وبين الجمعة التي قبلها ما اجتنب المقتلة
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا الحماني قال ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم
ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة
بن عبد الرحمن وعن أبي أمامة أنهما حدثاه عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من اغتسل يوم الجمعة واستن ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى
يأتي المسجد فلم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع وأنصت حتى إذا خرج الامام كانت
كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبد الله بن محمد قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إبراهيم عن أبي
سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه وأبى سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة ثم مس من طيب امرأته ولبس أصلح
ثيابه ولم يتخط رقاب الناس ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو مسهر قال ثنا سعيد بن عبد العزيز عن يحيى بن الحارث الذماري
368

عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل واغتسل وغدا وابتكر
ودنا من الامام فأنصت ولم يلغو كان له مكان كل خطوة عمل سنة صيامها قيامها
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن يحيى بن الحارث
فذكر مثله بإسناده
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال أخبرني أبي
عن عبيد الله بن وديعة عن سلمان الخير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لان يغتسل الرجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع
من طهر ثم أدهن من دهن أو مس من طيب بيته ثم راح فلم يفرق بين اثنين وصلى ما كتب الله له ثم
ينصت إذا تكلم الامام غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى
ففي هذه الآثار أيضا الامر بالانصات إذا تكلم الامام فذلك دليل أن موضع كلام الامام ليس
بموضع صلاة
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما وجه النظر فإن رأيناهم لا يختلفون أن من كان في المسجد قبل أن يخطب الامام فإن خطبة الامام
تمنعه من الصلاة فيصير بها في غير موضع صلاة
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك داخل المسجد والامام يخطب داخلا له في غير موضع صلاة فلا ينبغي أن يصلى
وقد رأينا الأصل المتفق عليه أن الأوقات التي تمنع من الصلاة يستوي فيها من كان قبلها في المسجد ومن
دخل فيها المسجد في منعها إياهما من الصلاة
فلما كانت الخطبة تمنع من كان قبلها في المسجد عن الصلاة كانت كذلك أيضا تمنع من دخل المسجد بعد
دخول الامام فيها من الصلاة
فهذا هو وجه النظر في ذلك وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد رويت في ذلك آثار عن جماعة من المتقدمين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن توبة العنبري قال قال الشعبي أرأيت الحسن
حين يجئ وقد خرج الامام فيصلى عمن أخذ هذا لقد رأيت شريحا إذا جاء وقد خرج الامام لم يصل
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب
في الرجل يدخل المسجد يوم الجمعة والامام يخطب قال يجلس ولا يسبح أي لا يصلى
حدثنا أحمد بن الحسن قال ثنا علي بن عاصم عن خالد الحذاء أن أبى قلابة جاء يوم الجمعة والامام
يخطب فجلس ولم يصل
369

حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عبد الله بن محمد الفهمي قال أنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن أبي
المصعب عن عقبة بن عامر قال الصلاة والامام على المنبر معصية
حدثنا يونس قال أخبرني بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني ثعلبة بن أبي
مالك القرظي أن جلوس الامام على المنبر يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام
وقال إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر حتى يسكت المؤذن فإذا قام
عمر رضي الله عنه على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضى خطبتيه كلتيهما ثم إذا نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر
وقضى خطبتيه تكلموا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا إسماعيل بن الخليل قال ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة قال رأيت
عبد الله بن صفوان دخل المسجد يوم الجمعة وعبد الله بن الزبير يخطب على المنبر وعليه إزار ورداء ونعلان
وهو متعمم بعمامة فاستلم الركن ثم قال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم جلس ولم يركع
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم قال قيل لعلقمة
أتتكلم والامام يخطب أو قد خرج الإمام قال لا
فقال له رجل أقرأ حزبي والامام يخطب قال عيسى إن يضرك ولعلك أن لا يضرك
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبيد الله بن محمد قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا الحجاج قال ثنا
عطاء قال كان بن عمر وابن عباس رضي الله عنهما يكرهان الكلام إذا خرج الامام يوم الجمعة
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن ليث عن مجاهد أنه كره أن يصلى
والامام يخطب
فقد روينا في هذه الآثار أن خروج الامام يقطع الصلاة وان عبد الله بن صفوان جاء وجاء وعبد الله بن الزبير
يخطب فجلس ولم يركع فلم ينكر ذلك عليه عبد الله بن الزبير ولا من كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتابعيهم
ثم قد كان شريح يفعل ذلك ورواه الشعبي واحتج على من خالفهم وشد ذلك الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مما قدمنا ذكره
ثم من النظر الصحيح ما قد وصفنا فلا ينبغي ترك ما قد ثبت بذلك إلى غيره
فإن قال قائل فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين
وذكر في ذلك ما (0) حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن عثمان بن أبي سليمان سمع عامر بن عبد الله بن الزبير
يخبر عن عمرو بن سليمان عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل
أن يجلس
370

حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال ثنا بكر بن مضر عن ابن العجلان عن عامر بن عبد الله
فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك عن عامر بن عبد الله فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو إسحاق الضرير يعنى إبراهيم بن أبي زكريا قال ثنا حماد بن سلمة
عن سهيل بن أبي صالح عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن جابر بن عبد الله عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
فهذا يدل على أن ينبغي لمن يدخل المسجد والامام يخطب أن لا يجلس حتى يصلى ركعتين
قيل له ما في ذلك دليل على ما ذكرت إنما هذا على من دخل المسجد في حال يحل فيها الصلاة ليس على
من دخل المسجد في حال لا يحل فيها الصلاة
ألا ترى أن من دخل المسجد عند طلوع الشمس أو عند غروبها أو في وقت من هذه الأوقات المنهي عن
الصلاة فيها أنه لا ينبغي له أن يصلى وأنه ليس ممن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى ركعتين لدخوله المسجد لأنه
قد نهى عن الصلاة حينئذ
فكذلك الذي دخل المسجد والامام يخطب ليس له أن يصلى وليس ممن أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
وإنما دخل في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرت كل من لو كان في المسجد قبل ذلك فآثر أن يصلى كان له
ذلك فأما من لو كان في المسجد قبل ذلك لم يكن له أن يصلى حينئذ فليس بداخل في ذلك وليس له ان يصلى
قياسا على ما ذكرنا من حكم الأوقات المنهي عن الصلاة فيها التي وصفنا
باب الرجل يدخل المسجد والامام في صلاة الفجر
ولم يكن ركع أيركع أو لا يركع
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن سليمان
بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا أبو مصعب قال ثنا عبد العزيز قال أحمد الأصبهاني الصواب إبراهيم
بن إسماعيل عن إسماعيل بن إبراهيم بن مجمع الأنصاري عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا للرجل أن يركع ركعتي الفجر في المسجد والامام
في صلاة الفجر
371

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بأن يركعهما غير مخالط للصفوف ما لم يخف فوت الركعتين
مع الامام
وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن ذلك الحديث الذي احتجوا به أصله عن أبي هريرة رضي الله
عنه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه الحفاظ عن عمرو بن دينار
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر الضرير قال أنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار
عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه بذلك ولم يرفعه فصار أصل هذا الحديث عن أبي هريرة
رضي الله عنه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقد خالف أبا هريرة رضي الله عنه في ذلك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنذكر ما روى عنهم من
ذلك في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى
حدثنا فهد قال ثنا أبو صالح قال حدثني الليث عن عبد الله بن عياش بن عباس القتباني عن أبيه
عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة الا التي
أقيمت لها
فقد يجوز أن يكون أراد بهذا النهى عن أن يصلى غيرها في موطنها الذي يصلى فيه فيكون مصليها قد وصلها
بتطوع فيكون النهى من أجل ذلك لا من أجل أن يصلى في آخر المسجد ثم يتنحى الذي يصليها من ذلك
المكان فيخالط الصفوف ويدخل في الفريضة
وكان مما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا يونس بن محمد قال ثنا
حماد عن سعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم عن مالك بن بحينة أنه قال أقيمت صلاة الفجر فأتى
رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يصلى ركعتي الفجر فقام عليه ولاث به الناس فقال أتصليها أربعا ثلاث مرات
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن سعد فذكر مثله بإسناده غير أنه لم يقل
ولاث به الناس
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة فذكر بإسناده نحوه غير أن فلم يقل ثلاث مرات
فلأهل المقالة الأخرى على أهل هذه المقالة أنه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كره ذلك لأنه صلى
الركعتين ثم وصلهما بصلاة الصبح من غير أن يكون تقدم أو تكلم
372

فإن كان لذلك قال له ما قال فإن هذا حديث يجتمع الفريقان عليه جميعا
فأردنا أن ننظر هل روى في ذلك شئ يدل على شئ من ذلك
فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا هارون بن إسماعيل قال ثنا علي بن المبارك قال ثنا يحيى
بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن مالك بن بحينة وهو منتصب
أي قائم يصلى ثمة بين يدي نداء الصبح فقال لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة قبل الظهر وبعدها واجعلوا
بينهما فصلا
فبين هذا الحديث أن الذي كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن بحينة هو وصله إياها بالفريضة في مكان واحد
لم يفصل بينهما بشئ وليس لأنه كره له أن يصليها في المسجد إذا كان فرغ منها تقدم إلى الصفوف فصلى الفريضة
مع الناس
وقد روى مثل ذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قال ثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة البكراوي قال ثنا ابن جريج
عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد يسأله ماذا سمع من معاوية
في الصلاة بعد الجمعة
فقال صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة فلما فرغت قمت لأتطوع فأخذ بثوبي فقال لا تفعل حتى
تقدم أو تكلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج فذكر بإسناده مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا عبد الله بن المغيرة عن صفوان مولى
عمر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تكاثروا الصلاة المكتوبة بمثلها من التسبيح
في مقام واحد
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أن يوصل المكتوبة بنافلة حتى يكون بينهما فاصل من تقدم
إلى مكان آخر أو غير ذلك
واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة
وحماد بن زيد عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس أن رجلا جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح
فركع ركعتين في حديث حماد بن سلمة خلف الناس ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة
فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال يا فلان أجعلت صلاتك التي صليت معنا أو التي صليت وحدك
373

حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا حماد بن زيد عن عاصم فذكر بإسناده مثله
قالوا ففي هذا الحديث أنه صلاهما خلف الناس وقد نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما
فمن الحجة عليهم للآخرين أنه قد يجوز أن يكون قوله كان خلف الناس أي كان خلف صفوفهم
لا فصل بينه وبينهم فكان شبيه المخالط لهم فذلك أيضا داخل في معنى ما بان من حديث بن بحينة وهذا
مكروه عندنا وإنما يجب أن يصليهما في مؤخر المسجد ثم يمشى من ذلك المكان إلى أول المسجد فأما أن يصليهما
مخالطا لمن يصلى الفريضة فلا
وقد حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر عن أبي ذئب عن شعبة قال كان بن عباس رضي الله عنهما
يقول يا أيها الناس ألا تتقوا الله افصلوا صلاتكم
قال وكان بن عباس رضي الله عنهما لا يصلى الركعتين بعد المغرب الا في بيته فأراد عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما منهم الفصل من الفريضة والتطوع وذلك الذي أريد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
وابن بجينة وابن سرجس والله أعلم
قال أبو جعفر ونحن نستحب أيضا الفصل بين الفرائض والنوافل بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روينا
في هذا الباب ولا نرى بأسا لمن لم يكن ركع ركعتي الفجر حتى جاء المسجد وقد دخل الامام في صلاة الصبح
أن يركعهما في مؤخر المسجد ثم يمشى إلى مقدمه فيصلى مع الناس
ألا ترى أن ذلك لو كان في ظهر أو عصر أو عشاء لم يكن به بأس ولا يكون فاعل ذلك واصلا بين
فريضة وتطوع فكذلك إذا كان في صبح فلا بأس به ولا يكون فاعله واصلا بين فريضة وتطوع
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى عن جلة من المتقدمين
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق
قال حدثني عبد الله بن أبي موسى عن أبيه حين دعاهم سعيد بن العاص دعا أبا موسى وحذيفة وعبد الله
بن مسعود رضي الله عنهم قبل أن يصلى الغداة ثم خرجوا من عنده وقد أقيمت الصلاة فجلس عبد الله إلى أسطوانة
من المسجد فصلى الركعتين ثم دخل في الصلاة
فهذا عبد الله قد فعل هذا ومعه حذيفة وأبو موسى لا ينكران ذلك عليه فدل ذلك على موافقتهما إياه
حدثنا سليمان قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي موسى
عن عبد الله انه دخل المسجد والامام في الصلاة فصلى ركعتي الفجر
حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الخراساني قال ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال أنا الحسين بن واقد
374

قال ثنا يزيد النحوي عن أبي مجلز قال دخلت المسجد في صلاة الغداة مع بن عمر وابن عباس رضي الله عنهم
والامام يصلى
فأما بن عمر رضي الله عنهما فدخل في الصف وأما بن عباس رضي الله عنهما فصلى ركعتين ثم دخل
مع الامام فلما سلم الامام قعد بن عمر مكانه حتى طلعت الشمس فقام فركع ركعتين
فهذا بن عباس صلى ركعتين في المسجد والامام في صلاة الصبح
وقد روى شعبة مولاه عنه أنه كان يأمر الناس بالفصل بين الفرائض والنوافل وقد عد نفسه إذا صلى ركعتي
الفجر في بعض المسجد ثم دخل في الناس في الصلاة فاصلا بينهما فكذلك نقول
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر الضرير قال ثنا عبد العزيز بن مسلم قال أنا مطرف بن طريف
عن أبي عثمان الأنصاري قال جاء عبد الله بن عباس والامام في صلاة الغداة ولم يكن صلى الركعتين فصلى
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الركعتين خلف الامام ثم دخل معهم
وقد روى عن ابن عمر مثل ذلك
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن الهاد
عن محمد بن كعب قال خرج عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من بيته فأقيمت صلاة الصبح فركع ركعتين قبل
أن يدخل المسجد وهو في الطريق ثم دخل المسجد فصلى الصبح مع الناس
فهذا وإن كان لم يصلهما في المسجد فقد صلاهما بعد علمه بإقامة الصلاة في المسجد فذلك خلاف قول أبي هريرة
إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة إن كان معناه ما صرفه إليه أهل المقالة الأولى
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا مالك بن مغول قال سمعت نافعا يقول أيقظت بن عمر رضي الله عنهما
لصلاة الفجر وقد أقيمت الصلاة فقام فصلى الركعتين
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا الحسن بن موسى قال ثنا شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى بن أبي كثير
عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه جاء والامام يصلى الصبح ولم يكن صلى الركعتين قبل صلاة
الصبح فصلاهما في حجرة حفصة رضي الله عنها ثم إنه صلى مع الامام
ففي هذا الحديث عن ابن عمر أنه صلاهما في المسجد لان حجرة حفصة رضي الله عنها من المسجد فقد
وافق ذلك ما ذكرناه عن ابن عباس رضي الله عنهما
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية عن مسعر عن عبيد بن الحسن عن أبي عبيد الله
عن أبي الدرداء أنه كان يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلى ركعتين في ناحية المسجد ثم
يدخل مع القوم في الصلاة
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن أبي عبيدة عن عبد الله
يعني بن مسعود أنه كان يفعل ذلك
375

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن جعفر عن أبي عثمان النهدي
قال كنا نأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن نصلى ركعتين قبل الصبح وهو في الصلاة فنصلي الركعتين
في آخر المسجد ثم ندخل مع القوم في صلاتهم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا عاصم
عن أبي عثمان قال كنا نجئ وعمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة الصبح فنركع الركعتين ثم ندخل
معه في الصلاة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد عن حصين قال سمعت الشعبي يقول كان
مسروق يجئ إلى القوم وهم في الصلاة ولم يكن ركع ركعتي الفجر فيصلى ركعتين في المسجد ثم يدخل
مع القوم في صلاتهم
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن الشعبي عن مسروق أنه فعل ذلك
غير أنه قال في ناحية المسجد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن الحسن أنه كان يقول
إذا دخلت المسجد ولم تصل ركعتي الفجر فصلهما وإن كان الامام يصلى ثم ادخل مع الامام
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا يونس قال كان
الحسن يقول يصليهما في ناحية المسجد ثم يدخل مع القوم في صلاتهم
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال ثنا حصين وابن عون عن الشعبي عن مسروق
أنه فعل ذلك
فهؤلاء جميعا قد أباحوا ركعتي الفجر أن يركعهما في مؤخر المسجد والامام في الصلاة فهذا وجه هذا الباب
من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فإن اللذين ذهبوا إلى أنه يدخل في الفريضة ويدع الركعتين فإنهم قالوا تشاغله
بالفريضة أولى من تشاغله بالتطوع وأفضل
فكان من الحجة عليهم في ذلك أنهم قد أجمعوا أنه لو كان في منزله فعلم دخول الامام في صلاة الفجر أنه
ينبغي له أن يركع ركعتي الفجر ما لم يخف فوت صلاة الامام فإن خاف فوت صلاة الامام لم يصلهما لأنه إنما أمر
أن يجعلهما قبل الصلاة
ولم يجمعوا أن تشاغله بالسعي إلى الفريضة أفضل من تشاغله بهما في منزله وقد أكدتا ما لم يؤكد شئ
من التطوع وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شئ من التطوع أدوم منه عليهما وأنه قال لا تتركوهما
وإن طردتكم الخيل
376

فلما كانتا قد أكدتا بالتأكيد ورغب فيهما هذا الترغيب ونهى عن تركهما هذا النهى وكانتا تركعان
في المنازل قبل الفريضة كانتا أيضا في النظر أن تركعا في المساجد قبل الفريضة قياسا ونظرا على ما ذكرنا
من ذلك
وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الصلاة في الثوب الواحد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال أخبرني نافع أن بن عمر رضي الله عنهما
كساه وهو غلام فدخل المسجد فوجده يصلى متوشحا فقال أليس لك ثوبان قال بلى قال أرأيت
لو استعنت بك وراء الدار أكنت لابسهما قال نعم
قال فالله أحق أن تزين له أم الناس قال نافع بل الله فأخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن عمر
رضي الله عنه قال نافع قد استيقنت أنه عن أحدهما وما أراه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يشتمل أحدكم
في الصلاة اشتمال اليهود من كان له ثوبان فليتزر وليرتد ومن لم يكن له ثوبان فليتزر ثم ليصل
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب
عن نافع فذكر بإسناده مثله سواء
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا شيبان بن فروخ قال ثنا جرير بن حازم عن نافع قال حدثنا ابن عمر
رضي الله عنهما فلا أدرى أرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو حدث به عن عمر رضي الله عنه شك نافع ثم ذكر مثل
ما حدث به نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كلام عمر رضي الله عنه
في الحديث الأول
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهيب قال ثنا أبي قال سمعت نافعا قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما
فذكر مثله
قال أبو جعفر فذهب إلى هذا قوم فكرهوا الصلاة في ثوب واحد لمن كان قادرا على ثوبين وكرهوا
الصلاة لمن لم يكن قادرا إلا على ثوب واحد مشتملا به ملتحفا قالوا ولكن ينبغي له أن يتزر به
واحتجوا بهذا الحديث وقالوا هو عن النبي صلى الله عليه وسلم لا شك فيه
وذكروا في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا زهير بن عباد قال ثنا حفص بن ميسرة عن موسى
377

بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليلبس
ثوبيه فان الله أحق من يزين له فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى ولا يشتمل أحدكم في صلاته
اشتمال اليهود
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبيد الله بن معاذ قال ثنا أبي قال ثنا شعبة عن توبة العنبري
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا صلى أحدكم فليتزر وليرتد
قال فهذا موسى بن عقبة وهو من جلة أصحاب نافع وقدمائهم فذكر ذلك عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشك ووافقه على ذلك توبة العنبري
قيل لهم فقد روى عن ابن عمر غير نافع فذكره عن ابن عمر رضي الله عنهما لا عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب
قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يصلى
ملتحفا فقال له عمر رضي الله عنه حين سلم لا يصلين أحدكم ملتحفا ولا تشبهوا باليهود فإن لم يكن لأحدكم
إلا ثوب واحد فليتزر به
فهذا سالم وهو أثبت من نافع وأحفظ إنما روى ذلك عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم
فصار هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه لا عن النبي صلى الله عليه وسلم
ورواه مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله ولم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمر
رضي الله عنه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما أنه كسا نافعا ثوبين فقام يصلى في ثوب واحد فعاب عليه وقال احذر ذلك فان الله أحق
أن يتجمل له
وخالف في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بالصلاة في ثوب واحد
واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قام رجل فقال يا رسول الله أيصلى في ثوب واحد فقال أوكلكم
يجد ثوبين
378

حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب ح
وحدثنا علي بن سعيد قال ثنا عبد الله بن بكير قالا ثنا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج ومالك محمد بن أبي حفصة قالوا
أنا ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو هريرة رضي الله عنه فلعمري إني لأترك ثيابي في المشجب وأصلي في الثوب الواحد
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله ولم يذكر قول
أبي هريرة رضي الله عنه
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر
عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو سلمة عن موسى بن إسماعيل قال ثنا أبان بن يزيد قال ثنا يحيى
بن أبي كثير عن عثمان بن خيثم عن قيس بن طلق عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم وسأله رجل عن الرجل
يصلى في ثوب واحد فلم يقل له شيئا فلما أقيمت الصلاة قارن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ثوبيه فصلى فيهما
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن القعقاع بن حكيم
قال دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلى في ثوب واحد وقميصه ورداؤه في المشجب فلما انصرف قال أما
والله ما صنعت هذا إلا من أجلكم ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد فقال نعم متى يكون
لأحدكم ثوبان
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا زمعة بن صالح قال سمعت بن شهاب يحدث عن سالم
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما ذكر جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم
فهذا بن عمر رضي الله عنهما قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إباحة الصلاة في ثوب واحد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال أنا هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي
سلمة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في ثوب واحد في بيت أم سلمة رضي الله عنها
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم وعبد الله بن صالح قالا ثنا الليث عن يحيى بن سعيد
عن أبي أمامة بن سهل عن عمر بن أبي سلمة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ملتحفا به
379

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي قبيلة قال أنا الدراوردي عن موسى بن محمد بن إبراهيم
عن أبيه عن سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله انى أعالج الصيد أفأصلي في القميص الواحد
قال نعم وزره ولو بشوكة
ففي هذه الآثار إباحة الصلاة في ثوب الواحد فذلك يضاد ما منع الصلاة في ثوب واحد ويدل أن ذلك
لا بأس به على حال الوجود وحال الاعواز
وذلك أن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم أيصلى أحدنا في ثوب واحد فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم جوابا مطلقا فقال أو كلكم
يجد ثوبين
أي لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلا ثوبا واحدا
ففي جوابه ذلك ما يدل على أن حكم الصلاة في الثوب الواحد لم يجد الثوبين كهو في الصلاة في الثوب
الواحد لمن لا يجد غيره
ثم أردنا أن ننظر كيف ينبغي أن يفعل بالثوب الواحد الذي يصلى فيه أيشتمل به أو يتزر
فنظرنا في ذلك فإذا بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري
عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ بن أبي طالب رضي الله عنهم في حديث طويل
قالت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فسكبت له غسلا فاغتسل ثم صلى في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه ركعات
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو قال ثنا إبراهيم بن عبد الله
بن حنين عن أبي مرة فذكر بإسناده في الصلاة مثله وقال ثمان ركعات
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن موسى بن ميسرة وأبى النضر مولى عمر
بن عبيد الله أن أبا مرة أخبرهما أن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها أخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد
بن أبي هند أن أبا هريرة حدثه ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا محمد بن علي بن محرز قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال ثنا أبي عن ابن إسحاق
قال حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد عن كريب مولى بن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في برد له حضرمي متوشحا به ما عليه غيره
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا يعلى بن الحارث المحاربي قال سمعت
غيلان بن جامع يحدث عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن ابن لعمار بن ياسر قال قال أبى أمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد متوشحا به
380

حدثنا أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان قال ثنا أبو سفيان عن جابر
قال حدثني أبو سعيد رضي الله عنه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يصلي في ثوب واحد متوشحا به
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال حدثني إدريس بن يحيى عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث
أن أبا الزبير المكي أخبره أنه دخل على جابر بن عبد الله وهو يصلى ملتحفا بثوبه وثيابه قريبة منه ثم التفت
إلينا فقال إنما صنعت هذا لكيما تروا وأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك
حدثنا يزيد بن سنان وابن مرزوق قالا ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر
رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليتعطف به
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث وأسامة بن زيد الليثي عن أبي الزبير
عن جابر رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه على عاتقيه وثوبه
على المشجب
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا أبو غسان عن عاصم بن عبد الله انه دخل على جابر
بن عبد الله رضي الله عنهما فلما حضرت الصلاة قام فصلى وهو متوشح بإزار وثيابه على المشجب فلما صلى
انصرف إلينا فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى هكذا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة
أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في ثوب واحد في بيت أم سلمة رضي الله عنها واضعا طرفيه على عاتقيه
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال ثنا يحيى بن سعيد
عن أبي أمامة بن سهل عن عمرو بن أبي سلمة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في ثوب واحد ملتحفا به مخالفا
بين طرفيه على منكبيه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن سلمة ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال أنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد
عن الحسن عن أنس رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على أسامة رضي الله عنه متوشح
ببرد فصلى بهم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم وبشر بن المفضل ويحيى بن سعيد
قالوا أنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا
صلى أحدكم في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا هشام بن حسان وشعبة عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه
381

فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الثوب الواحد متوشحا به في حال وجود غيره
وقد ذكرنا ذلك في بعض هذه الأحاديث أنه صلى وثيابه على المشجب في ثوب واحد متوشحا به
فقد يجوز أن يكون ذلك على ما أتسع من الثياب خاصة لا على ما ضاق منها ويجوز أن يكون على كل
الثياب ما ضاق منها وما اتسع
فنظرنا في ذلك فإذا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قد حدثنا قال ثنا أبو نعيم قال ثنا فطر
بن خليفة عن شرحبيل بن سعيد قال ثنا جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا اتسع
الثوب فتعطف به على عاتقك وإذا ضاق فاتزر به ثم صل
فثبت بهذا الحديث أن الاشتمال هو المقصود وأنه هو الذي ينبغي أن يفعل في الثياب التي يصلى فيها وإذا لم
يقدر عليه لضيق الثوب اتزر به
واحتجنا أن ننظر في حكم الثوب الواسع الذي يستطيع أن يتزر به ويشتمل هل يشتمل به أو يتزر
وكيف يفعل
فإذا يونس قد حدثنا قال ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شئ
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قالا ثنا سفيان عن أبي الزناد فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن منقذ قال حدثني إدريس بن يحيى عن عبد الله بن عياش عن ابن حريز عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليجعل على عاتقيه منه شئ
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الزناد عن الصلاة في الثوب الواحد متزرا به
وقد جاء عنه أيضا أنه نهى أن يصلى الرجل في السراويل وحده ليس عليه غيره
حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني زيد بن الحباب عن أبي المنيب
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
فهذا مثل ذلك وهذا عندنا على الوجود معه لغيره فإن كان لا يجد غيره فلا بأس بالصلاة فيه كما
لا بأس في الثوب الصغير متزرا به
فهذا تصحيح معاني هذه الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب
وقد رويت عن أصحابه في ذلك آثار
منها ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مسدد قال ثنا بشر بن المفضل قال ثنا عبد الرحمن بن إسحاق
382

عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رجالا من المسلمين كانوا يشهدون الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقدي ثيابهم
في رقابهم ما على أحدهم إلا ثوب واحد
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا خطاب بن عثمان قال ثنا محمد بن حمير قال ثنا ثابت بن العجلان
قال ثنا أبو عامر سليم الأنصاري أنه صلى مع أبي بكر في خلافته سبعة أشهر فرأى أكثر من يصلى معه
من الرجال في ثوب واحد يدعى بردا ليس عليهم غيره
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس
بن أبي حازم قال صلى بنا خالد بن الوليد يوم اليرموك في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن الحكم عن قيس بن أبي حازم
قال أمنا خالد بن الوليد يوم اليرموك في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه وخلفه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
ففيما قد روينا عمن ذكرنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة في الثوب الواحد ما يضاد ما روينا عن عمر
رضي الله عنه
ثم قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآثار المتقدمة ما قد وافق ذلك فذلك أولى أن يؤخذ به مما روى عن عمر
رضي الله عنه
وهذا الذي بينا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الصلاة في أعطان الإبل
حدثنا يزيد بن سنان وصالح بن عبد الرحمن وبكر بن إدريس قالوا حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ
قال ثنا يحيى بن أيوب أبو العباس المصري عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة
الطريق والحمام ومعاطن الإبل وفوق بيت الله
حدثنا فهد قال ثنا الخضر بن محمد الحراني قال ثنا عباد بن العوام قال أنا الحجاج قال ثنا عبد الله
383

بن مولى بني هاشم وكان ثقة وكان الحكم يأخذ عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد
بن حضير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن عبد الله
بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم
أصلي في مرابض الغنم قال نعم قال أتوضأ من لحومها قال لا قال أصلى في معاطن الإبل
قال لا قال أتوضأ من لحومها قال نعم
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن بكر ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قالا ثنا هشام بن حسان عن محمد
بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم تجدوا إلا مرابض الغنم ومعاطن
الإبل فصلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد عن سماك بن حرب عن جعفر بن أبي ثور
عن جابر بن أبي سمرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أصلى في مباءات الغنم قال نعم قال أصلى
في مباءات الإبل قال لا
حدثنا محمد قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن جعفر بن أبي
ثور عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن مبارك عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الصلاة في أعطان الإبل مكروهة واحتجوا بهذه الآثار حتى غلظ بعضهم
في حكم ذلك فأفسد الصلاة
وخالفهم في ذلك آخرون فأجازوا الصلاة في ذلك الموطن
وكان من الحجة لهم أن هذه الآثار التي نهت عن الصلاة في أعطان الإبل قد تكلم الناس في معناها وفي
السبب الذي كان من أجله النهى
فقال قوم أصحاب الإبل من عادتهم التغوط بقرب إبلهم والبول فينجسون بذلك أعطان الإبل فنهى
عن الصلاة في أعطان الإبل لذلك لا لعلة الإبل وإنما هو لعلة النجاسة التي تمنع من الصلاة في أي موضع
ما كانت وأصحاب الغنم من عادتهم تنظيف مواضع غنمهم وترك البول فيه والتغوط فأبيحت الصلاة
في مرابضها لذلك
384

هكذا روى عن شريك بن عبد الله أنه كان يفسر هذا الحديث على هذا المعنى
وقال يحيى بن آدم ليس من قبل هذه العلة عندي جاء النهى ولكن من قبل أن الإبل يخاف وثوبها فيعطب
من يلاقيها حينئذ ألا تراه قال فإنها جن من جن خلقت
وفي حديث رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش
وهذا فغير مخوف من الغنم فأمر باجتناب الصلاة في معاطن الإبل خوف ذلك من فعلها لا لان لها نجاسة
ليست للغنم مثلها وأبيحت الصلاة في مرابض الغنم لأنه لا يخاف منها ما يخاف من الإبل
حدثني خلاد بن محمد عن ابن شجاع الثلجي عن يحيى بن آدم بالتفسيرين جميعا
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح أن عياضا قال إنما نهى عن
الصلاة في أعطان الإبل لان الرجل يستتر بها ليقضى حاجته فهذا التفسير موافق لتفسير شريك
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا ثنا أبو خالد الأحمر عن عبيد الله
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى إلى بعيره
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا يحيى بن أبي بكير العبدي قال أنا إسرائيل عن زياد
المصفر عن الحسن عن المقدام الرهاوي قال جلس عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحارث بن معاوية
فقال أبو الدرداء أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بنا إلى بعير من المغنم
فقال عبادة أنا قال فحدث
قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعير من المغنم ثم مد يده فأخذ قرادة من البعير فقال ما يحل لي من
غنائمكم مثل هذه إلا الخمس وهو مردود فيكم
ففي هذين الحديثين إباحة للصلاة إلى البعير فثبت بذلك أن الصلاة إلى البعير جائزة وأنه لم ينه عن الصلاة
في أعطان الإبل لأنه لا يجوز الصلاة بحذائها
واحتمل أن تكون الكراهة لعلة ما يكون من الإبل في معاطنها من أرواثها وأبوالها
فنظرنا في ذلك فرأينا مرابض الغنم كل قد أجمع على جواز الصلاة فيها وبذلك جاءت الروايات التي رويناها
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
385

وكان حكم ما يكون من الإبل في أعطانها من أبوالها وغير ذلك حكم ما يكون من الغنم في مرابضها من
أبوالها وغير ذلك لا فرق بين شئ من ذلك في نجاسة ولا طهارة لان من جعل أبوال الغنم طاهرة جعل
أبوال الإبل كذلك ومن جعل أبوال الإبل نجسة جعل أبوال الغنم كذلك
فلما كانت الصلاة قد أبيحت في مرابض الغنم في الحديث الذي نهى فيه عن الصلاة في أعطان الإبل ثبت
أن النهى عن ذلك ليس لعلة النجاسة ما يكون منها إذ كان ما يكون من الغنم حكمه مثل ذلك
ولكن العلة التي لها كان النهى هو ما قال شريك أو ما قال يحيى بن آدم
فإن كان لما قال شريك فان الصلاة مكروهة حيث يكون الغائط والبول كان عطنا أو غيره
وإن كان لما قال يحيى بن آدم فان الصلاة مكروهة حيث يخاف على النفوس كان عطنا أو غيره
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما حكم ذلك من طريق النظر فانا رأيناهم لا يختلفون في مرابض الغنم وأن الصلاة فيها جائزة وإنما اختلفوا
في أعطان الإبل فقد رأينا حكم لحمان الإبل كحكم لحمان الغنم في طهارتها ورأينا حكم أبوالها كحكم أبوالها
في طهارتها أو نجاستها
فكان يجئ في النظر أيضا أن يكون حكم الصلاة في موضع الإبل كهو في موضع الغنم قياسا ونظرا
على ما ذكرنا
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا الليث بن سعد قال هذه نسخة رسالة
عبد الله بن نافع إلى الليث بن سعد يذكر فيها
أما ما ذكرت من معاطن الإبل فقد بلغنا أن ذلك يكره وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على راحلته
وقد كان بن عمر ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا يعرض أحدهم ناقته بينه وبين القبلة فيصلى إليها وهي
تبعر وتبول
باب الامام يفوته صلاة العيد هل يصليها من الغد أم لا
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا هشيم بن بشير عن أبي بشر جعفر بن إياس عن أبي
عمير بن أنس بن مالك قال أخبرني عمومتي من الأنصار أن الهلال خفي على الناس في آخر ليلة من شهر رمضان
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحوا صياما فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد زوال الشمس أنهم رأوا الهلال الليلة الماضية
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالفطر فأفطروا تلك الساعة وخرج بهم من الغد فصلى بهم صلاة العيد
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا إذا فات الناس صلاة العيد في صدر يوم العيد صلوها من غد ذلك
اليوم في الوقت الذي يصلونها
386

وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إذا فاتت الصلاة يوم العيد حتى زالت الشمس من يومه لم يصل بعد ذلك
في ذلك اليوم ولا فيما بعده
وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمه الله تعالى
وكان من الحجة لهم في ذلك أن الحفاظ ممن روى هذا الحديث عن هشيم لا يذكرون فيه أنه صلى بهم
من الغد
فممن روى ذلك عن هشيم ولم يذكر فيه هذا يحيى بن حسان وسعيد بن منصور وهو أضبط الناس لألفاظ
هشيم وهو الذي ميز للناس ما كان هشيم يدلس به من غيره
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا أبو بشر عن أبي
عمير بن أنس قال أخبرني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أغمي علينا هلال شوال
فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا من يومهم ثم ليخرجوا لعيدهم من الغد إلى مصلاهم
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا هشيم عن أبي بشر فذكر بإسناده مثله
فهذا هو أصل هذا الحديث لا كما رواه عبد الله بن صالح وأمره إياهم بالخروج من الغد لعيدهم قد يجوز
أن يكون أراد بذلك أن يجتمعوا فيه ليدعوا أو ليرى كثرتهم فيتناهى ذلك إلى عدوهم فتعظم أمورهم عنده
لا لان يصلوا كما يصلى للعيد وقد رأينا المصلي في يوم العيد قد كان أمر بحضور من لا يصلى
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال أنا هشيم قال أنا منصور عن ابن سيرين عن أم عطية وهشام
عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها قالت كان رسول الله يخرج الحيض وذوات الخدور يوم العيد
فأما الحيض فيعتزلن ويشهدن الخير ودعوة المسلمين
387

وقال هشيم فقالت امرأة يا رسول الله فإن لم يكن لإحدانا جلباب قال فلتعرها أختها جلبابها
فلما كان الحيض يخرجن لا للصلاة ولكن لان يصيبهن دعوة المسلمين احتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الناس بالخروج من غد العيد لان يجتمعوا فيدعون فيصيبهم دعوتهم لا للصلاة
وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي بشر كما رواه سعيد ويحيى لا كما رواه عبد الله بن صالح
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت أبا عمير بن أنس
رضي الله عنه ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة عن أبي بشر فذكر مثله بإسناده غير أنه
قال وأمرهم إذا أصبحوا أن يخرجوا إلى مصلاهم
فمعنى ذلك أيضا معنى ما روى يحيى وسعيد عن هشيم وهذا هو أصل الحديث
ولما لم يكن في الحديث ما يدل على حكم ما اختلفوا فيه من الصلاة في الغد فنظرنا في ذلك فرأينا الصلوات
على ضربين
فمنها ما الدهر كله لها وقت غير الأوقات التي لا يصلى فيها الفريضة فكان ما فات منها في وقته فالدهر
كله لها وقت يقضى فيه غير ما نهى عن قضائها فيه من الأوقات
ومنها ما جعل له وقت خاص ولم يجعل لأحد أن يصليه في غير ذلك الوقت
من ذلك الجمعة حكمها أن يصلى يوم الجمعة من حين تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر فإذا خرج ذلك
الوقت فاتت ولم يجز أن يصلى بعد ذلك في يومها ذلك ولا فيما بعده
فكان ما لا يقضى في بقية يومه بعد فوات وقته لا يقضى بعد ذلك
وما يقضى بعد فوات وقته في بقية يومه ذلك قضى من الغد وبعد ذلك وكل هذا مجمع عليه
وكانت صلاة العيد جعل لها وقت خاص في يوم العيد آخره زوال الشمس وكل قد أجمع على أنها إذا لم
تصل يومئذ حتى زالت الشمس أنها لا تصلى في بقية يومها
فلما ثبت أن صلاة العيد لا تقضى بعد خروج وقتها في يومها ذلك ثبت انها لا تقضى بعد ذلك في غد
ولا غيره لأنا رأينا ما للذي فاته أن يقضيه من غد يومه جائز له أن يقضيه من بقية اليوم الذي وقته فيه وما ليس
للذي فاته أن يقضيه من بقية يومه ذلك فليس له أن يقضيه من غده
فصلاة العيد كذلك لما ثبت أنها لا تقضى إذا فاتت في بقية يومها ثبت أنها لا تقضى في غده
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة فيما رواه عن بعض الناس ولم نجده
في رواية أبى يوسف عنه هكذا كان في رواية أحمد رحمهما الله تعالى
388

باب الصلاة في الكعبة
حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة القاضي قال ثنا أبو عاصم النبيل قال ثنا ابن جريج قال قلت لعطاء
أسمعت بن عباس رضي الله عنه يقول إنما أمرنا بالطواف ولم نؤمر بدخوله يعنى البيت
فقال لم يكن ينهى عن دخوله ولكن سمعته يقول أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل
البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه شيئا حتى خرج فلما خرج صلى ركعتين وقال هذه القبلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار عن ابن عباس
رضي الله عنهما أن الفضل بن عباس أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت ولم يصل ولكنه لما خرج صلى عند باب
البيت ركعتين
حدثنا علي بن زيد الفرائضي قال أنا موسى بن داود قال ثنا همام عن عطاء عن ابن عباس رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سواري فقام إلى كل سارية كذا ولم يصل
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أنه لا يجوز الصلاة في الكعبة واحتجوا في ذلك بهذه الآثار ويقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم حين صلى خارجا من الكعبة ان هذه القبلة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا بأس بالصلاة في الكعبة وقالوا قد يحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم هذه القبلة
ما ذكرنا ويحتمل أن يكون أراد به هذه القبلة التي يصلى إليها إمامكم الذي تأتمون به وعندها يكون مقامه
فأراد بذلك تعليمهم ما أمر الله عز وجل به من قوله (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وليس في ترك
النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فيها دليل على أنه لا يجوز الصلاة فيها
وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة أنه صلى فيها
فمن ذلك ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي وأغلقها عليهم
ومكث فيها
قال بن عمر رضي الله عنهما فسألت بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال جعل عمودا على يساره وعمودين على يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة
أعمدة ثم صلى وجعل بينه وبين الجدار نحوا من ثلاثة أذرع
حدثنا علي بن زيد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سالم بن
389

عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وأنه صلى بين العمودين اليمانيين إلا أنه لم يذكر كيف جعل العمد
التي ذكرها مالك في حديثه
حدثنا محمد بن عزيز الأيلي قال ثنا سلامة بن روح عن عقيل قال أخبرني بن شهاب
قال أخبرني سالم أن بن عمر رضي الله عنهما أخبره فذكر بإسناده مثله
ثنا يزيد بن سنان قال ثنا دحيم بن اليتيم قال ثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال حدثني
نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله غير أنه قال أخبرني أنه صلى على وجهه حين دخل بين العمودين
عن يمينه
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة ورديفه أسامة بن زيد فأناخ في
ظل الكعبة
قال بن عمر رضي الله عنهما فسبقت الناس وقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة في البيت فقلت لبلال
من وراء الباب أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى بحيالك بين الساريتين
حدثنا علي بن زيد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر
عن بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا ابن أبي مريم قال أخبرني محمد بن جعفر قال أخبرني العلاء
بن عبد الرحمن قال كنت مع أبي فلقينا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فسأله أبى وأنا أسمع أين صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت
فقال بن عمر رضي الله عنهما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بين أسامة بن زيد وبلال فلما خرج سألتهما أين صلى يعنى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا على جهته
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا أحمد بن أشكاب قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة
عن أبي الشعثاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال رأيته دخل البيت حتى إذا كان بين الساريتين مضى حتى
لزق بالحائط فقام يصلي فجئت فقمت إلى جنبه فصلى أربعا فقلت أخبرني أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت
فقال ها هنا أخبرني أسامة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
فهذا أسامة بن زيد قد روى عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت
فقد اختلف هو وابن عباس رضي الله عنهما فيما رويا عن أسامة من ذلك وروى بن عمر رضي الله عنه أيضا
عن بلال مثل ما روى عن أسامة
390

فكان ينبغي لما تضادت الروايات عن أسامة وتكافأت أن ترتفع ويثبت ما روى عن بلال إذ كان لم
يختلف عنه في ذلك
وقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما مطلقا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب هو بن جرير قال ثنا شعبة عن سماك الحنفي قال سمعت بن عمر
رضي الله عنه يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت وسيأتيك من ينهاك فسمع قوله يعنى بن عباس
رضي الله عنهما
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر عن سماك الحنفي قال سمعت بن عباس رضي الله عنهما
يقول لا تجعل شيئا من البيت خلفك وأتم به جميعا
وسمعت بن عمر رضي الله عنهما يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
وقد روى عن غير بن عمر رضي الله عنه في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما روى بن عمر عن أسامة وبلال
فمن ذلك ما حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال ثنا محمد بن فضيل بن غزوان
عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي صفوان أو عبد الله بن صفوان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم
يوم الفتح قد قدم فجمعت على ثيابي فوجدته قد خرج من البيت
فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت فقالوا تجاهك أي وجاهك قلت كم صلى قالوا ركعتين
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أنا جرير عن يزيد بن أبي زياد
عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال قلت لعمر كيف صنع النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة
فقال صلى ركعتين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا جرير بن عبد الحميد فذكر بإسناده مثله غير أنه
قال عبد الله بن صفوان
فهذا عمر رضي الله عنه قد حكى عنه في ذلك ما يوافق ما حكى بن عمر رضي الله عنهما عن أسامة وبلال
من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت
وقد روى عن جابر بن عبد الله مثل ذلك
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا شبابة عن مغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر
رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت يوم الفتح فصلى فيه ركعتين
وقد روى أيضا عن شيبة بن عثمان وعثمان بن طلحة مثل ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن الصبح قال ثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عبد الله بن مسلم
391

بن هرمز عن عبد الرحمن بن الرجاج قال أتيت شيبة بن عثمان فقلت يا أبا عثمان إن بن عباس رضي الله عنهما
يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فلم يصل قال بلى صلى ركعتين عند العمودين المقدمين ثم ألزق
بهما ظهره
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الله بن مسلم فذكر
بإسناده مثله
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا هشام بن عروة عن عروة
عن عثمان بن طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت فصلى فيه ركعتين وجاهك بين الساريتين
قال أبو جعفر فإن كان هذا الباب يؤخذ من طريق تصحيح تواتر الآثار فان الآثار قد تواترت
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى في الكعبة ما لم تتواتر بمثله أنه لم يصل
وإن كان يؤخذ بأن يلقى ما يزاد منها عمن يزاد ذلك عنه ويعمل بما سوى ذلك فان أسامة بن زيد الذي حكى
عنه بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة خرج منها ولم يصل
فقد روى عنه بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلها صلى فيها فقد تضاد ذلك
عنه فتنافيا
ثم قد روى عن عمر رضي الله عنه وبلال وجابر وشيبة بن عثمان وعثمان بن طلحة ما يوافق ما روى
بن عمر رضي الله عنهما عن أسامة فذلك أولى مما تفرد به بن عباس رضي الله عنهما عن أسامة
ثم قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ما يدل على جواز الصلاة فيها
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن منصور بن صفية عن صفية بن شيبة أم منصور قالت أخبرتني
امرأة من بنى سليم ولدت عامة أهل دارنا قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة فقال إني كنت
رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تجمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شئ
يشغل مصليا
وقد روى عنه أيضا في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال انا بن أبي الزناد
قال ثنا علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر وقال إن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا في بنائها فأخرجوا
الحجر من البيت فإذا أردت أن تصلى في البيت فصلى في الحجر فإنما هو قطعة منه
392

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز الصلاة في الحجر الذي هو من البيت
فقد ثبت بما ذكرنا تصحيح قول من ذهب إلى إجازة الصلاة في البيت
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما حكمه من طريق النظر فان الذين ينهون عن الصلاة فيه إنما نهوا عن ذلك لان البيت كله عندهم قبلة
قالوا فمن صلى فيه فقد استدبر بعضه فهو كمستدبر بعض القبلة فلا تجزيه صلاته
فكان من الحجة عليهم في ذلك أن رأينا من استدبر القبلة وولاها يمينه أو شماله أن ذلك كله سواء
وأن صلاته لا تجزيه
وكان من صلى مستقبل جهة من جهات البيت أجزأته الصلاة باتفاقهم وليس هو في ذلك مستقبل جهات البيت
كلها لان ما عن يمين ما أستقبل من البيت وما عن يساره ليس هو مستقبله وكما كان لم يبتعد باستقبال كل
جهات البيت في صلاته وإنما تعبد باستقبال جهة من جهاته فلا يضره ترك استقبال ما بقي من جهاته بعدها
كان النظر على ذلك أن من صلى فيه فقد استقبل إحدى جهاته واستدبر غيرها
فما استدبر من ذلك فهو في حكم ما كان عن يمين ما استقبل من جهات البيت وعن يساره إذا كان
خارجا منه
فثبت بذلك أيضا قول الذين أجازوا الصلاة في البيت وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى ذلك أيضا عن عبد الله بن الزبير
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا يزيد بن إبراهيم عن عمرو بن دينار
قال رأيت بن الزبير يصلى في الحجر
(باب من صلى خلف الصف وحده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة ح
وحدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت هلال
بن يساف يحدث عن عمرو بن راشد عن وابصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى في خلف الصف وحده
فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن حصين عن هلال بن يساف
قال أخذ بيدي زياد بن أبي الجعدة فأقامني على وابصة بن معبد بالرقة فقال حدثني أبي أن رجلا صلى
خلف الصف وحده فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة
393

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا ملازم بن عمرو قال ثنا عبد الله بن بدر السحيمي
عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان السحيمي عن أبيه وكان أحد الوفد قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى
صلاته ورجل فرد يصلى خلف الصلف فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى صلاته ثم قال استقبل صلاتك فلا صلاة
لفرد خلف الصف
فذهب قوم إلى أن من صلى خلف صف منفردا فصلاته باطلة واحتجوا بذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا من فعل ذلك فقد أساء وصلاته مجزئة عنه وقالوا ليس في هذه الآثار ما يدل
على خلاف ما قلنا
وذلك أنكم رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة فقد يجوز أن يكون أمره بذلك
لأنه صلى خلف الصف
ويجوز أن يكون أمره بذلك لمعنى آخر كما أمر الذي دخل المسجد فصلى أن يعيد الصلاة ثم أمره أن يعيدها
حتى فعل ذلك مرارا في حديث رفاعة وأبي هريرة رضي الله عنهما
فلم يكن ذلك لأنه دخل المسجد فصلى ولكنه لمعنى آخر غير ذلك وهو تركه إصابة فرائض الصلاة
فيحتمل أيضا ما رويتم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة لا لأنه صلى خلف
الصف ولكن لمعنى آخر كان منه في الصلاة
وفي حديث علي بن شيبان معنى زائد عن المعنى الذي في حديث وابصة وذلك أنه قال صلينا خلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى صلاته ورجل فرد يصلى خلف الصف فقام عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى صلاته
ثم قال استقبل فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف
قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أنه أمره أن يعيد الصلاة وقال لا صلاة لفرد خلف الصف فيحتمل
أن يكون أمره إياه بإعادة الصلاة كان للمعنى الذي وصفنا في معنى حديث وابصة
وأما قوله لا صلاة لفرد خلف الصف فيحتمل أن يكون ذلك كقوله لا وضوء لمن لم يسم
وكالحديث الآخر لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد وليس ذلك على أنه إذا صلى كذلك كان في حكم
من لم يصل ولكنه قد صلى صلاة تجزئة ولكنها ليست بمتكاملة الأسباب في الفرائض والسنن لان من
سنة الصلاة مع الامام اتصال الصفوف وسد الفرج هكذا ينبغي للمصلى خلف الامام أن يفعل فإن قصر
394

عن ذلك فقد أساء وصلاته تجزئه ولكنها ليست بالصلاة المتكاملة في فرائضها وسننها فقيل لذلك لا صلاة له
أي لا صلاة له متكاملة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالذي ترده التمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي
لا يعرف فيتصدق عليه ولا يسأل الناس
فكان معنى قوله ليس المسكين بالذي ترده التمرتان إنما معناه ليس هو بالمسكين المتكامل في المسكنة إذ
هو يسأل فيعطى ما يقوته ويوارى عورته
ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس ولا يعرفونه فيتصدقون
فنفى في هذا الحديث من كان مسكينا غير متكامل أسباب المسكنة أن يكون مسكينا
فيحتمل أن يكون أيضا إنما نفى بقوله لا صلاة لمن صلى خلف الصف وحده من صلى خلف الصف أن
يكون مصليا لأنه غير متكامل أسباب الصلاة وهو قد صلى صلاة تجزئه
فان قال قائل فهل تجدون عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا شيئا يدل على ما قلتم
قيل له نعم حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر الضرير قال أنا حماد بن سلمة أن زياد الأعلم أخبرهم عن الحسن
عن أبي بكرة قال جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع وقد حفزني النفس فركعت دون الصف ثم مشيت
إلى الصف
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال أيكم الذي ركع دون الصف قال أبو بكرة أنا قال زادك
الله حرصا ولا تعد
حدثنا الحسين بن الحكم الجيزي قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا حماد بن سلمة فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن زياد الأعلم قال ثنا
الحسن أن أبا بكرة ركع دون الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصا ولا تعد
قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أنه ركع دون الصف فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة
فلو كان من صلى خلف الصف لا تجزيه صلاته لكان من دخل في الصلاة خلف الصف لا يكون داخلا فيها
ألا ترى أن من صلى على مكان قذر أن صلاته فاسدة ومن افتتح الصلاة على مكان قذر ثم صار إلى مكان
نظيف أن صلاته فاسدة
فكان كل من افتتح الصلاة في موطن لا يجوز له فيه أن يأتي بالصلاة فيه بكمالها لم يكن داخلا في الصلاة
395

فلما كان دخول أبى بكرة في الصلاة دون الصف دخولا صحيحا كانت صلاة المصلي كلها دون الصف
صلاة صحيحة
فان قال قائل فما معنى قوله ولا تعد
قيل له ذلك عندنا يحتمل معنيين يحتمل ولا تعد أن تركع دون الصف حتى تقوم في الصف كما
قد روى عنه أبو هريرة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال حدثني عمر بن علي قال ثنا ابن عجلان عن الأعرج عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من
الصف
ويحتمل قوله ولا تعد أي ولا تعد أن تسعى إلى الصلاة سعيا يحفزك فيه النفس كما قد جاء عنه في غير
هذا الحديث
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال ثنا عمى عبد الله بن وهب قال ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وائتوها وأنتم تمشون وعليكم
السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن
الهاد عن ابن شهاب عن أبي سلمة فذكر بإسناده مثله غير أنه قال فاقضوا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة فذكر
بإسناده مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا إسماعيل بن يحيى قال ثنا محمد بن إدريس قال ثنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الزهري
عن سعيد وأبى سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد فذكر بإسناده مثله
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن
396

أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها
وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن العلاء عن أبيه وإسحاق بن عبد الله أنهما
سمعا أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله وزاد فان أحدكم في صلاة ما كان يعمد
إلى الصلاة
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب قال أنا حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال إذا جاء أحدكم يعنى إلى الصلاة فليمش على هيئته فليصل ما أدرك وليقض ما سبق به منها
قال أبو جعفر والنظر عندنا يدل على أن من صلى خلف الصف فصلاته جائزة
وذلك أنهم لا يختلفون في رجل كان يصلى وراء الامام في صف فخلا موضع رجل أمامه أنه ينبغي له أن
يمشى إليه حتى يقوم فيه وكذلك روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة قال ثنا عمرو بن مرة أنبأني قال سمعت
خيثمة بن عبد الرحمن يقول صليت إلى جنب بن عمر رضي الله عنهما فرأى في الصف خللا فجعل يغمزني أن أتقدم
إليه وجعلت إنما يمنعني أن أتقدم الضيق بمكاني إذا جلس أن أبعد منه فلما أن رأى ذلك تقدم هو
والذي يتقدم من صف إلى صف على ما ذكرنا هو فيما بين الصفين في غير صف فلم يضره ذلك ولم يخرجه
من الصلاة
فلو كانت الصلاة لا تجوز إلا بقيام في صف لفسدت على هذا صلاته لما صار في غير صف وإن كان ذلك
أقل القليل
كما أن من وقف على مكان نجس وهو يصلى أقل القليل أفسد ذلك عليه صلاته
فلما أجمعوا أنهم يأمرون هذا الرجل بالتقدم إلى ما خلا أمامه من الصف ولا يفسد عليه صلاته كونه فيما بين
الصفين في غير صف دل ذلك على أن من صلى دون الصف أن صلاته مجزئة عنه
وقد روى عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم ركعوا دون الصف ثم مشوا إلى الصف واعتدوا بتلك
الركعة التي ركعوها دون الصف
فمن ذلك ما حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا يحيى بن عيسى عن سفيان بن منصور عن زيد
بن وهب قال دخلت المسجد أنا وابن مسعود رضي الله عنه فأدركنا الامام وهو راكع فركعنا ثم مشينا
حتى استوينا بالصف
فلما قضى الامام الصلاة قمت لأقضي فقال عبد الله قد أدركت الصلاة
397

حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا بشير بن سليمان قال حدثني سيار أبو الحكم عن طارق
قال: كنا مع بن مسعود رضي الله عنهما جلوسا
فجاء آذنه فقال قد قامت الصلاة فقام وقمنا فدخل المسجد فرأى الناس ركوعا في مقدم المسجد فكبر
فركع ومشى وفعلنا مثل ما فعل
فان اعتل في هذا معتل بأن عبد الله إنما فعل ذلك لأنه صار هو وأصحابه صفا
قيل له فقد روى عن زيد بن ثابت في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن أبي أمامة
بن سهل قال رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والناس ركوع فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل إلى الصف
وهو راكع كبر فركع ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال حدثني مالك وابن أبي ذئب عن ابن شهاب فذكر
بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال انا بن أبي الزناد قال أخبرني أبي عن خارجة
بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت كان يركع على عتبة المسجد ووجهه إلى القبلة ثم يمشى معترضا على شقه
الأيمن ثم يعتد بها إن وصل إلى الصف أو لم يصل
فان قال قائل فأنتم تخالفون ما قد رويتموه عن ابن مسعود رضي الله عنه وزيد وتقولون لا ينبغي لأحد
أن يركع دون الصف
قيل له نعم ولكن احتججنا بذلك عليك لتعلم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم لا يبطلون صلاة من
دخل
في الصلاة قبل وصوله إلى الصف
فان قال قائل فما الذي ذهبتم إليه حتى خالفتم عبد الله وزيدا
قيل له ما قد رويناه في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه لا يركع أحدكم دون الصف حتى
يأخذ مكانه من الصف وقد قال بذلك الحسن
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا القواريري قال حدثني يحيى بن سعيد عن الأشعث عن الحسن
أنه كره أن يركع دون الصف
وكل ما بينا في هذا الباب من هذا ومن إجازة صلاة من صلى خلف الصف هو قول أبي حنيفة
وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
398

باب الرجل يدخل في صلاة الغداة فيصلى منها ركعة
ثم تطلع الشمس
قال أبو جعفر روى عطاء بن يسار وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أدرك
من صلاة الصبح ركعة قبل ان تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب مواقيت
الصلاة
فذهب قوم إلى أن من صلى من صلاة الصبح ركعة قبل طلوع الشمس ثم طلعت عليه الشمس صلى إليها
أخرى واحتجوا في ذلك بهذا الأثر
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إذا طلعت الشمس وهو في صلاته فسدت عليه
وقالوا ليس في هذا الأثر دلالة على ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى لان قول النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك من صلاة
الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك قد يحتمل ما قاله أهل المقالة الأولى ويحتمل أن يكون عنى به
الصبيان الذين يبلغون قبل طلوع الشمس والحيض اللاتي يطهرن والنصارى الذين يسلمون لأنه لما ذكر
في هذا الأثر الادراك ولم ى ذكر الصلاة فيكون هؤلاء الذين سميناهم ومن أشبههم مدركين لهذه الصلاة
ويجب عليهم قضاؤها وإن كان الذي بقي عليهم من وقتها أقل من المقدار الذي يصلونها فيه
قالوا وهذا الحديث هو الذي ذهبنا فيه إلى أن المجانين إذا أفاقوا والصبيان إذا بلغوا والنصارى إذا
أسلموا والحيض إذا طهرن وقد بقي عليهم من وقت الصبح مقدار ركعة أنهم لها مدركون فلم نخالف هذا
الحديث وإنما خالفنا تأويل أهل المقالة الأولى
فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى ما قد حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء
عن سعيد عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس
فقد تمت صلاته وإذا أدرك ركعة من صلاة الصبح فقد تمت صلاته
فيما روينا ذكر البناء بعد طلوع الشمس على ما قد دخل فيه قبل طلوعها
فكان من الحجة على أهل المقالة أن هذا قد يجوز أن يكون كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل نهيه عن الصلاة عند
طلوع الشمس
399

فإنه قد نهى عن ذلك وتواترت عنه الآثار بنهيه عن ذلك وقد ذكرنا تلك الآثار في باب مواقيت
الصلاة
فيحتمل أن يكون ما كان فيه الإباحة هو منسوخ بما فيه النهى
فقالوا إنما النهي عن التطوع خاصة لا عن قضاء الفرائض ألا ترون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة
بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلم يكن ذلك عندنا وعندكم بمانع أن تقضى
صلاة فائتة في هذين الوقتين
فكذلك ما رويتم عنه من النهى عن الصلاة عند طلوع الشمس لا يكون مانعا عندنا لان يقضى حينئذ
صلاة فائتة إنما هو مانع من صلاة التطوع خاصة
فكان من الحجة للآخرين عليهم انه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الصلوات المفروضات
الفائتات قد دخلت فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند طلوع الشمس وعند غروبها
وذلك أن علي بن شيبة حدثنا قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا هشام عن الحسن عن عمران بن حصين
قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أو قال في سرية فلما كان آخر السحر عرسنا فما استيقظنا حتى
أيقظنا حر الشمس فجعل الرجل منا يثب فزعا دهشا
فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا فارتحلنا من مسيرنا حتى ارتفعت الشمس ثم نزلنا فقضى القوم حوائجهم ثم
أمر بلالا فأذن فصلينا ركعتين فأقام فصلى الغداة
فقلنا يا نبي الله ألا نقضيها لوقتها من الغد فقال النبي صلى الله عليه وسلم أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا يونس بن عبيد عن الحسن البصري
عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في سفر فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فأمر فأذن
ثم انتظر حتى اشتعلت الشمس ثم أمر فأقام فصلى الصبح
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا عباد بن ميسرة المنقري قال سمعت أبا رجاء العطاردي
قال ثنا عمران بن حصين قال أسرى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرسنا معه فلم نستيقظ إلا بحر الشمس
فلما
استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله ذهبت صلاتنا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تذهب صلاتكم ارتحلوا من هذا المكان فارتحل قريبا ثم نزل فصلى
400

حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب قال أنا عوف عن أبي رجاء عن عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا إبراهيم بن الجراح قال ثنا أبو يوسف عن حصين بن عبد الرحمن
عن أبي قتادة الأنصاري عن أبيه قال أسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته ونحن معه فقال له بعض
القوم لو عرست
فقال إني أخاف أن تناموا عن الصلاة فقال بلال أنا أوقظكم
فنزل القوم فاضطجعوا وأسند بلال رضي الله عنه ظهره إلى راحلته وألقى عليهم النوم فاستيقظ القوم وقد
طلع حاجب الشمس
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين ما قلت يا بلال قال يا رسول الله إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها
إليكم حين شاء فأذن الناس بالصلاة فأذنهم فتوضؤوا فلما ارتفعت الشمس صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتي
الفجر ثم صلى الفجر
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا حصين فذكر
بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح
عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديثه عن روح الذي ذكرناه في أول هذا الفصل غير أنه لم يذكر
سؤالهم للنبي صلى الله عليه وسلم
قال عبد الله فسمعني عمران بن حصين وأنا أحدث هذا الحديث في المسجد الجامع فقال من الرجل
فقلت أنا عبد الله بن رباح الأنصاري
فقال القوم أعلم بحديثهم انظر كيف تحدث فإني أحد السبعة تلك الليلة
فلما فرغت قال ما كنت أحسب أن أحدا يحفظ هذا الحديث غيري
قال حماد قال حدثنا حميد الطويل عن بكر عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع
بن جبير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقال من يكلؤنا الليلة لا ينام حتى الصبح
فقال بلال رضي الله عنه أنا فاستقبل مطلع الشمس فضرب على آذانهم حتى أيقظهم حر الشمس فقام
النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضؤوا ثم قعدوا هنيهة ثم صلوا ركعتي الفجر ثم صلوا الفجر
401

حدثنا روح بن الفرج قال ثنا أبو مصعب الزهري قال ثنا ابن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن
عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس ذات ليلة بطريق مكة فلم يستيقظ هو ولا أحد
من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا منزل به شيطان
فاقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتاد أصحابه حتى ارتفع الضحى فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناخ أصحابه فأمهم
فصلى الصبح
فلما رأينا النبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة الصبح لما طلعت الشمس وهي فريضة فلم يصلها حينئذ حتى ارتفعت الشمس
وقد قال في غير هذا الحديث من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها دل ذلك أن نهيه عن الصلاة
عند طلوع الشمس قد دخل فيه الفرائض والنوافل وأن الوقت الذي استيقظ فيه ليس بوقت للصلاة
التي نام عنها
فان قال قائل فلم قلت ببعض هذا الحديث وتركت بعضه فقلت من صلى من العصر ركعة ثم غربت له
الشمس أنه يصلى بقيتها
قيل له لم تقل ببعض هذا الحديث ولا بشئ منه بل جعلناه منسوخا كله بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
من نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس وبما قد دل عليه ما ذكرنا من حديث جبير وعمران وأبى قتادة
وأبي هريرة على أن الفريضة قد دخلت في ذلك وأنها لا تصلى حينئذ كما لا تصلى النافلة
وأما الصلاة عند غروب الشمس لعصر يومه فانا قد ذكرنا الكلام في ذلك في باب مواقيت الصلاة
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا وقت طلوع الشمس إلى أن ترتفع وقتا قد نهى عن الصلاة فيه
فأردنا أن ننظر في حكم الأوقات التي ينهى فيها عن الأشياء هل يكون على التطوع منها دون الفرائض
أو على ذلك كله
فرأينا يوم الفطر ويوم النحر قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما وقامت الحجة عنه بذلك فكان
ذلك النهى عند جميع العلماء على أن لا يصام فيهما فريضة ولا تطوع
فكان النظر على ذلك في وقت طلوع الشمس الذي قد نهى عن الصلاة فيه أن يكون كذلك لا تصلى
فيه فريضة ولا تطوع وكذلك يجئ في النظر عند غروب الشمس
وأما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس فان هذين
الوقتين لم ينه عن الصلاة فيهما للوقت وإنما نهى عن الصلاة فيهما للصلاة وقد رأينا ذلك الوقت يجوز لمن لم يصل
أن يصلى فيه الفريضة والصلاة الفائتة
402

فلما كانت الصلاة هي الناهية وهي فريضة كانت إنما ينهى عن غير شكلها من النوافل لا عن الفرائض
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد قال بذلك الحكم وحماد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة قال سألت الحكم وحمادا عن الرجل ينام عن
الصلاة فيستيقظ وقد طلع من الشمس شئ
قالا لا يصلى حتى تنبسط الشمس
باب صلاة الصحيح خلف المريض
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى ح
وحدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قالا ثنا حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرواسي عن أبيه عن أبي
الزبير عن جابر رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وأبو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
كبر أبو بكر ليسمعنا
فبصر بنا قياما فقال اجلسوا أومى بذلك إليهم فلما قضى الصلاة قال كدتم أن تفعلوا فعل فارس
والروم بعظمائهم ائتموا بأئمتكم فان صلوا قياما فصلوا قياما وإن صلوا جلوسا فصلوا جلوسا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا
وراءه قعودا
فلما انصرف قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا
جلوسا أجمعين
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني الليث ويونس عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله
403

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال ثنا حميد قال ثنا أنس
بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها
قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا فصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا
ثم ذكر مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت أبا علقمة
يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى
الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى قاعدا
فصلوا قعودا
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهب عن مصعب بن محمد القرشي
عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا صلى
قاعدا فصلوا قعودا أجمعين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن حمران ح
وحدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قالا ثنا عقبة بن أبي الصهباء الباهلي قال سمعت
سالما يقول حدثني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يوما من الأيام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من
أصحابه فقال لهم ألستم تعلمون أنى رسول الله إليكم فقالوا بلى نشهد أنك رسول الله
قال أفلستم تعلمون أن الله قد أنزل في كتابه أن من أطاعني فقد أطاع الله قالوا بلى نشهد أنه من
أطاعك فقد أطاع الله
قال فان من طاعة الله أن تطيعوني وان من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم فان صلوا قعودا فصلوا قعودا
أجمعين
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا من صلى بقوم قاعدا من علة صلوا خلفه قعودا وإن كانوا
يطيقون القيام
404

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يصلون خلفه قياما ولا يسقط عنهم فرض القيام لسقوطه عن إمامهم
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا الفريابي ح 2 وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم بن شرحبيل
قال سافرت مع بن عباس رضي الله عنهما من المدينة إلى الشام
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة رضي الله عنها فقال ادعوا لي
عليا رضي الله عنه
فقالت عائشة رضي الله عنها ألا ندعو لك أبا بكر رضي الله عنه قال ادعوه
فقالت حفصة رضي الله عنها ألا ندعو لك عمر رضي الله عنه قال ادعوه
فقالت أم الفضل ألا ندعو لك العباس عمك قال ادعوه
فلما حضروا رفع رأسه ثم قال ليصل للناس أبو بكر رضي الله عنه فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فصلى بالناس
ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين
فلما أحسه أبو بكر سبحوا به فذهب أبو بكر يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم مكانك
فاستتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر رضي الله عنه من القراءة وأبو بكر رضي الله عنه قائم
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس
فأتم أبو بكر رضي الله عنه برسول الله صلى الله عليه وسلم وأتم الناس بأبي بكر رضي الله عنه
فما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة حتى ثقل فخرج يهادى بين رجلين وأن رجليه لتخطان بالأرض
فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص
قال أبو جعفر ففي هذا الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه ائتم برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد
وهذا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد قوله ما قال في الأحاديث التي في الباب الأول
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا زائدة قال ثنا موسى بن أبي عائشة عن
عبيد الله بن عبد الله قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت بلى كان الناس عكوفا في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة فأرسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر أن يصلى بالناس فكان يصلى بهم تلك الأيام
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين لصلاة الظهر وأبو بكر يصلى بالناس
فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومى إليه ألا يتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر
رضي الله عنه
405

فجعل أبو بكر يصلى وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد
قال عبيد الله فدخلت علي بن عباس رضي الله عنهما فعرضت حديثها عليه فما أنكر من ذلك شيئا
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة رضي الله عنها قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة فقال إيتوا أبا بكر
فليصل بالناس
قالت فقلت يا رسول الله لو أمرت عمر رضي الله عنه يصلى بهم فإن أبا بكر رجل أسيف ومتى يقوم
مقامك لم يسمع الناس قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فأمروا أبا بكر فصلى بالناس
فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فلما
سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر فأومى إليه أن صل كما أنت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار
أبى بكر رضي الله عنه
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس وأبو بكر يقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم والناس يقتدون بصلاة
أبى بكر رضي الله عنه
فقال قائلون لا حجة لكم في هذا الحديث لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تلك الصلاة مأموما
واحتجوا في ذلك بما حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا شبابة قال ثنا شعبة عن
نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه
الذي توفى فيه خلف أبى بكر رضي الله عنه قاعدا
حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني أبو قرة قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب
قال حدثني حميد قال حدثني ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف
أبى بكر في ثوب واحد برد مخالف بين طرفيه فكانت آخر صلاة صلاها
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا معاوية بن عمرو الأزدي قال ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي
بردة بن أبي موسى عن أبيه قال مرض النبي صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس
فقالت عائشة رضي الله عنها إن أبا بكر رجل رقيق فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن
صواحب يوسف
406

قال قام أبو بكر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد روى هذا الحديث الذي قد ذكروه
ولكن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته تلك تدل على أنه كان إماما وذلك أن عائشة قالت في حديث الأسود
عنها فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يسار أبى بكر وذلك قعود الامام لأنه لو كان أبو بكر إماما له لكان
النبي صلى الله عليه وسلم يقعد عن يمينه
فلما قعد عن يساره وكان أبو بكر عن يمينه دل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الامام وأن أبا بكر
هو المأموم
وحجة أخرى أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في حديثه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة من حيث
انتهى أبو بكر
ففي ذلك ما يدل أن أبا بكر قطع القراءة وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم
فذلك دليل أنه كان الامام ولولا ذلك لم يقرأ لان تلك الصلاة كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة
ولولا ذلك لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر من القراءة ولا علمه من خلف أبى بكر
فلما ثبت بما وصفنا أن تلك الصلاة كانت مما يجهر فيه بالقراءة وقرأ رسول الله فيها وكان الناس
جميعا لا يختلفون أن المأموم لا يقرأ خلف الامام كما يقرأ الإمام ثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تلك
الصلاة إماما
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا الأصل المجتمع عليه أن دخول المأموم في صلاة الامام قد يوجب فرضا
على المأموم ولم يكن عليه قبل دخوله ولم نره يسقط عنه فرضا قد كان عليه قبل دخوله
فمن ذلك أنا رأينا المسافر يدخل في صلاة المقيم فيجب عليه أن يصلى صلاة المقيم أربعا ولم يكن ذلك واجبا
عليه قبل دخوله معه وإنما أوجبه عليه دخوله معه
ورأينا مقيما لو دخل في صلاة مسافر صلى بصلاته حتى إذا فرغ أتى بتمام صلاة المقيم فلم يسقط عن المقيم
فرض بدخوله مع المسافر وكان فرضه على حاله غير ساقط منه شئ
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الصحيح الذي كان عليه فرض القيام إذا دخل مع المريض الذي قد سقط
عنه فرض القيام في صلاته أن لا يكون ذلك الدخول مسقطا عنه فرضا كان عليه قبل دخوله في الصلاة
فان قال قائل فانا قد رأينا العبد الذي لا جمعة عليه يدخل في الجمعة فيجزيه من الظهر ويسقط عنه فرض
قد كان عليه دخوله مع الامام فيها
قيل له هذا يؤكد ما قلنا وذلك أن العبد لم يجب عليه جمعة قبل دخوله فيها فلما دخل فيها مع من هي عليه
كان دخوله إياها يوجب عليه ما هو واجب على إمامه فصار بذلك إذا وجب عليه ما هو واجب على إمامه في حكم
407

مسافر لا جمعة عليه دخل في الجمعة فقد صارت واجبة عليه لوجوبها على إمامه وصارت مجزئة عنه من الظهر
لأنها صارت بدلا منها
فكذلك العبد لما وجبت عليه الجمعة بدخوله فيها أجزأته من الظهر لأنها صارت بدلا منها
فقد ثبت بما ذكرنا أن دخول الرجل في صلاة غيره قد يوجب عليه ما لم يكن واجبا عليه قبل دخوله فيها
ولا يسقط عنه ما كان واجبا عليه قبل دخوله
فثبت بذلك أن الصحيح الذي القيام في الصلاة واجب عليه إذا دخل مع من قد سقط عنه فرض القيام
في صلاته لم يكن يسقط عنه بدخوله من القيام ما كان واجبا عليه قبل ذلك
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهم الله
وكان محمد الحسن رحمه الله يقول لا يجوز لصحيح أن يأتم بمريض يصلى قاعدا وإن كان يركع ويسجد
ويذهب إلى أن ما كان من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في مرضه بالناس وهم قيام مخصوص لأنه قد فعل فيها
ما لا يجوز لأحد بعده أن يفعله من أخذه في القراءة من حيث انتهى أبو بكر وخروج أبى بكر رضي الله عنه
من الإمامة إلى أن صار مأموما في صلاة واحدة وهذا لا يجوز لأحد من بعده باتفاق المسلمين جميعا
فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان خص في صلاته تلك بما منع منه غيره
باب الرجل يصلى الفريضة خلف من يصلى تطوعا
قال أبو جعفر روى عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع
فيصليها بقومه في بنى أسلمة وقد ذكرنا ذلك بإسناده في باب القراءة في صلاة المغرب
فذهب قوم إلى أن الرجل يصلى النافلة ويأتم به من يصلى الفريضة واحتجوا بهذا الأثر
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز لرجل أن يصلى فريضة خلف من يصلى نافلة
وقالوا ليس في حديث معاذ هذا أن ما كان يصليه بقومه كان نافلة له أو فريضة
فقد يجوز أن يكون كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم نافلة ثم يأتي قومه فيصلى بهم فريضة فإن كان ذلك كذلك
فلا حجة لكم في هذا الحديث
ويحتمل أن يكون كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فريضة ثم يصلى بقومه تطوعا كما ذكرتم
فلما كان هذا الحديث يحتمل المعنيين لم يكن أحدهما أولى من الآخر ولم يكن لأحد أن يصرفه إلى أحد
المعنيين دون المعنى الآخر إلا بدلالة على ذلك
408

فقال أهل المقالة الأولى فانا قد وجدنا في بعض الآثار أن ما كان يصليه بقومه هو تطوع وأن ما كان
يصليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة
وذكروا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو
قال أخبرني جابر رضي الله عنه أن معاذا كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينصرف إلى قومه فيصليها بهم
هي له تطوع ولهم فريضة
فكان من الحجة للآخرين عليهم ان بن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دينار كما رواه
بن جريج وجاء به تاما وساقه أحسن من سياق بن جريج غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله بن جريج
هي له تطوع ولهم فريضة
فيجوز أن يكون ذلك من قول بن جريج ويجوز أن يكون من قول عمرو بن دينار ويجوز أن يكون
من قول جابر
فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا لأنهم لم يحكوا
ذلك عن معاذ إنما قالوا قولا على أنه عندهم كذلك وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك
ولو ثبت ذلك أيضا عن معاذ لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لو أخبره به لأقره عليه أو غيره
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أخبره رفاعة بن رافع أنهم كانوا يجامعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يغتسلون حتى ينزلوا
فقال لهم عمر رضي الله عنه فأخبرتم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فرضيه لكم قال لا فلم يجعل ذلك عمر رضي الله
عنه حجة
فكذلك هذا الفعل لو ثبت أن معاذا فعله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في ذلك دليل أنه بأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على خلاف ذلك
حدثنا فهد قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ح
وحدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قالا ثنا سليمان بن بلال قال ثنا عمرو
بن يحيى المازني عن معاذ بن رفاعة الزرقي أن رجلا من بنى سلمة يقال له سليم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أنا نظل في أعمالنا فنأتي حين نمسي فنصلي فيأتي معاذ بن جبل فينادي بالصلاة فنأتيه
فيطول علينا
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك
409

فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لمعاذ يدل على أنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل أحد الامرين إما الصلاة
معه أو بقومه وأنه لم يكن يجمعها لأنه قال إما أن تصلى معي أي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف
بقومك أي ولا تصل معي
فلما لم يكن في الآثار الأول من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ وكان في هذا الأثر ما ذكرنا ثبت بهذا الأثر
أنه لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لمعاذ شئ متقدم ولا علمنا أنه كان في ذلك أيضا منه شئ متأخر
فيجب به الحجة علينا
ولو كان في ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر كما قال أهل المقالة الأولى لاحتمل أن يكون ذلك كان من
رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت ما كانت الفريضة تصلى مرتين فان ذلك قد كان يفعل في أول الاسلام حتى نهى عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب صلاة الخوف
ففعل معاذ الذي ذكرنا يحتمل أن يكون قبل النهى عن ذلك ثم كان النهى فنسخه ويحتمل أن يكون
كان بعد ذلك
فليس لأحد أن يجعله في أحد الوقتين إلا كان لمخالفه أن يجعله في الوقت الآخر فهذا حكم هذا الباب
من طريق الآثار
وأما حكمه من طريق النظر فانا قد رأينا صلاة المأمومين مضمنة بصلاة إمامهم بصحتها وفسادها يوجب
ذلك النظر الصحيح
من ذلك أنا رأينا الامام إذا سها وجب على من خلفه لسهوه ما وجب عليه ولو سهوا هم ولم يسه هو
لم يجب عليهم ما يجب على الامام إذا سها
فلما ثبت أن المأمومين يجب عليهم حكم السهو لسهو الامام وينتفي عنهم حكم السهو بانتفائه عن الامام ثبت
أن حكمهم في صلاتهم حكم الامام في صلاته وكأن صلاتهم مضمنة بصلاته
ولما كانت صلاتهم مضمنة بصلاته لم يجز أنه يكون صلاتهم خلاف صلاته
فثبت بذلك أن المأموم لا يجوز أن تكون صلاته خلاف صلاة إمامه
فان قال قائل فانا قد رأيناهم لم يختلفوا أن للرجل أن يصلى تطوعا خلف من يصلى فريضة فكما كان
المصلى تطوعا يجوز له أن يأتم بمن يصلى فريضة كان كذلك يجوز للمصلى فريضة أن يصليها خلف من
يصلى تطوعا
قيل له إن سبب التطوع هو بعض سبب الفريضة وذلك أن الذي يدخل في الصلاة ولا يريد شيئا
غير ذلك من نافلة ولا فريضة يكون لذلك داخلا في نافلة وإذا نوى الدخول في الصلاة ونوى الفريضة
كان بذلك داخلا في الفريضة فصار يكون ذلك داخلا في الفريضة بالسبب الذي دخل به في النافلة وبسبب
410

آخر فلما كان ذلك كذلك كان الذي يصلى تطوعا وهو يأتم بمصل فريضة هو في صلاة له في كلها إمام والذي
يصلى فريضة ويأتم بمن يصلى تطوعا هو في صلاة له في بعض سببها الذي به دخل فيها إمام وليس له في بقيته
إمام فلم يجن ذلك
فان قال قائل فانا قد رأينا عن عمر رضي الله عنه أنه صلى بالناس جنبا فأعاد ولم يعيدوا فدل ذلك أن صلاتهم
لم تكن مضمنة بصلاته
فقال مخالفهم إنما فعل ذلك لأنه لم يتيقن بالجنابة كانت منه قبل الصلاة فأخذ لنفسه بالحوطة فأعاد ولم يأمر
غيره بالإعادة
وذكروا في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء الغدائي قال أنا زائدة بن قدامة
عن هشام بن عروة عن أبيه عن زبيد بن الصلت قال قال عمر أراني قد احتلمت وما شعرت وصليت
وما اغتسلت ثم قال أغتسل ما رأيت وأنضح ما لم أر ثم أقام فصلى متمكنا وقد ارتفع الضحى
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن زبيد بن الصلت
أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنظرنا فإذا هو قد احتلم فصلى ولم يغتسل فقال والله
ما أراني إلا وقد احتلمت وما شعرت وصليت ما اغتسلت
قال فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم ير وأذن وأقام الصلاة ثم صلى بعد ما ارتفع
الضحى متمكنا
فدل هذا على أن عمر رضي الله عنه لم يكن تيقن بأن الجنابة كانت منه قبل الصلاة
والدليل على أن عمر رضي الله عنه قد كان يرى أن صلاة المأموم تفسد بفساد صلاة الامام أن محمد بن النعمان
حدثنا قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث
أن عمر رضي الله عنه نسي القراءة في صلاة المغرب فأعاد بهم الصلاة
فلما أعاد بهم عمر رضي الله عنه الصلاة لتركه القراءة وفي فساد الصلاة بترك القراءة اختلاف كان إذا صلى
بهم جنبا أحرى أن يعيد بهم الصلاة
فان قال قائل فقد روى عن عمر خلاف ذلك فذكر ما حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم بن أبي إياس
قال ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم أن عمر رضي الله عنه قال له رجل انى صليت صلاة لم أقرأ
فيها شيئا
فقال له عمر رضي الله عنه أليس قد أتممت الركوع والسجود قال بلى قال تمت صلاتك
قال شعبة فحدثني عبد الله بن عمر الغمري قال قلت لمحمد بن إبراهيم ممن سمعت هذا الحديث فقال من
أبي سلمة عن عمر رضي الله عنه
411

قيل له قد روى هذا عن عمر رضي الله عنه من حيث ذكرتم ولكن الذي روينا عنه فيما بدأنا بذكره
متصل الاسناد عن عمر وهمام حاضر ذلك منه فما اتصل إسناده عنه فهو أولى أن يقبل عنه مما خالفه
وهذا أيضا مما يدل عليه النظر وذلك لأنهم أجمعوا أن رجلا لو صلى خلف جنب وهو يعلم بذلك أن صلاته
باطلة وجعلوا صلاته مضمنة بصلاة الامام
فلما كان ذلك كذلك إذا كان يعلم بفساد صلاة إمامه كان كذلك في النظر إذا كان لا يعلم بها
ألا ترى أن المأموم لو صلى وهو جنب وهو يعلم أو لا يعلم كانت صلاته باطلة
فكان ما يفسد صلاته في حال علمه به هو الذي يفسد صلاته في حال جهله به وكان علمه بفساد صلاة إمامه
تفسد به صلاته
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك جهله بفساد صلاة إمامه فهذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف
ومحمد بن الحسن ورحمهم الله تعالى
وقد قال بذلك طاوس ومجاهد
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن جابر الجعفي عن طاوس ومجاهد
في إمام صلى بقوم وهو على غير وضوء قال يعيدون الصلاة جميعا
وقد روى عن جماعة من المتقدمين ما يوافق ما ذهبنا إليه في اختلاف صلاة الامام والمأمومين
فمن ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن منصور عن إبراهيم في الرجل
يصلى بقوم هي له الظهر ولهم العصر
قال يعيدون ولا يعيد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال سمعت يونس بن عبيد يقول جاء عياد إلى المسجد
في يوم مطير فوجدهم يصلون العصر فصلى معهم وهو يظن أنها الظهر ولم يكن صلى الظهر
فلما صلوا فإذا هي العصر فأتى الحسن فسأله عن ذلك فأمره أن يصليهما جميعا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة قال كان الحسن وابن سيرين
يقولان يصليهما جمعيا
قال وحدثنا أبو معشر عن النخعي قال يصليهما جميعا
412

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا سعيد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال يصلى الظهر
ثم يصلى العصر
باب التوقيت في القراءة في الصلاة
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو عاصم عن موسى بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأضحى والفطر في الأولى ب سبح اسم ربك
الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد المنتشر عن أبيه عن حبيب
بن سالم عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث
الغاشية وإذا اجتمع يوم عيد ويوم جمعة قرأ بهما فيهما جميعا
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا حامد بن يحيى قال ثنا جرير بن عبد الحميد عن إبراهيم بن محمد المنتشر
فذكر بإسناده مثله
حدثنا روح قال ثنا حامد بن يحيى قال ثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد المنتشر عن أبيه عن حبيب
بن سالم عن سالم عن النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا المسعودي عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة
بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم في العيدين مثله ولم يذكر الجمعة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا المسعودي فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا شعبة عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة الفزاري
فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن هاتين السورتين هما اللتان ينبغي للامام أن يقرأ بهما في صلاة العيدين
وفي الجمعة مع فاتحة الكتاب ولا يجاوز ذلك إلى غيره واحتجوا بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس في ذلك توقيت بعينه لا ينبغي أن يجاوز إلى غيره ولكن للامام
أن يقرأ بهما وله أن يقرأ بغيرهما
وكان من الحجة لهم في ذلك أن أبا بكرة وابن مرزوق قد حدثانا قالا ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا فليح
بن سليمان عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي واقد قال سألني عمر بما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
في العيدين قلت ق واقتربت الساعة وانشق القمر
413

حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك ح قال ثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم
قال ثنا مالك بن أنس عن ضمرة عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر رضي الله عنه سأل أبا واقد فذكر مثله
فهذا أبو واقد قد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في العيدين بغير ما أخبر به من روى الآثار الأول
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قرأ في الجمعة بغير ما ذكر عنه أيضا في الآثار الأول
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله
بن عبد الله أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على أثر
سورة الجمعة
قال كان يقرأ ب هل أتاك حديث الغاشية
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عاصم قال ثنا مالك بن أنس قال ثنا ضمرة بن سعيد عن عبيد الله
بن عبد الله أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الجمعة
قال الجمعة وهل أتاك حديث الغاشية
حدثنا يونس قال أنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن أبي رافع عن أبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا سفيان عن مخول بن راشد عن مسلم البطين
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فلما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أنه قرأ في العيدين والجمعة غير ما جاء عنه في الآثار
الأول لم يجز أن يحمل ذلك على التضاد والتكاذب
ولكنا نحمله على الاتفاق والتصادق فنجعل ذلك كله قد كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهذا مرة وبهذا
مرة فحكى عنه كل فريق من الفريقين ما حضره منه
ففي ذلك دليل على أن لا توقيت للقراءة في ذلك وان للامام ان يقرأ في ذلك مع فاتحة الكتاب
أي القرآن شاء
وكذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا أنه كان يقرأ في ذلك يوم الجمعة
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا أبو عوانة وشريك عن مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ح
وحدثنا فهد قال ثنا الحماني شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح آلم تنزيل وهل أتى على الانسان
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح بن أسلم قال ثنا حمام عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
414

قال أبو جعفر فليس في ذلك دليل على أنه كان لا يتجاوز ذلك إلى غيره لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحك عنه
أنه قال لا يقرأ في صلاة الغداة يوم الجمعة مع فاتحة الكتاب غير هاتين السورتين حتى لا يجوز خلاف ذلك
ولكن إنما أخبر من رواهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بهما فيهما كما أخبر النعمان وابن عباس رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بما ذكرنا
ثم قد جاء عن غيرهما أنه قرأ بخلاف ذلك لأنه قرأ بهذا مرة وبهذا مرة
فكذلك ما حكى عنه من القراءة في صلاة الصبح يوم الجمعة يحتمل أن يكون قرأ به مرة أو قرأ به مرارا
ثم قرأ بغيره فيحكي كل من حضره ما سمع من قراءته وليس في ذلك دليل على حكم التوقيت
وجميع ما ذهبنا إليه في هذا الباب قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب صلاة المسافر
حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن بشر قال ثنا المعافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح
عن عائشة رضي الله عنها قالت قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأتم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المسافر بالخيار إن شاء أتم صلاته وإن شاء قصرها
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وبما حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله
بن أبي عمار يحدث عن عبد الله بن باباه عن يعلى بن مينة قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما قال الله
عز وجل (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)
فقد أمن الناس
فقال إني عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا ينبغي أن يزيد على اثنتين وإن أتم الصلاة فإن كان قعد في اثنتين في
الظهر والعصر والعشاء قدر التشهد فصلاته تامة وإن كان لم يقعد فيها قدر التشهد فصلاته باطلة
وكان من الحجة له على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من الحديثين اللذين ذكرناهما في أول هذا الباب
أن بن أبي داود حدثنا قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا مرجا بن رجاء قال ثنا داود عن الشعبي
عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنها وتر النهار وصلاة الصبح لطولها قراءتها وكان إذا سافر عاد
إلى صلاته الأولى
415

فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين ركعتين حتى قدم المدينة فصلى إلى كل
صلاة مثلها وأنه كان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى
فأخبرت أنه كان يصلى في سفره كما كان يصلى قبل أن يؤمر بتمام الصلاة وذلك ركعتان
فذلك خلاف حديث فهد الذي ذكرناه في الفصل الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم الصلاة في السفر وقصر
وأما حديث يعلى بن منية فان أهل المقالة الأولى احتجوا بالآية المذكورة فيه وهي قول الله عز وجل (وإذا
ضربتم في الأرض) الآية
قالوا فذلك على الرخصة من الله عز وجل لهم في التقصير لا على الحتم عليهم بذلك وهو كقوله (فلا جناح
عليهما ان يتراجعا) فذلك على التوسعة منه لهم في المراجعة لا على إيجابه ذلك عليهم
فكان من حجتنا عليهم لأهل المقالة الأخرى أن هذا اللفظ قد يكون على ما ذكروا ويكون على غير ذلك
قال الله تعالى (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) وذلك على الحتم
عند جميع العلماء لأنه ليس لأحد حج أو أعتمر أن لا يطوف بهما
فلما كان نفى الجناح قد يكون على التخيير وقد يكون على الايجاب لم يكن لأحد أن يحمل على ذلك على
أحد المعنيين دون المعنى الآخر إلا بدليل يدله على ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع
وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقصيره في أسفاره كلها
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير
قال سمعت حبيب بن عبيد يحدث عن جبير بن نفير عن ابن السمط قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي الحليفة ركعتين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا بشر بن عمر قال ثنا شعبة قال أخبرني سليمان عن عمارة بن عمير
أو إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ب منى ركعتين ومع
أبى بكر ركعتين ومع عمر ركعتين فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد
عن عبد الله رضي الله عنه مثله
غير أنه لم يذكر قول عبد الله فليت حظي إلى آخر الحديث
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عبد السلام عن حماد عن إبراهيم
عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ويفطر ويصلي الركعتين
لا يدعهما يعنى لا يزيد عليهما
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا أبو معاوية عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام تسعة عشر يوما يصلي ركعتين
416

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة ح
وحدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن شفى قال جعل
الناس يسألون بن عباس رضي الله عنهما عن الصلاة
فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من أهله لم يصل إلا ركعتين حتى يرجع إليهم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق
عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام حيث فتح مكة خمسة
يقصر الصلاة
حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة قال ثنا عبيد الله عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر رضي الله عنه ركعتين
وعمر رضي الله عنه ركعتين وعثمان رضي الله عنه ركعتين صدرا من خلافته ثم إن عثمان رضي الله عنه صلاها
بعد أربعا
فكان بن عمر رضي الله عنهما إذا صلى مع الامام صلى أربعا وإذا صلى وحده صلى ركعتين
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن
قال سمعت حفص بن عاصم يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ب منى
ركعتين ومع أبو بكر رضي الله عنه ركعتين ومع عمر رضي الله عنه ركعتين ومع عثمان رضي الله عنه ركعتين
ست سنين أو ثمان ثم أتمها بعد ذلك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة
أن فتى سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فعدل إلى موضع العوقة فقال إن هذا
الفتى سألني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فاحفظوها عنى ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا إلا صلى ركعتين
حتى يرجع وأقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة يصلى ركعتين ثم يقول يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين
أخراوين فانا قوم سفر
ثم غزا حنينا والطائف يصلى ركعتين ركعتين ثم رجع إلى الجعرانة فاعتمر منها في ذي القعدة
ثم غزوت مع أبي بكر رضي الله عنه واعتمرت مع عمر رضي الله عنه فصلى ركعتين ومع عثمان رضي الله عنه
صدرا من إمارته فصلى ركعتين ركعتين ثم إن عثمان رضي الله عنه بعد ذلك صلى أربعا ب منى
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب عن ابن جريج ح
417

وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال حدثني عمى قال حدثني عمرو بن الحارث وأسامة
بن زيد وابن جريج أن محمد بن المنكدر حدثهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الظهر بالمدينة أربعا وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا حبان قال ثنا وهيب قال ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا مبشر بن الحسن قال ثنا أبو عامر رضي الله عنه قال ثنا شعبة عن يحيى بن أبي إسحاق
قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ركعتين حتى رجع
قلت كم أقمتم قال عشرا
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن يحيى بن أبي إسحاق فذكر بإسناده مثله غير أنه
لم يذكر سؤاله لأنس رضي الله عنه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال ثنا الليث أن بكيرا حدثه عن محمد
بن عبد الله بن أبي سليم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ب منى
ركعتين
ومع أبى بكر رضي الله عنه ركعتين ومع عمر رضي الله عنه ركعتين ومع عثمان رضي الله عنه ركعتين شطر
إمارته ثم أتمها بعد ذلك
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو شهاب عن ابن أبي ليلى عن العوفي عن ابن عمر
رضي الله عنهما أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وليس بعدها شئ وصلى المغرب ثلاثا وبعدها ركعتين
وقال هي وتر النهار ولا تنقص في سفر ولا حضر وصلى العشاء أربعا وصلى بعدها ركعتين قال وصلى
في السفر الظهر ركعتين وصلى بعدها ركعتين وصلى العصر ركعتين وليس بعدها شئ وصلى المغرب ثلاثا
وبعدها ركعتين وصلى العشاء ركعتين وبعدها ركعتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شعبة قال ثنا عون بن أبي جحيفة قال سمعت أبي
يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة الظهر ركعتين والعصر ركعتين تمر بين يديه
المرأة والحمار
حدثنا محمد بن علي بن داود قال ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال حدثني أبي قال
حدثني بن أبي ليلى عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مسافرا فلم يزل يصلى ركعتين
ركعتين حتى رجع
418

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب ح
وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة
بن وهب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ب منى ركعتين ونحن أكثر ما كنا وآمنه
قال أبو جعفر فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في سفره يقصر الصلاة
حتى يرجع إلى أهله ثم قد روى عن أصحابه من بعده انهم كانوا في أسفارهم يفعلون ذلك
فمن ذلك ما قد ذكرناه في هذا الفصل عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
ومنه أيضا ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة قال ثنا سليمان عن إبراهيم عن همام
بن الحارث أن عمر رضي الله عنه صلى بمكة ركعتين ثم قال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فانا قوم سفر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا يعقوب بن إسحاق وروح ووهب قالوا ثنا شعبة عن الحكم
عن إبراهيم عن الأسود عن عمر رضي الله عنه بمثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله ومالك عن زيد
بن أسلم عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قدم مكة ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا مالك بن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن ابن شهاب
عن سالم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد
قال خرجنا مع علي رضي الله عنه إلى صفين فصلى بنا ركعتين بين الجسر والقنطرة
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف عدى رضي الله عنه قال ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق
عن أبي ليلى الكندي قال خرج سلمان رضي الله عنه في ثلاثة عشرة رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة
وكان سلمان رضي الله عنه أسنهم فحضرت الصلاة فأقيمت الصلاة فقالوا تقدم يا أبا عبد الله
فقال ما أنا بالذي أتقدم أنتم العرب ومنكم النبي صلى الله عليه وسلم فليتقدم بعضكم فتقدم بعض القوم فصلى
أربع ركعات
فلما قضى الصلاة قال سلمان ما لنا وللمربعة إنما يكفينا نصف المربعة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن المسور
419

قال كنا مع سعد بن أبي وقاص في قرية من قرى الشام فكان يصلى ركعتين فنصلي نحن أربعا فنسأله
عن ذلك فيقول سعد نحن أعلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال ثنا جويرية عن مالك عن الزهري
أن رجلا أخبره عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة أن سعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن
بن عبد يغوث كانوا جميعا في سفر فكان سعد يقصر الصلاة ويفطر وكانا يتمان الصلاة ويصومان
فقيل لسعد نراك تقصر الصلاة وتفطر ويتمان فقال سعد نحن أعلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان
أنه قال جاء عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يعود عبد الله بن صفوان فصلى بنا ركعتين ثم انصرف فأتممنا
لأنفسنا أربعا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن بن عمر رضي الله عنهما كان يصلى وراء
الامام بمنى أربعا وإذا صلى لنفسه صلى ركعتين
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال أصلى صلاة سفر ما لم أجمع إقامة
وان مكثت ثنتي عشرة ليلة
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح قال اتيت سالما أسأله وهو عند باب المسجد
فقلت كيف كان أبوك يصنع
قال كان إذا صدر الظهر وقال نحن ماكثون أتم الصلاة وإذا قال اليوم وغد أخر وإن مكث
عشرين ليلة
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا أبو عامر الخزاز قال ثنا ابن أبي مليكة قال صحبت
بن عباس من مكة إلى المدينة فكان يصلى الفريضة ركعتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن أنس بن سيرين قال خرجنا مع أنس بن مالك
رضي الله عنه إلى شق سيرين فأمنا في السفينة على بساط فصلى الظهر ركعتين ثم صلى بعدها ركعتين
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا شعبة قال ثنا الأزرق بن قيس قال رأيت
أبا برزة الأسلمي بالأهواز صلى العصر قلت فكم صلى قال ركعتين
قال أبو جعفر فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقصرون في السفر وينكرون على من أتم
ألا ترى أن سعدا لما قيل له إن المسور وعبد الرحمن بن عبد يغوث يتمان قال نحن أعلم ولم يعذرهما في إتمامهما
وإن الرجل الذي قدمه سلمان رضي الله عنه ومعه ثلاثة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى أربعا فقال له
سلمان رضي الله عنه عنه ما لنا وللمربعة إنما يكفينا نصف المربعة ولم ينكر ذلك عليه من كان بحضرته من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
420

فدل ذلك أن مذاهبهم لم تكن إباحة الاتمام في السفر
فان قال قائل فقد أتم الرجل الذي قدمه سلمان والمسور رضي الله عنه وهما صحابيان فقد ضاد ذلك
ما رواه سلمان رضي الله عنه ومن تابعه على ترك الاتمام في السفر
قيل له ما في هذا دليل على ما ذكرتم لأنه قد يجوز أن يكون المسور رضي الله عنه وذلك الرجل أتما
لأنهما لم يكونا يريان في ذلك السفر قصرا لان مذهبهما أن لا تقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة أو غزاة
فإنه قد ذهب إلى ذلك أيضا غيرهما
فلما احتمل ما روى عنهما ما ذكرنا وقد ثبت التقصير عن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل ذلك مضادا
لما قد روى عنهم
إذ كان قد يجوز أن يكون على خلاف ذلك وهذا عثمان بن عفان فقد صلى ب منى أربعا فأنكر
ذلك عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومن أنكر معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان عثمان إنما فعله
لمعنى رأى به إتمام الصلاة مما سنصفه في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى
فلما كان الذي ثبت لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه هو تقصير الصلاة في السفر لا إتمامها لم يجز لنا
أن نخالف ذلك إلى غيره
فان قال قائل فهل رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يدلكم على أن فرائض الصلاة ركعتان في السفر فيكون
ذلك قاطعا لما ذهب إليه مخالفكم
قلنا نعم حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا عبد العزيز بن معاوية قال ثنا يحيى بن حماد ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو إسحاق الضرير قالا ثنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس عن
مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال قد فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي
السفر ركعتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر وروح قالا ثنا الثوري عن زبيد اليامي ح
وحدثنا أبو بكرة قال أبو المطرف بن أبي الوزير قال ثنا محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد اليامي
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر رضي الله عنه قال صلاة الأضحى ركعتان والفطر ركعتان والجمعة ركعتان
وصلاة السفر ركعتان تمام ليس بقصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم
وحدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عامر ومسلم بن إبراهيم قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال خطبنا عمر رضي الله عنه فذكر مثله
وحدثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق قالا ثنا أبو عامر قال ثنا سفيان عن زبيد عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى قال قال عمر رضي الله عنه فذكر مثله
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو إسحاق الضرير قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد فذكر بإسناده مثله
421

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا القواريري قال ثنا يحيى عن سفيان قال ثنا زبيد عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى عن الثقة عن عمر رضي الله عنه مثله
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا شريك عن زبيد فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر
عن الثقة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد قال ثنا شعبة عن قتادة عن موسى بن سلمة قال سألت
بن عباس رضي الله عنهما فقلت إني أقيم بمكة فكم أصلى قال ركعتين سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور قال ثنا القاسم بن جميل قال ثنا شريك عن جابر عن عامر
عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس قالا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة السفر ركعتين
وهي تمام
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن جابر رضي الله عنه فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة قال ثنا قتادة عن صفوان بن محرز أنه سأل
عمر رضي الله عنه عن الصلاة في السفر فقال أخشى أن تكذب على ركعتان من خالف السنة كفر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة قال ثنا أبو التياح عن مؤرق قال سأل صفوان
بن محرز عمر رضي الله عنه فذكر مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حاتم بن إسماعيل قال ثنا أسامة بن زيد قال سألت
طاوسا عن التطوع في السفر فقال وما يمنعك فقال الحسن بن مسلم أنا أحدثك انا سألت طاوسا عن هذا
فقال قال بن عباس رضي الله عنهما قد فرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين
فكما يتطوع ها هنا قبلها ومن بعدها فكذلك يصلى في السفر قبلها وبعدها
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة قالت
فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بنى
عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطعم فقال هلم فكل فقال إني صائم فقال أدن حتى أخبرك عن الصوم
ان الله عز وجل وضع شطر الصلاة عن المسافر والصوم عن الحبلى والمرضع
422

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح قال ثنا حماد عن الجريري عن أبي العلاء عن رجل من قومه أنه
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا نعيم بن حماد قال أنا ابن المبارك قال أنا خالد الحذاء عن أبي قلابة
عن رجل قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة فإذا هو يتغدى فقال هلم إلى الغداء قلت انى صائم
فقال إن الله عز وجل وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم
حدثنا نصر قال ثنا نعيم قال أنا ابن المبارك قال أنا ابن عيينة عن أيوب قال حدثني أبو قلابة
عن شيخ من بني قشير عن عمه
ثم لقيناه يوما فقال له أبو قلابة حدثه يعنى أيوب
فقال الشيخ حدثني عمى أنه ذهب في إبل له فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله وزاد وعن الحامل والمرضع
حدثنا نصر قال ثنا نعيم قال أنا ابن المبارك قال أنا محمد بن سليم عن عبد الله بن سوادة عن
أنس بن مالك من بنى عبد الله بن كعب بن مالك قال أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا أبو داود عن أبي عوانة عن أبي بشر عن هانئ بن عبد الله
بن الشخير عن رجل بلجريش قال كنا نسافر فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطعم فقال هلم فأطعم
فقلت انى صائم
فقال هلم أحدثك عن الصيام إن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى قال ثنا أبو قلابة
قال حدثني أبو أمية أو عن رجل عن أبي أمية قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر فقال ألا
تنتظر الغدا يا أبا أمية فقلت انى صائم ثم ذكر مثله
فهذه الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن فرض المسافر ركعتان وأنه في ركعتيه كالمقيم
في أربعة
فكما ليس للمقيم أن يزيد في صلاته على أربعة شيئا فكذلك ليس للمسافر أن يزيد في صلاته على ركعتين شيئا
وكان النظر عندنا في ذلك أنا رأينا الفروض المجتمع عليها لابد لمن هي عليه من أن يأتي بها ولا يكون له
خيار في أن لا يأتي بما عليه منها
423

وكان ما أجمع عليه أن للرجل أن يأتي به إن شاء وإن شاء لم يأت به فهو التطوع إن شاء فعله وإن
شاء تركه فهذه هي صفة التطوع وما لا بد من الاتيان به فهو الفرض وكانت الركعتان لا بد من المجئ بهما
وما بعدهما ففيه اختلاف
فقوم يقولون لا ينبغي أن يؤتى به وقوم يقولون للمسافر أن يجئ به إن شاء وله أن لا يجئ به
فالركعتان موصوفتان بصفة الفرض فهما فريضة وما بعد الركعتين موصوف بصفة التطوع فهو تطوع
فثبت بذلك أن المسافر فرضه ركعتان وكان الفرض على المقيم أربعا فيما يكون فرضه على المسافر ركعتين
فكما لا ينبغي للمقيم أن يصلى بعد الأربع شيئا من غير تسليم فكذلك لا ينبغي للمسافر أن يصلى بعد الركعتين
شيئا بغير تسليم
فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
فان قال قائل فقد روى عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتمون وذكر في ذلك ما قد فعله عثمان
رضي الله عنه بمنى
وما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا يونس بن بكير قال حدثني محمد
بن إسحاق قال حدثني صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أول ما فرضت
الصلاة ركعتين ثم أكملت أربعا وأثبتت للمسافر
قال صالح فحدثت بذلك عمر بن عبد العزيز فقال عروة حدثني عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تصلى
في السفر أربعا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه
قال استأذنت حذيفة من الكوفة إلى المدائن أو من المدائن إلى الكوفة في رمضان فقال آذن لك على أن
لا تفطر ولا تقصر قال قلت وأنا أكفل لك أن لا أقصر ولا أفطر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا ابن عون قال قدمت المدينة فأدركت ركعة من العشاء
فصنعت شيئا برأيي فسألت القاسم بن محمد فقال أكنت ترى أن الله يعذبك لو صليت أربعا كانت أم المؤمنين عائشة
تصلى أربعا وتقول للمسلمون يصلون أربعا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا ابن جريج قال قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يوفى الصلاة في السفر
فقال لا أعلمه إلا عائشة رضي الله عنها وسعد بن أبي وقاص
فهذا عطاء قد حكى ذلك عن سعد وقد روينا عنه خلاف ذلك في حديث الزهري وحبيب بن أبي ثابت
424

حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن حبان البارقي قال قلت لابن عمر انى من بعث
أهل العراق فكيف أصلى
قال إن صليت أربعا فأنت في مصر وإن صليت ركعتين فأنت مسافر
فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه وحذيفة بن اليمان وعائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما
قد روى عنهم في إتمام الصلاة في السفر ما قد ذكرنا
ولكل واحد منهم في مذهبه الذي ذهب إليه معنى سنبينه في هذا الباب ونذكر مع ذلك ما يجب به لقوله
من طريق النظر وما يجب عليه أيضا من طريق النظر إن شاء الله تعالى
فأما عثمان بن عفان رضي الله عنه فالذي ذكرنا عنه من ذلك هو إتمامه الصلاة ب منى فلم يكن ذلك
لأنه أنكر التقصير في السفر
وكيف يتوهم ذلك عليه وقد قال الله تعالى (وإذا ضربتم في الأرض) الآية فأباح الله لهم التقصير
في هذه الآية إذا خافوا أن يفتنهم الذين كفروا
نعم أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك واجب لهم وان أمنوا في حديث يعلى بن منية الذي رويناه عنه عن عمر
رضي الله عنه في أول هذا الباب وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ب منى ركعتين وهم أكثر ما كانوا وأمنه وعثمان معه
رضي الله عنه فلم يكن إتمامه الصلاة ب منى لأنه أنكر التقصير في السفر ولكن لمعنى قد اختلف فيه
فحدثنا أبو بكرة قال ثنا حسين بن مهدي قال أنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري
قال إنما صلى عثمان ب منى أربعا لأنه أزمع على المقام بعد الحج
فأخبرنا الزهري في هذا الحديث أن إتمام عثمان رضي الله عنه إنما كان لأنه نوى الإقامة فصار إتمامه ذلك
وهو مقيم قد خرج مما كانا فيه من حكم السفر ودخل في حكم الإقامة فليس في فعله ذلك دليل على مذهبه كيف
كان في الصلاة في السفر هل هو الاتمام أو التقصير
وقد قال الزهري أيضا غير ذلك فحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر عن حماد بن سلمة قال أنا أيوب
عن الزهري قال إنما صلى عثمان رضي الله عنه بمنى أربعا لان الاعراب كانوا أكثر في ذلك العام فأحب
أن يخبرهم أن الصلاة أربع
فهذا يخبر أنه فعل ما فعل ليعلم الاعراب به أن الصلاة أربع
فقد يحتمل أن يكون لما أراد أن يريهم ذلك نوى الإقامة فصار مقيما فرضه أربع فصلى بهم أربعا
وهو مقيم بالسبب الذي حكاه معمر عن الزهري في الفصل الذي قبل هذا
ويحتمل أن يكون فعل ذلك وهو مسافر لتلك العلة
425

والتأويل الأول أشبه عندنا والله أعلم لان الاعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهل
منهم بها وبحكمها في زمن عثمان رضي الله عنه وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدا
فهم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلم بفرائض الصلاة أحوج منهم إلى ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه
فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتم الصلاة لتلك العلة ولكن قصرها ليصلوا معه صلاة السفر على حكمها ويعلمهم
صلاة الإقامة على حكمها في السفر كان عثمان رضي الله عنه أحرى أن لا يتم بهم الصلاة بتلك العلة ولكنه يصليها
بهم على حكمها في السفر ويعلمهم كيف حكمها في الحضر
فقد عاد معنى ما صح من تأويل حديث أيوب عن الزهري إلى معنى حديث معمر عن الزهري
وقد قال آخرون إنما أتم الصلاة لأنه كان يذهب إلى أنه لا يقصرها إلا من حل وارتحل
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال قال حماد وأخبرنا قتادة قال قال عثمان
بن عفان رضي الله عنه إنما يقصر الصلاة من حمل الزاد والمزاد وحل وارتحل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عياش
بن عبد الله أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلى عماله أن لا يصلين ركعتين جاب ولا نائي ولا تاجر
إنما يصلى الركعتين من كان معه الزاد والمزاد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح وأبو عمر قالا أخبرنا حماد بن سلمة أن أيوب السختياني أخبرهم عن أبي
قلابة الجريبي عن عمه أبى المهلب قال كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه أن بلغني أن قوما يخرجون
إما لتجارة وإما لجباية وإما لحشر ثم يقصرون الصلاة وإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا أو بحضرة عدو
قال وكان مذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه أن لا يقصر الصلاة إلا من كان يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد
ومن كان شاخصا فأما من كان في سفر مستغنيا به عن حمل الزاد والمزاد فإنه يتم الصلاة
قالوا ولهذا أتم الصلاة ب منى لان أهلها في ذلك الوقت كثروا حتى صارت مصرا استغنى من حل به
عن حمل الزاد والمزاد
وهذا المذهب عندنا فاسد لان منى لم تصر في زمن عثمان بن عفان وعمر رضي الله عنهما من مكة في زمن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بها ركعتين ثم صلى بها أبو بكر رضي الله عنه بعده كذلك ثم صلى بها عمر
بعد أبي بكر رضي الله عنه كذلك
فإذا كانت مكة مع عدم احتياج من حل بها إلى حمل الزاد والمزاد يقصر فيها الصلاة فما دونها من المواطن
أحرى أن يكون كذلك
فقد انتفت هذه المذاهب كلها بفسادها عن عن عثمان رضي الله عنه أن يكون من أجل شئ منها قصر الصلاة
426

غير المذهب الأول الذي حكاه معمر عن الزهري فإنه يحتمل أن يكون من أجله أتمها وفي ذلك الحديث
أن إتمامه لنيته الإقامة على ما روينا فيه وعلى ما كشفنا من معناه
وأما ما رويناه عن حذيفة فليس فيه دليل أيضا على الاتمام في السفر كان ذلك سفر طاعة أو غير طاعة
لأنه قد يجوز أن يكون كان من رأيه أن لا يقصر الصلاة إلا حاج أو معتمر أو مجاهد كما قد روى
عن ابن مسعود رضي الله عنه
فإنه حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة قال ثنا سليمان عن عمارة بن عمير
عن الأسود قال كان عبد الله لا يرى التقصير إلا لحاج أو معتمر أو مجاهد
فقد يجوز أن يكون مذهب حذيفة كان كذلك فأمر التيمي إذ كان يريد سفرا لا لحج ولا لجهاد
أن لا يقصر الصلاة فانتهى أن يكون في حديثه ذلك حجة لمن يرى للمسافر إتمام الصلاة في السفر
وأما ما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما في ذلك فان حديث حيان هو على أنه سأله وهو في مصر من
الأمصار فقال له اني من بعث أهل العراق فكيف أصلي
فأجابه بن عمر رضي الله عنهما فقال إن صليت أربعا فأنت في مصر وإن صليت اثنتين فأنت مسافر
فدل ذلك أن مذهبه كان في صلاة المسافر في الأمصار هكذا
وقد روى عنه صفوان بن محرز حين سأله عن الصلاة في السفر فكان جوابه له أن قال هي ركعتان
من خالف السنة كفر
فذلك على الصلاة في غير الأمصار حتى لا يتضاد ذلك وما روى حيان
فيكون حديث حيان على صلاة المسافر في الأمصار وحديث صفوان على صلاته في غير الأمصار وسنبين
الحجة في هذا الباب في آخره إن شاء الله تعالى
وأما ما روى عن عائشة رضي الله عنها في ذلك فان أبا بكرة حدثنا قال ثنا روح قال ثنا ابن جريج
قال أنا ابن شهاب قال قلت لعروة ما كان يحمل عائشة رضي الله عنها على أن تصلى في السفر أربعا
فقال تأولت ما تأول عثمان في إتمام الصلاة ب منى
وقد ذكرنا ما تأول في إتمام عثمان رضي الله عنه الصلاة ب منى فكان ما صح من ذلك هو أنه كان من أجل
نيته للإقامة
فإن كان من أجل ذلك كانت عائشة رضي الله عنها تتم الصلاة فإنه يجوز أن يكون كانت لا يحضرها صلاة
إلا نوت إقامة في ذلك المكان يجب عليها بها إتمام الصلاة فتتم الصلاة لذلك
فيكون إتمامها وهي في حكم المقيمين لا في حكم المسافرين
وقد قال قوم كان ذلك منها لمعنى غير هذا وهو أنى سمعت أبا بكرة يقول قال أبو عمر كانت عائشة
427

رضي الله عنها أم المؤمنين فكانت تقول كل موضع أنزله فهو منزل بعض بنى فتعد ذلك منزلا لها وتتم
الصلاة من أجله
وهذا عندي فاسد لان عائشة وإن كانت هي أم المؤمنين فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو المؤمنين وهو أولى
بهم من عائشة
فقد كان ينزل في منازلهم فلا يخرج بذلك من حكم السفر الذي يقصر فيه الصلاة إلى حكم الإقامة التي تكمل
فيها الصلاة
وقد قال قوم كان مذهب عائشة في قصر الصلاة أنه يكون لمن حمل الزاد والمزاد على ما روينا عن عثمان
رضي الله عنه وكانت تسافر بعد النبي صلى الله عليه وسلم في كفاية من ذلك فتركت لهذا المعنى قصر الصلاة
فلما تكافأت هذه التأويلات في فعل عثمان وعائشة رضي الله عنهما لزمنا أن ننظر حكم قصر الصلاة
ما يوجبه
فكان الأصل في ذلك أنا رأينا الرجل إذا كان مقيما في أهله فحكمه في الصلاة حكم الإقامة وسواء كان
في إقامته طاعة أو معصية لا يتغير بشئ من ذلك حكمه فكان حكمه تمام الصلاة يجب عليه بالإقامة خاصة
لا بطاعة ولا بمعصية ثم إذا سافر خرج بذلك من حكم الإقامة
فقد جرى في هذا من الاختلاف ما قد ذكرنا
فقال قوم لا يجب له حكم التقصير إلا أن يكون ذلك السفر سفر طاعة
وقال آخرون يجب له حكم التقصير في الوجهين جميعا
فلما كان حكم الاتمام يجب له في الإقامة بالإقامة خاصة لا بطاعة ولا بغيرها كان كذلك يجئ في النظر
أن يكون حكم التقصير يجب له في السفر بالسفر خاصة لا بطاعة ولا غيرها قياسا ونظرا على ما بينا وشرحنا
ولما ثبت أن التقصير إنما يجب له بحكم السفر خاصة لا بغيره ثبت أنه يقصر ما كان مسافرا في الأمصار
وفي غيرها لان العلة التي لها تقصر في السفر الذي لم يخرج منه بدخوله الأمصار
وجميع ما بينا في هذا الباب وصححنا هو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الوتر هل يصلى في السفر على الراحلة أم لا
حدثنا يونس قال أنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله
عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها غير أنه لا يصلى
عليها المكتوبة
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر
428

بن الخطاب رضي الله عنهما عن سعيد بن يسار أنه قال كنت أسير مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طريق
مكة فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أين كنت فقلت خشيت الفجر فنزلت فأوترت
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أوليس لك في رسول الله أسوة فقلت بلى والله
قال فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة وإبراهيم بن أبي الوزير قالا ثنا مالك بن أنس عن أبي بكر
بن عبيد الله العمرى عن سعيد بن يسار أبى الحباب عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوتر
على راحلته
قال إبراهيم بن أبي الوزير وحدثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا لا بأس بأن يصلى المسافر الوتر على راحلته كما يصلى
سائر التطوع
واحتجوا في ذلك بهذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفعل بن عمر رضي الله عنهما من بعده
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز لأحد أن يصلى الوتر على الراحلة وأنه يصليه على الأرض كما يفعل
في الفرائض
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو عاصم قال ثنا حنظلة بن أبي سفيان عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصلى على راحلته ويوتر بالأرض ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل كذلك
فهذا خلاف ما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم فيما قد رويناه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
ثم روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا من غير هذا الوجه من فعله ما يوافق هذا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر وبكر بن بكار قالا ثنا عمر بن ذر عن مجاهد أن بن عمر
رضي الله عنهما كان يصلى في السفر على بعيره أينما توجه به فإذا كان في السحر نزل فأوتر
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن حماد عن مجاهد قال صحبت
بن عمر رضي الله عنهما فيما بين مكة والمدينة فذكر نحوه
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا مكي بن إبراهيم قال ثنا عبد الله بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما نحوه
قالوا ففيما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيما رويناه عنه من فعله ما يخالف
ما رواه أهل المقالة الأولى
فكان من الحجة لأهل المقالة الأولى أنهم لا يعارضون الزهري بحنظلة
429

وأما ما رواه عن ابن عمر رضي الله عنه من وتره على الأرض فقد يجوز أن يكون فعل ذلك وله ان يوتر
على الراحلة كما يصلى تطوعا على الأرض وله أن يصليه على الراحلة فصلاته إياه على الراحلة تدل على أن له أن
يصليه على الراحلة وصلاته إياه على الأرض لا تنفى أن يكون له أن يصليه على الراحلة
وقد حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن محمد بن إسحاق عن نافع
قال كان بن عمر رضي الله عنهما يوتر على راحلته وربما نزل فأوتر على الأرض
فقد يجوز أن يكون مجاهد رآه يوتر على الأرض ولم يعلم كيف كان مذهبه في الوتر على راحلته فأخبر بما
رأى منه من وتره على الأرض
ووتره على الأرض فيما لا ينفى أن يكون قد كان يوتر على الراحلة أيضا
ثم جاء سالم ونافع وأبو الحباب فأخبروا عنه أنه كان يوتر على راحلته
والوجه عندنا في ذلك أنه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة قبل أن يحكم الوتر ويغلظ
أمره ثم أحكم بعد ولم يرخص في تركه
فروى عنه في ذلك ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال حدثني عمى عبد الله بن وهب
قال حدثني موسى بن أيوب الغافقي عن عمه إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وعائشة معترضة بين يديه فإذا أراد أن يوتر أومى إليها أن تنحى وقال هذه
صلاة زدتموها
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا موسى بن أيوب فذكر
بإسناد مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال ثنا ابن لهيعة والليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله
بن مرة عن عبد الله بن أبي راشد عن خارجة بن حذافة العدوي أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله
قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الوتر الوتر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب فذكر بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا أبو لهيعة أن أبا تميم عبد الله بن مالك
الجيشاني أخبره أنه سمع عن عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول أخبرني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر إلا
وأنه أبو بصرة الغفاري
قال أبو تميم فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ أبو ذر بيدي فانطلقنا إلى أبى بصرة فوجدناه عند الباب
الذي يلي دار عمرو بن العاص رضي الله عنه
فقال أبو ذر يا أبا بصرة أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله زادكم صلاة فصلوها فيما بين العشاء إلى
طلوع الفجر الوتر الوتر
430

فقال أبو بصرة نعم قال أنت سمعته قال نعم قال أنت تقول سمعته يقول قال نعم
فأكد في هذه الآثار أمر الوتر ولم يرخص لأحد في تركه وقد كان قبل ذلك ليس في التأكيد كذلك
فيجوز أن يكون ما روى بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وتره على الراحلة كان ذلك منه
قبل تأكيده إياه ثم أكده من بعد نسخ ذلك
وقد رأينا الأصل المجتمع عليه أن الصلاة المفروضة ليس للرجل أن يصليها قاعدا وهو يطيق القيام وليس له
أن يصليها في سفره على راحلته وهو يطيق القيام والنزول
ورأيناه يصلى التطوع على الأرض قاعدا ويصليه في سفره على راحلته
فكان الذي يصليه قاعدا وهو يطيق القيام هو الذي يصليه في السفر على راحلته والذي لا يصليه قاعدا وهو
يطيق القيام هو الذي لا يصليه في السفر على راحلته هكذا الأصول المتفق عليها
ثم كان الوتر باتفاقهم لا يصليه الرجل على الأرض قاعدا وهو يطيق القيام
فالنظر على ذلك أن لا يصليه في سفره على الراحلة وهو يطيق النزول
فمن هذه الجهة عندي ثبت نسخ الوتر على الراحلة وليس في هذا دليل على أنه فريضة ولا تطوع
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الرجل يشك في صلاته
فلا يدرى أثلاثا صلى أم أربعا
حدثنا محمد بن علي بن محرز قال ثنا أبو أحمد الزبيري قال ثنا أبو زمعة عن الزهري عن سعيد
وأبى سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم الشيطان فخلط عليه صلاته
فلا يدرى كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا إدريس بن يحيى عن بكر بن مضر قال أخبرني عمرو بن الحارث
عن أبي شهاب فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا ثم ذكر مثله
431

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى
قال حدثني أبو سلمة ثم ذكر بإسناده مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي قال ثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة فذكر
بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا ابن يونس قال ثنا عكرمة بن عمار قال حدثني يحيى بن أبي كثير
قال حدثني أبو سلمة قال حدثني أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وزاد ثم يسلم
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن عبد ربه بن سعيد عن عبد الرحمن
بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان إذا ثوب بالصلاة
ولى وله ضراط فإذا أقيمت الصلاة يلتمس الخلاط فإذا أتى أحدكم مناه وذكره من حاجته ما لم يكن يذكر
حتى لا يدرى كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس
حدثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق قالا ثنا عمر بن يونس قال ثنا عكرمة بن عمار قال حدثني
يحيى بن أبي كثير قال حدثني هلال بن عياض قال حدثني أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال لنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليسجد سجدتين وهو جالس
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هذا حكم من صلاته فلم يدر أزاد أم نقص
سجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم ليس عليه غير ذلك
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يبنى على الأقل حتى يعلم أنه قد أتى بما عليه يقينا
وقالوا ليس في هذا الحديث دليل على أنه ليس على المصلى غير تينك السجدتين لأنه قد روى عنه ما قد زاد
على ذلك وأوجب عليه قبل السجدتين البناء على اليقين حتى يعلم يقينا زوال ما قد كان علم وجوبه
عليه باليقين
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا إسماعيل المكي عن
الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت أذاكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أمر الصلاة فأتى عبد الرحمن بن عوف فقال ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى
قال أشهد أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا صلى أحدكم فشك في النقصان فليصل حتى يشك
في الزيادة
432

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق عن مكحول عن كريب مولى بن عباس
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا بن عباس هل سمعت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا نسي صلاته فلم يدرى أزاد أم نقص ما أمر فيه
قال قلت ما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا قال لا والله ما سمعت فيه شيئا
ولا سألت عنه
إذ جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال فيما أنتما فأخبره عمر رضي الله عنه فقال سألت هذا الفتى
عن كذا فلم أجد عنده علما
فقال عبد الرحمن لكن عندي لقد سمعت ذاك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال عمر أنت عندنا العدل الرضى فماذا سمعت
قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا شك أحدكم في صلاته فشك في الواحدة والثنتين
فليجعلها واحدة
فإذا شك في الثلاث أو الأربع فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال أنا حياة عن محمد بن عجلان أن زيد
بن أسلم حدثه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى
أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على اليقين ويدع الشك فان كانت صلاته نقصت فقد أتمها وكانت
السجدتان ترغمان الشيطان وإن كانت صلاته تامة كان ما زاد والسجدتان له نافلة
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فذكر بإسناده مثله
غير أنه قال ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا الماجشون عن زيد فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يقل
قبل التسليم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا مالك عن زيد فذكر بإسناده مثله غير أنه
لم يذكر أبا سعيد رضي الله عنه
قال أبو جعفر فهذه الآثار تزيد على الآثار الأول لأن هذه توجب البناء على الأقل والسجدتين بعد ذلك
فهي أولى منها لأنها قد زادت عليها
وقال آخرون الحكم في ذلك أن ينظر المصلى إلى أكبر رأيه في ذلك فيعمل على ذلك ثم يسجد سجدتي
السهو بعد التسليم
وإن كان لا رأى له في ذلك بنى على الأقل حتى يعلم يقينا أنه قد صلى ما عليه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا سفيان عن منصور
433

قال سألت سعيد بن جبير عن الشك في الصلاة فقال أما أنا فان كانت التطوع استقبلت وان كانت فريضة
سلمت وسجدت
قال فذكرته لإبراهيم فقال ما تصنع بقول سعيد بن جبير حدثني علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سها أحدكم في صلاته فليتحر وليسجد سجدتين
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا وهيب قال ثنا منصور عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فلينظر أحرى
ذلك إلى الصواب فليتمه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتي السهو ويتشهد ويسلم
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن منهال قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا روح بن القاسم عن
منصور فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يقل ويتشهد
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا زائدة بن قدامة عن منصور فذكر بإسناده مثله
ففي هذا الحديث العمل بالتحري
وتصحيح الآثار يوجب ما يقول أهل هذه المقالة لان هذا المعنى إن بطل ووجب أن لا يعمل بالتحري انتفى
هذا الحديث وان وجب العمل بالتحري إذا كان له رأى والبناء على الأقل إذا لم يكن له رأى استوى حديث
عبد الرحمن بن عوف وحديث أبي سعيد وحديث بن مسعود رضي الله عنهما
فصار كل واحد منها قد جاء في معنى غير المعنى الذي جاء فيه الآخر
وهكذا ينبغي أن يخرج عليه الآثار ويحمل على الاتفاق ما قدر على ذلك ولا يحمل على التضاد إلا أن
لا يوجد لها وجه غيره
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم
الله تعالى
ومما يصحح ما ذهبوا إليه أن أبا هريرة رضي الله عنه قد روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب ما ذكرنا
ثم قال هو برأيه أنه يتحرى
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا شيخ أحسبه أبا زيد الهروي قال ثنا شعبة قال إدريس أخبرني عن أبيه
سمعه يحدث قال قال أبو هريرة رضي الله عنه في الوهم يتحرى
وقد روى عن أبا سعيد رضي الله عنه مثل ذلك أيضا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا عمرو بن دينار
قال سئل بن عمر وأبو سعيد الخدري عن رجل سها فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا
فقالا يتحرى أصوب ذلك فيتمه ثم يسجد سجدتين وهو جالس
434

حدثنا أبو أمية قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن سليمان اليشكري
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال في الوهم يتحرى
قال قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم
فدل ما ذكرنا أن ما رواه أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو إذا كان لا يدرى أثلاثا صلى أم أربعا
ولم يكن أحدهما أغلب في قلبه من الآخر
وأما إذا كان أحدهما أغلب في قلبه من الآخر عمل على ذلك
فقد وافق ما روى عن أبي سعيد رضي الله عنه لما جمع ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وما أجاب به الذي سأله من
بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما قال أهل المقالة الأخيرة لا ما قال من خالفهم
وقد روى أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه في التحري مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال أنا حماد بن سلمة وأبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله
عنه مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم بن عبد الله أن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ الذي يظن أنه نسي من
صلاته فليصله وليسجد سجدتين وهو جالس
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمر بن محمد عن سالم ثم ذكر مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا
سئل عن النسيان في صلاة يقول ليتوخ أحدكم الذي ظن أنه قد نسي من صلاته فليصله
حدثنا محمد بن العباس بن الربيع قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما في التحري في الشك في الصلاة بمثل ما في حديث بن وهب عن مالك عن عمر بن
محمد وعن ابن وهب عن عمر نفسه
وأما وجه ذلك من طريق النظر فانا قد رأينا الأصل المتفق عليه في ذلك أن هذا الرجل قبل دخوله
في الصلاة قد كان عليه أن يأتي بأربع ركعات فلما شك في أن يكون جاء ببعضها وجب النظر في ذلك ليعلم
كيف كان حكمه
فرأيناه لو شك في أن يكون قد صلى لكان عليه أن يصلي حتى يعلم يقينا أنه قد صلى ولا يعمل
في ذلك بالتحري
435

فكان النظر على هذا أن يكون كذلك هو في كل شئ من صلاته كان ذلك عليه فرضا وعليه أن يأتي
به حتى يعلم يقينا أنه قد جاء به
فان قال قائل إن الفرض عليه غير واجب حتى يعلم يقينا أنه واجب عليه
قيل له ليس هكذا وجدنا العبادات كلها لأنا قد تعبدنا أنه إذا أغمي علينا في يوم ثلاثين من شعبان
فاحتمل أن يكون من رمضان فيجب علينا صومه واحتمل أن يكون من شعبان فلا يكون علينا صومه
أنه ليس علينا صومه حتى نعلم يقينا أنه من شهر رمضان فنصومه
وكذلك رأينا آخر شهر رمضان إذا أغمي علينا في يوم الثلاثين فاحتمل أن يكون من شهر رمضان
فيكون علينا صومه
واحتمل أن يكون من شوال فلا يكون علينا صومه أمرنا بأن نصومه حتى نعلم يقينا أنه ليس علينا صومه
فكان من دخل في شئ بيقين لم يخرج منه إلا بيقين
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك من دخل في صلاة بيقين أنها عليه لم يحل له الخروج منها إلا بيقين أنه قد
حل له الخروج منها
وقد جاء ما استشهدنا به من حكم الاغماء في شعبان وشهر رمضان عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترا كما ذكرناه
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا علي بن معبد قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا زكريا عن عمرو بن دينار
أن محمد بن جبير أخبره أنه سمع بن عباس يقول إني لأعجب من الذين يصومون قبل رمضان إنما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فان غم عليكم فعدوا ثلاثين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان قال ثنا عمرو عن محمد عن ابن عباس
قال سمعته يقول فذكر مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح قال ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عبد الله بن بكر وروح قالا ثنا حاتم بن أبي صغيرة عن سماك
بن حرب قال دخلت على عكرمة فقال سمعت بن عباس رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول فذكر مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال رأينا هلال
436

رمضان فأرسلنا رجلا إلى بن عباس رضي الله عنهما فسأله فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد مده لرؤيته
فإذا أغمي عليكم فأكملوا العدة
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا علي بن معبد قال ثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار
أنه سمع بن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا
فان غم عليكم فأقدروا له
حدثنا يونس قال أنا وهب أن مالكا أخبره عن عبد الله فذكر بإسناده مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال وحدثني أسامة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن نافع
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن حميد أبو قرة قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب
عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن معبد قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا زكريا قال ثنا أبو الزبير رضي الله عنه أنه سمع جابر
بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
غير أنه قال فعدوا ثلاثين
حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن الربيع قال ثنا إبراهيم بن حميد الرواسي عن مجالد بن سعيد عن
الشعبي عن عدى بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي إذا جاء رمضان فصم ثلاثين إلا أن ترى الهلال
قبل ذلك
حدثنا محمد بن حميد أبو قرة قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه
فأفطروا فان غم عليكم فعدوا ثلاثين
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا علي بن الجعد قال أنا شعبة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة
رضي الله عنه يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوحاظي قال ثنا سليمان قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن هشام بن حسان عن محمد
437

بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال سمعت رجلا قال يا رسول الله أرأيت اليوم الذي يختلف فيه تقول
فرقة من شعبان وتقول فرقة من رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير عن منصور عن ربعي
بن حراش عن رجل أو عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتقدموا هذا الشهر
حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة
فلما لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من الافطار الذي قد دخلوا فيه إلا بيقين أنهم قد خرجوا منه ثم لم
يخرجهم بعد ذلك أيضا من الصوم الذي قد دخلوا فيه إلا بيقين أنهم قد خرجوا منه كان كذلك أيضا يجئ
في النظر أن يكون كذلك من دخل في صلاة وهو متيقن أنها عليه لا يخرج منها إلا بيقين منه أنها ليست عليه
باب سجود السهو في الصلاة هل هو قبل التسليم أو بعده
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن
عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن مالك هو بن بحينة أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وقام في الركعتين ونسي أن يقعد
فمضى في قيامه ثم سجد سجدتين بعد الفراغ من صلاته
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن
عبد الله بن بحينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر ولم يبين في هذا الحديث الفراغ ما هو
فقد يجوز أن يكون الفراغ هو السلام وقد يجوز أن يكون الفراغ من التشهد قبل السلام
فنظرنا في ذلك فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس أن بن شهاب أخبرهم
عن عبد الرحمن الأعرج أن عبد الله بن بحينة حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
غير أنه قال فلما قضى صلاته سجد سجدتين كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم أو سجد بهما
الناس معه فكان ما نسي من الجلوس
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك وعمرو عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج
عن ابن بحينة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري فذكر بإسناده مثله
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان قال ثنا الزهري قال أخبرني
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها العصر
فقام في الثانية ولم يجلس
فلما كان قبل أن يسلم سجد سجدتين وهو جالس
438

قال أبو جعفر فثبت بما ذكرنا في هذه الأحاديث أن الفراغ المذكور في الأحاديث التي في أول هذا الباب
هو قبل السلام
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث
عن بكير أن محمد بن عجلان مولى فاطمة حدثه عن محمد بن يوسف مولى عثمان حدثه عن أبيه أن معاوية
بن أبي سفيان صلى بهم فقام وعليه جلوس فلم يجلس
فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع
حدثنا محمد بن حميد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أبي أيوب وابن لهيعة قالا ثنا محمد
بن عجلان فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فذهب إلى هذه الآثار قوم فقالوا هكذا سجود السهو وهو قبل السلام من الصلاة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ما كان من سجود سهو لنقصان كان في الصلاة فهو قبل التسليم كما
في حديث بن بحينة وكما في حديث معاوية
وما كان من سجود سهو وجب لزيادة زيدت في الصلاة فهو بعد التسليم
واحتجوا في ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في خبر ذي اليدين وبحديث الخرباق وابن عمر رضي الله
عنهما في سجود النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ لسهوه بعد التسليم
فمن ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك
بن مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد يوم ذي اليدين يعنى سجدتي السهو
بعد السلام
وسنذكر حديث ذي اليدين وكيف هو في باب الكلام في الصلاة إن شاء الله تعالى
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا كل سهو وجب في الصلاة لزيادة أو نقصان فهو بعد السلام
واحتجوا في ذلك بما حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي
عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسها فنهض في الركعتين فسبحنا به
فمضى فلما أتم الصلاة وسلم سجد سجدتي السهو
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي قال ثنا زيادة بن علاقة قال أنا المغيرة
فذكر نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا بكر بن بكار قال ثنا علي بن مالك الرواسي من أنفسهم قال سمعت عامرا
439

يحدث أن المغيرة بن شعبة سها في السجدتين الأوليين فسبح به فاستتم قائما حتى صلى أربعا ثم سجد سجدتي
السهو وقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا مبشر قال ثنا أبو عامر قال ثنا شعبة عن جابر عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة مثله
حدثنا حسين بن نصر قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل
عن قيس بن أبي حازم قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فقام في الركعتين فسبح الناس خلفه فأشار إليهم
أن قوموا
فلما قضى صلاته سجد سجدتي السهو ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استتم أحدكم قائما فليصل
وليسجد سجدتي السهو وإن لم يستتم قائما فليجلس ولا سهو عليه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر عن إبراهيم بن طهمان عن المغيرة بن شبيل عن قيس
بن أبي حازم قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فقام من الركعتين قائما فقلنا سبحان الله فأومى وقال
سبحان الله فمضى في صلاته
فلما قضى صلاته وسلم سجد سجدتين وهو جالس ثم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى قائما
من جلوسه فمضى في صلاته
فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس ثم قال إذا صلى أحدكم فقام من الجلوس فإن لم يستتم
قائما فليجلس وليس عليه سجدتان فان استوى قائما فليمض في صلاته وليسجد سجدتين
وهو جالس
فهذا المغيرة يحكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد للسهو لما نقصه من صلاته بعد السلام
وهذه الأحاديث قد تحتمل وجوها
فقد يجوز أن يكون ما ذكرنا في حديث بن بحينة ومعاوية من سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم للسهو قبل السلام
على كل سهو وجب في الصلاة من نقصان أو زيادة
ويجوز أن يكون ما في حديث المغيرة من سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد السلام على كل سهو أيضا يكون
في الصلاة يجب له سجود السهو من نقصان أو زيادة
ويجوز أن يكون ما في حديث عمران وأبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما من سجود النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام
لما زاده في الصلاة ساهيا
يكون كذلك كل سجود وجب لسهو فهناك يسجد ولا يكون قصد بذلك إلى التفرقة بين السجود للزيادة
وبين السجود للنقصان
ويجوز أن يكون قد قصد بذلك التفرقة بينهما
440

فنظرنا في ذلك فوجدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد حضر سجود سهو النبي صلى الله عليه وسلم في يوم ذي اليدين
للزيادة التي كان زادها في صلاته من تسليمه فيها وكان سجوده ذلك بعد السلام
فوجدناه قد سجد بعد النبي صلى الله عليه وسلم لنقصان كان منه في الصلاة بعد السلام
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة قال حدثني عكرمة بن عمار
اليمامي عن ضمضم بن جوس الحنفي عن عبد الرحمن بن حنظلة بن الراهب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى
صلاة المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى شيئا
فلما كانت الثانية قرأ فيها بفاتحة القرآن وسورة مرتين فلما سلم سجد سجدتي السهو
فصار سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد عمله للزيادة التي كان زادها في صلاته وسجوده لها بعد السلام دليلا
عنده على أن حكم كل سجود سهو في الصلاة مثله
وقد فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أيضا مثل ذلك
حدثنا سليمان قال ثنا عبد الرحمن قال ثنا شعبة عن بيان أبى بشر الأحمسي قال سمعت قيس
بن أبي حازم قال صلى بنا سعد بن مالك فقام في الركعتين الأوليين فقالوا سبحان الله فقال سبحان الله
فمضى فلما سلم سجد سجدتي السهو
وقد روى أيضا عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك أنهم
سجدوا للسهو بعد السلام
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن حصين عن أبي عبيدة عن عبد الله رضي الله
عنه قال السهو أن يقوم في قعود أو يقعد في قيام أو يسلم في الركعتين فإنه يسلم ثم يسجد سجدتي السهو
ويتشهد ويسلم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا سعيد بن عفير فقال ثنا يحيى بن أبي أيوب عن قرة بن عبد الرحمن
حدثه عن عمرو بن دينار حدثه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال سجدتا السهو بعد السلام
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله عن زيد عن جابر عن عطاء بن أبي رباح
رضي الله عنه قال صليت خلف بن الزبير فسلم في الركعتين فسبح القوم فقام فأتم الصلاة فلما سلم
سجد سجدتين بعد السلام
قال عطاء فانطلقت إلى بن عباس رضي الله عنهما فذكرت له ما فعل بن الزبير رضي الله عنهما
فقال أحسن وأصاب
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشيم عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال صلى
441

بنا بن الزبير رضي الله عنهما فقام في الركعتين الأوليين من الظهر فسبحنا به فقال سبحان الله ولم يلتفت إليهم
فقضى ما عليه ثم سجد سجدتين بعد ما سلم
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا أبو بشر فذكر
بإسناده مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا يزيد بن إبراهيم قال ثنا قتادة عن أنس رضي الله
عنه أنه قال في الرجل يهم في صلاته لا يدرى أزاد أم نقص
قال يسجد سجدتين بعد ما يسلم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا فليح عن ضمرة بن سعيد رضي الله عنه أنه صلى وراء
أنس بن مالك رضي الله عنه فأوهم فسجد سجدتين بعد السلام
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث قال ثنا عبد العزيز بن صهيب عن
أنس رضي الله عنه أنه قام في الركعة الثانية فسبح به القوم فاستتم أربعا ثم سجد سجدتين بعد ما سلم ثم
قال إذا وهمتم فافعلوا هكذا
وهذا عمران بن حصين قد حضر سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخرباق للزيادة التي كان زادها في صلاته بعد
السلام ثم قال هو من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ان السجود للسهو بعد السلام ولم يفصل بين ما كان من ذلك لزيادة
أو نقصان
فدل ذلك أن السجود الذي حضره من رسول الله صلى الله عليه وسلم للسهو الذي كان سها حينئذ في صلاته كان ذلك عنده
على أن كل سجود لكل سهو يكون في الصلاة كذلك أيضا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال أنا حماد بن سلمة أن خالدا الحذاء أخبرهم عن أبي قلابة
عن عمران بن حصين قال في سجدتي السهو يسلم ثم يسجد ثم يسلم
وقد ذكر الزهري لعمر بن عبد العزيز سجود السهو قبل السلام فلم يأخذ به
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا حياة بن شريح قال ثنا بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز
قال حدثني الزهري قال قلت لعمر بن عبد العزيز السجود قبل السلام فلم يأخذ به
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا الرجل إذا سها في صلاته لم يؤمر بالسجود للسهو ساعة كان
السهو وأمر بتأخيره
فقال قائلون إلى ما بعد السلام وقال آخرون إلى آخر صلاته قبل السلام وكان من تلا سجدة في صلاته
فوجب عليه بتلاوته أو ذكر وهو في صلاته ان عليه لما تقدم منها سجدة أنه يؤمر أن يأتي بها حينئذ ولا يؤمر
بتأخيرها إلى غير ذلك الموضع من صلاته
442

فكان ما يجب من السجود في الصلاة يؤتى به حيث وجب منها ولا يؤخر إلى ما بعد ذلك وكان سجود
السهو قد أجمع على تأخيره عن موضع السهو حتى يمضى كل الصلاة لا السلام فإنه قد اختلف في تقديمه قبل
السجود للسهو وفي تقديم السجود للسهو عليه
فكان النظر على ما ذكرنا أن يكون حكم السلام المختلف فيه حكم ما قبله من الصلاة المجتمع عليه
فكما كان ذلك مقدما على سجود السهو كان كذلك السلام أيضا مقدما على سجود السهو قياسا ونظرا
على ما ذكرنا
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الكلام في الصلاة لما يحدث فيها من السهو
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا شيخ أحسبه أبا زيد الهروي قال ثنا شعبة عن خالد الحذاء قال سمعت
أبا قلابة يحدث عن عمه أبى المهلب عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر ثلاث ركعات ثم
سلم وانصرف
فقال له الخرباق يا رسول الله انك صليت ثلاثا قال فجاء فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو
ثم سلم
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا وهيب عن خالد الحذاء فذكر بإسناده
مثله إلا أنه قال فقام إليه الخرباق وزعم أنها صلاة العصر
حدثنا ابن خزيمة قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب عن خالد أبى قلابة عن أبي المهلب
عن عمران بن حصين قال سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات فدخل الحجرة مغضبا
فقام الخرباق رجل بسيط اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت
قال فخرج يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى الركعة التي كان ترك وسلم ثم سجد سجدتين ثم سلم
443

حدثنا فهد قال ثنا أبو بكرة بن أبي شيبة قال ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للناس ركعتين فسها فسلم
فقال له ذو اليدين فذكر مثل حديث بن عون وهشام
وحديثهما أنه قال أنقصت الصلاة يا رسول الله قال لا فصلى ركعتين أخريين ثم سلم ثم سجد
سجدتي السهو ثم سلم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى الظهر أو العصر وأكثر ظني أنه ذكر
الظهر فصلى الركعتين ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها إحداهما على الأخرى يعرف
في وجهه الغضب
قال وخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة وفي الناس أبو بكر رضي الله عنه وعمر فهاباه
أن يكلماه
فقام رجل طويل اليدين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه ذا اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة
فقال لم أنس ولم تقصر الصلاة قال بل نسيت يا رسول الله
فأقبل على القوم فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم فجاء فصلى بنا ا لركعتين الباقيتين ثم سلم ثم كبر
ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا الخصيب قال ثنا وهيب عن أيوب وابن عون وسلمة
بن علقمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة ثم ذكر
نحو ما بعد ذلك في حديث حماد بن زيد
ولم يذكر في هذا الحديث نحو ما ذكره حماد في حديثه من قول أبي هريرة رضي الله عنه صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهيب قال ثنا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
444

حدثنا أبو بكرة قال ثنا الحجاج بن المنهال قال ثنا يزيد بن إبراهيم قال ثنا محمد بن سيرين
قال قال أبو هريرة رضي الله عنه صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى ثم ذكر نحوه ولم يقل أبو بكرة في هذا
الحديث صلى بنا
حدثنا محمد بن النعمان قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال ثنا ابن أبي لبيد عن أبي سلمة عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
حدثنا يونس قال بن وهب أن مالكا حدثه عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى
بن أبي أحمد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير قال ثنا أبو سلمة
قال ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتين فقيل له يا رسول الله أقصرت الصلاة
فقال وما ذاك فأخبر بما صنع فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين وهو جالس
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران
بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما فسلم في ركعتين
ثم انصرف فأدركه ذو الشمالين فقال يا رسول الله أنقصت الصلاة أم نسيت فقال لم تنقص
ولم أنس
فقال بلى والذي بعثك بالحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقالوا نعم يا رسول الله فصلى
للناس ركعتين
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا إدريس عن عبد الله بن عياش عن ابن هرمز عن أبي هريرة
رضي الله عنه مثله وزاد وسجد سجدتي السهو بعد السلام
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من ركعتين فذكر نحو ذلك غير أنه لم يذكر السلام الذي قبل السجود
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الكلام في الصلاة من المأمومين لامامهم لما كان منه لا يقطع الصلاة
445

وأن الكلام من الامام ومن المأمومين فيها على السهو لا يقطع الصلاة واحتجوا في مذهبهم في كلام المأموم للامام
لما قد تركه من الصلاة بكلام باليدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار التي رويناها وفي مذهبهم في الكلام
على السهو أن لا يقطع الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لذي اليدين لم تقصر ولم أنس وهو يرى أنه ليس
في الصلاة
قالوا فلما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما صلى ولم يكن ذلك قاطعا عليه ولا على ذي اليدين الصلاة فثبت
بذلك أن الكلام لإصلاح الصلاة مباح في الصلاة وأن الكلام في الصلاة على السهو غير قاطع للصلاة
وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا لا يجوز الكلام في الصلاة إلا بالتكبير والتهليل وقراءة القرآن
ولا يجوز أن يتكلم فيها بشئ حدث من الامام فيها
واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى
بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة إذ عطس رجل فقلت يرحمك الله فحدقني القوم بأبصارهم فقلت وا ثكل أماه
مالكم تنظرون إلى قال فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم
فلما رأيتهم يسكتونني سكت فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته دعاني فبأبي وأمي ما رأيت معلما
قبله ولا بعده أحسن تعليما منه والله ما ضربني ولا كهرني ولا سبني ولكن قال لي إن صلاتنا هذه لا يصلح
فيها شئ من كلام الناس إنما هي التكبير والتسبيح وتلاوة القرآن
حدثنا يونس وسليمان بن شعيب قالا ثنا بشر بن بكر قال حدثني الأوزاعي فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار
عن معاوية بن الحكم ثم ذكر نحوه وزاد فإذا كنت فيها فليكن ذلك شأنك
446

أولا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما علم معاوية بن الحكم إذ تكلم في الصلاة قال له إن صلاتنا هذه لا يصلح
فيها شئ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن
ولما لم يقل له أو ينوبك فيها شئ مما تركه إمامك فتكلم به فدل ذلك على أن الكلام في الصلاة بغير التسبيح
والتكبير وقراءة القرآن يقطعها
ثم قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بعد ذلك ما يفعلون لما ينوبهم في صلاتهم
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نابه
شئ في صلاته فليقل سبحان الله إنما التصفيح للنساء والتسبيح للرجال
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال ثنا المقرئ عن المسعودي عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي
قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم من الأنصار ليصلح بينهم فجاء حين الصلاة وليس بحاضر فتقدم أبو بكر
رضي الله عنه
فبينا هو كذلك إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفح القوم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت فأبى أبو بكر
رضي الله عنه حتى نكص فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى
فلما قضى صلاته قال لأبي بكر ما منعك أن تثبت كما أمر تك قال لم يكن لابن أبي قحافة أن يتقدم أمام
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال فأنتم مالكم صفحتم قالوا لنؤذن أبا بكر رضي الله عنه قال التصفيح للنساء والتسبيح
للرجال
حدثنا نصر قال ثنا الخصيب قال ثنا وهيب عن أبي حازم فذكر بإسناده مثله
حدثنا أبو أمية قال ثنا قبيصة قال ثنا الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من نابه في صلاته شئ فليسبح فان التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
447

حدثنا أبو أمية قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التسبيح للرجال والتصفيق للنساء
قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم فقال كانت أمي تفعل
حدثنا أبو بكرة قال ثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن عوف قال ثنا محمد عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن
عقبة عن أبي غطفان عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
قال أبو جعفر فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار في كل نائبة تنوبهم في الصلاة التسبيح ولم يبح
لهم غيره
فدل ذلك على أن كلام ذي اليدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما كلمه به في حديث عمران وابن عمر وأبي هريرة
رضي الله عنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة
ومما يدل على ذلك أيضا أن الربيع المؤذن حدثنا قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي
حبيب أن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما وانصرف وقد بقيت
من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال بقيت من الصلاة ركعة فرجع إلى المسجد فأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى
للناس ركعة
فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي أتعرف الرجل قلت لا إلا أن أراه فمر بي فقلت هو هذا فقالوا هذا
طلحة بن عبيد الله
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا فأذن وأقام الصلاة ثم صلى ما كان ترك من صلاته
ولم يكن أمره بلالا بالاذان والإقامة قاطعا لصلاته ولم يكن أيضا ما كان من بلال من أذانه وإقامته
قاطعا لصلاته
وقد أجمعوا أن فاعلا لو فعل هذا الآن وهو في الصلاة كان به قاطعا للصلاة فدل ذلك أن جميع ما كان من
رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته في حديث معاوية بن خديج هذا وفي حديث بن عمر وعمران وأبي هريرة رضي الله عنهم
كان والكلام مباح في الصلاة ثم نسخ بنسخ الكلام فيها
فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بعد ذلك ما ذكره عنه معاوية بن الحكم وأبو هريرة وسهل بن سعد
ومما يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم ذي اليدين ثم قد حدثت
به تلك الحادثة في صلاته من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل فيها بخلاف ما كان من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود قال سمعت عطاء يقول صلى عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ب أصحابه فسلم في ركعتين ثم انصرف فقيل له ذلك فقال إني جهزت عيرا من العراق بأحمالها
وأحقابها حتى وردت المدينة فصلى بهم أربع ركعات
448

فدل ترك عمر رضي الله عنه لما قد علمه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا وعمله بخلافه على نسخ ذلك عنده
وعلى أن الحكم كان في تلك الحادثة في زمنه بخلاف ما كان في يوم ذي اليدين
وقد كان فعل عمر رضي الله عنه هذا أيضا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قد حضر بعضهم فعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين في صلاته فلم ينكروا ذلك عليه ولم يقولوا له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل يوم ذي اليدين
خلاف ما فعلت
فدل ذلك أيضا على أنهم قد كانوا عملوا من نسخ ذلك ما قد كان عمر رضي الله عنه علمه
ومما يدل أيضا على أن ذلك منسوخ وأن العمل على خلافه أن الأمة قد اجتمعت أن رجلا لو ترك إمامه من
صلاته شيئا أنه يسبح به ليعلم إمامه قد ترك فيأتي به وذو اليدين فلم يسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ولا أنكر
رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه إياه
فدل ذلك أيضا أن ما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من التسبيح لنائبة تنوبهم في صلاتهم كان متأخرا عن ذلك
وفي حديث أبي هريرة أيضا وعمران رضي الله عنهما ما يدل على النسخ وذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه قال
سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعتين ثم مضى إلى خشبة في المسجد وقال عمران ثم مضى إلى حجرته
فدل ذلك على أنه قد كان صرف وجهه عن القبلة وعمل عملا في الصلاة ليس منها من المشي وغيره
فيجوز هذا لأحد اليوم أن يصيبه ذلك وقد بقيت عليه من صلاته بقية فلا يخرجه ذلك من الصلاة
فان قال قائل نعم لا يخرجه ذلك من الصلاة لأنه فعله ولا يرى أنه في الصلاة
لزمه ان يقول لو طعم أيضا أو شرب وهذه حالته لم يخرجه ذلك من الصلاة وكذلك إن باع أو اشترى
أو جامع أهله فكفى بقوله فسادا أن يلزم هذا قائله
فإن كان شئ مما ذكرنا يخرج الرجل من صلاته ان فعله على أنه يرى أنه ليس فيها كذلك الكلام الذي ليس
منها يخرجه من صلاته وإن كان قد تكلم به وهو لا يرى أنه فيها
وقد زعم القائل بحديث ذي اليدين أن خبر الواحد يقوم به الحجة ويجب به العمل فقد أخبر ذو اليدين
رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أخبره به وهو رجل من أصحابه مأمون فالتفت بعد إخباره إياه بذلك إلى أصحابه فقال
أقصرت الصلاة
فكان متكلما بذلك بعد علمه بأنه في الصلاة على مذهب هذا المخالف لنا فلم يكن ذلك مخرجا له من الصلاة
فقد لزمه بهذا على أصله أن ذلك الكلام كان قبل نسخ الكلام في الصلاة
وحجة أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل على الناس فقال أصدق ذو اليدين قالوا نعم
وقد كان يمكنهم أن يومئوا إليه بذلك فيعلمه منهم فقد كلموه بما كلموه به على علم منهم أنهم في الصلاة فلم
ينكر ذلك عليهم ولم يأمرهم بالإعادة
449

فدل ذلك أن ما ذكرنا مما كان في حديث ذي اليدين كان قبل نسخ الكلام
فان قال قائل وكيف يجوز أن يكون هذا قبل نسخ الكلام في الصلاة وأبو هريرة رضي الله عنه قد كان
حاضرا ذلك واسلام أبي هريرة رضي الله عنه إنما كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين
وذكر في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا القواريري قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا
إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال أتينا أبا هريرة رضي الله عنه فقلنا حدثنا
فقال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين
قالوا فأبو هريرة رضي الله عنه إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وهو حضر تلك الصلاة ونسخ
الكلام في الصلاة كان والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة
فدل ذلك على أن ما كان في حديث ذي اليدين من الكلام في الصلاة مما لم ينسخ بنسخ الكلام في الصلاة
إن كان متأخرا عن ذلك
قيل له اما ما ذكرت من وقت إسلام أبي هريرة فهو كما ذكرت
وأما قولك أن نسخ الكلام في الصلاة كان والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فمن روى لك هذا وأنت لا تحتج إلا
بمسند ولا تسوغ لخصمك الحجة عليك إلا بمثله فمن أسند لك هذا وعمن رويته
وهذا زيد بن أرقم الأنصاري يقول كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا
بالسكوت وقد روينا ذلك عنه في غير هذا الموضع من كتابنا هذا وصحبة زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانت بالمدينة
فقد ثبت بحديثه هذا أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مع أن
أبا هريرة رضي الله عنه لم يحضر تلك الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا لان ذا اليدين قتل يوم بدر مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو أحد الشهداء قد ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره
وقد روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ما يوافق ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن أبي مريم قال أنا الليث بن سعد قال حدثني عبد الله بن
وهب عن عبد الله العمرى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه ذكر له حديث ذي اليدين فقال كان
إسلام أبي هريرة رضي الله عنه بعد ما قتل ذو اليدين
وإنما قول أبي هريرة رضي الله عنه عندنا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى بالمسلمين وهذا جائز في اللغة
وقد روى مثل هذا عن النزال بن سبرة
حدثنا فهد وأبو زرعة الدمشقي قالا ثنا أبو نعيم قال ثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال
بن سبرة قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وإياكم كنا ندعى بنى عبد مناف فأنتم اليوم بنو عبد الله ونحن
بنو عبد الله يعني لقوم النزال
450

فهذا النزال يقول قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بذلك قال لقومنا
وقد روى عن طاوس رضي الله عنه أنه قال قدم علينا معاذ بن جبل فلم يأخذ من الخضراوات شيئا
وطاوس لم يدرك ذلك لان معاذا إنما كان قد قدم اليمن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يولد طاوس حينئذ
فكان معنى قوله قدم علينا أي قدم بلدنا
وروى عن الحسن أنه قال خطبنا عتبة بن غزوان يريد خطبته بالبصرة
فالحسن لم يكن بالبصرة حينئذ لان قدومه لها إنما كان قبل صفين بعام
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي رجاء
قال قلت للحسن متى قدمت البصرة
فقال قبل صفين بعام
فكان معنى قول النزال قال بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى قول طاوس قدم علينا معاذ ومعنى قول الحسن
خطبنا عتبة إنما يريدون بذلك قومهم وبلدتهم لأنهم ما حضروا ذلك ولا شهدوه
فكذلك قول أبي هريرة رضي الله عنه في حديث ذي اليدين صلى بنا رسول الله إنما يريد صلى بالمسلمين
لا على أنه شهد ذلك ولا حضره
فانتفى بما ذكرنا أن يكون في قوله صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين ما يدل على أن ما كان
من ذلك بعد نسخ الكلام في الصلاة
ومما يدل على ما ذكرنا أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة أيضا ما حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري قال كنا نرد السلام في الصلاة حتى نهينا عن ذلك
وأبو سعيد فلعله في السن أيضا دون زيد بن أرقم بدهر طويل وهو كذلك فها هو ذا يخبر أنه قد كان أدرك
إباحة الكلام في الصلاة
وقد روى في ذلك أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل بن إسماعيل
قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا عاصم عن أبي وائل قال قال عبد الله كنا نتكلم في الصلاة ونأمر
بالحاجة فقدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم من الحبشة وهو يصلى فسلمت عليه فلم يرد على فأخذني ما قدم وما حدث
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قلت يا رسول الله نزل في شئ قال لا ولكن الله يحدث من
أمره ما شاء
451

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس قال ثنا سفيان عن عاصم فذكر بإسناده
مثله وزاد وأن مما أحدث قضى أن لا تتكلموا في الصلاة
فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل قد نسخ الكلام في الصلاة ولم يستثن من ذلك شيئا
فدل ذلك على كل الكلام الذي كانوا يتكلمون في الصلاة
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح الآثار
وأما وجه ذلك من طريق النظر فانا قد رأينا أشياء يدخل فيها العباد تمنعهم من أشياء
فمنها الصلاة تمنعهم من الكلام والأفعال التي لا تفعل فيها
ومنها الصيام يمنعهم من الجماع والطعام والشراب
ومنها الحج والعمرة يمنعانهم من الجماع والطيب واللباس
ومنها الاعتكاف يمنعهم من الجماع والتصرف
فكان من جامع في صيامه أو أكل أو شرب ناسيا مختلفا في حكمه
فقوم يقولون لا يخرجه ذلك من صيامه تقليدا لآثار رووها
وقوم يقولون قد أخرجه ذلك من صيامه وكل من جامع في حجته أو عمرته أو اعتكافه متعمدا أو ناسيا
فقد خرج بذلك مما كان فيه من ذلك
فكان ما يخرجه من هذه الأشياء إذا فعل ذلك متعمدا فهو يخرجه منها إذا فعله غير متعمد وكان الكلام
في الصلاة يقطع الصلاة إذا كان على التعمد كذلك
فالنظر على ما ذكرنا من ذلك أن يكون أيضا يقطعها إذا كان على السهو ويكون حكم الكلام فيها
على العمد والسهو سواء كما كان حكم الجماع في الاعتكاف والعمرة على العمد والسهو سواء
فهذا هو النظر أيضا في هذا الباب وقد وافق ما صححنا عليه معاني الآثار وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف
ومحمد رحمهم الله تعالى
فان سأل سائل عن المعنى الذي له لم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة لما تكلم فيها
قيل له ذلك لان الحجة لم تكن قامت عنده قبل ذلك بتحريم الكلام في الصلاة فلم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم
بإعادة الصلاة لذلك
فأما من فعل مثل ذلك بعد قيام الحجة بنسخ الكلام في الصلاة فعليه أن يعيد الصلاة
وقد يجوز أيضا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمره بإعادة الصلاة ولكن لم ينقل ذلك في حديثه
452

وقد قال قوم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد يوم ذي اليدين
حدثنا بذلك ربيع المؤذن قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري قال سألت
أهل العلم بالمدينة فما أخبرني أحد منهم أنه صلاهما يعني سجدة السهو يوم ذي اليدين
فمعنى هذا عندنا والله أعلم انه إنما يجب سجود السهو في الصلاة إذا فعل فيها ما لا ينبغي أن يفعل فيها
مثل القيام من القعود أو القعود في غير موضع القعود أو ما أشبه ذلك مما لو فعل على العمد كان فاعله مسيئا
فأما ما فعل فيها مما ليس بمكروه فيها فليس فيه سجود السهو وكان حكم الصلاة يوم ذي اليدين لا بأس
بالكلام فيها والتصرف فيها
فلما فعل ذلك فيها على السهو وكان فاعله على العمد غير مسئ كان فاعله على السهو غير واجب
سجود السهو
فهذا مذهب الذين ذهبوا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد يومئذ
وهذا حجة لأهل المقالة التي بيناها في هذا الباب
وكان مذهب الذين ذكروا أنه سجد يومئذ أن الكلام والتصرف وإن كانا قد كانا مباحين في الصلاة يومئذ
فلم يكن من المباح يومئذ أن يسلم في الصلاة قبل أوان السلام
فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم فيها سلاما أراد به الخروج منها على أنه قد كان أتمها وكان ذلك مما لو فعله فاعل
على العمد كان مسيئا لما فعله على السهو وجب فيه سجود السهو
وهذا مذهب أهل المقالة في هذا الحديث
باب الإشارة في الصلاة
حدثنا فهد بن سليمان قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا يونس بن بكير قال أنا محمد بن إسحاق
عن يعقوب بن عتبة عن أبي غطفان بن طريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ومن أشار في صلاته إشارة تفهم منه فليعدها
فذهب قوم إلى أن الإشارة التي تفهم إذا كانت من الرجل في الصلاة قطعت عليه صلاته وحكموا لها بحكم
الكلام واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا تقطع الإشارة الصلاة
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن نافع عن هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر
453

رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قباء فسمعت به الأنصار فجاءوه يسلمون عليه وهو يصلى فأشار إليهم بيده
باسطا كفه وهو يصلي
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب عن هشام عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه مثله غير أنه
قال فقلت لبلال رضي الله عنه وصهيب كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم وهو يصلى قال يشير بيده
حدثنا علي بن معبد قال ثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان قال أنا هشام بن سعد فذكر بإسناده
مثله غير أنه قال فقلت لبلال رضي الله عنه كيف كان يرد عليهم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد ح
وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث بن سعد عن بكير عن نابل صاحب
العباء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن صهيب قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فسلمت عليه فرد
إلى بإشارة
قال بن مرزوق في حديثه قال ليث أحسبه قال بأصبعه
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني بن عجلان
عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه إشارة
وقال كنا نرد السلام في الصلاة فنهينا عن ذلك
قال أبو جعفر ففي هذه الآثار ما قد دل أن الإشارة لا تقطع الصلاة وقد جاءت مجيئا متواترا غير مجئ
الحديث الذي خالفها فهي أولى منه
وليست الإشارة في النظر من الكلام في شئ لان الإشارة إنما هي حركة عضو وقد رأينا حركة سائر
الأعضاء غير اليد في الصلاة لا تقطع الصلاة فكذلك حركة اليد
فان قال قائل فإذا كانت الإشارة في الصلاة عندكم قد ثبت أنها بخلاف الكلام وانها لا تقطع الصلاة
كما يقطعها الكلام واحتججتم في ذلك بهذه الآثار التي رويتموها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم كرهتم رد السلام من
المصلى بالإشارة وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويتموه في هذه الآثار
ولئن كان ذلك حجة لكم في أن الإشارة لا تقطع الصلاة فإنه حجة عليكم في أن الإشارة لا بأس بها
في الصلاة
قيل له أما ما احتججنا بهذه الآثار من أجله وهو أن الإشارة لا تقطع الصلاة فقد ثبت ذلك بهذه الآثار
على ما احتججنا به منها
واما ما ذكرت من إباحة الإشارة في الصلاة في رد السلام فليس فيها دليل على ذلك
وذلك أن الذي فيها هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إليهم
454

فلو قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم على ثبت بذلك أن كذلك
حكم المصلى إذا سلم عليه في الصلاة
ولكنه لم يقل من ذلك شيئا فاحتمل أن تكون تلك الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم
واحتمل أن يكون كانت منه لهيا لهم عن السلام عليه وهو يصلى فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شئ
واحتملت من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها مما تأول
الآخر الا بحجة يقيمها على مخالفة أما من كتاب وإما من سنة وإما من إجماع
فان قال قائل فما دليلكم على كراهة ذلك
قيل له حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا عاصم عن أبي وائل
قال قال عبد الله كنا نتكلم في الصلاة ونأمر بالحاجة ونقول السلام على جبرائيل عليه السلام وميكائيل وكل
عبد صالح يعلم اسمه في السماء والأرض
فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم من الحبشة وهو يصلى فسلمت عليه فلم يرد على فأخذني ما قدم وما حدث
فلما قضى صلاته قلت يا رسول الله أنزل في شئ قال لا ولكن الله يحدث من أمره ما يشاء
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص
عن عبد الله قال خرجت في حاجة ونحن يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ثم رجعت فسلمت فلم يرد على
وقال إن في الصلاة شغلا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا المسعودي عن حماد عن إبراهيم قال قال عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قدمت من الحبشة وعهدي بهم وهم يسلمون في الصلاة ويقضون الحاجة فأتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وهو يصلى فلم يرد على
فلما قضى صلاته قال إن الله يحدث للنبي من أمره ما يشاء وقد أحدث لكم أن لا تتكلموا في الصلاة
واما أنت أيها المسلم فالسلام عليك ورحمة الله
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا محمد بن فضيل عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي الرضراض
عن عبد الله رضي الله عنه قال كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيرد على
فلما كان ذات يوم سلمت عليه فلم يرد على فوجدت في نفسي فذكرت ذلك له فقال إن الله يحدث
من أمره ما يشاء
قال أبو جعفر ففي حديث أبي بكرة عن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد على الذي سلم عليه في الصلاة
بعد فراغه منها فذلك دليل أنه لم يكن منه في الصلاة رد السلام عليه لأنه لو كان ذلك منه لأغناه عن الرد عليه
455

بعد الفراغ من الصلاة كما يقول الذي يرى الرد في الصلاة بالإشارة وأن المصلى إذا فعل ذلك بمن يسلم عليه في صلاته
فلا يجب عليه الرد بعد فراغه من صلاته
وفي حديث أبي بكرة أيضا عن مؤمل فلم يرد على فأخذني ما قدم وما حدث
ففي ذلك دليل أنه لم يكن رد أصلا بالإشارة ولا غيرها لأنه لو كان رد عليه بإشارته لم يقل لم يرد على
ولقال رد على إشارة ولما أصابه من ذلك ما أخبر أنه أصابه مما قدم ومما حدث
وفي حديث علي بن شيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الصلاة شغلا فذلك دليل على أن المصلى معذور بذلك
الشغل عن رد السلام على المسلم عليه ونهى لغيره عن السلام عليه
وقد روى عن عبد الله من قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا
شريك عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنه كره أن يسلم على القوم وهم في الصلاة
وقد روى عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نظير ما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال ثنا هشام بن عبد الله قال ثنا
أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فبعثني في حاجة فانطلقت إليها ثم رجعت
إليه وهو على راحلته فسلمت عليه فلم يرد على ورأيته يركع ويسجد فلما سلم رد على
حدثنا أبو بكر قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام فذكر بإسناده مثله
غير أنه لم يقل فلم يرد على وقال فلما فرغ من صلاته قال أما أنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنى
كنت أصلى
فهذا جابر بن عبد الله أيضا قد أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه وأنه لما فرغ من صلاته رد عليه
فالكلام في هذا مثل الكلام فيما رويناه قبله عن ابن مسعود رضي الله عنه
وفي حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما انه لم يمنعني أن أرد عليك الا أنى كنت أصلى
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن رد عليه شيئا فذلك ينفى أن يكون رد عليه بإشارة أو غيرها
وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا يزيد بن إبراهيم قال ثنا أبو الزبير عن جابر
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لبعض حاجته فجاء وهو يصلى على راحلته فسلم عليه فسكت ثم أومى بيده
ثم سلم عليه فسكت ثلاثا فلما فرغ قال أما أنه لم يمنعني أن أرد عليك الا أنى كنت أصلى
فهذا جابر رضي الله عنه قد أخبر في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أومى إليه بيده حين سلم ثم قال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ من الصلاة أما أنه لم يمنعني أن أرد عليك الا أنى كنت أصلى
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن رد عليه في الصلاة
456

فدل ذلك أن تلك الإشارة التي كانت منه في الصلاة لم تكن ردا وإنما كانت نهيا وهذا جائز
فقد روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قد ذكرنا
وقد روى عنه ما قد حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الأعمش قال حدثني
أبو سفيان قال سمعت جابرا رضي الله عنه يقول ما أحب أن أسلم على الرجل وهو يصلى ولو سلم علي لرددت عليه
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا أحمد بن أشكاب رضي الله عنه قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكر
بإسناده مثله
فهذا جابر بن عبد الله قد كره أن يسلم على المصلى وقد كان سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فأشار إليه
فلو كانت الإشارة التي كانت من النبي صلى الله عليه وسلم ردا للسلام عليه إذ لما كره ذلك لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينهه عنه
ولكنه إنما كره ذلك لان إشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك كانت عنده نهيا منه له عن السلام عليه وهو يصلى
فان قال قائل فقد قال جابر في حديثكم هذا ولو سلم على لرددت
قيل له أفقال جابر لرددت في الصلاة قد يجوز أن يكون أراد بقوله لرددت أي بعد فراغي من الصلاة
وقد دل على ذلك من مذهبه ما حدثنا علي بن زيد قال ثنا موسى بن داود قال ثنا همام قال سأل سليمان
بن موسى عطاء أسألت جابرا عن الرجل يسلم عليك وأنت تصلى فقال لا ترد عليه حتى تقضى صلاتك
فقال نعم
قال أبو جعفر فدل ذلك أن الرد الذي أراد جابر رضي الله عنه في الحديث الأول هو الرد بعد الفراغ من
الصلاة فقد وافق ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودل من معناه على ما ذكرناه
وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذا نحو من ذلك
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا عارم قال ثنا جرير بن خازن عن قيس عن عطاء أن بن
عباس رضي الله عنهما سلم عليه رجل وهو يصلى فلم يرد عليه شيئا وغمزه بيده
فهذا بن عباس رضي الله عنهما أيضا لم يرد في صلاته على الذي سلم عليه وهو فيها ولكنه غمزه بيده على
الكراهة منه لما فعل
فلما كان عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وقد كانا سلما على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلى
قد كرها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام على المصلى
فثبت بذلك أن ما كان من إشارة النبي صلى الله عليه وسلم التي قد علمها منه لم تكن ردا وإنما كانت نهيا لان الصلاة
ليست بموضع سلام لان السلام كلام فجوابه أيضا كذلك
فلما كانت الصلاة ليست بموضع كلام يكون رد السلام لم يكن أيضا بموضع سلام
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسكين الأطراف في الصلاة
457

حدثنا بذلك فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن جابر
بن سمرة قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى قوما يصلون وقد رفعوا أيديهم
فقال ما لي أراكم ترفعون أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة
فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسكون في الصلاة وكان رد السلام بالإشارة فيه خروج من ذلك لان فيه رفع اليد
وتحريك الأصابع ثبت بذلك أنه قد دخل فيما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسكين الأطراف في الصلاة
وهذا القول الذي بينا في هذا الباب قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب المرور بين يدي المصلى
هل يقطع عليه ذلك صلاته أم لا
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم عن يونس ومنصور عن حميد
بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع الصلاة شئ إذا كان بين
يديه كآخرة الرحل وقال يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود
قال قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأبيض
فقال يا بن أخي سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الكلب الأسود شيطان
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة قال سمعت جابر
بن زيد يحدث عن ابن عباس رفعه شعبة قال يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا معاذ بن هشام قال ثنا أبي عن يحيى عن عكرمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أحسبه قد أسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب
والحمار واليهودي والنصراني والخنزير ويكفيك إذا كانوا منك قدر رمية لم يقطعوا عليك صلاتك
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا معاذ بن معاذ عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن
عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فقالوا يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة والحمار إذا مروا
بين يدي المصلي
458

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يقطع الصلاة شئ من هذا
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال: جئت أنا والفضل ونحن على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بعرفة فمررنا على
بعض الصف فنزلنا عنها وتركناها ترتع فلم يقل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك ويونس عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله
الا أنه قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بمنى
حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر وروح ووهب قالوا ثنا شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجرار
عن صهيب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى وأنا على حمار ومعي غلام
من بني هاشم فلم ينصرف ف
في حديث عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهما مرا على الصف
فقد يجوز أن يكونا مرا على المأمومين دون الامام فكان ذلك غير قاطع على المأمومين ولم يكن في ذلك دليل
على حكم مرور الحمار بين يدي الامام
ولكن في حديث صهيب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينصرف
فدل ذلك على أن مرور الحمار بين يدي الامام أيضا غير قاطع للصلاة
وقد روى عن ابن عباس رضي الله عنه في الحديث الذي ذكرناه عنه في الفصل الأول من حديث بن أبي داود
أن الحمار يقطع الصلاة في أشياء ذكرها معه في ذلك الحديث قال وأحسبه قد أسنده
فهذا الحديث الذي رويناه عن عبيد الله وصهيب عن ابن عباس رضي الله عنهما مخالف لذلك فأردنا أن
نعلم أيها نسخ الامر
فنظرنا في ذلك فإذا أبو بكرة قد حدثنا قال ثنا مؤمل عن سفيان قال ثنا سماك عن عكرمة
قال ذكر عند بن عباس رضي الله عنهما ما يقطع الصلاة قالوا الكلب والحمار
فقال بن عباس رضي الله عنهما إليه يصعد الكلم الطيب وما يقطع هذا ولكنه يكره
فهذا بن عباس رضي الله عنهما قد قال بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الحمار لا يقطع الصلاة فدل ذلك على أن
ما روى عنه عبيد الله وصهيب كان متأخرا عما رواه عنه عكرمة من ذلك
وقد روى عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الحمار أيضا لا يقطع الصلاة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن عمر عن عباس بن عبد الله عن
459

الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بادية لنا ولنا كليبة وحمار ترعيان فصلى العصر
وهما بين يديه فلم يزجرا ولم يؤخرا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا معاذ بن فضالة قال ثنا يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه فذكر بإسناده نحوه
حدثنا محمد بن حميد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن يحيى بن أيوب ح
وحدثنا محمد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب قال عبد الله بن صالح في حديثه عن محمد
بن عمر
وقال بن أبي مريم في حديثه قال حدثني محمد بن عمر ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال زار رسول
الله صلى الله عليه وسلم عباسا
فقد وافق هذا الحديث حديث صهيب وعبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما اللذين قدمنا ذكرهما
في الفصل الذي قبل هذا
ثم رجعنا إلى حكم مرور الكلب بين يدي المصلى كيف هو وهل يقطع الصلاة أم لا
فكان أحد من روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقطع الصلاة بن عباس رضي الله عنهما قد روينا ذلك عنه
في أول هذا الباب
ثم قد روينا في حديث الفضل الذي قد ذكرنا ما قد خالفه
ثم روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما بعد من قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عكرمة عنه أن الكلب
لا يقطع الصلاة
فدل ذلك على ثبوت نسخ ذلك عنده وعلى أن ما رواه الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فصل بين الكلب الأسود
من غيره من الكلاب فجعل الأسود يقطع الصلاة وجعل ما سواه بخلاف ذلك وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سئل عن
عن ذلك فقال الأسود شيطان
فدل ذلك على أن المعنى الذي وجب له قطعه إنما هو لأنه شيطان
فأردنا أن ننظر هل عارض ذلك شئ
فإذا يونس قد حدثنا قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد
الخدري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم يصلى فلا يدعن أحدا
يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان
460

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو ظفر قال ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي صالح
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم عن
عطاء بن يسار وعن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد جميعا عن أبي سعيد رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم مثله
ففي هذا الحديث أن كل مار بين يدي المصلى شيطان وقد سوى في هذا بين آدم وبين الكلب الأسود
إذا مروا بين يدي المصلى
وقد رووا مثل ذلك أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن
صدقة عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم يصلى فلا يدعن أحدا يمر بين
يديه فان أبى فليقاتله فان معه القرين شيطان
قال أبو جعفر فمعنى هذا معنى حديث أبي سعيد سواء وان بن آدم في مروره بين يدي أخيه المصلي مرور
لقرينه أيضا بين يديه وهو شيطان
ثم قد أجمع على أن مرور بني آدم بعضهم ببعض في صلاتهم لا يقطعها قد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
من غير وجه
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن كثير بن كثير عن بعض أهله انه سمع المطلب يقول رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يصلى مما يلي باب بنى سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينه وبين القبلة شئ
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان قال سمعت بن جريج يحدث عن كثير
بن كثير عن أبيه عن جده المطلب بن أبي وداعة فذكر مثله غير أنه قال ليس بينه وبين الطواف سترة
قال سفيان فحدثنا كثير بن كثير بعد ما سمعته من بن جريج قال أخبرني بعض أهلي ولم أسمعه من أبى
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا هشام أراه عن ابن عم المطلب بن أبي وداعة
عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع بن الوليد عن سليمان بن مهران عن مسلم بن صبيح عن مسروق
أنه قال تذاكروا عند عائشة رضي الله عنها ما يقطع الصلاة فقالوا يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة
فقالت عائشة رضي الله عنها لقد عدلتمونا بالكلاب والحمير وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى إلى وسط السرير
وأنا عليه مضطجعة والسرير بينه وبين القبلة فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس بين يديه فأوذيه فانسل
من قبل رجليه انسلالا
461

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب وبشر بن عمر عن شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى وأنا بينه وبين القبلة فإذا أردت أن أقوم كرهت
أن أقوم بين يديه فأنسل انسلالا
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن مسلمة قال ثنا مالك عن أبي النضر ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب وأشهب عن مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة
رضي الله عنها قالت كنت أمد رجلي قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فإذا سجد غمزني فرفعتهما فإذا
قام مددتهما
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا عبد الله بن رجاء قال أنا زائدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
قال أخبرتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهي معترضة أمامه في القبلة فإذا أراد
أن يوتر غمزها برجله فقال تنحى
حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس البصري قال ثنا المقرئ قال ثنا موسى بن أيوب عن عمه إياس
بن عامر الغافقي عن علي بن أبي طالب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح من الليل وعائشة رضي الله عنها
معترضة بينه وبين القبلة
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي يرقد
عليه هو وأهله فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني عطاء عن عروة عن عائشة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهي معترضة بين يديه
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا خالد عن أبي قلابة عن زينب
بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان يفرش لي حيال مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى
وإني حياله
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا الشيباني عن عبد الله بن شداد قال حدثتني
خالتي ميمونة بنت الحارث قالت كان فراشي حيال مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فربما وقع ثوبه على وهو يصلى
قال أبو جعفر فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل على أن بني آدم لا يقطعون الصلاة
وقد جعل كل مار بين يدي المصلى في حديث بن عمر وأبى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيطانا
وأخبر أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكلب الأسود إنما يقطع الصلاة لأنه شيطان
فكانت العلة التي لها جعله يقطع الصلاة قد جعلت في بني آدم أيضا
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لا يقطعون الصلاة فدل ذلك أن كل مار بين يدي المصلي مما هو سوى بني آدم
كذلك أيضا لا يقطع الصلاة
462

والدليل على صحة ما ذكرنا أيضا أن بن عمر مع روايته ما ذكرنا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى عنه من قوله
من بعده ما حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم قال قيل لابن عمر إن عبد الله بن عياش
بن ربيعة يقول يقطع الصلاة الكلب والحمار
فقال بن عمر رضي الله عنهما لا يقطع صلاة المسلم شئ
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد عن شعبة عن عبيد الله بن عمر عن نافع وسالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لا يقطع الصلاة شئ وادرأوا ما استطعتم
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم عن عبيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مثله
فهذا بن عمر رضي الله عنهما قد قال هذا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم
فقد دل هذا على ثبوت نسخ ما كان سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار ما قال به من هذا أولى عنده
من ذلك
وأما القتال المذكور في حديث بن عمر رضي الله عنهما وأبى سعيد من المصلى لمن أراد المرور بين يديه
فقد يحتمل أن يكون ذلك أبيح في وقت كانت الافعال فيه مباحة في الصلاة ثم نسخ ذلك بنسخ الافعال في الصلاة
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا رأيناهم لا يختلفون في الكلب غير الأسود أن مروره بين يدي المصلى
لا يقطع الصلاة
فأردنا أن ننظر في حكم الأسود هل هو كذلك أم لا
فرأينا الكلاب كلها حرام أكل لحومها ما كان منها أسود وما كان منها غير أسود فلم يكن حرمة
لحومها لألوانها ولكن لعللها في أنفسها
وكذلك كل ما نهى أكله من كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ومن الحمر الأهلية
لا يفترق في ذلك حكم شئ منها لاختلاف ألوانها وكذلك أسئارها كلها
فالنظر على ذلك أن يكون حكم الكلاب كلها في مرورها بين يدي المصلى سواء فكما كان غير الأسود منها
لا يقطع الصلاة فكذلك الأسود
ولما ثبت في الكلاب بالنظر ما ذكرنا كان الحمار أولى أن يكون كذلك لأنه قد اختلف في أكل لحوم الحمر
الأهلية فأجازه قوم وكرهه آخرون
فإذا كان ما لا يؤكل لحمه باتفاق المسلمين لا يقطع مروره الصلاة كان ما اختلف في أكل لحمه أحرى
أن لا يقطع مروره الصلاة
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
463

وقد روى ذلك أيضا عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا بعد ما روى عنهم فيما تقدم من
هذا الباب
وقد روى عنهم في ذلك أيضا ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة وسعيد بن أبي عروبة
وهشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن عليا وعثمان رضي الله عنهما قالا لا يقطع صلاة المسلم
شئ وادرأوا عنها ما استطعتم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه
قال لا يقطع صلاة المسلم الكلب ولا الحمار ولا المرأة ولا ما سوى ذلك من الدواب وادرأوا ما استطعتم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه أنه كان يصلى فمر
بين يديه رجل
قال فمنعته فغلبني الا أن يمر بين يدي فذكرت ذلك لعثمان بن عفان رضي الله عنه وكان خال ابنه
فقال لا يضرك
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث
عن بكير أن بشر بن سعيد وسليمان بن يسار حدثاه أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثهما أنه كان
في صلاة فمر به سليط بن أبي سليط فجذبه إبراهيم فخر فشج
فذهب إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فأرسل إلى فقال لي ما هذا فقلت مر بين يدي فرددته لئلا
يقطع صلاتي
قال ويقطع صلاتك قلت أنت أعلم قال إنه لا يقطع صلاتك
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا إسرائيل قال ثنا الزبرقان بن عبد الله عن كعب بن عبد الله
قال سمعت حذيفة يقول لا يقطع الصلاة شئ
باب الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها كيف يقضيها
حدثنا أبو أمية قال ثنا قيس بن حفص الداري قال ثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند
عن العباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم عن ذي مخبر بن أخي النجاشي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سفر فنمنا فلم نستيقظ الا بحر الشمس فتنحينا من ذلك المكان
464

قال فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد حين بزغت الشمس أي طلعت أمر بلالا فأذن ثم
مره فأقام فصلى بنا الصلاة
فلما قضى الصلاة هذه صلاتنا بالأمس
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عن أبي
مجلز عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها من الغد للوقت
حدثنا أبو أمية قال ثنا شريح بن النعمان الجوهري قال ثنا ابن سلمة عن بشر بن الحارث
سمعت سمرة بن جندب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هكذا يفعل من نام عن صلاة أو نسيها واحتجوا في ذلك
بهذين الحديثين
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يصليها مع التي تليها من المكتوبة وليس عليه غير ذلك
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مروان بن جعفر بن سعد السمرة قال أخبرني محمد
بن إبراهيم بن حبيب بن سليمان بن سمرة عن جعفر بن سعد بن سمرة عن حبيب بن سليمان عن أبيه عن
سمرة أنه كتب إلى بنيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم إذا شغل أحدهم عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها
الذي تصلى فيه أن يصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يصليها إذا ذكرها وإن كان ذلك قبل دخول وقت التي تليها ولا شئ
عليه غير ذلك
واحتجوا في ذلك بحديث أبى قتادة وعمران وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نام عن
صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فصلاها بعد ما استوت ولم ينتظر دخول وقت الظهر وقد ذكرنا ذلك
بأسانيده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب
وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن خالد عن عطاء بن السائب عن يزيد
بن أبي مريم عن أبيه قال نام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن ثم صلى ركعتين ثم أمره فأقام فصلى بهم المكتوبة
حدثنا أبو أمية قال ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا زافر بن سليمان عن شعبة عن جامع بن شداد
عن عبد الرحمن بن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك
فلما كنا بدهاس من الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكلؤنا الليلة قال بلال أنا قال إذا تنام فنام
465

حتى طلعت الشمس ف استيقظ فلان وفلان فقالوا تكلموا حتى يستيقظ فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال افعلوا
ما كنتم تفعلون وكذلك يفعل من نام أو نسي
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا همام
عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها
قال همام ثم سمعت قتادة يحدث به من بعد ذلك فقال أقم الصلاة لذكرى
حدثنا فهد قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن عبد الحميد قال ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن عبد الله بن رباح
عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن لا شئ عليه غير قضائه لأنه ذكر من نسي صلاة
ثم أخبر بما عليه
وقد روى عنه أيضا في ذلك في غير هذا الحديث ما قد زاد على هذا اللفظ
حدثنا فهد قال ثنا أبو الوليد قال ثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها الا ذلك
قال ثم سمعته يحدث ويزيد فيه أقم الصلاة لذكرى
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة أو نام عنها فان كفارتها أن يصليها إذا ذكرها
فلما قال لا كفارة لها الا ذلك استحال أن يكون عليه مع ذلك غيره لأنه لو كان عليه مع ذلك غيره إذا
لما كان ذلك كفارة لها
وقد روى الحسن عن عمران بن حصين في حديث النوم عن الصلاة حتى طلعت الشمس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلاها بهم
قال فقلنا يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد فقال النبي صلى الله عليه وسلم أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم
وقد ذكرنا ذلك بإسناده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب
فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابهم بما ذكرنا استحال أن يكونوا عرفوا أن يقضوها من الغد إلا بمعاينتهم
466

رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فيما تقدم أو أمرهم به أمرا دل ذلك على نسخ ما روى ذو مخمر وسمرة وأن هذا كان
متأخرا عنه فهو أولى منه لأنه ناسخ له
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما من طريق النظر فانا رأينا الله عز وجل أوجب الصلاة لمواقيتها وأوجب الصيام لميقاته في شهر رمضان
ثم جعل على من لم يصم شهر رمضان عدة من أيام أخر فجعل قضاءه في خلافه من الشهور ولم يجعل مع
قضائه بعدد أيامه قضاء مثلها فيما بعد ذلك
فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك الصلاة إذا نسيت أو فاتت أن يكون قضاؤها يجب فيما بعدها
وإن لم يكن دخل وقت مثلها
ولا يجب مع قضائها ثانية قياسا ونظرا على ما ذكرنا من الصيام الذي وصفنا
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى ذلك عن جماعة من المتقدمين
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال من نسي صلاة فذكرها مع الامام فليصله معه ثم ليصل التي نسي ثم ليصل الأخرى بعد ذلك
حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا أبو إبراهيم الترجماني قال ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله
بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن حميد قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثنا الليث عن سعيد بن عبد الرحمن فذكر
بإسناده مثله ولم يرفعه
وقوله فليصله معه فذلك محتمل عندنا أن يفعل ذلك على أنها له تطوع
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا هشيم قال أنا مغيرة عن إبراهيم
في رجل نسي الظهر فذكرها وهو في العصر
قال ينصرف فيصلى الظهر ثم يصلى العصر
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا منصور ويونس عن الحسن أنه كان يقول
يتم العصر التي دخل فيها ثم يصلى الظهر بعد ذلك
467

باب دباغ الميتة هل يطهرها أم لا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عامر ووهب بن جرير قالا ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى
عن عبد الله بن حكيم قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة وأنا غلام شاب أن
لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع عن عبد الملك بن أبي عتبه عن الحكم فذكر بإسناده مثله
غير أنه قال جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال حدثني أسباط بن محمد عن الشيباني عن الحكم فذكر
بإسناده مثله
غير أنه قال كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال ثنا أبو زرعة قال ثنا محمد بن المبارك قال ثنا صدقة بن
خالد عن يزيد بن أبي مريم عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن عكيم قال حدثني أشياخ جهينة
قالوا أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قرئ إلينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تنتفعوا من الميتة بشئ
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن جلود الميتة لا تطهر وإن دبغت ولا يجوز الصلاة عليها واحتجوا
في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا إذا دبغ جلد الميتة أو عصبها فقد طهر ولا بأس ببيعه والانتفاع به
والصلاة عليها
وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من حديث بن أبي ليلى الذي ذكرنا أن
قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب فقد يجوز أن يكون أراد بذلك ما دام ميتة غير
مدبوغ فإنه قد كان يسأل عن الانتفاع بشحم الميتة فأجاب الذي سأله بمثل هذا
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال حدثني زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله
قال بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه ناس فقالوا يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت وإنا وجدنا
فاقة سمينة ميتة فأردنا أن ندهن بها سفينتنا وإنما هي عود وهي على الماء
468

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا بشئ من الميتة
حدثنا إبراهيم عن محمد بن يونس قال ثنا أبو عاصم قال ثنا زمعة فذكر بإسناده مثله
فأخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنه بالسؤال الذي كان قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا بالميتة جوابا له وأن
ذلك على النهى عن الانتفاع بشحومها
فأما ما كان يدبغ منها حتى يخرج من حال الميتة ويعود إلى غير معنى الأهب فإنه يطهر بذلك
وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة صحيحة المجئ مفسرة المعنى تخبر عن طهارة ذلك الدباغ
فمما روى في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن بشار قال ثنا سفيان قال ثنا عمرو عن
عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة لميمونة رضي الله عنه فقال لو أخذوا إهابها
فدبغوه فانتفعوا به
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أنا أسامة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل شاة ماتت ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار قال أخبرني
عطاء منذ حين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أخبرتني ميمونة عن شاة ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا دبغتم
إهابها فاستمتعتم به
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث وأسد بن موسى قالا ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي
حبيب عن عطاء بن أبي رباح أنه قال سمعت بن عباس رضي الله عنهما يقول ماتت شاة فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأهلها ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال ماتت شاة لميمونة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا انتفعتم بإهابها قالوا إنها ميتة
فقال إن دباغ الأديم طهوره
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال أنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة عن ابن
عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا دبغ الأديم فقد طهر
469

حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا أبو غسان قال حدثني زيد بن أسلم عن
عبد الرحمن بن وعلة أنه قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما انا نغزو أرض المغرب وإنما أسقيتنا
جلود الميتة
فقال بن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما مسك دبغ فقد طهر
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا إسحاق بن بكر بن مضر قال ثنا أبي عن جعفر بن ربيعة أنه سمع
أبا الخير يخبر عن ابن وعلة أنه سأل بن عباس رضي الله عنهما فقال انا نغزو هذا المغرب ولهم قرب يكون
فيها الماء وهم أهل وثن
فقال بن عباس رضي الله عنهما الدباغ طهور
فقال له بن وعلة عن رأيك أم شئ سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا عبدة بن سليمان ح
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي قال ثنا عبيد الله بن موسى العبسي قالا جميعا عن
إسماعيل بن خالد عن عامر عن عكرمة عن ابن عباس عن سودة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم
قالت ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها فما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا
حدثنا محمد بن علي بن داود وفهد قالا ثنا أبو غسان قال ثنا إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم
عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دباغ الميتة طهورها هذا لفظ محمد
وأما فهد فقال دباغ الميتة ذكاتها
حدثنا محمد بن علي قال ثنا الحسين بن محمد المروزي قال ثنا شريك عن الأعمش عن عمارة بن عمير
عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم دباغ الميتة طهورها
حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي عن الأعمش قال ثنا أصحابنا عن عائشة
رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن إبراهيم عن الأسود
قال سألت عائشة رضي الله عنها عن جلود الميتة فقالت لعل دباغها يكون طهورها
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن كثير بن فرقد أن عبد الله بن مالك
470

بن حذافة حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثتها أنه مر على رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم لو أخذتم إهابها قالوا إنها ميتة قال يطهرها الماء والقرظ
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث والليث عن كثير بن فرقد فذكر
بإسناده مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن الحسن
عن الحارث بن قتادة عن سلمى بن المحبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بقربة من عند امرأة فيها ماء فقالت إنها ميتة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم أدبغتيها فقالت نعم فقال دباغها ذكاتها
فقد جاءت هذه الآثار متواترة في طهور جلد الميتة بالدباغ وهي ظاهرة المعنى
فهي أولى من حديث عبد الله بن عكيم الذي لم يدلنا على خلاف ما جاءت به هذه الآثار
فان قال قائل إنما كان من إباحة دباغ جلود الميتة وطهارتها بذلك الدباغ إنما كان قبل تحريم الميتة فان
الحجة عليه في ذلك
والدليل على أن ذلك كان بعد تحريم الميتة وأن هذا كان غير داخل فيما حرم منها أن بن أبي داود
قد حدثنا قال ثنا المقدمي قال ثنا أبو عوانة قال ثنا سماك بن حرب ح
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ماتت شاة لسودة بنت زمعة رضي الله عنها فقالت يا رسول الله ماتت فلانة
تعني الشاة قال فلولا أخذتم مسكها
فقالت نأخذ مسك شاة قد ماتت
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال الله قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الآية
فإنه لا بأس بأن تدبغوه فتنتفعوا به
قالت فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته فاتخذت منه قربة حتى تخرقت
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته عن ذلك قرأ عليها الآية التي نزل فيها تحريم الميتة
471

فأعلمها بذلك لما حرم عليهم بتلك الآية من الشاة حين ماتت إنما هو الذي يطعم منها إذا ذكيت لا غير
وأن الانتفاع بجلودها إذا دبغت غير داخل في ذلك الذي حرم منها
وقد روى عبيد الله بن عبد الله أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوا من ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله
بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة
رضي الله عنها من الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا انتفعتم بجلدها قالوا إنها ميتة قال إنما حرم أكلها
فدل ذلك على أن الذي حرم من الشاة بموتها هو الذي يراد منها للاكل لا غير ذلك من جلودها وعصبها
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن العصير لا بأس بشربه والانتفاع به ما لم
يحدث فيه صفات الخمر
فإذا حدثت فيه صفات الخمر حرم بذلك ثم لا يزال حرام كذلك حتى تحدث فيه صفات الخل
فإذا حدثت فيه صفات الخل حل
فكان يحل بحدوث الصفة ويحرم لحدوث صفة غيرها وإن كان بدنا واحدا
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك جلد الميتة يحرم بحدوث صفة الموت فيه ويحل بحدوث صفة الأمتعة فيه
من الثياب وغيرها فيه
وإذا دبغ فصار كالجلود والأمتعة فقد حدثت فيه صفة الحلال
فالنظر على ما ذكرنا أن يحل أيضا بحدوث تلك الصفة فيه
وحجة أخرى أن قد رأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسلموا لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح نعالهم
وخفافهم وأنطاعهم التي كانوا اتخذوها في حال جاهليتهم وإنما كان ذلك من ميتة أو من ذبيحة
فذبيحتهم حينئذ إنما كانت ذبيحة أهل الأوثان فهي في حرمتها على أهل الاسلام كحرمة الميتة
فلما لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح ذلك وترك الانتفاع به ثبت أن ذلك كان قد خرج من حكم الميتة ونجاستها
بالدباغ إلى حكم سائر الأمتعة وطهارتها
وكذلك كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحوا بلدان المشركين لا يأمرهم بأن يتحاموا خفافهم ونعالهم
وأنطاعهم وسائر جلودهم فلا يأخذوا من ذلك شيئا بل كان لا يمنعهم شيئا من ذلك فذلك دليل أيضا
على طهارة الجلود بالدباغ
472

ولقد روى في هذا عن جابر بن عبد الله ما قد حدثنا فهد قال أبو غسان قال ثنا محمد بن راشد عن
سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال كنا نصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مغانمنا من المشركين الأسقية فنقتسمها وكلها ميتة فننتفع بذلك فدل ذلك على ما ذكرنا
وهذا جابر رضي الله عنه يقول هذا وقد حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تنتفعوا من الميتة بشئ
فلم يكن ذلك عنده بمضاد لهذا
فثبت أن معنى حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بشئ غير معنى حديثه الآخر وأن الشئ
المحرم من الميتة في ذلك الحديث هو غير المباح في هذا الحديث
فكذلك أيضا ما روى عبد الله بن عكيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما نهى عن الانتفاع به من الميتة وهو غير
ما أباح في هذه الآثار من أهبها المدبوغة حتى تتفق هذه الآثار ولا يضاد بعضها بعضا
وهذا الذي ذهبنا إليه في هذا الباب من طهارة جلود الميتة بالدباغ قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد
رحمهم الله تعالى
باب الفخذ هل هو من العورة أو لا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال أخبرني أبو خالد عن عبد الله بن سعيد
المديني قال حدثتني حفصة بنت عمر رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قد وضع ثوبه بين
فخديه فجاء أبو بكر رضي الله عنه فاستأذن فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم على هيأته ثم جاء عمر رضي الله عنه بمثل هذه
الصفة ثم جاء أناس من أصحابه والنبي صلى الله عليه وسلم على هيأته ثم جاء عثمان فاستأذن عليه فأذن له ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثوبه فتجلله فتحدثوا ثم خرجوا
فقلت يا رسول الله جاء أبو بكر وعمر وعلى وناس من أصحابك وأنت على هيأتك فلما
جاء عثمان رضي الله عنه تجللت ثوبك
فقال أو لا أستحي ممن تستحي منه الملائكة قالت وسمعت أبي وغيره يحدثون نحوا من هذا
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الفخذ ليست من العورة واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا الفخذ عورة وقالوا قد روى هذا الحديث جماعة من أهل البيت
على غير ما رواه الذي احتججتم بروايتهم
473

فمن ذلك ما روى في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر بن فارس قال أنا مالك
بن أنس عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه
استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله لابس مرط أم المؤمنين فأذن له فقضى إليه حاجته ثم خرج
ثم استأذن عليه عمر رضي الله عنه وهو على تلك الحالة فقضى إليه حاجته ثم خرج فاستأذن عليه عثمان
رضي الله عنه فاستوى جالسا وقال لعائشة اجمعي عليك ثيابك
فلما خرج قالت له عائشة مالك لم تفزع لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما لعثمان رضي الله عنه
فقال إن عثمان رضي الله عنه رجل كثير الحياء ولو أذنت له على تلك الحال خشيت أن يبلغ في حاجته
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن يحيى بن سعيد
عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن عبد العزيز الأيلي قال ثنا سلامة بن روح قال ثنا عقيل حدثني بن شهاب
قال أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص رضي الله عنه أخبره أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث بن سعد قال حدثني
عقيل عن ابن شهاب رضي الله عنه عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة
رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان رضي الله عنه حدثاه أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم ذكر مثله
قال أبو جعفر فهذا أصل هذا الحديث ليس فيه ذكر كشف الفخذين أصلا
وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة صحاح فيها أن الفخذ من العورة
فمما روى عنه في ذلك ما حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا القواريري قال ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد
عن ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الفخذ عورة
حدثنا علي بن معبد قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فخذ رجل فقال فخذ الرجل من عورته
وحدثنا بحر بن نصر قال ثنا ابن وهب قال حدثني حفص بن ميسرة عن العلاء بن عبد الرحمن
عن أبي كثير عن محمد بن جحش أن رسول صلى الله عليه وسلم مر على معمر بفناء المسجد كاشفا عن طرف فخذه
474

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمر فخذك يا معمر ان الفخذين عورة
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا أبو مصعب قال ثنا ابن أبي حازم عن العلاء عن أبي كثير مولى محمد
بن جحش عن محمد بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا سليمان بن بلال وعبد العزيز قال ثنا ابن أبي حازم عن العلاء
بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله بن جحش قال كنت مع
النبي صلى الله عليه وسلم أمشي في السوق فمر بمعمر جالسا على بابه مكشوفة فخذه فقال خمر فخذك أما علمت أنها
من العورة
حدثنا علي بن معبد قال ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا المحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن عبد الله بن مسلم بن جرهد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فخذ الرجل من عورته أو قال من العورة
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا حسن هو بن صالح بن حي عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن عبد الله بن جرهد الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال حدثني مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن
بن جرهد عن أبيه وكان من أصحاب الصفة أنه قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وفخذي منكشفة
فقال خمر عليك أما علمت أن الفخذ عورة
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى عن مسعر قال ثنا أبو الزناد عن عمه زرعة
بن عبد الرحمن بن جرهد عن جده جرهد قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بردة قد كشفت عن فخذي
فقال غط فخذك الفخذ عورة
قال أبو جعفر فهذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبر أن الفخذ عورة ولم يضادها أثر صحيح
فقد ثبت بها أن الفخذ عورة تبطل الصلاة بكشفها كما تبطل بكشف ما سواها من العورات
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما وجه ذلك من طريق النظر فانا رأينا الرجل ينظر من المرأة التي لا محرم بينه وبينها إلى وجهها وكفيها
ولا ينظر إلى ما فوق ذلك من رأسها ولا إلى أسفل منه من بطنها وظهرها وفخذيها وساقيها ورأيناه
في ذات المحرم منه لا بأس أن ينظر منها إلى صدرها وشعرها ووجهها ورأسها وساقها ولا ينظر إلى
ما بين ذلك من بدنها
وكذلك رأيناه ينظر من الأمة التي لا ملك له عليها ولا محرم بينه وبينها فكان ممنوعا من النظر من
ذات المحرم منه ومن الأمة التي ليست بمحرم له ولا ملك له عليها إلى فخذها كما كان ممنوعا من النظر إلى فرجها
475

فصار حكم الفخذ من النساء كحكم الفرج لا كحكم الساق
فالنظر على ذلك أن يكون من الرجال أيضا كذلك وأن يكون حكم فخذ الرجل في النظر إليه كحكم فرجه
في النظر إليه لا كحكم ساقه
فلما كان النظر إلى فرجه محرما كان كذلك النظر إلى فخذه محرما وكذلك كل ما كان حراما على الرجل
أن ينظر إليه منه إلى ذات المحرم منه فحرام على الرجال أن ينظر إليه بعضهم من بعض
وكل ما كان حلالا أن ينظر ذو المحرم من المرأة ذات المحرم منه فلا بأس أن ينظره الرجال بعضهم
من بعض
فهذا هو أصل النظر في هذا الباب وقد وافق ذلك ما جاءت به الروايات التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبذلك نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الأفضل في صلاة التطوع
هل هو طول القيام أو كثرة الركوع والسجود
حدثنا فهد قال ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال ثنا أبو الأحوص وخديج عن أبي إسحاق عن
المخارق قال خرجنا حجاجا فمررنا بالربذة فوجدنا أبا ذر قائما يصلى فرأيته لا يطيل القيام ويكثر الركوع
والسجود فقلت له في ذلك فقال ما ألوت أن أحسن أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ركع ركعة وسجد
سجدة رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن كثرة الركوع والسجود أفضل في صلاة التطوع من طول القيام والقراءة
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا طول القيام في ذلك أفضل
وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد رويناه فيما تقدم من كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الصلاة
أفضل قال طول القنوت وفي بعض ما رويناه في ذلك طول القيام
ففضل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إطالة القيام على كثرة الركوع والسجود
وليس في حديث أبي ذر الذي ذكرنا خلاف لهذا عندنا لأنه قد يجوز أن يكون قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم من
ركع لله ركعة وسجد سجدة على ما قد أطيل قبله من القيام
476

ويجوز أيضا من ركع لله ركعة وسجد سجدة رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة وإن زاد مع
ذلك طول القيام كان أفضل وكان ما يعطيه الله على ذلك من الثواب أكثر
فهذا أول ما حمل عليه معنى هذا الحديث لئلا يضاد الأحاديث الاخر التي ذكرنا
وممن قال هذا القول الآخر في إطالة القيام وأنه أفضل من كثرة الركوع والسجود محمد بن الحسن
حدثني بذلك بن عمران عن محمد بن سماعه عن محمد بن الحسن وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد
رحمهم الله تعالى
حدثنا فهد قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن
يزيد بن أرطاة عن جبير بن نفير أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رأى فتى وهو يصلى قد أطال صلاته
فلما انصرف منها قال من يعرف هذا قال رجل أنا فقال عبد الله لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل
الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام العبد يصلى أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه
فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه
فان قال قائل ففي هذا الحديث تفضيل الركوع والسجود على القيام
فقيل له ما فيه ما ذكرت وإنما فيه ما يعطاه المصلى على الركوع والسجود من حط الذنوب عنه
ولعله يعطى بطول القيام أفضل من ذلك
وأما ما فيه عن ابن عمر فان الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفضيله طول القيام أولى منه
تم كتاب الصلاة
كتاب الجنائز
باب المشي في الجنازة كيف هو
حدثنا علي بن معبد قال ثنا محمد بن جعفر المدائني قال ثنا شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه
قال كنا في جنازة عبد الرحمن بن سمرة أو عثمان بن أبي العاص فكانوا يمشون بها مشيا لينا
قال فكان أبو بكرة انتهرهم ورفع عليهم صوته وقال لقد رأيتنا نرمل بها مع النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال كنت جالسا
مع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالبقيع فطلع علينا بجنازة فأقبل علينا بن جعفر يتعجب من مشيهم بها
477

فقال عجبا لما تغير من حال الناس والله إن كان الا الجمز وإن كان الرجل ليلاحي الرجل فيقول يا عبد الله
اتق الله فوالله لكأنك قد جمز بك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال ثنا أبو أمامة سهل
بن حنيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أسرعوا بالجنازة فان كانت
صالحة قربتموها إلى الخير وإن كانت غير ذلك كان شرا تضعونه عن رقابكم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني زمعة بن صالح عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن
بن مهران أن أبا هريرة رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال أسرعوا بي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا
وضع الرجل الصالح على سريره قال قدموني قدموني وإذا وضع الرجل السوء على سريره قال يا ويلتي
أين تذهبون بي
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن السرعة في السير بالجنازة أفضل من غير ذلك واحتجوا في ذلك
بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا بل يمشى بها مشيا لينا فهو أفضل من غير ذلك
واحتجوا في ذلك بما حدثنا مبشر بن الحسن قال ثنا أبو عامر قال ثنا شعبة عن ليث بن أبي سليم
قال سمعت أبا بردة يحدث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة وهم يسرعون بها فقال ليكن
عليكم السكينة
فلم يكن عندنا في هذا الحديث حجة على أهل المقالة الولي لأنه قد يجوز أن يكون في مشيهم ذلك
عنف يجاوز ما أمروا به في الأحاديث الأول من السرعة فنظرنا في ذلك هل نجد فيه دليلا يدلنا على شئ
من ذلك
478

فإذا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري قد حدثنا قال ثنا أبو الوليد قال ثنا زائدة عن ليث
بن أبي بردة عن أبيه قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة يسرعون بها المشي وهو يمخض تمخض الزق
فقال عليكم بالقصد بجنائزكم
ففي هذا الحديث أن الميت كان يتمخض لتلك السرعة تمخض الزق
فيحتمل أن يكون أمرهم بالقصد لان السرعة سرعة يخاف منها أن يكون من الميت شئ فنهاهم عن ذلك
فكان ما أمرهم به من السرعة في الآثار الأول هي أقصد من هذه السرعة
فنظرنا في ذلك أيضا هل روى فيه شئ يدلنا على شئ من هذا المعنى
فإذا أبو أمية قد حدثنا قال ثنا عبد الله بن موسى قال أنا الحسن بن صالح عن يحيى الجابر عن أبي
ماجد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن السير بالجنازة فقال ما دون الخبب فان
يك مؤمنا فما عجل فخير وإن يك كافرا فبعدا لأهل النار
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن السير بالجنازة هو ما دون الخبب
فذلك عندنا دون ما كانوا يفعلون في حديث أبي موسى حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمرهم به من ذلك
ومثل ما أمرهم به من السرعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب المشي في الجنازة أين ينبغي أن يكون منها
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر
وعمر رضي الله عنه عنهما يمشون أمام الجنازة
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم أن عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما كان يمشى أمام الجنازة قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان
بن عفان رضي الله عنهم
حدثنا محمد بن عزيز الأيلي قال ثنا سلامة عن عقيل قال حدثني بن شهاب ان سالما أخبره
ثم ذكر مثله
479

حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث بن سعد
قال ثنا عقيل بن خالد ثم ذكر مثله بإسناده
حدثنا ربيع الجيزي قال ثنا سعيد بن عفير قال ثنا يحيى بن أيوب قال ثنا عقيل عن ابن شهاب
عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يمشى أمام الجنازة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشى بين يدي الجنازة
وأبو بكر وعمر وعثمان وكذلك السنة في اتباع الجنازة
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك ح
وحدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن ابن شهاب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى
أمام الجنازة وابن عمر رضي الله عنهما والخلفاء هلم جرا إلى يومنا هذا قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا المشي خلفها أفضل من المشي أمامها
وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن حديث بن عيينة الذي ذكرناه في أول هذا الباب قد رواه
عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة
فصار في ذلك خبرا من بن عمر رضي الله عنهما عما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
يفعلونه في ذلك
وقد يجوز أن يكونوا كانوا يفعلون شيئا وغيره عندهم أفضل منه للتوسعة
كما قد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة والوضوء اثنتين اثنتين أفضل منه والوضوء ثلاثا ثلاثا أفضل
من ذلك كله ولكنه فعل ما فعل من ذلك للتوسعة
ثم قد خالف بن عيينة في إسناد هذا الحديث كل أصحاب الزهري غيره
فرواه مالك عن الزهري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى أمام الجنازة فقطعه
ثم رواه عقيل ويونس عن ابن شهاب عن سالم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر عثمان
يمشون أمام الجنازة هذا معناه وإن لم يكن لفظه كذلك لان أصل حديثه إنما هو عن سالم
قال كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يمشى أمام الجنازة وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان
رضي الله عنهم
فصار هذا الكلام كله في هذا الحديث إنما هو من سالم لا من بن عمر رضي الله عنهما فصار حديثا
منقطعا وفي حديث يحيى بن أيوب عن عقيل وكذلك السنة في اتباع الجنازة زيادة على ما في حديث الليث
وسلامة عن عقيل فكذلك أيضا لا حجة فيه لأنه إنما هو من كلام سالم أو من كلام الزهري
480

وقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما مما سنرويه في موضعه من هذا الباب إن شاء الله
وقال أصحاب المقالة الولي وقد روى عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يمشون أمام الجنازة
وذكروا ما حدثنا يونس قال حدثنا سفيان عن ابن المنكدر سمع ربيعة بن هدير يقول رأيت
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدم الناس أمام جنازة زينب رضي الله عنها
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن ابن المنكدر فذكر بإسناده مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا أبو نعيم قال ثنا إسرائيل عن عبد الأعلى قال سألت سعيد بن جبير
عن المشي أمام الجنازة
فقال نعم رأيت بن عباس رضي الله عنهما يمشي أمام الجنازة
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة أن أبا راشد
مولى معيقيب بن أبي فاطمة أخبره أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنهما وطلحة بن عبيد الله والزبير
بن العوام يفعلونه
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة أنه رأى أبا هريرة
رضي الله عنه وعبد الله بن عمر وأبا أسيد الساعدي وأبا قتادة يمشون أمام الجنازة
قالوا فقد دل هذا على أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها
قيل لهم ما دل ذلك على شئ مما ذكرتم ولكنه أباح المشي أمام الجنازة وهذا مما لا ينكره مخالفهم
أن المشي أمام الجنازة مباح
وإنما اختلفتم أنتم وإياه في الأفضل من ذلك ومن المشي خلف الجنازة
فإن كان عندكم أثر صحيح فيه أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها ثبت بذلك ما قلتم والا فقوله
إلى الان مكافئ لقولكم
وإن احتجوا في ذلك بما حدثنا يونس قال انا بن وهب عن مالك عن ابن شهاب قال ليس من
السنة المشي خلف الجنازة
قال بن شهاب والمشي خلف الجنازة من خطأ السنة
قيل لهم هذا كلام بن شهاب فقوله في ذلك كقولكم إذ كان لمخالفه ومخالفكم من الحجة عليه وعليكم
ما سنذكره في هذا الباب إن شاء الله تعالى
ثم رجعنا إلى ما روى في هذا الباب من الآثار هل فيه شئ يبيح المشي خلف الجنازة
فإذا ربيع الجيزي وابن أبي داود قد حدثانا قالا ثنا أبو زرعة قال أنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا
يمشون أمام الجنازة وخلفها
481

حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن بشار قال ثنا محمد بن بكر البرساني عن يونس بن يزيد ثم ذكر
بإسناده مثله
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشى خلف الجنازة كما كان يمشى أمامها
فإن كان مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما امام الجنازة حجة لكم أن ذلك أفضل من
المشي خلفها فكذلك مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما خلفها حجة لمخالفكم عليكم
أن ذلك أفضل من المشي أمامها فقد استوى خصمكم وأنتم في هذا الباب فلا حجة لكم فيه عليه
وقد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق قالا ثنا عثمان بن عمر بن فارس قال ثنا سعيد بن عبيد الله
عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكب خلف الجنازة والماشي
حيث شاء منها
فأباح في هذا الحديث أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي خلف الجنازة كما أباح المشي أمامها
وليس في شئ مما ذكرنا ما يدل على الأفضل من ذلك ما هو
وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما معناه قريب من معنى حديث المغيرة ولم يذكر
عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا بكر بن عياش عن حميد الطويل عن أنس
بن مالك رضي الله عنه في الرجل يتبع الجنازة
قال إنما أنتم مشيعون لها فامشوا بين يديها وخلفها وعن يمينها وشمالها
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا ابن عفير قال حدثني يحيى بن أيوب عن حميد عن أنس بن مالك
رضي الله عنه مثله
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما حدثنا عبد الغنى بن رفاعة اللحني قال ثنا عبد الرحمن
بن زياد قال ثنا شعبة عن أشعث بن سليم قال سمعت معاوية بن سويد بن مقرن قال سمعت البراء
بن عازب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنازة
ففي هذا الحديث أنه أمرهم باتباع الجنازة والمتبع المشي هو المتأخر عنه لا المتقدم أمامه
ففيما ذكرنا ما قد دل على فساد قول الزهري أن المشي خلف الجنازة من خطأ السنة
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن يسار
عن عمرو بن حريث قال قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ما تقول في المشي أمام الجنازة
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع
482

قال قلت فإني رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها فقال إنهما يكرهان أن
يحرجا الناس
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن أبي فروة الهمداني
عن زائدة بن خراش قال ثنا ابن أبزى عن أبيه قال كنت أمشي في جنازة فيها أبو بكر وعمر وعلى
رضي الله عنهم
فكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها وعلى رضي الله عنه يمشى خلفها يدي في يده
فقال علي رضي الله عنه أما إن فضل الرجل يمشى خلف الجنازة على الذي يمشى أمامها كفضل صلاة
الجماعة على صلاة الفذ وأنهما ليعلمان من ذلك مثل الذي أعلم ولكنهما سهلان يسهلان على الناس
ففي هذا الحديث تفضيل علي رضي الله عنه المشي خلف الجنازة على المشي أمامها
وقوله ان أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعلمان مثل ما أعلم وأنهما إنما يتركان ذلك للتسهيل على الناس
لا لان ذلك أفضل من غيره
وهذا مما لا يقال بالرأي إنما يقال ويعلم بما قد وقفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمهم إياه من ذلك
فقد ثبت بتصحيح ما روينا أن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها
وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني قال ثنا أبو بكر بن أبي مريم
عن راشد بن سعد عن نافع قال خرج عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأنا معه على جنازة فرأى معها نساء
فوقف ثم قال ردهن فإنهن فتنة الحي والميت ثم مضى فمشى خلفها
فقلت يا أبا عبد الرحمن كيف المشي في الجنازة أمامها أم خلفها فقال أما تراني أمشي خلفها
فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن المشي في الجنازة أجاب سائله أنه خلفها وهو الذي
روينا عنه في الباب الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمامها
فدل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك على جهة التخفيف على الناس ليعلمهم أن المشي خلف الجنازة
وإن كان أفضل من المشي أمامها ليس هو مما لا بد منه ولا مما يحرج تاركه ولكنه مما له أن يفعله
ويفعل غيره
وكذلك ما روى عن ابن عمر من ذلك فروى عنه سالم أنه كان يمشي أمام الجنازة
فدل ذلك على إباحة المشي أمامها لا على أن ذلك أفضل من المشي خلفها ثم روى عنه نافع أنه مشى خلفها
فدل ذلك أيضا على إباحته المشي خلفها لا على أن ذلك أفضل من غيره
فلما سأله أخبره بالمشي الذي ينبغي له أن يفعل في الجنازة خلفها على أنه هو الذي هو أفضل من غيره
483

وقد روينا في حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم باتباع الجنازة والأغلب من معنى ذلك هو المشي خلفها أيضا
فصار بذلك من حق الجنازة إتباعها والصلاة عليه إن كان يصلى عليها يكون في صلاته عليها متأخرا عنها
فالنظر على ذلك أن يكون المتبع لها في اتباعه لها متأخرا عنها فهذا هو النظر مع ما قد وافقه من الآثار
وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا إسرائيل عن عبد الله بن شريك العامري
قال سمعت الحارث بن أبي ربيعة سأل عبد الله بن عمر عن أم ولد له نصرانية ماتت
فقال له بن عمر رضي الله عنهما تأمر بأمرك وأنت بعيد منها ثم تسير أمامها فان الذي يسير أمام الجنازة
ليس معها
فهذا بن عمر يخبر أن الذي يسير أمام الجنازة ليس معها
فاستحال أن يكون ذلك عنده كذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشى أمام الجنازة
فثبت بذلك أن أصل حديث سالم الذي رويناه في أول هذا الباب إنما هو كما رواه مالك عن الزهري موقوفا
أو كما رواه عقيل ويونس عن الزهري عن سالم موقوفا
لا كما رواه بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا
حدثنا ابن أبي مريم قال ثنا الفريابي قال ثنا إسرائيل قال ثنا أبو يحيى عن مجاهد قال كنت
مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسا فمرت جنازة فقام بن عمر رضي الله عنهما ثم قال قم فإني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي مرت عليه
فقيل هل لك أن تتبعها فإن في اتباع الجنازة أجرا
فانطلقنا نمشي معها فنظر فرأى ناسا فقال ما أولئك الذين بين يدي الجنازة
قلت هم أهل الجنازة فقال ما هم مع الجنازة ولكن كتفيها أو وراءها
فبينما هو يمشي إذ سمع رانة فاستدارني وهو قابض على يدي فاستقبلها فقال لها شرا حرمتينا هذه الجنازة
اذهب يا مجاهد فإنك تريد الاجر وهذه تريد الوزر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتبع الجنازة معها رانة
فان قال قائل وكيف يجوز أن يكون المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها وقد كان عمر بن الخطاب
بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة زينب يقدم الناس أمامها فذلك دليل على أنه كان لا يرى المشي خلفها أصلا
ولولا ذلك لأباحه لمن مشى خلفها
قيل له وكيف يجوز ما ذكرت وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهما يريد أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها ثم يفعل هذا المعنى الذي ذكرت
484

ولكنه فعل ذلك عندنا والله أعلم لعارض إما لنساء كن خلفها فكره للرجال مخالطتهن فأمرهم
بتقدم الجنازة لذلك العارض لا لأنه أفضل من المشي خلفها
وقد سمعت يونس يذكر عن ابن وهب أنه سمع من يقول ذلك وهو أولى ما حمل عليه معنى ذلك الحديث
حتى لا يتضاد ما ذكره على عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم
وقد حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن مغيرة عن إبراهيم قال كان الأسود
إذا كان معها نساء أخذ بيدي فتقدمنا نمشي أمامها فإذا لم يكن معها نساء مشينا خلفها
فهذا الأسود بن يزيد على طول صحبته لعبد الله بن مسعود وعلى صحبته لعمر رضي الله عنه قد كان قصده
في المشي مع الجنازة إلى المشي خلفها الا أن يعرض له عارض فمشى أمامها لذلك العارض لا لان ذلك أفضل عنده
من غيره
فكذلك عمر ما رويناه عنه فيما فعله في جنازة زينب هو على هذا المعنى عندنا والله أعلم
وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن أبي السرى قال ثنا فضيل بن عياض قال ثنا منصور
عن إبراهيم ح
وحدثنا روح بن الفرج قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم
قال كانوا يكرهون السير أمام الجنازة
فهذا إبراهيم يقول هذا وإذا قال كانوا فإنما يعنى بذلك أصحاب عبد الله فقد كانوا يكرهون هذا ثم
يفعلونه للعذر لان ذلك هو أفضل من مخالطة النساء إذا قربن من الجنازة فأما إذا بعدن منها أو لم يكن معها
نساء فان المشي خلفها أفضل من المشي أمامها وعن يمينها وعن شمالها
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى
باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا
حدثنا علي بن معبد قال ثنا معلى بن منصور قال ثنا إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أمية عن
موسى بن عمران بن مناح أن أبان بن عثمان مرت به جنازة فقام لها
حدثنا يزيد قال ثنا دحيم قال ثنا سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك عن إسماعيل بن أمية
فذكر بإسناده مثله
الا أنه قال رأيت عثمان رضي الله عنه يفعل ذلك وأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
485

حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر
بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى توضع أو تخلفكم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال ثنا سفيان فذكر بإسناده مثله
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله
عنهما عن عامر بن ربيعة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيت جنازة فقم
حدثنا أبو بكرة قال ثنا حسين بن مهدي قال ثنا عبد الرزاق قال أخبرني بن جريج قال أخبرني
بن شهاب قال أخبرني سالم عن نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم
الجنازة فقوموا لها حتى توضع أو تخلفكم
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن
عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا يزيد بن سنان ومبشر بن الحسن قالا حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال ثنا سعيد
بن أبي أيوب قال حدثني ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أنه قال سأل
رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تمر بنا جنازة الكافر فنقوم لها قال نعم فإنكم لستم تقومون
لها
إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قالا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى
قال قعد سهل بن حنيف وقيس بن سعد بن عبادة بالقادسية فمر عليهما بجنازة فقاما
فقيل لهما انه من أهل الأرض أي مجوسي
فقالا: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقام فقيل له إنه يهودي فقال أليس ميتا
أوليس نفسا
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه لجنازة حتى توارت
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان ح
وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا أبان عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد الله
بن مقسم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت عليه جنازة فقمنا
486

لنحملها فإذا جنازة يهودي أو يهودية فقلنا يا نبي الله انها جنازة يهودي أو يهودية فقال إن الموت
فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبي عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال مر على مروان بجنازة فلم يقم
فقال أبو سعيد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقام فقام مروان
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي سعيد
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم قال ثنا أبان قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي
سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة قال ثنا أبو سعيد
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الوهبي قال ثنا ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن مرجانة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم على جنازة ولم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه
وإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذه الآثار فاتبعوها وجعلوها أصلا وقلدوها وأمروا من مرت به جنازة أن يقوم
لها حتى تتوارى عنه ومن مشى معها أن لا يقعد حتى توضع
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس على من مرت به جنازة أن يقوم لها ولمن تبعها أن يجلس وإن لم توضع
487

وقالوا أما قيام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة اليهودي في الحديث الذي رواه قيس بن سعد وسهل بن حنيف فان ذلك
لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم لان من حكم الجنائز أن يقام لها ولكن لمعنى غير ذلك
وذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال سمعت محمد بن عمر
يحدث عن الحسن وابن عباس رضي الله عنهما أو عن أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة يهودي
فقام لها وقال آذاني ريحها
فدل هذا الحديث على أن قيامه كان لما آذاه ريحها ليتباعد عنه لا لغير ذلك
وأما ما روى من قيامه لجنازة إنما كان ليصلي عليها
حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا عبد الله بن نمير عن سعيد عن قتادة عن الحسن أن العباس بن عبد المطلب
والحسن بن علي رضي الله عنه عنهما مرت بهما جنازة فقام العباس ولم يقم الحسن رضي الله عنه فقال العباس للحسن
أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت عليه جنازة فقام فقال نعم وقال الحسن للعباس أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يصلى عليها قال نعم
فدل هذا الحديث أن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إنما كان ليصلي عليها لا لان من سنتها أن يقام لها
وأما ما ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من القيام للجنازة ومن ترك القعود إذا اتبعت حتى توضع فان ذلك
قد كان ثم نسخ
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو عن
نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنازة
حتى توضع وقام الناس معه ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود
حدثنا يونس وبحر قالا ثنا ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد الليثي أن محمد بن عمرو بن علقمة
حدثه عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن مسعود بن الحكم الزرقي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا يونس قال أخبرني أنس بن عياض عن محمد بن عمرو بن واقد بن عمرو عن نافع بن جبير
عن مسعود بن الحكم أنه قال سمعت عليا يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك
وأمرنا بالجلوس
حدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا محمد بن جعفر عن موسى بن عقبة عن إسماعيل بن الحكم
بن مسعود الزرقي عن أبيه قال شهدت جنازة بالعراق فرأيت رجالا قياما ينتظرون أن توضع ورأيت علي
بن أبي طالب رضي الله عنه يشير إليهم أن اجلسوا فان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالجلوس بعد القيام
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن محمد بن المنكدر عن مسعود بن الحكم
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا ورأيناه قعد فقعدنا
488

فقد ثبت بما ذكرنا أن القيام للجنازة قد كان ثم نسخ
فقال قوم إنما نسخ ذلك لخلاف أهل الكتاب واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا صفوان
بن عيسى قال ثنا بشر بن رافع عن عبد الله بن سليمان عن أبيه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة
بن الصامت ذكر النبي صلى ا لله عليه وسلم قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد
قال فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم حبر من أحبار اليهود فقال يا محمد هكذا نفعل
قال فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال خالفوهم
وليس هذا الحديث عندنا يدل على ما ذهبوا إليه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى عنه ما حدثنا يونس
قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس
رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم
وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ
ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه
حدثنا محمد بن عزير الأيلي قال ثنا سلامة عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله
فذكر بإسناده مثله
فأخبر بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتبع أهل الكتاب حتى يؤمر بخلاف ذلك
فاستحال ان يكون ما أمر به من القعود في حديث عبادة وبخلاف أهل الكتاب قبل ان يؤمر بخلافهم
في ذلك لان حكمه صلى الله عليه وسلم أن يكون على شريعة النبي الذي كان قبله حتى يحدث له شريعة تنسخ ما تقدمها
قال الله عز وجل أولئك اللذين هدى الله فبهداهم اقتده
ولكنه ترك ذلك عندنا والله أعلم حين أحدث الله له شريعة في ذلك وهو القعود بنسخ ما قبلها
وهو القيام
وقد روى هذا المذهب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد
عن ابن سخبرة قال كنا قعودا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ننتظر جنازة فمر بجنازة أخرى
فقمنا فقال ما هذا القيام
فقلت ما تأتون به يا أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم جنازة مسلم
أو يهودي أو نصراني فقوموا فإنكم لستم لها تقومون إنما تقومون لمن معها من الملائكة
فقال علي رضي الله عنه إنما صنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة كان يتشبه بأهل الكتاب في الشئ فإذا
نهي عنه تركه
489

فأخبر علي رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان قام مرة في بدء أمره على التشبه منه
بأهل الكتاب وعلى الاقتداء بمن كان قبله من الأنبياء حتى أحدث الله تعالى له خلاف ذلك وهو القعود
فثبت بذلك ما صرفنا إليه وجه حديث عبادة
وقد حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد
بن وهب قالت ذاكرنا القيام إلى الجنازة وعندنا علي رضي الله عنه
فقال أبو مسعود رضي الله عنه قد كنا نقوم فقال علي رضي الله عنه ذلك وأنتم يهود
فمعنى هذا أنهم كانوا يقومون على شريعتهم ثم نسخ ذلك بشريعة الاسلام فيه
وقد ثبت بما وصفنا في هذا الباب أيضا نسخ ما رويناه في أوله من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام
للجنازة بالآثار التي رويناها بعد ذلك
وقد حدثنا يونس قال انا بن وهب قال حدثني أنس بن عياض عن أنيس بن أبي يحيى
قال سمعت أبي يقول كان بن عمر رضي الله عنهما وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون قبل أن توضع الجنازة
فهذا بن عمر رضي الله عنه قد كان يفعل هذا وقد روى عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
فدل تركه لذلك إلى ما كان يفعل على ثبوت نسخ فأحدثه عامر بن ربيعة
حدثنا يونس أيضا قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث ان عبد الرحمن بن القاسم حدثه
أن القاسم كان يجلس قبل أن توضع الجنازة ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان
أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوها ويقولون في أهلك ما أنت أهلك ما أنت
فهذه عائشة تنكر القيام لها أصلا وتخبر أن ذلك كان من أفعال أهل الجاهلية
وكان أبو حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى يذهبون في كل ما ذكرنا في هذا الباب إلى ما قد بينا
نسخه لما قد خالفه وبه نأخذ
باب الرجل يصلى على الميت أين ينبغي أن يقوم منه
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال أنا عبد الوارث بن سعيد عن حسين بن ذكوان
قال حدثني عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم على أم كعب ماتت وهي
نفساء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا حسين المعلم فذكر بإسناده مثله
490

قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا فقالوا هذا هو المقام الذي ينبغي للمصلى على الجنازة أن يقومه من المرأة
ومن الرجل
وخالفهم في ذلك آخرون وقالوا أما المرأة فهكذا يقوم للصلاة عليها وأما الرجل فعند رأسه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال ثنا همام قال ثنا
أبو غالب قال رأيت أنس بن مالك رضي الله عنه صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه وجئ بجنازة امرأة
فقام عند وسطها
فقال له العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل قال نعم فالتفت إلينا العلاء
بن زياد فقال احفظوا
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام فذكر بإسناده مثله
وزاد فقال له العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من المرأة حيث قمت ومن الرجل
حيث قمت قال نعم
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا عبد الوارث بن سعيد عن أبي غالب عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة
قال أبو جعفر فبين أنس رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الرجل عند رأسه
ومن المرأة من وسطها على ما في حديث سمرة فوافق حديث سمرة في حكم القيام من المرأة في الصلاة عليها كيف
هو وزاد عليه حكم الرجل في القيام منه للصلاة عليه فهو أولى من حديث سمرة
وقد قال بهذا القول أبو يوسف رحمه الله فيما حدثني به بن أبي عمران قال حدثني محمد بن شجاع
عن الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف رحمه الله
وأما قوله المشهور عنه في ذلك فمثل قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله حدثني به محمد بن العباس قال ثنا
علي بن معبد عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله قال يقوم من الرجل
والمرأة بحذاء الصدر
ولم يذكر محمد بين أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله في ذلك خلافا
وقد روى في ذلك أيضا عن إبراهيم النخعي
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا شريك بن عبد الله بن مغيرة عن إبراهيم
قال يقوم الرجل الذي يصلى على الجنازة عند صدرها
قال أبو جعفر والقول الأول أحب إلينا لما قد شده من الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
491

باب الصلاة على الجنازة
هل ينبغي أن تكون في المساجد أو لا
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا محمد بن إسماعيل عن الضحاك بن عثمان
عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة حين توفى سعد بن أبي وقاص
قالت ادخلوا به المسجد حتى أصلى عليه فأنكر الناس ذلك عليها
فقالت لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك عن أبي النضر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا ابن أبي عمر قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الواحد بن حمزة
عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة أمرت بسعد بن أبي وقاص أن يمر به في المسجد ثم ذكر مثل حديثه
عن يعقوب
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فقالوا لا بأس بالصلاة على الجنازة في المساجد
واحتجوا في ذلك أيضا بما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أحمد بن أبي عمر قال ثنا عبد العزيز بن محمد
عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن عمر صلي عليه في المسجد
وخالفهم في ذلك آخرون فكرهوا الصلاة على الجنازة في المساجد
واحتجوا في ذلك بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا أسد قال ثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى
التوأمة ح
وحدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا معن ابن عيسى عن أبي ذئب عن صالح
بن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى على جنازة في مسجد فلا شئ له
فلما اختلفت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فكان فيما روينا في الفصل الأول إباحة الصلاة
على الجنائز في المساجد وفيما روينا في الفصل الثاني كراهة ذلك احتجنا إلى كشف ذلك لنعلم المتأخر منه
فنجعله ناسخا لما تقدم من ذلك
492

فلما كان حديث عائشة فيه دليلا على أنهم قد كانوا تركوا الصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كانت تفعل
فيه حتى ارتفع ذلك من فعلهم وذهبت معرفة ذلك من عامتهم
فلم يكن ذلك عندها لكراهة حدثت ولكن كان ذلك عندها لان لهم أن يصلوا في المسجد
على جنائزهم ولهم أن يصلوا عليها في غيره
ولا يكون صلاتهم في غيره دليلا على كراهة الصلاة فيه كما لم تكن صلاتهم فيه دليلا على كراهة الصلاة
في غيره
فقالت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد ما قالت لذلك
وأنكر عليها ذلك الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم وكان أبو هريرة رضي الله عنه قد علم
من رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخ الصلاة عليهم في المسجد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعه منه في ذلك وأن ذلك الترك
الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كان يفعلها فيه ترك نسخ
فذلك أولى من حديث عائشة لان حديث عائشة رضي الله عنها إخبار عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حال الإباحة
التي لم يتقدمها نهى
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه إخبار عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد تقدمته الإباحة
فصار حديث أبي هريرة رضي الله عنه أولى من حديث عائشة رضي الله عنها لأنه ناسخ له
وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة رضي الله عنها وهم يومئذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على أنهم
قد كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها
وهذا الذي ذكرنا من النهى عن الصلاة على الجنازة في المسجد وكراهتها قول أبي حنيفة ومحمد وأبى
يوسف رضي الله عنهم
غير أن أصحاب الاملاء رووا عن أبي يوسف رضي الله عنه في ذلك أنه قال إذا كان مسجد قد أفرد للصلاة
على الجنازة فلا بأس بأن يصلى على الجنائز فيه
باب التكبير على الجنائز كم هو
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قالا ثنا شعبة عن عمر بن مرة عن ابن أبي ليلة قال كان
زيد بن أرقم يصلى على جنائزنا فيكبر أربعا
فكبر يوما خمسا فسئل عن ذلك فقال أبو بكرة في حديثه فقال كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا
وقال بن مرزوق في حديثه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها أو كبرها
493

حدثنا أحمد بن داود قال ثنا محمد بن كثير قال انا إسرائيل بن يونس قال ثنا عبد الأعلى أنه صلى
خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر خمسا
فسأله عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال أنسيت قال لا ولكني صليت خلف أبى القاسم
خليلي صلى الله عليه وسلم فكبر خمسا فلا أتركه أبدا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عيسى بن إبراهيم قال ثنا عبد العزيز بن مسلم عن يحيى بن عبد الله التيمي
قال صليت مع عيسى مولى حذيفة بن اليمان على جنازة فكبر عليها خمسا ثم التفت إلينا فقال ما وهمت
ولا نسيت ولكني كبرت كما كبر مولاي وولى نعمتي يعنى حذيفة بن اليمان صلى على جنازة فكبر عليها
خمسا ثم التفت إلينا فقال ما وهمت ولا نسيت ولكني كبرت كما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن التكبير على الجنائز خمسا واحتجوا في ذلك بهذه الآثار
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل هي أربع لا ينبغي أن يزاد على ذلك ولا ينقص منه
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا هدبة قال ثنا همام قال ثنا يحيى بن أبي كثير
عن عبد الله بن أبي قتادة أنه حدثه عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت فكبر عليه أربعا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو داود عن سليم بن حباب عن سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شريك ح
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم ح
وحدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري عن خارجة
بن زيد عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر قلابة فكبر أربعا
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا شيبان قال ثنا سويد أبو حازم قال حدثني قتادة عن عطاء عن
جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أربعا
حدثنا أحمد قال ثنا أبو الوليد قال ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سلمان المؤذن قال توفى
أبو شريحة فصلى عليه زيد بن أرقم فكبر عليه أربعا
فقلنا ما هذا فقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عياش الرقام قال ثنا سعيد بن يحيى الحميري قال ثنا سفيان بن حسين
عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود فقراء أهل المدينة وأنه أخبر
بامرأة ماتت فدفنوها ليلا فلما أصبح آذنوه فمشى إلى قبرها فصلى عليها وكبر أربعا
494

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا أبي قال سمعت النعمان يحدث عن الزهري عن أبي أمامة
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا أبو نعيم قال ثنا شريك عن إبراهيم الهجري قال صلى بنا
بن أبي أوفى على ابنة له فكبر عليها أربعا ثم وقف فانتظرنا بعد الرابعة تسليمه حتى ظننا أنه سيكبر الخامسة
ثم سلم ثم قال أراكم ظننتم أنى سأكبر الخامسة ولم أكن لأفعل ذلك وهكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل
حدثنا ابن داود قال ثنا الحوضي قال ثنا خالد بن عبد الله عن الهجري فذكر بإسناده مثله
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن الهجري فذكر بإسناده مثله
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه ثم خرج إلى المصلى
فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا شجاع عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن
بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا عبد الوارث بن سعيد عن أبي غالب عن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربع تكبيرات على الميت
وقالوا في حديث زيد بن أرقم الذي بدأنا بذكره في هذا الباب انه كان يكبر على الجنائز أربعا قبل المرأة التي
كبر فيها خمسا
ولا يجوز أن يكون كان يفعل ذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل خلافه الا لمعنى قد رأى النبي صلى
الله عليه وسلم يفعله
وهو ما رواه عنه سلمان المؤذن في صلاته على أبى شريحة في تكبيره عليه أربعا
ويحتمل تكبيره على تلك الجنازة خمسا أن يكون ذلك لان حكم ذلك الميت أن يكبر عليه خمسا لأنه
من أهل بدر فإنهم كانوا يفضلون في التكبير في الصلاة عليهم على ما يكبر على غيرهم
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال قال عمر
كل ذلك قد كان خمس وأربع فأمر عمر الناس بأربع يعنى في الصلاة على الجنازة
حدثنا فهد قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الله بن عمرو عن زيد يعنى بن أبي أنيسة عن حماد
495

عن إبراهيم قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مختلفون في التكبير على الجنائز لا تشاء أن تسمع رجلا
يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر سبعا وآخر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر خمسا وآخر يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أربعا الا سمعته فاختلفوا في ذلك فكانوا على ذلك حتى قبض أبو بكر رضي الله عنه
فلما ولى عمر رضي الله عنه ورأي اختلاف الناس في ذلك شق ذلك عليه جدا فأرسل إلى رجال من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال إنكم معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم ومتى تجتمعون
على أمر يجتمع الناس عليه فانظروا أمرا تجتمعون عليه فكأنما أيقظهم
فقالوا نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين فأشر علينا فقال عمر رضي الله عنه بل أشيروا أنتم على فإنما
أنا بشر مثلكم
فتراجعوا الامر بينهم فأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا التكبير على الجنائز مثل التكبير في الأضحى والفطر
أربع تكبيرات فأجمع أمرهم على ذلك
فهذا عمر رضي الله عنه قد رد الامر في ذلك إلى أربع تكبيرات بمشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عليه
وهم حضروا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه حذيفة وزيد بن أرقم فكان ما فعلوا من ذلك عندهم أولى مما
قد كانوا علموا
فذلك نسخ لما قد كانوا علموا لأنهم مأمونون على ما قد فعلوا كما كانوا مأمونين على ما قد رووا
وهذا كما أجمعوا عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم في التوقيت على حد الخمر وترك بيع أمهات الأولاد
فكان إجماعهم على ما قد أجمعوا عليه من ذلك حجة وإن كانوا قد فعلوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه
فكذلك ما أجمعوا عليه من عدد التكبير بعد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة فهو حجة وإن كانوا قد علموا
من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه
وما فعلوا من ذلك وأجمعوا عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو ناسخ لما قد كان فعله النبي صلى الله عليه وسلم
فان قال قائل وكيف يكون ذلك ناسخا وقد كبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ذلك أكثر
من أربع
وذكروا في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد
قال ثنا عامر عن عبد الله بن معقل أن عليا صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا
حدثنا يزيد قال ثنا يحيى قال ثنا إسماعيل قال ثنا موسى بن عبد الله أن عليا رضي الله عنه صلى
على قتادة فكبر عليه سبعا
496

قيل له إن عليا رضي الله عنه إنما فعل ذلك لان أهل بدر كان كذلك حكمهم في الصلاة عليهم يزاد فيها
من التكبير على ما يكبر على غيرهم من سائر الناس
والدليل على ذلك أن إبراهيم بن محمد الصيرفي حدثنا قال ثنا عبد الله بن رجاء قال ثنا زائدة قال ثنا
يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن معقل قال صليت مع علي على جنازة فكبر عليها خمسا ثم التفت
فقال إنه من أهل بدر ثم صليت مع علي على جنائز كل ذلك كان يكبر عليها أربعا
حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد قال ثنا شريك عن جابر عن عامر عن ابن معقل قال صلى
علي رضي الله عنه على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلينا فقال إنه من أهل بدر
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا حفص بن غياث عن عبد الملك بن سلع الهمداني عن
عبد خير قال كان علي رضي الله عنه يكبر على أهل بدر ستا وعلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وعلى سائر
الناس أربعا
فهكذا كان حكم الصلاة على أهل بدر
وقد حدثني القاسم بن جعفر قال ثنا زيد بن أخزم الطائي قال ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا سليمان
بن بشير قال صليت خلف الأسود بن يزيد وهمام بن الحارث وإبراهيم النخعي فكانوا يكبرون
على الجنائز أربعا
قال همام وجمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس على أربع الا على أهل بدر فإنهم كانوا يكبرون عليهم
خمسا وسبعا وتسعا
فدل ما ذكرنا أن كانوا اجتمعوا عليه من عدد التكبير الأربع في عهد عمر رضي الله عنه إنما كان على غير أهل
بدر وتركوا حكم أهل بدر على ما فوق الأربع
فما روى عن زيد بن أرقم مما ذكرنا إنما هو لأنه كان ذهب إلى هذا المذهب فيما نرى والله أعلم
وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال أنا حماد بن سلمة قال ثنا داود
بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة بن قيس قال قدم ناس من أهل الشام فمات لهم ميت فكبروا عليه
خمسا فأردت أن لا أحييهم فأخبرت بن مسعود رضي الله عنه فقال ليس فيه شئ معلوم
فهذا يحتمل ما ذكرنا في اختلاف حكم الصلاة على البدريين وعلى غيرهم
فكان عبد الله أراد بقوله ليس فيه شئ معلوم أي ليس فيه شئ يكبر في الصلاة على الناس جميعا
لا يجاوز إلى غيره
وقد روى هذا الحديث بغير هذا اللفظ
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا الشيباني
قال ثنا عامر عن علقمة أنه ذكر ذلك لعبد الله فقال عبد الله إذا تقدم الامام فكبروا بما كبر فإنه
لا وقت ولا عدد
497

وهذا عندنا معناه ما ذكرنا أيضا لان الامام قد يصلى حينئذ على البدريين وعلى غيرهم
فان صلى على البدريين فكبر عليهم كما يكبر على البدريين وذلك ما فوق الأربع فكبروا ما كبر
وإن صلى على غير البدريين فكبر أربعا كما يكبر عليهم فكبروا كما كبر لا وقت ولا عدد في التكبير
في الصلاة على جميع الناس من البدريين وغيرهم لا يجاوز ذلك إلى ما هو أكبر منه
وقد روى هذا الحديث أيضا عن عبد الله بغير هذا اللفظ
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير قال ثنا أبو إسحاق عن علقمة عن عبد الله
قال التكبير على الجنازة لا وقت ولا عدد إن شئت خمسا وإن شئت ستا
فهذا معناه غير معنى ما حكى عامر عن علقمة وما حكى عامر عن علقمة من هذا فهو أثبت لان عامرا
قد لقي علقمة وأخذ عنه أبو إسحاق فلم يلقه ولم يأخذ عنه ولان عبد الله قد روى عنه في التكبير أنه أربع
من غير هذا الوجه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن علي بن الأقمر عن أبي عطية قال سمعت
عبد الله يقول التكبير على الجنائز أربع كالتكبير في العيدين
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم ح
وحدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال حدثنا سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي عطية عن عبد الله
قال التكبير في العيدين أربع كالصلاة على الميت
حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح قال ثنا شعبة عن علي بن الأقمر فذكر بإسناده مثله
فهذا عبد الله لما سئل عن التكبير على الجنازة أخبر أنه أربع وأمرهم في حديث علقمة أن يكبروا
ما كبر أئمتهم
فلو انقطع الكلام على ذلك لكان وجه حديثه عندنا على أن أصل التكبير عنده أربع وعلى أن من صلى
خلف من يكبر أكثر من أربع كبر كما كبر إمامه لأنه قد فعل ما قد قاله بعض العلماء
وقد كان أبو يوسف يذهب إلى هذا القول ولكن الكلام لم ينقطع على ذلك وقال لا وقت ولا عدد
498

فدل ذلك على أن معناه في ذلك لا وقت عندي للتكبير في الصلاة على الجنائز ولا عدد على المعنى الذي
ذكرناه في أهل بدر وغيرهم
أي لا وقت ولا عدد في التكبير في الصلاة على الناس جميعا ولكن جملته لا وقت لها ولا عدد إن كان
أهل بدر هكذا حكم الصلاة عليهم والصلاة على غيرهم على ما روى عنه أبو عطية حتى لا يتضاد شئ من ذلك
ثم قد روى عن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم على جنائزهم أنهم كبروا فيها أربعا
فمما روى عنهم في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن عامر بن شقيق
عن أبي وائل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن التكبير على الجنازة
فأخبر كل واحد منهم بما رأى وبما سمع فجمعهم عمر رضي الله عنه على أربع تكبيرات كأطول الصلوات
صلاة الظهر
حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان قال ثنا إسماعيل عن عامر قال أخبرني
عبد الرحمن بن أبزى قال صلينا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على زينب بالمدينة فكبر عليها أربعا
حدثنا يزيد قال ثنا يحيى قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال ثنا عمير بن سعيد قال صليت مع
علي رضي الله عنه على يزيد بن المكفف فكبر عليه أربعا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا مسعر عن عمير مثله
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت عمير
بن سعيد فذكر مثله
حدثنا علي قال ثنا قبيصة قال ثنا سفيان عن الأعمش عن عمير بن سعيد عن علي مثله
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا أبو عوانة عن أبي حصين عن موسى بن طلحة
قال شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه صلى على جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يليه والنساء مما يلي
القبلة ثم كبر عليهم أربعا
499

حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن زيد بن طلحة قال صليت خلف بن عباس
رضي الله عنهما على جنازة فكبر عليها أربعا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو اليمان قال ثنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو أمامة بن سهل
بن حنيف وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الامام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرا
في نفسه ثم يختم الصلاة في التكبيرات الثلاث
قال الزهري فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري فقال وأنا سمعت الضحاك
بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في الصلاة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق أن الحسن بن علي
كبر على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أربعا
وهذا خلاف ما كان عمر وعلى رضي الله عنهما يريانه في أهل بدر أن يكبر في الصلاة عليهم
ما جاوز الأربع
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا مسعر عن ثابت بن عبيد قال صليت خلف زيد
بن ثابت على جنازة فكبر عليها أربعا وصليت خلف أبي هريرة على جنازة فكبر عليها أربعا
وحدثنا فهد قال ثنا ابن أبي مريم قال حدثنا موسى بن يعقوب قال حدثني شرحبيل بن سعد
قال صلى بنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على جنازة فكبر أربع تكبيرات
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا إسرائيل عن مهاجر أبى الحسن قال صليت
خلف البراء بن عازب على جنازة
قال اجتمعتم فقلنا نعم فكبر أربعا
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد قال ثنا إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال صليت
خلف أبي هريرة رضي الله عنه على جنائز من رجال ونساء فسوى بينهم وكبر أربعا
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكورون في هذه الآثار قد كانوا يكبرون في صلاتهم على جنائزهم
أربع تكبيرات ثم لا ينكر ذلك عليهم غيرهم
فدل ذلك أن ذلك هو حكم التكبير في الصلاة على الجنائز وأن ما زاد على التكبيرات الأربع فإنما كان
لمعنى خاص خص به بعض الموتى ممن ذكرنا من أهل بدر على سائر الناس
فثبت بما ذكرنا أن التكبير على الجنازة أربعا على الناس جميعا من بعد أهل بدر إلى يوم القيامة
500

وكان مذهب أبي حنيفة وسفيان وأبى يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله في التكبير على الجنائز
أيضا ما ذكرنا
وقد روى ذلك أيضا عن محمد بن الحنفية
حدثنا صالح قال ثنا سعيد قال ثنا هشيم قال أنا أبو حمزة عمران بن أبي عطاء قال شهدت وفاة
بن عباس بالطائف فوليه محمد بن الحنفية فصلى عليه فكبر أربعا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن عمران بن أبي عطاء قال صليت خلف
بن الحنفية علي بن عباس فكبر أربعا
باب الصلاة على الشهداء
حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني الليث بن سعد عن ابن شهاب حدثه عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابرا بن عبد الله أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفن قتلى أحد بدمائهم
ولم يصل عليهم ولم يغسلوا
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فقالوا لا يصلى على من قتل من الشهداء في المعركة ولا على
من جرح منهم فمات قبل أن يحمل من مكانه كما لا يغسل وممن قال بذلك أهل المدينة
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يصلى على الشهيد
وكان من الحجة لهم في ذلك على مخالفهم أن الذي في حديث جابر إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم
فقد يجوز أن يكون تركه ذلك لان سنتهم أن لا يصلى عليهم كما كان من سنتهم أن لا يغسلوا
ويجوز أن يكون لم يصل عليهم وصلى عليهم غيره لما كان به حينئذ من ألم الجراح وكسر الرباعية
وما أصابه يومئذ من المشركين
فإنه حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني بن أبي حازم وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي
عن أبي حازم
قال سعيد في حديثه سمعت سهل بن سعد
وقال بن أبي حازم عن سهل إنه سئل عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بأي شئ دووي
قال سهل كسرت البيضة على رأسه وكسرت رباعيته وجرح وجهه فكانت فاطمة رضي الله عنها
تغسله وكان علي رضي الله عنه يسكب الماء بالمجن
501

فلما رأت فاطمة رضي الله عنها أن الماء لا يزيد الدم الا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقتها وألصقتها
على جرحه فاستمسك الدم
يختلف لفظ بن أبي حازم وسعيد في هذا الحديث والمعنى واحد
حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن نافع عن هشام عن أبي حازم عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب
يوم أحد في وجهه فجرح وأن فاطمة رضي الله عنها ابنته أحرقت قطعة من حصير فجعلته رمادا وألصقته
على وجهه
وقال النبي صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله عز وجل على قوم دموا وجه رسول الله
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا ابن أبي مريم قال أنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل
بن سعد قال: هشمت البيضة على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكسرت رباعيته وجرح وجهه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن عون قال أنا خالد بن عبد الله عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اشتد غضب الله تعالى على قوم دموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا
دموا وجهه يومئذ وهشموا عليه البيضة وكسروا رباعيته
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا القعنبي قال ثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه فجعل يسلت الدم على وجهه ويقول كيف يفلح
قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله عز وجل فأنزل الله عز وجل (ليس لك
من الامر شئ)
فيجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم تخلف عن الصلاة عليهم لألم ما نزل به وصلى عليهم غيره
وقد حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال ثنا أسامة بن زيد الليثي أن بن شهاب حدثه أن أنس
بن مالك حدثه أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم
ففي هذا الحديث ما ينفى الصلاة عليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن غيره
فنظرنا في هذا الحديث كيف هو وهل زيد علي بن وهب فيه شئ
فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال ثنا عثمان بن عمر بن فارس قال أنا أسامة عن الزهري
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يوم أحد بحمزة وقد جدع ومثل به فقال لولا
أن تجزع صفية لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع
502

فكفنه في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه وإذا خمر رجليه بدا رأسه فخمر رأسه ولم يصل على أحد
من الشهداء غيره وقال أنا شهيد عليكم يوم القيامة
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل يومئذ على أحد من الشهداء غير حمزة فإنه صلى عليه وهو أفضل
شهداء (أحد)
فلو كان من سنة الشهداء أن لا يصلى عليهم لما صلى على حمزة كما لم يغسله إذ كان من سنة الشهداء
أن لا يغسلوا
وصار ما في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة ولم يصل على غيره
فهذا يحتمل أن يكون لم يصل على غيره لشدة ما به مما ذكرنا وصلى عليهم غيره من الناس
وقد جاء في غير هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومئذ على حمزة وعلى سائر الشهداء
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا أبو بكر بن عياش عن يزيد
بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوضع بين يديه يوم أحد عشرة
فيصلى عليهم وعلى حمزة ثم يرفع العشرة وحمزة موضوع ثم يوضع عشرة فيصلى عليهم وعلى حمزة معهم
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن يزيد بن أبي زياد
عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالقتلى فجعل يصلى عليهم
فيوضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ثم يرفعون ويترك حمزة ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم
سبعا حتى فرغ عنهم
حدثنا فهد قال ثنا يوسف بن بهلول قال ثنا عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق قال حدثني
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه يعنى عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمر يوم أحد بحمزة فسجى ببرده ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يصفون
ويصلى عليهم وعليه معهم
فهذا بن عباس وابن الزبير قد خالفا أنس بن مالك فيما رويناه عنه قبل هذا
وقد روى مثل هذا أيضا عن أبي مالك الغفاري
حدثنا بكر بن إدريس قال ثنا آدم بن إياس قال ثنا شعبة عن حصين بن عبد الرحمن قال سمعت
أبا مالك الغفاري قال كان قتلى أحد يؤتى بتسعة وعاشرهم حمزة فيصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحملون
ثم يؤتى بتسعة فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد روى أيضا عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثمان سنين
503

حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو وابن لهيعة بن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير
أخبره أنه سمع عقبة بن عامر يقول إن آخر ما خطب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهداء أحد ثم رقى
على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني لكم فرط وأنا عليكم شهيد
حدثنا علي بن معبد قال ثنا يونس بن محمد قال ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي
الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت
ففي حديث عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثمان سنين فلا يخلو صلاته عليهم
في ذلك الوقت من أحد ثلاثة معان
إما أن يكون سنتهم كانت أن لا يصلى عليهم ثم نسخ ذلك الحكم بعد بأن يصلى عليهم
أو أن تكون تلك الصلاة التي صلاها عليهم تطوعا وليس للصلاة عليهم أصل في السنة والايجاب
أو يكون من سنتهم أن لا يصلى عليهم بحضرة الدفن ويصلى عليهم بعد طول هذه المدة
لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم من هذه المعاني الثلاثة
فاعتبرنا ذلك فوجدنا أمر الصلاة على سائر الموتى هو أن يصلى عليهم قبل دفنهم
ثم تكلم الناس في التطوع عليهم قبل أن يدفنوا وبعد ما يدفنون فجوز ذلك قوم وكرهه آخرون
فأمر السنة فيه أوكد من التطوع لاجتماعهم على السنة واختلافهم في التطوع
فإن كان قتلى أحد ممن تطوع بالصلاة عليهم كان في ثبوت ذلك ثبوت السنة في الصلاة عليهم قبل أوان
وقت التطوع بها عليهم وكل تطوع فله أصل في الفرض
504

فان ثبت أن تلك الصلاة كانت من النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا به فلا يكون ذلك الا والصلاة عليهم سنة
كالصلاة على غيرهم
وان كانت صلاته عليهم لعلة نسخ فعله الأول وتركه الصلاة عليهم فان صلاته هذه عليهم توجب أن من
سنتهم الصلاة عليهم وأن تركه الصلاة عليهم عند دفنهم منسوخ
وإن كانت صلاته عليهم إنما كانت لان هكذا سنتهم أن لا يصلى عليهم الا بعد هذه المدة وأنهم خصوا
بذلك فقد يحتمل أن يكون كذلك حكم سائر الشهداء أن لا يصلى عليهم الا بعد مضي مثل هذه المدة
ويجوز أن يكون سائر الشهداء يعجل الصلاة عليهم غير شهداء أحد فان سنتهم كانت تأخير الصلاة عليهم
أنه قد ثبت بكل هذه المعاني أن من سنتهم ثبوت الصلاة عليهم إما بعد حين وإما قبل الدفن
ثم كان الكلام بين المختلفين في وقتنا هذا إنما هو في اثبات الصلاة عليهم قبل الدفن أو في تركها البتة
فلما ثبت في هذا الحديث الصلاة عليهم بعد الدفن كانت الصلاة عليهم قبل الدفن أحرى وأولى
ثم قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير شهداء أحد أنه صلى عليهم
فمن ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا نعيم بن حماد قال أنا عبد الله بن المبارك قال أنا ابن جريج
505

قال أخبرني عكرمة بن خالد أن بن أبي عمار أخبره عن شداد بن الهاد أن رجلا من الاعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فآمن به واتبعه وقال أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه
فلما كانت غزوة غنم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرى ظهرهم
فلما جاء دفعوه إليه فقال ما هذا قالوا قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخذه فجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ما هذا قال قسمته لك
قال ما على هذا اتبعتك ولكني اتبعتك أن أرمى ها هنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت وأدخل الجنة
فقال إن تصدق الله يصدقك
فلبثوا قليلا ثم نهضوا إلى العدو فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار
فقال النبي أهو هو قالوا نعم قال صدق الله فصدقه وكفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قدمه فصلى عليه
فكان مما ظهر من صلاته عليه اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا أنا
شهيد عليه
ففي هذا الحديث إثبات الصلاة على الشهداء الذين لا يغسلون لان النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يغسل
الرجل وصلى عليه
فثبت بهذا الحديث أن كذلك حكم الشهيد المقتول في سبيل الله في المعركة يصلى عليه ولا يغسل
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وأما النظر في ذلك فانا رأينا الميت حتف أنفه يغسل ويصلى عليه ورأيناه إذا صلى عليه ولم يغسل
كان في حكم من لم يصل عليه
فكانت الصلاة عليه مضمنة بالغسل الذي يتقدمها
فإن كان الغسل قد كان جازت الصلاة عليه وإن لم يكن غسل لم تجز الصلاة عليه
ثم رأينا الشهيد قد سقط أن يغسل فالنظر على ذلك أن يسقط ما هو مضمن بحكم الغسل
ففي هذا ما يوجب ترك الصلاة عليه الا أن في ذلك معنى وهو أنا رأينا غير الشهيد يغسل ليطهر وهو قبل
أن يغسل في حكم غير الطاهر لا ينبغي الصلاة عليه ولا دفنه على حاله تلك حتى ينقل عنها بالغسل
ثم رأينا الشهيد لا بأس بدفنه على حاله تلك قبل أن يغسل وهو في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا
فالنظر على ذلك أن يكون الصلاة عليهم في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا
هذا هو النظر في هذا الباب مع ما قد شهد له من الآثار وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
رحمهم الله تعالى
506

وقد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الخطاب بن عثمان الفوزي قال ثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن
عبد الله قال سمعت مكحولا يسأل عبادة بن أوفى النميري عن الشهداء يصلى عليهم فقال عبادة نعم
فهذا عبادة بن أوفى يقول هذا ومغازي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان جلها هناك نحو
الشام فلم يكن يخفى على أهله ما كانوا يصنعون بشهدائهم من الغسل والصلاة وغير ذلك
باب الطفل يموت أيصلى عليه أم لا
حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا أبو خيثمة قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال ثنا أبي عن ابن
إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن ابنه إبراهيم
رضي الله عنه ولم يصل عليه
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال ثنا يعقوب فذكر مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أنه لا يصلى على الطفل واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
ورووا في ذلك أيضا عن سمرة بن جندب
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا أبو معمر قال ثنا عبد الوارث قال ثنا عقبة بن يسار قال حدثني
عثمان بن جحاش وكان بن أخي سمرة بن جندب قال مات بن لسمرة قد كان سقى فسمع بكاء
فقال ما هذا فقالوا على فلان مات فنهى عن ذلك ثم دعا بطست ونقير فغسل بين يديه وكفن
بين يديه ثم قال لمولاه فلان انطلق به إلى حفرته فإذا وضعته في لحده فقل بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم أطلق عقد رأسه وعقد رجليه وقل اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده قال ولم يصل عليه
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة يعنى عن ز خلاس عن ابن جحاش عن سمرة بن
جندب أن صبيا له مات فقال ادفنوه ولا تصلوا عليه فإنه ليس عليه إثم ثم ادعوا الله لأبويه أن يجعله لهما
فرطا وسلفا
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل يصلى على الطفل
واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس قال أنا سفيان عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن عمته عائشة بنت
طلحة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت جاءت الأنصار بصبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقلت
507

وقيل له هنيئا له يا رسول الله لم يعمل سوءا قط ولم يدركه عصفور من عصافير الجنة
فقال أو غير ذلك أن الله عز وجل لما خلق الجنة خلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق
لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا حرملة بن يحيى قال ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث
عن عمارة بن غزية عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن أبا طلحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبي
طلحة حين توفى فأتاهم فصلى عليه فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبى طلحة
لم يكن معهم غيرهم وإنما كان تزوج أبى طلحة وأم سليم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بمدة وعمير ولده منها
في ذلك النكاح توفى وهو طفل
فهذا أخوه عبد الله بن أبي طلحة يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه
حدثنا عبد العزيز بن معاوية قال ثنا إسماعيل بن سعيد الجبيري قال ثنا أبي عن زياد بن جبير بن
حية عن أبيه فيما يحسب عبد العزيز يشك في أبيه خاصة عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الطفل يصلى عليه
حدثنا أبو أمية قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد السلام عن ليث عن عامر عن البراء قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحق من صليتم عليه أطفالكم
وقد قال عامر الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان صلى على ابنه إبراهيم ولم يكن ليقول ذلك الا وقد كان
ثبت عنده
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر عن سفيان عن جابر عن الشعبي قال مات إبراهيم بن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو بن ستة عشر شهرا فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
508

حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور قال ثنا الهيثم بن جميل قال حدثني شريك عن جابر فذكر
مثله بإسناده
غير أنه قال وهو بن ستة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا
ففي هذه الآثار اثبات الصلاة على الأطفال
فلما تضادت الآثار في ذلك وجب أن ننظر إلى ما عليه عمل المسلمين الذي قد جرت عليه عاداتهم فيعمل
على ذلك ويكون ناسخا لما خالفه
فكانت عادة المسلمين الصلاة على أطفالهم فثبت ما وافق ذلك من الآثار وانتفى ما خالفه
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار
وأما وجهه من طريق النظر فانا رأينا الأطفال يغسلون باتفاق المسلمين على ذلك
وقد رأينا البالغين كل من غسل منهم صلى عليه ومن لم يغسل من الشهداء ففيه اختلاف
فمن الناس من يصلى عليه ومنهم من لا يصلى عليه فكان الغسل لا يكون الا وبعده صلاة وقد يكون
الصلاة ولا غسل قبلها
فلما كان الأطفال يغسلون كما يغسل البالغون ثبت أن يصلى عليهم كما يصلى على البالغين
فهذا هو النظر في هذا الباب وقد وافق ما جرت عليه عادة المسلمين من الصلاة على الأطفال
وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد روى ذلك عن جماعة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب عن يونس عن نافع أنه حدثه أن عبد الله بن عمر صلى في الدار
على مولود له ثم أمر به فحمل فدفن
حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن راشد عن عطاء عن جابر بن عبد الله
قال إذا استهل الصبي ورث وصلى عليه
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن منصور بن أبي منصور
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه استفتى في صبي مولود مات أيصلى عليه قال نعم
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال رأيت أبا هريرة
رضي الله عنه صلى على منفوس لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول اللهم أعذه من عذاب القبر
509

باب المشي بين القبور بالنعال
حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة قال ثنا الأسود بن شيبان قال ثنا
خالد بن سمير قال حدثني بشير بن نهيك عن بشير بن الخصاصية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يمشي بين
القبور في نعلين فقال ويحك يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا الحماني قال ثنا وكيع عن الأسود فذكر بإسناده مثله
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى هذا الحديث فكرهوا المشي بالنعال بين القبور
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر ذلك الرجل بخلع النعلين لا لأنه كره
المشي بين القبور بالنعال لكن لمعنى آخر من قذر رآه فيها يقذر القبور
وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وعليه نعلاه ثم أمر بخلعهما فخلعهما وهو يصلى فلم يكن ذلك على كراهة
الصلاة في النعلين ولكنه للقذر الذي كان فيهما
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على إباحة المشي بين القبور بالنعال
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا آدم بن أبي إياس قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا طويلا في المؤمن إذا دفن في قبره والذي
نفسي بيده انه ليسمع خفق نعالكم حين تولوا عنه مدبرين
حدثنا علي بن معبد قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا محمد بن عمرو فذكر بإسناده مثله
حدثنا فهد قال ثنا أحمد بن حميد قال ثنا وكيع عن سفيان عن السدى عن أبيه عن أبي هريرة
رضي الله عنه رفعه مثله
فهذا يعارض الحديث الأول إذا كان معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى
ولكنا لا نحمله على المعارضة ونجعل الحديثين صحيحين فنجعل النهى الذي كان في حديث بشير للنجاسة
التي كانت في النعلين لئلا ينجس القبور كما قد نهى أن يتغوط عليها أو يبال
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه يدل على إباحة المشي بالنعال التي لا قذر فيها بين القبور
510

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار
وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد ذكرنا عنه من صلاته في نعليه ومن خلعه إياهما
في وقت ما خلعهما للنجاسة التي كانت فيهما ومن إباحة الناس الصلاة في النعال
فمن ذلك ما قد حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو حمزة عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه وهو يصلى فخلع من خلفه فقال ما حملكم
على خلع نعالكم قالوا رأيناك خلعت فخلعنا
فقال إن جبرائيل عليه السلام أخبرني أن في أحدهما قذرا فخلعتهما لذلك فلا تخلعوا نعالكم
حدثنا ابن أبي عقيل قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد
الأزدي قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في النعلين فقال نعم
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا زهير بن معاوية قال ثنا أبو إسحاق عن علقمة بن قيس
ولم يسمعه منه أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أتى أبا موسى الأشعري فحضرت الصلاة
فقال أبو موسى تقدم يا أبا عبد الرحمن فإنك أقدم سنا وأعلم
فقال تقدم أنت فإنما أتيناك في منزلك ومسجدك فأنت أحق فتقدم أبو موسى فخلع نعليه
فلما سلم قال ما أردت إلى خلعهما أبا الواد المقدس طوى أنت لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى
في الخفين والنعلين
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو الوليد قال ثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي
سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن كان فيهما أذى
أو قذر فليمسحهما ثم ليصل فيهما
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن رجل من
بنى الحارث بن كعب قال كنت جالسا مع أبي هريرة رضي الله عنه فقال رجل يا أبا هريرة أنت نهيت الناس
أن يصلوا في نعالهم
فقال ما فعلت غير أنى ورب هذه الحرمة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى في هذا المقام وأن نعليه عليه
511

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان عن عبد الملك قال أخبرني من سمع أبا هريرة
رضي الله عنه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك عن زياد الحادي قال سمعت أبا هريرة
رضي الله عنه فذكر مثله
حدثنا ربيع الجيزي وصالح بن عبد الرحمن قالا ثنا عبد الله بن مسلمة قال ثنا مجمع بن يعقوب الأنصاري
عن محمد بن إسماعيل قال قيل لعبد الله بن أبي حبيبة ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه
حدثنا فهد قال ثنا أبو غسان قال ثنا خالد بن عبد الله عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حافيا ومتنعلا
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة عن سفيان الثوري عن السدى قال أخبرني من سمع بن حريث
يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في نعلين مخصوفتين
حدثنا أبو بكرة قال ثنا وهب وأبو الوليد قالا ثنا شعبة عن النعمان بن سالم في حديث وهب
عن ابن عمرو بن أوس وفي حديث أبي الوليد قال سمعت رجلا جده أوس بن أبي أوس قال كان جدي
يصلى فيأمرني أن أناوله نعليه فينتعل ويقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في نعليه
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب فذكر مثل ما ذكر أبو بكرة عن وهب
حدثنا نصر بن مرزوق قال ثنا أسد قال ثنا قيس بن الربيع عن عمير بن عبد الله عن عبد الملك
يعنى بن المغيرة الطائفي عن أوس بن أوس أو أوس بن أويس قال
أقمت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف شهر
فرأيته يصلى وعليه نعلان مقابلتان
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو ربيعة قال ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن
عبد الملك عن سعيد بن فيروز عن أبيه أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فرأيناه يصلى وعليه
نعلان مقابلتا
فلما كان دخول المساجد بالنعال غير مكروه وكانت الصلاة بها أيضا غير مكروهة كان المشي بها بين القبور
أحرى أن لا يكون مكروها
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
512

باب الدفن بالليل
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا مبارك بن فضالة قال ثنا نصر بن راشد عن
جابر بن عبد الله أن رجلا من بنى عذرة دفن ليلا ولم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فنهى عن الدفن ليلا
حدثنا فهد قال ثنا محمد بن عمران قال حدثني أبي قال حدثني بن أبي ليلى عن نافع عن ابن
عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدفنوا موتاكم بالليل
قال أبو جعفر فكره قوم دفن الموتى في الليل واحتجوا في ذلك بهذا الحديث
وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بالدفن في الليل بأسا
واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن
جابر قال رؤى في المقبرة ليلا نار فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في قبر وهو يقول ناولوني صاحبكم
حدثنا فهد قال ثنا أبو نعيم قال ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار قال أخبرني جابر
بن عبد الله أو قال سمعت جابر بن عبد الله مثله وزاد هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالقرآن
ففي هذا الحديث إباحة الدفن في الليل
ويجوز أن يكون النهى الذي ذكرنا في الباب الأول ليس من طريق كراهة الدفن بالليل ولكن لإرادة
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى على جميع موتى المسلمين لما يكون لهم في ذلك من الفضل والخير بصلاته عليهم
فإنه حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري عن
خارجة بن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أعرفن أحدا من المؤمنين مات الا آذنتموني للصلاة عليه
فان صلاتي عليهم رحمة
وكما حدثنا فهد قال ثنا الحماني قال ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فصلى على رجل بعد ما دفن وقال ملئت هذه المقبرة نورا بعد أن كانت
مظلمة عليه
فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بنهيه عن دفن الموتى في الليل ليكون هو الذي يصلى عليهم فيصيبون بصلاته
ما وصفنا من الفضل
وقد قيل إنه إنما نهى عن ذلك لمعنى غير هذا
حدثنا أبو بكرة قال ثنا عبد الله بن حمران عن أشعث عن الحسن أن قوما كانوا يسيئون أكفان
موتاهم فيدفنونهم ليلا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دفن الليل
فأخبر الحسن أن النهى عن الدفن ليلا إنما كان لهذه العلة لا لان الليل يكره الدفن فيه
513

وقد روى عن جابر بن عبد الله نحوا من ذلك
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا عمرو بن خالد قال ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن
الزبير عن جابر رضي الله عنه قال خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن غير طائل
ودفن ليلا فزجر أن يقبر رجل ليلا لكي يصلى عليه الا أن يضطر إلى ذلك وقال إذا ولى أحدكم أخاه
فليحسن كفنه
فجمع في هذا يعنى الحديث العلتين اللتين قيل أن النهي كان من أجلهما فلا بأس بالصلاة على الموتى بالليل
ودفنهم فيه أيضا
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد فعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن بالليل
حدثنا فهد قال ثنا يوسف بن بهلول قال ثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت
محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت
المساحي في آخر الليل الليلة الأربعاء
وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكره أحد منهم
فدل ذلك على أن ما كان من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدفن ليلا إنما كان لعارض لا لان الليل يكره الدفن فيه
إذا لم يكن ذلك لعارض
وقد قال عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيهن وأن نقبر فيهن موتانا
حين تطلع الشمس حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى يميل وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب
وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا
فدل ذلك أن ما سوى هذه الأوقات بخلافها في الصلاة على الموتى ودفنهم في الكراهة
وقد حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث عن عقيل ح
وحدثنا أحمد بن داود قال ثنا إسحاق بن الضيف قال ثنا عبد الرزاق عن معمر قالا جميعا عن
الزهري عن عروة عن عن عائشة رضي الله عنها قالت دفن علي بن أبي طالب فاطمة رضي الله عنهما ليلا
514

وحدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قالا ثنا أبو صالح قال حدثني الليث عن عقيل عن
الزهري فذكر بإسناده مثله
فهذا علي رضي الله عنه لم ير بالدفن في الليل بأسا ولم ينكر ذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ولا أحد من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج بن المنهال قال ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها قالت دفن أبو بكر رضي الله عنه ليلا
وحدثنا بكر بن إدريس قال ثنا أبو عبد الرحمن قال ثنا موسى بن علي قال سمعت أبي عن عقبة
أن رجلا سأله أيقبر بالليل فقال نعم قبر أبو بكر رضي الله عنه بالليل
فلا نرى بالدفن ليلا بأسا وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
باب الجلوس على القبور
حدثنا يونس قال ثنا يحيى بن حسان قال ثنا صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
عن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها
حدثنا روح بن الفرج قال ثنا حامد بن يحيى قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا عبد الرحمن بن يزيد
بن جابر أنه سمع بشر بن عبيد الله الحضري فذكر بإسناده مثله
حدثنا بحر بن نصر قال ثنا ابن بكر قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن بشر أنه سمع
واثلة فذكر بإسناده مثله
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال سمعت عبد الله بن المبارك
يقول ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال سمعت بشر بن عبيد الله يقول سمعت أبا إدريس الخولاني
يقول سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد الغنوي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن النضر بن عبيد الله السلمي ثم الأنصاري عن عمرو بن حزم قال رآني
رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال (أنزل عن القبر لا تؤذ صاحب القبر فلا يؤذيك)
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن حازم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر
515

رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والكتابة عليها والجلوس عليها
والبناء عليها
حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا حفص عن ابن جريج فذكر بإسناده مثلها
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا مسلم قال ثنا مبارك بن فضالة عن نصر بن راشد عن جابر بن عبد الله
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نجلس على القبور
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب بن ناصح قال ثنا عبد العزيز بن مسلم عن سهيل
بن أبي صالح ح
وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة قال ثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لئن يجلس أحدكم على جمرة حتى تحرق ثيابه وتخلص إلى جلده خير له
من أن يجلس على قبر
قال أبو جعفر فذهب قوم إلى الآثار فقلدوها وكرهوا من أجلها الجلوس على القبور
516

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر ولكنه أريد به الجلوس للغائط
أو البول وذلك جائز في اللغة يقال جلس فلان للغائط وجلس فلان للبول
واحتجوا في ذلك بما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا عمرو بن علي قال ثنا عثمان
بن حكيم عن أبي أمامة أن زيد بن ثابت قال هلم يا بن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على
القبور لحدث غائط أو بول
فبين زيد في هذا الحديث الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول ما هو
وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه نحو من ذلك
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني محمد بن أبي حميد أن محمد بن كعب القرظي أخبرهم
قال إنما قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما
جلس على جمرة نار
حدثنا ابن أبي داود قال ثنا المقدمي قال ثنا سليمان بن داود قال ثنا محمد بن أبي حميد عن محمد
بن كعب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قعد على قبر فتغوط عليه أو بال فكأنما قعد
على جمرة
فثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول هو هذا الجلوس فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل
في ذلك النهى
وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
وقد روى ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني بكر بن مضر عن عمرو
بن الحارث عن بكير أن يحيى بن أبي محمد حدثه أن مولى لآل علي رضي الله عنه حدثه أن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه كان يجلس على القبور
وقال المولى كنت أبسط له في المقبرة فيتوسد قبرا ثم يضطجع
حدثنا علي قال ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني بكر عن عمرو عن بكير أن نافعا حدثه
أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يجلس على القبور (تم - بحمد الله - الجزء الأول، ويليه - إن شاء الله - الجزء الثاني مبتدئا بكتاب الزكاة)
517