الكتاب: كتاب العرش
المؤلف: ابن أبي شيبة
الجزء:
الوفاة: ٢٩٧
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: محمد بن حمد الحمود
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٦
المطبعة: شركة مطبعة الفيصل
الناشر: مكتبة المعلا - الكويت
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
1

شركة مطبعة الفيصل
ص ب 19673 - خيطان - الكويت - 83807
تليفون: 2446740 - 2446838 - 2446847
2

كتاب العرش
وما روي فيه
3

كتاب العرش
وما روي فيه
للحافظ محمد بن عثمان
ابن أبي شيبة العبسي
المتوفى سنة 297 ه‍
حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه
محمد بن حمد الحمود
مكتبة المعلا - الكويت
5

حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1406 ه‍ _ 1986 م
مكتبة المعلا - الكويت
ت - 2446740 / 711083
6

مقدمه *
الحمد لله العلي العظيم، الحليم الكريم، السميع البصير، اللطيف الخبير،
ذي النعم السوابغ، والفضل الواسع، والحجج البوالغ، تعالى ربنا عن صفات
المحدودين، وتقدس عن شبه المخلوقين، وتنزه عن مقالة المعطلين، علا ربنا
فكان فوق سماواته عاليا، ثم على عرشه استوى، يعلم السر وأخفى، ويسمع
الكلام والنجوى، لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا في لجج
البحار ولا في الهواء، والحمد لله الذي أنزل القرآن بعلمه، وأنشأ خلق الإنسان
من تراب بيده، ثم كونه بكلمته، واصطفى رسوله إبراهيم عليه السلام
بخلقه، ونادى كليمه موسى صلوات الله عليه فقربه نجيا وكلمه تكليما، وأمر
نبيه نوحا صلوات الله عليه بصنعة الفلك على عينيه، وخبرنا أن أنثى لا
تحمل ولا تضع إلا بعلمه، كما أعلمنا أن كل شئ هالك إلا وجهه، وحذر عباده
نفسه التي لا تشبه أنفس المخلوقين.
أحمده على ما من علي من الإيمان بجميع صفات ربي عز وجل، التي وصف بها
نفسه في حكم تنزيله وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، حمد شاكر لنعمائه التي
لا يحصيها أحد سواه.
هذه المقدمة التي اخترتها لك أخي المسلم من كتاب " التوحيد " لابن
خزيمة، والتي تبين مدى اهتمام سلف أمتنا الإسلامية بتقديم العقيدة الصحية
للناس، مستقاة من الكتاب العزيز، والسنة الشريفة الصحيحة.
وكتاب ابن خزيمة من عشرات الكتب التي ألفت في هذا المجال، والتي
بينت للمسلمين أصول عقيدتهم مصفاة من شوائب وأقذار النفي والتعطيل،
والتشبيه والتأويل، الذي طرأ على المعتقد الصحيح للأمة.
وذلك أن أعداء الإسلام، من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا
7

وغيرهم من الملل، غاظهم تقدم الإسلام وعلوه علي الوثنيات والمعتقدات
القديمة البائدة، وهالهم غزو الإسلام لهم في عقر دورهم، ودخول الناس فيه
أفواجا أفواجا.
ورأوا أن الإسلام لا يواجه ولا يجابه وجها لوجه، فاختاروا أن يعلموا في
الخفاء بين المسلمين، فدخلوا فيه مستترين، محافظين بذلك على أرواحهم من
القتل، مخادعين لله ورسوله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما
يشعرون.
ورأوا أن قوة المسلمين، تكمن في عقيدتهم التي يحملونها في صدورهم، والتي
يبذلون أرواحهم رخيصة من أجلها، فبدأوا بحربها وغزوها.
ففسروا نصوص العقائد بما يتوافق مع أهوائهم، لا كما فسرها سلفا لأمة
الأوائل، ومزجوا الإسلام بما كان عندهم من فلسفات ووثنيات وخرافات،
وفسروا النصوص ولووا أعناق الآيات والأحاديث للتوافق مع معتقداتهم
القديمة ولا تصطدم معها، وقالوا إن ظواهر الكتاب والسنة غير مرادة، فأولوا
ونفوا وعطلوا وشبهوا وحرفوا وبل وصل الأمر بمن تبع طريقهم وانخدع بهم،
أن بدع وكفر من خالفهم وتمسك بما كان عليه أول هذه الأمة.
ولكن الله سبحانه ناصر دينه، فقد قيض لهؤلاء من يرد عليهم ويلقمهم
الحجارة، ويبين للناس ظلالهم وكفرهم ويتبرأ منهم ومن نهجهم، من أول يوم
خرجوا على الناس فيه بأقاويلهم الباطلة.
فقد جاء في صحيح مسلم 8 أن يحيى بن يعمر قال لعبد الله بن عمر بن
الخطاب: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون
العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الامر أنف، قال:
فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به
عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل الله منه حتى
8

يؤمن بالقدر.
وساق الحديث عن عمر بن الخطاب وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله لجبريل عليه
السلام عندما سأله عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره.
وأكمل التابعون ومن تبعهم بإحسان المسيرة في الرد على أصحاب هذه
العقائد الباطلة، المنحرفة عن الصراط المستقيم، خصوصا أنهم قد كثروا بعد
عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بازدياد الفتوحات الإسلامية وتوسع
دولة الإسلام ولم يخل عصر - ولله الحمد والمنة - من عالم منهم، يبين للناس
المعتقد الأول، ويرد على مقالات أهل الزيغ والأهواء بالنقل الصحيح،
والعقل الصريح الموافق له.
9

موضوع الكتاب:
الكتاب مؤلف - كما يتبين لمن يقرا مقدمته - للرد على الجهمية الذين
زعموا: أن الله في كل مكان. وأنكروا أن يكون الله سبحانه فوق عرشه كما
أخبر هو عن نفسه (قل أأنتم اعلم أم الله) (البقرة: 140)، فظنوا أن
ذلك معناه تشبيه الله بخلقه.
قال شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمة الحراني رحمه الله تعالى وغفر
له:
وهؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة، ويصفون
الله بالنقائص والآفات، ويمثلونه بالمخلوقات، بل بالناقصات، بل
بالمعدومات، بل بالممتنعات، فكل ما يضيفونه إلى أهل الاثبات الذين
يصفونه بصفات الكمال، وينزهونه عن النقائص والعيوب، وأن يكون له في
شئ من صفاته كفو أو سمي، فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون
بموجب الوهم والخيال الفاسد، أو أنهم يصفون الله بالنقائص والعيوب. أو انهم
يشبهونه بالمخلوقات، هو بهم أخلق، وهو بهم أعلق، وهم به أحق، فإنك لا
تجد أحدا سلب الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال، إلا وقوله يتضمن
لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ولمثيله بالمخلوقات، وتجده قد
توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا
الوهم والخيال، وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان من فوق العرش كان
محتاجا إلى العرش، كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه.
وهذا عين التشبيه الباطل، القياس الفاسد، ووصف الله بالعجز والفقر
إلى الخلق، وتوهم أن استواء المخلوق، أو لا يعلمون أن الله يجب
أن نثبت له صفات الكمال، وننفي عنه مماثلة المخلوقات؟ وأنه (ليس
كمثله شئ (الشورى: 11) لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؟
فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة شئ من المخلوقات، وذلك
11

يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام، التي ليس فيها كفؤ لذي الجلال
والاكرام.
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه، وهو خالق كل مخلوق،
ولم يصر عاليا على الخلق بشئ من المخلوقات، بل هو سبحانه خلق
المخلوقات، وهو بنفسه عاليا عليها، لا يفتقر في علوه عليها إلى شئ منها،
كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات، وهو سبحانه حامل بقدرته
للعرش وحملة العرش (1) فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى، والله إذا جعل
في مخلوق قوة أطاق حمل العرش ما شاء أن يحمله من عظمته وغيرها، فهو
بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول، فكيف يكون مفتقرا إلى شئ؟ ا ه‍
(2).
* ذكر العرش في القرآن:
وقد ورد ذكره في القرآن إحدى وعشرين مرة.
ذكر الله استواءه في سبع آيات منها، ومجد نفسه سبحانه وسبحها وأنه
الملك ذو العرش العظيم في آيات كثيرة منها قوله سبحانه: (فسبحان الله
رب العرش عما يصفون) [الأنبياء: 22].
وقوله تعالى: (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش
الكريم) [المؤمنون: 116].
وقوله سبحانه: (الله لا إله إلا هو رب العرش
العظيم) [النمل: 26].
والعرش أعلى المخلوقات وأعظمها فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه قال: (إذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس، فإنه
وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة) (2).

1 - وهذا كقوله سبحانه وتعالى (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده
إنه كان حليما غفورا). [فاطر: 41].
2 - درء تعارض العقل والنقل 7 / 19 / 20.
3 - انظر تخريجه في الحديث رقم 12 من هذا الكتاب.
12

وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: (ما بين سماء الدنيا والتي تليها مسيرة
خمسمائة عام، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء
مسيرة خمسمائة عام والعرش على الماء والله على العرش وهو يعلم ما أنتم عليه) (1).
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى (وهو رب العرش العظيم)
[التوبة: 129]: أي مالك كل شئ وخالقه لأنه رب العرش العظيم الذي
هو سقف المخلوقات، جميع الخلائق من السماوات والأرضين، وما فيهما وما
بينهما تحت العرش، مقهورين بقدرة الله تعالى، وعلمه محيط بكل شئ،
وقدره نافذ في كل شئ وهو على كل شئ وكيل اه‍. (2)
ووصفه الله سبحانه بأنه (كريم) أي: حسن المنظر، بهي الشكل قال
سبحانه (فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش
العظيم [المؤمنون: 116] (3) كما قاله تعالى (فأنبتنا فيها من كل زوج
كريم) [لقمان: 10]، أي من كل زوج من النبات كريم أي: حسن
المنظر (4).
ووصفه بأنه واسع عظيم في قوله تعالى (ذو العرش المجيد)
[البروج: 15] (5).
والمجد: الاتساع وعظم القدر.
وأن له قوائم كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (.....

1 - حسن، أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية 81 وفي الرد على المريسي ص 73، 90، 105، ابن خزيمة في (
التوحيد) ص 105، 106، 376، 377، والطبراني في الكبير 8987 والبيهقي في الأسماء ص 507 واللالكائي 659،
وغيرهم عن عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود، وعاصم بن بهدلة هو ابن بي النجود، صدوق له أوهام.
2 - تفسير ابن كثير 2 / 404. وقد سئل أبو حنيفة رحمه عمن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو
كافر، لأنه أنكر أن يكون في السماء. (انظر شرح الفقه الأكبر ص 103 - 104 ط دار الكتب العربية
القاهرة 1327).
3 - وقرأ ابن محيصن وروى عن ابن كثير (الكريم) بالرفع نعتا لله. (القرطبي 12 / 157)
4 - انظر ابن كثير 3 / 259، 443.
5 - المجيد فيه قراءتان، الرفع على أنه صفة للرب عز وجل، والجر على أنه صفة للعرش، وكلاهما صحيح. (ابن
كثير 4 / 496).
13

الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة
من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أم جوزي بصعقة الطور) وفي رواية
(آخذ بجانب العرش) (1).
وقوله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين جويرية (لقد قلت بعدك أربع كلمات لو
وزنت بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا
نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته). (2) يدل على
أنه زنة العرش أثقل الأوزان، كما أن عدد الخلق أكثر الأعداد.
وأن له حملة من الملائكة وأنهم يسبحون بحمده ويشكرونه، ويؤمنون به
ويقرون بأنه لا إله لهم سواه ويشهدون بذلك، ولا يستكبرون عن عبادته،
ويستغفرون للذين آمنوا، لأنهم مثلهم في التسبيح والتحميد والشكر
والتوحيد، قال تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله ويسبحون
بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل
شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب
الجحيم) [غافر: 7].
وأن عدتهم يوم القيامة ثمانية قال تعالى (ويحمل عرش ربك يومئذ
ثمانية) [الحاقة: 17] (3).
ويحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن عظم خلقهم فيقول: (أذن لي أن أحدث عن
ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة
سبعمائة عام) (4) فمن آمن بذلك كله، وتفكر فيه وتدبره، عظم الله

1 - أخرجه البخاري 2412، 3398، 6917، 7427 ومسلم 2374، وأخرجه البخاري عن أبي هريرة 3408، 3414،
2411 ومسلم 2373.
2 - رواه مسلم 2726 عن ابن عباس.
3 - وقد روي عن ابن عباس من غير وجه في قوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية) قال: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله. ولكنها ضعيفة كلها انظر جامع
البيان للطبري 29 / 37.
4 - أخرجه بو داود 4727 عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر
بن عبد الله مرفوعا به. وهو حديث صحيح (انظر طرقه في الصحيحة 151).
14

الخالق لذلك كله، الذي خلق العرش وما دونه من الماء والكرسي
والسماوات والأرض وما فيهما، ويجعل المسلم يشعر بضآلة خلقه بالنسبة لباقي
خلق الله تعالى (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، ولكن
أكثر الناس لا يعلمون) [غافر: 57].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدبر ذلك ويتفكر فيه، فعن ابن عباس رضي الله
عنهما: أنه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من آخر الليل،
فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران (إن في خلق
السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار... حتى بلغ (فقنا
عذاب النار)) [آل عمران: 190 - 191]، ثم رجع إلى البيت فتسوك
وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه
الآية، ثم رجع فتسوك فتوضأ، ثم قام فصلى) (1).
وفي الآيات التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد على أن خلق السماوات
والأرض واختلاف الليل والنهار. بازدياد الليل على النهار تارة، وازدياد
النهار على الليل تارة أخرى، فيه دلالات
على وحدانية الله تعالى وعلى كمال علمه وقدرته، ووجه دلالتها، أنها في
غاية الاتقان ونهاية الاحكام، لا تفاوت فيها ولا اختلال، وهذا يظهر لمن
تفكر فيها من أصحاب العقول الخالصة، والفطر السليمة.
وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه
وقدره وآياته فقال (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها
وهم عنها معرضون، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)
[يوسف: 105 - 106].
ومدح عباده المؤمنين بأنهم يذكرونه قياما وقعودا وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض قائلين: (ربنا ما خلقت هذا باطلا)
أي ما خلقت هذا الخلق عبثا، بل بالحق، لتجزي الذين أساؤا بما عملوا
وتجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ثم نزهوه عن العبث وخلق الباطل فقالوا (

1 - أخرجه البخاري 4569، 4570، 4571 ومسلم 256 واللفظ له.
15

سبحانك) أي عن أن تخلق شيئا باطلا (فقنا عذاب النار) أي: يا من خلق
الخلق بالحق والعدل، يا من هو منزه عن النقائص والعيب والعبث، قنا من
عذاب النار. بحولك وقوتك، وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا، ووفقنا لعمل
صالح تهدينا به إلى جنات النعيم، وتجيرنا به من عذابك الأليم، آمين (1).

1 - انظر تفسير ابن كثير 1 / 439.
16

إنكار الجهمية ومن شابههم للعرش
قال أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه (الرد على الجهمية): -
باب الإيمان بالعرش
وهو أحد ما أنكرته المعطلة.
قال أبو سعيد: وما ظننا أنا نضطر إلى الاحتجاج على أحد ممن يدعي
الإسلام في إثبات العرش والإيمان به، حتى ابتلينا بهذه العصابة الملحدة في
آيات الله، فشغلونا بالاحتجاج لما لم تختلف فيه الأمم قبلنا، وإلى الله نشكو
ما أوهت هذه العصابة من عرى الاسلام، وإليه نلجأ وبه نستعين.
وقد حقق الله العرش في آي كثيرة من القرآن. فقال تعالى: (خلق
السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) [هود: 7]
وقال تعالى: (الرحمن على العرش استوى) [طه: 5] وقال تعالى:
(ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيرا) [الفرقان: 59]
(وترى الملائكة حافين من حول العرش) [الزمر: 75] في آي كثيرة
سواها.
فادعت هذه العصابة أنهم يؤمنون بالعرش ويقرون به، لأنه مذكور في
القرآن، فقلت لبعضهم: ما إيمانكم به إلا كإيمان (الذين قالوا آمنا
بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) [المائدة: 41] وكالذين (إذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن
مستهزءون) [البقرة: 14]، أتقرون أن لله عرشا معلوما موصوفا فوق
السماء السابعة تحمله الملائكة والله فوق كما وصف نفسه بائن من خلقه؟
فأبى أن يقربه كذلك، وتردد في الجواب، وخلط ولم يصرح.
17

قال أبو سعيد: فقال لي زعيم منهم كبير: لا، ولكن لما خلق الله الخلق
يعني السماوات والأرض وما فيهن، سمى ذلك كله عرشا له، واستوى على جميع
ذلك كله.
قلت: لم تدعوا من إنكار العرش والتكذيب به غاية، وقد أحاطت بكم
الحجج من حيث لا تدرون، وهو تصديق ما قلنا إن إيمانكم به كإيمان
(الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) [المائدة: 41]. فقد
كذبكم الله تعالى به في كتابه، وكذبكم به الرسول صلى الله عليه وسلم. أرأيتم قولكم: إن عرشه
سماواته وأرضه وجميع خلقه، فما تفسير قوله عندكم: (الذين يحملون
العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم) [غافر: 7]؟ أحمله عرش الله
أم حملة خلقه؟ وقوله: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)
[الحاقة: 17] أيحملون السماوات والأرض ومن فيهن أم عرش الرحمن؟ فإنكم إن
قلتم قولكم هذا، يلزمكم أن تقولوا: عرش ربك خلق ربك أجمع، وتبطلون
العرش الذي هو العرش، وهذا تفسير لا يشك أحد في بطوله واستحالته،
وتكذيب بعرش الرحمن تبارك وتعالى.
فقال الله تبارك وتعالى: (خلق السماوات والأرض في ستة أيام
وكان عرشه على الماء) [هود: 7] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم
يكن شئ، وكان عرشه على الماء) ففي قول الله تعالى، وحديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم دلالة ظاهرة، أن العرش كان مخلوقا على الماء، إذ لا أرض ولا سماء. فلم
تغالطون الناس بما أنتم له منكرون؟! ولكنكم تقورن بالعرش بألسنتكم تحرزا
من إكفار الناس إياكم بنص التنزيل، فتضرب عليه رقابه، وعند أنفسكم أنتم
به جاحدون. ولعمري لئن كان أهل الجهل في شك من أمركم، إن أهل العلم
من أمركم لعلى [يقين] أو كما قلت لهم، زاد أو نقص (1).

1 - انظر الرد على الجهمية للدارمي ص 26 - 28 بتحقيق بدر البدر.
18

* المؤلفات في العرش:
1 - فضائل العرش، لأبي عبيدة معمر بن المثنى المتوفي سنة 210 ه‍ (انظر
كشف الظنون 2 / 1276).
2 - كتاب العرش، لأبي عبيد أجمد بن محمد الهروي، ذكره الروداني في (صلة
الخلف) (مطبوع ضمن مجلة معهد المخطوطات 29 / 1 ص 20).
3 - رسالة في أن الله على العرش، لأبي عبد الله الذهبي (الظاهرية حديث
369 (ق 145 - 227).
4 - الرسالة العرشية، لأبي العباس أحمد بن تيمية (مطبوع ضمن مجموع
الفتاوي 6 / 545).
5 - كتاب (العرش وما روي فيه).
كتابنا هذا، الذي ألفه الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة للرد على
الجهمية الذين نفوا العرش والعلو واستواء الله على عرشه وغيرها
من الصفات.
19

* ترجمة المؤلف *
هو الحافظ محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبه إبراهيم بن عثمان بن خواستي
أبو جعفر العبسي مولاهم الكوفي سكن بغداد وحدث بها.
* مولده: لم أقف على تحديد لسنة مولده لكن قال الذهبي في الميزان: مات
سنة سبع وتسعين ومائتين عن نيف وثمانين سنة.
* عائلته: ولد محمد بن عثمان في عائلة اشتهرت بطلب الحديث وتتبعه
وسماعه وكتابته، يقول يحيى الحماني: أولاد ابن أبي شيبه من أهل العلم، كانوا
يزاحمونا عند كل محدث (1)، فأبوه وعمه من الثقات المشهورين وقد أخرج عنهما
البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبوهما محمد بن إبراهيم بن عثمان، من ثقات
المحدثين وكان قاضيا.
* شيوخه (2): وإليك تراجم شيوخه باختصار مع مصادرها، مع
الاكتفاء بالتهذيب إن كان صاحب الترجمة من رجال الكتب الستة: -
1 - والده وهو الحافظ عثمان بن محمد بن إبراهيم أبو الحسن بن أبي شيبه الكوفي
صاحب المسند والتفسير، قال الحافظ في التقريب: ثقة حافظ شهير وله
أوهام، وقيل كان لا يحفظ القرآن مات سنة 239 ه‍. التهذيب 7 / 149،
العرش: 2، 3، 7، 18، 26، 30، 31، 32، 33، 40، 41، 43،
44، 46، 50، 54، 59، 69، 70، 74، 75، 81، 83، 85، 88.
2 - عمه وهو الحافظ عبد الله بن محمد بن إبراهيم أبو بكر بن أبي شيبه الكوفي،
قال أحمد: أبو بكر صدوق وهو أحب إلي من عثمان، وقال أبو عبيد
القاسم: انتهى العلم إلى أربعة: فأبو بكر أسردهم له، وأحمد أفقهم فيه،

1 - التهذيب 6 / 3.
2 - وقد أضفت إلى شيوخه الذين ذكروا في ترجمته، شيوخه الذين روى عنهم في كتابه (العرش)
مع ذكر رقم الحديث فيه.
21

ويحيى أجمعهم له، وعلي أعلمهم به. ومن مؤلفاته (المصنف في الأحاديث
والآثار) (طبع في الدار السلفية - الهند) مات سنة 235 ه‍.
التهذيب 6 / 2. العرش: 2، 7، 20، 29، 41، 47، 50، 69.
3 - عمه القاسم بن محمد بن إبراهيم أخو أبي بكر وعثمان، حدث عنه أبو زرعة
وأبو حاتم ثم تركا حديثه، قال العقيلي في الضعفاء 3 / 481: حدثني محمد
ابن عثمان بن أبي شيبه قال: سألت يحيى عن عمي القاسم فقال لي: عمك
ضعيف يا ابن أخي، قال أبو جعفر: ولو ظننت أنه يقول هذا لم أسأله.
الجرح والتعديل 7 / 120، الميزان 3 / 379، اللسان 4 / 465.
4 - الإمام علي بن عبد الله بن جعفر السعدي مولاهم المديني الحافظ المشهور أعلم
أهل عصره بالحديث حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عنده.
التهذيب 7 / 349.
5 - الامام يحيى بن معين بن عوف الغطفاني مولاهم البغدادي، ثقة حافظ
مشهور، امام الجرح والتعديل. التهذيب 11 / 280.
6 - أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي أبو عبد الله، ثقة حافظ. التهذيب
1 / 50، العرش: 1 / 84
7 - منجاب بن الحارث بن عبد الرحمن التميمي الكوفي، ثقة - التهذيب
10 / 297، العرش: 4، 5، 22، 27، 63، 87.
8 - سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق الكندي الأشعثي الكوفي، ثقة.
التهذيب 4 / 68، العرش: 80.
9 - محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي أبو
عبد الرحمن صدوق. التهذيب 9 / 381.
10 - يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله الحماني الكوفي قال ابن حجر: حافظ إلا أنهم
اتهموه بسرقة الحديث. التهذيب 11 / 243، العرش: 28، 49.
11 - العلاء بن عمرو الحنفي قال ابن أبي حاتم لأبيه: ما حال العلاء بن
عمرو؟ قال: ما رأينا إلا خيرا. الجرح والتعديل 6 / 359.
12 - محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب مشهور بكنية ثقة حافظ
22

التهذيب 9 / 385.
13 - هناد بن السري بن مصعب أبو السري التميمي الدارمي ثقة. التهذيب
11 / 71، العرش: 17، 48.
14 - عبد الله بن مروان بن معاوية بن الحارث أبو حذيفة الفزاري، ثقة.
تاريخ بغداد 10 / 151، العرش: 8.
15 - فروة بن أبي المغرا واسم أبيه معد يكرب صدوق. التهذيب 7 / 265،
العرش: 9.
16 - النضر بن سعيد أبو صهيب، ضعفه ابن قانع. الميزان 4 / 256،
العرش: 9.
17 - عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي أبو سعيد صدوق رافضي التهذيب
5 / 109، العرش: 9، 78.
18 - محمد بن أبان بن وزير البلخي أبو بكر بن إبراهيم المستملي الحافظ ويعرف
بحمدويه ثقة حافظ. التهذيب 9 / 2، العرش: 10.
20 - عبد الاعلى بن حماد بن نصر الباهلي أبو يحيى المعروف بالنرسي، لا بأس
به. التهذيب 6 / 93، العرش: 11.
21 - عبيد بن يعيش المحاملي أبو محمد الكوفي العطار، ثقة. التهذيب 7 / 79،
العرش: 12، 25.
22 - عبد الحميد بن صالح بن عجلان البرجمي أبو صالح الكوفي صدوق.
التهذيب 6 / 117، العرش: 13.
23 - محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني أبو عبد الرحمن الكوفي ثقة حافظ فاضل
التهذيب 9 / 282، العرش: 14.
24 - الحسن بن صالح بن صالح الهمداني الثوري، ثقة فقيه عابد، رمي
بالتشيع. التهذيب 2 / 285، العرش 15، 55، 86.
25 - إبراهيم بن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي صدوق، ضعفه
الأزدي بلا حجه. التهذيب 1 / 153، العرش: 17.
26 - الحسن بن علي بن محمد الهذلي الخلال أبو علي وقيل: أبو محمد الحلواني،
ثقة حافظ، له تصانيف. التهذيب 2 / 302، العرش: 19، 60، 61.
23

27 - مليح بن وكيع بن الجراح أورده ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه
جرحا ولا تعديلا. الجرح 8 / 367. العرش: 21.
28 - إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى الخطمي أبو موسى المدني قاضي
نيسابور، ثقة متقن. التهذيب 1 / 251، العرش: 21.
29 - يوسف بن يعقوب الصفار أبو يعقوب الكوفي، ثقة. التهذيب 11 / 432،
العرش: 23.
30 - الليث بن هارون لم أجد له ترجمة. العرش: 24.
31 - محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك الديلي المدني أبو إسماعيل،
صدوق. التهذيب 9 / 61، العرش: 24.
32 - إسحاق بن بشر أبو يعقوب الكاهلي الكوفي، كذبه أبو بكر بن أبي
شيبة وموسى بن هارون وأبو زرعه وقال الدارقطني: هو في عداد
من يضع الحديث. الميزان 1 / 186، العرش: 34.
33 - عبد الله بن الحكم بن أبي زياد القطواني أبو عبد الرحمن الكوفي صدوق.
التهذيب 5 / 190، العرش: 35، 53.
34 - عبد الله بن يحيى بن الربيع لم أجد له ترجمة. العرش: 36.
35 - محمد بن بكار بن الريان الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البغدادي، ثقة.
التهذيب 9 / 75، العرش: 37.
36 - علي بن مكنف، لم أجد له ترجمة. العرش: 38.
37 - القاسم بن خليفة الكوفي أورده ابن أبي حاتم في كتابه 7 / 109 وقال سمعت
علي بن الحسين يقول: كتبت عنه مع جريج وكان شيعيا من أصحاب
الحسن بن صالح. العرش: 39.
38 - صالح بن سهيل النخعي أبو أحمد الكوفي مولى يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة، مقبول، وذكره ابن حبان في الثقات. التهذيب 4 / 393،
العرش: 42.
39 - إسماعيل بن إبراهيم بن غزوان لم أجد له ترجمة. العرش: 45.
40 - عقبة بن مكرم بن عقبة بن مكرم الضبي الهلالي أبو مكرم الكوفي،
صدوق. التهذيب 7 / 251، العرش: 51، 52.
24

41 - محمد بن عبيد بن محمد المحاربي أبو جعفر أو أبو يعلى النحاس الكوفي،
صدوق. التهذيب 9 / 332 م العرش: 56، 65.
42 - الهيثم بن جماز الحنفي البكاء البصري، قال ابن معين ضعيف وقال
النسائي متروك. الميزان 4 / 319، العرش: 57.
43 - الحسن بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، صدوق الجرح
3 / 24، العرش: 58.
44 - إبراهيم بن بهرام لم أجد له ترجمة. العرش: 62.
45 - إسماعيل بن إبراهيم الترجماني أبو إبراهيم البغدادي، لا بأس به. التهذيب
1 / 271، العرش: 64.
46 - عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري أبو سعيد البصري ثقة ثبت.
التهذيب 7 / 40، العرش: 66.
47 - أحمد بن طارق لم أجد له ترجمة. العرش: 67.
48 - جعفر بن محمد التميمي لم أجد من ترجمة. العرش: 68.
49 - زكريا بن يحيى، لم يتميز لي. العرش: 71.
50 - وهب بن بقية بن عثمان الواسطي أبو محمد، ثقة. التهذيب 11 / 159،
العرش: 16، 72.
51 - محمد بن عبد الجبار القرشي الهمذاني لقبه سندولا، صدوق عابد. التهذيب
9 / 289، العرش: 73.
52 - محمد بن جعفر السمناني، أبو جعفر بن أبي الحسين، ثقة. التهذيب
9 / 99، العرش: 73.
53 - نعيم بن يعقوب أبو المتئد الكوفي بن أخت سفيان بن عيينة قال العقيلي:
لا يتابع على حديثه. الضعفاء للعقيلي 4 / 295، الميزان 4 / 271، الجرح
8 / 463. العرش: 76.
54 - طاهر بن أبي أحمد الزبيري من أهل الكوفة، قال ابن حبان في الثقات
مستقيم الحديث. الجرح والتعديل 4 / 499، العرش: 77.
55 - عبيد بن أبي هارون لم أجد له ترجمة. العرش: 79.
56 - سفيان بن بشير الأنصاري، أورده ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه
25

جرحا ولا تعديلا. الجرح والتعديل 4 / 228، العرش: 82.
57 - محمد بن يزيد الحزامي الكوفي البزار، صدوق التهذيب 9 / 528،
العرش: 89.
58 - أحمد بن كثير هما اثنان، ولم يترجح لي أيهما شيخ المصنف. تاريخ بغداد
4 / 356 - 357، العرش: 90.
* تلاميذه: -
1 - الحافظ محمد بن محمد بن سليمان أبو بكر الأزدي الواسطي المعروف بابن
الباغندي. قال الخطيب: وكان فهما حافظا عارفا، وبلغني أن عامة ما
حدث به كان يرويه من حفظه، ورماه الدارقطني وغيره بالتدليس.
تاريخ بغداد 2 / 209، تذكرة الحفاظ 2 / 736.
2 - الإمام أبو محمد يحيى بن يحيى بن محمد بن صاعد، كاتب مولى أبي جعفر
المنصور الهاشمي البغدادي. قال الدارقطني: ثقة ثبت حافظ. تذكرة
الحفاظ 2 / 776.
3 - الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل أبو عبد الله الضبي القاضي المحاملي.
قال الخطيب: وكان صادقا، فاضلا دينا. تاريخ بغداد 8 / 19 - 23.
4 - الإمام المحدث أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد البغدادي الدقاق
ابن السماك. قال الدارقطني:... وكتب المصنفات الطوال بخطه، وكان
من الثقات، وقال الخطيب: كان ابن السماك ثقة ثبتا. السير 15 / 445،
ت بغداد 11 / 302.
5 - أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس النجاد أبو بكر، الفقيه
الحنبلي، قال الخطيب كان صدوقا عارفا وصنف السنن، وقال
الدارقطني: حدث النجاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله، قال
الخطيب: كان قد أضر فلعل بعضهم قرأ عليه ذلك. السير 15 / 504،
ت بغداد 4 / 189.
6 - جعفر بن محمد بن نصير بن قاسم أبو محمد البغدادي الخلدي، قال الخطيب
26

كان ثقة. السير 15 / 558، ت بغداد 7 / 226.
7 - الإمام أبو بكر أحمد بن محمد السري بن يحيى بن السري بن أبي دارم التميمي
الكوفي الشيعي، محدث الكوفة.
قال الذهبي: كان مصونا بالحفظ والمعرفة، إلا أنه يترفض، قد ألف في
الحط على بعض الصحابة، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل.
السير 15 / 576. ميزان الاعتدال 1 / 268.
8 - الحافظ أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة أبو بكر البغدادي، تلميذ محمد بن
جرير الطبري. قال الدارقطني: كان متساهلا، ربما حدث من حفظه بما
ليس في كتابه، وقال الخطيب: كان من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن
والشعر والتواريخ وله في ذلك مصنفات.
السير 15 / 544، ت بغداد 4 / 357.
9 - الإمام العلامة الخطيب أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يحيى
البغدادي الخطبي المؤرخ، قال الخطيب: كان فاضلا عارفا بأيام الناس
واخبارهم وخلفائهم، صنف تاريخا كبيرا، وقد وثقه الدارقطني.
السير 15 / 522، ت بغداد 6 / 304.
10 - الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه الشافعي البغدادي
البزار، قال الخطيب: ثقة ثبت حسن التصانيف، جمع أبوابا وشيوخا.
تذكرة الحفاظ 3 / 880.
11 - الإمام أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص الدوري العطار الخضيب مسند
العراق، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة مأمون.
السير 15 / 256، ت بغداد 3 / 310.
12 - أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي ابن الصواف. وهو راوي
الكتاب عنه (انظر ترجمته في تراجم إسناد الكتاب).
13 - الإمام الحافظ الحجة الفقيه أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس
الجرجاني الإسماعيلي الشافعي صاحب الصحيح.
قال الذهبي: وصنف تصانيف تشهد له بالإمامة في الفقه والحديث.
السير 16 / 292، تاريخ جرجان ص 108.
27

14 - الإمام الحافظ الثقة محدث الإسلام أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن
مطير اللخمي الشامي الطبراني صاحب المعاجم الثلاثة.
السير 16 / 119.
15 - الحسين بن عبيد الدقاق، لم أجد من ترجمه.
16 - شعبة بن الفضل بن سعيد أبو الحسن التغلبي، اسمه سعيد وغلب عليه
شعبة، ثقة.
المنتظم 6 / 372.
17 - زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد النهرواني، والد القاضي أبي الفرج
المعاض بن زكريا المعروف بابن طرارا، حدث عن أحمد بن علي
البربهاري وأحمد بن يحيى الحلواني ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة.
تاريخ بغداد 8 / 464.
* أقوال العلماء فيه:
اختلفت فيه عبارات أهل الجرح والتعديل.
فقد سئل عنه صالح بن محمد جزرة فقال: ثقة.
وسئل عنه عبدان فقال: ما علمنا إلا خيرا، كتبنا عن أبيه المسند بخط
ابنه (يعني محمد بن عثمان) الكتاب الذي يقرأ علينا (1).
وذكر أبو الحسن بن المنادي وفاته ثم قال: كنا نسمع شيوخ أهل الحديث
وكهولهم يقولون: مات حديث الكوفة بموت محمد بن أبي شيبة ومطين وموسى
بن إسحاق وعبيد بن غنام. وكان موتهم في عام واحد.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كتب عنه أصحابنا. أما عبد الله بن
أحمد بن حنبل فقد كذبه ورماه عبد الرحمن بن خراش بالوضع (2)
وقال أبو الحسن الدارقطني: إنه أخذ كتاب غير محدث.
وقال أبو بكر البرقاني: لم أزل اسمع الشيوخ يذكرون أنه مقدوح فيه.

1 - في الكامل لابن عدي 6 / 2297: سألت عبدان عنه فقال: كان يخرج إلينا كتب أبيه المسند بخطه في أيام أبيه وعمه
فيسمعه من أبيه، قلت له: وكان إذ ذاك رجلا؟ قال: نعم.
2 - قال ابن حجر في هدي الساري 2 / 154: (ابن خراش مذكور بالرفض والبدعة فلا يلتفت إليه).
28

وكان محمد بن عبد الله الحضرمي مطين يسيء الرأي فيه ويقول: عصا
موسى تلقف ما يأفكون.
قال أبو نعيم بن عدي الحافظ: وقفت على تعصب بين مطين وبين محمد
بن إبراهيم بن أبي شيبة، حتى ظهر لي أن الصواب الامساك عن قبول كل
واحد منهما صاحبه (1)
قال أبو نعيم: ورأيت موسى بن إسحاق الأنصاري يميل في هذا المعنى حين
ذكر عنده، ولا يطعن على محمد بن عثمان، ويثني علي مطين ثناءا حسنا.
قال أبو أحمد بن عدي: ومحمد بن عثمان على ما وصفه عبدان لا بأس به
وابتلى مطين بالبلدية لأنهما كوفيان جميعا قال فيه ما قال، وتحول محمد بن
عثمان بن أبي شيبة إلى بغداد وترك الكوفة، ولم أر له حديثا منكرا
فاذكره (2).
قال الخطيب البغدادي: وكان كثير الحديث واسع الرواية، ذا معرفة
وفهم وله تاريخ كبير.
وقال الذهبي في (السير): الامام الحافظ المسند أبو جعفر العبسي......
وجمع وصنف وله تاريخ كبير، ولم يرزق حظا، بل نالوا منه، وكان من
أوعية العلم.
وقال في الميزان: وكان بصيرا بالحديث والرجال (3) له تواليف مفيدة.
وقال السخاوي في معرض بيانه للمتكلمين في الرجال:..... وأبو جعفر
محمد بن عثمان بن أبي شيبة وهو ضعيف، لكنه من أئمة هذا الشأن (4).

1 - كلام الاقران في بعضهم البعض لا يعتد به كما هو مقرر عند علماء الجرح والتعديل.
2 - ولذا لم يذكره كثير ممن ألف في الضعفاء كالبخاري والنسائي وابن حبان والدارقطني والعقيلي فضلا عن أن ينسب
للكذب، وأما ابن عدي فإنه ذكره في (الكامل) وذب عنه كما مر عليك.
3 - وله أسئلة عن شيوخه في الجرح والتعديل محفوظة في الظاهرية مجموع 60 (206 - 211) ق وقد حققها الشيخ محمد
ناصر الدين الألباني، ذكر ذلك في فهرسته للظاهرية ص 18. وحقق موفق بن عبد الله سؤالاته لشيخه علي بن
المديني وطبع في الرياض.
4 - الاعلان بالتوبيخ ص 165.
29

* خلاصة القول:
أن الرجل لم يزل مقبولا عند العلماء (وأسئلته عن شيخيه ابن المديني
وابن معين في الجرح والتعديل تدل على قربه منهما) وإن حديثه لا ينزل عن
رتبة الحسن (1).
* مؤلفاته:
1 - (التاريخ) ووصفه الخطيب بأنه (تاريخ كبير) (2).
2 - (فضائل القرآن) (3).
3 - سؤالات محمد بن عثمان لطائفة من شيوخه في الجرح والتعديل (4).
4 - كتاب فيه خلق آدم وخطيئته وتوبته وأبواب في ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وغير
ذلك القطعة الأخيرة منه (5).
5 - سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة لعلي بن المديني (6)
6 - كتاب العرش وهو كتابنا هذا.
7 - كتاب السنن وكتاب التفسير وكتاب العين وكتاب المسند (7).
* وفاته:
قال إسماعيل بن علي الخطبي: مات أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة
ودفن في يوم الثلاثاء لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع
وتسعين ومائتين.

1 - وهذا هو الذي اختاره الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله فقد قال في فهرس مخطوطات الظاهرية -
المنتخب من مخطوطات الحديث - حافظ لا بأس به، وبين ذلك أيضا في مقدمة (مسائل ابن أبي شيبة شيوخه)
انظر الصحيحة 4 / 156.
2 - تاريخ بغداد 3 / 42.
3 - ذكره الداودي في طبقات المفسرين 2 / 194.
4 - الظاهرية مجموع 60 (206 - 211) ق المذكورة آنفا.
5 - الظاهرية مجموع 19 (46 - 57) ق.
6 - وقد حققها موفق بن عبد الله بن عبد القادر وطبعت بالرياض.
7 - الفهرست لابن النديم ص 320.
30

قال الخطيب: وببغداد كانت فاته. (1)

1 - مصادر ترجمته:
1 - الكامل لابن عدي 6 / 2297.
2 - تاريخ بغداد 3 / 42 - 47.
3 - المنتظم 6 / 95 - 96.
4 - تذكرة الحفاظ 2 / 661 - 662.
5 - ميزان الاعتدال 3 / 642 - 643.
6 - البداية والنهاية 11 / 111.
7 - لسان الميزان 5 / 280 - 281.
8 - طبقات الحفاظ 287 - 288.
9 - سيرة أعلام النبلاء 14 / 21.
10 - شذرات الذهب 2 / 226.
11 - طبقات المفسرين للداودي: 2 / 194 - 195.
12 - طبقات المفسرين لعادل نويهض 2 / 573.
13 - الاعلام 6 / 260.
14 - معجم المؤلفين 10 / 285.
15 - النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3 / 171.
31

كتاب (العرش وما روي فيه) لابن أبي شيبة.
* نسخة الكتاب:
باشرت العمل في تحقيق هذا الكتاب على نسخة فريدة كاملة، مصورة
عن نسخة محفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم 297 حديث، وهي
نسخة قديمة كتبت في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وكاتبها فيما يظهر هو محمد
بن حسن بن محمد بن أحمد، وتقع في ثلاث عشرة ورقة ذات وجهين في كل
صفحة بين 18 - 24 سطر، وخطها نسخ معتاد لا صعوبة في قراءته سوى
بعض المواضع التي بدا فيها الخط باهتا تصعب قراءته، ولكني - والحمد لله -
استطعت قراءته وما تبقى استدركته من المصادر الأخرى.
وتوجد في حواشي الكتاب بعض التصحيحات لبعض الأخطاء الواردة في
النص، وبعض الاستدراكات التي سقطت من الناسخ، وكتب إلى جانبها كلمة
(صح) وكتب في آخر المخطوطة، (بلغ مقابل غير مرة) وعدد أحاديث
الكتاب أربعون حديثا وخمسون أثرا.
وفي آخر النسخة سماعات لبعض العلماء منهم شيخ الاسلام أحمد بن تيمية
الحراني، والحافظ أبي الحجاج المزي وأبو محمد القاسم بن محمد البرزالي.
وعلى غلاف النسخة كتب يوسف بن عبد الهادي اجازته.
وقد تفضل مشكورا الأستاذ أحمد الخازندار أمين مكتبة المخطوطات
العربية بجامعة الكويت فصور لي النسخة، فجزاه الله خيرا.
* توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف:
نستطيع أن نثبت هذا الكتاب لمؤلفه بثلاث أمور:
* أولا: صحة اسناد الكتاب إلى مؤلفه، وإليك تراجم رجاله:
33

1 - ابن الصواف: الشيخ الإمام أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن
إسحاق البغدادي ابن الصواف
مولده في سنة سبعين ومائتين.
سمع محمد بن إسماعيل الترمذي وإسحاق بن الحسن الجربي، وبشر
ابن موسى وعبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن أحمد بن النضر
الأزدي ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة وغيرهم.
حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه وأبو الفتوح بن أبي الفوارس
وأبو الحسين بن بشران وأبو نعيم الأصبهاني وعدة.
قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثل أبي علي بن الصواف وفلان
بمصر.
قال بن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأمونا، ما رأيت مثله في
التحرز. وقال الذهبي: الشيخ الإمام المحدث الثقة الحجة أبو علي...
توفي في شعبان سنة تسع وخمسين وثلاث مئة وله تسع وثمانين
سنة (1).
2 - ابن أبي الفوارس: الإمام الحافظ أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن
فارس بن أبي الفوارس سهل البغدادي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
سمع من أحمد بن الفضل بن خزيمة، وأبي علي بن الصواف،
وجعفر محمد الخلدي، ودعلج بن أحمد وخلق كثير.
حدث عنه: أبو سعد الماليني وأبو بكر البرقاني، أبو الخطيب، وأبو
علي بن البناء وعدة.
قال الخطيب: قرأت عليه قطعه من حديثه وكان يملي في جامع
الرصافة.
وقال الذهبي: الإمام الحافظ المحقق الرحال أبو الفتح.... وارتحل
إلى البصرة وبلاد فارس وخراسان، وجمع وصنف، وانتخب عليه

1 - السير 16 / 184 تاريخ بغداد 1 / 289، البداية والنهاية 11 / 269.
34

المشايخ وكان مشهورا بالحفظ والصلاح والمعرفة.
توفي في ذي العقدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة (1).
3 - العشاري: الشيخ أبو طالب (2) محمد بن علي بن الفتح الحربي
العشاري.
ولد في أول سنة ست وستين وثلاث مئة.
سمع أبا الحسن الدارقطني وأبا الفتح القواس، وأبا حفص
بن شاهين، وأبا عبد الله بن بطة وغيرهم.
حدث عنه: أبو الحسين بن الطيوري، وأبو علي البرداني، وأبو العز بن كادش
وأحمد بن قريش وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقة صالحا.
وقال الذهبي: الشيخ الجليل الأمين أبو طالب.... قد كان أبو طالب
فقيها عالما زاهدا خيرا مكثرا صحب أبا عبد الله بن بطة، وأبا عبد الله بن حامد
وتفقه لأحمد.
قال ابن الطيوري: قال لي بعض أهل البادية: نحن إذا قحطنا استسقينا
بابن العشاري فنسقى.
توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مئة (3).
4 - ابن البناء: الإمام أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي
الحنبلي صاحب التواليف.
سمع من هلال الحفار وأبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي الحسن بن رزقويه
وأبي الحسين بن بشران وعبد الله بن يحيى السكري وطبقتهم فأكثر وأحسن.
حدث عنه: أحمد بن ظفر المغازلي وأبو منصور بن عبد الرحمن القزاز،
وإسماعيل بن السمرقندي وابنا أبي غالب وغيرهم.
وقد تلا بالروايات علي أبي الحسن الحمامي.

1 - السير 17 / 223، تاريخ بغداد 1 / 352، المنتظم 8 / 5، تذكرة الحفاظ 3 / 1053.
2 - وقع في المخطوطة أبو الفتح وهو خطأ.
3 - السير 18 / 48، تاريخ بغداد 3 / 107، طبقات الحنابلة 2 / 191، ميزان الاعتدال 3 / 656، والبداية
والنهاية 12 / 85.
35

قال الذهبي: وعلق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يعلى قديما واشتغل في
حياته وصنف في الفقه والأصول والحديث، وكان له حلقة للفتوى وحلقة
للوعظ وكان شديدا على المخالفين.
قال ابن النجار: كان ابن البناء يؤدب بني جردة، تلا على الحمامي
بالروايات وكتب الكثير وتصانيفه تدل على قلة فهمه وكان يصحف وكان
قليل التحصيل، أقرأ وحدث، ودرس وأفتى، وشرح الإيضاح لأبي علي
الفارسي، وإذا نظرت في كلامه بان لك سوء تصرفه ورأيت له ترتيبا في (
الغريب) لأبي عبيد قد خبط وصحف.
وقال شجاع الذهلي: كان أحد القراء المجودين سمعنا منه قطعة من تصانيفه.
وقال إسماعيل بن السمرقندي: كان رجل من المحدثين اسمه الحسن بن
أحمد بن عبد الله النيسابوري، فكان ابن البناء يكشط (بوري) ويمد السين
فتصير البناء، كذا قيل أنه يفعل ذلك.
وقد رد على هذا ابن الجوزي ي المنتظم وقال أنه بعيد عن الصحة لأنه
(أي ابن البناء) مكثر مع تدينه وشهرته بالرواية بخلاف النيسابوري فلم يشهر
له ذكر.
وقال الذهبي: هذا جرح بالظن والرجل في نفسه صدوق وكان من أبناء
الثمانين رحمه الله (1).
5 - ابن كادش: الشيخ أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد
بن أحمد العكبري، المعروف بابن كادش أخو المحدث أبي ياسر محمد.
ولد في صفر سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
سمع أبا الطيب الطبري، وأبا طالب العشاري، وأبا علي محمد محمد بن
الحسين الجازري، وأبا الحسين النرسي وعدة.
سمع منه ابن ناصر، والسفلي، وأبو العلاء الهمذاني، وهبة الله بن
السبط، وأبو القاسم بن عساكر وآخرون.
قال السمعاني: كان ابن ناصر يسيء القول فيه.

1 - السير 18 / 380، المنتظم 8 / 319، تذكرة الحفاظ 3 / 1176، لسان الميزان 2 / 195.
36

وقال ابن ناصر: لم يسمع كل كتاب (الجليس) من أبي علي الجازري،
قال السمعاني: فذكرت هذا لأبي القاسم الدمشقي فأنكره غاية الإنكار،
وقال: كان صحيح السماع ورأيت سماعه لهذا الكتاب في الأصل مثبتا،
وأثنى على أبي العز.
قال ابن النجار: كان ضعيفا في الرواية مخلطا كذابا لا يحتج به وللأئمة
فيه مقال.
وهذا تعنت في الجرح، أما اتهامه بالكذب فلعله يشير إلى قول عمر بن
علي القرشي: سمعت أبا القاسم علي بن الحسن بن عساكر الحافظ يقول: قال
لي ابن كادش: وضع فلان حديثا في حق علي، ووضعت أنا في حق أبي بكر
حديثا، بالله أليس فعلت جيدا؟
قال الذهبي: هذا يدل على جهله، يفتخر بالكذب على رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن حجر: مشهور من شيوخ ابن عساكر، أقر بوضع
حديث وتاب وأناب (1).
وقال ابن عساكر: كان صحيح السماع.
مات سنة ست وخمسين وخمس مائة.
6 - أبو إسحاق إبراهيم بن بركة بن طاقويه.
لم أجد له ترجمة، ولا يضر ذلك بالاسناد فقد قرن معد أبو القاسم بن

1 - فائدة: التائب من الكذب هل تقبل روايته أو لا تقبل؟ قال ابن كثير في اختصار علوم
الحديث ص 101: التائب من الكذب في حديث الناس تقبل روايته خلافا لأبي بكر الصيرفي،
فأما إن كان كذب في الحديث متعمدا فنقل ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل وأبي بكر الحميدي
شيخ البخاري: أنه لا تقبل روايته أبدا، وقال أبو مظفر السمعاني: من كذب في خبر واحد
وجب اسقاط ما تقدم من حديثه، وقد رد النووي هذا فقال في شرح مسلم 1 / 70: ولم أر دليلا
لمذهب هؤلاء ويجوز أن يوجه بأن ذلك جعل تغليظا وزجرا بليغا عن الكذب عليه صلى الله عليه وسلم.
وقال: والمختار القطع بصحة توبته في هذا وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها
المعروفة وهي: الاقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم على أن لا يعود إليها فهذا هو
الجاري على قواعد الشرع وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافرا فأسلم وأكثر الصحابة كانوا
بهذه الصفة وأجمعوا على قبول شهادته ولا فرق بين الشهادة والرواية في هذا والله أعلم اه‍.
37

هبة الله الآتية ترجمته.
7 - السبط: الشيخ أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن أبي سعد المظفر بن الحسن
الهمذاني الأصل البغدادي المراتبي.
ولد في حدود سنة عشر وخمس مئة وقيل سنة ثلاث عشرة.
سمع من: أبيه أبي علي، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان وأبي العز
ابن كادش وأبي القاسم بن الحصين وطائفة.
حدث عنه: ابن الدبيثي، وابن النجار وابن خليل والشيخ الضياء
اليلداني والنجيب الحراني وابن عبد الدائم وعدة.
وبالإجازة: الفخر علي بن البخاري وأحمد بن أبي الخير.
قال ابن الدبيثي: هو صحيح السماع، فيه تسامح في الأمور الدينية.
قال ابن نقطة: كان غير مرضي السيرة في دينه.
قال ابن النجار: كان فهما ذكيا، حفظة للنوادر: عمل مرة شطرنجا،
وزنه خروبتان، ورزه من عاج وأبنوس، ثم كبر وساء خلقه، وكان
يتعاسر، ويسب أباه الذي سمعه، وفيه قلة دين، الله يسامحه.
قال الذهبي: الشيخ المسند المعمر أبو القاسم.... فالرجل سماعه صحيح
وحفظه مستقيم، لكن ينكر عليه الذي ذكروه عنه (1).
8 - يوسف بن خليل بن قراجا عبد الله، الإمام المحدث الصادق الرحال
النقال، شيخ المحدثين راوية الإسلام أبو الحجاج شمس الدين الدمشقي الأدمي
الإسكاف نزيل حلب وشيخها.
هكذا وصفه الذهبي في السير.
ولد في سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
سمع بدمشق بعد الثمانين يحيى الثقفي، ومحمد بن علي بن صدقة، وعبد الرحمن
بن علي الخرقي، وأحمد بن حمزة بن علي بن الموازيني، وإسماعيل الجنزوي،
وأبي طاهر الخشوعي وأقرانهم.

1 - السير 21 / 352، العبر 4 / 306، ابن العماد في الشذرات 4 / 338.
38

وصحب الحافظ عبد الغني وتخرج به مدة، فنشطه للارتحال فمضى إلى بغداد
سنة ست وثمانين، وسمع من أبي منصور عبد الله بن عبد السلام، وذاكر بن
كامل، ويحيى بن بوش، وعبد المنعم بن كليب..... ومشيخته نحو الخمس مئة
سمعتها من أصحابه (الذهبي).
حدث عنه جماعة من القدماء وكتب عنه الحافظ إسماعيل بن الأنماطي، وزكي
الدين البرزالي وشهاب الدين القوصي، ومجد الدين بن الحلواثية، وكمال الدين
بن العديم وابنه مجد الدين.
قال الذهبي: وكان حسن الأخلاق، مرضي السيرة (1).
* ثانيا: ذكر العلماء له:
أ - ابن القيم في النونية: فقد ذكره ضمن الكتب الذي ترد على أهل البدع
والأهواء فقال:
وأقرأ كتاب العرش للعبسي * وهو محمد المولود بن عثمان (2)
ب - الحافظ الذهبي: ذكر في (العلو للعلى الغفار) ص 148: قال الحافظ أبو
جعفر بن محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبه العبسي محدث الكوفة في
وقته - وقد تكلم فيه، ألف كتابا في العرش فقال: ذكروا أن الجهمية
يقولون: ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش وأن يكون
الله فوق.....) (وانظر مختصر العلو ص 220).
ج - ورد ذكر الكتاب في فهرست (مرويات ابن حجر) ص 135.
(انظر فهرست الكتب من مرويات الحافظ بن حجر طبع مع القول
المسدد - بتحقيق عبد الله محمد درويش - مكتبة اليمامة).
د - ذكره محمد بن سليمان الروداني في فهرس مروياته وأشياخه (صلة الخلق
بموصول السلف) مطبوع ضمن مجلة معهد المخطوطات مجلد 29 / 1 ص 20،
ذكره باسناده الذي يلتقي بابي القاسم هبة الله بن الحسن بن أبي سعد ثم

1 - السير 23 / 151 وانظر تذكرة الحفاظ 4 / 1410 - 1412، الترجمة 1132، العبر للذهبي 5 / 201،
طبقات الحفاظ للسيوطي 495 - 496 الترجمة 1100، شذرات الذهب 5 / 243 - 244.
2 - أنظر شرح القصيدة النونية لأحمد بن إبراهيم بن عيسى 1 / 458.
39

ذكر بقية سند الكتاب إلى مؤلفه.
ه‍ - ذكره حاجي خلفة في كشف الظنون 2 / 1438 والبغدادي في هدية
العارفين 1 / 23 وفؤاد سزكين في المجلد الأول الجزء الأول ص 320
ورضا كحالة في معجم المؤلفين 10 / 285.
* ثالثا:
روى أبو نعيم في الحلية 5 / 214، 6 / 13 حديثين عن المصنف بواسطة محمد
بن أحمد بن الحسن، وقد أخرجهما المصنف في كتابه هذا.
40

* عملي في تحقيق الكتاب * 1 - تحقيق نص الكتاب، وتصحيح ألفاظه، وذلك بمقابلة متون أحاديثه
وأسانيدها بكتب الحديث الأخرى، وقد تبين لي كثيرا من التصحيفات
والأخطاء تجدها منبها عليها في هوامش الكتاب.
2 - عزو الآيات القرانية إلى مواضعها من الكتاب العزيز.
3 - ترقيم الأحاديث النبوية والآثار، وتخريجها من مظانها والحكم عليها صحة
وضعفا حسب أسانيدها، وذكر المتابعات والشواهد للحديث إذا كان اسناد
المصنف ضعيفا.
4 - شرح بعض الكلمات الغريبة، مع التعليق على بعض الأحاديث
وذكر فوائدها.
5 - ذيلت الكتاب بثلاثة فهارس لتسهيل الاستفادة منه:
1 - فهرست للأحاديث النبوية.
2 - فهرست للآثار.
3 - فهرست لأسماء الرواة.
هذا والله نسأل أن يهدينا ويسددنا في أعمالنا، ويوفقنا لخدمة سنة نبيه
صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب
محمد بن حمد الحمود
في ثاني جمادي الآخرة سنة ست وأربعمائة وألف للهجرة النبوية
الشريفة.
41

صورة الغلاف من الأصل.
43

الورقة الأولى من الأصل.
44

الورقة الأخيرة وتبدو عليها السماعات.
45

كتاب العرش وما روي فيه
تأليف محمد بن عثمان بن أبي شيبة رحمه الله.
رواية أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف عنه.
رواية أبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس عنه.
رواية أبي طالب محمد بن علي العشاري وأبي علي الحسن بن
أحمد بن عبد الله بن البنا كلاهما عنه.
رواية أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش عنهما.
رواية أبي إسحاق إبراهيم بن بركة بن طافويه وأبي القاسم
هبة الله بن الحسن بن المظفر بن السبط كلاهما عنه.
رواية يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي عنهما.
47

بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا شيخنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي رحمه الله
ورحم والديه قراءة وأنا أسمع في جمادي الأولى من ثلاث وثلاثين وستمائة بجامع
حلب قيل له أخبركم أبو إسحاق إبراهيم بن بركة بن طاقويه وأبو القاسم
هبة الله بن الحسن بن المظفر بن السبط بقراءتك عليهما في سنة سبع وثمانين
وخمسمائة فأقر به قال: أنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قراءه
عليه ونحن نسمع في ربيع الأول سنة عشرين وخمسمائة أنا أبو طالب: محمد بن
علي العشاري وأبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا قال أنا أبو الفتح
محمد بن أحمد بن أبي الفوارس أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف أنا
أبو جعفر محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة قال:
ذكروا أن الجهمية يقولون أن ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب
وأنكروا العرش وأن يكون هو فوقه وفوق السماوات، وقالوا إن الله في كل
مكان وأنه لا يتخلص من خلقه ولا يتخلص الخلق منه، إلا أن يفنيهم فلا
يبقى من خلقه شئ، وهو مع الآخر فالآخر من خلقه ممتزج به، فإذا أفنى
خلقه تخلص منهم وتخلصوا منه، تبارك الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
49

ومن قال بهذه المقالة فإلى التعطيل يرجع قولهم، وقد علم العالمون، أن الله
قبل أن يخلق خلقه قد كان متخلصا من خلقه، بائنا منهم، فكيف دخل فيهم
تبارك وتعالى أن يوصف بهذه الصفة، بل هو فوق العرش كما قال، محيط
بالعرش، متخلص من خلقه بين منهم، علمه في خلقه لا يخرجون من علمه.
وقد أخبرنا عز وجل أن العرش كان قبل أن يخلق السماوات والأرض على
الماء، وأخبرنا أنه صار من الأرض إلى السماء، ومن السماء إلى العرش فاستوى
على العرش فقال جل وعز: (وكان عرشه على الماء) [هود: 7]
وقال: (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له
أندادا ذلك رب العالمين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها
وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) [فصلت: 11].
ثم قال جل وعز: (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في
الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم ولا خمسة إلا وهو
سادسهم ولا أدنى من ذلك [107 - ب] ولا أكثر إلا وهو
معهم) [المجادلة: 7] وقال: (ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في
الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو
معكم) [الحديد: 4] ففسر العلماء قوله " وهو معكم " يعني: علمه، وقال
عز وجل (الرحمن على العرش استوى) [طه: 5] فالله تعالى أستوى
على العرش يرى كل شئ في السماوات والأرضين، ويعلم ويسمع كل ذلك بعينه
وهو فوق العرش، لا الحجب التي احتجب بها من خلقه يحجبه من أن
50

يرى ويسمع ما في الأرض السفلى، ولكنه خلق الحجب، وخلق العرش كما
خلق الخلق لما شاء، وكيف شاء، وما يجمله إلا عظمته فقال: (يدبر
الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف
سنة مما تعدون) [السجدة: 5] وقال جل وعز (إليه يصعد الكلم
الطيب والعمل الصالح يرفعه) [فاطر: 10] وقال جل وعز: (إني متوفيك
ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) [آل عمران: 55] وقال: (وما
قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه) [النساء: 158]. وأجمع الخلق جميعا
أنهم إذا دعوا الله جميعا، رفعوا أيديهم إلى السماء، فلو كان الله عز وجل في
الأرض السفلى، ما كانوا يرفعون أيديهم إلى السماء وهو معهم في الأرض. ثم
تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش فاستوى عليه بذاته ثم خلق الأرض
والسماوات فصار من الأرض إلى السماء ومن السماء إلى العرش فهو فوق
السماوات وفوق [108 - أ] العرش بذاته متخلصا من خلقه، بائنا منهم، علمه
في خلقه، لا يخرجون من علمه.
1 - قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة من ذلك ما حدثناه أحمد بن عبد الله بن
يونس نا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان
ابن محرز عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان الله ولا
شئ غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شئ هو كائن ثم
خلق السماوات " قال وقيل لي: أدرك ناقتك، قال فقمت فإذا السراب
منقطع دونها فليتها ذهبت، قال يقول لما فاته من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث كلها مدرجة على شيوخ المصنف محمد بن عثمان بن أبي
شيبة.
51

2 - حدثنا أبي وعمي أبو بكر قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن المنهال
ابن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن قول الله عز
وجل (وكان عرشه على الماء) [هود: 7] على أي شئ كان، قال:
على متن الريح.
3 - حدثنا أبي نا عقبة بن خالد نا ميمون أبو محمد السكوني حدثني شيخ قال
سمعت سعيد بن جبير قال كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال:
أرأيت قول الله عز وجل (وكان عرشه) على أي كان الماء قال: ممن
أنت، قال: من أهل العراق، قال: من أي العراق، قال: من أهل
الكوفة، قال أما إني سأحدثك ولا أجد من ذلك [108 - ب] بدا،
كان الماء على متن الريح وكانت الريح على الهواء.
52

4 - حدثنا المنجاب بن الحارث أنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي ظبيان
عن ابن عباس (وكان عرشه على الماء) ثم رفع بخار الماء ففتقت منه
السماوات، ثم خلق النون، فدحيت الأرض على ظهر النون فتحرك
فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال فإن الجبال لتفخر عليها.
5 - حدثنا المنجاب بن الحارث أنا أبو عامر الأسدي نا سفيان عن إبراهيم بن
مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس قال: كان على عرشه قبل أن يخلق
شيئا، ثم خلق القلم فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.
6 - حدثنا عبد الله بن عمران الأصبهاني نا إسحاق بن سليمان نا عنبسة بن
سعيد عن ابن أبي ليلى وعمرو بن أبي قيس نا عن ابن أبي ليلى عن
المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله (وكان
عرشه على الماء) [هود: 7] قال: كان عرش الله جل وعز على الماء
ثم اتخذ لنفسه جنة ثم اتخذ دونها أخرى ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة ثم قال
(ومن دونهما جنتان) [الرحمن: 62] قال: وهي التي لا يعلم
53

الخلائق ما فيهما، وهي التي قال: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
قرة أعين) [السجدة: 17] تأتيها منها أو منهما كل يوم تحية.
7 - حدثنا أبي وعمي أبو بكر قالا أنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن
يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس - وهشيم يقول في غير هذا الحديث
نسميه وكيع بن عدس - عن عمه أبي رزين قال قلت يا رسول الله أين
كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال " كان في عماء ما تحته هواء، وما
فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء ".
8 - حدثنا عبد الله بن مروان بن معاوية قال سمعت الأصمعي يقول وذكر هذا
الحديث فقال: العما في كلام العرب السحاب الأبيض الممدود، وأما
العمى المقصور، فالبصر فليس هو من معنى هذا والله أعلم بذلك قدير
العما في مبلغه وكيف كان.
54

9 - حدثنا فروة بن أبي المغرا وأبو صهيب النضر بن سعيد وعباد بن يعقوب
قالوا نا الوليد بن أبي ثور الهمداني عن سماك بن حرب عن عبد الله بن
عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا
بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال " تدرون ما
هذه؟ قالوا: سحاب، قال: والمزن قالوا: والمزن قال: والعنان ثم
قال: تدرون كم بعد ما بين السماء والأرضين؟ قالوا: لا، قال إما
واحدة [109 - أ] أو اثنتين أو ثلاث وسبعين سنة ثم السماء فوق ذلك
حتى عد سبع سماوات ثم فوق السابعة بحر أعلاه وأسفله مثل ما بين سماء
إلى سماء ثم فوق ذلك كله ثمانية أملاك أو عال ما بين أظلافهم إلى
ركبهم، مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ظهورهم العرش أعلاه وأسفله
مثل ما بين سماء إلى سماء والله تعالى فوق ذلك ".
10 - حدثنا محمد بن أبان نا عبد الرزاق بن همام نا يحيى بن العلاء عن عمه
شعيب بن خالد قال حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة
55

عن العباس بن عبد المطلب - ولم يذكر عبد الرزاق في حديثه الأحنف -
قال كنا جلوسا مع رسول الله بالبطحاء فمرت سحابة فقال رسول الله
" أتدرون ما هذا؟ قلنا السحاب، قال: والمزن قلنا: والعنان قال
فسكتنا، فقال: مهلا تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا الله ورسوله
أعلم، قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء خمسمائة سنة،
وفوق السماوات السابعة بحر، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، ثم
فوق ذلك ثمانية أو عال، بين ركبهم وأظلافهم كما بين السماء والأرض، ثم
فوق ذلك العرش ما بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله عز
وجل فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال العباد شئ ".
11 - حدثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا وهب بن جرير نا أبي قال سمعت محمد بن
إسحاق يحدث عن يعقوب عن عتبة وجبير بن محمد بن جبير بن مطعم
عن أبيه عن جده قال: أتى رسول الله اعرابي فقال: يا رسول الله جهدت
الأنفس، وضاع العيال، وهلكت الأموال، وهلكت
56

الأنعام، فاستسق الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله
عليك، فقال رسول الله عليه السلام " ويحك تدري ما تقول، فسبح
رسول الله فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال:
ويلك لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك،
ويحك ما تدرك الله؟ إن عرشه على سماواته وأرضيه هكذا وقال بأصابعه
مثل القبة - ووصف ذلك وهب وأمال كفه وأصابعه اليمنى وقال هكذا -
وإنه ليأط به أطيط الرحل بالراكب ".
12 - حدثنا عبيد بن يعيش نا أبو يزيد المعنى نا إسرائيل عن جعفر بن
الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سلوا الله جنة
الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط
العرش
57

حدثنا [109 - ب] عبد الحميد بن صالح نا زهير عن خصيف عن
عكرمة عن ابن عباس في قوله (تكاد السماوات يتفطرن من
فوقهن) [الشورى: 5] قال: ممن فوقهن مثل الثقل قال وقرأها
خصيف " ينفطرن ".
58

14 - حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير نا يحيى بن يمان عن شريك عن خصيف
عن عكرمة عن ابن عباس (السماء منفطر به) [المزمل: 18]
قال: بالله عز وجل.
15 - حدثنا الحسن بن صالح نا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة (يتفطرن من
فوقهن) [الشورى: 5] قال: ينفطرن من عظمة الله وجلاله.
16 - حدثنا وهب بن بقية نا خالد بن عبد الله عن عطاء عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال " تفكروا في كل شئ ولا تفكروا في الله فإن بين
السماء السابعة إلى كرسيه ألف نور وهو فوق ذلك ".
59

17 - حدثنا إبراهيم بن أبي معاوية وهناد بن السري قالا أبو معاوية عن
الأعمش عن أبي نصر عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين
الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة سنة، غلظ كل سماء خمسمائة سنة، وما
بين كل سماء إلى السماء التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، والأرضين مثل
ذلك، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك كله ".
18 - حدثنا [110 - أ] أبي نا وكيع عن سفيان عن جابر عن عبد الله بن يحيى
عن عكرمة عن ابن عباس (السماء منفطر به) [المزمل: 18]
قال ممتلئة به.
60

19 - حدثنا الحسن بن علي نا الهيثم بن الأشعث السلمي نا أبو حنيفة اليمامي
الأنصاري عن عمير بن عبد الله قال خطبنا علي بن أبي طالب على منبر
الكوفة قال: كنت إذا سكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدئني، وإن سألته
عن الخبر أنبئني، وإنه حدثني عن ربه قال قال الرب جل وعز
" وارتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قرية ولا من أهل بيت كانوا على
ما كرهت من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي، إلا
تحولت لهم عما يكرهون من عذابي، إلى ما يحبون من رحمتي ".
20 - وحدثنا عمي أبو بكر نا مروان بن معاوية عن عوف عن عباس
العمي قال: بلغني أن داود كان يقول في دعاءه: سبحانك اللهم أنت
تعاليت فوق عرشك، وجعلت خشيتك على من في السماوات والأرض،
فأقرب خلقك منك أشدهم لك خشية، وما علم من لم يخشك، وما
حكمة من لم يطع أمرك.
21 - حدثنا مليح بن وكيع وإسحاق بن موسى قالا نا الوليد بن مسلم حدثني
أبو عمرو الأوزاعي عبد الرحمان بن عمرو قال حدثني بن شهاب
[110 - ب] الزهري حدثني علي بن حسين بن علي عن عبد الله بن عباس
عن رجال من الأنصار أنهم كانوا عند رسول الله إذ رمي بنجم فاستنار
فقال رسول الله: " ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية؟ قالوا:
61

كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم أو مات رجل عظيم، فقال رسول
الله: أنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى
إذا قضى في السماء أمرا، سبحته حملة العرش، ثم سبحته ملائكة السماء
الذين يلون العرش، ثم سبحته أهل السماء الثانية، حتى ينتهي التسبيح
إلى السماء الدنيا، ثم يقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال
ربكم؟ فيخبرونهم، ثم يستخبر أهل السماء أهل السماوات بعضهم بعضا،
حتى ينتهي الخبر إلى السماء، وتخطف الجن السمع، فما جاءوا به على
وجهه فهو حق ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون ".
22 - حدثنا المنجاب بن الحارث أنا إبراهيم بن يوسف نا زياد بن عبد الله عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن عبيد الله بن شهاب الزهري عن علي بن
حسين عن عبد الله بن عباس عن نفر من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لهم: " ما كنتم تقولون في هذه النجوم التي يرمى بها؟ قالوا: يا نبي الله
كنا نقول حين رأيناها يرمى بها مات ملك، هلك ملك، ولد مولود،
فقال رسول الله: ليس ذلك كذلك، ولكن الله إذا قضى في خلقه أمرا
سمعه حملة العرش فسبحوا، فسبح من تحتهم بتسبيحهم، فسبح من بعد
ذلك، فلم يزل التسبيح يهبط حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيسبحون، ثم
يقول بعضهم لبعض: ممن سبحتم؟ فيقولون سبح من فوقنا فسبحنا
بتسبيحهم، فيقولون أفلا تسألون من فوقكم مم سبحوا، فيقولون مثل
ذلك حتى ينتهون إلى حملة العرش، فيقال لهم مم سبحتم؟ فيقولون:
قضى الله في خلقه كذا وكذا، الأمر الذي كان قد هبط به الخبر من سماء
62

إلى سماء حتى ينتهون إلى سماء الدنيا، فيتحدثون به فتسترق الشياطين
بالسمع على قولهم واختلافهم، ثم يأتون الكهان من أهل الأرض
فيحدثونهم به فيخطئون ويصيبون فيتحدث به الكهان، فيصيبون بعضا
ثم إن الله حجب الشياطين بهذه النجوم التي يقذفون بها فانقطعت الكهانة
فلا كهانة ".
23 - حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا نا بن أبي فديك عن
عبد الرحمن [111 - أ] بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز عن مكحول
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح وحين
يمسي اللهم أصبحت أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع
خلقك، بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن
محمدا عبدك ورسولك، أعتق ربعه من النار، فإن قالها أربع مرات
أعتقه الله من النار ".
24 - حدثنا الليث بن هارون ومحمد بن إسماعيل قالا نا زيد بن الحباب
أخبرني جعفر بن سلمان نا هارون بن رياب عن شهر بن حوشب قال:
حملة العرش ثمانية، فأربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك على
حلمك بعد علمك، وأربعة يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك على
عفوك بعد قدرتك، قال: وكانوا يرون أنهم يرون ذنوب بني آدم.
63

حدثنا عبيد بن يعيش نا بن الحباب نا حميد مولى بن علقمة المكي نا
عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة حدثني سلمان بن الإسلام قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال اللهم إني أشهدك، وأشهد الملائكة وحملة
العرش، والسماوات ومن فيهن،
والأرض ومن فيهن، وأشهد جميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت،
وأكفر من أبى ذلك من الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبدك
ورسولك. من قالها مرة، أعتق الله ثلثه من النار، ومن قالها مرتين
أعتق الله ثلثيه من النار، ومن قالها ثلاثا أعتق من النار ".
64

26 - حدثنا أبي ثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم
عن ابن عباس قال: حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه،
مسيرة خمسمائة عام، وزعموا أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق
والمغرب - صلى الله عليه وسلم.
27 - حدثنا المنجاب بن الحارث أنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك
عن ابن عباس في قوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية) [الحاقة: 17]، قال: الثمانية يقول:
الثمانية اجزاء من تسعة، قال الجن والإنس والشياطين والملائكة
كلهم إلا الكروبيين حملة العرش جزء،
65

والكربيون ثمانية اجزاء وكل جزء منهم تعده هؤلاء الأربعة قال فهو
قوله (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17].
28 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد نا شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن
الأحنف بن قيس قال سمعت العباس بن عبد المطلب في قوله عز وجل
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) قال: ثمانية أملاك
في صورة الأوعال، قال ما بين ظلف [111 - ب] قدمهم إلى
ركبتيه مسيرة سبعين خريفا.
29 - حدثنا عمي أبو بكر نا معتمر بن سليمان عن جعفر بن القاسم عن أبي
أمامه قال: إن الملائكة الذين يحملون العرش يتكلمون بالفارسية
الذربة.
30 - حدثنا أبي نا جرير بن عبد الحميد بن عطاء عن مسيرة في قوله (ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17] قال: أرجلهم في
التخوم لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور.
31 - حدثنا أبي نا عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس
في قوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية) [الحاقة: 17] قال: ثمانية من الملائكة.
66

32 - حدثنا أبي نا جرير عن أشعث عن جعفر عن سعيد (ويحمل عرش
ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17] قال: ثمانية صفوف من
الملائكة.
33 - حدثنا أبي نا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس
(يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17] قال:
ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتها إلا الله.
34 - حدثنا أبو يعقوب الكاهلي نا مهاجر بن كثير الأسدي أبو عامر نا الحكم
بن مصقلة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أسرج في
مسجد من مساجد الله بسراج لم يزل الملائكة وحملة [112 - أ] العرش
يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج ".
67

35 - حدثنا عبد الله بن الحكم نا سيار نا موسى بن سعيد الراسبي نا هلال أبو
جبلة عن أبي عبد السلام عن أبيه عن كعب. قال سيار: وحدثنا
جعفر بن سليمان عن عبد الجليل عن أبي عبد السلام عن كعب قال: إن
الله تعالى قال: " يا موسى ابن عمران إني أمر حملة العرش أن يمسكوا عن
العبادة إذا دخل شهر رمضان، وأن كلما دعا صائمو شهر رمضان أن
يقولوا آمين، فإني آليت على نفسي أن لا أرد دعوة صائم شهر رمضان ".
36 - حدثنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد نا عمرو بن عطية عن
أبيه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من عبد يقول اللهم إني
أشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد حملة عرشك وملائكتك، وجميع
خلقك، وأنا أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا
عبدك ورسولك إلا كتب الله له فكاكا من النار ".
37 - حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن نافع مولى لآل الزبير عن أبي هريرة
وعن سعيد عن أبي هريرة قال: لما أراد الله أن يخلق آدم، بعث ملكا
من الملائكة من حملة [112 - ب] العرش إلى الأرض، فلما أهوى
ليأخذ منها، قالت له الأرض: أسألك بالذي أرسلك، ألا تأخذ مني
اليوم شيئا يكون للنار فيه نصيب غدا، قال فتركها، فلما رجع إلى ربه
قال ما منعك أن تأتيني بما أمرتك به؟ فقال: يا رب سألتني بك ألا
آخذ منها شيئا يكون للنار غدا منه نصيب، فأعظمت أن أرد شيئا
68

سألتني بك، قال ثم أرسل آخر من حملة العرش، فلما أهوى ليأخذ منها
قالت له الأرض: أسألك بالذي أرسلك ألا تأخذ مني اليوم شيئا يكون
للنار فيه نصيب، قال فتركتها، فلما رجع إلى ربه قال: ما منعك أن
تأتيني بما أمرتك به؟ قال: يا رب سألتني بك ألا آخذ منها شيئا يكون
للنار فيه نصيب غدا فأعظمت أن أرد شيئا سألتني بك، قال ثم أرسل
آخر من حملة العرش، فلما أهوى ليأخذ منها، قالت له مثل ما قالت
للأول فتركها، ثم رجع إلى ربه، فقال له مثل ما قال الأول حتى أرسل
حملة العرش كلهم، كل ملك تقول لهم مثل ذلك، فيرجعون فيقولون
مثل ذلك، قال حتى أرسل ملك الموت فلما أهوى ليأخذ منها قالت له
الأرض أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ مني اليوم شيئا يكون للنار فيه
نصيب غدا، فقال ملك الموت: إن الذي أرسلني إليك أحق بالطاعة
منك.
38 - حدثنا علي بن مكنف عن بكر التميمي نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن
أبيه عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي
ربيعة عن عبد الله بن أبي سلمة قال: أرسل ابن عمر إلى ابن عباس
69

يسأله هل رأى محمد ربه فأرسل إليه ابن عباس: أن نعم، قال: فرد
عليه ابن عمر رسوله أن كيف رآه؟ قال رآه: في روضة خضرة، روضة
من الفردوس، دونه فراش من ذهب، على سرير من ذهب يحمله
أربعة من الملائكة، ملك في صورة رجل، وملك في صورة ثور،
وملك في صورة أسد، وملك في صورة نسر.
39 - حدثنا القاسم بن خليفة نا عمرو بن محمد نا طلحة بن عمرو الحضرمي
عن عطاء عن ابن عباس قال: لما أهبط الله آدم كان رأسه في السماء
ورجلاه [113 - أ] في الأرض، فوضع الله يده على رأسه فطأطأه،
سبعين باعا، قال: يا رب مالي لا أسمع صوت ملائكتك ولا أوجسهم؟
فقال الله: خطيئتك يا آدم، ولكن اذهب فابن لي بيتا، وطف به
واذكرني حوله كما رأيت الملائكة يصنعون حول عرشي، قال ابن
عباس: فأقبل آدم يتخطى الأرض، فموضع كل قدم قرية، وما بينهما
مفازة حتى وضع البيت.
40 - حدثنا أبي نا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي قلابة قال: لما هبط
آدم إلى الأرض قال يا آدم إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يطاف
حول عرشي، وتصلى عنده كما يصلى عند عرشي، قال فلم يزل كذلك،
حتى كان الطوفان رفع فكانت الأنبياء تحجه، فيأتونه ولا يعرفون
موضعه حتى بوأه الله لإبراهيم الخليل عليه السلام.
41 - حدثنا عمي أبو بكر نا بشر بن المفضل / ونا أبي نا محمد بن مروان
70

العجلي عن عمارة بن أبي حفصة عن حجر اليشكري عن سعيد بن جبير
(فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء
الله) [الزمر: 68] قال: هم الشهداء، ثنية الله، حول العرش
متقلدي السيوف.
42 - حدثنا صالح بن سهيل نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عاصم
عن عيسى المدني قال سمعت علي بن الحسين سأل كعب الأحبار
عن قول الله عز وجل (فصعق من في السماوات ومن في
الأرض إلا من شاء الله) [الزمر: 68] قال الذين استثنى
الله: جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت، قال: فيأتي
ملك الموت فيقبض أرواح هؤلاء حتى لا يبقى غيره ورب العزة
جل وعز، فيقول يا ملك الموت مت فيموت، فذلك قوله (كل
من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)
[الرحمن: 26] وذلك قوله تعالى (كل شئ هالك
إلا وجهه) [القصص: 88].
71

72 - حدثنا أبي نا إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق
قال حدثني كعب: أن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
لهن دوي حول العرش كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، والعمل
الصالح في الخزائن.
44 - حدثنا أبي نا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف عن كعب
قال: إن للكلام الطيب حول العرش دويا كدوي النحل يذكر
بصاحبه.
45 - حدثنا إسماعيل بن [113 - ب] إبراهيم بن غزوان نا أبو النضر هاشم
بن القاسم نا قيس بن الربيع عن ليث عن مجاهد (وسع كرسيه
السماوات والأرض) [البقرة 254] قال: ما السماوات والأرض في
العرش إلا مثل حلقة في الأرض فلاه.
46 - حدثنا أبي نا شاذان نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي النضرة
72

قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة على هذا المنبر فقال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " آتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب فيقال لي: من
أنت؟ فأقول: أنا محمد، فيفتح لي، فيتجلى لي ربي عز وجل، فأخر له
ساجدا وهو على سريره. أو قال: كرسيه شك حماد ".
47 - حدثنا أبي وعمي أبو بكر قالا نا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد قال:
أخبرت أن العرش ياقوتة حمراء.
48 - حدثنا هناد بن السري نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز عرش الله لموت سعد بن معاذ ".
49 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد نا عبد السلام بن حرب ح ونا عمي أبو بكر نا
73

محمد بن فضيل جميعا عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اهتز العرش لحب لقاء سعد ".
50 - حدثنا أبي وعمي أبو بكر قال أنا يزيد بن هارون أنا إسماعيل بن أبي
خالد عن إسحاق بن راشد عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء بنت
يزيد بن السكن قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه، فقال
لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك، فإن ابنك أول
من ضحك الله له، واهتز له العرش ".
51 - حدثنا عقبة بن مكرم نا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن معاذ
بن رفاعة الزرقي نا من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من
استبرق فقال: يا محمد! من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء و
74

واهتز له العرش؟ قال فقام رسول الله سريعا يجر ثوبه إلى سعد
فوجده قد مات ".
52 - حدثنا عقبة نا يونس نا محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله عن
بعض آل سعد قال قال رجل من الأنصار: " ما اهتز عرش الله من موت
هالك سمعنا به، إلا لسعد أبي عمرو ".
53 - [114 - أ] حدثنا عبد الله بن الحكم انا سيار نا جعفر بن سليمان نا
سعيد الجريري قال بلغنا أن داود النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل: أي الليل
أفضل؟ قال: ما أدري، إلا أن العرش يهتز من آخر السحر.
54 - حدثنا أبي نا عفان نا حماد بن سلمة أنا حميد عن أبي إبراهيم عن ابن
عباس قال: ما من شئ كان في بني إسرائيل إلا سيكون في هذه الأمة
مثله، إن رجلا من بني إسرائيل كانت له امرأة جميلة، فأولع به رجل
يخبره عنها أنها كذا وكذا بالفحش، قال: كيف أصنع ولما علي دين؟
قال: قال فأنا أسلفك ما عليك، فطلقها ثم تزوجها بعد ذلك. فلما
تزوجها أخذه بحقه، فاشتد عليه فقال: اتق الله! فإنك لم تزل
بي، حتى فعلت الذي فعلت، ثم تزوجت امرأتي، قال فلم يقلع عنه حتى
آجره نفسه فبينا هو ذات يوم، وأكلا طعاما، فجعل يصب عليه الماء
فذكر مكانها منه قبل اليوم، وأنه الآن يصب عليهم الماء، فبكا فاهتز
العرش فقال تبارك وتعالى: إن رحمتي سبقت غضبي.
75

55 - حدثنا الحسن بن صالح نا يعلى بن الوليد بن عبد العزيز عن الوليد بن
مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة (إن كتاب الأبرار لفي
عليين) [المطففين: 18] قال: في قائمة العرش اليمين.
56 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي نا إسماعيل بن إبراهيم التيمي عن إبراهيم عن
الوليد بن عتبة عن سلمان أنه قال: " سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم
لا ظل إلا ظله، رجل لقي رجلا فقال: والله إني لأحبك في الله، وقال
الآخر مثل ذلك، ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها، ورجل
جعل شبابه ونشاطه فيما يحب الله ويرضى، ورجل دعته امرأة ذات جمال
إلى نفسها فتركها من خشية الله، ورجل أعطى صدقته بيمينه، كاد أن
يخفيها من شماله، ورجل إذا ذكر الله فاضت عيناه من خشية الله
تعالى ".
76

57 - حدثنا الهيثم بن جماز نا زيد بن الحباب نا الحارث بن موسى الطائفي نا
حبيب بن عيسى قال: بلغني أنه من قرأ ثلاث آيات من أول سورة
الأنعام بعث الله إليه سبعين ألف ملك يستغفرون له، وله فضل
أجورهم [114 - ب] فإذا كان يوم القيامة أظله الله بظل عرشه،
وأطعمه من ثمر الجنة، وشرب من الكوثر، واغتسل من السلسبيل.
58 - حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى نا أحمد بن علي الأسدي عن
المختار بن غسان العبدي عن إسماعيل بن سلم عن أبي إدريس الخولاني
عن أبي ذر الغفاري قال دخلت المسجد الحرام، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحده فجلست إليه فقلت: يا رسول الله! أيما آية أنزلت عليك أفضل؟
قال: " آية الكرسي، ما السماوات السبع في الكرسي، إلا كحلقة ملقاة
بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي، كفضل تلك الفلاة على تلك
الحلقة ".
77

59 - حدثنا أبي نا جرير بن عبد الحميد عن ليث عن مجاهد قال: ما السماوات
والأرض إلا كحلقة ملقاة بالفلاة، وما أخذت من الكرسي، إلا كما
أخذت تلك الحلقة من الأرض.
60 - حدثنا الحسن بن علي وإسماعيل بن إبراهيم بن غزوان قالا نا
عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي نا محمد جحاده عن سلمة بن كهيل
عن عمارة بن عمير عن أبي موسى قال [115 - أ]: الكرسي موضع
القدمين وله أطيط كأطيط الرحل.
78

61 - حدثنا الحسن بن علي نا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم
البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله (وسع كرسيه
السماوات والأرض) [البقرة: 254] قال: الكرسي موضع القدمين
لا يقدر أحد قدره.
62 - حدثنا إبراهيم بن بهرام نا عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن أبي نجيح
عن وهب بن منبه قال: العرش مسيرة خمسين ألف سنة.
63 - حدثنا المنجاب بن الحارث نا علي بن مسهر عن محمد بن إسحاق عن
79

يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر
الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ بهاتين الآيتين من آخر سورة
البقرة، فإن الله أعطانيها من تحت العرش ".
64 - حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني نا سعيد بن سالم القداح عن
حسان بن إبراهيم عن هشام عن الحسن قال: من كنز تحت العرش: لو
أن لابن آدم مائة ألف، لم يصل إلى الحج حتى ينادي مناد من السماء:
إن الله قد [115 - ب] أكرم فلانا العام بالحج، ولو أن له مائة ألف
لم يصل إلى العمرة حتى ينادي مناد من السماء: إن الله قد أكرم فلانا
بالعمرة، ولو أن رجلا دخل فيما بين صفين فضرب مائة ألف ضربة لم يرزق
الشهادة حتى ينادي مناد من السماء قد أكرم الله فلانا بالشهادة.
80

65 - حدثنا محمد بن عبيد ثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي صالح عن
علي (والبحر المسجور) [الطور: 6] قال: " البحر بحر السماء
الذي تحت العرش، المحبوس عن العباد ".
66 - حدثنا عبيد الله بن عمر نا كثير بن عبد الله اليشكري نا الحسن بن
عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحت العرش
الرحم تنادي: اللهم صل من وصلني، وأقطع من قطعني، والأمانة ".
67 - حدثنا أحمد بن طارق نا عمرو بن ثابت عن أبيه عن حبة العرني قال
قال ابن الكواء لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين! إن في كتاب الله
81

لآية، قد أفسدت علي قلبي وشككتني في ديني، فقال له أمير المؤمنين:
ويحك يا ابن الكواء! وما هذه الآية التي قد أفسدت عليك قلبك
وشككتك في دينك؟ فقال له ابن الكواء: قول الله تعالى (والطير
صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما
يفعلون) [النور: 41]، ما هذه الصلاة؟ وما هذه الصف؟
وما هذا التسبيح؟ فقال له أمير المؤمنين: يا ابن الكواء إن الله تعالى
خلق الملائكة في صور شتى، وإن لله ملكا في صورة ديك أشهب براثنه
في الأرض السفلى السابعة، وعرفه مثني تحت عرش الرحمن له جناح
بالمشرق من نار، وجناح بالمغرب من ثلج، فإذا حضر وقت كل صلاة
قام على براثنه، وأقام عرفه تحت العرش ثم صفق بجناحيه كما تصفق
الديكة في منازلكم، فلا الذي من النار يذيب الثلج، ولا الذي من
الثلج يطفي الذي من النار، ثم ينادي بأعلى صوته: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سبوح قدوس رب
الملائكة والروح، وأشهد أن محمدا خير النبيين، فتسمعه الديكة في
منازلكم، فتصفق بأجنحتها فيقول كنحو من قوله، فهو قول الله عز
وجل في كتابه (والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه
والله عليم بما يفعلون) [النور 41].
68 - حدثنا جعفر بن محمد التميمي [116 - أ] نا الوليد بن مسلم نا داود بن
عبد الرحمن المكي عن محمد بن زاذان أنه أخبره عن أم سعد - امرأة من
المهاجرات - قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العرش على ملك من لؤلؤة في
صورة ديك، رجلاه في التخوم السفلى، وعنقه مثنية تحت العرش،
وجناحاه في المشرق والمغرب، فإذا سبح الله ذلك الملك، لم يبق شئ
82

إلا سبح ".
69 - حدثنا أبي وعمي أبو بكر قالا نا خالد الأحمر عن الأعمش عن خيثمة
قال: كان ملك الموت صديقا لسليمان بن داود، قال فأتاه ذات يوم،
فقال: يا ملك الموت مالك [تأتي] أهل الدار فتأخذ أهلها كلهم،
وتدع الدار إلى جنبهم لا تأخذ منهم أحدا؟ قال: ما أنا بأعلم بذلك
منك، إنما أكون تحت العرش فيلقى إلي صكاك فيها أسماء.
70 - حدثنا أبي نا إسحاق بن منصور نا الحكم بن عبد الملك عن منصور بن
زاذان عن الحكم عن مجاهد قال: لقي سليمان بن داود ملك الموت فقال
له: كيف تأتي القرية فتذهب بأهلها، والقرية الأخرى إلى جنبها لا
تذهب منها بأحد؟ فقال: وأنت تسألني عن هذا؟ مالي بهذا علم،
إنما هي رقاع أو صكاك، تسقط إلي من تحت العرش.
71 - حدثنا زكريا بن يحيى نا سيف عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مكتوب في سقف العرش، رحمتي سبقت
غضبي ".
72 - حدثنا وهب بن بقية أنا عبد العزيز بن عبد الصمد نا مسلمة بن حامد عن
83

بيب بن الضحاك الجمحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل وهو
يبتسم فقلت له: يا جبريل ما يضحكك؟ قال: ضحكت من رحم
رأيتها معلقة بالعرش تدعو الله على من قطعها، قال قلت: يا جبريل!
كم بيننا وبينها؟ قال خمسة عشر أب ".
73 - حدثنا محمد بن عبد الجبار ومحمد بن أبي الحسين. قالا نا إسحاق بن
إبراهيم الحنيني عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر
قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأعطاه، ثم جاءه فسأله فقال: "
ما عندي، ولكن استقرض علينا حتى يأتينا فنقضيك "، قال عمر
قلت: يا رسول الله! هذا أعطيت ما عندك، فإذا لم يكن عندك فلا
تكلفه، فكره رسول الله [116 - أ] قول عمر، حتى عرف الكراهية
في وجهه، فقام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله! بأبي أنت وأمي،
أعط ولا تخف من ذي العرش اقلالا، قال فتبسم رسول الله حتى عرف
السرور في وجهه وقال: " بهذا أمرت ".
74 - حدثنا أبي نا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن محارب عن
ابن عمر قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي
البقاع خير؟ قال: لا أدري أو سكت، قال: فأي البقاع شر؟ قال
لا أدري أو سكت، فأتاه جبريل فسأله فقال لا أدري، قال سل ربك،
قال: ما نسأله عن شئ، وانتفض انتفاضة كاد يصعق منها محمد، فلما
84

صعد جبريل قال له الله عز وجل: سألك محمد أي البقاع خير، قلت
لا أدري وسألك أي البقاع شر، قلت لا أدري، قلت: نعم، قال:
فحدثه أن خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق ".
75 - حدثنا أبي نا محمد بن عمران بن أبي ليلى نا أبي نا ابن أبي ليلى عن
85

الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: بينا جبريل معه رسول الله يناجيه،
إذا انشق أفق السماء فدخل [117 - أ] جبريل من ذلك خوف فإذا
ملك قد مثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تختار
عبدا نبيا، أو ملكا نبيا؟ فأشار إلي جبريل بيده أن تواضع، فقلت
عبدا نبيا، فارتفع ذلك الملك إلى السماء، فقلت: يا جبريل أردت أن
أسألك عن هذا، فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة، فمن هذا
86

يا جبريل؟ قال: هذا إسرافيل خلقه الله
يوم خلقه، بين يديه صافا قدميه، لا يرفع طرفه، بينه وبين الرب
سبعون نورا، ما منها نور، كاد يدنو منه إلا احترق، بين يديه لوح،
فإذا أراد الله في شئ من السماء، أو في الأرض، ارتفع ذلك اللوح
فضرب جبينه، فينظر فيه، فإن كان من عملي أمرني به، وإن كان من
عمل ميكائيل أمره به، وإن كان من عمل ملك الموت أمره به، قلت:
يا جبريل وعلى أيش أنت؟ قال: على الريح والجنود، قلت: وعلى
أيش ميكائيل؟ قال: على النبات والقطر، فقلت: على أيش ملك
الموت؟ قال: على قبض الأنفس [117 - ب] وما ظننته هبط إلا
لقيام الساعة، وما الذي رأيت مني إلا خوفا من قيام الساعة.
76 - حدثنا نعيم بن يعقوب نا فضيل بن عياض عن أبان عن أنس قال الله
تعالى: " ما من خلقي أحد، أقرب إلي من جبريل وميكائيل وإسرافيل،
وإن بيني وبينهم مسيرة ألف عام ".
77 - حدثنا طاهر بن أبي أحمد نا عبد الرحمن بن مهدي نا حماد بن سلمة عن
أبي عمران الجوني عن زرارة بن أوفى أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله
[هل رأيت ربك]، فقال: " إن بيني وبينه سبعين حجابا من
نور، لو دنوت من أحدها احترقت ".
87

78 - حدثنا عباد بن يعقوب نا نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر عن
عمارة بن غزية عن أبي جعفر بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده
جبريل، حتى حانت من جبريل نظرة قبل السماء فامتقع لها لونه،
حتى صار كرمدة، ولاذ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رسول الله حيث نظر
جبريل، فإذا هو بشئ قد ملأ ما بين الخافقين، السماء والأرض
فقال: " يا محمد! إني رسول الله إليك [يخيرك]، أن تكون ملكا
رسولا أو عبدا رسولا؟ فالتفت إلى جبريل، فإذا هو قد رجع لونه،
ثم ضرب ركبة رسول الله فقال: تواضع وكن عبدا رسولا، أو قال
رسول الله: أكون [عبدا] رسولا، [فرفع رجله اليمنى فوضعها في
كبد السماء ثم رفع اليسرى فوضعها في كبد السماء الثانية]، ثم رفع
اليمنى فوضعها في كبد السماء الثالثة، ثم رفع رجله اليسرى فوضعها في
كبد السماء الرابعة، ثم رفع رجله اليمنى فوضعها في كبد السماء الخامسة،
ثم رفع رجله اليسرى فوضعها في كبد السماء السادسة، ثم رفع رجله اليمنى
فإذا هو في السماء السابعة كلما ارتفع صعد حتى كان مثل الفرخ فالتفت رسول
الله إلى جبريل، قال وكان رسول الله يقول لجبريل: يا رسول الله!
وجبريل يقول للنبي: يا نبي الله! فقال رسول الله لجبريل: يا جبريل
لقد رأيت اليوم ذعرا، وما رأيت شيئا أذعرك من تغير لونك، فقال:
يا نبي الله! لا تلمني أن أذعر من هذا، إن هذا إسرافيل، وهو حاجب
88

الرب وما يزول من بين يديه منذ خلق الله السماوات والأرض، حتى
كان اليوم، فلما رأيته، رأيت أنه قد جاء بقيام الساعة، وهو الذي
رأيت من تغير لوني، فلما رأيت أنه إنما اختصك الله به، رجعت إلي
نفسي، وهذا [118 - أ] الذي ترى من أقرب خلق الله إلى الله، اللوح
بين عينيه من ياقوتة حمراء، وهو ملك لا يرفع طرفه ".
79 - حدثنا عبيد بن أبي هارون نا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال ذكر
مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم
عن أبي أمامة قال قال رسول الله: " إذا انتهى ملك الموت بروح المؤمن
إلى الله تعالى، قال الله له: مرحبا بهذه النفس الطيبة، وبجسد
خرجت منه، وإذا قال لشئ: مرحبا، رحب به كل شئ من شأنه،
وذهب عنه الضيق، انطلقوا بهذه النفس الطيبة، فأروها مقعدها من
الجنة، وأعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة من الطعام والشراب
والخدم والأزواج، ثم اهبطوا بها إلى الأرض، فإني قد قضيت أني منها
خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ".
89

80 - حدثنا سعيد بن عمرو نا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة نا
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا قضى الأمر من السماء ضربت الملائكة
بأجنحتها خضعانا لقوله، كصوت السلسلة على الصفوان، فذلك قوله:
(حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو
العلي الكبير) [سبأ: 23]،
قال ويسترق السمع هكذا فوصف سفيان بيده وفرق بين أصابعه
بعضها فوق بعض، فيسترق السمع، فربما أحرقه الشهاب قبل أن
يرمي بها إلى صاحبه، وربما لم يدركه حين يرمي بها إلى صاحبه،
فيرمي بها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى يلقي بها على فم ساحر
وكاهن، فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق فيها، فيقال: ألم يخبرنا
يوم كذا وكذا، بكذا وكذا، فوجدناه حقا، وهي الكلمة التي سمعها من
السماء ".
81 - حدثنا أبي نا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي نضرة قال:
ليس يصعد إلى السماء إلا ثلاثة خصال قيل: وما هن؟ قال: عمل
صالح، وقول صالح، وروح طيبة.
82 - حدثنا سفيان بن بشير نا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس
قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصف المهاجرين والأنصار صفين ثم أخذ
بيد العباس وعلي عليهما السلام فمر بين الصفين فضحك [118 -
90

ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: من أيش ضحكت يا رسول الله بأبي
أنت وأمي؟ قال: " هبط إلي جبريل فأخبرني أن الله باهى بي وبك
يا عباس وبك يا علي حملة العرش، وباهى المهاجرين والأنصار أهل
السماء العليا ".
83 - حدثنا أبي نا الفضيل بن دكين نا يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يباهي بأهل عرفات أهل
السماء، قال يقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ".
84 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن
المهاجر عن أبي سعيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله
باهى ملائكته عشية عرفة بالناس عامة، وباهى بعمر خاصة ".
91

85 - حدثنا أبي نا جرير عن ليث عن القاسم بن أبي بزة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لرجل من الأنصار: " أما موقفك بعرفة فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا
يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا عبادي شعثا غبرا، جاؤوني من كل
فج عميق، جاؤوني يرجون مغفرتي، ولو كان عليك من الذنوب، مثل
رمل عالج، وعدد قطر السماء أيام الدنيا، لغفرها الله لك ".
92

86 - حدثنا الحسن بن صالح نا عبد الله بن صالح حدثنا الليث قال حدثني
زيادة بن محمد الأنصاري عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن
عبيد الأنصاري عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ينزل
في ثلاث ساعات بقين من الليل، فيفتح الذكر في الساعة الأولى
[119 - أ] الذي لم يره أحد غيره فيمحوا ما يشاء ويثبت ما يشاء، ثم
ينزل من ساعته الثانية إلى جنة عدن وهي داره التي لم يسكنها غيره ولم
يخطر على قلب بشر وهي مسكنه ولا يسكنها معه من بني آدم غير
ثلاثة: النبيين والصديقين والشهداء، ثم يقول: طوبى لمن دخلك، ثم
ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا، بروحه وملائكته، فتنتفض
فيقول: قومي بعزتي، ثم يطلع إلى عباده فيقول: هل من مستغفر
فأغفر له، وهل من داع أجيبه، حتى يكون صلاة الفجر وكذلك قوله
تعالى: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) [الإسراء:
78] فيشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار ".
87 - حدثنا المنجاب بن الحارث أنا بشر بن عمارة عن الأحوص بن حكيم عن
93

المهاصر بن حبيب عن مكحول عن أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
يقول: " إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين ويملي
الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه ".
94

88 - حدثنا أبي نا جرير عن ليث عن عثمان بن أبي حميد عن أنس بن
[119 - ب] مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أتاني جبريل
فقال: إن الرب أتخذ في الجنة واديا من مسك أفيح، فإذا كان يوم الجمعة
فينزل عن كرسيه من عليين وحف كرسيه بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر
ويجئ النبيون فيجلسون على تلك المنابر ثم ينزل أهل الغرف فيجلسون
على ذلك الكثيب ويتجلي لهم ربهم فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي
وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل كرامتي فسلوني، قال: فيسألونه الرضا،
قال فليسوا إلي شئ أحوج منهم يوم الجمعة ليزدادوا النظر إلى وجه ربهم عز
وجل.
95

89 - حدثنا محمد بن يزيد نا سعيد الوراق عن ثور عن خالد بن معدان
قال: يطلع الله إلى الزرع في أول ليلة من نيسان فيقول: ليلحق
آخرك بأولك.
90 - حدثنا أحمد بن كثير نا بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو السكسكي
عن شريح عن عبيد الحضرمي عن كعب قال: إذا كان أول يوم من
نيسان أو من شعبان اطلع الله عز وجل إلى الأرض فينظر إلى الزرع
فيقول: ليلحق آخرك بأولك.
آخر كتاب العرش
96