على المجاز، أي أن صاحب هذه الخصال كالمنافق، وهو بناء على المراد بالنفاق
نفاق الكفر. وقد قيل في الجواب عنه: إن المراد بالنفاق نفاق العمل كما
قدمنا، وهذا ارتضاه القرطبي، واستدل بقول عمر الحذيفة [رضي الله تعالى
عنهما]: هل تعلم في شيئا من النفاق؟ فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر،
وإنما أراد نفاق العمل، ويؤيده وصفه ب «الخالص» في الحديث الثاني بقوله:
«منافقا خالصا». قال الحافظ: «قال النووي: في الآية [يعني: (ولكن
يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم)] دليل على المذهب الصحيح، أن أفعال
القلوب يؤاخذ بها إن استقرت [يعني في القلب]. وأما قوله صلى الله عليه
وسلم: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل»
فمحمول على ما إذا لم تستقر» قلت: ويمكن أن يستدل لذلك من عموم
قوله: «أو تعمل» لأن الاعتقاد هو عمل القلب». ا. ه.
قلت: والنفاق قد يكون مقابل الإيمان أي نقيضه ومعاكسه. يرشد إلى
ذلك ما أخرجه أبو عبد الله الإمام البخاري - رحمه الله - في «صحيحه»
(1 / 63 فتح) من طريق شعبة، قال أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر،
قال: سمعت أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق
بغض الأنصار». قال الحافظ - رحمه الله تعالى -: وقد أخرجه مسلم من
حديث أبي سعيد رفعه: «لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر»،
ولأحمد أبي سعيد رفعه: «حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق» ويحتمل أن يقال:
إن اللفظ خرج على معنى التحذير، فلا يراد ظاهره، ومن ثم لم يقابل الإيمان
بالكفر الذي هو ضده، بل قابله بالنفاق إشارة إلى الترغيب والترهيب» ا. ه
قال الإمام الحافظ أبو عيسى الترمذي - رحمه الله تعالى - عقيب إخراجه
حديث صفة المنافق في «جامعه» (5 / 20): «وإنما معنى هذا [يعني النفاق
المذكور في الحديث] عند أهل العلم: نفاق العمل، وإنما كان نفاق التكذيب
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا روى عن الحسن البصري [رحمه الله]
22