الكتاب: المصنف
المؤلف: ابن أبي شيبة الكوفي
الجزء: ٨
الوفاة: ٢٣٥
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: تحقيق وتعليق : سعيد اللحام
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جماد الآخرة ١٤٠٩ - ١٩٨٩ م
المطبعة:
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبعة مستكملة النص ومنقحة ومشكولة ومرقمة الأحاديث ومفهرسة / راجعه وصححه وأشرف على إخراجه : مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر

مصنف
ابن أبي شيبة
في الأحاديث والآثار
للحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان
ابن أبي بكر بن أبي شيبة الكوفي العبسي المتوفى سنة 235 ه‍
طبعة مستكملة النص ومنقحة ومشكولة ومرقمة الأحاديث ومفهرسة
الجزء الثامن
كتاب: التاريخ، الجنة، النار، رحمة الله، الزهد، الأوائل،
الرد على أبي حنيفة، المغازي، الفتن، الجمل (صفين والخوارج)
ضبطه وعلق عليه
الأستاذ سعيد اللحام
الاشراف الفني والمراجعة والتصحيح: مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر
دار الفكر
1

بسم الله الرحمن الرحيم
جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة لناشر
الطبعة الأولى
جماد الآخرة 1409 ه‍ = كانون الثاني 1989 م
دار الفكر بيروت لبنان
{المكاتب: البناية المركزية - هاتف: 244739 - ص ب: 7061 / 11
المطابع والمعمل: حارة حريك - شارع عبد النور - هاتف: 390663 {838202
837898
برقيا: فكسي. تلكس: 41392 فكر LE FIKR 41392
المسهمون في اخراج هذا الكتاب:
كتب حواشيه: سعيد محمد اللحام
راجعه وصححه وأشرف على اخراجه: مكتب الدراسات والبحوث في دار الفكر
2

بسم الله الرحمن الرحيم
32 كتاب التأريخ
(1) حديث اليمامة ومن شهدها
(1) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد أن حبيب بن زيد
قتله مسيلمة، فلما كان يوم اليمامة خرج أخوه عبد الله بن زيد وأمه وكانت أمه نذرت أن لا
يصيبها غسل حتى يقتل مسيلمة فخرجا في الناس، قال: قال عبد الله بن زيد: جعلته من
شأني * فحملت عليه فطعنت بالرمح، فمشى إلي في الرمح *، قال: وناداني رجل من الناس
أن أخر الرمح، قال: فلم يفهم، قال فناداه أن ألق الرمح من يدك، قال: فألقى الرمح من يده،
وغلب مسيلمة.
(2) حدثنا ابن علية عن أيوب عن ثمامة بن عبد الله عن أنس قال: أتيت على ثابت
ابن قيس يوم اليمامة وهو يتحنط فقلت: أي عم، ألا ترى ما لقي الناس؟ فقال: الآن يا
ابن أخي.
(3) حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن الوليد المزني عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة عن
ابن عمر قال: أتيت على عبد الله بن مخرمة صريعا يوم اليمامة، فوقفت عليه فقال: يا
عبد الله بن عمر! هل أفطر الصائم؟ قلت: نعم، قال: فاجعل لي في هذا المجن ماء لعلي
أفطر عليه، قال: فأتيت الحوض وهو مملوء دما، فضربته بجحفة معي، ثم اغترفت منه
فأتيته فوجدته قد قضى.

(1 / 1) رواه ابن حجر العسقلاني في كتاب الإصابة في معرفة السحابة 1 / 307 عن ابن شيبة.
* جعلته من شأني: جعلت غايتي أن أقتله.
* مشى إلى في الرمح: دفع نفسه باتجاه عبد الله بن زيد بأن جعل الرمح يخترقه أكثر يريد أن يصل
إلى عبد الله ليضربه بسيفه فلما ألقى الرمح من يده لم يعد له عليه من سبيل.
(1 / 2) أي أنه كان يتحنط استعدادا للقتال حتى الاستشهاد.
(1 / 3) صريعا: مصابا ينازع سكرات الموت.
المجن: درع مقوس صغير. الجحفة: درع أكبر من المجن. قد قضى: قد توفي.
3

كتاب التأريخ - حديث اليمامة ومن شهدها
(4) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثمامة بن أنس عن أنس
قال: كنت بين يدي خالد بن الوليد وبين البراء يوم اليمامة، قال فبعث خالد الخيل فجاؤوا
منهزمين، وجعل البراء يرعد فجعلت ألحده إلى الأرض وهو يقول: أي أحدني أفطر،
قال: ثم بعث خالد الخيل فجاؤوا منهزمين، قال: فنظر خالد إلى السماء ثم إلى الأرض،
وكان يصنع ذلك إذا أراد الامر، ثم قال يا براء وحد في نفسه، قال: فقال: الآن؟
قال: فقال: نعم الآن، قال: فركب البراء فرسه فجعل يضربها بالسوط، وكأني أنظر
إليها، تمضغ ثدييها فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أهل المدينة! إنه لا مدينة لكم وإنما
هو الله وحده والجنة، ثم حمل وحمل الناس معه، فانهزم أهل اليمامة حتى أتى حصنهم فلقيه
محكم اليمامة، فضربه بالسيف فاتقاه البراء بالجحفة، فأصاب الجحفة ثم ضربه البراء
فصرعه فأخذ سيف محكم اليمامة فضربه به حتى انقطع، فقال: قبح الله ما بقي منك،
ورمى [به] وعاد إلى سيفه.
(5) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبر نا هشام عن محمد قال: كان الزبير يتبع القتلى
يوم اليمامة، فإذا رأى رجلا به رمق أجهز عليه، قال: فانتهى إلى رجل مضطجع مع
القتلى، فأهوى إليه بالسيف، فلما وجد مس السيف وثب يسعى، وسعى الزبير خلفه، وهو
يقول: أنا ابن صفية المهاجر، قال: فالتفت إليه فقال: كيف ترى شد أخيك الكافر؟
قال: فحاصره حتى نجا.
(6) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن العبيد بن أبي الجعد عن عبد الله بن شداد
ابن الهاد قال: أصيب سالم مولى أبي حذيفة يوم اليمامة.
(7) حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه قال: كان شعار المسلم يوم مسيلمة: يا
أصحاب سورة البقرة.
كتاب التأريخ - حديث اليمامة ومن شهدها

(1 / 4) جاءوا منهزمين: تراجعوا.
محكم اليمامة: حاكمها من قبل مسيلمة. [به] أضفناها لضرورة السياق.
(1 / 5) به رمق: به بقية من حياة وهكذا في المرتدين.
مضطجع مع القتلى: يريد اتقاء الموت بادعائه أنه ميت فلا يقتله أحد.
شد: ركض.
حاصره: أخره عن السعي خلفه.
(1 / 7) لان أصحاب سورة البقرة هم المسلمون لا غيرهم ولان ذلك يشجعهم على الصمود في القتال
بتذكيرهم بكتاب الله.
4

(8) حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه قال كانت في بني سليم ردة فبعث إليهم
أبو بكر خالد بن الوليد، فجمع منهم أناسا في حظيرة حرقها عليهم بالنار، فبلغ ذلك
عمر، فأتى أبو بكر فقال: انزع رجلا يعذب بعذاب الله، فقال أبو بكر: والله لا أشيم
سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه، وأمره فمضى من وجهه ذلك إلى
مسيلمة.
(9) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثمامة بن عبد الله عن أنس أن
خالد بن الوليد وجه الناس يوم اليمامة فأتوا على نهر فجعلوا أسافل أقبيتهم في حجرهم، ثم
قطعوا إليهم فتراموا فولى المسلمون مدبرين، فنكس خالد ساعة ثم رفع رأسه وأنا بينه
وبين البراء، وكان خالد إذا حزبه أمر نظر إلى السماء ساعة ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم
يفرق له رأيه، فأخذت البراء فجعلت ألحده إلى الأرض فقال: يا ابن أخي! إني لا أفطر،
ثم قال: يا براء قم! فقال البراء: الآن؟ قال: نعم الآن، فركب
البراء فرسا له أنثى، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أيها الناس! إنه ما إلى المدينة
سبيل، إنما هي الجنة فحضهم ساعة ثم مضغ فرسه مضغات، فكأني أراها تمضغ ثدييها، ثم
كبس عليهم وكبس الناس، قال حماد بن سلمة: فأخبرني عبيد الله بن أبي بكر عن أنس
قال: كان في مدينتهم ثلمة، فوضع محكم اليمامة رجليه عليها، وكان عظيما جسيما فجعل
يرتجز، أنا محكم اليمامة، أنا مدار الحلة، وأنا وأنا، قال: وكان رجلهم، فلما أمكنه من
الضرب ضربه واتقاه البراء بجحفة، ثم ضرب البراء ساقه فقتله، ومع محكم اليمامة صفيحة
عريضة، فألقى سيفه وأخذ صفيحة محكم فحمل فضرب بها حتى انكسرت فقال: قبح
الله ما بيني وبينك وأخذ سيفه.
(10) حدثنا وكيع قال ثنا مسعر عن أبي عون الثقفي عن رجل لم يسمه أن أبا بكر لما أتاه
فتح اليمامة سجد.
كتاب التأريخ - قدوم خالد بن الوليد الحيرة وصنيعة

(1 / 8) لا أشيم: لا أغمد.
من وجهه ذلك: أي من حربه لبني سليم مباشرة إلى حرب مسيلمة.
(1 / 9) تراموا: أي رموا المسلمين بالسهام وهم يحاولون اجتياز الماء.
ما إلى المدينة سبيل: لا عودة بالهزيمة، فإما النصر وإما الشهادة.
كبس عليهم: هاجمهم متقدما الناس.
ثلمة: فتحة في جدار الحصن بسبب أحجار متهدمة.
(1 / 10) وهي سجدة شكر لله تعالى.
5

(2) قدوم خالد بن الوليد الحيرة وصنيعة
(1) حدثنا أبو أسامة قال أخبرنا مجالد قال أخبرنا عامر قال: كتب خالد إلى
مرازبة فارس وهو بالحيرة ودفعه إلى ابن بقيلة، قال عامر: وأنا قرأته عند ابن بقيلة: بسم الله
الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهدى، فإني أحمد
إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد أحمد الله الذي فض خدمتكم وفرق كلمتكم
ووهن بأسكم وسلب ملككم، فإذا جاءكم كتابي هذا فابعثوا إلى بالرهن، واعتقدوا مني
الذمة، وأجيبوا إلى الجزية فإن لم تفعلوا فوالله الذي لا إله إلا هو لأسيرن إليكم بقوم
يحبون الموت كحبكم الحياة، والسلام على من اتبع الهدى.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة عن خالد بن سلمة
القرشي عن عامر الشعبي قال: كتب خالد بن الوليد زمن الحيرة إلى مرازبة فارس: بسم
الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهدى، أما
بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، الحمد لله الذي فض خدمتكم وفرق جمعكم
وخالف بين كلمتكم فإذا جاءكم كتابي هذا فاعتقدوا مني الذمة، وأجيبوا إلى الجزية، فإن
لم تفعلوا أتيتكم بقوم يحبون الموت حبكم الحياة.
(3) حدثنا جعفر بن عون قال أخبرنا يونس عن أبي السفر قال: لما قدم خالد بن
الوليد إلى الحيرة نزل على بني المرازبة، قال: فأتي بالسم فأخذه فجعله في راحته وقال:
بسم الله، فاقتحمه، فلم يضره بإذن الله شيئا،
كتاب التأريخ - في قتال أبى عبيد مهران وكيف كان أمره

(2 / 1) المرازبة: لفظ فارسي يعني حكام المناطق وقادة عسكرها.
وهذا كتاب تهديد ووعيد لهم فيه لهجة الثقة بالله وبالنصر والثقة بالجند الذين معه وإضعاف
لمعنويات الأعداء وإيقاع للرعب في قلوبهم وقوله فض خدمتكم: أنهي سلطانكم في مناطقكم
وسلب ملككم: أزاله، وهذا كلام من تأكد له الامر بشكل لا مجال للشك فيه وتوهين لعزائم
الخصم وهذا من البراعة العسكرية وهو ما يسمي في عصرنا (علم النفس العسكري).
(2 / 2) اعتقدوا مني الذمة: إنزلوا على حكم المسلمين لتكون لكم ذمتهم أي وإلا فلا سبيل لكم إلا القتل
والهزيمة.
(2 / 3) اقتحمه: ابتلعه.
ومع اسم الله لا يضر شئ إن كان القائل قد امتلأ قلبه بالايمان حقا، ولم يكن فيه ذرة شك وحتى
لو كان في الامر خدعة من خالد رضي الله عنه، فالحرب خدعة. وخبر الحادثة لا بد سينتشر بين
الفرس ويزلزلهم إذ سيعتقدون إنهم إنما يقاتلون من ليس للموت إليه من سبيل. والحيرة من أرض
العراق وكان الفرس متسلطين عليها.
6

(4) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال ثنا حسن بن صالح عن الأسود بن قيس
عن أبيه قال: صالحنا أهل الحيرة على ألف درهم ورحل، قال: قلت: يا أبة، ما كنتم
تصنعون بالرحل، قال: لم يكن لصاحب لنا رحل.
(5) حدثنا هشام بن حصين قال: لما قدم خالد بن الوليد ها هنا إذ هو بمشيخة
لأهل فارس عليهم رجل يقال له (هزار مرد) قال: فذكروا من عظيم عمله وشجاعته،
قال: فقتله خالد بن الوليد، ثم دعا بغدائه فتغدى وهو متكئ على جثته - يعني جسده.
(6) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي وائل أن خالد بن الوليد
كتب: بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى رستم ومهران وملا فارس، سلام
على من اتبع الهدى، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني أعرض
عليكم الاسلام. فإن أقررتم به فلكم ما لأهل الاسلام، وعليكم ما على أهل الاسلام،
وإن أبيتم فإني أعرض عليكم الجزية، فإن أقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية، وعليكم ما على
أهل الجزية، وإن أبيتم فإن عندي رجالا يحبون القتال كما تحب فارس الخمر.
(7) حدثنا أبو أسامة قال ثنا إسماعيل عن قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يحدث
بالحيرة عن يوم مؤتة.
(3) في قتال أبي عبيد مهران وكيف كان أمره
(1) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد سمعت أبا عمرو الشيباني يقول:
كان مهران أول السنة، وكانت القادسية في آخر السنة، فجاء رستم فقال: إنما كان مهران
يعمل عمل الصبيان.
(2) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: كان أبو عبيد بن مسعود عبر الفرات
إلى مهران فقطعوا الجسر خلفه فقتلوه هو أصحابه، قال: فأوصى إلى عمر بن الخطاب،
قال: فرثاه أبو محجن الثقفي فقال:
كتاب التأريخ - في قتال أبي عبيد مهران وكيف كان أمره

(2 / 4) أي أنهم كانوا يركبون الخيل دون رواحل لشدة الفقر والحاجة.
(2 / 5) وليس هذا من قبيل الكبر إنما هو لإثارة الرعب في قلب الأعداء وهذا من أسس النصر.
(2 / 7) وهذا شأن القائد العسكري المحنك يذكر المعارك السابقة التي خاضها ويتذاكرها مع قادة جنده
ليأخذوا منها الدروس للمعركة القادمة.
(3 / 1) كان مهران أول السنة: أي كان قتال العرب لجيش مهران في أول السنة أي في شهر الله المحرم.
7

أمسى أبو خير خلاء بيوته * بما كان يغشاه الجياع الأرامل
أمسى أبو عمرو لدى الجسر منهم * إلى جانب الأبيات حرم ونابل
فما زلت حتى كنت آخر رائح * وقتل حولي الصالحون الأماثل
وقد كنت في... نحر خيارهم * لدى القتل يدمي نحرها والشواكل
(3) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: عبر أبو عبيد بن مسعود يوم
مهران في أناس فقطع بهم الجسر، فأصيبوا، قال: قال قيس: فلما كان يوم مهران قال
أناس فيهم خالد بن عرفطة لجرير: يا جرير! لا والله لا نريم عن عرصتنا هذه؟ فقال:
اعبر يا جرير بنا إليهم، فقلت: أتريدون أن تفعلوا بنا ما فعلوا بأبي عبيد، [إنا قوم
لسنا لساح] أن نبرح أو أن نريم العرصة حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فعبره المشركون
فأصيب يومئذ مهران وهم عند النخيلة.
(4) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: قال لي جرير: انطلق بنا إلى مهران،
فانطلقت معه حيث أقبلوا، فقال لي: لقد رأيتني فيما ها هنا في مثل حريق النار، يطعنوني
من كل جانب بنيازكهم، فلما رأيت الهلكة جعلت أقول: يا فرسي ألا يا جرير، فسمعوا
صوتي فجاءت قيس، ما يردهم مني حتى يخلصوني، قلت: قد عبرت شهرا ما أرفع لي حبا
من أثر النيازك، قال: قال قيس: لقد رأيتنا نخوض دجلة وإن أبواب المدائن لمعلقة.
(5) حدثنا معاذ بن معاذ قال ثنا التيمي عن أبي عثمان قال: لما قتل أبو عبيد وهزم
أصحابه قال عمر: أنا فئتكم.
(6) حدثنا وكيع قال ثنا ابن عون عن ابن سيرين قال: لما بلغ عمر قتل أبي عبيد الثقفي
قال: إن كنت له فئة لو انحاز إلي.
كتاب التأريخ - في أمر قادسية وجلولاء

(3 / 2) البيت الأخير ناقص في الأصل.
(3 / 3) عرصتنا: مكان نزولنا والعرصة الأرض الفلاء، لا نريم: لا نغادر ولا نترك مكاننا [إنا قوم لسنا
لساح] كذا في الأصل ولعل هناك نقصا في السياق والمعنى المقصود: إننا لا نلدغ من جحر مرتين
ولسنا أحرارا في ترك مكاننا حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
(3 / 4) النيزك: الرمح القصير.
ما يردهم مني: ما يردهم عن نجدتي شئ ولا يقف في وجههم مانع.
ما أرفع لي حبا: لا أستطيع رفع دلو ماء (والحب من أوعية الماء) وذلك بسبب جراحاته.
(3 / 5) سبق ذكره وشرحه في كتاب الجهاد.
(3 / 6) لان الفارس يستنجد بقومه لمساندته إذا حاصره العدو فلو استنجدوا بعمر رضي الله عنه لأنجدهم
المسلمون جميعا.
8

(7) حدثنا محبوب القواريري عن حنش بن الحارث النخعي قال: ثنا أشياخ النخع
أن جريرا لما قتل مهران نصب أو رفع رأسه على رمح.
(8) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم أنه مر برجل يوم أبي
عبيد وقد قطعت يداه ورجلاه، وهو يقول: * (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * فقال له بعض من مر عليه: من
أنت؟ قال: امرؤ من الأنصار.
(4) في أمر القادسية وجلولاء
(1) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: شهدت القادسية وكان سعد على
الناس وجاء رستم فجعل عمرو بن معدي كرب الزبيدي يمر على الصفوف ويقول: يا
معشر المهاجرين! كونوا أسودا أشداء [أغنى شأنه]، إنما الفارسي تيس بعد أن يلقي
نيزكه، قال: وكان معهم إسوار * لا تسقط له نشابة، فقلنا له: يا أبا ثور، اتق ذاك،
قال: فإنا لنقول ذاك إذ رمانا فأصاب فرسه، فحمل عمرو عليه فاعتنقه ثم ذبحه
فأخذ سلبه سواري ذهب كانا عليه ومنطقة وقباء ديباج، وفر رجل من
ثقيف فخلا بالمشركين فأخبرهم فقال: إن الناس في هذا الجانب، وأشار إلى بجيلة،
قال: فرموا إلينا ستة عشر فيلا عليها المقاتلة، وإلى سائر الناس فيلين قال: وكان
سعد يقول يومئذ: سا بجيلة، قال قيس وكنا ربع الناس يوم القادسية، فأعطانا عمر ربع
السواد فأخذناه ثلاث سنين، فوفد بعد ذلك جرير إلى عمر ومعه عمار بن ياسر، فقال
عمر: ألا تخبراني عن منزليكم هذين؟ ومع ذلك إني لأسلكها وإني لأتبين في وجوهها أي
المنزلين خير؟ قال فقال جرير: أنا أخبرك يا أمير المؤمنين! أما أحد المنزلين فأدنى نخلة
من السواد إلى أرض العرب، وأما المنزل الآخر فأرض فارس وعليها وحرها وبقها - يعني
المدائن، قال: فكذبني عمار فقال: كذبت، قال: فقال عمر: أنت أكذب، قال: لم؟ قال:
كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء

(3 / 7) النخع: إحدى القبائل.
(3 / 8) سورة النساء من الآية 4 / 69.
(4 / 1) كان سعد على الناس: أي كان أمير الجيش سعد بن أبي وقاص.
[أغني شأنه] هكذا في الأصل وقد ذكر أول هذا الحديث في كتاب الجهاد فصححنا لغته
وتركناه هنا على حاله.
- إسوار أو أسوار ج. أساورة وهو بمنزلة الأمير من الجيش عند الفرس لا تسقط له نشابة: أي لا
يرمي سهما إلا صائنا.
9

ألا تخبرون عن أمير هذا أمجري هو؟ قالوا: لا والله ما هو بمجري ولا عالم بالسياسة.
فعزله وبعث المغيرة بن شعبة.
(2 حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: كان سعد قد اشتكي قرحة في
رجله يومئذ، فلم يخرج إلى القتال، قال: فكانت من الناس انكشافة، قال: فقالت امرأة
سعد وكانت قبله تحت المثنى بن حارثة الشيباني: لا مثنى للخيل، فلطمها سعد فقالت:
جبنا وغيرة، قال: ثم هزمناهم.
(3) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن قيس أن امرأة سعد كان يقال لها سلمى
بنت خصفة امرأة رجل من بني شيبان يقال له المثنى بن الحارثة وأنها ذكرت شيئا من أمر
مثنى فلطمها سعد فقالت: جبن وغيرة.
(4) حدثنا أبو معاوية عن عمرو بن مهاجر عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه
قال أتي سعد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر فأمر به إلا القيد، قال: وكان
بسعد جراحة، فلم يخرج يومئذ إلى الناس قال: فصعدوا به فوق العذيب لينظر إلى الناس،
قال: واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة، فلما التقى الناس قال أبو محجن:
كفى حزنا أن تردى الخيل بالقنا * وأترك مشدودا علي وثاقيا
فقال لابنة خصفة امرأة سعد أطلقيني ولك علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع
رجلي في القيد، وإن قتلت استرحتم، قال فحلته حين التقى الناس، قال: فوثب على
فرس لسعد يقال لها البلقاء، قال: ثم أخذ رمحا ثم خرج، فجعل لا يحمل على ناحية من
العدو إلا هزمهم، قال: وجعل الناس يقولون: هذا ملك، لما يرونه يصنع، قال: وجعل
سعد يقول: الضبر * ضبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن، وأبو محجن في القيد، قال: فلما
هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجليه في القيد، فأخبرت بنت خصفة سعدا بالذي
كان من أمره، قال: فقال سعد: والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى الله المسلمين على يديه ما
أبلاهم، قال: فخلى سبيله، قال: فقال أبو محجن: قد كنت أشربها حيث كان يقام علي
الحد فأظهر منها، فأما إذا بهرجتني * فلا والله لا أشربها أبدا.

(4 / 4) أمر به إلا القيد: أمر ألا يترك حتى يسجن وتوضع قدماه في القيود. وذلك لتكرار شربه.
العذيب: القصر الصغير.
الضبر: الوثب وضبر الفرس ضبرانا جمع قوائمه ووثب.
بهرجتني: أهدرتني، وبهرج المكان ترك حمايته وأباحه وبهرجه هدره بإسقاط الحد عنه
والكلمة إما من أصل فارسي من نبهره أو أصل هندي نبهله: وهو يعني في الحالين إما الزائف من
الدراهم أو الهدر من الدماء وكل مردود عند العرب بهرج.
10

كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء (5) حدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا حصين عن أبي وائل قال: جاء سعد بن
أبي وقاص حين نزل القادسية ومعه الناس، قال: فما أدري لعلنا أن لا نزيد على سبعة
آلاف أو ثمانية آلاف: بين ذلك، والمشركون ثلاثون ألفا أو نحو ذلك، معهم الفيول،
قال: فلما نزلوا قالوا لنا: ارجعوا وإنا لا نرى لكم عددا، ولا نرى لكم قوة ولا سلاحا،
فارجعوا، قال: قلنا: ما نحن براجعين، قال: وجعلوا يضحكون بنبلنا ويقولون: دوك -
يشبهونها بالمغازل، قال: فلما أبينا عليهم قالوا: ابعثوا إلينا رجلا عاقلا يخبرنا بالذي جاء
بكم من بلادكم، فإنا لا نرى لكم عددا ولا عدة، قال: فقال المغيرة بن شعبة: أنا، قال: فعبر إليهم قال فجلس مع رستم على السرير، قال فنخر ونخروا حين جلس معه على
السرير، قال: قال المغيرة: ما زادني في مجلسي هذا ولا نقص صاحبكم، قال: فقال:
أخبروني ما جاء بكم من بلادكم، فإني لا أرى لكم عددا ولا عدة، قال: فقال: كنا قوما
في شقاء وضلالة فبعث الله فينا نبينا فهدانا الله على يديه ورزقنا على يديه، فكان فيما
رزقنا حبة زعموا أنها تنبت بهذه الأرض، فلما أكلنا منها وأطعمنا منها أهلينا قالوا: لا
خير لنا حتى تنزلوا هذه البلاد فنأكل هذه الحبة، قال: فقال رستم: إذا نقتلكم، قال: فإن
قتلتمونا دخلنا الجنة، وإن قتلناكم دخلتم النار، وإلا أعطيتم الجزية، قال: فلما قال (أعطيتم
الجزية) قال: صاحوا ونخروا وقالوا: لا صلح بيننا وبينكم، قال: فقال المغيرة: أتعبرون
إلينا أو نعبر إليكم، قال: فقال رستم: بل نعبر إليكم، قال فاستأخر منه المسلمون حتى
عبر منهم من عبر، قال: فحمل عليهم المسلمون فقتلوهم وهزموهم قال حصين: كان
ملكهم رستم من أهل آذربيجان، قال حصين: وسمعت شيخا منا يقال له عبيد بن
جحش: قال: لقد رأيتنا نمشي على ظهور الرجال، نعبر الخندق على ظهور الرجال، ما
مسهم سلاح، قد قتل بعضهم بعضا، قال: ووجدنا جرابا فيه كافور، قال: فحسبناه ملحا
لا نشك فيه أنه ملح قال: فطبخنا لحما فطرحنا منه فيه، فلما لم نجد له طمعا فمر بنا عبادي

(4 / 5) النخر اصدار الصوت من المنخر وهو كناية عن الغضب.
قد قتل بعضهم بعضا: أثناء فرارهم تعاركوا أيهم يعبر أولا فرارا من سيوف المسلمين فكان
الواحد منهم يطعن صاحبه كي يعبر فوقه.
العبادي من العباد وهم قوم من قبائل شتى اجتمعوا على النصرانية وأنفوا أن يتسموا بالعبيد فقالوا
نحن العباد ونزلوا بالحيرة ومنهم عدي بن زيد العبادي الشاعر المعروف.
11

معه قميص، قال: فقال: يا معشر المعربين! لا تفسدوا طعامكم فإن ملح هذه الأرض لا
خير فيه، هل لكم أن أعطيكم فيه هذا القميص، قال: فأعطانا به قميصا، فأعطيناه
صاحبا لنا فلبسه، قال: فجعلنا نطيف به ونعجب منه، قال: فإذا ثمن القميص حين عرفنا
الثياب در همان، قال: ولقد رأيتني أشرت إلى رجل وإن عليه لسوارين من ذهب وإن
سلاحه تحت في قبر من تلك القبور، وأشرت إليه فخرج إلينا، قال: فما كلمناه حتى
ضربنا عنقه، فهزمناهم حتى بلغوا الفرات، قال: فركبنا فطلبناهم فانهزموا حتى انتهوا إلى
المدائن، قال: فنزلنا كوثا، قال: ومسلحة للمشركين بدير المسلاخ فأتتهم خيل المسلمين
فتقاتلهم، فانهزمت مسلحة المشركين حتى لحقوا بالمدائن، وسار المسلمون حتى نزلوا على
شاطئ دجلة، وعبر طائفة من المسلمين من كلواذي من أسفل من المدائن فحصروهم حتى
ما يجدون طعاما إلا كلابهم وسنانيرهم، قال: فتحملوا في ليلة حتى أتوا جلولاء، قال: فسار إليهم سعد بالناس وعلى مقدمته هاشم بن عتبة، قال: وهي الوقعة التي كانت، قال:
فأهلكهم الله وانطلق فلهم إلى نهاوند، قال: وقال أبو وائل: إن المشركين لما انهزموا من
جلولاء أتوا نهاوند، قال: فاستعمل عمر بن الخطاب على أهل الكوفة حذيفة بن اليمان،
وعلى أهل البصرة مجاشع بن مسعود السلمي، قال: فأتى عمرو بن معدي كرب فقال له:
أعطني فرسي وسلاح مثلي، قال: نعم، أعطيك من مالي، قال: فقال له عمرو بن
معدي كرب، والله لقد هاجيناكم وقاتلناكم فما أجبناكم، وسألناكم فما أنجلناكم، قال حصين:
وكان النعمان بن مقرن على كسكر، قال فكتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين! إن مثلي ومثل
كسكر كمثل رجل شاب عند مومسة تلون له وتعطر، وإني أنشدك بالله لما عزلتني عن
كسكر، وبعثتني في جيش من جيوش المسلمين، قال: فكتب إليه: سر إلى الناس بنهاوند
فأنت عليهم، قال فسار إليهم فالتقوا، فكان أول قتيل، قال: وأخذ سويد بن مقرن الراية
ففتح الله لهم وأهلك الله المشركين، فلم يقم لهم جماعة بعد يومئذ، قال: وكان أهل كل مصر

المسلحة: الثغر، والقوة المسلحة ترابط في موضع يخاف قدوم العدو منه إما كقوة متقدمة من الجيش
أو كقوة إنذار وتأخير ريثما يتأهب الجيش خلفها للقتال، أو قوة رصد للعدو في موضع بإزاء
ثغر.
كلواذي: منطقة قريبة من بغداد.
سنانير: هررة وقطط ج سنور الوقعة التي كانت: موقعة جلولاء على كسكر: حاكما لمدينة كسكر.
وقول النعمان بن مقرن يقصد به أن كسكر وحكمها يغريانه بأمور الدنيا وهو راغب عنها راغب
في الجهاد.
والأرض المذكورة بين الحيرة والفرات هي الأرض التي بنيت فوقها مدينة الكوفة.
12

يسيرون إلى عدوهم في بلادهم، قال حصين: لما هزم المشركون من المدائن لحقهم بجلولاء.
ثم رجع وبعث عمار بن ياسر، فسار حتى نزل المدائن، قال: وأراد أن ينزلها بالناس،
فاجتواها الناس وكرهوها، فبلغ عمر أن الناس كرهوها فسأل: هل يصلح بها الإبل،
قالوا: لا، لان بها البعوض، قال: فقال عمر: فإن العرب لا تصلح بأرض لا يصلح بها
الإبل، قال: فارجعوا، قال: فلقي سعد عباديا، قال: فقال: أنا أدلكم على أرض ارتفعت
من البقة وتطأطأت من السبخة وتوسطت الريف وطعنت في أنف التربة، قال: أرض بين
الحيرة والفرات.
(6) حدثنا ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي قال: كتب عمر إلى سعد يوم
القادسية: إني قد بعثت إليك أهل الحجاز وأهل اليمن، فمن أدرك منهم القتال قبل أن
يتفقأوا فأسهم لهم.
(7) حدثنا وكيع قال ثنا مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن نعيم بن أبي قال: قال
رجل يوم القادسية: اللهم إن [حربه سودا بدنة؟] فزوجني اليوم من الحور العين، ثم تقدم
فقتل، قال: فمروا عليه وهو معانق رجل عظيم.
(8) حدثنا وكيع قال ثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم قال: مروا على رجل يوم
القادسية، وقد قطعت يداه ورجلاه وهو يفحص وهو يقول: * (مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * قال فقال: من أنت يا
عبد الله قال: أنا امرؤ من الأنصار.
(9) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سعد بن عبيدة عن البراء قال: أمرني عمر
أن أنادي بالقادسية: لا ينبذ في دباء ولا حنتم ولا مزفت.
(10) حدثنا أبو معاوية عن شقيق قال: جاءنا كتاب أبي بكر بالقادسية، وكتب
عبد الله بن الأرقم.
كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء

(4 / 6) قبل أن يتفقأوا: قبل ظهور نتيجة المعركة.
(4 / 7) [حربه سودا بدنه]، هكذا في الأصل بغير نقط. والكلمة الأولى [حربه] لا ريب أنها اسم امرأة
القائل ولعلها حرنة أو حربة أو أي اسم بدوي آخر وبقية العبارة واضحة وهي: [سوداء بدنة].
معانق رجل عظيم: أي تقاتل معه فقتل كل واحد منهما الآخر.
(4 / 9) الدباء: القرع وكان يجفف وينبذ فيه أي يستعمل كوعاء الحنتم: الجرار الخضر.
مزفت: الوعاء المطلي بالزفت وكانت هذه الأوعية تستعمل أصلا لصناعة الخمر
13

(11) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن الأسود بن قيس العبدي عن شبر بن علقمة قال:
لما كان يوم القادسية قام رجل من أهل فارس فدعا إلى المبارزة فذكر من عظمه، فقام
إليه رجل قصير يقال له شبر بن علقمة، قال: فقال له الفارسي هكذا - يعني احتمله ثم
ضرب به الأرض فصرعه، قال: فأخذ شبر خنجرا كان مع الفارسي، فقال به في بطنه
هكذا - يعني فحصحصه، قال: ثم انقلب عليه فقتله، ثم جاء بسلبه إلى سعد فقوم باثني
ألفا فنفله سعد.
(12) حدثنا أبو الأحوص عن الأسود بن قيس عن شبر بن علقمة قال: بارزت
رجلا يوم القادسية من الأعاجم فقتلته وأخذت سلبه فأتيت به سعدا، فخطب سعد
أصحابه ثم قال: هذا سلب شبر وهو خير من اثني عشر ألف درهم، وإنا قد نفلناه إياه.
(13) حدثنا هشيم عن حصين عمن شهد القادسية قال: بينا رجل يغتسل إذ فحص
له الماء والتراب عن لبنة من ذهب، فاتى سعدا فأخبره فقال: اجعلها في غنائم المسلمين.
(14) حدثنا عباد عن حصين عمن أدرك ذاك أن رجلا اشترى جارية من المغنم،
قال: فلما رأت أنها قد أخلصت له أخرجت حليا كثيرا كان معها، قال: فقال الرجل: ما
أدري ما هذا، حتى أتي سعدا فسأله فقال: اجعله في غنائم المسلمين.
(15) حدثنا أبو معاوية عن الشيباني عن حبيب بن أبي ثابت عن الأسود بن مخرمة
قال: باع سعد طستا بألف درهم من رجل من أهل الحيرة، فقيل له: إن عمر بلغه هذا
عنك فوجد عليك، قال: فلم يزل يطلب إلى النصراني حتى رد عليه الطست وأخذ الألف.
(16) حدثنا الفضل بن دكين قال ثنا الصباغ بن ثابت قال ثنا أشياخ الحي قال جرير
ابن عبد الله: لقد أتى على نهر القادسية ثلاث ساعات من النهار ما تجري إلا بالدم مما قتلنا
من المشركين.
(17) حدثنا الفضل بن دكين قال ثنا حنش بن الحارث قال: سمعت أبي يذكر
قال: قدمنا من اليمن، نزلنا المدينة فخرج علينا عمر فطاف في النخع ونظر إليهم فقال:
يا معشر النخع! إني أرى الشرف فيكم متريعا فعليكم بالعراق وجموع فارس، فقلنا: يا

(4 / 13) فحص له الماء والتراب: كشف له الماء التراب فظهر ما تحته.
(4 / 14) أخلصت له: صارت خالصة له، لا شريك له فيها أي صارت ملكا له ولم تعد من الغنائم.
(4 / 17) أي أن قتلى النخع كانوا أكثر من قتلى سواهم من الناس وفي العبارة ضعف.
ولوا أعظم الامر وحدهم: أسند إليهم الامر الأخطر من غيره في المعركة والمسافة الأكبر من
ساحتها.
14

أمير المؤمنين! لا بل الشام نريد الهجرة إليها، قال: لا بل العراق، فإني قد رضيتها لكم،
قال: حتى قال بعضنا: يا أمير المؤمنين! لا إكراه في الدين، قال: فلا إكراه في الدين،
عليكم بالعراق، قال فيها جموع العجم ونحن ألفان وخمسمائة، قال: فأتينا القادسية فقتل
من النخع واحد، وكذا وكذا رجلا من سائر الناس ثمانون، فقال عمر: ما شأن النخع، أصيبوا من بين سائر الناس، أفر الناس عنهم؟ قالوا: لا بل ولوا أعظم الامر وحدهم.
(18) حدثنا ابن إدريس عن حنش بن الحارث عن أبيه قال: مرت النخع بعمر
فأقامهم فتصفحهم وهم ألفان وخمسمائة، وعليهم رجل يقال له أرطاة، فقال: إني لأرى
الشرف فيكم متريعا سيروا إلى إخوانكم من أهل العراق، فقالوا: بل نسير إلى الشام،
قال: سيروا إلى العراق، فقالوا: لا إكراه في الدين، فقال: سيروا إلى العراق، فلما قدموا
العراق جعلوا يسحبون المهر فيذبحونه، فكتب إليهم: أصلحوا فإن في الامر معقلا أو
نقسا، وسمعت أبا بكر بن عياش يقول: كانت بنو أسد يوم القادسية أربعمائة، وكانت
بجيلة ثلاثة آلاف، وكانت النخع ألفين وثلاثمائة، وكانت [لندة] نحو النخع، وكانوا
كلهم عشرة آلاف، ولم تكن في القوم أحد أقل من مضر سمعت أبا بكر أن عمر فضلهم
فأعطى بعضهم ألفين، وبعضهم ستمائة، وذكر أبو بكر بن عياش في قوله: * (فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم ويحبونه) * قال: أهل القادسية.
(19) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة قال: كتب عمر
إلى سعد وغيره من أمراء الكوفة: أما بعد فقد جاءني ما بين العذيب وحلوان، وفي ذلكم
ما يكفيكم إن اتقيتم وأصلحتم، قال: وكتب: اجعلوا بينكم وبين العدو مفازة.

(4 / 18) متريعا: قد صرتم له مرعى أي أنتم مكانه ومرتعة. ولعلها متربعا: أي مقيما.
[لندة] كذا في الأصل غير منقوط والأرجح أنها لبدة واللبد بطون من تميم من بني الحرب بن كعب،
والمقصود هنا إحدى هذه البطون. [مضر] في الأصل [مصر] بغير نقط والأصح ما أثبتناه. * (فسوف
يأتي الله بقوم) * سورة المائدة من الآية (54).
(4 / 19) مفازة المفازة في الأصل الطريق الصعبة في الصحراء، والمقصود مسافة حدود يصعب على العدو
اجتيازها وتقدرون على الدفاع عند طرفها أو يحتاج إلى وقت لاجتيازها فتأخذون حذركم.
15

(20) حدثنا محمد بن بشر قال ثنا مسعر عن عون عن عبد الله قال: مر على رجل
يوم القادسية وقد انتثر بطنه أو قصبه، قال لبعض من مر عليه: ضم إلي منه أدنوا قيد
رمح أو رمحين في سبيل الله، قال: فمر عليه وقد فعل.
(21) حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: رأيت أصحاب عبيد يشربون نبيذ
القادسية وفيهم عمرو بن ميمون.
(22) حدثنا حميد عن حسن عن مطرف عن بعض أصحابه قال: اشترى طلحة بن
عبيد الله أرضا من النشاستج، نشاستج بني طلحة، هذا الذي عند السيلحين، فأتى
عمر فذكر ذلك له فقال: إني اشتريت أرضا معجبة، فقال له عمر: ممن اشتريتها؟ أمن
أهل الكوفة؟ قال: أشتريها من أهل القادسية قال طلحة: وكيف اشتريها من أهل
القادسية كلهم؟ قال: إنك لم تصنع شيئا، إنما هي فئ.
(23) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن الحسن عن ليث عمن يذكر أن أهل القادسية
رغموا الأعاجم - حتى قاتلوا - ثلاثة أيام.
كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء

(4 / 20) ضم إلي منه: أي ضم بعض أشلائي إلي كي أتمكن من التقدم قيد رمح أي مسافة طول رمح إلى
وجه العدو.
(4 / 21) النبيذ المقصود هو شراب البسر أو الزبيب.
(4 / 22) النشاستج فارسي معرب أصله الفارسي نشاسته وهو النشاء المعروف المأخوذ من لباب الحنطة
المنقوع. وفي التاريخ بغداد نشاستك 1 / 16 وهي هنا وفي تاريخ بغداد تصحيف من النسخ والنساخ
لان الكلمة الصحيحة برأينا هي النشاشيج والنشاشيج في الأصل تصغير الأنشاج واحدها النشج
وهو مجرى مسيل الماء. والنشاشيج هي مبازل الماء تحفر في الماء كي لا تتملح الأرض بطول الزراعة والري
فيشق ما يشبه مجرى المسيل أو الجدول وسط الأرض عميقا فينحدر إليه وينش ما يزيد عن حاجة
الأرض من الماء فلا تخم وتجر معها ما تخلف من أملاح عضوية تركها الزرع والنبات في جذوره الباقية في
الأرض ولكل مزرعة أو قطعة واسعة من الأرض نشج واحد يتوسطها أو مجموعة نشاشيج صغيرة تتقاطع
فيها ثم أطلق الاسم على مجموعة المزارع التي تعامل بهذا الشكل. ويؤكد ذلك قوله:
(عند السيلحين)، وهي تثنية السيلح المصغر من السلح وهو المطر المجتمع في الغدران ولعل المقصود
بالسيلحين بركتي ماء واسعتين متفرعتين مما يسمى ببحر النجف في منطقة النجف والكوفة وبحيرة الرزازة
في منطقة الرزازة وبحيرة الحبانية في منطقة الحبانية قريبا من بغداد.
16

(24) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن
حذيفة قال اختلف رجل من أهل الكوفة ورجل من أهل الشام فتفاخرا، فقال الكوفي:
نحن أصحاب يوم القادسية ويوم كذا وكذا، وقال الشامي: نحن أصحاب يوم اليرموك
ويوم كذا ويوم كذا، فقال حذيفة: كلا كما لم يشهده الله، هلك عاد وثمود، ولم يؤامر
الله فيهما إذا أهلكهما، وما من قرية أحرى أن تدفع عظيمة عنها يعني الكوفة.
(25) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة عن جرير بن رباح عن أبيه أنهم أصابوا
قبرا بالمدائن، فوجدوا فيه رجلا عليه ثياب منسوجة بالذهب، ووجدوا معه مالا، فأتوا
به عمار بن ياسر فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر: أن أعطهم ولا تنزعه.
(26) حدثنا حفص عن الشيباني عن محمد عبيد الله أن عمر استعمل السائب بن
الأقرع على المدائن، فينما هو مجلسه إذ أتي بمال من صفر كأنه رجل قائل بيديه هكذا -
وبسط يديه وقبض بعض أصابعه - فقال: هذا لي، هذا ما أفاء الله علي، فكتب فيه إلى
عمر فقال عمر: أنت عامل من عمال المسلمين، فاجعله في بيت مال المسلمين.
(27) حدثنا أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن سماك عن النعمان بن حميد أن
عمارا أصاب مغنما فقسم بعضه وكتب إلى عمر يشاوره قال: مانع الناس إلى قدوم
الراكب.
(28) حدثنا محمد بن بشر قال ثنا إسماعيل عن شبل بن عوف: كان من أهل
القادسية وكان يصفر لحيته.
(29) حدثنا غندر عن شعبة عن سماك عن ملحان بن سليمان بن ثروان قال: كان
سلمان أمير المدائن، فإذا كان يوم الجمعة قال يزيد: قم فذكر قومك.
(30) حدثنا عفان قال ثنا أبو هلال عن قتادة عن أنس قال: كان على ابن أم
مكتوم يوم القادسية درع سابغ.

(4 / 24) أي أن تقوى الله هي خير لكما وليس المفاخرة وأنه أحرى بأهل الكوفة الاهتمام بتقوى الله والدفاع
عنها كي لا يصيبها ما أصاب عاد وثمود.
(4 / 25) وجدوا فيه رجلا: جثة رجل.
(4 / 26) مال من صفر: المقصود دنانير ذهبية لان لون الذهب أصفر. أما الصفر أصلا فهو النحاس.
(4 / 27) أي إلى وقت قدوم من يحمل قرار عمر رضي الله عنه في ذلك.
(4 / 28) يصفر لحيته: يصبغها بالأصفر وما يعطي اللون الأصفر للشعر قد يكون الزعفران أو الورس أو
لعله نوع من الحناء أيضا.
17

كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء
(31) حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال:
اختلفت أنا وسعد بالقادسية في المسح على الخفين.
(32) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن إبراهيم قال: فر رجل من
القادسية أو مهران أو بعض تلك المشاهد فأتى عمر فقال: إني قد هلكت فررت، فقال
عمر: كلا أنا فئتك.
(33) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي قال ثنا الوليد عن سماك بن حرب قال:
أدركت ألفين من بني أسد قد شهدوا القادسية في ألفين ألفين، وكان راياتهم في يد سماك
صاحب المسجد.
(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم الأحول قال: سأل صبيح أبا عثمان
النهدي وأنا أسمع فقال له: هل أدركت النبي (ص)؟ فقال
نعم، أسلمت على عهد النبي
(ص) وأديت إليه ثلاث صدقات ولم ألقه، وغزوت على عهد عمر غزوات، شهدت فتح
القادسية وجلولاء وتستر ونهاوند واليرموك وآذربيجان ومهران ورستم، فكنا نأكل السمن
ونترك الودك، فسألته عن الظروف فقال: لم نكن نسأل عنها - يعني طعام المشركين.
(35) حدثنا عائذ بن حبيب عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم قال: ضرب يوم
القادسية للعبيد بسهامهم كما ضرب للأحرار.
(36) حدثنا الفضل بن دكين عن جعفر عن ميمون قال: لما جاء وفد القادسية
حبسهم ثلاثة أيام لم يأذن لهم، ثم أذن لهم، قال: يقولون: التقينا فهزمنا، بل الله الذي هزم
وفتح.
(37) حدثنا أبو أسامة قال أخبرنا الصلت بن بهرام حدثنا جميع بن عمير الليثي عن
عبد الله بن عمر قال: شهدت جلولاء فابتعت من الغنائم بأربعين ألفا، فقدمت بها على
عمر فقال ما هذا؟ قلت: ابتعت من الغنائم بأربعين ألفا، فقال: يا صفية! احفظي بما قدم به عبد الله بن عمر، عزمت عليك أن تخرجي منه شيئا، قالت: يا أمير المؤمنين، وإن
كانت غير طيب، قال: ذاك لك، قال: فقال لعبد الله بن عمر: أرأيت لو انطلق بي إلى
كتاب التأريخ - في أمر القادسية وجلولاء

(4 / 33) في ألفين ألفين: أي كان نصيب كل واحد منهم من الغنائم ألفي درهم.
(4 / 34) أديت إليه ثلاث صدقات: أديت إليه الزكاة ثلاث سنوات. الودك: شحم السنام وشحم الذبائح إطلاقا.
الظروف: أوعية من جلد كان بعض أهل البلاد المفتتحة يستعملها لحفظ الطعام أو السمن.
(4 / 35) ضرب لهم بسهام: نالوا نصيبهم من الغنائم.
18

النار أكنت [مفتدي] قلت: نعم ولو بكل شئ أقدر عليه، قال: فإني كأنني شاهدك
يوم جلولاء وكنت تبايع ويقولون: هذا عبد الله بن عمر صاحب رسول الله (ص) وابن
أمير المؤمنين وأكرم أهله عليه، وأنت كذلك قال: فإن يرخصوا عليك بمائة أحب إليهم
من أن يلغوا عليك بدرهم، وإني قاسم، وسأعطيك من الربح أفضل ما يربح رجل من
قريش، أعطيك ربح الدرهم درهما، قال: فخلى على سبعة أيام ثم دعا التجار فباعه
بأربعمائة ألف، فأعطاني ثمانين ألفا، وبعث بثلاثمائة ألف وعشرين ألفا إلى سعد فقال:
اقسم هذا المال بين الذين شهدوا الوقعة، فإن كان مات فيهم أحد فابعث بنصيبه إلى
ورثته.
(38) حدثنا أبو المورع عن مجالد عن الشعبي قال، لما فتح سعد جلولاء أصاب
المسلمون ثلاثين ألف ألف، قسم للفارس ثلاثة آلاف مثقال، وللراجل ألف مثقال.
(39) حدثنا وكيع قال ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أتي عمر
بغنائم من غنائم جلولاء فيها ذهب وفضة، فجعل يقسمها بين الناس، فجاء ابن له يقال له
عبد الرحمن فقال: يا أمير المؤمنين! اكسني خاتما فقال: اذهب إلى أمك تسقيك شربة من
سويق، قال: فوالله ما أعطاه شيئا.
(40) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا هشام بن سعد قال ثنا زيد بن أسلم عن أبيه
قال: سمعت عبد الله بن الأرقم صاحب بيت مال المسلمين يقول لعمر بن الخطاب: يا أمير
المؤمنين! عندنا حلية من حلية جلولاء وآنية ذهب وفضة فر فيها رأيك، فقال: إذا
رأيتني فارغا فأتني، فجاء يوما فقال: إني أراك اليوم فارغا يا أمير المؤمنين! قال ابسط لي
نطعا في الجسر، فبسط له نطعا، ثم أتي بذلك المال فصب عليه فجاء فوقف عليه ثم قال:
اللهم إنك ذكرت هذا المال فقلت: * (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين
والقناطير المنقطرة من الذهب و الفضة) * وقلت * (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا
تفرحوا بما آتاكم) * اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، اللهم فاجعلني أنفقه
في حق وأعوذ بك من شره.
كتاب التأريخ - في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند

(4 / 37) مفتدي: في الأصل مقتدي، والصواب ما أثبتناه.
(4 / 40) فر: ر هو فعل الامر من رأى أي فأمر بما تراه مناسبا وفي الأصل [فرأى] وهو خطأ
والصواب ما أثبتناه.
النطع: القطعة من الجلد.
* (زين للناس حب الشهوات) * سورة آل عمران من الآية (3 / 14).
* (لكي لا تأسوا) * سورة الحديد من الآية (23).
19

(41) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن إسحاق عن سمرة بن
جعونة العامري قال: أصبت قباء منسوجا بالذهب من ديباج يوم جلولاء فأردت بيعه فألقيته على منكبي، فمررت بعبد الله بن عمر فقال: تبيع القباء؟ قلت: نعم قال بكم؟
قلت: بثلاثمائة درهم، قال: إن ثوبك لا يسوى ذلك، وإن شئت أخذت، قلت: قد
شئت، قال: فأخذه.
(42) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال ثنا حبان عن مجالد عن الشعبي: قال أتي
عمر من جلولاء بستة ألف ألف، ففرض العطاء.
(43) حدثنا هشيم قال أخبرنا يونس بن عبيد الله قال ثنا الحكم بن الأعرج قال:
سألت ابن عمر عن المسح على الخفين، قال: اختلفت أنا وسعد في ذلك ونحن بجلولاء.
(44) حدثنا محمد بن فضيل عن وقاء بن أياس الأسدي عن أبي ظبيان قال: كنا مع
سلمان في غزاة إما في جلولاء وإما في نهاوند قال: فمر رجل وقد جنى فاكهة، فجعل
يقسمها بين أصحابه، فمر سلمان فسبه، فرد على سلمان وهو لا يعرفه، قال: فقيل: هذا
سلمان، قال: فرجع إلى سلمان يعتذر إليه قال: فقال له الرجل: ما يحل لنا من أهل الذمة
يا أبا عبد الله؟ قال: ثلاث: من عماك إلى هداك، ومن فقرك إلى غناك، وإذا صحبت
الصاحب منهم تأكل من طعامه ويأكل من طعامك ويركب دابتك في أن لا تصرفه عن
وجه يريده.
(5) في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند
(1) حدثنا معاوية بن عمرو قال حدثنا زائدة قال ثنا عاصم بن كليب الجرمي قال:
حدثني أبي أنه أبطأ على عمر خبر نهاوند وابن مقرن وأنه كان يستنصر، وأن الناس كانوا
يرون من استنصاره أنه يكن له ذكر نهاوند وابن مقرن، قال فقدم عليهم أعرابي،

(4 / 42) فرض العطاء: نظمه وقنن توزيعه أي لجعل ذلك قانونا ونظاما ففرض لزوجات الرسول (ص)
وللمهاجرين والأنصار وأولادهم وقد ذكر كل هذا في أبواب سابقة فليراجع.
(4 / 34) ليس ها هنا موضعة، إنما أورده لورود ذكر جلولاء فيه.
(4 / 44) سبه لأنه قد جنى فاكهة لا يحق له جناها.
من عماك إلى هداك: أي حتى تهتدي إلى الطريق الذي ضللت عنه وضيافة يوم وليلة.
(5 / 1) يستنصر: يدعوا الله طالبا منه النصر والتوفيق لجيوش المسلمين.
20

كتاب التأريخ - في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند
فقال: ما بلغكم عن نهاوند وابن مقرن، قالوا: وما ذاك؟ قال: لا شئ، قال، فنمي إلى
عمر، قال: فأرسل إليه فقال: ما ذكرك نهاوند وابن مقرن، فإن جئت بخبر فأخبرنا،
قال: يا أمير المؤمنين، أنا فلان بن فلان العلاني، خرجت بأهلي ومالي مهاجرا إلى الله
ورسوله حتى نزلنا موضع كذا وكذا، فلما ارتحلنا إذا رجل على جمل أحمر لم أر مثله،
فقلنا: من أين أقبلت؟ قال: من العراق، قلنا: فما خبر الناس، قال: التقوا فهزم الله العدو
وقتل ابن مقرن، ولا أدري والله ما نهاوند ولا ابن مقرن، أتدري أي يوم ذاك من
الجمعة؟ قال: لا والله ما أدري، قال: لكني أدري، فعد منازله، قال ارتحلنا يوم كذا
وكذا فنزلنا موضع كذا وكذا فعد منازله، قال: ذاك يوم كذا وكذا من الجمعة،
ولعلك أن تكون لقيت بريدا من برد الجن، فإن لهم بردا، قال: فمضى ما شاء الله ثم
جاء الخبر بأنهم التقوا في ذلك اليوم.
(2) حدثنا حسين عن زائدة عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: أبطأ على عمر خبر
نهاوند وخبر النعمان فجعل يستنصر.
(3) حدثنا أبو أسامة قال ثنا إسماعيل عن قيس بن أبي حازم عن مدرك بن عوف
الأحمسي قال: بينا أنا عند عمر إذ آتاه رسول النعمان بن مقرن، فسأله عمر عن الناس
قال فذكروا عند عمر من أصيب يوم نهاوند، فقالوا: قتل فلان وفلان وآخرون لا
نعرفهم، فقال عمر: لكن الله يعرفهم، قالوا: ورجل اشترى نفسه - يعنون عوف بن أبي
حية أبا شبيل الأحمسي، قال مدرك بن عوف، ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين يزعم الناس
أنه ألقى بيديه إلى التهلكة فقال عمر: كذب أولئك، ولكنه من الذين اشتروا الآخرة
بالدنيا، قال إسماعيل: وكان أصيب وهو صائم فاحتمل وبه رمق فأبى أن يشرب حتى
مات.
(4) حدثنا أبو أسامة قال ثنا شعبة عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال: أتيت عمر
بنعي النعمان بن مقرن فوضع يده على رأسه وجعل يبكي.
(5) حدثنا غندر عن شعبة عن أياس بن معاوية قال: جلست إلى سعيد بن المسيب،
قال: إني لأذكر عمر بن الخطاب حين نعي النعمان بن مقرن.

منازله أماكن نزوله للنوم والراحة، عد منازله لأنه بعدها يعد الأيام.
(5 / 3) اشترى نفسه: اشترى الآخرة بالدنيا.
21

كتاب التأريخ - في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند
(6) حدثنا أبوا أسامة قال ثنا مهدي بن ميمون قال ثنا محمد بن عبد الله بن أبي
يعقوب عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن سلام قال: لما كان حين فتحت نهاوند أصاب
المسلمون سبايا من سبايا اليهود، قال: وأقبل رأس الجالوت يفادي سبايا اليهود، قال:
وأصاب رجل من المسلمين جارية يسرة صبيحة، قال: فأتاني فقال: لك أن تمشي معي إلى
هذا الانسان عسى أن يثمن لي بهذه الجارية، قال: فانطلقت معه فدخل على شيخ مستكبر
له ترجمان فقال لترجمانه: سل هذه الجارية، هل وقع عليها هذا العربي؟ قال: ورأيته غار
حين رأي حسنها، قال: فراطنها بلسانه ففهمت الذي قال: فقلت له: أبحت بما في كتابك
بسؤالك هذه الجارية على ما وراء ثيابها، فقال لي: كذبت ما يدريك ما في كتابي، قلت:
أنا أعلم بكتابك منك، قال: أنت أعلم بكتابي مني؟ قلت: أنا أعلم بكتابك منك، قال: من
هذا؟ قالوا: عبد الله بن سلام، قال: فانصرفت ذلك اليوم، قال فبعث إلي رسولا
يعزمه ليأتيني، قال: وبعث إلي بدابة قال: فانطلقت إليه لعمر الله احتسابا رجاء أن يسلم،
فحبسني عنده ثلاثة أيام أقرأ عليه التوراة ويبكي، قال: وقلت له: إنه والله لهو النبي الذي
تجدونه في كتابكم، قال فقال لي: كيف أصنع باليهود؟ قال: قلت له: إن اليهود لن
يغنوا عنك من لله شيئا؟ قال: فغلب عليه الشقاء وأبى أن يسلم.
(7) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا أبو عمران الجوني عن علقمة بن
عبد الله المزني عن معقل بن يسار أن عمر بن الخطاب شاور الهرمزان في الفارس وأصبهان
وآذربيجان فقال: أصبهان الرأس، وفارس وآذربيجان الجناحان فإن قطعت أحد
الجناحين مال الرأس بجناح الآخر، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فابدأ بالرأس،
فدخل المسجد فإذا هو بالنعمان بن مقرن يصلي، فقعد إلى جنبه، فلما قضى صلاته قال:
ما أراني إلا مستعملك، قال: أما جابيا فلا، ولكن غازيا، قال: فإنك غاز، فوجهه
وكتب إلى أهل الكوفة أن يمدوه، قال: ومعه الزبير بن العوام وعمرو بن معدى كرب
وحذيفة وابن عمر والأشعث بن قيس، قال: فأرسل النعمان المغيرة بن شعبة إلى ملكهم
وهو يقال له ذو الجناحين، فقطع إليهم نهرهم فقيل لذي الجناحين: إن رسول العرب
ها هنا، فشاور أصحابه فقال: ما ترون؟ أقعد له في بهجة الملك وهيئة الملك أو في هيئة
الحرب، قالوا: لا بل اقعد له في بهجة الملك، فقعد على سريره ووضع التاج على رأسه،
وقعد أبناء الملوك سماطين، عليهم القرطة وأساور الذهب والديباج، قال: فأذن للمغيرة

(5 / 6) رأس الجالوت: قائد المشركين وزعمهم.
(5 / 7) سماطين: صفين كالعقد حوله.
22

فأخذ بضبعه رجلان ومعه رمحه وسيفه، قال: فجعل يطعن برمحه في بسطهم يخرقها
ليتطيروا حتى قام بين يديه، قال: فجعل يكلمه والترجمان يترجم بينهما: إنكم معشر
العرب أصابعكم جوع وجهد فجئتم، فإن شئتم مرناكم ورجعتم، قال: فتكلم المغيرة بن شعبة
فحمد لله وأثنى عليه ثم قال: إنا معشر العرب كنا أذلة يطؤونا ولا نطأهم، ونأكل
الكلاب والجيفة وأن الله ابتعث منا نبيا في شرف منا، أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا،
قال: فبعث النبي (ص) بما بعثه به، فأخبرنا بأشياء وجدناها كما قال، وأنه وعدنا فيما
وعدنا أنا سنملك ما ها هنا ونغلب، وأني أرى ها هنا بزة وهيئة ما من خلفي بتاركها
حتى يصيبها، قال فقالت لي نفسي: لو جمعت جراميزك فوثبت فقعدت مع العلج على
سريره حتى يتطير، قال: فوثبت وثبة، فإذا أنا معه على سريره، فجعلوا يطؤوني بأرجلهم
ويجروني بأيديهم فقلت: إنا لا نفعل هذا برسلكم، فإن كنت عجزت أو استحمقت فلا
تؤاخذوني، فإن الرسل لا يفعل بهم هذا، فقال الملك: إن شئتم قطعنا إليكم وإن شئتم
قطعتم إلينا، فقلت: لا بل نحن نقطع إليكم، قال: فقطعنا إليهم فسلسلوا كل خمسة وسبعة
وستة وعشرة في سلسلة حتى لا يفروا، فعبرنا إليهم فصاففناهم فرشقونا حتى أسرعوا
فينا، فقال المغيرة للنعمان: إنه قد أسرع في الناس قد خرجوا قد أسرع فيهم، فلو حملت؟
قال النعمان: إنك لذو مناقب وقد شهدت مع رسول الله (ص) ولكن شهدت مع رسول الله
(ص)، فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس وتهب الرياح وتنزل النصر،
ثم قال: إني هاز لوائي ثلاث هزات، فأما أول هزة فليقض الرجل حاجته وليتوضأ، وأما
الثانية فلينظر الرجل إلى شسعه ورم من سلاحه، فإذا هززت الثالثة فاحملوا، ولا يلوين
أحد على أحد، وإن قتل النعمان فلا يلوين عليه أحد، وإني داعي الله بدعوة فأقسمت على
كل امرئ مسلم لما أمن عليها، فقال: اللهم ارزق النعمان اليوم الشهادة في نصر وفتح
عليهم، قال: فأمن القوم وهز لواءه ثلاث هزات ثم قال: سل درعه ثم حمل وحمل الناس،
قال: وكان أول صريع، قال فأتيت عليه فذكرت عزمته فلم ألو عليه وأعلمت علما حتى

أخذ بضبعه: أمسكوه من ثيابه.
مرناكم: أعطيناكم الميرة وهي الطعام من قمح وشعير وسواه.
جمعت جراميزك: جمعت أطراف ثوبك والجراميز من الوحشي: قوائمه وجسده وأعضاؤه، ومن
الانسان: بدنه كله أو نفسه ويقال ضم جراميزه إذا رفع ما انتشر من ثيابه ومضى.
فلينظر الرجل إلى شسعه: أي إلى موضع وقوفه والشسع رباط النعل. ورم من سلاحه: أي يتأكد
من جاهزيته للقتال.
23

كتاب التأريخ - في توجيه النعمان بن مقرن إلى نهاوند
أعرف مكانه، قال: فجعلنا إذا قتلنا الرجل شغل عنا أصحابه قال: ووقع ذو الجناحين
عن بغلة له شهباء فانشق بطنه، ففتح الله على المسلمين، فأتيت مكان النعمان وبه رمق،
فأتيته بأداوة فغسلت عن وجهه فقال: من هذا؟ فقلت: معقل بن يسار، قال: ما فعل
الناس؟ قلت فتح الله عليهم، قال: لله الحمد، اكتبوا ذلك إلى عمر، وفاضت نفسه،
واجتمع الناس إلى الأشعث بن قيس، قال: فأرسلوا إلى أم ولده: هل عهد إليك النعمان
عهدا، أم عندك كتاب؟ قالت، سفط فيه كتاب، فأخرجوه فإذا فيه: إن قتل النعمان
ففلان، وإن قتل فلان ففلان، قال حماد قال علي بن زيد: فحدثنا أبو عثمان قال: ذهبت
بالبشارة إلى عمر فقال: ما فعل النعمان؟ قلت: قتل، قال: ما فعل فلان؟ قلت: قتل،
قال: ما فعل فلان؟ قلت: قتل، فاسترجع، قلت: وآخرون لا نعلمهم، قال: لا نعلمهم
لكن الله يعلمهم.
(8) حدثنا عثمان قال ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن محمد قال: لما حمل
النعمان قال: والله ما وطئنا كتفيه حتى ضرب في القوم.
(9) حدثنا شاذان قال ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله عن
مصقل بن يسار قال: شاور عمر الهرمزان - ثم ذكر نحوا من حديث عفان إلا أنه قال: فأتاهم
النعمان بنهاوند وبينهم وبينه نهر فسرح المغيرة بن شعبة فعبر إليهم النهر، وملكهم يومئذ ذو
الجناحين.
(10) حدثنا إسحاق بن منصور قال ثنا أسباط بن تصر عن السدي عن عبد خير
عن الربيع بن خيثم عن عبد الله بن سلام: وقع له في سهمه عجوز يهودية، فمر برأس
الجالوت فقال: يا رأس الجالوت، تشتري مني هذه الجارية، فكلمها فإذا هي على دينه،
قال: بكم، قال: بأربعة آلاف، قال: لا حاجة لي فيها، فحلف عبد الله بن سلام: لا
ينقصه فسار عبد الله بن سلام بشئ فقرأ هذه الآية * (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم) *
الآية فقال عبد الله بن سلام: أنت، قال: نعم، قال: لتشترينا أو لتخرجن من دينك،
قال: قد أخذتها، قال: فهب لي ما شئت قال: فأخذ منه ألفين ورد عليه ألفين.
(11) حدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال حدثني داود بن عبد الله الأودي عن

(5 / 10) أنت: أي أنت تعرف كلام رب العالمين وقراءة اليهودي رأس الجالوت للآية المذكورة وهي من
الآية (85) من سورة البقرة كأنه يعرض بعبد الله بن سلام أي كيف يقاد بها وهي يهودية كما
كان متناسيا أن عبد الله بن سلام قد أسلم ولا ينطبق عليه حكم التوراة في عدم مفاداة اليهودي
لليهودي أي طلب للفدية لفك إساره.
24

حميد بن عبد الرحمن الحميري أن رجلا كان يقال له حممة من أصحاب رسول الله (ص)،
خرج إلى أصبهان غازيا في خلافة عمر، فقال: اللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك، فإن
كان حممة صادقا فاعزم له بصدقه، وإن كان كاذبا فاعزم له عليه وإن كره، اللهم لا
ترد حممة من سفره هذا، قال: فأخذه الموت، فمات بأصبهان، قال: فقام أبو موسى
فقال: يا أيها الناس! ألا إنا والله ما سمعنا فيما سمعنا من نبيكم (ص) وما بلغ علمنا إلا أن
حممة شهيد.
(12) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: حاصرنا
مدينة نهاوند فأعطيت معضدا ثوبا لي فاعتجر به، فأصاب حجر في رأسه فجعل يمسحه
وينظر إلى ويقول: إنها لصغيرة وإن الله ليبارك في الصغيرة
(13) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي
الصلت وأبي مدافع قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب ونحن مع النعمان بن مقرن: إذا لقيتم
العدو فلا تفروا، وإذا غنمتم فلا تغلوا، فلما لقينا العدو قال النعمان للناس: لا تواقعوهم،
وذلك يوم الجمعة، حتى يصعد أمير المؤمنين المنبر يستنصر، قال: ثم واقعناهم فانقض
النعمان وقال: سجوني ثوبا وأقبلوا على عدوكم ولا أهولنكم، قال: ففتح الله علينا، قال:
وأتي عمر الخبر أنه أصيب النعمان وفلان وفلان، ورجال لا نعرفهم يا أمير المؤمنين، قال:
لكن الله يعرفهم.
(14) حدثنا غندر عن شعبة قال سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت أبا مالك وأبا
مسافع من مزينة يحدثان أن كتاب عمر أتاهم مع النعمان بن مقرن بنهاوند: أما بعد
فصلوا الصلاة لوقتها، وإذا لقيتم العدو فلا تفروا، وإذا ظفرتم فلا تغلوا.
(15) حدثنا عبد الملك بن عمر قال: كتب عمر إلى النعمان بن مقرن: استبشر
واستعن في حربك بطليحة وعمرو بن معدي كرب ولا توليهما من الامر شيئا فإن كل
صانع هو أعلم بصناعته.

(5 / 13): حتى يصعد أمير المؤمنين المنبر يستنصر: أي حتى يصعد لخطبة الجمعة فيدعوا الله ويستنصره.
سجوني ثوبا: مددوني على ثوب أي يكون ذلك علامة كي يرجعوا إليه.
لا أهولنكم: لا تجعلوا استشهادي أمرا يخيفكم ويمنعكم عن متابعة القتال.
(25 / 5) أي في الحرب لا يولى الامر إلا لمن له علم بالحرب، ولذلك ولى الرسول (ص) عمر بن العاص أمر
إحدى الغزوات ومعه في الغزوة أبا بكر وعمر رضي الله عنهم جميعا.
25

(16) حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن أنس قال: كان النعمان بن مقرن على
جند أهل الكوفة، وأبو موسى الأشعري على جند أهل البصرة.
(6) في بلنجر
(1) حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل قال: غزونا مع سلمان بن
ربيعة (بلنجر) فخرج علينا أن نحمل على دواب الغنيمة، ورخص لنا في الغربال والحبل
والمنخل.
(2) حدثنا شريك عن ابن الأصبهاني عن الشيباني عن الشعبي عن مالك بن صحار
قال: غزونا بلنجر فخرج أخي فحملته خلفي فرآني حذيفة فقال: من هذا، فقلت: أخي
جرح فرجع، قابلا نفتحها إن شاء الله، فقال حذيفة: لا والله لا يفتحها علي أبدا ولا
القسطنطينية ولا الديلم.
(3) حدثنا ابن إدريس عن مسعر عن أبي حصين عن الشعبي عن مالك بن صحار
قال: غزونا بلنجر فلم يفتحوها، فقالوا: نرجع قابلا نفتحها فقال حذيفة: لا تفتح هذه
ولا مدينة الكفر ولا الديلم إلا على الرجل من أهل البيت محمد (ص).
(4) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء ومحمد بن سوقة عن الشعبي قال: لما غزا سلمان
بلنجر أصاب في قسمته صرة من مسك، فلما رجع استودعتها امرأته، فلما مرض مرضه
الذي مات فيه قال لامرأته وهو يموت: أريني الصرة التي استودعتك، فأتته بها فقال: ائتني
باناء نظيف، فجاءت به فقال: أديفيه ثم انضحي به حولي فإنه يحضرني خلق من خلق الله
لا يأكلون الطعام ويجدون الريح، ثم قال: أخرجي عني وتعاهديني، فخرجت ثم رجعت
وقد قضى.

(6) بلنجر: مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب (معجم البلدان).
(6 / 1) رخص في كذا: أجاز لنا استعماله للضرورة ولأن هذه الأشياء لا تتلف بالاستعمال.
(6 / 2) قابلا: في العام القادم.
(6 / 3) وهذا من كلام حذيفة وقد فتح الله القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح أحد سلاطين
العثمانيين.
(6 / 4) أديفيه: بلليه بالماء أو ذوبيه بالماء والدوف لا يكون إلا في الطيب سائلا أو مسحوقا.
تعاهديني: ارجعي إلى مكاني من وقت لآخر لتري ما يكون من أمري أي لترى إن كان حيا محتاجا لشئ أو توفاه الله.
26

(5) حدثنا يحيي بن سعيد القطان عن سفيان عن الركين عن أبيه قال: كنا مع
سلمان بن ربيعة ببلنجر، فرأيت هلال شوال يوم تسع وعشرين ليلة ثلاثين ضحى، قال:
فقال: أرينيه، فأريته فأمر الناس فافطروا.
(6) حدثنا ابن إدريس قال سمع أباه وعمه يذكران قال: قال سلمان: قتلت بسيفي
هذا مائة مستلئم كلهم يعبد غير الله، ما قتلت منهم رجلا صبرا.
(7) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن بعض أصحابه عن حذيفة قال: لا يفتح
القسطنطينية ولا الديلم ولا الطبرستان إلا رجل من بني هاشم.
(7) في الجبل صلح هو، أو أخذ عنوة؟
(1) حدثنا حسين عن مجالد قال: صالح أهل الجبل كلهم، لم يؤخذ شئ عنوة.
(2) حدثنا حميد عن حصين عن مطرف قال: ما فوق حلوان فهو ذمة، وما دون
حلوان من السواد فهو فئ، قال: سوادنا هذا فئ. (3) حدثنا شاذان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي العلاء
قال: كنت فيمن افتتح تكريت، فصالحناهم على أن يبرزوا لنا سوقا وجعلنا لهم الأمان،
قال: فابرزوا لنا سوقا، قال، فقتل قس منهم فجاء قسهم، قال: أجعلتم لنا ذمة نبيكم
(ص) وذمة أمير المؤمنين وذمتكم ثم أخفزتموها، فقال أميرنا: إن أقمتم شاهدين ذوي عدل
على قاتله أقدناكم، وإن شئتم حلفتم وأعطيناكم الدية، وإن شئتم حلفنا لكم ولم نعطكم شيئا،
قال: فتواعدوا للغد فحضروا فجاء قسهم فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر السماوات
والأرض وما شاء الله أن يذكر حتى ذكر يوم القيامة ثم قال: أول ما يبدأ به من
الخصومات الدماء، قال: فيختصم أبناء آدم فيقضي له على صاحبه ثم يؤخذ الأول فالأول
حتى ينتهي الامر إلى صاحبنا وصاحبكم، قال: فيقال له: فيم قتلتني؟ قال: أفلا تحب أن
يكون لصاحبكم على صاحبنا حجة أن يقول: قد أخذ أهلك من بعدك ديتك.

(6 / 6) مستلئم: قد حمل لامته أي درعه والمقصود أنه قتل مائة رجل مقاتل حامل للسلاح غير أعزل.
ما قتلت منهم رجلا صبرا: أي كل الذين قتلتهم قتلتهم في المعركة وهم يقاتلون.
والقتل صبرا هو قتل الرجل بعد أن يؤسر ويشد وثاقه.
(7 / 1) الجبل أو بلاد الجبل: مدن بين آذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم.
27

(8) ما ذكر في تستر
(1) حدثنا قراد أبو نوح قال حدثنا عثمان بن معاوية القرشي عن أبيه عن عبد
الرحمن بن أبي بكرة قال: لما نزل أبو موسى بالناس على الهرمزان ومن معه بتستر، قال:
أقاموا سنة أو نحوها لا يخلصون إليه، قال: وقد كان الهرمزان قتل رجلا من دهاقنتهم
وعظمائهم، فانطلق أخوه حتى أتى أبا موسى فقال: ما يجعل لي إن دللتك على المدخل،
قال: سلني ما شئت، قال: أسألك أن تحقن دمي ودماء أهل بيتي وتخلي بيننا وبين ما في
أيدينا من أموالنا ومساكننا، قال: فذاك لك، قال: أبغني إنسانا سابحا ذا عقل ولب
يأتيك بأمر بين، قال: فأرسل أبو موسى إلى مجزأة بن ثور السدوسي فقال له: ابغني رجلا
من قومك سابحا ذا عقل ولب، وليس بذاك في خطره، فإن أصيب كان مصابه على
المسلمين يسيرا، وإن سلم جاءنا سب، فإني لا أدري ما جاء به هذا الدهقان ولا آمن له
ولا أثق به، قال: فقال مجزأة: قد وجدت، قال: من هو؟ فأت به، قال: أنا هو، قال أبو
موسى: يرحمك الله! ما هذا أردت فابغني رجلا، قال: فقال مجزأة بن ثور: والله لا أعمد
إلى عجوز من بكر بن وائل أتداين أم مجزأة بابنها، قال: أما إذا أبيت فسر، فلبس
الثياب البيض وأخذ منديلا وأخذ معه خنجرا، ثم انطلق إلى الدهقان حتى سنح، فأجاز
المدينة فأدخله من مدخل الماء حيث يدخل على أهل المدينة، قال: فأدخله في مدخل
شديد يضيق به أحيانا حتى ينبطح على بطنه، ويتسع أحيانا فيمشي قائما، ويحبوا في بعض
ذلك حتى دخل المدينة، وقد أمر أبو موسى أن يحفظ طريق باب المدينة وطريق السوق
ومنزل الهرمزان، فانطلق به الدهقان حتى أراه طريق السور وطريق الباب، ثم انطلق به إلى
منزل الهرمزان، وقد كان أبو موسى أوصاه أن (لا تسبقني بأمر) فلما رأى الهرمزان
قاعدا وحوله دهاقنته وهو يشرب فقال للدهقان: هذا الهرمزان؟ قال: نعم، قال: هذا
الذي لقي المسلمون منه ما لقوا، أما والله لأريحنهم منه، قال: فقال له الدهقان: لا تفعل
فإنهم يحرزون ويحولون بينك وبين دخول هذا المدخل، فأبى مجزأة إلا أن يمضي على رأيه
على قتل العلج، فأداره الدهقان والأصب أن يكف عن قتله، فأبى، فذكر الدهقان قول
أبي موسى له (اتق أن لا تسبقني بأمر، فقال: أليس قد أمرك صاحبك أن لا تسبقه
بأمر، فقال: ها أنا والله لأريحنهم منه، فرجع مع الدهقان إلى منزله فأقام يومه حتى
أمسى، ثم رجع إلى أبي موسى فندب أبو موسى الناس معه، فانتدب ثلاثمائة ونيف،
فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليه، وسيفه، ففعل القوم، قال: فقعدوا على
28

شاطئ النهر ينتظرون مجزأة أن يأتيهم وهو عند أبي موسى يوصيه ويأمره، قال عبد
الرحمن بن أبي بكرة: وليس لهم هم غيره - يشير إلى الموت، لأنظرن إلى ما يصنع، والمائدة
موضوعة بين يدي أبي موسى، قال: فكأنه استحي أن لا يتناول من المائدة شيئا، قال:
فتناول حبة من عنب فلاكها، فما قدر على أن يسيغها وأخذها رويدا فنبذها تحت
الخوان، وودعه أبو موسى وأوصاه فقال: مجزأة لأبي موسى: إني أسألك شيئا فأعطنيه.
قال: لا تسألني شيئا إلا أعطيتكه، قال: فأعطني سيفك أتقلده إلى سيفي، فدعا له بسيفه
فأعطاه إياه، فذهب إلى القوم وهم ينظرونه حتى كان في وسطه منهم فكبر ووقع في الماء
ووقع القوم جميعا، قال: يقول عبد الرحمن بن أبي بكرة: كأنهم البط فسبحوا حتى
جاوزوا، ثم انطلق بهم إلى الثقب الذي يدخل الماء منه فكبر، ثم دخل فلما أفضى إلى
المدينة فنظر لم يقم معه إلا خمسة وثلاثون أو ستة وثلاثون رجلا، فقال لأصحابه: ألا
أعود إليهم فأدخلهم؟ فقال رجل من أهل الكوفة يقال له الجبان لشجاعته: غيرك فليقل
هذا يا مجزأة، إنما عليك نفسك، فامض لما أمرت به، فقال له: أصبت، فمضى بطائفة
منهم إلى الباب فوضعهم عليه ومضى بطائفة إلى السور، ومضى بمن بقي حتى صعد إلى
السور، فانحدر عليه علج من الأساورة معه، فنزل فطعن مجزأة فأثبته، فقال مجزأة: امضوا
لأمركم، لا يشغلنكم عني شئ، فألقوا عليه برذعة ليعرفوا مكانه ومضوا، وكبر المسلمون
على السور وعلى باب المدينة وفتحوا الباب وأقبل المسلمون على عادتهم حتى دخلوا المدينة،
قال: قيل للهرمزان: هذا العرب قد دخلوا، قال: لا شك أنهم قد رحسوها، قال: من
أين دخلوا؟ أمن السماء، قال: وتحصن في قصبة له، وأقبل أبو موسى يركض على فرس له
عربي حتى دخل على أنس بن مالك وهو على الناس، قال: لكن نحن يا أبا حمزة لم نصنع
اليوم شيئا، وقد قتلوا من القوم من قتلوا، وأسروا من أسروا، وأطافوا بالهرمزان لقصبته
إليه حتى أمنوه، ونزل على حكم عمر الخطاب أمير المؤمنين، قال: فبعث بهم أبو
موسى مع أنس الهرمزان وأصحابه، فانطلقوا بهم حتى قدموا على عمر، قال: فأرسل إليه
أنس: ما ترى في هؤلاء؟ أدخلهم عراة مكتفين، أو آمرهم فيأخذون حليهم وبرمتهم،
قال: فأرسل إليه عمر، لو أدخلتهم كما تقول عراة مكتفين لم يزيدوا على أن يكونوا
أعلاجا، ولكن أدخلهم عليهم حليهم وبرمتهم حتى يعلم المسلمون ما أفاء الله عليهم،

(8 / 1) الأساورة: قادة الجند عند الفرس أي من الأمراء أو الضباط.
القصبة: الدار، أو القصر.
29

فأمرهم فأخذوا برمتهم وحليهم ودخلوا على عمر، فقال الهرمزان لعمر: يا أمير المؤمنين!
قد علمت كيف كنا وكنتم إذ كنا على ضلالة جميعا، كانت القبيلة من قبائل العرب ترمي
نشابة بعض أساورتنا فيهربون أرض البعيدة، فلما هداكم الله فكان معكم لم نستطع [أن]
نقاتله، فرجع بهم أنس، فلما أمسى عمر أرسل إلى أنس أن اغد علي بأسراك أضرب أعناقهم،
فأتاه أنس فقال: والله يا عمر ما ذاك لك، قال: ولم؟ قال: إنك قد قتلت للرجل: تكلم
فلا بأس عليك، قال: لتأتيني على هذا ببرهان أو لأسوءنك، قال: فسأل أنس القوم
جلساء عمر فقال: أما قال عمر للرجل (تكلم فلا بأس عليك) قالوا: بلى؟ فكبر ذلك
على عمر، قال: أما رفع عمر يديه... فأخرجهم عني، فسيرهم إلى قرية يقال له (دهلك)
في البحر، فلما توجهوا بهم رفع عمر يديه فقال: اللهم اكسرها بهم - ثلاثا، فركبوا
السفينة فاندقت بهم وانكسرت، وكانت قريبة من الأرض فخرجوا، فقال رجل من
المسلمين: لو دعا أن يغرقهم لغرقوا، ولكن إنما قال: (اكسرها بهم) قال: فأقرهم.
(2) حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن أنس: قال حاصرنا تستر فنزل الهرمزان
على حكم عمر، فبعث به أبو موسى معي، فلما قدمنا على عمر سكن الهرمزان ولم يتكلم،
فقال له عمر: تكلم، فقال: أكلام حي أم كلام ميت؟ قال: تكلم فلا بأس، قال: إنا
وإياكم معشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم، فانا كنا نقتلكم ونقصيكم، ولما أن كان الله
معكم لم يكن لنا بكم يدان، فقال عمر: ما تقول يا أنس؟ قلت: يا أمير المؤمنين، تركت
خلفي شوكة شديدة وعددا كثيرا، إن قتلته أيس القوم من الحياة وكان أشد لشوكتهم،
وان استحييته طمع القوم، فقال: يا أنس أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور، فلما
خشيت أن يبسط عليه قلت: ليس إلى قتله سبيل، فقال عمر: لم؟ أعطاك؟ أصبت منه؟
قلت: ما فعلت ولكنك قلت له (تكلم فلا بأس) قال: لتجيئن بمن يشهد أو لابد أن بعقوبتك، قال فخرجت من عنده فإذا أنا بالزبير قد حفظ ما حفظت، فشهده عنده
فتركه وأسلم الهرمزان وفرض له.
(3) حدثنا غندر عن شهاب بن حبيب عن أبيه أنه غزا مع أبي موسى حتى إذا كان
يوم قدموا تستر رمي الأشعري فصرع، فقمت من ورائه بالفرس حتى إذا أفاق قال:
كنت أول رجل من العرب أو قد في باب تستر نارا؟ قال: فلما فتحناها وأخذنا السبي قال
أبو موسى: اختر من الجند عشرة رهط ليكونوا معك هذا السبي حتى نأتيك، ثم مضى
وراء ذلك في الأرض حتى فتحوا ما فتحوا من الأرض ثم رجعوا عليه، فقسم أبو موسى
30

بينهم الغنائم، فكان يجعل للفارس سهمين وللراجل سهما، وكان لا يفرق بين المرأة
وولدها عند البيع.
(4) حدثنا يحيى بن سعيد عن حبيب بن شهاب قال: حدثني أبي قال: كنت أول من
أوقد في باب تستر، ورمي الأشعري فصرع، فلما فتحوها وأخذوا البسي أمرني على عشرة
من قومي ونفلني برجل سوى سهمي وسهم فرسي قبل الغنيمة.
(5) حدثنا وكيع قال حدثنا شعبة عن العوام بن مزاحم عن خالد بن سيحان قال:
شهدت تستر مع أبي موسى أربع نسوة أو خمس، فكن يستقين الماء ويداوين الجرحى،
فأسهم لهن أبو موسى.
(6) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن مطرف بن
مالك أنه قال: شهدت فتح تستر مع الأشعري، قال: فأصبنا دانيال بالسوس، قال: فكان
أهل السوس إذا أسنوا أخرجوه فاستسقوا به، وأصبنا معه ستين جرة مختمة، قال: ففتحنا
جرة من أدناها وجرة من أوسطها من أقصاها، فوجدنا في كل جرة عشرة آلاف،
قال همام: ما أراه إلا قال (عشرة آلاف) وأصبنا معه ربطتين من كتان، وأصبنا معه
ربعة فيها كتاب، وكان أول رجل وقع عليه من بلعنبر يقال له حرقوص، قال: أعطاه
الأشعري الربطتين وأعطاه مائتي درهم، قال: ثم إنه طلب إليه الربطتين بعد ذلك، فأبى
أن يردهما وشقهما عمائم بين أصحابه، قال: وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما، قال:
بيعوني هذه الربعة بما فيها، قالوا: إن لم يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله، قال فإن الذي فيها كتاب الله فكرهوا أن يبيعوا الكتاب، فبعناه الربعة بدرهمين، ووهبنا له
الكتاب، قال قتادة: فمن ثم كره بيع المصاحف لان الأشعري وأصحابه كرهوا بيع ذلك
الكتاب، قال همام: فزعم فرقد السبخي قال: حدثني أبو تميمة أن عمر كتب إلى
الأشعري أن تغسلوا دانيال بالسدر وماء الريحان، وأن يصلى عليه فإنه نبي دعا ربه أن لا
يريه المسلمون.
(7) حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن أنس أنهم لما فتحوا تستر قال:
فوجد رجلا أنفه ذراع في التابوت، كانوا يستظهرون ويستبطرون به، فكتب أبو موسى

(8 / 6) السوس: الشاش أو الشاشان وبلادهم ما بين فارس وأفغانستان.
دانيال: هو النبي دانيال.
شقهما عمائم: قسمهما قطعا جعلت عمائم.
(8 / 7) وقد حفرا عدة حفر في أماكن عديدة ثم ردماها كي لا يعرف قبره.
31

إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب عمر: إن هذا نبي من الأنبياء والنار لا تأكل الأنبياء،
والأرض لا تأكل الأنبياء، فكتب أن أنظر أنت وأصحابك - يعني أصحاب أبي موسى -
فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما، قال: فذهبت أنا وأبو موسى فدفناه.
(8) حدثنا مروان بن معاوية عن حميد عن حبيب أبي يحيي أن خالد بن زيد وكانت
عينه أصيبت بالسوس قال: حاصرنا مدينتها فلقينا حميدا وأمير الجيش أبو موسى، وأخذ
الدهقان عهده وعهد من معه، فقال أبو موسى: اعزلهم، فعزلهم، وجعل أبو موسى يقول
لأصحابه: إني لأرجو ا أن يخدعه الله عن نفسه، فعزلهم وأبقى عدو الله، فأمر به أبو
موسى، فنادى وبذل له مالا كثيرا، فأبى وضرب عنقه.
(9) حدثنا أبو خالد عن حميد عن حبيب أبي يحيي عن خالد بن زيد عن أبي موسى
بنحوه.
(10) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس أنه قال: شهدت فتح تستر
مع الأشعري، قال: فلم أصل صلاة الصبح حتى انتصف النهار وما سرني بتلك الصلاة
الدنيا جميعا.
(11) حدثنا ريحان بن سعيد قال حدثني مرزوق بن عمرو قال حدثني أبو فرقد
قال: كنا مع أبي موسى يوم فتحنا سوق الأهواز، فسعى رجل من المشركين، وسعى
رجلان من المسلمين خلفه، قال: فبينا هو يسعى ويسعيان إذ قال له أحدهما: مترس، فقام
الرجل فأخذاه، فجاءا به أبا موسى وأبو موسى يضرب أعناق الأسارى حتى انتهى الامر
إلى الرجل، فقال أحد الرجلين: إن هذا قد جعل له الأمان، قال أبو موسى: وكيف
جعل له الأمان؟ قال: إنه كان يسعى ذاهبا في الأرض فقلت له (مترس) فقام، فقال
أبو موسى: وما مترس؟ قال: لا تخلف قال: هذا أمان، خليا سبيله، قال: فخليا سبيل
الرجل.

(8 / 8) السوس: هم الشاش أو الشاشان راجع 8 / 6.
أمر به: أمر بقتله.
(8 / 10) أي صلوا صلاة الصبح صلاة خوف صفوفا لا يصلي صف منها حتى ينتهي الصف الذي قبله فلم
يصل دوره في الصلاة حتى كان النهار قد ارتفع.
(8 / 11) سبق ذكره وشرحه في كتاب الجهاد باب (في أمان المرأة والمملوك).
32

(12) حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن سديس العدوي قال: غزونا مع
الأمير الأبلة، فظفرنا بها ثم انتهينا إلى الأهواز فظفرنا بها وأصبنا سبيا كثيرا
فاقتسمناهم، فأصاب الرجل الرأس والاثنين، فوقعنا على النساء، فكتب أميرنا إلى عمر
ابن الخطاب بالذي كان، فكتب إليه (إنه لا طاقة لكم بعمارة الأرض، خلوا ما في
أيديكم من السبي، ولا تملكوا أحدا منهم، واجعلوا عليهم من الخراج قدر ما في أيديهم
من الأرض) فتركنا ما في أيدينا من السبي فكم من ولد لنا غلبه الهماس، وكان فيمن
أصبنا أناس من الزط يتشبهون بالعرب يؤثرون لحاهم ويأتزرون ويحتبون في مجالسهم،
فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه عمر (أن أدنهم منك، فمن أسلم منهم فألحقه بالمسلمين)
فلما بلونا الناس لم يكن عندهم بأس، وكانت الأساورة، أشد منهم بأسا، فكتب فيهم إلى
عمر فكتب إليه عمر (أن أدنهم منك، فمن أسلم فألحقه بالمسلمين).
(13) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة قال حدثنا أبو إسحاق عن المهلب قال: أغرنا
على مناذر، وأصبنا منهم، وكأنه كان لهم عهد، فكتب عمر: ردوا ما أصبتم منهم، قال:
فردوا حتى ردوا النساء الحبالى.
(14) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثني عطاء بن السائب عن أبي
زرعة بن عمر عن جرير أن رجلا كان ذا صوت ونكاية على العدو مع أبي موسى، فغنموا
مغنما فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يوفه، فأبى أن يأخذه إلا جمعا، فضربه عشرين سوطا
وحلقه، فجمع شعره فذهب إلى عمر فدخل عليه فقال جرير: وأنا أقرب الناس منه،
فأخرج شعره من ضببه؟ فضربه بها صدر عمر فقال: أما والله لولاه، فقال عمر: صدق
لولا النار، فقال: مالك؟ فقال: كنت رجلا ذا صوت ونكاية على العدو، فغنمنا مغنما،
وأخبره بالأمر، وقال: حلق رأسي وجلدني عشرين سوطا يرى أنه لا يقتص منه، فقال
عمر: لان يكون الناس كلهم على مثل صرامة هذا أحب من جميع ما أتى علي، قال:

(8 / 12) لا طاقة لكم بعمارة الأرض أي أن عدوكم غير كاف لعمارة الأرض وزراعتها وإلخ...
الهماس: الوطئ أي الجماع، والمقصود أنهم قد وقعوا على نساء السبي ولا ريب أن بعضهن قد علقن
ممن وطئهن من المسلمين فلما أطلقوا ما بأيديهم من السبي عادت المرأة لزوجها والأمة لسيدها
فوطئن فلم يعرف الوالد الحقيقي لحملها لأنهم ردوا حتى الحبال منهن.
(8 / 14) أما والله لولاه: أي لولا الله وأمره لعاقب من قص شعره ربما بقتله.
لان يكون الناس على مثل صرامة هذا: أي في وقوفه للخطأ وطلبه للحق وصموده أمام أميره فلم
يخشه ولم يرضى بالذلة.
33

فكتب عمر إلى أبي موسى (سلام عليكم أما بعد فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا،
وإني أقسم عليك إن كنت فعلت به ما فعلت في ملا من الناس لما جلست في ملا منهم
فاقتص منك، وإن كنت فعلت به ما فعلت في خلاء فاقعد له في خلاء فيقتص منك،
فقال له الناس: اعف عنه، فقال: لا والله لا أدعه لاحد من الناس، فلما رفع إليه الكتاب
قعد للقصاص فرفع رأسه إلى السماء وقال: قد عفوت عنه، وقال حماد أيضا فأعطاه أبو موسى
بعض سهمه، وقد قال أيضا جرير: وأنا أقرب القوم، قال: وقال أيضا: قد عفوت عنه لله.
(15) حدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال حدثنا المغيرة عن سماك بن سلمة أن
المسلمين لما فتحوا تستر وضعوا بها وضائع المسلمين وتقدموا لقتال عدوهم، قال: فغدر
بهم دهقان تستر فأحمى لهم تنورا، وعرض عليهم لحم الخنزير والحمير أو التنور، قال:
فمنهم من أكل فترك، قال: فعرض على نهيب بن الحارث الضبي فأبى، فوضع في التنور،
قال: ثم إن المسلمين رجعوا فحاصروا أهل المدينة حتى صالحوا الدهقان، فقال ابن أخ
لنهيب لعمه: يا عماه! هذا قاتل نهيب، قال: يا ابن أخي! إن له ذمة، قال سماك: بلغني
أن عمر بلغه ذلك فقال: يرحمه الله وما عليه لو كان أكل.
(16) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا العلاء بن المنهال قال حدثنا عاصم بن كليب
الحرمي قال: حدثني أبي قال حاصرنا بوج وعلينا رجل من بني سليم يقال له مجاشع بن
مسعود، قال: فلما فتحناها، قال: وعلي قميص خلق، قال: فانطلقت إلى قتيل من القتلى
الذين قتلنا، قال: فأخذت قميص بعض أولئك القتلى، قال: وعليهم الدماء، قال: فغسلته
بين أحجار، ودلكته حتى أنقيته ولبسته ودخلت القرية فأخذت إبرة وخيوطا فخيط
قميصي، فقام مجاشع فقال: يا أيها الناس! لا تغلوا شيئا، من غل شيئا جاء به يوم القيامة
ولو كان مخيطا، قال: فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميص فجعلت
أفتقه حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن يقطع، فانطلقت
بالقميص والإبرة والخيط الذي كنت أخذته من المقاسم فألقيته فيها، ثم ما ذهبت من

(8 / 15) وما عليه لو كان أكل: أي لا بأس بأكل المحرم عند الاضطرار خوف القتل وقد أجيز الأكل منه
في المخمصة خوف الموت.
أما لو كان يريد إرغامه على الشرك فقد كان تفضيله للموت هو الأرجح. والأصوب.
(8 / 16) قميص خلف: بال قديم تمزق بعضه أو كله.
أي شئ: أي ما هذا الذي تفعلونه؟ أي أنه يستنكر غلولهم.
34

الدنيا حتى رأيتهم يغلون الأسواق، فإذا قلت: أي شئ؟ قالوا: نصيبنا من الفئ أكثر
من هذا.
(17) حدثنا ابن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما قدم عمر فتح
تستر، وتستر من أرض البصرة، سألهم: هل من مغربة، قالوا: رجل من المسلمين لحق
بالمشركين فأخذناه، قال: ما صنعتم به؟ قالوا: قتلناه، قال: أفلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم
عليه بابا وأطعمتوه كل يوم رغيفا حتى استتبتموه ثلاثا، فإن تاب وإلا قتلتموه، ثم قال:
اللهم لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني أو حين بلغني.
(18) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن المهلب بن
أبي صفرة قال: حاصرنا مدينة الأهواز فافتتحناها، وقد كان ذكر صلح، فأصبنا نساء
فوقعنا عليهن، فبلغ ذلك عمر فكتب إلينا (خذوا أولادهم وردوا إليهم نساءهم) وقد
كان صالح بعضهم.
(19) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا عبد الله بن الوليد عن عمر بن محمد بن حاطب
قال: سمعت جدي محمد بن حاطب قال: ضرب علينا بعث إلى إصطخر، فجعل الفارس
للقاعد ثلاثا.
(20) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن كيسان قال سمعت شويسا العدوي يقول:
غزوت ميسان فسبيت جارية فنكحتها حتى جاء كتاب من عمر (ردوا ما في أيديكم من
سبي هيسان) فرددت، فلا أدري على أي حال رددت؟ حامل أو غير حامل، حتى يكون
أعمر لقراهم وأوفر لخراجهم.
(9) ما حفظت في اليرموك
(1) (حدثنا غندر عن شعبة عن سماك قال: سمعت عياضا الأشعري قال: شهدت
اليرموك وعلينا خمسة أمراء: أبو عبيدة بن الجراح، يزيد بن أبي سفيان، وابن حسنة،
وخالد بن الوليد، وعياض وليس عياض هذا بالذي حدث عنه سماك، قال وقال عمر:
إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة، قال: فكتبنا إليه أنه قد جاش إلينا الموت،

(8 / 17) هل من مغربة: هل حدث معكم أمر غريب أو غير عادي أو سمعتم شيئا من ذلك؟
35

واستمددناه، قال: فكتب إلينا أنه قد جاء كتابكم تستمدوني، وأني أدلكم على من هو
أعز نصرا وأحضر جندا فاستنصروه، وأن محمد (ص) كان نصر يوم بدر في أقل من
عددكم فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني، قال: فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم في
أربعة فراسخ قال: وأصبنا أموالا، قال فتشاورنا، فأشار علينا عياض أن نعطي ثمن كل
رأس عشرة، قال: وقال أبو عبيدة: من يراهنني؟ قال: فقال شاب: أنا إن لم تغضب،
قال: فسبقه، قال: فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان وهو خلفه على فرس عربي.
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: رأيت رجلا يريد أن
يشتري نفسه يوم اليرموك وامرأة تناشده، فقال، ردوا علي هذه، فلو أعلم أنه يصيبها
الذي تريد ما نفست عليها، أي والله لان استطعت لا يزول هذا من مكانه، وأشار بيده
إلى جبل فإن غلبتم على جسدي فخذوه، قال قيس: فمررنا عليه فرأيناه بعد ذلك قتيلا
في تلك المعركة.
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب
عمن حدثه أنه لم يسمع صوت أشد من صوته وهو تحت راية أبيه يوم اليرموك وهو
يقول: هذا يوم من أيام الله، اللهم نزل نصرك - يعني أبا سفيان.
(4) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن
حذيفة قال: اختلف رجل من أهل الكوفة ورجل من أهل الشام فتفاخرا، فقال الكوفي،
نحن أصحاب يوم القادسية ويوم كذا وكذا، قال الشامي، نحن أصحاب اليرموك ويوم
كذا ويوم كذا.
(5) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن الشعبي عن سويد بن غفلة قال: شهدنا
اليرموك فاستقبلنا عمر وعلينا الديباج والحرير، فأمر فرمينا بالحجارة قال: فقلنا ما بلغه
عنا؟ فنزعناه وقلنا كره زينا، فلما استقبلنا رحب بنا ثم قال: إنكم جئتموني في زي أهل
الشرك، إن الله لم يرض لمن قبلكم الديباج والحرير.

(9 / 2) يريد أن يشتري نفسه: أي يريد أن يقتحم صفوف العدو في المقدمة وهذا طلب للشهادة.
تناشده: ترجوه أن يرجع.
ردوا علي هذه: ردوها عني.
إن غلبتم على جسدي: أي أن أجليتم لعدو عن مكان استشهادي بين صفوفه فاستعيدوا جسدي
لدفنه.
36

(6) حدثنا حسين بن محمد قال حدثنا جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر قال:
شهدت اليرموك فأصاب الناس أعنابا وأطعمة فأكلوا ولم يروا بها بأسا.
(7) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق قال: لما أسلم عكرمة بن أبي جهل
أتى النبي (ص): فقال: يا رسول الله! والله لا أترك مقاما قمته لأصد به عن سبيل الله إلا
قمت مثله في سبيل الله ولا أترك نفقة أنفقتها لأصد بها عن سبيل الله إلا أنفقت مثلها في
سبيل الله فلما كان يوم اليرموك نزل فترجل فقاتل قتالا شديدا فقتل، فوجد به بضع
وسبعون من بين طعنه وضربة ورمية.
(10) في توجيه عمر إلى الشام
(1) حدثنا وكيع قال ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما أتى أبو
عبيدة الشام حصر هو وأصحابه وأصابهم جهد شديد فكتب إليه عمر: سلام عليكم أما
بعد فإنه لم تكن شدة إلا جعل الله بعدها فرجا، ولن يغلب عسر يسرين، وكتب إليه
* (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) * قال:
وكتب إليه أبو عبيدة: سلام عليكم - أما بعد فإن الله قال: * (إنما الحياة الدنيا لعب
ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) * إلى آخر الآية، قال: فخرج
عمر بكتاب أبي عبيدة فقرأ على الناس فقال: يا أهل المدينة! إنما كتب أبو عبيدة يعرض
بكم ويحثكم على الجهاد، قال زيد: قال أبي، قال: إني لقائم في السوق إذ أقبل قوم
مبيضين قد هبطوا من الثنية فيهم حذيفة بن اليمان يبشرون، قال: فخرجت أشتد حتى
دخلت على عمر فقلت: يا أمير المؤمنين أبشر بنصر الله والفتح، فقال عمر: الله أكبر رب
قائل (لو كان خالد بن الوليد).

(9 / 6) وقد ذكر ما يشبهه وفي معناه في كتاب الجهاد وفيه جواز أكل الطعام إذا اغتنموه على أن لا يكون
بيع ولا نقد، فإن بيع بعضه جعل الثمن في الغنائم.
(10 / 1) * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) * سورة آل عمران من الآية (200) * (إنما الحياة الدنيا لعب) * سورة
الحديد من الآية (20).
* رب قائل لو كان خالد بن الوليد: لان بعضهم قال عندما أرسل أبو عبيدة يطلب المدد: لو
كان خالد لانتصر عليهم ولم يطلب مددا أي أن النصر من عند الله سبحانه وليس بقيادة فلان أو
غيره. وذلك أن الناس تعلقوا بخالد ونسبوا إليه الانتصارات وكانوا ينسبون إليهم الخوارق فكان
عزل لخالد رضي الله عنهما درءا للفتنة.
37

(2) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عروة بن قيس البجلي أن
عمر بن الخطاب لما عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة على الشام قام خالد فخطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أمير المؤمنين استعملني على الشام حتى إذا كانت
سمنا وعسلا عزلني وآثر بها غيري، قال: فقام رجل من الناس من تحته فقال: اصبر أيها
الأمير فإنها الفتنة، قال فقال خالد: أما وابن الخطاب حي فلا، ولكن إذا كان الناس
[ندي بلى وندي بلى]، وحتى يأتي الرجل الأرض يلتمس فيها ما ليس في أرضه فلا
يجده.
(3) حدثنا وكيع قال حدثنا مبارك عن الحسن قال: قال عمر لما بلغه قول خالد بن
الوليد: لأنزعن خالدا ولأنزعن المثنى حتى يعلما أن الله ينصر دينه، ليس إياهما.
(4) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيي بن سعيد عن القاسم عن أسلم مولى عمر قال لما قدمنا مع عمر الشام أناخ بعيره وذهب لحاجته فألقيت فروتي بين شعبتي الرحل، فلما جاء
ركب على الفروة، فلقينا أهل الشام يتلقون عمر فجعلوا ينظرون، فجعلت أشير إليهم،
قال: يقول: تطمح أعينهم إلى مراكب من لا خلاق له - يريد مراكب العجم.
(5) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو
على البعير فقالوا: يا أمير المؤمنين لو ركبت برذونا يلقاك عظماء الناس ووجوههم، فقال
عمر: لا أراكم ههنا، إنما الامر من هنا - وأشار بيده إلى السماء.
(6) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس قال: جاء بلال إلى عمر وهو بالشام
وحوله أمراء الأجناد جلوسا فقال: يا عمر، فقال: ها أنا عمر، فقال له بلال: إنك بين
هؤلاء وبين الله وليس بينك وبين الله أحد، فانظر من عن شمالك وانظر من بين يديك
وخلفك، إن هؤلاء الذين حولك والله إن يأكلون إلا لحوم الطير، فقال عمر: صدقت
والله لا أقوم من مجلسي هذا حتى يتكفلوا لكل رجل من المسلمين مدي طعام وحظهم من

(10 / 2) سمنا وضعناها لأنها الأقرب للمعنى والأرجح وفي الأصل [سه] وهي غير واضحة.
[ندي على بدي على] كذا في الأصل غير منقوط، والأرجح أنها [ندي بلى وبدي بلى] أي حتى
تتفرق السبل بالناس فيصير بعضهم غنيا جدا فلا يقاتل إلا دفاعا عن ماله والآخر جائع يقاتل لينال شبع بطنه.
(10 / 3) المثنى: هو المثنى بن حارثة.
(10 / 6) إن يأكلون إلا لحوم الطير: أي هم أغنياء لدرجة أنهم تركوا لحوم الانعام والإبل فلا يأكلون إلا
لحوم الطير ويعيشون عيشة ناعمة بينما غيرهم يقاسي شظف العيش.
38

الخل والزيت، فقالوا: ذاك إلينا يا أمير المؤمنين، قد أوسع الله الرزق وأكثر الخير، قال:
فنعم.
(7) حدثنا ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن أسلم مولى عمر قال: لما قدم عمر الشام
أتاه رجل من الدهاقين فقال: إني قد صنعت طعاما فأحب أن تجئ فيرى أهل أرضي
كرامتي عليك ومنزلتي عندك أو كما قال، فقال: إنا لا ندخل هذه الكنائس أو هذه البيع التي
فيها الصور.
(8) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: لما
قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء،
فقالوا له: يا أمير المؤمنين، تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال، قال: فقال
عمر: إنا قوم أعزنا الله بالاسلام، فلن نلتمس العز بغيره.
(9) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا هشام بن سعد قال حدثني عروة بن رويم عن
القاسم عن عبد الله بن عمر قال: جئت عمر حين قدم الشام فوجدته قائلا في خبائه
فانتظرته في الخباء فسمعته حين تضور من نومه وهو يقول: اللهم اغفر لي رجوعي من
غزوة سرغ - يعني حين رجع من أجل الوباء.
(10) حدثنا مسعر عن الشيباني عن أسد بن عمرو قال: لما أتى عمر الشام أتي
ببرذون فركب عليه، فلما هزه نزل عنه ثم قال: قبحك الله من علمك.
(11) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس قال: أخبرني قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام خطب الناس فقال: لا أعرفن رجلا طول لفرسه
في جماعة من الناس، قال: فأتى بغلام يحمل قد ضربته رجل فرس، فقال له عمر: ما
سمعت مقالتي بالأمس؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين، قال: فما حملك على ما صنعت؟ قال:
رأيت من الطريق خلوة، قال: ما أراك تعتذر بعذر من رجل، يجلبان على هذا فيخرجاه
من المسجد فيوسعانه ضربا والقوم سكوت لا يجيبه منهم أحد، قال: ثم أعاد مقالته فقال

(10 / 7) الدهقان: الاقطاعي مالك الأرض.
(10 / 9) قائلا: يرتاح فترة القيلولة.
(10 / 10) لان البرذون إذا مشى تمايل فاهتز راكبه وتمايل معه.
(10 / 11) طول لفرسه: ترك مدى طويلا في الحبل الذي ربطه به إلى الوتد في الأرض لأنه عندما تطول
مسافة حركته ربما آذى المارة.
39

له أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين! ما ترى في وجوه القوم كراهة أن تفضح صاحبهم، قال:
فقال لأهل الغلام: انطلقوا به فعالجوه، فوالله لان حدث به حدث لأجعلنك نكالا،
قال: فبرئ الغلام وعافاه الله.
(12) حدثنا أبو أسامة عن أبي عون عن محمد قال: ذكر له أن عمر رجع من الشام
حين سمع أن الوباء بها، فلم يعرفه وقال: إنما أخبر أن المصايفة لا تخرج العام، فرجع.
(13) حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن يزيد الرحبي ومحمد الخولاني عن عروة
ابن رويم قال: كتب عمر إلى أبي عبيدة: سلام عليك أما بعد فإنه لم يقم أمر الله في الناس
إلا حصيف العقل بعيد القوة، لا يطلع الناس منه على عورة ولا يحس في الحق على حره،
ولا يخاف في الله لومة لائم - والسلام عليك.
(14) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال: لما قدم عمر الشام كان
قميصه قد تجوف عن مقعدته: قميص سنبلاني غليظ، فأرسل به إلى صاحب أذرعات أو
أبلة، قال: فغسله ورقعه، وخيط قميص قطري، فجاءه به فألقى إليه القطري، فأخذه
عمر فمسه فقال: هذا أكبر، فرمي به إليه وقال: ألق إلي قميصي فإنه أنشفهما للعرق.
(15) حدثنا ابن نمير عن ثور عن زياد بن أبي سودة عن أبي مريم قال: لما أتى الشام
أتى محراب داود فصلى فيه فقرأ سورة ص، فلما انتهى إلى السجدة سجد.
(16) حدثنا شريك عن أبي الجويرية الجرمي قال: كنت فيمن سار إلى الشام يوم
الحارد فالتقينا، وهب الريح عليهم وأدبروا، فقتلناهم عشيتنا وليلتنا حتى أصبحنا، قال:
فقال إبراهيم - يعني ابن الأشتر: إني قتلت البارحة رجلا وإني وجدت منه ريح طيب،
وما أراه إلا ابن مرجانة، شرقت رجلاه وغرب رأسه، أو شرق رأسه وغربت رجلاه،
قال: فانطلقت فنظرت فإذا هو والله - يعني عبد الله بن زياد.
(17) حدثنا شريك عن عطاء عن وائل بن علقمة أنه شهد الجيش بكربلاء، قال:
فجاء رجل فقال: أفيكم حسين، فقال: من أنت، قال: أبشر بالنار، فقال: بل رب غفور

(10 / 12) المصايفة: الحملات العسكرية التي تخرج في الصيف، والصائفة: حملة الصيف. والشاتية: حملة الشتاء
أي الجيش الذي يخرج للفتح أو الجهاد في الصيف أو في الشتاء.
(10 / 14) قد تجوف: قد تهرى قماشه مكان المقعدة والقميص هو الرداء المعروف في أيامنا باسم الدشداشة أو
الجلابية. أنشفهما للعرق: أكثر هما امتصاصا للعرق لان القماش القطري ناعم الملمس والسنبلاني
قاس سميك.
40

شفيع مطاع، قال: من أنت؟ قال ابن حويزة، قال: اللهم جره إلى النار، قال: فذهب
فنفر به فرسه على ساقيه فتقطع فما بقي منه غير رجليه في الركاب.
(11) كتاب التأريخ
(1) حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قدم النبي (ص) المدينة وأنا
ابن عشر وتوفي وأنا ابن عشرين.
(2) حدثنا وكيع عن موسى بن علي عن أبيه قال: سمعت مسلمة بن مخلد قال:
ولدت حين قدم النبي (ص) المدينة وقبض وأنا ابن عشر.
(3) حدثنا وكيع قال حدثنا سنان بن سلمة الهذلي عن أبيه عن جده سنان بن سلمة
ولد يوم حنين قال: فدعا به رسول الله (ص) فتفل في فيه ومسح على وجهه ودعا له
بالبركة.
(4) حدثنا يزيد بن هارون عن هشيم عن علي بن زيد عن سالم عن ابن عمر وهو
خمس وخمسين.
(5) حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي
طلحة اليعمري قال: أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة.
(6) حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام قال أخبرني أبي قال: أسلم أبو بكر وله أربعون
ألف درهم.
(7) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي (ص)
تزوجها وهي بنت تسع ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة.
(8) حدثنا وكيع عن شريك عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن حريث يقول:
كنت في بطن المرأة يوم بدر.

(11) كتاب التأريخ في المخطوط يبتدئ من هنا مع نقص بضع كلمات في أول حديث ملحقة بما قبله
وما قبله من كتاب التاريخ كان ملحقا في المخطوطة بكتاب الجهاد والسير فأثرنا فصله عنه
والأصوب ما أثبتناه.
(11 / 2) قبض: توفاه الله.
(11 / 4) أي كان عمر علي لما أصيب خمس وخمسين لان الحديث هنا مروي عن أحد أحفاده وهو علي بن
زيد بن الحسين وعنه سالم بن عبد الله بن عمر.
(11 / 8) أي كانت أمه حاملا به.
41

(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت
على رسول الله (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فاستصغرني، وعرضت عليه يوم
الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني.
(10) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف قال: أسلم عمر بن الخطاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة.
(11) حدثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة الأنصاري عن زيد بن
أرقم قال: أول من أسلم مع رسول الله (ص) علي، فأنكر ذلك وقال: أبو بكر.
(12) حدثنا ابن إدريس عن أبي مالك الأشجعي عن سالم قال: قلت لابن الحنيفة:
أبو بكر كان أول القوم إسلاما؟ قال: لا.
(13) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: أول من أظهر الاسلام سبعة: رسول
الله (ص) وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية أم عمار، فأما رسول الله (ص)
فمنعه عمه، وأما أبو بكر فمنعه قومه وأخذ الآخرون فألبسوا أدراع الحديد وصهروهم
في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا، فجاء إلى كل رجل منهم
قومه بأنطاع الأدم فيها الماء فألقوهم فيها ثم حملوا بجوانبه إلا بلالا، فلما كان العشي جاء
أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث ثم طعنها فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الاسلام إلا
بلالا، فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه فجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم
فيشتدوا به بين أخشبي مكة وجعل يقول: أحد أحد.
(14) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: أعطوهم ما سألوا إلا خبابا فجعلوا
يلزقون ظهره بالرضف حتى ذهب ما مسه.
(15) حدثنا ابن عيينة عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: كان
خباب من المهاجرين، وكان يعذب في الله.

(11 / 9) أجازني: أجاز خروجي للقتال، راجع كتاب الجهاد باب الغزو بالغلمان.
(11 / 11) وما لا خلاف فيه أن أبا بكر كان أول الرجال إسلاما وعلي أول الغلمان إسلاما وخديجة كانت
أول النساء رضي الله عنهم أجمعين.
(11 / 13) منعه عمه: حماه من أذى المشركين فلم يستطيعوا النيل منه.
صهروهم في الشمس: أو قفوهم في الشمس حتى يحمي حديد الادراع ويحرق أجسادهم.
(11 / 14) الرضف: الأحجار المحماة. ذهب ما مسه: لعلها ذهب ملمسه أي انقطع إحساسه بالألم لاحتراق
جلده وذهاب حاسة اللمس منه.
42

(16) حدثنا محمد بن فضل عن أبيه قال: سمعت كردوسا يقول: ألا إن خباب بن
الأرت أسلم سادس ستة، كان له سدس الاسلام.
(17) حدثنا ابن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال: عرضت أنا
وابن عمر على رسول الله (ص) يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا يوم أحد.
(18) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم قال: سأل صبيح أبا عثمان: رأيت
رسول الله (ص)؟ فقال: أسلمت على عهد رسول الله (ص) وأديت إليه ثلاث صدقات ولم
ألقه.
(19) حدثنا هشيم عن هلال بن خباب عن ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة
قال: أتانا مصدق النبي (ص).
(20) حدثنا غندر عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: رأيت
رسول الله (ص) وغزوت في خلافة أبي بكر وعمر ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين ما بين غزوة
إلى سرية.
(21) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال
سمعت عليا يقول: أنا أول من صلى مع النبي (ص)
(22) أخبرنا جسير بن محمد التميمي حدثنا جرير بن حازم عن مجالد عن عامر
قال: قال أبو بكر لعلي: أكرهت إمارتي؟ قال لا، قال أبو بكر: إني كنت في هذا الامر
قبلك.
(23) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي أوفي وكان من
أصحاب الشجرة.
(24) حدثنا محمد بن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن
عن أبيه قال: قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر الأرض من مسلم غيرنا.
(25) حدثنا زيد بن الحباب عن ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن عمرو المعافري قال:
سمعت أبا ثور الفهمي يقول: قدم علينا عبد الرحمن بن عديس البلوى وكان ممن بايع
تحت الشجرة فصعد المنبر فحمد الله، وأثني عليه ثم ذكر عثمان قال أبو ثور: قد جئنا على
عثمان وهو محصور فقال: إني لرابع الاسلام.

(11 / 23) أصحاب الشجرة: أصحاب بيعة الرضوان تحت الشجرة في الحديبية.
43

(26) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال:
رأيت رسول الله (ص) وهذه منه بيضاء، ووضع زهير يده على عنفقته، قيل لأبي جحيفة:
مثل من أنت يومئذ؟ قال: أبري النبل وأريشها.
(27) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا زهير عن إسحاق قال: تمارى عبد الله بن عتبة
ورجل من همدان فقال الهمداني: أبو بكر أكبر من رسول الله (ص)، وقال عبد الله: لا
بل رسول الله (ص) أكبر من أبي بكر، توفى رسول الله (ص) وهو ابن ثلاث وستين،
وتوفى أبو بكر وهو ابن ستين، وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين وأنا ابن سبع وخمسين.
(28) حدثنا شيخ لنا قال سمعت جعفرا عن أبيه قال: أسلم علي وهو ابن سبع،
وقبض رسول الله (ص) وهو ابن سبع وعشرين، وقتل عمر وهو ابن سبع وخمسين.
(29) حدثنا شيخ لنا قال حدثنا مجالد عن عامر قال: سألت ابن عباس - أو سئل
ابن عباس - أي الناس كان أول إسلاما؟ فقال: أما سمعت قول حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها * بعد النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا
(30) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى يحدث عن
عبد الله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله (ص) وأنا غلام شاب (لا تنتفعوا من
الميتة بإهاب ولا عصب).
(31) حدثنا أبو خالد الأحمر عن أشعث عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:
بعث رسول الله (ص) فينا مصدقا، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فردها في فقرائنا فكنت
غلاما يتيما لا مال لي، فأعطاني قلوصا.
(32) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول
الله (ص) أنزل عليه وهو ابن أربعين سنة، فأقام بمكة ثلاث عشر سنة، وأقام بالمدينة عشر
سنين، فتوفى وهو ابن ثلاث وستين.

(11 / 26) العنفقة: شعر ما بين الشفة السلفي والذقن.
أبري النبل وأريشها: أي كناية أنه كان غلاما لم يبلغ السن التي يخرج فيها مثله للجهاد.
(11 / 31) المصدق: الذي يجمع مال الصدقة والزكاة.
44

(33) حدثنا وكيع عن أبي نعامة سمعه من خالد بن عمير قال: خطبنا عتبة بن
غزوان فقال لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله (ص).
(34) حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني ربيعة بن أبي عبد
الرحمن قال: سمعت أنس بن مالك يقول: بعث رسول الله (ص) على رأس أربعين، فأقام
بمكة عشرا وبالمدينة عشرا وتوفي على رأس ستين.
(35) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: رأيت زر بن جيش
وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة وإن لحييه ليضطربان من الكبر، ورأيت أبا عمرو
الشيباني وقد أتى عليه تسع عشرة ومائة سنة.
(36) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل قال: رأيت زر بن حبيش في المسجد تختلج
لحياه من الكبر وهو يقول: أنا ابن عشرين ومائة سنة.
(37) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال: قال لي شقيق بن سلمة: يا سليمان! لو
رأيتني ونحن هراب من خالد بن الوليد يوم بزاخة، فوقعت عن البعير فكادت تندق
عنقي، فلو مت يومئذ كانت النار.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال: سمعت شقيقا يقول: كنت يومئذ ابن
إحدى عشرة سنة.
(39) حدثنا الفضل بن دكين عن أبي خالد عن أبي العالية سمعت عمر يقول: اللهم
عافنا واعف عنا.
(40) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال: لم تكن بين الحسن والحسين إلا طهر.
(41) حدثنا الحسن بن موسى الأشيب عن أبي هلال عن قتادة قال: آخرهم موتا
بالمدينة جابر بن عبد الله، وآخرهم موتا بالبصرة أنس بن مالك، وآخرهم موتا بالكوفة
عبد الله بن أبي أوفى.
(42) حدثنا الحسن بن موسى عن أبي هلال عن قتادة أن أبا بكر توفي وهو ابن

(11 / 40) أي لم يكن بين وضع فاطمة رضي الله عنها للحسن رضي الله عنه وحملها للحسين رضي الله عنه إلا
فترة الطهر وهو في أقصاه أياما لا تزيد عن الأربعين ولا تنقص عن العشر.
(11 / 41) آخرهم: أي آخر الصحابة رضي الله عنهم.
45

خمس وستين سنة، وأن عمر قتل وهو ابن إحدى وخمسين، وأن عثمان قتل وهو ابن تسع
أو ثمان وثمانين.
(43) حدثنا يحيي بن سعيد القطان عن سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن
حريث بن ظهير قال: لما نعي عبد الله إلى أبي الدرداء قال: ما خلق بعده مثله.
(44) حدثنا هشيم عن أبي حمزة قال: توفي ابن عباس فوليه ابن الحنيفة.
(45) حدثنا وكيع عن سفيان عن سالم بن أبي حفصة عن رجل يقال له كلثوم قال: سمعت ابن الحنيفة يقول في جنازة ابن عباس: اليوم مات رباني العلم.
(46) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم قال: جلسنا مع ابن
عباس في ظلل القصر في جنازة زيد بن ثابت، قال: لقد دفن اليوم علم كثير.
(47) حدثنا محمد بن أبي عدي عن شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: مروا بجنازة أبي
عبد الرحمن على أبي جحيفة فقال: استراح واستريح منه.
(48) حدثنا ابن فضيل عن ابن أبجر قال: أخبرت الشعبي بموت إبراهيم فقال: رحمه
الله، أما إنه لم يخلف خلفه مثله، أما إنه ميتا أفقه منه حيا.
(49) حدثنا ابن فضيل عن عاصم قال أخبرت الحسن بموت الشعبي فقال: رحمه الله
والله، إن كان من الاسلام لبمكان.
(50) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر في السوق فنعي إليه
حجر فأطلق حبوته وقام وغلبه النحيب.
(51) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال: أتيت عمر
بنعي النعمان بن مقرن، فوضع يده على رأسه وجعل يبكي.
(52) حدثنا شيخ لنا قال أخبرنا الأعمش قال: هلك إبراهيم وهو ابن ثمان
وأربعين، قال الأعمش: هلك سعيد بن جبير وهو ابن ست وأربعين.

(11 / 44) وليه: تولى أمر غسله وكفنه ودفنه.
(11 / 45) رباني العلم: الذي ألقى الله العلم في قلبه وأناره بالمعرفة ولم يتعلم العلم عن شيخ أو معلم
(11 / 50) أطلق حبوته: أي كان قد احتبى بثوبه أي التف به وشده حوله فإطلاقه الثوب إنما هو للقيام.
(11 / 52) وقد قتله رضي الله عنه الحجاج بن يوسف الثقفي.
46

(53) حدثنا غندر عن شعبة عن أياس بن معاوية قال: جلست إلى سعيد بن المسيب
فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من مزينة قال: إني لأذكر يوم نعي عمر بن الخطاب النعمان
على المنبر.
(54) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مالك بن أنس عن سالم أبي النضر قال: لما
توفي سعد أمرت عائشة أن يمر به عليها فتستغفر له.
(55) حدثنا يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن أبي العالية قال: قرأت القرآن
بعد وفاة نبيكم (ص) بعشرين سنة.
(56) حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن
المسيب قال: لقد بلغت ثمانين سنة وأنا أخوف ما أخاف على النساء.
(57) حدثنا عفان عن حماد بن سلمة عن حميد قال: قال أبو عثمان: أتت على نحو
من ثلاثين ومائة سنة.
(58) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الحاج بن أبي زينب قال: سمعت أبا عثمان
النهدي يقول: كنا في الجاهلية نعبد حجرا، فسمعنا مناديا ينادي: يا أهل الرحال! إن
ربكم قد هلك فالتمسوا ربا، قال: فخرجنا على كل صعب وذلول فبينا نحن كذلك
نطلب إذا نحن بمناد ينادي: إنا قد وجدنا ربكم - أو شبهه، قال: فجئنا فإذا حجر فنحرنا عليه الجزر.
(59) حدثنا عبد الرحيم عن إسماعيل عن شبيل بن عوف وكان أدرك الجاهلية.
(60) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي رجاء قال: قلت للحسن البصري: متى
عهدك بالمدينة؟ قال: لي بها عهد بعد صفين، قال: قلت: فمتى احتملت؟ قال: بعد
صفين بعام.
(61) حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن موسى عن
يوسف بن مهران عن ابن عباس عن النبي (ص) قال: كان عمر آدم ألف سنة، وكان عمر
داود ستين سنة، فقال آدم: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فأكمل لآدم ألف سنة
وأكمل لداود مائة سنة.

(11 / 58) الجزر: الذبائح. ج. جزور.
(11 / 61) لم نثبته في الأحاديث لضعفه وهو من الإسرائيليات التلمودية إن لم تذكره التوراة.
47

(62) حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن
مهران عن ابن عباس قال: بعث نوح لأربعين سنة لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما
يدعوهم، وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا.
(63) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
أن إبراهيم اختتن بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة، وعاش بعد ذلك مائة سنة.
(64) حدثنا أبو بكر قال حدثنا إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن قال: ألقي
يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان في العبودية والملك والسجن ثمانين سنة،
ثم جمع له شمله فعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة.
(65) حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي رزين قال: قيل للعباس: أنت أكبر أم النبي
(ص)؟ فقال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله.
(66) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبيه قال: قيل لأبي وائل: أنت أكبر أو ربيع
ابن خيثم، قال: أنا أكبر منه سنا وهو أكبر مني عقلا.
(67) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: استكمل
أبو بكر بخلافة سن رسول الله (ص) فتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
(68) حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عمرو بن معن قال: سألت أبا عبيدة هل تذكر
من عبد الله شيئا قال: لا أذكر منه شيئا.
(69) حدثنا ابن علية عن شعيب بن الحبحاب عن الحسن قال: رأيت عثمان يصب
عليه من إبريق.
(70) حدثنا ابن إدريس عن أبيه ومالك بن مغول عن الحكم قال: كان أول من
قضى بالكوفة ههنا سلمان بن ربيعة الباهلي، جلس أربعين يوما لا يأتيه خصم.
(71) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله
(ص) وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا تسع سنين.
(72) حدثنا يحيي عن سعيد عن سفيان عن أبيه عن عكرمة قال: كان بين آدم ونوح
عشرة أقرن كلها على الاسلام.

(11 / 70) لا يأتيه خصم: لا يحتكم إليه أحد.
48

(73) حدثنا حسين بن علي عن سفيان قال سمعت الهذلي سأل جعفر كم كان لعلي
حين هلك؟ قال: قتل وهو ابن ثمان وخمسين ومات لها الحسن وقتل الحسين.
(74) حدثنا عفان قال حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي أن عثمان قتل في
أوسط أيام التشريق.
(75) حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا أبي الغسيل عن عاصم بن عمر بن
قتادة عن محمود بن لبيد قال: توفي إبراهيم ابن النبي (ص) وهو ابن ثمانية عشر شهرا
وقال: (إن له مرضعا في الجنة).
(76) حدثنا الفضل بن دكين أخبرنا يونس عن أبي إسحاق قال: كنت أنا والأسود
ابن يزيد في الشرطة مع عمرو بن حريث ليالي مصعب.
(77) حدثنا شبابة عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه أنه أتى النبي (ص) وقد
حلب وصر.
(78) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا حنش بن الحارث قال: رأيت سويد بن غفلة يمر إلى
امرأة له من بني أسد وهو ابن سبع وعشرين ومائة سنة [.....] أربعا وأربعين في إمرة
معاوية.
ومات العباس في إمرة عثمان.
ومات ابن مسعود في آخر إمرة عثمان.
ومات حذيفة حين جاء قتل عثمان.
ومات جابر بن زيد وأنس بن مالك في جمعة سنة ثلاث وتسعين.
ومات ابن عمر سنة ثلاث وسبعين وماتت عائشة والحسن بن علي سنة ثلاث وخمسين.
ومات عمرو بن حريث في سنة خمس وثمانين، وقتل الحسين بن علي سنة إحدى وستين
في يوم عاشوراء وقتله سنان بن أنس النخعي الموصلي لعنه الله وجاء برأسه إلى عبيد الله
ابن زياد، وقتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين.
ومات ابن الحنيفة في سنة ثمانين، وتوفى ابن عباس في سنة ثمان وستين.
ومات شريح في سنة ست وسبعين.

(11 / 78) [...] بياض في الأصل، والأرجح أنها [قضى منها] أو [عاش منها] أربعا وأربعين في إمرة
معاوية.
49

ومات علي بن الحسين في سنة ثنتين وتسعين.
ومات أبو جعفر في سنة أربع عشرة ومائة.
ومات سعيد بن المسيب في سنة ثلاث وتسعين.
ومات موسى بن طلحة في سنة ست ومائة.
ومات أبو بردة والشعبي في سنة أربع مائة.
ومات أبو بردة وهو ابن نيف وثمانين.
وقتل سعيد بن جبير في سنة خمس وتسعين.
ومات إبراهيم في سنة ست وتسعين.
ومات عمر بن عبد العزيز في سنة إحدى ومائة.
ومات الحسن وابن سيرين في سنة عشر ومائة.
ومات سالم بن أبي الجعد في زمن سليمان بن عبد الملك.
ومات مجاهد في سنة ثنتين ومائة.
ومات الضحاك في سنة خمس ومائة.
ومات محمد بن كعب القرظي سنة ثمان ومائة.
ومات طلحة اليامي في سنة ثنتي عشر ومائة.
ومات زبيد في سنة ثنتين وعشرين مائة.
ومات سلمة في سنة إحدى وعشرين مائة.
ومات منصور في سنة ثنتين وثلاثين ومائة.
ومات قتادة ونافع في سنة سبع عشرة ومائة.
ومات الحكم في سنة خمس عشرة ومائة.
ومات أبو قيس وواصل وحماد في سنة عشرين ومائة.
ومات أبو صخرة في سنة ثمان عشرة ومائة.
ومات حبيب في سنة تسع عشرة ومائة.
ومات عمرو بن مرة في سنة سبع عشرة ومائة.
وتوفي عطاء في سنة خمس عشرة ومائة.
ومات مغيرة في سنة ست وثلاثين ومائة.
ومات عبد الملك بن أبي سليمان وهشام بن عروة في سنة خمس وأربعين ومائة.
ومات أبو إسحاق وجابر الجعفي في سنة ثمان وعشرين ومائة.
50

ومات مسعر في سنة خمس وخمسين ومائة.
ومات علي بن صالح في سنة أربع وخمسين ومائة.
ومات الثوري في سنة إحدى وستين ومائة.
ومات شعبة في سنة ستين ومائة.
وولى أبو بكر الصدق سنتين ونصف، وتوفي من مهاجر النبي (ص) في ثنتي عشرة.
وولي عمر بن الخطاب عشر سنين ونصف، وقتل سنة ثلاث وعشرين من مهاجر النبي
(ص).
وولي عثمان بن عفان ثنتي عشرة سنة وقتل سنة خمس وثلاثين في ذي الحجة.
وولي علي خمس سنين وقتل في سنة أربعين من مهاجر النبي (ص) في شهر الرمضان في
ليلة إحدى وعشرين يوم جمعة، ومات ليلة الأحد.
وولي معاوية عشرين إلا شيئا ومات سنة ستين من المهاجر.
وولي يزيد بن معاوية ثلاث سنين ونصف، وكانت فتنة ابن الزبير سبع سنين.
وولى مروان بن الحكم نحوا من تسعة أشهر أو عشرة.
وولى عبد الملك بن مروان أربع عشرة سنة، والوليد تسعا، وسليمان وعمر بن عبد
العزيز كل واحد منهما سنتين ونصف.
وولي هشام بن عبد الملك عشرين سنة إلا شهرا.
وولى الوليد بن يزيد نحوا من سنتين.
وولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك ستة أشهر.
وولى إبراهيم أربعين ليلة.
وولي مروان بن محمد بن مروان خمس سنين وهو الذي أخذ الخلافة منه الولاة من بني
هاشم.
وولي أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أربع سنين ونصف.
وولي أبو جعفر واسمه عبد الله بن محمد بن علي ثنتين وعشرين سنة.
وولي المهدي عشر سنين.
وولي موسى بن المهدي سنة وثلاثة أشهر.
وولي هارون ثلاثا وعشرين سنة.
وولي المأمون ثنتين وعشرين سنة إلا شهرا، وذكر ابن إدريس: قال سألت إسرائيل!
51

أبو إسحاق ابن كم مات؟ قال: مات ابن ست وتسعين سنة وكان الشعبي أكبر منه بسنتين،
وقتل طلحة وزبير في رجب سنة ست وثلاثين.
ومات مسروق في سنة ثلاث وستين
ومات الأسود في سنة أربع وسبعين.
ومات عبيدة في أربع وستين.
ومات علقمة بن قيس في سنة ثنتين وستين.
ومات عمرو بن ميمون في سنة خمس وسبعين.
ومات ابن عون الثقفي في سنة إحدى وخمسين ومائة.
ومات مالك بن مغول في سنة تسع وخمسين ومائة أولها.
ومات إسرائيل في سنة ستين ومائة.
ومات قيس بن الربيع وجعفر الأحمر في سنة سبع وستين ومائة.
ومات شريك بن عبد الله في سنة سبع وسبعين ومائة.
ومات مجاهد بن جبر في سنة ثنتين ومائة.
ومات ربعي بن حراش في زمن عمر بن عبد العزيز.
(12) باب الكنى
(1) بلغنا أن اسم أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان.
واسم أبي عبيدة بن الجراح عامر بن عبد الله بن جراح.
واسم أبي ذر الغفاري جندب بن جنادة.
واسم أبي الدرداء عويمر.
واسم أبي قتادة الحارث بن ربعي.
واسم أبي محذورة سمرة بن معير.
واسم أبي اليسر كعب بن عمرو.
واسم أبي أسيد مالك بن ربيعة.
واسم أبي ثابت سعد بن عبادة.
واسم أبي برزة نضلة بن عبيد.
واسم أبي سعيد الخدري سعد بن مالك.
واسم أبي الهيثم بن التيهان مالك بن التيهان.
52

واسم أبي أيوب خالد بن زيد.
واسم أبي مسعود عقبة بن عمرو.
وأبو المليح عامر بن أسامة.
وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس.
واسم أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان.
واسم أبي أمامة الأنصاري أسعد بن زرارة.
واسم أبي دجانة سماك بن خرشة.
واسم أبي بكرة نفيع بن الحارث.
واسم أبو هريرة عبد شمس.
وأبو طلحة الأنصاري زيد بن سهل.
وأبو بردة بن نيار هانئ بن نيار.
وأبو أحيحة سعيد بن العاص.
عبد المطلب اسمه شيبة.
وهاشم اسمه عمرو.
وعبد مناف الكبير المغيرة.
واسم أبي لهب عبد العزي بن عبد المطلب.
أبو جحيفة وهب السوائي.
أبو حذيفة بن اليمان حسيل بن جابر.
واسم أبي وائل شقيق بن سلمة.
وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي.
وأبو عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب.
أبو البختري الطائي سعيد بن فيروز.
واسم أبي رزين مسعود.
أبو ظبيان حصين بن جندب.
وأبو الزعراء عبد الله بن هانئ.
وأبو الزعراء الجشمي عمرو بن عمرو.
وأبو سفيان طلحة بن نافع.
أبو صالح صاحب الأعمش ذكوان.
53

وأبو صالح مولى أم هانئ صاحب الكلبي باذان.
وأبو صالح الحنفي ماهان.
أبو عمرو الشيباني سعد بن أياس.
أبو عثمان عبد الرحمن.
أبو قلابة عبد الله بن زيد.
أبو العون الصبر بن أيوب.
أبو كاهل قيس بن عائذ وقد رأى النبي (ص).
أبو السفر سعيد بن يحمد.
أبو الأسود الدؤلي ظالم بن عمرو بن سفيان.
أبو الحكيم المزني عقيل بن مقرن.
أبو سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري.
أبو عمرة معقل.
أبو المتوكل الناجي علي بن داود.
أبو الكنود الأزدي عبد الله بن عويمر.
أبو عطية الهمداني مالك بن عامر.
أبو بردة الأشعري عامر بن عبد الله.
أبو خالد الوالبي هرمز.
أبو معمر عبد الله بن سخبرة.
أبو صفرة سارق بن ظالم.
أبو الطفيل عامر بن واثلة.
أبو القعقاع الجرمي عبد الله بن خالد.
أبو العالية الرياحي رفيع.
وأبو العالية زياد بن فيروز.
وأبو الضحى مسلم بن صبيح.
أبو عيسى يحيي بن رافع.
أبو الحلال العتكي ربيعة بن زرارة.
أبو زفر صلاب بن فروة.
أبو حمزة نصر بن عمران.
54

أبو حمزة الأسدي عمران بن أبي عطاء.
وأبو حمزة الأعور ميمون.
وأبو حمزة الثمالي ثابت.
وأبو التياح الضبعي يزيد بن حميد.
أبو عمران الجوني عبد الملك بن حبيب.
أبو تيمية الهجيمي طريف بن مجالد.
أبو لبيد لمازة بن زياد.
أبو العجفاء السلمي هرم.
أبو الزاهرية حدير بن كريب.
أبو مسلم الخولاني عبد الله بن عبد الله.
أبو حازم المديني سلمة بن دينار.
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان.
أبو جعفر القاري يزيد بن القعقاع.
أبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية.
أبو الخليل صالح.
أبو معاوية العدوي حسن بن ثابت، ويقال: تميم بن يزيد.
أبو عاصم الغطفاني علي بن عبيد الله.
أبو رجاء العطاردي عمران بن عبد الله، وقال بعضهم: عمران بن ملحان.
أبو نضرة منذر بن مالك.
أبو الصديق الناجي بكر بن عمرو.
أبو هنيدة حريت بن مالك.
أبو أيوب الأزدي يحيي بن مالك.
أبو حسان الأعرج مسلم.
أبو مجلز لا حق بن حميد.
أبو الزبير محمد بن مسلم.
أبو بكر بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب.
أبو معشر زياد بن كليب.
وأبو عبد الله الشقري سلمة بن تمام.
55

أبو الجحاف داود بن أبي عوف.
وأبو حصين عثمان بن عاصم.
أبو إسحاق السبيعي عمرو.
وأبو إسحاق الشيباني سليمان بن هارون.
أبو صرة سجة بن عبد الله.
أبو الوازع الراسبي جابر بن عمرو.
أبو العلاء بن الشخير يزيد بن عبد الله بن الشخير.
أبو فروة الهمداني عروة بن الحارث.
أبو فروة الجهني مسلم بن سالم.
أبو الجويرية الجرمي حطان بن خفاف.
أبو ريحانة عبد الله بن مطر.
أبو حازم الأشجعي سلمان.
أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر.
أبو الغريف عبيد الله بن خليفة.
أبو روق عطيه بن الحارث.
أبو اليقضان عثمان بن عمير.
أبو عمرو الشعبي عامر بن شراحيل.
أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق.
أبو حيان التميمي يحيي بن سعيد.
أبو قيس الأودي عبد الرحمن بن ثروان.
أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل.
أبو جعفر الفراء كيسان.
الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو ويكني أبا عمرو.
الإفريقي عبد الرحمن بن زياد.
أبو جعفر محمد بن علي بن حسين الذي روى عنه الزهري.
أبو جميلة سفيان السلمي.
أبو بشر جعفر بن أياس.
أبو عون الثقفي محمد بن عبيد الله.
56

أبو عاصم الثقفي محمد بن أبي أيوب.
أبو العنبس سعيد بن كثير.
أبو سنان ضرار بن مرة.
أبو سعدان الغطفاني عبيد الله بن طفيل.
أبو كيران الجرمي الحسن بن عقبة.
أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان.
أبو يعلي الثوري منذر.
أبو نوح (الذي روى عنه مطر) القاسم الأنصاري.
أبو المغيرة (الذي روى عنه أبو إسحاق) عبيد.
السدي إسماعيل.
أبو المقدام مقدام بن ثابت.
الجريري سعيد بن أياس.
وأبو مسلمة سعيد بن يزيد.
أبو المنهال سيار بن سلامة
أبو نصر حميد بن هلال.
أبو العلاء هلال بن خباب.
أبو المخارق العبدي اسمه مغراء.
أبو أياس معاوية بن قرة.
أبو خفاف صاحب أبي إسحاق ناجية العدوي.
ابن أبي مليكة عبد الله بن أبي مليكة.
أبو أسامة اسمه زيد.
ابن بحينة اسمه عبد الله.
أبو الشعثاء المحاربي سليم بن أسود.
أبو الحسن (الذي روى عنه عمرو بن مرة هو) هلاك بن يساف.
أبو يعفور العبدي وقدان الأكبر.
أبو يعفور العامري عبد الرحمن بن عبيد.
أبو ثابت (الذي روى عنه أبو يعفور) أيمن.
أبو الشعثاء جابر بن زيد.
57

أبو حازم الذي روى عنه إسماعيل شبل وقال بعضهم.
أبو سلمة بن عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن.
أبو المهلب صاحب عوف عمرو بن معاوية، وقال بعضهم: عبد الرحمن بن معاوية.
أبو محارب مسلم.
أبو عمرو.
أبو الخليل صالح.
أبو العالية الكوفي (الذي روى عنه أبو إسحاق) عبد الله بن سلمة الهمداني.
أبو جعفر بن حبان.
أبو هلال الراسبي محمد بن سليم.
أبو المعتمر يزيد بن طهمان.
والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة.
وأبو العميس عتبة بن عبد الله.
اسم أبي سهل عوف بن أبي جميلة.
أبو جعفر الخطمي عمير بن يزيد.
أبو تميم الجيشاني عبد الله بن مالك.
أبو وهب الجيشاني اسمه ديلم.
أبو حريز اسمه عبد الله بن حسين.
أبو فاختة مولاة أبي هبيرة سعيد بن علاقة.
أبو رجاء (الذي) روى عنه شعبة وابن علية) محمد بن سيف.
أبو المعتمر صاحب إسماعيل بن أبي خالد اسمه حنش.
وسمعت من يذكر أن أبا حمزة الذي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد سعد بن عبيدة.
البهي (الذي روى عنه السدي وإسماعيل بن أبي خالد اسمه) عبد الله بن أبي نجيح.
اسمه عبد الله.
والذي روى عنه عطاء بن السائب أبو مسلم الأغر.
أبو عبد الله البراد اسمه سالم.
أبو موسى (الذي روى عنه راشد بن سعد اسمه) يحنس.
الأعمش سليمان بن مهران.
أبو كثير (الذي روى عن أبي هريرة) اسمه يزيد بن عبد الرحمن بن أذينة السحيمي.
58

أبو زميل سماك الحنفي.
أبو النجاشي مولى رافع بن خديج اسمه عطاء.
أبو كدينة يحيي بن المهلب.
اسم أبي تحي الحكيم بن سعد.
أبو يزيد (الذي روى عنه سفيان) وفاء بن أياس.
أبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن.
أبو الفرات (الذي روى عنه أبو حيان) شداد بن أبي العالية.
أبو طلق علي بن حنظلة،
أبو سلمان (صاحب مسعر اسمه) يزيد.
الهزمان (الذي روى عنه عبد الله اسمه) هانئ.
واسم أبي عمر صاحب ابن الحنفية دينار مولى بشر بن غالب.
اسم أبي سنان الأسدي عبد الله بن وهب.
أبو عباس الزرقي اسمه زيد.
أم سليم بن عمرو بن الأحوص اسمها أم جندب.
أبو سعيد الأحمسي المخارق بن عبد الله.
أبو هارون العبدي عمارة بن جوين.
أبو العبيد بن معاوية بن سبرة بن حسين.
واسم أبي عياض عمرو بن الأسود العنسي.
واسم أبي إدريس المرهبي سوار.
أبو قتادة العدوي تميم بن نذير.
أبو هبيرة حريث بن مالك.
أبو هبيرة يحيي بن عباد الأنصاري.
أبو الجوزاء اسمه أوس بن عبد الله بن الربعي.
أبو الدهماء قرفة بن نهيس.
أبو همام الوليد بن قيس السكوني.
أبو إبراهيم الأنصاري يقولون: هو عبد الله بن أبي قتادة.
اسم أبي هارون الغنوي إبراهيم بن العلاء.
اسم أبي مرثد الغنوي كناز بن حصين.
59

أبو إدريس الخولاني عائذ الله.
اسم أبي غلاب يونس بن جبير.
اسم أبي العالية البراء كلثوم مولى لقريش.
واسم أبي الجهم صبيح (الذي روى عنه أصحابنا).
أبو قدامة الذي روى عنه سماك اسمه النعمان بن حميد.
أبو إسرائيل العبسي اسمه إسماعيل بن إسحاق.
أبو مالك الأشعري اسمه عمرو.
ابن حوالة اسمه عبد الله.
أم الرائح بنت صليع اسمها الرباب.
أبو زيد الأنصاري اسمه عمرو بن أخطب.
اسم أبي عمر البهراني يحيي بن عبيد.
اسم أبي بلج الفزاري يحيي بن أبي سليم.
اسم أبي الجلاس عقبة بن سيار.
اسم أبي همام (الذي روى عنه يعلي بن عطاء) عبد الله بن يسار.
اسم أبي قزعة (الذي روى عنه حماد بن سلمة) سويد بن حجير الذهلي.
اسم ابن منبه وهب.
اسم أم الفضل لبابة بنت الحارث.
اسم أبي نعامة الحنفي قيس بن عباية.
أبو نعامة الشقري عبد ربه.
أبو عقيل بشر بن عقبة.
أبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر.
أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان.
اسم أبي فراس (مولى عمرو بن العاص) يزيد بن رياح.
أبو الزنباع (الذي روى عنه أبو حيان) صدقة بن صالح.
اسم أبي معاوية محمد بن خازم.
اسم أبي الأحوص سلام بن سليم.
اسم أبي المهزم يزيد بن سفيان.
اسم أبي عبد الله الجدلي عبد بن عبد.
60

مات أبو خالد الوالبي في سنة مائة واسمه هرمز.
ويذكرون أن سعيد بن المسيب قال: ولدت في سنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله
عنه.
ويذكرون أن أبا أيوب الأزدي صاحب قتادة يحيي بن مالك.
واسم أم هانئ بنت أبي طالب هند.
وأم حكيم بنت الزبير اسمها ضباعة.
أبو حميد الساعدي عبد الرحمن بن سعد بن المقدام.
أم خالدة بنت خالد اسمها أمة بنت خالد.
ويذكرون أن اسم أبي معبد مولى ابن عباس نافذ.
ويذكرون إن اسم أبي يحيى الأعرج مصدع مولى معاذ بن عفراء.
ويذكرون أن اسم أم عطية الأنصارية نسيبة.
أبو عمار الهمداني هو عريب بن حميد.
أبو نوفل بن أبي عقرب اسمه معاوية بن مسلم بن أبي عقرب.
أبو حرملة مالك بن قيس القادي.
أبو السواد عمرو بن عمران.
وبلغني أن اسم أبي قيس بن أبي حازم عوف بن الحارث.
وبلغني أن اسم ابن مربع زيد بن مربع.
واسم أبي ثعلبة الخشني لاشر بن حمير.
واسم أبي مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب.
القاسم بن الأسود يكنى أبا القزمان.
وطاوس أبو عبد الرحمن.
عقيل بن أبي طالب يكنى أبا يزيد.
سلمان الفارسي أبو عبد الله.
صهيب أبو يحيي.
عطاء بن أبي ميمونة يكنى بأبي معاذ.
نعيم بن زياد (الذي روى عنه عامر) يكنى بأبي يحيى.
مولى يزيد بن موهب يكنى بأبي عبد الرحمن.
موسى بن طلحة أبو عيسى.
مسلم بن صبيح كنيته أبو الضحى.
61

اسم أبي عطية حاجب بن الأقمر.
عمرو بن أبي جندب يزيد الذي روى عنه عمران يكني بأبي بردة.
زيد بن صوحان أبو عائشة.
كنية مؤرق العجلي أبو المعتمر.
عمرو بن عنبسة أبو نجيح.
ذكوان أبو الجوزاء قتل سنة ثلاث وثمانين في الجماجم، وعقبة بن عبد الغافر وعبد الله
ابن غالب.
وذكر أن مطرف أكبر من الحسن بعشرين سنة، وكان أخوه أبو العلاء أكبر من الحسن
بعشر سنين.
ومات مطرف بعد الطاعون الجارف.
ومات أبو نضرة وأبو مجلز وبكر قبل الحسن بقليل، وذكر أن الحسن كان أكبر من
محمد بعشر سنين.
(2) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عن الزهري قال: كنت إذا
لقيت عبيد الله فكأنما أفجر به مجرا. (3) حدثنا أبو داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: لم يلق الضحاك ابن
عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير.
(4) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن الحسن بن محمد أن فاطمة دفنت ليلا. (5) حدثنا شبابة بن سوار حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن
مغفل قال: مر عبد الله بن سلام في أرض إلى جنبه، فقال: إن هذا رأس أربعين سنة
تكون عندها صلح، قال: فكان جماعة معاوية عند رأس الأربعين.
(6) حدثنا أبو داود عن شعبة قال أخبرني مشاش قال: سألت الضحاك: رأيت ابن
عباس؟ قال: لا.
(7) حدثنا إسماعيل بن علية عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي قال: مات أبو
بكر وعمر وعلي ولم يجمعوا القرآن.

(12 / 4) وقد توفيت رضي الله عنها وحروب الردة قائمة.
62

(8) حدثنا ابن علية عن يونس قال: لما توفي سعيد بن الحسن وجد عليه الحسن
وجدا شديدا، فكلم في ذلك فقال: ما سمعت الله عاب على يعقوب الحزن، وقال الحسن:
لما توفي عتبة بن مسعود وجد عليه ابن مسعود، فلما كلم في ذلك قال: أما والله إذا قضى
ما قضى ما أحب أني دعوته فأجابني.
(9) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: حدثت أن قيس بن
سعد بن عبادة خدم النبي (ص).
(10) حدثنا عبد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه أن أبا
بكر طاف بعبد الله بن الزبير بخرقة، وكان أول مولود ولد في الاسلام.
(11) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام قال: دخل أبو داود الأعمى على قتادة،
فلما خرج قالوا له: هذا يروي عن ثمانية عشر بدريا، قال: هذا كان سائلا قبل الجارف
لا يعرض لشئ، فوالله ما حدثنا وسعيد بن المسيب عن بدري مشافهة إلا سعيد عن
سعيد.
(12) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال قلت لأبي عبيدة: أكان عبد الله
مع النبي (ص) ليلة الجن؟ قال: لا.
(13) حدثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن إبراهيم قال: ذكر ذلك لعلقمة وقال:
وددت أن صحابيا كان نعم.
(14) حدثنا حسين بن علي عن فضيل عن هشام قال قلت: كم أدرك الحسن من أصحاب النبي (ص)؟ قال: ثلاثين ومائة قال: قلت: كم أدرك ابن سيرين؟ قال: ثلاثين.
(15) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن عامر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبزى
قال: صليت مع عمر على زينب، وكانت أول نساء النبي (ص) ماتت بعد النبي (ص).

(12 / 8) وجد عليه: حزن لموته.
(12 / 9) أي أنه كان شابا في عهد الرسول (ص).
(12 / 10) لان عبد الله بن الزبير حفيد أبي بكر من ابنته.
(12 / 11) سعيد عن سعيد: سعيد بن المسيب عن سعيد بن جبير.
(12 / 12) عبد الله المقصود عبد الله بن مسعود.
63

(16) حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال: توفيت خديجة قبل أن يخرج النبي
(ص) إلى المدينة بسنتين أو قريبا من ذلك، ثم نكح عائشة وهي بنت ست سنين، ثم نكح
عائشة وهي بنت تسع.
(17) حدثنا يحيى بن آدم عن شريك قال سمعت أبا إسحاق يقول: ولدت لسنتين
من إمرة عثمان، قال شريك: ودفناه أيام الخوارج.
(18) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي حدثنا حيان عن مجالد عن الشعبي قال: كتب
أبو موسى إلى عمر أنه يأتينا كتب ما نعرف تأريخها فأرخ، فاستشار أصحاب النبي (ص)
فقال بعضهم: أرخ لمبعث رسول الله (ص)، وقال بعضهم: أرخ لموت رسول الله (ص)،
فقال عمر: أرخ لمهاجر رسول الله (ص) فإن مهاجر رسول الله (ص) فرق بين الحق
والباطل - فأرخ.
(19) عبد الله بن زبير أبو بكر.
عمر ابن الخطاب أبو حفص.
عثمان بن عفان أبو عبد الله وتكنى بأبي عمرو.
حذيفة أبو عبد الله.
الزبير بن العوام أبو عبد الله.
جرير بن عبد الله أبو عبد الله، وقال بعضهم:
أبو عمرو. عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن.
ابن عمر أبو عبد الرحمن.
علي بن أبي طالب أبو الحسن.
سعد بن أبي وقاص أبو إسحاق.
عباس بن عبد المطلب أبو الفضل.
ابن عباس أبو العباس.
أبي بن كعب أبو المنذر.
عمران بن حصين أبو نجبد.
خالد بن زيد أبو أيوب.
عقبة بن عمرو أبو مسعود.

(12 / 16) نكح الأولى: بمعنى عقد قرانه عليها ونكح الثاني: بنى بها.
64

أنس بن مالك أبو حمزة.
الحسن بن علي أبو محمد.
الأشعث بن قيس أبو محمد.
الحسين بن علي أبو عبد الله.
المقداد بن الأسود أبو عمرو.
حمزة بن عبد المطلب أبو عمارة.
معاوية أبو عبد الرحمن.
عبد الرحمن بن عوف أبو محمد.
خالد بن الوليد أبو سليمان.
عمار أبو اليقظان.
طلحة بن عبيد الله أبو محمد.
مغيرة بن شعبة أبو عبد الله.
وعمرو بن حريث أبو سعيد.
سعد بن مالك.
عمرو بن العاص أبو عبد الله.
مروان بن الحكم أبو عبد الملك.
شريح أبو أمية.
سويد بن غفلة أبو أمية.
الأسود بن يزيد أبو عمرو.
علقمة أبو شبل.
مسروق أبو عائشة.
ابن الحنفية أبو القاسم.
سعيد بن المسيب أبو محمد.
عبد الله بن معقل أبو الوليد.
سعيد بن جبير أبو عبد الله.
مجاهد أبو الحجاج.
عطاء بن أبي رباح أبو محمد.
أياس بن معاوية أبو واثلة.
65

ابن سيرين أبو بكر.
الحسن أبو سعيد.
الشعبي أبو عمرو.
إبراهيم النخعي أبو عمران.
عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى.
عبد الله بن عكيم أبو معبد.
الحكم بن عتيبة أبو عبد الله.
حماد بن أبي سليمان أبو إسماعيل.
المهلب بن أبي صفرة أبو سعيد.
واقع بن سحبان أبو عقيل.
عطاء بن أبي ميمونة أبو معاذ.
سعد بن معاذ أبو عمرو.
عمرو بن شعيب أبو إبراهيم.
عبد الله بن عمرو أبو محمد.
عبد الله بن الحرث يكنى بأبي الوليد.
تم كتاب التأريخ والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
66

بسم الله الرحمن الرحيم
33 كتاب الجنة
(1) ما ذكر في الجنة وما فيها مما أعد لأهلها
(1) حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال: أرض الجنة من ورق، وترابها مسك، وأصول شجرها ذهب وفضة، وأفنانها
لؤلؤ وزبرجد وياقوت، والورق والثمر تحت ذلك، فمن أكل قائما لم يؤذه، ومن أكل
جالسا لم يؤذه، ومن أكل مضطجعا لم يؤذه * (وذللت قطوفها تذليلا) *.
(2) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا علي بن صالح عن عمرو بن ربيعة عن الحسن
عن ابن عمر قال: سئل رسول الله (ص): كيف هي؟ قال: (من يدخل الجنة يحيى لا
يموت، وينعم لا يبأس، ولا تبلى ثيابه ولا يبلى شبابه، قيل: يا رسول الله! كيف
بناؤها؟ قال: لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ملاطها مسك وحصباؤها اللؤلؤ
والياقوت، وترابها الزعفران).
(3) حدثنا أبو أسامة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن ابن
صياد سأل رسول الله (ص) عن تربة الجنة فقال: (درمكة بيضاء مسك خالص).
(4) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر
قال: إن الله تبارك وتعالى لم يمس بيده من خلقه غير ثلاثة أشياء: [الجنة] بيده ثم جعل ترابها
الورس والزعفران وجبالها المسك، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة لموسى عليه السلام.
(5) حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن
عبد الله قال: أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك.

(1 / 1) من ورق: من فضة.
* (وذللت قطوفها تذليلا) * سورة الانسان من الآية / 14.
(1 / 2) الملاط هو ما يجعل بين اللبنة والأخرى أي بين الحجر والآخر كي يتماسك البناء كالطين أو
الاسمنت.
(1 / 3) الدرمكة: التربة الناعمة كالطحين.
67

(6) حدثنا وكيع عن مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن مسروق قال: أنهار
الجنة في غير أخدود، و [بئرها] كالقلال، كلما نزعت ثمرة عادت أخرى، والعنقود اثني
عشر ذراعا.
(7) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي سنان عن أبي الهذيل قال: سمعت عبد الله بن عمرو
قال: العنقود أبعد من صنعاء.
(8) حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سعف
الجنة منه كسوتهم ومقطعاتهم، قال: وقال ابن عباس: وثمرها ليس له عجم.
(9) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن [العرى] عن هذيل بن
شر حبيل عن عبد الله في قوله: * (سدرة المنتهى) * قال: صبر الجنة يعني وسطها، عليها
فضول السندس والإستبرق.
(10) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرني يحيي بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن
مرثد بن عبد الله البرني عن تبيع ابن امرأة كعب قال: تزلف الجنة ثم تزخرف ثم ينظر
إليها من خلق الله من مسلم أو يهودي أو نصراني إلا رجلان: رجل قتل مؤمنا متعمدا
ورجل قتل معاهدا متعمدا.
(11) حدثنا وكيل عن الأعمش عن أبي ظبيان عن حريث عن سلمان قال: الشجر
والنخل أصولها وسوقها اللؤلؤ.
(12) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله (ص): (لما
انتهيت إلى السدرة إذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها أمثال القلال، فلما غشيها من
أمر الله ما غشيها تحولت) - فذكر الياقوت.

(1 / 6) [بئرها] كذا في الأصل والصواب [ثمرها] لقوله بعد ذلك كلما نزعت ثمرة، ولان الثمر قد
يشبه بالقلال، والقلال ج. قلة وهي الجرة الكبيرة ولا تشبه الآبار بها.
(1 / 8) ليس له عجم: ليس له بذور والعجم أصلا نواة التمر.
(1 / 9) سورة النجم من الآية (14) والسدرة شجرة النبق.
(1 / 10) أي أن هذين يحرمان حتى من النظر إليها ورؤيتها.
(1 / 11) أصولها: جذورها وجذوعها، سوقها: أغصانها.
(1 / 12) فذكر الياقوت: أي ذكر أي ثمر النبق صار كالياقوت إلا أن الراوي لا يذكر بقية الحديث لفظا
محددا أو معنى واضحا. وثمر النبق أصلا: حب أبيض كحب الآس إلا أنه أشد وله بذرة في
وسطه تنقسم إلى جزئين كأنه حب البن والنبق أشبه بثمر الزعرور إلا أن الزعرور أحمر اللون والنبق
أبيض مسكي.
68

(13) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حسان عن مغيث بن سمي في قوله
* (طوبى) * قال هي شجرة في الجنة، ليس في الجنة أهل دار إلا يظلهم غصن من
أغصانها، فيها من ألوان الثمر، وتقع عليها طير أمثال البخت، قال: فإذا اشتهى الرجل
الطائر دعاه فيجئ حتى يقع على خوانه، قال فيأكل من أحد جانبيه قديدا ومن الآخر
شواء، ثم يعود كما كان فيطير.
(14) حدثنا وكيع عن العلاء بن عبد الكريم قال سمعت ابن سابط يقول: إن
الرسول يجئ إلى الشجرة من شجر الجنة فيقول: إن ربك يأمرك تفتقي لهذا ما شاء، فإن
الرسول ليجئ إلى الرجل من أهل الجنة فينشر عليه الحلة فيقول: قد رأيت الحلل فما
رأيت مثل هذه.
(15) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح قال: طوبى شجرة في الجنة، لو
أن راكبا ركب جذعة أو حقة فأطاف بها ما بلغ ذلك الموضع الذي ركب منه حتى
يدركه الهرم.
(16) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرنا معاوية بن صالح قال أخبرني عمرو بن
قيس قال: إن الرجل من أهل الجنة يشتهي الثمرة فتجئ حتى تسيل في فيه وأنها في أصلها
في الشجرة.
(17) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زكريا عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن
عوسجة عن علقمة عن عبد الله قال: الجنة سجسج لا قر فيها ولا حر.
(18) حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي
قال: قال رسول الله (ص): (إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من
الرجال والنساء، فإذا أشتهي الرجل صورة دخل فيها، وإن فيها لمجتمعا للحور
العين، يرفعن أصواتا، لم ير الخلائق مثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن
الراضيات فلا نسخط، ونحن الناعمات فلا نبأس، فطوبى لمن كان لنا وكنا له).
(19) حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي

(1 / 17) السجسج: الأرض المعتدلة المناخ المستوية لا صلبة ولا لينة.
69

قال: قال رسول الله (ص)، (إن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من
ظهورها، قال: فقام أعرابي فقال: هي لمن يا رسول الله؟ فقال: هي لمن طيب الكلام
وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام).
(20) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو حازم
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله (ص) وذكر الجنة فقال: (فيها ما لا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
(21) حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (يقول الله تبارك وتعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت، ولا خطر، على قلب بشر، اقرؤا إن شئتم * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) * وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة
عام لا يقطعها، اقرأوا إن شئتم * (وظل ممدود) * لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا
وما فيها، اقرأوا إن شئتم * (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة
الدنيا إلا متاع الغرور) *).
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال: إن أهل
الجنة ليقولون: انطلقوا بنا إلى سوق، فيأتون جبالا من المسك - أو جبالا من مسك -، أو كثبانا من مسك، فيبعث الله عليهم ريحا فيدخلهم منازلهم فيقول لهم أهلوهم: لقد ازددتم
بعدنا حسنا ويقولون لأهليهم مثل ذلك.
(23) حدثنا مروان بن معاوية عن صالح عن عبد الله العجلي قال حدثنا يحيى الجزار
أن النبي (ص) قال: (إن طير الجنة أمثال البخاتي).
(24) حدثنا مروان بن معاوية عن عوف عن الحسن أن النبي (ص) نعت يوما الجنة
وما فيها من الكرامة فقال فيها، يقول: (إن فيها طيرا أمثال البخت).
(25) حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمر
قال: الجنة مطوية معلقة بقرون الشمس، تنشر في كل عام مرة وأرواح المؤمنين في جوف طير خضر، كالزرازير، يتعارفون ويرزقون من ثمر الجنة.

(1 / 21) * (فلا تعلم نفس ما أخفي) * سورة السجدة من الآية (17).
* (وظل محدود) * سورة الواقعة من الآية (30).
* (فمن زحزح عن النار) * سورة آل عمران من الآية (185).
70

(26) حدثنا مروان بن معاوية عن علي بن الوليد، قال أبي: سئل المجاهد هل في الجنة
سماع؟ قال: إن في الجنة لشجرة لها سماع لم يسمع السامعون إلى مثله.
(27) حدثنا رواد بن الجراح عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله عن علي بن عبد الله بن عباس في قوله: * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * قال: ألف قصر من لؤلؤ
أبيض ترابه المسك وفيهن ما يصلحهن.
(28) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال: أدنى أهل
الجنة منزلة من له ألف قصر، فيه سبعون ألف خادم، ليس منهن خادم إلا في يدها
صحفة سوى ما في يد صاحبها، لا يفتح بابه بشئ يريده، لو ضافه جميع أهل الدنيا
لأوسعهم.
(29) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال: كان يقال:
طول الرجل من أهل الجنة تسعون ميلا، وطول المرأة ثمانون ميلا، ومقعدها جريب، وإن
شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما يجد اللذة.
(30) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن زياد مولى بني
مخزوم قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام
واقرأوا إن شئتم * (وظل ممدود) * فبلغ ذلك كعبا قال: صدق الذي أنزل التوراة على
لسان موسى والفرقان على لسان محمد (ص) لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل
تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما، إن الله غرسها بيده ونفخ فيها من روحه، وإن
أفنانها من وراء سور الجنة، وما في الجنة نهر إلا يخرج من أصل تلك الشجرة.
(31) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا همام بن يحيى عن أبي عمران الجوني عن أبي
بكر بن أبي موسى عن أبيه عن النبي (ص) قال: (الخيمة درة طولها ستون ميلا، في كل
زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم غيرهم).
(32) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن يزيد الرقاشي عن رجل عن كعب
قال: لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بدا معصمها لذهب بضوء الشمس.

(1 / 26) السماع: الطرب والغناء والموسيقى.
(1 / 27) سورة الضحى الآية (5).
(1 / 29) مقعدها: أردافها.
(1 / 31) أهل: نساء من الحور العين.
71

(33) حدثنا الفضل بن دكين عن سلمة بن نبيط عن الضحاك قال: لو أن امرأة من
أهل الجنة أطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض.
(34) حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد قال: إنه ليوجد ريح المراة من
الحور العين من مسيرة خمسين سنة.
(35) حدثنا شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عمن سمع أنسا يقول: إن الحور
العين في الجنة ليتغنين، يقلن:
نحن الخيرات الحسان * حبسنا للأزواج الكرام
(36) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون قال حدثنا
عبد الله بن مسعود ان المرأة من نساء أهل الجنة تلبس سبعين حلة من حرير فيرى بياض
ساقيها وحسن ساقيها ومخ ساقيها من وراء ذلك كله، وذلك أن الله يقول: * (كأنهن
الياقوت والمرجان) * وإنما الياقوت حجر، فان أخذت سلكا وجعلته في ذلك الحج ثم
استصفيته رأيت السلك من وراء الحجر.
(37) حدثنا يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن أبي أيوب الأزدي أو شهر بن
حوشب - شك همام - عن عبد الله بن عمرو قال: في الجنة من عتاق الخيل وكرام
النجائب يركبها أهلها، وقال: الحناء سيد ريحان الجنة.
(38) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن علقمة بن مرثد عن ابن
بريدة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله! أحب الخيل فهل في الجنة خيل؟ فقال: يا
عبد الله! إن يدخلك الله الجنة فلك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك.
(39) حدثنا إسماعيل بن علية عن الجريري عن لقيط بن المثنى الباهلي قال: قيل يا
أبا أمامة! يتزاور أهل الجنة؟ قال نعم، والله على الجنائب عليها المياثر.
(40) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن منهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن

(1 / 36) سورة الرحمن الآية (58).
استصفيته: وضعته في الضوء كي ترى صفاءه.
(1 / 38) ولذت عينك: ولذ لعينك. (1 / 39) المياثر ج. ميسرة وهي هنة كهيئة المرفقة تتخذ للسرج كالصفه وهو فراش صغير يحشي بقطن أو
صوف يجعله الراكب تحته على الرحال والسروج ويجلس عليه.
الخبائب: الركائب النجيبة.
72

عبد الله قال: إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس وهو جالس مع زوجته فيشربها ثم
يلتفت إلى زوجته فيقول: قد ازددت في عيني سبعين ضعفا حسنا. (41) حدثنا وكيع وعبدة بن سليمان عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة المحلمي عن زيد بن
أرقم قال: قال رسول الله (ص): (إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة رجل في
الأكل والشرب والجماع والشهوة)، فقال رجل من اليهود: فإن الذي يأكل ويشرب
تكون له الحاجة فقال رسول الله (ص): حاجة أحدكم عرق يفيض من جلده فإذا بطنه قد ضمر).
(42) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عي أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله (ص): (قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم
يخطر على قلب بشر، قال أبو هريرة: قال رسول الله (ص): بله ما قد أطلعكم عليه،
اقرأوا إن شئتم * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) * الآية، وكان أبو هريرة
يقرأها قرأت أعين.
(43) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (أول زمرة يدخلون الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين
يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون ولا
يبولون ولا يتمخطون ولا يبزقون، أمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة (قال أبو بكر:
يعني العود)
ورشحهم المسك، أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم
ستين ذراعا).
(44) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: قال رسول
الله (ص): (إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها
وأبوابها).
(45) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن رجل عن كعب قال: إن أدنى أهل الجنة
منزلة يوم القيامة ليؤتى بغدائه في سبعين ألف صحفة، في كل صحفة لون ليس كالآخر،
فيجد للآخر لذة أوله ليس فيه رذل.

(1 / 42) سورة السجدة من الآية (17).
73

(46) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله (ص): (إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنى على الله، فيقال له: ذلك
ومثله معه، ويلقن كذا وكذا، فيقال له: ذلك لك ومثله معه، فقال أبو سعيد
الخدري: قال رسول الله (ص): ذلك له وعشرة أمثاله).
(47) حدثنا حسين بن علي عن أبي الحر عن نوير عن ابن عمر قال: إن أدنى أهل
الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أفضل أهل الجنة
منزلة من ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين.
(48) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرني جرير بن عثمان قال حدثنا سليمان بن نمير
الألهاني قال حدثنا كثير بن مرة الحضرمي قال: إن الصحابة [.......].
(49) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا جرير بن عثمان عن سليمان بن نمير عن
سفيان بن عمير عن عبد الله بن عمر قال: إن الرجل من أهل الجنة ليجئ فتشرف عليه
النساء فيقلن: يا فلان بن فلان! ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا، فيقول:
ومن أنتن؟ فيقلن: نحن من اللاتي قال الله تعالى: * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة
أعين جزاء بما كانوا يعملون) *.
(50) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: إنه
لمكتوب في التوراة: لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن مضاجع ما لم تر عين ولم
تسمع أذن ولا خطر على قلب بشر، وما لا يعلمه ملك ولا مرسل، قال: ونحن نقرأها
* (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) * إلى آخر الآية.
(51) حدثنا وكيع بن الجراح عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة
قال: سمعت عليا يقول: * (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) * حتى إذا انتهوا إلى باب من أبواب الجنة وجدوا عند بابها شجرة تخرج من تحت ساقيها عينان فيأتون
إحداهما كأنما أمروا بها فيتطهرون فيها، فتجرى عليهم نضرة النعيم، قال: فلا تتغبر

(1 / 46) يلقن كذا وكذا: يعلمه الملائكة أو من حوله من أهل الجنة أن يطلب أشياء لم تخطر على باله.
(1 / 48) إن الصحابة [...] الحديث، كذا ناقص في الأصل وفيه بياض مقدار أربع كلمات.
(1 / 51) سورة الزمر من الآية (73).
من تحت ساقيها: من أدنى جذعها.
عينان: عيني ماء.
أبشارهم: جلودهم.
الحميم: القريب قرابة حميمة كالأب أو الجد أو الأخ الأكبر.
* (وقالوا الحمد لله الذي هدانا) * سورة الأعراف الآية (43).
74

أبشارهم بعدها أبدا، ولا تشعث شعورهم بعدها أبدا، كأنما دهنوا قال: ثم يعمدون إلى
الأخرى فيشربون منها فتذهب ما في بطونهم من أذى وقذى، وتتلقاهم الملائكة فيقولون
* (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) * قال: ويتلقى كل غلمان صاحبهم يطيفون به
فعل الولدان بالحميم يقدم من الغببة، يقولون: أبشر قد أعد الله لك من الكرامة كذا،
ويسبق غلمان من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين فيقولون: هذا فلان - باسمه في
الدنيا - قد أتاكن، قال: فيقلن: أنتم رأيتموه، فيقولون: نعم، قال: فيستخفهن الفرح حتى
يخرجن إلى أسكفة الباب، قال: ويدخل الجنة فإذا نمارق مصفوفة وأكواب موضوعة
وزرابي مبثوثة، فيتكئ على أريكة من أرائكه، قال: فينظر إلى تأسيس بنيانه فإذا هو قد
أسس على جندل اللؤلؤ بين أصفر وأحمر وأخضر ومن كل لون، قال: ثم يرفع طرفه إلى
سقفه فلولا أن الله قدره له لألم بصره أن يذهب بالبرق ثم قرأ * (وقالوا الحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) *.
(52) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي عن خالد عن أبي هريرة قال:
والذي أنزل الكتاب على محمد (ص)! إن أهل الجنة ليزدادون جمالا وحسنا كما يزدادون في
الدنيا قباحة وهرما.
(53) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضاء
جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم طوله ستون ذراعا في عرض سبع
أذرع).
(54) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال:
يقول غلمان أهل الجنة: من أين نقطف لك؟ من أين نسقيك؟

(1 / 53) جردا: لا شعر يغطي جلودهم كما في الدنيا.
مردا: لا لحى لهم.
جعادا: جعد الشعر.
75

(55) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل أن موسى - أو
غيره من الأنبياء - قال: يا رب! كيف يكون هذا منك؟ أولياؤك في الأرض جائعون
يقتلون، ويطلبون فلا يعطون وأعداؤك يأكلون ما شاءوا ويشربون ما شاءوا - ونحو هذا،
فقال انطلقوا بعبدي إلى الجنة فينظر ما لم ير مثله قط إلى أكواب موضوعة ونمارق
مصفوفة وزرابي مبثوثة، وإلى الحور العين وإلى الثمار وإلى الخدم كأنهم لؤلؤ مكنون،
فقال: ما ضر أوليائي ما أصابهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا، ثم قال: انطلقوا
بعبدي هذا، فانطلق به إلى النار فيخرج منها عنق فصعق العبد، ثم أفاق فقال: ما نفع
أعدائي ما أعطيتهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا، قال: لا شئ.
(56) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني عنبسة بن سعيد قاضي الري عن جعفر عن
أبي المغيرة عن سمرة بن عطية عن كعب قال: إن الله ملكا، يصوغ حلى أهل الجنة من يوم
خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا من حلي أهل الجنة أخرج لذهب بضوء شعاع
الشمس، فلا تسألوا بعدها عن حلي أهل الجنة.
(57) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن أبي ملح قال: سمعت إبراهيم يقول: في الجنة
ما شاءوا ولا ولد، قال: فينظر النظرة فينشأ له الشهوة، ثم ينظر النظرة فينشأ له شهوة
أخرى.
(58) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن منصور قال سئل ابن عباس:
أفي الجنة ولد؟ قال: إن شاءوا.
(59) حدثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة قال حدثني محمد بن كعب عن
عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله (ص): (إني لأعلم آخر أهل الجنة
دخولا الجنة، رجلا كان يسأل الله أن يزحزحه عن النار، إذا دخل أهل الجنة الجنة
وأهل النار النار كان بين ذلك، فقال: يا رب! أدنني من باب الجنة، فقيل: يا ابن
آدم! ألم تسأل أن تزحزح عن النار، فقال: ومن مثلك، فأدنني من باب الجنة، فنظر
إلى شجرة عند باب الجنة فقال: أدنني منها لاستظل بظلها وآكل من ثمرها، قال: يا ابن
آدم ألم تقل، فقال: يا رب! ومن مثلك، فأدنني منها وإلى أفضل من ذلك، فقال: يا
رب! أدنني، فقال: يا ابن آدم! ألم تقل، حتى قال: يا رب ومن مثلك، فأدنني،

(1 / 55) يخرج منها عنق: يخرج منها لسان نار ولهيب أسود.
76

فقيل: أعد - (قال أبو بكر: العدو الشد) - فلك ما بلغته قدماك ورأته عيناك، قال:
فيعدوا حتى إذا بلح (يعني أعيا) قال: يا رب، هذا لي وهذا لي، فيقال: لك مثله
وأضعافه فيقول: قد رضي عني ربي، فلو أذن لي في كسوة أهل الدنيا وطعامهم
لأوسعتهم).
(60) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال ثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن
النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال: (إن أدنى أهل
الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة، ومثل له شجرة ذات ظل فقال: أي
رب! قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها، فقال الله: هل عسيت إن فعلت أن تسألني
غيره، فقال: لا وعزتك، فقدمه الله إليها، ومثل له شجرة أخرى ذات ظل وثمرة
فقال: أي رب! قدمني إلى هذه الشجرة لأكون في ظلها وآكل من ثمرها، فقال الله:
هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره، فقال: لا وعزتك، فقدمه الله إليها،
فتمثل له شجرة أخرى ذات ظل وثمر وماء فيقول: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة
أكون في ظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها، فقال الله: هل عسيت إن فعلت أن
تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك، لا أسألك غيره، فيقدمه الله إليها قال: فيبرز له
باب الجنة فيقول: أي رب! قدمني إلى باب الجنة فأكون تحت ثمار الجنة وأنظر إلى
أهلها فيقدمه الله إليها فيرى أهل الجنة وما فيها فيقول: أي رب! أدخلني الجنة،
فيدخله الله الجنة، فإذا دخل الجنة قال: هذا وهذا لي، فيقول الله: تمن، فيتمنى،
ويذكر الله: سل من كذا وكذا، حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله: هو لك وعشرة
أمثاله، قال: ثم يدخل بيته فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين فتقولان له: الحمد
لله الذي اختارك لنا واختارنا لك، فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت).
(61) حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي في
هذه الآية * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) * ثم قال: هل تدرون على أي شئ
يحشرون؟ أما والله ما يحشرون على أقدامهم، ولكنهم يؤتون بنوق لم تر الخلائق مثلها،
عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد. فيجلسون عليها، ثم ينطلق بهم حتى يقرعوا باب
الجنة.

(1 / 61) سورة مريم من الآية (85).
77

(62) حدثنا قراد أبو نوح قال حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي
هريرة في قوله: * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) * على الإبل.
(63) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال: قال
رسول الله (ص): (إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، رجل يخرج منها
زحفا فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال: فيذهب فيدخل الجنة فيجد الناس قد
اتخذوا منازل فيرجع فيقول: يا رب، قد أخذ الناس المنازل، قال: فيقال له: أتذكر
الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول، نعم، قال: فيقال له: تمن، فيتمنى فيقال له: لك
الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا، قال: فيقول له: أتسخر بي وأنت الملك)؟ قال: لقد رأيت رسول الله (ص) ضحك حتى بدت نواجذه.
(64) حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد عن
النبي (ص) قال: (أول زمرة يدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والثانية على
لون أحسن كوكب دري في السماء إضاءة، لكل واحد منهما زوجتان، على كل
زوجة سبعون حلة، يبدو مخ ساقيها من ورائها).
(65) حدثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة قال: قال
موسى: يا رب، أي عبدك أدني أهل الجنة منزلة؟ قال: رجل يبقي في الدمنة بعد أن
يجلس الناس، قال: فيقال له: قم فادخل الجنة، قال: أين أدخل وقد سبقني الناس، قال:
فيقال له: تمن أربعة ملوك من ملوك الدنيا ممن كنت تتمنى مثل ملكهم وسلطانهم، قال: فيقول: فلان، قال: فيعد أربعة ثم يقال له: تمن بقليل؟ ما شئت، قال: فيتمنى، قال ثم
يقال له: اشته ما شئت، قال فيشتهي، قال فيقال: لك هذا وعشرة أضعافه، قال: فقال
موسى: يا رب، فما لأهل صفوتك؟ قال: فقيل: هذا الذي أردت، قال: خلقت كرامتهم
وعملتها بيدي، وختمت على خزائنها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، ثم تلى:
* (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) *.

(1 / 63) المنازل: أماكن النزول والإقامة.
نواجذه: أضراسه.
(1 / 65) الدمنة: مكان جميع الأقذار والأوساخ والمقصود أنه يبقي في المكان الذي تخلف فيه عرق الناس يوم
الحساب.
78

(66) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن خيثمة عن
عبد الله بن عمرو قال: إن لأهل عليين كوى يشرفون منها فإذا أشرف أحدهم أشرفت
الجنة، قال: فيقول أهل الجنة: قد أشرف رجل من أهل عليين.
(67) حدثنا ابن علية عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (أحدكم
لسوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها).
(68) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي بكير في قوله: * (في
روضة يحبرون) * قال: الحبر السماع في الجنة.
(69) حدثنا عفان قال حدثنا زمعة بن كلثوم قال سمعت الحسن يقول: قال رسول
الله (ص): (والذي نفس محمد بيده لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت على
أهل الأرض لملأت الأرض من ريح المسك، ولنصيف امرأة من نساء أهل الجنة
خير من الدنيا وما فيها، هل تدرون ما النصف؟ هو الخمار).
(70) حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله
(ص): (لشبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها).
(71) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن نوير عن ابن عمر قال: إن أدنى أهل
الجنة منزلة رجل له ألف قصر، ما بين كل قصر مسيرة سنة، يرى أقصاها كما يرى
أدناها، في كل قصر من الحور العين والرياحين والولدان ما يدعو بشئ إلا أتي به.
(72) حدثنا محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال:
قال مغيث بن سمي: إن في الجنة قصورا من ذهب، وقصورا من فضة، وقصورا من
ياقوت، وقصورا من زبرجد، جبالها المسك وترابها الزعفران.
(73) حدثنا محمد بن بشر عن مسعر قال حدثنا قتادة عن أنس قال: إن قائل أهل
الجنة ليقول: انطلقوا بنا إلى السوق، فيأتون جبالا من مسك فيجلسون فيتحدثون.
(74) حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن إبراهيم التيمي قال: بلغني أنه يقسم
* (هامش) (1 / 66) الكوى ج كوة، وهي الشباك الصغير في أعلى الجدار.
(1 / 68) سورة الروم من الآية (15).
(1 / 69) النصيف: الخمار وما يرد على الصدر من قماش أو رداء ليستره. (*)
79

للرجل من أهل الجنة شهوة مائة وأكلهم ونهمتهم، فإذا أكل سقي شرابا طهورا يخرج من
جلده رشحا كرشح المسك ثم تعود شهوته.
(75) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي
بكر عن عبد الله بن عمرو قال: يجمعون فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ قال:
فيبرزون فيقال: ما عندكم، فيقولون يا رب! ابتليتنا فصبرنا وأنت أعلم، قال: وأراه قال:
ووليت الأموال والسلطان غيرنا، قال: فيقال: صدقتم فيدخلون الجنة قبل سائر الناس،
ويبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان، قال: قلت: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال:
يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام ويكون ذلك اليوم أقصر عليهم من ساعة
من نهار.
(76) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس أن عبد الله بن سلام أتى
رسول الله (ص) يسأله ما أول ما يأكله أهل الجنة، فقال: (أخبرني جبريل آنفا أن أول ما
يأكله أهل الجنة زيادة كبد حوت).
(77) حدثنا زيد بن الخباب عن أسامة بن زيد عن محمد بن كعب قال: يرى في
الجنة كهيئة البرق فيقال: ما هذا؟ قبل: رجل من أهل عليين تحول من غرفة إلى غرفة.
(78) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جويبر عن الضحاك * (أولئك يجزون الغرفة) * قال: الغرفة الجنة.
(79) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان
بن حسين عن يعلى بن مسلم عن مجاهد أن
عمر بن الخطاب قرأ على المنبر * (جنات عدن) * فقال: وهل تدرون ما جنات عدن؟
قال: قصر في الجنة له خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة وعشرون ألفا من الحور
العين، لا يدخله إلا نبي - هنيئا لصاحب القبر - وأشار إلى قبر رسول الله (ص) وصديق -
هنيئا لأبي بكر، وشهيد وأني لعمر شهادة، ثم قال: والذي أخرجني من ضري؟ إنه لقادر
على أن يسوقها إلي.
(80) حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن
عبد الله * (جنات عدن) * قال بطنان الجنة.

(1 / 76) أي أنه (ص) قد سأل جبريل عليه السلام في وقت سابق وأجابه بما أخبرنا (ص) به
(1 / 78) سورة الفرقان من الآية (75).
(1 / 80) بطنان الأرض هو مسيل الماء في الأرض الغليظة والباطن من كل شئ داخله أو ما غمض واطمأن منه.
80

(81) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن حميد بن هلال عن بشر بن كعب قال:
قال كعب: إن في الجنة ياقوتة ليس فيها صدع ولا وصل، فيها سبعون ألف دار، في كل
دار سبعون ألفا من الحور العين، لا يدخلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل أو
محكم في نفسه، قال: قلنا: يا كعب! وما المحكم في نفسه؟ قال: الرجل يأخذه العدو
فيحكمونه بين أن يكفر أو يلزم الاسلام فيقتل، فيختار أن يلزم الاسلام.
(82) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو
يبلغ به النبي (ص) قال: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن -
وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا).
(83) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن
عمرو أن رسول الله (ص) قال: (إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة
بين يدي الرحمن بما أقسطوا في الدنيا).
(84) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن
النبي (ص) قال: (والذي نفسي بيده! إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما
بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى).
(85) حدثنا وكيع عن قرة عن حميد بن هلال عن خالد بن عمير وعن أبي نعامة
سمعه من خالد بن عمير قال: خطبنا عتبة بن غزوان فقال: إن ما بين المصراعين من
أبواب الجنة لمسيرة أربعين عاما وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو
كظيظ.

(1 / 81) صدع: كسر أو شعر، والصدع هو الكسر الذي لم يكتمل فلم ينفصل بسبب الجانب المكسور عن
باقي الجسم الأصلي أو باقي الكتلة الأصلية ونفي الصدع وهو الامر الصغير متضمن لنفي ما هو
أكبر منه وهو الكسر.
ولا وصل: أي هي قطعة واحدة.
(1 / 82) أي أن المقسطين هم الذين يعدلون.
(1 / 84) المصراع مكان ارتباط درفة الباب بالجدار أو هو درفة الباب نفسها.
هجر: بلد في أقصى اليمن.
بصرى: بلد في الشام.
(1 / 85) كظيظ: قد اكتظ بالناس أي أزد حموا عليه يتسابقون للدخول.
81

(86) حدثنا علي بن مسهر عن عاصم عن أبي عثمان عن كعب قال: ما بين مصراعي
الجنة أربعون خريفا للراكب المجد وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام.
(87) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي المهزم قال: سمعت أبا هريرة
قال: دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة فيها أربعون بيتا في وسطها شجرة تنبت الحلل فيأتيها
فيأخذ بإصبعه سبعين حلة ممنطقة باللؤلؤ والمرجان. (88) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن مجاهد عن عبد الله بن
الحارث قال: أصحاب الأعراف ينتهي بهم إلى نهر يقال له (الحياة) حافتاه قصب ذهب، قال: أراه قال: مكلل باللؤلؤ فيغتسلون منه اغتسالة فتبدو في نحورهم شامة بيضاء، ثم
يعودون فيغتسلون فكلما اغتسلوا ازدادت بياضا، فيقال لهم: تمنوا ما شئتم، فيتمنون ما
شاءوا فيقال: لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفا، فهم مساكين أهل الجنة.
(89) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد * (فيهن قاصرات الطرف) *
قال: قصر طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم.
(90) حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك * (كأنهن الياقوت والمرجان) * قال:
ألوانهن كالياقوت واللؤلؤ في صفائه.
(91) حدثنا يحيى بن يمان عن الحر بن جرموز قال: سمعت عبد الله بن الحارث
يقول: * (كأنهن الياقوت والمرجان) * قال: كأنهن اللؤلؤ في الخيط.
(92) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: سمعت سليمان أبا
عبيد الله عن مجاهد * (كأنهن الياقوت والمرجان) * قال: يرى مخ ساقهن من وراء الثياب
كما يرى الخيط في الياقوتة.
(93) حدثنا أبو معاوية عن مغيرة بن مسلم عن عكرمة * (لم يطمثهن إنس قبلهم
ولا جان) * قال: يجامعهن.

(1 / 87) ممنطقة: قد جعل لها نطاق والنطاق ما يلف على الخصر ليشد الثوب إلى الجسم.
(1 / 88) مساكين أهل الجنة: أقل أهل الجنة نوالا من عطايا الله، وهذا عطاؤهم فكيف يكون عطاء الله
لسواهم؟. (1 / 89) سورة الرحمن من الآية (56). (1 / 90) سورة الرحمن الآية (58).
(1 / 93) وسورة الرحمن الآية (74).
82

(94) حدثنا الفضل بن دكين عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير قال: يطأهن.
(95) حدثنا عبدة بن سليمان ووكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن حارثة بن سليمان
عن أبي الزبير * (مدهامتان) * قال: خضراوان من الري.
(96) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
* (مدهامتان) * خضراوان.
(97) حدثنا أسباط بن محمد عن عمرو بن قيس عن سلمة عن مجاهد في قوله:
* (مدهامتان) * قال: خضراوان من ريهما.
(98) حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن الضحاك قال: سوداوان من الري.
(99) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن عطية قال: خضراوان.
(100) حدثنا وكيع عن واصل عن عطاء قال: خضراوان من الري.
(101) حدثنا أسباط بن محمد عن عمرو بن قيس عن سلمة عن مجاهد قال:
* (نضاختان) * بكل خير.
(102) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال:
* (نضاختان) * بالماء والفاكهة.
(103) حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي عبيد عن
عبد الله * (فيهن خيرات حسان) * قال: في كل خيمة خير.
(104) حدثت عن ابن المبارك عن إسماعيل عن أبي صالح * (فيهن خيرات
حسان) * قال: عذاري الجنة.
(105) حدثنا يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال:
الخيمة درة مجوفة، فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.

(1 / 95) سورة الرحمن الآية (64). (1 / 101) سورة الرحمن من الآية (66).
(1 / 103) سورة الرحمن الآية (70).
(1 / 105) والفرسخ ثلاثة أميال.
83

(106) حدثنا غنام بن علي عن إسماعيل عن أبي صالح * (حور مقصورات في
الخيام) * قال: عذارى الجنة.
(107) حدثنا غندر عن شعبة عن عمارة عن أبي مجلز عن النبي (ص) أنه قال في
* (حور مقصورات في الخيام) * قال در مجوفة أو مجوف.
(108) حدثنا غندر عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن أبي الأحوص عن
عبد الله قال: در مجوف.
(109) حدثنا محمد بن مروان البصري عن أبي العوام عن قتادة عن ابن عباس
* (حور مقصورات في الخيام) * قال: قال ابن عباس: الخيمة در مجوفة، فرسخ في فرسخ
فيه أربعة آلاف مصراع.
(110) حدثنا محمد بن مروان عن عكرمة * (حور مقصورات في الخيام) * قال:
در مجوف.
(111) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن حرب بن بشير قال سمعت عمرو
ابن ميمون يقول: الخيمة درة مجوفة:
(112) حدثنا يحيى بن يمان عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية * (حور
مقصورات في الخيام) * قال: محبوسات.
(113) حدثنا يحيى بن يمان عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي في قوله:
* (حور مقصورات في الخيام) * قال: في الحجال.
(114) حدثنا وكيع عن سلمة عن الضحاك في قوله: * (حور مقصورات في
الخيام) * قال: در مجوف.
(115) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال: الخيمة در مجوفة.
(116) حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله: * (متكئين على
رفرف خضر وعبقري حسان) * قال: الرفرف رياض الجنة والعبقري عتاق الزرابي.

(1 / 106) سورة الرحمن الآية (72).
(1 / 116) سورة الرحمن الآية (76).
والزرابي: مرافق كبيرة يستندون إليها ويتكئون عليها.
84

(117) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك قال: الرفرف: المجالس، والعبقري: الزرابي.
(118) حدثنا قبيصة عن سفيان عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس
* (متكئين على رفرف خضر) * قال: فضول المجالس والبسط والفرش.
(119) حدثنا قبيصة عن سفيان عن رباح بن أبي معروف عن مجاهد * (وعبقري حسان) * قال: الديباج.
(120) حدثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن * (متكئين على رفرف خضر) *
قال: البسط، كان أهل الجاهلية يقولون: هي البسط.
(121) حدثنا يحي بن سعيد عن سعيد عن قتادة عن عكرمة قال: الإستبرق الديباج
الغليظ.
(122) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك قال: الإستبرق الديباج
الغليظ.
(123) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا همام قال حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء
ابن يسار عن عبادة بن الصامت عن النبي (ص) قال: (الجنة مائة درجة بين كل درجة
كما بين السماء إلى الأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومن فوقها يكون العرش،
ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، فإذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس).
(124) حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد * (على سرر
متقابلين) * قال: لا ينظر بعضهم في قفا بعض.
(125) حدثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير * (لا يصدعون عنها ولا
ينزفون) * قال: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم.
(126) حدثنا عبد الله بن نمير عن أبي جعفر عن حصين عن مجاهد * (وكأس من
معين) * قال: خمر بيضاء * (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) * قال: لا تصدع رؤوسهم ولا
يقيئونها.

(1 / 124) سورة الحجر من الآية (47).
(1 / 125) سورة الواقعة الآية (19).
(1 / 126) * (وكأس من حصين) * سورة الواقعة من الآية (18).
85

(127) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أبي عتبة عن سعيد بن جبير وعن
حصين عن مجاهد في قوله: * (موضونة) * قال أحدهما: المرمولة، وقال أحدهما: المرمولة
بالذهب.
(128) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن حسان بن أبي الأشرس عن مغيث
ابن سمي: قال يجبئ الطير فيقع على الشجرة فيأكل من أحد جنبيه قديدا ومن الآخر
شواء.
(129) حدثنا وكيع عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة * (وفرش
مرفوعة) * قال: لو خر من أعلاها فراش لهوى إلى قرارها كذا وكذا خريفا.
(130) حدثنا غندر عن شعبة عن أبي إسحاق عن البراء * (قطوفها دانية) * قال:
يتناول الرجل فواكهها وهو قائم.
(131) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء * (دانية) * قال:
أدنيت منهم.
(132) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء * (وذللت قطوفها
تذليلا) * قال: ذللت لهم يأخذون منها حيث شاءوا.
(133) حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن مجاهد قال: العبقري الديباج الغليظ.
(134) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن الحارث قال: لما خلق
الله جنة عدن قال لها: تكلمي، قالت: قد أفلح المؤمنون.
(135) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن مجاهد * (على الأرائك
متكئون) * قال: السرر عليها الحجال.

(1 / 127) سورة الواقعة من الآية (15).
(1 / 129) سورة الواقعة الآية (34).
(1 / 130) سورة الحاقة الآية (23).
(1 / 131) سورة الانسان من الآية (14).
(1 / 132) سورة الانسان من الآية (14).
(1 / 133) * (عبقري) * سورة الرحمن من الآية (76).
(1 / 134) (قد أفلح المؤمنون) لم تذكر هنا بصيغة آية ولكنها الآية (1) من سورة (المؤمنون).
(1 / 135) سورة يس من الآية (56).
السرر: جمع سرير وهو المقعد المرتفع. الحجال، الستر، الستائر.
86

(136) حدثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن * (يسقون من رحيق مختوم) *
قال: هي الخمر.
(137) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله
قال: الرحيق الخمر.
(138) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله
* (مختوم) * ممزوج * (ختامه مسك) * قال: طعمه وريحه * (تسنيم) * عين في الجنة يشرب
بها المقربون صرفا ويمزج لأصحاب اليمين.
(139) حدثنا جرير عن منصور عن مالك بن الحارث * (ومزاجه من تسنيم عينا
يشرب بها المقربون) * صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة.
(140) حدثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن * (ومزاجه من تسنيم) * قال: خفايا
أخفاها الله لأهل الجنة.
(141) حدثنا يحيى بن آدم عن شريك عن سالم عن سعيد وعن أبي روق عن
الضحاك في قوله: * (ختامه مسك) * قالا: آخر طعمه.
(142) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي خالد عن قرة بن شريك العجلي عن ابن
سابط قال: أنبئت أن عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - قوم على منابر من نور،
ووجوههم نور، عليهم ثياب خضر تغشى أبصار الناظرين ليسوا بأنبياء ولا شهداء، قوم
تحابوا في جلال الله حين عصي الله في الأرض.
(143) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا عبد العزيز بن عمر قال حدثني إبراهيم بن
أبي عبلة العقيلي أن العلاء بن زياد كان يحدث عن نبي الله (ص) قال: (عباد من عباد الله
ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة تقربهم من الله على
منابر من نور، يقول الأنبياء والشهداء: من هؤلاء، فيقولون: هؤلاء كانوا يتحابون
في الله على غير أموال تعاطوها ولا أرحام كانت بينهم).

(1 / 136) سورة المطففين: الآية (25). (1 / 138) * (ختامه مسك) * سورة المطففين من الآية (26). * (تسنيم) * سورة المطففين الآية (27).
(1 / 139) سورة المطففين الآيتان (27 - 28).
(1 / 140) سورة المطففين الآية (27).
87

(144) حدثنا عن ابن مسهر عن المختار عن أنس قال: قال رسول الله (ص): (الكوثر
نهر وعدنيه ربي في الجنة، عليه الخير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته
عدد النجوم).
(145) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): (الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب ومجراه على الياقوت والدر، تربته أطيب من المسك. وماؤه أحلى من العسل وأشد بياضا من
الثلج).
(146) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة قالت: الكوثر
نهر بفناء الجنة شاطئاه در مجوف، وفيه من الأباريق والآنية عدد النجوم.
(147) حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن
أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني عن معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت قالا: سمعنا رسول
الله (ص) يحكي عن ربه يقول: (حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على
المتباذلين في، وحقت محبتي على المتزاورين في، والمتحابون في الله على منابر من
نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله).
(148) حدثنا عبد الله بن نمير عن حميد بن عطاء عن عبد الله بن الحارث عن ابن
مسعود عن النبي (ص) قال: (المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء، في رأس
العمود سبعون ألف غرفة، مشرفون على أهل الجنة، وإذا اطلع أحدهم ملا حسنه
بيوت أهل الجنة، كما تملا الشمس بضوئها بيوت أهل الدنيا، قال: فيقول أهل
الجنة: أخرجوا بنا إلى المتحابين في الله، قال: فيخرجون فينظرون في وجوههم مثل
القمر ليلة البدر عليهم ثياب خضر، مكتوب في وجوههم: هؤلاء المتحابون في الله).
(149) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر قال قلت: يا رسول الله! ما آنية الحوض؟ قال: (والذي نفسي بيده
لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية، من شرب
منها لم يظمأ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة، ماءه أشد بياضا من اللبن
وأحلى من العسل).

(1 / 144) وقد قال تعالى: * (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر) * صدق الله
العظيم.
(1 / 149) أيلة: جبل قرب ينبع وبلد بين مصر وينبع.
88

(150) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن
أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن ثوبان أن النبي (ص) سئل عن سعة الحوض
فقال: (ما بين مقامي هذا إلى عمان ما بينهما شهر أو نحو ذلك)، فسئل رسول الله
(ص) عن شرابه فقال: (أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، يصب فيه ميزابان
مداده أو مدادهما من الجنة، أحدهما ورق والآخر ذهب).
(151) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن عطية عن أبي سعيد
أن النبي (ص) قال: (إن لي حوضا طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس أبيض من اللبن،
آنيته عدد النجوم، وإني أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة).
(152) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله (ص):
(دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري، حافتاه خيام اللؤلؤ، قال: فضربت بيدي إلى
الطين فإذا مسك أذفر، فقلت: يا جبريل! ما هذا؟ قال الكوثر الذي أعطاك الله).
(153) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله
قال: أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك.
(154) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن سعد الطائي
قال: أخبرت أن الله لما خلق الجنة قال لها: تزيني، فتزينت ثم قال: تكلمي، فقالت: طوبى لمن
رضيت عنه.
(155) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير
عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: قال نبي من الأنبياء: اللهم! العبد من عبيدك
يعبدك ويطيعك ويجتنب سخطك، تزوي عنه الدنيا وتعرض له البلاء، والعبد يعبد غيرك
ويعمل بمعاصيك فتعرض له الدنيا وتزوي عنه البلاء، قال: فأوحى الله إليه أن العباد
والبلاء لي، كل يسبح بحمدي، فأما عبدي المؤمن فتكون له سيئات فإنما أعرض له البلاء
وأزوي عنه الدنيا فتكون كفارة لسيئاته وأجزيه إذا لقيني، وأما عبدي الكافر فتكون له
الحسنات فأزوي عنه البلاء وأعرض له الدنيا فتكون جزاء لحسناته وأجزيه سيئاته حين
يلقاني.
(156) حدثنا الفضل بن دكين عن أبي قدامة عن أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن

(1 / 152) المسك الأذفر: أفضل أنواع المسك، كبير الذرات.
89

عبد الله بن قيس قال: قال رسول الله (ص): (جنات الفردوس أربع: ثنتان من ذهب
حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وليس بين
القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه).
(157) حدثنا وكيع عن ابن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال: سمعته
يقول: * (جنات الفردوس نزلا) * قال: سرة الجنة قال: وسط الجنة.
(158) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن يزيد عن عبد الله بن الحارث عن
كعب * (جنات الفردوس نزلا) * قال: جنات الأعناب.
(159) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن قال: نخل الجنة
جذوعها ذهب وكرمها زمرد وياقوت وسعفها حلل، يخرج الرطب أمثاله القلال أحلى من
العسل وأبيض من اللبن.
(160) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا
هريرة يحدث عن النبي (ص) قال: (عجب الله من قوم جئ بهم في السلاسل حتى يدخلهم الجنة).
(161) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن مغيرة قال: قال حميد بن هلال: ذكر لنا
أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم، وحلى حليتهم، ورأي
أزواجه وخدمه ومساكنه في الجنة فأخذه سوار فرح، لو كان ينبغي له أن يموت لمات،
قال فيقول: أرأيت سوار فرحتك هذه فإنها قائمة لك أبدا.
(162) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول
الله (ص) قال: (إن لأهل الجنة سوقا يأتونها كل جمعة فيها كثبان المسك، فإذا
خرجوا إليها هبت ريح - (قال حماد: أحسبه قال): شمال - فتملأ وجوههم وبيوتهم
مسكا فيزدادون حسنا وجمالا).
(163) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ميسرة الأشجعي عن عكرمة عن ابن
عباس قال سألت كعبا ما سدرة المنتهي؟ فقال: سدرة ينتهي إليها علم الملائكة، وعندها
يجدون أمر الله لا يجاوزها علم، وسألته عن جنة المأوى فقال: جنة فيها طير خضر ترتقي
فيها أرواح الشهداء.

(1 / 157) سورة الكهف من الآية (107).
(1 / 160) يؤتى بهم أسرى فيؤمنوا ويسلموا ويعملوا صالحا فيستحقون الجنة.
90

بسم الله الرحمن الرحيم
34 كتاب ذكر النار
(1) ما ذكر فيما أعد لأهل النار وشدته
(1) حدثنا مروان بن معاوية عن العلاء بن خالد الأسدي عن شقيق بن سلمة عن
ابن مسعود في قوله: * (وجئ يومئذ بجهنم) * قال: جئ بها تقاد بسبعين الف زمام، مع
كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن شهر بن حوشب عن كعب قال:
تزفر جهنم يوم القيامة زفرة، فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع على ركبتيه
فقال: يا رب نفسي نفسي.
(3) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي قال:
إن لجهنم كل يوم زفرتين ما يبقي شئ إلا سمعهما إلا الثقلين اللذين عليهما العذاب
والحساب.
(4) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن سلمان قال: النار سواد
مظلمة، لا يضئ جمرها ولا يطفى لهبها، ثم قرأ * (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم
أعيدوا فيها) وقيل لهم (ذوقوا عذاب الحريق) *.
(5) حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل قال: لفحتهم النار
لفحة فما أبقت لحما على عظم إلا ألقته.

(1 / 1) سورة الفجر من الآية (23).
(1 / 2) الزفير أصلا اخراج النفس من الصدر وزفرة جهنم ريح تخرج منها.
(1 / 3) الثقلين: الإنس والجن.
(1 / 4) سورة الحج الآية (22).
(1 / 5) لفحتهم النار: مسهم شئ من ريحها ولهبها.
91

(6) حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله
ابن عمرو قال: إن أهل النار نادوا: * (يا مالك ليقض علينا ربك) *، فخلى عنهم
أربعين عاما ثم أجابهم: * (إنكم ماكثون) * قال: فقالوا: * (أخرجنا منها فإن عدنا فإنا
ظالمون) * قال: فخلى عنهم مثلي الدنيا، ثم أجابهم * (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * قال:
فلم ييئس القوم بعد ذلك بكلمة، إن كان إلا الزفير والشهيق.
(7) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي قال:
إذا جئ بالرجل إلى النار قيل: انتظر حتى نتحفك، قال: فيؤتى بكأس من سم الأفاعي
والأساود، إذا أدناها من فيه نثرت اللحم على حدة والعضم على حدة.
(8) حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين * (لواحة للبشر) *
قال: تلوح جلده حتى تدعه أشد سوادا من الليل.
(9) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة عن خيثمة عن عبد الله * (إن المنافقين في
الدرك الأسفل من النار) * قال: في توابيت مبهمة عليهم.
(10) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي قال: أبواب النار
بعضها فوق بعض يبدأ بالأسفل فيملا فهو أسفل السافلين، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه حتى
يملا النار.
(11) حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي هارون عن حطان بن عبد الله قال: قال علي:
أتدرون كيف أبواب النار؟ قالوا: نعم، نحو هذه الأبواب، قال: لا ولكنها هكذا -
فوصف أطباق بعضها فوق بعض.

(1 / 6)، * (يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون) * سورة الزخرف الآية (77).
* (أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) * سورة المؤمنون من الآية (107).
* (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * سورة المؤمنون الآية (108).
(1 / 7) الاتحاف أصلا: تقديم شئ على سبيل التكريم وقولهم هنا نتحفك إثما هو على سبيل الهزة والتحقير
لأهل النار.
(1 / 8) سورة المدثر الآية (29).
(1 / 9) سورة النساء من الآية (145).
مبهمة: مقفلة لا يعرف مكان بابها.
92

(12) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثني يحيى بن عبد الرحمن
ابن حاطب عن أبيه قال: جلسنا إلى كعب الأحبار في المسجد وهو يحدث، فجاء عمر
فجلس في ناحية قوم فناداه فقال: ويحك يا كعب! خوفنا، فقال: والذي نفسي بيده!
إن النار لتقرب يوم القيامة لها زفير وشهيق حتى إذا أدنيت وقربت زفرت زفرة ما خلق
الله من نبي ولا صديق ولا شهيد إلا وجثا لركبتيه ساقطا، حتى يقول كل نبي وكل
صديق وكل شهيد: اللهم لا أكلفك اليوم إلا نفسي، ولو كان لك يا ابن الخطاب عمل
سبعين نبيا لظننت أن لا تنجو، قال عمر: والله إن الامر لشديد.
(13) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن شهر بن حوشب
عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل عنهم ما هم فيه
من العذاب، قال فيستغيثون فيغاثون بالضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون
فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص بالشراب، فيستغيثون
فيغاثون بما من حميم في كلاليب من حديد، فإذا أدنوه إلى وجوههم شوى وجوههم،
فإذا أدخلوه بطونهم قطع ما في بطونهم، قال: فينادون * (ادعوا ربكم يخفف عنا يوما
من العذاب) * قال: فيجابون * (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات، قالوا: بلى، قالوا فادعوا
وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * قال: فيقولون: نادوا مالكا، فينادون: * (يا مالك
ليقض علينا ربك) * قال: فأجابهم * (إنكم ماكثون) * قال: فيقولون: ادعوا ربكم، فلا
شئ أرحم بكم من ربكم، قال: فيقولون * (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) *
قال: فيجيبهم * (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * قال: فعند ذلك يئسوا من كل خير، ويأخذون
في الويل والشهيق والثبور.
(14) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله
(ص): (يلقي البكاء على أهل النار فيبكون حتى ينفد الدموع، قال: ثم يبكون الدم
حتى أنه ليصير في وجوههم أخدودا لو أرسلت فيه السفن لجرت).

(1 / 12) خوفنا: أي أذكر شيئا من النار وعذاب النار وأهل النار.
(1 / 13) * (ادعوا ربكم يخفف) * سورة غافر من الآية (49).
* (أو لم تك تأتيكم) * سورة غافر الآية (50).
* (يا مالك ليقض علينا) * إلى قوله: * (ماكثون) * سورة الزخرف الآية (77).
* (ربنا أخرجنا منها) * سورة المؤمنون من الآية (107).
* (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * سورة المؤمنون من الآية (108).
(1 / 14) الأخدود: الشق يحفر في الأرض السهلية.
93

(15) حدثنا يزيد بن هارون قال عن سلام بن مسكين عن قتادة عن أبي بردة عن
أبي موسى قال: إن أهل النار ليبكون في النار حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت
ثم إنهم ليبكون الدم بعد الدموع وبمثل ما هم فيه.
(16) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير قال: قال
رسول الله (ص): (إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي
منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدا أشد عذابا منه وإنه لأهونهم
عذابا).
(17) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: قال رسول
الله (ص): (إن أدنى أهل النار عذابا لرجل عليه نعلان يغلي منهما دماغه كأنه مرجل،
مسامعه جمر، وأضراسه جمر، وأشفاره لهب النار، ويخرج أحشاء جنبيه من قدميه، وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير فهو يفور).
(18) حدثنا يحيى بن أبي بكر قال حدثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن
النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال: (إن أدنى أهل النار
عذابا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه).
(19) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت عن أبي عثمان النهدي
عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال: (إن أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو
منتعل بنعلين من نار).
(20) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله
(ص) وهو على المنبر يقول: (أنذركم النار) حتى سقط إحدى عطفي ردائه عن منكبيه
وهو يقول: (أنذركم النار) حتى لو كان في مكاني هذا لأسمع أهل السوق أو من شاء
الله منهم.

(1 / 16) الشراك: الجلد الذي تدخل الأصابعه فيه عند احتذاء النعل.
المرجل: أصلا هو الوعاء من النحاس يستعمل لغلي الماء.
(1 / 20) عطفي البرداء: جانبيه والمقصود أن أحد جانبي رداءه قد سقط عن كتفه لشدة انفعاله (ص) وهو
يذكر النار.
94

(21) حدثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): إشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضا، فجعل لها
نفسين: نفس في الصيف ونفس في الشتاء فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدون من الحر من سمومها).
(22) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله
في قوله: * (زدناهم عذابا فوق العذاب) * قال: زيدوا عقارب أدناها كالنخل الطوال.
(23) حدثنا وكيع عن سفيان عن يونس عن حميد بن هلال قال: حدثت عن كعب
قال: إن في جهنم تنانير ضيقها كضيق زج رمح أحدكم في الأرض تطبق على قوم بأعمالهم.
(24) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن عوف بن عبد الله بن عتبة عن
أبي هريرة قال: قال رسو الله (ص): اختصمت الجنة والنار فقالت النار: في المتكبرين
وأصحاب الأموال والاشراف، وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلا الضعفاء
والمساكين، فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي أدخلك من شئت، وقال للنار: أنت
عذابي أعذب بك من شئت، وكلاكما سأملأ).
(25) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد عن النبي (ص)
قال: (يخرج عنق من النار يوم القيامة له لسان ينطق فيقول: إني أمرت بثلاثة: أمرت
بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبار عنيد - وذكر حرفا آخر - فينطوي عليهم
فيقذفهم في غمرات جهنم).
(26) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد قال: إن لجهنم جبابا فيها حياة
أمثال أعناق البخت والعقارب كالبغال الدم، قال: فتهرب جهنم إلى تلك الحيات

(1 / 21) الزمهرير: البرد الشديد السموم: ريح حارة جدا أهلك الله بها قوم عاد.
(1 / 22) سورة النحل من الآية (88).
(1 / 23) تنانير: ج تنور وهو موقد يخبز فيه الخبز ضيق الفتحة واسع الداخل. والنار في أسفله.
زج الرمح: مكان دخول الخشب في حربة الرمح.
(1 / 25) وذكر حرفا آخر: أي ذكر صنفا ثالثا نساه الراوي ولعله (شيطان مريد) كما جاء في روايات
أخرى لهذا الحديث ستر وفيما بعد.
(1 / 26) جباب ج. جب وهو البئر. البخت: الإبل الخراسانية. البغال الدم: البغال العظيمة الجثة
[ستنافهم] هكذا في الأصل، والأرجح في الحديث نقصا وأن الكلمة هي تنهشم أو تتناهشهم أو ما
في معناها.
95

والعقارب [ستنافهم] فتكشط ما بين الشعر إلى الظفر، قال فما ينجيهم الهرب إلى النار.
(27) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد قال: يلقي الجرب على أهل النار،
قال: فيحكون حتى تبدو العظام، قال: فيقولون: ربنا بم أصابنا هذا؟ قال: فيقول: بأذاكم
المؤمنين.
(28) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس
قال: لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت على أهل الأرض أفسدت على الناس معايشهم.
(29) حدثنا أبو أسامة عن هشام عن الحسن قال: لو أن دلوا من صديد جهنم دلي
من السما فوجد أهل الأرض ريحه لأفسد عليهم الدنيا.
(30) حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن مجاهد قال: إن ناركم هذه تعوذ من
نار جهنم.
(31) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله
(ص): (لو أن حجرا مثل سبع خلفات ألقي في شفر جهنم لهوى فيها سبعين عاما لا
يبلغ قعرها).
(32) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال:
سمع رسول الله (ص) يوما دويا فقال: (يا جبريل! من هذا)؟ فقال: حجر ألقى في
شفير جهنم من سبعين خريفا، الآن حين استقر في قعرها.
(33) حدثنا محمد بن بشر عن هارون بن أبي إبراهيم عن أبي نصر قال: سمعت أبا
سعيد الخدري يقول: أنا يوما عند رسول الله (ص) فرأيناه كئيبا، فقال بعضهم: يا
رسول الله! بأبي وأمي ومالي أراك هكذا؟ فقال رسول الله (ص): سمعت هدة لم أسمع
مثلها، فأتاني جبريل فسألته عنها فقال: هذا صخر قذف به في النار منذ سبعين خريفا
فاليوم استقر قراره، فقال: أبو سعيد: والذي ذهب بنفس نبينا (ص)! ما رأيته ضاحكا
بعد ذلك اليوم حتى واراه التراب.

(1 / 28) والزقوم طعام أهل النار، وفي نبات أهل الدنيا هي شجرة نجراء صغيرة الورق مدورتها لا شوك لها
زفرة مرة لعا كعابر في سوقها كثيرة ولها وريد خفيف تجرسه النحل ونورتها بيضاء ورأس ورقها
قبيح جدا ويطلق الزقوم أيضا على كل طعام يقتل.
(1 / 31) سبع خلفات: سبع نوق عشراء في بطونها أولادها.
شفر جهنم: حافتها.
(1 / 33) الهدة: الصوت العميق المبهم.
استقر قراره: استقر في قرارة النار.
96

(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود بن أبي هند قال حدثنا عبد الله بن
قيس عن الحارث بن أقيش أن رسول الله (ص) قال: (إن من أمتي من يعظم للنار حتى
يكون أحد زواياها، وإن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر).
(35) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن في قوله * (كلما نضجت
جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) * قال: بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة.
(36) حدثنا وكيع عن أبي حبيبة عن الحكم عن أبي هريرة قال: يعظمون في النار
حتى تصير شفاههم إلى مردهم مقبوحون يتهافتون في النار.
(37) حدثنا وكيع عن أبي يحيى الطويل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن
عباس عن ابن عمر عن النبي (ص) قال: (إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير
أحدهم مسيرة كذا وكذا، وإن ضرس أحدهم لمثل أحد).
(38) حدثنا علي بن مسهر عن أبي حيان عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال:
إن ضرس الكافر في النار مثل أحد.
(39) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
ابن مسعود لأبي هريرة: تراه كم غلظ جلد الكافر؟ قال أبو هريرة: لا، فقال عبد الله:
غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا.
(40) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن قال: كان عمر يقول:
أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامها حديد.
(41) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن يونس بن خباب عن مجاهد
قال: إن في النار لجبابا فيها حياة كأمثال البخاتي وعقارب كأمثال البغال الدلم، فيفر أهل
النار من النار إلى تلك الجباب فتستقبلهم الحيات والعقارب، فتأخذ شفاههم وأعينهم،
قال: فما يستغيثون إلا بالرجوع إلى النار، وإن أهونهم عذابا لمن في أخمص قدميه نعلان
فيغلي منهما دماغه وأشفاره وأضراسه، وسائرهم يموجون فيها كالحب القليل في الماء
الكثير.

(1 / 34) يعظم: يصير ضخما عظيم الجثة.
(1 / 35) سورة النساء من الآية (56).
(1 / 40) المقامع: المطارق.
(1 / 41) لعل في هذا الحديث توضيحا للنقص الحاصل في 1 / 26 من هذا الكتاب. صفحة
97

(42) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الحارث عن
العباس بن عبد المطلب أنه قال للنبي (ص): عمك أبو طالب يحوطك ويغضب لك قال:
فقال رسول الله (ص): (إنه لفي ضحضاح من النار، ولولا أنا لكان في الدرك
الأسفل).
(43) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الأزهر بن سنان القرشي قال حدثني محمد
ابن واسع قال: دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت له: يا بلال! إن أباك حدثني عن أبيه
عن النبي (ص) قال: (إن في جهنم واديا يقال له هبهت حتم على الله أن يسكنه كل
جبار) فإياك يا بلال أن تكون ممن يسكنه.
(44) حدثنا وكيل عن سفيان عن أبي قيس عن هذيل قال: أرواح آل فرعون في
جوف طير سود تغدو وتروح على النار فذلك عرضها.
(45) حدثنا عبد الله بن نمير عن فضيل بن غزوان عن محمد بن عبد الرحمن بن
يزيد قال: بلغني أن أناسا معهم سياط طوال لا يرحمون الناس، يقال لهم: ضعوا سياطكم
وادخلوا النار.
(46) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس أنه بلغه أن عمر قال لكعب: يا
كعب! خوفنا، قال: نعم، يجمع الله الخلائق في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم
الداعي ويجاء بجهنم، فلها يومئذ ثلاث زفرات، فأول زفرة لا تبغي دمعة في عين إلا سالت
حتى ينسكب الدم، وأما الثانية فلا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه ينادي رب نفسي نفسي
حتى خليله إبراهيم، وأما الثالثة فلو كان لك يا عمر عمل سبعين نبيا لأشفقت حتى تعلم
من أي الفريقين تكون.
(47) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جويبر عن الضحاك * (ولهم مقامع من حديد) *
قال: مطارق.
(48) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي سنان قال: سمعت عبد الله بن الحارث
يقول: الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض.

(1 / 42) الضحضاح أصلا الماء القليل با لكاد يبلغ الكعبين.
(1 / 43) وأبو أبي بردة هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أي هو جد بلال المذكور.
(1 / 46) وقد سبق ذكره وروايته بلفظ مختلف في 1 / 12 من هذا الكتاب.
(1 / 47) سورة الحج من الآية (21).
(1 / 48) الزبانية هم الموكلون بأهل النار وتعذيبهم.
98

(49) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أو قدت النار ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقدت الف سنة فاحمرت، ثم أو قدت
ألف سنة فاسودت كالليل المظلم.
(50) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا أسباط بن نصر عن عاصم عن ذر قال
عبد الله * (وجئ يومئذ بجهنم) * قال: جئ بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام
سبعون ألف ملك. (51) حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي رجاء عن الحسن * (وآخر من شكله
أزواج) * قال: ألوان من العذاب.
(52) حدثنا يحيى بن أبي بكير عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك
أن رسول الله (ص) قال: (أول من يكسى حلة من نار إبليس، يضعها على حاجبيه
يسحبها من خلفه وذريته من خلفه وينادي: يا ثبوراه، وينادون: يا ثبورهم، قال:
فيقال لهم * (لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) *.
(53) حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن أبي صالح * (نزاعة للشوى) * قال: لحم
الساقين.
(54) حدثنا يحيى بن أبي بكر عن شريك عن ليث والأعمش عن مجاهد * (نزاعة
للشوى) * قال: الشوى الأطراف. (55) حدثنا يعلي بن عبيد قال حدثنا إسماعيل عن أبي صالح * (وما يغني عنه ماله
إذا تردى) * قال: في النار.
(56) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الجريري عن غنيم بن قيس عن أبي العوام
قال: قال كعب: هل تدرون ما قوله: * (وإن منكم إلا واردها) * فقالوا: ما كنا نرى
* (واردها) * إلا دخلوها، قال: فقال: لا ولكنه يجاء بجهنم فتمر للناس كأنها متن إهالة

(1 / 50) سورة الفجر من الآية (23).
(1 / 51) سورة ص من الآية (58).
(1 / 52) سورة الفرقان الآية (14).
(1 / 53) سورة المعارج الآية (16).
(1 / 55) سورة الليل الآية (11).
(1 / 56) سورة مريم من الآية (71).
99

حتى استوت عليها أقدام الخلائق برهم وفاجرهم ناداها مناد: خذي أصحابك وذري
أصحابي، فتخسف بكل ولي لها فهي أعرف من الوالد بولده، وينجو المؤمنون ندية ثيابهم
قال: وإن الخازن من خزنة جهنم ما بن منكبيه مسيرة سنة، معه عمود من حديد له
شعبتان يدفع به الدفعة فيكب في النار سبعمائة ألف أو ما شاء الله.
(57) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبي معقل * (ولو ترى إذ فزعوا فلا
فوت) * قال: أفزعهم فلم يفوتوه.
(58) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير قالوا: يؤتى بالرجل
العظيم الطويل يوم القيامة، فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا * (فلا
نقيم لهم يوم القيامة وزنا) *
(59) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثني نعيم بن ميسرة النحوي عن عيينة بن
الفيض قال: قال الحسن: إن الاغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب
ولكن إذا طغى بهم اللهب أرسبتهم في النار، قال: ثم أجغل الحسن مغشيا عليه.
(60) حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن حسين بن أبي المخارق عن أبي عبد الله
الجدلي قال: أتيت بيت المقدس، فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار
يتحدثون في بيت المقدس، قال فقال عبادة: إذا كان يوم القيامة جمع الناس في صعيد
واحد فينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ويقول الله: * (هذا يوم الفصل جمعناكم
والأولين، فإن كان لكم كيد فكيدون) * اليوم لا ينجو مني جبار عنيد ولا شيطان
مريد، قال: فقال عبد الله بن عمرو: إنا نجد في الكتاب أنه يخرج يومئذ عنق من النار
فينطلق معنقا حتى إذا كان بين ظهراني الناس قال: يا أيها الناس! إني بعثت إلى ثلاثة، أنا
أعرف بهم من الوالد بولده ومن الأخ بأخيه، لا يغنيهم مني ورد ولا تخفيهم مني خافية:
الذي جعل مع الله إلها آ خر، وكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، قال: فينطوي عليهم
فيقذفهم في النار قبل الحساب بأربعين. قال حصين: أما أربعين عاما أو أربعين يوما، قال:
ويهرع قوم إلى الجنة فتقول لهم الملائكة: قفوا للحساب، قال: فيقولون: والله ما كانت لنا

(1 / 57) سورة سبأ من الآية (51).
(1 / 58) سورة الكهف من الآية (105).
(1 / 59) أي فإذا أرسبتهم في النار ردتهم الاغلال إلى أماكنهم منها.
(1 / 60) سورة المرسلات الآيتان (38 - 39).
عمال: ولاة وحكام.
100

أموال وما كنا بعمال، قال: فيقولون الله: صدق عبادي أنا أحق من أوفى بعهده، أدخلوا
الجنة، قال: فيدخلون الجنة قبل الحساب بأربعين إما قال عاما وإما يوما.
(61) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك * (لا جرم أن لهم النار وأنهم
مفرطون) * قال: منسيون في النار.
(62) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين الجهني عن الحسن * (ونسوق
المجرمين إلى جهنم وردا) * قال: عطاشا.
(63) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا شيبان قال: قال قتادة: سمعت أبا نضرة
يحدث عن سمرة بن جندب أنه سمع نبي الله (ص) يقول: (إن منهم من تأخذه النار إلى
كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من
تأخذه إلى ترقوته).
(64) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا فضيل بن غزوان عن محمد الراسبي عن بشر
ابن عاصم قال: كتب عمر بن الخطاب عهد البشر بن عاصم فقال: لا حاجة لي فيه! إني
سمعت رسول الله (ص) يقول: * (إن الولاة يجاء بهم يوم القيامة فيقفون على جسر
جهنم، فمن كان مطواعا لله تناوله الله بيمينه حتى ينجيه، ومن كان عاصيا لله
انحرف به الجسر إلى واد من نار يلتهب التهابا)، قال: فأرسل عمر إلى سلمان وأبي
ذر، فقال لأبي ذر: أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله (ص)؟ قال: نعم والله، وبعد
الوادي واد آخر من نار، قال وسأل سلمان فلم يخبر بشئ، فقال عمر: من يأخذها بما
فيها؟ فقال أبو ذر: من سلب الله أنفه وعينيه وأصرع خده إلى الأرض.
(65) حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان عن عمرو بن مرة عن أبي
صالح قال: يحاسب يوم القيامة الذين أرسل إليهم الرسل، فيدخل الله الجنة من أطاعه
ويدخل النار من عصاه، ويبقى قوم من الولدان والذين هلكوا في الفترة ومن غلب على
.

(1 / 61) سورة النحل من الآية (62).
(1 / 62) سورة مريم من الآية (86).
(1 / 63) الحجزة: مجمع الثياب أعلى الصدر.
(1 / 64) كتب عهده: أي أمر توليته ولاية أو بلدا.
أصرع أو أضرع خده إلى الأرض أدناه حتى ألصقه بالأرض أي تمسك بالدنيا وما فيها.
(1 / 65) في الفترة: أي في الفترة ما بين الرسل [...] بياض في الأصل ونقص في العبارة.
101

[...] النار من عصاني وإني آمركم أن تدخلوا هذه النار، فيخرج لهم عنق منها، فمن
دخلها كانت نجاته، ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته.
(66) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح قال: لما مرض أبو طالب قالوا:
أرسل إلى ابن أخيك هذا فيأتيك بعنقود من جنته، لعله يشفيك به، قال: فجاء الرسول
وأبو بكر عند النبي (ص) جالس، فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين.
(67) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا الأزرق بن خنيس
قال حدثني رجل من بني تميم قال: كنا عند أبي العوام فقرأ هذه الآية * (تسعة عشر) *
فقال: ما تقولون: أتسعة عشر ألف ملك أو تسعة عشر ملكا؟ قال فقلت: لا بل تسعة
عشر ملكا، قال: ومن أين تعلم ذلك؟ فقلت! لان الله يقول: * (وما جعلنا عدتهم إلا
فتنة للذين كفروا) * قال: صدقت، بيد كل ملك مرزبة من حديد لها شعبتان فيضرب
الضربة [فهوى بها سبعين ألف] ما بين منكبي كل ملك منهم مسيرة كذا وكذا.
(68) حدثنا شبابة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: بلغني أن أهون
أهل النار عذابا له نعل من نار يغلي منها دماغه يصيح قلبه ويقول: ما عذب أحد بأشد
مما عذب به.
(69) حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن سلمة عن سعيد بن جبير * (فسحقا
لأصحاب السعير) * قال: واد في جهنم.
(70) حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله
* (وهم فيها كالحون) * قال: كما يمشط الرأس عند الرأس.
(71) حدثنا أبو عبد الرحمن المقري عن سعيد بن أبي أيوب قال: سمعت دراجا
أبا السمح قال: سمعت أبا الهيثم يقول: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله
(ص): (يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تنهشه وتلدغه حتى تقوم
الساعة، ولو أن تنينا منها نفخ في الأرض ما أنبتت خضراء).

(1 / 67) * (تسعة عشر) * سورة المدثر من الآية (30).
* (وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا) * سورة المدثر من الآية (31).
[فهوى بها سبعين ألف] كذا في الأصل والأصوب (فيهوي بها سبعين ألفا).
(1 / 69) سورة الملك الآية (11). (1 / 70) سورة المؤمنون من الآية (104).
(1 / 71) التنين: الأفعى العظيمة الضخمة.
102

(72) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي الأشهب عن الحسن قال: * (إن عذابها كان
غراما) * قال: علموا أن كل غريم يفارق إلا غريم جهنم.
(73) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الحسن * (فضرب بينهم
بسور له باب باطنه فيه الرحمة) * قال: الجنة: * (وظاهره من قبله العذاب) * قال: النار.
(74) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال بعث موسى
وهارون ابني هارون يقربان بقربانه فقال: أكلته النار ولدنا فأرسل الله عليهما نارا فأكلتهما
فأوحى الله إليهما هكذا أفعل بأوليائي فكيف بأعدائي.
(75) حدثنا أبو خالد الأحمر عن إسماعيل عن الحسن أن هرم بن حيان كان
يقول: لم أر مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها.
(76) حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبيد الله بن
المغيرة عن سليمان بن عمرو بن عبد العتواري جد بني ليث وكان في حجر أبي سعيد
الخدري عن أبي سعيد الخدري قال سمعته يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: (يوضع
الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس فناج
مسلم ومخدوج به ثم ناج محتبس به ومنكوس فيه، فإذا فرغ الله من القضاء بين
العباد يفقد المؤمنون رجالا كانوا في الدنيا كانوا يصلون صلاتهم ويزكون زكاتهم
ويصومون صيامهم ويحجون حجهم ويغزون غزوهم فيقولون: أي ربنا عباد من
عبادك كانوا معنا في الدنيا يصلون صلاتنا ويزكون زكاتنا ويصومون صيامنا ويغزون
غزونا لا نراهم، قال: فيقول: اذهبوا إلى النار فمن وجدتم فيها فأخرجوه منها،
فيجدون قد أخذتهم النار على قدر أعمالهم، فمنهم من أخذته إلى قدميه، ومنهم من
أخذته إلى عنقه ولم يغش الوجه، فيطرحونهم في ماء الحياة، قيل: يا رسول الله! وما

(1 / 72) سورة الفرقان الآية (65).
(1 / 73) سورة الحديد من الآية (13).
(1 / 74) في العبارة ضعف ولم نجده في مكان آخر أو كتاب آخر من كتاب الحديث لنصححه.
(1 / 76) الحسك: الشوك الكبير. حسك السعدان: نبت شوكي معروف في اليمن.
المخدوج: من أصيب فذهب بعضه أو قليل منه وبقي الأكثر.
منكوس به: قد نكس ووقع في النار.
103

ماء الحياة؟ قال: غسل أهل الجنة، فينبتون كما تنبت الزريعة في غثاء السيل، ثم
يشفع الأنبياء فيمن كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، ثم يتحنن الله برحمته على
من فيها، فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال حبة من الايمان إلا أخرجه منها).
(77) حدثنا عفان قال حدثنا سعيد بن زيد قال سمعت أبا سليمان العصري قال
حدثني عقبة بن صهبان قال: سمعت أبا بكرة عن النبي (ص) قال: (يحمل الناس على
الصراط يوم القيامة فتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار، قال: فتحنن
الله برحمته على من يشاء، قال: ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا
فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان).
(78) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن الشيباني عن عكرمة قال:
الصراط على جسر جهنم يردون عليه.
(79) حدثنا الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي عثمان
النهدي عن سلمان الفارسي قال: يوضع الصراط وله حد كحد الموسى فتقول الملائكة:
ربنا من تجيز على هذا، فيقول: أجيز عليه من شئت.
(80) حدثنا غندر عن شعبة عن الأعمش عن شمر عن أبي الأحوص عن عبد الله
قال: يجاء بالناس إلى الميزان يوم القيامة فيتجادلون عنده أشد الجدال.
(81) حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال حدثني تميم: بن غيلان عن سلمة
عن أبي الدرداء قال: أين أنت من يوم جئ بجهنم قد سدت ما بين الخافقين، وقيل: لن
تدخل الجنة حتى تخوض النار، فإن كان معك نور استقام بك الصراط فقد والله نجوت
وهديت وإن لم يكن معك نور تشبث بك بعض خطاطيف جهنم أو كلاليبها أو شئ منها
فقد والله رديت وهويت.
(82) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال:
الصراط دحض [منزله] كحد السيف سلقا والملائكة معهم الكلاليب والأنبياء قيام يقولون
حوله: ربنا سلم سلم فبين مخدوش ومكردس في النار وناج ومسلم.
(1 / 77) التقادع: التساقط والتهافت والتدافع.
(1 / 82) دحض: زلق. [منزله] هكذا في الأصل بدون نقط ولعلها منزلة من الزلل. (*)

(غثاء السيل) مجرى ماء السيل.
104

بسم الله الرحمن الرحيم
35 كتاب ذكر رحمة الله
(1) ما ذكر في سعة رحمة الله تعالى
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): * (لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب
غضبي).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن الهيثم عن حسن قال: قال رسول الله
(ص): (لو كنتم لا تذنبون لجاء الله بخلق يذنبون فيغفر لهم).
(3) حدثنا أبو معاوية حدثنا العلاء بن منصور عن ليث بن سعد عن محمد بن قيس
عن أبي صرمة عن أبي أيوب قال: قال رسول الله (ص): (لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون
فيغفر لهم).
(4) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: لما أري إبراهيم
ملكوت السماوات والأرض رأى عبدا على فاحشة، فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر فدعا
عليه فهلك، ثم رأى آخر فدعا عليه فهلك، فقال الله: أنزلوا عبدي لا تهلكوا عبادي.
(5) حدثنا وكيع عن زياد بن خيثمة عن نعيم بن أبي هند عن ربعي عن حذيفة قال:
المؤمنون مستغنون عن الشفاعة، إنما هي للمذنبين.
(6) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى
قال: قال رسول الله (ص) [يدا] الله [تبسطان] لمسئ الليل أن يتوب بالنهار
ولمسئ النهار أن يتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها).

(1 / 1) ومن أسمائه تعالى: الرحمن الرحيم.
(1 / 2) ومن أسمائه تعالى: الغفار والغفور.
(1 / 6) [يدا] وفي الأصل يد والأصوب ما أثبتناه لان الفعل بعده في صيغة التثنية.
[تبسطان] وفي الأصل لبسطان ولا ريب خطأ في النسخ.
105

(7) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان عن أبي وائل قال: إن الله يستر العبد يوم
القيامة فيستره بيده فيقول: تعرف ما ههنا؟ فيقول: نعم يا رب، فيقول: أشهدك أني قد
غفرت لك. (8) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود عن أبي عثمان عن سلمان قال: خلق الله
مائة رحمة فجعل منها رحمة بين الخلائق، كل رحمة أعظم ما بين السماء والأرض فيها
تعطف الوالدة على ولدها وبها شرب الطير والوحوش الماء فإذا كان يوم القيامة قبضها الله
من الخلائق فجعلها والتسع والتسعين للمتقين فذلك قوله: * (ورحمتي وسعت كل شئ
فسأكتبها للذين يتقون) *.
(9) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله (ص): (إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة فجعل في الأرض
منها رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والبهائم بعضها على بعض، وأخر تسعا
وتسعين إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة رحمة).
(10) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن جامع بن شداد عن مغيث بن سمي قال:
كان رجل فيمن كان قبلكم يعمل بالمعاصي فأذكر يوما فقال: اللهم غفرانك فغفر له.
(11) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعد مولى
طلحة عن ابن عمر قال: بينا رجل يقال له الكفل يعمل بالمعاصي فأعجبته امرأة فأعطاها
ستين دينارا، فلما قعد منها مقعد الرجال ارتعدت فقال لها: مالك؟ قالت هذا عمل ما
عملته قط! قال: أنت تجزعين من هذه الخطيئة وأنا أعمله مذ كذا وكذا، والله لا أعصي
الله أبدا، قال: فمات من ليلته، فلما أصبح بنو إسرائيل قال: من يصلي على فلان؟ قال
ابن عمر: فوجد مكتوبا على بابه (قد غفر الله للكفل). (12) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن مغيث بن سمي قال:
كان رجل يتعبد في صومعته نحوا من ستين سنة، قال فمطر الناس فاطلع من صومعته،
فرأى الغدر والخضرة فقال: لو نزلت فمشيت ونظرت، ففعل فبينما هو يمشي إذ لقيته
امرأة فكلمها، فلم يزل تكلمه حتى واقعها، قال: فوضع كيسا كان عليه، فيه رغيف،

(1 / 8) سورة الأعراف من الآية (156).
(1 / 12) الغدر: الغدران: البرك التي تتجمع فيها مياه المطر.
106

ونزل الماء يغتسل، فحضر أجله، فمر سائل فأومأ إلى الرغيف فأخذه، ومات الرجل،
فوزن عمله لستين سنة فرجحت خطيئته بعمله، ثم وضع الرغيف فرجح، فغفر له.
(13) حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن أبي سلمة عن أبي الزعراء عن عبد الله أن
راهبا عبد الله في صومعته ستين سنة، فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه فنزل إليها فواقعها
ست ليال، ثم سقط في يده فهرب فأتى مسجدا فأوى إليه فمكث ثلاثا لا يطعم شيئا،
فأتي برغيف فكسر نصفه فأعطى نصفه رجلا عن يمينه، وأعطى آخر عن يساره، فبعث
الله إليه ملك الموت فقبض روحه، فوضع عمل الستين سنة في كفة ووضعت السيئة في
كفة، فرجحت السيئة، ثم جئ بالرغيف فرجح بالسيئة.
(14) حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه قال: حدثنا أبو عثمان عن أبي بردة قال: لما
حضر أبا موسى الوفاة قال: يا بني اذكروا صاحب الرغيف، قال: كان رجل يتعبد في
صومعة أراه قال: سبعين سنة، لا ينزل إلا في يوم أحد، قال: فنزل في يوم أحد، قال:
فشبه أو شب الشيطان في عينه امرأة، فكان معها سبعة أيام أو سبع ليال، قال: ثم كشف عن
الرجل غطاؤه فخرج تائبا، فكان كلما خطا خطوة صلى وسجد، قال: فآواه الليل إلى مكان
عليه اثنا عشر مسكينا، فأدرك الاعياء فرمى بنفسه بين الرجلين منهم، وكان ثم راهب
يبعث إليهم كل ليلة بأرغفة، فيعطى كل انسان رغيفا، فجاء صاحب الرغيف فأعطى
كل انسان رغيفا، ومر على ذلك الذي خرج تائبا، فظن أنه مسكين فأعطاه رغيفا، فقال
المتروك لصاحب الرغيف: مالك، لم تعطني رغيفي، ما كان لك عنه غنى، قال: تراني
أمسكه عنك، سل هل أعطيت أحدا منكم رغيفين، قالوا: لا، قال: إني أمسك عنك
والله لا أعطيك شيئا الليلة، قال: فعمد التائب إلى الرغيف الذي دفعه إليه، فدفعه إلى
الرجل الذي ترك فأصبح التائب ميتا، قال: فوزنت السبعون سنة بالسبع الليالي فلم تزل،
قال: فوزن الرغيف بالسبع الليالي، قال: فرجع الرغيف، فقال أبو موسى: يا بني اذكروا
صاحب الرغيف.
(15) حدثنا أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال: مر
عبد الله على قاص وهو يذكر النار فقال: يا مذكر! لا تقنط الناس * (يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم) *.

(1 / 14) أبو موسى المذكور هو الشعرى رضي الله عنه. (1 / 15) سورة الزمر من الآية (53).
107

(16) حدثنا وكيع عن سفيان عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب
قال: لما رأت الملائكة بني آدم وما يذنبون قالوا: يا رب يذنبون، قال: لو كنتم مثلهم
فعلتم كما يفعلون فاختاروا منكم ملكين، قال: فاختاروا هاروت وماروت، فقال لهما
تبارك وتعالى: إن بيني وبين الناس رسولا، فليس بيني وبينكم أحد لا تشركا بي شيئا
ولا تسرقا ولا تزينا قال عبد الله: قال كعب: فما استكملا ذلك اليوم حتى وقعا فيما حرم
عليهما.
(17) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان عن يعقوب بن سفيان الكسري عن
عبد الله بن مسعود قال: أتاه رجل قد ألم بذنب فسأله عنه فلهى عنه، وأقبل على القوم
بحديثهم فحانت نظرة من عبد الله فإذا عين الرجل تهراق، فقال، هذا وإنك أهمني ما
جئت تسألني عنه، إن للجنة سبعة أبواب كلها يفتح ويغلق غير باب التوبة، موكل به
ملك فاعمل ولا تيأس.
(18) حدثنا زيد بن الحباب عن علي بن مسعدة قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك
قال، قال رسول الله (ص)، (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
(19) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال: إن الله تعالى لما لعن
إبليس سأله النظرة، فأنظره إلى يوم الدين، قال: وعزتك لا أخرج من جوف - أو قلب -
ابن آدم ما دام فيه الروح، قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح.
(20) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول قال: كان في زبور داود مكتوبا:
إني أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فأيما قوم كانوا على طاعة
جعلت الملوك عليهم رحمة، وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة، لا
تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم، توبوا إلي أعطف قلوبهم عليكم.
(21) حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن
عبد الله قال: بينما رجل ممن كان قبلكم كان في قوم كفار، وكان فيما بينهم قوم
صالحون، قال فطالما كنت في كفري، لآتين هذه القرية الصالحة، فأكونن رجلا من
أهلها، فانطلق فأدركه الموت، فاحتج فيه الملك والشيطان، يقول هذا: أنا أولى به،

(1 / 17) أي أن باب التوبة مفتوح دائما ولا يفوت أوان التوبة ما دام الانسان حيا لان الله سبحانه غفور
رحيم وهو غافر الذنب وقابل التوب. (1 / 19) النظرة: التأخير أو التأجيل.
108

ويقول هذا: أنا أولى به، إذ قيض الله بعض جنوده فقال لهما: قيسوا ما بين القريتين،
فأيتهما كان أقرب إليها فهو من أهلها، فقاسوا من بينهما، فوجدوه أقرب إلى القرية
الصالحة، فكان منهم.
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أبي الصديق
الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: لا أخبركم إلا ما سمعت من في رسول الله (ص) سمعته
أذناي ووعاه قلبي أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة، فسأل عن أعلم
أهل الأرض فدل على رجل فأتاه فقال: إني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة؟
قال: بعد قتل تسعة وتسعين نفسا؟ قال: فانتضى سيفه فقتله، فأكمل به مائة، ثم عرضت
له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل فأتاه فقال: إني قتلت مائة نفس
فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة، اخرج من القرية الخبيثة التي أنت
فيها القرية الصالحة قرية كذا وكذا، فاعبد ربك فيها، قال فخرج يريد القرية
الصالحة فعرض له أجله في الطريق، قال: فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب،
فقال إبليس: أنا أولى به لم يعصني ساعة قط، فقالت ملائكة الرحمة: إنه خرج تائبا، قال
همام: فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال: فبعث الله إليه
ملكا فاختصموا إليه، ثم رجع إلى حديث قتادة فقال: انظروا أي القريتين كانت أقرب
إليه فألحقوه بها، قال: فحدثني الحسن قال: لما عرف الموت [احتقر بنفسه] فقرب الله
منه القرية الصالحة وباعد منه القرية الخبيثة، فألحقه بأهل القرية الصالحة.
(23) حدثنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن صفوان بن
محرز قال: كنت آخذا بيد عبد الله بن عمر فأتاه رجل فقال: كيف سمعت رسول الله
(ص) يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن الله يدني المؤمن يوم
القيامة حتى يضع عليه كنفه، يستره من الناس، فيقول: أي عبدي تعرف ذنب كذا
وكذا؟ فيقول: أي نعم رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأي في نفسه أنه قد هلك قال:
فإني قد سترتها عليك في الدنيا وقد غفرتها لك اليوم، ثم يؤتى بكتاب حسناته، وأما
الكفار والمنافقون فيقول الاشهاد: * (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على
الظالمين) *).

(1 / 22) [احتقر بنفسه] الأرجح أنها احتفر لنفسه.
(1 / 23) سورة هود من الآية (18).
109

(24) حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال: بدئ بالعفو قبل الذنب
(عفا الله عنك لم أذنت لهم).
(25) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن
النبي (ص) قال: (خرج رجل من قرية يزور أخا له في قرية أخرى، قال: فأرسل الله
له ملكا فجلس على طريقه فقال: أين تريد؟ فقال: أريد أخا لي أزوره في الله في هذه
القرية، فقال: هل له عليك من نعمة تربها؟ قال: لا ولكني أحببته في الله، قال: إني
رسول ربك إليك، إنه قد أحبك فيما أحببته فيه).
(26) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن عروة بن عاصم قال: إن الرجل
لتعرض عليه ذنوبه فيمر بالذنب فيقول: قد كنت منك شفقا فيغفر الله له.
(27) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار قال: إن للمقنطين حبسا يطأ الناس على أعناقهم يوم القيامة.
.

(1 / 26) شفقا: خائفا.
(1 / 27) المقنطين: اليائسين عن رحمة الله، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
110

بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
36 كتاب الزهد
(1) ما ذكر في زهد الأنبياء وكلامهم عليهم السلام:
كلام عيسى ابن مريم
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن
عبيد بن عمير قال: كان عيسى ابن مريم عليه السلام لا يرفع غداء لعشاء ولا عشاء
لغداء وكان يقول: إن مع كل يوم رزقه، وكان يلبس الشعر ويأكل الشجر وينام حيث
أمسى.
(2) حدثنا عباد بن العوام عن العلاء بن المسيب عن شمر بن عطية قال عيسى ابن
مريم: كلوا من البرية، واشربوا من الماء القراح، وانجوا من الدنيا سالمين.
(3) حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح يرفعه إلى عيسى ابن مريم قال: قال
لأصحابه: اتخذوا المساجد مساكن، واتخذوا البيوت منازل، وانجوا من الدنيا بسلام،
وكلوا من بقل البرية، وقال: زاد فيه الأعمش: واشربوا من الماء القراح.
(4) حدثنا عباد بن العوام عن العلاء بن المسيب عن رجل حدثه قال: قال
الحواريون لعيسى ابن مريم: ما تأكل؟ قال: خبز الشعير، قالوا: وما تلبس؟ قال:
الصوف قالوا: وما تفترش؟ قال: الأرض، قالوا كل هذا شديد، قال: لن تنالوا
ملكوت السماوات حتى تصيبوا هذا على لذة - أو قال: على شهوة.

(1 / 1) لا يرفع غداء لعشاء: أي لا يحتفظ بالطعام من الغداء إلى العشاء ليضمن حصوله على العشاء.
يلبس الشعر: المقصود الصوف غير المغزول. يأكل الشجر: أي أوراق الشجر.
(1 / 2) وفي هذا دعوة للزهد وترك الاهتمام بحال الدنيا وزخرفها.
111

(5) حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن محمد بن يعقوب قال: قال
عيسى ابن مريم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد
من الله، ولكن لا تعلمون، لا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا في
ذنوبكم، فإنما الناس رجلان: مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية.
(6) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: مرت بعيسى امرأة فقالت:
طوبى لبطن حملك، ولثدي أرضعك، فقال عيسى: بل طوبى لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه.
(7) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم قال: قال عيسى ابن مريم: اتقوا الله
واعملوا لله ولا تعلموا لبطونكم، وانظروا إلى هذه الطير لا تحصد ولا تزرع يرزقها
الله، فإن زعمتم أن بطونكم أعظم من بطون الطير فهذه البقر والحمير لا تحرث ولا تزرع
يرزقها الله، وإياكم وفضل الدنيا فإنها عند الله رجس.
(8) حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء عن خيثمة قال: قال عيسى ابن مريم: طوبى
لولد المؤمن، طوبى لهم يحفظون من بعده، وقرأ خيثمة * (وكان أبوهما صالحا) *. (9)
حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة قال: قال
الحواريون: يا عيسى! ما الاخلاص لله؟ قال: أن يعمل الرجل العمل لا يحب أن يحمده
عليه أحد من الناس، والمناصح لله الذي يبدأ بحق الله قبل حق الناس، يؤثر حق الله على
حق الناس، وإذا عرض أمران: أحدهما للدنيا، والآخر للآخرة، بدأ بأمر الآخرة قبل
أمر الدنيا.
(10) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني قال: قال رجل لعيسى
ابن مريم: لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك؟ قال: أنا أكرم على الله من أن يجعل لي شيئا
يشغلني به.
(11) حدثنا محمد بن بشر العبدي عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال: حدثني رجل
قبل الجماجم من أهل المساجد قال: أخبرت أن عيسى عليه السلام كان يقول: اللهم أصبحت لا

(1 / 8) سورة الكهف من الآية (82).
112

أملك لنفسي ما أرجوا، ولا أستطيع عنها دفع ما أكره، وأصبح الخير بيد غيري، وأصبحت
مرتهنا بما كسبت، فلا فقير أفقر مني، فلا تجعل مصيبتي في ديني، ولا تجعل الدنيا أكبر همي،
ولا تسلط علي من لا يرحمني.
(12) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن خيثمة قال: قال عيسى ابن مريم
لرجل من أصحابه وكان غنيا: تصدق بمالك، فكره ذلك فقال عيسى: ما يدخل الغني
الجنة.
(13) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شبل بن عباد عن عمر بن أبي سليمان
عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت مريم: كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدثني
وحدثته، فإذا شغلني عنه انسان سبح في بطني وأنا أسمع.
(14) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
عن ابن عباس قال: ما تلكم عيسى إلا بالآيات التي تكلم بها حتى بلغ مبلغ الصبيان.
(15) حدثنا محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم
قال: قال عيسى ابن مريم: إن موسى نهاكم عن الزنا، وأنا أنهاكم عنه، وأنهاكم أن تحدثوا
أنفسكم بالمعصية، فإنما مثل ذلك كالقادح في الجذع إن لا يكون يكسره فإنه ينخره
ويضعفه، أو كالدخان في البيت إن لا يكون يحرقه فإنه يغير لونه وينتنه.
(16) حدثنا عبد السلام بن حرب عن خلف بن حوشب قال: قال عيسى ابن مريم
للحواريين: يا ملح الأرض! لا تفسدوا، فإن الشئ إذا فسد لا يصلحه إلا الملح،
واعلموا أن فيكم خصلتين: الضحك من غير عجب، والتصبح من غير سهر.
(17) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو الأشهب عن ميمون بن سياه قال: قال
عيسى ابن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين: اتخذوا المساجد مساكن، واتخذوا بيوتكم
كمنازل الأضياف، ما لكم في العالم من منزل، إن أنتم إلا عابرو سبيل.

(1 / 16) إنجيل متى الإصحاح الخامس العدد 13 وما بعده والألفاظ مختلفة قليلا وهذا ظاهرة في الأناجيل
لاختلاف الترجمات.
113

(18) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: كان عيسى ابن مريم يصنع
الطعام لأصحابه، قال: ثم يقوم عليهم ويقول: هكذا فاصنعوا بالقراء.
(19) حدثنا عفان بن مسلم حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن الشعبي أن عيسى ابن
مريم كان إذا ذكرت عنده الساعة صاح، وقال: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة
إلا صاح، أو قال: سكت.
(20) حدثنا عفان قال حدثنا خالد قال أخبرنا ضرار بن مرة أبو سنان عن عبد الله
ابن أبي الهذيل قال: لما رأى يحيى عيسى قال: أوصني، قال: لا تغضب، قال: لا أستطيع،
قال: لا تقتن مالا، قال: عسى.
(2) كلام داود عليه السلام
(1) حدثنا مروان بن معاوية عن عوف عن عباس العمي قال: بلغني أن داود النبي
(ص) كان يقول في دعائه: سبحانك اللهم أنت ربي، تعاليت فوق عرشك، وجعلت
خشيتك على من في السماوات والأرض، فأقرب خلقك منك منزلة أشدهم لك خشية،
وما علم من لم يخشك، أو ما حكمة من لم يطع أمرك.
(2) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الله
الجدلي قال: ما رفع داود رأسه إلى السماء حتى مات
(3) حدثنا محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد قال: لما أصاب داود الخطيئة، وإنما
كانت خطيئته أنه لما أبصر أمرها فعزلها فلم يقربها، فأتاه الخصمان فتسوروا في المحراب،
فلما أبصرهما قام إليهما فقال: أخرجا عني، ما جاء بكما إلي، قال: قالا: إنما نكلمك

(2 / 3) وفي الرواية التوراتية الموجودة في توراة اليهود هذه الأيام أن داود عليه السلام رأى امرأة أوريا
الحثي تغتسل على سطح بيتها فأعجبته فدعاها إليه وزنى بها ثم استدعى زوجها من الحرب ليذهب
إلى بيته عندما عرف بحملها، فلما لم يرض بالذهاب إلى داره وأصر على المكوث عند باب داود
عليه السلام أرسله مع الجيش وطلب لبعض خاصته أن يقتربوا من السور مع أوريا ثم يتركوه وحده ويتراجعوا دون إعلامه كي يقتل وأنه هكذا حصل وأن ولد الزنا الذي حبلت به هذه المرأة وهي
(بتشبع) هو سليمان عليه السلام وأنه قد تزوجها بعد مقتل زوجها، وهذا افتراء على الأنبياء
والعياذ بالله نجانا الله منه ومنهم ومن كذبهم وتحريفهم الكتاب.
114

بكلام يسير، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة، وهو يريد أن يأخذها
مني، فقال داود: والله إنه أحق أن يكسر منه من لدن هذا إلى هذا - يعني من أنفه إلى
صدره - قال: فقال الرجل: فهذا داود قد فعله، فعرف داود أنه إنما يعني بذلك، وعرف
ذنبه فخر ساجدا أربعين يوما وأربعين ليلة، وكانت خطيئته مكتوبة في يده، ينظر إليها
لكيلا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه، فنادى بعد أربعين يوما:
قرح الجبين وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شئ، فنودي: أجائع فتطعم،
أو عريان فتكسى، أو مظلوم فتنصر، قال: فنحب نحبة هاج ما ثم من البقل حين لم يذكر
ذنبه، فعند ذلك غفر له، فإذا كان يوم القيامة قال له ربه: كن أمامي، فيقول: أي رب
ذنبي ذنبي، فيقول له: كن خلفي، فيقول: أي رب ذنبي ذنبي، قال: فيقول له: خذ
بقدمي، فيأخذ بقدمه.
(4) حدثنا وكيع عن مسعر عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص قال: دخل
الخصمان على داود أحدهما آخذ برأس صاحبه.
(5) حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير قال: إنما كانت فتنة
داود النظر.
(6) حدثنا داود قال حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري أن داود قال: يا
جبرائيل! أي الليل أفضل، قال: ما أدري غير أني أعلم أن العرش يهتز من السحر.
(7) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن خالد الربعي قال: أخبرت أن فاتحة الزبور
الذي يقال له زبور داود: رأس الحكمة خشية الرب.
(8) حدثنا أبو أسامة عن الفزاري عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث
عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داود: قل للظلمة لا تذكروني، فإنه حق علي أن أذكر
من ذكرني، وأن ذكري إياهم أن ألعنهم.
115

(9) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث قال:
أوحى الله إلى داود أن أحبني وأحب أحبائي وحببني إلى عبادي، قال يا رب! أحبك
وأحب أحبائك فكيف أحببك إلى عبادك، قال: اذكروني لهم فإنهم لن يذكروا مني إلا
خيرا.
(10) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن ابن أبزى قال: قال داود نبي
الله: كان أيوب أحلم الناس وأصبر الناس وأكظمهم للغيظ.
(11) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مبارك عن الحسن قال: كان داود النبي
عليه السلام يقول: (اللهم لا مرض يضنيني ولا صحة تنسيني ولكن بين ذلك.
(12) حدثنا أبو أسامة عن محمد بن سليم عن ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال:
كان لداود نبي الله عليه السلام يوم يتأوه فيه فيقول: أوه من عذاب الله، أوه من عذاب
الله، أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله، قيل: لا أوه، قال: فذكرها ذات يوم في
مجلس فغلبه البكاء حتى قام. (13) حدثنا أبو أسامة عن محمد بن سليم عن ثابت قال: كان داود نبي الله إذا ذكر
عقاب الله تخلعت أوصاله لا يشدها إلا الأسر فإذا ذكر رحمة الله رجعت.
(14) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال حدثني علقمة بن مرثد عن بريدة
قال: لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله.
(15) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول قال: كان في زبور داود أني أنا
الله لا إله إلا أنا، ملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت
الملوك عليهم رحمة، وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة، لا تشغلوا
أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم، توبوا إلي اعطف قلوب الملوك عليكم.
(16) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبزي
قال: قال داود النبي: خطبة الأحمق في نادي القوم كمثل الذي يتغنى عند رأس الميت.
116

(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الأحنف بن قيس
عن داود النبي عليه السلام قال: يا رب! إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم، وإسحاق
ويعقوب، فاجعلني يا رب لهم رابعا، قال: فأوحى الله إليه: يا داود! إن إبراهيم ألقي في
النار في شئ فصبر، وتلك بلية لم تنلك، وإن إسحاق بذل نفسه ليذبح فصبر من أجلي
فتلك بلية لم تنلك وإن يعقوب أخذت حبيبه حتى ابيضت عيناه، وتلك بلية لم تنلك.
(18) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن أبي المصعب عن أبيه عن كعب
قال: كان إذا أفطر الصائم استقبل القبلة فقال: اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من
السماء إلى الأرض - ثلاثا، وإذا طلع حاجب الشمس قال: اللهم اجعل لي سهما في كل
حسنة نزلت من السماء - ثلاثا، قال: فقيل له فقال: (دعوة داود فلينوا بها ألسنتكم
وأشعروها قلوبكم).
(19) حدثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن أبزى قال: قال
داود، نعم العون اليسار على الدين أو الغنى.
(20) حدثنا قبيصة عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن رجل عن مجاهد قال: قال
داود: يا رب! طال عمري وكبرت سني وضعف ركني، فأوحى الله إليه: يا داود! طوبى
لمن طال عمره وحسن عمله.
(3) كلام سليمان بن داود عليهما السلام
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: قال سليمان
ابن داود: كل العيش جربناه لينه وشديده فوجدناه يكفي منه أدناه.
(2) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن خيثمة قال: أتى ملك الموت سليمان بن
داود، وكان له صديقا، فقال له سليمان: مالك تأتي أهل البيت فتقبضهم جميعا وتدع أهل
البيت إلى جنبهم لا تقبض منهم أحدا، قال: ما أعلم بما أقبض منها، إنما أكون تحت
العرش فتلقى إلي صكاك فيها أسماء.

(2 / 18) قيل له: أي قيل للرسول (ص) والمقصود ذكرت له هذه الدعوة.
(3 / 1) يكفي منه أدناه: أي يكفي القليل للانسان كي يحيا في طاعة الله.
117

(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن خيثمة قال: دخل ملك الموت إلى
سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه، فلما خرج قال الرجل: من هذا؟
قال: هذا ملك الموت، قال: رأيته ينظر إلي كأنه يريدني، قال: فما تريد؟ قال: أريد أن
تحملني على الريح حتى تلقيني بالهند، قال: فدعا بالريح فحمله عليها فألقته في الهند، ثم
أتى ملك الموت سليمان فقال: أنك كنت تديم النظر إلى رجل من جلسائي؟ قال: كنت
أعجب منه، أمرت أن أقبضه بالهند وهو عندك.
(4) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان بن
داود لابنه: يا بني! كما يدخل الوتد بين الحجرين كذلك تدخل الخطيئة بين البائع
والمشتري.
(5) حدثنا أبو أسامة عن الإفريقي عن سلمان بن عامر الشيباني قال: أرأيتم سليمان
وما أوتي في ملكه فإنه لم يرفع رأسه إلى السماء حتى قبضه الله تخشعا لله.
(6) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن ابن عباس قال: كان
سليمان بن داود النبي عليه السلام لا يكلم إعظاما له، قال: فلقد فاتته العصر فما أطاق
أحد يكلمه.
(7) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن أبي الدرداء قال: مات ابن سليمان بن داود، فوجد عليه وجدا شديدا حتى
عرف ذلك فيه وفي قضائه، فبرز ذات يوم ملكان بين يديه للخصوم، فقال أحدهما: إني
بذرت بذرا حتى إذا اشتد واستحصد مر هذا به فأفسده، فقال للآخر: ما تقول؟ فقال:
صدق، أخذت الطريق فأتيت على ذرع فنظرت يمينا وشمالا، فإذا الطريق عليه فأخذت
عليه، فقال سليمان للآخر: لم بذرت على الطريق؟ أما علمت أن مأخذ الناس على
الطريق؟ فقال: يا سليمان! فلم تحزن على ابنك وأنت تعلم أنك ميت وأن سبيل الناس إلى
الآخرة.

(3 / 4) وأكثر خطايا البيع الحلف الكاذب يحلف البايع أن رأسماله كذا ثم يبيع بأقل منه ويحلف الشاري أنه
لن يشتري إلا بكذا ثم يدفع أكثر.
118

(8) حدثنا وكيع قال حدثنا مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي أن سليمان
ابن داود خرج بالناس يستسقي، فمر على نملة مستقيلة على قفاها رافعة قوائمها إلى السماء
هي تقول: اللهم إني خلق من خلقك ليس بنا غني عن رزقك، فإما أن تسقينا وإما أن
تهلكنا، فقال سليمان للناس: أرجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
(9) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: ذكر عن بعض
الأنبياء أنه قال: اللهم لا تكلفني طلب ما لم تقدره لي، وما قدرت لي به من رزق فإنني به
في يسر منك وعافية، وأصلحني بما أصلحت به الصالحين، فإنما أصلح الصالحين أنت.
(10) حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم أن نبيا من
أنبياء الله قال: من أهلك الذين هم أهلك الذين في ظل عرشك، قال: هم البرية أيديهم،
الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكروا ذكرت بهم وإذا ذكرت ذكروا
به، يسبغون الوضوء على المكاره، والذين يكلفون بحبي كما يكلف الصبي بالناس، والذين
يأوون إلى ذكري كما تأوي الطير إلى وكرها، والذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت كما
يغضب النمر إذا حرم أو قال: حرب.
(11) حدثنا عفان قال حدثنا المبارك عن الحسن عن داود النبي عليه السلام قال:
اللهم إني أسألك الاخوان والأصحاب والجيران والجلساء من إن نسيت
ذكروني، وإن ذكرت أعانوني، وأعوذ بك من الأصحاب والاخوان والجيران والجلساء من أن نسيت لم
يذكروني، وإن ذكرت لم يعينوني.
(12) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا مبارك عن الحسن أن داود النبي عليه السلام
قال: اللهم لا مرض يضنيني ولا صحة تنسيني، ولكن بين ذلك.
(13) حدثنا عفان قال حدثنا مبارك قال سمعت الحسن يقول: إن أيوب كان كلما
أصابته مصيبة قال: اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مهما تبقي نفسي أحمدك على حسن
بلائك.

(3 / 8) سبق ذكره في كتاب الدعاء.
(3 / 11) هذا الحديث موضعه في الباب الثاني من هذا الكتاب.
(3 / 12) وهذا الحديث موضعه في الباب الثاني من هذا الكتاب وقد ذكر فيه تحت رقم 2 / 11.
(3 / 13) مهما تبقي نفسي: مهما طال عمري.
119

(14) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت البناني قال: بلغنا
أن داود النبي (ص) كان جزأ الصلاة على بيوته: على نسائه وولده، فلم تكن تأتي ساعة من
الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي، فعمتهن هذه الآية * (اعملوا آل داود
شكرا وقليل من عبادي الشكور) *.
(15) حدثنا عفان قال حدثنا معاوية بن عبد الكريم عن الحسن أن داود النبي عليه
السلام قال: إلهي، لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار ما قضينا نعمة
من نعمك علي.
(16) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا الجعد أبو عثمان قال:
بلغنا أن داود قال: إلهي، ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك، قال: جزاؤه أن أؤمنه
يوم الفزع الأكبر.
(4) كلام موسى النبي عليه السلام
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا مالك بن مغول عن
الحسن أبي يونس عن هارون بن رباب قال حدثني ابن عمر عن حنظلة كاتب النبي (ص)
أن الله أوحى إلى موسى: أن قومك زينوا مساجدهم وأخرجوا قلوبهم وتسمنوا كما تسمن
الخنازير ليوم ذبحها، وأني نظرت إليهم فلعنتهم ولا أستجيب دعاءهم ولا أعطيهم
مسائلهم.
(2) حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عبيد بن
عمير أن داود سجد حتى نبت ما حوله خضراء من دموعه، فأوحى الله إليه: يا داود ما
تريد، تريد أن أزيدك في مالك وولدك وعمرك؟ قال: يا رب، هذا ترد علي -؟ فغفر له.

(3 / 14) سورة سبأ من الآية (13). (3 / 15) وقد قال تعالى: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * صدق الله العظيم سورة إبراهيم من الآية (34).
(3 / 16) يوم الفزع الأكبر: يوم الحساب والعقاب أي يوم القيامة.
(4 / 2) هذا ترد علي: ترد علي خطيئتي التي أخطأت فكأنني ما ارتكبتها أي تغفر لي، وموضع هذا الأثر في
الباب رقم (2) وليس هنا لان الباب الثاني هو كلام داود عليه السلام.
120

(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن موسى قال: يا رب
أخبرني بأكرم خلقك عليك، قال: الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه، والذي
يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي
غضب النمر لنفسه، فإن النمر إذا غضب لم يبال أكثر الناس أم قلوا.
(4) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عبيد
عن أبيه قال: قال موسى: أي رب، ذكرت إبراهيم وإسحاق ويعقوب، بم أعطيتهم ذاك،
قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني، وإن إسحاق جاد بنفسه وهو بما سواها
أجود، وإن يعقوب لم ابتله ببلاء إلا ازداد بي حسن ظن.
(5) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال موسى: أي رب، أي
عبادك أحب إليك، قال أكثرهم لي ذكرا، قال: أي عبادك أغني، قال: الراضي بما
أعطيته، قال: أي رب عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم على نفسه بما يحكم على الناس.
(6) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن
كعب قال: قال موسى: أي رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى،
أنا جليس من ذكرني، قال، يا رب، فإنا نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن
نذكرك عليها، قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائط، قال: يا موسى، اذكرني على كل
حال.
(7) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن
عبد الله بن سلام قال: قال موسى لربه: يا رب، ما الشكر الذي ينبغي لك؟ قال: لا يزال
لسانك رطبا من ذكري، قال: يا رب، إني أكون على حال أجلك أن أذكرك من
الجنابة والغائط وإراقة الماء وعلى غير وضوء قال: بلى، قال: كيف أقول، قال: قل

(4 / 3) يسرع إلى هواي: إلى طاعتي وعبادتي يكلف بعبادي الصالحين: يحبهم لله ويحب مرافقتهم ليعبد الله
معهم.
(4 / 4) إسحاق جاد بنفسه: في هذا الكلام توكيد أن الذبيح الأول أي الذي رأى إبراهيم عليه
السلام أنه يذبحه فأطاعه هو إسحاق وبه قال بعض علماء السيرة لكن الأكثر والأرجح والذي نراه
الأصوب هو أن الذبيح الأول الذي افتداه الله بذبح عظيم هو إسماعيل عليه السلام والله أعلم.
(4 / 5) أكثرهم لي ذكرا: لان من يحب الدنيا يكثر من ذكرها ومن يحب أحدا يكثر من ذكره فمن أحب
الله أكثر من الدنيا وما فيها أكثر من ذكر الله.
121

سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فاجنبني الأذى سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فقني
الأذى.
(8) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن خلف بن حوشب قال دخل
جبرائيل - أو قال: الملك - على يوسف وهو في السجن، فقال: أيها الملك الطيب الريح،
الطاهر الثياب، أخبرني عن يعقوب أو ما فعل يعقوب؟ قال: ذهب بصره، قال: ما بلغ
من حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى، قال: ما أجره؟ قال: أجر مائة شهيد.
(9) حدثنا أبو أسامة قال أخبرني الأحوص بن حكيم عن زهير بن عبد الرحمن عن
يزيد بن ميسرة وكان قد قرأ الكتب قال: إن الله أوحى فيما أوحى إلي موسى أن أحب
عبادي إلى الذين يمشون في الأرض بالنصيحة، والذين يمشون على أقدامهم إلى الجمعات،
والمستغفرون بالاسحار، أولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بعذاب ثم رأيتهم
كففت عنهم عذابي، وأن أبغض عبادي إلى الذي يقتدي بسيئة المؤمن ولا يقتدي بحسنته.
(5) كلام لقمان عليه السلام
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن مجاهد قال: كان
لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين.
(2) حدثنا وكيع عن محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال:
قال: لقمان لابنه: يا بني، لا يعجبك رحب الذراعين بالدم، فإن له عند الله قاتلا لا
يموت.
(3) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن محمد بن واسع أن لقمان كان يقول لابنه:
يا بني اتق الله، لا تر الناس أنك تخشى وقلبك فاجر.
(4) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال حدثني خالد بن ثابت الربعي - قال
جعفر: كان يقرأ الكتب - أن لقمان كان عبدا حبشيا نجارا، وأن سيده قال له: اذبح لي
شاة، قال: فذبح له شاة فقال: ائتني بأطيبها مضغتين، فأتاه باللسان والقلب، قال: فقال:

(4 / 8) وذلك لان يعقوب عليه السلام إنما شكا بثه وحزنه إلى الله تعالى وحده، سورة يوسف الآية (86).
(5 / 2) رحب الذراعين بالدم: القوي الذي يكثر من القتل.
(5 / 3) أي ليكن باطنك كظاهرك مليئا بالايمان وخشية الله.
122

ما كان فيها شئ أطيب من هذين؟ قال: لا، فسكت عنه ما سكت، ثم قال: اذبح لي
شاة، فذبح له شاة قال: ألق أخبثها مضغتين، فألقى اللسان والقلب، فقال له: قلت لك
ائتني بأطيبها، فأتيتني باللسان والقلب، ثم قلت لك: ألق أخبثها مضغتين، فألقيت اللسان
والقلب، قال: ليس شئ أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا.
(5) حدثنا شبابة عن شعبة عن سيار قال: قيل للقمان: ما حكمتك؟ قال: لا أسأل
عما كفيت ولا أتكلف ما لا يعنيني.
(6) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل المكي ومبارك عن الحسن قال: قال
لقمان لابنه: يا بني حملت الجندل والحديد فلم أر شيئا أثقل من جار سوء، وذقت المرار
كله فلم أر شيئا أمر من الفقر.
(7) حدثنا عفان قال حدثنا حاتم بن وردان قال حدثنا يونس عن الحسن قال: سأل
موسى جماعا من العمل فقيل له: انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس تصاحب الناس به.
(8) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان بن أسلم المنقري عن حبيب بن أبي
ثابت قال: كان حاجبا يعقوب قد وقعا على عينيه، فكان يرفعهما بخرقة، فقيل له: ما بلغ
بك هذا؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان، فأوحى الله إليه: يا يعقوب شكوتني؟ قال:
يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها.
(9) حدثنا سعيد بن شرحبيل عن ليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب قال:
جلست يوما إلى أبي إدريس الخولاني وهو يقص فقال: ألا أخبركم من كان أطيب الناس
طعاما، فلما رأى الناس قد نظروا إليه قال: إن يحيى بن زكريا كان أطيب الناس طعاما،
إنما كان يأكل مع الوحوش كراهة أن يخالط الناس في معايشهم.
(10) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا حبيب بن أبي عمرة عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لقد قال موسى: * (رب إني لما أنزلت إلي من خير
فقير) * وهو أكرم خلقه عليه، ولقد كان افتقر إلى شق تمرة، ولقد أصابه الجوع حتى
لزق بطنه بظهره.
(11) حدثنا إسحاق بن منصور عن محمد بن مسلم عن عثمان بن عبد الله بن أوس
قال: كان نبي من الأنبياء يدعو: اللهم احفظني بما تحفظ به الصبي.

(5 / 6) الجندل: الصخور والحجارة.
(10 / 5) سورة القصص الآية (24).
123

(6) ما ذكر عن نبينا (ص) في الزهد
(1) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن
بعض [المدنيين] عن عطاء بن يسار قال: تعرضت الدنيا للنبي (ص) فقال: (إني لست
أريدك). قالت: إن لم تردني فسيريدني غيرك.
(2) وكيع عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:
قال رسول الله (ص): (إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل الراكب قال في ظل شجرة في
يوم صائف ثم راح وتركها).
(3) أبو معاوية عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال: أخذ النبي (ص) بيدي أو
ببعض جسدي فقال لي: (يا عبد الله بن عمر! كن في الدنيا غريبا أو عابر سبيل، وعد
نفسك في أهل القبور)، قال مجاهد: وقال لي عبد الله بن عمر: إذا أصبحت فلا تحدث
نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من حياتك قبل موتك،
ومن صحتك قبل سقمك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا.
(4) وحدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي السفر عن عبد الله بن عمرو قال: مر
علي رسول الله (ص) ونحن نصلح خصا لنا فقال: (ما هذا؟ قلت، خص لنا وها
نصلحه، فقال رسول الله (ص): (ما أرى الامر إلا أعجل من ذلك).
(5) حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: سمعت
مستوردا أخا بني فهر يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: (والله ما الدنيا في الآخرة إلا
كما يضع أحدكم إصبعه في اليم ثم يرفعها فلينظر بم يرجع).

(6 / 1) [المدنيين]: أهل المدينة وفي الأصل المدينين والصواب ما أثبتناه.
(6 / 2) قال: استراح وقت القيلولة. أي أنه كالمسافر يعبر بالشئ ولا يقيم عنده وهذه حال الاحياء وإن
تعلق البعض بالدنيا إلا أنه سيغادرها شاء أم أبي لان الموت حق على جميع المخلوقات.
(6 / 3) لا تدري ما اسمك غدا: أي لا تدري هل اسمك بين الاحياء أم بين الأموات.
(6 / 4) أي أن الموت أقرب للانسان مما يتوهم ويظن.
(6 / 5) ولو جمع الماء الذي رجع به على إصبعه كله لما جاوز قطرة والحياة الدنيا ليست أكثر من قطرة في
محيط الآخرة العظيم لان الدنيا مهما طالت فهي إلى انقضاء أما الآخرة فخلود لا آخر له فإما جنة
وثواب لا نهاية له وإما عذاب وجحيم لا نهاية له.
124

(6) وكيع عن إسماعيل عن قيس عن المستورد عن النبي (ص) مثله إلا أنه لم يقل
(ثم يرفعها).
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان
أساود رسول الله (ص) الذي يتكئ عليه من أدم حشوه ليف.
(8) سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى بن جعدة قال: عاد ناس من أصحاب
رسول الله (ص) ضبابا فقالوا: أبشر أبا عبد الله ترد على محمد عليه الصلاة والسلام
الحوض، فقال: كيف بهذا وهذه أسفل البيت وأعلاه وقد قال لنا رسول الله (ص): (إنما
يكفي أحدكم من الدنيا كقدر زاد الراكب).
(9) أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: دخل معاوية على خاله أبي هاشم بن
عتبة يعوده فبكى فقال له معاوية: ما يبكيك يا خالي، أوجع يشئزك أم حرص على
الدنيا، فقال: كل لا، ولكن النبي (ص) عهد إلينا قال: يا أبا هاشم! إنها لعلها
تدرككم أموال تؤتاها أقوام، فإنما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل
الله) فأراني قد جمعت.
(10) حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن منصور عن أبي وائل عن سمرة بن سهم
قال: دخل معاوية على خاله - فذكر مثل حديث أبي معاوية، وقال: زاد فيه سفيان
الثوري بإسناده: يا ليته كان بعرا حولنا.

(6 / 7) أساود: ج غريب لوساد وهو ما يتوسده المرء أي يجعل إلى جانبه يتكئ عليه ويستند إليه.
أدم: جلد.
(6 / 8) عاد ناس خبابا: زاروه في مرضه وخباب المذكور هو خبأت بن الأرت أحد الصحابة الاعلام من
السابقين إلى الاسلام.
وهذه أسفل البيت وأعلاه: أي ما في البيت من فرش أو مؤونة.
كقدر زاد الراكب: المقصود عيش الكفاف لا يطمع في مزيد ولا يخاف من نقصان.
(6 / 9) مركب: دابة يركبها وتحمله إلى الجهاد.
قد جمعت: أي قد جمعت من هذه الأموال التي نهاني الرسول (ص) أن أجمعها.
(6 / 10) يا ليته كان بعرا حولنا: أي يا ليت هذا المال الذي جمعته لم يكن أو كان بعر إبل لا قيمة له وهذا
ندم على ما فعله من جمعه المال.
125

(11) أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أشياخه قال: دخل سعد بن أبي
وقاص على سلمان يعوده فبكى، قال: فقال له سعد: ما يبكيك أبا عبد الله؟ توفي
رسول الله (ص) وهو عنك راض، وتلقاه وترد عليه الحوض، فقال سلمان: أما إني لا أبكي
جزعا من الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله (ص) عهد إلينا فقال: (لتكن
بلغة أحدكم مثل زاد الراكب)، قال: وحولي هذه الأساودة، قال: وإنما حوله وسادة
وجفنة ومطهرة، فقال سعد: يا أبا عبد الله! عهد إلينا عهدا نأخذ به من بعدك، فقال: يا
سعد! اذكر الله عند همك إذا هممت وعند حكمك إذا حكمت وعند يدك إذا
قسمت.
(12) حدثنا ابن نمير قال حدثنا معاوية النصري عن نهشل عن الضحاك بن مزاحم
عن الأسود قال: قال عبد الله: لو أن أهل العلم صانوا علمهم ووضعوه عند أهله لسادوا به
أهل زمانهم، ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم فهانوا على أهلها، سمعت نبيكم
(ص) يقول: (من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله هم آخرته، ومن تشعبت به الهموم
وأحوال الدنيا لم يبال لله في أي أوديتها وقع).
(13) حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال: قال
رسول الله (ص): (إن الايمان إذا دخل القلب انفسح له القلب وانشرح، وذكر هذه
الآية * (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) * قالوا: يا رسول الله! وهل
لذلك من آية يعرف بها؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور،
والاستعداد للموت قبل الموت).
(14) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن
مسعود قال: تلا رسول الله (ص): * (من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) *
فقالوا: يا رسول الله! وما هذا الشرح؟ قال: (نور يقذف به في القلب فينفسح له
القلب، قال: فقيل: فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال: نعم، قيل: وما هي؟ قال:

(6 / 11) البلغة: الطعام في الوقعة الواحدة وسميت البلغة لأنه يتبلغ بها بالكاد يسد جوعه.
(6 / 12) أي من اهتم لامر الدنيا وأهمل أمر الآخرة أبعده الله عن رحمته.
(6 / 13) سورة الأنعام من الآية (125).
(دار الغرور): الدنيا وما فيها.
(دار الخلود): الآخرة.
126

الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء
الموت).
(15) أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال: قال لي النبي
(ص): (أنظر يا أبا ذر أرفع رجل تراه في المسجد، قال: فنظرت فإذا برجل عليه حلة
فقلت: هذا، قال: فقال: انظر أوضع رجل تراه في المسجد، قال: فنظرت فإذا رجل
عليه أخلاق، فقلت: هذا، فقال: هذا خير من ملء الأرض من هذا).
(16) وكيع قال حدثنا الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة عن أبي ذر عن النبي
(ص) بمثله.
(17) حدثنا أبو معاوية عن سليمان بن فروخ عن الضحاك بن مزاحم قال: أتي النبي
(ص) رجل فقال: يا رسول الله! من أزهد الناس في الدنيا؟ فقال: من لم ينس المقابر
والبلى، وترك أفضل زينة الدنيا، وأثر ما يبقي على ما يفنى، ولم يعد غدا من أيامه،
وعد نفسه من الموتى).
(18) وكيع عن جعفر بن برقان عن زياد بن جراح عن عمرو بن ميمون أن النبي
(ص) قال لرجل: (إغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وفراغك قبل
شغلك، وغناك قبل فقرك، وشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك).
(19) عبد الله بن نمير عن محمد بن إسحاق عن الصباح بن محمد الأحمسي عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص): (استحيوا من الله حق
الحياء، قال: قلنا: إنا لنستحي يا رسول الله (ص)؟ قال: ليس ذاك، ولكن من استحيا
من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، وليحفظ البطن وما وعى، وليذكر

(6 / 15) أرفع: هنا بمعنى أغنى وأعز مقاما وعشيرة.
(أوضع): أفقر. (أخلاق): ثياب بالية.
(6 / 18) اغتنم حياتك بأن تقدم بها ما يبقى لك في آخرتك.
واعمل في وقت فراغك فربما انشغلت بعد ذلك فلم تقدر على العمل. وقدم الصدقات في غناك
فربما افتقرت بعدها ولم يعد بإمكانك تقديم شئ.
وأعمل في شبابك لهرمك وفي صحتك لسقمك فإن المرء لا يعرف ما يلقى غدا وهل يلقى الغد أم
لا.
(6 / 19) الرأس وما حوى: فلا ترادده نية السوء.
البطن وما حوى: فلا يأكل ولا يشرب حراما.
127

الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله
حق الحياة).
(20) أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس أن رسول الله (ص) كانت له ناقة يقال لها
العضباء لا تسبق فجاء أعرابي على قعود فسبقها فشق على المسلمين فقالوا: يا رسول الله!
سبقت العضباء فقال رسول الله (ص): إنه حق على الله أن لا يرتفع منها شئ إلا
وضعه - يعني الدنيا.
(21) أبو الأحوص عن سماك عن النعمان بن بشير قال: سمعته يقول: ألستم في طعام
وشراب ما شئتم، لقد رأيت نبيكم (ص) ما يجد من الدقل ما يملا به بطنه.
(22) أبو أسامة قال أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي برزة قال
دخلت على عائشة فأخرجت لي إزار غليظا من الذي يصنع باليمن وكساء من هذه
الأكسية التي تدعونها الملبدة فأقسمت لي: لقبض رسول الله (ص) فيهما.
(23) عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر
عن رجل من بين سالم أو فهم أن النبي (ص) أتي بهدية، فنظر فلم يجد شيئا يجعلها فيه،
فقال: ضعه بالحضيض، فإنما هو عبد يأكل كما يأكل العبد، ويشرب كما يشرب
العبد، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء).
(24) محمد بن بشر قال حدثنا أبو معاوية قال: قال معاذ بن جبل: أي رسول الله!
أوصني، قال: (أ عبد الله كأنك تراه واعدد نفسك من الموتى، واذكر الله عند كل
حجر وشجر، وإذا عملت السيئة فاعمل بجنبها حسنة: السر بالسر والعلانية
بالعلانية).
(25) محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة قال: كان
رسول الله (ص) يقول: (أكثروا ذكر هاذم اللذات - يعني الموت.

(6 / 21) الدقل: نوع من الثمر هو في أدنى درجات الجودة والحلاوة بين أنواع الثمر وقد يطلق على سيئ
التمر صغير الحب قليل الحلاوة.
(6 / 22) الملبدة: أي التي لم ينسخ قماشها نسخها إنما طرق صوفها حتى تلبد فوق بعضهم فصار كالقماش.
(6 / 23) أي أن الدنيا أحقر عند الله تعالى من جناح البعوضة.
(6 / 25) هاذم أو في رواية هادم اللذات هو الموت فبه ينقطع الانسان عن الدنيا وما فيها وذكره يذهب
الرغبة في الزيادة من الدنيا.
128

(26) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (أكثروا ذكر هاذم اللذات) - يعني
الموت.
(27) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن علقمة بن مرثد عن ابن سابط قال: ذكر
رجل عند النبي (ص) فأحسن عليه الثناء فقال النبي (ص): (كيف ذكره للموت؟ فلم
يذكر ذلك، فقال: ما هو كما تذكرون).
(28) إسحاق بن سليمان الرازي عن ابن جعفر الرازي عن الربيع قال: قال
رسول الله (ص): (كفى بالموت مزهدا في الدنيا ومرغبا في الآخرة).
(29) حاتم بن وردان عن يونس عن الحسن عن النبي (ص) قال: (لو شاء الله
لجعلكم فقراء كلكم لا غني فيكم ولكن ابتلى بعضكم ببعض).
(30) إسحاق بن منصور قال حدثنا أبو رجاء عن محمد بن مالك عن البراء قال: كنا
مع النبي (ص) في جنازة، فلما انتهى إلى القبر جثى النبي (ص) على القبر، قال: فاستدرت
فاستقبلته، قال: فبكى حتى بل الثرى ثم قال: (إخواني! لمثل هذا فليعمل العاملون
فأعدوا).
(31) محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الملك بن عمير قال:
أخبرت أن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): (أيها الناس! إنه ليس من شئ
يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وليس شئ يقربكم من النار
ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من
نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملكم
استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته).
(32) أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال: كان رسول الله (ص) إذا ذكر أصحاب
الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء.

(6 / 27) أي طالما أنه لا يذكر الموت فهو من الذين تعلقوا بالحياة الدنيا.
(6 / 27) وكل مسؤول عما آتاه الله من مال ورزق في الدنيا وعلى قدر ما آتاه تكون شدة حسابه.
(6 / 30) أي أعدوا لآخرتكم قبل فوات الأوان بالموت فبعده حساب ولا عمل أما الدنيا فعمل ولا حساب.
129

(33) محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال حدثني أخي نعمان عن
مصعب بن سعد عن حفصة بنت عمر قال: قالت لأبيها: يا أمير المؤمنين! ما عليك لو لبست ألين من ثوبك هذا، وأكلت أطيب من طعامك هذا، قد فتح الله عليك الأرض
وأوسع عليك رزق؟ قال: سأخاصمك إلى نفسك، أما تعلمين ما كان يلقى رسول الله
(ص) من شدة العيش، وجعل يذكرها شيئا مما كان يلقى رسول الله (ص) حتى أبكاها،
قال: قد قلت لك، إنه كان لي صاحبان سلكا طريقا فإني إن سلكت غير طريقهما سلك
بي غير طريقهما، فإني والله لأشاركنهما في مثل عيشهما الشديد، لعلي أدرك معهما عيشهما
الرخي - يعني بصاحبيه النبي (ص) وأبا بكر رضي الله عنه.
(34) زيد بن الحباب قال حدثني عبد الرحمن بن شريح قال حدثني شرحبيل بن
يزيد المعافري قال: سمعت محمد بن هدية الصدفي يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول:
سمعت رسول الله (ص) يقول: (أكثر منافقي أمتي قراؤها).
(35) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير رفعه * (أن
أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * يذكر الله لرؤيتهم.
(36) خالد بن مخلد قال حدثني سعيد بن مسلم بن يانك قال: سمعت عامر بن
عبد الله بن الزبير قال: حدثني عوف بن الحارث عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص):
(يا عائشة إياك ومحقرات الاعمال فإن لها من الله طالبا).
(37) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن عمرو بن مرة زاد جرير: عن معاوية بن سويد
عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله (ص): (أوثق عرى الايمان الحب في الله
والبغض في الله).
(38) أبو خالد الأحمر عن مورق العجلي قال: قرأ رسول الله (ص) * (ألهاكم
التكاثر حتى زرتم المقابر) * قال: فقال رسول الله (ص): (ليس لك من مالك إلا ما
أكلت فأفنيت، [أ] ولبست [فأبليت] أو تصدقت فأمضيت).

(6 / 33) عيشهما الرخي أي في الآخرة والمقصود أن يكون معهما في الجنة.
(6 / 34) لأنهم يقولون ما لا يفعلون.
(6 / 35) سورة يونس الآية (62).
(6 / 36) أي أن المرء مطالب بجليل الاعمال وحقيرها.
(6 / 38) سورة التكاثر. [فأبليت] ناقصة في الأصل وأضفناها من حلية أبي نعيم.
130

(39) أبو خالد الأحمر عن حجاج عن أبي جعفر قال: قال رسول الله (ص): (أشد
الاعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، والانصاف من نفسك، والمواساة في
المال).
(40) حفص عن هشام عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (إن الله لا يقبل
عمل عبد حتى يرضى عنه).
(41) أبو أسامة عن ابن أبي عروبة عن قتادة قال: كان النبي (ص) إذا قرأ * (وإذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) * قال: (وبدئ بي في الخير، وكنت
آخر هم في البعث).
(42) يحيى بن يمان عن هشام عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (أكلفوا من
الاعمال ما تطيقون، فإن أحدكم لا يدري ما مقدار أجله).
(43) أبو خالد الأحمر عن حجاج عن مكحول قال: بلغني أن رسول الله (ص) قال:
(ما أخلص عبد أربعين صباحا إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه).
(44) محمد بن بشر [عن] محمد بن عمرو قال حدثنا صفوان بن سليم عن محمود بن لبيد
قال: لما نزلت هذه السورة على رسول الله (ص): * (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) *
حتى بلغ * (لتسألن يومئذ عن النعيم) * قالوا: أي رسول الله! عن أي نعيم نسأل، إنما هما
الأسودان: الماء والتمر، وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر، فعن أي نعيم نسأل؟ قال:
(إن ذلك سيكون).
(45) عبدة بن سليمان عن الإفريقي عن مسلم القرشي عن سعيد بن المسيب قال:
سمعته يقول: قال رسول الله (ص): (إذا أحسن العبد فألزق الله به البلاء فإن الله يريد
أن يصافيه).
(46) عبدة عن الإفريقي عن سعد بن مسعود قال: قال رسول الله (ص): (الفقر
زين المؤمن من عذار حسن على خد الفرس).

(6 / 39) المواساة في المال، أن تحسن منه للمحتاج والفقير وتصل به رحمك.
(6 / 40) ولذا لا تقبل أعمال الكفار والمشركين.
(6 / 41) سورة الأحزاب من الآية (7).
(6 / 42) إذ ربما طال أجله فلا يقدر على مداومة ما كلف نفسه من عمل.
(6 / 46) زين للمؤمنين: خير للمؤمنين وأجمل له عذار الفرس: الشعر على رقبتها يسيل على خديها.
131

(47) يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن الحسن قال: كان النبي (ص) تأخذه
العبادة حتى يخرج على الناس كأنه الشن البالي، وكان أصبح الناس، فقيل: يا رسول الله!
أليس قد غفر الله لك، قال: (أفلا أكون عبدا شكورا).
(48) أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله (ص): (إنما يدخل الله الجنة من يرجوها، وإنما يجنب النار من يخشاها، وإنما يرحم الله
من يرحم).
(49) محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل عن عامر قال: وربما قال: قال أصحابنا عن
أبي ذر قال: أوصاني خليلي بسبع: حب المساكين، وأن أدنوا منهم، وأن أنظر إلى من
أسفل مني ولا أنظر إلى من فوق، وأن أصل رحمي وإن جفاني، وأن أكثر من (لا
حول ولا قوة إلا بالله) وأن أتكلم بمر الحق لا تأخذني في الله لومة لائم، وأن لا أسأل
الناس شيئا
(50) إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي نضرة قال: أكل رسول الله (ص)
وناس من أصحابه أكلة من خبز الشعير لم ينخل بلحم، وشربوا من جدول، وقال: هذه
أكلة من النعيم، تسألون عنها يوم القيامة.
(51) وكيع عن علي بن علي بن رفاعة عن الحسن قال: كان رسول الله (ص) في
مسير له فنزل منزلا حزنا مجدبا، وأمر أصحابه فنزلوا، قال: ثم أمرهم أن يجمعوا،
فجعل الرجل يجئ بالصغير إلى الصغير والكبير إلى كبير والشئ إلى الشئ حتى جمعوا
سوادا عظيما، فقال رسول الله (ص): (هذه مثل أعمالكم يا بني آدم في الخير والشر).
(52) أبو خالد وعيسى بن يونس عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: ذكر
النبي (ص) يوم يقوم الناس لرب العالمين، قال: (يحبسون حتى يبلغ الرشح آذانهم).
(53) وكيع عن عمر بن ذر قال: قال أبي: قال رسول الله (ص): (إن الله عند
لسان كل قائل، فلينظر عبد ماذا يقول).

(6 / 48) ومن يرجوا الجنة يعمل لينالها ومن يخشى النار يترك ما نهي عنه وحرم عليه.
(6 / 51) حزنا: مرتفعا يشق صعوده على الانسان.
مثل أعمالكم، أي أن الاعمال الصغيرة تتجمع حتى تصير كالتل الكبير إن خيرا وإن شرا.
(6 / 52) الرشح: التعرق.
132

(54) عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعد الطائي أنه بلغه أن
رسول الله (ص) قال: (ما من مؤمن يطعم مؤمنا جائعا إلا أطعمه الله من ثمار الجنة،
وما من مؤمن يسقي مؤمنا على ظمأ إلا سقاه الله من رحيق مختوم، وما من مؤمن يكسو
مؤمنا عاريا إلا كساه الله من خضر الجنة).
(55) وكيع عن زياد بن أبي مسلم عن صالح أبي الخليل قال: ما رئي رسول الله (ص)
ضاحكا أو متبسما منذ نزلت * (أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون) *.
(56) وكيع عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: قال
رسول الله (ص): (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الفراغ والصحة).
(57) وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال
رسول الله (ص): (اسألوا الله علما نافعا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع).
(58) وكيع عن سفيان عن زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن قال: قال رسول الله
(ص): (لا آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا).
(59) حفص بن غياث عن هشام عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (إن الله لا
يقبل عمل عبد حتى يرضى عنه).
(60) ابن نمير قال حدثنا هشام عن الحسن قال، قال رسول الله (ص): (العلم
علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان فتلك حجة الله على عباده).
(61) حدثنا عبد الله بن نمير عن موسى بن مسلم الطحان عن عمرو بن مرة عن أبي
جعفر المدايني رفعه قال: (يا عجبا كل العجب لمصدق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور، يا عجبا كل العجب للمختال الفخور وإنما خلق من نطفه ثم يعود جيفة
وهو بين ذلك لا يدري ما يفعل به). (62) وكيع عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن الحارث أن الني عليه الصلاة
والسلام حج على رحل فاجتنح به، فقال: (لبيك إن العيش عيش الآخرة).
(63) أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن رجل من جهينة قال: قال رسول الله (ص):

(6 / 55) سورة النجم من الآيتين (59 - 60).
(6 / 56) والغبن فيهما السؤال عنهما والحساب عليهما ولم يقدم صاحبهما أمامه من العمل شيئا.
(6 / 58) أي لا رهبانية في الاسلام والرهبانية أساسها العزوبة وترك الزواج.
133

(خير ما أعطي المؤمن حلق حسن، وشر ما أعطي الرجل خلق سوء في صورة
حسنة).
(64) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: لما قدم معاذ إلى اليمن خطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: أنا رسول رسول الله إليكم أن تعبدوا الله لا تشركوا
به شيئا وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، وإنما هو الله وحده والجنة والنار، إقامة فلا ظعن
وخلود فلا موت.
(65) حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله
قال: قال رسول الله (ص): (إن الاسلام بدأ [غريبا] فطوبى للغرباء، قيل: ومن
الغرباء قال: النزاع من القبائل).
(66) عفان قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله: (إن الدين بدأ غريبا وسيعود كما كان، فطوبى
للغرباء). (67) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن إبراهيم بن المغيرة أو ابن أبي المغيرة
قال: قال رسول الله (ص): (طوبى للغرباء، قيل: ومن الغرباء؟ قال: قوم يصلحون
حين يفسد الناس).
(68) عبد الله بن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: قال رسول الله (ص): (إن
الاسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء).
(69) ابن نمير قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي (ص)
قال: (إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة
فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ويقال له: هذا مقعدك حتى
يبعثك الله يوم القيامة).
(70) علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال
رسول الله (ص) في مرضه: (ما فعلت بالذهب؟ فقلت: عندي يا رسول الله، قال: ائتني بها،

(6 / 65) النزاع من القبائل: التاركين لقبائلهم فلا يتابعوها على الشر إذا أرادته أو تنفيهم قبائلهم لذلك.
[غريبا] ناقصة في الأصل وأضفناها من سنن الدارمي.
(6 / 66) لان المسلمين المؤمنين كانوا قلة بين جمع الكفار والمشركين وسيعودون كذلك.
134

فأتيته بها، وهي ما بين الخمسة إلى التسعة فجعلها في كفه فقال بها ثم قال: ما ظن محمد
بها أن لو لقي الله وهذه عنده، أنفقيها يا عائشة).
(71) حسين بن علي وأبو أسامة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن أم
سلمة قالت: دحل على رسول الله (ص) وهو ساهم الوجه، فظننت أن ذاك من تغير،
فقلت: يا رسول الله! أراك ساهم الوجه، أمن علة؟ قال: (لا، ولكن السبعة الدنانير
التي أتينا بها أمس نسيتها في خصم الفراش فبت ولم أقسمها).
(72) محمد بن عبد الله بن الزبير عن عمر بن سعيد بن أبي حسين الملكي قال: حدثني
عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال: انصرف رسول الله (ص) من صلاة
العصر سريعا، فتعجب الناس من سرعته، فخرج إليهم فعرف الذي في وجوههم فقال:
(ذكرت تبرا في البيت عندنا فخفت أن يبيت عندنا فأمرت بقسمه).
(73) ابن نمير عن فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) أتى
فاطمة فوجد على بابها سترا، فلم يدخل قال: وقلما كان يدخل إلى بدأ بها، فجاء علي
فرآها مهمة فقال: مالك؟ قالت جاء إلي رسول الله (ص) فلم يدخل علي، فأتاه علي
فقال: يا رسول الله! إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، فقال: (وما أنا
والدنيا، أو ما أنا والرقم)، قال: فذهب إلى فاطمة فأخبرها بقول رسول الله (ص)
فقالت: قل لرسول الله (ص): ما تأمرني به؟ قال: قل لها: فلترسل به إلى بني فلان).
(74) ابن إدريس عن أشعث عن الحسن قال: جاء رسول الله (ص) إلى بيت ابنته
فاطمة فرأى سترا منشورا فرجع، قال: فأتاه علي فقال: ألم أخبرك أنك أتيت ابنتك فلم
تدخل، قال: فقال: أفلم أرها سترت بيتها بنفقة في سبيل الله، فقيل للحسن: وما كان
ذلك الستر؟ قال: قرام أعرابي [ثمنه أربعة دراهم]، كانت تنشره في مؤخر البيت.

(6 / 71) في خصم الفراش: أي سقطت مني في الفراش فلم أتنبه لها.
(6 / 72) التبر: هو خام الذهب قبل تنقيته.
(6 / 73) مهمة: مهمومة.
وفيه أن هذه الرقم أي الستائر من زينة الدنيا التي لا حاجة للانسان لها.
(6 / 74) أي كان بإمكانها أن تنفق ثمنه في سبيل الله. [ثمنه أربعة دراهم] في الأصل ثمن أربعة الدراهم والأصوب لغة ما أثبتناه.
135

(75) عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن قال: كان ثمن مروط نساء النبي
(ص) ستة ونحو ذلك.
(76) وكيع عن أسامة بن زيد عن ابن أبي لبيبة، عن سعد قال: قال رسول الله
(ص): (خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي).
(77) وكيع قال حدثنا الأعمش عن عمارة بن قعقاع عن أبي زرعة عمرو بن جرير
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا).
(78) أبو معاوية عن الأعمش عن شمر عن مغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن
عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (لا تتخذوا الضيعة لترغبوا في الدنيا)، قال
عبد الله: براذان ما براذان وبالمدينة ما بالمدينة.
(79) عن عبد الله بن نمير قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن
ابن سعد بن زرارة أن ابن كعب بن مالك حدثه عن النبي (ص) قال: (ما ذئبان جائعان
أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه).
(80) سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله (ص) وهو على المنبر: (إن أخوف ما أخاف عليكم ما
يخرج الله من نبات الأرض أو زهرة الدنيا فقام رجل فقال: يا رسول الله وهل يأتي
الخير بالشر، فسكت حتى ظننا أنه ينزل عليه وغشيه بهر وعرق، ثم قال: أين السائل ولم
يرد إلا خيرا فقال: ها أنا ولم أرد إلا خيرا، فقال: إن الخير لا يأتي إلا بالخير،
ولكن الدنيا خضرة حلوة، كلما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر،
تأكل حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت ثم بالت ثم أفاضت
فاجترت، من أخذ ما لا بحقه بورك له فيه ومن أخذ مالا بغير حقه كان كالذي
يأكل ولا يشبع).

(6 / 75) مروط: ج مرط، وهو من الأكسية.
(6 / 77) قوتا: أي كفافا، والمقصود ما يكفي لقوتهم فقط.
(6 / 78) الضيعة: البيت في البستان.
136

(81) سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير عن عبيد بسنوطا عن خولة عن النبي (ص) قال: (إن الدنيا خضرة حلوة، فمن أخذها بحقها بورك له فيها،
ورب متخوض في مال الله ومال رسوله له النار يوم القيامة).
(82) سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة وسعيد عن حكيم بن حزام قال: سألت
النبي (ص) فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: (إن هذا المال خضرة
حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له
فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى).
(83) غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن معبد الجهني هم معاوية قال: سمعت
رسول الله (ص) يقول: (إن هذا المال حلو خضر، فمن أخذه بحقه يبارك له فيه).
(84) محمد بن فضيل عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال: قام رجل ورسول الله (ص)
يخطب فقال: يا رسول الله! أكلتنا الضبع، قال: فدفعه الناس حتى وقع ثم قام أيضا فنادى
بصوته، ثم التفت إليه رسول الله (ص) فقال: (أخوف عليكم عندي من ذلك أن تصب
عليكم الدنيا صبا، فليت أمتي لا تلبس الذهب). فقلت لزيد: ما الضبع؟ قال: السنة.
(85) أبو معاوية وابن نمير ووكيع عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر
قال: انتهيت إلى النبي (ص) وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال: هم الأخسرون
ورب الكعبة، فجئت فجلست فلم أتقار أن قمت فقلت: يا رسول الله! فداك أبي وأمي،
من هم؟ قال: هم الأكثرون أموالا إلا من قال بالمال هكذا وهكذا من بين يديه
ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله).
(86) عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): (ألا أبشركم يا معشر الفقراء أن فقراء المؤمنين يدخلون
الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، خمسمائة عام).
(87) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن
مولة عن بريدة الأسلمي عن النبي (ص) قال: (يكفي أحدكم من الدنيا خادم
ومركب).

(6 / 81) وقد يتخوض في مال الله والرسول (ص) ويظن أنه غير فاعل كمن لا يدفع زكاة ماله ولا يصدق
ولا يصل أرحامه الفقراء.
(6 / 84) الضبع: السنة: السنة أي الجدب والقحط.
137

(88) محمد بن مصعب قال حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس
أن النبي (ص) مر بشاة ميتة قد ألقاها أهلها فقال: (لزوال الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها).
(89) غندر عن شعبة عن الحكم قال سمعت ابن أبي ليلي يحدث عن عبد الله بن
ربيعة قال: كان رسول الله (ص) في سفر فإذا هو بشاة منبوذة فقال: (أترون هذه هينة على
أهلها؟ قالوا: نعم، قال: الدنيا أون على الله من هذه على أهلها).
(90) أبو خالد الأحمر عن حجاج عن أبي جعفر عن جابر قال: مر رسول الله (ص)
على شاة ميتة فقال: (لم ترون ألقى هذه أهلها؟ فقالوا: يا رسول الله وهل ينتفعون بها
وقد ماتت؟ فقال: لزوال الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها).
(91) محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (يدخل الفقراء المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمسمائة
عام).
(92) عفان قال حدثنا شعبة قال حدثني موسى بن أنس قال سمعت أنسا يقول: إن
رسول الله (ص) قال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).
(93) أبو خالد الأحمر عن حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مليكة عن القاسم قال:
قالت عائشة: قلت: يا رسول الله! كيف يحشر الناس يوم القيامة؟ قال: عراة حفاة،
قلت: والنساء؟ قال، والنساء، قلت: يا رسول الله! فما يستحيي؟ قال: الامر أشد من أن
ينظر بعضهم إلى بعض).
(94) سفيان بن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس سمع النبي (ص)
يخطب وهو يقول: (إنكم ملاقوا الله مشاة حفاة عراة غرلا).
(95) يزيد بن هارون قال أخبرنا الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة بن
أسيد قال: قال أبو ذر: أيها الناس! قولوا ولا تختلفوا فإن الصادق المصدوق حدثني أن
الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج: فوج طاعمون كاسون راكبون، وفوج يمشون
ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، قال: قلنا: أما هذان فقد عرفناهما، فما

(6 / 88) وهي هينة على أهلها أي أصحابها لأنها ميتة ما عاد فيها نفع ولا فائدة ولا تباع ولا تشرى.
(6 / 94) غرلا: غير مختونين.
138

الذين يمشون ويسعون؟ قال: يلقي الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر حتى أن الرجل
ليعطي الحديقة المعجبة - بالشارف ذات القتب فما يجدها.
(96) وكيع عن شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
قام فينا رسول الله (ص) بموعظة فقال: (إنكم محشورون إلى الله حفاة غرلا * (كما
بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) * فأول الخلائق يلقى بثوب إبراهيم
خليل الرحمن، قال: ثم يؤخذ قوم منكم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي،
فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم، فأقول
كما قال العبد الصالح * (وكنت عليهم شهيدا) * إلى قوله: * (العزيز الحكيم) *. (97) أحمد بن إسحاق عن وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله: (يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين،
واثنان على بعير وثلاثة على بعير).
(98) ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص):
(من حوسب يوم القيامة عذب، قلت: أليس قال الله * (فسوف يحاسب حسابا
يسيرا) *؟ قال: ليس ذلك بالحساب، إنما ذاك العرض، من نوقش الحساب يوم
القيامة عذب).
(99) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله
(ص): قال: (يؤتى بأشد الناس كان بلاء في الدنيا من أهل الجنة، فيقول الله: اصبغوه
صبغة في الجنة، فيصبغ فيها صبغة فيقول الله: يا ابن آدم! هل رأيت بؤسا قط أو شيئا
تكرهه؟ فيقول: لا وعزتك، ما رأيت شيئا أكرهه قط، ثم يؤتى بأنعم الناس في
الدنيا من أهل النار فيقول: اصبغوه صبغة في النار، فيصبغ فيها فيقول: يا ابن آدم!
هل رأيت قط قرة عين؟ فيقول: لا وعزتك ما رأيت خيرا قط).
(100) إسحاق بن منصور قال حدثنا جعفر عن موسى الجهني عن رجل
من ثقيف عن أنس قال: كنت أخدم النبي (ص) فقال لي يوما: (هل عندك شئ

(6 / 95) على الظهر: أي على الدواب التي تتخذ ظهرا أي للركوب كالإبل والخيل والحمير وما شابه.
(6 / 96) * (كما بدأنا أول خلق) * سورة الأنبياء الآية (104).
* (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) * سورة المائدة الآية (117).
(6 / 98) سورة الانشقاق الآية (8).
139

تطعمنا)؟ قلت: نعم يا رسول الله! فضل من الطعام الذي كان أمس، قال: ألم أنهك
أن تدع طعام يوم لغد).
(101) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: ما شبع رسول الله (ص) ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله.
(102) أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن القعقاع عن القاسم قال: قالت عائشة:
إن كنا لنمكث الشهر أو نصف الشهر ما يدخل بيننا نار لمصباح ولا لغيره، فقلت: بأي
شئ كنتم تعيشون، قالت: بالأسودين: الماء والتمر، وكان لنا جيران من الأنصار جزاهم
الله خيرا لهم منائح فربما بعثوا إلينا من ألبانها.
(103) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن بعض المدنيين عن عطاء بن يسار قال:
تعرضت الدنيا للنبي (ص) فقال: (إني لست أريدك)، قالت: أن لم تردني فسيردني
غيرك).
(104) وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس قال قال رسول الله (ص): (فضل
العلم خير من فضل العبادة، وملاك دينكم الورع).
(105) أبو خالد الأحمر عن أبي الفضل عن الشعبي عن عائشة قالت: قلت: يا
رسول الله! أتذكرون أهاليكم يوم القيامة؟ فقال: (أما عند ثلاث فلا: عند الكتاب
وعند الميزان وعند الصراط).
(106) أبو خالد الأحمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت:
يا رسول الله! أين تأمرني؟ قال: ها هنا - وقال - وقال بيده نحو الشام - إنكم محشورون رجالا
وركبانا وتحشرون على وجوهكم).
(107) محمد بن فضيل عن هارون بن أبي وكيع عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية
* (اليوم أكملت لكم دينكم) * قال: يوم الحج الأكبر، قال: فبكى عمر، فقال له رسول الله
(ص): ما يبكيك؟ قال: يا رسول الله! أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فإما إذا كمل
فإنه لم يكمل قط شئ إلا نقض، قال: صدقت).

(6 / 101) خبز بر: خبز قمح وكان أكثر طعام الرسول (ص) خبز الشعير.
(6 / 102) منائح ج. منيحة وهي الشاة أو الناقة يمنح لبنها وتبقى هي ملكا لصاحبها.
(6 / 105) أي عند هذه الثلاث لا تسأل الوالدة عن ولدها. (6 / 107) سورة المائدة من الآية (3).
140

(108) ابن فضيل عن العلاء بن المسيب عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (ما
من قطرتين أحب إلى الله من قطرة في سبيله، أو من قطرة دموع قطرت من عين
رجل قائم في جوف الليل من خشية الله، وما من جرعتين أحب إلى الله من جرعة
محزنة موجعة ردها صاحبها بحسن صبر وعزاء، أو جرعة غيظ كظم عليها).
(109) يحيى بن يمان عن هشام عن الحسن قال: كانت العبادة تأخذ النبي (ص)
فخرج على أصحابه كأنه شن بال.
(110) عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (مثل المؤمن مثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن
يصيبه بلاء، ومثل الكافر مثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تتحصد).
(111) عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر قالا حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن سعد بن
إبراهيم قال حدثني كعب بن مالك عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): (مثل المؤمن
كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ومثل الكافر
كمثل الأرزة المجذبة على أصلها، لا يفيئها شئ حتى يكون انجعافها مرة واحدة).
(112) عبد الله بن إدريس عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال:
قال رسول الله: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا).
(113) غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: مثل
المؤمن كمثل النحلة تأكل طيبا وتضع طيبا.
(114) أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال
رسول الله (ص): (المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر جسده
بالحمى والسهر).
(115) علي بن إسحاق عن ابن مبارك عن مصعب بن ثابت قال حدثني أبو حازم
قال: سمعت سهل بن سعد يحدث عن النبي (ص) قال: (المؤمن من أهل الايمان
بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الايمان كما يألم الجسد لما في الرأس).

(6 / 108) قطرة في سبيله: قطرة دم تهراق في سبيل الله.
(6 / 109) الشن: وعاء من جلد قديم لحفظ الماء.
(6 / 111) انجعافها: قطعها وانكسارها.
(6 / 112) هي تأكل الأريج وتضع العسل.
141

(116) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك عن النعمان بن بشير عن
النبي (ص) قال: (مثل المؤمن كمثل الجسد إذا ألم بعضه تداعى لذلك كله).
(117) يزيد بن هارون عن محمد بن طلحة عن محمد بن جحادة عن الحسن قال: قال
رسول الله (ص): (لا يرفع عبد نفسه إلا وضعه الله ولا يضع عبد نفسه إلا رفعه الله).
(118) حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال: قال
لي رسول الله (ص): (إقرأ على القرآن، قال: قلت: يا رسول الله! اقرأ عليك وعليك
أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري)، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت
* (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * رفعت رأسي أو
غمزني رجل إلى جنبي فرأيت دموعه تسيل.
(119) زيد بن حباب قال أخبرني معاوية بن صالح قال حدثني عمرو بن قيس عن
عبد الله بن بسر أن أعرابيا قال لرسول الله (ص): أي الناس خير؟ قال: (من طال
عمره وحسن عمله).
(120) وكيع عن كثير بن زيد عن الحارث بن أبي يزيد عن جابر بن عبد الله قال:
قال رسول الله (ص): (إن من سعادة مرء أن يطول عمره ويرزقه الله الإنابة إليه).
(121) جعفر بن عون عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (خيركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا).
(122) حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن طلحة عن
عبد الله بن شداد قال: جاء ثلاثة رهط من بني عذرة إلى النبي (ص) فأسلموا، قال: فقال
النبي (ص): من يكفيني هؤلاء؟ قال: فقال طلحة: أنا، قال: فكانوا عندي، قال:
فضرب على الناس بعث، قال: فخرج أحدهم فاستشهد، ثم ضرب بعث فخرج الثاني فيه
فاستشهد قال: وبقي الثالث حتى مات مريضا على فراشه، قال طلحة: فرأيت في النوم
كأني أدخلت الجنة فرأيتهم أعرفهم بأسمائهم وسيماهم، قال: فإذا الذي مات على فراشه
دخل أولهم، وإذا الثاني من المستشهدين على أثره، وإذا أولهم آخرهم، قال فدخلني من

(6 / 118) سبق ذكره وشرحه في كتاب فضائل القرآن.
(6 / 119) لان حسناته تزداد وترتفع درجاته.
(6 / 122) من يكفيني هؤلاء: أي من يحمل مؤنتهم ومؤنة ضيافتهم عني.
دخلني من ذلك: داخلني الريب في رؤياي.
142

ذلك، قال: فأتيت النبي (ص) فذكرت ذلك له فقال النبي (ص): (ليس أحد عند الله
أفضل من معمر يعمر في الاسلام لتهليله وتكبيره وتسبيحه وتحميده).
(123) الفضل بن دكين عن زهير عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن
أبيه قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: أي الناس أفضل؟ قال: (من طال عمره
وحسن عمله)، قال: أي الناس شر؟ قال: (من طال عمره وساء عمله).
(124) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن
ربيعة عن عبيد بن خالد السلمي قال: آخى رسول الله (ص) بين رجلين، فقتل أحدهما
والآخر بعده، فصلينا عليه، فقال رسول الله (ص): ما قلتم؟ قالوا: دعونا الله له (اللهم
ألحقه بصاحبه قال رسول الله (ص): (فأين صلاته بعد صلاته وصيامه بعد صيامه وأين
عمله بعد عمله - وشك في الصوم - والعمل الذي بينهما كما بين السماء والأرض).
(125) ابن علية عن أيوب عن عكرمة قال: قال العباس لأعلمن ما بقي رسول الله
(ص) فينا فقفت: يا رسول الله لو اتخذت عريشا فكملت الناس، فإنهم قد آذوك، قال: (لا
أزال بين أظهرهم يطأون عقبي وينازعوني ردائي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله يريحني
منهم).
(126) يحيى بن بكير قال أخبرنا مسلم بن سعد الواسطي عن منصور بن زادان عن
الحسن قال: كان رسول الله (ص) يؤاسي الناس بنفسه حتى جعل [يرقع] إزاره بالأدم،
وما جمع بين عشاء وغداء ثلاثة أيام ولا حتى قبضه الله.
(127) أبو خالد الأحمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت
يا رسول الله! هذا ديننا؟ قال: هذا دينكم، وأينما تحسن يكفك).
(128) يحيى بن بكير قال حدثنا زهير بن محمد عن خالد بن سعيد عن المطلب بن
حنطب أن رسول الله (ص) قال: (من قال، قبح الله الدنيا، قالت الدنيا: قبح الله أعصانا
له).

(6 / 126) [يرقع] إزاره بالأدم أي بالجلد كي لا يتمزق لكثرة شد الناس لثوبه، وفي الأصل [يرفع] وهو
تصحيف واضح والصحيح ما أثبتناه.
(6 / 127) أينما تحسن يكفك: أي أنت أحسنت في الصلاة فأكثرت من النوافل، أو أحسنت في الزكاة فأكثرت
من الصدقات أو أحسنت في الصيام فأكثرت من صيام التطوع فكله خير.
(6 / 128) والانسان أعصى المخلوقات لله تعالى لأنه يجعل لله ندا أو يهمل الطاعات أو يكثر من الخطايا أما
الدنيا فهي مطيعة لامر الخالق عز وجل.
143

(129) يحيى بن يمان عن سفيان عن نسطاس عن سعيد المقبري أن النبي (ص) قال:
(خير الناس من يرجي خيره ويؤمن شره، وشر الناس من لا يرجى خيره ولا يؤمن
شره).
(7) كلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه
(1) حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الله القرشي عن
عبد الله بن عكيم قال: خطبنا أبو بكر فقال: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تثنوا
عليه بما هو له أهل، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الالحاف بالمسألة، فإن الله أثني
على زكريا وعلى أهل بيته فقال: * (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا
ورهبا وكانوا لنا خاشعين) * ثم اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ
على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم لا
تفني عجائبه ولا يطفأ نوره فصدقوا قوله، وانتصحوا كتابه، واستبصروا فيه ليوم
الظلمة، فإنما خلقكم للعبادة، ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون، ثم اعلموا
عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استعطتم أن تنقضي
الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في مهل آجالكم
قبل أن تنقضي آجالكم فيردكم إلى أسوأ أعمالكم، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا
أنفسهم فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم فالوحاء الوحاء والنجاء النجاء، فإن وراءكم طالبا حثيثا
مره سريع.
(2) أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك قال: رأى أبو بكر الصديق طيرا واقعا على
شجرة فقال: طوبى لك يا طير والله لوددت أني كنت مثلك، تقع على الشجرة وتأكل من
الثمر ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب، والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب
الطريق مر علي جمل فأخذني فادخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن
بشرا.

(7 / 1) سورة الأنبياء الآية (90).
مره: مروره.
(7 / 2) لاكني: مضغني.
144

(3) عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد قال: لما حضرت أبا
بكر الوفاة أرسل إلى عمر فقال: إني موصيك بوصية إن حفظتها: أن لله حقا في الليل لا
يقبله في النهار، وأن لله حقا في النهار لا يقبله في الليل، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى
الفريضة، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا
وخفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا، وإنما ثقلت موازين
من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقله عليهم، وحق لميزان لا يوضع
فيه يوم القيامة إلا الحق أن يكون ثقيلا، ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بصالح ما عملوا،
وتجاوز عن سيئاتهم، فيقول القائل: ألا بلغ هؤلاء، وذكر أهل النار بسئ ما عملوا، ورد
عليهم صالح ما عملوا، فيقول القائل: أنا خير من هؤلاء، وذكر آية الرحمة وآية العذاب،
فيكون المؤمن راغبا راهبا، ولا يتمنى على الله غير الحق، ولا يلقي بيديه إلى التهلكة، فإن
أنت حفظت قولي هذا فلا يكن غائب أحب إليك من الموت ولا بد لك منه، وإن أنت
ضيعت قولي هذا فلا يكن غائب أبغض إليك منه ولن تعجزه.
(4) وكيع قال حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن رافع
ابن أبي رافع قال: رافقت أبا بكر وكان له كساء فدكي يخله عليه إذا ركب، ونلبسه أنا
وهو إذا نزلنا، وهو الكساء الذي عيرته به هوازن، فقالوا: إذا الخلال نبايع بعد رسول الله
(ص)؟.
(5) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم قال: لما نزلت
* (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم
للتقوى) * قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله (ص)! لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى
ألقى الله.
(6) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: كان أبو
بكر يخطبنا فيذكر بدأ خلق الانسان فيقول: خلق من مجرى البول من نتن، فيذكر حتى
يتقذر أحدنا نفسه.
(7) وكيع عن مسعر عن ابن عون عن عرفجة السلمي قال: قال أبو بكر: ابكوا فإن
لم تبكوا فتباكوا.

(7 / 3) لن تعجزه: لن تستطيع الفرار منه لان الموت حق على كل مخلوق.
(7 / 4) يخله عليه: أي يجعل الكساء تحته كالرحال إذا ركب دابة.
(7 / 5) سورة الحجرات الآية (3).
145

(8) أبو أسامة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن أبي موسى قال: قال
عمرو بن العاص: والله لئن كان أبو بكر وعمر تركا هذا المال وهو يحل لهما شئ منه،
لقد غبنا ونقص رأيهما، وأيم الله ما كانا بمغبونين ولا ناقصي الرأي، ولئن كانا امرأين
يحرم عليهما من هذا المال الذي أصبنا بعدهما لقد هلكنا، وأيم الله ما الوهم إلا من قبلنا.
(9) جرير عن منصور عن مجاهد قال: قام أبو بكر خطيبا فقال: أبشروا فإني أرجوا
أن يتم الله هذا الامر تشبعوا من الزيت والخبز.
(10) عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن مالك عن أبي السفر قال: دخل على أبي بكر
ناس من إخوانه يعودونه في مرضه فقالوا: يا خليفة رسول الله (ص)! ألا ندعوا لك طبيبا
ينظر إليك، قال: قد نظر إلي، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: قال: إني فعال لما يريد.
(11) خالد بن حيان عن جعفر بن برقان عن ميمون قال: أتي أبو بكر بغراب وافر
الجناحين فقال: ما صيد من صيد ولا عضد من شجر إلا بما ضيعت من التسبيح.
(8) كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن أسلم مولى عمر قال:
لما قدمنا مع عمر الشام أناخ بعيره وذهب لحاجته فألقيت فروتي بين شعبتي الرحل، فلما
جاء ركب على الفرو، فلقينا أهل الشام يتلقون عمر فجعلوا ينظرون فجعلت أشير لهم
إليه، قال: يقول عمر: تطمح أعينهم إلى مراكب من لا خلاق له - يريد مراكب العجم.
(2) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: لما قدم عمر الشام استقبله الناس وهو على
بعيره فقالوا: يا أمير المؤمنين! لو ركبت برذونا يلقاك عظماء الناس ووجوههم، قال:
فقال عمر ألا أراكم ها هنا، إنما الامر من ههنا، وأشار بيده إلى السماء - خلوا سبيل جملي.
(3) أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وهو آخذ برأس بعيره يخوض الماء فقالوا
له: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال: قال: فقال عمر:
إنا قوم أعزنا الله بالاسلام فلن نلتمس العز بغيره.

(7 / 10) أي أن الشافي هو الله وحده سبحانه.
(8 / 1) أي أنهم استغربوا أن يركب أمير المؤمنين الذي يحكم البلاد الواسعة هذا المركب الخشن وانتظروا
أن يروه في أبهة كأبهة ملوك فارس أو قياصرة الروم.
146

(4) محمد بن فضيل عن الأعمش عن شقيق قال: كتب عمر: أن الدنيا خضرة حلوة، فمن أخذها بحقها كان قمنا أن يبارك له فيها، ومن أخذها بغير ذلك كان
كالآكل الذي لا يشبع.
(5) عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما
أتي عمر بكنوز آل كسرى فإذا من الصفراء والبيضاء ما يكاد أن يحار منه البصر، قال:
فبكى عمر عند ذلك، فقال عبد الرحمن: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ إن هذا اليوم يوم
شكر وسرور وفرح، فقال عمر: ما كثر هذا عند قوم إلا ألقى الله بينهم العداوة
والبغضاء.
(6) أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: رأيت بين كتفي عمر
أربع رقاع في قميصه.
(7) عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن أبي بردة قال: كتب عمر إلى أبي موسى: أما بعد! إن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته، وإن أشقى
الرعاة عند الله من شقيت به رعيته، وإياك أن ترتع فيرتع عمالك، فيكون مثلك عند الله
مثل البهيمة، نظرت إلى خضرة من الأرض فرتعت فيها تبتغي بذلك السمن، وإنما حتفها
في سمنها، وعليك السلام.
(8) عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن قال: قال عمر: الرعية مؤدية إلى
الامام ما أدى الامام إلى الله، فإذا رتع رتعوا.
(9) عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن إبراهيم عن محمد بن شهاب قال:
قال عمر: لا تعترض فيما لا يعينك واعتزل عدوك واحتفظ من خليلك إلا الأمين فإن
الأمين من القوم لا يعادله شئ، ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تفش إليه
سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله.

(8 / 4) لان طالب الدنيا لا يشبع وكلما طال منها طلب الزيادة.
(8 / 5) أي ما كثر المال في القوم إلا تقاتلوا في سبيله وتصارعوا عليه.
(8 / 7) حتفها في سمنها لان بهيمة الأنعام متى سمنت ذبحها أهلها ومتى تلهى الحاكم بالمال وخيراته نسي
آخرته وكان مصيره إلى النار.
(8 / 8) لان الامام قدوة للرعية والناس على دين ملوكهم.
147

(10) مروان بن معاوية عن محمد بن سوقة قال: أتيت نعيم بن أبي هند فأخرج ألي
صحيفة فإذا فيها (من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب: سلام
عليك أما بعد، فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم وأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة
أحمرها وأسودها، يجلس بين يديك الشريف والوضيع والعدو والصديق، وبكل حصة من العدل فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر، فإنا نحذرك يوما تعنوا فيه الوجوه، وتحف فيه
القلوب، وتقطع فيه الحجج يملك قهرهم بجبروته والخلق داخرون له، يرجون رحمته
ويخافون عقابه، وإنا كنا نحدث أن أمر هذه الأمة سيرجع إلى آخر زمانها: أن يكون
إخوان العلانية أعداء السريرة، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا إليك سوى المنزل الذي
نزل من قلوبنا، فإنا كتبنا به نصيحة لك والسلام عليك، فكتب إليهما: من عمر بن
الخطاب، إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل سلام عليكما أما بعد، فإنكما كتبتما إلي تذكران
أنكما عهد تماني وأمر نفسي لي مهم وأني قد أصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها
وأسودها، يجلس بين يدي الشريف والوضيع والعدو والصديق، ولكل حصة من ذلك،
وكتبتما فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر: وأنه لا حول ولا قوة عند ذلك لعمر إلا
بالله، وكتبتما تحذراني ما حذرت به الأمم قبلنا، وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال
الناس، يقربان كل بعيد ويبليان كل جديد ويأتيان بكل موعود حتى يصير الناس إلى
منازلهم من الجنة والنار، كتبتما تذكران أنكما كنتما تحدثان أن أمر هذه الأمة سيرجع في
آخر زمانها: أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة، ولستم بأولئك، ليس هذه بزمان
ذلك، وأن ذلك زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة، تكون رغبة بعض الناس إلى بعض
لصلاح دنياهم، ورهبة بعض الناس من بعض، كتبتما به نصيحة تعظاني بالله أن أنزل
كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما، وأنكما كتبتما به وقد صدقتما فلا تدعا الكتاب
إلي فإنه لا غنى بي عنكما والسلام عليكما.
(11) ابن فضيل عن ليث عن سليم بن حنظلة عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول:
اللهم إني أعوذ بك أن تأخذني على غرة، أو تذرني في غفلة، أو تجعلني من الغافلين.
(12) أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن يسار بن نمير قال: والله ما نخلت لعمر
الدقيق قط إلا وأنا له عاص.

(8 / 10) إخوان العلانية أعداء السريرة: أي يظهرون المحبة والصداقة يضمرون العداوة والبغضاء.
(8 / 12) أي أنه كان يحب أن يجعن خبزه غير منخول الدقيق لأنه كان يعد نخل الدقيق نوعا من الترف
والرغبة في الدنيا وهو عنها راغب.
148

(13) حدثنا وكيع عن هشام بن أبي عروة عن أبي الليث الأنصاري قال: قال عمر:
املكوا العجين فهو أحد الطحنين.
(14) محمد بن مروان عن يونس قال: كان الحسن ربما ذكر عمر فيقول: والله ما
كان بأولهم إسلاما ولا بأفضلهم نفقة في سبيل الله، ولكنه غلب الناس بالزهد في الدنيا
والصرامة في أمر الله، ولا يخاف في الله لومة لائم.
(15) عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا مالك بن دينار عن الحسن قال:
ما ادهن عمر حتى قتل إلا بسمن أو أهالة أو زيت مقتت.
(16) عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا هشام عن الحسن قال: كان عمر
ابن الخطاب يمر بالآية في ورده فتخنقه فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد، يحسبونه
مريضا.
(17) ابن علية عن يونس عن الحسن قال: كان عمر يمشي في (طريق ومعه
عبد الله بن عمر فرأى جارية مهزولة تطيش مرة وتقوم أخرى، فقال: ها بؤس لهذه هاء،
من يعرف تياه، فقال عبد الله: هذه والله إحدى بناتك، قال: بناتي؟ قال: نعم، قال: من
هي؟ قال: بنت عبد الله بن عمر، قال: ويلك يا عبد الله بن عمر، أهلكتها هزلا، قال:
ما نصنع! منعتنا ما عندك، فنظر إليه فقال: ما عندي؟ عزك أن تكسب لبناتك كما
تكسب الأقوام؟ لا والله مالك عندي إلا سهمك مع المسلمين.
(18) وكيع عن جعفر بن برقان عن رجل لم يكن يسميه عن عمر بن الحطاب أنه
قال في خطبته: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا
للعرض الأكبر، يوم تعرضون لا يخفى منكم خافية.
(19) محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة قال: قال سعد: أما
والله ما كان بأقدامنا إسلاما ولا أقدمنا هجرة ولكن قد عرفت بأي شئ فضلنا كان
أزهدنا في الدنيا - يعني عمر بن الخطاب.

(8 / 13) والطحن الثاني هو الاجل أي أن الأكل الرغيد كالعمل السيئ يباعد بين الانسان وبين ربه.
(8 / 15) زيت مقتت: غير صاف ولا مصفى.
(8 / 18) وتزين للعرض الأكبر هو بصالح الاعمال وعدم الاقبال على الدنيا لان العرض الأكبر هو يوم
الحساب.
149

(30) أبو خالد الأحمر وابن إدريس وابن عيينة عن ابن عجلان عن بكير بن
عبد الله بن الأشج عن معمر بن أبي حبيبة عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: قال
عمر: إن العبد إذا تواضع لله رفع الله حكمته، وقال: انتعش نعشك الله، فهو في نفسه
صغير وفي أنفس الناس كبير، وإن العبد إذا تعظم وعدا طوره رهصه الله إلى الأرض
وقال اخسأ أخساك الله، فهو في نفسه كبير وفي أنفس الناس صغير حتى لهو أحقر عنده
من خنزير.
(21) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: لما نفر عمر
كوم كومة من تراب ثم بسط عليها ثوبة واستلقى عليها.
(22) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن مصعب بن محمد عن رجل من غفار
عن أبيه قال: أقبلت بطعام أحمله من الجار على إبل من إبل الصدقة فتصفحها عمر
فأعجبه بكر فيها، قلت: خذه يا أمير المؤمنين، فضرب بيده على كتفي وقال: والله ما أنا
بأحق به من رجل من بني غفار.
(23) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان قال: كان بين
يدي عمر صحفة فيها خبز مفتوت فيه، فجاء رجل كالبدوي، قال: فقال: كل، قال:
فجعل يتبع باللقمة الدسم في جانب الصحفة، فقال عمر: كأنك مقفر، فقال: والله ما
ذقت سمنا ولا رأيت له آكلا، فقال عمر: والله لا أذوق سمنا حتى يحيا الناس من أول
ما يحيون.
(24) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قال عمر:
جالسوا التوابين فإنهم أرق شئ أفئدة.
(25) عبدة بن سليمان عن مسعر عن حبيب عن يحيى بن جعدة قال: قال عمر: لولا
أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبيني لله في التراب، أو أجالس قوما يلتقطون طيب
الكلام كما يلتقط التمر، لأحببت أن أكون قد لحقت بالله.

(8 / 22) الجار: بلد على ساحل البحر مقابل المدينة المنورة.
البكر: البعير الفتي القوي.
(8 / 23) حتى يحيا الناس من أول ما يحيون: أي حتى يكون السمن أول طعاما يذوقونه أي حتى يعم الرخاء،
وقد اسود لونه رضي الله عنه لاكتفائه بالخبز والزيت.
150

(26) وكيع قال حدثنا الأعمش عن شيخ قال: قال عمر: من أراد الحق فلينزل
بالبراز - يعني يظهر أمره.
(27) حسين بن علي عن زائدة عن التيمي عن أبي عثمان قال: قال عمر: الشتاء غنيمة
العابد.
(28) يزيد بن هارون قال حدثنا أشرس أبو شيبان قال: حدثنا عطاء الخراساني
قال: قال احتبس عمر بن الخطاب على جلسائه فخرج إليهم من العشي فقالوا: ما
حبسك؟ فقال: غسلت ثيابي، فلما جفت خرجت إليكم.
(29) وكيع عن سفيان قال: كتب عمر إلى أبي موسى: إنك لن تنال الآخرة بشئ
أفضل من الزهد في الدنيا.
(30) سفيان بن عيينة عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: قدم على عمر
ناس من أهل العراق فرأى كأنهم يأكلون تعذيرا فقال: ما هذا يا أهل العراق؟ لو شئت
أن يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت، ولكنا نستبقي من دنيانا كما نجده في آخرتنا، أما
سمعتم الله قال: * (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) *.
(31) أبو أسامة قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قدم عمر الشام كان
قميصه قد تجوب عن مقعده، قميص سنبلاني غليظ، فأرسل به إلى صاحب أذرعات أو
أبلة، قال: فغسله ورقعه وخيط له قميص قطري، فجاء بهما جميعا فألقى إليه القطري،
فأخذه عمر فمسه فقال: هذا ألين، فرمي به إليه وقال: ألق إلى قميصي، فإنه أنشفهما
للعرق.

(8 / 26) أي لا يأتي بعمل سرا وهو يخشى افتضاحه.
(8 / 27) إذ لا يخرج فيه للعمل فيقضي وقته في العبادة ويقصر نهاره فيسهل صيامه ولا حر فيه ولا مشقة.
(8 / 28) أي لم يكن يملك ثوبا آخر ليرتديه إذا غسل ثوبه.
(8 / 30) تعذيرا: لعل المقصود العذيرة، وهو طعام يتخذ من فريك السنبل والحليب وإلا فالمعنى واضح
وهو مشتق من العذرة والمقصود طعاما خليطا.
يدهمق اللحم: يقطعه ويدهمق الطحين يدققه ويلينه.
ويدهمق الطعام: هنا يجوده لان دهمق من الأفعال التي تحمل المعنى وضده ويفهم معناها المقصود
من مضمون العبارة كلها لان دهمق الطعام أساء صنعه أيضا وهو غير المقصود ها هنا.
والآية من سورة الأحقاف (20).
(8 / 31) تجوب: صار كأنه جوبة والجوبة الحفرة أو كل منفتق يتسع والمقصود قد تفتق خياطه أو تهرأ قماشه
أو شق في موضع المقعدة وذلك لركوبه البعير بغير رحل أو برحل غليظ.
151

(32) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد عن عاصم بن عمر قال: كان
عمر يقول: يحفظ الله المؤمن، كان عاصم بن ثابت بن الأفلح نذر أن لا يمس مشركا ولا
يمسه مشرك، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منهم في حياته.
(33) وكيع عن سفيان الربيع بن بزيع قال: سمعت ابن عمر قال: كان عمر بن
الخطاب يؤتى بخبزه ولحمه ولبنه وزيته وبقله وخله فيأكل ثم يمص أصابعه ويقول هكذا
فيمسح يديه بيديه ويقول: هذه مناديل آل عمر.
(34) معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي مليح قال: قال
عمر: ما الدنيا في الآخرة إلا كنفجة أرنب.
(35) أبو أسامة قال حدثنا وديعة الأنصاري قال: قال عمر: لا تعترض لما لا يعنيك
واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين من الأقوام، ولا أمين إلا من خشي الله، ولا تصحب الفاجر فتعلم من فجوره ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون
الله.
(36) وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية قال: قال عمر: في العزلة راحة من
خلطاء السوء.
(37) أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب قال: قدم أناس من العراق على عمر
وفيهم جرير بن عبد الله قال: فأتاهم بجفنة قد صنعت بخبز وزيت، قال: فقال لهم: قد
رأى ما تقرمون إليه، فأي شئ تريدون حلوا وحامضا وحاربا وباردا وقذفا في البطون.
(38) أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب عن بعض أصحابه عن عمر أنه دعي إلى
طعام فكانوا إذا جاءوا بلون خلطه بصاحبه.
(39) شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر
قال: رأيت عمر بن الخطاب أخذ تبنة من الأرض فقال: ليتني هذه التبنة، ليتني لم أك
شيئا، ليت أمي لم تلدني، كنت نسيا منسيا.

(8 / 34) النفجة: الوثبة ووثبة الأرنب قصيرة المدى بالمقارنة مع الفرس أو البعير مثلا والمقصود أن مدة
الحياة الدنيا قصيرة جدا بالمقارنة مع الآخرة حيث خلود فلا موت.
152

(40) شبابة قال حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله بن عامري عن ابن
عمر قال: كان رأس عمر على حجري فقال: ضعه لا أم لك، ثم قال: ويلي ويل أم عمر
إن لم يغفر لي ربي.
(41) يحيى بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن حجير بن ربيع، قال:
قال عمر: إن الفجور هكذا - وغطي رأسه إلى حاجبيه، ألا إن البر هكذا - وكشف
رأسه.
(42) عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال: قال ثابت: قال أنس: غلا الشعير غلا
الطعام بالمدينة على عهد عمر، فجعل يأكل الشعير فاستنكره بطنه، فأهوى بيده إلى بطنه
فقال: والله ما هو إلا ما ترى حتى يوسع الله على المسلمين.
(43) معاوية عن هشام عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كنت: أمشي
مع عمر بن الخطاب فرأى تمرة مطروحة فقال: خذها، قلت: وما أصنع بتمره؟ قال: تمرة
وتمرة حتى تجتمع، فأخذتها فمر بمربد تمر فقال: ألقها فيه.
(44) عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال: خرجت مع عمر
فما رأيته مضطربا فسطاطا حتى رجع، قال: قلت: بأي شئ كان يستظل؟ قال: يطرح
النطع على الشجرة يستظل به.
(45) وكيع عن أسامة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن قال: قال عمر: لو
هلك حمل من ولد الضان ضياعا بشاطئ الفرات خشيت أن يسألني الله عنه
(64) علي بن مسهر عن الشيباني عن بشير بن عمرو قال: لما أتي عمر بن الخطاب
الشام أتي ببرذون فركب عليه، فلما هزه نزل عنه وضرب وجهه وقال: قبحك الله وقبح من
علمك هذا.

(8 / 40) أي أنه رضي الله عنه قد اعتبر نومه على حجر ابنه نوعا من نعيم الدنيا وترف لا ضرورة له.
(8 / 41) أي غطى رأسه بغطاء رأسه.
(8 / 42) الطعام: القمح.
استنكره بطنه: لم تحتمله معدته.
(8 / 43) المربد: مكان جمع تمر وحفظه.
(8 / 44) الفسطاط: خيمة كبيرة واسعة
ومضطربا: قد ضربه أي نصبه واستظل من الشمس داخله.
(8 / 46) لان في هملجة البرذون إثارة للكبر والاعجاب بالنفس.
153

(47) يحيى بن عيسى عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: دخلت على
عمر وهو قاعد على جذع في داره وهو يحدث نفسه فدنوت منه فقلت: ما الذي أهمك يا
أمير المؤمنين، فقال هكذا بيده وأشار بها، قال: قلت: الذي يهمك والله لو رأينا منك
أمرا ننكره لقومناك، قال: الله الذي لا إله إلا هو، لو رأيتم مني أمرا تنكرونه
لقومتموه، فقلت: الله الذي لا إله إلا هو، لو رأينا منك أمرا ننكره لقومناك، قال:
ففرح بذلك فرحا شديدا، وقال: الحمد لله الذي جعل فيكم أصحاب محمد من الذي إذا
رأى مني أمرا ينكره قومني.
(48) يزيد بن هارون عن همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس قال: رأيت عمر بن الحطاب يأكل الصاع من التمر بحشفه، فيأكله.
(49) يزيد بن هارون عن محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كنت آتي عمر
بالصاع من التمر فيقول: يا أسلم حت عني قشرة فأحشفه، فيأكله.
(50) أبو الأحوص عن سماك عن النعمان بن بشير قال: سئل عمر عن التوبة
النصوح، فقال: التوبة النصوح أن يتوب العبد من العمل السيئ ثم لا يعود إليه أبدا.
(51) أبو الأحوص عن سماك عن النعمان بن بشير قال: سئل عمر عن قول الله
* (وإذا النفوس زوجت) * قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار.
(52) حسين بن علي، قال حدثني طعمة بن غيلان الجعفي عن رجل يقال له ميكائيل
شيخ من أهل الخراسان قال: كان عمر إذا قام من الليل قال: قد ترى مقامي وتعلم حاجتي
فأرجعني من عندك يا الله بحاجتي مفلحا منجحا مستجيبا مستجابا لي، قد غفرت لي
ورحمتني، فإذا قضى صلاته قال: اللهم لا أرى شيئا من الدنيا يدوم، ولا أرى حالا فيها
يستقم، اجعلني أنطق فيها بعلم وأصمت فيها بحكم، اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى،
ولا تقل منها فأنسى، فإن ما قل وكفى مما كثر وألهى.

(8 / 48) الحشف: التمر الجاف القاسي وهو أردأ التمر أي الذي يجف من التمر قبل إدراكه فلا لحم له ولا
نوى. (بحشفه) أي بإزالة قشره.
(8 / 51) سورة التكوير الآية (7).
154

(53) أبو بكر قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود عن عامر عن ابن عباس قال:
دخلت على عمر حين طعن فقلت: أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين! أسلمت حين كفر الناس
وجاهدت مع رسول الله حين خذله الناس، وقبض رسول الله وهو عنك راض، ولم يختلف
في خلافتك اثنان، وقتلت شهيدا، فقال: أعد علي، فأعدت عليه فقال: والذي لا إله
غيره لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع.
(9) كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(1) حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل وسفيان عن زبيد بن الحارث عن رجل
من بني عامر قال: قال علي: إنما أخاف عليكم اثنتين: طول الامل، واتباع الهوى، فإن
طول الامل ينسي الآخرة، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق وإن الدنيا قد ترحلت
مدبرة، وإن الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة، فإن اليوم
عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
(2) حفص عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد عن المهاجر العامري عن علي بمثله.
(3) ابن علية عن ليث عن الحسن قال: قال علي: طوبى لكل عبد نؤمة عرف
الناس، ولم يعرفه الناس، وعرفه الله منه برضوان، أولئك مصابيح الهدي، يجلى عنهم كل
فتنة مظلمة، ويدخلهم الله في رحلته ليس أولئك بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرائين.
(4) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن طلحة عن زبيد قال: قال علي: خير الناس
هذا النمط الأوسط يلحق بهم التالي، ويرجع إليهم الغالي.
(5) وكيع قال حدثنا أياس بن أبي تميمة قال: سمعت عطاء بن أبي رباح قال: كان
علي بن أبي طالب إذا بعث سرية ولى أمرها رجلا فأوصاه فقال: أوصيك بتقوى الله،
لا بد لك من لقائه، ولا منتهى لك دونه، هو يملك الدنيا والآخرة، وعليك بالذي يقربك إلى الله، فإن فيها عند الله خلفا من الدنيا.

(8 / 53) صفراء وبيضاء: ذهب وفضة.
(9 / 3) المذاييع البذر: الذين يذيعون الاخبار الأقاويل يبذرون الفتنة بأقوالهم ويفضحون ما خفي من
أسرار الناس.
(9 / 4) النمط الأوسط: الذين يتبعون أوسط الأمور في أعمالهم فيقدر المتأخر على اللحاق بهم ويكف المغالي
عن مغالاته بالعودة إلى سبيلهم.
155

(6) وكيع قال حدثنا شريك عن عثمان الثقفي عن زيد بن وهب أن ابن نعجة عاتب
عليا في لباسه فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع القلب.
(7) أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي صالح الذي كان
يخدم أم كلثوم ابنة علي قال: دخلت على أم كلثوم وهي تمشط وستر بينها وبيني،
فجلست أنتظرها حتى تأذن لي، فجاء حسن وحسين فدخلا عليها وهي تمشط، فقالا:
ألا تطعمون أبا صالح شيئا؟ قالت: بلى، قال: فأخرجوا قصعة فيها مرق بحبوب،
فقلت: أتطعموني هذا وأنتم أمراء؟ فقالت أم كلثوم: يا أبا صالح! فكيف لو رأيت أمير
المؤمنين وأتي بأترنج فذهب حسن أو حسين يتناول منه أترنجة فنزعها من يده ثم أمر به
فقسم.
(8) أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: قال
علي لأمه فاطمة بنت أسد: اكفي فاطمة بنت رسول الله الخدمة خارجا: سقاية الماء
والحاجة، وتكفيك العمل في البيت: العجن والخبز والطحن.
(9) محمد بن فضيل عن مجالد عن الشعبي عن الحارث عن علي قال: أهديت فاطمة
ليلة أهديت إلي وما تحتنا إلا جلد كبش.
(10) أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق قال: قال علي: الكلمات
لو رحلتم المطي فيهن لأنضيتموهن قبل أن تدركوا مثلهن: لا يرج عبد إلا ربه: ولا
يخلف إلا ذنبه، ولا يستحيي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن
يقول: الله أعلم، واعلموا أن منزلة الصبر من الايمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا
ذهب الرأس ذهب الجسد، وإذا ذهب الصبر ذهب الايمان.
(11) وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس عن عدي بن ثابت قال: أتي علي
بطستخوان فالوذج فلم يأكل منه.

(9 / 6) عاتبه في لباسه: لأنه كان يلبس خشن الثياب.
(9 / 7) أترنج هو الأترج وحكى أبو زيد ترنجة هي أترجة وهي لغة قليلة أو عامية والأترج هو المعروف
في بلاد الشام بالكباد وفي الخليج العربي بالسندي، وهو من فصيلة الحمضيات.
(9 / 11) طستخوان، طست كبير يوضع وسط الخوان ويؤخذ منه الطعام إلى الصحاف التي توضع حول
الخوان.
الفالوذج: حلوى تصنع من لباب الحنطة وتعرف اليوم باسمها الفارسي (بالوزة).
156

(12) يحيى بن يمان عن سفيان عن عمرو بن كثير الحنفي عن علي قال: اكظموا
الغيظ وأقلوا الضحك لا تمجه القلوب،
(13) علي بن مسهر عن الأجلح عن ابن أبي هذيل قال: رأيت على علي قميصا،
كمه إذا أرسله بلغ نصف ساعده، وإذا مده لم يجاوز ظفره.
(14) عيسى بن يونس عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة قال: قضى رسول الله
(ص) على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على علي بما كان خارجا من البيت.
(15) أبو معاوية عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن سخبرة عن علي قال: ما أصبح
بالكوفة أحد إلا ناعما، وإن أدناهم منزلة من يأكل البر ويجلس في الظل ويشرب من ماء
الفرات.
(16) أبو معاوية قال حدثنا أبو حيان عن مجمع عن إبراهيم التيمي عن يزيد بن
شريك قال: خرج على ذات يوم بسيفه فقال: من يبتاع مني سيفي هذا، فلو كان عندي
ثمن إزار ما بعته.
(17) أبو معاوية عن الأعمش عن عثمان أبي اليقطان عن زاذان عن علي * (إلا
أصحاب اليمين) *، قال: هم أطفال المسلمين.
(18) أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي قال: حدثتني أمي عن أم عثمان أم ولد
لعلي قال: جئت عليا وبين يديه قرنفل مكبوب في الرحبة فقلت: يا أمير المؤمنين! هب
لابنتي من هذا القرنفل قلادة، فقال: هكذا، ونقر بيديه، أرني درهما جيدا، فإنما هذا
مال المسلمين وإلا فاصبري حتى يأتينا حظنا منه، فنهب لابنتك منه قلادة.
(19) أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: مثل الذي جمع
الايمان والقرآن مثل الأترنجة الطيبة الريح الطيبة الطعم، ومثل الذي لم يجمع الايمان ولم
يجمع القرآن مثل الحنظلة خبيثة الريح وخبيثة الطعم.

(9 / 15) ناعما: ناعم العيش.
(9 / 17) سورة المدثر الآية (39).
(9 / 18) مكبوب: مجموع قد جعل فوق بعضه البعض.
157

(20)
أبو أسامة قال حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: حدثني أبي قال:
قيل لعلي: ما شأنك يا أبا حسن؟ جاورت المقبرة؟ قال: إني أجدهم جيران صدق،
يكفون السيئة ويذكرون الآخرة.
(21) عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عطاء قال: إن كانت فاطمة لتعجن وأن
قصتها لتكاد تضرب الجفنة.
(10) كلام ابن مسعود رضي الله عنه
(1) عبد الله بن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة قال: قال عبد الله:
ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها فالموت تحفة لكل مسلم.
(2) عبد الله بن إدريس عن يزيد عن أبي جحيفة عن عبد الله: الدنيا كالثغب ذهب
صفوه وبقي كدره.
(3) محمد بن فضيل عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن ابن مسعود قال: يحسب
المرء من العلم أن يخاف الله، وبحسبه من الجهل أن يعجب بعمله.
(4) وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هذيل عن عبد الله قال: من أراد الآخرة
أضر بالدنيا ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة، يا قوم فأضروا بالفاني للباقي.
(5) أبو معاوية عن مالك بن مغول عن أبي صفرة عن الضحاك بن مزاحم قال: قال
عبد الله: لوددت أني طير في منكبي ريش.
(6) يحيى بن آدم عن زهير عن أبي إسحاق قال: قال عبد الله: ليتني شجرة تعضد.
(7) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال: قال
عبد الله: لوددت أن روثة انفلتت عني فنبست إليها فسميت عبد الله بن روثة، وأن الله
غفر لي ذنبا واحدا، إلا أن أبا معاوية قال: لوددت أني علمت أن الله غفر لي - ثم ذكر
مثله.

(10 / 2) الثغب: أكثر ما بقي من الماء في بطن الوادي، وهو بقية الماء العذب في الأرض وهو بتسكين الغين،
فإذا حركت بالفتح صار ذوب الجمد أي الثلج الذائب،
(10 / 4) أي من طلب الآخرة ترك كثيرا من رغائب الدنيا، ومن طلب الدنيا وقع في الكثير من الآثام وهو
يطلبها، وهذا يبعده عن ثواب الآخرة.
(10 / 6) تعضد: تقطع.
(10 / 7) أي يغفر الله له ذنبا واحدا مقابل ما يلقاه من أذى بسبب هذه التسمية.
158

(8) وكيع عن إسماعيل عن أخيه عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: من استطاع منكم
أن يجعل كنزه في السماء حيث لا يأكله السوس ولا يناله السرق فليفعل، فإن قلب الرجل
مع كنزه.
(9) أبو أسامة عن مسعر عن عمر بن أيوب عن أبي بردة قال: سمع عبد الله بن
مسعود صيحة فاضطجع مستقبل القبلة.
(10) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال: أخبرني آل عبد الله أن
عبد الله أوصى ابنه عبد الرحمن فقال: أوصيك بتقوى الله وليسعك بيتك، واملك عليك
لسانك، وابك على خطيئتك.
(11) محمد بن فضيل عن بيان عن قيس قال: قال عبد الله: لوددت أني أعلم أن الله
غفر لي ذنبا من ذنوبي، وأني لا أبالي أي ولد آدم ولدني.
(12) أبو معاوية عن الأعمش عن صالح بن خباب عن حصين بن عقبة قال: قال
عبد الله: وإن الجنة حفت بالمكاره، وإن النار حفت بالشهوات، فمن اطلع بحجاب واقع
ما وراءه.
(13) أبو الأحوص عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: مثل
المحقرات من الاعمال مثل قوم نزلوا منزلا ليس به حطب ومعهم لحم، فلم يزالوا يلقطون
حتى جمعوا ما أنضجوا به لحمهم.
(14) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: مرض عبد الله مرضا
فجزع فيه فقلنا: ما رأيناك جزعت في مرضك هذا؟ قال: إنه أخرى وأقرب بي من
الغفلة.
(15) عبد الله بن إدريس عن ليث عن القاسم قال: قال عبد الله: لا تجعلوا بحمد
الناس وبذمهم، فإن الرجل يعجبك اليوم ويسوءك غدا، ويسوءك اليوم ويعجبك غدا،
وإن العباد يغيرون والله يغفر الذنوب يوم القيامة، والله أرحم بعباده يوم تأتيه من أم
واحد فرشت له في الأرض قي ثم قامت تلتمس فراشه بيدها، فإن كانت لدغة كانت بها
وإن كانت شوكة كانت بها.

(10 / 8) السرق: السرقة والسراق،
159

(16) أبو خالد الأحمر عن المسعودي عن القاسم قال: قال عبد الله: وددت أني من
الدنيا فرد كالغادي الراكب الرائح.
(17) يزيد بن هارون عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله:
كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلا.
(18) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال: قال
عبد الله: والذي لا إله غيره! ما أصبح عند آل عبد الله شئ يرجون أن يعطيهم الله به
خيرا أو يدفع عنهم به سوء إلا إن الله قد علم أن عبد الله لا يشرك به شيئا.
(19) أبو معاوية عن الأعمش عن شمر بن عطية بن مغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره ما يضر عبدا يصبح على الاسلام ويمسي عليه
ماذا أصحابه من الدنيا.
(20) معتمر بن سليمان عن عباد بن عباد بن علقمة المازني عن أبي مجلز قال: قرص
أصحاب ابن مسعود البرد، قال: فجعل الرجل يستحيي أن يجئ في الثوب الدون أو
الكساء الدون، فأصبح أبو عبد الرحمن في عباية ثم أصبح فيها، ثم أصبح في اليوم الثالث
فيها.
(21) أبو خالد الأحمر عن داود عن الشعبي قال: قال عبد الله: إني لا أخاف عليكم
في الخطأ ولكني أخاف عليكم في العمد، إني لا أخاف عليكم أن تستقلوا أعمالكم، ولكني
أخاف عليكم أن تستكثروها.
(22) يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير قال: قال
عبد الله: دعوا الحكاكات فإنها الاثم.
(23) وكيع عن فطر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: المؤمن
يرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فطار
فذهب.
(24) ابن إدريس عن مالك بن مغول قال: كنا جلوسا مع القاسم بن عبد الرحمن،

(10 / 20) أي لم يكن سواها ولا يسعي لذلك.
(10 / 22) الحكاكات: حزائز القلوب والأحقاد الصغيرة.
160

فقال رجل - وأشار إلى القاسم، قال: قال عبد الله: وددت أني إذا مت لم أبعث، فقال
القاسم برأسه هكذا، أي نعم.
(25) ابن إدريس عن إسماعيل عن زبيد قال: قال عبد الله: قولوا خيرا تعرفوا به،
واعلموا به تكونوا من أهله، ولا تكونوا عجلا مذاييع بذرا.
(26) أبو معاوية عن السري بن يحيى عن الحسن قال: قال عبد الله: لو وقفت بين
الجنة والنار فقيل لي: نخبرك من أيهما تكون أحب إليك أو تكون رمادا، لاخترت أن
أكون رمادا.
(27) وكيع عن محمد بن قيس عن معن قال: قال عبد الله: لا تفترقوا فتهلكوا.
(28) وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: وددت أني صولحت على تسع سيئات وحسنة.
(29) وكيع عن سفيان عن المسعودي عن أبي حازم عن أبي عون قال: قال عبد الله:
المؤمن مألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
(30) وكيع عن سفيان عن زبيد عن مرة قال: قال عبد الله: إن الله يعطي الدنيا من
يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الايمان إلا من يحب، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الايمان.
، (31) أبو أسامة عن أبي حنيفة سمعه من عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال:
يعرض الناس يوم القيامة على ثلاثة دواوين: ديوان فيه الحسنات، وديوان فيه النعيم،
وديوان فيه السيئات، فيقابل بديوان الحسنات ديوان النعيم، فيستفرغ النعيم الحسنات،
وتبقي السيئات مشيئتها إلى الله تعالى، إن شاء عذب، وإن شاء غفر.
(32) ابن فضيل عن يزيد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: تعلموا تعلموا،
فإذا علمتم فاعملوا.

(10 / 25) عجلا: متعجلين لان المتعجل لا ينتبه لما يأتي من خير أو شر.
- مذاييع: ثرثارون فمن كثر كلامه كثرت هفواته وسقطاته أو مذاييع بذرا تضيعون ما وجب
كتمه من أسرار والبذر من لا يكتم السر.
(10 / 26) وهذا خوف أن يكون من أهل النار.
(10 / 28) لان الحسنة بعشر أمثالها.
161

(33) ابن فضيل عن ليث عن معن قال: قال عبد الله: لا يشبه الزي الزي حتى تشبه
القلوب.
(34) يحيى بن يمان عن محمد بن عجلان عن أبي عيسى قال: قال عبد الله: إن من
رأس التواضع أن ترضى بالدون من شرف المجلس، وأن تبدأ بالسلام من لقيت.
(35) أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال:
أنتم أكثر صياما وأكثر صلاة وأكثر اجتهادا من أصحاب رسول الله (ص) وهم كانوا
خيرا منكم، قالوا: لم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة.
(36) عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن هارون بن عنترة عن عبد الرحمن بن الأسود
عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود: إنما هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن ولا
تشغلوها بغيره.
(37) عبد الله بن نمير قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الله بن عائش قال حدثني
أياس عن عبد الله أنه كان يقول في خطبته: إن أصدق الحديث كلام الله، وأوثق العرى
كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وأحسن القصص هذا القرآن، وأحسن السنن سنة
محمد (ص) وأشرف الحديث ذكر الله، وخير الأمور عزائمها، وشر الأمور محدثاتها،
وأحسن الهدى هدي الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأغر الضلالة بعد
الهدى، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب: واليد العليا
خير من اليد السفلي، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ونفس تنجيها حير من أمارة لا
تحصيها، وشر العذيلة عند حضرة الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، ومن الناس من
لا يأتي الصلاة إلا دبرا، ومن الناس من لا يذكر الله إلا هجرا، وأعظم الخطايا اللسان
الكذوب، وخير الغني غني النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير
ما ألقي في القلب اليقين، والريب من الكفر، والنوح من عمل الجاهلية، والغلول من جمر
جهنم، والكنز كي من النار، والشعر مزامير إبليس، والخمر جماع الاثم، والنساء حبائل

(10 / 33) الزي هنا: العمل أو الطريقة أو أسلوب الحياة.
(10 / 36) وكل إناء بالذي فيه ينضح، فإن ملئت القلوب بخير نضحت خيرا وإن ملئت بشر ورغبات
نضحت شرا وذنوبا. (10 / 37) دبرا: أي بعد انقضاء وقتها.
وهجرا: لماما وعلى فترات متباعدة. موضع أربعة أذرع: هو القبر.
162

الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الريا، وشر المآكل أكل مال
اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يكفي أحدكم ما
قنعت به نفسه، وإنما يصير إلى موضع أربع أذرع والامر بآخرة، وأملك العمل به
خواتمه، وشر الروايا روايا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق وقتاله
كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتألى على الله يكذبه،
ومن يغفر يغفر الله له، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر
على الرزايا يعقبه الله، ومن يعرف البلاء يصبر عليه، ومن لا يعرفه ينكره، ومن يستكبر
يضعه الله، ومن يبتغي السمعة يسمع الله به، ومن ينوي الدنيا تعجزه، ومن يطع الشيطان
يعص الله، ومن يعص الله يعذبه.
(38) عبد الله بن إدريس عن ليث عن زبيد بن الحارث عن مرة بن شرحبيل قال:
قال عبد الله: * (اتقوا الله حق تقاته) * وحق تقاته أن يطاع قلا يعصى، وأن يذكر فلا
ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، وإيتاء المال على حبه أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل
العيش وتخاف الفقر، وفضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة
العلانية.
(39) حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال: لا تنفع الصلاة
إلا من أطاعها، ثم قرأ عبد الله: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله
أكبر) *، فقال عبد الله: ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد لربه.
(40) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: قال عبد الله: كفى بالمرء من الشقاء - أو من
الخيبة - أن يبيت وقد بال الشيطان في أذنه فيصبح ولم يذكر الله.
(41) أبو أسامة عن مسعر قال سمعت عون بن عبد الله يقول: قرأ رجل عند
عبد الله بن مسعود: * (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) *،
فقال عبد الله: ألا ليت ذلك تم.

(10 / 38) سورة آل عمران من الآية (102).
(10 / 39) سورة العنكبوت من الآية (45).
(10 / 41) سورة الانسان الآية (1).
163

(42) الفضل بن دكين عن قرة عن الضحاك عن ابن مسعود قال: ما أصبح اليوم
أحد من الناس إلا وهو ضعيف، وماله عارية، فالضيف مرتحل والعارية مؤداة.
(43) عبد الله بن إدريس عن أبيه عن المنهال بن عمرو عن قيس بن سكن عن
عبد الله في قوله: * (يسعى نورهم بين أيديهم) * قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم.
منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نزرا على إبهامه
يطفأ مرة ويقد أخرى.
(44) يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن عبد الله بن مسعود قال:
موسع عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة، مقتور عليه في الدنيا مقتور عليه في الآخرة،
موسع عليه في الدنيا مقتور عليه في الآخرة، مستريح ومستراح منه.
(45) وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله:
* (توبوا إلى الله نصوحا) * قال: التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود.
(46) وكيع عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله: من أراد الدنيا أضر
بالآخرة، ومن أراد الآخرة أضر بالدنيا،
(47) أبو معاوية عن الأعمش عن المسيب بن رافع قال: قال عبد الله: إني لامقت
الرجل أن أراه فارغا ليس في شئ من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة.
(48) أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: قال عبد الله: من أحب أن ينصف
الله من نفسه فليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه.
(49) أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره! ما
أعطى عبد مؤمن من شئ أفضل من أن يحسن بالله ظنه، والذي لا إله غيره! لا يحسن
عبد مؤمن بالله ظنه إلا أعطاه ذلك، فإن كل الخير بيده.
(50) وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كاد
الجعل أن يعذب في جحره بذنب آدم، ثم قرأ: * (ولو يؤاخذ الله الناس بما
كسبوا) *.

(10 / 42) العارية: الشئ المستعار لا بد من إعادته إلى مالكه الأصلي.
(10 / 43) سورة الحديد من الآية (12)،
(10 / 45) سورة التحريم من الآية (8).
(10 / 50) سورة فاطر من الآية (45).
164

(51) وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: لا
تغالبوا هذا الليل فإنكم لا تطيقونه، فإذا نعس أحدكم فلينم على فراشه فإنه أسلم.
(52) عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن أبي الحكم عن أبي وائل عن ابن
مسعود قال: ما أحد من الناس يوم القيامة إلا يتمنى أنه كان يأكل في الدنيا قوتا، وما
يضر أحدكم على أي حال أمسى وأصبح من الدنيا أن لا تكون في النفس مزازة، ولان
يعض أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لامر قضاه الله: ليت هذا لم يكن.
(53) أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: إنه لمكتوب في
التوراة: لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم
يخطر على قلب بشر وما لا يعلمه ملك ولا مرسل، قال: ونحن نقرأها * (فلا تعلم نفس
ما أخفي لهم من قرة أعين) *.
(54) أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم البطين عن عدسة الطائي قال: أتي عبد الله
بطير صيد بشراف، فقال عبد الله: لوددت أني بحيث صيد هذا الطير، لا يكلمني بشر
ولا أكلمه حتى ألقى الله.
(55) جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رفيع عن خيثمة قال: قال عبد الله:
انظروا الناس عند مضاجعهم، فإذا رأيتم العبد يموت على خير ما ترونه فارجوا له الخير،
وإذا رأيتموه يموت على شر ما ترونه فخافوا عليه، فإن العبد إذا كان شقيا وإن أعجب
الناس بعض عمله قيض له شيطان فأرداه وأهلكه حتى يدركه الشقاء الذي كتب عليه،
وإذا كان سعيدا وإن كان الناس يكرهون بعض عمله قيض له ملك فأرشده وسدده حتى
تدركه السعادة التي كتبت له.
(56) أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله:
تعودوا الخير فإنما الخير في العادة.

(10 / 52) قوتا: كفايته دون زيادة.
(10 / 53) سورة السجدة من الآية (17).
165

(57) أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن الأسود قال: قال عبد الله: ما من
نفس برة ولا فاجرة إلا وإن الموت خير لها من الحياة، لئن كان برا لقد قال الله: * (وما
عند الله خيرا للأبرار) * ولئن كان فاجرا لقد قال الله: * (ولا يحسبن الذين كفروا أنما
نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين) *.
(58) شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي
كنف أن رجلا رأى رؤيا فجعل يقصها على ابن مسعود وهو سمين، فقال ابن مسعود:
إني لأكره أن يكون القارئ سمينا، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: سمين
نسي للقرآن.
(59) وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: مع
كل فرحة طرحة.
(60) حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي الضحي عن مسروق قال: أتى عبد الله
بشراب فقال: أعطه علقمة، قال: إني صائم، ثم قال أعط الأسود، فقال: إني صائم، حتى
مر بكلهم، ثم أخذه فشربه ثم تلا هذه الآية * (يخافون يوما تتقلب فيه القلوب
والابصار) *.
(61) أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قال عبد الله: ما شبهت ما غبر من
الدنيا إلا بثغب شرب صفوة وبقي كدره، ولا يزال أحدكم بخير ما اتقى الله، وإذا حاك
في صدره شئ أتى رجلا فشفاه منه، وأيم الله لأوشك أن لا تجدوه.
(62) وكيع عن سفيان عن عاصم عن المسيب عن وائل بن ربيعة عن عبد الله قال:
ما حال أحب إلى الله يرى العبد عليها منه وهو ساجد.
(63) وكيع عن سفيان عن زبيد عن مرة عن عبد الله قال: إن الله يعطي الدنيا من
يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الايمان إلا من يحب، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الايمان،
فمن جين منكم عن الليل أن يكابده والعدو أن يجاهده وضن بالمال أن ينفقه فليكثر من
سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر.

(10 / 57) * (وما عند الله خير) * سورة آل عمران من الآية (198).
* (ولا يحسبن الذين كفروا) * سورة آل عمران من الآية (178).
(10 / 58) أي لأنه قد سمن لاهتمامه بأمر بطنه وتركه تدارس القرآن وحفظه.
(10 / 60) سورة النور من الآية (37).
166

(64) عيسى بن يونس عن مسعر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قال عبد الله:
إن الجبل لينادي بالجبل: هل مر بك اليوم من ذاكر لله.
(11) كلام أبي الدرداء رضي الله عنه
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة قال: قال أبو الدرداء:
اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدوا أنفسكم من الموتى، واعلموا أن قليلا يغنيكم خير من
كثير يلهيكم، واعلموا أن البر لا يبلي وأن إثم لا ينسى.
(2) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حياة قال: جمع
أبو الدرداء أهل الدمشق فقال: اسمعوا من أخ لكم ناصح: أتجمعون ما لا تأكلون،
وتؤملون ما لا تدركون، وتبنون ما لا تسكنون، أين الذي كانوا من قبلكم، فجمعوا
كثيرا وأملوا بعيدا وبنوا شديدا، فأصبح جمعهم بورا، وأصبح أملهم غرورا، وأصبحت
ديارهم قبورا.
(3) عبد الله بن نمير عن سفيان عن حبيب قال: كان أبو الدرداء لا يمر على قرية
إلا قال: أين هلك، ثم يقول: ذهبوا وبقيت الاعمال.
(4) عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن عبد الملك بن عمير قال: قال أبو
الدرداء: من أكثر من ذكر الموت قل حسده وقل فرحه.
(5) عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال: لا تفقه كل
الفقه حتى تمقت الناس في جنب الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا.
(6) أبو أسامة عن خالد بن دينار عن معاوية بن قرة قال: قال أبو الدرداء: ليس
الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك وأن يكثر علمك وأن تباري
الناس في عبادة الله، فإن أحسنت حمدت الله وإن أسأت استغفرت الله.
(7) أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أم الدرداء
قال: قيل لها: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكر.

(11 / 2) ما لا تأكلون: ما يفوق حاجتكم.
(11 / 5) لان النفس أمارة بالسوء.
(11 / 7) التفكر: التفكير في أمر الآخرة وبالتالي العمل لهما.
167

(8) زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه
عن أبي الدرداء قال: إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخلون الجنة وهم
يضحكون.
(9) يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد أن أبا عون أخبره أن
أبا الدرداء كان يقول: ما بت من ليلة فأصبحت لم ير مني الناس فيها بداهية إلا رأيت أن
علي من الله فيه نعمة.
(10) ابن مهدي عن سفيان عن زياد بن فياض عن أبي حازم قال: قالت أم
الدرداء: يجئ الشيخ فيصلي، ويجئ الشاب فلا يصلي، فقال أبو الدرداء: كل في ثواب
قد أعد له.
(11) أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني صالح بن أبي عريب عن كثير
ابن مرة الحضرمي قال: سمعت أبا الدرداء يقول: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى
مليككم، وأنماها في درجاتكم، خير من أن تغزوا عدوكم فيضربوا رقابكم وتضربوا
رقابهم، خير من إعطاء الدنانير والدراهم، قالوا: وما هو يا أبا الدرداء؟ قال: ذكر الله
أكبر.
(12) جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل عن أبي الدرداء قال: إني
لآمركم بالأمر وما أفعله ولكني أرجوا فيه الاجر، وإن أبغض الناس إلى أن أظلمه الذي لا
يستعين علي إلا بالله.
(13) عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا موسى بن عقبة قال حدثني بلال بن سعد
الكندي عن أبيه عن أبي الدرداء أنه كان إذا ذكر الدنيا قال: إنها ملعونة ملعون ما فيها.
(14) وكيع عن أبي هلال عن معاوية بن قرة قال: مرض أبو الدرداء فعادوا فقالوا:
أي شئ تشتكي؟ قال: ذنوبي، قيل، أي شئ تشتهي؟ قال: الجنة، قيل: ندعوا لك
الطيب؟ قال: وهو أضجعني.
(15) محمد بن بشر قال حدثنا شيخ منا يقال له الحكم بن الفضيل عن زيد بن أسلم
قال: قال أبو الدرداء: التمسوا الخير دهركم كله،
وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله

(11 / 12) أي ظلم الضعيف الذي لا يقدر على رد الظلم عن نفسه.
(11 / 14) أي أن الله الذي كتب على المرض وحده الشافي.
168

نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن
روعاتكم.
(16) وكيع عن سفيان عن ثور عن سليم بن عامر عن أبي الدرداء قال: نعم صومعة
الرجل بيته، يحفظ فيها لسانه وبصره، وإياك والسوق فإنها تلغي وتلهي.
(17) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن عون بن عبد الله عن أبي الدرداء قال: من
يتفقد يفقد، ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز، قال: وقال أبو الدرداء، إن
قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك، قال: فما تأمرني؟ قال: اقرض من
عرضك ليوم فقرك.
(18) أبو أسامة عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: بينا أبو
الدرداء يوقد تحت قدر له وسلمان عنده إذ سمع أبو الدرداء في القدر صوتا، ثم ارتفع
الصوت بتسبيح كهيئة صوت الصبي، قال: ثم ندرت القدر فانكفأت، ثم رجعت إلى
مكانها لم ينصب منها شئ، فجعل أبو الدرداء ينادي: يا سلمان! انظر إلى العجب، انظر
إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك، فقال سلمان: أما إنك لو سكت لسمعت من آيات
الله الكبرى.
(19) أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قال أبو الدرداء: إن
أخوف ما أخاف إذا وقعت على الحساب أن يقال لي: قد علمت فما عملت فيما علمت؟
(20) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن عمرو بن مرة أو غيره
عن سالم بن أبي الجعد قال: مر ثوران على أبي الدرداء وهما يعملان، فقام أحدهما فقام
الآخر، فقال أبو الدرداء، إن في هذا لمعتبرا.
(21) محمد بن فضيل عن الأعمش عن غيلان بن بشير عن يعلى بن الوليد قال:
كنت أمشي مع أبي الدرداء، قال: قلت: يا أبا الدرداء! ما تحب لمن تحب؟ قال: الموت،
قال: قلت له: فإن لم يمت؟ قال: يقل ماله وولده.
(22) محمد بن فضيل عن محمد بن سعد الأنصاري قال حدثني عبد الله بن يزيد بن
ربيعة الدمشقي قال: قال أبو الدرداء: أدلجت ذات ليلة إلى المسجد، فلما دخلت مررت
على رجل وهو ساجد وهو يقول: اللهم! إني خائف مستجير فأجرني من عذابك، وسائل

(11 / 21) أي يقل بالتالي تعلقه بالدنيا وما فيها.
169

فقير فارزقني من فضلك، لا برئ من ذنب فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولكن مذنب
مستغفر، قال: فأصبح أبو الدرداء يعلمهن أصحابه إعجابا بهن.
(23) يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شعبة قال أخبرنا يزيد بن خمير الشامي قال
أخبرني سليمان بن مرثد قال: سمعت ابنة أبي الدرداء عن أبي الدرداء قال: لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم تبكون لا تدرون تنجون أو لا تنجون.
(24) وكيع عن مسعر عن إبراهيم السكسكي قال: حدثنا أصحابنا عن أبي الدرداء
قال: إن شئتم لأقسمن لكم: إن أحب العباد إلى الله الذين يحبون الله ويحببون الله إلى
عباده والذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله.
(25) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال: كتب أبو الدرداء إلى
مسلمة بن مخلد وهو أمير بمصر: أما بعد فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، وإذا
أحبه الله حببه إلى خلقه، وإذا أبغضه بغضه إلى خلقه.
(26) محمد بن فضيل عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء أنه قال: مالي
أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم لا يتعلمون، اعلموا قبل أن يرفع العلم فإن رفع العلم
ذهاب العلماء، مالي أراكم تحرصون على ما تكفل لكم به، وتضيعون ما وكلتم به، لأنا أعلم
بشراركم من البيطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا، ولا يسمعون القرآن إلا
هجرا، ولا يعتق محررهم.
(27) جرير عن منصور عن سالم قال: صعد رجل إلى أبي الدرداء وهو جالس فوق
بيت يلتقط حبا، قال: فكان الرجل استحيا منه فرجع، فقال أبو الدرداء: تعال فإن من
فقهك رفقك بمعيشتك.

(11 / 24) أي الذين يتخذون من أوقات الظهور هذه الأشياء مواقيت لذكر الله.
(11 / 26) ما تكفل لكم به: وهو الرزق.
ما وكلتم به: هو العبادة. يعتق محررهم: لأنه كان عبدا فتحرر فيجب أن يعرف قيمة الحرية، فإذا امتلك مالا وجب أن
يسعى إلى عتق غيره.
170

(28) علي بن إسحاق عن ابن مبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال أخبرني
إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثتني أم الدرداء أنه أغمي على أبي الدرداء فأفاق، فإذا بلال
ابنه عنده، فقال: قم فاخرج عني، ثم قال: من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ من يعمل لمثل
ساعتي هذه؟ * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في
طغيانهم يعمهون) * قالت، ثم يغمى عليه فيلبث لبثا ثم يفيق فيقول مثل ذلك، فلم يزل
يرددها حتى قبض.
(29) غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال حدثني تميم بن غيلان بن سلمة قال:
جاء رجل إلى أبي الدرداء وهو مريض فقال: يا أبا الدرداء! إنك قد أصبحت على جناح
فراق الدنيا، فمرني بأمر ينفعني الله به، وأذكرك به، فقال: إنك من أمة معافاة، فأقم
الصلاة وأد الزكاة إن كان لك مال، وصم رمضان واجتنب الفواحش، ثم أبشر، فأعاد
الرجل على أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء مثل ذلك، فنفض الرجل رداءه ثم قال: * (إن
الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس) * إلى قوله:
* (ويلعنهم اللاعنون) * فقال أبو الدرداء: علي بالرجل، فجاء فقال أبو الدرداء: ما قلت؟
قال: كنت رجلا معلما، عندك من العلم ما ليس عندي، فأردت أن تحدثني بما ينفعني الله
به، فلم ترد علي إلا قولا واحدا، فقال له أبو الدرداء: اجلس ثم اعقل ما أقول لك: أين
أنت من يوم ليس لك من الأرض إلا عرض ذراعين في طول أربع أذرع، أقبل بك
أهلك الذين كانوا لا يحبون فراقك وجلساؤك وإخوانك فأتقنوا عليك البنيان وأكثروا
عليك التراب وتركوك لمثلك ذلك، وجاءك ملكان أسودان أزرقان جعدان، أسماهما
منكر ونكير، فأجلساك ثم سألاك: ما أنت وعلى ماذا كنت؟ وما تقول في هذا الرجل؟
فإن قلت: والله ما أدري، سمعت الناس قالوا قولا فقلت قول الناس، فقد والله رديت
وهويت، وإن قلت محمد رسول الله، أنزل الله عليه كتابه فآمنت به وبما جاء به فقد والله
نجوت وهديت، ولن تستطيع ذلك إلا بتثبيت من الله مع ما ترى من الشدة والتخويف،
ثم أين أنت من يوم ليس لك من الأرض إلا موضع قدميك، ويوم كان مقداره خمسين
ألف سنة، الناس فيه قيام لرب العالمين، ولا ظل إلا ظل عرش رب العالمين، وأدنيت
الشمس، فإن كنت من أهل الظل فقد والله نجوت وهديت، وإن كنت من أهل الشمس
(11 / 28) سورة الأنعام من الآية (110).
(11 / 29) سورة البقرة من الآية (159). (*)
171

فقد والله رديت وهويت، ثم أين أنت من يوم جئ بجهنم قد سدت ما بين الخافقين وقيل:
لن تدخل الجنة حتى تخوض النار، فإن كان معك نور استقام بك الصراط فقد والله
نجوت وهديت، وإن لم يكن معك نور تشبثت بك بعض خطاطيف جهنم أو كلاليبها أو
شبابيثها فقد والله رديت وهويت، فو رب أبي الدرداء إن ما أقول حق فاعقل ما أقول.
(30) أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: قال أبو الدرداء: كنت تاجرا قبل
أن يبعث محمد (ص)، فلما بعث محمد زاولت التجارة والعبادة فلم تجتمعا، فأخذت العبادة
وتركت التجارة.
(12) ما جاء في لزوم المساجد
(1) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل عن محمد بن
واسع قال: قال أبو الدرداء لابنه: يا بني! ليكن المسجد بيتك، فإني سمعت رسول الله
(ص) يقول: (المساجد بيوت المتقين، فمن يكن المسجد بيته يضمن له الروح
والرحمة والجواز على الصراط إلى الجنة).
(2) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن مطرف أبو غسان عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: من غدا إلى المسجد أو راح إلى
المسجد أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح).
(3) يزيد بن هارون قال أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن عن أيوب بن موسى عن أبي
حازم عن السعيد بن المسيب قال: إن للمساجد من عباد الله أوتادا، جلساؤهم الملائكة،
فإن فقدوهم سألوا عنهم، فإن كانوا مرضى عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم.
(4) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الرحمن بن معقل قال:
كنا نتحدث أن المسجد حصن حصين من الشيطان.
(5) أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق قال حدثني عمي موسى بن يسار أن سلمان
كتب إلى أبي الدرداء: إن في ظل العرش رجلا قلبه معلق في المساجد من حبها.
(6) أبو أسامة عن مسعر عن الوليد بن العيزار عن عمرو بن ميمون عن عمر قال:
المساجد بيوت الله في الأرض، وحق على المزور أن يكرم زائره.

(12 / 5) قلبه في المساجد: أي لا يكاد يغادرها يشتاق إليها فيعود.
172

(7) شبابة بن سوار قال حدثنا جرير بن عبد الرحمن بن أبي عوف عن عبد الرحمن
ابن مسعود الفزاري عن أبي الدرداء قال: ما من رجل يغدوا إلى المسجد لخير يتعلمه أو
يعلمه إلا كتب له أجر مجاهد، لا ينقلب إلا [مغانما].
(8) جعفر بن غياث عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: من توضأ فأحسن الوضوء ثم
أتى المسجد ليصلي فيه كان زائر الله، وحق على المزور أن يكرم زائره.
(9) ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن عمر بن أبي بكر عن
أبيه عن كعب الأحبار قال: أجد في كتاب الله: ما من عبد مؤمن يغدوا إلى المسجد
ويروح، لا يغدوا ولا يروح إلا ليتعلم خيرا أو يعلمه أو يذكر الله أو يذكر به إلا مثله في
كتاب الله كمثل المجاهد في سبيل الله والله تعالى أعلم.
(13) كلام أبي عبيدة بن الجراح
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن هشام عن أبيه قال: دخل عمر بن الخطاب على أبي
عبيدة بن الجراح فإذا هو مضطجع على طنفسة رحله متوسد الحقيبة، قال: فقال له عمر:
ألا تحدث أحدث أصحابك، فقال: يا أمير المؤمنين! هذا يبلغني المقيل.
(2) أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت البناني قال: كان أبو
عبيدة بن الجراح أميرا على الشام فخطب الناس فقال: يا أيها الناس! إني امرء من قريش، وإني
والله ما أعلم أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى الله إلا وددت أني في مسلاخه.
(3) يزيد بن هارون قال حدثنا جرير بن عثمان عن نمران بن محمد الرجي قال: كان
أبو عبيدة بن الجراح يسير في الجيش وهو يقول: ألا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه، ألا
رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فإن
أحدكم لو أساء ما بين السماء والأرض ثم عمل حسنة لغلبت سيئاته حتى تقهرهن.
(4) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت عن أنس قال: قدمت على أبي
عبيدة بن الجراح فأنزلني في ناحية بيته، وامرأته في ناحية وبيننا ستر، فكان يحلب الناقة

(12 / 7) [مغانما] كذا في الأصل، والأرجح غانما.
ينقلب: يعود إلى أهله وداره.
(13 / 2) مسلاخه: جلده.
173

فيجئ بالاناء فيضعه في يدي، فقال له رجل من الطلقاء: أتنزل هذا ناحية بيتك مع
امرأتك، فقال أراقب به عير من لو لقيته سليبا لاستأنى على كل مركب.
(5) وكيع عن سفيان عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح قال:
مثل قلب المؤمن مثل العصفور يتقلب كذا مرة وكذا مرة.
(14) كلام أبي واقد الليثي
(1) عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال:
قال أبو واقد الليثي: تابعنا الاعمال أيها أفضل، فلم نجد شيئا أعون على طلب الآخرة من
الزهد في الدنيا.
(15) كلام ابن زبير بن العوام
(1) يزيد بن هارون ووكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قال الزبير بن
العوام: من استطاع منكم أن يكون له خبا من عمل صالح فليفعل.
(2) أسود بن عامر عن حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه أن الزبير بعث إلى مصر
فقيل له: إن بها الطاعون، فقال: إنما جئناها للطعن والطاعون.
(16) كلام ابن عمر
(1) عباد بن العوام عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: ما منا أحد
أدرك الدنيا إلا مال بها ومالت به غير عبد الله بن عمر.
(2) أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال: لا يصيب أحد من الدنيا
إلا نقص من درجاته عند الله وإن كانت عليه كريما.
(3) يحيى بن يمان عن سفيان عن ليث عن رجل عن ابن عمر قال: لا يكون رجل
من أهل العلم حتى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه لا يبغتي بعلمه ثمنا.

(13 / 4) الطلقاء: أهل مكة الذين أسلموا بعد الفتح.
(15 / 1) خبا من عمل صالح: عمل صالح يخبئه لآخرته.
(15 / 2) بها الطاعون: أي يتفشى فيها الطاعون عادة.
(16 / 1) أي لم تشغله دنياه عن أمر آخرته.
174

(4) وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عمر قال: لا يبلغ
عبد حقيقة الايمان حتى يعد الناس حمقى في دينه.
(5) عبد الله بن نمير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال: دخلت
على ابن عمر فإذا هو مفترش ذراعيه، متوسد وسادة حشوها ليف.
(6) أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عطية عن ابن عمر قال: يستقبل المؤمن
عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها قط، فيقول لها: من أنت؟ فتقول له: أنا التي
كنت معك في الدنيا، لا أفارقك حتى أدخلك الجنة.
(7) عبد الله بن نمير عن عاصم عمن حدثه قال: كان ابن عمر إذا رآه أحد ظن أن
به شيئا من تتبعه آثار النبي (ص).
(8) ابن عيينة عن عمرو أن ابن عمر قال: ما وضعت لبنة ولا غرست نخلة منذ
قبض رسول الله (ص).
(9) ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر كان يكره أن يصلي إلى أميال صنعها
مروان من حجارة.
(10) جرير عن داود بن السليك عن أبي سهل قال: سمعت ابن عمر قال في هذه الآية
* (كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين) * قال: أطفال المسلمين.
(11) هشيم قال حدثنا يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن ابن عمر أنه قال
لحمران: لا تلقين الله بذمة لا وفاء بها، فإنه ليس يوم القيامة دينار ولا درهم، إنما يجازي
الناس بأعمالهم.
(12) ابن علية عن أيوب عن محمد قال: نبئت عن ابن عمر أنه كان يقول: إني
ألفيت أصحابي على أمر وإني إن خالفتهم خشيت أن لا ألحق بهم.

(16 / 5) وهذا زهد منه برفاهية الدنيا.
(16 / 6) من جعل دنياه طريقا لآخرته بعث على نيته ومن جعل همه الدنيا بعث على نيته فكان على أسوأ
صورة رآها.
(16 / 8) أي لم يهتم ببناء ولا زرع.
(16 / 9) أميال: ج. ميل وهو العلامة توضع في الأرض وفي الأماكن المرتفعة منها لتدل المسافر على الطريق
وهنا هي علامات تبني في الأرض لتدل الناس على اتجاه القبلة.
(16 / 10) سورة المدثر الآيتان (38 - 39).
175

(13) ابن إدريس عن أبيه عن عطية عن ابن عمر * (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) *
قال: الموت: لو كنتم الموت لأحييتكم.
(14) ابن إدريس عن أبيه عن عطية عن ابن عمر قال: * (فلا اقتحم العقبة) * قال:
جبل زلال في جهنم.
(15) ابن فضيل عن البراء بن سليم عن نافع عن ابن عمر قال: ما تلا هذه الآية قط
إلا بكى * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) *.
(16) عفان بن مسلم قال حدثنا خالد بن أبي عثمان قال حدثنا سليط بن عبد الله
قال: قال ابن عمر: راءوا بالخير ولا تراءوا بالشر.
(17) يحيى بن يمان عن سفيان عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر * (وبالأسحار هم
يستغفرون) * قال: يصلون.
(18) وكيع قال حدثنا هشام بن سعد عن نافع قال: كان ابن عمر يعمل في خاصة
نفسه بالشئ لا يعمل به في الناس.
(19) يزيد بن هارون عن ابن عون عن محمد قال: كان ابن عمر كلما استيقظ من
الليل صلى.
(20) يزيد بن هارون قال أخبرنا عمرو بن ميمون عن أبيه قال: قيل لابن عمر:
توفي زيد بن الحارثة وترك مائة ألف، قال: لكن لا تتركه.
(21) أبو أسامة عن عثمان بن واقد عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر إذا قرأ هذه
الآية * (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) * بكى حتى يغلبه البكاء.

(16 / 13) سورة الإسراء من الآية (51).
(16 / 14) سورة البلد الآية (11).
(16 / 15) سورة البقرة من الآية (284).
(16 / 16) المراءاة هنا التظاهر وإبداء الشئ لان من أبدي الخير استحيا ألا يأتيه ومن أبدى الشر ربما أمضاه
كبرا وعنتا.
(16 / 17) سورة الذاريات من الآية (18).
(16 / 20) أي أن المرء يحاسب على ما ملك من الدنيا فيما جناه وفيما أمضاه.
(16 / 21) سورة الحديد الآية (16).
176

(22) وكيع عن أبي مودود عن نافع عن ابن عمر أنه كان في طريق مكة يقول
برأس راحلته يثنيها ويقول: لعل خفا يقع على خف - يعني خف راحلة النبي (ص).
(23) أبو الأحوص عن آدم بن علي قال: سمعت ابن عمر يقول: خالفوا سنن
المشركين.
(24) حسين بن علي عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر * (فو ربك
لنسألنهم أجمعين) * قال: عن لا إله إلا الله.
(25) أبو أسامة عن إدريس عن عطية عن ابن عمر * (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا
لهم دابة من الأرض) * قال: حين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.
(26) أبو أسامة عن ابن عون عن نافع أن ابن عمر كان إذا قرأ القرآن كره أن
يتكلم أو لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد، أو لم يتكلم حتى يفرغ إلا يوما كنت قد أخذت عليه
المصحف وهو يقرأ فأتى على الآية فقال: أتدري فيما أنزلت.
(27) حفص بن غياث عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال دخل ابن عمر في أناس
من أصحابه على عبد الله بن عامر بن كريز وهو مريض يزورونه، فقالوا له: أبشر فإنك
قد حفرت الحياض بعرفات يشرع فيها حاج بيت الله، وحفرت الآبار بالفلوات، قال:
وذكروا خصالا من خصال الخير، قال: فقالوا: إنا لنرجو لك خيرا إن شاء الله، وابن
عمر جالس لا يتكلم، فلما أبطأ عليه الكلام قال: يا أبا عبد الرحمن! ما تقول؟ فقال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم.
(28) حسين بن علي عن ابن أبجر عن ثوير قال: مر ابن عمر في خربة ومعه رجل
فقال: اهتف، فهتف فلم يجبه ابن عمر، ثم قال له: اهتف، فأجابه ابن عمر،: ذهبوا وبقيت
أعمالهم.

(16 / 23) خالفوا ما يأتوه من عمل.
(16 / 24) سورة الحجر من الآية (93).
(16 / 25) سورة النمل من الآية (82).
(16 / 27) الحياض: أماكن جمع الماء وحفظه وهي حفر عميقة في الأرض.
سترد فتعلم، سترد على الصراط والحساب فتعلم ما قدمت من عمل.
177

(17) كلام سلمان
(1) معتمر بن سليمان عن التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: لما خلق الله آدم قال:
واحدة لي وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا،
وأما التي لك فما عملت من شئ جريتك به، وأما التي بيني وبينك فمنك المسألة وعلي
الإجابة.
(2) يزيد بن هارون عن التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: كانت امرأة فرعون
تعذب بالشمس، فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، فكانت ترى بينها من
الجنة.
(3) عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن سلمان وعبد الله بن
سلام التقيا، فقال أحدهما لصاحبه: إن لقيت ربك فأخبرني ماذا لقيت منه؟ وإن لقيته
قبلك فأخبرتك، فتوفي أحدهما فلقيه صاحبه في المنام فقال: توكل وأبشر، فإني لم أر مثل
التوكل قط - قالها ثلاث مرات.
(4) وكيع عن سفيان عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن زيد بن صوحان
عن سلمان أنه ركع ركعتين قبل الفجر، قال: فقلت له، فقال: احفظ نفسك يقظان
يحفظك نائما.
(5) وكيع عن الأعمش عن شمر عن بعض أشياخه عن سلمان قال: أكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم كلاما في معصية الله.
(6) وكيع عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي قال: كان لسلمان خباء من عباء.
(7) يحيى بن سعيد عن حبيب بن شهيد عن ابن بريدة أن سلمان كان يصنع الطعام
من كسبه فيدعو المجذومين فيأكل معهم.

(17 / 6) أي لم يكن يتخذ خباء كالأخبية المعروف كبيرا واسعا، إنما ينصب العباء كالخباء وينام داخله
خلال سفره.
(17 / 7) والجذام من أخطر الأمراض يتهرى فيه اللحم ويسقط عن الأطرف ومواضع أخرى وكان المجذوم يفرد عن الناس فلا يخالطهم خوف العدوي.
178

(8) غندر عن شعبة عن سماك عن النعمان بن حميد قال: دخلت مع خالي عباد على
سلمان، فلما رآه صافحه سلمان، وإذا هو مقصص، وإذا هو يسف الخوص، فقال: إنه
اشترى لي بدرهم فأسفه وأبيعه بثلاثة، فأتصدق بدرهم وأجعل درهما فيه، وأنفق درهما،
ولو أن عمر نهاني ما انتهيت.
(9) أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير قال: نزلنا الصفاح فإذا نحن
برجل نائم في ظل شجرة قد كادت الشمس تبلغه، قال: فقلت للغلام: انطلق بهذا النطع
فأظله، فلما استيقظ إذا هو سلمان، قال: فأتيته أسلم عليه قال: فقال: يا جرير! تواضع
لله، فإن من تواضع لله رفعه الله يوم القيامة، يا جرير! هل تدري ما الظلمات يوم
القيامة؟ قال: قلت: لا أدري، قال: (ظلم الناس بينهم في الدنيا) ثم أخذ عودا لا أكاد
أراه بين إصبعيه فقال: يا جرير! لو طلبت في الجنة مثل هذا العود لم تجده، قال: قلت: يا
أبا عبد الله؟ أين النخل والشجر؟ فقال: أصوله اللؤلؤ والذهب وأعلاه الثمر.
(10) محمد بن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: إذا كان العبد يذكر
الله في السراء ويحمده في الرخاء فأصابه ضر فدعا الله قالت الملائكة: صوت معروف من
امرئ ضعيف فيشفعون له، وإن كان العبد لا يذكر الله في السراء ولا يحمده في الرخاء
فأصابه ضر فدعا الله قالت الملائكة، صوت منكر فلم يشفعوا له.
(11) أبو الأحوص وأبو معاوية عن الأعمش عن صالح بن خباب عن حصين بن
عقبة قال: قال سلمان: علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه.
(12) أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عمي موسى بن يسار أن
سلمان كتب إلى أبي الدرداء أن في ظل العرش إماما مقسطا، وذا مال تصدق أخفى يمينه
عن شماله، ورجلا دعته امرأة ذات حسب ومنصب إلى نفسها فقال: أخاف الله رب
العالمين، ورجلا نشأ فكانت صحبته وشبابه وقوته فيما يحب الله ويرضاه من العمل، ورجلا
كان قلبه معلقا في المساجد من حبها، ورجلا ذكر الله ففاضت عيناه من الدمع من خشية

(17 / 8) مقصص: مقص: أي مهزول نحيل، وقص الشئ قصا برو وثبت وقص: قطع بالمقص أطراف
الثوب وكل هذه المعاني محتملة.
يسف الخوص: ينسجه بأصابعه بعد أن يقطعه إلى عيدان دقيقة.
اجعل درهما فيه: أي اشتري من جديد بدرهم خوصا لأعمل فيه.
(17 / 12) - هذه أحاديث مجتمعة معا والأصل فيها الرفع لان مثلها لا يقال عن رأي.
179

الله، ورجلين التقيا فقال أحدهما لصاحبه، إني لأحبك في الله، وكتب إليه: إنما العلم
كالينابيع فينفع به الله شاء، ومثل حكمة لا يتكلم بها كجسد لا روح له، ومثل علم لا
يعمل به كمثل كنز لا ينفق منه، ومثل العالم كمثل رجل أضاء له مصباح في طريق فجعل
الناس يستضيئون به، وكل يدعوا له بالخير.
(13) عبد الله بن نمير قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن سلمان كان
يقول: إن من الناس حامل داء وحامل شفاء، ومفتاح خير ومفتاح شر.
(14) وكيع قال حدثنا الأعمش عن شمر عن شهر بن حوشب قال: جاء سلمان إلى
أبي الدرداء فلم يجده، فسلم على أم الدرداء وقال: أين أخي؟ قالت: في المسجد، وعليه
عباءة له قطوانية، فألقت إليه خلق وسادة، فأبى أن يجلس عليها ولوى عمامته فطرحها
فجلس عليها، قال: فجاء أبو الدرداء معلقا لحما بدرهمين، فقامت أم الدرداء فطبخته
وخبزت، ثم جاءت بالطعام وأبو الدرداء صائم، فقال سلمان: من يأكل معي؟ فقال:
تأكل معك أم الدرداء، فلم يدعه حتى أفطر، فقال سلمان لام الدرداء ورآها سيئة الهيئة:
مالك؟ قالت: إن أخاك لا يريد النساء، يصوم النهار ويقوم الليل، فبات عنده، فجعل
أبو الدرداء يريد أن يقوم فيحبسه حتى كان قبل الفجر فقام فتوضأ وصلى ركعات،
فقال له أبو الدرداء: حبستني عن صلاتي، فقال له سلمان: صل ونم وصم وأفطر فإن
لأهلك عليك حقا ولعينيك عليك حقا. (15) أبو أسامة قال حدثنا عثمان بن غياث عن أبي عثمان النهدي عن سلمان وغيره
من أصحاب محمد قالوا: إن الرجل يجئ يوم القيامة قد عمل عملا يرجوا أن ينجوا به،
قال: فما يزال الرجل يأتيه فيشتكي مظلمة فيؤخذ من حسناته فيعطاها حتى ما تبقى له
حسنة، ويجئ المشتكي يشتكي مظلمة فيؤخذ من سيئاته فتوضع على سيئاته، ثم يكب في
النار أو يلقي في النار.

(17 / 13) حامل داء: حامل الشر والداعي إلى سلوك دربه.
حامل شفاء: حامل الخير والداعي إلى سلوك دربه وحامل العلم: النافع ينشره بين الناس.
(17 / 14) خلق وسادة: وسادة قديمة متهرئة.
وقد ذكر قول سلمان رضي الله عنه هنا للرسول (ص) فقال: (صدق سلمان).
(17 / 15) القيان: ج قينة وهي تطلق على الأمة أو البيضاء وعلى كل جارية تخدم مغنية وغير مغنية والقين
العبد أو الحداد وصاحب كل صنعة يدوية إلا الكاتب، المقصود هنا على الأرجح الدراهم البيض
أي الفضية يتصدق بها لان من زينة الحياة الدنيا وقينه زينه وجمله.
180

(16) معاذ بن معاذ عن التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: لو بات الرجلان
أحدهما يعطي القيان البيض، وبات الآخر يقرأ القرآن ويذكر الله لرأيت أن ذاكر الله
أفضل.
(17) وكيع عن سفيان عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن زيد بن
صوحان عن سلمان أنه كان إذا تعار من الليل قال: سبحان رب النبيين وإله المرسلين.
(18) وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: كان سلمان إذا
أصاب شاة من المغنم ذبحها، فقدد لحمها، وجعل جلدها سقاء، وجعل صوفها حبلا، فإن
رأى رجلا قد احتاج إلى حبل لفرسه أعطاه، وإن رأى رجل احتاج إلى سقاء أعطاه.
(19) وكيع عن مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: صحب سلمان رجل
من بني عبس فأتى دجلة فقال له سلمان: إشرب: فشرب، ثم قال له: إشرب، فشرب، ثم
قال له: إشرب، فشرب، ثم قال له: يا أخا بني عبس! أترى شربتك هذه نقصت من ماء
دجلة شيئا؟ كذلك العلم لا ينفد، فابتغ من العلم ما ينفعك، ثم مر [بنهردن] فإذا أطعمه
وكدوس تذرى: فقال: يا أخا بني عبس! إن الذي فتح هذا لكم وخولكموه ورزقكموه
كان يملك خزائنه ومحمد (ص) حي، وكانوا يمسون ويصبحون وما فيهم قفيز حنطة، ثم
ذكر جلولاء وما فتح الله على المسلمين فيها، فقال: أخا بني عبس! إن الله أعطاكم هذا
وخولكموه قد كان يقدر عليه ومحمد حي.
(20) وكيع عن سفيان عن حبيب عن نافع بن جبير بن مطعم أن حذيفة وسلمان
قالا لامرأة أعجمية: أهاهنا مكان طاهر نصلي فيه، فقالت، طهر قلبك وصل حيث
شئت، فقال أحدهما لصاحبه: فقهت.
(21) أبو أسامة عن عون عن أبي عثمان قال: قال لي سلمان الفارسي: إن السوق
مبيض الشيطان ومفرخه، فإن استطعت أن لا تكون أول من يدخلها ولا آخر من يخرج
منها فافعل.

(17 / 17) تعار من الليل: استقيظ ليلا وترك فراشه.
(17 / 19) [نهردن] كذا في الأصل، وفي الحلية بيادر وهو الأرجح لان كدوس الطعام أي القمح تجمع على
البيادر، ولعل نهردن اسم موضع فيه بيادر أو كلمة فارسية بنفس المعنى.
القفيز حوالي 835 و 27 كلغ أي أقل من 28 كلغ بقليل.
(17 / 21) إذ يكثر الحلف الكاذب في السوق طلبا للربح أو لنفاذ السلعة.
181

(22) يحيى بن آدم عن عمار بن زريق عن أبي إسحاق عن أوس بن ضمعج قال:
قلنا لسلمان: يا أبا عبد الله! ألا تحدثنا، قال: ذكر الله أكبر، وإطعام الطعام، وإفشاء
السلام، والصلاة والناس نيام.
(23) معاذ بن معاذ عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: إن الله يستحيي
أن يبسط إليه عبد يديه يسأله بهما خيرا فيردهما خائبتين.
(24) وكيع قال حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة والمغيرة بن شبيل عن طارق
ابن شهاب قال: كان لي أخ أكبر مني يكني أبا عزرة، وكان يكثر ذكر سلمان، فكنت
أشتهي لقاءه لكثرة ذكر أخي إياه، قال: فقال لي ذات يوم: هل لك في أبي عبد الله؟ قد
نزل القادسية قال وكان سلمان إذا قدم من الغزو نزل القادسية، وإذا قدم من الحج نزل
المدائن غازيا، قال: قلت: نعم، قال: فانطلقنا حتى دخلنا عليه في بيت بالقادسية، فإذا
هو جالس، بين رجليه خرقة، وهو يخيط زنبيلا أو يدبغ إهابا، قال: فسلمنا عليه
وجلسنا، قال: فقال يا ابن أخي! عليك بالقصد فإنه أبلغ.
(25) أبو أسامة عن مسعر عن عمر بن قيس عن عمرو بن أبي قرة الكندي قال:
عرض أبي على سلمان أخته أن يزوجه، فأبى وزوجه مولاة لها بقيرة، قال: فبلغ أبا
قرة أنه كان بين حذيفة وسلمان شئ، فأتاه يطلبه فأخبر أنه في مبقلة له، فتوجه إليه فلقيه
معه زنبيل فيه بقل قد أدخل عصاه في عروة الزنبيل وهو على عاتقه.
(26) أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: تعطي الشمس يوم القيامة
حر عشر سنين، ثم تدنى من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين، قال: فيعرقون حتى
يرشح العرق في الأرض قامة، ثم يرتفع حتى يغرغر الرجل - قال سلمان: حتى يقول
الرجل: غر غر.
(27) أبو خالد عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن هبيرة قال: كتب أبو الدرداء إلى
سلمان: أما بعد فإني أدعوك إلى الأرض المقدسة وأرض الجهاد قال فكتب إليه سلمان:
أما بعد فإنك قد كتبت إلى تدعوني إلى الأرض المقدسة وأرض الجهاد، ولعمري ما
الأرض تقدس أهلها، ولكن المرء يقدسه عمله.

(24 / 17) القصد: الايجاز في الحديث دون إطناب أو تطويل.
(17 / 26) هذا الحديث الأرجح فيه الرفع إن لم يكن نصا فمعنى لا يقال عن الرأي.
182

(18) كلام أبي ذر رضي الله عنه
(1) أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن أبي ذر قال:
والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا، ولو تعلمون ما أعلم ما انبسطتم إلى
نساؤكم، ولا تقاررتم على فرشكم ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون وتبكون، والله لو أن الله
خلقني يوم خلقني شجرة تمضد وتؤكل ثمرتي.
(2) أبو أسامة عن سفيان عن أبي المحجل عن ابن عمران بن حطان عن أبيه قال:
قال أبو ذر: الصاحب الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من صاحب السوء، ومملي
الخير خير من الساكت، والساكت خير من مملي الشر، والأمانة خير من الخاتم، والخاتم خير من
ظن السوء.
(3) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: ذو
الدرهمين يوم القيامة أشد حسابا من ذي الدرهم.
(4) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: قيل له:
ألا تتخذ أرضا كما اتخذ طلحة والزبير، قال: فقال: وما أصنع بأن أكون أميرا، وإنما
يكفيني كل يوم شربة من ماء أو نبيذ أو لبن وفي الجمعة قفيز من قمح.
(5) محمد بن بشر العبدي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن رجل من بني سليم يقال
له عبد الله بن سيدان قال: صحبت أبا ذر فقال لي: ألا أخبرك بيوم حاجتي، إن يوم
حاجتي يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي.
(6) أبو معاوية عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن خراش قال: رأيت أبا ذر
بالربذة وعنده امرأة له سحماء أو شحباء، قال: وهو في مظلة سوداء، قال فقيل له: يا أبا
ذر! لو اتخذت امرأة هي أرفع من هذه، قال: فقال: إني والله لان أتخذ امرأة تضعني
أحب إلى من أن أتخذ امرأة ترفعني، قالوا: يا أبا ذر! إنك امرء ما تكاد يبقى لك ولد،
قال: فقال: وإنا نحمد الله الذي يأخذهم منا في دار الفناء ويدخر لما في دار البقاء، قال:
وكان يجلس على قطعة المسح والجوالق، قال: فقالوا: يا أبا ذر لو اتخذت بساطا هو ألين

(18 / 3) لان حساب كل امرئ على قدر ما أوتي من الدنيا ومالها.
(18 / 6) سحماء: شديد السمرة تكاد تصير سوداء وشحباء شديدة الشحوب.
الجوالق: الأكياس الفارغة.
183

من بساطك هذا، قال: فقال: اللهم غفرا، خذ ما أوتيت، إنما خلقنا لدار لها نعمل وإليها
نرجع.
(7) أبو معاوية عن الحسن عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال: بعث أبو الدرداء إلى
أبي ذر رسولا، قال: فجاء الرسول فقال لأبي ذر: إن أخاك أبا الدرداء يقرئك السلام،
يقول لك: اتق الله وحق الناس، قال: فقال أبو ذر: مالي وللناس، وقد تركت لهم
بيضاءهم وصفراءهم، ثم قال: للرسول: انطلق إلى المنزل، قال: فانطلق معه، قال: فلما
دخل بيته إذا طعيم في عباءة ليس بالكثير، وقد انتشر بعضه، قال: فجعل أبو ذر يكنسه
ويعده في العباءة قال: ثم قال: إن من فقه المرء رفقه في معيشته، قال: ثم جئ بطعيم
فوضع بين يديه، قال: فقال لي: كل، قال: فجعل الرجل يكره أن يضع يده في الطعام لما
يرى من قلته، قال: فقال له أبو ذر: ضع يدك، فوالله لأنا بكثرته أخوف مني بقلته،
قال: فطعم الرجل ثم رجع إلى أبي الدرداء فأخبره بما رد عليه، فقال أبو الدرداء ما
أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق منك يا أبا ذر.
(8) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي بكر بن المنكدر قال: أرسل
حبيب بن مسلمة وهو على الشام إلى أبي ذر بثلاثمائة دينار، فقال: استعن بها على
حاجتك، فقال أبو ذر: ارجع بها، فما وجد أحدا أغر بالله منا، ما لنا إلا ظل نتوارى
به، وثلة من غنم تروح علينا، ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها، ثم إني لأتخوف الفضل.
(9) عفان بن مسلم قال حدثنا عبد الله الرومي قال: دخلت على أم طلق وإنها حدثته
أنها دخلت على أبي ذر، فأعطته شيئا من دقيق وسويق، فجعله في طرف ثوبه وقال:
ثوابك على الله، فقلت لها: يا أم طلق! كيف رأيت هيئة أبي ذر؟ فقالت: يا بني! رأيته
شعثا شاحبا، ورأيت في يده صوفا منفوشا وعودين قد خالف بينهما وهو يغزل من ذلك
الصوف.
(10) محمد بن بشر قال حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن عبد الله بن الأقنع
الباهلي عن الأحنف بن قيس قال: كنت جالسا في مسجد المدينة فأقبل رجل لا تراه

(18 / 7) طعيم ج تصغير طعام، والمقصود أنه طعام قليل.
الخضراء: السماء.
الغبراء: الأرض.
(18 / 9) أي كان يغزل رداء وكفنه بيديه.
184

حلقة إلا فروا منه حتى انتهى إلى الحقة التي كنت فيها، فثبت وفروا، فقلت: من أنت؟
فقال: أبو ذر صاحب رسول الله، فقلت: ما يفر الناس منك؟ فقال: إني أنهاهم عن
الكنوز، فقلت: إن أعطياتنا قد بلغت وارتفعت فتخاف علينا منها؟ قال: أما اليوم فلا،
ولكنها يوشك أن تكون أثمان دينكم فدعوهم وإياها.
(19) كلام عمران بن حصين رضي الله عنه
(1) أبو أسامة عن الجريري عن يزيد عن أخيه عن مطرف قال: قال لي عمران بن
حصين: إني أحدثك حديثا لعل الله أن ينفعك به بعد اليوم، اعلم أن خيار العباد عند الله
الحمادون.
(2) وكيع عن أبي الأشهب عن الحسن قال: ابتلي عمران بن الحصين ببلاء كان
ويولد منه، قال: يولد منه، قال: فقال له: بعض من يأتيه: إنه ليمنعني من إتيانك ما نرى منك، قال: فلا
تفعل فوالله إن أحبه إلى أحبه إلى الله.
(20) كلام معاذ بن جبل رضي الله عنه
(1) عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن عدي عن الصنابحي عن معاذ قال: لا
تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن جسده فيما أبلاه، وعن عمره
فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه كيف عمل فيه.
(2) أبو أسامة عن ابن عون عن محمد قال: جاء رجل معاذ بن جبل معه أصحابه
يسلمون عليه ويودعونه ويوصونه فقال له معاذ: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حفظت
ما قال لك أصحابك: إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من
الآخرة أحوج فآثر نصيبك من الآخرة على نصيبك من الدنيا فإنه يأتي بك أو يمر بك
على نصيبك من الدنيا فينتظمه لك انتظاما فيزول معك أينما زلت.

(19 / 1) الحمادون: الذين يكثرون من ذكر الله وحمده.
(20 / 1) الأرجح في هذا الحديث الرفع وإن لم يرفع هاهنا لان مثله لا يقال عن رأي لا يكون إلا من
كلام الرسول (ص) لفظا أو معنى.
(20 / 2) يزول معك: يسير معك ويميل حيث ملت.
185

(3) يحيى بن آدم عن قطبة عن الأعمش عن شمر عن شهر بن حوشب قال: أخذت
معاذ قرحة في حلقة فقال: اخنقني خنقك فوعزتك إني لأحبك.
(4) محمد بن بشر عن مسعر عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: قال
معاذ: صل ونم وأفطر واكتسب ولا تأثم ولا تموتن إلا وأنت مسلم وإياك ودعوات
أو دعوة مظلوم.
(5) وكيع قال حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال المحاربي
قال: قال معاذ بن جبل: اجلس بنا نؤمن ساعة - يعني نذكر الله.
(21) كلام أبي هريرة رضي الله عنه
(1) أبو أسامة عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي
هريرة قال: إن الله يقول: يا ابن آدم! تفرغ لعبادتي أملا قلبك غنى، وأسد فقرك، وإلا
تفعل أملا يديك شغلا ولا أسد فقرك.
(2) أبو خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: لا
يقبض المؤمن حتى يرى البشري، فإذا قبض نادى، فليس في الدار دابة صغيرة ولا كبيرة
إلا هي تسمع صوته إلا الثقلين: الجن والإنس (تعجلوا به إلى أرحم الراحمين) فإذا وضع
على سريره قال: ما أبطأ ما تمشون، فإذا أدخل في لحده أقعد فأري مقعده من الجنة وما أعد الله له، وملئ قبره من روح وريحان ومسك، قال: فيقول: يا رب! قدمني، قال:
فيقال: لم يأن لك، إن لك إخوة وأخوات لما يلحقون، ولكن نم قرير العين، قال أبو
هريرة: فوالذي نفسي بيده! ما نام نائم شاب طاعم ناعم ولا فتاة في الدنيا نومة بأقصر
ولا أحلى من نومته حتى يرفع رأسه إلى البشري يوم القيامة.
(3) معاذ بن معاذ قال حدثنا ابن عون عن عبيد بن باب قال: كنت أفرغ على أبي
هريرة من أداوة، فمر به رجل فقال: أين تريد يا فلان! قال: السوق، قال: إن استطعت
أن تشتري الموت قبل أن ترجع فافعل، قال: ثم أقبل علي فقال: لقد خفت الله مما
أستعجل إليه قبل القدر.

(21 / 3) الإداوة: وعاء صغير للماء.
186

(4) حفص بن غياث عن أبي مالك عن أبي حازم قال: مررت مع أبي هريرة على قبر دفن
حديثا فقال: كركعتان خفيفتان مما تحتقرون هنا أحب إلي من دنياكم.
(5) أبو خالد عن داود عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال: بلغني عن أبي هريرة قال:
إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة، فأتيته فقلت: يا أبا هريرة! إنه بلغني أنك
تقول: إن الله يجزي المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة؟ قال: نعم، وألفي ألف حسنة، وفي
القرآن من ذلك * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها) * فمن
يدري تسمية تلك الأضعاف، * (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * قال: الجنة.
(6) يزيد بن هارون عن العوام عن أبي حازم قال: قال أبو هريرة! من كسا خلقا
كساه الله به حريرا، ومن كساء جديدا كساه بالله به استبرقا.
(7) وكيع عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة: أن رجلا من الأنصار
أذنه ضيف، فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نومي الصبية وأطفئ
السراج، قال: فنزلت هذه الآية: * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن
يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) *.
(8) أبو بكر قال حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة قال: إذا مات الميت تقول الملائكة: ما قدم؟ ويقول الناس: ما ترك؟
(9) ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن عبيد مولى أبي رهم قال: مررت مع أبي
هريرة على نخل فقال: اللهم أطعمنا من ثمر لا يأبره بنوا آدم.
(10) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة عن
عيسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: لا تطعم النار رجلا بكى من خشية الله أبدا حتى يرد
اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدا.
(11) عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عبد الواحد بن قيس عن أبي هريرة قال:
من أطفأ عن مؤمن سيئة فكأنما أحيى موؤودة.

(21 / 5) سورة النساء من الآية (40).
(21 / 7) سورة الحشر الآية (9). (21 / 9) التأبير: تلقيح النخل وقد يكون يدويا بواسطة عامل يسمى الصاعود يلقح النخل الأنثى بطلع
النخل الذكر وقد يكون بفعل الريح إذا قرب النخل المذكر من النخل المؤنث أو بواسطة الحشرات
كالنحل.
187

(12) أبو أسامة عن زهير عن ليث عن عطاء عن أبي هريرة قال: لا خير في فضول
الكلام.
(13) عبد الله بن نمير عن الأعمش عن أبي يحيى مولى جعدة بن هبيرة عن أبي
هريرة قال: مر رجل على كلب مضطجع عند قليب قد كاد أن يموت من العطش فلم يجد ما يسقيه فيه، فنزع خفه فجعل يغرف له ويسقيه فحاسبه الله به فأدخله الجنة.
(14) معاذ بن معاذ عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال: دحلت على أبي هريرة
وهو مريض فاحتضنته من خلفه وقلت: اللهم اشف أبا هريرة، فقال: اللهم اشدد.
(22) كلام عبد الله بن عمرو رضي الله عنه
(1) أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: كان عبد الله بن عمرو
يقول: دع ما لست منه في شئ ولا تنطق فيما لا يعينك، واخزن لسانك كما تخزن
نفقتك.
(2) زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال أخبرنا يحيى بن سعد الكلاعي
عن عمرو بن عائذ الأزدي عن غطيف بن الحارث الكندي قال: جلست أنا وأصحاب لي
إلى عبد الله بن عمرو، قال: فسمعته يقول: إن العبد إذا وضع في القبر كلمه فقال: يا ابن
آدم! ألم تعلم أني بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الحق، يا ابن آدم! ما غرك بي، قد
كنت تمشي حولي فددا، قال: فقلت لغطيف: يا أبا أسماء! ما فددا، قال: أحيانا، فقال له
صاحبي وكان أسن مني: فإذا كان مؤمنا؟ قال: وسع له وجعل منزله أخضر، وعرج
بنفسه إلى الجنة.
(3) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن
عبد الله بن عمرو قال: تجمعون جميعا فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ فيبرزون،
قال: فيقال: ما عندكم؟ قال: فيقولون: يا ربنا! ابتلينا فصبرنا وأنت أعلم، قال: وأراه
قال: ووليت الأموال والسلطان غيرنا، قال: فيقال: صدقتم، قال: فيدخلون الجنة قبل
سائر الناس بزمان، وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان، قال: قلت: فأين

(21 / 13) القليب: البئر غير العميق.
188

المؤمنون يومئذ؟ قال: يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام، ويكون ذلك اليوم
أقصر عليهم من ساعة من نهار.
(4) عباد بن العوام عن حصين عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: ما من ملا
يجتمعون فيذكرون الله إلا ذكرهم الله في ملا أعز من ملئهم وأكرم، وما من ملا
يتفرقون لم يذكروا الله إلا كان مجلسهم حسرة عليهم يوم القيامة.
(5) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال: أرسلنا امرأة إلى عبد الله بن عمرو تسأله: ما الذنب الذي لا يغفر الله؟ قال: ما من ذنب
أو عمل ما بين السماء يتوب منه العبد إلى الله تعالى قبل الموت إلا تاب عليه.
(6) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد المسيب عن عبد الله بن عمرو قال: ما من أحد إلا يلقي الله بذنب إلا يحيى بن زكريا ثم تلاه * (وسيدا وحصورا) * ثم
رفع شيئا صغيرا من الأرض فقال: ما كان معه مثل هذا ثم ذبح ذبحا.
(7) أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال: انتهيت إليه
وهو ينظر إلى المصحف، قال: قلت: أي شئ تقرأ؟ قال: حزبي الذي أقوم به الليلة.
(8) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني أن عبد الله بن
عمرو بينما هو جالس وبين يديه نارا إذ شهقت فقال: والذي نفسي بيده! إنها لتعوذ بالله
من النار الكبرى، أو قال: من نار جهنم: قال: فرأى القمر حين جنح للغروب فقال: والله
إنه ليبكي الآن.
(9) جعفر بن عون عن مسعر عن زياد بن علاقة عن عبد الله بن عمرو قال:
لوددت أني هذه الشجرة.
(10) غندر عن شعبة عن يعلى بن عبيد عن يحيى بن قمطة عن عبد الله بن عمرو
قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فإذا مات المؤمن يخلي به يسرح حيث شاء - والله
تعالى أعلم.

(22 / 6) سورة آل عمران من الآية (39).
(22 / 8) شهقت النار: طقطقت أو أصدرت صوتا.
189

(23) كلام النعمان بن بشير رضي الله عنه
(1) أبو الأحوص عن سماك عن النعمان بن بشير قال سمعته يقول: مثل ابن آدم
ومثل الموت مثل رجل كان له ثلاثة أخلاء فقال لأحدهم: ما عندك؟ فقال: عندي مالك
فخذ منه ما شئت، وما لم تأخذ فليس لك، ثم قال للآخر: ما عندك؟ قال: أقوم عليك
فإذا مت دفنتك وخليتك، ثم قال للثالث: ما عندك؟ فقال: أنا معك حيثما كنت، قال:
فأما الأول فماله، ما أخذ فله، وما لم يأخذ فليس له، وأما الثاني فعشيرته، إذا مات
قاموا عليه ثم خلوه، وأما الثالث فعمله حيثما دخل دخل معه.
(2) يزيد بن هارون قال أخبرنا جرير قال حدثني من سمع النعمان بن بشر يقول:
إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل عمل السوء في زمان البلاء.
(3) يزيد قال أخبرنا حريز بن عثمان قال حدثني حبان بن زيد الشرعبي قال وكان
ودا للنعمان، وكان النعمان استعمله على النبل، قال: يقول: ألا إن عمال الله
ضامنون على الله، ألا إن عمال بني آدم لا يملكون ضمانهم، قال: فلما نزل النعمان عن منبره
أتاه فاستعفي، فقال: مالك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا.
(24) كلام عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
(1) ابن فضيل عن حصين عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: أغمي على
عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته حمرة تبكي وتقول: وأخاه، وا كذا وا كذا - تعدد عليه،
فقال ابن رواحة حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي،: أنت كذلك؟.
(2) وكيع عن إسماعيل عن قيس أن عبد الله بن رواحة بكى فبكت امرأته فقال: ما
يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، فقال: إني أنبئت إني وارد ولم أنبأ أني صادر.
(3) يحيى بن يعلى التيمي عن منصور عن ربعي بن حراش قال: قال: عبد الله بن
رواحة: اللهم إني أسألك قرة عين لا ترتد ونعيما لا ينفذ.

(23 / 1) ما أخذ من ماله هو ما أبلاء في طعامه ولباسه أو قدمه أمامه من صدقة.
(24 / 1) وفيه النهي من التعديد والندب.
190

(4) مالك قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو إسحاق عن امرأة عبد الله بن رواحة أن
عبد الله بن رواحة كان له مسجدان: مسجد في بيته، ومسجد في داره، إذا أراد أن يخرج
صلى في المسجد الذي في بيته، وإذا دخل صلى في المسجد الذي في داره، وكان حيثما
أدركته الصلاة أناخ.
(25) كلام أبي أمامة رضي الله عنه
(1) أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد قال حدثنا القاسم عن أبي أمامة قال: من
أحب الله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان.
(2) شبابة بن سوار قال حدثنا جرير قال حدثنا عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي
قال: سمعت أبا أمامة يقول: لا يدخل النار من هذه الأمة إلا من شرد على الله شراد
البعير.
(3) شبابة بن سوار قال حدثني جرير قال حدثنا القاسم قال: سمعت أبا أمامة يقول:
اقرؤا القرآن، لا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن.
(4) شبابة بن سوار قال حدثني جرير عن حبيب بن عبيد قال: كان أبو أمامة
يحدثنا الحديث كالرجل الذي عليه أن يؤدي ما سمع.
(5) أبو أسامة قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثني يعلى بن حكيم عن سليمان بن
أبي عبد الله المدني قال: كان أبو أمامة الباهلي صاحب رسول الله (ص) قد أحقب رداءه
خلفه على رحله، فسمعت ابن عمر يقول: من سره أن ينظر إلى رجل حاج فلينظر إلى
أبي أمامة.
(26) كلام عائشة رضي الله عنها
(1) عبدة بن سليمان وعبد الله بن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة أنها قالت:
وددت أني إذا مت كنت نسيا منسيا.

(24 / 4) أناخ: أناخ راحلته وأقعدها وقام ليصلي.
(25 / 1) أي من أتي الذنوب والكبائر عمدا.
191

(2) زيد بن الحباب عن أسامة بن زيد قال حدثني إسحاق مولى زائدة أن عائشة
قالت: يا ليتها شجرة تسبح وتقضي ما عليها، وأنها لم تخلق.
(3) شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن يزيد عن عراك عن عروة أنه سمع عائشة تقول:
يا ليتني لم أخلق.
(4) وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم قال: قالت عائشة: أقلوا الذنوب فإنكم
لن تلقوا الله بشئ يشبه قلة الذنوب.
(5) وكيع عن مسعر عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن الأسود عن عائشة قالت:
إنكم لتدعون أفضل العبادة التواضع.
(6) وكيع قال حدثنا الأعمش عن تميم عن عروة بن الزبير قال: كانت عائشة تقسم
سبعين ألفا وهي ترقع درعها.
(7) أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت: من نوقش
الحساب يوم القيامة لم يغفر له.
(8) هاشم بن القاسم قال حدثنا أبو عقيل قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال
حدثني أبو السفر قال: قالت عائشة: إن الناس قد ضيعوا أعظم دينهم: الورع.
(9) وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه عن عائشة قالت: ما شبع
آل محمد من طعام بر فوق ثلاث.
(10) ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كنا نلبث شهرا ما نستوقد بنار،
ما هو إلا التمر والماء.
(11) ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لا يحاسب أحد يوم
القيامة إلا دخل الجنة، ثم قرأت: * (فأما من أوتي كتابه بيمينه كتابه فسوف يحاسب حسابا
يسيرا) * ثم قرأت * (يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذون بالنواصي والاقدام) *.
(12) ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما
يسأل ربه.

(26 / 2) يا ليتها: تعفني نفسها.
(26 / 11) * (فأما من أوتي كتابه...) * سورة الانشقاق الآيتان (7 - 8).
* (يعرف المجرمون بسيماهم) * سورة الرحمن الآية (41).
192

(13) جعفر بن عون عن مسعر عن حماد عن إبراهيم قال: قالت عائشة: وددت أني
ورقة من هذا الشجر.
(14) أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لقد توفي رسول الله (ص) وما
في رفي شئ يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي.
(15) أبو أسامة قال حدثني جرير بن حازم قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة قال:
سمعت عائشة تقول: يسلط على الكافر في قبره شجاع أقرع فيأكل لحمه من رأسه إلى
رجليه ثم يكسي اللحم فيأكل من رجليه إلى رأسه ثم يكسي اللحم فيأكل من رأسه إلى رجليه فهو كذلك.
(16) يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن
سعد قال: لقد رأيتنا نغزوا مع رسول الله (ص) مالنا زاد إلا ورق الحبلة وهذا السمر حتى
أن أحدنا ليضع كما تضع الشاة، ماله خلط، ثم أصبحت بنو أسد يعزروني على الدين،
لقد خبت إذا وخسر عملي.
(17) يزيد بن هارون ووكيع عن إسماعيل عن قيس قال: قال الزبير بن العوام: من
استطاع منكم أن يكون له خبا من عمل صالح فليفعل.
(18) محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن صالح بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت رجلا من جهينة قلت: ما بال زيد بن خالد الجهني أتيه
أصحاب رسول الله (ص) ذكرا، قال: إنه لم يجر مجراهم فسخط الله.
(19) وكيع عن إسماعيل عن قيس عن جرير أنه قال لقومه وهو يعظهم: ما أنت إلا
كالنعامة استترت واتخذوا ظهرا، فإن لم تجدوا الظهر فعليكم وإن أول الأرض خرابا
يسراها، ثم تتبعها يمناها، والمحشر هاهنا وأنا بالأثر.

(26 / 15) شجاع أقرع: ثعبان ضخم.
(26 / 16) الحبلة: شجر العضاة وهو مما ترعاه الإبل وتأكل ورقه. والحبلة ثمر العضاة عامة أو حب السلم
والسحر وهو أيضا بقلة طيبة من ذكور البقل.
(26 / 18) أتيه ذكرا: قد أتاه الناس عن ذكره فنسوه أي أخملهم ذكرا.
193

(27) كلام أنس بن مالك رضي الله عنه
(1) حفص بن غياث عن ابن عون عن عطاء الواسطي عن أنس بن مالك قال: لا
يتقي الله عبد حتى يحزن من لسانه.
(2) عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا ثابت عن أنس قال: ما نفضنا عن
رسول الله (ص) الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا.
(3) عفان بن مسلم قال حدثنا سليمان بن كثير قال حدثنا الجلد بن أيوب عن
معاوية بن قرة قال: قال لي أنس بن مالك: لم أر مثل الذي بلغنا عن ربنا لم نخرج له عن
كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا ولها! يقول الله: * (إن تجتنبوا كبائر ما
تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) *.
(4) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن محمد بن خالد أن أنسا كان يقول: ما من
روحة ولا غدوة إلا تنادي كل بقعة جارتها: يا جارتي! هل مر بك اليوم نبي أو صديق
أو عبد ذاكر الله عليك؟ فمن قائلة: نعم، ومن قائلة: لا.
(5) حفص بن غياث عن ليث عن بشر عن أنس في قوله: * (فو ربك لنسألنهم
أجمعين عما كانوا يعلمون) * قال: لا إله إلا الله.
(6) أبو معاوية عن ليث عن عبد الملك عن أنس قال: من اتخذ أخا في الله بني له
برج في الجنة، ومن لبس بأخيه ثوبا ألبسه الله ثوبا في الجنة، ومن أكل بأخيه أكلة آكله
الله بها أكلة في النار، ومن قام بأخيه مقام سمعة ورياء أقامه الله يوم القيامة مقام سمعة
ورياء.
(7) أبو أسامة عن الأعمش عن رجل عن أنس قال: ما التقى رجلان من أصحاب
محمد (ص) فافترقا حتى يدعوا ويذكرا الله.
(8) جعفر بن عون عن أبي العميس عن أبي طلحة عن أنس قال: لو تعلمون ما أعلم
لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا.
(9) الثقفي عن حميد: أطلنا الحديث ذات ليلة ثم دخلنا على أنس بن مالك فقال:
أطلتم الحديث البارحة، أما إن حديث أول الليل يضر بآخره.

(27 / 3) سورة النساء الآية (31).
(27 / 5) سورة الحجر الآيتان (93 - 92).
194

(10) سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر سمع أنس بن مالك يقول: تتبع
الميت ثلاث: أهله وماله وعمله يرجع أهله وما له يبقي واحد - يعني عمله.
(11) ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن حصين بن عبد الله الحماني عن أنس قال: ما
أعرف شيئا إلا الصلاة.
(12) يحيى بن يعلى عن منصور عن طلق بن حبيب عن أنس بن مالك قال: ثلاث
من كن فيه وجد طعم الايمان وحلاوته: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن
يحب في الله وأن يبغض في الله، وأن لو أوقدت له نار يقع فيها أحب إليه من أن يشرك
بالله.
(13) وكيع عن يزيد بن درهم قال: سمعت أنس بن مالك يقول في قوله: * (وكل
انسان ألزمناه طائرة في عنقه) * قال: كتابه.
(28) كلام البراء بن عازب رضي الله عنه
(1) إسحاق بن منصور قال حدثنا أبو رجاء عن محمد بن مالك عن البراء بن
عازب: * (تحيتهم يوم القيامة يلقونه سلام) * قال: يوم يلقون ملك الموت ليس من مؤمن
يقبض روحه إلا سلم عليه.
(2) أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب قال في قوله:
* (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) * قال: التثبيت في الحياة الدنيا
إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر فقالا له: من ربك؟ فقال: ربي الله، وقالا: ما دينك؟
قال: ديني الاسلام، قالا: ومن نبيك قال: محمد، قال: فذلك التثبيت في الحياة الدنيا.
(3) محمد بن فضيل عن الأعمش عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن البراء قال:
* (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * قال: الأمانة في الصلاة، والأمانة في الغسل من الجنابات، والأمانة في الكيل والأمانة في الوزن، وأعظم ذلك في الودائع.

(27 / 12) لان نار الدنيا مهما اشتد وطال عذابها فهو منقطع منقض أما عذاب المشركين في الآخرة فلا
انقضاء له.
(27 / 13) سورة الإسراء الآية (13).
(28 / 1) سورة الأحزاب الآية (44).
(28 / 2) سورة إبراهيم الآية (27).
(28 / 3) سورة النساء من الآية (58).
195

(29) كلام ابن عباس رضي الله عنه
(1) محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: أحب في الله ووال في
الله وعاد في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، لا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته
وصيامه حتى يكون كذلك.
(2) أبو خالد الأحمر عن يحيى عن القاسم عن ابن عباس قال: قيل له: رجل كثير
الذنوب كثير العمل أحب إليك، أو رجل قليل الذنوب قليل العمل؟ قال: ما أعدل
بالسلامة شيئا.
(3) ابن إدريس عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: السمت الصالح والهدي
الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة.
(4) وكيع عن سفيان عن عثمان الثقفي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: * (ونادى
أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء) * الآية، قال: ينادي الرجل
الرجل فيقول: إني قد احترقت فأفض علي من الماء، قال: فيقال: أجبه، فيقول: * (إن الله
حرمهما على الكافرين) *.
(5) جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: * (الوسواس
الخناس) * قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله
خنس.
(6) وكيع عن شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس: * (ذلك
يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) * قال: يوم القيامة.
(7) جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس * (آناء الليل) * قال: جوف الليل.
(8) أبو الأحوص عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: سألت ابن عباس: أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر، وما جلس قوم في بيت يتعاطون فيه كتاب الله فيما بينهم

(29 / 3) السمت: الهيئة والمظهر الذي يتخذه الانسان لنفسه.
(29 / 4) المقصود سورة الأعراف الآية (50) من أولها إلى آخرها.
(49 / 5) سورة الناس من الآية (4).
(49 / 6) سورة هود من الآية (103).
(29 / 7) سورة آل عمران من الآية (113).
196

ويتدارسونه إلا أظلتهم الملائكة بأجنحتها، وكانوا أضياف الله ما داموا فيه حتى يخوضوا
في حديث غيره.
(9) شريك عن السدي عن أبي حكيم البارقي عن ابن عباس قال: * (ونفخ في
الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) * قال: نفخ فيه أول
نفخة فصاروا عظاما ورفاتا، ثم نفخ فيه الثانية فإذا هم قيام ينظرون.
(10) حفص بن غياث عن ليث عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس * (يعظكم الله
أن تعودوا لمثله) * قال: يحرج الله عليكم أن تعودوا لمثله.
(11) عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس في
قوله: * (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) * قال: هذا تحريج من الله على المؤمنون أن
يتقوا ويصلحوا ذات بينهم.
(12) أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس: ضمن الله لمن
اتبع القرآن لا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة ثم تلا * (فمن اتبع هداي فلا
يضل ولا يشقي) *.
(13) حفص بن غياث عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن ابن عباس في قوله:
* (توفته رسلنا وهم لا يفطرون) * قال: أعوان ملك الموت من الملائكة.
(14) حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس * (إذا
وقعت الواقعة) * قال: يوم القيامة * (ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة) * قال: تخفض
ناسا وتضع آخرين.
(15) حفص بن غياث عن محمد بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس * (إن
الحسنات يذهبن السيئات) * قال: الصلوات الخمس.

(29 / 9) سورة الزمر الآية (68).
(29 / 10) سورة النور الآية (17).
(29 / 11) سورة الأنفال من الآية (1).
(29 / 12) سورة طه الآية (123).
(29 / 13) سورة الأنعام من الآية (61).
(29 / 14) سورة الواقعة الآيات (1 - 3).
(29 / 15) سورة هود من الآية (114).
197

(16) وكيع عن سفيان عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس قال: الأرض
تبكي على المؤمن أربعين صباحا.
(17) جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: من راءى راءى الله به.
(18) وكيع عن ابن أبي ليلي عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
* (سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: يحبهم ويحببهم.
(19) أبو أسامة قال حدثنا بشر بن عقبة قال حدثنا يزيد بن عبد الله عن ابن عباس
قال: لابن آدم ثلاثة وثلاثون عضوا، على كل عضو منها زكاة من تسبيح الله وتحميده
وذكره.
(20) وكيع عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس * (لكيلا تأسوا على ما
فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) * قال: ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن من جعل
المصيبة صبرا وجعل الخير شكرا.
(21) حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن سميع عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس * (ما لكم لا ترجون لله وقارا) * ما لكم لا تعلمون حق عظمته.
(22) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر
ابن عبد الله الأنصاري قال: رأى رجل جمجمة فحدث نفسه بشئ، قال: فخر ساجدا
تائبا مكانه، قال: فقيل له: ارفع رأسك فإنك أنت أنت وأنا أنا.
(30) كلام الضحاك بن قيس
(1) أبو بكر قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن
طرفة قال: سمعت الضحاك بن قيس يقول: يا أيها الناس! اعلموا أعمالكم لله، فإن الله لا
يقبل إلا عملا خالصا، لا يعفو أحد منكم عن مظلمة فيقول: هذا لله ولوجوهكم فليس
لله وإنما هي لوجوههم، ولا يصل أحد منكم رحمه فيقول: هذا لله وللرحم، إنما هو

(29 / 18) سورة مريم من الآية (96).
(29 / 20) سورة الحديد من الآية (23).
(29 / 21) سورة نوح الآية (13). (29 / 22) حدث نفسه بشئ: حدث نفسه بالموت وما بعده متعظا من رؤية هذه الجمجمة الملقاة التي كانت
لإنسان يعيش ويسير ويظن نفسه خالدا في الدنيا.
198

للرحم، ومن عمل عملا فيجعله لله ولا يشرك فيه شئ فإن الله يقول يوم القيامة: من
أشرك بي شئ في عمل عمله فهو لشريكه ليس لي منه شئ.
(2) حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى قال: كان الضحاك بن قيس يقول:
يا أيها الناس! عملوا أولادكم وأهليكم القرآن، فإنه من كتب الله له من سلم أن يدخله
الجنة أتاه ملكان فاكتنفاه فقالا له: اقرأ وارتق في درج الجنة حتى ينزلا به حيث انتهى
عمله من القرآن.
(3) حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: قال: سمعت الضحاك بن قيس يقول: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، فإن يونس كان
عبدا صالحا ذاكرا لله، فلما وقع في بطن الحوت قال الله: * (فلولا أنه كان من المسبحين
للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) * وإن فرعون كان عبدا طاغيا ناسيا لذكر الله فلما
* (أدركه الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من
المسلمين، الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) *.
(4) حدثنا وكيع عن قرة بن خالد السدوسي عن حميد بن هلال العدوي عن
خالد بن عمير العدوي، قال: وحدثنا وكيع عن أبي نعامة سمعه من خالد بن عمير قال:
خطبنا عتبة بن غزوان، قال أبو نعامة: على المنبر، ولم يقله قرة، فقال: ألا إن الدنيا قد
آذنت بصرم وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء، فأنتم في دار منتقلون
عنها، فانتقلوا بخير ما يحضركم، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله (ص) وما لنا طعام
نأكله إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، قال قرة: ولقد وجدت بردة، قال: وقال أبو
نعامة: التقطت بردة، فشققتها بنصفين فلبست نصفها وأعطيت سعدا نصفها، وليس من
أولئك السبعة أحد اليوم حي إلا على مصر من الأمصار، ولتجربن الأمراء بعدي، وإنه
والله ما كانت نبوة حتى تناسخت إلا تكون ملكا وجبرية، ولقد ذكر لي، قال قرة: إن

(30 / 1) أي أنه على من يعمل عملا صالحا أن يحتسبه عند الله لا يرجو به خيرا من الناس فإن أمل بخير من
الناس فعمله للناس.
(30 / 3) * (فلولا أنه كان من المسبحين) * إلى * (يبعثون) * سورة الصافات الآيتان (143 - 144).
* (أدركه الغرق) * إلى * (وكنت من المفسدين) * سورة يونس الآيتان (90 - 91).
(30 / 4) حذاء: مقابل وإزاء وكذلك الحذو والحذية والحذية والحذوة والحذة والحذيا والمحاذاة.
صبابة الاناء: ما بقي في قعره من الماء وهو عادة قليل.
كظيظ قد اشتد عليه الزحام.
199

الحجر، وقال أبو نعامة: أن الصخرة يقذف بها من شفير جهنم فتهوي إلى قرارها، قال
قرة: أراه قال: سبعين، وقال أبو نعامة: سبعين خريفا، وإن ما بين المصراعين من أبواب
الجنة لمسيرة أربعين عاما، وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ،
وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا.
(5) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمر عن الماجشون بن أبي سلمة
قال: قال سعد بن معاذ: ثلاث أنا فيما سواهن بعد ضعيف: ما سمعت رسول الله (ص)
يقول قولا قط إلا علمت أنه حق، ولا صليت صلاة قط فألهاني عنها غيرها حتى
أنصرف، ولا تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هي قائلة أو يقال لها حتى نفرغ، قال
محمد: فحدثت بذلك الزهري فقال: يرحم الله سعدا إن كان لمأمونا وما كنت أرى أن
أحدا يكون هكذا إلا نبي.
(6) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن أبي سنان عن ابن أبي هذيل قال: بنى عبد الله
بيتا في داره من لبن ثم دعا عمارا فقال: كيف ترى يا أبا اليقظان؟ فقال: أراك بنيت
شديدا وأملت بعيدا وتموت قريبا - نسأل الله حسن الختام.
(31) كلام حذيفة رضي الله عنه
(1) محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: قام حذيفة
بالمدائن فخطب فحمد الله واثني عليه ثم قال: * (اقتربت الساعة وانشق القمر) * ألا إن
الساعة قد اقتربت، وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بالفراق، ألا وإن
المضمار اليوم، وإن السباق غدا، وإن الغاية النار، وإن السابق من سبق إلى الجنة.
(2) حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن سليم العامري قال: سمعت حذيفة
يقول: بحسب المرء من العلم أن يخشى الله وبحسبه من الكذب أن يقول: استغفر الله، ثم
يعود.

(30 / 6) بني بيتا في داره: بنى غرفة.
اللبن: هو الطين المجفف في الشمس، وانظر لقوله: بنيت شديدا وهو إنما بنى غرفة من طين فما بال
هؤلاء الذين يبنون قصورا وعمارات شاهقة؟
(31 / 1) سورة الانشقاق الآية (1).
المضمار: المسافة التي تركضها الخيل من الطريق أو مكان إضمارها وتدريبها على السباق.
200

(3) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة قال: يجمع
الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فينادي مناد: يا محمد على رؤوس
الأولين والآخرين، فيقول (ص): (لبيك وسعديك والخير بيديك، والشر ليس إليك،
والمهدي من هديت، تباركت ربنا وتعاليت)، قال حذيفة: فذلك المقام المحمود.
(4) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم بن همام عن حذيفة قال: كان
يدخل المسجد فيقف على الحلق فيقول: يا معشر القراء! اسلكوا الطريق فلئن سلكتوه لقد
سبقتم سبقا بعيدا، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا.
(5) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أم سلمة
قالت: قال حذيفة: لوددت أن لي إنسانا يكون في مالي ثم أغلق علي بابا فلا يدخل علي
أحد حتى ألحق بالله.
(6) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن أبي وائل شقيق عن خالد بن ربيع العبسي
قال: لما بلغنا ثقل حذيفة خرج إليه نفر من بني عبس ونفر من الأنصار معنا أبو مسعود،
قال: فانتهينا إليه في بعض الليل فقال: أي ساعة هذه؟ قلنا: ساعة كذا وكذا، قال:
أعوذ بالله من صباح إلى النار، هل جئتموني معكم بكفن؟ قلنا: نعم، قال: فلا تغالوا
بكفني فإن يكن لصاحبكم خير عند الله يبدل خيرا منه وإلا سلب سريعا.
(7) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن محمد بن المنتشر عن ابن حراش عن
حذيفة بن اليمان قال: إن في القبر حسابا وفي اليوم القيامة عذابا فمن حوسب يوم القيامة
عذب.
(8) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس عن أبي مسعود قال: لما أتي حذيفة بكفنه
قال: إن يصب أخوكم خيرا فعسى، وإلا ليترامين به رجواها إلى يوم القيامة.
(9) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن مسلم عن حذيفة * (للذين أحسنوا الحسني وزيادة) * قال: أنظر إلى وجه الله.
(10) حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت زياد

(31 / 4) الحلق: الحلقات التي تجمع فيه الناس أو القراء.
(31 / 6) ثقلة: شدة مرضه.
(31 / 9) سورة يونس الآية (26).
201

يحدث عن ربعي بن حراش عن حذيفة أنه قال: رب يوم لو أتاني الموت لم أشك، فأما
اليوم فقد خالطت أشياء لا أدري على ما أنا منها، وأوصى أبا مسعود فقال: عليك بما
تعرف، وإياك والتلون في دين الله.
(11) حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن أبي عبد الله الفلسطيني عن عبد العزيز
ابن أخ لحذيفة قال سمعته من حذيفة منذ خمس وأربعين سنة، قال: قال حذيفة: أول ما
تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة.
(12) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن أبي بشر عن جندب بن عبد الله البجلي ثم
البصري قال: استأذنت على حذيفة ثلاث مرات فلم يأذن لي، فرجعت فإذا رسوله قد
لحقني فقال: ما ردك؟ قلت: ظننت أنك نائم، قال: ما كنت لأنام حتى أنظر من أين
تطلع الشمس؟ قال: فحدثت به محمدا فقال: قد فعله غير واحد من أصحاب محمد (ص).
(32) كلام عبادة بن الصامت رضي الله عنه
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شمر عطية بن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت قال: إذا كان يوم القيامة قال الله: ميزوا ما كان لي من الدنيا وألقوا
سائرها في النار.
(2) حدثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن عمارة بن حمزة عن شهر بن حوشب قال:
جاء رجل إلى عبادة بن الصامت فقال: رجل يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، قال:
ليس بشئ، إن الله يقول: أنا خير شريك، فمن كان له معي شرك فهو له كله لا حاجة
لي فيه.
(3) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال: سمعت ميمون بن أبي شبيب يحدث عن
عبادة بن الصامت قال: أتمنى لحبيبي أن يقل ماله ويعجل موته.

(12 / 31) قد فعله غير واحد: أي قعد غير واحد منهم منتظرا طلوع الشمس ومن أين تطلع لان من علامات
القيامة طلوع الشمس من مغربها.
202

(33) كلام أبي موسى رضي الله عنه.
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي وائل عن أبي موسى قال: إنما
أهلك مكان قبلكم هذا الدينار والدرهم وهما مهلكاكم.
(2) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني
عن ابن أبي موسى عن أبيه * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) * قال: جنتان من ذهب
للسابقين وجنتان من فضة للتابعين (3) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أبي موسى قال: الشمس فوق
رؤوس الناس يوم القيامة وأعمالهم تظلهم أو تضيحهم.
(4) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: كنا مع أبي
موسى، قال: فجئنا الليل إلى بستان خرب، قال: فقال أبو موسى من الليل يصلي، فقرأ
قراءة حسنة ثم قال: اللهم أنت مؤمن تحبن المؤمن مهيمن تحب المهمين، سلام تحب
السلام، صادق تحب الصادق.
(5) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن أبي موسى قال: تخرج
نفس المؤمن وهي أطيب ريحا من المسك، قال: فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم
ملائكة دون السماء فيقولون: من هذا معكم؟ فيقولون: فلان - ويذكرونه بأحسن عمله،
فيقولون: حياكم الله وحيا من معكم، قال: فتفتح له أبواب السماء، قال: فيشرق وجهه
فيأتي الرب ولوجهه برهان مثل الشمس، قال: وأما الآخر فتخرج نفسه وهي أنتن من
الجيفة، فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون من هذا
معكم؟ فيقولون: فلان - ويذكرونه بأسوء عمله، قال: فيقولون: ردوه فما ظلمه الله
شيئا، قال: وقرأ أبو موسى: * (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) *.

(33 / 1) أي أهلكهم الركض وراء المال والاستئناس بالدنيا والميل إليها ونسيان الآخرة في غمار ذلك.
(33 / 2) سورة الرحمن الآية (46).
(33 / 3) تضيحهم: قال ابن دريد هو فعل ممات وضاحت البلاد: خلت جدبا والضيح يأتي تباعا للريح،
فإذا أفرد لم يكن له معنى، قاله أبو زيد ولعل المقصود هنا أن أعمالهم تصير ريحا حاميا يلفح
وجوههم.
(33 / 5) سورة الأعراف من الآية (40).
203

(6) حدثنا معاذ عن بن عون عن محمد قال: كتب أبو موسى إلى عامر من
عبد الله بن قيس إلى عامر بن عبد الله يدعى عامر بن عبد قيس (أما بعد فإني
عهدتك على أمر وبلغني أنك تغيرت، فإن كنت على ما عهدت فاتق الله ودم، وإن كنت
نغير ت فاتق الله وعد).
(7) حدثنا علي بن مسهر عن عاصم عن أبي كبشة عن أبي موسى قال: الجليس
الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من جليس السوء، ألا إن مثل جليس الخير كمثل
العطر إلا يحذك يعبق بك من ريحه، ألا وإن مثل جليس السوء كمثل الكير إلا يحرقك
يعبق بك من ريحه، ألا وإنما سمي القلب من تقلبه، ألا وإن مثل القلب مثل ريشة متعلقة
بشجرة في فضاء من الأرض فالريح تقلبها ظهرا وبطنا.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس قال: كنا
مع أبي موسى في مسير له فسمع الناس يتكلمون فسمع فصاحة وبلاغة، قال: فقال:
يا أنس! هلم فلنذكر الله ساعة، فإن هؤلاء يكاد أحدهم أن يغري الأديم بلسانه، ثم قال:
يا أنس! ما ثبط الناس عن الآخرة؟ ما ثبطهم عنها؟ قال: قلت: الدنيا والشهوات، قال:
لا، ولكن غيبت الآخرة وعجلت الدنيا ولو عاينوا ما عدلوا بينهما ولا ميلوا.
(9) حدثنا غندر عن شعبة عن زياد بن مخراق عن أبي أياس عن أبي كنانة عن أبي
موسى الأشعري أنه قال: إن هذا القرآن كائن لكم أجرا وكائن لكم ذكرا وكائن عليكم
وزرا، فاتبعوا القرآن ولا يتبعكم، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن
يتبعه القرآن يزخ في قفاه فيقذفه في جهنم.
(10) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن
عن أبي موسى قال: إذا أصبح إبليس بعث جنوده فيقول: لم أزل به حتى شرب، قال:
أنت، قال: لم أزل به حتى زنى، قال: أنت، قال: لم أزل به حتى قتل، قال: أنت.
(11) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال: جمع أبو موسى القراء فقال: لا يدخلن عليكم إلا من جمع
القرآن، قال: فدخلنا زهاء ثلاثمائة رجل فوعظنا وقال: أنتم قراء هذا البلد وأنتم، فلا
يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب أهل الكتاب.

(33 / 7) يحذك: يعطك أو ينيلك بعضه.
(33 / 9) وهو وزر لمن تركه فلم يقرأه ولم يعمل بما جاء به.
204

(12) حدثنا أبو خالد عن أشعث عن أبي بردة قال: بعثني أبي إلى المدينة وقال:
إلحق أصحاب رسول الله (ص) فسائلهم، واعلم إني سائلك، فلقيت ابن سلام فإذا هو
رجل خاشع.
(34) كلام ابن الزبير رضي الله عنه
(1) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة
كأنه وتد.
(2) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال: ما رأيت سجدة أعظم من
سجدته يعني ابن الزبير.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير
قال: * (خذ العفو) *، قال: ما مر به من أخلاق الناس، وأيم الله لآخذن به فيهم ما
صحبتهم.
(4) حدثنا أبو داود الطيالسي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب
قال: دخلنا على ابن الزبير وهو مواصل لخمس عشرة.
(5) حدثنا أبو أسامة عن سعيد بن مرزبان قال: حدثنا محمد بن عبيد الله الثقفي قال:
رأيت ابن الزبير خطبهم، وقال: إنكم جئتم من بلدان شتى تلتمسون أمرا عظيما، فعليكم
بحسن الدعة وصدق النية.
(6) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال: كتب رجل من
أهل العراق إلى ابن الزبير حين بويع: سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا
هو، أما بعد فإن لأهل طاعة الله وأهل الخير علامة يعرفون بها ويعرف فيهم من الأمر بالمعروف ونهي عن المنكر والعمل بطاعة الله، وأعلم الناس أن الامام مثل السوق يأتيه ما
زكا فيه، فإن كان برا جاءه أهل البر ببرهم، وإن كان فاجرا جاءه أهل الفجور بفجورهم.

(34 / 1) كأنه وتد: كان يطيل الوقوف للقراءة ثابتا لا يميل.
(34 / 2) أي كان يطيل السجود.
(34 / 3) سورة الأعراف من الآية (199).
(34 / 4) مواصل: يواصل الصيام دون إفطار أو سحور.
205

(7) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن يونس عن الحسن عن عتي عن
أبي بن كعب قال: إن طعام ابن آدم ضرب مثلا وإن ملحه وقزحه علم إلى ما يصير.
(8) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن
عوف أنه أتي بالطعام فقال عبد الرحمن: قتل حمزة ولم يجد ما يكفنه وهو خير مني، وقتل
مصعب بن عمير، وهو خير مني ولم يجد ما يكفنه، وقد أصبنا، ثم قال عبد
الرحمن: إني لأخشى أن نكون قد عجلت لنا طيباتنا في الدنيا.
(9) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عم معن عن عون بن عبد الله قال: بينا رجل في
بستان بمصر في فتنة ابن الزبير جالس مهموم حزين ينكت في الأرض، إذ رفع رأسه فإذا
صاحب مسحاة قائم بين يديه، فقال صاحب المسحاة، ما لي أراك مهموما حزينا؟ فكأنه
ازدراه، فقال: لا شئ، فقال صاحب المسحاة: إن يكن للدنيا فالدنيا عرض حاضر
يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة أجل صادق يحكم فيه ملك قادر يفصل بين الحق
والباطل، حتى ذكر أن لها مفاصل مثل مفاصل اللحم، من أخطأ منها شيئا أخطأ الحق،
فلما سمع بذلك قال: اهتمامي بما فيه المسلمون، قال: فقال: فإن الله سينجيك بشفقتك على
المسلمين وسل، من ذا الذي سأل الله فلم يعطه؟ ودعا الله فلم يجبه؟ وتوكل عليه فلم يكفه؟
ووثق به فلم ينجه؟ قال: فطفقت أقول: اللهم سلمني وسلم مني، قال: فتجلت ولم أصب
منها بشئ.
(10) حدثنا قبيصة بن عقبة عن مالك بن مغول عن ابن أبجر عن سلمة بن كهيل
قال: لقيني أبو جحيفة فقال لي: يا سلمة! ما بقي شئ مما كنت أعرف إلا هذه الصلاة،
وما من نفس تسرني أن تفديني من الموت ولا نفس ذباب، قال: ثم بكى.
(11) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن زكريا عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة
قال: جالسوا الكبراء وخالطوا الحكماء وسائلوا العلماء.
(12) حدثنا محمد بن أبي عدي عن شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: مروا بجنازة أبي
عبد الرحمن على أبي جحيفة فقال: استراح واستريح منه.

(34 / 7) القزح: التوابل والأبازير.
(34 / 8) يريد بذلك قوله تعالى: * (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) * سورة الأحقاف الآية
(20).
206

(13) حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي حازم عن
النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد * (فإن له معيشة ضنكا) *، قال: عذاب القبر.
(14) حدثنا وكيع عن إبراهيم بن حبان عن أبي جعفر عن أبي سعيد * (لرادك إلى
معاد) * قال: معاده آخرته: الجنة.
(15) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: إن إبراهيم
يلقاه أبوه يوم القيامة فيتعلق به، فيقول له إبراهيم: قد كنت آمرك وأنهاك فعصيتني،
قال: ولكن اليوم لا أعصيك، قال: فيقبل إبراهيم إلى الجنة وهو معه، قال: فيقال له: يا
إبراهيم! دعه، قال: فيقول: إن الله وعدني أن لا يخذلني اليوم، قال: فيأتي إبراهيم آت من
ربه ملك، فيسلم عليه فيرتاع له إبراهيم ويكلمه ويشغل حتى يلهو عن أبيه، قال: فينطلق
الملك ويمشي إبراهيم نحو الجنة، قال: فيناديه أبوه، يا إبراهيم، قال: فيلتفت إليه وقد غير
خلقه، قال: فيقول إبراهيم: أف أف - ثم يمشي إلى الجنة ويدعه.
(35) كلام ربيع بن خيثم
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى قال: كان الربيع بن خيثم إذا مر
بالمجلس يقول: قولوا خيرا وافعلوا خيرا ودوموا على صالحة، ولا تقس قلوبكم ولا
يتطاول عليكم الأمد ولا تكونوا كالذين قالوا: سمعنا وهم لا يسمعون.
(2) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى قال: كان الربيع
إذا قيل له: كيف أصبحت؟ يقول: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
(3) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلي عن ربيع قال ما أحب
مناشدة العبد لربه يقول: رب قضيت على نفسك الرحمة، قضيت على نفسك كذا،
يستبطئ، وما رأيت أحدا يقول: رب قد أديت ما علي فأد ما عليك.
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن ربيع عن خيثم قال: ما غائب
ينتظره المؤمن خير من الموت.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن منذر عن الربيع بن خيثم أنه أوصى عند

(34 / 13) سورة طه الآية (124).
(34 / 14) سورة القصص الآية (85).
207

موته فقال: هذا ما أقر به الربيع بن خيثم على نفسه وأشهد الله عليه وكفى بالله شهيدا،
وجازيا لعبادة الصالحين ومثيبا أني رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، ورضيت
لنفسي ولمن أطاعني أن أعبده في العابدين وأن أحمده في الحامدين وأن أنصح لجماعته
المسلمين.
(6) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي حيان عن أبيه قال: ما سمعت الربيع بن خيثم يذكر
شيئا من أمر الدنيا إلا أني سمعته يقول مرة: كم بنيتم مسجدا.
(7) حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن بكر بن ماعز قال: قال
الربيع بن خيثم: يا بكر! اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس
على ديني، أطع الله فيما عملت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد
أخوف مني عليكم في الخطأ، ما خير كم اليوم بخيره، ولكنه خير من آخر شر منه، ما
أدركتم، ولا كل ما تقرأون تدرون ما هو؟ السرائر اللاتي يخفين على الناس هن لله بواد،
ابتغوا دواءها، ثم يقول لنفسه: وما دواءها؟ أن تتوب ثم لا تعود.
(8) حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عجلان عن نسير مولى الربيع قال: كان
الربيع يصلي ليلة فمر بهذه الآية * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات) * فرددها حتى
أصبح.
(9) حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان الربيع يأتي علقمة
وكان في مسجده طريق، وإلى جنبه نساءكن يمررن في المسجد، فلا يقول كذا وكذا.
(10) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين عن الربيع بن خيثم * (وإذا لا
تمتعون إلا قليلا) *، قال: القليل ما بينهم وبين الاجل.
(11) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين عن ربيع بن خيثم * (بلى من
كسب سيئة وأحاطت به خطيئاته) * قال: ماتوا على كفرهم، وربما قال: ماتوا على
المعصية.

(35 / 8) سورة الجائية الآية (21). (35 / 10) سورة الأحزاب من الآية (16).
(35 / 11) سورة البقرة من الآية (81).
208

(12) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن منذر عن ربيع بن خيثم أنه كان يكنس
الحش بنفسه، قال: فقيل له: إنك تكفي هذا، قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.
(13) حدثنا حفص عن أشعث عن ابن سيرين عن الربيع بن خيثم قال: أقلوا الكلام
إلا بتسع، تسبيح وتهليل وتكبير وتحميد وسؤالك الخير وتعوذك من الشر وأمرك
بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءة القرآن.
(14) حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر عن الربيع أنه قال لأهله: اصنعوا لي
خبيصا، فصنع فدعا رجلا به خبل فجعل ربيع يلقمه ولعابه يسيل، فلما أكل وخرج قال
له أهله: تكلفنا وصنعنا ثم أطعمته ما يدري هذا ما أكل، قال الربيع: لكن الله يدري.
(15) حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك بن مغول عن الشعبي قال: ما جلس الربيع بن
خيثم في مجلس منذ تأزر بإزار، قال: أخاف أن يظلم رجل فلا أنصره، أو يفتري رجل
على رجل فأكلف عليه الشهادة، ولا أغض البصر ولا أهدي السبيل أو تقع الحامل فلا
أحمل عليها.
(16) حدثنا ابن خلف بن خليفة عن سيار عن أبي وائل قال: انطلقت أنا وأخي إلى
الربيع بن خيثم، فإذا هو جالس في المسجد فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا لتذكر الله
فنذكره معك، وتحمد الله فنحمده معك، فرفع يديه فقال: الحمد لله الذي لم تقولا: جئنا
لتشرب فنشرب معك، ولا جئنا لتزني فنزني معك.
(17) حدثنا محمد بن فضيل عن حصيل قال: حدثني مع سمع الربيع يقول: عجبا
لملك الموت وإتيانه ثلاثة: ملك ممتنع في حصونه فيأتيه فينزع نفسه ويدع ملكه خلفه،
وطبيب نحرير يداوي الناس فيأتيه فينزع نفسه، ومسكين منبوذ في الطريق يقذره الناس
أن يدنوا منه، ولا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه.
(18) حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن ربيع بن خيثم أنه سرقت له فرس من
الليل وهو يصلي قيمته ثلاثون ألفا فلن ينصرف، فأصبح فحمل على مهرها ثم أصبح فقال:
اللهم سرقني ولم أكن أسرقه، قال: وكان ربيع يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعا خافت.

(35 / 12) الحش: بيت الخلاء.
(35 / 14) الخبيص: طعام من لباب القمح (النشاء) والماء والسكر.
(35 / 18) خافت: لكي لا يسمعه الناس وهو يقرأ فلا تحتسب له حسنات قراءته أي يصير كأنه يقرأ مراءاة
للناس.
209

(19) حدثتا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال للربيع: لا
ندعوا لك طبيبا؟ فقال: أنظروني، ثم تفكر فقال: * (وعادا وثمودا وأصحاب الرس
وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا) *، فذكر من حرصهم
على الدنيا ورغبتهم فيها، قال: فقد كانت فيهم أطباء، فلا المداوي بقي ولا المداوي،
هلك الناعت والمنعوت له، والله لا تدعون لي طبيبا.
(20) حدثنا عبيدة بن حميد عن داود عن الشعبي قال: دخلنا على ربيع بن خيثم
فدعا بهذه الدعوات: اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الامر كله، وأنت إله الخلق كله،
بيدك الخير كله، نسألك من الخير كله، ونعوذ بك من الشر كله.
(21) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سرية الربيع قالت: لما حضر الربيع بكت ابنته فقال: يا بنية! لم تبكين؟ قولي ما يسرني: لقي أبي الخير.
(22) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن إبراهيم التيمي قال: حدثني من صحب
ربيع بن خيثم عشرين سنة ما سمع كلمة تعاب.
(23) حدثنا محمد بن فضيل عن سالم عن منذر عن الربيع بن خيثم في قوله: * (فأما
إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم) * قال: مدخورة * (وأما إن كان من
المكذبين الضالين فنزل من حميم) * قال: عنده * (وتصلية جحيم) * قال: مدخورة له.
(24) حدثنا ابن فضيل عن ابن عجلان عن نسير أبي طعمة قال: كان الربيع إذا
جاءه سائل قال: أطمعوا هذه السائل سكرا فإن الربيع يحب السكر.
(25) حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان عن رجل عن ربيع بن خيثم قوله:
* (يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم) * قال: الجهل.

(35 / 19) سورة الفرقان الآيتان (38 - 39).
(35 / 23) * (فأما إن كان من المقربين) * إلى * (وجنة نعيم) * سورة الواقعة الآيتان (88 - 89).
* (وأما إن كان من المكذبين) * إلى * (حميم) * سورة الواقعة الآيتان (92 - 93).
* (وتصلية جحيم) * سورة الواقعة الآية (94).
(35 / 25) سورة الانفطار الآية (6).
210

(36) كلام مسروق
(1) حدثنا وكيع عن مسعر عن إبراهيم عن محمد بن المنتشر عن مسروق قال: ما من
شئ خير للمؤمن من لحد قد استراح من هموم الدنيا وأمن من عذاب الله.
(2) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق قال: حج مسروق فما
نام ألا ساجدا.
(3) حدثنا ابن مهدي عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير عن
مسروق قال: ما من الدنيا شئ آسى عليه إلا السجود لله.
(4) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن أبي السفر عن مرة قال: ما
ولدت همدانية مثل مسروق.
(5) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق فال: ما خطا عبد خطوة
قط إلا كتبت له حسنة أو سيئة.
(6) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: إن المرء لحقيق أن
تكون له مجالس يخلو فيها يذكر فيها ذنوبه فيستغفر منها.
(7) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم أو غيره - شك الأعمش - عن
مسروق قال: إن أحسن ما أكون ظنا حين يقول الخادم: ليس في البيت قفيز من قمح
ولا درهم.
(8) حدثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن مسروق قال:
أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد.
(9) حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن هلال بن يساف قال: قال مسروق: من
سره أن يعلم علم الأولين والآخرين وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة.
(10) حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن عامر أن رجلا
كان يجلس إلى مسروق يعرف وجهه ولا يسمي اسمه، قال: فشيعه، فال: فكان في آخر

(36 / 3) أي يأسى على نفسه ألا يكون قد أكثر من السجود.
(36 / 4) وأم مسروق همدانية.
(36 / 5) حسبما يكون العمل الذي يسير إليه من خير أو شر.
211

من ودعه فقال: إنك قريع القراء وسيدهم، وإن زينك لهم زين، وشينك لهم شين، فلا
تحدثن نفسك بفقر ولا طول عمر.
(11) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: لما قدم من السلسلة
أتاه أهل الكوفة وأتاه ناس من التجار، فجعلوا يثنون عليه ويقولون: جزاك الله خيرا ما
كان أعفك عن أموالنا! فقرأ هذه الآية: * (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن
متعناه متاع الحياة الدنيا) *.
(12) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: بحسب المرء من
الجهل أن يعجب بعمله وبحسبه من العلم أن يخشى الله.
(13) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: كان رجل بالبادية له
كلب وحمار وديك، قال: فالديك يوقظهم للصلاة، والحمار ينقلون عليه الماء وينتفعون
به ويحملون لهم خباءهم، والكلب يحرسهم، فجاء ثعلب فأخذ الديك فحزنوا لذهاب
الديك، وكان الرجل صالحا فقال: عسى أن يكون خيرا، قال: فمكثوا ما شاء الله ثم جاء
ذئب فشق بطن الحمار فقتله فحزنوا لذهاب الحمار، فقال الرجل الصالح: عسى أن يكون
خيرا، ثم مكثوا بعد ذلك ما شاء الله ثم أصيب الكلب فقال الرجل الصالح: عسى أن
يكون خيرا، فلما أصبحوا نظروا فإذا هو قد سبي من حولهم وبقوا هم، قال: فإنما
أخذوا أولئك بما كان عندهم من الصوت والجلبة، ولم يكن عند أولئك شئ يجلب، قد
ذهب كلبهم وحمارهم وديكهم.
(14) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: خرج رجل صالح
بصرة من دراهم في ظلمة الليل، فأراد أن يتصدق بها، فلقي رجلا كثير المال فأعطاها
إياه، فلما أصبحوا قالوا ألا تعجبون لفلان وكثرة ماله، جاءه رجل بصرة دراهم فأعطاها
إياه، فبلغ ذلك الرجل فشق عليه وقال: ما أراه تقبل مني حين أعطيتها هذا الرجل الغني،
قال: وخرج ليلة أخرى بصرة فأعطاها امرأة بغيا، فلما أصبحوا قالوا: ألا تعجبون إلى
فلانة جاءها فلان بصرة فأعطاها وهي لا تمنع رجلها من أحد، فبلغه ذلك فشق عليه

(36 / 11) سورة القصص الآية (61).
(36 / 13) يجلب: يصدر صوتا وجلبة. وفي ذلك قوله تعالى: * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) *.
سورة البقرة الآية (216).
وقوله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * سورة النساء الآية (19).
212

وقال: ما أراه تقبل مني، قال: فأتي في المنام فقيل له قد تقبل منك ما أعطيت هذه الغني،
فأنا أردنا أن نريه أن في الناس من يتصدق، فيرغب في ذلك، وأما المرأة فإنها إنما تبغي
من الحاجة، فأردنا أن نعفها.
(15) حدثنا وكيع عن حماد بن زيد عن أنس بن سيرين قال: كان مسروق يصلي
حتى تجلس امرأته خلفه تبكي.
(16) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن طلحة عن ابن عميرة عن
مسروق قال: ود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض.
(37) كلام مرة
(1) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين قال: أتينا مرة نسأل عنه فقالوا: مرة
الطيب، فإذا هو في علية له قد تعبد فيها ثنتي عشرة سنة.
(2) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن الهيثم قال: كان مرة يصلي كل يوم
مائتي ركعة.
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن مالك بن مغول قال: سئل مرة: ما بقي من
صلاتك؟ فقال: الشطر خمسون ومائتا ركعة.
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن مرة * (وأفئدتهم هواء) * قال:
متخرقة لا تعي شيئا.
(38) كلام الأسود
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال: ما كان إلا
راهبا من الرهبان.
(2) حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون عن الشعبي قال: سئل عن الأسود فقال:
كان صواما حجاجا قواما.

(36 / 16) المقاريض ج مقراض وهو المقص.
(37 / 3) أي أنه كان يصلي خمسمائة ركعة لان الشطر هو النصف.
(37 / 4) سورة إبراهيم من الآية (43).
(38 / 1) أي كأنه راهب من الرهبان لاعتزاله الناس وحبه للوحدة والعبادة.
(38 / 2) قواما: يقوم الليل في صلاة.
213

(3) حدثنا عبيد الله، قال: أخبرنا حسن عن منصور عن بعض أصحابه قال: إن
كان الأسود ليصوم في اليوم الشديد الحر الذي يرى أن الجمل الجلد الأحمر يرنح فيه من
الحر.
(4) حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حنش بن الحارث قال: حدثنا علي بن
مدرك أن علقمة كان يقول للأسود: لم تعذب هذا الجسد؟ فيقول: إنما أريد له الراحة.
(5) حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حنش بن الحارث قال: رأيت الأسود بن
يزيد قد ذهبت إحدى عينيه من الصوم.
(6) حدثنا الفضل عن الحنش عن رياح النخعي قال: كان الأسود يصوم في السفر
حتى يتغير لونه من العطش في اليوم الحار في غير رمضان.
(39) كلام علقمة
(1) حدثنا ابن أبي فضيل عن أبيه عن شباك عن إبراهيم عن علقمة أنه كان يقول
لأصحابه: اذهبوا بنا نزدد إيمانا.
(2) حدثنا ابن علية عن ابن عون قال: سئل الشعبي عن علقمة قال: كان مع البطئ
ويدرك السريع.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن أبي السفر عن مرة قال: كان
علقمة من الربانيين.
(4) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة * (إن زلزلة الساعة شئ
عظيم) * قال شريك: هذا في الدنيا قبل يوم القيامة، قال جرير: هذا بين يدي الساعة.
(5) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كان علقمة إذا رأى من أصحابه
هشاشا - أو قال: انبساطا - ذكرهم في الأيام كذلك.
(6) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمارة عن أبي معمر قال: دخلنا على
عمرو بن شرحبيل فقال: انطلقوا بنا إلى أشبه الناس سمتا وهديا بعبد الله، فدخلنا على
علقمة.

(38 / 4) أريد له الراحة أي في الآخرة.
(39 / 4) سورة الحج من الآية (1).
214

(7) حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا الأعمش قال: حدثنا عمارة عن أبي معمر قال:
كنا جلوسا عند عمرو بن شرحبيل فقال: اذهبوا بنا إلى أشبه الناس هديا ودلا وسمتا
وأبطنهم بعبد الله، فلم ندر من هو حتى انطلقا إلى علقمة.
(8) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: أصبح همام مترجلا فقال
بعض القوم: إن جمة همام لتخبركم أنه لم يتوسدها الليلة.
(9) حدثنا عباد بن العوام عن حصين عن إبراهيم قال: كان رجل منا يقال له همام بن
الحارث وكان لا ينام إلا قاعدا في المسجد في صلاته، فكان يقول: اللهم اشفني من النوم
بيسير وارزقني سهرا في طاعتك.
(10) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن ابن معقل: * (ولو ترى إذ فزعوا فلا
فوت) * قال: أفزعهم فلم يفوتوه.
(11) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن أبي وائل عن عمرو بن
شرحبيل قال: إني اليوم لميسرة للموت خفيف الحال والحالة، وما أدع دينا وما أدع عيالا
أخاف عليهم الضيعة إلا هول المطلع.
(12) حدثنا يحيى بن يمان عن مالك بن مغول عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال:
كان إذا آوى إلى فراشه بكى ثم قال: ليت أمي لم تلدني، قيل: لم قال: لأنا أخبرنا أنا
واردوها ولم نخبر أنا صادروها.
(13) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل
قال: مات رجل يرون أن عنده ورعا، فأتي في قبره فقيل: إنا جالدوك مائة جلدة من
عذاب الله، قال: فيم تجلدوني؟ فقد كنت أتوقى وأتورع، فقيل: خمسون، فلم يزالوا
يناقصوه حتى صار إلى جلدة فجلد، فالتهب القبر عليه نارا وهلك الرجل ثم أعيد فقال:
فيم جلدتموني؟ قالوا: صليت يوم تعلم وأنت على غير وضوء، واستغاثك الضعيف المسكين
فلم تغثه.

(39 / 8) لو يتوسدها الليلة أي لم ينم وإنما قام ليله في الصلاة.
والجمة شعر الرأس.
(39 / 10) سورة السبأ الآية (51).
(39 / 12) واردوها: أي النار وفي ذلك قوله تعالى: * (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) *
سورة مريم الآية (71).
215

(14) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: ما رأيت همدانيا قط أحب
إلى أن أكون في سلخ جلده من عمرو بن شرحبيل.
(15) حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: من عمل
بهذه الآية فقد استكمل * (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) *.
(16) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش قال: دخل سليم بن الأسود أبو الشعثاء على أبي
وائل يعوده فقال: إن في الموت لراحة، فقال أبو وائل: إن لي صاحبا خيرا لي منك: خمس
صلوات في اليوم.
(17) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش قال: قال لي أبو وائل: يا سليمان! والله لو
أطعنا الله ما عصانا.
(18) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن عاصم أن أبا وائل كان يقول وهو ساجد: إن
تعف عني تعف عن طول منك، وإن تعذبني تعذبني غير ظالم ولا مسبوق - ثم يبكي.
(19) حدثنا جرير عن مغيرة قال: كان إبراهيم التيمي يذكر في منزل أبي وائل،
فكان أبو وائل ينتفض كما ينتفض الطير.
(20) حدثنا جعفر بن عون عن مسعر عن عاصم عن أبي وائل قال: ما شبهت قراء
زمامنا هذا إلا دراهم مزوقة أو غنما رعت الحمض فنفخت بطونها فذبحت منها شاة فإذا
هي لا تنقى.
(21) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عقبة عن الأعمش عن شقيق أنه كان يتوضأ،
يقول: هات الآن كل حاجة لك.
(22) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش قال: قال لي إبراهيم، عليك بشقيق فإني
أدركت أصحاب عبد الله وهم متوافرون وهم يعدونه من خيارهم.
(40) كلام معضد
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام قال: انتهيت إلى معضد
وهو ساجد نائم قال: فانتبه وهو يقول: اللهم اشفني من النوم بيسير - ثم مضى في صلاته.

(39 / 15) سورة البقرة من الآية (177).
(39 / 18) طول: قدرة.
216

(2) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: رمي
معضد بسهم في رأسه فنزع السهم من رأسه ثم وضع يده على موضعه ثم قال: إنها لصغيرة،
وإن الله ليبارك في الصغيرة.
(3) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: أصاب ثوبه من دم
معضد، قال: فغسله فلم يذهب أثره قال: وكان يصلي فيه ويقول: إنه ليزيده إلى حبا من
دم معضد.
(4) حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن عمارة قال: نزل معضد إلى جنب الشجرة
فقال: والله ما أبالي صليت لهذه من دون الله أو أطعت مخلوقا في معصية الله.
(5) حدثنا جرير عن الشيباني قال: كان لمعضد أخ، قال: فكان يأتي السوق فيشتري
ويبيع وينفق على عياله وعلى عيال معضد، قال: فكان يقول: هو خير مني نحن في عياله
ينفق علينا والله تعالى أعلم.
(41) كلام أبي رزين
(1) حدثنا جرير عن منصور عن أبي رزين في قوله: * (وثيابك فطهر) * قال: عملك
أصلحه، فكان الرجل إذا كان حسن العمل قيل: فلان طاهر الثياب.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد وأبي رزين * (فهم يوزعون) *
قال: يحبس أولهم على آخرهم.
(3) حدثنا أبو معاوية قال حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي رزين في قوله:
* (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) * قال: يقول الله: الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما
شاءوا، فإذا صاروا إلى الآخرة بكوا بكاء لا ينقطع، فذلك الكثير.

(40 / 3) أي لان فيه أثرا من معضد.
(40 / 4) أي أن طاعة المخلوق في معصية الله مساوية للشرك بالله أي كأنه يجعل هذا الذي يطيعه في المعصية
ندا الله والعياذ بالله.
(41 / 1) سورة المدثر الآية (4).
(41 / 2) سورة النمل من الآية (17).
(41 / 3) سورة التوبة من الآية (82).
217

(4) حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين في قوله: * (إنها
لاحدى الكبر) * قال: جهنم * (نذيرا للبشر) *، قال: يقول الله: أنا لكم منه نذير.
(5) حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين * (لسواحة للبشر) *
قال تلوح جلده حتى تدعه أشد سوادا من الليل.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن أبي رزين قال: (الغساق) ما يسيل من
صديدهم.
(7) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال: سمعتهم يقولون: ما عمل عبد الرحمن بن
يزيد عملا قط إلا وهو يريد به وجه الله.
(8) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد أنه كان
يقرأ القرآن في سبع.
(9) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن شمر عن زياد بن حدير قال: ما فقه
قوم لم يبلغوا التقى.
(10) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا مالك بن مغول عن أبي صخرة قال: قال
زياد بن حدير: لوددت أني في حيز من حديد ومعي ما يصلحني لا أكلم ولا يكلموني.
(11) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن الحارث بن قيس قال: إذا
كنت في شئ من أمر الدنيا فتوخ، وإذا كنت في شئ من أمر الآخرة فامكث ما
استطعت، وإذا جاءك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك ترائي، فزد وأطل.
(12) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة عن الأعمش قال: قال خيثمة: تجلس
أنت وإبراهيم في المسجد ويجتمع عليكم، قد رأيت الحارث بن قيس إذا اجتمع عنده
رجلان قام وتركهما.

(41 / 4) سورة المدثر الآيتان (35 - 36).
(41 / 5) سورة المدثر الآية (29).
(41 / 6) يقصد قوله تعالى: غساقا) * وذلك في سورة (ص) من الآية (57).
(41 / 10) حيز: مكان ضيق.
(41 / 11) توخ: أسرع فيه ولا تطل البقاء.
218

(13) حدثنا وكيع عن الأعمش عن مسعر عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص
قال: إن كان الرجل ليطرق الفسطاط، قال: فيجد لهم دويا كدوي النحل، فما بال هؤلاء
يأمنون ما كان أولئك يخافون.
(14) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الله
ابن ربيعة قال: قال عتبة بن فرقد لعبد الله بن ربيعة: يا
عبد الله! ألا تعينني على ابن أخيك، قال: وما ذاك؟ قال: يعينني ما أنا فيه من عمل،
فقال له عبد الله: يا عمرو! أطع أباك، قال: فنظر إلى معضد وهو جالس فقال: * (لا
تطعه واسجد واقترب) * قال: فقال عمرو: يا أبت! إنما أنا عبد أعمل في فكاك رقبتي،
قال: فبكى عتبة وقال: يا بني إني لأحبك حبين، حبا لله وحب الوالد ولده، قال: فقال عمرو: يا أبت! إنك كنت أتيتني بمال بلغ سبعين ألفا، فإن كنت سائلي عنه فهو ذا
فخذه، وإلا فدعني فأمضيه، قال: له عتبة فأمضه، قال: فأمضاه حتى ما بقي منه درهم.
فخذه، وإلا فدعني فأمضيه، قال: له عتبة فأمضه، قال: فأمضاه حتى ما بقي منه درهم.
(15) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الأعمش قال حدثنا عمارة قال: خرجنا معنا أهل
لشريح بن هانئ إلى مكة، فخرج معنا يشيعنا، قال: فكان فيما قال لنا: أجدوا السير فإن
ركبانكم لا تغني عنكم من الله شيئا، وما فقد الرجل من الدنيا شيئا أهون عليه من نفسه
تركها، قال عمارة: فما ذكرتها من قوله إلا انتفعت بها.
(16) حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه قال: سمعت ماهان يقول: أما يستحي أحدكم
أن تكون والتهليل دابته التي يركب وثوبه الذي يلبس أكثر لله منه ذكرا، فكان لا يفتر من
التكبير والتهليل.
(17) حدثنا محمد بن فضيل عن إبراهيم مؤذن بني حنيفة قال: رأيت ماهان الحنفي
وأمر به الحجاج أن يصلب على بابه، قال: فنظرت إليه وإنه لعلى الخشبة وهو يسبح ويكبر
ويهلل ويحمد الله حتى بلغ تسعا وعشرين، فعقد بيده فطعنه وهو على ذلك الحال، فلقد
رأيته بعد شهر معقودا تسعا وعشرين بيده! قال: وكان يرى عنده الضوء بالليل.

(41 / 13) الفسطاط: خيمة كبيرة وهي اسم أيضا لمدينة في مصر كانت عاصمتها في عهد الفتح الاسلامي،
والأول هو المقصود هنا.
يأمنون: أي يأمنون عذاب الآخرة ولا يعدون لها عدتها من العمل الصالح.
يجد لهم دويا: وذلك لكثرة الذاكرين المسبحين.
(41 / 14) سورة العلق من الآية (19).
أمضيه: أتصدق به.
219

(42) أبو البختري
(1) حدثنا شريك بن عبد الله عن عطاء بن السائب قال: كان أبو البختري رجلا
رقيقا، وكان يسمع النوح ويبكي.
(2) حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن أبي البختري في قوله: * (اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله) * قال: أطاعوهم فيما أمروهم به من تحريم حلال وتحليل
حرام، فعبدوهم بذلك.
(3) حدثنا أبو أسامة قال أخبرني مسعر عن أبي العنبس، قال: قال أبو البختري:
لان أكون في قوم أعلم مني أحب إلى من أن أكون في قوم أنا أعلمهم.
(4) حدثنا أبو أسامة قال سعيد بن صالح أخبرنا عن حكيم بن جبير قال: قال أبو
البختري، ثلاثة لان أخر من السماء أحب إلي من أكون أحدهم: قوم استحلوا أحاديث لها
زينة وبهجة، وسئموا القرآن، وقوم أطاعوا المخلوق في معصية الخالق - يعني أهل الشام
والخوارج.
(5) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب أن أبا
البختري وأصحابه كان إذا سمع أحدهم يثني عليه أو دخله عجب ثني منكبيه وقال:
خشعت لله.
(6) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري
قال: إن الأرض لتفقد المؤمن، وإن البقاع لتزين للمؤمن إذا أراد أن يصلي.
(43) عمرو بن ميمون
(1) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: كان يقال:
بادروا بالعمل أربعا: بالحياة قبل الممات، بالصحة قبل السقم، وبالفراغ قبل الشغل، ولم
أحفظ الرابعة.

(42 / 2) سورة التوبة من الآية (31).
(42 / 4) لم يذكر الثالثة ها هنا.
220

(2) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون في قوله: * (لن تنالوا
البر قال: البر الجنة
(3) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن عمرو بن ميمون، قال: كان يوتد له
في حائط المسجد، فكان إذا سئم من القيام في الصلاة وشق عليه أمسك بالوتد يعتمد
عليه، أو يربط له حبل فيمسك به.
(4) حدثنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق قال: حج عمرو بن ميمون ستين
من بين حجة وعمرة.
(5) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرنا أبو سنان قال حدثنا أبو إسحاق عن عمرو
ابن ميمون في قوله: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) * قال: الفرائض.
(6) حدثنا وكيع عن مسعر عن عفان عن عمرو بن ميمون قال: إنه ليسمع بين جلد
الكافر ولحمه جلبة الدود كجلبة الوحش.
(7) حدثنا حفص عن حنش قال: رأيت عمرو بن ميمون وله همهمة.
(8) حدثنا هشيم عن أبي فلح قال: كان عمرو إذا لقي الرجل من إخوانه قال: رزق
الله البارحة من الصلاة كذا، ورزق الله البارحة من الخير كذا وكذا.
(44) الضحاك
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي السوداء عن الضحاك قال: لقد رأيتنا وما نتعلم
إلا الورع.
(2) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن عمرو بن قيس الناصر عن الضحاك قال:
أدركنا أصحابنا وما يتعلمون إلا الورع.
(3) حدثنا ابن نمير عن الأجلح قال: قلت للضحاك: لم سميت سدرة المنتهى؟ قال:
لأنه ينتهي إليها كل شئ من أمر الله.

(34 / 2) سورة آل عمران من الآية (92).
(43 / 3) يوتد له: ينصب في الجدار وتدا يستند إليه.
(43 / 5) سورة محمد (ص) من الآية (9).
(43 / 7) أي كان لا يكف عن الذكر.
221

(45) عبد الرحمن بن أبي ليلى
(1) حدثنا عمرو بن سعد أبو داود عن سفيان عن الأعمش عن عبد الرحمن بن أبي
زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: الروح بيد ملك يمشي به، فإذا دخل قبره جعله
فيه.
(2) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن الأعمش نحوه.
(3) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن الأعمش قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي، فإذا دخل الداخل أتى فراشه فاتكأ عليه.
(4) حدثنا عفان حدثنا حماد بن زيد قال أخبرنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال: * (لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) * قال: بعد نظرهم إلى ربهم.
(5) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى قال: يقول المشركون * (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) * قال: يقول المؤمنون * (هذا
ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) *.
(46) حبيب أبو سلمة
(1) حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي سلمة قال: لم يكن أصحاب
النبي (ص) متخرقين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر
جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شئ من أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون.
(2) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة أن صبح
يوم القيامة تطول تلك الليلة كطول ثلاثة ليال، فيقوم الذين يخشون ربهم فيصلون حتى
إذا فرغوا من صلاتهم رجعوا فناموا حتى تكل جنوبهم، ثم قاموا فصلوا حتى إذا فرغوا
من صلاتهم أصبحوا ينظرون إلى الشمس من مطلعها فإذا هي قد طلعت من مغربها.

(45 / 3) أي كي لا يراه الناس يصلي فتحسب صلاته مراءاة للناس.
(45 / 5) سورة (يس) من الآية (52).
(46 / 1) سبق ذكره وشرحه في كتاب الأدب.
222

(47) عون بن عبد الله
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله قال: إن من كمال
التقوى أن تبتغي إلى ما علمت منها علم ما لم تعلم، واعلم أن فيما علمت ترك ابتغاء الزيادة
فيه، وإنما يحمل الرجل على ترك ابتغاء الزيادة فيما قد علم قلة الانتقاع بما قد علم.
(2) حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن عون قال: بحسبك من الكبر أن
تأخذ بفضلك على غيرك. (3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عون قال: الذاكر في الغافلين
كالمقاتل عن الفارين، وأن الغافل في الذاكرين كالفار عن المقاتلين.
(4) حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال: كان يقال: من أحسن الله
صورته أخبره بالعفو قبل الذنب * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) *.
(5) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن عون بن عبد الله قال: ما أحد
ينزل الموت حتى منزلته إلا عبد عد غدا ليس من أجله، كم من مستقبل يوما لا يستكمله،
وراج غدا لا يبلغه، إنك لو ترى الاجل ومسيره لأبغضت الامل وغروره.
(6) حدثنا شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن ابن عجلان عن عون قال: كان
يقال: من أحسن الله صورته وجعله في منصب صالح ثم تواضع لله كان من خالص الله.
(7) حدثنا جرير عن ليث عن ابن سابط * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * قال:
النظر إلى وجه الله.
(8) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ليث عن ابن سابط قال: إن الله يقول:
إنك يا ابن آدم ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان، يسألني عبدي الهدى
وكيف أضل عبدي وهو يسألني الهدى وأنا الحكم.
(9) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ليث عن ابن سابط قال: بشر المشائين في
ظلم الليل إلى الصلوات بنور تام يوم القيامة.

(47 / 4) سورة التوبة من الآية (43).
(47 / 5) ليس من أجله: ليس من عمره.
(47 / 7) سورة يونس من الآية (26).
223

(10) حدثنا وكيع عن العلاء بن عبد الكريم سمعه من ابن سابط * (وإنه في أم
الكتاب لدينا لعلي حكيم) * قال: في أم الكتاب كل شئ هو كائن إلى يوم القيامة.
(11) حدثنا أبو أسامة قال سمعت الأعمش قال حدثنا عمرو بن مرة عن ابن سابط
قال: يدبر أمر الدنيا أربعة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، فأما جبرائيل
فصاحب الجنود والريح، وأما ميكائيل فصاحب القطر والنبات، وأما ملك الموت فموكل
بقبض الأنفس، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم بما يؤمرون.
(48) كلام إبراهيم التيمي
(1) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير عن سفيان عن أبي حيان قال: سمعت إبراهيم
التيمي يقول: ما عرضت قولي على عملي إلا لخشيت أن أكون مكذبا.
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سالم بن أبي حفصة قال: سمعت إبراهيم التيمي يقول:
اللهم إنا ضعفاء، من ضعف خلقتنا وإلى ضعف ما نصير، فما شئت لا ما شئنا، فسألنا أن
نستقيم.
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن إبراهيم التيمي قال: كان من كلامه
أن يقول: أي حسرة أكبر على امرئ من أن يرى عبدا كان الله خوله في الدنيا وهو عند
الله أفضل منزلة منه يوم القيامة، وأي حسرة على امرئ أكبر من أن يؤتيه الله مالا في
الدنيا فيرثه غيره فيعمل فيه بطاعة الله فيكون وزره عليه وأجره لغيره، وأي حسرة على
امرئ أكبر من أن يرى عبدا كان مكفوف البصر في الدنيا قد فتح الله له عن بصره
وقد عمي هو، ثم يقول: إن من كان قبلكم كانوا يفرون من الدنيا وهي مقبلة عليهم،
ولهم من القدم ما لهم، وإنكم تتبعونها وهي مدبرة عنكم ولكم من الاحداث مالكم،
فقيسوا أمركم وأمر القوم.
(4) حدثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي * (ويأتيه الموت من كل مكان) * قال: حتى من أطراف شعره.

(47 / 10) سورة الزخرف من الآية (4).
(48 / 3) لهم من القدم أي في الاسلام والدعوة.
لكم من الاحداث أي من الجدة أي ليس لكم قدمهم ومكانتهم.
(48 / 4) سورة إبراهيم من الآية (17).
224

(5) حدثنا محمد بن يزيد عن العوام عن إبراهيم التيمي * (إنا هدنا إليك) * قال:
تبنا.
(6) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: كان يرتدي
بالرداء يبلغ أليتيه من خلفه وثدييه من بين يديه، قال: قلت: يا أبت! لو أنك اتخذت
رداء أوسع من رداءك هذه! قال: يا بني! لا تقل هذا، فوالله ما على الأرض لقمة لقمتها
طيبة إلا لوددت لو كانت في أبغض الناس إلي.
(7) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: خرج إلى
البصرة فاشترى رقيقا بأربعة آلاف، قال: فبنوا له داره ثم باعهم بربح أربعة آلاف، قال:
فقلت له: يا أبت لو أنك عمدت إلى البصرة فاشتريت مثل هؤلاء فربحت فيهم، فقال: لا
تقل لي هذا، فوالله ما فرحت بها حين أصبتها ولا حدثت نفسي بأن أرجح فأصيب
مثلها.
(8) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن مجاهد عن يزيد بن شجرة
قال: ما من ميت يموت حتى يمثل له جلساؤه عند موته، إن كانوا أهل لهو فأهل لهو، وإن
كانوا أهل ذكر فأهل ذكر.
(9) حدثنا المحاربي عن ليث عن مجاهد عن ابن شجرة قال: يقول القبر للرجل
الكافر أو الفاجر: أما ذكرت ظلمتي؟ أما ذكرت وحشتي؟ أما ذكرت ضيقي؟ أما
ذكرت غمي؟.
(10) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن يزيد بن شجرة قال: كان
يقص وكان يصدق فعله قوله.
(11) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عمه عن كردوس قال: كان يقص علينا غدوة
وعشية ويقول: إن الجنة لا تنال إلا بعمل لها، اخلطوا الرغبة بالرهبة، ودوموا على
صلاح، واتقوا الله بقلوب سليمة وأعمال صالحة، ويكثر أن يقول: من خاف أدلج.

(48 / 5) سورة الأعراف من الآية (156).
(48 / 6) في في: في فم، أي كي لا تحتسب علي من طيبات الحياة الدنيا.
(48 / 9) أي لو كان ذكر ذلك لما أتي من العمل السيئ ما أتي.
(48 / 11) أدلج: أي خرج إلى المسجد ليلا للصلاة.
225

(12) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حيان عن أبي الزنباع عن أبي الدهقان قال:
بينما شاب يمشي مع الأحنف فقال له: يا ابن أخي! إذا عرض لك الحق فاقصد له واله عما
سواه.
(49) يحيى بن جعدة
(1) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن يحيى
ابن جعدة قال: كان يقال: اعمل وأنت مشفق ودع العمل وأنت تشتهيه، عمل صالح قليل
تدوم عليه.
(2) حدثنا يحيى بن سعيد وابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن يحيى بن جعدة قال
يحيى بن جعدة قال يحيى: إذا سجد، وقال ابن مهدي: إذا وضع الرجل جبهته - فقد
برئ من الكبر.
(3) حدثنا وكيع عن الأعمش قال: سمعتم يذكرون عن شريح أنه رأى جيرانا له
تحولوا، فقال: ما لكم، قالوا: فزعنا، قال: وبهذا أمر الفزاع.
(4) حدثنا ابن إدريس عن هارون بن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال:
إن أيسر النسك اللباس والمشية.
(5) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا أبو سنان قال: اشتكى عبد الله بن أبي الهذيل
يوما ذنوبه فقال له رجل: يا أبا المغيرة! ألست التقي، قال: فقال: اللهم إن عبدك هذا
أراد أن يتقرب إلي وإني أشهدك على مقته.
(6) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الملك بن عمير
عن ربعي بن حراش قال: أتيت فقيل لي: قد مات أخوك، فجئت سريعا وقد سجي
بثوبه، فأنا عند رأس أخي أستغفر له وأسترجع إذ كشف الثوب عن وجهه فقال: السلام
عليكم، فقلنا: وعليك السلام سبحان الله، قال: سبحان الله إني قدمت على الله بعدكم
فتلقيت بروح وريحان ورب غير غضبان، وكساني ثيابا خضرا من سندس وإستبرق،
ووجدت الامر أيسر مما تظنون، ولا تتكلوا، وإني استأذنت ربي أخبركم وأبشركم،

(49 / 2) إذا وضع الرجل جبهته: إذا سجد لله.
(49 / 3) تحولوا: انتقلوا من دارهم إلى دار أخرى.
226

احملوني إلى رسول الله (ص) فإنه عهد إلي أن لا أبرح حتى آتيه، ثم طفئ مكانه، قال:
وأخذ حصاة فرمى بها، قال: فما أدري أهو كان أسرع أم هذه.
(7) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن أبي عون قال: كان أهل الخير إذا
التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض (من عمل لآخرته
كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح
الله علانيته.
(8) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الأعمش عن عبد الله بن سنان أنه رأى
صاحبا له في النوم فقال أي شئ رأيت أفضل حين اطلعت الامر؟ قال: سجدات
المسجد.
(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن طعمة عن عبد الله بن عيسى قال: كان فيمن
كان قبلكم رجل عبد الله أربعين سنة في البر، ثم قال: يا رب قد اشتقت أن أعبدك في
البحر، فأتي قوم فاستحملهم فحملوه، وجرت بهم سفينتهم ما شاء الله أن تجري، ثم
قامت فإذا شجرة في ناحية الماء، قال: فقال: ضعوني على هذه الشجرة، قال: فقالوا: ما
يعيشك على هذه؟ قال: إنما استحملتكم فضعوني حيث أريد، فوضعوه وجرت بهم
سفينتهم، فأراد ملك أن يعرج إلى السماء فتكلم بكلامه الذي كان يعرج به فلم يقدر على
ذلك، فعلم أن ذلك لخطيئة كانت منه، فأتى صاحب الشجرة فسأله أن يشفع له إلى ربه،
قال: فصلى ودعا للملك، قال وطلب إلى ربه أن يكون هو يقبض نفسه ليكون أهون
عليه من ملك الموت، فأتاه حين حضر أجله فقال: إني طلبت إلى ربي أن يشفعني فيك كما
شفعك في، وأن أكون أنا أقبض نفسك، فمن حيث شئت قبضتها قال: فسجد سجدة
فخرجت دمعة من عينه فمات.
(50) كلام عبيد بن عمير
(1) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال، كان
يقال: إذا جاء الثناء يا أهل القرآن طال الليل لصلاتكم وقصر النهار لصيامكم فاغتنموا.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: ما كان
المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيمن مضى.
227

(3) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير قال: إن أهل القبور يتوقعون
الاخبار، فإذا لم تأتهم قالوا: إنا الله وإنا إليه راجعون، سلك به غير طريقتنا.
(4) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير قال: يؤتى بالرجل العظيم الطويل
يوم القيامة فيوضع في الميزان، فلا يزن عند الله جناح بعوضة وقرأ * (فلا نقيم لهم يوم
القيامة وزنا) *.
(5) حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن عبيد بن عمير * (لكل أواب حفيظ) * قال:
الذي لا يجلس مجلسا ثم يقوم إلا استغفر الله.
(6) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير قال: من صدق الايمان وبره
إسباغ الوضوء في المكاره ومن صدق الايمان وبره أن يخلوا الرجل بالمرأة الحسناء فيدعها،
لا يدعها إلا لله.
(7) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير في قوله: * (عتل
بعد ذلك زنيم) * قال: هو الأكول الشروب الشديد يوزن فلا يزن شعيرة، يدفع الملك
من أولئك سبعين ألفا دفعة واحدة في جهنم.
(8) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير * (لكل
أواب حفيظ) * قال: الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفرها.
(9) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير * (كل يوم هو
في شأن) * قال: من شأنه أن يفك عانيا، أو يجيب داعيا، أو يشفي سقيما، أو يعطي
سائلا.
(10) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إنكم
مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم ومحاسنكم وحلالكم ومجالسكم.
(11) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قول الله
* (مستهم البأساء والضراء) * قال: البأساء: البؤس، والضراء: الضر، ثم قال: السراء:
الرخاء، والضراء: الشدة.

(50 / 4) سورة الكهف من الآية (105).
(50 / 5) سورة (ق) من الآية (32).
(50 / 7) سورة القلم الآية (13).
(50 / 9) سورة الرحمن الآية (29).
(50 / 11) سورة البقرة من الآية (214).
228

(12) حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن رجل عن عبيد بن عمير قال: كان لرجل
ثلاثة أخلاء بعضهم أخص به من بعض، قال: فنزل به نازلة فلقي أخص الثلاثة به
فقال: يا فلان! إنه قد نزل بي كذا وكذا، وإني أحب أن تعيني، قال: ما أنا بالذي
أفعل، فانطلق إلى الذي يليه في الخاصة، فقال: يا فلان! إنه قد نزل بي كذا وكذا وإني، فأنا
أحب أن تعينني، فقال: انطلق معك حتى تبلغ المكان الذي تريد، فإذا بلغت رجعت
وتركتك، فانطلق إلى أخص الثلاثة فقال: يا فلان! إنه قد نزل بي كذ وكذا فأنا أحب أن
تعينني، قال: أنا أذهب معك حيثما ذهبت، وأدخل معك حيثما دخلت، قال: فأما الأول
فماله خلفه في أهله. فلم يتبعه منه شئ، والثاني أهله وعشيرته ذهبوا به إلى قبره ثم رجعوا
وتركوه، والثالث عمله هو حيثما ذهب ويدخل معه حيث ما دخل.
(13) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير * (يوم يأتي بعض آيات
ربك) * قال: طلوع الشمس من مغربها.
(14) حدثنا علي بن مسهر عن ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: إن الله
أحل وحرم، فما أحل فاستحلوه وما حرم فاجتنبوه، وترك بين ذلك أشياء لم يحلها ولم
يحرمها، فذلك عفو من الله عفاه، ثم يتلو: * (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء) *
إلى آخر الآية.
(15) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيبي عن عبيد بن عمير قال: لا يزال الله
في حاجة الله ما كانت للعبد إلى الله حاجة.
(16) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن قيس بن سعد عن
عبيد بن عمير قال: إن أهل القبور ليتلقون الميت كما يتلقى الراكب يسألونه، فإذا سألوه
ما فعل فلان ممن قد مات، فيقول: ألم يأتكم، فيقولون: (إنا لله وإنا إليه راجعون)
ذهب به إلى أمه الهاوية.
(17) حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا مالك بن مغول عن الفضل عن عبد الله بن
عبيد بن عمير عن أبيه قال: إن القبر ليقول: يا ابن آدم! ماذا أعددت لي؟ ألم تعلم أني
بيت الغربة، وبيت الوحدة، وبيت الأكلة، وبيت الدود.

(50 / 13) سورة الأنعام من الآية (158).
(50 / 14) سورة المائدة من الآية (101).
229

(18) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إن كان
نوح ليلقاه الرجل من قومه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه، قال: فيفيق وهو يقول: رب
اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
(19) حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن مجاهد قال: سمعته يحدث عن عبيد بن
عمير الليثي: إن قوم نوح لما أصابهم الغرق، قال: وكانت معهم امرأة معها صبي لها، قال:
فرفعته إلى حقوها، فلما بلغه الماء رفعته إلى صدرها، فلما بلغه الماء رفعته إلى ثديها، فقال
الله: لو كنت راحما منهم أحدا رحمتها - يعني برحمتها الصبي.
(20) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سفيان عن عبيد بن عمير قال: إذا
أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده فيه.
(21) حدثنا عبد الله بن نمير عن عبد الملك عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: إن
إبراهيم يقال له يوم القيامة: ادخل الجنة من أي أبواب الجنة شئت، قال: فيقول: يا رب
والدي؟ فيقال له: إنه ليس منك، فإذا ألح في المسألة قيل له: دونك أباك، قال: فيلتفت
فإذا هو ضبع فيقول: ما لي فيه من حاجة، فتطيب نفسه عنه، فينطلق بإبراهيم إلى الجنة
وينطلق بأبيه إلى النار.
(22) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن حكيم بن جبير عن مجاهد عن عبيد بن
عمير قال: يجئ فقراء المهاجرين يوم القيامة تقطر رماحهم وسيوفهم دما قال: فيقال لهم:
كما أنتم حتى تحاسبوا، قال: فيقولون: وهل أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، قال: فينظر في
ذلك فلا يوجد إلا أكوارهم التي هاجروا عليها قال: فيدخلون الجنة قبل الناس بخمسمائة.
(23) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي راشد عن عبيد بن عمير * (إنه كان
للأوابين غفورا) * الأواب الذي يتذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها.
(24) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال: لما أراد
الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف كل طير
منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة: حجرين في رجليه وحجرا في منقاره، قال فجاءت حتى

(50 / 22) الأكوار: مكارة وهي التي يحمل فيها الزاد والمتاع.
(50 / 23) سورة الإسراء من الآية (25).
(50 / 24) أنشئت من البحر: أرسلت من قبل البحر.
مجزعة: مخططة.
230

صفت على رؤوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس
رجل إلا خرج من دبره ولا يقع على شئ من جسده إلا خرج من الجانب الآخر، قال:
وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا. (51) خيثمة بن عبد الرحمن
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: كان يقال: إن الشيطان يقول:
ما غلبني عليه ابن آدم فلن يغلبني على ثلاث: أن يأخذ مالا من غير حقه، أو أن يمنعه من
حقه أو أن يضعه في غير حقه.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: كان يقال إن الشيطان يقول:
كيف يغلبني ابن آدم وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه، وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه.
(3) حدثنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت خيثمة يقول في هذه
الآية: * (يوما يجعل الولدان شيبا) * قال: ينادي مناد يوم القيامة (يخرج بعث النار من
كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون) فمن ذلك يشيب الولدان.
(4) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن خيثمة قال: دعاني خيثمة فلما جئت
إذا أصحاب العمائم والمطارف على الخيل، فحقرت نفسي فرجعت، قال: فلقيني بعد ذلك
فقال: ما لك لم تجئ؟ قال: قلت: قد جئت ولكن قد رأيت أصحاب العمائم والمطارف
على الخيل فحقرت نفسي، قال: فأنت والله أحب إلى منهم، قال: وكنا إذا دخلنا عليه
قال بالسلة من تحت السرير وقال: كلوا والله ما أشتهيه، ولا أصنعه إلا لكم.
(5) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: كان قومه يؤذونه فقال: إن
هؤلاء يؤذونني، ولا والله ما طلبني أحد منهم بحاجة إلا قضيتها، ولا أدخل علي أحد
منهم أذى فقابلته به ولا أنا أبغض فيهم من الكلب الأسود، ولم يرون ذاك إلا أنه والله
ما يحب منافق مؤمنا أبدا.

(51 / 3) سورة المزمل من الآية (17).
(51 / 4) قال بالسلة: جاء بها.
العمائم والمطارف: المقصود الأغنياء.
والمطرف: رداء مربع من خز ذو أعلام.
231

(6) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: تقول الملائكة: يا رب! عبدك
المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرضه للبلاء، قال: فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه،
فإذا رأوا ثوابه قالوا: يا رب! لا يضره ما أصابه من الدنيا، قال: ويقولون: عبدك
الكافر تزوي عنه البلاء وتبسط له الدنيا؟ قال: فيقول للملائكة اكشفوا لهم عن عقابه،
فإذا رأوا عقابه قالوا: يا رب لا ينفعه ما أصابه من الدنيا.
(7) حدثنا ابن نمير عن مالك عن طلحة عن خيثمة قال: إن الله ليطرد بالرجل
الشيطان من الأدور.
(8) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن رجل عن خيثمة قال: إنه أوصى أن
يدفن في مقبرة فقراء قومه.
(9) حدثنا ابن نمير عن مالك عن طلحة عن خيثمة قال: إني لأعلم مكان رجل
يتمنى الموت في السنة مرتين، فرأيت أنه يعني نفسه.
(10) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن خيثمة قال: طوبى
للمؤمن كيف يحفظ في ذريته من بعده.
(11) حدثنا عبدة بن سليمان عن الأعمش عن خيثمة قال: ما تقرأون في القرآن:
* (يا أيها الذين آمنوا) * فإن موضعه في التوراة يا أيها المساكين.
(52) في ثواب التسبيح والحمد
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (لان أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أحب
إلي مما طلعت عليه الشمس).
(2) حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال:

(51 / 7) الأدور: الدور الكثيرة.
(51 / 11) * (يا أيها الذين آمنوا) * وردت في الكثير من آي القرآن الكريم، ولم يرد لفظ: يا أيها المساكين في
التوراة، بل جاءت عباراته إنما رواية لحدث أو حديثا مباشرا لأنبياء بني إسرائيل من الله تعالى:
وكلم الرب موسى قائلا: أوصي بني إسرائيل أو كلم بني إسرائيل.
(52 / 1) أي أحب من الدنيا وما فيها.
232

قال رسول الله (ص): (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى
الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العلي العظيم).
(3) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي عبيدة عن
عبد الله قال: لان أقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أحب إلي من
أن أتصدق بعددها دنانيري في سبيل الله.
(4) حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن ثابت البناني قال: حدثني رجل من
أصحاب محمد عند هذه السارية قال: من قال: (سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب
إليه) كتبت في رق ثم طبع عليها طابع من مسك فلم تكسر حتى يوافي بها يوم القيامة.
(5) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن عمرو
قال: لان أقولها أحب إلي من أن أحمل على عددها خيلا بأرسانها.
(6) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عبيد بن عمير قال: تسبيحة بحمد الله في
صحيفة المؤمن خير من أن تسير - أو تسيل - معه جبال الدنيا ذهبا.
(7) حدثنا وكيع عن مسعر عن الوليد بن العيزار عن أبي الأحوص قال: سمعته
يقول: تسبيحة في طلب الحاجة خير من لقوح صفي في عام أزبة - أو قال: لزبة.
(8) حدثنا وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن هلال بن يساف قال: قال
عبد الله: لان أسبح تسبيحات أحب إلي من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله.
(9) حدثنا محمد بن بشر وأبو أسامة عن مسعر عن عمرو بن مرة عن مصعب بن
سعد - وقال أبو أسامة: سمعت مصعب بن سعد يقول: إذا قال العبد: (سبحان الله)
قالت الملائكة: وبحمده، وإذا قال: (سبحان الله وبحمده) صلوا - وقال أبو أسامة: صلت
عليه.
(10) حدثنا يعلى بن عبيد عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد قال: إذا قال العبد:
(الحمد لله كثيرا) قال الملك: كيف أكتب؟ فيقول: أكتب له رحمتي كثيرا، وإذا قال:
(الله أكبر كبيرا) قال الملك: كيف أكتب؟ فيقول: أكتب له رحمتي كثيرا.

(52 / 3) أي أن ثواب كل تسبيحة منها أعظم من ثواب صدقة بدينار في سبيل الله.
(52 / 7) لقوح: ناقة حامل أو في سن الحمل واللقاح وتكون غزيرة اللبن عام أوبة أو لزبة: عام جدب.
233

بسم الله الرحمن الرحيم
39 كتاب المغازي
(1) ما ذكر في أبي يكسوم أمر الفيل
(1) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي
شيبة العبسي قال: حدثنا أبو أسامة عن محمد بن إسماعيل قال: حدثني سعيد بن جبير قال: أقبل أبو يكسوم صاحب الحبشة ومعه الفيل، فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبي أن
يدخل الحرم، قال: فإذا وجه راجعا أسرع راجعا، وإذا أريد على الحرم أبي، فأرسل
عليهم طير صغار بيض في أفواهها حجارة أمثال الحمص، لا تقع على أحد إلا هلك، قال
أبو أسامة: فحدثني أبو مكين عن عكرمة قال: فأزلتهم من السماء، فلما جعلهم الله كعصف
مأكول أرسل الله غيثا فسال بهم حتى ذهب بهم إلى البحر.
(2) حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين عن ابن عباس * (طيرا أبابيل) * قال:
كان لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال:
طير سود تحمل الحجارة بمناقيرها وأظافيرها.
(4) حدثنا الحسن بن موسى عن شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة
أخبره أن رسول الله (ص) ركب راحلته فخطب فقال: (إن الله حبس عن مكة الفيل
وسلط عليهم رسوله والمؤمنين).
(5) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال: لما أراد
الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف، كل
طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة: حجرين في رجليه وحجرا في منقاره، قال: فجاءت

(1 / 1) أبو يكسوم: هو أبرهة الأشرم حاكم اليمن من قبل الأحباش ويكسوم ولده الأكبر الذي شاركه في حملته على مكة وقتل معه.
(1 / 2) طيرا أبابيل: سورة الفيل.
(1 / 5) مجزعة: مخططة بالأسود والأبيض.
234

(18) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا مهدي عن واصل عن يحيى بن عقيل عن
يحيى بن يعمر عن أبي الأسود [الدئلي] عن أبي ذر عن النبي (ص) قال: بكل تسبيحة
صدقة).
(19) حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن الجريري عن أبي عبد الله الجسري عن
عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله (ص): (ألا أخبرك بأحب الكلام
إلى الله؟ قال: قلت: بلى! يا رسول الله (ص)! أخبرني بأحب الكلام إلى الله، قال: أحب
الكلام إلى الله (سبحان الله وبحمده).
(20) حدثنا يزيد بن هارون عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن كعب قال: إن
من خير العمل سبحة الحديث؟، وإن من شر العمل التحذيف، قال: قلت: يا عبد الرحمن!
وما سبحة الحديث؟ قال: تسبيح الرجل والقوم يتحدثون، قال: قلت: وما التحذيف؟
قال: يكون القوم بخير وإذ سئلوا قالوا: بشر.
(21) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن
المسيب قال: كنا عند سعد بن مالك فسكت سكتة فقال: لقد أصبت بسكتتي هذه مثل ما
سقى النيل والفرات، قال: قلنا: وما أصبت؟ قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر.
(53) ما جاء في فضل ذكر الله
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن طاوس عن
معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (ص): (ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من النار
من ذكر الله)، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله، قال: (ولا الجهاد في
سبيل الله، تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع) - (ثلاثا).
(2) حدثنا هشيم عن يعلى عن عطاء عن بشر بن عاصم عن عبد الله بن عمرو قال:
ذكر الله بالغداة والعشي أفضل من حطم السيوف في سبيل الله به وإعطاء المال سحا.
(3) حدثنا وكيع عن مسعر عن علقمة بن مرثد عن ابن سابط عن معاذ قال: لان

(52 / 18) [الدئلي]: كذا في الأصل والأرجح أنه الدؤلي.
(53 / 2) سحا: بكثرة والسح: المطر الشديد.
235

أذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أحمل على الجياد في سبيل الله من
غدوة حتى تطلع الشمس.
(4) حدثنا معاذ بن معاذ عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قال: لو بات
رجل يعطي القيان البيض، وبات آخر يقرأ القرآن ويذكر الله، رأيت أن ذاكر الله
أفضل.
(5) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي هلال عن أبي الوازع عن جابر الراسبي عن أبي
برزة قال: لو أن رجلين أحدهما في حجرة دنانير يعطيها والآخر يذكر الله كان ذاكر الله
أفضل.
(6) حدثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي جعفر قال: ما من شيمة أحب
إلى الله من الشكر والذكر.
(7) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن
جبير بن نفير عن أبيه عن أبي الدرداء أنه قال: الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله
يدخلون الجنة وهم يضحكون.
(8) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرنا معاوية بن صالح قال: أخبرني عمرو بن قيس
الكندي عن عبد الله بن بسر أن أعرابيا قال: يا رسول الله! إن شرائع الاسلام قد
كثرت، فأنبئني منها بما أتشبث به، قال: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله).
(9) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن ابن سابط قال: ائثروا بذكر الله واجعلوا
لبيوتكم من صلاتكم خيرا.
(10) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الإفريقي عن أبي علقمة عن أبي
هريرة قال: إن أهل السماء ليرون بيوت أهل الذكر تضئ لهم كما تضئ الكواكب لأهل
الأرض.
(11) حدثنا شريك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قال معاذ: لو أن
رجلين أحدهما يحمل على الجياد في سبيل الله، والآخر يذكر الله لكان هذا أعظم أو
أفضل أجرا - يعني الذاكر.

(53 / 8) أي أكثر من ذكر الله.
236

(12) حدثنا شريك عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لأبي الدرداء: إن
أبا سعد بن منبه جعل في ماله مائة محرر، قال: أما أن مائة محرر في مال رجل لكثير، ألا
أخبركم بأفضل من ذلك؟ إيمان ملزوم بالليل والنهار، ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الله.
(13) حدثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي عبيدة قال: ما دام قلب
الرجل يذكر الله فهو في صلاة وإن كان في السوق، وإن يحرك به شفتيه فهو أفضل
(14) حدثنا يحيى بن واضح عن موسى بن عبيدة عن أبي عبد الله القراط عن
معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (ص): (من أحبه أن يرتع في رياض الجنة فليكثر
ذكر الله).
(15) حدثنا جرير عن منصور عن سالم عن مسروق قال: ما دام قلب الرجل يذكر
الله فهو في صلاة وإن كان في السوق.
(16) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال حدثنا سعد بن إبراهيم عن أبي
عبيدة قال: العبد ما ذكر الله فهو في صلاة.
(17) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن هلال بن
يساف عن عمرو بن ميمون عن ربيع بن خيثم عن عبد الله بن مسعود قال: من قال عشر
مرات: (لا إله إلا الله له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير) كان كعدل أربع
رقاب، أراه قال: من ولد إسماعيل.
(18) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء
قال: قال رسول الله (ص): من قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد وهو على كل شئ قدير) * كن كعتق رقبة.
(19) حدثنا وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن هلال عن أبي الدرداء
قال: من قال مائة مرة غدوة، ومائة مرة عشية (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير) لم يجئ أحد يوم القيامة بمثل ما جاء به إلا من
قال مثلهن أو زاد.
(20) حدثنا وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مسلم عن سويد بن جهبل
قال: من قال بعد العصر: (لا إله إلا الله له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير)
قاتلن عن قائلهن إلى مثلها من الغد.
237

(21) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مسلم مولى
سويد بن جهبل عن سويد - وكان من أصحاب عمر، ثم ذكر نحو حديث وكيع.
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن داود عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
أبي أيوب عن رسول الله (ص) قال: (من قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير) عشر مرات كن له كعدل
عشر رقاب أو كعدل رقبة).
(23) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال حدثني ثعلبة عن عمرو بن شعيب
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لو أن رجلين أقبل أحدهما من المشرق والاخر من
المغرب، مع أحدهما ذهب لا يضع منه شيئا إلا في حق، والآخر يذكر الله حتى يلتقيا في
طريق لكان الذي يذكر الله أفضلهما. (24) حدثنا يعلى عن موسى الطحان عن عبد الرحمن بن سابط قال: دفع رسول الله
(ص) إلى حلقه وهم يذكرون الله فقال: (إن الله ليباهي بمجلسكم أهل السماء).
(25) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم فقال:
قال عبادة بن الصامت: لان أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون الغداة إلى أن
تطلع الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله إلا أن تطلع
الشمس، ولان أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون العصر حتى تغرب الشمس.
أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله حتى تغرب الشمس.
(54) في كثرة الاستغفار والتوبة
(1) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله (ص): إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة).
(2) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي بردة قال: سمعت الأغر
- وكان من أصحاب النبي (ص) - يحدث ابن عمر قال: يقول رسول الله (ص): (توبوا
إلى ربكم فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة).

(53 / 24) أهل السماء: الملائكة.
(53 / 25) الغداة: صلاة الصبح.
(54 / 1) وذلك بقوله (ص): استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا الله هو الحي القيوم وأتوب إليه.
238

(3) حدثنا ابن نمير عن مالك بن مغول عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر
قال: إن كان ليعد لرسول الله (ص) في المجلس الواحد يقول: (رب اغفر لي وتب علي
إنك أنت التواب الغفور) مائة مرة.
(4) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن هلال بن يساف عن زاذان قال: حدثني رجل
من الأنصار قال: سمعت رسول الله (ص) يقول في دبر الصلاة: (اللهم تب علي واغفر
لي إنك أنت التواب الغفور) مائة مرة.
(5) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا المغيرة بن أبي الحر عن سعيد بن أبي بردة عن
أبيه عن جده قال: جاء رسول الله (ص) ونحن جلوس فقال: (ما أصبحت غداة قط إلا
استغفرت الله فيها مائة مرة).
(6) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال: كان أبو الدرداء
يقول: طوبى لمن وجد في صحيفة نبذة من استغفار.
(7) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عون عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (إن
الله يقبل توبة عبده ما لم يعد).
(8) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي المغيرة عن حذيفة قال: شكوت
إلى رسول الله (ص) ذرب لساني فقال: (أين أنت من الاستغفار؟ إني لاستغفر الله في
كل يوم مائة مرة).
(9) حدثنا عفان قال حدثنا بكير بن أبي السميط قال حدثنا منصور بن زاذان عن
أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: من قال: (أستغفر الله الذي لا إله إلا
هو الحي القيوم وأتوب إليه) خمس مرات غفر له وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
(55) كلام عمر بن عبد العزيز (1) حدثنا معتمر بن سليمان عن علي بن زيد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز
يخطب بخناصرة فسمعته يقول: أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارب.

(54 / 7) ما لم يعد: ما لم يعد إلى ارتكاب الاثم الذي استغفر الله منه.
(54 / 8) ذرب لساني: كثرة الحديث فيما لا طائل منه.
(54 / 9) الأرجح فيه الرفع لان مثل هذا لا يقال عن رأي.
(55 / 1) خناصرة: اسم بلدة.
239

(2) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أزهر يباع الخمر قال: رأيت عمر بن
عبد العزيز بخناصرة فسمعته يحدث الناس عليه قميص مرقوع.
(3) حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي مخزوم قال: حدثني عمر بن أبي الوليد قال:
خرج عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة وهو ناحل الجسم فخطب كما كان يخطب ثم قال: يا
أيها الناس! من أحسن منكم فليحمد الله ومن أساء فليستغفر الله فإنه لا بد لأقوام أن
يعملوا أعمالا وضعها الله في رقابهم وكتبها عليهم.
(4) حدثنا أبو معاوية عن مطرف قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس
بعرفة وعليه ثوبان أخضران، وذكر الموت فقال: غنظ ليس كالغنظ وكظ ليس كالكظ.
(5) حدثنا حسين بن علي عن عمر بن ذر قال: ما رأيت أحدا أرى أنه أشد خوفا
لله من عمر بن عبد العزيز.
(6) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز
خطب الناس بعرفة فقال: يا أيها الناس! إنكم جئتم من القريب والبعيد، فأنضيتم الظهر
وأخلقتم الثياب، وليس السعيد من سبقت دابته أو راحلته، ولكن السعيد من تقبل منه.
(7) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد قال: بلغني عن عمر بن عبد العزيز
قال: ذكر النعم شكرها.
(8) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال: كان قميص
عمر بن عبد العزيز وجبابه فيما بين الكعب والشراك.
(9) حدثنا حسين بن علي عن المهلب بن عقبة قال: كان عمر بن عبد العزيز يخطب
يقول: إن من أحب الأمور إلى الله القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق في
الولاية، وما رفق عبد بعبد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة.
(10) حدثنا حسين بن علي عن عبيد بن عبد الملك قال كان عمر بن عبد العزيز
يقول: اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لام محمد، اللهم أهلك من كان في هلاكه
صلاح لامة محمد.

(55 / 4) غنظ: جهد ومشقة.
الكظ: العسرة والشدة.
(55 / 6) أنضيتم الظهر: الظهر ما يركب في السفر من الدواب أو الإبل.
وأفضى بعيره: أهزله بالسير الطويل.
240

(11) حدثنا حسين بن علي عن عبيد بن عبد الملك قال: أخبرني من رأى عمر بن
عبد العزيز واقفا بعرفة وهو يدعو وهو يقول بإصبعه هكذا - يعني يشير بها: اللهم زد
محسن أمة محمد إحسانا، وراجع بمسيئهم إلى التوبة، ثم يقول: هكذا، ثم يدير إصبعه: اللهم
وحط من ورائهم برحمتك.
(12) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا جويرية بن أسماء قال حدثنا نافع قال: قال عبد الملك بن عمر لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين؟ ما يمنعك أن تقضي للذي
تريد، فوالذي نفسي بيده! ما أبالي لو غلت بي وبك فيه القدور، قال: وحق هذا منك
يا بني؟ قال: نعم والله! قال: الحمد لله الذي جعل لي من ذريتي يعينني على أمر ربي، يا
بني! لو بدهت الناس بالذي تقول لم آمن أن ينكروها، فإذا أنكروها لم أجد بدا من
السيف، ولا خير في خير لا يأتي إلا بالسيف، يا بني! إني أروض الناس رياضة الصعب، فإن
يطل بي عمر فإني أرجوا أن ينفذ الله لي شيئا، وإن تعد علي منية فقد علم الله الذي أريد.
(13) حدثنا عفان قال حدثنا جويرية بن أسماء عن إسماعيل بن أبي حكيم قال:
غضب عمر بن عبد العزيز يوما فاشتد غضبه، وكانت فيه حدة، وعبد الملك ابنه
حاضر، فلما رأوه قد سكن غضبه قال: يا أمير المؤمنين! أنت في قدر نعمة الله عليك،
وفي موضعك الذي وضعك الله فيه وما ولاك الله من أمر عباده يبلغ بك الغضب ما
أرى؟ قال: كيف قلت؟ فأعاد عليه كلامه فقال: أما تغضب يا عبد الملك؟ قال: قال:
ما يغني عني سعة جوفي إن لم أردد فيه الغضب حتى لا يظهر منه شئ أكرهه.
(14) حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز:
أما بعد، فإن أناسا من الناس التمسوا الدنيا بعمل الآخرة. وإن أناسا من القصاص قد
أحدثوا من الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي (ص)، فإذا أتاك كتابي
هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعون ما سوى
ذلك.
(15) حدثنا سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو قال سمعت عمر بن عبد العزيز
يقول: ما أنعم الله على عبد من نعمة فانتزعها منه فعاضه مما انتزع منه صبرا إلا كان
الذي عاضه خيرا مما انتزع منه.
(16) حدثنا وكيع عن عبيد الله بن موهب عن صالح بن سعيد المؤذن قال: بينما أنا
مع عمر بن عبد العزيز بالسويداء فأذنت للعشاء الآخرة، فصلى ثم دخل القصر فقلما لبث
241

أن خرج، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس فاحتبى، فافتتح الأنفال فما زال يرددها
ويقرأ، كلما مر بآية تخويف تضرع، وكلما مر بآية رحمة دعا حتى أذنت للفجر.
(17) حدثنا ابن نمير عن طلحة بن يحيى قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز
فدخل عليه عبد الأعلى بن هلال فقال: أبقاك الله يا أمير المؤمنين ما دام البقاء خيرا لك،
قال: قد فرغ من ذلك يا أبا النضر، ولكن قل: أحياك الله حياة طيبة، وتوفاك مع
الأبرار.
(18) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن
عمر بن عبد العزيز قال: إن الله لا يؤاخذ العامة بعمل في الخاصة، فإذا المعاصي ظهرت
فلم تنكر استحقوا العقوبة جميعا.
(19) حدثنا محمد بن أبي عبد الله الأسدي قال حدثنا سفيان عن عمر بن عبد
العزيز قال: من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه، ومن عمل بغير علم كان ما يفسد
أكثر مما يصلح.
(20) حدثنا الفضل بن دكين قال: ذكر أبو إسرائيل عمر بن عبد العزيز فقال:
حدثني علي بن بذيمة قال: رأيته بالمدينة وهو أحسن الناس لباسا وأطيب الناس ريحا
وأخيل الناس في مشيته أو أخبل الناس في مشيته، ثم رأيته بعد يمشي مشية الرهبان، فمن
حدثك أن المشي سجية فلا تصدقه بعد عمر بن عبد العزيز.
(21) حدثنا سعيد بن عثمان عن غيلان بن ميسرة أن رجلا أتى عمر بن عبد العزيز
فقال: زرعت زرعا فمر به جيش من أهل الشام فأفسدوه، فعوضه عشرة آلاف درهم.
(22) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز أوصى عامله في
الغزو أن لا يركب دابة إلا دابة تضبط سيرها أضعف دابة في الجيش.
(23) حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى أن عمر بن عبد العزيز كان يبرد، قال:
فحمل مولى له رجلا على البريد بغير إذنه، قال: فدعاه فقال: لا تبرح حتى تقومه ثم تجعله
في بيت المال.

(55 / 17) قد فرغ من ذلك: أي أن الاجل قد حدده الله بعده فلا زيادة فيه ولا نقصان.
(55 / 18) لأنهم رأوا المعاصي فلم يستنكروها فكان هذا منهم قبولا بها ورضى عنها.
(55 / 19) وأكثر بلاء المرء من لسانه، فمن اللسان الكذب والغيبة والكفر اللفظي وقول الباطل وما شابه.
242

(24) حدثنا ابن مبارك عن جميع بن عبد الله المقرئ أن عمر بن عبد العزيز نهى
البريد أن يجعل في طرف السوط حديدة ينخس بها الدابة، قال: ونهى عن اللجم الثقال.
(56) عامر بن عبد قيس
(1) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن قال: قال عامر بن عبد قيس:
العيش في أربع: النساء واللباس والطعام والنوم، فأما النساء فوالله ما أبالي امرأة رأيت أم
عنزا، وأما اللباس فوالله ما أبالي بما واريت به عورتي، وأما الطعام والنوم فقد غلباني،
والله لأضرن بهما جهدي، قال الحسن: فأضر والله بهما.
(2) حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن قال: دخل على عامر في البيت وليس
معه إلا جرة فيها شرابه وطهوره، وسلة فيها طعامه.
(3) حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن قال: كان ما يلي الأرض من عامر بن
عبد قيس مثل ثفن البعير.
(4) حدثنا الحسن بن موسى الأشيب عن شعبة عن حبيب بن شهيد قال: سمعت
أبا بشر بحدث عن سهم بن شقيق قال: أتيت عامر بن عبد قيس فقعدت على بابه فخرج
وقد اغتسل، فقلت: إني أرى الغسل يعجبك، فقال: ربما اغتسلت، قال: ما حاجتك
قلت حب الحديث، قال: وعهدك بي أحب الحديث.
(5) حدثنا الحسن بن موسى عن أبي هلال قال حدثنا محمد بن سيرين قال: قيل
لعامر بن عبد الله: ألا تزوج؟ قال: ما عندي نشاط وما عندي من مال، فما أغر امرأة
مسلمة،
(6) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال: قال عامر بن عبد قيس
لا بني عم له: فوضا أمر كما إلى الله تستريحا.
(7) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا بعض مشيختنا، قال: قال

(55 / 24) البريد: المقصود رجال البريد.
(56 / 1) ما أبالي امرأة رأيت أم عنزا أي لا أهتم لجمال المرأة التي أتزوجها.
(56 / 3) الثفن أو الثفنة من البعير: الركبة، ما مس الأرض من كركرته وسعداناته وأصول أفخاذه، وكل
ما ولي الأرض من ذي الأربع إذا برك أو ربض ويحصل فيه غلظ من البروك.
243

عامر بن عبد الله: إنما أجدني آسف على البصرة لأربع خصال: تجاوب مؤذنيها، وظمأ
الهواجر، ولان بها أخداني، ولان بها وطني.
(8) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا سعيد الجريري قال: لما سير
عامر بن عبد الله، قال: شيعه إخوانه فقال بظهر المربد: إني داع فأمنوا، فقالوا: هات
فقد كنا نشتهي هذا منك، فقال: اللهم من ساءني وكذب علي وأخرجني من مصري
وفرق بيني وبين إخواني اللهم أكثر ماله وولده وأصح جسمه وأطل عمره.
(9) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: حدثني من
رآى عامر بن عبد قيس دعا بزيت فصبه في يده - كذا وصف جعفر ومسح إحداهما على
الأخرى، ثم قال: * (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) *
قال فدهن رأسه ولحيته.
(10) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثني مالك بن دينار قال:
حدثني فلان أن عامر بن عبد الله كان في الرحبة وإذا ذمي يظلم، قال: فألقى عامر رداءه
وقال: ألا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي، فاستنقذه.
(11) حدثنا عباد بن العوام عن عاصم عن فضيل بن زيد الرقاشي قال: لا يهلك
الناس عن نفسك، فإن الامر يصل إليك دونهم، ولا تقل: اقطع عنا اليوم بكذا وكذا،
فإنه محصي عليك جميع ما عملت في ذلك، ولم تر شيئا أسرع إدراكا ولا أحسن طلبا من
حسنة حديثة لذنب قديم.
(12) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عمران بن حدير عن قسامة
ابن زهير قال: روحوا القلوب تعي الذكر.
(57) مطرف بن الشخير
(1) حدثنا أبو الأحوص عن أبي غيلان قال: كان مطرف بن الشخير يقول: اللهم
إني أعوذ بك من شر السلطان ومن شر ما تجري به أقلامهم، وأعوذ بك أن أقول بحق
أطلب به غير طاعتك، وأعوذ بك أن أتزين للناس بشئ يشينني عندك، وأعوذ بك أن.

(56 / 8) لأنه ما دام يعمل الشر فإن طال عمره وصح جسمه زادت ذنوبه وعظم بلاؤه وعقابه في الآخرة.
(56 / 9) سورة المؤمنون الآية (20).
244

أستغيث بشئ من معاصيك على ضر نزل بي، وأعوذ بك أن تجعلني عبرة لاحد من
خلقك، وأعوذ بك أن تجعل أحدا أسعد بما علمته مني، اللهم لا تخزني فإنك بي عالم،
اللهم لا تعذبني فإنك علي قادر.
(2) حدثنا زيد بن الحباب عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير قال: سمعت
مطرفا يقول: كأن القلوب ليست منا وكأن الحديث يعني به غيرنا.
(3) حدثنا زيد بن الحباب عن مهدي قال حدثنا غيلان قال: سمعت مطرفا يقول:
لو أتاني آت من ربي فخيرني أفي الجنة أم في النار أم أصير ترابا، اخترت أن أصير ترابا.
(4) حدثنا غندر عن شعبة عن يزيد الرشك عن مطرف قال: * (إن الذين يتلون
كتاب الله وأقاموا الصلاة) * إلى آخر الآية قال: هذه آية القراء.
(5) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال مطرف: ما من الناس
أحد إلا وهو أحمق فيما بينه وبين ربه، ولكن بعض الحمق أهون من بعض.
(6) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت قال: كان مطرف يقول:
اللهم تقبل مني صلاة يوم، اللهم تقبل مني صوم يوم، اللهم اكتب لي حسنة ثم يقول:
* (إنما يتقبل الله من المتقين) *.
(7) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت أن مطرف بن عبد الله
قال: لو كانت لي نفسان لقدمت إحداهما على الأخرى، فإن هجمت على خير اتبعتها
الأخرى، وإلا أمسكتهما، ولكن إنما هي نفس واحدة، لا أدري على ما تهجم؟ خير أم
شر.
(8) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت أن مطرفا قال: لو
وزن رجاء المؤمن خوفه ما رجح أحدهما صاحبه.
(9) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا محمد بن واسع الأزدي قال:
كنت في حلقة فيها الحسن ومطرف، وفلان ذكر أناسا فتكلم سعيد بن أبي الحسن، قال:
ثم دعا فقال في دعائه: اللهم أرض عنا - مرتين أو ثلاثا، قال: يقول مطرف وهو في ناحية
الحلقة: اللهم إن لم ترض عنا فاعف عنا، قال: فأبكى القوم بهذه الكلمة.

(57 / 4) سورة فاطر من الآية (29).
(57 / 6) سورة المائدة من الآية (27).
245

(10) حدثنا عفان قال حدثنا ابن مهدي قال حدثنا غيلان بن جريري عن مطرف
قال: هم الناس وهم النسناس، وأناس غمسوا في ماء الناس.
(11) حدثنا شاذان عن مهدي عن غيلان بن جرير عن مطرف قال: عقول الناس
على قدر زمانهم.
(12) حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن مطرف بن الشخير في قوله: * (كانوا
قليلا من الليل ما يهجعون) * قال قل ليلة أتت عليهم هجعوها.
(13) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف قال: خير الأمور
أوساطها.
(14) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن ثابت عن مطرف أنه أقبل من مبدأه فجعل
يسير بالليل فأضاء له سوطه.
(15) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت أن مطرفا قال: لو كانت لي الدنيا
فأخذاها الله مني بشربة من ماء يسقيني بها يوم القيامة كان قد أعطاني بها ثمنا.
(16) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال: كنا عند مطرف
فذكرنا الله ودعوناه، فقال: ولئن كان هذا مما سبق لكم في الذكر لقد أراد الله بكم
خيرا، وإن كان مما يحدث في الليل والنهار لقد أراد الله بكم خيرا، فأي ذلك ما كان
فاحمدوا الله عليه.
(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت أن مطرفا كان يقول: إن الحديث
وإن اليمين بالله.
(18) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت أن مطرفا كان يقول: لو كان الخير في
كف أحدنا ما استطاع أن يفرغه في قلبه حتى يكون الله هو الذي يفرغه في قلبه.
(19) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت أن مطرفا كان يقول: لو أن رجلا
رأى صيدا والصيد لا يراه فختله ألم يوشك أن يأخذه؟ قالوا: بلى، قال: فإن الشيطان
يرانا ونحن لا نراه وهو يصيب منا.

(57 / 10) النسناس: هنا السفلة والأرذال.
(57 / 12) سورة الذاريات الآية (17).
(57 / 15) أي كانت هذه الشربة تساوي الدنيا وما فيها.
246

(20) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت قال مطرف: نظرت في بدء هذا الامر
ممن كان، فإذا هو من الله، ونظرت على من تمامه فإذا تمامه على الله، ونظرت ما ملاكه
فإذا ملاكه الدعاء.
(21) حدثنا شبابة بن سوار عن سليمان عن ثابت أن مطرف بن الشخير قال: ليعظم
جلال الله في صدوركم فلا يذكر الله عند مثل هذا، يقول أحدكم للكلب، أخزاه الله
وللحمار أو الشاة.
(22) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف قال: كنا
نتحدث أنه لم يتحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه، قال: فلما سير
مذعور أو عامر بن عبد الله، قال: لقي مذعور مطرفا فجعل يذاكره، قال مطرف:
فجعلت أقول: أي أخي! علام تحبسني وقد تهورت النجوم وذهب الليل، فيقول: اللهم
فيك، ثم يذاكره الساعة فيقول: يا أخي! علام تحبسني وقد تهورت النجوم وذهب الليل،
فقال: اللهم فيك، فلما أصبحنا أخبرت أنه قد سير، فعرفت ليلتين فضله علي.
(23) حدثنا عفان قال حدثنا مهدي بن ميمون قال حدثني غيلان بن جرير عن
مطرف قال: ما أرملة جالسة على ذيلها بأحوج إلى الجماعة مني.
(24) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان عن ثابت قال: كان مطرف يقول: ما أوتي
أحد من الناس أفضل من العقل.
(25) حدثنا عفان قال مهدي قال حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف قال:
رأيت في المنام كأني خرجت أريد الجمعة، فأتيت على مقابر من الحي، فإذا أهل القبور
جلوس، فجعلت أسلم وأمضى، قالوا: يا عبد الله! أين تريد؟ قال: قلت: أريد الجمعة،
قال: ثم قلت: تدرون ما الجمعة؟ قالوا: نعم ونعلم ما يقول الطير يومئذ قال قلت: ما
يقول الطير يومئذ؟ قالوا: يقول: سلام سلام يوم صالح.
(26) حدثنا وكيع عن قرة عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله عن أخيه مطرف قال:
إن الله ليرحم برحمته العصفور.
(27) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت قال: سمعت مطرفا
يقول: ما مررت بأهل مجلس فسمعت أحدا يثني علي خيرا، قال: فيأخذ ذلك في.

(57 / 22) تهورت النجوم: غابت.
247

(28) حدثنا إسحاق الرازي عن أبي جعفر عن قتادة قال: إن هذا الموت قد أفسد
على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيما لا موت فيه.
(29) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا المعلى بن زياد قال: قال
مورق العجلي: أمر أنا في طلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه، ولست بتارك طلبه أبدا،
قال: وما هو يا أبا المعتمر؟ قال: الصمت عما لا يعنيني.
(30) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا هشام عن حفصة بنت
سيرين قالت: كان مورق يزورنا، فزارنا يوما فسلم فرددت عليه السلام، قالت: ثم سايلني
وسايلته، قلت: كيف أهلك وكيف ولدك؟ قال: إنهم لمتوافرون، قلت: فأحمد ربك،
قال: إني والله قد خشيت أن يحسبوني على هلكة.
(31) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا بعض أصحابنا
قال: كان مورق العجلي يتجر فيصيب المال، فلا تأتي عليه جمعة وعنده منه شئ، قال:
كان يلقي الأخ من إخوانه فيعطيه أربعمائة خمسمائة ثلاثمائة، فيقول: ضعها لنا عندك حتى
نحتاج إليها، ثم يلقاه بعد ذلك فيقول: شأنك بها، ويقول الآخر: لا حاجة لي فيها،
فيقول: إنا والله ما نحن بآخذيها أبدا، شأنك بها.
(31) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة قال: قال مورق العجلي: ما وجدت
للمؤمن في الدنيا مثلا إلا كمثل رجل على خشبة في البحر وهو يقول: يا رب يا رب لعل
الله أن ينجيه.
(32) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أبو التياح عن مورق قال:
المتمسك بطاعة الله إذا جبن الناس عنها كالكار بعد الفار.
(33) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول قال: سمعت مورقا
العجلي يقول: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد.
(34) حدثنا عفان قال حدثنا ثابت بن يزيد أبو زيد عن عاصم عن مورق قال: إنما
كان حديثهم تعريضا.

(57 / 28) أي اطلبوا نعيم الآخرة.
(57 / 30) أي قد خشيت أن يشغلوني عن أمر آخرتي ويجعلوني أميل إلى الدنيا.
248

(58) كلام صفوان بن محرز
(1) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا هشام بن حسان عن الحسن
قال: قال صفوان بن محرز قال: إذا أكلت رغيفا أشد به صلبي وشربت كوزا من ماء فعلى
الدنيا وأهلها العفاء.
(2) حدثنا عفان قال حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا غيلان بن جرير عن
صفوان بن محرز قال: وكانوا يجتمعون هو وإخوانه ويتحدثون فلا يرون تلك الرقة،
قال: فيقولون: يا صفوان! حدث أصحابك، قال: فيقول: الحمد لله، قال: فيرق القوم
وتسيل دموعهم كأنها أفواه المزاد.
(3) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن عبد الله بن رباح عن صفوان بن محرز أنه كان
إذا فرأ هذه الآية بكى * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) *.
(4) حدثنا عفان قال حدثنا حماد عن ثابت أن صفوان بن محرز كان له خص فيه
جذع، فانكسر الجذع، فقيل له: ألا تصلحه؟ فقال: دعه فإنما أموت غدا.
(5) حدثنا عفان قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد قال حدثنا قتادة عن
صفوان بن محرز في قوله: * (إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا) * قال:
والله إن منهن العجز الزحف صيرهن الله كما تسمعون.
(6) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت المعلي بن زياد قال: كان
لصفوان بن محرز المازني سرب يبكي فيه، وكان يقول: قد أرى مكان الشهادة تشايعني
نفسي.
(59) حديث طلق بن حبيب
(1) حدثنا محمد بن بشر قال حدثني عتبة بن قيس عن طلق بن حبيب قال: أربع
من أوتيهن أوتي خير الدنيا والآخرة: من أوتي لسانا ذاكرا، وقلبا شاكرا، وجسدا على
البلاء صابرا، وزوجا مؤمنة لا تبغيه في نفسها خونا.

(58 / 3) سورة الشعراء الآية (227).
(58 / 4) جذع: أي قد جعل هذا الجذع عمودا للخص يستند إليه، والخص هو الكوخ.
(58 / 5) سورة الواقعة الآيات (35 - 37).
249

(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن طلق بن
حبيب قال: إن حقوق الله أثقل من أن يقوم بها العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها
العباد، ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين.
(3) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار
قال: أخبرنا كلثوم بن جبر قال: كان المتمني بالبصرة يقول: عبادة طلق بن حبيب، وحلم
مسلم بن يسار.
(4) حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن عاصم قال: قلنا لطلق بن حبيب: صف لنا
التقوى، قال: التقوى عمل بطاعة الله رجاء رحمة الله على نور من الله، والتقوى ترك
معصية الله مخافة عقاب الله على نور من الله.
(5) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي المنهال قال حدثني صفوان بن محرز قال:
قال جندب: مثل الذي يعظ وينسى نفسه مثل المصباح يضئ لغيره ويحرق نفسه، ليبصر
أحدكم ما يجعل في بطنه، فإن الدابة إذا ماتت كان أول من ينفتق بطنها، وليتق أحدكم أن
يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم مسلم.
(6) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا أبان بن إسحاق قال: حدثني رجل من عرينة
قال: خرج جندب البجلي في سفر له، فخرج معه ناس من قومه حتى إذا كانوا في المكان
الذي يودع بعضهم بعضا قال: ألا ترى! المحروب من حرب دينه، وإن المسلوب من
سلب دينه، ألا إنه لا فقر بعد الجنة، ولا غنى بعد النار، ألا إن النار لا يفك أسيرها،
ولا يستغني فقيرها، ثم ركب الجادة وانطلق.
(7) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن غالب بن عجرد قال: حدثني رجل من فقهاء
أهل الشام في مسجد مني قال: إن الله خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر ولم يكن
أحد من بني آدم يأتي شجرة من تلك الشجر إلا أصاب منها خيرا أو كان له خير، فلم
تزل الشجرة كذلك حتى تكلمت فجرة بني آدم بالكلمة العظيمة قولهم * (اتخذ الله
ولدا) * فاقشعرت الأرض فشاك الشجر.
(8) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي قحذم قال: أتي ابن زياد بصرة فيها حب

(59 / 2) وفي ذلك قوله تعالى: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * سورة إبراهيم الآية (34).
(59 / 7) سورة البقرة من الآية (116).
250

حنطة أمثال النوى وجدت في بعض بيوت الكسرى مكتوب معها، هذا نبت زمان كان
يعمل فيه بطاعة الله.
(9) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن خالد الربعي قال: كان في بني إسرائيل رجل،
وكان مغمورا في العلم، وإنه ابتدع بدعة فدعا الناس فاتبع، وأنه تذكر ذات ليلة فقال:
هب هؤلاء الناس لا يعلمون، ما ابتدعت، أليس الله قد علم ما ابتدعت؟ قال: فبلغ من
توبته أن حرق ترقوته، وجعل فيها سلسلة وربطها بسارية من سواري المسجد، قال: لا
أنزعها حتى يتاب علي، قال: فأوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل، وكان لا يستنكر
بالوحي: أن قل لفلان: لو أن ذنبك كان فيما بيني وبينك لغفرت لك، ولكن كيف بمن
أضللت من عبادي، فدخلوا النار،
(10) حدثنا زيد بن حباب عن عبد الله بن مروان قال: سمعت صالحا أبا الخليل
يقول في قول الله * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * قال: أعلمهم به أشدهم خشية
له.
(60) كلام ابن منبه
(1) حدثنا أبو أسامة عن سفيان قال: حدثنا رجل من أهل الصنعاء عن وهب بن
منبه قال: مر رجل براهب فقال: يا راهب! كيف ذكرك للموت؟ قال: ما أربع قدما
ولا أضع أخرى إلا رأيت أني ميت؟ قال: كيف دأب نشاطك، قال: ما كنت أرى أحدا
سمع بذكر الجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يصلي، فقال الرجل: إني لأصلي فأبكي حتى
ينبت البقل من دموعي، فقال الراهب: إنك إن تضحك وأنت معترف لله بخطيئتك خير
من أن تبكي وأنت مدل بعملك، إن صلاة المدل لا تصعد فوقه، فقال الرجل: أوصني،
فقال الراهب: عليك بالزهد في الدنيا ولا تنازعها أهلها، وكن كالنخلة إن أكلت طيبا،
وإن وضعت وضعت طيبا، وإن وقعت على شئ لم تضره ولم تكسره، وأنصح لله كنصح
الكلب أهله، إن يجيعوه ويضربوه ويأبى إلا نصحا لهم وحفظا عليهم.
(2) حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال: بلغني أن ابن منبه كان يقول:
أعون الأخلاق على الدين الزهادة في الدنيا، وأوشكها ردى اتباع الهوى، ومن اتباع
الهوى الرغبة في الدنيا، ومن الرغبة في الدنيا حب المال والشرف، ومن حب المال والشرف

(59 / 10) سورة فاطر الآية (28).
251

استحلال المحارم، ومن استحلال المحارم يغضب الله، وغضب الله الداء الذي لا دواء له
إلا رضوان الله، ورضوان الله دواء لا يضر معه داء، ومن يريد أن يرضي ربه يسخط
نفسه، ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه، إن كان كلما ثقل على الانسان شئ من دينه
تركه أوشك أن لا يبقي معه شئ.
(3) حدثنا مروان بن معاوية عن منصور بن حيان عن القاسم بن أبي بزة قال:
سمعت ابن منبه يقول: إنا نجد في الكتب أن الله يقول: يا ابن آدم؟ إنك ما عبدتني
ورجوتني فإني غافر لك على ما كان، وحق علي أن لا أضل عبدي وهو حريص على
الهدى وأنا الحكم.
(4) حدثنا عبد الله بن مبارك عن معمر عن سماك بن الفضل عن ابن منبه قال:
مثل الذي يدعو بغير عمل مثل الذي يرمي بغير وتر.
(5) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جعفر بن سليمان الضبعي عن النعمان بن الزبير عن
ابن منبه قال: أوحى إلى عزير! يا عزير! لا تحلف بي كاذبا فإني لا أرضى عمن يحلف بي
كاذبا، يا عزير! والديك فإنه من بر والديه رضيت، وإذا رضيت باركت، وإذا باركت
بلغت النسل الرابع، يا عزير! لا تعق والديك فإنه من يعق والديه غضبت وإذا غضبت
لعنت، وإذا لعنت بلغت النسل الرابع.
(6) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا صالح الفزاري عن إبراهيم بن ميمون عن
وهب بن منبه قال: قال داود: يا رب! ابن آدم ليس منه شعرة إلا تحتها منك نعمة،
وفوقها منك نعمة، فمن أين يكافيك بما أعطيته؟ قال: فأوحى الله إليه: يا داود! إني
أعطي الكثير وأرضي باليسير، (وإذا شكر ذلك لي أن يعلم أن ما به من نعمة مني.
(7) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا عطاء بن السائب
عن وهب بن منبه قال: أعطى الله موسى نورا يكون لغيره نارا، قال: فدعا موسى هارون
فقال: إن الله وهب لي نورا يكون لغيري نارا [] وإن موسى وهبه لي وإني أهبه لكما،
قال: فكان ابنا هارون يقربان القربان لبني إسرائيل، قال فاختزنا شيئا فنزلت النار
فاحترقا، قال: فقيل لهما: يا موسى وهارون! كذا أصنع بمن عصاني من أهل طاعتي،
فكيف أصنع بمن عصاني من أهل معصيتي.

(60 / 7) هناك نقص في المتن [] والأرجح أن النقص الحاصل هو بمعنى * (وإني أهبه لك فقال هارون
لولديه: إن الله وهب لموسى نورا يكون لغيره نارا وأن موسى...].
252

(8) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا مهدي قال حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي
عن ابن منبه قال: كان فيمن كان قبلكم رجل عبد الله زمانا، ثم طلب إلى الله حاجة
وصام لله سبعين يأكل كل سبت إحدى عشر مرة، قال: وطلب إلى الله حاجته فلم يعطها
فأقبل على نفسه فقال: أيتها النفس! من قبلك أتيت، لو كان عندك خير لأعطيت
حاجتك، ولكن ليس عندك خير، قال: فنزل إليه ساعتئذ ملك، فقال له: يا ابن آدم!
إن ساعتك هذه التي رزئت على نفسك فيها خير من عبادتك كلها التي مضت، وقد
أعطاك الله حاجتك التي سألت.
(9) حدثنا أبو خالد الأحمر قال: حدثني من لا أتهم عن ابن منبه أنه جلس هو
وطاوس ونحوهما من أهل ذلك الزمان فذكروا أي أمر الله أسرع؟ فقال بعضهم: قول الله
كلمح البصر، وقال بعضهم السرير حين أتي به سليمان، فقال ابن منبه: أسرع أمر الله أن
يونس على حافة السفينة إذ أوحى الله إلى نون في نيل مصر، فال: فما خر من حافتها إلا
في جوفه.
(10) حدثنا المحاربي عن عبد الرحمن بن سليمان العبسي عن إدريس بن سنان عن
جد وهب بن منبه قال: كان على موسى يوم ناجى ربه عند الشجرة جبة من صوف وتبان
من صوف وقلنسوة من صوف.
(11) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن عوف قال: قال ابن منبه: من خصال المنافق
أن يحب الحمد ويبغض الذم.
(61) حديث أبي قلابة
(1) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن كاتب أبي قلابة قال: مثل العلماء مثل
النجوم التي يهتدي بها، والاعلام التي يقتدي بها، إذا تغيبت عنهم تحيروا، وإذا تركوها
ضلوا.
(2) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة أنه قال في دعائه: اللهم إني
أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تتوب علي، فإذا أردت بعبادك
فتنة أن تتوفاني غير مفتون.

(60 / 9) النون هو الحوت.
(60 / 11) يحب الحمد: يحب أن يثني الناس عليه وهذا من الكبر وحب الرياء.
253

(3) حدثنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال: إن الله لما لعن إبليس سأله النظرة،
فأنظره إلى يوم الدين، قال: وعزتك لا أخرج من جوف - أو من قلب - ابن آدم ما دام
فيه الروح، قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح.
(4) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب قال قال مسلم بن يسار:
كان أبو قلابة من العجم كان موبذ موبذان.
(5) حدثنا عفان قال حدثنا بن زيد قال سمعت أيوب وذكر أبا قلابة فقال: كان
والله ومن الفقهاء وذوي الألباب.
(6) حدثنا يعمر قال حدثنا ابن مبارك قال حدثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة
قال: خير أموركم أوساطها.
(7) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان عن وهب بن
منبه قال: ما الخلق في قبضة الله إلا كخردلة ها هنا من أحدكم.
(8) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن أياس بن معاوية
عن أبيه قال: كان أفضلهم عندهم - يعني الماضين - أسلمهم صدرا وأقلهم غيبة.
(9) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني عقبة بن أبي يزيد القرشي قال: سمعت زيد
ابن أسلم يذكر في قول الله: * (والمستغفرين بالاسحار) * قال: من شهد صلاة الصبح.
(62) كلام الحسن البصري
(1) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو همام عن الحسن قال: رحم
الله عبدا وفق عند همه، فإنه ليس من عبد يعمل حتى يهم، فإن كان خيرا أمضاه، وإن
كان شرا كف عنه.
(2) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن عمران القصير قال: سألت الحسن عن شئ
فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، قال: وهل رأيت فقيها بعينيك، إنما الفقيه الزاهد
في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه.
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن يونس قال: قال الحسن: لا

(61 / 4) موبذ موبذان: كلمة فارسية طعن قاضي القضاة.
(61 / 9) سورة آل عمران من الآية (17).
254

يزال العبد بخير ما علم ما الذي يفسد عليه عمله، قال يونس: إن منهم من يرى أنه على حق،
ومنهم من تغلب شهوته.
(4) حدثنا أبو أسامة عن يزيد وأبي الأشهب عن الحسن قال: كان يقال: قلب
المؤمن وراء لسانه، فإذا هم بأمر تدبره، فإن كان خيرا تكلم به، وإن كان غير ذلك
سكت، وقلب المنافق على طرف لسانه، فإذا هم بشئ تكلم به وأبداه.
(5) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن يونس عن الحسن قال: إن المؤمن
أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل.
(6) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن رجل عن الحسن قال: اطلب العلم طلبا
لا يضر بالعبادة، واطلب العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن من عمل بغير علم كان ما يفسد
أكثر مما يصلح.
(7) حدثنا قبيصة عن سفيان عن يونس قال: كان الحسن رجلا محزونا.
(8) حدثنا قبيصة عن سفيان عن يونس عن الحسن قال: لقد أدركت أقواما لا
يستطيعون أن يسروا العمل شيئا إلا أسروه.
(9) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن الحسن قال: إن الرجل ليعمل
الحسنة فتكون نورا في قلبه وقوة في بدنه، وإن الرجل ليعمل السيئة فتكون ظلمة في قلبه
ووهنا في بدنه.
(10) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الحسن قال: كان أصحاب
رسول الله (ص) إذا التقوا يقول الرجل لصاحبه: هل أتاك أنك وارد؟ فيقول: نعم،
فيقول: هل أتاك أنك خارج منها؟ فيقول: لا، فيقول: ففيم الضحك إذا.
(11) حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال قال حدثني داود صاحب البصري أن الحسن
قال: وأيم الله ما من عبد قسم له رزق يوم بيوم فلم يعلم أنه قد خير له إلا عاجزا أو غبي
الرأي.

(62 / 7) رجلا محزونا: قد غلب الحزن عليه خوف الآخرة والحساب.
(62 / 10) أي قد جاء في آي القرآن الكريم: * (إن منكم إلا واردها) * أي النار ولم يرد في آي القرآن آية في
الصدور عنها.
(62 / 11) قد خير له: قد اختار له الله سبحانه الخير، والخيرة فيما اختاره الله.
255

(12) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مبارك عن الحسن قال: والله ما هي بأشر
أيام المؤمن أيام قرب له فيها من أجله وذكر ما نسي من معاده وكفرت بها خطاياه.
(13) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا حميد عن الحسن
قال: ما رأيت أحدا أشد توليا من قارئ إذا تولى.
(14) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا علي بن زيد وثابت وحميد
عن الحسن أنه قال: الصراط حسك وسعدان، الزلالون والزلالات يومئذ كثير.
(15) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن هشام عن الحسن قال: إن الرجل ليطلب
الباب من العلم فيعمل به فيكون خيرا له من الدنيا لو كانت له فجعلها في الآخرة.
(16) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرني عبيد الله بن شميط بن عجلان قال: أخبرني أبي أنه سمع الحسن يقول: إن المؤمن يصبح حزينا ويمسي حزينا، ويكفيه ما يكفي
العنيزة.
(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب قال سمعت الحسن
يقول: إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا فنافسه في الآخرة.
(18) حدثنا يزيد بن هارون عن الأشهب عن الحسن * (إن عذابها كان غراما) *
قال: عملوا إن كل غريم مفارق غريمة إلا غريم جهنم.
(19) حدثنا أبو داود الطياليسي عن قرة قال: سمعت الحسن يقول: * (ظهر الفساد
في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) * قال: أفسدهم الله بذنوبهم في بر الأرض
وبحرها بأعمالهم الخبيثة * (لعلهم يرجعون) * يرجع من بعدهم.
(20) حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل عن الحسن قال: بلغني أن في كتاب الله:
ابن آدم ثنتان جعلتهما لك ولم يكونا لك: وصية في مالك بالمعروف وقد صار الملك
لغيرك، ودعوة المسلمين لك وأنت في منزل لا تستعتب فيه سئ ولا تزيد في حسن.

(62 / 14) السعدان: نبت يظهر في اليمن كبير الحسك والشوك.
(62 / 16) يكفيه الطعام القليل والقليل من مال الدنيا أي ما يعادل ما يكفي العنزة الصغيرة.
(62 / 18) سورة الفرقان الآية (65).
(62 / 19) سورة الروم من الآية (41).
(62 / 20) منزل لا تستعتب فيه: هو القبر.
256

(21) حدثنا ابن علية عن يونس قال: لما توفي سعيد بن الحسن وجد عليه الحسن
وجدا شديدا، فكلم في ذلك فقال: ما سمعت الله عاب الحزن على يعقوب.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا أبو محمد الأسدي عن الحسن قال: من دخل
المقابر فقال: (اللهم رب الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك
مؤمنة: أدخل عليها روحا من عندك وسلاما) استغفر له كل مؤمن مات منذ خلق الله
آدم.
(23) حدثنا عبد الله بن مبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن قال: إن
المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا
أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الامر على غير
محاسبة، إن المؤمن يفجؤه الشئ فيعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي،
ولكن والله ما من وصلة إليك، هيهات حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشئ فيرجع إلى
نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا، مالي ولهذا، مالي عذر بها والله لا أعود إلى هذا أبدا إن
شاء الله، إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في
الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في ذلك
كله.
(24) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال سمعت عبد ربه أبا كعب يقول:
سمعت الحسن يقول: المؤمن في الدنيا كالغريب لا ينافس في عزها، ولا يجزع من ذلها،
للناس حال وله حال، وجهوا هذه [الفصول] حيث وجهها الله.
(25) حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا جعفر بن
سليمان قال سمعت عبد ربه أبا كعب يقول: سمعت الحسن يقول: إن الايمان ليس
بالتحلي ولا بالتمني، إن الايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
(26) حدثنا يحيى بن يمان عن مالك بن مغول عن محمد بن جحادة قال: مر على
الحسن برذون يهملج فقال: أوه قد علمت أن الساعة إذا أقبلت أقبلت بغم.
(27) حدثنا يحيى بن يمان عن مبارك عن الحسن قال: إن المؤمنين عجلوا الخوف في

(62 / 24) [الفصول] كذا في الأصل، والأرجح انها الفضول أي أموال الدنيا وخيراتها.
(62 / 26) هملجة البرذون: تمايله في سيره وتمايل راكبه بالتالي معه.
257

الدنيا فأمنهم الله يوم القيامة، وإن المنافقين أخروا الخوف في الدنيا فأخافهم الله يوم
القيامة.
(28) حدثنا ابن يمان عن مبارك عن الحسن قال: عمل القوم ولم يتمنوا.
(29) حدثنا ابن يمان عن مبارك قال: سمعت الحسن يقول: إن أقواما بكت أعينهم
ولم تبك قلوبهم، فمن بكت عيناه فليبك قلبه.
(30) حدثنا ابن يمان عن مبارك عن الحسن قال: أكيسهم من بكى.
(31) حدثنا ابن يمان عن أبي الأشهب عن الحسن قال: أدركت أقواما يبذلون
أوراقهم ويخزنون ألسنتهم، ثم أدركت من بعدهم أقواما خزنوا أوراقهم وأرسلوا ألسنتهم.
(32) حدثنا يحيى بن يمان عن أبي الأشهب عن الحسن قال: حلماء إن الجهل عليهم لم
يسفهوا، هذا نهارهم فكيف ليلهم، خير ليل أجروا دموعهم على خدودهم وصفوا
أقدامهم يطلبون إلى الله في فكاك رقابهم.
(33) حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم قال: ما سمعت الحسن يتمثل ببيت شعر إلا
هذا البيت: ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الاحياء
ثم قال: صدق والله إنه ليكون حيا وهو ميت القلب.
(34) حدثنا حفص عن الأعمش قال: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها.
(35) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب عن الحسن في قوله:
* (ولكم الويل مما تصفون) * قال: هي والله لكل واصف كذوب إلى يوم القيامة الويل.
(36) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن الحسن قال
لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة: إن الأرض لا تسعهم، فقال: إني جاعل موتا،
قال: إذا لا يهنئهم العيش، قال: إني جاعل أملا.
(37) حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء عن الحسن قال: تفكر ساعة خير من قيام
ليلة.
(38) حدثنا ابن فضيل عن أبي سفيان السعدي قال: سمعت الحسن يتمثل هذا البيت:
يسر الفتى ما كان قدم من تقي * إذا عرف الداء الذي هو قاتله

(62 / 33) والقلب الميت هو القلب الذي لا خوف فيه من الله ولا خشية من العقاب ولا رجاء العفو والمغفرة.
(62 / 35) سورة الأنبياء من الآية (18).
258

(39) حدثنا الحسين بن علي عن أبي موسى عن الحسن قال: قال رسول الله (ص)
لأصحابه: (أنتم في الناس كمثل الملح في الطعام)، قال: ثم يقول الحسن: وهل
يطيب الطعام إلا بالملح، ثم يقول: الحسن: فكيف بقوم قد ذهب ملحهم.
(40) حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن قال: أدركتهم والله إن
كان أحدهم ليعيش عمره ما طوي له ثوب قط، ولا أمر أهله بصنعة طعام له قط، ولا
حال بينه وبين الأرض شئ قط.
(41) حدثنا أبو أسامة قال أخبرني أبو الأشهب عن الحسن قال: لما عرض على آدم
ذريته رأى فضل بعضهم على بعض فقال: رب لو سويت بينهم؟ قال: يا آدم! إني أحب
أن أشكر، يرى ذو الفضل فضله فيحمدني ويشكرني.
(42) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن
مسروق قال: ما دخل بيتا حبرة إلا دخلته عبرة.
(43) حدثنا أبو أسامة قال أخبرنا عمر بن حمزة قال أخبرني الحارث بن عبد الرحمن
ابن أبي ذؤيب قال: قالت عائشة: ما أعلم رجلا سلمه الله من أمور الناس واستقام على
طريقة من كان قبله استقامة عبد الله بن عمر.
(44) حدثنا أبو داود عمر بن سعد عن سفيان قال: قال رجل لمحمد بن واسع:
إني لأحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له.
(45) حدثنا أبو داود عمر بن سعد عن سفيان عن ابن جريح عن مجاهد * (ذلك
يوم التغابن) * قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
(46) حدثنا قبيصة عن سفيان عن عمارة بن القعقاع عن ابن شبرمة قال: ما رأيت
حيا أكبر شيخا فقيها متعبدا من أبي ثور.
(47) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن العلاء بن المسيب عن أبي يعلى قال: كان
فينا ثلاثون رجلا، ما منهم رجل دون ربيع بن خيثم.

(62 / 40) أي لم يكن ثوب غير الذي يرتديه ولم يأكل إلا الخبز ولم يجلس إلا على الأرض دون وطاء أو
بساط.
(62 / 42) والحبرة رواء من غليظ الكتان.
(63 / 45) سورة التغابن الآية (9).
259

(48) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن عتبة الأسدي عن إبراهيم أنه أتي بخبيص
فلم يأكله وقال: هذا طعام الصبيان.
(49) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع الأسدي عن ابن
منبه قال: الايمان عريان، ولباسه التقوى، وماله الفقه، وزينته الحياء.
(50) حدثنا قبيصة قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: كان عمرو بن ميمون
إذا دخل المسجد ذكر الله.
(51) حدثنا قبيصة عن سفيان عن ليث عن طاوس قال: إذا تعلمت فتعلم لنفسك،
فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة، قال: وكان يعد الحديث حرفا حرفا.
(52) حدثنا قبيصة قال أخبرنا سفيان عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان
إذا سمع السائل يقول: * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * قال: سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هذا القرض الحسن.
(53) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن سرية الربيع قال: كان الربيع بن خيثم
يحب الحلوى فيقول لنا: اصنعوا لي طعاما فنصنع له طعاما كثيرا فيدعوا فروخا وفلانا
فيطعمهم ربيع بيده ويسقيهم، ويشرب هو فضل شرابهم، فيقال له: ما يدريان هذان ما
تطعهما؟ فيقول: لكن الله يدري.
(54) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن أبي البختري الطائي قال: كان
يقول: اغبط الاحياء بما تغبط به الأموات، واعلم أن العبادة لا تصلح إلا بزهد وذل
معصية، وأحب الناس على تقواهم.
(55) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الرحمن بن حميد قال: سمعت أبا إسحاق
يقول: أقرأ أبو عبد الرحمن السلمي القرآن في المسجد أربعين سنة.
(56) حدثنا الفضل بن دكين عن موسى بن قيس عن سلمة بن كهيل قال: لو كان
المؤمن على قصبة في البحر لقيض الله له من يؤذيه.

(62 / 52) سورة البقرة من الآية (245).
(62 / 53) أي كان يدعو بعض المساكين ممن يسمون في أيامنا متخلفين عقليا.
(62 / 56) كي يكون له ثواب صبره واحتسابه.
260

(57) حدثنا غندر عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن
الحارث عن أبي كثير الزبيدي عن ابن عمرو قال: قال رسول الله (ص): (إياكم والظلم
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).
(58) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن محارب عن ابن عمر
قال: قال رسول الله (ص): الظلم ظلمات يوم القيامة).
(59) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير قال: قال لي سلمان
أتدري ما الظلمات يوم القيامة؟ هو ظلم الناس بينهم في الدنيا.
(60) حدثنا أبو أسامة عن الفزاري عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث
عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داود: قل للظلمة: لا يذكروني فإنه حق علي أن أذكر
من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم.
(61) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن ثمامة بن بجاد
قال: أنذرتكم (سوف أقوم) (سوف أصلي) سوف أصوم).
(62) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن رجل من
أصحاب النبي (ص) قال: لا تؤخر عمل اليوم لغد فإنك لا تدري ما في غد.
(63) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا زهير عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر
قال: لم يكن من أصحاب رسول الله (ص) حديثا أحذر لا يزيد فيه ولا ينقص منه ولا
ولا من عبد الله بن عمر.
(64) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا موسى بن قيس قال: قال لي زر: ارحل بنا
إلى هذا المسجد نسبح - يعني نصلي.
(65) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا موسى بن قيس عن سلمة بن كهيل * (ولئن
لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض) * قال: أصحاب الفواحش.
(66) حدثنا الفضل قال حدثنا موسى بن قيس عن عمرو سعيد الكندي * (فإذا
جاءت الطامة الكبرى) * قال: إذا قيل: اذهبوا به إلى النار.

(62 / 61): أي أنذرتكم التسويف.
(62 / 62) فربما توفاك الله قبل قدوم هذا الغد.
(62 / 65) سورة الأحزاب من الآية (60).
(62 / 66) سورة النازعات الآية (34).
261

(67) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا الحسن بن صالح عن أبي حيان قال: مر
ابن مسعود على الذين ينفخون الكير فسقط.
(68) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن حكيم بن جابر قال: قال رجل لرجل: أوصني،
فقال: اتبع السيئة تمحها، وخالق الناس خلقا حسنا.
(69) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس عن مرداس الأسلمي قال: يذهب
الصالحون الأول فالأول حتى تبقى حثالة كحثالة التمر والشعير لا يعبأ الله بهم شيئا.
(70) حدثنا وكيع عن سفيان قال سمعت زيد بن أسلم يقول في هذه الآية * (ألا
تخافوا ولا تحزنوا) * قال: لا تخافوا ما أمامكم ولا تحزنوا ما خلفتم * (وأبشروا بالجنة
التي كنتم توعدون) * قال: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت وفي القبر وعند البعث.
(71) حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال: إذا أراد الله خيرا
فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره عيوبه، ومن أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا والآخرة.
(72) حدثنا وكيع عن رجل من جعفي عن عدي بن حاتم قال: ما جاءت الصلاة
قط إلا وأنا إليها بالأشواق، ولا جاءت قط إلا وأنا مستعد.
(73) حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم أنه قال: انظر الذي تحب أن
يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، وانظر الذي تكره أن يكون معك ثم فاتركه اليوم.
(74) حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن السائب بن يزيد عن عمرو بن ميمون سمع
أبا ذر يقول: كنت أمشي خلف النبي (ص) فقال: (ألا أدلك على كنز من كنوز
الجنة؟ قلت: بلى! قال: لا حول ولا قوة إلا بالله).
(75) حدثنا ابن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان قال: كنا مع النبي (ص) فسمعني
وأنا خلفه وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
(76) حدثنا زيد بن الحباب عن كثير بن زيد المديني قال حدثني المطلب بن
عبد الله بن حنطب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: لقيت أبا أيوب الأنصاري فقال

(62 / 67) لان ذلك ذكره النار وعذابها.
سقط: أغمي عليه.
(62 / 70) سورة فصلت الآية (30).
(62 / 72) والاستعداد للصلاة أن يسبق دخول وقتها بالوضوء والجلوس إلى القبلة يذكر الله ويدعو.
262

لي: ألا آمرك بما أمرني به رسول الله (ص) أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه كنز
من كنوز الجنة.
(77) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي الزناد عن
سعيد بن سليمان عن زيد بن ثابت أن رسول الله (ص) كان يقول: (ألا أدلكم على كنز
من كنوز الجنة تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله).
(78) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن كميل بن زياد
عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة).
(79) حدثنا الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي رزين
عن معاذ بن جبل عن النبي (ص) قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز
الجنة).
(80) حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال:
انظر كل عمل كرهت الموت أجله فاتركه.
(81) حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم أنه
قال: يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة ثم قال: إنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره
حتى لهو أشد اهتماما من صاحب الهم بهم نفسه.
(82) حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا إبراهيم عن أبي سهل عن الحسن في قوله:
* (إن جهنم كانت مرصادا) * قال: ترصدهم والله، قال: وبينما رجل يمر إذا استقبله آخر
قال: أبلغك أن بالطريق رصدا، قال: فخذ حذرك إذا.
(83) حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب عن أبي حازم أنه قال: تجد الرجل
يعمل بالمعاصي، فإذا قيل له: تحب الموت، قال: لا، وكيف وعندي ما عندي، فيقال له:
أفلا تترك ما تعمل به من المعاصي، فقال: ما أريد تركه وما أحب أن أموت حتى أتركه.
(84) حدثنا حسين بن علي قال: رأيت أبا سنان يوم الجمعة وعيناه تسيلان وشفتاه
تحرك.
(85) حدثنا عن جعفر عن ميمون قال: لا يكون الرجل تقيا حتى يحاسب نفسه
أشد من محاسبة الرجل شريكه حتى ينظر من أين مطعمه ومشربه ومكسبه.

(62 / 82) سورة النبأ الآية (21).
263

(86) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سعيد بن جبير في قوله: * (من كان
يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) * قال: من عمل للدنيا وفيه في
الدنيا.
(87) حدثنا سفيان ين عيينة عن رجل قال: قالوا لابن المنكدر: أي العمل أحب
إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قالوا: فما بقي مما تستلذ؟ قال: الافضال على
الاخوان.
(88) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمارة بن عمير قال: دخل قيس بن السكن
المسجد فجعل ينظر ويقول: أجدب المسجد أجدب المسجد.
(89) حدثنا ابن عيينة عن مالك بن مغول عن أبي حصين قال: قال لي: لو رأيت
أقواما رأيتهم لتقطعت كبدك عليهم.
(90) حدثنا ابن عيينة عن أبي حازم قال: اكتم حسناتك أكثر مما تكتم سيئاتك.
(91) حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن قيس قال: من قرأ مائتي آية وهو ينظر في
المصحف لم يجئ أحد في ذلك اليوم بأفضل منه.
(92) حدثنا ابن عيينة عن عمرو قال: ما رأيت أحدا أعلم بفتيا من جابر بن زيد،
وسمعته يقول: ما أملك من الدنيا شيئا إلا حمارا.
(93) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن أبي الضحى في قوله:
* (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * قال: هم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
(94) حدثنا حفص بن غياث عن مالك بن مغول عمن حدثه قال: قال عبد الله:
من سره أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما للناس عنده.
(95) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد: * (إلا أن
تقطع قلوبهم) * قال: الموت.

(62 / 86) سورة هود الآية (15).
(62 / 88) أجدب المسجد: قل عماره الذين يعمرونه بالصلاة والدعاء فيه.
(62 / 89) لشدة ما كانوا يكلفون به أنفسهم من المشقة ابتغاء ثواب الآخرة.
(62 / 93) سورة يونس الآية (62).
(62 / 95) سورة التوبة من الآية (110).
264

(96) حدثنا وكيع عن سفيان عن طارق عن سالم * (واعبد ربك حتى يأتيك
اليقين) * قال: اليقين الموت.
(97) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه أن الربيع بن
خيثم جاؤوه برمل أو اشترى له رمل فطرح في بيته أو في داره يعني يجلس عليه.
(98) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سرية الربيع بن خيثم قالت: كان عمل الربيع
سرا.
(99) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن
مطرف بن الشخير عن ابن عباس * (من ماء صديد) * قال: ما يسيل بين جلد الكافر
ولحمه.
(100) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن الحسن * (يومئذ يتذكر الانسان
وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي) * قال: علم والله أنه صادق هناك حياة
طويلة لا موت فيها أحسن مما عليه.
(101) حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب عن الحسن أن ملكا من تلك الملوك
حضرته الوفاة، فأطاف به أهل مملكته فقالوا لن تدع العباد والبلاد بعدك، فقال: يا أيها
القوم! لا تجهلوا فإنكم في ملك من لا يبالي أصغير أخذ من ملكه أو كبير.
(102) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: لا يزال العبد بخير إذا
قال لله وإذا عمل لله.
(103) حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب قال: سمعت الحسن يقول: يا ابن آدم! إن لك سرا، وإن لك علانية، فسرك أملك بك من علانيتك وإن لك قولا فعملك
أملك بك من قولك.

(62 / 96) سورة الحجر الآية (99).
(62 / 99) سورة إبراهيم من الآية (16).
(62 / 100) سورة الفجر الآيتان (23 - 24).
(62 / 101) إن كان الفعل أخذ كما حركناه، فالسياق صحيح وإن كان أخذ وجب أن تكون أصغيرا أو
كبيرا.
265

(104) حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب قال سمعت الحسن يقول: يا ابن آدم!
تبصر القذي في عين أخيك وتدع الجذل معترضا في عينك.
(105) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب أن أبا
البختري وأصحابه كانوا إذا سمع أحدهم يثني عليه أو دخله عجب ثني منكبيه وقال:
خشعت لله.
(106) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال قيل للحسن: يا أبا
سعيد! أينام الشيطان؟ قال: لو غفل لوجدها كل مؤمن من قلبه. (107) حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب قال سمعت الحسن أنه قال: للشر أهل
وللخير أهل ومن ترك شيئا كفيه.
(108) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن حفصة عن الربيع بن زياد عن
كعب قال: والله ما استقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر له في أهل السماء.
(109) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا جويبر عن الضحاك قال: كتب عمر بن
الخطاب إلى أبي موسى: أما بعد فإن القوة في العمل أن لا تؤخروا عمل اليوم لغد فإنكم
إذا فعلتم ذلك تداركت عليكم الاعمال فلم تدروا أيها تأخذون فأضعتم، فإذا خيرتم بين
أمرين أحدهما للدنيا والآخر للآخرة فاختاروا أمر الآخرة على أمر الدنيا، فإن الدنيا
تفنى وإن الآخرة تبقى، كونوا من الله على وجل وتعلموا كتاب الله فإنه ينابع العلم وربيع
القلوب.
(110) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال: من رأيا رأيا الله به.
(111) حدثنا وكيع عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن عبد الله بن أبي زكريا
قال: بلغني أن الرجل إذا رأيا بشئ من عمله أحبط ما كان قبل ذلك.
(112) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل قال: سمعت جندبا العقلي
يقول: قال رسول الله (ص): (من يسمع يسمع الله به ومن يراء يراء الله به).

(62 / 104) القذى: القذر القليل.
الجذل: الجذع والجذل أيضا: العود ينصب للإبل الجزى فتحتك به أو أصل الشجرة يترك لذلك.
والجذل أيضا ما على شماريخ النخل من العيدان.
(62 / 111) رأيا بشئ من عمله: عمله يريد به ثناء الناس وإعجابهم به وإكبارهم له.
266

(113) حدثنا غندر عن شعبة عن عاصم بن بهدلة قال: سمعت أبا رزين قال: قال
عبد الله: من يسمع يسمع الله به، ومن يراء يراء الله به، ومن تواضع تخشعا رفعه الله،
ومن تعظم تطاولا وضعه الله.
(114) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن شيخ
يكنى أبا يزيد قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله (ص): (من يسمع
الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه يوم القيامة وحقره وصغره).
(115) حدثنا بكر بن عبد الرحمن قال حدثنا عيسى بن المختار عن محمد بن أبي ليلى
عن العوفي عن أبي سعيد عن رسول الله (ص) قال: (من سمع سمع الله به ومن رأيا رأيا
الله به).
(116) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن الحسن قال: لقد أدركت
أقواما ما كانوا يشبعون ذلك الشبع، إن كان أحدهم ليأكل حتى إذا رد نفسه أمسك
ذابلا ناحلا مقبلا على شأنه.
(117) حدثنا حفص بن غياث عن أشعث قال: كنا إذا دخلنا على الحسن خرجنا
وما نعد الدنيا شيئا.
(118) حدثنا معتمر بن سليمان عن أبي الأشهب عن الحسن: * (وحيل بينهم وبين
ما يشتهون) * قال: من الايمان.
(119) حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى قال: قال الحسن: من أشراط - أو
اقتراب - الساعة أن يأتي الموت خياركم فيلقطهم كما يلقط أحدكم أطائب الرطب من الطبق.
(120) حدثنا يزيد بن هارون عن سلام بن مسكين قال: قال الحسن: أهينوا هذه
الدنيا فوالله لأهنا ما تكون إذا أهنتها.
(121) حدثنا محمد بن أبي عدي عن يونس عن الحسن قال: صوامع المؤمنين
بيوتهم.

(62 / 118) سورة السبأ من الآية (54).
(62 / 119) ويترك شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر.
(62 / 121) أي أن بيوت المؤمنين أماكن عبادة وطاعة لله كالصوامع التي يتخذها الرهبان.
267

(122) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الحسن في قوله: * (فضرب
بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة) * قال: الجنة * (وظاهره من قبله العذاب) * قال:
النار.
(123) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن الحسن * (يومئذ يتذكر
الانسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي) * قال: علم والله أنه صادق
هنالك حياة طويلة لا موت فيها أحسن مما عليه.
(124) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن أبي حازم عن الحسن قال:
يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم أمر دنياهم، ليس لله فيه حاجة، فلا
تجالسوهم.
(125) حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن الحسن في قوله: * (فلا يخرجنكما
من الجنة فتشقى) * قال: عني به شقاء الدنيا فلا تلقى ابن آدم إلا شقيا ناصيا.
(126) حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى قال: قرأ الحسن هذه الآية * (وكان
أبوهما صالحا) * قال: ما أسمعه ذكر في ولدهما خيرا، حفظهما الله بحفظ أبيهما.
(127) حدثنا ابن علية ومحمد بن أبي عدي عن حبيب بن شهيد عن الحسن قال: لا
إله إلا الله ثمن الجنة.
(128) حدثنا خلف بن خليفة عن إسماعيل بن أبي خالد أن الحسن كان يقول:
اتقوا فيما حرم الله عليهم وأحسنوا فيما رزقهم.
(129) حدثنا عباد بن العوام عن هشام عن الحسن * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة) * قال: في الدنيا العلم والعباة، وفي الآخرة الجنة.
(130) حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن * (ولا تنس نصيبك من
الدنيا) * قال: قدم الفضل وأمسك ما يبلغك.

(62 / 122) سورة الحديد الآية (13).
(62 / 123) سورة الفجر من الآية (23).
(62 / 125) سورة طه من الآية (117).
(62 / 126) سورة الكهف من الآية (62).
(62 / 129) سورة البقرة من الآية (201).
(62 / 130) سورة القصص من الآية (77).
268

(131) حدثنا حفص عن أشعث عن الحسن * (يسعى نورهم بين أيديهم
وبأيمانهم) * قال: على الصراط يوم القيامة.
(132) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال: قرأ الحسن حتى بلغ * (ولا يذكرون
الله إلا قليلا) * قال: إنما قل لأنه كان لغير الله. (133) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال: قرأ الحسن * (التائبون العابدون) *
قال: تابوا من الشرك وبرئوا من النفاق.
(134) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عقيل بشير بن عقبة قال: سمعت الحسن يقول:
العلماء ثلاثة: منهم عالم لنفسه ولغيره فذلك أفضلهم وخيرهم، ومنهم عالم لنفسه فحسن،
ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره فذلك شرهم.
(135) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو الأشهب عن الحسن قال: من استطاع
منكم أن يكون إماما لأهله إماما لمن وراء ذلك فليفعل، فإنه ليس شئ يؤخذ عنك إلا
كان لك فيه نصيب.
(136) حدثنا وكيع عن سفيان عن هشام عن الحسن قال: أدركت أقواما يعزمون
على أهاليهم أن لا يردوا سائلا.
(137) حدثنا ابن علية عن أيوب عن الحسن أنه تلا: * (واسألهم عن القرية التي
كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) * الآية
قال: كان حوت حرمه الله في يوم وأحله لهم في سوى ذلك، فكان يأتيهم في اليوم الذي
حرم عليهم كأنه المخاض، ما يمتنع من أحد، فجعلوا يهمون ويمسكون حتى أخذوه
فأكلوا والله بها أوخم أكلة أكلها قوم لوط أبقى خزيا في الدنيا وأشد عقوبة في الآخرة،
وأيم الله للمؤمن أعظم حرمة عند الله من حوت، ولكن الله جعل موعد قوم الساعة،
والساعة أدهى وأمر.

(62 / 131) سورة الحديد من الآية (12).
(62 / 132) سورة النساء من الآية (142).
(62 / 133) سورة التوبة من الآية (112).
(62 / 135) وكما جاء في الصحاح (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها دون أن ينقص من
أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها دون أن ينقص ذلك من
أوزارهم شيئا) صدق رسول الله (ص).
(62 / 137) سورة الأعراف من الآية (163) الحوت: هو السمك.
269

(138) حدثنا وكيع عن ابن عون عن محمد قال: كنا نتحدث أن العبد إذا أراد
الله به - أظنه قال: خيرا - جعل له زاجرا من نفسه يأمره بالخير وينهاه عن المنكر.
(139) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار
قال أخبرنا كلثوم بن جبر قال: كان المتمني بالبصرة يقول: فقه الحسن وورع محمد بن
سيرين وعبادة طلق بن حبيب وحلم مسلم بن يسار.
(140) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم قال: سمعت مورقا العجلي
يقول: ما رأيت أحدا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد، قال وقال أبو قلابة
اصرفوه حيث شئتم فتجدونه أشدكم ورعا وأملككم لنفسه.
(141) حدثنا الثقفي عن أيوب عن محمد قال: لا أعلم الدون من الدين.
(142) حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا سلام بن مسكين قال حدثنا عمران بن
عبد الله بن طلحة الخزاعي قال: إن نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله
من نفس ذباب. (143) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب
كان يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم.
(144) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة عن يزيد عن عبد الله بن الحارث قال: قال
كعب: ما نظر الله إلى الجنة قط إلا قال: طلبت لأهلك فازدادت على ما كانت طيبا حتى
يدخلها أهلها.
(145) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا أبو عمران الجوني عن
عبد الله بن رباح الأنصاري عن كعب قال: قال إبراهيم: يا رب! إني ليحزنني لا أرى
أحدا في الأرض يعبدك غيري، فبعث الله ملائكة تصلي معه وتكون معه.
(146) حدثنا يحيى بن يمان عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن عبد الله بن
ضمرة عن كعب قال: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا متعلم خير أو معلمه.
(147) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرني علي بن زيد عن مطرف
أن كعبا قال في قوله * (وفرش مرفوعة) * قال: مسيرة أربعين عاما.

(62 / 147) سورة الواقعة الآية (34).
270

(148) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
كعب قال: يؤتى بالرئيس في الخير يوم القيامة فيقال له: أجب ربك، فينطلق به إلى ربه
فلا يحجب عنه، فيؤمر به إلى الجنة فيرى منزله ومنازل أصحاب الذين كانوا يجامعونه على
الخير ويعينونه عليه، فيقال له: هذه منزلة فلان وهذه منزلة فلان فيرى ما أعد الله له في
الجنة من الكرامة، ويرى منزلته أفضل من منازلهم، ويكسى من ثياب الجنة ويوضع على
رأسه تاج، ويغلفه من ريح الجنة، ويشرق وجهه حتى يكون مثل القمر، قال همام: أحسبه
قال: ليلة البدر، قال: فيخرج فلا يراه أهل ملا إلا قالوا: اللهم اجعله منهم، حتى يأتي
أصحابه الذين كانوا يجامعونه على الخير ويعينونه عليه فيقول: أبشر يا فلان! فإن الله قد
أعد لك في الجنة كذا، وأعد لك في الجنة كذا وكذا، فما زال يخبرهم بما أعد الله لهم في
الجنة من الكرامة حتى يعلوا وجوههم من البياض مثل ما علا وجهه، فيعرفهم الناس ببياض
وجوههم فيقولون: هؤلاء أهل الجنة، ويؤتى بالرئيس في الشر فيقال له: أجب ربك،
فينطلق به إلى ربه فيحجب عنه ويؤمر به إلى النار، فيرى منزله ومنازل أصحابه، فيقال:
هذه منزلة فلان وهذه منزلة فلان، فيرى ما أعد الله له فيها من الهوان، ويرى منزلته
شرا من منازلهم، قال فيسود وجهه وتزرق عيناه، ويوضع على رأسه قلنسوة من نار،
فيخرج فلا يراه أهل ملا إلا تعوذوا بالله منه، فيأتي أصحابه الذين كانوا يجامعونه على
الشر ويعينونه عليه، قال: فيقولون: نعوذ بالله منك، قال: فيقول: ما أعاذكم الله مني،
فيقول لهم: أما تذكر يا فلان كذا وكذا، فيذكرهم الشر الذي كانوا يجامعونه ويعينونه
عليه، فما زال يخبرهم بما أعد الله لهم في النار حتى يعلو وجوههم من السواد مثل ما علا
وجهه، فيعرفهم الناس بسواد وجوههم فيقولون: هؤلاء أهل النار.
(149) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئا
من زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله فليأمرهم بالصلاة وليصطبر عليها، فإن الله قال لنبيه
* (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) * ثم قرأ إلى آخر الآية.
(150) حدثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إذا رأيت الرجل
يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أختها، وإذا رأيته يعمل
السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن السيئة تدل على أختها.

(62 / 148) يجامعونه على الخير: يجتمعون معه على القيام بالخير.
(62 / 149) سورة طه من الآية (131).
271

(63) كلام طاوس
(1) حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا إبراهيم بن نافع عن ابن طاوس عن أبيه قال:
حلو الدنيا مر الآخرة، ومر الدنيا حلو الآخرة.
(2) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا سفيان عن رجل عن طاوس قال:
إن المؤمن لا يحرز دينه إلا حفرته.
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثني نافع بن عمر عن بشر بن عاصم قال: قال طاوس:
ما رأيت مثل أحد أمن على نفسه قد رأيت رجلا لو قيل لي: من أفضل من تعرف قلت:
فلان لذلك الرجل، فمكث على ذلك ثم أخذه وجع في بطنه فأصابه منه شئ فاستنضح
بطنه عليه واشتهاه فرأيته في نطع ما أدري أي طاقيه أسرع حتى مات عرقا.
(4) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي هاشم عن طاوس قال: كان
قميصه فوق الإزار والرداء فوق القميص.
(5) حدثنا المحاربي عن ليث عن طاوس قال: ألا رجل يقوم: بعشر آيات من الليل
فيصبح قد كتب له مائة حسنة وأكثر من ذلك.
(64) سعيد بن جبير
(1) حدثنا محمد بن فضيل عن أبي سنان عن سعيد بن جبير قال: التوكل على الله
جماع الايمان.
(2) حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن سعيد بن جبير أنه كان يقول: اللهم
إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك.
(3) حدثنا محمد بن فضيل عن بكير بن عتيق قال سقيت سعيد بن جبير شربة من
عسل في قدح فشربها، ثم قال: والله لأسألن عن هذا؟ فقلت: له؟ فقال: شربته وأنا
أستلذه.

(63 / 1) لان الموت ينهي زمن إمكان غواية الدنيا للانسان.
(64 / 3) لأسألن عن هذا: أي عن هذا النعيم الذي ذقته في الدنيا وذلك يوم القيامة والحساب.
272

(4) حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال: قرأت كتاب سعيد بن جبير إلى أبي: يا أبا
عمر! كل يوم يعيش فيه المسلم فهو غنيمة.
(5) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن ابن جبير * (بل مكر الليل
والنهار) * قال مر الليل والنهار.
(6) حدثنا ابن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال: ذاكر الله في
الغافلين كحامي المحتسبين.
(7) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر بن سعيد بن جبير * (وما هو
بالهزل) * قال: وما هو باللعب.
(8) حدثنا ابن يمان عن سفيان عن سلمة عن سعيد بن جبير * (فسحقا لأصحاب
السعير) * قال: واد في جهنم.
(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن مالك بن مغول عن الربيع بن أبي راشد عن
سعيد بن جبير * (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة) * قال: من أمر
بمعصية
فليهرب.
(10) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الأصبغ بن زيد عن القاسم بن أبي أيوب أن
سعيد بن جبير ردد هذه الآية * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) * بضعا وعشرين مرة.
(11) حدثنا أبو الأحوص عن عطاء عن سعيد بن جبير في قوله * (إنا هدنا إليك) *
قال: تبنا.
(12) حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن
سعيد بن جبير * (بل الانسان على نفسه بصيرة) * قال: شاهد على نفسه ولو اعتذر.

(64 / 4) لأنه فرصة لعمل الخير واكتساب الحسنات.
(64 / 5) سورة سبأ من الآية (33). (64 / 7) سورة الطارق الآية (14).
(64 / 8) سورة الملك الآية (11).
(64 / 9) سورة العنكبوت من الآية (56).
(64 / 10) سورة البقرة من الآية (281).
(64 / 11) سورة الأعراف من الآية (156).
(64 / 12) سورة القيامة الآية (14).
273

(13) حدثنا غندر عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير * (لا جرم أن لهم
النار وأنهم مفرطون) * قال: منسيون مضيعون.
(14) حدثنا أسباط بن محمد بن عطاء عن سعيد بن جبير * (ونكتب ما قدموا
وآثارهم) * قال: ما سنوا.
(65) حدثنا أبو عبيدة
(1) حدثنا علي بن مسهر عن ليث عن أبي عبيدة قال: يقول - يعني الله تبارك
وتعالى -: ما بال أقوام يتفقهون بغير عبادتي، يلبسون مسوك الضان وقلوبهم أمر من
الصبر، أبي يغترون أم إياي يخدعون؟ فبي حلفت لأنيخن لهم فتنة في الدنيا تدع الحليم
منهم حيرانا.
(2) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة أن جبارة من الجبابرة
قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء، قال: فسلط الله عليه أضعف خلقه فدخلت بقة
في أنفه فأخذه الموت، فقال: اضربوا رأسي، فضربوه حتى نثروا دماغه.
(3) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن ربيع قال: سمعت أبا عبيدة يقول: إن الحكم
العدل ليسكن الأصوات عن الله، وإن الحاكم الجائر تكثر منه الشكاة إلى الله.
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة * (إن هؤلاء لشرذمة
قليلون) * قال: كانوا ستمائة وسبعين ألفا.
(66) حديث عبد الأعلى
(1) حدثنا أبو أسامة عن مسعر قال: سمعت عبد الأعلى التيمي يقول: من أوتي من
العلم ما لا يبكيه خليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه، لان الله نعت العلماء ثم قرأ إلى قوله
* (يبكون) *.

(64 / 13) سورة النحل من الآية (62).
(64 / 14) سورة (يس) من الآية (12).
(65 / 2) قيل أنه النمرود الذي بنى برجا يريد أن يطلع منه إلى السماء وأن الذي دخل إلى رأسه هو بعوضة
صغيرة دخلت من أنفه ولم يكن يهدأ صداع رأسه حتى يضرب بالنعال وما زالت بقايا برجه قائمة
إلى اليوم في آثار بابل قرب مدينة الحلة القريبة من بغداد.
(65 / 4) سورة الشعراء من الآية (54).
(66 / 1) يريد بذلك الآيات (107 - 109) من سورة الإسراء.
274

(2) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن عبد الأعلى التيمي قال: الجنة والنار لقنتا السمع
من بني آدم، فإذا سأل الرجل الجنة قالت: اللهم أدخله في، وإذا استعاذ من النار قالت:
اللهم أعذه مني.
(3) حدثنا حفص عن الأعمش قال: كان أبو صالح يؤمنا، فكان لا يبين القراءة
من الرقة.
(4) حدثنا الفضل بن دكين عن مسعر عن الأعمش عن أبي صالح قال: يحشر
الناس هكذا - ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عنده صدره.
(5) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح * (يا ويلنا من بعثنا من
مرقدنا) * قال: كانوا يرون أن العذاب يخفف عن أهل القبور ما بين النفختين، فإذا
جاءت النفخة الثانية قالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا.
(6) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح قال: (طوبى) شجرة في الجنة لو
أن راكبا ركب حقة أو جذعة فأطاف بها ما بلغ الموضع الذي ركب فيه حتى يقتله الهرم.
(7) حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال حدثنا أبو سنان عن عمرو بن ميمون عن
أبي صالح قال: يحاسب يوم القيامة الذين أرسل إليهم الرسل فيدخل الجنة من أطاعه
ويدخل النار من عصاه: ويبقي قوم من الولدان والذين هلكوا في الفترة ومن غلب على
عقله، فيقول: الرب تبارك وتعالى لهم: قد رأيتم إنما أدخلت الجنة من أطاعني وأدخلت
النار من عصاني، وإني آمركم أن تدخلوا هذه النار، فيخرج لهم عنق منها، فمن دخلها
كانت نجاته، ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته.
(8) حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن أبي صالح * (وجوه يومئذ ناضرة) * قال:
حسنة * (إلى ربها ناظرة) * قال: تنتظر الثواب من ربها. (67) يحيى بن وثاب
(1) حدثنا وكيع عن الأعمش عن يحيى أنه كان إذا صلى كأنه يخاطب رجلا من
إقباله على صلاته.

(66 / 3) لان قراءته كان يخالطها البكاء.
(66 / 5) سورة (يس) من الآية (52).
(66 / 8) سورة القيامة الآيتان (22 - 23).
275

(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يحيى قال: كانوا إذا كانت فيهم جنازة
عرف ذلك في وجوههم أياما.
(3) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن الأعمش قال: كان يحيى إذا قضى
الصلاة مكث ساعة تعرف عليه كآبة الصلاة.
(68) كلام أبي إدريس
(1) حدثنا ابن فضيل عن ضرار بن مرة قال: لقيت الضحاك بخراسان وعلي فرو
لي خلق، فقال الضحاك: قال أبو إدريس: قلب نقي في ثياب دنسة خير من قلب دنس
في ثياب نقية.
(2) حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن طلحة اليامي عن أبي إدريس رجل من
أهل اليمن قال: كان يقول: اللهم اجعل نظري عبرا وصمتي تفكرا ومنطقي ذكرا.
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم قال: قال أبو
مسلم الخولاني: كان الناس ورقا لا شوك فيه، وأنهم اليوم شوك لا ورق فيه، إن ساببتهم
سابوك، وإن ناقدتهم ناقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك.
(4) حدثنا سعيد بن شرحبيل قال أخبرنا ليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب
قال: جلست ذات يوم إلى أبي إدريس الخولاني وهو يقص فقال: ألا أخبركم بمن كان
أطيب الناس طعاما، فلما رأى الناس قد نظروا إليه قال: إن يحيى بن زكريا كان أطيب
الناس طعاما، إنما كان يأكل مع الوحش كراهية أن يخالط الناس في معائشهم.
(5) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قال أبو مسلم
الخولاني: ما عملت عملا أبالي من رآني إلا حاجتي إلى أهلي وحاجتي إلى الغائط.
(6) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن كاتب أبي قلابة عن أبي إدريس قال:
لا يهتك الله ستر عبد في قلبه مثقال ذرة من خير.
(7) حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن أبي مسلم الخولاني قال: أربع لا يقبلن

(67 / 2) لان موت أحدهم يذكرهم موتهم وعذاب القبر والقيامة والحساب.
(68 / 1) لان الثوب يمكن للمرء أن يخلعه أما قلبه فإثم ما فيه عليه وحسابه لا بد من أدائه.
(68 / 5) أي لم يكن يأت من العمل ما يخشى أن يعيبوه فيخفيه.
276

في أربع: مال اليتيم والغلول والخيانة والسرقة لا يقبلن في حج ولا عمرة ولا جهاد، وذكر
حرفا آخر.
(69) أبو عثمان النهدي
(1) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال: قال أبو عثمان النهدي: إني لأعلم حين يذكرني ربي، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: إن الله يقول: * (فاذكروني
أذكركم) * فإذا ذكرت الله ذكرني.
(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الحجاج بن أبي زينب قال: سمعت أبا عثمان
يقول: ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله: * (وآخرون اعترفوا بذنوبهم
خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) *.
(70) أبو العالية رحمه الله
(1) حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي العالية * (كانوا قليلا من الليل) *
قال: قليلا ما ينامون ليلة حتى الصباح.
(2) حدثنا مروان بن معاوية عن عاصم عن أبي العالية * (لا يمسه إلا المطهرون) *
قال: ليس أنتم، أنتم أصحاب الذنوب.
(3) حدثنا عباد عن عوف عن أبي المنهال أن أبا العالية رأى رجلا يتوضأ فلما فرغ
قال: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) فقال: إن الطهور من الماء حسن،
ولكنهم المطهرون من الذنوب.
(4) حدثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن رجل عن أبي العالية أنه كان إذا أراد أن
يختم القرآن آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه آخر الليل أخره إلى أن
يصبح.

(69 / 1) سورة البقرة من الآية (152).
(69 / 2) سورة التوبة من الآية (102).
(70 / 1) سورة الذاريات.
(70 / 2) سورة الواقعة من الآية (79).
277

(5) حدثنا أبو معاوية عن ليث عن عثمان عن أبي العالية قال: قال لي أصحاب
محمد: لا تعمل لغير الله فيكلك الله إلى من عملت له.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان قال: سمعت شيخا يقال له زفر يذكر عن قيس بن
حبتر قال: الصعقة من الشيطان.
(7) حدثنا حسين بن علي عن موسى الجهني عن بعض أصحابه قال: ما أتت على
عبد ليلة قط إلا قالت: ابن آدم! أحدث في خيرا فإني لن أعود إليك أبدا.
(71) حديث إبراهيم
(1) حدثنا أبو أسامة أن الحسن بن الحكم حدثه قال: سمعت حمادا يقول: سمعت
إبراهيم يقول: لو أن عبدا اكتتم بالعبادة كما يكتتم بالفجور لأظهر الله ذلك منه.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يستحيون الزيادة
ويكرهون النقصان، ويقول: شئ ديمة.
(3) حدثنا حسين بن علي عن محمد بن سوقة قال: زعموا أن إبراهيم كان يقول: كنا
إذا حضرنا جنازة أو سمعنا بميت يعرف ذلك فينا أياما لأنا قد عرفنا أنه قد نزل به أمر
صيره إلى الجنة أو النار، وأنكم تتحدثون في جنائزكم بحديث دنياكم.
(4) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن إبراهيم قال: بينما رجل عابد عند امرأة
إذ عمد فضرب بيده على فخذها، قال: فأخذ بيده فوضعها في النار حتى نشت.
(5) حدثنا عبد السلام بن حرب عن خالد بن حوشب قال: قال إبراهيم: فلما
قرأت هذه الآية إلا ذكرت برد الشراب * (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) *.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن زكريا العبدي عن إبراهيم أنه بكى في مرضه فقالوا
له: يا أبا عمران! ما يبكيك؟ فقال: وكيف لا أبكي وأنا أنتظر رسولا من ربي يبشرني
إما بهذه وإما بهذه.

(71 / 2) أي أن العمل القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
(71 / 5) سورة سبأ من الآية (54).
(71 / 6) إما بهذه: أي بالجنة.
وإما بهذه: أي بالنار.
278

(7) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن واصل قال: رأى إبراهيم أمير حلوان يمر
بدوابه في زرع فقال: الجور في طريق خير من الجور في الدين.
(8) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم في قوله: * (حميما وغساقا) * قال ما يتقطع
من جلودهم وما يسيل من بشرهم.
(9) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم ومجاهد * (ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر) * قالا: بأول عمله وآخره.
(10) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم * (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى
دون العذاب الأكبر) * قال: أشياء يصابون بها في الدنيا.
(11) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش قال: كان إبراهيم يقرأ في المصحف فإذا
دخل عليه انسان غطاه، وقال: لا يراني أقرأ فيه كل ساعة.
(12) حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون قال: ذكر إبراهيم أنه أرسل إليه المختار بن
أبي عبيد قال: فطلى وجهه بطلاء وشرب دواء ولم يأتهم، فتركوه.
(13) حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن إبراهيم قال: من
ابتغى شيئا من العلم يبتغي به وجه الله آتاه الله منه ما يكفيه.
(14) حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: الخشوع في القلب.
(15) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كان من قبلكم أشفق
ثيابا وأشفق قلوبا.
(16) حدثنا جرير عن محمد بن سوقة عن إبراهيم قال: إذا قال الرجل حين يصبح:
(أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم) عشر مرات أجير من الشيطان إلى أن يمسي،
وإذا قاله ممسيا أجير من الشيطان إلى أن يصبح.

(71 / 8) سورة النبأ الآية (25).
(71 / 9) سورة القيامة الآية (13).
(71 / 10) سورة السجدة الآية (21). والعذاب الأكبر هو عذاب النار في الآخرة.
(71 / 12) المختار المذكور هو الثقفي صاحب الكيسانية الذي غلب على الكوفة فترة وقد تحدثنا عنه سابقا
بالتفضيل.
(71 / 15) أي أن أكثر ثيابا وأقسى قلوبا من الذين قبلكم.
279

(17) حدثنا ابن مهدي عن أبي عوانة عن مغيرة قال: كان قميص إبراهيم على ظهر
القدم.
(18) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن منصور عن إبراهيم * (لعلهم يرجعون) * قال:
يتوبون.
(72) الشعبي
(1) حدثنا علي بن حفص عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال:
يشرف قوم في الجنة على قوم في النار فيقولون: ما لكم في النار؟ فيقولون: نعمل بما
تعلموننا، قالوا: كنا نعلمكم ولا نعمل به.
(2) حدثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن الشعبي * (ومعارج عليها يظهرون) * قال: الدرج.
(3) حدثنا جعفر بن عون عن سفيان عن إسماعيل عن الشعبي * (ومعارج عليها
يظهرون) * قال: الدرج، * (وسقفا) * قال: الجزوع * (وزخرفا) * قال: الذهب.
(4) حدثنا أبو أسامة عن مالك بن مغول قال: سمعت عبيد الله بن العيزار قال: إن
الاقدام يوم القيامة كمثل النبل في القرن، والسعيد من وجد لقدميه موضعا يضعهما،
وعند الميزان ملك ينادي: ألا إن فلان بن فلان ثقلت موازينه، فسعد سعادة لا يشقى بعدها
أبدا، ألا إن فلان بن فلان خفت موازينه فشقي شقاء لا يسعد بعده أبدا.
(5) حدثنا المحاربي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن رجل من الأنصار قال: كان
يقول: لنعمة الله علي فيما زوي عني من الدنيا أعظم من نعمته علي فينا أعطاني منها.
(6) حدثنا عبد الله بن إدريس سمعت أباه وعمه يذكران قالا: كان عبد الملك بن
أياس ممن سمعت ثم سكت.
(7) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: أعجب أهل الكوفة إلي أربعة:
طلحة وزبيد ومحمد بن عبد الرحمن ويحيى بن عباد.

(71 / 17) أي لم يكن يجر قميصه كمن يفعل ذلك، وذلك كراهية منه للكبر والخيلاء.
(71 / 18) سورة السجدة من الآية (21).
(72 / 2) سورة الزخرف الآية (33).
(72 / 3) سورة الزخرف من الآيات (33 - 35).
280

(8) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث قال: قلت لطلحة: إن طاوسا كان يكره
الأنين، قال: فما سمع له أنين حتى مات.
(9) حدثنا حسين بن علي عن مسعر قال: أعطاني زيد العمى كتابا فيه أن رجلا
أوصى ابنه، قال: يا بني كن من نأية ممن نأى عنه يقين ونزاهة، ودنوة ممن دنا منه لين
ورحمة، نأيه كبرا ولا عظمة، وليس دنوه خدعا ولا خيانة، لا يعجل فيما رابه ويعفو عما
تلين له، لا يغره ثناء من جهله، ولا ينسى إحصاء ما قد عمله، إن ذكر خاف مما
يقولون، واستغفر مما لا يعلمون، يقول ربي أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي من
غيري، يسأل ليعلم، وينطق ليغنم، ويصمت ليسلم، ويخالط ليفهم، إن كان في الغافلين
كتب من الذاكرين لم يكتب من الغافلين لأنه يذكر إذا غفلوا، ولا ينسى إذا ذكروا،
قال حسين: وزاد فيه ابن عيينة: يمزج العلم بحلم زهادته فيما يفني كرغبته فيما يبقي.
(10) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد السلام عن يزيد بن عبد الرحمن
عن المنهال عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال: إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل لكل
انسان منهم تابوت من نار على قدره، ثم أقفل عليه بأقفال من نار فلا يضرب منه عرق
إلا وفيه مسمار من نار، ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار، ثم أقفل عليه،
بأقفال من نار، ثم يضرم بينهما نار، فلا يرى أحد منهم أن في النار أحدا غيره، فذلك
قوله تعالى: * (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) * وذلك قوله تعالى * (لهم
من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين) *.
(11) حدثنا حسين بن علي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر قال: إن الله
ليصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده وأهل دويرته وأهل الدويرات حوله، فما يزالون في
حفظ من الله ما دام بينهم.
(12) حدثنا يحيى بن يمان عن حمزة الزيات عن حمران بن أعين عن أبي حرب بن
أبي الأسود [الدئلي] قال: إن الرجل ليحبس على باب الجنة بالذنب عمله مائة عام وإنه
ليرى أزواجه وخدمه.

(72 / 8) أي كان يحتمل ما يلقى من الألم صامتا ساكتا لا يسمع له صوت ولا أنين.
(82 / 10) * (لهم من فوقهم ظلل) * سورة الزمر من الآية (16).
* (لهم من جهنم مهاد) * سورة الأعراف الآية (41). (72 / 11) الدويرة: الحي الذي يسكنه.
281

(13) حدثنا معاوية عن سفيان عن بختري الطائي قال: كان يقال: أغبط الاحياء بما
يغبط به الأموات واعلم أن العبادة لا تصلح إلا بزهد وذل عند الطاعة، واستصعب عند
المعصية، وأحب الناس على قدر تقواهم.
(14) حدثنا أبو أسامة عن مالك بن مغول عن القاسم بن الوليد * (فإذا جاءت
الطامة الكبرى) * قال: حين يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار.
(15) حدثنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة أظنه عن عثمان قال: من عمل عملا
كساه الله رداء عمله.
(16) حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال عثمان بن عفان:
من عمل عملا كساه الله رداءه إن خير فخير وإن شر فشر.
(17) حدثنا وكيع ويزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع
قال: سمعت عثمان يقول: * (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) * قال: سائق يسوقها
إلى أمر الله وشهيد يشهد عليها بما عملت.
(18) حدثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم عن الأعمش عن خيثمة عن عدي بن
حاتم قال: أيمن امرئ وأشأمه ما بين لحييه.
(19) حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان عن عمرو بن مرة عن عدي
ابن حاتم قال: إنكم في زمان معروفه منكر زمان قد خلا، ومنكره معروف زمان ما أتى.
(20) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن أبي منصور عن زيد بن وهب
قال خرجت إلى الجبانة فجلست فيها إلى جنب الحائط، فجاء رجل إلى قبر فسواه ثم جاء
فجلس إلي، فقلت: من هذا؟ فقال: أخي، قال: قلت: أخ لك؟ قال: أخ لي في الاسلام
رأيته البارحة فيما يرى النائم فقلت: فلان قد عشت الحمد لله رب العالمين، قال: قد قلتها،
لان أكون أقدر على أن أقولها أحب إلي من ملء الأرض وما فيها، ألم تر حين كانوا

(72 / 18) سورة النازعات الآية (34).
(72 / 15) إن خيرا كان رداء خير ونور وإن شرا كان رداء شر وظلمة.
(72 / 17) سورة (ق) من الآية (21).
(72 / 18) أي لسانه ويقال لحييه، لان الفك فك الأدنى فيه اللحية والفك الأعلى فيه الشارب وهو من باب تسمية
الكل باسم الجزء كتسمية الأسبوع جمعة.
282

يدفنونني فإن فلانا قام فصلى ركعتين لان أكون أقدر على أن أصليهما أحب إلي من
الدنيا وما فيها.
(21) حدثنا ابن نمير عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: المقنطون جسر يطأ الناس يوم القيامة على وجوههم.
(22) حدثنا أبو أسامة عن مسعر قال: حدثني معاوية بن بشير قال: أراه عن أبيه
قال: قال خباب: إنها ستكون صيحات فأصيخوا لها.
(23) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان عن ثابت قال: قال ابن أبي ليلى: طفت هذه
الأمصار فما رأيت متهجدا ولا أبكر على ذكر الله من أهل البصرة.
(24) حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد
الرحمن السلمي قال: إن الملك يجئ إلى أحدكم كل غداة بصحيفة بيضاء فليمل فيها خيرا،
فإذا طلعت الشمس فليقم لحاجته، ثم إذا صلى العصر فليمل فيها خيرا فإنه إذا أملى في
أول صحيفته وآخرها خيرا كان عسى أن يكفر ما بينهما.
(25) حدثنا ابن يمان عن سفيان عن ثور عن خالد بن معدان قال: يمرون على النار
وهي خامدة فيقولون: أين النار التي وعدنا؟ قال: مررتم عليها وهي خامدة.
(26) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا موسى بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط
قال: كان سعيد بن عمرو بن حذيم أميرا على مصر فبلغ عمر بن الخطاب أنه يأتي عليه
حين لا يدخن في تنوره فبعث إليه بمال فاشترى ما يصلحه وأهله ثم قال لامرأته: لو أنا
أعطيناها تاجرا لعله أن يصيب لنا فيها قالت: فافعل فتصدق بها الرجل وأعطاها حتى لم
يبق منها شئ، ثم احتاجوا فقالت له امرأته: لو أنك نظرت إلى تلك الدراهم فأخذتها
فإنا قد احتجنا إليها، فأعرض عنها، ثم عادت فقالت أيضا، فأعرض عنها حتى استبان
لها أنه قد أمضاها قال: فجعلت تلومه قال: فاستعان عليها بخالد بن الوليد فكلمها فقال:
إنك قد آذيته فكأنما أعداها به، فقالت: له أيضا، فلما رأى ذلك الرجل برك على ركبتيه
فقال: ما يسرني أن أحبس عن العنو الأول يوم القيامة ولا أن لي ما ظهر على الأرض

(72 / 22) أصيخوا لها: أنصتوا، وفي الأصل أصيحوا وهو تصحيف واضح.
(72 / 26) لا يدخن في تنوره: أي لا يشعل نارا ليطبخ طعاما إذ لا طعام لديه إلا الماء والتمر وما لا يحتاج
إعداده إلى نار كالسويق وما شابه ذلك. (خيرة من الخيرات) حوراء من الحور العين.
283

وإن خيرة من الخيرات أبرزت أصابعها لأهل الأرض من فوق السماوات لوجد ريحهن
فأنا أدعهن لان أدعكن لهن أحرى من أن أدعهن لكن فلما رأت ذلك كفت عنه.
(27) حدثنا حسين بن علي عن مالك بن مغول قال: مر رجل بربيع بن أبي راشد
وهو جالس على صندوق من صناديق الحدادين فقال: لو دخلت المسجد فجالست
إخوانك، فقال له ربيع: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة خشيت أن يفسد قلبي.
(28) حدثنا حسين بن علي عن إسماعيل بن شعيب قال: كان أبي زميل ربيع بن أبي
راشد إلى مكة فقال ذات يوم: لو أني أعلم أحب العمل إلى ربي لعلي أتكلفه، قال: فرأى
في منامه الشكر والذكر.
(29) حدثنا حسين بن علي عن عمر بن ذر قال: لقيني ربيع بن أبي راشد في السدة
في السوق فأخذ بيدي فصافحني فقال: يا أبا ذر من سأل الله رضاه فقد سأله أمرا عظيما.
(30) حدثنا خلف بن خليفة عن عون بن شداد أن هرم بن حيان العبدي لما نزل به
الموت قالوا له: يا هرم! [أوصنا]، قال: أوصيكم أن تقضوا عني ديني، قالوا: بم توصي؟
قال: فتلا آخر سورة النحل * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) * حتى بلغ
* (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) *.
(31) حدثنا خلف بن خليفة عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال هرم: اللهم إني
أعوذ بك من شر زمان يتمرد فيه صغيرهم ويأمل فيه كبيرهم - وتقرب فيه آجالهم.
(32) حدثنا خلف بن خليفة عن أصبغ الوراق عن أبي نضرة أن عمر بعث هرم بن
حيان على الخيل، فغضب على رجل فأمر به فوجئت عنقه، ثم أقبل على أصحابه فقال لا
جزاكم الله حيرا! ما نصحتموني حين قلت: ولا كففتموني عن غضبي، والله لا ألي لكم
عملا، ثم كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين! لا طاقة لي بالرعية فابعث إلى عملك.
(33) حدثنا أبو خالد الأحمر عن إسماعيل عن الحسن أن هرم بن حيان كان
يقول: لم أر مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها.

(72 / 30) [أرصنا] في الأصل أرضي، وقد صححناها استنادا إلى السياق. سورة النحل من الآية (125)
إلى الآية (128).
(73 / 32) دجا عنقه: رضه رضا عنيفا.
284

(34) حدثنا أبو أسامة قال حدثني سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: كان
هرم بن حيان عاملا على بعض رساتيق الأهواز فاستأذنه رجل من أصحابه إلى أهله،
فأبى أن يأذن له، قال: فقام هرم بن حيان يخطب يوم الجمعة إذ قال الرجل هكذا على
أنفه - أمسك على أنفه - فأشار إليه هرم بيده: (إذهب، فانطلق الرجل حتى أتى أهله
فقضى حاجته ثم رجع فقال له هرم: أين كنت؟ فقال: ألم تر حين قمت فأمسكت على
أنفي فأشرت إلي بيدك (اذهب) فقال هرم: آخر رجال السوء لزمان السوء.
(35) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال أخبرني غالب القطان عن بكر
قال: إذا كان يوم القيامة لم يدع الله لمؤمن حاجة إلا قضاها ولا يسأله إلا ما يوافق
رضاه.
(36) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا سعيد الجريري قال: مر
مؤرق العجلي على مجلس الحي فسلم عليهم، فردوا عليه السلام وسألوه فقال رجل من
الحي: أكل حالك صالح؟ قال: وددنا أن العشر منه يصلح.
(37) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن بكر قال: لا يكون الرجل تقيا حتى يكون
تقي الغضب تقي الطمع.
(73) كلام مجاهد
(1) حدثنا يحيى بن سليم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد * (فلأنفسهم يمهدون) * قال:
في القبر.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) *
قال: من خاف الله عند مقامه على المعصية في الدنيا.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش قال: كنت إذا رأيت مجاهدا ظننت أنه
قد ضل حماره فهو مهتم.
(4) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش عن مجاهد

(سورة الروم من الآية (44).
(73 / 2) سورة الرحمن الآية (64).
733 / 3) أي أنه كان دائم التفكر.
285

قال: ما من يوم يمضي من الدنيا إلا قال: الحمد لله الذي أخرجني من الدنيا فلا أعود
إليها أبدا.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد * (نأتي الأرض ننقصها من
أطرافها) * قال: الموت.
(6) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الأعمش عن مجاهد قال: كان بالمدينة أهل بيت ذو
حاجة عندهم رأس شاة، فأصابوا شيئا فقالوا: لو بعثنا بهذا الرأس إلى من هو أحوج إليه
منا، قال: فبعثوا به فلم يزل يدور بالمدينة حتى رجع إلى أصحابه الذين خرج من عندهم.
(7) حدثنا ابن علية عن ليث عن مجاهد قال: ذهب العلماء فما بقي إلا المتعلمون، ما
المجتهد فيكم اليوم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم.
(8) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا مالك بن مغول عن طلحة عن مجاهد قال:
إذا التقى الرجل الرجل فضحك في وجهه تحاتت عنهما الذنوب كما ينثر الريح الورق
اليابس من الشجر، قال: فقال رجل ويحك إن هذا من العمل يسير، قال: فقال: ما
سمعت قوله تعالى * (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) *.
(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: أعجب أهل الكوفة إلى
أربعة: طلحة وزبيد ومحمد بن عبد الرحمن ويحيى بن عباد.
(10) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: إن المسلم لو لم يصب من أخيه
إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي.
(11) حدثنا حسين بن علي عن ليث عن مجاهد قال: إنما الفقيه من يخاف الله.
(12) حدثنا عفان قال حدثنا عبد الواحد عن الأعمش عن مجاهد في قوله تعالى:
* (توبوا إلى الله توبة نصوحا) * (قال: هو أن يتوب ثم لا يعود.
(13) حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد قوله تعالى: * (وله أسلم من في
السماوات والأرض طوعا وكرها) * قال: الطائع المؤمن.

(73 / 5) سورة الرعد من الآية (41).
وسورة الأنبياء من الآية (44).
(73 / 8) سورة الأنفال من الآية (63).
(73 / 12) سورة التحريم من الآية (8).
(73 / 13) سورة آل عمران من الآية (83).
286

(14) حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد * (كانوا قليلا من الليل ما
يهجعون) * قال: كانوا لا ينامون كل الليل.
(15) حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن مجاهد * (حور مقصورات في
الخيام) * قال: مقصورات قلوبهن وأبصارهن وأنفسهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ لا
يردن غيرهم.
(16) حدثنا فضيل بن عياض عن بعض أصحابه عن مجاهد * (وحور عين) * قال:
يحار فيهن البصر. (17) حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد * (واسألوا الله من فضله) * قال: ليس بعرض
الدنيا.
(18) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد * (وتبتل إليه تبتيلا) * قال:
أخلص له إخلاصا.
(19) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد قال: ما من مؤمن يموت إلا تبكي
عليه الأرض أربعين صباحا.
(20) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد * (ولمن خاف مقام ربه
جنتان) * قال: هو الرجل يذكر الله عند المعاصي فيحتجز عنها.
(21) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد في قوله: * (يطاف عليهم بآنية
من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا) * قال: الآنية:
الأقداح والأكواب: الكوكبات وتقديرا: إنها ليست الملأى التي تقيض ولا ناقصة القدر.

(73 / 14) سورة الذاريات الآية (17)، أي كانوا يقومون الليل فالصلاة.
(73 / 15) سورة الرحمن الآية (72).
(73 / 16) سورة الواقعة الآية (22).
(73 / 17) سورة النساء من الآية (32).
(73 / 18) سورة المزمل الآية (8).
(73 / 20) سورة الرحمن الآية (46).
(73 / 21) سورة الانسان الآيتان (15 - 16).
287

(74) كلام عكرمة
(1) حدثنا معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى: * (للذين
يعلمون السوء بجهالة) * قال: الدنيا كلها قريب، كلها جهالة.
(2) حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن رجل عن عكرمة * (سيماهم في وجوههم) *
قال: السهر.
(3) حدثنا حكام الرازي عن أبي سنان عن ثابت عن عكرمة * (واذكر ربك إذا
نسيت) * قال: إذا عصيت، وقال بعضهم: إذا غضبت.
(4) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة * (وبلغت
القلوب الحناجر) * قال: إن القلوب لو تحركت أو زالت خرجت نفسه، ولكن إنما هو الفزع.
(5) حدثنا يحيى بن بكير قال أخبرنا شعبة عن سماك عن عكرمة * (كما يئس
الكفار من أصحاب القبور) * قال: الكفار إذا دخلوا القبور فعاينوا ما أعد الله لهم من
الخزي يئسوا من رحمة الله.
(6) حدثنا أبو معاوية عن أبي عمرو بياع الملائي عن عكرمة * (إن لدينا أنكالا) *
قال: قيودا.
(7) حدثنا يعلى بن عبيد قال: دخلنا على محمد بن سوقة فقال: أحدثكم بحديث لعله
ينفعكم فإنه قد نفعني، قال: قال لنا عطاء بن أبي رباح: يا ابن أخي! إن من كان قبلكم
كان يكره فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن تقرأه أو أمرا بمعروف أن نهيا عن
منكر، وأن تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون أن عليكم حافظين

(74 / 1) سورة النساء من الآية (17).
(74 / 2) سورة الفتح من الآية (29).
(74 / 3) سورة الكهف من الآية (24).
(74 / 4) سورة الأحزاب من الآية (10).
(74 / 5) سورة الممتنعة من الآية (13).
(74 / 6) سورة المزمل من الآية (12).
288

كراما كاتبين، وأن * (عن اليمن وعن الشمال قعيد ما [يلفظ] من قول إلا لديه رقيب
عتيد) *
أما يستحي أحدكم لو نشر صحيفته التي أملى صدر نهاره وأكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.
(8) حدثنا معتمر بن سليمان عن عمران عن.... يحيى بن يعمر قال: ما هاجت
الريح إلا بعذاب ورحمة.
(9) حدثنا معتمر بن سليمان عن شبيب عن مقاتل بن حيان * (أم اتخذ عند
الرحمن عهدا) * قال: العهد الصلاة.
(10) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن أبي عون قال: كان أهل الخير إذا
التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض بثلاث: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الناس، ومن أصلح سريرته
أصلح الله علانيته.
(11) حدثنا سعيد بن شرحبيل عن خلاد بن سليمان الحضرمي قال: سمعت
خالد بن أبي عمران يقول: كان عبد الله بن الزبير لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام، قال
خالد: مكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره.
(12) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون وهشام جميعا عن محمد بن سيرين
قال: كنا عند أبي عبيدة بن حذيفة في قبة له، فأتاه رجل فجلس معه على فراشه، فساره
بشئ لم أفهمه، فقال له أبو عبيدة: فإني أسألك أن تضع إصبعك في هذه النار، وكانون
بين أيديهم فيه نار، فقال الرجل: سبحان الله! فقال له أبو عبيدة: تبخل علي بإصبع من
أصابعك في نار الدنيا وتسألني أن أجعل جسدي كله في نار جهنم، قال: فظننا أنه دعاه
إلى القضاء.
(13) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم أن
عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: اللهم سلمنا وسلم المؤمنين منا.

(74 / 7) سورة (ق) من الآيتين (17 / 18). وفي الأصل [ينطق] بدل يلفظ وقد صححناها استنادا إلى
نص الآية في القرآن الكريم.
(74 / 9) سورة مريم من الآية (78).
289

(14) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي سنان قال: سمعت عبد الله بن الحارث
يقول: الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض.
(15) حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس * (ما يلفظ من
قول) * قال: يكتب من قوله الخير والشر.
(16) حدثنا يحيى بن سعيد عن عمران عن عكرمة قال: يكتب ما عليه وماله.
(17) حدثنا يحيى بن سعيد عن عوف عن سعيد بن أبي الحسن * (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) * قال: قل ليلة أتت عليهم هجعوها.
(18) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: بينما رجل
راكبا على حمار إذ عثر به فقال: تعست، فقال صاحب اليمين: ما هي بحسنة فأكتبها،
وقال صاحب الشمال: ما هي بسيئة فأكتبها، فنودي صاحب الشمال أن ما ترك صاحب
اليمين فاكتبه.
(19) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: من عادى
أولياء الله فقد آذن الله بالمحاربة، ومن حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد
الله في أمره، ومن أعان على خصومة لا علم له بها كان في سخط الله حتى ينزع، ومن فقأ
مؤمنا بما لا علم له به وقفه الله في ردغة الخبال حتى يجئ منها بالمخرج، ومن خاصم
لضعيف حتى يثبت له حقة ثبت الله قدميه يوم تزل الاقدام، وقال الله: ما ترددت في
شئ أريده، تردادي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له
منه.
(20) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عبد ربه من رسول عن ابن محيريز
أنه قال: الكلام في المسجد لغو إلا لمصل أو ذاكر ربه أو سائل خير أو معطية.

(74 / 14) الزبانية الملائكة الموكلون بالنار وأهلها.
(74 / 15) سورة (ق) من الآية (18).
(74 / 16) يكتب ذلك الكرام الحافظون.
(74 / 17) سورة الذاريات الآية (17).
(74 / 18) أي كل ما هو ليس بحسنة فهو سيئة وعليه وزرها.
290

(21) حدثنا ابن علية عن رجاء بن أبي سلمة قال: بلغني أن ابن محيريز دخل على
رجل من البزازين فاشترى منه شيئا فقال رجل للبزاز أتدري من هذا؟ هذا ابن محيريز،
فقام فقال: إنما جئنا نشتري بدراهمنا، ليس بديننا.
(22) حدثنا أبو أسامة عن وهيب عن موسى بن عقبة قال: سمعت ابن محيريز ونحن
معه بالرمة وهو يقول: أدركت الناس وإذا مات منهم الميت من المسلمين قالوا: الحمد لله
الذي توفي فلانا على الاسلام، ثم انقطع ذلك فليس أحد اليوم يقول ذلك.
(23) حدثنا حسين بن علي عن مجمع بن يحيى قال: كان مجمع بن حارثة يقول: اللهم
إني أسألك موتا سجيحا.
(24) حدثنا يحيى بن يمان عن أسامة بن زيد عن أبيه في قوله: * (خافضة) * من
انخفض يومئذ لم يرتفع أبدا، ومن ارتفع يومئذ لن ينخفض أبدا.
(25) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن مسلم عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن
عمرو بن أوس قال: المخبتون الذين لا يظلمون وإن ظلموا لم ينتصروا.
(26) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمران عن أبي العلاء بن الشخير قال: قال فلان:
تمشون على قبوركم؟ قلت: نعم، قال: فكيف تمطرون.
(27) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
في قوله تعالى * (فالتقمه الحوت) * قال: لما التقمه ذهب به حتى وضعه في الأرض السابعة
فسمع الأرض تسبح، قال: فهيجته على التسبيح فقال: * (لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين) * قال: فأخرجه حتى ألقاه على الأرض بلا شعر ولا ظفر مثل الصبي
المنفوس، فأنبت الله عليه شجرة تظله، ويأكل من تحتها من حشرات الأرض، فبينما هو
نائم تحتها فتساقطت عليه ورقها قد يبست، فشكى ذلك إلى ربه، فقيل له: أتحزن على
شجرة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون قد يعذبون.

(74 / 21) فقام: أي البزاز تكريما له.
(74 / 23) موتا سجيحا: موتا لينا سهلا.
(74 / 24) سورة الواقعة من الآية (3). يومئذ: أي يوم الحساب.
(74 / 27) * (فالتقمه الحوت) * سورة الصافات من الآية (142).
* (لا إله إلا أنت) * سورة الأنبياء من الآية (87). الصبي المنفوس: المولود حديثا.
291

(28) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو هلال محمد بن سليم الراسبي عن الحسن
في قوله: قال: قال أبو الصهباء: (طلبت المال من حله فأعياني إلا رزق يوم بيوم، فعلمت
أنه قد خير لي): وأيم الله ما من عبد أوتي رزق يوم بيوم فلم يظن أنه خير له إلا كان
عاجزا أو غبي الرأي.
(29) حدثنا عفان قال حدثنا بكير بن أبي الشميط قال حدثنا قتادة عن عبد الله بن
مطرف أنه كان يقول: إنك لتلقي بين الرجلين أحدهما أكثر صوما وصلاة، والآخر
أكرمهما على الله بونا بعيدا، قالوا: وكيف يكون ذلك يا أبا جزء؟ قال: يكون أورعهما
في محارمه.
(30) حدثنا أبو أسامة عن جويبر عن الضحاك في قوله: * (وبشر المخبتين) * قال:
المتواضعين.
(31) حدثنا أبو أسامة عن جويبر عن الضحاك * (وكانوا لنا خاشعين) * قال: الذلة
لله.
(32) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جويبر عن الضحاك * (يصهر به ما في بطونهم
والجلود) * قال: يذاب به.
(33) حدثنا يحيى بن يمان عن أبي سنان عن ثابت عن الضحاك * (وإذا مروا باللغو
مروا كراما) * قال: لم يكن اللغو من حالهم ولا بالهم.
(34) حدثنا عبد الله بن الزبير عن سفيان عن رجل عن الضحاك قال: لولا تلاوة
القرآن لسرني أن أكون مريضا.
(35) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جويبر عن الضحاك * (في مقام أمين) * قال:
أمنوا الموت أن يموتوا، وأمنوا الهرم أن يهرموا ولا يجوعوا ولا يعروا.
(36) حدثنا أبو أسامة عن جويبر عن الضحاك * (إنك كادح إلى ربك كدحا) *
قال: عامل إلى ربك عملا.

(74 / 30) سورة الحج من الآية (34).
(74 / 31) سورة الأنبياء من الآية (90).
(74 / 32) سورة الحج من الآية (20).
(74 / 33) سورة الفرقان من الآية (72).
(74 / 35) سورة الدخان من الآية (51).
(74 / 36) سورة الانشقاق الآية (6).
292

(37) حدثنا يعلى بن عبيد عن أبي بسطام عن الضحاك * (لهم البشرى في الحياة
الدنيا) * قال: يعلم أين هو قبل الموت.
(38) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا أبو سنان قال: سمعت الضحاك بن مزاحم
يقول في قوله * (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم) * قال: أمة محمد البر والفاجر.
(39) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا الفيض
عن الضحاك قال: * (إنما يتقبل الله من المتقين) * قال: الذين يتقون الشرك.
(40) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا داود بن عبد الرحمن عن منصور بن صفية
قال حدثني أشرس بن حسان الكوفي قال: سمعت وهب بن منبه قال: كان هارون هو
الذي يجمر الكنائس.
(41) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت عن مسلم بن يسار أنه
قال: لا أدري ما حسب إيمان عبد لا يدع شيئا يكرهه الله.
(42) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن ثابت عن مسلم بن يسار قال: كان أهدهم
إذا برأ قيل له: ليهنئك الطهر.
(43) حدثنا عفان قال حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت أن أبا بكر كان يتمثل هذا
البيت:
لا تزال تنعي حبيبا حتى تكونه * وقد يرجوا الفتى الرجا يموت دونه
(44) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا مالك بن دينار قال: سألت
جابر بن زيد، قلت: قول الله تعالى: * (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا
إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) * ما ضعف الحياة
وضعف الممات؟ قال جابر: ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة * (ثم لا تجد لك علينا
نصيرا) *.

(74 / 37) سورة يونس من الآية (64).
(74 / 38) سورة المائدة من الآية (48).
(74 / 39) سورة المائدة الآية (27).
(74 / 40) يجمر الكنائس: يبخرها بالمجمرة ويوقد مجامرها.
(74 / 41) لان من أحب أحدا أحب ما يحب ومن يحب وكره ما يكره ومن يكره فكيف بمن يحب الله ولا
يمتنع على المعاصي وقد كرهها سبحانه وتعالى.
(74 / 43) حتى تكونه: حتى تكون أنت الذي ينعى.
(74 / 44) سورة الإسراء الآيتان (74 - 75).
293

(45) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال سمعت ثابتا قال: كنا عند جابر
ابن زيد فرأى جملا فقال: لو قلت لكم أني هذا الجمل ما أمنت أن أعبده.
(46) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن الحسن قال: ما أشبه
القوم بعضهم ببعض، ما أشبه الليلة بالبارحة.
(47) حدثنا عفان قال حدثنا جرير عن شعيب عن أبي العالية قال: أكثر رياحين
الجنة الحناء.
(48) حدثنا عفان قال حدثنا عبد الرحمن عن عبد الواحد بن زياد قال حدثنا
عبد الله بن الربيع بن خيثم قال حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله قال: كان الربيع بن خيثم إذا
دخل على عبد الله لم يكن عليه يومئذ إذن حتى يفرغ كل واحد منهما من صاحبه، قال:
وقال له عبد الله يا أبا يزيد! إن رسول الله (ص) لو رآك أحبك، وما رأيتك إلا ذكرت
المخبتين.
(49) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا مالك بن مغول عن طلحة قال: قيل من
الذي يسمن في الخصب والجدب، ومن الذي يهزل في الخصب والجدب، ومن الذي هو
أحلى من العسل ولا ينقطع، قال: أما الذي يسمن في الخصب والجدب فالمؤمن الذي إن
أعطي شكر، وإن ابتلي صبر، وأما الذي يهزل في الخصب والجدب فالكافر أو الفاجر إن
أعطي لم يشكر، وإن ابتلي لم يصبر، وأما الذي هو أحلى من العسل ولا ينقطع فهي إلفة
الله التي ألف بين قلوب المؤمنين.
(50) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي ثامر وكان رجلا
عابدا ممن يغدوا إلى المسجد فرأى في المنام كأن الناس قد عرضوا على الله فجئ بامرأة
عليها ثياب رقاق، فجاءت ريح فكشفت ثيابها، فأعرض الله عنها وقال: اذهبوا بها إلى
النار، فإنها كانت من المتبرجات حتى انتهى الامر إلي فقال: دعوه فإنه كان يؤدي حق
الجمعة.
(51) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي ثامر زعم أن امرأة
قالت: والله لا يعذبني الله أبدا ما سرقت ولا زنيت ولا قتلت ولدي ولا أتيت ببهتان

(74 / 45) أي من كذب في أمر ربما ابتلي به.
(74 / 48) لم يكن عليه يومئذ إذن: أي كان يتفرغ للقائه وذكر الله وإياه إن كانا من المتحابين في الله.
294

يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، فرأت في المنام أنه قيل لها: قومي إلى مقعدك من النار يا
مقللة الكثير مكثرة القليل، وآكلة لحم الجار الغريب بالغيب، قالت: يا رب! بل أتوب بل
أتوب.
(52) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت أن أبا ثامر رأى فيما يرى
النائم: ويل للمتسمنات من فترة في العظام يوم القيامة.
(53) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت أن أبا ثامر كان رجلا
عابدا، فنام ذات ليلة قبل أن يصلي العشاء فأتاه ملكان أو رجلان في منامه فقعد أحدهما
عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه: الصلاة قبل النوم
ترضي الرحمن وتسخط الشيطان، وقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: إن النوم قبل الصلاة
يرضي الشيطان ويسخط الرحمن.
(54) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت البناني عن صلة بن
أشيم أنه قال: والله ما أدري بأي يومي أنا أشد فرحا: يوم أباكر فيه إلى ذكر الله أو يوم
خرجت فيه لبعض حاجتي فعرض لي ذكر الله.
(55) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال كان أبو
رفاعة العدوي يقول: ما عزبت عني سورة البقرة منذ علمنيها رسول الله أخذت معها ما
أخذت من القرآن وما أن وجعت ظهري من قيام ليل قط.
(56) حدثنا عفان قال حدثنا حميد بن هلال قال: قال صلة: رأيت أبا رفاعة بعد
ما أصيب في النوم على ناقة سريعة وأنا على جمل ثقال قطوف، وأنا أجد على أثره، قال:
فيعرجها علي فأقول أسمعه الصوت فيسرجها وأنا أتبع أثرها، فأولت رؤياي أن آخذ
طريق أبي رفاعة فأنا أكد بعده العمل كدا.
(57) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال قال كان
أبو رفاعة - أو رجل منهم - يسخن في السفر لأصحابه الماء ويعمد إلى البارد فيتوضأ به ثم
يقول: أحسوا من هذا، فسأحسن من هذا.

(74 / 55) ما غربت عني: ما نسيتها ولا نسيت قراءتها.
(74 / 57) أي أنه كان يفضل إخوانه على نفسه ويحتمل برد الماء احتسابا لما يلقى من ذلك عند رب العالمين.
295

(58) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان قال: قال ثابت قال مطرف: إن كان أحد من
هذه الأمة ممتحن القلب لقد كان مذعور لممتحن القلب.
(59) حدثنا عفان قال حدثنا سليمان عن ثابت قال: قال مطرف: رآني أنا ومذعورا
رجل فقال: من سره أن ينظر إلى رجلين من أهل الجنة فلينظر إلى هذين، فسمعها
مذعور فرأيت الكراهية في وجهه ثم قال: اللهم إنك تعلمنا ولا يعلمنا.
(75) ما قالوا في البكاء من خشية الله
(1) حدثنا معتمر بن سليمان عن شعبة عن أبي زياد عن أبي رجاء قال: كان هذا
المكان من ابن عباس مجرى الدموع مثل الشراك البالي من الدموع.
(2) حدثنا عبدة بن سليمان عن الأعمش عن شمر بن عطية عن مغيرة بن سعد بن
الأخرم قال: ما خرج عبد الله إلى السوق فمر على الحدادين فرأى ما يخرجون من النار
إلا جعلت عيناه تسيلان.
(3) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح قال: لما قدم أهل اليمن في زمان
أبي بكر فسمعوا القرآن جعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
(4) حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد
قال: كان عمر إذا صلى أخرج الناس من المسجد فأخذ إلينا، فلما رأى أصحابه ألقى
الدرة وجلس فقال: ادعوا، فدعوا، قال: فجعل يدعو ويدعو حتى انتهت الدعوة إلي،
فدعوت وأنا مملوك، فرأيته دعا وبكى بكاء ولا تبكيه الثكلى فقلت في نفسي: هذا الذي
تقولون أنه غليظ.

(74 / 59) أي أن الله وحده يعلم أهل الجنة وأهل النار وفيه كراهية مذعور لثناء الناس عليه.
(75 / 1) هذا المكان من ابن عباس: هذا المكان وفي وجهه أي مكان سيل الدمع من العين على الخد مثل
الشراك البالي: لان الدمع يكوي مكان مروره في الجلد فيرسخ أثر ذلك من التكرار لان الدمع
ساخن وحمضي.
(75 / 2) ما يخرجون من النار: أي الحديد المحمى.
(75 / 4) وكان عمر رضي الله عنه شديدا في الحق وإقامته.
296

(5) حدثنا ابن مبارك عن الربيع بن أنس عن أبي داود عن أبي بن كعب قال:
عليكم بالسبيل والسنة، فإن ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من
خشية الله فمسته النار أبدا، وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الله فاقشعر جلده من
خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة يبس ورقها فهي كذلك إذا أصابتها ريح فتحات
ورقها عنها إلا تحاتت خطاياه كما يتحات من هذه الشجرة ورقها، وإن اقتصادا في سنة
وسبيل خير من اجتهاد سنة في غير سنة وسبيل، فانظروا أعمالكم، فإن كانت اقتصادا
واجتهادا أن تكون على منهاج الأنبياء وسنتهم.
(6) حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الله بن
شداد أنه قال: سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصف وهو يقرأ سورة يوسف * (إنما
أشكوا بثي وحزني إلى الله) *.
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم بن
عبد الله ان ابن عمر قرأ * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أن تخفوه يحاسبكم به الله) * الآية
فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال: يرحم الله أبا عبد الرحمن، لقد صنع كما صنع
أصحاب رسول الله (ص) حين أنزلت، فنسختها الآية التي بعدها * (لها ما كسبت وعليها
ما اكتسبت) *.
(8) حدثنا وكيع عن مسعر عن ابن عون عن عرفجة السلمي قال: قال أبو بكر:
وإن لم تبكوا فتباكوا.
(9) حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة قال: أخبرني
علقمة بن أبي وقاص قال: كان عمر يقرأ في صلاة العشاء الآخرة بسورة يوسف وأنا في
مؤخر الصفوف حتى إذا ذكروا يوسف سمعت نشيجه.
(10) حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن المنهال عن شقيق بن سلمة قال: دخلنا على

(75 / 5) تحات ورقها: تساقط عنها.
(75 / 6) سورة يوسف من الآية (86).
(75 / 7) * (وإن تبدوا ما في أنفسكم) * سورة البقرة من الآية (284).
* (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * سورة البقرة من الآية (286).
(75 / 8) تباكوا: ادفعوا أنفسكم إلى البكاء دفعا وأظهروا البكاء.
(75 / 9) النشيج: الصوت الذي يرافق البكاء.
297

خباب نعوده فقال: في هذا التابوت ثمانون ألفا ما شددتها بخيط ولا منعتها من سائل،
فقالوا: علام تبكي؟ قال مضى أصحابي ولم تنقصهم الدنيا شيئا وبقينا حتى ما نجد لها
موضعا إلا تراب.
(11) حدثنا أبو أسامة عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيدة قال: رأت
صفية زوج النبي (ص) قوما قرأوا سجدة فسجدوا، فنادتهم: هذا السجود والدعاء فأين
البكاء.
(12) حدثنا أبو أسامة عن داود الليثي قال حدثنا البختري بن زيد بن خارجة أن
رجلا من العباد مر على كور حداد مكشوف، فقام ينظر إليه فمكث ما شاء الله أن
يمكث، ثم شهق شهقة فمات.
(13) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلي عن ابن أبي مليكة قال: رأيت
عبد الله بن عمرو وهو يبكي فنظرت إليه فقال: أتعجب أبكي من خشية الله، فإن لم
تبكوا حتى يقول أحدكم: ايه ايه، إن هذا القمر ليبكي من خشية الله تعالى.
(14) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر قال حدثني علقمة بن مرثد عن ابن
بريدة قال: لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء
أهل الأرض ببكاء آدم حين أهبط إلى الأرض ما عدله.
(15) حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش قال: كان أبو صالح يؤمنا فكان لا
يجيز القراءة من الرقة.
(16) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن علي بن الأقمر قال: حدثني فلان: قال
أتيت ربيعة وهو يبكي على الصلاة.
(17) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن عبد الله بن رباح عن صفوان بن محرز أنه
كان إذا قرأ هذه الآية بكى حتى أرى أن قصص زوره سيندق * (وسيعلم الذين ظلموا
أي منقلب ينقلبون) *.

(75 / 15) لا يجيز القراءة: لا يقدر على متابعتها لشدة بكائه.
(75 / 17) قصص زوره: عظام صدره والمقصود منها عظم (القص) وهو العظم الأوسط الذي ترتبط به عظام
الضلوع.
سورة الشعراء من الآية (227).
298

(18) حدثنا هاشم بن القاسم عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أمه وكانت تسحق
الكحل لعبد الله بن عمرو أنه كان يطفئ السراج ويبكي حتى رسعت عيناه.
(19) حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال:
قال لي رسول الله (ص): (اقرأ علي القرآن، قال: قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك
أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري)، قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت
* (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * رفعت رأسي أو
غمزني إلى جنبي فرأيت دموعه تسيل.
(20) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف عن أبي حيان عن
عبد الله - رفعه بنحو منه.
(21) حدثنا محاضر قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي قال: لقد أدركت ستين
من أصحاب عبد الله في مسجدنا هذا أصغرهم الحارث بن سويد وسمعته يقرأ * (إذا
زلزلت) * حتى بلغ * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * قال: فيبكي ثم قال: إن هذا
الاحصاء شديد.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين قال حدثنا الحسن قال: مر رجل من أصحاب النبي (ص) على رجل يقرأ آية ويبكي ويرددها، قال: فقال: ألم
تسمعوا إلى قول الله تعالى: * (ورتل القرآن ترتيلا) * قال: هذا الترتيل.
(23) حدثنا شاذان قال حدثنا مهدي بن ميمون عن الجريري عن عبد الله بن شقيق
العقيلي قال: سمعت كعبا يقول: لان أبكي من خشية الله تعالى حتى تسيل دموعي على
وجنتي أحب إلي من أن أتصدق بوزني ذهبا والذي نفس كعب بيده ما من عبد مسلم
يبكي من خشية الله حتى تقطر قطرة من دموعه على الأرض فتمسه الناس أبدا حتى يعود
قطر السماء الذي وقع إلى الأرض من حيث جاء ولن يعود أبدا.
(24) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا مهدي بن ميمون قال سمعت محمدا يقول:
كان الرجل من أصحاب محمد (ص) تأتي عليه الثلاثة الأيام لا يجد شيئا يأكله فيجد الجلدة
فيشويها فيجتزئ بها، وإذا لم يجد شيئا عمد إلى حجر فشد به بطنه.

(75 / 18) رسعت عيناه: فسدت أجفانها والتصقت.
(75 / 19) سورة النساء من الآية (41).
(75 / 22) سورة المزمل الآية (4).
299

(25) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن أبي الورد بن ثمامة عن وهب بن
منبه قال: كان في بني إسرائيل رجال أحداث الأسنان معمورون فيهم، قد قرأوا الكتاب
وعلموا علما، وأنهم طلبوا بقراءتهم الشرف والمال، وأنهم ابتدعوا بدعا أخذوا بها الشرف
والمال في الدنيا فضلوا وأضلوا كثيرا.
(26) حدثنا أبو أسامة عن يحيى بن المهلب عن خالد بن صالح عن معاوية بن قرة
قال: قال أبو الدرداء، إن القلب يربد كما يربد الحديد، قبل: وما جلاؤه؟ قال: يذكر
الله.
(27) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا جرير قال حدثني عبد الله بن عبيد بن عمير قال:
كان لأيوب النبي (ص) أخوان فجاءا فلم يستطيعا يدنوانه من ريحه فقال أحدهما للآخر:
لو كان الله علم لأيوب خيرا ما بلغ به هذا، فجزع أيوب من قولهما جزعا شديدا لم يجزع
من شئ قط، فقال أيوب: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبط ليلة قط شبعا وأنا أعلم مكان
جائع فصدقني، فصدق وهما يسمعان، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصا قط
وأنا أعلم مكان عار فصدقني فصدق وهما يسمعان، ثم خر ساجدا ثم قال: اللهم إني لا
أرفع رأسي حتى تكشف عني، قال: فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه.
(28) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن هلال بن يساف قال: حدثت أن عيسى
ابن مريم كان يقول: إذا تصدق أحدكم فليعط بيمينه وليخف من شماله، وإذا كان يوم
صوم أحدكم فليدهن وليسمح شفتيه من دهنه حتى ينظر إليه الناظر فلا يرى أنه صائم،
وإذا صلى في بيته فليخسف عليه سترة فإنه يقسم الثناء كما يقسم الرزق.
(29) حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خيثم عن نسير بن ذعلق عن بكر بن
ماعز قال: كان عبد الله بن مسعود إذا رأى الربيع بن خيثم مقبلا قال: * (بشر
المخبتين) *، أما والله لو رآك رسول الله (ص) لأحبك.
(30) حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خيثم عن نسير عن بكر من ماعز قال: جاءت بنت الربيع بن خيثم وعنده أصحاب له فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب، قال: لا
فقال له أصحابه: يا أبا يزيد! اتركها، قال: لا يوجد في صحيفتي أني قلت لها: اذهبي
العبي، لكن اذهبن فقولي خيرا وافعلي خيرا.

(75 / 25) أحداث الأسنان: صغار السن.
(75 / 26) يربد: يصدأ ويتغير لونه عن حاله.
(75 / 29) سورة الحج من الآية (34).
300

(31) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع يقول: يا بكر بن
ماعز؟ يا بكر اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس في ديني،
أطع الله فيما علمت (وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا في العمد أخوف مني عليكم
في الخطأ، ما خيركم اليوم بخيره، ولكنه خير من آخر شر منه، ما كل ما أنزل الله على محمد
(ص) أدركتم، ولا كل ما تقرأون تدرون ما هو، السرائر التي يخفن من الناس وهن لله
بواد، التمسوا دواءها، ثم يقول لنفسه: وما دواءها؟ أن تتوب إلى الله ثم لا تعود.
(32) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير بن ذعلوق عن بكر قال: لما انتهى
الربيع بن خيثم إلى مسجد قومه قالوا له: يا ربيع! لو قعدت فحدثنا اليوم، قال: فقعد فجاء
حجر فشجه فقال: ف‍ * (جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) *.
(33) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع بن خيثم يقول:
لا خير في الكلام إلا في تسع: تهليل الله وتسبيح الله وتكبير الله وتحميد الله وسؤالك الخير
وتعوذك من الشر وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءتك القرآن.
(34) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع إذا قيل له:
كيف أصبحت يا أبا يزيد! يقول: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
(35) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: قال ابن الكواء لربيع بن
خيثم: ما نراك تذم أحدا ولا تعيبه، قال: ويلك يا ابن الكواء! ما أنا عن نفسي براض
فأتفرغ من ذمي إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله على ذنوب العباد وأمنوا على ذنوبهم.
(36) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع إذا قيل له: ألا
تداوي؟ قال: قد أردت ذلك، ثم ذكرت عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك
كثيرا، فعرفت أنه قد كانت فيهم أوجاع ولهم أطباء فمات المداوي والمداوي.
(37) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع يقول إذا أصبح:
اعملوا خيرا وقولوا خيرا ودوموا على صالح، وإذا أسأتم فتوبوا وإذا أحسنتم فزيدوا، ما
علمتم فأقيموا، وما شككتم فكلوه إلى الله، المؤمن فلا تؤذوه، والجاهل فلا تجاهلوه، ولا
يطل عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم * (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) *.

(75 / 32) سورة البقرة من الآية (275).
(75 / 37) سورة الأنفال من الآية (21).
301

(38) حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر قال: كان الربيع يقول: أكثروا
ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله.
(39) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: أدركت من
أصحاب رسول الله (ص) أكثر ممن سبقني منهم، فلم أر قوما أهون سيرة ولا أقل تشديدا
منهم.
(40) حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن بعض أصحابه عن علي قال: إذا
مالت الأفياء وراحت الأرواح فاطلبوا الحوائج إلى الله فإنها ساعة الأوابين وقرأ * (فإنه
كان للأوابين غفورا) *.
(41) حدثنا ابن نمير عن مالك بن مغول عن أكيل قال: كان بين رجل من الحي
وبين عبد الرحمن بن يزيد شئ، فقال له علقمة: أكنت تسبني لو سببتك، قال: لا، قال:
هو خير مني، هو أكثر جهادا مني.
(42) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن بهدلة قال: كان
لأبي وائل خص يكون فيه هو - ودابته، فإذا أراد الغزو نقض الخص، وإذا رجع بناه.
(43) حدثنا يونس بن محمد عن حماد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء:
* (إن جهنم كانت مرصادا) * قال: صادت.
(44) حدثنا سعيد بن خيثم عن أبي حيان عن أبيه قال: دخلنا على سويد يعني ابن
مثعبة وهو يشتكي، فقلنا له: كيف نجدك؟ فقال: إني لفي عافية من ربي.
(45) حدثنا محاضر قال حدثنا الأعمش عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن
الحارث قال: ما من شجرة صغيرة ولا كبيرة ولا مغز زابرة رطبة ولا يابسة إلا ملك
موكل بها يأتي الله بعملها كل يوم برطوبتها إذا رطبت، ويبوستها إذا يبست.
(46) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن إبراهيم التيمي قال: إن كان الرجل من
الحي ليجئ فيسب الحارث بن سويد فيسكت، فإذا سكت قام فنفض رداءه فدخل.

(75 / 39) أي كانوا يكتفون من الدنيا بأقل القليل إذ أن همهم الآخرة.
(75 / 40) سورة الإسراء من الآية (25).
(75 / 42) أي أنه كان يخرج إلى الجهاد غير آمل بالعودة حيا.
(75 / 43) سورة النبأ الآية (21).
(75 / 44) أي هو في عافية ما دام آمنا على دينه وإيمانه.
302

(47) حدثنا الأحوص بن جواب قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن عمار الدهني
عن وهب بن منبه قال: أوحي الله إلى بعض أوليائه: إني لم أحل رضواني لأهل بيت قط
ولا لأهل دار قط ولا لأهل قرية قط فأحول عنهم رضواني حتى يتحولوا من رضواني إلى
سخطي، وإني لم أحل سخطي لأهل بيت قط ولا لأهل دار قط ولا لأهل قرية قط
فأحول عنهم سخطي حتى يتحولوا من سخطي إلى رضواني.
(48) حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال حدثنا أبي عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ما على أحدكم إذا خلا أن يقول لجليسيه: اسمعا رحمكما الله
ثم يملي عليهما خيرا.
(49) حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن إسماعيل عن الحسن قال: إذا قرأ * (ألهاكم
التكاثر) * قال: في الأموال والأولاد * (حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون) * قال:
وعيد بعد وعيد * (علم اليقين) *.
(50) حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن إسماعيل عن الحسن قال: إذا قرأ هذه الآية
* (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) * قال: أنفس هو خلقها وأموال هو
رزقها * (فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل) *.
(51) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن رجل عن الربيع بن خيثم قوله:
* (يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم) * قال: الجهل.
(52) حدثنا جرير بن عبد الحميد عن فضيل بن غزوان قال: كان أبو جعفر محمد ابن عبد الرحمن بن يزيد يذهب بخادمه إلى السوق فيلقي عليها الآية بعد الآية من القرآن
يعلمها، وكان يقوم من الليل إلى فنائه فيلقيه عليها.
(53) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن عون بن عبد الله كان
يقول: ألا إن الحلم والحياء والعي عي اللسان، لا عي القلب، والفقه من الايمان، وهن مما
ينقص من الدنيا ويزدن في الآخرة، وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقض من الدنيا إلا أن
الفحش والبذاء والجفاء والبيان من النفاق وهن مما يزدن في الدنيا وينقصني من الآخرة وما
ينقصن من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا.

(75 / 49) سورة التكاثر.
(75 / 50) سورة التوبة الآية (111).
(75 / 51) سورة الانفطار الآية (6).
303

(54) حدثنا شريك عن عبيد بن مسروق عن منذر الثوري عن ربيع بن خيثم
* (وإذا العشار عطلت) * قال: تخلى منها أهلها فلم تحلب ولم تصر.
(55) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا الربيع بن المنذر عن طريف قال: رأيت
ربيع بن خيثم يحمل عرقة إلى البيت عمته.
(56) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه عن ربيع بن
خيثم قال: ما لم يرد به وجه الله يضمحل.
(57) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا أبو كدينة عن مطرف عن المنهال بن
عمرو عن سعيد بن جبير قال لما أصيب ابن عمر قال: ما تركت خلفي شيئا من الدنيا
آسي عليه غير ظما الهواجر وغير مشي إلى الصلاة.
(58) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن آدم بن علي قال: سمعت أخا بلال مؤذن رسول الله (ص) يقول: الناس ثلاثة أثلاث: فسالم وغائم وشاجب، قال: السالم
الساكت، والغانم الذي يأمر بالخير وينهى عن المنكر، فذلك في زيادة من الله، والشاجب
الناطق بالخنا والمعين على الظلم.
(59) حدثنا حسين بن علي قال أخبرني إبراهيم بن الربيع بن أبي راشد قال: كان أبي
معجبا بخلف بن حوشب، قال: قلت له: يا أبت: إنك لتعجب بهذا الرجل، فقال: يا بني!
إنه نشأ على طريقة حسنة فلم يزل عليها، قال: وكان تكنى أبا مرزوق: فقال له ربيع:
حولها، قال: فقال خلف: فاكنني، قال: أنت أبو عبد الرحمن.
(60) حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى عن الحسن قال: قال: الاسلام وما
الاسلام؟ قال: الاسلام السر والعلانية فيه سواء أن يسلم قلبك لله وأن يسلم منك كل
مسلم وكل ذي عهد.
(61) حدثنا حسين بن علي عن الحسن بن الحر قال بلغني: أن العمل في يوم القدر
كالعمل في ليلته.

(75 / 54) سورة التكوير الآية (4).
العشار: الانعام الأنثى التي وضعت خملها فهي حلوب.
(75 / 55) العرقة: طرة تنسج وتخاط على طرف الشقة والخشبة تعرض على الحائط بين اللبن وساقات البناء
معترضة وهو المقصود على الأرجح وهي أيضا النسعة التي يشد بها الأسير.
304

(62) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال: قال عيسى ابن مريم: لا تخبؤوا رزق
اليوم لغد فإن الذي أتاك به اليوم سيأتيك به غدا فإن قلت: وكيف يكون فانظر إلى الطير
لا تحرث ولا تزرع تغدو وتروح إلى رزق الله، فإن قلت وما يكفي الطير فانظر إلى حمر
وحش وبقر الوحش تغدو إلى رزق الله وتروح شباعا.
(63) حدثنا المحاربي عن مالك بن مغول قال حدثني أبو يعفور عن المسيب بن رافع
عن عبد الله بن مسعود قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون،
وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، ولبكائه إذا الناس يضحكون،
وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون
باكيا محزونا حليما حكيما سكيتا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون، قال أبو بكر ذكر
كلمة، لا صخابا ولا صياحا ولا حديدا.
(64) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرنا أبو سنان قال حدثنا عمرو بن مرة قال:
جاء أبو وائل يعود الربيع بن خيثم فقال: ما جئت إليك إلا لسمعت صوت الناعية، فقال:
الربيع: ما أنا إلا على شهر يكتب لي فيه خمسون ومائة صلاة.
(65) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا أبو جعفر الخطمي أن جده
عمير بن حبيب كان يقوم من الليل فيقول: الرحيل أيها الناس، سبقتم إلى الماء، الدلجة الدلجة،
من يسبق إلى الماء يظمأ، ومن يسبق إلى الشمس يضح، الرحيل الرحيل.
(66) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي أن عمير
ابن حبيب كان له مولى يعلم بنيه القرآن والكتاب، فجعل يذاكرهم النساء والدنيا، قال:
فقال له: يا زياد، لقد ظللت على بني قبة الشيطان، اكشطوها.
(67) حدثنا محمد بن أبي عبيد عن ابن عون قال: قال مسلم بن يسار: إذا حدثت
عن الله حديثا فأمسك فاعلم ما قلبه وما بعده.

(75 / 63) يعرف بليلة: أي بقيامه الليل في الصلاة والقراءة.
وبنهاره: صيامه النهار.
(75 / 64) أي أنه لم يكن يحب إظهار كثرة صلاته وعبادته لان خمسون ومائة صلاة كل شهر هي الفرائض
وحدها.
(75 / 66) اكشطوها: أزيلوا من أفكاركم ما حدثكم به من أمر الدنيا والنساء.
305

(68) حدثنا حسين بن علي عن سفيان عن عيينة عن عاصم قال: كان عامة كلام ابن
سيرين (سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده).
(69) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف
ابن عبد الله بن الشخير قال: من أصفى صفي له، ومن خلط خلط عليه.
(70) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال: أوصى رجل ابنه
فقال: يا بني! أظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه غني، وإياك وطلب الحاجات فإنه فقد
حاضر، وإياك وما يعتذر منه بالقول، وإذا صليت فصل صلاة مودع لا ترى أنك
تعود، وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس وغدا خيرا منك اليوم فافعل.
(71) حدثنا شاذان قال حدثنا مهدي بن ميمون عن يونس بن خباب قال: قال لي
مجاهد: ألا أنبئك بالأواب الحفيظ، قلت: بلى، قال: هو الذي يذكر ذنبه إذا خلا
فيستغفر الله منه.
(72) حدثنا الحسن قال سمعت زهيرا أبا خيثمة قال حدثنا أبو إسحاق الهمداني
قال: كان الحسن - يعني البصري - يشبه بأصحاب رسول الله (ص).
(73) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن حميد ويونس بن عبيد أنهما
قالا: قد رأينا الفقهاء فما رأينا منهم أحدا أجمع من الحسن.
(74) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا خالد بن رياح أن
أنس بن مالك سئل عن مسألة فقال: عليكم بمولانا الحسن فاسألوه، فقالوا: نسألك يا أبا
حمزة وتقول: سلوا مولانا الحسن، فقال: إنا سمعنا وسمع فنسينا وحفظ.
(75) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن موسى القارئ عن طلحة بن عبد
الله قال: كان زاذان يعلم بلا شئ.
(76) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا فرج بن فضالة عن أسد بن وداعة قال: كان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة قمح على مقلى ثم يقول: اللهم إن النار
قد منعتني النوم: ثم يقوم إلى الصلاة.
(77) حدثنا ابن نمير عن إسماعيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن عمرو بن

(75 / 75) أي لم يكن يأخذ أجرا على تعليمه الناس.
306

الخطاب قال: إن أجود الناس من جاد على من لا يرجوا ثوابه، وإن أحلم الناس من عفا
بعد القدرة، وإن أبخل الناس الذي يبخل بالسلام، وإن أعجز الناس الذي يعجز في دعاء
الله.
(78) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين: قال سمعت الحسن
يقول: إذا نام العبد في سجوده باهي الله به الملائكة يقول: انظروا عبدي يعبدني وروحه
عندي.
(79) حدثنا اسود بن عامر قال حدثنا ابن أبي السميط عن قتادة عن مطرف قال: لفضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وملاك دينكم الورع.
(80) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن رجل من النخع عن ابن مسعود قال: يود
أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض.
(81) حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال: لقد استخلف عثمان وما أزرهم إلا
البرود، وما أرديتهم إلا النمار، كان أحدهم يقول لصاحبه: نمرتي خير من نمرتك.
(82) حدثنا أبو أسامة عن جرير عن حميد بن هلال قال: قال لنا أبو قتادة
العدوي: عليكم بهذا الشيخ - يعني الحسن، فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب
منه.
(83) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال مطرف بن عبد الله:
ما كنت لأؤمن على دعاء أحد حتى أسمع ما يقول إلا الحسن.
(84) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: كان أبو برزة يتقهل،
وكان عائد بن عمرو المزني يلبس لباسا حسنا، قال: فأتى أحدهما رجل فقال: ألم تر إلى
أخيك يلبس كذا وكذا ويرغب عن لباسك، قال: ومن يستطيع أن يكون مثل فلان، من
فضل فلان كذا إن من فضل فلان كذا، إن من فضل فلان كذا، قال: وأتى الآخر
فقال مثل ذلك.

(75 / 80) لان المؤمن تغفر ذنوبه بما يلقى من الألم يحتسبه عند الله حتى يغفر له بالشوكة يشاكها كما ذكر
الرسول الكريم (ص).
(75 / 81) البرود والنمار: أردية من القماش القاسي الخشن.
307

(85) حدثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن
أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله (ص): (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين:
* (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) * وفاتحة سورة آل عمران * (آلم الله
لا إله إلا هو الحي القيوم) *).
(86) حدثنا وكيع قال حدثنا مالك بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن
النبي (ص) سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال: (لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي
به أجاب، وإذا سئل به أعطى).
(87) حدثنا وكيع عن أبي حزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال سمع النبي (ص) رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك، لا
شريك لك، المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام، فقال: (لقد سألت الله
باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب).
(88) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن ابن سابط أن
داعيا دعا في عهد النبي (ص) فقال: إني أسألك باسمك الذي لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم
بديع السماوات والأرض، وإذا أردت أمرا فإنما تقول له كن فيكون، فقال النبي (ص):
(كدت - أو كاد - أن تدعوا الله باسمه الأعظم).
(89) حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب قال: حدثنا الحسن بن
ثوبان عن هشام بن أبي رقية عن أبي الدرداء وابن عباس أنهما كان يقولان: اسم الله
الأكبر (رب رب).
(90) حدثنا محمد بن بشر عن مسعر عن عبد الملك بن عمير قال: قرأ رجل البقرة
وآل عمران، فقال كعب: لقد قرأ سورتين فيهما الاسم الذي إذا دعي به استجاب.
(91) حدثنا وكيع عن أبي هلال عن حبان الأعرج عن جابر بن زيد قال: اسم الله
الأعظم (الله).
(92) حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عمن سمع الشعبي يقول: اسم الله الأعظم
(الله) ثم قرأ أو قرأت عليه * (هو الله الخالق البارئ) * إلى آخرها.

(75 / 85) * (وإلهكم إله واحد) * سورة البقرة من الآية (163).
(75 / 92) سورة الحشر من الآية (24).
308

(93) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا أبو بكر عن ضمرة أن أبا ريحانة مر
بحمص وأهلها يقتسمونها بينهم، فسمع ضوضاء، فقال: اللهم لا تجعلها عليهم فتنة، فما
زال يرددها حتى لم يدر متى انقطع صوته.
(94) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا أبو بكر عن ضمرة أن أبا ريحانة كان
مرابطا بالجزيرة في ميافارقين، فاشترى رسنا من نبطي من أهلها بأفلس، فلما قفل وكانوا
بالرستن نزل عن دابته وقال لغلامه: هل قضيت النبطي أفلسه؟ قال: لا، قال: فاستخرج
نفقة من نفقته فدفعها إلى غلامه وقال لأصحابه: أحسنوا معونته على دوابه حتى أبلغ
أهلي، قالوا: يا أبا ريحانة وما تريد؟ قال: أريد أن آتي غريمي فأودي عني أمانتي، قال
فانطلق حتى أتى ميافارقين ثم أتى إلى أهله بعد ما قضى غريمه.
(95) حدثنا عفان قال حدثنا أبو الأشهب عن الحسن * (كلا بل لا يخافون
الآخرة) * قال: هذا الذي فضحهم.
(96) حدثنا عفان قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا مالك بن دينار قال:
سألت عكرمة، قلت: قول الله * (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض) * قال:
هم الزناة.
(97) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا يونس عن الحسن في قوله
تعالى: * (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) *
قال: علم الله من كل نفس ما هي عاملة وما هي صانع وإلى ما هي صائرة.
(98) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن مالك بن الحارث قال: قال عمر:
التؤدة في كل شئ خير إلا ما كان من أمر الآخرة.
(99) حدثنا معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن الحارث بن قيس قال: إذا كنت في
شئ من أمر الدنيا فتوخ، وإذا كنت في شئ من أمر الآخرة فامكث ما استطعت، وإذا
جاءك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك ترائي، فزد وأطل.

(75 / 94) ميا فارقين بلد في الجزيرة في أطراف سوريا.
الرستن: موضع معروف في سوريا أيضا.
(75 / 95) سورة المدثر الآية (53).
(75 / 96) سورة الأحزاب من الآية (60).
(75 / 97) سورة النجم الآية (32).
(75 / 99) توخ: انهه بسرعة.
309

(100) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن منذر عن الربيع بن خيثم أنه
جاءه سائل فقال: أطعموه سكرا، فقال أهله: ما يصنع هذا بالسكر؟ فقال: لكن أنا
أصنع به.
(101) حدثنا الفضل بن دكين عن جعفر بن برقان قال حدثني ميمون بن مهران
قال بلغني أن رجلا من بني ابن عمر استكساه إزارا قال: قد تخرق إزاري، قال: اقطعه ثم
أنكسه قال: فتكره ذلك الفتى فقال له ابن عمر: ويحك! أنظر لا تكون من القوم الذين
يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم وعلى ظهورهم.
(102) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا جعفر عن ميمون أن أبا الدرداء قال:
ويل للذي لا يعلم مرة وويل للذي يعلم ثم لا يعمل ست مرار.
(103) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا جعفر بن برقان قال حدثني أيوب بن
راشد عن وهب بن منبه قال: نجد في كتاب الله المنزل: أناس يدينون بغير العبادة،
يختلون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون لباس مسوك الضان، قلوبهم كقلوب الذباب،
ألسنتهم أحلى من العسل، وأنفسهم أمر من الصبر قال: أفبي يغترون، وإياي يخدعون،
أقسمت لأبعثن عليهم فتنة يعود الحليم فيها حيران.
(104) حدثنا الفضل بن دكين عن جعفر عن ميمون قال: لا يكون الرجل تقيا
حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكة حتى يعلم مأكله ومطعمه ومشربه وملبسه.
(105) حدثنا الفضل بن دكين عن عمر بن موسى الأنصاري عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبيه قال: كان أكثر الناس صلاة وكان لا يصوم إلا يوم عاشوراء.
(106) حدثنا الفضل بن دكين عن سلمة بن نبيط قال: قال: يا بني! قم فصل من
السحر فإن لم تستطع فلا تدع ركعتي الفجر.
(107) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا الأعمش عن يزيد بن حيان قال: إن
كان عنبس بن عقبة التيمي تيم الرباب ليسجد حتى أن العصافير ليقعن على ظهره وينزلن،
ما يحسبنه إلا جذم حائط.

(75 / 103) المسوك: رداء من صوف غليظ.
(75 / 105) لا يصوم إلا يوم عاشوراء أي صيام تطوع.
(75 / 107) أي أنه كان يطيل السجود.
310

(108) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه عن الربيع بن
خيثم في قوله تعالى: * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) * قال: من كل أمر ضاق على
الناس.
(109) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير * (أمن هو
قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة) * قال: يحذر عذاب الآخرة.
(110) حدثنا بن يمان عن سفيان عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير
أو الحسن في قوله تعالى: * (لا يحزنهم الفزع الأكبر) * قال: إذا أطبقت النار عليهم.
(111) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن أبي بكر الزبيدي عن أبيه قال: ما رأيت
حيا أكثر جلوسا في المساجد من الثوريين والعرنيين.
(112) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال: قال الحسن: يا ابن آدم تبصر القذى
في عين أخيك وتدع الجذل معترضا في عينك.
(113) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: كانوا يقولون: إن لسان
الحكيم من وراء قلبه، فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه، فإن كان له قال: وإن كان عليه
أمسك، وإن الجاهل قلبه في طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه، ما أتى على الانسان تكلم به.
(114) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: قال أبو الدرداء: من يتبع
نفسه كل ما يرى في الناس يطل حزنه ولا يشف غيظه.
(115) حدثنا أبو أسامة عن أبي سفيان عن أبي حمزة قال: قلت لإبراهيم: إن فرقد
السبخي لا يأكل اللحم ولا يأكل كذا، فقال: كان أصحاب محمد (ص) خيرا منه كانوا
يأكلون اللحم والسمن وكذا وكذا.
(116) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: يا ابن آدم! إنك لن
تؤاخذ إلا بما ركبت على عمد.

(75 / 108) سورة الطلاق من الآية (2).
(75 / 109) سورة الزمر من الآية (9).
(75 / 110) سورة الأنبياء من الآية (103).
311

(117) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: كان أهل قرية أوسع الله
عليهم حتى كانوا يستنجون بالخبز، فبعث الله عليهم الجوع حتى أنهم كانوا يأكلون ما
يقعدون به.
(118) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: كان رجل يكثر غشيان
باب عمر، قال: فقال له عمر: اذهب فتعلم كتاب الله تعالى، قال: فذهب الرجل ففقده
عمر، ثم لقيه فكأنه عاتبه فقال: وجدت في كتاب الله ما أغناني عن باب عمر.
(119) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن قال: لا يزال العبد بخير ما لم يصب كبيرة تفسد عليه قلبه وعقله، قال: وقال الحسن: الايمان الايمان فإنه من كان مؤمنا فإن له عند الله شفعاء مشفعين.
(120) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب عن الحسن فال: من قال قولا حسنا
وعمل عملا حسنا فخذوا عنه، ومن قال قولا حسنا وعمل عملا سيئا فلا تأخذوا عنه.
(121) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال: قال الحسن: إن من النفاق اختلاف
اللسان والقلب، واختلاف السر والعلانية، واختلاف الدخول والخروج.
(122) حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال قال حدثنا حفص الضبي قال: قال
عبد الله بن أبي مليكة: قال عمر: يا كعب! حدثنا عن الموت! قال: نعم يا أمير المؤمنين!
غصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد
الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى.
(123) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: بلغني
أن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة: يا بني آدم! إنا قد أنصتنا لكم منذ خلقتكم إلى
يومكم هذا، فأنصتوا لنا تقرأ أعمالكم عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد
شرا فلا يلومن إلا نفسه، فإنما هي أعمالكم نردها عليكم.
(124) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا أبو بكر عن ضمرة أن أبا ريحانة استأذن
صاحب مسلحته أن يأتي أهله فقال: يا أبا ريحانة! كم تريد أن أؤجلك، قال: ليلة، فلما
قدم أتي المسجد فلم يزل يصلي حتى أصبح ثم دعا بدابته متوجها إلى مسلحته فقالوا: يا أبا

(75 / 117) أي أنهم أكلوا ما سبق أن استنجوا به.
312

ريحانة! أما استأذنت إلى أهلك؟ فقال: إنما أجلني أميري ليلة، فلا أكذب ولا أخلف،
قال: فانصرف إلى مسلحته ولم يأت أهله، وكان منزل أبي ريحانة بيت المقدس.
(125) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن كثير أن
عبد الله بن سلام صك غلاما له صكة، فجعل يبكي ويقول: اقتص مني، ويقول الغلام:
لا أقتص منك يا سيدي، قال ابن سلام: كل ذنب يغفره الله إلا صكة الوجه.
(126) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن
مطرف عن كعب قال: ما من عبد إلا في رأسه حكمة، فإن تواضع رفعه الله، وإن تكبر
وضعه الله.
(127) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن الحسن في قول الله تعالى: * (من يعمل سوءا
يجز به) * قال: قال الحسن: ذاك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد الله كرامته فإنه
يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة * (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) *.
(128) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا أبو صالح العقيلي
قال: كان أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه.
(129) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن سعيد الجريري قال:
كان أبو العلاء يقرأ في المصحف، فكان مطرف يقول له أحيانا: أغن عنا مصحفك سائر
اليوم.
(130) حدثنا أبو الأحوص عن هارون بن عنترة عن أبي قال: سألت ابن عباس:
أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر، قال: ومن أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه.
(131) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي الحسين قال: قال
رسول الله (ص): (ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ من عفا عمن
ظلمه وأعطي من حرمه ووصل من قطعه، ومن أحب أن ينسأ له في عمره ويزاد له في
ماله فليتق الله ربه وليصل رحمه).

(75 / 125) صكه: لطمه على وجهه.
(75 / 127) * (ومن يعمل سوءا) * سورة النساء من الآية (123).
* (وعد الصدق) * سورة الأحقاف من الآية (16).
313

(132) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء
* (يوم هم على النار يفتنون) * قال: يعذبون.
(133) حدثنا أبو خالد الأحمر عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك عن أبي
الجوزاء * (ويخافون سوء الحساب) * قال: المناقشة في الاعمال.
(134) حدثنا عفان قال حدثنا سعيد بن زيد قال حدثنا عمرو بن مالك قال:
سمعت أبا الجوزاء يقول: نقل الحجارة أهون على المنافق من قراءة القرآن، وقال سعيد:
أخف على المنافق.
(135) حدثنا عفان قال حدثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك قال: سمعت أبا الجوزاء يقول في هذه الآية: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من
رزق وما أريد أن يطعمون) * قال: أنا أرزقهم وأنا أطعمهم، ما خلقتهم إلا ليعبدون.
(136) حدثنا عفان قال حدثنا سعيد بن زيد قال حدثنا عمرو بن مالك قال:
سمعت أبا الجوزاء يقول: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * السلم كيف يسمن من يأكل
الشوك.
(137) حدثنا حسين بن علي عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال: غزا أبو
أيوب المدينة، قال: قلت: القسطنطينية؟ قال: نعم، قال: فمر بقاص يقص وهو يقول:
إذا عمل العبد العمل في صدر النهار عرض على أهل معارفة من أهل الآخرة من آخر
النهار، وإذا عمل العمل في آخر النهار عرض على أهل معارفه من أهل الآخرة في صدر
النهار، قال: فقال أبو أيوب: انظر ما يقول؟ قال: فقال: والله إنه لكما أقول، قال: فقال
أبو أيوب: اللهم إني أعوذ بك أن تفضحني عند عبادة بن الصامت وسعيد بن عبادة بما
عملت بعدهما، قال: فقال القاص: والله لا يكتب الله ولايته لعبد إلا ستر عوراته وأثنى
عليه بأحسن عمله.

(75 / 132) سورة الذاريات من الآية (13).
(75 / 133) سورة الرعد من الآية (21).
(75 / 135) سورة الذاريات الآيتان (56 - 57).
(75 / 136) سورة الغاشية الآية (6).
314

(138) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا همام عن قتادة عن مسلم بن يسار قال:
واديان عريضان لا يدرك غورهما سلك الناس فيهما فاعمل عملا تعلم أنه لا ينجيك إلا
عمل صالح، وتوكل توكل رجل تعلم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك.
(139) حدثنا غندر عن شعبة قال: سمعت أبا معشر الذي يروي عن إبراهيم
يحدث عن إبراهيم قال: ما من قرية إلا وفيها من يدفع عن أهلها به، وإني لأرجو ا أن
يكون أبو وائل منهم.
(140) حدثنا إسحاق بن منصور الأسدي عن عقبة بن إسحاق عن أبي شراعة عن
يحيى بن الخيار * (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا) * قال: كضيق الزج في الرمح.
(141) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي قال حدثنا ثابت بن زيد عن عاصم عن أبي
قلابة قال: قال مسلم بن يسار: لو كنت بين ملك تطلب حاجة لسرك أن تخشع له.
(142) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن
العلاء بن زياد العدوي قال: رأيت في النوم كأني أرى عجوزا عورا كبيرة العين والأخرى
قد كادت أن تذهب عليها من الزبرجد والحلية شئ عجب، فقلت: ما أنت؟ قالت: أنا
الدنيا، فقلت: أعوذ بالله من شرك، قالت: فإن سرك أن يعيذك الله من شري فأبغض
الدرهم.
(143) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن عمرو بن دينار قال: كان جابر بن زيد
مسلما عند الدراهم.
(144) حدثنا ابن نمير عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن عبد ربه عن ابن عياض
* (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) * قال: في كل عام مرتين.
(145) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن سعد بن معبد قال: حدثتني
أسماء ابنة عميس أن جعفرا جاءها إذ هم بالحبشة وهو يبكي، فقالت: ما شأنك؟ قال:
رأيت فتى مترفا من الحبشة جسيما مر على امرأة فطرح دقيقا كان معها، فنسفته الريح،
قالت: أكللت إلى يوم يجلس الملك على الكرسي فيأخذ للمظلوم من الظالم.

(75 / 140) سورة الفرقان من الآية (13).
(75 / 141) أي يجب أن يكون خشوعك لله أعظم من خشوعك أمام الملك بكثير.
(75 / 144) سورة الكهف من الآية (18).
(75 / 145) أي ذكره ذلك بما سيكون موقفه يوم الحساب.
315

(146) حدثنا أبو أسامة عن محمد بن طلحة عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن عبد
الرحمن بن الأسود قال: إني أشم الريحان أذكر به الجنة.
(147) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول قال: قال رجل للشعبي: أفتنا
أيها العالم! قال: العالم من يخاف الله.
(148) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس قال: كانوا يكرهون أن يعطي
الرجل صبيه شيئا فيخرجه فيراه المسكين فيبكي على أهله ويراه اليتيم فيبكي على أهله.
(149) حدثنا ابن يمان عن سفيان قال: لا يفقه عبد حتى يعد البلاء نعمة والرخاء
مصيبة.
(150) حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان قال: كان يعجبهم أن يفرحوا أنفسهم.
(151) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن
دينار يقول: قلب ليس فيه حزن مثل بيت خرب.
(152) حدثنا زيد بن حباب قال حدثنا عبد الله بن سميط عن بديل بن ميسرة
العقيلي أو مطر الوراق أنه قال: من عرف ربه أحبه، ومن أبصر الدنيا زهد فيها، ولا
يغفل المؤمن حتى يلهو، فإذا تكفر حزن.
(153) حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سفيان عن أبي حصين قال: مثل
الذي يسلب ويكسو الأرملة مثل الذي يكسبه من غير حله وينفقه في غير حله.
(154) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس قال: إن الله ليأمر في أهل
الأرض بالعذاب فتقول الملائكة: يا رب فيهم الصبيان.
(155) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال: كان يقال: ما أكثر
أحد ذكر الموت إلا رؤي ذلك في عمله.

(75 / 148) أي يطلب المسكين واليتيم مثل ذلك من أهله ولا يملكون أن يعطوه.
(75 / 149) لان باحتساب البلاء غفران الذنوب وبرخاء النعمة امتحان شديد.
(5 / 155) ويرى ذلك في عمله بكثرة صلاته وانقطاعه عن الدنيا واهتمامه بأمر الآخرة.
316

(156) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال ثابت يقول اللهم إن كنت
أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري.
(157) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا حميد قال: كنا نأتي أنسا
ومعنا ثابت، فكلما مر بمسجد صلى فيه، فكنا نأتي أنسا فيقول: أين ثابت أين ثابت أين
ثابت، إن ثابتا دويبة أحبها.
(158) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن أبيه قال: قال أنس: ولم يقل
شهدته: إن لكل شئ مفتاحا، وإن ثابتا من مفاتيح الخير.
(159) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: أصابت بني
إسرائيل مجاعة، فمر رجل على رجل فقال: وددت أن هذا الرمل دقيق لي فأطعمه بني
إسرائيل، قال: فأعطي على نيته.
(160) حدثنا وكيع عن المسعودي عن سعيد بن أبي بردة قال: كان يقال: الحكمة
ضالة المؤمن يأخذها إذا وجدها.
(161) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج قال: * (اقترب للناس حسابهم) *
قال: ما يوعدون.
(162) حدثنا أبو خالد الأحمر عن سفيان قال: الزهد في الدنيا قصر الامل، وليس
يلبس الصوف وذكر أن الأوزاعي كان يقول: الزهد في الدنيا ترك المحمدة، يقول:
تعمل العمل لا تريد أن يحمدك الناس عليه، وذكر أن الزهري كان يقول: الزهد في
الدنيا ما لم يغلب الحرام صبرك، وما لم يغلب الحلال شكرك،.
(163) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: كان ينبغي للعالم أن
يضع التراب على رأسه تواضعا لله.

(75 / 161) سورة الأنبياء من الآية (1).
(75 / 162) ترك المحمدة: ترك طلب حمد الناس ورضاهم وثناءهم.
317

(164) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال: عندي من الرخص
رخص لو حدثتكم بها لاتكلتم.
(165) حدثنا إسحاق بن منصور عن سليمان عن ثابت قال: كان رجال من بني
عدي قد أدركت بعضهم إن كان أحدهم ليصلي حتى ما أتى فراشه إلا حبوا.
(166) حدثنا إسحاق بن منصور عن سليمان عن أبي سنان عن عبد الله بن مالك
قال: إن الله في الأرض [أتته] لا يقبل منها إلا الصلب الرقيق الصافي، قال: الصلب في
طاعة الله، الرقيق عند ذكر الله، الصافي النقي من الدرن.
(167) حدثنا إسحاق بن منصور عن محمد بن مسلم عن عثمان بن عبد الله بن أوس
قال: كان النبي من الأنبياء يقول: اللهم احفظني بما تحفظ به الصبي، قال: فأبكاني.
(168) حدثنا سعيد بن شرحبيل قال أخبرنا ليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن
أبي أيوب قال: من أراد أن يعظم حلمه ويكثر علمه فليجلس في غير مجلس عشيرته.
(169) حدثنا وكيع عن أبي صالح عن الأعمش قال: إن كنا لنحضر الجنازة،
فما ندري من نعزي من وجد القوم.
(170) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أشرس أبو شيبان قال حدثنا ثابت البناني
قال: لقد كنا نتبع الجنازة فما نرى حول السرير إلا متقنعا باكيا أو متفكرا كأنما على
رؤوسهم الطير.
(171) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي قلابة قال: التقى رجلان في السوق فقال أحدهما لصاحبه: يا أخي! تعال ندعوا الله ونستغفره في غفلة الناس لعله يغفر لنا، ففعلا،

(75 / 165) أي كان أحدهم يستمر في الصلاة حتى لا يعود قادرا على الوقوف.
(75 / 166) [اتته] كذا في الأصل وهي غير واضحة المعنى.
الصافي النقي من الدرن: أي العمل الخالص لله وحده.
(الدرن): القذر.
(75 / 167) أي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
(75 / 168) أي في غير المجلس الذي يكرمونه فيه ويجلونه.
(75 / 169) لان الحزن كان يعم الجميع فلا يعرف أهل الميت من سواهم.
318

فقضى لأحدهما أنه مات قبل صاحبه، فأتاه في المنام فقال: يا أخي! أشعرت أن الله غفر
لنا عشية التقينا في السوق.
(172) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي زينب قال: من أتى السوق لا يأتيها إلا
ليذكر الله فيها غفر له بعدد من فيها (173) حدثنا معاذ بن معقل عن مالك بن دينار قال: أبكاني الحجاج في مسجد كم هذا وهو يخطب فسمعته يقول: امرؤ زود نفسه، امرؤ وعظ نفسه، امرؤ لم يأتمن نفسه
على نفسه، امرؤ أخذ من نفسه لنفسه، امرؤ كان للسانه وقلبه زاجر من الله تعالى،
فأبكاني.
(174) حدثنا وكيع عن أبيه عن رجل من أهل الشام يكنى أبا عبد الله قال: أتيت
طاوسا فاستأذنت عليه فخرج إلى شيخ كبير ظننت أنه طاوس، قلت: أنت طاوس قال:
لا، أنا ابنه، قلت: لئن كنت ابنه فقد خرف أبوك، قال: يقول هو: إن العالم لا يخرف،
قال: قلت: استأذن لي على أبيك قال: فاستأذن لي، فدخلت عليه فقال الشيخ: سل
وأوجز، فقلت: إن أوجزت لي أوجزت لك، فقال: لا تسأل، أنا أعلمك في مجلسك هذا
القرآن والتوراة والإنجيل: خف الله مخافة حتى لا يكون أحد أخوف عندك منه، وارجأ
رجاء هو أشد من خوفك إياه، وأحب للناس ما تحب لنفسك.
(175) حدثنا أبو داود الطياليسي عن أبي حرة قال: كان الحسن يحب المداومة في
العمل، قال: وقال محمد: أرأيت إن نشط ليلة وكسل ليلة، فلن ير به بأسا.
(176) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير عن ابن أبي رواد قال حدثني أبو سعيد عن
زيد بن أرقم قال: ا عبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، واحسب نفسك
في الموتى، واتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة.
(177) حدثنا يونس بن محمد عن حماد بن بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي مسلم
الخولاني قال: العلماء ثلاثة: رجل عاش بعلمه وعاش به الناس معه، ورجل عاش بعلمه ولم
يعش به أحد غيره، ورجل عاش الناس بعلمه وأهلك نفسه.
(178) حدثنا عفان قال حدثنا زريط بن أبي زريط قال: سمعت الحسن يقول: يا
ابن آدم! ضع قدمك على أرضك واعلم أنها بعد قليل قبرك.
319

(179) حدثنا عفان قال حدثنا زريط بن أبي زريط قال: سمعت الحسن وهو يقول:
يا ابن آدم! إنك ناظر إلى عملك فزد خيره وشره، ولا تحقر شيئا من الخير وإن هو
صغر، فإنك إذا رأيت سرك مكانه، ولا تحقر شيئا من الشر فإنك إذا رأيته ساءك
مكانه، رحم الله عبدا كسب طيبا وأتفق قصدا ووجه فضلا، وجهوا هذه الفضول حيث
وجهها الله، وضعوها حيث أمر الله بها أن توضع، فإن من قبلكم كانوا يشترون أنفسهم
بالفضل من الله، وأن هذا الموت قد أضر بالدنيا ففضحها، فوالله ما وجد بعد ذو لب
فرحا.
(180) حدثنا أبو داود عن سفيان عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل عن أبي
العبيدين قال: إن ضنوا عليك بالمفلطحة فخذ رغيفك ورد نهرك وأمسك عليك دينك.
(181) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن أبي حازم عن المنهال قال: قال علي: حرام على كل نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم إلى أين مصيرها.
(182) حدثنا عفان قال حدثنا مبارك قال حدثنا بكر عن عدي بن أرطاة عن
رجل كان من صدر هذه الأمة قال: كانوا إذا أثنوا عليه فسمع ذلك قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون.
(183) حدثنا عفان ثال حدثنا مبارك عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن منذر
الثوري عن محمد بن علي ابن الحنيفة قال: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف، ومن لم يجد
بدا يجعل الله له فرجا ومخرجا.
(184) حدثنا عفان حدثنا بشر بن مفضل قال حدثنا عمارة بن غزية عن عاصم بن
عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله (ص): (إن الله إذا أحب عبدا
حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء).
(185) حدثنا عباد عن شعبة عن حصين عن هلال بن يساف قال: ليس بأس
للمؤمن من أن يخلوا وحده.

(75 / 179) وكيف يفرح العاقل وهو يعلم أنه بعد قليل مغادر ما هو فيه لا يقدر أن يمتنع عن داعي الموت ولا
في حصون مشيدة.
(75 / 180) أي خذ رغيفك واذهب إلى النهر فكل الخبز واشرب الماء.
المفلطحة: الرقاقة التي بسطت، وعن ابن الأعرابي: رغيف مفلطح أي واسع.
(75 / 182) من صدر هذه الأمة: من كبار رجالاتها ذوي المكانة فيها.
320

(186) حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول قال: قال عبد الله: الدنيا دار من
لا دار له، ومال من لا مال له، ولا يعمل من لا عقل له.
(187) حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن سعيد الجعفي قال: قال عيسى ابن
مريم، بيتي المسجد، وطيبي الماء، وإدامي الجوع، وشعاري الخوف، ودابتي رجلاي،
ومصطلاي في الشتاء مشارق الصيف، وسراجي بالليل القمر، وجلسائي ألزمني والمساكين،
وأمسي وليس لي شئ، وأصبح وليس لي شئ، وأنا بخير، فمن أغنى مني؟.
(188) حدثنا هشيم عن إسماعيل عن حبيب بن أبي ثابت أن ناسا من أصحاب النبي
(ص) قالوا: يا رسول الله! إنا نعمل أعمالا في السر فنسمع الناس يتحدثون بها فيعجبنا أن
نذكر بخير فقال: (لكم أجران: أجر السر وأجر العلانية).
(189) حدثنا هشيم قال أخبرنا يونس بن عبيد قال: حدثنا الحسن أن رجلين من
أصحاب رسول الله (ص) مات أحدهما قبل صاحبه بجمعة ففضلوا الذي مات وكان في
أنفسهم أفضل من الآخر، فذكر ذلك لرسول الله (ص) فقال: (أليس بقي الآخر بعد
الأول جمعة، صلى كذا وكذا صلاة)، قال: فكأنه فضل الباقي.
(190) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال حدثنا محمد بن خالد الضبي عن شيخ عن أبي الدرداء أنه قال: تعوذوا بالله من خشوع النفاق، قال: قيل: يا أبا الدرداء! وما
خشوع النفاق؟ قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.
(191) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا حسن عن أبيه عن زيد العمي
قال: لما قيل لداود: قد غفر لك، قال: فكيف لي بالرجل، قال: قيل له: نستوهبك منه
فيهبك لنا، فإنها لترجى في الدين.
(192) حدثنا عفان قال حدثنا أبان بن يزيد العطار قال حدثنا قتادة: قال حدثه
أبو العالية الرياحي عن حديث سهل بن حنظلة العبشمي أنه قال: ما اجتمع قوم يذكرون
الله إلا نادى مناد من السماء: قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات.
(193) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن

(75 / 186) ولا عقل لأنه يعمل لمنقطع ذاهب غير باق ولا دائم.
(75 / 191) والأرجح أن المقصود بالرجل هنا أوريا الحشي الذي كان قائد جنده فرأى امرأته إلخ.. ثم أرسله
وتركه يموت قرب باب العدو ثم تزوج امرأته وكان له منها سليمان وهذه الرواية إسرائيلية.
321

عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان يقال: العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبه، فإذا أصاب
منه شيئا حواه.
(194) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد أن
أصحاب النبي (ص) ظهر فيهم المزاح والضحك، فأنزل الله تعالى: * (ألم يأن للذين آمنوا
أن تخشع قلوبهم لذكر الله) * إلى آخر الآية.
(195) حدثنا محمد بن عبد الله قال حدثنا ابن أبي رواد أن قوما صحبوا عمر بن
عبد العزيز فقال: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وإياي والمزاح، فإنه يجر القبيح
ويورث الضغينة، وتجالسوا بالقرآن وتحدثوا، فإن ثقل عليكم فحديث من حديث
الرجال، فسيروا باسم الله.
(196) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة
أنها كتبت إلى معاوية: أوصيك بتقوى الله فإنك إن اتقيت الله كفاك الناس فإن اتقيت
الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا، فعليك بتقوى الله أما بعد.
(197) حدثنا عبد الأعلى عن يونس عن الحسن عن عبد الله بن عمر قال: ما تجرع
عبد جرعة أفضل عند الله أجرا من جرعة كظمها لله ابتغاء وجه الله.
(198) حدثنا عبد الأعلى عن برد عن سليمان بن موسى قال: لا تعلم للرياء، ولا
تفقه للرياء، ولا تكونن ضحاكا من غير عجب ولا مشاء في غير أدب.
(199) حدثنا الفضل بن دكين عن صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة قال: صحبت
ابن عباس من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة، فكان إذا نزل منزلا قام شطر الليل
فأكثر في ذلك النشيج، قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب البكاء، ويقرأ * (وجاءت سكرة
الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) *.
(200) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن
خيثمة قال: كان عيسى بن مريم ويحيى ابني خالة، وكان عيسى يلبس الصوف، وكان
يحيى يلبس الوبر، ولم يكن لواحد منهما دينار ولا درهم ولا عبد ولا أمة ولا مأوى
يأويان إليه، أينما جنهما الليل أويا، فلما أرادا أن يفترقا قال له يحيى: أوصني، قال لا
تغضب، قال لا أستطيع إلا أن أغضب، قال: لا تقتن مالا، قال: أما هذا فعسى.

(75 / 194) سورة الحديد من الآية (16).
(75 / 199) سورة (ق) الآية (19).
322

(201) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا أبو هلال عن قتادة في قول الله تعالى:
* (وكأس من معين) * قال: كأس من خمر جارية.
(202) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا سعيد بن زيد قال حدثنا سعيد بن أياس
الجريري قال حدثنا أبو العلاء أن رجلا من أصحاب النبي (ص) أدركته الوفاة فجعل
يقول: والهفاه والهفاه! فقيل له: تلهف، فقال: أني سألت رسول الله (ص) قلت: ما
يكفيني من الدنيا؟ قال: (خادم ومركب)، فلا أنا سكت فلم أسأله ولا أنا حين سألته
انتهيت إلى قوله، وأصبت من الدنيا وفي يدي ما في يدي وجاءني الموت.
(203) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن ليث عن مجاهد قال: آية
أنزلت في هذه الآية * (أؤنبئكم بخير من ذلكم) * قال عمر: الآن يا رب!.
(204) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد قال
حدثنا عثمان الشحام قال حدثنا محمد بن واسع قال: قدمت من مكة فإذا على الخندق
قنطرة، فأخذت فانطلق بي إلى مروان بن المهلب وهو أمير على البصرة، فرحب بي وقال:
حاجتك يا أبا عبد الله، قلت: حاجتي إن استطعت أن تكون كما قال أخو بني عدي،
قال: ومن أخو بني عدي؟ العلاء بن زياد، قال: استعمل صديق له مرة على عمل فكتب
إليه: أما بعد! فإن استطعت أن لا تبيت إلا وظهرك خفيف، وبطنك خميص، وكفك
نقية من دماء المسلمين وأموالهم، فإنك إن فعلت ذلك لم يكن عليك سبيل، * (إنما
السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض) * الآية قال مروان: صدق والله
ونصح، ثم قال: حاجتك يا أبا عبد الله، قلت: حاجتي أن تلحقني بأهلي، قال: فقال:
نعم.
(205) حدثنا وكيع عن أبي اليسع عن علقمة بن مرثد عن ابن سابط قال: إن في الجنة لشجرة لم يخلق الله من صوت حسن إلا وهو في جذمها تلذذهم وتنعمهم.
(206) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن أن ثلاثة
علماء اجتمعوا فقالوا لأحدهم: ما أملك؟ قال: لما يأتي علي شهر إلا ظننت أني أموت

(75 / 201) سورة الواقعة الآية (18).
(75 / 203) سورة آل عمران من الآية (15).
(75 / 204) بطنك خميص: فارغ جائع.
سورة الشورى من الآية (42).
323

فيه، قالوا: إن هذا الامل، فقالوا للآخر: ما أملك؟ قال: ما تأتي علي جمعة إلا ظننت أني
أموت فيها، قالوا للثالث. وما أملك؟ قال: وما أمل من نفسه بيد غيره.
(207) حدثنا عفان قال حدثنا بشر بن مفضل عن يونس عن الحسن قال: كان
يضرب مثل ابن آدم مثل رجل حضرته الوفاة، فحضر أهله وعمله فقال لأهله: امنعوني،
قالوا: إنما نمنعك من أمر الدنيا، فأما هذا فلا نستطيع أن نمنعك منه، فقال لما له: أنت
تمنعني، قال: إني كنت زينا زينت في الدنيا، أما هذا فلا أستطيع أن أمنعك منه، قال:
فوثب عمله فقال: أنا صاحبك الذي أدخل معك قبرك وأزول معك حيثما زلت، قال:
أما والله لو شعرت لكنت آثر الثلاثة عندي، قال: قال الحسن: فالآن فأثروه على ما
سواه.
(208) حدثنا حفص عن أشعث عن كردوسي الثعلبي قال: مكتوب في التوراة: اتق
توقه، إنما التوقي بالتقوى، ارحموا ترحموا، توبوا يتب عليكم.
(209) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الجريري عن أبي نضرة أن رجلا دخل
الجنة فرأى مملوكة فوقه مثل الكوكب، فقال: والله يا رب إن هذا مملوكي في الدنيا، فما
أنزله هذه المنزلة؟ قال: كان هذا أحسن عملا منك.
(210) حدثنا سفيان بن عيينة عن مالك بن مغول عن أبي حصين قال: لو رأيت
الذي رأيت لاحترقت كبدك عليهم، وقال إبراهيم: إن كان الليل ليطول علي حتى أصبح
وأراه.
(211) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو موسى التميمي قال: توفيت النوار
امرأة الفرزدق، فخرج في جنازتها وجوه أهل البصرة، وخرج فيها الحسن، فقال الحسن
للفرزدق: ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين
سنة، قال: فلما دفنت قام على قبرها فقال:
أخاف وراء القبر أن لم يعافني * أشد من القبر التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد * عنيف وسواق يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى * إلى النار مغلول القلادة أزرقا
تم كتاب الزهد والحمد لله رب العالمين

(75 / 210) أي كان يقضي الليل كله حتى طلوع النهار في صلاة.
324

بسم الله الرحمن الرحيم
37 كتاب الأوائل
(1) باب أول ما فعل ومن فعله
(1) قرأت على مسلمة بن القاسم حدثكم محمد بن أحمد بن الجهم المعروف با بن الوراق
المالكي ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وعشرين وثلاثمائة قال: قرئ على أبي أحمد
محمد بن عبدوس بن كامل السراج وأما أسمع منه سنة تسعين قال: حدثنا أبو بكر عبد الله
ابن محمد بن أبي شيبة الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه ومالك بن مغول عن
الحكم قال: كان أول من قضى بالكوفة ها هنا سليمان بن ربيعة الباهلي، جلس أربعين يوما
لا يأتيه خصم.
(2) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين قال: أول من أخرج المنبر في العيدين
بشر بن مروان، وأول من أذن في العيدين زياد.
(3) حدثنا جرير عن مغيرة الشعبي قال أول من خطب جالسا معاوية حين كبر
وكثر شحمة وعظم بطنه.
(4) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن عثمان بن يسار عن تميم بن خدلم قال:
أول ما سلم على أمير بالكوفة بالامرة، قال: خرج المغيرة بن شعبة من القصر فعرض له
رجل من كندة فسلم عليه بالامرة، فقال: ما هذا؟ ما أنا إلا رجل منهم، فتركت زمانا ثم
أقرها بعد.
(5) حدثنا عيسى بن يونس عن ربيعة بن عثمان التيمي عن سعد بن إبراهيم عن أبيه
قال: أول من خطب على المنابر إبراهيم خليل الله عز وجل.

(1 / 1) أول من قضى: أول من تولى القضاء.
جلس: قعد في مجلس القضاء.
(1 / 4) أي سلم عليه بقوله: (السلام على الأمير) بدل قوله: (السلام عليك يا فلان).
325

(6) حدثنا ابن نمير نا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: إن إبراهيم أول الناس
أضاف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قلم أظفاره وجز شاربه واستحد.
(7) حدثنا ابن نمير عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أن إبراهيم أول من رأى
الشيب فقال: يا رب! ما هذا؟ قال: الوقار، قال: اللهم زدني وقارا.
(8) حدثنا ابن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (عرضت علي النار فرأيت فيها عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف
يجر قصبه في النار، وهو أول من غير عهد إبراهيم عليه السلام وسيب السوائب).
(9) حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن الحسن بن مسلم قال: أول من أحدث
التسليم بمكة عبد الرحمن بن أبزى.
(10) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: أول من نقص التكبير زياد.
(11) حدثنا قبيصة عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خالد بن عرفطة
قال: أول ما رأيت اختلاف أصحاب محمد حين أهل عثمان بحجة وأهل علي بحجة وعمرة.
(12) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال: أول من اتخذ
المنبر، وخطب جالسا وأذن قدامة في العيد زياد.
(13) حدثنا يحيى بن آدم عن حسين بن صالح عن مجالد قال: أول من أخذ من
السوق أجرا زياد.
(14) حدثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق عن رجل عن عبد الرحمن بن كعب بن

(1 / 6) استحد: قص أو حلق شعر عانته.
(1 / 8) قصبة: إمعاءه.
السوائب: هي النوق تترك إذا نتجت عشر مرات ويكون لبنها للأنصاب أي لكهنة هذه الأنصاب
وليس لصاحبها أو لاحد من الناس أن يحتبيها في معاطن إبله بل تسير حيث شاءت لا مالك لها.
(1 / 11) وقد أخذ عثمان هنا بنهي عمر رضي الله عنه عن متعة الحج وهي أن يقصد الحاج مكة قبل موسم
الحج فيحرم للعمرة ثم يحل ويقعد منتظرا حتى يحل أوان الحج فيحرم للحج إحراما جديدا وقد
نهى عنه عمر رضي الله عنه لما رأى كثرة فعل الناس لذلك حتى صارت مضاربهم متقاربة يسمع
الواحد منهم ما يجري في الخيمة المجاورة بالإضافة لإهمالهم العمل لفترة طويلة تتعطل فيه أمور
الناس.
(1 / 13) أي أخذ من التجار أجر مكان وضع تجارتهم وبضاعتهم.
326

مالك قال: كنت قائد أبي حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت معه إلى الجمعة فسمع
التأذين استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة ودعا له، فقلت له: يا أبت! ما شأنك إذا
سمعت التأذين يوم الجمعة استغفرت لأبي أمامة ودعوت له وصليت عليه؟ قال: أي بني،
إنه كان أول من جمع بنا قبل قدوم رسول الله (ص) في بقيع الخضمات في هزم بني بياضة،
قال: وكم كنتم يومئذ؟ قال: كنا أربعين رجلا.
(15) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن محمد قال: أول ما سمعت في الجنازة
(استغفروا له غفر الله لكم) في جنازة سعد بن أوس.
(16) حدثنا أبو أسامة عن أبي العميس عن المغيرة بن حكيم قال: أول من سن
الصداق أربعمائة دينار عمر بن عبد العزيز.
(17) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن
شهاب أن أم أيمن أمرت بالنعش للنساء.
(18) حدثنا أبو أسامة قال حدثني سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب
قال: قدمت أم أيمن من الحبشة وهي أمرت بالنعش للنساء.
(19) حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن عبد خير قال: سمعت عليا يقول:
رحمة الله على أبي بكر، كان أول من جمع بين اللوحين.
(20) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير قال: سمعت عليا
يقول: رحمة الله على أبي بكر، وهو أول من جمع بين اللوحين.
(21) حدثنا وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق ابن شهاب قال: أول من
بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان.
(22) حدثنا غندر عن شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:
أول من جهر أو أول من أعلن التسليم في الصلاة عمر بن الخطاب.

(1 / 16) وهذا حين كثرت الأموال.
(1 / 20) اللوحين: اللوح الذي يحمل عليه الميت واللوح الذي يستره من الأعلى.
327

(23) حدثنا وكيع حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن ابن المسيب قال: أول من
أحدث الأذان في العيدين معاوية.
(24) حدثنا وكيع حدثنا أبي عاصم بن سليمان عن أبي قلابة قال: أول من أحدث
الأذان في العيدين ابن الزبير.
(25) حدثنا غندر عن أبي عاصم بن سليمان عن أبي شعبة عن سعد بن إبراهيم قال:
سمعت أبا أمامة قال: أول من صلى الضحى ذو الزوائد رجل كان يجئ إلى السوق في
الحوائج فيصلي.
(26) حدثنا جرير عن ليث عن الحكم قال: أول من جعل للفرس سهمين عمر بن
الخطاب، أشار به عليه رجل من بني تميم.
(27) حدثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال: أول من جهر بالمعوذتين في
الصلاة عبيد الله بن زياد.
(28) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث بن سعد عن ابن الهادي عن ابن شهاب
قال: بلغنا أن خديجة بنت خويلد زوج النبي (ص) كانت أول من آمن بالله ورسوله وماتت
قبل أن تفرض الصلاة.
(29) حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن يونس قال: كان من خلق الأولين
النظر في المصحف.
(30) حدثنا أبو أسامة قال حدثني أبو عمير عن أيوب عن رجل عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس قال: أول من أحدث من نساء العرب جر الذيول أم إسماعيل قال: لما فرت
من سارة أرخت ذيلها لتعفي أثرها، وأول من طاف بين الصفاء والمروة أم إسماعيل.
(31) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: أول من أظهر الاسلام سبعة:
رسول الله (ص) وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية أم عمار.
(32) حدثنا حماد أبو أسامة قال حدثني عامر قال حدثني عبد الرحمن بن أبزى قال:
صليت مع عمر على زينب، وكانت أول نساء النبي (ص) ماتت بعد النبي (ص).

(1 / 30) جر الذيل: إطالة الثوب أبعد من القدمين حتى يجر خلف المرأة وهي تسير.
328

(33) حدثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن زيد
ابن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول الله (ص) علي، فذكرته لإبراهيم فأنكره وقال: أبو
بكر.
(34) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن الحسن قال: جعل لرجل أواقي على أن
يقتل النبي (ص) فأطلعه الله على ذلك، فأمر به فصلب، وكان أول من صلب في الاسلام.
(35) حدثنا شبابة بن سوار حدثنا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمعت
عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول: أنا أول من سمع النبي (ص) يقول: (لا يبل
أحدكم مستقبل القبلة)، وأنا أول من حدث الناس به.
(36) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا قال: أول من ألف بين القبائل مع
رسول الله (ص) جهينة.
(37) حدثنا وكيع حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أول من بايع النبي
(ص) بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي.
(38) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال: أول شهيد استشهد في
الاسلام أم عمار، طعنها أبو جهل بحربة في قبلها.
(39) حدثنا وكيع حدثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن: قال أول من
استشهد من المسلمين يوم بدر مهجع مولى عمر.
(40) حدثنا وكيع عن سفيان عن أشعث عن ابن سيرين أن النبي (ص) أطعم جدة
مع ابنها السدس، وكانت أول جدة ورثت في الاسلام.
(41) حدثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن الزهري في اليمين مع الشاهد:
بدعة، وأول من قضى بها معاوية.
(42) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن محمد قال: أول من ترك إحدى إصبعيه في
أذنية ابن الأصم.

(والثابت أن أول من أسلم من الرجال هو الصديق رضي الله عنه ومن الفتيان علي بن أبي طالب رضي
الله عنه.
(1 / 34) أواقي: ج أوقية وهي أربعون درهما.
(1 / 40) أطعم جده: ورثها.
(1 / 42) أي عند الأذان.
329

(43) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري قال: رفع الأيدي يوم الجمعة
محدث، وأول من أحدث رفع الأيدي يوم الجمعة مروان.
(44) حدثنا سهل بن يوسف عن ابن عون عن محمد قال: أول من رفع يديه في الجمعة عبيد الله بن معمر.
(45) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن الحسن قال: أول مصلوب صلب
في الاسلام رجل من بني ليث جعلت له قريش أواقي على أن يقتل النبي (ص) فأتاه جبريل
فأخبره، فبعث إليه النبي (ص) فأمر بن فصلب.
(46) حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن محمد قال: أول جدة أطعمت في الاسلام
السدس جدة أطعمته وابنها حي.
(47) حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن
غلام لسلمان ويقال له سويد وأثنى عليه خيرا، قال: لما افتتح الناس المدائن وخرجوا في
طلب العدو أصبت سلة فقال سلمان: هل عندك طعام، فقلت: سلة أصبتها، فقال: هاتها،
فإن كان مالا رفعناه إلى هؤلاء وإن كان طعاما أكلناه، قال: ففتحناها فإذا أرغفة
حواري وجبنة وسكين، فكان أول ما رأت العرب الحواري.
(48) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري قال: كانوا يتراهنون على عهد النبي
(ص)، قال الزهري: وأول من أعطى فيه عمر بن الخطاب.
(49) حدثنا كثير بن هشام عن جعفر قلت للزهري: من أول من ورث العرب من
الموالي؟ قال: عمر بن الخطاب.
(50) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه أن أبا
بكر طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة، وكان أول مولود ولد في الاسلام. (51) حدثنا عبد الرحيم عن عبد الرحمن بن عتبة يعني المسعودي عن القاسم بن عبد

(1 / 43) ورفع الأيدي هنا للاستئذان من الامام للخروج من المسجد لإعادة الوضوء لمن انتقض وضوءه.
(1 / 47) الخبز الحواري: الخبز الأبيض المصنوع من دقيق القمح النقي.
(1 / 48) والرهان هنا أن تتسابق الخيل وتوضع جائزة لمن يسبق على أن من يخسر السباق لا يدفع شيئا وهذا
أسلوب لتدريب الرجال والخيل على الطراد وإعداد للرجال وللخيل لصمود في معارك الجهاد.
(1 / 50) في خرقة: أي قد لفه في خرقة.
330

الرحمن قال: كان أول من أفشى القرآن من في رسول الله (ص) ابن مسعود، وأول من بنى
مسجدا صلى فيه عمار بن ياسر، وأول من أذن بلال، وأول من رمى بسهم في سبيل الله
سعد بن مالك، وأول من قتل من المسلمين مهجع، وأول من عدا به فرسه في سبيل الله
المقداد، وأول حي أدوا الصدقة من قبل أنفسهم بنو عذرة، وأول حي ألفوا مع رسول الله
(ص) جهينة.
(52) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل أخبرنا عامر قال: أول من بايع تحت الشجر أبو
سنان بن وهب الأسدي فقال له رسول الله (ص): (علام تبايع؟ قال: على ما في
نفسك، فبايعه ثم تتابع الناس فبايعوه.
(53) حدثنا أبو أسامة أخبرنا إسرائيل عن عامر قال: أول من أشار بصنعة النعش
أن يرفع أسماء ابنة عميس حين جاءت من أرض الحبشة، رأتهم يفعلون ذلك بأرضهم.
(54) حدثنا ابن عيينة عن أبي الجويرية الجرمي قال: سألت ابن عباس عن الباذق،
فقال: سبق محمد بالباذق، أنا أول العرب سأل ابن عباس عن ذلك.
(55) حدثنا عبد الأعلى عن داود عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال:
أول جد ورث في الاسلام عمر بن الخطاب، فأراد أن يحتاز المال كله، فقلت: أمير
المؤمنين! إنهم شجرة دونك - يعني بني بنيه.
(56) حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن جابر قال: لما ولي
عمر بن الخطاب الخلافة فرض الفرائض ودون الدواوين وعرف العرفاء.
(57) حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا هريم عن أبي إسحاق الشيباني عن محمد بن
عبيد الله الثقفي قال: أتى عمر رجل من ثقيف يقال له نافع بن الحارث وكان أول من
افتلى الفلاء بالبصرة.
(58) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت البراء يقول: أول من قدم
علينا من أصحاب رسول الله (ص) مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرآن القرآن،

(1 / 54) الباذق: ما اشتد من العصير بأدنى طبخ وقد تطلق أيضا على الخمر الأحمر، والمقصود أن الرسول
(ص) توفي ولم يكن العرب يعرفون هذا النوع من الأشياء والسبق يكون أيضا تحريم كل ما يسكر
فسبق تحريمه فعرفته.
(1 / 56) عرف العرفاء: عينهم وولاهم أمور عشائرهم.
(1 / 57) اختلى الفلاة: قطعها وتملكها وجعلها مرعى محميا له.
331

قال: ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء رسول الله
(ص)، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ فرحهم به.
(59) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن جابر عن عامر قال: لم يقطع النبي (ص) ولا
أبو بكر ولا عمر ولا علي، وأول من اقطع القطائع عثمان، وبيعت الأرضون في إمارة
عثمان.
(60) حدثنا علي بن مسهر عن ليث عن طاوس قال: أول من جلس على المنبر في
الجمعة معاوية.
(61) حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني عن علي قال: أنا أول رجل صلى مع النبي (ص)
(62) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي مالك الأشجعي عن سالم بن أبي الجعد
قال: قلت لابن الحنفية: أبو بكر كان أول القوم إسلاما؟ قال: لا.
(63) حدثنا يحيى بن أبي بكير عن زائدة بن قدامة عن عاصم عن زر عن عبد الله
قال: أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله (ص) وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب
وبلال والمقداد.
(64) حدثنا علي بن مسهر عن زكريا عن الشعبي قال: استقضى شريحا عمر على
الكوفة في قضية واستقضى كعب بن سور على البصرة في قضية.
(65) حدثنا علي بن مسهر عن زكريا عن الشعبي قال: إن أول حي ألفوا مع
رسول الله (ص) جهينة.
(66) حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا شيبان عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنت جالسا قريبا من كعب بن عجرة يوم الجمعة، فخطبنا
الضحاك بن قيس فجلس فقال: ألا تنظرون؟ والله ما رأيت إمام قوم مسلمين يخطب
جالسا.
(67) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن خالد عن عرعرة عن علي قال له رجل:
أخبرني عن البيت أهو أول بيت وضع للناس؟ قال: لا، لكنه أول بيت وضعت فيه
البركة * (مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) *.

(1 / 59) أقطع القطائع: قطع الأرض وملكها للناس قطعا أو جعلهم عليها كالأقطاع.
(1 / 67) سورة آل عمران من الآية (97).
332

(68) حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا زهير عن عاصم عن عامر قال: أول من جعل
العشور عمر بن الخطاب.
(69) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ابن أبي نجيح قال: أول من رأيته
يمشي بين الركن اليماني والحجر الأسود عروة بن الزبير.
(70) حدثنا أبو أسامة حدثنا عوف قال: قيل للحسن: من أول من أعتق أمهات
الأولاد؟ قال: عمر، قلت: فهل يرقهن إن زنين؟ قال لاها الله إذا.
(71) حدثنا عباد بن العوام عن حصين عن مجاهد أن النبي (ص) لقي قوما فيهم
حاد يحدو، فلما رأوا النبي (ص) سكت حاديهم فقال: (من القوم؟ قالوا من مضر،
فقال النبي (ص): وأنا من مضر، فقال: ما شأن حاديكم لا يحدوا؟ فقالوا: يا رسول الله
(ص): إنا أول العرب حداء، قال: وما ذلك؟) قالوا: إن رجلا منا - وسموه - غرب في
الإبل له في أيام الربيع، فبعث غلاما له مع الإبل، فأبطأ الغلام ثم جاء فجعل يضربه
بعصا على يده، فانطلق الغلام وهو يقول: وايداه وايداه، قال: فتحركت الإبل ونشطت،
فقال له: أمسك أمسك قال: فافتح الناس الحداء.
(72) حدثنا عبد الرحيم عن أشعث عن الشعبي والحكم عن إبراهيم قال: إن أول من
فرض العطاء عمر بن الخطاب وفرض فيه الدية كاملة.
(73) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: بعث العلاء بن
الحضرمي إلى رسول الله (ص) بثمانمائة ألف من خراج البحرين، وكان أول خراج قدم به
على رسول الله (ص)، فأمر به فنثر على حصير في المسجد، وأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة
فصلى، ثم جاء إلى المال فمثل عليه قائما فلم يعط ساكتا ولم يمنع سائلا، فجعل الرجل يجئ
فيقول: أعطني، فيقول: (خذ قبضة)، ثم يجئ الرجل فيقول: أعطني، فيقول: خذ
قبضتين، ويجئ الرجل فيقول: أعطني، فيقول: خذ ثلاث قبضات، فجاء العباس فقال:
يا رسول الله! أعطني من هذا المال، فإني أعطيت فداي وفداء عقيل يوم بدر، ولم يكن
لعقيل مال، قال: فأخذ يبسط خميصة كانت عليه، وجعل يحثي من المال، فحثى فيها ثم
قام به فلم يطق حمله، فقال: يا رسول الله! أحمل علي، فنظر إليه النبي (ص) فتبسم حتى بدا

(1 / 71) الحداء: ضرب من الغناء ينشد به قائد القافلة أو غلامه كي تنشط الإبل في الحركة والسير ثم صار
من أنواع الغناء المعروفة إلا أنه غناء بكائي يتحدث عن الموت والفراق وما شابه.
333

ضاحكه، وقال: أنقص من المال وقم بقدر ما تطيق، فلما ولى العباس قال: أما إحدى
اللتين وعدنا الله فقد أنجز لنا إحداهما، ونحن ننتظر الأخرى، قوله تعالى: يا أيها
النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا) * (إلى آخر الآية)، فقد
أنجزها الله لنا ونحن ننتظر الأخرى.
(74) حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن داود بن أبي هند عن ابن سيرين قال: أول
من قاس إبليس، وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس.
(75) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن الحسن بن محمد قال: أول ما تكلم الناس في
القدر جاء رجل فقال: كان في قدر الله أن شرارة طارت فأحرقت البيت، فقال رجل:
هذا من قدر الله، وقال آخر: ليس من قدر الله.
(76) حدثنا عبد الرحيم عن مجالد عن عامر قال: أول من بايع تحت الشجرة أبو
سنان بن وهب الأسدي أتى النبي (ص) فقال: أبايعك، قال: (علام تبايعني)؟ قال:
أبايعك على ما في نفسك، فبايعه الناس بعد.
(77) حدثنا أبو أسامة حدثنا إسماعيل عن قيس سمع سعد بن أبي وقاص يقول: أنا
والله أول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله عز وجل.
(78) حدثنا حسين عن زائدة حدثنا المختار بن فلفل قال: قال أنس: قال النبي
(ص): (أنا أول شفيع في الجنة).
(79) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس عن الحسن عن سعد عن عبد
الرحمن بن عبد الله قال: أول من هاجر من هذه الأمة رجلان من قريش.
(80) حدثنا الفضل حدثنا إبراهيم بن إسماعيل قال أخبرني يعقوب بن مجمع عن أبيه
قال: أول من رأيته يصلي على نعليه عتبة بن عويم بن ساعدة.
(81) حدثنا هاشم بن القاسم عن شعبة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال:
أول سورة أنزلت على النبي (ص) * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * ثم نون.

(1 / 73) * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم) * سورة الأنفال من الآية (70).
(1 / 74) قاس: لجأ إلى القياس أي قاس مسألة على مسألة أخرى ليخرج بحكم.
(1 / 81) * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * سورة العلق الآية (1).
334

(82) حدثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن دينار قال: سمعت عبيد بن عمير يقول:
أول ما نزل من القرآن * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * ثم * (ن) *.
(83) حدثنا وكيع عن قرة عن أبي رجاء قال: أخذت من أبي موسى * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * وهي أول سورة أنزلت على محمد (ص).
(84) حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: هي أول سورة
نزلت * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) * ثم * (ن) *.
(85) حدثنا شيخ لنا عن السدي قال: أول من ثرد الثريد إبراهيم عليه السلام.
(86) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي رباح عن مجاهد قال: أول من خضب بالسواد
فرعون.
(87) حدثنا عثمان بن مطرف عن هشام عن قتادة قال: أول مخضوب خضب في
الاسلام أبو قحافة أريه النبي (ص) ورأسه مثل الثغامة فقال: غيروه بشئ وجنبوه السواد.
(88) حدثنا وكيع حدثنا فطر قال: سألت مجاهدا عن إقامة المؤذنين واحدة
واحدة، قال: ذاك شئ استخفته الأمراء.
(89) حدثنا وكيع حدثنا شريك عن أبي فزارة عن ميمون بن مهران قال: قلت
لابن عمر: من أول من سماها العتمة، قال الشيطان.
(90) حدثنا عبد الله عن إبراهيم بن سمعان بن مجمع عن يعقوب بن مجمع عن أبيه
مجمع بن زيد قال: أول من رأيته يصلي في النعلين عتبة بن عويم بن ساعدة.
(91) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن قال: إن أول من
أبدأ الهبة عثمان بن عفان، وأول من سأل الطالب لبينة أن غريمة مات ودينه عليه عثمان بن
عفان.
(92) حدثنا مالك قال حدثنا مسعود بن أبي سعد عن أبي إسحاق عن نافع عن ابن

(1 / 85) والثريد هو الطعام المعروف الآن باسم (التشريب).
(1 / 87) مثل الثغامة: أي شديد البياض والثغامة: واحدة الثغام وهو نبت أخضر ذو ساق أخضر يبيض
ابيضاضا شديدا إذا يبس. وهو من نبات نجد وتهامة.
(1 / 89) المقصود صلاة العشاء الآخرة.
335

عمر قال: أول من جمع الناس على الصلاة في رمضان عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمعهم
على أبي بن كعب.
(93) حدثنا مالك مسعود بن سعد عن مجالد عن الشعبي قال: أول العرب
كتب - يعني بالعربية - حرب بن أمية بن عبد شمس، قيل ممن تعلم ذلك، قال: من أهل
الحيرة، قال: ممن تعلم أهل الحيرة؟ قال: من أهل الأنبار.
(94) حدثنا الفضل حدثنا رباح بن أبي معروف عن عطاء قال: طاف الحارث بن
عبد الله بن أبي ربيعة مع مالك بن مروان حتى إذا كان في الطواف السابع إلى البيت يلتزمه
فأخذ الحارث بيده، فالتفت إليه فقال مالك يا حارث! قال: يا أمير المؤمنين! تدري من
أول من فعل هذا عجوز من عجائز قومك، قال: فكف ولم تلتزم.
(95) حدثنا الفضل عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو قال:
أول كلمة قالها إبراهيم عليه السلام حين طرح في النار حسبي الله ونعم الوكيل.
(96) حدثنا الفضل أخبرنا الحارث بن زياد قال: سمعت عطاء قال: أول جبل جعل
على الأرض أبو قبيس.
(97) حدثنا الفضل حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: قال المغيرة بن
شعبة: إن أول يوم عرفت فيه رسول الله (ص) إني كنت أمشي مع أبي جهل بمكة، فلقينا
رسول الله (ص) فقال له: (يا أبا الحكم! هلم إلى الله وإلى رسوله وإلى كتابه أدعوك
إلى الله)، فقال: يا محمد! ما أنت بمنته عن سب آلهتنا، هل تريد إلا أن نشهد أن قد
بلغت، فنحن نشهد أن قد بلغت، قال: فانصرف عنه رسول الله (ص) فأقبل علي فقال:
والله إني لأعلم أن ما يقول حق ولكن بني قصي قالوا: فينا الحجابة، فقلنا: نعم! ثم قالوا:
فينا القرى، فقلنا: نعم! ثم قالوا فينا الندوة، فقلنا: نعم! ثم قالوا: فينا السقاية، فقلنا
نعم! ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي والله لا أفعل. (98) حدثنا الفضل حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله

(1 / 93) وهذا يؤيد رأينا في أن منشأ الحرف العربي هو بلاد ما بين النهرين وأن ما سبق الحرف العربي
المعروف إنما هو حروف عربية قديمة جاءت بها الهجرات من اليمن إلى العراق وتطورت هناك مع
نمط الحياة المتطور في المدن منذ السومرية الأولى إلى الأكادية إلى النبطية إلى كل الحروف المعروفة
ومنها العرمية (الآرامية) إلى العربية المعروفة حاليا.
336

(ص): (قد عرفت أول الناس بحر البحائر رجل من بني مدلج كانت له ناقتان فجدع
آذانهما وحرم ألبانها وظهورهما، ولقد رأيته وإياهما في النار: تخبطانه بأخفافهما
وتقضمانه بأفواههما، ولقد عرفت أول الناس سيب السوائب ونصب النصب وغير
عهد إبراهيم عمرو بن لحي، ولقد رأيته يجر قصبة في النار يؤذي أهل النار جر
قصبه).
(99) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن قيس عن جرير أنه قال: (أول الأرض
خرابا يسراها ثم تتبعها يمناها، والمحشر ها هنا وأنا بالأثر).
(100) حدثنا أبو الأحوص عن أبي الحارث التيمي عن أبي ماجد الحنفي قال:
كنت قاعدا عند عبد الله فأنشأ يحدثنا أن أول من قطع في الاسلام أو من المسلمين رجل
من الأنصار.
(101) حدثنا شريك عن أبي فزارة عن ميمون عن ابن عمر قال: أول من سماها
العتمة الشيطان.
(102) حدثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل قال: قال
عبد الله: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة.
(103) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن جامع بن شداد عن أبيه قال: أول كلام
تكلم به عمر أن قال: اللهم إني ضعيف فقوني، وإني شديد فليني، وإني بخيل فسخني.
(104) حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر عن زياد بن حدير قال: أنا
أول من عشر في الاسلام.
(105) حدثنا وكيع عن سفيان عن الزهري قال: أول من قطع الرجل أبو بكر.
(106) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا عبد الجبار عن عباس عن عثمان الأعشى عن
علي بن ربيعة أو عن حصين أخيه أحدهما عن الآخر قال: ذكر سلمان خروج بعض
أمهات المؤمنين فقال: إنه لفي كتاب الله الأول أو في الزبور الأول.
(107) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن مرة عن عبد الله قال:
من أراد علما فليثر القرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين.

(1 / 100) أول من قطع: أي أول من قطعت يده في حد.
(1 / 105) أي بعد تكرار السرقة من الشخص الواحد وقطع يده اليمنى ثم يده اليسرى.
337

(108) حدثنا ابن آدم عن زهير عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد أن عمر رحمه
الله أول من فرض الأعطية.
(109) حدثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن أبي إدريس أن دانيال أول من فرق
بين الشهود.
(110) حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن قال: من عرف بالبصرة ابن عباس.
(111) حدثنا حماد بن مسعدة وابن يمان عن معمر عن الزهري قال: أول من قرأها
(ملك) مروان.
(112) حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا أبو كدينة عن أبي إسحاق عن يحيى بن
وثاب قال: أول من جلس على المنبر في العيدين وأذن فيهما زياد الذي يقال له ابن أبي
سفيان.
(113) حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق أن رجلا حدثه قال: قال
رسول الله (ص): إن أول لواء يقرع باب الجنة لوائي وإن أول من يؤذن له في
الشفاعة أنا ولا فخر).
(114) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن المختار قال: قال: أنس: قال النبي (ص):
(أنا أول شفيع في الجنة).
(115) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن زرارة بن أوفي حدثنا عبد الله بن سلام
قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس قبله وقيل: قدم رسول الله (ص) ثلاثا،
فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان
أول شئ سمعته يتكلم به أن قال: (يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام،
وصلوا الأرحام، وصلوا الناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).
(116) حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن المختار عن أنس قال: قال
رسول الله (ص): (أنا أول من يقرع باب الحنة).
(117) حدثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن الزهري عن يحيى عن أبي سلمة

(1 / 111) ملك أي بدل مالك في سورة الفاتحة * (مالك يوم الدين) *.
(1 / 112) وهو (زياد بن أبيه) وقد زعم له معاوية أنه ابن أبيه أبي سفيان وأنه قد عرف أمه في إحدى
الغزوات.
338

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (أنا سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه
الأرض، وأول شافع وأول مشفع).
(118) حدثنا الفضل حدثنا الوليد بن جميع قال حدثتني جدتي عن أم ورقة ابنة
عبد الله بن الحارث الأنصاري أن غلاما لها وجارية غماها وقتلاها في إمارة عمر، وأنهما
هربا، فأتى بهما عمر فصلبهما، فكانا أول مصلوبين بالمدينة.
(119) حدثنا وكيع عن المسعودي عن معبد بن خالد عن حذيفة بن أسيد قال:
آخر من يحشر من هذه الأمة رجلان من قريش.
(120) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: أخبرت أن رسول الله (ص) قال:
(إن آخر من يحشر من هذه الأمة رجلان من قيس).
(121) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: تمتع
رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر عثمان، وأول من نهى عنه معاوية.
(122) حدثنا ابن بشر حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد
عن كعب قال: أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فيفتح له محمد (ص).
(123) حدثنا شاذان حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا زبيد بن الحارث عن عكرمة
عن كعب قال: كان أول ما نزل القرآن من التوراة عشر آيات وهي العشر التي أنزلت في
آخر الانعام.
(124) حدثنا أسود بن علي عن حماد بن سلمان عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن
حبيب قال: يكون أول الآية عاما وآخرها خاصا، وقرأ هذه الآية * (ويوم القيامة يردون إلى
أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون) *.
(125) حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال:
سمعت ابن مسعود يقول في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: هن من العتاق
الأول وهن من تلادي.

(1 / 121) والمقصود متعة الحج والراجح أن الذي نهى عن متعة الحج عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(1 / 124) سورة البقرة الآية (85).
(1 / 125) بني إسرائيل هي سورة الإسراء.
العتاق الأول: أي من السور المكية. تلادي: أي ما حفظته قديما.
339

(126) حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر عن الربيع قال: مكتوب في الكتاب
الأول: مثل أبي بكر مثل القطر حيثما وقع نفع.
(127) حدثنا الثقفي عن يونس عن الحسن أن النبي (ص) قال: (أنا أول من تنشق
عنه الأرض وأول شافع).
(128) حدثنا أحوص بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن عمر بن بعجة
قال: إن أول ذل دخل على العرب قتل الحسين بن علي وادعاء زياد.
(129) حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن سليمان الأعمش عن أبي خالد
الوالبي عن جابر بن سمرة قال: أول الناس رمى بسهم في سبيل الله تعالى سعد.
(130) حدثنا أبو أسامة عن هشام عن الحسن عن أبيه عن رجل من ثقيف قال:
استشار رجل من ثقيف عمر أن يحصب المسجد فقال: يا أمير المؤمنين! إنه أوطأ وأغفر
للنخامة والمخاط، فقال عمر: حصبوه من الوادي المبارك من العقيق، فكان أول من
حصب المسجد عمر رضي الله عنه.
(131) حدثنا الأحمر عن الأعمش عن إبراهيم قال: أول من أحدث القراءة خلف الإمام
المختار وكانوا لا يقرأون.
(132) حدثنا حميد عن حسن عن مطرف عن الحكم قال: عمر أول من جعل الدية
عشرة عشرة في أعطيات المقاتلة دون الناس.
(133) حدثنا محمد بن عبيد عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن
أبي بكر قالا: أول من سن الصلاة عند القتل خبيب بن عدي.
(134) حدثنا قبيصة عن ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي عن صعصعة قال: أول من
جمع القرآن وورث الكلالة أبو بكر.
(135) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله
(ص) قال: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).
(136) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن شرحبيل
قال: قال رسول الله (ص): (أول ما يقضي فيه يوم القيامة بين الناس في الدماء).

(1 / 131) هو المختار الثقفي وقد سبق في أكثر من موضع.
(1 / 133) وقد قتله بعض أهل قريش بعد أسره.
340

(137) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: مكر رسول الله (ص)
يوم أحد بالمشركين، فكان ذلك أول يوم مكر فيه.
(138) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي حدثنا الصعق بن خزن عن أبي حمزة الضبعي
عن ابن عباس قال: أول العرب هلاكا قريش وربيعة، قالوا: وكيف؟ قال: أما قريش
فيهلكها الملك، وأما ربيعة فتهلكها الحمية.
(139) حدثنا محمد بن الحسن حدثنا ثابت بن زيد عن برد عن مكحول قال: أول
الأرض خرابا أرمينية ثم مصر.
(140) حدثنا محمد بن الحسن حدثنا يزيد بن إبراهيم عن ليث عن مجاهد في قوله:
* (سدرة المنتهى) * قال: أول يوم من الآخرة، وآخر يوم من الدنيا فهو حيث ينتهى.
(141) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: أول ما
خلق الله القلم ثم خق النون.
(142) حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية عن أبيه عن الحكم عن بعض أصحابه
عن ابن عباس قال: أول ما خلق الله القلم ثم خلقت له النون وهي الدواة.
(143) حدثنا ابن نمير عن حجاج عن نافع عن ابن عمر قال: دخلها رسول الله
(ص) والفضل وأسامة بن زيد وطلحة بن عثمان قال ابن عمر: فدخلت فكان أول من
لقيت بلالا فقلت: أين صلى النبي (ص)؟ فقال: بين هاتين الساريتين.
(144) حدثنا مروان بن معاوية عن أبي جابر محمد بن عبيد الكندي قال: قال علي
لابن الكواء: تدري ما قال الأول؟ أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما
ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما.
(145) حدثنا هوذة بن خليفة عن أبي خلدة عن عوف عن أبي العالية عن أبي ذر
قال: سمعت رسول الله (ص) يقول (أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية).
(146) حدثنا ابن نمير حدثنا مالك بن مغول عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء
قال: قال عبد الله: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة.

(1 / 139) ولعل فيما حل بأرمينية أخيرا عظة لقوم يعقلون.
(1 / 140) سورة النجم من الآية (14).
(1 / 141) النون يقصد هنا الدواة.
341

(147) حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر
قال: كان أول إسلام عمر، قال: قال عمر، قال ضرب أختي المخاض، قال: فأخرجت
من البيت، فدخلت في أستار الكعبة في ليلة قارة، قال: فجاء النبي (ص) فدخل الحجر
وعليه نعلاه، قال: فصلى ما شاء الله ثم انصرف، فسمعت شيئا لم أسمع مثله، فخرجت
فاتبعته فقال: (من هذا)؟ فقلت: عمر، قال: يا عمر! ما تدعني ليلا ولا نهارا، قال:
فخشيت أن يدعو علي، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وإنك رسول الله، فقال: يا
عمر! استره)، قال: فقلت: والذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك.
(148) حدثنا علي بن هاشم عن أبيه عن محرز بن صالح أن عليا أول من فرق بين
الشهور.
(149) حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن عروة بن رويم قال: قال رسول الله
(ص): (أول ما نهاني ربي عن عبادة الأوثان وعن شرب الخمر وعن ملاحاة الرجال).
(150) حدثنا ابن المبارك عن معمر عن الزهري أن النبي (ص) مر بأعرابي يبيع
شيئا فقال: (عليك بأول سومة - أو بأول السوم - فإن الربح مع السماح).
(151) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس عن عبد الحميد عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباس: تعلم أي آخر سورة نزلت جميعا؟ قلت: * (إذا
جاء نصر الله والفتح) * قال: صدقت.
(152) حدثنا جعفر بن عون عن إبراهيم عن إسماعيل بن مجمع قال: حدثني الزهري
عن قبيصة بن ذؤيب أن أبا سلمة كان ابن عمة رسول الله (ص)، وكان أول من هاجر
بظعينته إلى أرض الحبشة ثم إلى المدينة.
(153) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال: آخر
آية أنزلت في القرآن * (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) *.
(154) حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد عن السدي قال: آخر آية أنزلت * (واتقوا
يوما ترجعون فيه إلى الله) * الآية.

(1 / 151) وهي سورة النصر والمذكور هنا الآية (1) منها.
(1 / 152) الظعينة: الزوجة.
(1 / 153) سورة النساء من الآية (176).
(1 / 154) سورة البقرة من الآية (281).
342

(155) حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا مالك بن مغول عن عطية العوفي قال: آخر آية
أنزلت * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) * الآية.
(156) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن ميسرة أبي جميلة قال: إن أول يوم
تكملت فيه الخوارج يوم الجمل.
(157) حدثنا عبد الرحيم عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين قال: إن أول من
طبخ الطلاء حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه عمر بن الخطاب.
(158) حدثنا حسين عن زائدة عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: أول ما كتب
النبي (ص) كتب (باسمك اللهم) فلما نزلت (بسم الله مجراها ومرساها) * كتب * (بسم
الله) * فلما نزلت * (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) * كتب * (بسم الله
الرحمن الرحيم) *.
(159) حدثنا الفضل عن ابن أبي غنية عن شيخ من أهل المدينة قال: قال معاوية:
أنا أول الملوك.
(160) حدثنا ابن آدم حدثنا إسرائيل بن يونس عن ابن أبي إسحاق قال: أول من خطب قاعدا معاوية، قال: ثم اعتذر إلى الناس ثم قال: إني أشتكي قدمي.
(161) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال: إن
أول ما يبدأ الوسواس من الوضوء.
(162) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي حدثنا أبو عوانة عن أبي كثير عن مجاهد
قال: بدء الخلق العرش والماء والهواء، وخلقت الأرض من الماء، وبدء الخلق الاثنين والثلاثاء
والأربعاء والخميس، وجمع الخلق يوم الجمعة، فتهودت اليهود يوم السبت، ويوم من الستة
الأيام كألف سنة مما تعدون.

(1 / 157) الطلاء هنا هو الدبس، دبس التمر أو العنب أو الخروب ويسمى طلاء لكثافته وسواده كأنه الطلاء أي القطران.
(1 / 158) * (بسم الله مجراها ومرساها) * سورة هود من الآية (41).
* (إنه من سليمان وإنه بسم الله) * سورة النمل الآية (30).
343

(163) حدثنا محمد بن الحسن حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن عامر عن عدي بن
حاتم قال: أتيت عمر في ناس في قومي، فجعل يفرض لرجال من طئ في ألفين، ويعرض
عني، فقلت: يا أمير المؤمنين! أما تعرفني، فضحك حتى استلقى لقفاه، ثم قال: والله إني
لأعرفك، قد آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا، وإن أول صدقة
بيضت وجه رسول الله (ص) ووجوه أصحابه صدقة طئ ثم أخذ يعتذر، ثم قال: إنما
فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة، وهم سراة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق.
(164) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي ظبيان
عن عبد الله بن عمرو قال: الشام أول الأرض خرابا.
(165) حدثنا الفضل حدثنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال:
أدركت الناس إذا ذهبوا إلى الجنائز ذهبوا مشاة ورجعوا مشاة، وأول من ركب معاوية.
(166) حدثنا هوذة حدثنا عوف عن محمد قال: كان أول دعوة دانيال في سوسنة،
كانت فتاة جميلة في بني إسرائيل متعبدة - ثم ذكر حديثا فيه طول.
(167) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد: كن النساء الأولون يجعلن في أكمة
أدرعهن مزارا تدخله إحداهم في إصبعها تغطي بن الخاتم.
(168) حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (إن الصلاة أولا وآخرا) - ثم ذكر فيه حديثا.
(169) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبي المهزم عن أبي هريرة قال: أول
من يدخل من هذه الأمة النار السواطون.
(170) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
قال: أول من طاف بالبيت الملائكة.
(171) حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي عثمان قال: عليكم بالسماع الأول.
(172) حدثنا يزيد بن هارون عن داود عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري قال:
أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن أتمها وإلا قيل: انظروا هل له

(1 / 163) لما ينوبهم من الحقوق: إذ أن عليهم وهم سراة عشائرهم قرى الضيف ومساعدة الفقير من قومهم
وتحمل الحمالات إلخ...
(1 / 169) السواطون: الذين يحملون السياط يضربون بها الناس ويمكن أن يكون الجلادون وهو بعيد.
344

من تطوع، فأكملت الفريضة من تطوعه! فإن لم تكمل الفريضة ولم يكن له تطوع أخذ
بطرفيه فقذف به في النار.
(173) حدثنا همام حدثنا عطاء بن السائب قال: أول يوم عرفت فيه عبد الرحمن
ابن أبي ليلى رأيت شيخا أبيض الرأس واللحية على حمار وهو يتبع جنازة.
(174) حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور عن تميم بن سلمة قال: أول
ما يسأل عنه العبد يسأل عن صلاته، فإن تقبلت منه تقبل منه سائر عمله، وإن ردت عليه
رد عليه سائر عمله.
(175) حدثنا عفان وابن أبي بكير قالا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن
أنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال: (أول من يكسى حلة من النار إبليس، فيضعها
على حاجبه ويسحبها من خلفه وهو يقول: يا ثبوره، وذريته خلفه وهم يقولون: يا
ثبورهم، حتى يقف على النار فيقول: يا ثبوراه، ويقولون: يا ثبورهم، فيقول: * (لا
تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) *.
(176) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبيد الله بن إبراهيم
قال: أول من ألقى الحصى في مسجد النبي (ص) عمر بن الخطاب، كان الناس إذا رفعوا
رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم فأمر بالحصى فجئ به من العقيق، فبسط في مسجد
النبي (ص).
(177) حدثنا بكر بن عبد الرحمن عن عيسى بن المختار عن محمد بن أبي ليلى عن
أبي الزبير عن جابر قال: لقد لبثنا في المدينة سنتين قبل أن يقدم علينا رسول الله (ص)
نعمر المساجد ونقيم الصلاة.
(178) حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم
قال: أول من أسلم مع رسول الله (ص) علي بن أبي طالب قال: فذكرت ذلك للنخعي
فأنكره وقال: أبو بكر أول من أسلم مع رسول الله (ص).
(179) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن سلمان الفارسي قال: أول
ما خلق الله من آدم رأسه فجعل ينظر وهو يخلق، قال: وبقيت رجلاه، فلما كان بعد
العصر قال: يا رب عجل قبل الليل، فذلك قوله تعالى: * (وكان الانسان عجولا) *.

(1 / 175) * (لا تدعوا ثبورا واحدا) * سورة الفرقان من الآية (14).
(1 / 187) وإنما سأل النخعي وهو الأشتر لأنه ممن شايع عليا رضي الله عنه في حربه في الجمل وصفين.
(1 / 179) سورة الإسراء من الآية (11).
345

(180) حدثنا أسباط بن محمد بن مطرف عن عامر قال: المهاجرون الأولون من
أدرك البيعة تحت الشجرة.
(181) حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد
قال: إن أول من بنى بابا بمكة عبد الرحمن بن سهيل، أتى عمر فقال: إن الرجل لينزل
علينا ليس معه خادم فيترك نعله وناقته ثم يخرج، وإنك تضمننا وإنا نخاف اللصوص،
فائذن لي فاجعل بابا، فأذن له فتكلفت قريش فجعلوا الأبواب.
(182) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله (ص):
(الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، وما وراء ذلك فهو رياء).
(183) حدثنا قبيصة عن سفيان عن خالد عن ابن سيرين قال: أول ما منع القاتل
الميراث لمكان صاحب البقرة.
(184) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: قيل لهم يوم
بدر: تسوموا فإن الملائكة قد تسومت، قال: فأول ما جعل الصوف ليومئذ.
(185) حدثنا أبو بكر الحنفي عن علي بن زيد المديني عن المطلب بن عبد الله بن
حنطب قال: لما مات عثمان بن مظعون دفنه رسول الله (ص) بالبقيع أول من دفن فيه، ثم
قال لرجل عنده: (إذهب إلى تلك الصخرة، فأتني بها حتى أضعها عند قبره حتى
أعرفه بها، فمن مات من أهلنا دفناه عنده).
(186) حدثنا ابن فضيل عن مطرف عن عامر في اليوم الذي يقول الناس إنه من
رمضان، قال: فقال: لا يصومن إلا مع الامام إذا صام، فإنما كان أول الفرقة في مثل
هذا.
(187) حدثنا الفضل بن دكين عن أبي إسرائيل عن الحكم عن الحكم عن أبي سليمان الجهني
يعني زيد بن وهب عن حذيفة فذكر قتل عثمان قال: إما إنها أول الفتن.
(188) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عمار بن زريق عن الأعمش عن زيد بن
وهب عن حذيفة قال: أرأيتم يوم الدار كانت فتنة - يعني قتل عثمان فإنها أول الفتن
وآخرها الدجال.

(1 / 182) والمقصود وليمة العرس.
(1 / 184) تسوم: تعلم بعلامة وهنا قطعة من الصوف جعلت على العمامة ليعرف المؤمنون من الكافرين في
المعركة.
346

(189) حدثنا أبو أسامة عن مجالد قال: أخبرنا عامر أن أول جد خاصم بني بنيه
عمر بن الخطاب مات ابنه وترك ابنين فخاصمهم إلى زيد بن ثابت فرآه عمر ينظر في شأنهم فقال: من يخاصمني في ولدي فقال زيد: إن لهم أبا دونك، فشرك بينهم.
(190) حدثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال حدثني أبو أيوب أو أبو
زيد الحمصي عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه أنه دخل على عبادة وهو مريض فقال
سمعت رسول الله (ص) يقول: (أول شئ خلق الله القلم، فقال: اجر، فجرى تلك الساعة
بما هو كائن).
(191) حدثنا هشيم عن أشعث عن الزهري قال: أول من أحدث الأذان الأول يوم
الجمعة عثمان ليؤذن أهل السوق.
(192) حدثنا إسماعيل يعني ابن علية عن ذر عن الزهري: كان الأذان عند خروج
الامام فأحدث أمير المؤمنين عثمان التأذينة الثانية على الزوراء ليجمع الناس.
(193) حدثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم أبي النضر: سأل رجل محمد بن سيرين:
ما تقول في مجالسة هؤلاء القصاص، قال: لا آمرك به ولا أنهاك عنه، القصص أمر
محدث، أحدثه هذا الخلق من الخوارج.
(194) حدثنا معتمر عن ليث عن مجاهد لما خلق الله آدم خلق عينيه قبل بقية
جسده، فقال: أي رب أتم بقية خلقي قبل غيبوبة الشمس، فأنزل الله * (وخلق الانسان
عجولا) *.
(195) حدثنا ابن عيينة عن حصين عن أبي مالك قال: أول آية أنزلت من براءة
* (انفروا خفافا وثقالا) *.
(196) حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال: خلق الله الأرواح
قبل أن يخلق الأجساد فأخذ ميثاقهم.
(197) حدثنا ابن نمير عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث قال: أول شئ يبدأ
به قبل الوضوء غسل الكفين.

(1 / 195) براءة هي سورة التوبة والمذكور هنا من الآية (41).
(1 / 197) لان المرء لا يدري أين كانت أو أين باتت يداه فلربما لمس بهما شيئا نجسا أو رجسا أو محاشمه وهو
لا يدري.
347

(198) حدثنا الفضل عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن
عبد الله بن عمرو قال: أول ما يكفأ الاسلام كما يكفأ الاناء قول الناس في القدر.
(199) حدثنا يزيد عن هشام عن الحسن قال: أهل الصلاة والحسبة من المؤذنين أول
من يكسي يوم القيامة.
(200) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال:
قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ فقال: (المسجد الحرام، قلت:
ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى يعني بيت المقدس.
(201) حدثنا يزيد عن المسعودي عن أبي عمر عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر
قال: دخلت على رسول الله (ص) وهو في المسجد قلت: أي الأنبياء أول؟ قال: (آدم،
قال: قلت: وهل كان نبيا، قال: نعم نبي مكلم).
(202) حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن همام قال: أول مكس كان
في الأرض عجوز خرجت بدقيق لها في مكتل، فجاءت ريح عاصف فأذرته، فقال
سليمان: انظروا من ركب البحر بهذه الريحة فغرموه.
(203) حدثنا عبيد الله حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مالك بن أيمن قال:
أول من شاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: ما هذا؟ قال: إجلال وحلم.
(204) حدثنا وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس عن المنهال عن عبد الله بن
الحارث عن علي قال: أول من يكسي إبراهيم قبطيتين، ثم يكسى النبي (ص) حلة وهو عن
يمين العرش.
(205) حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): (أول من يكسى من خلائق يومئذ إبراهيم).
(206) حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال:
قيل لقثم: كيف ورث علي النبي (ص) دونكم؟ قال: إنه والله كان أولنا به لحوقا وأشدنا به
لزوقا.
(207) حدثنا محمد بن بشر العبدي حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي (ص)
في حديثه: (ولكن ائتوا نوحا إنه أول رسول بعث إلى الأرض).

(1 / 204) القبطية: نوع من الأثواب.
348

(208) حدثنا ابن بشر حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي (ص)
في حديث ذكره قال: فيأتون آدم فيقول: اذهبوا إلى نوح، فيقولون: يا نوح أنت
أول الرسل إلى أهل الأرض).
(209) حدثنا عبد الرحيم عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إن أول رجل سل سيفا
في الله الزبير.
(210) حدثنا وكيع عن مسعر عن سماك عن الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: لما
نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها وكان
بين أولها وآخرها سنة.
(211) حدثنا عفان حدثنا علي بن مسعدة حدثنا إبراهيم بن العلاء الغنوي قال: بلغنا أن كعبا يقول: إن أول الأمصار خرابا جناحاها، قلنا: وما جناحاها يا
كعب؟ قال: البصرة ومصر.
(212) حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن
مهران عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): (أول من جحد آدم).
(213) حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عطاء قال: أول من استخلف في القسامة
عمر بن الخطاب.
(214) حدثنا وكيع عن سعيد بن عبيد ومحمد بن قيس عن علي بن ربيعة قال: أول
من نيح عليه بالكوفة قرظة بن كعب.
(215) حدثنا يزيد أخبرنا ابن أبي خالد عن إسحاق بن راشد عن امرأة من
الأنصار يقال لها أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي (ص) قال لام سعد: (ألا يرقا
دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش).
(216) حدثنا وكيع عن شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال: قام فينا رسول الله (ص) فقال: (أول الخلائق يكسى إبراهيم).
(217) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا ابن أبي خالد عن سعيد بن جبير قال:
(يحشر الناس حفاة عراة فأول من يلقى بثوب إبراهيم عليه السلام).

(1 / 213) استخلف: وكل عنه شخصا آخر يشرف على إتمامها.
349

(218) حدثنا وكيع وأبو أسامة عن ابن أبي خالد قال: سمعت أبا عمرو الشيباني
يقول: كان مهران أول السنة والقادسية آخر السنة.
(219) حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد * (كما بدأنا أول خلق
نعيده) * قال: عراة حفاة.
(220) وبإسناده عن مجاهد * (في الصحف الأولى) * قال: التوراة والإنجيل.
(221) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس عن عثمان:
كانت الأنفال من الأوائل مما أنزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما أنزل من القرآن.
(222) حدثنا معاوية بن هشام حدثنا قيس عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن
عليم عن سلمان قال: أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب.
(223) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي الضحى أن أبا بكر استنشد
معدي كرب فأنشده وقال: ما استنشدني في الاسلام أحد قبلك.
(224) حدثنا شبابة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد * (في الصحف الأولى) * قال:
التوراة والإنجيل.
(225) حدثنا أبو أسامة عن محمد بن عمرو سمع أبا سلمة يقول في كفارة اليمين:
مد بالمد الأول.
(226) حدثنا قتيبة حدثنا ليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن
عبد الله بن سلام أنه قال في حديث ذكره: فجحد آدم ذريته وذلك أول يوم
أمر بالشهداء).
(227) حدثنا سريج بن النعمان حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن صالح بن
كيسان قال: أخبرنا الرقاشي عن أنس قال: (لقيت الملائكة آدم وهو يطوف بالبيت
فقالت: يا آدم! حججت؟ فقال: نعم، قالوا: قد حججنا قبلك بألفي عام).
(228) حدثنا يزيد أخبرنا قيس قال: رأيت شمر بن عطية استعار عمامة فأتوه
بعمامة سابرية فردها، وقال: رأيت الناس أول ما رأوا السابري قاموا إليه فحرقوه.

(1 / 219) سورة الأنبياء من الآية (104).
(1 / 220) سورة طه من الآية (133).
(1 / 228) السابري: نوع من رقيق القماش وشفافه.
350

(229) حدثنا يزيد أخبرنا يحيى بن المتوكل أبو عقيل قال حدثنا إسماعيل بن رافع
عن ابن لأبي سلمة عن أم سلمة أنها قالت: قال النبي (ص): (إن كان لمن أول ما نهاني
الله عنه وعهد إلي بعد عبادة الأوثان: شرب الخمر وملاحاة الرجال).
(230) حدثنا حسين عن زائدة عن أبي حمزة عن إبراهيم: أول من جهر ببسم الله
الرحمن الرحيم الاعراب.
(231) حدثنا أبو أسامة عن جويبر عن الضحاك قال: أحدث الناس القيام في
رمضان وصلاة الضحى والقنوت في الفجر والقصص.
(232) حدثنا شريك عن الأعمش عن مجاهد قال: ما كان للناس عيد إلا في أول
النهار.
(233) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن عباس بن عبد الله الهاشمي قال: أول ما
خلقت المساجد أن رسول الله (ص) رأى بالقبلة نخامة فحكها، ثم أمر بالخلوق فلطخ به
مكانها، فخلق الناس المساجد.
(234) حدثنا أبو أسامة عن محمد بن أبي حفصة عن أبي جمرة عن ابن عباس قال:
أول جمعة جمعت جمعة بالمدينة ثم جمعة بالبحرين.
(235) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن سعد أن رسول الله (ص)
أمر عبد الله بن جحش، وكان أول أمير أمر في الاسلام.
(236) حدثنا يزيد أخبرنا سفيان بن حسين عن علي بن زيد عن أنس بن حكيم
الضبي قال: قال لي أبو هريرة: إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم أني سمعت رسول الله
(ص) يقول: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة).
(237) حدثنا يزيد أخبرنا الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عامر العقيلي عن
أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (عرض علي أول ثلاثة من أمتي يدخلون
الجنة، وأول ثلاثة يدخلون النار، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك
لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه، وفقير متعفف ذو عيال، وأما أول ثلاثة يدخلون
النار فأمير مسلط، وذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله في ماله، وفقير فخور).

(1 / 233) الخلوق طيب زيتي يترك أثرا ولونا.
351

(238) حدثنا ابن بشر حدثنا أبو حيان عن أبي زرعة عن عبد الله بن عمرو قال:
قد حفظت من رسول الله (ص) حديثا لم أنسه بعد، سمعت رسول الله (ص) يقول: (أول
الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها أو خروج الدابة على الناس ضحى فأيهما ما
كانت قبل صاحبتها فأخرى على أثرها قريبا).
(239) حدثنا حاتم حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: قال رسول الله
(ص): (أول ربا أضع ربا عباس بن عبد المطلب).
(240) حدثنا زيد عن موسى بن عبيدة عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أن النبي
(ص) حمد الله أثني عليه بما هو له أهل ثم قال: (يا أيها الناس! إن كل دم كان في
الجاهلية فهو هدر، وأول دمائكم دم أياس بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، وإن أول ربا كان في الجاهلية ربا عباس بن عبد المطلب،
وهو أول ربا أضع، * (لكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) *).
(241) حدثنا يزيد عن أشعث عن أبي إسحاق أن عليا قال: أول الوضوء المضمضة
والاستنشاق.
(242) حدثنا ابن مبارك عن معمر عن الزهري قال: أرى أن يترك البيع عند
الأذان الأول، أحدثه عثمان رضي الله عنه.
(243) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن كعب قال: بدأ الله تعالى
بخلق السماوات يوم الأحد فالأحد والاثنان والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة وجعل
كل يوم ألف سنة.
(244) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن
عبد الله قال: قال النبي (ص): (لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل
من دمها لأنه كان أول من سن القتل).
(245) حدثنا كثير عن جعفر عن ميمون لما نزلت هذه الآية * (والذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة
أبدأ) * قال رجل: إن رأى رجل في أهله ما يكره فذهب يجمع أربعة فرغ الرجل من

(1 / 240) وهو أياس بن ربيعة بن الحارث عن عبد المطلب أي أن الرسول (ص) كان أول ربا وضعه ربا عمه وأول
دم قريبه فالحارق عمه.
(1 / 245) سورة النور الآية (4).
352

حاجته، وإن ذكر ذلك جلد، ولم تقبل له شهادة، وكان من الفاسقين، فأنزلت آية
التلاعن، فكان ذلك الرجل الذي قال ما قال أول من ابتلى بهذا، ونزلت آية التلاعن.
(246) حدثنا سهل عن عمرو عن الحسن قال: أول من مات آدم.
(247) حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر أن النبي (ص) كان
ينزل الأبطح أول ما يقدم.
(248) حدثنا ابن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة عن فاطمة أن
النبي (ص) قال لها: (أنت أول أهلي لحوقا بي) فضحكت لذلك.
(249) حدثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان عبد الله لا يقنت في
الفجر، وأول من قنت فيها علي وكانوا يرون أنه إنما فعل ذلك لأنه كان محاربا.
(250) حدثنا أبو أسامة عن الفرازي عن الأوزاعي قال: الإقامة أول الصلاة.
(251) حدثنا شيخ لنا عن جعفر عن أبيه قال: أول من جعل مدي حنطة في زكاة
الفطر عدل صاع من تمر عثمان بن عفان.
(252) حدثنا الثقفي عن يونس عن الحسن أن النبي (ص) قال: (أنا سيد ولد آدم
وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع).
(253) حدثنا ابن علية عن يونس عن ابن سيرين قال: نبئت أن أول جدة أطعمت
مع ابنها أم الأب.
(254) حدثنا السهمي حدثنا حميد قال: سألت الحسن: من أول من خطب قبل
الصلاة؟ فقال: عثمان بن عفان صلى بالناس ثم خطبهم فرأى ناسا كثيرا لم يدركوا
الصلاة، ففعلوا ذلك.
(255) حدثنا يزيد والسهمي عن حميد عن أنس عن النبي (ص) قال: (أول أشراط
الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة
فزيادة كبد حوت).
(256) حدثنا ابن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو حدثنا عبد الجليل بن عطية رفعه
قال: (أول ما يسأل عنه العبد عن صلاته).
(257) حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: القنوت في شهر
رمضان؟ قال: عمر أول من قنت: قلت: النصف الآخر أجمع، قال: نعم.
353

(258) حدثنا ابن إسحاق عن عياض بن دينار مولى ليث عن أبي هريرة سمعته
يقول: قال أبو القاسم (ص): (أول زمرة يدخلون الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة
البدر التي تليها على أشد نجم في السماء إضاءة).
(259) حدثنا ابن نمير عن زكريا عن فراس عن عامر عن مسروق عن عائشة عن
فاطمة أن النبي (ص) قال لها: (إنك أول أهل بيتي لحوقا بي، ونعم السلف أنا لك).
(260) حدثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت: فرض الله الصلاة أول ما فرضها ركعتين، ثم أتمها للحاضر، وأقرت صلاة السفر
على الفريضة الأولى.
(261) حدثنا ابن مصعب قال حدثنا الأوزاعي قال: سألت الزهري عن شهادة
الغلمان فقال: كان مروان بن الحكم أول من قضى بذلك.
(262) حدثنا الأحمر عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله (ص) قال:
(الوليمة أول يوم حق والثاني معروف والثالث رياء).
(263) حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن عون عن محمد قال: أول من أحدث
الأذان في الفطر والأضحى مروان، وجدت في كتابي عن سويد بن عمرو عن حماد بن
سلمة عن قيس بن سعد عن طاوس قال: إن أول من ثوب في الفجر بلال على عهد أبي
بكر، كان إذا قال: حي على الفلاح (قال: (الصلاة خير من النوم) مرتين.
(264) حدثنا ابن فضل عن عمارة بن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبو
معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (أول زمرة تدخل
الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب في السماء
إضاءة).
(265) حدثنا الفضل حدثنا سفيان حدثنا جعفر عن أبيه أنه كان يستحب أن يقرأ
في الركعتين أول ما يقدم * (قل يا أيها الكافرون) * و * (قل هو الله أحد) * في الطواف.
(266) حدثنا أسود حدثنا جعفر بن زياد عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال:
أول من سأل عن البينة شريح فقالوا: يا أبا أمية! أحدثت قال: أحدثتم فأحدثت.

(1 / 265) * (قل يا أيها الكافرون) * سورة الكافرون.
* (قل هو الله أحد) * سورة الاخلاص.
354

(267) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: قال رسول الله (ص): (أول
من يكسى خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام).
(268) حدثنا هشيم عن مطيع عن الشعبي عن مسروق قال: قال عمر: لعن الله فلانا
فإنه أول من أذن في بيع الخمر.
(269) حدثنا ابن نمير حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الله قال: ثم يأذن
الله في الشفاعة فيكون أول شفيع يوم القيامة روح القدس جبريل ثم إبراهيم خليل الرحمن
ثم موسى ثم يقوم نبيكم (ص) رابعا لا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود.
(270) حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أول من
طاف بالبيت الملائكة.
(271) حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أول ما
خلق الله من شئ القلم ثم خلق النون فكبس الأرض على ظهر النون.
(272) حدثنا عبيدة عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: أول ما فرضت الصلاة
فرضت ركعتين ركعتين، فلما أتى النبي (ص) المدينة زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا
المغرب.
(273) حدثنا الفضل حدثنا حشرج بن نباته قال حدثني سعيد بن جمهان قلت
لسفينة: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم، قال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر
الملوك، وأول الملوك معاوية.
(274) حدثنا جرير عن الشيباني عن الشعبي قال: ساوم عمر رجلا بفرس فركبه
يشوره فعطب، فقال للرجل: خذ فرسك، فقال الرجل: لا، قال عمر: اجعل بيني وبينك
حكما، فقال الرجل شريح، فتحاكما إليه، فقال شريح: يا أمير المؤمنين! خذ بما ابتعت
أو رد كما أخذت، قال عمر: وهل القضاء إلا على هذا، فصيره إلى الكوفة، فبعثه قاضيا
فإنه لأول يوم عرفه.
(275) حدثنا أبو أسامة حدثنا سفيان قال أخبرني واصل الأحدب قال: حدثتني
عائذة امرأة من بني أسد وأثنى عليها خيرا، قال: سمعت عبد الله بن مسعود وهو يوطئ
الرجال والنساء - يعني يتخطاهم - ألا أيها الناس! من أدرك منكم من امرأة أو رجل
فالسمت الأول السمت الأول، فأنا اليوم على الفطرة.
355

(276) حدثنا عفان حدثنا حماد قال أخبرني الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن رجل من أصحاب النبي (ص) أن النبي (ص) قال: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة
صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم تكن تامة قال: انظروا هل تجدون
لعبدي من تطوع فأكملوه بما ضيع فريضته، ثم الزكاة، ثم تؤخذ الاعمال على حسب
ذلك).
(277) حدثنا عبد الرحيم وعيسى عن هشام عن ابن سيرين عن أنس قال: أول
سلب خمس في الاسلام سلب البراء بن مالك.
(278) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة:
سألت ابن عباس عن السعي بين الصفا والمروة فقال: أول من فعله إبراهيم.
(279) حدثنا أبو بكر عن عبد الرحمن عيسى بن المختار عن محمد بن أبي ليلى
عن حبيب عن سعيد بن جبير أنه قال: أول زمرة تدخل الجنة الذين يحمدون الله في السراء والضراء.
(280) حدثنا أسود حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي حرة الرقاشي عن
عمه قال: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله (ص) في أوسط أيام التشريق أذود عنها الناس
فقال: (يا أيها الناس! ألا إن كل مال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى
يوم القيامة، وإن أول دم موضوع دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وإن الله
قضى أن أول ربا موضوع ربا العباس بن عبد المطلب * (لكم رؤوس أموالكم لا
تظلمون ولا تظلمون) *).
(281) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة
قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة فقال: قال رسول الله (ص): (أنا أول من تنشق عنه
الأرض ولا فخر).
(282) حدثنا الأحمر عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر أول شئ يقع منه
إلى الأرض ركبتاه.
(283) حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير * (خلق
الانسان من عجل) * قال: خلق آدم عليه الصلاة والسلام ثم نفخ فيه الروح، وأول ما
نفخ في ركبتيه فذهب ينهض فقال: خلق الانسان من عجل.

(1 / 283) سورة الأنبياء من الآية (37).
356

(284) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن
مسعود: أول سورة قرأها رسول الله (ص): * (والنجم) *.
(285) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد: كان يقال: (الصبر عند أول
صدمة).
(286) حدثنا يزيد عن شعبة عن قتادة عن الحسن قال: أول من عرف بالبصرة ابن
عباس.
(287) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن هنيدة بن خالد الخزاعي قال: أول رأس
أهدي في الاسلام رأس عمرو بن الحمق، أهدي إلى معاوية،
(288) حدثنا الفضل حدثنا أبو إسرائيل قال: أخبرني بعض أصحابنا أن طلحة كان
أول من بايع عليا، فرآه أعرابي فقال: أمر لا يتم، فقلت لأبي إسرائيل: من أي شئ؟
قال: من أمر يده.
(289) حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان قال حدثني شيخ عن عمرو بن مرة
قال: أول من شرط الشرط عمرو بن العاص، فلما مرض مرضه الذي مات فيه أرسل إلى
شرطه فقال: خذوا سلاحكم وكراعكم وائتوني، فلما أتوه قال إني إنما كنت أعدكم لمثل
هذا اليوم، فهل تستطيعون أن تردوا عني شيئا مما أنا فيه، فقالوا: سبحان الله! تقول هذا
وقد كان رسول الله (ص) يستشيرك ويؤمرك على الجيوش، فقال: وما يدريكم لعل رسول
الله (ص) كان يتألفني بذلك.
(290) حدثنا عبد الرحيم عن طلحة بن عمرو قال: سمعت عطاء يقول: أول ما
نزل تحريم الخمر * (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) *.
(291) حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثني موسى قال أخبرني محمد بن عمرو بن علي
عن علي بن أبي طالب قال: أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون ثم اتبعه إبراهيم بن محمد
رسول الله (ص).

(1 / 284) المقصود سورة النجم.
(1 / 285) أي فور تلقي خبر المصيبة.
(1 / 290) سورة البقرة من الآية (219).
357

(292) حدثنا حفص عن الأعمش عن حبيب عن أبي عبد الرحمن قال: قال
عبد الله: إذا رأيتم المحدث فعليكم بالأمر الأول.
(293) حدثنا مالك قال حدثني سهل بن شعيب قال حدثني فراس بن يحيى قال: أصبت في سجن الحجاج ورقا منقوطا بالنحو، وكان أول نقط رأيته، فأتيت به الشعبي
فأريته إياه: فقال: اقرأ عليه ولا تنقطه بيدك.
(294) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر وابن
أبي نجيح قالا: أول من سن الصلاة عند القتل خبيب بن عدي.
(295) حدثنا يزيد حدثنا هشام عن محمد قال: كان أول من ظاهر في الاسلام زوج
خويلة فظاهر منها فأتت النبي (ص) فأخبرته فأرسل إليه ونزل القرآن * (قد سمع الله قول
التي تجادلك في زوجها) *.
(296) حدثنا يزيد أبو شيبة عن الحكم قال: أول من عرف بالكوفة ابن الزبير.
(297) حدثنا وكيع عن أبي شبيب عن عكرمة عن ابن عباس أن عمر كاتب عبدا
له يكنى أبا أمية، فجاءه بنجمه حين حل، قال عكرمة: فكان أول نجم أدي في الاسلام.
(298) حدثنا يزيد أخبرنا أبو الفضل خالد بن رياح حدثنا أبو السوار العدوي عن
جندب بن عبد الله قال: أول ما ينتن من ابن آدم بطنه إذا مات فلا تجعلوا فيه إلا طيبا.
(299) حدثنا يزيد أخبرنا ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن
عبد الله اليزني وكان أول أهل مصر يروح إلى المسجد، وكان لا يأتي بشئ إلا تصدق
به.
(300) حدثنا أبو القاسم مسلمة بن القاسم حدثنا أبو الحسن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم بن يزيد بن حجر القرشي العسقلاني بعسقلان قال حدثنا أبو الفضل صالح بن
أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي حدثنا أبو حفص عمر بن عبد
الرحمن الابار عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأزدي عن ابن بردة بن أبي موسى عن أبي
موسى قال: قال رسول الله (ص): (أول من دخل الحمام وصنعت له النورة سليمان بن
داود عليه السلام، فلما دخله ووجد حره وغمه قال: أوه من عذاب الله قبل أن لا يكون
أوه).

(1 / 295) سورة المجادلة الآية (1).
358

(301) حدثنا مسلمة حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الجهم ببغداد حدثنا
عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا حجاج قال: سمعت أبا إسرائيل
قال: أول يوم عرفت فيه الحكم يوم هلك الشعبي، قال: جاء انسان يسئل عن مسألة
فقالوا: عليك بالحكم بن عتيبة.
(302) حدثنا أبي حدثنا سفيان قال أيوب أول ما جالسناه - يعني عكرمة - قال
يحسن حسنكم مثل هذا.
(303) حدثنا أبي حدثنا عبد الرزق حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير قال: أول
امرأة تزوجها رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد، ثم نكح سودة بنت زمعة، ثم نكح
عائشة بنت أبي بكر بمكة وبني بها بالمدينة، ثم نكح بالمدينة زينب بنت خزيمة الهلالية، ثم
نكح أم سلمة بنت أبي أمية، ثم نكح جويرية بنت الحارث من بني المصطلق، وكانت مما
أفاء الله عليه، ثم نكح ميمونة بنت الحارث، وهي التي وهبت نفسها للنبي (ص)، ثم نكح
صفية بنت حيي، وهي مما أفاء الله عليه يوم خبير ثم نكح زينب بين جحش وكانت
امرأة زيد بن حارثة، توفيت زينب بنت خزيمة قبل النبي (ص)، ونكح حفصة بنت عمر،
وأم حبيبة بنت أبي سفيان، والكندية، وامرأة من كلب، وكان جميع من تزوج أربع
عشرة امرأة.
(304) حدثنا يعقوب بن إسحاق بن حجر حدثنا أبو موسى حدثنا ضمرة عن
يزيد بن أبي يزيد عن رجل قد سماه قال: أول من عقد الألوية إبراهيم خليل الرحمن، بلغه
أن قوما أغاروا على لوط فسبوه، فقعد لواء، وسار إليهم بعبيده ومواليه حتى أدركهم،
فاستنقذه وأهله.
(305) حدثنا مسلمة حدثنا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم عن عبد الله بن محمد بن يحيى
المعافري المصري المعروف بابن حمويه بالفسطاط في الجامع إملاء من كتابه في ذي القعدة
سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي حدثنا أسد بن موسى
حدثنا حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية قال: سمعت رسول الله (ص)

(1 / 301) هلك: توفي.
(1 / 304) هذه رواية توراتية من سفر الخروج.
359

يقول: (تحشرون مشاة وركبانا وعلى وجوهكم، تعرضون على الله على أفواهكم
الفدام، وأول ما يعرب عن أحدكم فخذا).
(306) أخبرنا مسلمة حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمداني حدثنا أبو
بكر يحيى بن جعفر بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي الخفاف أخبرنا
سعيد وهشام عن قتادة قال: كان أبو الدرداء يقول: إن أول ما أنا مخاصم به غدا - يعني
يوم القيامة - أن يقال لي: يا أبا الدرداء قد علمت فكيف عملت فيما علمت.
(307) أخبرنا مسلمة حدثنا أبو علي عبد الله بن محمد بن أبي رجاء الزيات
المالكي بمكة إملاء من حفظه حدثنا أبو حارثة أحمد بن إبراهيم الغساني بالرملة سنة سبع
وسبعين ومائتين حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن رجل من جيش مسلم بن عقبة قال: لما
نزلنا بالمدينة دخلت مسجد رسول الله (ص) فصليت إلى جنب عبد الملك بن مروان،
فقال لي عبد الملك: أمن هذا الجيش أنت؟ قال: قلت: نعم، قال: ثكلتك أمك، أتدري
إلى من تسير؟ إلى أول مولود ولد في الاسلام، وإلى ابن حواري رسول الله (ص)، وإلي
ابن أسماء ذات النطاقين، وإلى من حنكه رسول الله (ص) بيده، وأما والله لئن جئته نهارا
لتجدنه صائما، ولئن جئته ليلا لتجدنه قائما، ولو أن أهل الأرض أطبقوا على قتله لكبهم
الله جميعا في النار على وجوههم، قال ذلك الرجل: ما مضت إلا أيام حتى صارت الخلافة
إلى عبد الملك ووجهنا إليه فقتلناه.
(308) حدثنا أبو حارثة قال حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: أول من سمي عبد
الملك و عبد العزيز ابنا مروان، وأون من واصل بين الظهر والعصر في الصلاة وبين العشاء
والعتمة عبد الملك.
(309) مسلمة قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن عيسى المعروف بابن
الوشاء حدثكم أبو جعفر محمد بن أحمد بن فيروز العبدي العبد الصالح قال حدثنا علي بن
خشرم قال حدثنا عيسى بن يونس عن ربيعة بن عثمان عن سعد بن إبراهيم عن أبيه أنه
قال: أول من خطب على المنابر إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام.
(310) حدثنا مسلمة حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمداني حدثنا جعفر بن
أحمد الهمداني حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الزهري حدثنا كثير بن هشام حدثنا عيسى بن
360

إبراهيم عن معاوية بن عبد الله قال: سمعت كعبا يقول: أول من ضرب الدينار والدرهم
آدم عليه السلام، وقال: لا تصلح المعيشة إلا بهما.
(311) حدثنا ابن الوشاء حدثنا أبو عثمان سعيد بن الحكم السلمي الدمشقي يعرف
بالفندي قرأت من كتابه لفظا حدثنا هشام بن خالد حدثنا بقية حدثنا العلاء ابن سليمان
عن الفروي عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص): (أول من يدخل الجنة التاجر
الصدوق).
(312) حدثنا ابن الوشاء حدثنا سعيد بن الحكم حدثنا هشام حدثنا بقية حدثنا ابن
جريح عن عطاء عن ابن عباس عن النبي (ص) مثله.
(313) حدثنا ابن الوشاء حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن زياد مولى
بني هاشم حدثنا محمد بن عمرو بن بكر قال حدثنا يحيى بن الضريس حدثنا عمرو عن
جابر عن زاذان عن سلمان قال: حدثني الطيب المبارك أن رسول الله (ص) قال: (أول ما
يبشر به المؤمن بروح وريحان وجنة نعيم، وإن أول ما يبشر به المؤمن يقال له:
أبشر ولي الله، قدمت خير مقدم، غفر الله لمن شيعك (قال الشيخ محمد بن إبراهيم أبو
عبد الله: لم يرو هذا الحديث إلا هذا الشيخ الواحد) واستجاب الله لمن استغفر لك
وقبل ممن شهد لك).
(314) أخبرنا مسلمة حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف المكي البغدادي
بالقزم قال حدثني أبي رحمه الله قال حدثنا أبي محمد بن يوسف قال حدثنا أبو داود
سليمان بن عمرو النخعي حدثنا سعيد بن أياس عن علقمة قال عبد الله بن عباس: أول من
اتخذ الكلب نوح، قال: يا رب، أمرتني أن أصنع الفلك فأنا في صناعته أصنع أياما،
فيجيئوني بالليل فيفسدون كل ما عملت، أفسدوه فمتى يلتئم لي ما أمرتني به، قد طال
علي أمري، فأوحى الله إليه: يا نوح! أتخذ كلبا يحرسك، فاتخذ نوح كلبا، فكان يعمل
بالنهار وينام بالليل، فإذا جاءه قومه ليفسدوا ما عمل ينبحهم الكلب فينتبه نوح، فيأخذ
الهراوة لهم ويثب عليهم فيهربون منه، فالتأم له ما أراد.
(315) أخبرنا مسلمة حدثنا أبو علي الحسن بن منصور البغدادي حدثنا أبو
سلمة يعني ابن إسماعيل المنقري حدثنا أبان يعني ابن يزيد العطار قال أخبرنا قتادة عن
الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: (أول ما يحاسب به العبد
361

يوم القيامة يحاسب بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب
وخسر).
(316) أخبرنا مسلمة حدثنا ابن الوشاء حدثنا بكار بن قتيبة القاضي حدثنا روح بن
عبادة القيسي حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: سمعت
سعد بن مالك وأبا بكرة يقولان: سمعت رسول الله (ص): يقول: (من ادعي إلى
غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فإن الجنة عليه حرام)، قال وكان سعد بن مالك أول
من رمى بسهمه في سبيل الله عز وجل، قال: وكان أبو بكرة أول من تسور على رسول الله
(ص) في وفد ثقيف.
تم والحمد لله حق حمده
362

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله
38 كتاب الرد على أبي حنيفة
هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثر الذي جاء عن رسول الله (ص).
(1) مسألة رجم اليهودي واليهودية
(1) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال
حدثنا شريك بن عبد الله عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي (ص) رجم يهوديا
ويهودية.

(1) وقد روى مسلم في صحيحه في كتاب الحدود (راجع مختصر صحيح مسلم من تحقيقنا - الحديث
(1012): عن عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص) أتي بيهودي ويهودية قد زنيا فانطلق رسول الله (ص) حتى
جاء يهود فقال: (ما تجدون في التوراة على من زنى) قالوا: نسود وجوههما ونحملهما ونخالف بين
وجوههما ويطاف بهما، قال: (فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين)، فجاؤوا بها فقرأوها حتى إذا مروا
بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم وقرأ ما بين يديها وما وراءها فقال له
عبد الله بن سلام وهو مع رسول الله (ص) مره فليرفع يده، فرفعها فإذا تحتها آية الرجم فأمر بهما
رسول الله (ص) فرجما، قال عبد الله بن عمر: كنت فيمن رجمهما فلقد رأيته يقيها من الحجارة
بنفسه.
وقد جاء في التوراة سفر تثنية الاشتراع الإصحاح (22) من العدد (22) إلى العدد (24) ما
يلي: (إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة
فتنزع الشر من إسرائيل. إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع
معها فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وأرجموهما بالحجارة حتى يموتا).
كما جاء في سفر اللاويين الإصحاح العشرون العدد (10) ما يلي: (إذا زنى رجل مع امرأة، فإذا
زنى مع امرأة قريبة فإنه يقتل الزاني والزانية) أي أن حكم التوراة في الزانيين الرجم أو القتل على
اختلاف الحالات. ولا مبرر لقول أبي حنيفة (ولا يرجما).
363

(2) حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب
أن رسول الله (ص) رجم يهوديا.
(3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله أن النبي
(ص) رجم يهوديا ويهودية.
(4) حدثنا ابن نمير حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي (ص) رجم
يهوديين أنا فيمن رجمهما.
(5) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي أن النبي (ص) رجم يهوديا ويهودية.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس عليهما رجم.
(2) مسألة الصلاة في أعطان الإبل
(1) حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن البراء بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: أصلي في مرابض الغنم؟
قال: (نعم، قال: أتوضأ من لحومها؟ قال: لا، قال: فأصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا، قال:
فأتوضأ من لحومها؟ قال: نعم).
(2) حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله
(ص): (صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من
الشيطان).
(3) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن
أبي ثور عن جابر بن سمرة قال: أمرنا النبي (ص) أن نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ
من لحوم الغنم، وأن نصلي في دمن الغنم ولا نصلي في أعطان الإبل.
(4) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (إذا لم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل فصلوا في مرابض الغنم
ولا تصلوا في أعطان الإبل).

(2) قوله لا بأس بالصلاة في معاطن الإبل مخالفة واضحة لصحيح الحديث وقد روت في نفي الرسول
(ص) للصلاة في معاطن الإبل كتب الصحاح. وقد سميت أصلا معاطن لريح العطن الذي يصدر
عنها، وهو ريح منفر والنظافة من أسس الاسلام والايمان.
364

(5) حدثنا زيد بن الحباب عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده أن
النبي (ص) قال: (لا يصلى في أعطان الإبل).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس بذلك.
(3) مسألة سهام المجاهدين
(1) حدثنا [أبو] نمير وأبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي
(ص) أنه قسم للفرس سهمين وللراجل سهما.
(2) حدثنا حفص عن غياث عن حجاج عن مكحول أن النبي (ص) جعل للفارس
ثلاثة أسهم: سهمين لفرسه وسهما له.
(3) حدثنا أبو خالد عن أسامة بن زيد عن مكحول قال: أسهم النبي (ص) يوم
خبير للفرس سهمين وللراجل سهما.
(4) حدثنا ابن فضيل عن حجاج عن أبي صالح عن ابن عباس أن النبي (ص) جعل
للفارس ثلاثة أسهم: سهما له وسهمين لفرسه.
(5) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن سعيد عن صالح بن كيسان أن النبي (ص) أسهم
يوم خبير للمائتي فرس لكل فرس سهمين.
وذكر أن أبا حنيفة قال: سهم للفرس وسهم لصاحبه.
(4) مسألة السفر بالقرآن إلى أرض العدو
(1) حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي
(ص) نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس بذلك.

(3) وإنما جعل للفرس سهمين لان كلفة علفه وطعامه والعناية به أكثر من كلفة طعام الاثنان وفي عهد
أبي حنيفة صار الأمير هو الذي يؤمن العلف الخيل الجند.
(4) لقد حفظ الله القرآن الكريم وانتشر ولم يعد من خوف على تحريفه إلا أن ما نراه من سوء ترجمتهم
لمعانيه يريدون بذلك تنفير بني جلدتهم من الاسلام والتوحيد ما يجعلنا نحرث على حفظه منهم والرد عليهم في وقت واحد والله الموفق على كل حال.
365

(5) مسألة العدل بين الأولاد
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان عن
أبيه أن أباه نحله غلاما، وأنه أتى النبي (ص) ليشهده فقال: (أكل ولدك نحلته مثل
هذا؟ قال: لا، قال: فأردده).
(2) حدثنا عباد عن حصين عن الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: أعطاني
أبي عطية فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد النبي (ص)، قال: فأتى النبي
(ص) فقال: إني أعطيت ابني من عمرة عطية، فأمرتني أن أشهدك، قال: (أعطيت كل
ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
(3) حدثنا ابن مسهر عن أبي حيان عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي (ص)
أنه قال: (لا أشهد على جور).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس به.
(6) مسألة بيع المدبر
(1) حدثنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابرا يقول: دبر رجل من الأنصار غلاما له
ولم يكن له مال غيره، فباعه النبي (ص) فاشتراه النحام عبدا قبطيا مات عام الأول في
إمارة ابن الزبير.
(2) حدثنا شريك عن سلمة عن عطاء أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص) باع مدبرا.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يباع.
(7) مسألة الصلاة على القبر وصلاة الغائب
(1) حدثنا حفص وابن مسهر عن الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس قال: صلى النبي
عليه الصلاة والسلام على قبر بعد ما دفن.

(5) لا بأس بنحله إن كان هو القائم بأمر والديه دون إخوته وهذا حكم قياسي يخالف الأثر الصحيح.
(6) اعتبر أبو حنيفة أن المدبر هو حر قد شرطت حريته بموت صاحبه إلا أن الأثر يخالف هذا
القياس. (7) اعتبر أبو حنيفة أن أصحمة لم يصل عليه في قومه، ولذلك صلى عليه الرسول (ص) وهذا رأي
وقياس.
366

(2) حدثنا هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن الثابت -
وكان أكبر من زيد - أن النبي (ص) على امرأة بعد ما دفنت، فصلى عليها وكبر
أربعا.
(3) حدثنا سعيد بن يحيى الحميري عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أسامة
ابن سهل عن أبيه قال: كان النبي (ص) يعود فقراء أهل المدينة ويشهد جنائزهم إذا ماتوا،
قال: فتوفيت امرأة من أهل العوالي، قال: فمشى النبي (ص) إلى قبرها وكبر أربعا.
(4) حدثنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن
النبي (ص) قال: (إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه) يعني النجاشي.
(5) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
أن النبي (ص) صلى على النجاشي فكبر عليه أربعا.
(6) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن الحارث عن ابن
عباس أن النبي (ص) صلى على ميت بعد ما دفن.
(7) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سليم بن حيان عن سعد بن ميناء عن جابر أن
النبي (ص) على أصحمة وكبر عليه أربعا.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يصلى على ميت مرتين.
(8) مسألة إشعار الهدي
(1) حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس
أن النبي (ص) أشعر في الأيمن وسلت الدم بيده.
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان أن النبي
(ص) عام الحديبية خرج في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد
الهدي وأشعر وأحرم.
(3) حدثنا حماد بن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة أن النبي (ص) أشعر.
وذكر أن أبا حنيفة قال: الاشعار مثلة.

(8) مثلة: أي تمثيل بالجثة. والصحيح أن الهدي ليس ميتا بعد ليكون ذلك مثلة ثم إن الطعن في السنام
لا يقتل الإبل وإن أسال بعض الدم.
367

(9) صلاة المنفرد خلف الصف
(1) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف قال: أخذ بيدي هلال بن
أبي الجعد فأوقفني على الشيخ بالرقة يقال له: وابصة بن معبد، قال: صلى رجل خلف
الصف وحده فأمره النبي (ص) أن يعبد.
(2) حدثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر قال حدثني عبد الرحمن بن علي بن
شيبان عن أبيه علي بن شيبان، وكان من الوفد، قال: خرجنا حتى قدمنا على نبي الله (ص)
فبايعناه وصلينا خلفه، فرأى رجلا يصلي خلف الصفوف، قال: فوقف عليه نبي الله (ص)
حتى انصرف، فقال: (استقبل صلاتك، فلا صلاة للذي خلف الصف).
وذكر أن أبا حنيفة قال: تجزئه صلاته.
(10) مسألة ملاعنة الحامل
(1) حدثنا عبدة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي (ص)
لاعن بين رجل وامرأته وقال: عسى أن تجئ به أسود جعدا، فجاءت به أسود جعدا
(2) حدثنا وكيع عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي (ص)
لاعن بالحمل.
(3) حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد عن الشعبي في رجل تبرأ مما في بطن امرأته، قال:
يلاعنها.
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يرى الملاعنة بالحمل.

(10) وقد استند أبو حنيفة في قوله إلى أحاديث منها ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب اللعان
الأحاديث 18 - (1500) و (19) و (20) ونص الأول منها - وحدثنا قتيبة بن سعيد وأبو
بكر بن أبي شيبة (سبق أن ذكرناه في كتاب اللعان من هذا المصنف) وعمرو الناقد وزهير بن
حرب، واللفظ لقتيبة قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي
هريرة قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي (ص) فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال
النبي: (هل لك من إبل) قال: نعم، قال: (فما ألوانها؟) قال: حمر، قال: (هل فيها من أورق؟)
قال: نعم، قال: (فأنى أتاها ذلك) قال: عسى أن يكون
نزعة عرق، قال: (وهذا عسى أن يكون
نزعة عرق).
والقياس هنا قياس خاطئ لان حال الملاعن المنتفي من الحمل حال آخر فهي لم تضع بعد ليعرفه
إنما رأى منها الزنا وهي حامل وإن كانت حاملا قبل رؤيته لزناها فمن يزني مرة يزني مرات
والزرع على كل حال قد سقي بمائه وماء سواه، وإلحاق ولد الملاعنة بأمة واضح الدلالة على جواز
الانتفاء من ولد المرأة الملاعنة.
368

(11) مسألة العتق ما فوق الثلث
(1) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين
أن رجلا كان له ستة أعبد فأعتقهم عند موته، فأقرع النبي (ص) بينهم فأعتق اثنين وأرق
أربعة.
(2) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن محمد بن زياد
عن أبي هريرة عن النبي (ص) نحوه أو مثله.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس هذا بشئ ولا يرى فيه قرعة.
(12) إقامة الحدود على ملك اليمين
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد وشبل
وأبي هريرة قالوا: كنا عند النبي (ص) فأتاه رجل فسأله عن الأمة تزني قبل أن تحصن،
قال: (اجلدوها، فإن عادت فاجلدوها، قال في الثالثة أو الرابعة: فيبيعوها ولو
بضفير).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي قال: قال رسول الله
(ص): (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم).
(3) حدثنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال النبي
(ص): (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب عليها، فإن عادت فليبعها ولو
بضفير من شعر).
(4) حدثنا شبابة عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عمارة بن أبي فروة
عن عروة عن عائشة أن النبي (ص) قال: (إذا زنت الأمة فاجلدوها، فإن عادت

(11) وقد استند أبو حنيفة هنا في حكمه على حكمه في المدبر.
(12) إن لم يكن سيدها عدلا صدوقا ثقة كان في المسألة نظر إذ أنه قد يفتري عليها لسبب ما أما إن
كان عدلا صدوقا ثقة فلا نرى وجها لقوله: لا يجلدها.
369

فاجلدوها، فإن عادت فاجلدوها، فإن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)
والضفير الحبل.
(5) حدثنا معلى بن منصور عن أبي أويس عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم
عن عمه وكان بدريا قال: قال النبي (ص): (إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثم إن زنت
فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجلدها سيدها.
(13) مسألة نجاسة الماء
(1) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد الله بن
عبد الله عن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قيل: يا رسول الله! أنتوضأ من بئر
بضاعة، وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن، فقال النبي (ص): (الماء طهور لا ينجسه شئ).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: اغتسل بعض
أزواج النبي (ص) في جفنة، فجاء النبي (ص) ليغتسل فيها أو ليتوضأ، فقالت:
يا رسول الله! (ص): إني كنت جنبا، قال: (إن الماء لا يجنب).
(3) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): (إذا كان الماء قلتين
لم يحمل نجسا).
وذكر أن أبا حنيفة قال: ينجس الماء.
(14) مسألة قضاء الصلاة
(1) حدثنا هشيم عن أيوب عن أبي العلاء حدثنا قتادة عن أنس قال: قال النبي
(ص): (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارته أن يصليها إذا ذكرها).

(13) الأثر أثبت وحديث بئر بضاعة معروف، فإن قصد الماء القليل كان في المسألة رأي آخر.
(14) وإنما اعتبر أبو حنيفة أن الصلاة في هذين الوقت لا تجزئ لما روي عن الرسول (ص) عن كراهية
الصلاة في هذين الوقتين لان الشيطان يقارن الشمس عند طلوعها وعند غروبها.
370

(2) حدثنا غندر عن شعبة عن جامع بن شداد قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي
علقمة قال: سمعت عبد الله بن مسعود قال: أقبلنا مع النبي (ص) من الحديبية فذكروا أنهم
نزلوا دهاسا من الأرض يعني بالدهاس الرمل - قال: فقال رسول الله (ص): (من
يكلؤنا؟ قال: فقال بلال: أنا، فقال النبي (ص): إذا ننم، قال: فناموا حتى طلعت
الشمس، قال: فاستيقظ أناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر بن الخطاب، قال: فقلنا:
اهضبوا - يعني تكلموا - قال: فاستيقظ النبي (ص) فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون، قال:
ففعلنا، قال: فقال كذلك لمن نام أو نسي).
(3) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الجبار بن عباس عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه قال: قال رسول الله (ص للذين ناموا معه حتى طلعت الشمس فقال: (إنكم كنتم
أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم، فمن نام عن صلاة أو نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها
وإذا استيقظ).
(4) حدثنا ابن فضيل عن أبي إسماعيل عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: عرسنا مع
النبي (ص) ذات ليلة فلم نستيقظ حتى آذتنا الشمس، فقال النبي (ص): (ليأخذ كل رجل
منكم برأس راحلته ثم يتنح عن هذا المنزل)، ثم دعا بالماء فتوضأ فسجد سجدتين ثم
أقيمت الصلاة فصلى.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئه أن يصلي إذا استيقظ عند طلوع الشمس أو عند
غروبها.
(15) مسألة المسح على الخفين والخمار
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
كعب بن عجرة عن بلال أن رسول الله (ص) مسح على الخفين والخمار.
(2) حدثنا يونس عن داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي
مسلم مولى زيد بن صوحان قال: كنت مع سلمان فرأى رجلا ينزع خفيه للوضوء فقال له
سلمان: امسح على خفيك وعلى خمارك وامسح بناصيتك فإني رأيت رسول الله (ص) يمسح
على الخفين والخمار.

(15) الثابت كما جاء في الصحاح جواز المسح على الخفين يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام للمسافر وفي المسح
على العمامة أحاديث عديدة أيضا.
371

(3) حدثنا يزيد التيمي عن بكر عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه عن النبي (ص) أنه
مسح مقدم رأسه وعلى الخفين ووضع يده على العمامة ومسح على العمامة.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئ المسح عليهما.
(16) مسألة سجدتي السهو
(1) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: صلى رسول الله
(ص) صلاة فزاد أن نقص، فلما سلم وأقبل على القوم بوجهه قالوا: يا رسول الله!
أحدث في الصلاة شئ؟ قال: (وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجله فسجد
سجدتين ثم سلم وأقبل على القوم بوجهه فقال: إنه لو حدث في الصلاة شئ أنبأتكم به،
ولكني بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته
فليتحر الصواب فليتم عليه، فإذا سلم سجد سجدتين).
(2) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي
(ص) أنه صلى الظهر خمسا فقيل له: إنك صليت خمسا، فسجد سجدتين بعد ما سلم.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا لم يجلس في الرابعة أعاد الصلاة
(17) مسألة ملابس الاحرام
(1) حدثنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابرا يقول: سمعت ابن عباس يقول: سمعت
النبي (ص) يقول: (إذا لم يجد المحرم إزارا فليلبس سراويل، وإذا لم يجد نعلين
فليلبس خفين).
(2) حدثنا الفضل بن دكين عن زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله
(ص): (من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل).
(3) حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رجل: يا رسول الله
(ص): (ما يلبس المحرم أو ما يترك المحرم؟ قال: (لا يلبس القميص ولا السراويل
ولا العمامة ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليلبسهما أسفل من الكعبين).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يفعل فإن فعل فعليه دم.

(17) قياس غريب، لان من لا يجد الخفين فمن أين يجد ثمن الأضحية والدم؟. وقد قال رسول الله (ص)
بوجوب التيسير لا التسعير والتبشير لا التنفير والأحاديث المروية في جواز ذلك لمن لا يجده كثيرة.
372

(18) مسألة جمع والتقديم الصلوات المكتوبة
(1) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: صليت مع
النبي (ص) ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، قال: قلت: يا أبا الشعثاء! أظنه أخر الظهر وعجل
العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك.
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي (ص) كان إذا جد به
السير جمع بين المغرب والعشاء.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل أن
النبي (ص) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر في غزوة تبوك.
(4) حدثنا ابن مسهر عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر قال: جمع النبي (ص) في
غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء.
(5) حدثنا يزيد عن محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس قال: كنا
نسافر مع أنس إلى مكة، فكان إذا زالت الشمس وهو في منزل لم يركب حتى يصلي
الظهر، فإذا راح فحضرت العصر صلى العصر، فإن سار من منزله قبل أن تزول الشمس
فحضرت الصلاة قلنا: الصلاة، فيقول: سيروا، حتى إذا كان بين الصلاتين نزل فجمع
بين الظهر والعصر، ثم قال: رأيت النبي (ص) إذا وصل ضحوه بروحته صنع هكذا.
(6) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن
النبي (ص) جمع بين الصلاتين في غزوة بني المصطلق.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئه أن يفعل ذلك.
(19) مسألة رد الوقف
(1) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: أصاب عمر أرضا
بخيبر فأتى النبي (ص) فسأله عنها فقال: أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط عندي أنفس
منه، فما تأمرنا؟ فقال: (إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها)، قال: فتصدق بها

(18) الأحاديث في جواز ذلك روتها كتب الصحاح.
(19) ما دام قد أوقفها في حياته وليس به مرض وفاة فهي ماله وهو حر التصرف فيه إلا أن يكون في
حال مرض الموت فلا وصية له إلا بالثلث.
373

عمر غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، فتصدق بها في الفقراء والقربى وفي
الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها
بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه.
(2) حدثنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه ألم تر أن حجرا المدري أخبرني أن في
صدقة النبي (ص): (يأكل منها أهلها بالمعروف غير المنكر).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يجوز للورثة أن يردوا ذلك.
(20) مسألة النذر قبل الاسلام
(1) حدثنا حفص عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال:
نذرت نذرا في الجاهلية فسألت النبي (ص) بعد ما أسلمت، فأمرني أن في بنذري.
(2) حدثنا حفص عن ليث عن طاؤس في رجل نذر في الجاهلية ثم أسلم، قال يفي
بنذره.
وذكر أن أبا حنيفة قال: سقط اليمن إذا أسلم.
(21) مسألة النكاح بغير ولي
(1) حدثنا معاذ بن معاذ قال أخبرنا ابن جريح عن سليمان بن موسى عن الزهري
عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص): (أيما امرأة لم ينكحها الولي أو الولاة
فنكاحها باطل - قالها ثلاثا - فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فإن تشاجروا
فإن السلطان ولي من لا ولي له).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي بردة قال: قال النبي (ص): (لا
نكاح إلا بولي).

(20) قال رسول الله (ص): لا نذر في معصية أو في (معصية الله) والمقصود أن يكون النذر نفسه فيه
معصية أما ما كان من نذر فيه قربة إلى الله تعالى فلا بأس من قضائه إن لم يكن قد نوى بنذره
التقرب لغير الله. وفي ذلك حديث (إنما الأعمال بالنيات).
(21) وقد أجمع الأئمة الثلاثة وتلامذتهم على وجوب الولي والمحاكم الشرعية الحنفية لا تأخذ بقول أبي حنيفة
هذا وتوجب الولي.
374

(3) حدثنا يزيد بن هارون عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال:
قال رسول الله (ص): (لا نكاح إلا بولي).
وذكر أن أبا حنفية كان يقول: جائز إذا كان كفوءا.
(22) قضاء النذر عن المتوفى
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن سعد بن عبادة
استفتى النبي (ص) في نذر كان على أمه، وتوفيت قبل أن تقضيه، فقال:) اقضه عنها).
(2) حدثنا ابن نمير عن عبد الله بن عطاء عن ابن بريدة عن أبيه قال: كنت جالسا
عند النبي (ص) إذا جاءته امرأة فقالت: إنه كان على أمي صوم شهرين أفأصوم عنها؟
قال: صومي عنها، قال: على أمك دين قضيته أكان يجزئ عنها؟ قالت: بلى، قال:
فصومي عنها).
(3) حدثنا عبد الرحيم عن محمد بن كريب عن كريب عن ابن عباس عن سنان بن
عبد الله الجهمي أنه حدثته عمته أنها أتت النبي (ص) فقالت: يا رسول الله: إن أمي
توفيت وعليها مشي إلى الكعبة نذرا فقال النبي (ص):
أتستطيعين تمشين عنها؟ قالت: نعم، قال: فامشي عن أمك، قالت: أو يجزئ ذلك عنها، قال: نعم، قال: أرأيت لو
كان عليها دين قضيته هل كان يقبل منك؟ قالت: نعم، فقال النبي (ص) فدين الله
أحق).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئ ذلك.
(23) مسألة الحكم في زنا البكر
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد وشبل
أنهم كانوا عند النبي (ص) فقام رجل فقال: أنشدك الله ألا قضيت بيننا بكتاب الله فقال
خصمه وكان أفقه منه: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي حتى أقول، قال: قل، قال: إن
ابني كان عسيفا على هذا وأنه زنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم، فسألت رجالا

(22) دين الله أحق أن يقضى وعلى ذلك أكثر جمهور الفقهاء.
(23) رفض أبي حنيفة للنفي إذ لم يرد فيه نص قرآني وهذا رأي ولو أردنا أن نأخذ بقوله في هذا الامر لوجب
أن نترك الرجم للثيب إذ لم يصلنا به نص قرآني وهذا لا يكون لان فيه فصل بين القرآن والسنة.
375

من أهل العلم فأخبرت أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم،
فقال النبي (ص): (والذي نفسي بيده! لأقضين بينكما بكتاب الله: المائة شاة والخادم
رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن
اعترفت فارجمها).
(2) حدثنا شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله عن
عبادة بن الصامت عن النبي (ص) قال: (خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر
بالبكر والثيب بالثيب البكر يجلد وينفى والثيب يجلد ويرجم).
(وذكر أن أبا حنيفة قال: لا ينفى.
(24) مسألة بول الرضيع
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أم قيس ابنة محصن قالت:
دخلت بابن لي على النبي (ص) لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه.
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن قابوس بن المخارق عن لبابة بنت الحارث
قالت: بال الحسين بن علي على النبي (ص) فقلت: أعطني ثوبك والبس غيره، فقال:) إنما
ينضح من بول الذكر، ويغسل من بول الأنثى).
(3) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي (ص) أتي بصبي فبال عليه،
فأتبعه الماء ولم يغسله.
(4) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن جده أبي ليلى قال: كنا عند النبي (ص)
جلوسا، فجاء الحسين بن علي يحبو حتى جلس على صدره فبال عليه، قال: فابتدر ناه
لنأخذه، فقال النبي (ص): (ابني ابني)، ثم دعا بماء فصبه عليه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: يغسل.
(25) مسألة التفريق بين المتلاعنين
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع سهل بن سعد شهد المتلاعنين على عهد النبي
(ص) فرق بينهما، قال: يا رسول الله! كذبت عليها إن أنا أمسكتها.

(24) يغسل: أي من بول الصبي.
(25) إذ كذب نفسه: أي إذا رجع عن ملاعنته لها وفيه أقوال.
376

(2) حدثنا يزيد عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: فرق النبي
(ص) بينهما.
(3) حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: لاعن النبي
(ص) بين رجل من الأنصار وامرأته ففرق بينهما.
(4) حدثنا ابن نمير عن عبد الملك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي
(ص) فرق بينهما.
(5) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي
(ص) فرق بين المتلاعنين، فقال: يا رسول الله! مالي، فقال: (لا مال لك إن كنت
صادقا فبما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذبا فذاك أبعد لك منها).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يتزوجها إذا كذب نفسه.
(26) مسألة إمامة من صلى جالسا
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سقط النبي
(ص) عن فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة فصلى بنا
قاعدا وصلينا وراءه قياما، فلما قضى الصلاة قال: (إنما جعل الامام ليؤتم به، فإذا كبر
فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع
الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا
أجمعون).
(2) حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: اشتكى النبي (ص) فدخل عليه
ناس من أصحابه يعودونه، فصلى النبي (ص) جالسا فصلوا بصلاته قياما، فأشار إليهم أن
اجلسوا فجلسوا فلما انصرف قال: (إنما جعل الامام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا
رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا).
(3) حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: صرع رسول الله (ص)
عن فرس له فوقع على جذع فانفكت قدمه، قال: فدخلنا عليه نعوده وهو يصلي في

(26) وإنما أخذ أبو حنيفة بالحديث الذي روى أن أبا بكر صلى بصلاة الرسول (ص) وصلى الناس بصلاة
أبي بكر لكن الأحاديث الواردة في جواز جلوس الامام إن كان مريضا وجلوس من خلفه
متواترة.
377

مشربة لعائشة، فصلينا بصلاته ونحن قيام، فأومأ إلينا أن اجلسوا، فلما صلى قال:
(إنما جعل الامام ليؤم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى جالسا فصلوا
جلوسا، ولا تقوموا وهو جالس كما تفعل أهل فارس بعظمائها).
(4) حدثنا أبو خالد عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي
هريرة قال: قال النبي (ص): (إنما جعل الامام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذ
قرأ فأنصتوا، وإذا قال: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * فقولوا: آمين، وإذا ركع
فاركعوا، وإذا قال: (سمع الله لمن حمده) فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد
فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يؤم الامام وهو جالس.
(27) مسألة شهود: الرضاع
(1) حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال: حدثنا ابن أبي
مليكة قال: حدثنا عقبة بن الحارث قال: تزوجت ابنة أبي إهاب التميمي، فلما كانت
صبيحة ملكها جاءت مولاة لأهل مكة فقالت: إني قد أرضعتكما، فركب عقبة إلى النبي
(ص) بالمدينة فذكر له ذلك وقال: سألت أهل الجارية فأنكروا، فقال: (وكيف وقد
قيل)، ففارقها ونكحت غيره.
(2) حدثنا معتمر عن محمد بن عثيم عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن
ابن عمر قال: سئل النبي (ص): ما يجوز في الرضاعة من الشهود، قال: (رجل أو امرأة).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجوز إلا أكثر.
(28) مسألة إسلام الزوجة قبل الزوج
(1) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن داود بن حصين عن عكرمة
عن ابن عباس أن النبي (ص) رد ابنته زينب على أبي العاص بعد سنتين بنكاحها الأول.

(27) وحديث الرسول (ص): (كيف وقد قيل) ينفي قياس أبي حنيفة وجوب الشاهدين في الرضاع كما
في سواه، وعلى كل فالرضاع أمر تعرفه النساء أكثر من الرجال.
(28) يستأنف النكاح: يعيده، أي هو نكاح جديد. وفي هذا أقوال مختلفة للفقهاء منهم من حدد مدة
معينة لا يحتاج فيها لاستئناف النكاح.
378

(2) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن الشعبي أن النبي (ص) ردها عليه بنكاحها
الأول.
وذكر أن أبا حنيفة قال: يستأنف النكاح.
(29) مسألة تقديم وتأخير المناسك
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو قال:
أتي النبي (ص) رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال: (فاذبح ولا جرم، قال: ذبحت
قبل أن أرمي، قال ارم ولا حرج).
(2) حدثنا عبد الأعلى عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن سائلا سأل النبي
(ص): رميت بعد ما أمسيت، فقال:) لا حرج، قال: وقال: حلقت قبل أن أنحر، قال:
لا حرج).
(3) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن زيد بن علي
عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي عن النبي (ص) أتاه رجل فقال: إني أفضت قبل
أن أحلق، فقال: احلق أو قصر ولا حرج).
(4) حدثنا أسباط بن محمد عن الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك أن
النبي (ص) سأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال: (لا حرج).
وذكر أن أبا حنيفة قال: عليه دم.
(30) مسألة الطهارة بالاستحالة
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس بن مالك أن أيتاما ورثوا خمرا، فسأل أبو طلحة النبي (ص) أن يجعله خلا، قال: (لا).
وذكر أن أبا حنفية قال: لا بأس به.

(29) وقد اعتبر أبو حنيفة أن ما أجازه الرسول (ص) إنما كان في حجة الوداع وحدها وليس أمرا عاما
في كل حج.
(30) الحرام لا تحله الاستحالة والحرام لا يمنع الحلال.
379

(31) مسألة الزنا بالمحارم
(1) حدثنا حفص عن أشعث عن عدي بن ثابت عن البراء أن النبي (ص) أرسله إلى
رجل تزوج امرأة أبيه فأمره أن يأتيه برأسه.
(2) حدثنا وكيع عن حسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء
قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تذهب؟ فقال: أرسلني النبي (ص) إلى رجل
تزوج امرأة أبيه أن أقتله، أو أضرب عنقه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس عليه إلا الحد.
(32) مسألة ذكاة جنين الذبيحة
(1) حدثنا حفص وعبد الرحيم بن سليمان عن المجالد عن أبي الوداك جبر بن نوف
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص): ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تكون ذكاته ذكاة أمه.
(33) مسألة لحم الخيل
(1) حدثنا وكيع وأبو خالد الأحمر عن هشام بن عروة عن فاطمة ابنة المنذر عن
أسماء ابنة أبي بكر قالت: نحرنا فرسا على عهد رسول الله (ص) فأكلنا من لحمه أو أصبنا
من لحمه.
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن جابر قال: أطعمنا النبي (ص) لحوم الخيل ونهانا
عن لحوم الحمر.
(3) حدثنا أبو خالد عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال: أكلنا لحوم الخيل
يوم خبير.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تؤكل.

(31) وإنما جعل التشديد كونه زنا بالمحارم.
(32) الذكاة: هي الذبح الشرعي الصحيح.
380

(34) مسألة استعمال الرهن والاستفادة منه
(1) حدثنا وكيع عن زكريا عن عامر عن أبي هريرة قال: قال النبي (ص): (الظهر
يركب إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب
ويشرب نفقته).
(2) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: الرهن محلوب
ومركوب.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن أبي هريرة قال: الرهن
محلوب ومركوب.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا ينتفع به ولا يركب.
(35) مسألة الخيار في البيع
(1) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص):
(البيعان بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا إلا أن يكون بيعهما عن خيار).
(2) حدثنا يزيد عن شعبة عن قتادة عن صالح أبي الخيل عن عبد الله بن الحارث
عن حكيم بن حزام أن النبي (ص) قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا).
(3) حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا أيوب بن عتبة حدثنا أبو كثير السحيمي عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله (ص): (البيعان بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا أو يكن
بيعهما عن خيار).
(4) حدثنا الفضل بن دكين عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضئ عن
أبي برزة قال: قال النبي (ص): (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا).
(5) حدثنا عفان حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي (ص) قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يجوز البيع وإن لم يتفرقا.

(34) والانتفاع إنما هو مقابل ما يؤدي من نفقة على الرهن فإذا انتفت النفقة انتفى الانتفاع وإذا وجبت
وجب.
(35) وإنما التفرق هو انتهاء عملية البيع ودفع الثمن والرضا والقبول إما إذا كانت عملية البيع غير منتهية
بعد وما زالا في صددها فالبيعان ما زالا في خيار والله أعلم.
381

(36) مسألة الكلام في الصلاة
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي (ص)
سجد سجدتي السهو بعد الكلام.
(2) حدثنا أبو خالد عن هشام عن محمد عن أبي هريرة أن النبي (ص) تكلم ثم سجد
سجدتي السهو.
(3) حدثنا ابن علية عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين
أن النبي (ص) صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم انصرف فقام إليه رجل يقال له:
الخرباق، فقال: يا رسول الله! أنقصت الصلاة، قال: (وما ذاك)؟ قال: صليت ثلاث
ركعات، فصلى ركعة ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا تكلم فلا يسجد هما.
(37) مسألة المهر
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن عبيد الله بن عبد الله بن عامر بن ربيعة
عن أبيه أن رجلا تزوج على عهد النبي (ص) على نعلين فأجاز النبي (ص) نكاحه.
(2) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي (ص)
قال لرجل: (انطلق فقد زوجتكها فعلمها سورة من القرآن).
(3) حدثنا وكيع عن ابن أبي لبيبة عن جده قال: قال رسول الله (ص): (من
استحل بدرهم فقد استحل).
(4) حدثنا حفص عن حجاج عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن عبد الرحمن بن
البيلماني قال: خطب النبي (ص) فقال: (أنكحوا الأيامى منكم، فقام إليه رجل فقال:
يا رسول الله! ما العلائق بينهم؟ قال: (ما تراضى عليه أهلوهم).

(37) الحديث والأثر أثبت وقد زوج الرسول (ص) المرأة التي وهبت نفسها على خاتم من حديد فلم يجد
وهو لا يساوي عشرة دراهم ثم أنكحه إياها على أن يعلمها ما حفظ من القرآن، والرسول (ص) بما
وهبت له نفسها وبما هو مرجع المسلمين وولي أمرهم قبل أنفسهم قد رضي بذلك فالأحرى بنا نحن
أن نقبل أيضا بما تراضى عليه أهلوهم أو رضيت به المرأة الثيب.
382

(5) حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن قتادة عن أنس قال: تزوج عبد الرحمن بن
عوف على وزن نواة من ذهب قومت ثلاثة دراهم وثلثا.
(6) حدثنا حفص عن عمرو عن الحسن قال: ما تراضى عليه الزوج والمرأة فهو
مهر.
(7) حدثنا معتمر عن ابن عون قال: سألت الحسن: ما أدنى ما يتزوج عليه الرجل؟
قال: وزن نواة من ذهب.
(8) حدثنا وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب قال: لو
رضيت بسوط كان مهرا.
(9) حدثنا وكيع عن سفيان عن عمير الخثعمي عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي
عن ابن البيلماني قال: قال النبي (ص): * (وأتوا النساء صدقاتهن نحلة) * قال: قالوا: يا
رسول الله! فما العلائق بينهم؟ قال: ما تراضى عليه أهلوهم *.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يتزوجها على أقل من عشرة دراهم.
(38) مسألة جعل العتق صداقا
(1) حدثنا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي (ص) أعتق
صفية وتزوجها، قال: فقيل له: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها، جعل عتقها صداقها.
(2) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي: إن شاء أعتق
الرجال أم ولده وجعل عتقها مهرها.
(3) حدثنا أبو أسامة عن يحيى بن سعيد قال: قال سعيد بن المسيب: من أعتق
وليدته أو أم ولده وجعل ذلك لها صداقا، رأيت ذلك جائزا له.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجوز إلا بمهر.

(37 / 9) سورة النساء من الآية (4).
(38) وثمن رقبتها هو مهرها.
383

(39) مسألة إعادة الفجر في الجماعة
(1) حدثنا هشيم أخبرنا يعلى بن عطاء قال: حدثني جابر بن الأسود عن أبيه قال:
شهدت مع النبي (ص) حجته، قال: فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى
صلاته وانحرف إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه، فقال: (علي بهما، فأتي بهما
ترعد فرائصهما فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله! كنا قد صلينا في
رحالنا، قال: (فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلينا معهم
فإنها لكما نافلة).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن زيد بن أسلم عن يسر أو بشر بن محجن الدؤلي عن
أبيه عن النبي (ص) بنحوه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تعاد الفجر.
(40) من مسائل الجماعة
(1) حدثنا عبدة عن ابن أبي عروبة عن سليمان عن الناجي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد
قال: جاء رجل وقد صلى النبي (ص)، قال: فقال له النبي (ص): (أيكم يتجر على هذا؟
قال: فقام رجل من القوم فصلى معه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تجمعوا فيه.
(40 م) مسألة القود في ملك اليمين
(1) حدثنا عبد الرحيم حدثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي (ص)
قال: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يقتل به.

(39) وإنما نفى الإعادة كي لا تكون صلاتين في يوم واحد كما جاء في بعض الحديث.
(40) وإنما نفى أبو حنيفة ذلك لنفس السبب السابق.
384

(41) الصلاة في آخر الوقت
(1) حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة، من
أدرك من صلاة الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا صلى ركعة من الفجر ثم طلعت الشمس لم يجزئه.
(42) مسألة رد الكفارة على العيال
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي
(ص) فقال: هلكت، قال: (وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: أعتق
رقبة، قال: لا أجد، قال: صم شهرين، قال: لا أستطيع، قال: أطعم ستين مسكينا،
قال: لا أجد، قال: اجلس، فجلس، فبينما هو كذلك إذ أتي بعرق فيه تمر، قال له النبي
(ص): (اذهب فتصدق به)، قال: والذي بعثك بالحق! ما بين لابتي المدينة أهل بيت
أفقر إليه منا، فضحك حتى بدت أنيابه، ثم قال: (انطلق، فأطعمه عيالك).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجوز أن يطعمه عياله.
(43) مسألة إثبات العيد
(1) حدثنا هشيم عن أبي بشر عن أبي عمير بن أنس قال: حدثني عمومتي من
الأنصار من أصحاب النبي (ص)، قال: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياما، فجاء
ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي (ص) أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي (ص)
أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يخرجون من العيد.

(41) وإنما كره أبو حنيفة ذلك لكراهة الصلاة عند طلوع الشمس لان الشيطان يقارنها.
(42) لقد اعتبر أبو حنيفة أن المذكور حالة خاصة أجازها الرسول (ص) له خاصة وليست لعامة المسلمين
وإلا لم يكفر أحد عن يمينه بحجة أنه يطعم عياله.
385

(44) مسألة الخيار في المصراة
(1) حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال النبي
(ص): (من اشترى مصراة فهو فيها بالخيار، إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر).
(2) حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من
أصحاب النبي (ص): (من اشترى مصراة فهو فيها بخير النظرين، إن ردها رد معها
صاعا من طعام أو صاعا من تمر).
وذكر أن أبا حنيفة قال: بخلافه.
(45) مسألة الجمع بين النوعين في النبيذ
(1) حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريح عن عطاء عن جابر قال: نهى النبي (ص)
أن ينبذ التمر والزبيب جميعا والبسر والتمر جميعا.
(2) حدثنا ابن مسهر عن الشيباني عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
قال: نهى رسول الله (ص) أن يخلط التمر والزبيب جميعا، وأن يخلط البسر والزبيب جميعا،
وكتب بذلك إلى أهل جرش.
(3) حدثنا محمد بن بشر عن حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي (ص) قال: (لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعا، ولا
تنبذوا الزهور والرطب، وانبذوا كل واحد منهما على حدة).
(4) حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن حبيب بن أبي أرطاة عن أبي سعيد الخدري
قال: نهى رسول الله (ص) عن الزهو والتمر والزبيب والتمر.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس به.

(44) وإنما استند أبو حنيفة لما قضى به شريح وأجازه عمر (خذ بما اتبعت أو رد كما أخذت) والحال
مختلف ففيه خلابة والخلابة باطلة ولا يجوز القياس.
(45) وقد انفرد فقهاء العراق بهذا.
386

(46) مسألة المحلل والمحلل له
(1) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله قال:
لعن النبي (ص) المحلل والمحلل له.
(2) حدثنا ابن نمير عن مجالد عن عامر عن جابر قال: قال عمر: لا أوتي بمحلل ولا
محلل له إلا رجمتهما.
(3) حدثنا ابن علية عن خالد الحذاء عن أبي معشر عن رجل عن ابن عمر قال: لعن الله المحلل والمحلل له.
(4) حدثنا ابن نمير عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله عن علي قال: قال
رسول الله (ص): (لعن الله المحلل والمحلل له).
(5) حدثنا عائذ بن حبيب عن أشعث عن ابن سيرين قال:) لعن الله المحلل
والمحلل له).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا تزوجها ليحللها فرغب فيها فلا بأس أن يمسكها.
(47) مسألة اللقطة
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي عن يزيد مولى
المنبعث عن زيد بن الخالد الجهني قال: سئل رسول الله (ص) عن اللقطة فقال: (عرفها
سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة قال: خرجت
أنا وزيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة حتى إذا كنا بالعذيب التقطت سوطا فقالا لي:
ألقه، فأبيت، فلما أتينا المدينة أتيت أبي بن كعب فسألته فقال: التقطت مائة دينار على
النبي (ص) فذكرت ذلك له فقال: (عرفها سنة)، فعرفتها سنة فلم أجد أحدا يعرفها،
فأتيته فقال: عرفها سنة، فإن وجدت صاحبها فادفعها إليه وإلا فأعرف عددها
ووعاءها ووكاءها، ثم تكون كسبيل مالك.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن جاء صاحبها غرم له.

(46) وليس في هذا تعارض مع الحديث المذكور في هذا الباب.
(47) وقد استند أبو حنيفة هنا إلى أحاديث أخرى ذكرت في كتاب اللقطة في المصنف فليرجع إليها من
شاء.
387

(48) مسألة بيع ثمر النخل بلحا
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: نهى النبي (ص) عن بيع
الثمر حتى يبدوا صلاحه.
(2) حدثنا ابن عيينة عن ابن جريح عن عطاء عن جابر قال: نهى النبي (ص) عن
بيع الثمر حتى يبدو صلاحها.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن يزيد بن جبير قال: سأل رجل ابن عمر عن شراء
الثمر فقال: نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها.
(4) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن يزيد بن خمير عن مولى لقريش قال: سمعت أبا هريرة يحدث معاوية أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمر حتى تحرز من كل عارض.
(5) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال: نهى النبي
(ص) عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، قالوا: وما بدو صلاحها؟ قال: تذهب عاهاتها
ويخلص طيبها.
(6) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: سألت ابن عباس عن بيع النخل، فقال: نهى النبي (ص) عن بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل منه
وحتى يوزن، قلت: وما يوزن؟ فقال رجل عنده: حتى يحرز.
(7) حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن أنس قال: نهى النبي (ص) عن بيع ثمر
النخل حتى يزهو، فقيل لأنس: ما زهوه؟ قال: يحمر أو يصفر.
(8) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثنا القاسم ومكحول
عن أبي أمامة أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
(9) حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا فضيل بن غزوان عن ابن أبي نعيم عن أبي هريرة أن
رسول الله (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس ببيعه بلحا، وهو خلاف الأثر.

(48) وإنما يباع بلحا ليأكل كذلك ولا خلاف مع الأثر لان بعض الناس يأكله بلحا لا تمرا وليس في
أكله بلحا تحريم.
388

(49) مسألة سن الإجازة
(1) حدثنا ابن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت
على النبي (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فاستصغرني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا
ابن خمس عشرة فأجازني، قال: نافع: فحدثت به عمر بن عبد العزيز قال: فقال: هذا
حد بين الصغير والكبير، قال: فكتب إلى عماله أن يفرضوا لابن خمس عشرة في المقاتلة
ولابن أربع عشرة في الذرية.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس على الجارية شئ حتى تبلغ ثمان عشرة أو سبع عشرة.
(50) مسألة خرص الثمر
(1) حدثنا ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب
أن النبي (ص) أمر عتاب بن أسيد أن يخرص العنب كما يخرص النخل فيؤدي زكاته زبيبا
كما تؤدي زكاة النخل تمرا، فتلك سنة النبي (ص) في النخل والعنب.
(2) حدثنا حفص عن الشيباني عن الشعبي أن النبي (ص) بعث عبد الله بن رواحة إلى
أهل اليمن فخرص عليهم النخل.
(3) حدثنا أبو داود عن شعبة بن خبيب بن عبد الرحمن قال: سمعت عبد الرحمن
ابن المسعودي يقول: جاء سهل بن أبي حثمة إلي فجلسنا فحدث أن النبي (ص) قال: (إذا
خرصتم فخذوا ودعوا).
(4) حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر أنه سمعه يقول:
خرصها ابن رواحة - يعني خيبر - أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن
رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق.

(49) ومسألة سن الرشد والبلوغ مختلفة من بلد لآخر ومن شعب لآخر وفي بعض البلاد تبلغ الفتاة في
التاسعة وفي بعضها تتأخر إلى الثامنة عشرة.
(50) الخرص: تخمين كمية ما على الشجر من ثمار، ولان الخطأ وارد فقد رفضه إنما اعتماد أهل الخبرة
والصلاح ينفي قوله برفض ذلك، فإن لم يوجدوا كان الأفضل الانتظار لما بعد القطاف وعلى كل
فالعنب يؤكل الآن كما هو دون تحويله إلى زبيب فخرصه واجب لأداء زكاته.
389

(5) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن سعيد بن بشير بن يسار أن عمر كان يبعث أبا
حثمة خارصا للنخل.
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يرى الخرص.
(51) مسألة كسب الولد
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال
النبي (ص): (أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده ومن كسبه).
(2) حدثنا ابن أبي زائدة عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عائشة قالت: قال
النبي (ص): (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم).
(3) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن أبيه عن الشعبي قال: جاء رجل من الأنصار
إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله! إن أبي غصبني مالي، فقال: (أنت ومالك لأبيك).
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن المنكدر قال: جاء رجل إلى النبي (ص)
فقال: يا رسول الله! إن لي مالا ولأبي مال، قال: (أنت ومالك لأبيك).
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة عن
عائشة قالت: يأكل الرجل من مال ولده ما شاء، ولا يأكل الولد من مال والده إلا بإذنه.
(6) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:
جاء
رجل إلى النبي (ص) فقال: إن أبي اجتاح مالي، قال: (أنت ومالك لأبيك).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يأخذ من ماله إلا أن يكون محتاجا فينفق عليه.
(52) مسألة أبوال الإبل
(1) حدثنا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: قدم ناس من
عرينة المدينة فاجتووها، فقال: لهم النبي (ص): (إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة
فتشربوا من أبوالها وألبانها فافعلوا).

(51) إن خدمة الوالدين والقيام بأمرها قد فضله الرسول (ص) على الخروج إلى الجهاد فكيف بالاتفاق
عليهما.
(52) إنما هو دواء قد يحبه البعض وقد يكرهه، ومن الأدوية ما ريحه وطعمه أسوأ بكثير من أبوال
الإبل.
390

(2) حدثنا ابن عيينة عن حجاج بن أبي عثمان قال: حدثنا أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على النبي (ص) فبايعوه على الاسلام
فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى النبي (ص) فقال: (ألا تخرجون
مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها)، قالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من
أبوالها وألبانها.
وذكر أن أبا حنيفة كره شرب أبوال الإبل.
(53) مسألة حرم المدينة
(1) حدثنا ابن نمير عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله
(ص): (إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن تقطع عضاهها أو يقتل صيدها، وقال:
المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: خطبنا علي
فقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة فيها أسنان الإبل
وأشياء من الجراحات فقد كذب، قال: وفيها قال رسول الله (ص): (حرم ما بين عير
إلى ثور).
(3) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن يسير عن عمرو عن سهل بن حنيف قال: أومأ النبي (ص) إلى مدينة فقال: (إنها حرام آمن).
(6) حدثنا ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب
قال: قال أبو هريرة: حرم رسول الله (ص) ما بين لا بتيها - يريد المدينة، قال أبو هريرة:
لو وجدت الظباء ساكنة ما ذعرتها.
(5) حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة
قال: قال النبي (ص): (إن الله حرم على لساني ما بين لابتي المدينة).
(6) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير قال: حدثني شرحبيل أبو سعد أنه دخل
الأسواف، فصاد بها نهسا - يعني طائرا - فدخل عليه زيد بن ثابت وهو معه فعرك أذنه
وقال: خل سبيله لا أم لك، أما عملت أن النبي (ص) حرم ما بين لابتيها. (7) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي سعيد
391

الخدري أن عبد الرحمن حدثه عن أبيه عن سعيد أنه سمعت النبي (ص) يقول: (إني
حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة) قال: ثم كان أبو سعيد يجد أحدنا في يده الطير قد أخذه فيفكه من يده فيرسله.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك: أحرم
النبي (ص) المدينة؟ قال: نعم، هي حرام حرمها الله ورسوله: لا يختلى خلاها، فمن فعل
ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
(9) حدثنا ابن أبي غنية عن داود بن عيسى عن الحسن قال: أخبرني ابن عباس أنه
سمع النبي (ص) يقول: (اللهم إني خرمت المدينة بما حرمت به مكة).
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس عليه شئ.
(54) مسألة ثمن الكلب
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي بكر عن أبي مسعود أن النبي (ص) نهى
عن مهر البغي وثمن الكلب.
(2) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله
(ص) عن مهر البغي وثمن الكلب.
(3) حدثنا ابن إدريس عن أشعث عن محمد بن سيرين قال: أخبث الكسب ثمن
الكلب وكسب الزمارة.
(4) حدثنا وكيع عن الأعمش قال: أرى أبا سفيان ذكره عن جابر قال: نهى النبي
(ص) عن ثمن الكلب والسنور.
(5) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الجبار بن عباس عن عون بن أبي جحيفة عن
أبيه قال: نهى النبي (ص) عن ثمن الكلب.
(6) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن ابن عباس عن
النبي (ص) قال: (ثمن الكلب ومهر البغي وثمن الخمر حرام).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في ثمن الحرام).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في ثمن الكلب.

(54) استند في ذلك إلى جواز اقتناء كلب الحراسة والرعي والحرث.
392

(55) مسألة نصاب القطع
(1) حدثنا ابن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قطع النبي
(ص) في مجن قوم ثلاثة دراهم.
(2) حدثنا يزيد عن سليمان بن كثير وإبراهيم بن سعد قالا جميع أخبرنا الزهري
عن عمرة عن عائشة عن النبي (ص) قال: (يقطع في ربع دينار فصاعدا).
(3) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله أن
النبي (ص) قطع في خمسة دراهم.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يقطع في أقل من عشرة دراهم. (56) مسألة غسل اليدين عند القيام من النوم
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين عن أبي هريرة قال: قال النبي (ص): (إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات
فإنه لا يدري أين باتت يده).
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله (ص): (إذا قام أحدكم من نومه فليفرغ على يده من إنائه ثلاث
مرات فإنه لا يدري أين باتت يده).
(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها).
(4) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: إذا استيقظ الرجل من نومه فلا
يدخل يده في الاناء حتى يغسلها.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس به.

(55) الموتمن المجن وهذا قد يرتفع في زمن وينخفض في آخر.
(56) وقد أصر أحدهم علي رفض غسل يديه فقام في الصباح يشم رائحة يديه، فإذا يده قد باتت عند
أسته وريحها ريحه.
393

(57) مسألة غسل ما ولغ فيه الكلب
(1) حدثنا ابن علية عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال:
(طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب).
(2) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي رزين عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات).
(3) حدثنا شبابة بن سوار عن شعبة عن أبي التياح قال: سمعت مطرفا يحدث عن
ابن المغفل أن رسول الله (ص) أمر بقتل الكلاب، وقال: (إذا ولغ الكلب في الاناء
فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يجزئه أن يغسل مرة.
(58) مسألة بيع الندي بالجاف كيلا
(1) حدثنا وكيع عن مالك بن أنس عن عبد الله بن يزيد عن زيد أبي عياش قال:
سألت سعدا عن السلت بالذرة فكرهه، وقال سعد: سئل النبي (ص) عن الرطب بالتمر
فقال: أينقص إذا جف قلنا: نعم، قال: فنهى عنه.
(2) أبو داود عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أنه كره الرطب بالتمر
وقال: هو أقلهما في المكيال أو في القفيز.
(3) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي (ص) نهى عن
بيع العنب بالزبيب كيلا.
(4) حدثنا أبو الأحوص عن طارق عن سعيد بن المسيب أنه كره الرطب بالتمر
مثلا بمثل، وقال: الرطب منتفخ، والتمر ضامر. وذكر أن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا: لا بأس به.

(57) ليس الحديث وحده ولا الأثر وحده، بل حتى الطب الحديث يثبت خطر ما يتركه الكلب في الوعاء
الذي ولغ فيه ولا يزيل ما ترك من جراثيم أقلها جرثومة داء الكلب إلا التراب وتكرار الغسل.
(58) الراجح عند اختلاف الدرجة في نوع واحد أن يبيع أحدهما بنقد ثم يشتري الآخر لقول الرسول
(ص) (بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنبيا).
394

(59) مسألة تلقي البيوع
(1) حدثنا عبد الله بن مبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله
عن النبي (ص) أنه نهى عن تلقي البيوع.
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي (ص):
(لا تستقبلوا ولا تحفلوا).
(3) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: نهى النبي (ص)
عن التلقي.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس به.
(60) مسألة كفن الحاج إذا توفي
(1) حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا كان مع
النبي (ص) وهو محرم فوقصته ناقته فمات، فقال: رسول الله (ص): (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه
ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيام ملبيا).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي (ص)
يقال: خر رجل عن بعيره فوقص فمات، فقال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه
ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يغطى رأسه.
(61) مسألة الطعن في عين من لم يستأذن
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع سهل بن حنيف يقول: اطلع رجل من جحر
في حجرة النبي (ص) ومعه مدرى يحك به رأسه فقال: (لو أعلم أنك تنظر لطعنت به
في عينيك، إنما الاستئذان من البصر).
(2) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) كان في بيته، فاطلع
رجل من خلل الباب، فسدد النبي (ص) نحوه بمشقص فتأخر.
395

(3) حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله (ص): (لو أن رجلا اطلع على قوم بغير إذنهم حل لهم أن يفقأوا
عينه).
(4) حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن أبي قيس عن عبد الرحمن بن ثروان عن
هزيل قال: قال رسول الله (ص): (لو أن رجلا اطلع في دار قوم من كوة فرمي بنواة
ففقأت عينه لبطلت).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يضمن. *
(62) مسألة اقتناء الكلب
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: قال النبي (ص):
(من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار قال: ذهبت مع ابن عمر إلى بني معاوية
فنبحت علينا كلاب، فقال: قال رسول الله (ص): من اقتنى كلبا إلا كلب ضارية أو
ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
(3) حدثنا عفان عن سليم بن خيان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (من اتخذ كلبا ليس بكلب زرع ولا صيد ولا ماشية فإنه ينقص من
أجره كل يوم قيراط).
(4) حدثنا خالد بن مخلد عن مالك بن أنس عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن
يزيد عن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت النبي (ص) يقول: (من اقتنى كلبا لا يغني
عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط)، فقيل له: أنت سمعته من رسول
الله (ص)؟ قال: أي ورب هذا المسجد.
(5) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: (من اقتنى
كلبا إلا كلب قنص أو كلب ماشية نقص من عمله كل يوم قيراط).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس باتخاذه.

* ومن يضمن لصاحب الدار عرضه الذي نظر إليه ذاك بغير إذن؟
وعلى كل حال فالحمد لله صار للدور أبوابا فلا ينظر أحد لداخلها إلا أن تفتح. وإنما جعل
الاستئذان من أجل البصر.
396

(63) مسألة في زكاة البقر
(1) حدثنا عبد الله بن نمير عن أبي ليلى عن الحكم قال: بعث النبي (ص) معاذا
وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، فسألوه عن فضل
ما بينهما، فأبى أن يأخذ حتى سأل النبي (ص)، فقال: (لا تأخذ شيئا).
(2) حدثنا عبد الأعلى عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: ليس فيهما شئ.
(3) حدثنا غندر عن شعبة قال: سألت الحكم، قلت: إن كانت خمسين بقرة، قال
الحكم: فيها مسنة.
(4) حدثنا عبد الرحيم عن محمد بن سالم عن العشبي عن علي قال: ليس في النيف
شئ.
(5) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طاوس أن معاذا قال: ليس في الأوقاص شئ.
وذكر أن أبا حنيفة قال: فيها بحساب ما زاد.
(64) مسألة في أضحية المسافر
(1) حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: كنا في المغازي لا يؤمر
علينا إلا أصحاب رسول الله، فكنا بفارس علينا رجل من مزينة من أصحاب النبي
(ص) فغلت علينا المسان حتى كنا نشتري المسن بالجذعتين والثلاث، فقام فينا هذا
الرجل فقال: إن هذا اليوم أدركنا فغلت علينا المسان حتى كنا نشتري المسن بالجذعتين
والثلاث، فقام فينا النبي (ص) فقال: (إن المسن يوفي مما يوفي منه الثني).
(2) حدثنا قاسم بن مالك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من مزينة أن النبي
(ص) ضحى في السفر.
(3) حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا إذا سافر الرجل أن
يوصي أهله أن يضحوا عنه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس على المسافر أضحية.

(64) أضحية المسافر مستحبة وليست فرضا واجبا.
397

(65) مسألة في العمرة والحج للحائض
(1) حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي
(ص) في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة، فقال النبي (ص): (من أراد منكم أن يهل
بعمره فليهل، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة)، قالت: فكان من القوم من أهل
بعمرة، ومنهم من أهل بحج، قالت: فكنت أنا ممن أهل بعمرة، قالت: فخرجنا حتى
قدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي، فشكوت ذلك إلى النبي
(ص) فقال: (دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج)، قالت: ففعلت،
فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني
وخرج إلى التنعيم فأهللت بعمرة، فقضى الله حجنا وعمرتنا، لم يكن في ذلك هدي ولا
صدقة ولا صوم.
(2) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء قال: سألتهما
عن امرأة قدمت مكة بعمرة فحاضت فخشيت أن يفوتها الحج، فقالا: تهل بالحج
وتمضي.
وذكر أن أبا حنيفة قال: تكون رافضة للحج وعليها دم وعمرة مكانها.
(66) مسألة التسبيح والتصفيق في الصلاة
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال:
(التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).
(2) حدثنا هشيم عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي هريرة قال: صلى النبي (ص)
بالناس ذات يوم، فلما قام ليكبر قال: (إن أنساني الشيطان شيئا من صلاتي فالتسبيح
للرجال والتصفيق للنساء).
(3) حدثنا هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي
(ص) قال: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).

(65) لو قلنا بقول أبي حنيفة لكان ذلك على كثير ممن يحج من النساء قد يبلغ ربعهن أو ثلثهن وحديث
عائشة رضي الله عنها متواتر وهو الحكم في ذلك.
(66) إذا لم يفعلوا ذلك عند الضرورة وقع الامام في السهو.
398

(4) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر قال: التسبيح
للرجال في الصلاة والتصفيق للنساء.
(5) حدثنا ابن فضيل عن يزيد قال: استأذنت على عبد الحمن بن أبي ليلى وهو
يصلي فسبح بالغلام ففتح لي.
(6) حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن الحسن قال: استأذن رجل على جابر بن
عبد الله فسبح فدخل فجلس حتى انصرف. وذكر أن أبا حنيفة كان يقول: لا يفعل ذلك وكرهه. (67) مسألة قتل من يشتم الرسول (ص)
(1) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: كان رجل من المسلمين أعمى، فكان
يأوي إلى امرأة يهودية، فكانت تطعمه وتسقيه وتحسن إليه، وكانت لا تزال تؤذيه في
رسول الله (ص)، فلما سمع ذلك منها ليلة من الليالي قام فخنقها حتى قتلها، فرفع ذلك
إلى النبي (ص) فنشد الناس في أمرها، فقام الرجل فأخبره أنها كانت تؤذيه في النبي (ص)
وتسبه وتقع فيه فقتلها لذلك، فأبطل النبي (ص) دمها.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن حصين عن شيخ عن ابن عمر أنه أصلت على
راهب سب النبي (ص) بالسيف وقال: إنا لم نصالحكم على شتم نبينا (ص).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يقتل.
(68) مسألة عوض المستعار إذا كسر أو فسد
(1) حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بني سوأة قال: قلت لعائشة:
أخبريني عن خلق النبي (ص)، فقالت: أو ما تقرأ القرآن؟ * (وإنك لعلى خلق عظيم) *
قالت: كان النبي (ص) مع أصحابه فصنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما، فسبقتني
حفصة، قالت: فقلت للجارية: انطلقي فاكفئ قصعتها، قالت: فأهوت أن تضعها بين
يدي النبي (ص) فكفأتها فانكسرت القصعة وانتثر الطعام، قالت: فجمعها النبي (ص) وما
فيها من الطعام على الأرض فأكلوا، ثم بعث بقصعتي فدفعها إلى النبي (ص) إلى حفصة فقال:
(خذوا ظرفا مكان ظرفكم وكلوا ما فيها)، قالت: فما رأيته في وجه رسول الله (ص).

(67) لا يقتل مسلم بكافر.
(68 / 1) سورة القلم الآية (4).
399

(2) حدثنا يزيد عن حميد عن أنس قال: أهدي بعض أزواج النبي (ص) إلى النبي
(ص) قصعة فيها ثريد وهو في بيت بعض أزواجه، فضربت القصعة فوقعت فانكسرت،
فجعل النبي (ص) يأخذ الثريد فيرده إلى القصعة بيده ويقول: (كلوا، غارت أمكم)، ثم
انتظر حتى جاءت قصعة صحيحة فأخذها فأعطاها صاحبة القصعة المكسورة.
(3) حدثنا حفص عن أشعث عن ابن سيرين عن شريك قال: من كسر عودا فهو
له وعليه مثله.
وذكر أن أبا حنيفة قال بخلافة وقال: عليه قيمتها.
(69) مسألة في بيع العرايا والمحاقلة والمزابنة فيها
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: أخبرني زيد بن ثابت
أن النبي (ص) رخص في العرايا.
(2) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير قال حدثني بشير بن يسار أنه سمع سهل بن
أبي حثمة ورافع بن أبي خديج يقولان: نهى رسول الله (ص) عن المحاقلة والمزابنة إلا
أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم.
وذكر أن أبا حنفية قال: لا يصلح ذلك.
(70) أي الزوجات يستبقي الرجل بعد أن يسلم
(1) حدثنا ابن عيينة ومروان بن معاوية عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن
عمر أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده ثمان نسوة، فأمره النبي (ص) أن يختار منهن أربعا.
وذكر أن أبا حنيفة قال: الأربع الأول.
(71) مسألة البيع من الشرط الفاسد
(1) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: أراد
أهل بريرة أن يبيعوها ويشترطوا الولاء، فذكرت ذلك للنبي (ص) فقال: (اشتريها
وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق).

(69) في عهد أبي حنيفة صار التمر فاكهة وليس أكثر طعام الناس وصارت الخمسة أوسق إنتاج العزيا
كمية كبيرة إلا أن ما أجازه الرسول (ص) يبقى جائزا لا يغيره شئ.
(71) ما كان من شرط مطابق للكتاب والسنة، فالشرط قائم والبيع قائم وما كان من شرط مناف للكتاب والسنة فالشرط باطل والبيع قائم وعلى هذا العمل وجمهور الفقهاء، والولاء لمن أعتق؟
والولاء لا يباع ولا يشرى.
400

(2) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن مواليها
اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق.
(3) حدثنا شبابة بن سوار عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: أرادت
عائشة أن تشتري بريرة فقالوا: أتبتاعينها على أن ولاءها لنا؟ فذكرت ذلك للنبي (ص)،
فقال رسول الله (ص): (لا يضرك ذلك منها، فإنما الولاء لمن أعتق).
وذكر أن أبا حنيفة قال: هذا الشراء فاسد لا يجوز.
(73) مسألة في كم يجزئ في التميم
(1) حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن عروة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار عن النبي (ص) قال: (التميم ضربة للوجه والكفين).
(2) حدثنا عباد بن العوام عن برد عن سليمان بن موسى عن أبي هريرة أن النبي
(ص) بال ثم ضرب بيده إلى الأرض فمسح بها وجهه وكفيه.
(3) حدثنا وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبزي عن أبيه قال: قال
عمر لعمار: أما تذكر يوم كنا في كذا وكذا، فأجنبنا فلم نجد الماء فتمعكنا في التراب،
فلما قدمنا على النبي (ص) ذكرنا ذلك له فقال: إنما كان يكفيكما هذا - وضرب الأعمش
بيديه ضربة ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ضربتين: لا تجزئه ضربة).
(73) مسألة في البيع بغير أمر صاحب المال
(1) حدثنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن عروة البارقي أن النبي (ص) أعطاه
دينارا يشتري به شاة، فاشترى به شاتين فباع أحدهما بدينار، وأتى النبي (ص) بدينار
وشاة، فدعا له النبي (ص) بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن رجل عن حكيم بن حزام أن النبي
(ص) بعثه يشتري له أضحية بدينار، فاشتراها ثم باعها بدينارين، وجاءه بدينار، فدعا له
النبي (ص) بالبركة، وأمره أن يتصدق بالدينار.
وذكر أن أبا حنيفة قال: يضمن إذا باع بغير أمره.
401

(74) مسألة في إتمام القيام والقعود في الصلاة
(1) حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن
أبي مسعود قال: قال النبي (ص): (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في
الركوع والسجود).
(2) حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه،
وكان يدريا، قال: كنا جلوسا مع النبي (ص) إذ دخل رجل يصلي، فصلى صلاة خفيفة
لا يتم ركوعا ولا سجودا، ورسول الله (ص) يرمقه ولا يشعر، فصلى ثم جاء فسلم على
النبي (ص) فرد عليه النبي (ص) فقال: (أعد فإنك لم تصل، ففعل ذلك ثلاثا كل ذلك
يقول: أعد فإنك لم تصل).
(3) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن المسور بن
مخرمة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له: أعد، فأبى فلم يدعه حتى أعاد.
وذكر أن أبا حنيفة قال: تجزئه وقد أساء.
(75) مسألة في الزرع بغير إذن صاحب الأرض
(1) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع بن خديج رفعه قال: (من
زرع في أرض قوم بغير إذنهم ردت إليه نفقته ولم يكن له من الزرع شئ).
(2) حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي جعفر الخطمي قال: بعثني عمي وغلاما له إلى
سعيد بن المسيب فقال: ما تقول في المزارعة؟ فقال: كان ابن عمر لا يرى فيها بأسا حتى
حدث عن رافع بن خديج فيها بحديث أن رسول الله (ص) أتى بني حارثة فرأى زرعا في
أرض ظهير فقال:) ما أحسن زرع ظهيرة، فقالوا: إنه ليس لظهير، قال: أليست
الأرض أرض ظهير؟ قالوا: بلى، ولكنه زارع فلانا، قال: فردوا عليه نفقته وخذوا
زرعكم)، قال رافع، قال رافع: فأخذنا زرعنا ورددنا عليه نفقته.
وذكر أن أبا حنيفة قال: يقطع زرعه.

(75) قول أبي حنيفة في هذا الامر تشديد كي لا يعتدي امرء على أرض سواه فيزرع فيها.
402

(76) مسألة فيما يضمن صاحب الماشية عن ماشيته
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد وحرام بن سيعد أن ناقة للبراء بن
عازب دخلت حائطا فأفسدت عليهم، فقضى النبي (ص) أن حفظ الأموال على أهلها
بالنهار، وأن على أهل الماشية ما أصابت الماشية بالليل.
(2) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الله بن عيسى عن الزهري عن
حرام بن محيصة عن البراء أن ناقة لآل البراء أفسدت شيئا، فقضى النبي (ص) أن حفظ
الأموال على أهلها بالنهار، وضمن أهل الماشية ما أفسدت ماشيتهم بالليل.
(3) حدثنا ابن عيينة عن أيوب عن محمد وعن ابن أبي خالد عن الشعبي أن شاة
أكلت عجينا - وقال الآخر: غزلا - نهارا، فأبطله شريح وقرأ: * (إذ نفشت فيه غنم
القوم) * وقال في حديث ابن أبي خالد: أنما كان النفش بالليل.
(4) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن طاوس عن الشعبي أن شاة دخلت على نساج
فأفسدت غزله فلم يضمن الشعبي ما بالنهار.
وذكر أن أبا حنيفة قال: يضمن.
(77) مسألة في العقيقة
(1) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم
كرز عن النبي (ص) قال: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة، لا يضركم
ذكرانا كن أم إناثا).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن حبيبة ابنة ميسرة عن أم كرز عن
النبي (ص) قال: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة).
(3) حدثنا شبابة عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص) عق عن
الحسن والحسين.
(4) حدثنا محمد بن بن بشر العبدي عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي
(ص) قال: (الغلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إلا يعق عنه فليس عليه في ذلك شئ.

(76 / 3) سورة الأنبياء من الآية (78).
403

مسألة في إسناد البناء على البناء
(1) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال:
(لا يمنع أحدكم أخاه أن يضع خشبة على جداره)، ثم قال أبو هريرة: ما لي أراكم عنها
معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس له ذلك.
(79) مسألة في الاستطابة
(1) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبي خزيمة عن عمارة بن خزيمة
عن خزيمة بن ثابت قال: قال النبي (ص) في الاستطابة: (ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع).
(2) حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال
له بعض المشركين وهم يستهزؤن: إن صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة، فقال سلمان: أجل!
أمرنا أن لا نستقبل القبلة ولا نستنجي بأيماننا ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم.
(3) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال:
خرج النبي (ص) لحاجته فقال: (التمسي لي ثلاثة أحجار) فأتيته بحجرين وروثة، فأخذ
الحجرين وألقى الروثة وقال: إنها ركس).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئه ذلك حتى يتوضأ إذا بقي بعد الثلاثة الأحجار
أكثر من مقدار الدرهم.
(80) مسألة في الطلاق قبل النكاح
(1) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده قال: قال رسول الله (ص): (لا طلاق إلا بعد ملك).
(2) حدثنا حماد بن خالد عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت: (لا طلاق إلا بعد نكاح).

(79 / 3) ركس: رجس.
(80) فيه أقوال إلا أن الراجح ألا يؤخذ بأمر الرجل أو قوله فيما لا يملك.
404

(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن المنكدر عمن سمع طاوسا يقول: قال النبي
(ص) يقول: لا طلاق إلا بعد نكاح).
(4) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن
علي قال:) لا طلاق إلا بعد نكاح).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن حلف بطلاقها ثم تزوجها طلقت.
(81) مسألة في القضاء باليمين والشاهد
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي (ص) قضى بيمين
وشاهد، قال: وقضى بها علي بين أظهركم.
(2) حدثنا زيد بن الحباب عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن
دينار عن ابن عباس أن النبي (ص) قضى بيمين وشاهد.
(3) حدثنا ابن علية عن سوار عن ربيعة قال: قلت له في شهادة شاهد ويمين الطالب،
قال: وجد في كتب سعد.
(4) حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز
كتب إلى عبد الحميد أن يقضي باليمين مع الشاهد، قال أبو الزناد: وأخبرني شيخ
مشيختهم أو من كبرائهم أن شريحا قضى بذلك.
(5) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن حصين قال: قضي على عبد الله بن عتبة
بشهادة شاهد ويمين الطالب.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجوز ذلك.
(82) مسألة في مال العبد
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) قال: (من باع
عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عمن سمع جابر بن عبد الله يقول:

(81) وقد أخذ هنا بقول من قال أن هذا الامر بدعة وأن أول من قضى به معاوية.
(83) ففي هذا الحال يعتق العبد نفسه بما لديه من مال.
405

قال رسول الله (ص): (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع) -
قضى به رسول الله (ص).
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال: قال علي: (من باع عبدا وله
مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).
(4) حدثنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص):
(من باع عبدا وله مال فماله لسيده إلا أن يشترط الذي اشتراه).
(5) حدثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء وابن أبي مليكة قالا:
قال رسول الله (ص): (من باع عبدا فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع، يقول: اشتريه
منك وماله).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن كان مال العبد أكثر من الثمن لم يجز ذلك.
(83) مسألة رد البيع
(1) حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر
قال: قال النبي (ص): (عهدة الرقيق ثلاثة أيام).
(2) حدثنا ابن علية عن يونس عن الحسن قال: قال النبي (ص): (لا عهدة فوق
أربع).
(3) حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال:
قال: إنما جعل ابن الزبير عهدة الرقيق ثلاثة لقول رسول الله (ص) لمنقذ بن عمرو: قال:
(لا خلابة إذا بعت بيعا فأنت بالخيار ثلاثا).
(4) حدثنا حماد بن خالد عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبان بن
عثمان وهشام بن إسماعيل يعلمان العهدة في الرقيق الحمى والبطن ثلاثة أيام وعهدة سنة في
الجنون والجذام.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا افترقا فليس له أن يرد إلا بعيب كان بها.

(83) وقد اعتبر أن الجنون والجذام مرضان يمكن أن يصاب بهما خلال وجوده عند المشتري دون أن
يكون السبب كائن قبل ذلك وهذا ممكن.
406

(84) مسألة في ركوب الهدي
(1) حدثنا أبو خالد عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله
(ص): (اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي (ص)
رأى رجلا يسوق بدنة فقال: اركبها، قال: إنها بدنة، قال: اركبها وإن كانت بدنة).
(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال: رأى رسول الله (ص) رجلا
يسوق بدنة فقال: اركبها، قال: إنها بدنة، قال: اركبها).
(4) حدثنا أبو الأحوص عن العلاء عن عمرو بن مرة عن عكرمة قال: قال رجل
لابن عباس: أنركب البدنة، قال: غير مثقل، قال: غير مثقل، قال: فنحلبها، قال: غير مجهد.
(5) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريح عمن حدثه عن أنس قال: اركبها،
قال: إنها بدنة، قال: اركبها).
(6) حدثنا أبو مالك الجنبي عن حجاج عن أبي إسحاق عن علي قال: يركب بدنته
بالمعروف.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تركب إلا أن يصيب صاحبها جهد.
(85) في الأكل من الهدي
(1) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء وعن عبد الكريم عن معاذ بن سعد عن
سنان بن سلمة أن النبي (ص) قال له في الهدي التطوع: (لا يأكل، فإن أكل غرم).
(2) حدثنا حفص عن ليث عن مجاهد عن عمر قال: من اهتدى هديا تطوعا
فعطب نحره دون الحرم ولم يأكل منه، وإن أكل منه فعليه البدل.
(3) حدثنا ابن علية عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس أن النبي (ص) بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل، وأمره فيها بأمره، فانطلق ثم رجع إليه فقال: أرأيت إن
ازحف علينا منها شئ، قال: (انحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اجعلها على صفحتها
ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك).

(85) وأهل رفقته من الناس وإنما المنع عن هاديا فقط، وليس عن رفقته.
407

(4) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن ناجية الخزاعي قال: قلت: يا رسول الله!
كيف نصنع بما عطب من البدن؟ قال: انحره واغمس نعله في دمه وخل بين الناس
وبينه).
وذكر أن أبا حنيفة قال: يأكل منها أهل الرفقة.
(86) مسألة في العفو في الحد
(1) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: كان صفوان بن أمية من الطلقاء،
فأتى رسول الله (ص) فأناخ راحلته ووضع رداءه عليها ثم تنحى ليقضي الحاجة، فجاء
رجل فسرق رداءه فأخذه فأتى به النبي (ص) فأمر به أن تقطع يده، قال: يا رسول الله!
تقطعه في رداء أنا أهبه له، قال: (فهلا قبل أن تأتيني به).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن طاوس قال: قيل لصفوان بن أمية وهو بأعلى
مكة: لا دين لمن لم يهاجر، فقال: والله لا أصل إلى أهلي حتى آتي المدينة، فأتي المدينة فنزل على العباس فاضطجع في المسجد وخميصته تحت رأسه، فجاء سارق فسرقها من تحت
رأسه، فاتى به النبي (ص) فقال: إن هذا سارق، فأمر به فقطع، فقال: هي له: فقال:
(فهلا قبل أن تأتيني به).
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا وهبها له درئ عنه الحد.
(87) مسألة في الوتر على الراحلة
(1) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه صلى على
راحلته وأوتر عليها، قال: وكان النبي (ص) يفعله.
(2) حدثنا أبو داود الطيالسي عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أنه
أوتر وقال: الوتر على الراحلة.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن ثوير عن أبيه أن عليا كان يوتر على راحلته.
(4) حدثنا ابن أبي عدي عن أشعث قال: كان الحسن لا يرى بأسا أن يوتر الرجل
على راحلته.

(87) قال تعالى: * (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) * سورة البقرة من الآية (115).
والآثار والأحاديث المذكورة تؤكد القول نفسه.
408

(5) حدثنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن عمر عن نافع أن أباه كان يوتر
على البعير.
(6) حدثنا عمرو بن محمد عن ابن داود عن موسى بن عقبة قال: صحبت سالما
فتخلفت عنه بالطريق فقال: ما خلفك؟ فقلت: أوترت، قال: فهلا على راحلتك.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجزئه أن يوتر عليها.
(88) مسألة في سؤر الهر
(1) حدثنا زيد بن الحباب عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
الأنصاري عن حميد ابنة عبيد بن رفاعة عن كبشة ابنة كعب - وكانت تحت بعض ولد
أبي قتادة - أنها صبت لأبي قتادة ماء يتوضأ به، فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الاناء
فجعلنا تنظر، فقال: يا بنت أخي! تعجبين، قال رسول الله (ص): (إنها ليست بنجس،
هي من الطوافين عليكم أو من الطوافات).
(2) حدثنا ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة قال: كان أبو قتادة يدني الاناء من الهر
فيلغ فيه ثم يتوضأ بسؤره.
(3) حدثنا ابن علية عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال: الهر من متاع البيت.
(4) حدثنا شريك عن الركين عن صفية ابنة دأب قالت: سألت حسين بن علي عن
الهر فقال: هي من أهل البيت.
(5) حدثنا البكراوي عن الجريري قال: ولغت هرة في طهور لأبي العلاء فتوضأ
بفضلها.
وذكر أن أبا حنيفة أنه كره سؤر السنور.
(89) مسألة في المسح على النعلين
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس الأودي عن الهزيل بن شرحبيل الأودي
عن المغيرة بن شعبة أن النبي (ص) بال قائما ثم توضأ ومسح على نعليه.

(89) وإنما المسح على ظهر النعل وليس على أسفله لان الامر بتقليد ما فعل الرسول (ص).
409

(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن زيد أن عليا بال ومسح على النعلين.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن الزبير عن أكيل عن سويد بن غفلة أن عليا بال
ومسح النعلين.
(4) حدثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن أوس بن أبي أوس عن أبيه قال: كنت مع
أبي فانتهى إلى ماء من مياه الاعراب، فتوضأ ومسح على نعليه، فقلت له في ذلك، فقال:
لا أزيدك على ما رأيت النبي (ص) صنع.
(5) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن واصل عن سعيد بن عبد الله بن ضرار أن
أنس بن مالك توضأ فمسح على جوربين من مرعزي.
(6) حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن سعيد عن جلاس قال: رأيت عليا بال
بالرحبة ثم مسح على جوربيه ونعليه.
وذكر أن أبا حنيفة كان يكره المسح على الجوربين والنعلين إلا أن يكون أسفلهما
جلود.
(90) مسألة في الوتر فرض هو أم سنة؟
(1) حدثنا يزيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن هبان أخبر عن ابن محيريز
القرشي أنه أخبره عن المخدجي رجل من بني كنانة أنه أخبره أن رجلا من الأنصار كان
بالشام يكنى أبا محمد وكانت له صحبة فأخبره أن الوتر واجب، فذكر المخدجي أنه راح
إلا عبادة بن الصامت فأخبره فقال عبادة: كذب أبو محمد! سمعت النبي (ص) يقول:
(خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من جاء بهن لم يضيع من حقهن جاء وله
عند الله عهد أن يدخله الجنة،
ومن انتقص من حقهن جاء وليس له عند الله عهد،
إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة).
(2) حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن مسلم مولى عبد القيس قال: قال رجل
لابن عمر: أرأيت الوتر سنة هو؟ قال: ما سنة؟ أوتر النبي (ص) وأوتر المسلمون، قال:
لا، أسنة هو؟ قال: مه، أتعقل أوتر النبي (ص) وأوتر المسلمون.

(90) الوتر سنة ولو كان فرضا لكان له وقت محدد، إنما أوتر الرسول الله (ص) وأوتر المسلمون ولو فرض
الوتر لحدد له عدد وميقات.
410

(3) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: قيل له: الوتر فريضة هي؟ قال: قد أوتر النبي (ص) وثبت عليه المسلمون.
(4) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم ضمرة قال: قال علي:
الوتر ليس بحتم كالصلاة المكتوبة.
(5) حدثنا ابن مبارك عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب قال: سن النبي (ص)
الوتر كما سن الفطر والأضحى.
(6) حدثنا حفص عن ليث عن مجاهد قال: الوتر سنة.
(7) حدثنا ابن فضيل عن مطرف عن الشعبي أنه سئل عن رجل نسي الوتر، قال:
لا يضره كأنما هو فريضة.
(8) حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن أنه كان لا يرى الوتر فريضة.
(9) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عطاء ومحمد بن علي قالا: الأضحى
والوتر سنة.
وذكر أن أبا حنيفة قال: الوتر فريضة.
(91) مسألة في خطبتي الجمعة
(1) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: كانت للنبي (ص)
خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس.
(2) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال: كان النبي (ص) يخطب قائما ثم
يجلس ثم يقوم فيخطب خطبتين.
(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة قال: استخلف
مروان أبا هريرة على المدينة، فكان يصلي بنا يوم الجمعة فيخطب خطبتين ويجلس
جلستين.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجلس إلا جلسة واحدة.
(92) مسألة في قضاء ركعتي سنة الفجر
حدثنا ابن نمير عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن
عمرو قال: رأى النبي (ص) رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال النبي (ص):
411

(أصلاة الصبح مرتين)؟ فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما،
فصليتهما الآن، فسكت رسول الله (ص).
(2) حدثنا هشيم عن عبد الملك عن عطاء أن رجلا صلى مع النبي (ص) صلاة
الصبح، فلما قضى النبي (ص) قام الرجل فصلى ركعتين، فقال له النبي (ص): (ما هاتان
الركعتان)؟ فقال: يا رسول الله (ص)! جئت وأنت في الصلاة ولم أكن صليت الركعتين
قبل الفجر، فكرهت أن أصليهما أنت تصلي، فلما قضيت الصلاة قمت فصليتهما، قال:
فلم يأمره لم ينهه.
(3) حدثنا هشيم أخبرنا مسمع بن ثابت قال: رأيت عطاء فعل مثل ذلك.
(4) حدثنا ابن علية عن ليث عن الشعبي قال: إذا فاتته ركعتا الفجر صلاهما بعد
الفجر.
(5) حدثنا غندر عن شعبة عن يحيى بن كثير قال: سمعت القاسم يقول: إذا لم
أصلهما حتى أصلي الفجر صليتهما بعد طلوع الشمس.
(6) حدثنا شريك عن فضيل عن نافع عن ابن عمر أنه صلى ركعتي الفجر بعد ما أضحى.
وذكر أن أبا حنيفة قال: ليس عليه أن يقضيهما.
(93) مسألة في الصلاة بين القبور
(1) حدثنا حفص عن أشعث عن الحسن قال: نهى رسول الله (ص) عن الصلاة بين
القبور.
(2) حدثنا حفص عن حميد عن أنس قال: أبصرني عمر وأنا أصلي إلى قبر فجعل
يقول: يا أنس! القبر، فجعلت أرفع رأسي أنظر إلى القمر، فقالوا: إنما يعني القبر.
(3) حدثنا جرير عن منصور عن أبي ظبيان عن عبد الله بن عمر وقال: لا يصلى
إلى القبر.
(4) حدثنا ابن فضيل عن العلاء عن أبيه وخيثمة قالا: لا يصلى إلى حائط حمام ولا
وسط مقبرة.

(93) وقد صلى الرسول (ص) على المرأة التي كانت تقم المسجد عند قبرها فكبر أربعا.
412

(5) حدثنا حفص عن الحجاج عن الحكم عن الحسن العرني قال: الأرض كلها
مساجد إلى ثلاثة: المقبرة والحمام والحش.
(6) حدثنا حفص وأبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن
يصلي على الجنازة في المقبرة.
(7) حدثنا غندر عن شعبة عن المغيرة عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يصلوا
بين القبور.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن صلى أجزأته صلاته.
(94) مسألة في زكاة الفرس والعبد
(1) حدثنا ابن عيينة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رواية قال: (قد جاوزت
لكم عن صدقة الخيل والرقيق).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن سلمان بن يسار عن عراك بن مالك
عن أبي هريرة يبلغ به النبي (ص) قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن ابن عراك قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا
هريرة يقول: قال النبي (ص): (لا صدقة على المؤمن في عبده ولا فرسه).
(4) حدثنا عبد الرحيم عن ابن خالد عن شبيل بن عوف - وكان قد أدرك الجاهلية
قال: أمر عمر بن الخطاب الناس بالصدقة فقال الناس: يا أمير المؤمنين! خيلنا ورقيقنا،
أفرض علينا عشرة عشرة، قال: أما أنا فلست أفرض ذلك عليكم.
(5) حدثنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ليس على الفرس
الغازي في سبيل الله صدقة.
(6) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار قال: سئل سعيد بن المسيب: أفي
البراذين صدقة؟ قال: أو في الخيل صدقة؟
(7) حدثنا أبو أسامة عن أسامة عن نافع أن عمر بن عبد العزيز قال: ليس في الخيل
صدقة.

(94) إن كانت كذلك فهي مال معد للتجارة وليست خيلا للركوب وفيها الزكاة.
413

(8) حدثنا الثقفي عن برد عن مكحول قال: ليس في الخيل صدقة إلا صدقة
الفطر.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن كانت خيل فيها ذكور وإناث يطلب نسلها ففيها
صدقة.
(95) مسألة في التأمين خلف الامام
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رفعه قال: (إذا أمن
القارئ فأمنوا، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
(2) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه
قال: صليت مع النبي (ص)، فلما قال: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * قال:
(آمين).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن
حجر قال: سمعت النبي (ص) قرأ * (ولا الضالين) * فقال: (آمين) - يمد بها صوته.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يرفع الامام صوته بآمين ويقولها من خلفه.
(96) مسألة في الوتر كيف يصلى
(1) حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن النبي (ص)
قال: (صلاة الليل مثنى مثنى والوتر واحدة وسجدتان قبل طلوع الفجر).
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي (ص) قال:
(صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة).
(3) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن سالم عن ابن عمر عن النبي (ص)
قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة توتر لك ما مضى من
صلاتك).
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي سلمة
قال: كان النبي (ص) يسلم في كل ركعتين من صلاة الليل.
(5) حدثنا يزيد عن ابن عون عن رجاة عن قبيصة بن ذويب قال: مر علي أبو
414

هريرة وأنا أصلي، فقال: إفصل، فلم أدر ما قال: فلما انصرفت قلت: ما أفصل، قال:
إفصل بين صلاة الليل وصلاة النهار.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير قال: في
كل ركعتين فصل. (7) حدثنا وكيع عن عمر بن الوليد عن عكرمة قال: بين كل ركعتين تسليمة.
(8) حدثنا أبو أسامة عن خالد بن دينار عن سالم أنه قال: صلاة الليل مثنى مثنى.
(9) حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن محمد قال: صلاة الليل مثنى مثنى،
والوتر ركعة من آخر الليل.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إن شئت صليت ركعتين، وإن شئت أربعا، وإن شئت
ستا، لا تفصل بينهن.
(97) مسألة في الوتر كم ركعة هو
(1) حدثنا هشيم عن خالد عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن النبي (ص) قال:
(الوتر واحدة).
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) قال: (إذا
خشيت الصبح فأوتر بركعة).
(3) حدثنا هشيم أخبرنا حجاج عن عطاء أن معاوية أوتر بركعة فأنكر ذلك عليه،
فسئل عنه ابن عباس فقال: أصاب السنة.
(4) حدثنا هشيم عن حصين عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يوتر بركعة فقيل
له فقال: إنما أستنقض تمامها.
(5) حدثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم قال: سألت عطاء: أوتر بركعة؟ قال:
نعم، إن شئت.
(6) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين قال: سمر ابن مسعود وحذيفة عند
الوليد بن عقبة ثم خرجا فتقاوما، فلما أصبحا ركع كل واحد منهما ركعة.

(97) وأقل الوتر عند أبي حنيفة ثلاث ركعات.
415

(7) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طاوس عن ابن عمر قال: قال رسول الله
(ص): (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة).
(8) حدثنا ابن إدريس عن ليث أن أبا بكر كان يوتر بركعة ويتكلم فيما بين
الركعتين والركعة.
(9) حدثنا ابن عدي عن ابن عون عن محمد قال: الوتر ركعة من آخر الليل.
(10) حدثنا مرحوم عن عسل بن سفيان عن عطاء عن ابن عباس أنه أوتر بركعة.
(11) حدثنا عبد الأعلى عن داود عن الشعبي قال: كان آل سعد وآل عبد الله
يسلمون في ركعتي الوتر ويوترون بركعة.
(12) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن سعيد ونافع قالا: رأينا معاذا
القارئ يسلم في ركعتي الوتر.
(13) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون قال: كان الحسن يسلم في ركعتي الوتر.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجوز أن يوتر بركعة.
(98) مسألة في جلود السباع
(1) حدثنا عبد الله بن مبارك ويزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن أبي المليح عن أبيه قال: نهى النبي (ص) عن جلود السباع - قال يزيد: أن تفترش.
(2) حدثنا ابن مبارك عن أشعث عن ابن سيرين أن ابن مسعود استعار دابة فأتى بها عليها صفة نمور فنزعها ثم ركب.
(3) حدثنا ابن علية عن علي بن الحكم قال: سألت الحكم عن جلود النمور فقال:
تكره جلود السباع.
(4) حدثنا ابن نمير عن حجاج عن الحكم أن عمر كتب إلى أهل الشام ينهاهم أن
يركبوا على جلود السباع.
(5) حدثنا ابن علية عن يزيد الرشك عن أبي المليح قال: نهى النبي (ص) عن جلود
السباع أن تفترش.

(98) وإنما نهي عن ذلك لان في الجلوس عليها كبر وخيلاء ولا يدخل الجنة لمن كان في قلبه ذرة من
كبر.
416

(6) حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي أنه كره الصلاة في جلود الثعالب.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس بالجلوس عليها.
(99) مسألة في الكلام مع الامام وهو يخطب
(1) حدثنا حفص عن ابن جريج عن عطاء قال: كان النبي (ص) يخطب فقال
للناس: (اجلسوا، فسمعه عبد الله بن مسعود وهو على الباب فجلس فقال: يا عبد الله!
ادخل).
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن قيس قال: جاء أبي والنبي عليه السلام
يخطب، فقام بين يديه في الشمس، فأمر به فحول إلى الظل.
(3) حدثنا شريك عن جابر بن عامر قال: إن كانوا ليسلمون على الامام وهو على
المنبر فيرد.
(4) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن خالد عن ابن سيرين قال: كانوا يستأذنون
الامام وهو على المنبر، فلما كان زياد وكثر ذلك قال: من وضع يده على أنفه فهو إذنه.
(5) حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني
والنبي (ص) يخطب يوم الجمعة، فقال له: (صليت، قال: لا، قال: صل ركعتين تجوز
فيهما).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يكلم الامام أحدا في خطبته.
(100) مسألة في صلاة الاستسقاء
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه
قال: أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس أسأله عن الاستسقاء، فقال ابن عباس: ما
منعه أن يسألني، خرج النبي (ص) متواضعا متبذلا متخشعا متضرعا مترسلا، فصلى
ركعتين كما يصلي في العيد ولم يخطب خطبكم هذه.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق قال: خرجنا مع عبد الله بن يزيد
الأنصاري نستسقي، فصلى ركعتين وخلفه زيد بن أرقم.
(3) حدثنا معن بن عيسى عن محمد بن هلال أنه شهد عمر بن عبد العزيز في
الاستسقاء بدأ بالصلاة قبل الخطبة، قال: واستسقى فحول رداءه.
417

(4) حدثنا شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد وكان من أصحاب النبي (ص) أنه رأى النبي (ص) يوم خرج يستسقي
فحول إلى الناس ظهره يدعو، واستقبل القبلة ثم حول رداءه ثم صلى ركعتين وقرأ فيهما
وجهر.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تصلى صلاة الاستسقاء في جماعة ولا يخطب فيها.
(101) مسألة في وقت صلاة العشاء
(1) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن
حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس قال: قال
رسول الله (ص): (أمني جبرئيل عند البيت مرتين فصلى بي العشاء حين غاب الشفق
وصلى بي من الغد العشاء ثلث الليل الأول، وقال: هذا الوقت وقت النبيين قبلك،
الوقت بين هذين الوقتين).
(2) حدثنا وكيع عن بدر بن عثمان سمعه من أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه سائلا
أتى النبي (ص) فسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا ثم أمر بلالا فأقام العشاء
الآخرة عند سقوط الشفق ثم صلى من الغد العشاء ثلث الليل ثم قال: (أين السائل عن
الوقت؟ ما بين هذين الوقتين وقت).
(3) حدثنا زيد بن الحباب عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت قال:
حدثني حسين بن بشير بن سليمان عن أبيه قال: دخلت أنا ومحمد بن علي على جابر بن
عبد الله فقلنا له: حدثنا كيف كانت الصلاة مع النبي (ص)؟ فقال: صلى بنا النبي (ص)
العشاء حين غاب الشفق ثم صلى بنا من الغد العشاء حين ذهب ثلثا الليل.
(4) حدثنا أبو أسامة عن عبد الله عن نافع عن صفية ابنة أبي عبيد أن عمر بن
الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد يوقت لهم الصلاة، قال: صلوا صلاة العشاء إذا غاب
الشفق، فإن شغلتم فما بينكم وبين أن يذهب ثلث الليل ولا تشاغلوا عن الصلاة، فمن
رقد بعد ذلك فلا أرقد الله عينه - يقولها ثلاث مرار.
(5) حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: وقت العشاء إلى ربع الليل.
وذكر أن أبا حنيفة قال: وقت العشاء إلى نصف الليل.
418

(102) مسألة في القسامة
(1) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد أن القسامة كانت في
الجاهلية، فأقرها النبي (ص) في قتيل من الأنصار وجد في جب اليهود. قال: فبدأ النبي
(ص) باليهود فكلفهم قسامة خمسين، فقالت اليهود: لن نحلف، فقال النبي (ص) للأنصار:
أفتحلفون؟ قالت الأنصار: لن نحلف، فأغرم النبي (ص) اليهود ديته لأنه قتل بين
أظهرهم.
(2) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري قال: دعاني عمر بن عبد العزيز
فسألني عن القسامة فقال: إنه قد بدا أن أردها، إن الأعرابي يشهد والرجل الغائب يجئ
فيشهد، فقلت: يا أمير المؤمنين! إنك لن تستطيع ردها، قضى بها النبي (ص) والخلفاء
بعده.
(3) حدثنا الفضل بن دكين عن سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار أن رجلا
من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خبير فتفرقوا
فيها فوجدوا أحدهم قتيلا، فقالوا للذين وجدوه عندهم: قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا
ولا علمنا قاتلا، قال: فانطلقوا إلى نبي الله، فقالوا: يا نبي الله! انطلقنا إلى خبير فوجدنا
أحدنا قتيلا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (الكبر الكبر، فقال لهم: تأتون بالبينة
على من قتل، قالوا: ما لنا بينة قال: فيحلفون لكم)، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود،
فكره نبي الله (ص) أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة.
(4) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن
حويصة ومحيصة ابني مسعود وعبد الله وعبد الرحمن ابني فلان خرجوا يمتارون بخبر فعدي
على عبد الله فقتل، قال: فذكروا ذلك للنبي (ص)، قال: فقال: فقال رسول الله (ص):
(تقسمون بخمسين وتستحقون، فقالوا: يا رسول الله! كيف نقسم ولم نشهد؟ قال:
(فتبرئكم يهود)، قالوا: يا رسول الله! إذا تقتلنا اليهود، قال: فوداه رسول الله (ص)
من عنده.
(5) حدثنا محمد بن بشر حدثنا سعيد عن قتادة أن سليمان بن يسار قال: القسامة حق
قضى بها رسول الله (ص)، بينما الأنصار عند رسول الله (ص) إذ خرج رجل منهم، ثم

(102) إن كانا شاهدين فقط فيجب أن يكونا من غير أصحاب الدم أما القسامة فأمر متواتر.
419

خرجوا من عند النبي (ص) فإذا هم بصاحبهم يتشحط في دمه، فرجعوا إلى النبي (ص)
فقالوا: قتلنا اليهود - وسموا رجلا منهم، ولم تكن لهم بينة، فقال لهم النبي (ص):
(شاهدان من غيركم حتى أدفعه إليكم برمته، فلم تكن لها فقال: استحقوا بخمسين
تهامة أدفعه إليكم برمته)، فقالوا: يا رسول الله! إنا نكره أن نحلف على غيب، فأراد
رسول الله (ص) أن يأخذ قسامة اليهود بخمسين منهم، فقالت الأنصار: يا رسول الله! إن
اليهود لا يبالون الخلف، متى ما نقبل هذا منهم يأتوا على آخرنا، فوداه النبي (ص) من
عنده.
وذكروا أن أبا حنيفة قال: لا تقبل أيمان الذين يدعون الدم.
(103) مسألة في الصلاة بعد العصر
(1) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم عن
النبي (ص) أنه قال: (يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي
ساعة من ليل أو نهار).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عطاء قال: رأيت ابن عمر طاف
بالبيت بعد الفجر وصلى ركعتين قبل طلوع الشمس.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن ليث عن عطاء قال: رأيت ابن عمر وابن عباس طافا
بعد العصر وصليا.
(4) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن أبي سعيد أنه رأى الحسن والحسين قدما مكة
فطافا بالبيت بعد العصر وصليا.
(5) حدثنا ابن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل أنه كان يطوف بعد
العصر ويصلي حتى تصفار الشمس.
(6) حدثنا يعلى عن الأجلح عن عطاء قال: رأيت ابن عمر وابن الزبير طافا بالبيت
قبل صلاة الفجر ثم صليا ركعتين قبل طلوع الشمس.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يصلي حتى تغيب أو تطلع وتمكن الصلاة.

(103) وقد سبق وذكرنا سبب كراهته الصلاة في هذين الوقتين لما سبق من حديث الرسول (ص) أن
الشيطان يقارن الشمس عند طلوعها وعند غروبها.
420

(104) مسألة في بيع السيف المحلى
(1) حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن يزيد قال: سمعت خالد بن أبي عمران
يحدث عن حنش عن فضالة بن عبيد قال: أتي (ص) يوم خبير بقلادة فيها خزر معلقة
بذهب ابتاعها رجل بسبعة دنانير، أو بتسعة دنانير، فأتى النبي (ص) فذكر ذلك له فقال:
(لا، حتى تميز ما بينهما، قال: إنما أردت الحجارة، قال: لا حتى تميز ما بينهما)،
قال: فرده حتى ميز.
(2) حدثنا وكيع عن محمد بن عبد الله عن أبي قلابة عن أنس قال: أتانا كتاب عمر
ونحن بأرض فارس ألا تبيعوا السيوف فيها حلقة فضة بدرهم.
(3) حدثنا وكيع عن زكريا عن العشبي قال: سئل شريح عن طوق من ذهب فيه
فصوص، قال: تنزع الفصوص ثم يباع الذهب وزنا بوزن.
(4) حدثنا ابن علية عن أيوب عن محمد كان يكره شراء السيف المحلى إلا بعرض.
(5) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري أنه كان يكره شراء السيف المحلى
بفضة، ويقول: اشتره بذهب يدا بيد.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا بأس أن يشتريه بالدراهم.
(105) في تأخير سنة صلاة الظهر
(1) حدثنا شريك عن هلال الوزن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان النبي
(ص) إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعدها.
(2) حدثنا جرير عن منصور عن أبي جعفر عن إبراهيم قال: إذا فاتته أربع قبل الظهر
صلاها بعد.
(3) حدثنا وكيع عن مسعر عن رجل من بني أود عن عمرو بن ميمون قال: من
فاتته أربع قبل الظهر فليصلها بعد الركعتين.
وذكروا أن أبا حنيفة قال: لا يصليها ولا يقضيها.

(105) وإنما قال ذلك لأنه لم يقل بسنة صلاة الضحى.
421

(106) مسألة في الصلاة على الشهيد
(1) حدثنا شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن
كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن النبي (ص) كان يجمع بين الرجلين من قتلى
أحد في قبر واحد وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا.
(2) حدثنا عبيد الله بن موسى عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس قال: لما كان
يوم أحد مر النبي (ص) بحمزة وقد جدع ومثل به، فقال: (لولا أن تجد صفية لتركته
حتى يحشروه الله من بطون السباع والطير، ولم يصل على أحد من الشهداء وقال: أنا
شهيد عليكم اليوم).
وذكروا أن أبا حنيفة قال: يصلى على الشهيد.
(107) مسألة في تخليل اللحية في الوضوء
(1) حدثنا ابن عيينة عن عبد الكريم عن حسان بن بلال قال: رأيت عمار بن ياسر
توضأ وخلل لحيته، فقلت له فقال: رأيت النبي (ص) فعله.
(2) حدثنا ابن نمير عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال: رأيت عثمان
توضأ فخلل لحيته ثلاثا ثم قال: رأيت النبي (ص) يفعله.
(3) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخلل لحيته.
(4) هشيم عن أبي حمزة قال: رأيت ابن عباس يخلل لحيته.
(5) حدثنا معتمر عن أبي عون قال: رأيت أنسا يخلل لحيته.
(6) حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخلل لحيته.
(7) حدثنا زيد بن حباب عن عمر بن سليمان الباهلي عن أبي غالب قال: رأيت أبا
أمامة توضأ ثلاثا ثلاثا وخلل لحيته وقال: رأيت رسول الله (ص) فعله.
(8) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا حسن بن صالح عن موسى بن أبي عائشة عن رجل
عن يزيد الرقاشي عن أنس أن النبي (ص) خلل لحيته.

(106 / 2) تجد صفية: تحزن.
(107) منابت شعر اللحية جزء من الوجه وعليه يجب إيصال الماء إلى هذه المواضع.
422

(9) حدثنا وكيع حدثنا الهيثم بن حماد عن يزيد بن أبان عن أنس أن النبي (ص)
قال: (أتاني جبرئيل فقال: إذا توضأت فخلل لحيتك).
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يرى تخليل اللحية.
(108) مسألة في ما يقرأ في الوتر من السور
(1) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن
أبيه قال: كان رسول الله (ص) يقرأ في الوتر ب‍ * (سبح اسم ربك الأعلى) *، و * (قل يا
أيها الكافرون) *، و * (قل هو الله أحد) *.
(2) حدثنا محمد بن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الأعمش عن طلحة عن ذر عن
سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن النبي (ص) كان يوتر
ب‍ * (سبح اسم ربك الأعلى) *، و * (قل يا أيها الكافرون) *، و * (قل هو الله أحد) *.
(3) حدثنا شبابة عن يونس عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن
النبي (ص) كان يوتر بثلاث يقرأ فيهن ب‍ * (سبح اسم ربك الأعلى) *، و * (قل يا أيها
الكافرون) *، و * (قل هو الله أحد) *.
(4) حدثنا شبابة عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين أن
النبي (ص) أوتر ب‍ * (سبح اسم ربك الأعلى) *.
وذكر أن أبا حنيفة كره أن يخص سورة يقرأ بها في الوتر.
(109) مسألة في ما يقرأ في الجمعة والعيدين
(1) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع قال:
استخلف مروان أبا هريرة على المدينة وخرج إلى مكة، فصلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ
بسورة الجمعة في السجدة الأولى وفي الآخرة * (إذا جاءك المنافقون) * قال عبيد الله:
فأدركت أبا هريرة حين انصرف فقلت: إنك قرأت بسورتين كان علي رحمه الله يقرأ بهما
في الكوفة، فقال: أبو هريرة: إني سمعت رسول الله (ص) يقرأ بهما.

(1 / 109) * (إذا جاءك المنافقون) * سورة (المنافقون).
423

(2) حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أناس من أهل المدينة أرى فيهم أبا
جعفر قال: كان رسول الله (ص) يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين، فأما سورة
الجمعة فيبشر بها المؤمنين ويحرضهم، وأما سورة المنافقين فيوئس بها المنافقين ويوبخهم.
(3) حدثنا جرير عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن
النعمان بن بشير أن النبي (ص) كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة ب‍ * (سبح اسم ربك
الأعلى) *، و * (هل أتاك حديث الغاشية) *، وإذا اجتمع العيدان في يوم قرأ بهما فيهما.
(4) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن
النعمان بن بشير عن النبي (ص) بنحو حديث جرير.
(5) حدثنا يعلى بن عبيد عن مسعر عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة
قال: كان النبي (ص) يقرأ في الجمعة ب‍ * (سبح اسم ربك الأعلى) *، و * (هل أتاك
حديث الغاشية) *.
(6) حدثنا ابن عيينة عن ضمرة بن سعيد قال: سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
يقول: خرج عمر يوم عيد فسأل أبا واقد الليثي: بأي شئ قرأ النبي (ص) في هذا اليوم؟
فقال: بقاف واقتربت.
وذكر أن أبا حنيفة كره أن تخص سورة ليوم الجمعة والعيدين.
(110) مسألة في نضح الثوب من الاحتلام
(1) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن السباق عن أبيه
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة فكنت أكثر الغسل منه، فذكرت
ذلك لرسول الله (ص) فقال: (إنما يكفيك من ذلك الوضوء، قال: قلت: يا رسول الله!
فكيف بما يصيب ثوبي، قال: إنما يكفيك كف ماء تنضح به من ثوبك حيث ترى أنه
أصاب).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: إذا أجنب
الرجل في ثوبه فرأى فيه أثرا فليغسله، فإن لم ير فيه أثرا فلينضحه بالماء.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق قال: قال رجل من الحي لأبي ميسرة: إني

(109 / 3) * (هل أتاك حديث الغاشية) *: سورة الغاشية.
424

أجنب في ثوبي فأنظر فلا أرى شيئا، قال: فإذا اغتسلت فتلفف به وأنت رطب فإن ذلك
يجزئك.
(4) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم في الرجل يحتلم في الثوب فلا يدري أين
موضعه، قال: ينضح الثوب بالماء.
(5) حدثنا محبوب القواريري عن مالك بن حبيب عن سالم قال: سأله رجل قال:
احتلمت في ثوبي، قال: اغسله، قال: خفي علي، قال: رشه بالماء.
(6) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن زبيد بن الصلت أن عمر نضح ما لم ير.
(7) حدثنا غندر عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: إن ضللت فانضح.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا ينضحه ولا يزيده الماء إلا شرا.
(111) مسألة في ركعتي تحية المسجد إذا صعد الامام للخطبة
(1) حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: جاء سليك
الغطفاني والنبي (ص) يخطب يوم جمعة، فقال له: (صليت؟ قال: لا، قال: صل
ركعتين تجوز فيهما).
(2) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال: إذا جئت يوم الجمعة والامام يخطب
فإن شئت صليت ركعتين، وإن شئت جلست.
(3) حدثنا أزهر عن ابن عون قال: كان الحسن يجئ والامام يخطب فيصلي
ركعتين.
(4) حدثنا هشيم أخبرنا منصور وأبو حرة ويونس عن الحسن قال: جاء سليك
الغطفاني والنبي (ص) يخطب يوم الجمعة ولم يكن صلى الركعتين، فأمره النبي (ص) أن
يصلي ركعتين يتجوز فيهما.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يصلي.

(111) هي ركعتي تحية المسجد له أن يصليهما ما دام الامام في خطبة الجمعة الأولى ولم ينتقل إلى الثانية وله
أن مؤخرهما لما بعد صلاة الجمعة وهما على كل حال سنة مؤكدة.
425

(112) مسألة في شاهدي الزور
(1) حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أم سلمة عن أم سلمة
قالت: قال رسول الله (ص): (إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن
يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم، فمن
قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار يأتي بها يوم
القيامة).
(2) حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت: جاء
رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله (ص) في موارث بينهما قد درست ليست بينهما
بينة، فقال رسول الله (ص): (إنكم تختصمون إلي وأنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن
يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم علي نحو مما أسمع منكم، فمن
قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاما
في عنقه يوم القيامة، قال: فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لأخي يا رسول
الله! فقال رسول الله (ص): أما إذ فعلتما فاذهبا فاقسما وتوخيا الحق ثم ليحلل كل
واحد منكما صاحبه).
(3) حدثنا محمد بن بشر العبدي حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله (ص): (إنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته
من بعض، فمن قضيت له من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار).
وذكر أن أبا حنيفة قال: لو أن شاهدي زور شهدا عند القاضي على رجل بطلاق امرأته
ففرق القاضي بينهما بشهادتهما أنه لا بأس أن يتزوجها أحدهما.
(113) مسألة في قتل المرتدة
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال
رسول الله (ص): (من بدل دينه فاقتلوه).
(2) حدثنا حفص بن غياث وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة

(112) شاهد الزور ليس عدلا ولا كفؤا ليزوج. (113) الأرجح أنها تسترق وفي ذلك أحاديث وآثار رواها صاحب المصنف نفسه في أبواب أخرى.
426

عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد
أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس،
والتارك لدينه المفارق للجماعة).
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن قال في المرتدة: تستتاب، فإن
تابت وإلا قتلت.
(4) حدثنا حفص عن عبيدة عن إبراهيم قال: تقتل.
(5) حدثنا ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن حماد قال: تقتل.
وذكروا أن أبا حنيفة قال: لا تقتل إذا ارتدت.
(114) مسألة في صلاة الخسوف
(1) حدثنا هشيم أخبرنا يونس عن الحسن عن أبي بردة قال انكسفت الشمس على
عهد رسول الله (ص) فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان
لموت أحد من الناس، فإذا كان ذلك فصلوا حتى تنجلي).
(2) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني
فلان بن فلان أن النبي (ص) قال: (إن كسوف الشمس آية من آيات الله، فإذا رأيتم
ذلك فافزعوا إلى الصلاة).
(3) حدثنا وكيع عن هشام عن الدستوائي عن قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن
عائشة قالت: صلاة الآيات ست ركعات في أربع سجدات.
(4) حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة: إذا فزعتم من أفق من آفاق
السماء فافزعوا إلى الصلاة.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي قلابة عن النعمان بن
بشير أن النبي (ص) صلى في كسوف نحوا من صلاتكم يركع ويسجد. وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يصلى في كسوف القمر.
427

(115) مسألة في الأذان والإقامة عند قضاء الصلاة إذا فاتت
(1) حدثنا هشيم أخبرنا أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله
قال: شغل النبي (ص) المشركون يوم الخندق عن أربع صلوات، قال: فأمر بلال فأذن
وأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء.
(2) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي
سعيد الخدري عن أبيه قال: حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، حتى
كفينا ذلك، وذلك قول الله تبارك وتعالى: * (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا
عزيزا) * فقام رسول الله (ص) فأمر بلال فأقام فصلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك،
ثم أقام العصر، فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان
يصليها قبل ذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، وذلك قبل أن ينزل
* (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) *.
وذكر أن أبا حنيفة قال: إذا فاتته الصلوات لم يؤذن في شئ منها ولم يقم.
(116) مسألة في بيع الحاضر بالغائب
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول:
سمعت عمر يقول: قال رسول الله (ص): (البر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير
ربا إلا هاء وهاء).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن
الصامت قال: قال رسول الله (ص): (الشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد).
(3) حدثنا وكيع حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي
سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): (البر بالبر والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا
بيد).
وذكر أن أبا حنيفة كان يقول: لا بأس ببيع الحنطة الغائبة بعينها بالحنطة الحاضرة.

(115 / 2) * (وكفى الله المؤمنين) * سورة الأحزاب من الآية (25).
* (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * سورة البقرة من الآية (239).
(116) الأفضل أن يبيع الحنطة الحاضرة بنقد دينا إلى أجل.
428

(117) مسألة فيمن تحل له الصدقة
(1) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن عامر عن حبشي بن جنادة قال:
سمعت رسول الله (ص) يقول: (الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي).
(2) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن سالم عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن
عمرو قال: قال رسول الله (ص): (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في الصدقة عليه وقال: جائزة.
(118) في بيع الدابة مع شرط ركوبها إلى البلد
(1) حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ابن جريح عن عطاء عن جابر أن النبي
(ص) قال له: (قد أخذت جملك بأربعة دنانير ولك ظهره إلى المدينة).
(2) حدثنا يحيى بن زكريا عن زكريا الشعبي عن جابر قال: بعته بأوقية
واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت المدينة آتيته فنقدني وقال: (أتراني إنما ما كستك
لآخذ جملك ومالك فهما لك).
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يراه.
(119) مسألة فيمن وجد متاعه بعينه عند المفلس
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي
هريرة أن النبي (ص) قال: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به).
وذكر أن أبا حنيفة قال: هو أسوة الغرماء.

(117) وقد استند إلى الحديث الذي ذكرت فيه قصة الرجل الذي خرج فتصدق، فإذا هو أعطى لغني
وخرج في الثانية فتصدق فإذا هو قد أعطى لبغي. وعلى كل عند وجود الفقير المحتاج فهو الأولى
بالصدقة من سواه.
(118) وإنما يرد ذلك باعتبار أن النبي فعل ذلك ليحسن إلى جابر وليس لاقرار عام.
ومن ناحية ثانية كي لا تصاب الدابة بشئ أثناء هذا الحملان فيقع الخلاف. والله أعلم.
429

(120) مسألة في المزارعة
(1) حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله
(ص) عامل أهل خبير بشر ما خرج من الزرع أو ثمر.
(2) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله
(ص) عامل أهل خبير بالشطر.
(3) حدثنا إسماعيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن
الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال: قال زيد بن ثابت: يغفر الله لرافع بن
خديج! إنما أتاه رجلان قد اقتتلا، فقال رسول الله (ص): (إن كان هذا شأنكم فلا
تكروا المزارع).
(4) حدثنا شريك عن عبد الله عن إبراهيم بن مهاجر عن موسى بن طلحة قال: كلا:
جاري قد رأيته يعطي أرضه بالثلث والربع: عبد الله وسعد.
(5) حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن طاوس قال: قدم علينا معاذ ونحن نعطي
أرضنا بالثلث والنصف فلم يعب ذلك علينا.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن الحارث بن حصيرة الأزدي عن صخر بن وليد عن
عمرو بن صليح عن علي قال: لا بأس بالمزارعة بالنصف.
وذكر أن أبا حنيفة كان يكره ذلك.
(121) مسألة في بيع الحاضر للبادي
(1) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزبير سمع جابرا يقول عن النبي (ص): (لا يبيعن
حاضر لباد).
(2) حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله
(ص): (لا يبيعن حاضر لباد).

(120 / 1) الشطر: النصف.
(121) بيع الحاضر للبادي باب من أبواب الاحتكار وقد تقع فيه الخلابة وأحاديث النهي عنه روتها كتب
الصحاح.
430

(3) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن صاح مولى التوأمة أبي هريرة عن النبي (ص)
قال: (لا يبيعن حاضر لباد).
(4) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (لا يبيعن حاضر لباد).
(5) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين عن أنس قال:
نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه.
(6) حدثنا ابن عيينة عن سالم الخياط عن أبي هريرة وابن عمر قال أحدهما: نهى،
وقال الآخر: (لا يبيعن حاضر لباد).
وذكر أن أبا حنيفة رخص فيه.
(122) مسألة في حلية الصدقة لموالي آل هاشم
(1) حدثنا وكيع عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) رأى
الحسن بن علي أخذ تمرة من الصدقة فلاكها في فيه، فقال رسول الله (ص): (كخ كخ!
إنا لا تحل لنا الصدقة).
(2) حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن أبي رافع أن النبي (ص) بعث رجلا
من بني مخزوم على الصدقة، فأراد أبو رافع أن يتبعه، فسأل النبي (ص) فقال: (أما علمت
أنا لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم).
(3) حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير عن عبد الله بن عيسى عن أبيه عن جده
عن أبي ليلى قال: كنت عند رسول الله (ص) فقام فدخل بيت الصدقة فدخل معه الغلام
- يعني حسنا أو حسينا - فأخذ تمرة فجعلها في فيه، فاستخرجها النبي (ص) وقال: (إن
الصدقة لا تحل لنا).
(4) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا معروف حدثتني حفصة ابنة طلق امرأة من الحي
سنة تسعين عن جدها أبي عميرة رشيد بن مالك قال: كنت عند النبي (ص) جالسا ذات

(122) وقد اعتبر أن التحريم، أي تحريم أكل الصدقة إنما شمل الرسول (ص) ومواليه ولم يشمل سواه من
آل هاشم، ودليله في ذلك أنهم كانوا يتصدقون على بريرة فتهدي منه لعائشة رضي الله عنها فقال
(ص): (هو لها صدقة ولنا هدية).
431

يوم، فجاء رجل بطبق عليه تمر، فقال: ما هذا؟ صدقة أم هدية؟ فقال الرجل: بل
صدقة، فقدمها إلى القوم والحسن متعفر بين يديه، فأخذ تمرة فجعلها في فيه، فنظر
رسول الله (ص) إليه، فأدخل إصبعه في فيه ثم قال بها، ثم قال: (إنا آل محمد لا نأكل
الصدقة).
(5) حدثنا وكيع عن محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة أن خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة ببقرة فردتها وقالت: (إنا آل محمد لا نأكل الصدقة).
(6) حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن
أبيه أن سلمان لما قدم المدينة أتى رسول الله (ص) بهدية على طبق فوضعها بين يديه فقال:
ما هذا؟ فذكره بطوله.
(7) حدثنا يحيى بن آدم عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أن النبي (ص) وجد
تمرة فقال: (لولا أن تكوني من الصدقة لأكلتك).
وذكر أن أبا حنيفة قال: الصدقة تحل لموالي بني هاشم وغيرهم.
(123) مسألة في السلام على المصلي
(1) حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: دخل رسول الله
(ص) مسجد بني عمرو بن عوف يصلي فيه، ودخلت عليه رجال من الأمثال ودخل
معهم صهيب، فسألت صهيبا: كيف كان رسول الله (ص) يصنع حيث كان يسلم عليه،
قال: كان يشير بيده.
وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يفعل.
(124) مسألة في صدقة الزروع
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص): (ليس في أقل من خمسة أو ساق صدقة).

(123) وقد نفى ما ذكره صاحب المصنف حديث: (إن في الصلاة لشغلا) ولا يجيب المصلي لا بالصوت
ولا بالإشارة.
في قليل ما يخرج وكثيره صدقة إذا كان جزءا من مال الرجل إنما كان ليس له سوى ذلك فلا
صدقة فيه إذ هو طعامه وطعام عياله.
432

(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثني الوليد بن كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
صعصعة عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله (ص) يقول:
(لا صدقة فيما دون خمسة أوساق من التمر).
(3) حدثنا علي بن إسحاق عن ابن مبارك عن معمر قال: حدثني سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (ليس فيما دون خمسة أو ساق صدقة).
وذكر أن أبا حنيفة قال: في قليل ما يخرج وكثيره صدقة.
433

بسم الله الرحمن الرحيم
39 كتاب المغازي
(1) ما ذكر في أبي يكسوم وأمر الفيل
(1) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي
شيبة العبسي قال: حدثنا أبو أسامة عن محمد بن إسماعيل قال: حدثني سعيد بن جبير قال:
أقبل أبو يكسوم صاحب الحبشة ومعه الفيل، فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبى أن
يدخل الحرم، قال: فإذا وجه راجعا أسرع راجعا، وإذا أريد على الحرم أبي، فأرسل
عليهم طير صغار بيض في أفواهها حجارة أمثال الحمص، لا تقع على أحد إلا هلك، قال:
أبو أسامة: فحدثني أبو مكين عن عكرمة قال: فأظلتهم من السماء، فلما جعلهم الله كعصف
مأكول أرسل الله غيثا فسال بهم حتى ذهب بهم إلى البحر.
(2) حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين عن ابن عباس * (طيرا أبابيل) * قال:
كان لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال:
طير سود تحمل الحجارة بمناقيرها وأظافيرها.
(4) حدثنا الحسن بن موسى عن شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة
أخبره أن رسول الله (ص) ركب راحلته فخطب فقال: (إن الله حبس عن مكة الفيل
وسلط عليهم رسوله والمؤمنين).
(5) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال: لما أراد
الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف، كل
طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة: حجرين في رجليه وحجرا في منقاره، قال: فجاءت

(1 / 1) أبو يكسوم: هو أبرهة الأشرم حاكم اليمن من قبل الأحباش ويكسوم ولده الأكبر الذي شاركه في
حملته على مكة وقتل معه.
(1 / 2) طيرا أبابيل: سورة الفيل.
(1 / 5) مجزعة: مخططة بالأسود والأبيض.
434

حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت فألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما يقع على رأس
رجل إلا خرج من دبره، ولا يقع على شئ من جسده إلا خرج من الجانب الآخر قال:
وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة قال: فأهلكوا جميعا.
(2) ما رأى النبي (ص) قبل النبوة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مجالد قال حدثنا عامر قال:
انطلق عمر إلى يهود فقال: أنشدكم الله الذي أنزل التوراة على موسى! هل تجدون محمدا في
كتبكم؟ قالوا: نعم! قال: فما يمنعكم أن تتبعوه؟ فقالوا: إن الله لم يبعث رسولا إلا كان
له من الملائكة كفيل، وإن جبرائيل كفيل محمد، وهو الذي يأتيه، وهو عدونا من بين
الملائكة، وميكائيل سلمنا، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيه أسلمنا، قال: فإني أنشدكم
بالله الذي أنزل التوراة على موسى! ما منزلتهما من رب العالمين؟ قالوا: جبرائيل عن يمينه
وميكائيل عن يساره، قال عمر: فإني أشهد ما يتنزلان إلا بإذن الله، وما كان ميكائيل
ليسالم عدو جبرائيل، وما كان جبرائيل ليسالم عدو ميكائيل فبينما هو عندهم إذ جاء النبي
(ص) فقالوا: هذا صاحبك يا ابن الخطاب، فقام إليه فأتاه وقد أنزل عليه * (من كان
عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) * إلى قوله * (فإن الله عدو للكافرين) *.
(2) حدثنا قراء أبو نوح قال أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي
موسى عن أبيه قال: خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله (ص) وأشياخ من
قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل
ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، قال: فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله (ص) فقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب
العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما عملك؟
قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجد إلا
لنبي، وإني لأعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع صنع لهم
طعاما، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة

(1 / 2) سورة البقرة من الآيتين (97 - 98).
(2 / 2) يتخللهم: يمر بينهم باحثا عن شخص بعينه، وفي الحديث ضعف لان بلالا لم يكن مع أبي بكر إلا
بعد إسلامه وهذا بعد البعث أي بعد هذا الحارث بسنوات طويلة.
435

تظله قال: انظروا إليه عليه غمامة تظله، فما دنا من القوم وجدهم قد سبقوا إلى فئ
الشجرة عليه، فلما جلس مال فئ الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه،
قال: فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم لو رأوه
عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت فإذا هو بتسعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم، فقال:
ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق في طريق إلا قد
بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا، فقال لهم: ما خلفتم خلفكم
أحدا هو خير منكم، قالوا: لا، إنما أخبرنا خبره فبعثنا لطريقك هذا، قال: أفرأيتم أمرا
أراد الله أن يقضيه وهل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا، قال: فبايعوه وأقاموا
معه، فأتاهم فقال: أنشدكم بالله أيكم وليه؟ قال أبو طالب: أنا، فلم يزل يناشده حتى رده
أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت.
(3) حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس أنه لم تكن قبيلة من الجن
إلا ولهم مقاعد للسمع، قال: فكان إذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت
الحديدة ألقيتها على الصفا، قال: فإذا سمعته الملائكة خروا سجدا فلم يرفعوا رؤوسهم
حتى ينزل، فإذا نزل قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون في السماء
قالوا: الحق وهو العلي الكبير، وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو
شئ مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا: يكون كذا وكذا، فتسمعه الشياطين فينزلونه
على أوليائهم، فلما بعث الله محمدا دحروا بالنجوم، فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو
الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة، وذو الإبل ينحر كل يوم بعيرا، فأسرع
الناس في أموالهم فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كانت النجوم التي يهتدي بها وإلا
فإنه أمر حدث، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدي بها كما هي، لم يرم منها بشئ فكفوا،
وصرف الله الجن، فسمعوا القرآن، فلما حضروه قالوا: أنصتوا، قال: وانطلقت الشياطين
إلى إبليس فأخبروه فقال: هذا حدث حدث في الأرض، فأتوني من كل أرض بتربة، فلما
أتوه بتربة تهامة قال: ها هنا الحدث.
(4) حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو أسامة وغندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن
عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا
النبي، فقال صاحبه: لا تقل (نبي) فإنه لو قد سمعك كان له أربع أعين، قال: فأتيا
رسول الله (ص) فسألاه عن تسع آيات بينات، فقال: (لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا
436

ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النقس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببري إلى ذي
سلطان فيقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تولوا
للفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة يهود: لا تعدوا في السبت، قال: فقبلوا يديه
ورجليه وقالوا: نشهد أنك نبي، قال: فما يمنعكم أن تتبعوني؟ قالوا: إن داود دعا (لا
يزال في ذريته نبي) وإنا نخاف أن تقتلنا يهود).
(3) ما جاء في النبي (ص) ابن كم كان حين أنزل عليه؟
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن عروة عن ابن
عباس قال: أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة، ثم مكث بمكة ثلاث
عشرة سنة، وكان بالمدينة ابن عشر فقبض وهو ابن ثلاث وستين.
(2) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام قال: قال الحسن: أنزل على النبي عليه
الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة، فمكث بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين.
(3) حدثنا أبو معاوية عن هشام قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة
وابن عباس أن رسول الله (ص) لبث بمكة عشر سنين، ينزل عليه الفرقان، وبالمدينة
عشرا.
(4) حدثنا ابن علية عن خالد عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس قال: توفي
النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن خمس وستين.
(5) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن سعيد أن النبي عليه الصلاة والسلام
أنزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين، أقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا، وتوفي وهو
ابن ثلاث وستين.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس أن
رسول الله (ص) بعث وهو ابن أربعين، وأقام بمكة خمس عشرة وبالمدينة عشرا فقبض
وهو ابن خمس ستين.
(7) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا العلاء بن صالح قال حدثنا المنهال بن عمرو

(3 / 1) وهذا أرجح ما روي في هذا الامر.
437

عن سعيد بن جبير أن رجلا أتى ابن عباس فقال: أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام
عشرا بمكة وعشرا بالمدينة، فقال: من يقول ذلك، لقد أنزل عليه بمكة عشرا وخمسا
وستين وأكثر.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله (ص)
أنزل عليه وهو ابن أربعين سنة، فأقام بمكة ثلاث عشرة، وبالمدينة عشر سنين، وتوفي
وهو ابن ثلاث وستين.
(9) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني ربيعة بن أبي عبد
الرحمن قال: سمعت أنس بن مالك يقول: بعث النبي (ص) على رأس أربعين فأقام بمكة
عشرا، وبالمدينة عشرا، وتوفي على رأس ستين سنة.
(4) ما جاء في مبعث النبي (ص)
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا خالد الحذاء عن
عبد الله بن شقيق أن رجلا سأل النبي (ص): متى كنت نبيا؟ قال: كنت نبيا وآدم بين
الروح والجسد.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد بن الهاد
قال: نزل جبرائيل على رسول الله (ص) ثم قال: اقرأ، (وما أقرأ)؟ قال: فضمه ثم قال
له: إقرأ، قال: وما أقرأ؟ قال: * (إقرأ باسم ربك الذي خلق)، فأتى خديجة فأخبرها
بالذي رأى، فأتت ورقة بن نوفل فذكرت ذلك له، فقال لها: هل رأى زوجك صاحبه
في حضر؟ قالت: نعم، قال: فإن زوجك نبي سيصيبه من أمته بلاء.
(3) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أن
رسول الله (ص) كان إذا برز سمع من يناديه (يا محمد) فإذا سمع الصوت انطلق [هاربا] فأتى
خديجة فذكر ذلك لها فقال: (يا خديجة! قد خشيت أن يكون قد خالط عقلي شئ،
إني إذا برزت أسمع من يناديني فلا أرى شيئا، فانطلق هاربا فإذا هو عندي
يناديني)، فقالت: ما كان الله ليفعل بك ذلك، إنك ما علمت تصدق الحديث وتؤدي
الأمانة وتصل الرحم، فما كان ليفعل بك ذلك، فأسرت ذلك إلى أبي بكر - وكان نديما له في
الجاهلية - فأخذ أبو بكر بيده، فانطلق به إلى ورقة فقال: وما ذاك؟ فحدثه بما حدثتا

(4 / 2) * (إقرأ باسم ربك الذي خلق) * سورة العلق. (4 / 3) [هاربا] وفي نسخة [فزعا]
438

خديجة، فأتى ورقة فذكر ذلك له فقال ورقة: هل ترى شيئا؟ قال: (لا، ولكني إذا
برزت سمعت النداء، فلا أرى شيئا فانطلق هاربا فإذا هو عندي)، قال: فلا تفعل،
فإذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك، فلما برز سمع النداء: يا محمد قال:
(لبيك قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم قال له: قل
* (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) *) حتى فرغ من فاتحة
الكتاب ثم أتى ورقة، فذكر ذلك له فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر ثم أبشر، فإني أشهد
أنك الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فأنا أشهد أنك أنت
أحمد، وأنا أشهد أنك محمد، وأنا أشهد أنك رسول الله، وليوشك أن تؤمر بالقتال، ولئن
أمرت بالقتال وأنا حي لأقاتلن معك، فمات ورقة فقال رسول الله (ص): (رأيت القس
في الجنة عليه ثياب خضر).
(4) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن الحسن قال: ابتعث الله النبي
عليه الصلاة والسلام مرة لادخال رجل الجنة، قال: فمر على كنيسة من كنائس اليهود
فدخل إليهم وهو يقرأون سفرهم، فلما رأوه أطبقوا السفر وخرجوا، وفي ناحية من
الكنيسة رجل يموت قال: فجاء إليه فقال إنما منعهم أن يقرأوا أنك أتيتهم وهم يقرأون
نعت بني هو نعتك، ثم جاء إلى السفر ففتحه ثم قرأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمد رسول الله (ص)، (دونكم أخاكم)، قال: فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم صلى عليه.
(5) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله
(ص) أتاه جبرائيل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج
القلب ثم استخرج علقة منه فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب
بماء زمزم، ثم لامه ثم أعاده في مكانه، قال: وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره،
فقالوا: إن محمدا قد قتل، قال: فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: لقد كنت أرى
أثر المخيط في صدره.
(6) حدثنا محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال: احتبس
الوحي عن النبي (ص) في أول أمره، وحبب إليه الخلاء، فجعل يخلوا في حراء، فبينما هو
مقبل من حراء قال: (إذا أنا بحس فوقي فرفعت رأسي، فإذا أنا بشئ على كرسي،

(4 / 5) ظئره: مرضعته، أمه بالرضاعة.
المخيط: مكان الخياطة.
439

فلما رأيته جئثت إلى الأرض وأتيت أهلي بسرعة فقلت: دثروني دثروني، فأتاني جبريل
فجعل يقول: * (يا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) *.
(7) حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عكرمة في قوله: * (يا أيها
المدثر) * قال: دثرت هذا الامر فقم به، وقوله: * (يا أيها المزمل) * قال: زملت هذا
الامر فقم به.
(5) في أذى قريش للنبي (ص) وما لقي منهم
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الذيال بن حرملة عن
جابر بن عبد الله قال: اجتمعت قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة
والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر
ماذا يرد عليه، فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه
عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله (ص)، ثم قال: أنت خير أم
عبد المطلب؟ فسكت رسول الله (ص) فقال: إن كنت تزعم [إن كنت تزعم] أن هؤلاء
خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبتها، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع
قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا
وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش
كاهنا، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقول بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى
أيها الرجل، إن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش ونزوجك عشرا، وإن كان إنما
بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغني قريش رجلا واحدا، فقال رسول الله (ص):
(أفرغت؟ قال: نعم، فقرأ رسول الله (ص): * (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من
الرحمن الرحيم) * حتى بلغ * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد
وثمود) * فقال عتبة: حسبك حسبك ما عندك غير هذا؟ قال: لا فرجع إلى قريش
فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا وقد كلمته به،

(5 / 1) نتفانى: نفني بعضنا بعضا. [إن كنت تزعم] هكذا مكررا في المخطوط وكافة النسخ التي بين أيدينا.
* (حم تنزيل) * إلى * (مثل صاعقة عاد وثمود) * سورة فصلت من الآية (1) إلى الآية (13).
440

فقالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، قال: لا والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه
أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قالوا: ويلك يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما
قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن العاص
قال: ما رأيت قريشا أرادوا قتل النبي (ص) إلا يوما ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة
ورسول الله (ص) يصلي عند المقام، فقام إليه عقبة بن بأبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم
جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطا، وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر يشتد
حتى أخذ بضبعي رسول الله (ص) من ورائه وهو يقول: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي
الله) ثم انصرفوا عن النبي (ص)، فقام رسول الله (ص) فصلى، فلما قضى صلاته مر بهم
وهم جلوس في ظل الكعبة، فقال: (يا معشر قريش! أما والذي نفس محمد بيده! ما
أرسلت إليكم إلا بالذبح، وأشار بيده إلى حلقه، قال: فقال له أبو جهل: يا محمد! ما
كنت جهولا، قال: فقال رسول الله (ص): أنت منهم).
(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: مر أبو جهل
فقال: ألم أنهك فانتهره النبي (ص) فقال له أبو جهل: لم تنتهرني يا محمد والله لقد علمت ما
بها رجل أكبر ناديا مني، قال فقال جبريل: * (فليدع ناديه) * قال فقال ابن عباس: والله
لو دعا ناديه لاخذته زبانية العذاب.
(4) حدثنا جعفر بن عون قال أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون
عن عبد الله بن مسعود قال: كان النبي (ص) يصلي في ظل الكعبة قال: فقال أبو جهل وناس من
قريش، قال: ونحرت جزور في ناحية مكة قال: فأرسلوا فجاؤوا من سلاها فطرحوه
عليه، قال: فجاءت فاطمة حتى ألقته عنه، قال: فكان يستحب ثلاثا يقول: (اللهم عليك
بقريش اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش: بأبي جهل بن هشام وعتبة بن
ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط)، قال:
قال عبد الله: فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر، قال أبو إسحاق: ونسيت السابع.

(5 / 2) ضبعيه: المقصود ملابسه عند كتفيه.
(5 / 3) * (فليدع ناديه) * سورة العلق الآية (17).
441

(5) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الأعمش قال حدثنا عباد عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال لما أن مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل، قال: فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته،
فبعث إليه أو قال: جاء النبي (ص) فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب مجلس رجل، قال:
فخشي أبو جهل إن جلس النبي (ص) إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه، فوثب
فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد النبي (ص) مجلسا قرب عمه، فجلس عند الباب، قال
أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتم وتقول
وتقول وتفعل وتفعل، قال: فأكثروا عليه من اللحو، قال: فتكلم النبي عليه الصلاة والسلام
فقال: (يا عم! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي
إليهم بها العجم الجزية، قال: ففزعوا لكلمته ولقوله، قال: فقال القوم: كلمة واحدة،
نعم وأبيك وعشرا، قال: وما هي؟ قال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال: (لا إله إلا الله) قال: فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: * (أجعل الآلهة إلها
واحدا إن هذا لشئ عجاب) * قال: وقرأ من هذا الموضع إلى قوله: * (لما يذوقوا
عذاب) *.
(6) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا يزيد بن زياد قال حدثنا أبو صخرة جامع
ابن شداد عن طارق المحاربي قال: رأيت رسول الله (ص) بسوق ذي المجاز وانا في بياعة
أبيعها، قال: فمر وعليه جبة له حمراء وهو ينادي بأعلى صوته: (أيها الناس! قولوا
(لا إله إلا الله). تفلحوا)، ورجل يتبعه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه، وهو يقول: يا أيها الناس! لا تطيعوه فإنه كذاب، قال: قلت: من هذا؟ قالوا: هذا غلام بني
عبد المطلب، قلت: فمن هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة؟ قالوا: عمه عبد العزى وهو
أبو لهب.
(7) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله (ص):
(لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت
علي ثالثة من بين يوم وليلة ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما واراه إبط
بلال).

(5 / 5) * (أجعل الآلهة إلها واحدا) * سورة ص الآية (8).
(5 / 7) ما واراه إبط بلال: أي ما يوضع تحت إبطه وهو أشياء قليلة.
442

(8) حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن منذر عن ابن الحنيفة في قوله:
* (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * قال: كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس
إذا جاءوا إلى النبي (ص) يسلمون فيقولون: إنه يحرم الخمر ويحرم الزنا ويحرم ما كانت تصنع
العرب فارجعوا فنحن نحمل أو زاركم، فنزلت هذه الآية * (وليحملن أثقالهم) *.
(9) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) شج في وجهه
وكسرت رباعيته ورمي رمية على كتفه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: كيف تفلح
أمة فعلت هذا بنبيها وهو يدعوهم إلى الله فانزل الله * (ليس لك من الامر شئ أو يتوب
عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) *.
(10) حدثنا أبو أسامة حدثنا مجالد عن عامر قال: قالت قريش لرسول الله (ص):
إن كنت نبيا كما تزعم فباعد جلبي مكة أخشبيها هذين مسيرة أربعة أيام أو خمسة، فإنها
ضيقة حتى نزرع فيها ونرعى، وابعث لنا آباءنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا أنك نبي،
واحملنا إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى الحيرة حتى نذهب ونجئ في ليلة كما زعمت أنك
فعلته، فأنزل الله * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به
الموتى) *.
(6) حديث المعراج حين أسري بالنبي عليه السلام
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا الحسن بن موسى بن الأشيب قال حدثنا حماد بن
سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) قال: (أتيت بالبراق وهو دابة
أبيض فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته فسار بي حتى
أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء، ثم دخلت
فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن
فاخترت اللبن، فقال جبريل: أصبت الفطرة قال: ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا
فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ فقال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد،
فقيل وقد أرسل إليه؟ فقال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب ودعا لي

(5 / 8) * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * سورة العنكبوت من الآية (13).
(5 / 9) * (ليس لك من الامر شئ) * إلى * (ظالمون) * سورة آل عمران الآية (128).
(5 / 10) * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * سورة الرعد الآية (31).
443

بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: ومن أنت؟ قال: جبريل،
فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا
فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا ودعوا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة
فاستفتح جبريل فقيل: ومن أنت؟ فقال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا:
وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو
قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح
جبريل فقيل: ومن أنت؟ فقال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد (ص)، فقيل:
وقد أرسل إليه؟ فقال: قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي
بخير، ثم قال: يقول الله * (ورفعناه مكانا عليا) * ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة
فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ فقال: محمد،
فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي
بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل،
فقيل: ومن معك؟ قال محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا
فإذا أنا بموسى فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل
فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟
قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو مسند إلى البيت المعمور، وإذا هو
يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا
ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها أمثال القلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت،
فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها، قال: فأوحى الله إلي ما أوحى،
وفرض على في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال:
ما فرض ربك على أمتك؟ قال: قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فقال: ارجع
إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل
وخبرتهم،، قال: فرجعت إلى ربي فقلت له: رب خفف عن أمتي، فحط، عني خمسا
فرجعت إلى موسى فقال: ما فعلت؟ فقلت: حط عني خمسا، قال: إن أمتك لا تطيق
ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك، فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى
عليه السلام فيحط عني خمسا خمسا حتى قال: يا محمد هي خمس صلوات في كل
يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها
كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب له شيئا،
444

فإن عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى
ربك فاسأله التخفيف لامتك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فقال رسول الله (ص): (لقد
رجعت إلى ربي حتى استحييت).
(2) حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة عن النبي
(ص) بنحو منه أو شبيه به.
(3) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى قال: قال ابن
عباس قال رسول الله (ص): (لما كان ليلة أسري بي أصبحت بمكة، قال: فظعت
بأمري وعرفت أن الناس مكذبي، فقعد رسول الله (ص) معتزلا حزينا فمر به أبو جهل
فجاء حتى جلس إليه فقال كالمستهزئ: هل كان من شئ؟ قال نعم، قال وما هو؟
قال: أسري بي الليلة قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس: قال: ثم أصحبت بين
أظهرنا؟ قال: نعم، فلم يرد أنه يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه، قال:
أتحدث قومك ما حدثتني إن دعوتهم إليك؟ قال: نعم، قال، هيا معشر بني كعب بن
لؤي هلم، قال: فتنفضت المجالس فجاؤوا حتى جلسوا إليهما فقال: حدث قومك ما
حدثتني، قال: رسول الله (ص): إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت
المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: (نعم: قال: فمن بين مصفق ومن بين
واضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم، وقالوا: أتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ قال:
وفي القوم من سافر إلى ذلك البلد ورأي المسجد، قال رسول الله (ص): (فذهبت أنعت
لهم، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت، فجئ بالمسجد وأنا أنظر إليه
حتى وضع دون دار عقيل أو دار عقال، فنعته وأنا أنظر إليه)، فقال القوم: أما
النعت فوالله لقد أصاب. (4) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن حذيفة بن اليمان
أن رسول الله (ص) أتي بالبراق هو دابة أبيض طويل. يضع حافره عند منتهى طرفه،
قال: فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى أتيا بيت المقدس؟ وفتحت لهما أبواب السماء رأيا
الجنة والنار قال: وقال حذيفة: ولم يصل في بيت المقدس، قال زر: فقلت: بلى قد صلى،
قال حذيفة: ما اسمك يا أصلع فإني أعرف وجهك ولا أدرى ما اسمك؟ قال: قلت زر

(6 / 3) أنعت: أصف، والمقصود تفاصيل المسجد الأقصى.
445

ابن حبيش، قال: فقال: وما يدريك وهل تجده صلى؟ قال: قلت؟: يقول الله: * (سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) * قال: وهل تجده صلى، إنه لو صلى فيه صلينا فيه
كما نصلي في المسجد الحرام، وقيل لحذيفة: وربط الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء؟
فقال حذيفة: أو كان يخاف أن تذهب وقد آتاه الله بها؟.
(5) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان
عن أبي الصلت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا
إلى السماء السابعة فنظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق، قال: وأتيت على
قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل،
قال: هؤلاء أكلة الربا، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا برهج
ودخان وأصوات، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الشياطين يحومون على
أعين بني آدم، لا يتفكروا في ملكوت السماوات والأرض، ولولا ذاك لرأوا
العجائب).
(6) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا سليمان التيمي
وثابت البناني عن أنس قال: قال رسول الله (ص): (أتيت على موسى ليلة أسري بي عند
الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره).
(7) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال: قال
رسول الله (ص): (مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار،
فقلت: من هؤلاء؟ قيل: هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر
وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون).
(8) حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد قال: لما
أسري بالنبي (ص) أتى بدابة فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، يقال له
(براق) فمر رسول الله (ص) بعير للمشركين فنفرت فقالوا: يا هؤلاء ما هذا؟ قالوا:
ما نرى شيئا، ما هذه إلا ريح، حتى أتى بيت المقدس فأتي بإنائين في واحد خمر وفي
الآخر لبن، فأخذ النبي (ص) اللبن فقال له جبريل: هديت وهديت أمتك - ثم صار إلى
مصر.

(6 / 4) * (سبحان الذي أسرى بعبده) * سورة الإسراء الآية (1).
(6 / 8) يضع حافره عند منتهى بصره: أي عند آخر مدى يبلغه بصره.
446

(9) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله (ص): (لما
انتهيت إلى السدرة إذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها أمثال القلال، فلما غشيها
من أمر الله ما غشي تحولت) فذكر الياقوت.
(10) حدثنا ابن يمان عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن غزوان قال: سدرة المنتهى
صبر الجنة.
(11) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن هذيل بن
شرحبيل عن عبد الله في قوله: * (سدرة المنتهى) * قال: صبر الجنة يعني وسطها، عليها
فضول السندس الإستبرق.
(12) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن ميسرة عن عمرو بن مرة عن كعب قال:
* (سدرة المنتهى) * ينتهى إليها أمر كل نبي وملك.
(7) في النبي (ص) حين عرض نفسه على العرب
(1)) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل عن عثمان
ابن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله (ص) يعرض
نفسه على الناس بالموقف يقول: (ألا رجل يعرضني على قومه، فإن قريشا قد منعوني
أن أبلغ كلام ربي، قال: فأتاه رجل من همدان، فقال: وممن أنت؟ قال: من همدان،
قال: وعند قومك منعة)؟ قال: نعم، قال: فذهب الرجل ثم إنه خشي أن يخفره قومه،
فرجع إلى النبي (ص) فقال: أذهب فأعرض على قومي ثم آتيك من قابل، ثم ذهب وجاءت
وفود الأنصار في رجب.
(8) إسلام أبي بكر رضي الله عنه
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة
قال: أتيت إبراهيم فسألته فقال: أول من أسلم أبو بكر.

(6 / 9) النبق تمر شجر السدر وهو حب أبيض صغير كحب الزعرور.
(7 / 1) يخفره قومه: لا يحترمون ذمته التي يعطيها وجواره.
447

(2) حدثنا شيخ لنا قال أخبرنا مجالد عن عامر قال: سألت - أو سئل - ابن عباس:
أي الناس كان أول إسلاما؟ فقال أما سمعت قول حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها * إلا النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا
(3) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني
أبي قال: أسلم أبو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف درهم.
(4) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال: أول من أظهر الاسلام سبعة: رسول
الله (ص) وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية أم عمار، فأما رسول الله (ص)
فمنعه عمه، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأخذ الآخرون فألبسوا أدراع الحديد ثم صهروهم
في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا، فجاء إلى كل رجل منهم
قومه بأنطاع الأدم فيها الماء فألقوهم فيها ثم حملوا بجوانبه إلا بلال، فلما كان العشي جاء
أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث: ثم طعنها فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الاسلام
إلا بلال، فإن هانت عليه نفسه في الله حتى ملوا فجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم
فاشتدوا به بين أخشبي مكة وجعل يقول: أحد أحد.
(5) حدثنا ابن عيينة عن منصور عن مجاهد مثله.
(6) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: أعطوهم ما سألوا إلا خباب، فجعلوا
يلصقون ظهره بالرضف حتى ذهب ماء متنيه.
(7) حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل عن قيس قال: اشترى أبو بكر - يعني بلالا - بخمسة أواقي وهو مدفون بالحجارة، قالوا: لو أبيت إلى أوقية لبعنا له، فقال: لو
أبيتم إلا مائة أوقية لاخذته.
(8) حدثنا سفيان عن مسعر عن قيس عن طارق بن شهاب قال: كان خباب من
المهاجرين، وكان ممن يعذب في الله.

(7 / 4) منعه قومه: حموه من أذى المشركين.
(7 / 6) الرضف: الحجارة المحماة.
ذهب ماء متنيه: تعرقت كثيرا حتى جفت واحترقت.
448

(9) حدثنا ابن فضيل عن أبيه قال: سمعت كردوسا يقول: ألا إن خباب بن
الأرت أسلم سادس ستة، كان له سدس من الاسلام.
(10) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي قال: جاء
خباب إلى عمر فقال: ادنه، فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار، قال: فجعل
خباب يريه آثارا في ظهره مما عذبه المشركون.
(11) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال:
أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله (ص) وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال
والمقداد، فأما رسول الله (ص) فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه،
وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه،
فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد.
(9) إسلام علي بن أبي طالب
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول الله (ص) علي.
(2) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي مالك الأشجعي عن سالم قال: قلت لابن
الحنيفة: أبو بكر كان أول القوم إسلاما؟ قال: لا، قلت: فيم علا أبو بكر وسبق حتى لا
يذكر أحد غير أبي بكر؟ قال: كان أفضلهم إسلاما حين أسلم حتى لحق بربه.
(10) إسلام عثمان بن عفان
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا زيد بن حباب عن ابن لهيعة قال: أخبرني يزيد بن
عمرو المعافري قال: سمعت أبا ثور الفهمي يقول: قدم علينا عبد الرحمن بن عديس
البلوي وكان ممن بايع تحت الشجرة، فصعد المنبر فحمد الله أثنى عليه ثم ذكر عثمان،
فقال أبو ثور: فدخلت على عثمان وهو محصور فقال: إني لرابع الاسلام.
449

(11) إسلام الزبير
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة قال: أسلم الزبير وهو
ابن ست عشر سنة ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله (ص).
(12) إسلام أبي ذر
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال قال حدثنا عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: خرجنا من قومنا غفار أنا وأخي أنيس وأمنا، وكانوا يحلون الشهر الحرام، فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال
وذي هيئة طيبة، قال: فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا: إنك إذا
خرجت من أهلك خالف إليهم أنيس، قال: فجاء خالنا فثنى علينا ما قيل له، قال: قلت:
أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لك فيما بعد، قال: فقربنا صرمتنا
فاحتملنا عليها، قال: وغطى رأسه فجعل يبكي، قال: فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة،
قال: فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلنا، قال: فأتيا الكاهن بخبر أنيس، قال: فأتانا
أنيس بصرمتنا ومثلها معها، قال: وقد صليت يا ابن أخي أن قبل أن ألقى رسول الله (ص)
ثلاث سنين، قال: قلت: لمن؟ قال: لله، قال: قلت: فأين كنت توجه، قال: حيث وجهني
الله أصلي عشاء حتى إذا كان آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس، قال: قال
أنيس: لي حاجة بمكة فاكفني حتى آتيك، قال: فانطلق فراث علي، ثم أتاني فقلت: ما
حبسك؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله، قال: قلت: فما يقول
الناس له؟ قال: يزعمون أنه ساحر وأنه كاهن وأنه شاعر، قال أنيس: فوالله لقد سمعت
قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلا يلتئم على لسان أحد
أنه شاعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون، وكان أنيس شاعرا، قال: قلت: اكفني
أذهب فأنظر، قال: نعيم، وكن من أهل مكة على حذر فإنهم قد شنفوا له وتجهموا له،
قال: فانطلقت حتى قدمت مكة، قال: فتضيفت رجلا منهم، قال: قلت: أين الذي
تدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إلي، قال: الصابئ، قال فمال علي أهل الوادي بكل مدرة

(11 / 1) والزبير هو ابن عمة رسول الله (ص).
(12 / 1) لا جماع لك: لا نجتمع معك في مكان واحد.
450

وعظم حتى خررت مغشيا علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت وكأني نصب أحمر، قال:
فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها، قال: فبينما أهل مكة في ليلة قمراء
أضحيان إذ ضرب الله على أصمختهم، قال: فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين،
قال: فأتتا علي وهما تدعوان أسافا ونائلة، قلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما ثناها
ذلك عن قولهما، قال: فأتتا علي، فقلت: هن مثل الخشبة غير أني لم أكن، قال: فانطلقتا
تولولان وتقولان: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا، قال: فاستقبلهما رسول الله (ص) وأبو
بكر وهما هابطان من الجبل، قال: ما لكما؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قالا: ما
قال لكما؟ قالتا: قال لنا كلمة تملا الفم، قال: وجاء رسول الله (ص) حتى انتهى إلى
الحجر فاستلمه هو وصاحبه، قال: وطاف بالبيت ثم صلى صلاته، قال: فأتيته حين قضى
صلاته، قال: فكنت أول من حياه بتحية السلام، قال: (وعليك ورحمه الله ممن أنت؟
قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده نحو رأسه، قال: قلت: في نفسي كره أني انتميت إلى
غفار، قال: فذهبت آخذ بيده، قال: فقد عنى صاحبه، وكان أعلم به مني، فرفع رأسه
فقال: متى كنت ها هنا؟ قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ عشر من بين يوم وليلة، قال:
فمن كان يطعمك؟ قال: قلت: ما كان لي طعام غير ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت
عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع، فقال رسول الله (ص): إنها مباركة
إنها طعام طعم، قال: فقال: صاحبه: ائذن لي في إطعامه الليلة، فانطلق رسول الله (ص)
وأبو بكر فانطلقت معهما، قال: ففتح أبو بكر بابا فقبض إلى من زينب الطائف، قال:
فذلك أول طعام أكلته بها، قال: فلبثت ما لبثت أن غبرت ثم لقيت رسول الله (ص) فقال
رسول الله (ص): (إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل - ولا أحسبها إلا يثرب - فهل
أنت مبلغ عني قومك، لعل الله أن ينفعهم بك، وأن يأجرك فيهم). قلت: نعم
فانطلقت حتى أتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت، قال
أنيس: وما بي رغبة عن دينك، إني قد أسلمت وصدقت، قال: فأتيت أمنا، فقالت: ما
بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت، قال: فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا
قال: فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله (ص) المدينة، قال: وكان يؤمهم إيماء بن
رحضة وكان سيدهم، قال: وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله (ص): أسلمنا، قال: فقدم
رسول الله (ص) المدينة فأسلم بقيتهم، قال: وجاءت أسلم فقالوا: إخواننا نسلم على الذي
أسلموا عليه، قال: فأسلموا، قال: فقال رسول الله (ص): (غفار غفر الله لها، وأسلم
سالمها الله).
451

(13) إسلام عمر بن الخطاب
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر قال: كان أول إسلام عمر قال: قال ضرب أختي المخاض ليلا
فأخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة في ليلة قارة، قال: فجاء النبي عليه الصلاة
والسلام فدخل الحجر وعليه نعلاه، فصلى ما شاء الله ثم انصرف، قال: فسمعت شيئا لم
أسمع مثله، فخرجت فاتبعه فقال: (من هذا؟ فقلت: عمر: قال: يا عمر! ما تتركني
نهارا ولا ليلا، قال: فخشيت أن يدعو علي، قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك
رسول الله، قال: فقال: يا عمر! استره)، قال: فقلت: والذي بعثك بالحق لأعلنته كما
أعلنت الشرك.
(2) حدثنا عبد بن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف قال: أسلم عمر بن
الخطاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشر امرأة.
(14) إسلام عتبة بن غزوان
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن أبي نعامة سمعه من خالد بن عمير عن
عتبة بن غزوان قال لقد رأيتني مع رسول الله (ص) سابع سبعة.
(15) إسلام عبد الله بن مسعود
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال حدثني أبي عن الأعمش عن
القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر
الأرض مسلم غيرنا.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الله بن عتبة عن القاسم بن عبد الرحمن
قال: كان أول من أفشى القرآن بمكة من في رسول الله (ص) عبد الله مسعود، وأول
من بنى مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر، وأول من أذن بلال، وأول من رمى بسهم في
سبيل الله سعد بن مالك، وأول من قتل من المسلمين مهجع، وأول من عدا به فرسه في
سبيل الله المقداد، وأول حي أدى الصدقة من قبل أنفسهم بنو عذرة وأول حي ألفوا مع
رسول الله (ص) جهينة.
452

(16) أمر زيد بن حارثة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الملك قال حدثنا أبو فزارة
قال: أبصر النبي (ص) زيد بن حارثة غلاما ذا ذؤابة قد أوقفه قومه بالبطحاء يبيعونه،
فأتى خديجة فقال: (رأيت غلاما بالبطحاء قد أوقفوه ليبيعوه، ولو كان لي ثمنه
لاشتريته، قالت: وكم ثمنه؟ قال: سبعمائة، قالت: خذ سبعمائة واذهب فاشتره، فاشتراه
فجاء به إليها قال: أما إنه لو كان لي لأعتقته)، قالت: فهو لك فأعتقه.
(17) إسلام سلمان رضي الله تعالى عنه
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي
إسحاق عن أبي قرة الكندي عن سلمان قال: كنت من أبناء أساورة فارس وكنت في
كتاب ومعي غلامان، وكانا إذا رجعا من معلمهما أتيا قسا فدخلا عليه فدخلت معهما،
فقال: ألم أنهكما أن تأتياني بأحد، قال: فجعلت أختلف إليه حتى كنت أحب إليه منهما،
قال فقال لي: إذا سألك أهلك من حبسك؟ فقل: معلمي، وإذا سألك معلمك: من
حبسك؟ فقل: أهلي، ثم إنه أراد أن يتحول، فقلت له: أنا أتحول معك، فتحولت معه
فنزلنا قرية، فكانت امرأة تأتيه، فلما حضر قال لي: يا سلمان: احفر عند رأسي، فحفرت
عند رأسه فاستخرجت جرة من دراهم، فقال لي: صبها على صدري، فصببتها على
صدره، فكان يقول: ويل لاقتنائي، ثم إنه مات فهممت بالدراهم أن آخذها، ثم إني
ذكرت فتركتها، ثم إني آذنت القسيسين والرهبان به فحضروه فقلت لهم: إنه قد ترك
مالا، قال: فقام شباب في القرية فقالوا: هذا مال أبينا، فأخذوه، قال: فقلت للرهبان:
أخبروني برجل عالم أتبعه، قالوا: ما نعلم في الأرض رجلا أعلم من رجل بحمص،
فانطلقت إليه فلقيته فقصصت عليه القصة، قال: فقال: أو ما جاء بك إلا طلب العلم،
قلت: ما جاء بي إلا طلب العلم، قال: فإني لا أعلم اليوم في الأرض أعلم من رجل يأتي
بيت المقدس كل سنة، إن انطلقت الآن وجدت حماره، قال: فانطلقت فإذا أنا بحماره
على باب بيت المقدس، فجلست عنده وانطلق، فلم أره حتى الحول، فجاء فقلت له: يا
عبد الله! ما صنعت بي؟ قال: وإنك لها هنا، قلت: نعم، قال: فإني والله ما أعلم اليوم
رجلا أعلم من رجل خرج بأرض تيماء، وإن تنطلق الآن توافقه، وفيه ثلاث آيات: يأكل

(16 / 1) ذا ذؤابة: أي له ذؤابة شعر في مؤخرة رأسه وهذا كناية عن صغره.
453

الهدية ولا يأكل الصدقة، وعند غضروف كتفه اليمنى خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة لونها
لون جلده، قال: فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى مررت بقوم من الاعراب
فاستعبدوني فباعوني حتى اشترتني امرأة بالمدينة، فسمعتهم يذكرون النبي عليه الصلاة
والسلام وكان عزيزا فقلت لها، هبي لي يوما، قالت: نعم، فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته،
وصنعت طعاما فأتيت به النبي (ص) وكان يسيرا فوضعته بين يديه، فقال: (ما هذا؟
قلت: صدقة، قال: فقال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، قال: قلت: هذا من علامته، ثم
مكثت ما شاء الله أن أمكث ثم قلت لمولاتي: هبي لي يوما، قالت: نعم، فانطلقت
فاحتطبت حطبا فبعته بأكثر من ذلك وصنعت به طعاما، فأتيت به النبي عليه السلام وهو
جالس بين أصحابه فوضعته بين يديه، قال: ما هذا؟ قلت: هدية، فوضع يده وقال
لأصحابه: خذوا باسم الله، وقمت خلفه، فوضع رداءه فإذا خاتم النبوة فقلت: أشهد
أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ فحدثته عن الرجل ثم قلت: أيدخل الجنة يا رسول الله
فإنه حدثني أنك نبي؟ قال: (لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة).
(18) إسلام عدي بن حاتم الطائي
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن محمد قال أخبرنا جرير بن حازم عن محمد
ابن سرين عن أبي عبيدة بن حذيفة أن رجلا قال: قلت: أسأل عن حديث عن عدي بن
حاتم وأنا في ناحية الكوفة، فأكون أنا الذي أسمعه منه، فأتيته فقلت: أتعرفني؟ قال:
نعم، أنت فلان ابن فلان، وسماه باسمه، قلت: حدثني، قال: بعث النبي عليه الصلاة
والسلام فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط فانطلقت حتى أنزل أقصى أهل العرب مما يعلي
الروم، فكرهت مكاني أشد مما كرهت مكاني الأول، فقلت: لآتين هذا الرجل فإن كان
كاذبا لا يضرني، وإن كان صادقا لا يخفى علي، فقدمت المدينة فاستشرفني الناس
وقالوا: جاء عدي بن حاتم، فقال النبي (ص): (يا عدي بن حاتم! أسلم تسلم، قلت:
إني من أهل دين، قال: أنا أعلم بدينك منك، قال: قلت: أنت أعلم بديني مني، قال:
نعم، أنا أعلم بدينك منك، قلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: نعم، قال: ألست
ركوسيا؟ قلت: بلى، قال: أو لست ترأس قومك؟ قلت: بلى، قال: أو لست تأخذ
المرباع، قلت: بلى، قال: ذلك لا يحل لك في دينك، قال: فتواضعت من نفسي، قال:

(18 / 1) استشرفني الناس: أقبلوا ينظرون إلي، وذلك لشهرة والده حاتم الطائي بكرمه بين العرب وانتشار
أخباره.
454

يا عدي بن حاتم! أسلم تسلم، فإني ما أظن أو أحسب أنه يمنعك من أن تسلم إلا
خصاصة من ترى حولي، وأنك ترى الناس علينا إلبا واحدا ويدا واحدة، فهل أتيت
الحيرة؟ قلت: لا وقد علمت مكانها، قال: يوشك الظعينة أن ترحل من الحيرة حتى تطوف
بالبيت بغير جوار، ولتفتحن عليكم كنوز كسرى بن هرمز، قالها ثلاثا، يوشك أن
يهم الرجل من يقبل صدقته)، فلقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت
بغير جوار، ولقد كنت في أول خيل أغارت على المدائن، ولتجئ الثالثة إنه لقول رسول
الله (ص) قاله لي.
(19) إسلام جرير بن عبد الله
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق
عن المغيرة بن شبل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال: لما أن دنوت من المدينة أنخت
راحلتي ثم حللت عيبتي ولبست حلتي، فدخلت ورسول الله (ص) يخطب، فسلمت على
النبي (ص) فرماني الناس بالحدق، قال: فقلت لجليس لي: يا عبد الله! هل ذكر رسول الله
(ص) من أمري شيئا؟ قال: نعم، ذكرك بأحسن الذكر، قال: بينما رسول الله (ص) يخطب
إذ عرض له في خطبته فقال: (إنه سيدخل عليكم من هذا الفج أو من هذا الباب من
خير ذي يمن، ألا وإن على وجهه مسحة ملك)، قال جرير: فحمدت الله على ما
أبلاني.
(20) ما قالوا في مهاجر النبي عليه السلام
وأبي بكر وقدوم من قدم
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه
وفاطمة عن أسماء قالت: صنعت سفرة النبي (ص) في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى
المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد

يهم الرجل من يقبل صدقته: أي يهتم لذلك إذ لا يجد من يقبلها لانتشار الغنى والوفرة بين الناس.
(19 / 1) العيبة: كيس من جلد توضع فيه الملابس والمتاع.
رماني الناس بالحدق: نظروا إلي محدثين متسائلين.
مسحة ملك ولعلها مسحة ملك: هيئة ملك.
455

شيئا أربط به إلا نطاقي، قالت: فقال: شقيه باثنين، فاربطي بواحد السقاء وبالآخر
السفرة، فلذلك سميت ذات النطاقين.
(2) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: لما خرج رسول الله
(ص) وأبو بكر - يعني إلى المدينة - تبعهما سراقة بن مالك، فلما أتاهما قال: هذان فرا من قريش لو رددت على قريش فرها، قال: فعطف فرسه عليهما فساخت الفرس، فقال: ادعو الله
أن يخرجها ولا أقربكما، قال: فخرجت فعادت حتى فعل ذلك مرتين أو ثلاثا، قال:
فكف ثم قال: هلما إلى الزاد والحملان، فقالا: لا نريد ولا حاجة لنا في ذلك.
(3) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن
عازب قال: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب: مر
البراء فليحمله إلى رحلي، فقال له عازب: لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله
(ص) حيث خرجتما والمشركون يطلبونكما، قال: رحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى
أظهرنا، وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه، فإذا أنا بصخرة
فانتهينا إليها، فإذا بقية ظل لها فنظرت بقبة ظل فسويته ثم فرشت لرسول الله (ص) فيه
فروة، ثم قلت: اضطجع يا رسول الله! فاضطجع ثم ذهبت أنقض ما حولي هل أرى من
الطلب أحدا، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أريد، فسألته
فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش، قال: فسماه فعرفته، فقلت: هل في
غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم قال: فأمرته فاعتقل
شاة من غنمه فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا،
فضرب إحدى يديه بالأخرى، فحلب كثبة من لبن، ومعي لرسول الله (ص) أداوة على
فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فأتيت رسول الله (ص) فوافقته قد
استيقظ فقلت: اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله (ص) حتى رضيت، ثم قلت: أنى
الرحيل يا رسول الله، فارتحلنا والقوم ويطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن
مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال: (لا
تحزن إن الله معنا)، حتى إذا دنا منا، فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة،

(20 / 2) ساخت الفرس: غرقت رجلاها في الرمل ولم تقدر على الوقوف.
(20 / 3) كثبة من لبن: قليلا منه.
بقدر رمح: مسافة رمي الرمح.
(قد نرى تقلب وجهك) * سورة البقرة الآية (144) * (ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) *
سورة البقرة الآية (142).
456

قال: قلت: يا رسول الله! هذا الطلب قد لحقنا وبكيت فقال، ما يبكيك؟ فقلت: أما
والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك قال: فدعا عليه رسول الله (ص) فقال: اللهم
اكفناه بما شئت، قال: فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها، فوثب عنها ثم قال: يا
محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من
ورائي من الطلب، وهذا كنانتي فخذ سهما منهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا
وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله (ص): (لا حاجة لنا في إبلك)، وانصرف
عن رسول الله (ص) ودعا له رسول الله (ص) وانطلق راجعا إلى أصحابه، ومضى
رسول الله (ص) وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه، فقال
رسول الله (ص) (إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب، أكرمهم
بذلك) فخرج الناس حتى دخل المدينة، وفي الطريق وعلى البيوت الغلمان والخدم (جاء
محمد جاء رسول الله) فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمره الله، وكان رسول الله (ص) قد صلى
نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله (ص) يحب أن يوجه نحو الكعبة
فأنزل الله * (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر
المسجد الحرام) * قال: فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس * (ما ولاهم عن
قبلتهم النبي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم) *
قال: وصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام رجل ثم خرج بعد ما صلى، فمر على قوم من
الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال: هو يشهد أنه صلى مع النبي
(ص) وأنه قد وجه نحو الكعبة، قال: فانحرف القوم حتى وجهوا نحو الكعبة، قال البراء:
وكان نزل علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي، فقلنا له:
ما فعل رسول الله (ص)؟ فقال: هو ومكانه وأصحابه على أثري، ثم أتانا بعد عمرو بن أم
مكتوم أخو بني فهر الأعمى، فقلنا له: ما فعل من ورائك رسول الله وأصحابه؟ فقال:
هم على أثري، ثم أتانا عمر بن الخطاب من بعدهم في عشرين راكبا، ثم أتانا بعدهم
رسول الله (ص) وأبو بكر معه، فلم يقدم علينا حتى قرأت سورا من سور المفصل، ثم
خرجنا حتى نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا.
(4) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول: أول من
457

قدم علينا من أصحاب رسول الله (ص) مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئان
الناس القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء
رسول الله (ص)، قال: فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ قط فرحهم به، قال: فما قدم
حتى قرأت * (سبح اسم ربك الأعلى) * في سور من المفصل.
(5) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن
سراقة بن مالك المدلجي حدثهم أن قريشا جعلت في رسول الله (ص) وأبي بكر أربعين
أوقية، قال فبينما أنا جالس إذ جاءني رجل فقال: إن الرجلين الذين جعلت قريش فيهما ما
جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا، فأتيت فرسي وهو في المرعى فنفرت به ثم
أخذت رمحي، قال فركبته، قال: فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء
قال: فلما رأيتهما قال أبو بكر: هذا باغ يبغينا، فالتفت إلى النبي (ص) فقال: (اللهم
اكفناه بما شئت) قال: قال فوجل فرسي وإني لفي جلد من الأرض، فوقعت على حجر
فانقلب، فقلت: ادع الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه، وعاهده أن لا يعصيه، قال:
فدعا له، فخلص الفرس، فقال رسول الله (ص): (أواهبه أنت لي! فقلت: نعم، فقال:
فها هنا، قال: فعمي عنا الناس، وأخذ رسول الله (ص) طريق الساحل مما يلي البحر، قال:
فكنت أول النهار لهم طالبا وآخر النهار لهم مسلحة، وقال لي: إذا استقررنا بالمدينة فإن
رأيت أن تأتينا فأتنا، قال: فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأحد وأسلم الناس ومن
حولهم، قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج، قال: فأتيته
فقلت له: أنشدك النعمة، فقال القوم: مه، فقال رسول الله (ص): (دعوه، فقال رسول الله
(ص) ما تريد؟ فقلت: بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأنا أحب
أن توادعهم، فإن أسلم قومهم أسلموا معهم وإن لم يسلموا لم تخشن صدور قومهم عليهم،
فأخذ رسول الله (ص) بيد خالد بن الوليد فقال له: إذهب معه فاصنع ما أراد، فذهب
إلى بني مدلج، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله (ص)، فإن أسلمت قريش
أسلموا معهم، فأنزل الله * (ودوا لو تكفرون) * حتى بلغ * (إلا الذين يصلون إلى قوم
بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو
شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) * قال الحسن: فالذين حصرت صدورهم بنو مدلج،
فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم كان في مثل عهدهم.

(20 / 5) مسلحة: قوة حراسة وحماية * (ودوا لو تكفرون) * سورة النساء من الآية (89).
* (إلا الذين يصلون إلى قوم) * إلى * (فلقاتلوكم) * سورة النساء من الآية (90).
458

(6) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال:
قلت للنبي (ص) ونحن في الغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، قال:
(يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
(7) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن عبد الله بن أبي بكر كان الذي
يختلف بالطعام إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وهما في الغار.
(8) حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: * (إلا تنصره) * ثم
ذكر ما كان من أول شأنه حين بعث، يقول: فالله فاعل ذلك به ناصره كما نصره ثاني
اثنين.
(9) حدثنا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال: مكث أبو بكر
مع النبي (ص) في الغار ثلاثا.
(10) حدثنا وكيع عن نافع بن عمر عن رجل عن أبي بكر أنهما لما انتهيا، قال: إذا
جحر، قال: فألقمه أبو بكر رجله فقال: يا رسول الله! إن كانت لدغة أو لسعة كانت
بي.
(11) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن سماك عن ابن جبير عن ابن عباس * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * قال: هم الذين هاجروا مع محمد (ص) إلى
المدينة.
(12) حدثنا وكيع عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال: سمعت مسلمة بن مخلد
يقول: ولدت حين قدم النبي (ص) وقبض وأنا ابن عشر.
(13) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع أنسا يقول: قدم رسول الله (ص) المدينة
وأنا ابن عشر، وقبض وأنا ابن عشرين، وكن أمهاتي يحثثنني على خدمته.
(14) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن
رسول الله (ص) لما هاجر إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة قال: استقبلتهم هدية
طلحة إلى أبي بكر في الطريق فيها ثياب بيض، فدخل رسول الله (ص) وأبو بكر فيها
المدينة.

(20 / 8) * (ألا تنصروه) * سورة التوبة من الآية (40).
(20 / 11) سورة آل عمران من الآية (110).
459

(15) حدثنا خالد بن مخلد عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء
ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله (ص) وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فوضعته
بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي (ص)، فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكوه
حتى وجدوها فحنكوه، فكان أول شئ دخل بطنه ريق رسول الله (ص) وسماه عبد الله.
(16) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن
عبد الله قال: قال عبد الله: إن أول من هاجر من هذه الأمة غلامان من قريش.
(17) حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: قلت له:
ما فرق ما بين المهاجرين الأولين والآخرين؟ قال: فرق ما بينهما القبلتان، فمن صلى مع
رسول الله (ص) القبلتين فهو من المهاجرين الأولين.
(18) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر
كان رديف النبي (ص) من مكة إلى المدينة، وكان أبو بكر يختلف إلى الشام، فكان
يعرف، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعرف، فكانوا يقولون: يا أبا بكر! من هذا
الغلام بين يديك؟ قال: هاد يهديني السبيل، قال: فلما دنوا من المدينة نزلا الحرة وبعثا إلى
الأنصار فجاؤوا، قال: فشهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوما كان أحسن ولا أضوأ
من يوم دخل علينا فيه، وشهدت يوم مات فما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم
مات فيه (ص).
(21) ما ذكر في كتب النبي عليه السلام وبعوثه
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن عبد الله بن شداد
قال: كتب كسرى إلى باذام أني نبئت أن رجلا يقول شيئا لا أدري ما هو، فأرسل إليه
فليقعد في بيته ولا يكن من الناس في الشئ وإلا فليواعدني موعدا ألقاه به، قال: فأرسل
باذام إلى رسول الله (ص) رجلين حالقي لحاهما مرسلي شوار بهما، فقال رسول الله (ص):
(ما يحملكما على هذا)؟ قال: فقالا له: يأمرنا به الذي يزعمون أنه ربهم، قال: فقال
رسول الله (ص): (لكنا نخالف سنتكم، نجر هذا ونرسل هذا)، قال: فمر به رجل من
قريش طويل الشارب، فأمره رسول الله (ص) أن يجزهما، قال: فتركهما بضعا وعشرين

(20 / 15) حنكوه: فركوا لثته بشئ وهنا بالتمرة.
460

يوما، ثم قال: إذهبا إلى الذي يزعمون أنه ربكما، فأخبراه أن ربي قتل الذي يزعم
أنه ربه، قالا متى؟ قال: اليوم، قال: فذهبا إلى باذام فأخبراه الخبر، قال: فكتب إلى
كسرى فوجدوا اليوم هو الذي قتل فيه كسرى.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي قال: سمعت
سعيد بن المسيب يقول: كتب رسول الله (ص) إلى كسرى وقيصر والنجاشي: (أما بعد! تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ
بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بإنا مسلمون) قال سعيد:
فمزق كسرى الكتاب ولم ينظر فيه، قال نبي الله: (مزق ومزقت أمته)، فأما النجاشي
فآمن وآمن من كان عنده، وأرسل إلى رسول الله (ص) بهدية حلة، فقال رسول الله
(ص): (اتركوه ما ترككم)، وأما قيصر فقرأ كتاب رسول الله (ص) فقال: هذا كتاب
لم أسمع به بعد سليمان النبي (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم أرسل إلى أبي سفيان والمغيرة بن
شعبة كانا تاجرين بأرضه، فسألهما عن بعض شأن رسول الله (ص)، وسألهما من تبعه،
فقالا: تبعه النساء وضعفة الناس، فقال: أرأيتما الذين يدخلون معه يرجعون؟ قالا: لا،
قال: هو نبي، ليملكن ما تحت قدمي، لو كنت عنده لقبلت قدميه.
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب عن جعفر بن عمرو قال: بعث رسول الله
(ص) أربعة نفر إلى أربعة وجوه: رجلا إلى كسرى، ورجلا إلى قيصر، ورجلا إلى
المقوقس، وبعث عمرو بن أمية إلى النجاشي، فأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين
بعث إليهم، فلما أتى عمرو بن أمية النجاشي وجد لهم بابا صغيرا يدخلون منه مكفرين،
فلما رأى عمرو ذلك ولى ظهره القهقري، قال: فشق ذلك على الحبشة في مجلسهم عند
النجاشي حتى هموا به حتى قالوا للنجاشي: إن هذا لم يدخل كما دخلنا، قال: ما منعك
أن تدخل كما دخلوا؟ قال: إنا لا نصنع هذا بنبينا، ولو صنعناه بأحد صنعناه به، قال:
صدق، قال: دعوه قالوا: للنجاشي: هذا يزعم أن عيسى مملوك، قال: فما تقول في
عيسى؟ قال: كلمة الله وروحه، قال: ما استطاع عيسى أن يعدوا ذلك.
(4) حدثنا أبو أسامة عن مجاهد قال: كتب رسول الله (ص) إلى جدي وهذا كتابه
عندنا (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى عمير ذي مران وإلى من

(21 / 3) مكفرين: منحنين.
ولي ظهره القهقري: أي دخل بظهره كي لا ينحني أمامه.
461

أسلم من همدان، سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد
ذلكم فإنه بلغنا إسلامكم مرجعنا من أرض الروم، فأبشروا فإن الله قد هداكم
بهداه، وإنكم إذا شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم
الزكاة فإن لكم ذمة الله وذمة محمد رسول الله على دمائكم وأموالكم وأرض البون التي أسلمتم عليها سهلها وجبلها وعيونها ومراعيها غير مظلومين ولا مضيق عليكم
فإن الصدقة لا تحل لمحمد وأهل بيته، وإنما هي زكاة تزكون بها أموالكم لفقراء
المسلمين، وإن مالك بن مرارة الرهاوي حفظ الغيب وبلغ الخبر وآمرك به يا ذا مران
خيرا، فإنه منظور إليه)، وكتب علي بن أبي طالب والسلام عليكم وليحييكم ربكم.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم
قال: بعث رسول الله (ص) إلى خثعم لقوم كانوا فيهم، فلما غشيهم المسلمون استعصموا
بالسجود، قال: فسجدوا، قال: فقتل بعضهم فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال: (أعطوهم
نصف العقل لصلاتهم، ثم قال النبي (ص): (ألا إني برئ من كل مسلم مع مشرك).
(6) حدثنا أبو خالد الأعمر عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أسامة قال: بعثنا
رسول الله (ص) في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا فقال: (لا إله إلا الله)
فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي (ص)، فقال النبي (ص): (قال: (لا إله
إلا الله) وقتلته؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها فرقا من السلاح، قال: فهلا شققت
عن قلبه حتى تعلم أقالها فرقا من السلاح أم لا؟ فما زال يكررها حتى تمنيت أني
أسلمت يومئذ.
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن عمر بن الحكم بن ثوبان
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) بعث علقمة بن محرز على بعث أنا فيهم، فلما
انتهى إلى رأس غزاته أو كان ببعض الطريق استأذنته طائفة من الجيش فأذن لهم، وأمر
عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي، فكنت فيمن غزا معه، فلما كنا ببعض الطريق
أو قد القوم نارا ليصطلوا أو ليصطنعوا عليه شيئا لهم، فقال عبد الله وكانت فيه دعابة:
أليس لي عليكم السمع والطاعة، قالوا: بلى، قال: فما أنا بآمركم شيئا إلا صنعتموه، قالوا:
نعم، قال: فإني أعزم عليكم ألا تواثبتم في هذه النار، قال: فقام ناس فتجهزوا، فلما ظن

(21 / 5) نصف العقل: نصف الدية.
(21 / 6) أني أسلمت يومئذ: كي يكون مثله للرجل مما غفر له لان الاسلام يحجب ما قبله.
462

أنهم واثبون قال: أمسكوا على أنفسكم، فإنما كنت أمزح معكم، فلما قدمنا ذكرنا ذلك
لرسول الله (ص) فقال: (من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوهم).
(8) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: بعث
رسول الله (ص) خالد بن الوليد إلى العزى، فجعل يضربها بسيفه ويقول: إني رأيت الله
قد أهانك.
(9) حدثنا وكيع عن عمرو بن عثمان بن موهب قال: سمعت أبا بردة يقول: كتب
رسول الله (ص) إلى رجل من أهل الكتاب (أسلم أنت) قال: فلم يفرغ النبي عليه الصلاة
والسلام من كتابه حتى أتاه كتاب من ذلك الرجل أنه يقرأ على النبي (ص) فيه السلام،
فرد النبي (ص) في أسفل كتابه.
(10) حدثنا وكيع عن قرة بن خالد السدوسي عن يزيد بن عبد الله بن الشخير
قال: كنا جلوسا بهذا المربد بالبصرة، فجاء أعرابي معه قطعة أديم أو قطعة من جراب
فقال: هذا كتاب كتبه لي النبي (ص)، قال: فأخذته فقرأته على القوم، فإذا فيه: (بسم الله
الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله (ص) لبني زهير بن أقيش: (إنكم إن أقمتم
الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم الخمس وسهم النبي والصفي فأنتم آمنون
بأمان الله وأمان رسوله) قال: فما سمعت رسول الله (ص) يقول شيئا؟ قال: سمعته
يقول: (صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر).
(11) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير أن
رسول الله (ص) بعث عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان، قال: فلما دنوت منه، وذلك
في وقت العصر، خفت أن يكون دونه محاولة أو مزاولة، فصليت وأنا أمشي.
(12) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: بعث رسول الله (ص)
عمرا على جيش ذات السلاسل إلى لخم وجذام ومسانف الشام، قال: وكان في أصحابه
قلة، قال: فقال لهم عمرو: لا يوقدن أحد منكم نارا، فشق ذلك عليهم، فكلموا أبا بكر
أن يكلم عمروا فكلمه فقال: لا يوقد أحد نارا إلا ألقيته فيها، فقابل العدو فظهر عليهم
واستباح عسكرهم، فقال الناس: ألا نتبعهم؟ فقال: لا، إني أخشى أن يكون لهم وراء
هذه الجبال مادة يقتطعون بها المسلمين، فشكوه إلى النبي (ص) حين رجعوا فقال:
(صدقوا يا عمرو)؟ قال: كان في أصحابي قلة فخشيت أن يرغب العدو في قتلهم،
463

فلما أظهرني الله عليهم قالوا: أتبعهم، قلت: أخشى أن تكون لهم وراء هذه الجبال مادة
يقتطعون بها المسلمين، قال: فكأن النبي (ص) حمد أمره.
(13) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس أن النبي عليه الصلاة والسلام
قال لبلال: (أجهزت الركب - أو الرهط - البجليين؟ قال: لا، قال: فجهزهم وابدأ
بالأحمسيين قبل القسيريين).
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الشعبي أن
رسول الله (ص) كتب إلى رعية السحيمي بكتاب، فأخذ كتاب رسول الله (ص) فرقع به
دلوه، فبعث رسول الله (ص) سرية فأخذوا أهله وماله، وأفل رعية على فرس له عريانا
ليس عليه شئ، فأتى ابنته وكانت متزوجة في بني هلال، قال: وكانوا أسلموا فأسلمت
معهم، وكانوا دعوه إلى الاسلام، قال: فأتى ابنته وكان يجلس القوم بفناء بيتها، فأتى
البيت من وراء ظهره، فلما رأته ابنته عريانا ألقت عليه ثوبا، قالت: مالك؟ قال: كل
الشر، ما ترك لي أهل ولا مال، قال: أين بعلك؟ قالت: في الإبل، قال: فأتاه فأخبره،
قال: خذ راحلتي برجلها ونزودك من اللبن، قال: لا حاجة لي فيه، ولكن أعطني قعود
الراعي وإداوة من ماء، فإني أبادر محمدا لا يقسم أهلي ومالي، فانطلق وعليه ثوب إذا غطى
به رأسه خرجت أسته، وإذا غطى به أسته خرج رأسه فانطلق حتى دخل المدينة ليلا،
فكان بحذاء رسول الله (ص) فلما صلى رسول الله (ص) الفجر قال له: يا رسول الله! أبسط
يدك فلأبايعك، فبسط رسول الله (ص) يده، فلما ذهب رعية ليمسح عليها قبضها رسول
الله (ص)، ثم قال: له رعية: يا رسول الله! ابسط يدك قال: (ومن أنت؟ قال: رعية
السحيمي، قال: فأخذ رسول الله (ص) بعضده فرفعها، ثم قال: (أيها الناس! هذا رعية
السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع به دلوه)، فأسلم، ثم قال: يا رسول الله!
أهلي ومالي؟ فقال رسول الله (ص): (أما مالك فقد قسم بين المسلمين، وأما أهلك
فانظر من قدرت عليه منهم، قال: فخرجت فإذا ابن لي قد عرف الراحلة وإذا هو قائم
عندها، فأتيت رسول الله (ص) فقلت: هذا ابني، فأرسل معي بلالا، فقال: انطلق معه
فسله: أبوك هو؟ فإن قال: نعم، فأدفعه إليه)، قال: فأتاه بلال فقال: أبوك هو؟
فقال: نعم، فدفعه إليه، قال: فأتى بلال النبي (ص) فقال: والله ما رأيت أحدا منهما
مستعبرا إلى صاحبه، فقال رسول الله (ص): (ذلك جفاء العرب).

(21 / 14) قعود الراعي: ناقته أو فرسه السريع الذي يترك قاعدا مستريحا لوقت الحاجة يسرع به خلق ما
يشرد من الإبل يستعيدها مستعبرا إلى صاحبه: مشتاقا قد سالت عبراته أي دموعه.
464

(22) ما جاء في الحبشة وأمر النجاشي
وقصة إسلامه
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي
إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: أمرنا رسول الله (ص) أن ننطلق مع جعفر بن
أبي طالب إلى أرض النجاشي، قال: فبلغ ذلك قومنا، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن
الوليد، وجمعوا للنجاشي هدية فقدمنا وقدما على النجاشي، فأتوه بهديته فقبلها،
وسجدوا، ثم قال له عمرو بن العاص: إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك، فقال
لهم النجاشي: في أرضي؟ قالوا: نعم، فبعث إلينا فقال لنا جعفر: لا يتكلم منكم أحد، أنا
خطيبكم اليوم، قال: فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه وعمرو بن العاص عن
يمينه وعمارة عن يساره، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين، وقد قال له عمرو بن
العاص وعمارة: إنهم لا يسجدون لك، قال: فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين
والرهبان: اسجدوا للملك، فقال جعفر: لا نسجد إلا لله، فلما انتهينا إلى النجاشي قال:
ما يمنعك أن تسجد؟ قال: لا نسجد إلا الله، قال له النجاشي: وما ذاك؟ قال: إن الله
بعث فينا رسوله، وهو الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم * (برسول يأتي من بعدي
اسمه أحمد) * فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة، وأمرنا
بالمعروف ونهانا عن المنكر، قال: فأعجب النجاشي قوله، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص
قال: أصلح الله الملك، إنهم يخالفونك في ابن مريم؟ فقال النجاشي لجعفر: ما يقول:
صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول في قول الله (هو روح الله وكلمته) أخرجه من البتول
العذراء التي لم يقربها بشر، قال: فتناول النجاشي عودا من الأرض فقال: يا معشر
القسيسين والرهبان! ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه،
مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله والذي بشر بن عيسى ابن مريم،
ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه، امكثوا في أرضي ما شئتم، وأمر لنا
بطعام وكسوة، وقال: ردوا على هذين هديتهما، قال: وكان عمرو بن العاص رجلا
قصيرا، وكان عمارة بن الوليد رجلا جميلا، قال: فأقبلا في البحر إلى النجاشي، قال:

(22 / 1) زبرنا: زجرنا ونظر إلينا شذرا.
* (برسول يأتي من بعدي) * سورة الصف من الآية (6).
465

فشربوا، قال: ومع عمرو بن العاص امرأته، فلما شربوا الخمر قال عمارة لعمرو: مر
امرأتك فلتقبلني، فقال له عمرو: ألا تستحي، فأخذه عمارة فرمى به في البحر فجعل
عمرو يناشده حتى أدخله السفينة، فحقد عليه عمرو ذلك، فقال عمرو للنجاشي: إنك
إذا خرجت خلف عمارة في أهلك، قال: فدعا النجاشي بعمارة فنفخ في إحليله فصار مع
الوحش.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: لما قدم
جعفر من أرض الحبشة لقي عمر بن الخطاب أسماء بنت عميس فقال لها: سبقناكم بالهجرة
ونحن أفضل منكم، قالت: لا أرجح حتى آتي رسول الله (ص)، قال: فدخلت عليه فقالت:
يا رسول الله! لقيت عمر فزعم أنه أفضل منا وأنهم سبقونا بالهجرة، قالت: قال نبي الله
عليه الصلاة والسلام: (بل أنتم هاجرتم مرتين)، قال: إسماعيل: فحدثني سعيد بن أبي
بردة قال: قالت يومئذ لعمر: ما هو كذلك، كنا مطرودين بأرض البعداء البغضاء وأنتم
عند رسول الله (ص) يعظ جاهلكم ويطعم جائعكم.
(3) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه في قوله: * (ترى أعينهم تفيض من
الدمع مما عرفوا من الحق) * قال نزل ذلك في النجاشي.
(4) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي قال: أتى رسول الله (ص) حين
افتتح خيبر فقيل له: قدم جعفر من عند النجاشي، قال: (ما أدرى بأيهما أنا أفرح؟
بقدوم جعفر أو بفتح خيبر)؟ ثم تلقاه فالتزمه وقبل ما بين عينيه.
(5) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال ثنا الزهري
قال حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال: دعا النجاشي
جعفر بن أبي طالب وجمع له رؤوس النصارى ثم قال لجعفر: أقرأ عليهم ما معك من
القرآن، فقرأ عليهم * (كهيعص) * ففاضت أعينهم فنزلت * (ترى أعينهم تفيض من
الدمع مما عرفوا من الحق) *.
(6) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين أنه ذكر عنده عثمان بن عفان، قال
رجل: إنهم يسبونه، قال: ويحهم يسبون رجلا دخل على النجاشي في نفر من أصحاب

(22 / 3) سورة المائدة من الآية (83).
التزمه: عانقه.
(22 / 5) [كهيعص]: المقصود مريم.
466

محمد (ص) فكلهم أعطاه الفتنة غيره، قالوا: وما الفتنة التي أعطوها؟ قال: كان لا يدخل
عليه أحد إلا أوما إليه برأسه، فأبى عثمان فقال: ما منعك أن تسجد كما سجد
أصحابك؟ فقال: ما كنت لأسجد لاحد دون الله.
(23) في غزوات النبي عليه السلام كم غزا؟
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا حسين بن واقد قال:
حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان.
(2) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني ليث بن سعد عن صفوان بن سليم الزهري
عن أبي بسرة عن البراء بن عازب أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة غزوة.
(3) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا وهيب عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم سمعه
منه أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة، قال أبو إسحاق: فسألت زيد بن أرقم: كم
غزوت مع رسول الله (ص)؟ قال: سبع عشرة.
(4) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال:
غزوت مع النبي (ص) خمس عشرة غزوة وأنا عبد الله بن عمر لدة.
(5) حدثنا زيد بن حباب قال حدثني حسين بن واقد قال حدثني مطر الوراق عن
قتادة أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة قاتل في ثمان: يوم بدر ويوم أحد ويوم
الأحزاب ويوم قديد ويوم خبير ويوم فتح مكة ويوم ماء بني المصطلق ويوم حنين.
(24) غزوة بدر الأولى
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن سعد بن
أبي وقاص قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة جاءت جهينة فقالت: إنك قد نزلت بين
أظهرنا فأوثق لنا حتى نأمنك وتأمننا، فأوثق لهم ولم يسلموا، فبعثنا رسول الله (ص) في
رجب ولا نكون مائة، وأمرنا أن نغير على حي من كنانة إلى جنب جهينة، قال: فأغرنا
عليهم وكانوا كثيرا، فلجأنا إلى جهينة فمنعونا وقالوا: لم تقاتلون في الشهر الحرام؟
فقلنا: إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال بعضنا لبعض: ما
ترون؟ فقالوا: نأتي رسول الله (ص) فنخبره، وقال قوم: لا، بل نقيم ها هنا، وقلت أنا في
أناس معي: لا بل نأتي عير قريش هذه فنصيبها، فانطلقنا إلى العير وكان الفئ إذ ذاك
467

(من أخذ شيئا فهو له) فانطلقنا إلى العير، وانطلق أصحابنا إلى النبي عليه الصلاة
والسلام فأخبروه الخبر، فقام غضبان محمرا لونه ووجهه، فقال: (ذهبتم من عندي جميعا
وجئتم متفرقين، إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس
بخيركم، أصبركم على الجوع والعطش). فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي
فكان أول أمير في الاسلام.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد عن قتادة في قوله: * (ولا تقاتلوهم عند
المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) * فأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن لا يقاتلوهم
عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوا فيه بقتال نسختها * (يسألونك عن الشهر الحرام قتال
فيه) * نسخها هاتان الآيتان قوله: * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم وخذوهم واحصروهم) *.
(25) غزوة بدر الكبرى ومتى كانت وأمرها
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال: كانت بدر
لسبع عشرة من رمضان في يوم جمعة.
(2) حدثنا عفان قال حدثنا خالد بن عبد الله قال أخبرنا عمرو بن يحيى عن
عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عامر بن ربيعة البدري قال: كانت بدر يوم الاثنين
لسبع عشرة من رمضان.
(3) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال
تحروها لاحدى عشرة تبقى صبيحة بدر.
(4) حدثنا الفضيل بن دكين قال حدثنا عمرو بن شبة قال: سألت أبا بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام: أي ليلة كانت ليلة بدر؟ فقال: هي ليلة الجمعة لسبع عشرة
ليلة مضت من رمضان.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن عامر قال: إن بدرا إنما كنت بئر
الرجل يدعى بدرا.

(24 / 2) عير قريش: قافلة تجارتها * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) * سورة البقرة من الآية (191).
* (يسألونك عن الشهر الحرام) * سورة البقرة من الآية (217).
* (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) * سورة التوبة من الآية (5).
468

(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن خيثم عن مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم
بدر.
(7) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مسعر عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي عن
علي قال: قيل لأبي بكر الصديق وعلي يوم بدر: (مع أحدكما جبريل ومع الآخر
ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يقف في الصف).
(8) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو الليثي عن جده قال: خرج
رسول الله (ص) إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: (كيف ترون؟ قال
أبو بكر: يا رسول الله! بلغنا أنهم بكذا وكذا، قال: ثم خطب الناس فقال: كيف ترون؟
فقال عمر مثل قول أبي بكر، ثم خطب فقال: ما ترون؟ فقال سعد بن معاذ: إيانا تريد،
فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي
برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل
* (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) * ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا
معكما متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لامر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي
أحدث الله إليك فامض له، فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت، وسالم من
شئت، وعاد من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، فنزل القرآن على قول سعد * (كما الكافرين) * وإنما خرج رسول الله (ص) يريد غنيمة ما مع أبي سفيان فأحدث الله إليه القتال.
(9) حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما
كان يوم البدر قال رسول الله (ص): (من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا)، قال: فتسارع
في ذلك شبان الرجال، وبقيت الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنائم جاءوا يطلبون
الذي جعل لهم، فقال الشيوخ لا تستأثرون علينا فإنا كنا ردءكم وكنا تحت الرايات، ولو
انكشفتم انكشفتم إلينا، فتنازعوا فأنزل الله * (يسألونك عن الأنفال) * إلى قوله:
* (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) *.

(25 / 8) * (فاذهب أنت وربك فقاتلا) * سورة المائدة من الآية (24).
* (كما أخرجك ربك) * إلى * (دابر الكافرين) * سورة الأنفال من الآيات (5 - 7).
(25 / 9) سورة الأنفال من الآية (1).
469

(10) حدثنا عبد الأعلى عن داود عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس * (سيهزم
الجمع) * قال: كان ذلك يوم بدر قالوا: * (نحن جميع منتصر) * فنزلت هذه الآية.
(11) حدثنا وكيع عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية * (سيهزم الجمع ويولون
الدبر) * قال: يوم بدر.
(12) حدثنا عبد الأعلى عن داود عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس * (حتى إذا
فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون) * قال: ذاك يوم بدر.
(13) حدثنا ابن علية عن أيوب عن عكرمة أن النبي (ص) كان يثب في الدرع يوم
بدر ويقول: هزم الجمع هزم الجمع.
(14) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي
قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله (ص) وهو أقربنا إلى العدو.
(15) حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة أن رسول الله (ص) قال يوم بدر: (هذا
جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب).
(16) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: قال رسول الله
(ص): (تسوموا فإن الملائكة قد تسومت)، قال: فهو أول يوم وضع الصوف.
(17) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي عن
علي قال: كان سيما أصحاب رسول الله (ص) يوم بدر الصوف الأبيض.
(18) حدثنا محمد بن فضيل عن داود بن أبي هند عن عامر قال: لما كان يوم بدر
تحدث المسلمون أن كرز بن جابر يمد المشركين فشق ذلك على المسلمين فنزلت * (بلى إن
تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة
مسومين) * يقول: إن أمدهم كرز أمددتكم بهؤلاء الملائكة فلم يمددهم كرز بشئ.

(25 / 10) * (سيهزم الجمع) * سورة القمر من الآية (45).
* (نحن جميع منتصر) * سورة القمر من الآية (44).
(25 / 11) سورة القمر من الآية (45).
(25 / 12) سورة المؤمنون الآية (77).
(25 / 18) سورة آل عمران من الآية (125).
470

(19) حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود عن الشعبي وسعيد بن المسيب * (وينزل
عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * قالا: طش يوم بدر.
(20) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: كنت أمنح
أصحابي الماء يوم بدر.
(21) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله
* (يوم نبطش البطشة الكبرى) * قال: يوم بدر.
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن
ثعلبة بن صعير العذري أن أبا جهل قال يوم بدر: اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف
فأحنه الغداة، قال: فكان ذلك استفتاحا منه، فنزلت هذه الآية * (إن تستفتحوا فقد
جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم) * الآية.
(23) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله ابن مسعود أنه أتى أبا جهل يوم بدر وبه رمق قال: أخزاك الله، قال: هل أعمد من رجل
قتلتموه.
(24) حدثنا يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن
ابن عوف قال: إني لفي الصف يوم بدر، فالتفت عن يميني وعن شمالي، فإذا غلامان
حديثا السن، فكرهت مكانهما فقال لي أحدهما سرا من صاحبه: أي عم! أرني أبا جهل،
قال: قلت: ما تريد منه، قال: إني جعلت لله على إن رأيته أن أقتله، قال: فقال الآخر
أيضا سرا من صاحبه: أي عم! أرني أبا جهل، قال: قلت: وما تريد منه؟ قال: جعلت
لله علي إن رأيته أن أقتله، قال: فما سرني بمكانها غيرهما، قال: قلت: هو ذاك، قال:
أشرت لهما إليه فابتدراه كأنهما صقران وهما ابنا عفراء حتى ضرباه.
(25) حدثنا جعفر بن عون عن سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن
عبد الله أن النبي (ص) كان يقول: (اللهم عليك بقريش - ثلاثا: بأبي جهل بن هشام،
وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي
معيط)، قال: قال عبد الله: فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر.

(25 / 19) سورة الأنفال من الآية (11).
(25 / 21) سورة الدخان الآية (16).
(25 / 22) سورة الأنفال الآية (19).
471

(26) حدثنا يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أخيه يزيد بن حازم عن
عكرمة مولى ابن عباس قال: لما نزل المسلمون بدرا وأقبل المشركون نظر رسول الله (ص)
إلى عتبة بن ربيعة وهو على جمل له أحمر، فقال: (إن يك عند أحدا من القوم خير فعند
صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا)، فقال: عتبة: أطيعوني ولا تقاتلوا هؤلاء
القوم، فإنكم إن فعلتم لم يزل ذاك في قلوبكم، ينظر الرجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه
فاجعلوا إلى جنبها وارجعوا، قال: فبلغت أبا جهل فقال: انتفخ والله سحره حيث رأى
محمد وأصحابه، والله ما ذاك به، وإنما ذاك لان ابنه معهم، وقد علم أن محمد وأصحابه
أكلة جزور لو قد التقينا، قال: فقال عتبة: سيعلم مصفر أسته من الجبان المفسد لقومه،
أما والله إني لأرى تحت القشع قوما ليضربنكم ضربا يدعون لكم البقيع، أما ترون كأن
رؤوسهم رؤوس الأفاعي، وكأن وجوههم السيوف، قال: ثم دعا أخاه وابنه ومشى بينهما
حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة.
(27) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن
مضرب عن علي قال: لما قدمنا المدينة فأصبنا من ثمارها اجتويناها وأصابنا وعك، وكان
رسول الله (ص) يتخبر عن بدر، قال: فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله
(ص) إلى بدر، وبدر بئر، فسبقنا المشركين إليها فوجدنا فيها رجلين منهم: رجل من
قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت إليها، وأما المولى فأخذناه، فجعلنا
نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثير عددهم شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذا قال
ذاك ضربوه حتى انتهوا به إلى رسول الله (ص) فقال له: (كم القوم)؟ فقال: هم والله
كثير عددهم شديد بأسهم، فجهد النبي (ص) على أن يخبرهم كم هم، فأبى، ثم إن رسول
الله (ص) سأله: كم ينحرون؟ فقال: عشرا كل يوم، فقال رسول الله (ص): (القوم
ألف، كل جزور لمائة، وتبعها)، ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت
الشجرة والجحف نستظل تحتها من المطر، قال: وبات رسول الله (ص) ليلة إذ يدعوا ربه،
فلما طلع الفجر نادى: الصلاة عباد الله، فجاء الناس من تحت الشجر والجحف، فصلى بنا
رسول الله (ص) وحرض على القتال ثم قال: (إن جمع قريش عند هذه الضلعة الحمراء
من الجبل)، فلما أن دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل أحمر يسير في
القوم فقال رسول الله (ص): (يا علي! ناد لي حمزة) وكان أقربهم إلى المشركين من

(25 / 26) أكلة جزور: أي سيكونون ذبائح للسيوف في أول صدمة.
472

صاحب الجمل الأحمر وما يقول لهم، ثم قال لهم رسول الله (ص): (إن يك في القوم أحد
فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر)، فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة وهو
ينهي عن القتال ويقول لهم: يا قوم! إني أرى قوما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير،
يا قوم! اعصبوا اللوم برأسي وقولوا: جبن عتبة، وقدم علمتم أني لست بأجبنكم، فسمع
ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول هذا، لو غيرك قال هذا أعضضته، لقد ملئت رئتك
وجوفك رعبا، فقال عتبة: إياي تعير يا مصفر أسته، ستعلم اليوم أينا أجبن، قال: فبرز
عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا: من يبارز، فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال
عتبة: لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، قال: فقال رسول الله
(ص): (قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة بن الحارث)، فقتل الله عتبة بن ربيعة
وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة بن الحارث فقتلنا منهم سبعين وأسرنا
سبعين، قال: فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس أسيرا، فقال العباس: إن هذا والله
ما أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق، ما أراه في
القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال له: (اسكت لقد أيدك الله بملك
كريم)، قال: علي: فأسر من بني عبد المطلب العباس وعقيل ونوفل بن الحارث.
(28) حدثنا وكيع قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن مصعب بن سعد عن أبيه
قال: أصبت سيفا يوم بدر فأعجبني فقلت: يا رسول الله! هبه لي فنزلت * (يسألونك
عن الأنفال) * الآية.
(29) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري أن أبا جهل هو الذي استفتح يوم
بدر فقال: اللهم أينا كان أفجر بك وأقطع لرحمه فأحنه اليوم، فأنزل الله * (إن تستفتحوا
فقد جاءكم الفتح) *.
(30) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن
حريث قال: نادى منادي رسول الله (ص) يوم بدر: ليس لأحد من القوم يعني أمانا - إلا
أبا البختري، فمن كان أسره فليخل سبيله، فإن رسول الله (ص) قد أمنه، فوجدوه قد
قتل.

(25 / 28) سورة الأنفال من الآية (1).
473

(31) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم الواسطي عن أبي مجلز عن قيس بن
عباد قال: سمعت أبا ذر يقسم: لنزلت هؤلاء الآيات في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر:
علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة * (هذان خصمان
اختصموا في ربهم) *.
(32) حدثنا قراد أبو نوح قال حدثنا عكرمة بن عمار العجلي قال حدثنا سماك
الحنفي أبو زميل قال حدثنا ابن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر
نظر رسول الله (ص) إلى أصحابه، وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف
وزيادة، فاستقبل النبي (ص) القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: (اللهم أنجز
لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام لا تعبد في الأرض
أبدا)، قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر، قال: فأخذ
رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز
لك ما وعدك، فأنزل الله * (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من
الملائكة مردفين) * فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا،
وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله (ص) أبا بكر وعمر وعليا، فقال أبو بكر:
يا نبي الله! هؤلاء بنو العم والعشيرة والاخوان، فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون
ما أخذنا منهم قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا، فقال رسول الله
(ص): (ما ترى يا ابن الخطاب)؟ قلت: والله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكم أرى
أن تمكنني من فلان - قريبا لعمر - فأضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه،
وتمكن حمزة من أخيه فلان فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة
لمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى نبي الله (ص) ما قال أبو بكر، ولم
يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي (ص) فإذا
هو قاعد وأبو بكر يبكيان، قال: قلت: يا رسول الله (ص): أخبرني ماذا يبكيك أنت
وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال النبي
(ص): (الذي عرض على أصحابكم من الفداء لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه

(25 / 31) سورة الحج من الآية (19).
(25 / 32) * (إذ تستغيثون ربكم) * سورة الأنفال الآية (9).
(ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * إلى * (عذاب عظيم) * سورة الأنفال الآيتان (67 - 68).
* (أو لما أصابتكم مصيبة) * سورة آل عمران الآية (165).
474

الشجرة) - لشجرة قريبة، وأنزل الله * (ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في
الأرض تريدون عرض الدنيا) * إلى قوله: * (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم
عذاب عظيم) * ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا
يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب النبي (ص) وكسرت رباعيته
وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله * (أو لما أصابتكم مصيبة قد
أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير) *
بأخذكم الفداء.
(33) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه أن رقية بنت رسول الله (ص) توفيت
فخرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى بدر وهي امرأة عثمان، فتخلف عثمان وأسامة بن زيد
يومئذ، فبينما هم يدفنونها إذ سمع عثمان تكبيرا فقال: يا أسامة! انظر ما هذا التكبير؟
فنظر فإذا هو زيد بن حارثة على ناقة رسول الله (ص) الجدعاء يبشر بقتل أهل بدر من
المشركين، فقال المنافقون: لا والله ما هذا بشئ، ما هذا إلا الباطل، حتى جئ بهم
مصفدين مغللين.
(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني
قال: أسر يوم بدر من المشركين سبعون رجلا وقتل منهم سبعون، فجمع رسول الله (ص)
الأنصار فخيرهم فقال: ما شئتم؟ إن شئتم اقتلوهم، ويقتل منكم عدتهم، وإن شئتم أخذتم
فداءهم فتقويتم به في سبيل الله، قالوا: يا رسول الله! نأخذ الفداء نتقوى به في سبيل الله
ويقتل منا عدتهم، قال: فقتل منهم عدتهم يوم أحد.
(35) حدثنا أبو داود الحفري عن ابن أبي زائدة عن سفيان عن هشام عن ابن
سيرين عن عبيدة عن علي عن النبي عليه الصلاة والسلام بنحو حديث عبد الرحيم.
(36) حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع قال:
كان أبو بكر مع رسول الله (ص) يوم بدر على العرش، قال: فجعل النبي عليه الصلاة
والسلام يدعوا يقول: (اللهم انصر هذا العصابة فإنك إن لم تفعل لم تعبد في
الأرض)، فقال أبو بكر: بعض مناشدتك ربك فوالله لينجزن لك الذي وعدك.

(25 / 36) بعض مناشدتك: وقد قال له (ص) ذلك لما رأى شدة انفعاله فطلب أن يريح نفسه قليلا لان الله
سبحانه سينجز وعده.
475

(37) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر
عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: قدم بأسارى بدر وسودة بنت
زمعة زوج النبي عليه الصلاة والسلام عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني
عفراء، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قالت: قدم بالأسارى فأتيت منزلي، فإذا
أنا بسهيل بن عمرو في ناحية الحجرة، مجموعة يداه إلى عنقه، فلما رأيته ما ملكت نفسي
أن قلت: أبا يزيد! أعطيتم بأيديكم، إلا متم كراما؟ قالت: فوالله ما نبهني إلا قول رسول
الله (ص) من داخل البيت: (أي سودة: أعلى الله وعلى رسوله؟) قلت: يا رسول الله!
والله إن ملكت نفسي حيث رأيت أبا يزيد أن قلت ما قلت.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله
قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله (ص): (ما تقولون في هؤلاء الأسارى)؟ قال أبو
بكر: يا رسول الله! قومك وأصلك، استبقهم واستتبهم، لعل الله أن يتوب عليهم، وقال
عمر: يا رسول الله: كذبوك وأخرجوك قدمهم نضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن
رواحة: يا رسول الله أنت في واد كثير الحطب فأضرم الوادي عليهم نارا ثم ألقهم فيه
فقال العباس: قطع الله رحمك، قال، فسكت رسول الله (ص) فلم يرد عليهم، ثم قام
فدخل، فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال أناس: يأخذ بقول عمر، وقال أناس:
يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، ثم خرج رسول الله (ص) فقال: (إن الله ليلين قلوب
رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون
أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: * (فمن تبعني فإنه مني ومن
عصاني فإنك غفور رحيم) * وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: * (إن تعذبهم
فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * وإن مثلك يا عمر مثل موسى
قال: * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب
الأليم) * وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال: * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين
ديارا) * أنتم عالة فلا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضربة عنق) فقال ابن مسعود: يا

(25 / 38) * (فمن تبعني فإنه مني) * سورة إبراهيم من الآية (36).
* (إن تعذبهم فإنهم عبادك) * سورة المائدة من الآية (118).
* (ربنا اطمس على أموالهم) * سورة يونس من الآية (88).
* (ربنا لا تذر على الأرض) * سورة نوح من الآية (26).
* (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * سورة الأنفال من الآية (67).
476

رسول الله! إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الاسلام، قال: فسكت رسول الله
(ص)، فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء منى في ذلك اليوم حتى قال
رسول الله (ص): (إلا سهيل بن بيضاء)، فأنزل الله * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى
حتى يثخن في الأرض) * إلى آخر الآية.
(39) حدثنا عبدة عن شعبة عن الحكم قال: لم يقتل رسول الله (ص) يوم بدر صبرا
إلا عقبة بن أبي معيط.
(40) حدثنا أبو خالد الأحمر عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أن النبي
عليه الصلاة والسلام لم يقتل يوم بدر صبرا إلا ثلاثة: عقبة بن أبي معيط والنضر بن
الحارث وطعيمة بن عدي، وكان النضر أسره المقداد.
(41) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن
رجلا أسر أمية بن خلف فرآه بلال فقتله.
(42) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا زهير قال حدثنا سليمان التيمي أن أنسا
حدثهم قال: قال رسول الله (ص): (من ينظر ما صنع أبو جهل؟) قال: فانطلق ابن
مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أنت أبو جهل، فأخذ بلحيته، قال:
وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه.
(43) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن ابن سيرين قال: أقعص أبا جهل ابنا
عفراء وذفف عليه ابن مسعود.
(44) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أصحاب أبي جهل
وهو يسير إلى رسول الله (ص) يوم بدر: أرأيت مسيرك إلى محمد؟ أتعلم أنه نبي؟ قال: نعم
ولكن متى كنا تبعا لعبد مناف.
(45) حدثنا وكيع قال حدثنا أبي وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال:
قال عبد الله: انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع، وهو يذب

(25 / 29) قتله صبرا: أي وهو مصفد بالاغلال.
(25 / 43) ذفف عليه: أكمل قتله. أقعصه: أصابه إصابة قاتلة إنما لم يمت.
(25 / 44) أي أن الكافرين كان ينكرون ويستنكرون أن ينعم الله سبحانه على الرسول (ص) بالرسالة دونا
عنهم وهم الأغنياء.
477

الناس عنه بسيفه، فقلت: الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله، هل هو إلا رجل قتله
قومه، قال: فجعلت أتناوله بسيف لي غير طائل، فأصبت يده فندر سيفه فأخذته فضربته
به حتى برد، ثم خرجت حتى أتيت النبي (ص) كأنما أقل من الأرض - يعني من السرعة،
فأخبرته فقال: (الله الذي لا إله إلا هو)، فرددها على ثلاثا، فخرج يمشي معي حتى قام
عليه فقال: (الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله، هذا كان فرعون هذه الأمة)، قال
وكيع: زاد فيه أبي عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: فنفلني رسول الله
(ص) سيفه.
(46) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه
قال: لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لصاحب لي إلى جنبي: كم تراهم؟ تراهم
سبعين؟ قال: أراهم مائة، حتى أخذنا منهم رجلا فسألناه فقال: كنا ألفا.
(47) حدثنا شاذان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب
قال: قتل يوم بدر خمسة رجال من المهاجرين من قريش مهجع مولى عمر يحمل ويقول: أنا
مهجع، وإلى ربي أرجع، وقتل ذو الشمالين، وابن بيضاء، وعبيدة بن الحارث، وعامر بن
أبي وقاص.
(48) حدثنا أبو أسامة قال حدثني سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت قال: أن مع
عمر بن الخطاب الحربة يوم بدر، ولا يؤتى بأسير إلا أوجرها إياه، قال: فلما أخذ العباس
قال لآخذه: أتدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا عم رسول الله (ص) فلا تذهب بي إلى
عمر، قال: فأمسكه، وأخذ عقيل وقال لآخذه: تدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا ابن عم
رسول الله (ص) قال: فأمسك الناس.
(49) حدثنا عيسى بن يونس عن أبيه عن أبيه - يعني جده - عن ذي الجوشن
الضبابي قال: أتيت رسول الله (ص) بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس له يقال لها
القرحاء، فقلت: يا محمد! إني قد أتيتك بابن القرحاء لتتخذه، قال: (لا حاجة لي فيه
وإن أردت أن أقيضك به المختارة من دروع بدر فعلت، قلت: ما كنت أقيضك
اليوم بغرة لا حاجة لي فيه، ثم قال: يا ذا الجوشن! ألا تسلم فتكون من أول هذا
الامر، قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: إني رأيت قومك ولعوا بك، قال: فكيف ما بلغك

(25 / 49) قد ولعوا بك: قد أبغضوك و (ولعوا) من الكلمات التي تحمل المعنيين المتناقضين فهي تعني شدة
الحب وشدة البغضاء.
478

عن مصارعهم؟ قلت: قد بلغني، قال: فأنى يهدى بك، قلت: إن تغلب على الكعبة
وتقطنها، قال: لعلك إن [عشيت] أن ترى ذلك، ثم قال: يا بلال! خذ حقيبة الرجل
فزوده من العجوة، فلما أدبرت قال: أما إنه خير فرسان بني عامر قال: فوالله إني بأهلي
بالعوذاء إذ أقبل راكب فقلت: من أين أنت؟ قال: من مكة، قال:
قلت: ما فعل الناس؟ قال: قد والله غلب عليها محمد وقطنها، فقلت: هبلتني أمي، لو
أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطعنيها قال: والله لا أشرب الدهر من كوز ولا يضره الدهر
تحتي برذون.
(50) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس
قال: قيل لرسول الله (ص) حين فرغ من بدر: عليك بالعير ليس دونها شئ، فناداه
العباس وهو أسير في وثاقه: لا يصح، فقال رسول الله (ص): (لمه)؟ قال: إن الله
وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك.
(51) حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن رجل من ولد الزبير قال: كان على
الزبير يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر.
(52) حدثنا عبدة عن هشام بن عبادة عن حمزة بن الزبير بنحو منه.
(53) حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام
وقف على قليب بدر فقال: (هل وجدتم ما وعد ربكم؟ ثم قال: إنهم الآن ليستمعون
ما أقول).
(54) حدثنا أبو أسامة عن هشام قال: لم يكن مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم
بدر إلا فرسان كان على أحدهما الزبير.
(55) حدثنا عبد الله بن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال:
عرضت أنا وابن عمر على رسول الله (ص) يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
(56) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله (ص)
شاور حيث بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه ثم تكلم عمر:
فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة: إيانا تريد يا رسول الله! والذي نفسي بيده لو أمرتنا
أن تخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال:
فندب رسول الله (ص) الناس، قال: فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا

(25 / 56) روايا: نقلة مياه الشرب وعبيد الخدمة الذين يقومون بهذا العمل.
479

قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله (ص)
يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه، فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل
وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه، قال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو
سفيان، فإذا تركوه سألوه، قال: مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة
وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا أيضا ضربوه، ورسول الله (ص) قائم يصلي، فلما
رأى ذلك انصرف، قال: (والذي نفسي بيده! إنكم لتضربونه إذا صدقكم، وتتركونه
إذا كذبكم) قال: وقال رسول الله (ص): (هذا مصرع فلان) - يضع يده على الأرض
ههنا وههنا، فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله (ص).
(57) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال حدثنا أنس
قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة نتراءى الهلال فرأيته وكنت حديد البصر فجعلت
أقول لعمر: أما تراه؟ وجعل عمر ينظر ولا يراه، وأنا مستلق على فراشي، ثم أنشأ يحدثنا
عن أهل بدر، قال: إن رسول الله (ص)، ليرى مصارع أهل بدر بالأمس، يقول: (هذا
مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله)، قال: فوالذي
بعثه بالحق ما أخطأوا تيك الحدود يصرعون عليها، ثم جعلوا في بئر بعضهم على بعض
فانطلق النبي عليه الصلاة والسلام حتى انتهى إليهم فقال: (يا فلان بن فلان! ويا فلان
ابن فلان: هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله! كيف
تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون
يردون علي شيئا).
(58) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن قيس بن
عباد قال: تبارز علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن
عتبة فنزلت فيهم * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *.
(59) حدثنا الفضل بن دكين قال أخبرنا يونس عن أبي السفر قال: نادى منادي
رسول الله (ص) يوم بدر: من أسر أم حكيم بنت حرام فليخل سبيلها، فإن رسول الله
(ص) قد أمنها، فأسرها رجل من الأنصار وكنفها بذؤابتها، فلما سمع منادي رسول الله
خلى سبيلها.

(25 / 58) سورة الحج من الآية (19).
(25 / 59) كنفها بذؤابتها: ربطها بضفائر شعرها.
480

(60) حدثنا عبد الأعلى عن داود عن أبي نضرة * (ومن يولهم يومئذ دبره إلا
متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) * فأنزلت يوم بدر، ولم يكن لهم أن ينحازوا، ولو
انحازوا لم ينحازوا إلا إلى المشركين.
(61) حدثنا شبابة بن سوار عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: كان ابن
عمتي حارثة انطلق مع النبي (ص) يوم بدر، فانطلق غلاما نظارا، ما انطلق لقتال، فأصابه
سهم فقتله، فجاءت عمتي أمه إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله! ابني حارثة إن
يك في الجنة صبرت واحتسبت، وإلا فسترى ما أصنع؟ فقال: (يا أم حارثة! إنها جنان
كثيرة وإن حارثة في الفردوس الأعلى).
(62) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع قال حدثنا أبو الطفيل قال حدثنا حذيفة
ابن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال: فأخذنا
كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا
منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله (ص) فأخبرناه
الخبر فقال: (انصرفا نفي لهم، ونستعين الله عليهم).
(63) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا ابن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد، عن
أبيه قال: قال رسول الله (ص) يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا: (إذا أكثبوكم
فارموهم بالنبل).
(64) حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن نافع عن ابن عمر قال: كان طلحة
صاحب راية المشركين يوم بدر فقتله علي بن أبي طالب مبارزة.
(65) حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة أن النبي (ص) قال يوم بدر: (من لقي
منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله فإنهم أخرجوا كرها).
(66) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي الهيثم قال إبراهيم التيمي أن النبي (ص) قتل
رجلا من المشركين من قريش يوم بدر وصلبه إلى الشجرة.

(25 / 60) سورة الأنفال من الآية (16).
(25 / 61) غلاما نظارا: مراقبا للقتال يقدم ما يمكن تقديمه من المساعدة سواء في نقل الماء أو مساعدة الجرحى
أو مناولة السهام وما شابه والفرس النظار فرس شهم طامح الطرف حديد القلب وقد تستعار هذه
الصفة للناس أيضا.
(25 / 63) أكثبوكم: اقتربوا منكم ودنوا.
481

(67) حدثنا عائذ بن حبيب عن حجاج عن الحكم عن المقسم عن ابن عباس أن
أهل بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر، المهاجرون منهم خمسة وسبعون، وكانت هزيمة بدر
لسبع عشرة من رمضان ليلة جمعة.
(68) حدثنا عائذ بن حبيب عن حجاج عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان أهل
بدر ثلاثمائة وبضعة عشر، المهاجرون منهم ستة وسبعون.
(69) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب
قال: كان أصحاب رسول الله (ص) يوم بدر بضعة عشر وثلاثمائة، وكنا نتحدث أنهم
على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوز معه إلا مؤمن.
(70) حدثنا عبد الرحيم عن أشعث عن ابن سيرين عن عبيدة قال: عدة الذين شهدوا مع النبي (ص) بدر كعدة الذين جاوزوا مع طالوت النهر، عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر.
(71) حدثنا وكيع عن ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أبي موسى قال: كان
عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر.
(72) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب
قال: كان عدة أصحاب النبي (ص) ثلاثمائة وبضعة عشر، وكانوا يرون أنهم عدة
أصحاب طالوت يوم جالوت الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوزوا معه النهر إلا مؤمن.
(73) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع
الأنصاري أن ملكا أتى رسول الله (ص) فقال: كيف أصحاب بدر فيكم؟ فقال: (أفضل
الناس)، فقال الملك: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
(74) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن الحسن بن محمد أن عبيد الله بن أبي رافع
كاتب علي أخبره أنه سمعت عليا يقول: قال رسول الله (ص): (إنه قد شهد بدرا - يعني
حاطب بن أبي بلتعة - وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما
شئتم فقد غفرت لكم).

(25 / 69) أصحاب طالوت: هم الذين خرجوا مع شاوول لقتال جالوت وكان منهم داود عليه السلام
وإخوته، وقد جعل الله قتل جالوت على يد داود وكان غلاما نظارا يحمل لهم الطعام ويجمع النبل.
(25 / 74) وذلك عندما أرسل الرسالة سرا مع المرأة إلى قريش لينذرهم وليتخذ يدا عندهم لان أهله في مكة
ولا منعة لهم، وذلك عند الاستعداد لفتح مكة فاطلع الله سبحانه رسوله الكريم (ص) على أمر المرأة
والرسالة فاستعيدت منها فأراد عمر رضي الله عنه أن يعاقب حاطبا على ما فعله فأجابه الرسول
(ص) بالحديث المذكور ها هنا.
482

(75) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن سعد بن أبي عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال
سمعت عليا: يقول: قال رسول الله (ص): (أوليس من أهل بدر؟ وما يدريك لعل
الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة).
(76) حدثنا أبو أسامة قال أخبرنا عمر بن حمزة قال أخبرني سالم قال: أخبرني ابن
عمر أن رسول الله (ص) قال لعمر: (وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم).
(77) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن
أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى
بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
(78) حدثنا شبابة بن سوار قال أخبرنا ليث عن أبي الزبير أن عبد الحاطب بن أبي
بلتعة جاء رسول الله (ص) يشتكي حاطبا، فقال: يا رسول الله! ليدخلن حاطب النار،
فقال رسول الله (ص): (كذبت، لا يدخلها، إنه قد شهد بدرا والحديبية).
(79) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن
جده رافع بن خديج قال: جاء جبرائيل أو ملك إلى النبي (ص) فقال: ما تعدون من شهد
بدرا فيكم؟ قال: (خيارنا؟) قال: كذلك هم عندنا خيار الملائكة.
(80) حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الضحاك * (ومن يولهم يومئذ دبره) *
قال: هذا يوم بدر خاصة.
(81) حدثنا وكيع عن الربيع عن الحسن * (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا
لقتال أو متحيزا إلى فئة) * قال: هذا يوم بدر خاصة، ليس الفرار من الزحف من
الكبائر.
(82) حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: جعل رسول الله (ص) فداء العربي
يوم بدر أربعين أوقية، وجعل فداء المولى عشرين أوقية، الأوقية أربعون درهما.

(25 / 79) خيار الملائكة أي الذين شهدوا بدرا منهم.
(25 / 80) سورة الأنفال من الآية (16).
483

(83) حدثنا أبو خالد الأحمر عن أشعث عن أبي الزناد قال: كان الصفي يوم بدر
سيف عاصم بن منبه بن الحجاج.
(84) حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن الزهري عن محمد بن جبير عن
جبير بن مطعم قال: قدمت على رسول الله (ص) في فداء أهل بدر.
(85) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن أبي العالية قال: كنا نتحدث أن قوله
* (يوم نبطش البطشة الكبرى) * يوم بدر، والدخان قد مضى.
(86) حدثنا وكيع قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله
قال:
اشتركنا يوم بدر أنا وعمار وسعد فيما أصبنا يوم بدر، فأما أنا وعمار فلم نجئ بشئ،
وجاء سعد بأسيرين.
(87) حدثنا عبد الرحيم عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو عن عطاء قال: كان
سهيل بن عمرو رجلا أعلم من شفته السفلى، فقال عمر بن الخطاب لرسول الله (ص) يوم
أسر ببدر: يا رسول الله! أنزع ثنيتيه السفليين فيدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا بموطن
أبدا، فقال: (لا أمثل فيمثل الله بي).
(88) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كانت نار تنزل من السماء
فتأكلها)، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله * (لولا كتاب من الله سبق
لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) *. (89) حدثنا وكيع قال حدثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أول من
استشهد من المسلمين يوم بدر مهجع.

(25 / 83) الصفي: ما استصفى للرسول (ص) من الغنائم قبل الخمس وقبل توزيع الغنائم.
(25 / 85) سورة الدخان الآية (16).
(25 / 86) والاشتراك يكون بأن ما يغنموه يكون قسمة بينهم.
(25 / 87) وفي رواية (ولعله أن يقوم بموقف أو يقف موقفا، تحمده له) وقد وقف هذا الموقف بعيد وفاة
الرسول (ص) وكانت خطبته حينها مما ساعد على درء الفتنة.
(25 / 88) * (لولا كتاب سبق من ربك) * إلى * (حلالا طيبا) * سورة الأنفال من الآيتين (68 - 69).
484

(26) هذا ما حفظ أبو بكر في أحد وما جاء فيها
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن
الشعبي قال: مكر رسول الله (ص) بالمشركين يوم أحد، وكان أول يوم مكر فيه بهم.
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لما كان
يوم أحد هزم المشركون وصاح إبليس: أي عباد الله، أخراكم، قال: فرجعت أولاهم
فاجتلدت هي وأخراهم، قال: فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: عباد الله، أبي أبي،
قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوا، فقال حذيفة: غفر الله لكم، قال عروة: فوالله
ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله.
(3) حدثنا عبد الأعلى عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: لما كان يوم أحد
وانصرف المشركون، فرأى المسلمون بإخوانهم مثلة سيئة جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم
ويشقون بطونهم، فقال أصحاب رسول الله (ص): لئن أنالنا الله منهم لنفعلن فأنزل الله
* (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) * فقال
رسول الله (ص): بل نصبر.
(4) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن هاشم عن سعيد بن المسيب قال
سمعته يقول: كان سعد أشد المسلمين بأسا يوم أحد.
(5) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق أن الناس انجفلوا عن النبي
(ص) يوم أحد، وسعد بن مالك يرمي، وفتى ينشل له، فكلما فنيت نبله، دفع إليه نبله،
ثم قال: ارمه أبا إسحاق، فلما كان بعد طلبوا الفتى فلم يقدروا عليه.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عبد الله بن شداد عن علي بن

(26 / 1) المكر المقصود هو سبقه (ص) المشركين إلى الماء وبناء الحياض وتغوير الآبار التي لا يحتاجها
المسلمون.
(26 / 2) أخراكم: أي أن الشيطان خدعهم بأن صور لهم أن هجوما قد جاءهم من خلفهم
فاجتلدوا: فتقاتلوا ومع المقصود ومع إخوانهم.
ما زالت في حذيفة بقية من خير: لان الشيطان لم يستطع أن يخدعه.
(26 / 3) سورة النحل الآية (126).
(26 / 5) ينشل له: يناوله السهام.
لم يقدروا عليه: لم يجدوه أي أن الأرجح أنه كان ملاكا من الملائكة.
485

أبي طالب قال: ما سمعت رسول الله (ص) يفدي أحدا بأبويه إلا سعدا، فإني سمعته
يقول يوم أحد (إرم سعد فداك أبي وأمي).
(7) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: سمعت
سعدا يقول: جمع لي رسول الله (ص) أبويه يوم أحد.
(8) حدثنا محمد بن بشر وأبو أسامة عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعد
قال: رأيت عن يمين رسول الله (ص) وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض، لم
أرهما قبل ولا بعد.
(9) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: كان حمزة يقاتل بين
يدي رسول الله (ص) يوم أحد بسيفين ويقول أنا أسد الله، قال: فجعل يقبل ويدبر فعثر
فوقع على قفاه مستلقيا وانكشط، وانكشفت الدرع عن بطنه، فأبصره العبد الحبشي فزرقه
برمح أو حربة فبقر بها.
(10) حدثنا وكيع عن سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير * (ولا تحسبن الذين
قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * قال: لما أصيب حمزة بن عبد
المطلب ومصعب بن عمير يوم أحد قالوا: ليت إخواننا يعلمون ما أصبنا من الخير كي
يزدادوا رغبة، فقال الله: أنا أبلغ عنكم، فنزلت: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله
أمواتا) * إلى قوله: * (المؤمنين) *.
(11) حدثنا زيد بن الحباب عن أسامة بن زيد قال حدثنا الزهري عن أنس بن مالك أن
رسول الله (ص) مر بحمزة يوم أحد وقد مثل به فوقف عليه فقال: (لولا أني أخشى أن تجد
صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية، فيحشر من بطونها)، ثم دعا بنمرة، فكانت إذا
مدت على رأسه بدت رجلاه، وإذا مدت على رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله (ص):
(مدوها على رأسه واجعلوا على رجليه الحرمل)، وقلت الثياب، وكثرت القتلى، فكان
الرجل والرجلان والثلاثة يكفنون في الثوب، وكان عليه السلام يسأل (أيهم أكثر قرآنا)،
فيقدمه.

(26 / 7) الجمع هو الجمع الفداء كما ذكر في الحديث السابق.
(26 / 9) زرقه برمح: شكه به وغرزه فيه في موضع انكشاف الدرع.
(26 / 10) * (ولا تحسبن الذين قتلوا) * إلى * (المؤمنين) * سورة آل عمران، والمقصود الآيات من (169) إلى
(171).
[* (المؤمنين] في الأصل [المحسنين) * وهو خطأ، والتصحيح هو بالاستناد إلى القرآن الكريم.
486

(12) حدثنا شبابة قال حدثنا ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن
كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجمع بين
الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول: (أيهم أكثر أخذا للقرآن، فإذا أشير
له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة)، وأمر بدفنهم
بدمائهم، ولم يصل عليهم ولم يغسلوا.
(13) حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر
قال: رجع رسول الله (ص) يوم أحد، فبينما نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهن
فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار يبكين على حمزة ورقد فاستيقظ،
فقال: (يا ويحهن! إنهن لها هنا حتى الآن، مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك
بعد اليوم).
(14) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن خباب قال: هاجرنا مع رسول الله
(ص) نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا،
منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد، فلم يوجد له شئ يكفن فيه إلا نمرة، كانوا إذا
وضعوها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعوها في رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله
(ص): (اجعلوها مما يلي رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر) ومنا من أينعت
له ثمرته فهو يهدبها.
(15) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني محمد بن صالح قال حدثني يزيد بن زيد
مولى أبي أسيد البدري عن أبي أسيد قال: أنا مع رسول الله (ص) في قبر حمزة، فمدت
النمرة على رأسه فانكشفت رجلاه، فجذبت على رجليه فانكشف رأسه، فقال رسول الله
(ص): (مدوها على رأسه، واجعلوا على رجليه شجر الحرمل).
(16) حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق عن أبيه عن أشياخ من الأنصار
قالوا: أتي رسول الله (ص) بعبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن جموح قتيلين فقال:
(ادفنوهما في قبر واحد فإنهما كانا متصافيين في الدنيا).

(26 / 13) هالك: ميت.
(26 / 14) نمرة: نوع من الثياب.
الإذخر: وذكرت بفتح أولها أيضا وهو نبت طيب الرائحة.
487

(17) حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق قال أخبرني أبي عن رجال من بني
سلمة قالوا: لما صرف معاوية عينه التي تمر على قبور الشهداء جرت عليهما فبرز قبرهما،
فاستصرخ عليهما فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنما ماتا بالأمس، عليهما بردتان قد غطوا بهما
على وجوههما وعلى أرجلهما من نبات الإذخر.
(18) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود عن قيس عن نبيح عن جابر قال: قال لي
أبي عبد الله: أي ابني! لولا بنيات أخلفهن من بعدي من أخوات وبنات لأحببت أن
أقدمك أمامي، ولكن كنن في نظاري المدينة قال: فلم ألبث أن جاءت بهما عمتي قتيلين
- يعني أباه وعمه، قد عرضتهما على بعير.
(19) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال:
قتل رجل من المشركين يوم أحد فأراد المشركون أن يدوه فأبى فأعطوه حتى بلغ الدية
فأبى.
(20) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل قال أخبرني عبد
الرحمن بن ثابت وداود بن الحصين عن فارسي مولى بني معاوية أنه ضرب رجلا يوم أحد
فقتله وقال: خذها وأنا الغلام الفارسي، فقال رسول الله (ص): (ما منعك أن تقول:
الأنصاري، وأنت منهم، إن مولى القوم منهم).
(21) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس بن مالك أن عمه غاب عن
قتال بدر فقال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله (ص) المشركين، ليرين الله ما أصنع،
فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني
المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المشركين، وتقدم فلقيه سعد بأخراها ما
دون أحد، فقال سعد، أنا معك، فلم أستطع أصنع ما صنع، ووجد به بضع وثمانون من
ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم فكنا نقول: فيه وفي أصحابه نزلت * (فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر) *.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام عن قتادة عن الحسن وسعيد بن
المسيب أن قتلى أحد غسلوا.

(26 / 18) نظاري: انتظاري.
قد عرضتهما: قد وضعتهما بالعرض أي وضعت البطن لجهة ظهر البعير وتدلى الرأس من جهة
والرجلان من جهة أخرى.
(26 / 21) سورة الأحزاب من الآية (23).
488

(23) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد
طلحة بن عبيد الله شلاء، وقى بها النبي (ص) يوم أحد.
(24) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي قال: قتل حمزة بن عبد
المطلب يوم أحد، وقتل حنظلة بن الراهب الذي طهرته الملائكة يوم أحد.
(25) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
عرضت على رسول الله (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فاستصغرني، وعرضت عليه
يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني، قال نافع: فحدثت به عمر بن عبد العزيز
فقال: هذا حد بين الصغير والكبير، فكتب إلى عماله أن يفرضوا لابن خمس عشرة في
المقاتلة، ولابن أربع عشرة في الذرية.
(26) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن المنذر قال: خرج
رسول الله (ص) إلى أحد فلما خلف ثنية الوداع فنظر خلفه فإذا كتيبة خشناء، فقال:
(من هؤلاء؟ قالوا: عبد الله بن أبي بن سلول ومواليه من اليهود، قال: أقد أسلموا؟
قالوا: لا، بل على دينهم، قال: مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين).
(27) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة
أن قتادة بن النعمان سقطت عينه على وجنته يوم أحد، فردها رسول الله (ص)، فكانت أحسن عين وأحدها.
(28) حدثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن الزهري عن رجل عن رجل عن جابر أن البني
(ص) أمر بالقتلى يوم أحد فزلوا بدمائهم وان يقدم أكثرهم أخذ لقرآن وأن يدفن اثنان
في قبر قال: فدفنت أبي وعمي وفي قبر.
(29) حدثنا زيد بن حباب عن موسى بن عبيدة قال حدثني محمد بن ثابت أن رسول الله
(ص) قال يوم أحد: (اقدم مصعب، فقال له عبد الرحمن: يا رسول الله! ألم يقتل
مصعب؟ قال: بلى، ولكن ملك قام مكانه وتسمى باسمه).
(30) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن العشبي عن
عبد الله قال: كن النساء يوم أحد يجهزن على الجرحى ويسقين الماء ويداوين الجرحى.

(26 / 23) شلاء: قد أصابها الشلل فلا تتحرك لإصابة بها بليغة.
(26 / 25) يفرضوا له: أي في العطاء.
(26 / 37) أحدها: أقواها بصرا.
489

(31) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله
(ص) أخذ سيفا يوم أحد فقال: (من يأخذ مني هذا؟ فبسطوا أيديهم، فجعل كل انسان
قال: من يأخذه بحقه)؟ قال: فأحجم القوم، فقال سماك أبو
دجانة: أنا آخذه بحقه، قال: فأخذه، ففلق به المشركين.
(32) حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه قال: كان رسول الله (ص) إذا رأى
أحدا قال: (هذا جبل يحبنا ونحبه).
(33) حدثنا هاشم بن القاسم عن أبيه قال حدثنا شعبة عن الحكم قال: لم يصل
عليهم ولم يغسلوا - يعني قتلى أحد.
(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن عامر قال: أصيب يوم أحد أنف
النبي (ص) ورباعيته، وزعم أن طلحة وقى رسول الله (ص) بيده فضرب فشلت أصابعه.
(35) حدثنا عبد الله بن بكر التيمي عن حميد عن أنس عن أبي طلحة قال: كنت
فيمن أنزل عليه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا.
(36) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا علي بن زيد وثابت
عن أنس أن النبي عليه الصلاة والسلام لما رهقه المشركون يوم أحد قال: (من يردهم عنا
فهو في الجنة، فقام رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم قام آخر يردهم حتى قتل
سبعة فقال النبي عليه السلام: ما أنصفنا أصحابنا).
(37) حدثنا زيد بن حباب قال حدثني موسى بن عبيدة قال أخبرني عبد الله بن
عبيدة عن أبي صالح مولى أم هانئ أن الحارث بن سويد بايع رسول الله (ص) وآمن به ثم
لحق بأهل مكة وشهد أحدا فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة فكتب إلى أخيه
جلاس بن سويد: يا أخي! إني قد ندمت على ما كان مني فأتوب إلى الله، وأرجع إلى
الاسلام، فاذكر ذلك لرسول الله (ص) فإن طمعت لي في توبة فاكتب إلي، فذكره
لرسول الله (ص) فأنزل الله * (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم) * قال: فقال قوم
من أصحابه ممن كان عليه يتمتع ثم يراجع إلى الاسلام، فأنزل الله * (إن الذين كفروا
بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون) *.

(26 / 37) * (كيف يهدي الله قوما) * سورة آل عمران من الآية (86).
* (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) * سورة آل عمران من الآية (90).
490

(38) حدثنا زيد بن حباب قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال أخبرني محمد بن كعب
القرظي أن عليا لقي فاطمة يوم أحد فقال: خذي السيف غير مذموم، فقال رسول الله
(ص): (يا علي! إن كنت أحسنت القتال اليوم فقد أحسنه أبو دجانة ومصعب بن
عمير والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف: ثلاثة من الأنصار، ورجل من قريش).
(39) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال: جاء علي بسيفه فقال:
خذيه حميدا، فقال النبي (ص): (إن كنت أحسنت القتال اليوم فقد أحسنه سهل بن
حنيف وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وأبو دجانة، فقال النبي (ص): (من يأخذ
هذا السيف بحقه، فقال أبو دجانة: أنا، وأخذ السيف فضرب به حتى جاء به قد حناه،
فقال رسول الله (ص): (أعطيته حقه؟) قال: نعم.
(40) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن
نوفل أن النبي عليه السلام استقبله رجل من المشركين يوم أحد مصلتا يمشي، فاستقبله
رسول الله (ص) يمشي، فقال:
أنا النبي [لا] الكذب * أنا ابن عبد المطلب
قال: فضربه رسول الله (ص) فقتله.
(41) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب عن الشعبي
ان امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف، فلم يطق حمله فشدته على ساعده بنسعة، ثم
أتت به النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله! هذا ابني يقاتل عنك، فقال النبي
عليه الصلاة والسلام: (أي بني! إحمل ها هنا أي بني إحمل ها هنا فأصابته جراحة،
فصرع فأتى النبي (ص) فقال: أي بني! لعلك جزعت)؟ قال: لا يا رسول الله.
(42) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب عن الشعبي
عن ابن مسعود أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين، فلو
حلفت يومئذ لرجوت أن أبر أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله * (منكم من
يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) * فلما خالف أصحاب

(26 / 40) [لا] البيت معروف وقد ذكر في أكثر من مكان في هذا المصنف وفي كتب السيرة، وفي الأصل
[غير] وهو خطأ لعله من النساخ.
(26 / 41) تسعة قطعة من النسع وهو سير يضفر عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال ويجعل زماما
للبعير وغيره.
(26 / 42) * (منكم من يريد الدنيا ومنكم) * سورة آل عمران من الآية (152).
491

النبي (ص) وعصوا ما أمروا به، أفرد رسول الله (ص) في تسعة، سبعة من الأنصار ورجلين
من قريش وهو عاشرهم، فلما رهقوه قال: (رحم الله رجلا ردهم عنا، قال: فقام رجل
من الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه، أيضا قال: يرحم الله رجلا ردهم عنا،
فلم يزل يقول: حتى قتل السبعة، فقال النبي عليه السلام لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا)،
فجاء أبو سفيان فقال: اعل هبل، فقال رسول الله (ص): (قولوا: الله أعلى وأجل، فقال
أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله (ص): قولوا: الله مولانا والكافرون
لا مولى لهم، فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، يوم لنا ويوم علينا، ويوما نساء ويوما
نسر، حنظلة بحنظلة، وفلان بفلان وفلان بفلان، فقال رسول الله (ص): (لا سواء، أما
قتلانا فأحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون)، ثم قال أبو سفيان: قد كان في
القوم مثله، وإن كانت لعن بغير ملاء مني، ما أمرت ولا نهيت، ولا أحببت ولا
كرهت، ولا ساءني ولا سرني، قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده
فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله (ص): (أكلت منه شيئا؟ قالوا: لا، قال:
ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار)، فوضع رسول الله (ص) حمزة فصلى عليه،
وجئ برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة، ثم
جئ بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع وترك حمزة، حتى صلى عليه يومئذ
سبعين صلاة.
(43) حدثنا محمد بن مروان عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة قال: شج النبي
(ص) في وجهه يوم أحد وكسرت رباعيته، وذلق من العطش حتى جعل يقع على ركبتيه،
وتركه أصحابه، فجاء أبي بن خلف يطلبه بدم أخيه أمية بن خلف، فقال: أين هذا الذي يزعم
أنه نبي فليبرز لي، فإنه إن كان نبيا قتلني، فقال رسول الله (ص): (أعطوني الحربة)، فقالوا:
يا رسول الله! وبك حراك؟ فقال: إني قد استسعيت الله دمه). فأخذ الحربة ثم مشى إليه
فطعنه فصرعه عن دابته وحمله أصحابه فاستنقذوه، فقالوا له: ما نرى بك بأسا، قال: إنه قد
استسعى الله دمي، إني لأجد لها ما لو كانت على ربيعة ومضر لوسعتهم.
(44) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير
مثله.

(26 / 43) إني لأجد لها: أي أجد من ألمها.
492

(45) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا أبو بكر عن يزيد عن مقسم عن ابن
عباس قال: لما قتل حمزة يوم أحد أقبلت صفية تطلبه لا تدري ما صنع، قال: فلقيت
عليا والزبير، فقال علي للزبير، اذكر لامك، وقال الزبير: لا، بل اذكر أنت لعمتك،
قالت: ما فعل حمزة؟ قال: فأرياها أنهما لا يدريان، قال: فجاء النبي (ص) فقال: (إني
لأخاف على عقلها)، قال: فوضع يده على صدرها ودعا لها، قال: فاسترجعت وبكت،
قال: ثم جاء فقام عليه وقد مثل به، فقال: لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من
حواصل الطير وبطون السباع). قال: ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم، قال: فيضع
تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ثم يرفعون ويترك حمزة، ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم
سبعا حتى فرغ منهم.
(46) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال حدثنا
الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله (ص) قال يوم أحد:
(من رأى مقبل حمزة؟ فقال رجل اعزل: أنا رأيت مقتله، قال: (فانطلق فأرناه)،
فخرج حتى وقف على حمزة فرآه قد بقر بطنه وقد مثل به، فقال يا رسول الله! مثل به
والله، فكره رسول الله (ص) أن ينظر إليه، ووقف بين ظهراني القتلى فقال: (أنا شهيد
على هؤلاء القوم، لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح إلا جرحه يوم القيامة يدمى،
لونه لون الدم، وريحه ريح المسك، قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد).
(47) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال
عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه قال: أشتكي إلى رسول الله (ص) شدة الجراح يوم
أحد فقال: (احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا في القبر الاثنين والثلاثة، وقدموا
أكثرهم قرآنا)، فقدموا أبي بين يدي رجلين.
(48) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن
زيد بن ثابت قال: لما خرج رسول الله (ص) إلى أحد خرج ناس فرجعوا، قال: فكان
أصحاب رسول الله (ص) فيهم فرقتين: قالت فرقة: نقتلهم، وفرقة قالت: لا نقتلهم،
فنزلت: * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) * قال: فقال
رسول الله (ص): (إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة).

(26 / 48) * (فما لكم في المنافقين) * سورة النساء من الآية (88).
493

(49) حدثنا كثير بن هشام قال حدثنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر
قال: صرخ إلى قتلانا يوم أحد إذ أجرى معاوية العين فاستخرجناهم بعد أربعين سنة لينة
أجسادهم تتثنى أطرافهم.
(50) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة قال:
رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر، فما أرى أحدا من القوم إلا يميد تحت حجفته من
النعاس.
(51) حدثنا مالك قال حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن
أبزى قال: بارز علي يوم أحد من بني شيبة طلحة ومسافعا، قال: وسمى إنسانا آخر،
قال: فقتلهم سوى من قتل من الناس فقال لفاطمة حيث نزل: خذي السيف غير ذميم،
فقال له رسول الله (ص): (لئن كنت أبليت فقد أبلى فلان الأنصاري وفلان
الأنصاري حتى انقطع نفسه أو كاد ينقطع نفسه).
(52) حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي عتيبة عن أبيه عن الحكم قال: لما كسرت
رباعية رسول الله يوم أحد قال رسول الله (ص): (اشتد غضب الله على ثلاثة: من زعم
أنه ملك الاملاك، اشتد غضب الله على من كسر رباعية رسول الله (ص) وأثر في
وجهه، اشتد غضب الله على من زعم أن لله ولدا).
(53) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن
رجل قال: هشمت البيضة على رأس رسول الله (ص) يوم أحد، وكسرت رباعيته، وجرح
في وجهه، ودووي بحصير محرق، وكان علي بن أبي طالب ينقل إليه الماء في الجحفة.
(54) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: قال عبد الرحمن بن
أبي بكر لأبي بكر: رأيتك يوم أحد فصدفت عنك، قال: فقال أبو بكر: لكني لو رأيتك
ما صدفت عنك.

(26 / 49) أجرى العين: أي جعل ماء عين أحد جارية فكشفت عن قبورهم فنقلت أجسادهم إلى موضع آخر.
(26 / 53) البيضة: غطاء للرأس من معدن يلبس في القتال ليرد أذى الضربات عن الرأس.
(26 / 54) صدقت عنك: تركت قتالك وابتعدت عنك.
494

(27) غزوة الخندق
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه
عن جده عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض
ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس، يحمل مجنه،
فجلست إلى الأرض، قالت: فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه، فأنا أتخوف
على أطراف سعد، قالت: وكان من أعظم الناس وأطولهم، قالت: فمر يرتجز وهو يقول:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل * ما أحسن الموت إذا حان الاجل
قالت: فقمت فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم
رجل عليه تسبغة له - تعني المغفر، قال: فقال عمر، ويحك ما جاء بك؟ ويحك ما جاء
بك؟ والله إنك لجريئة، ما يؤمنك أن يكون تحوز وبلاء، قالت: فما زال يلومني حتى
تمنيت أن الأرض انشقت فدخلت فيها، قال: فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة
ابن عبيد الله، قال فقال: يا عمر! ويحك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التحوز أو الفرار إلا
إلى الله، قالت: ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له حبان بن العرقة
بسهم، فقال: خذها وأنا ابن العرقة، فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله فقال: اللهم لا تمتني
حتى تقر عيني من قريظة - وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية - فرقأ كلمه، وبعث الله
الريح على المشركين * (فكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فلحق أبو
سفيان بتهامة، ولحق عيينة بن بدر بن حصن ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة
فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله (ص) إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد في
المسجد ووضع السلاح، قالت: فأتاه جبريل فقال: أقد وضعت السلاح، والله ما وضعت
الملائكة السلاح، فأخرج إلى بني قريظة فقاتلهم، فأمر رسول الله (ص) بالرحيل ولبس
لامته، فخرج فمر على بني غنم، وكانوا جيران المسجد، فقال: من مر بكم؟ فقالوا: مر
بنا دحية الكلبي، وكان دحية تشبه لحيته وسنته ووجهه بجبريل، فأتاهم رسول الله (ص)
فحاصرهم خمسة وعشرين يوما، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم: انزلوا
على حكم رسول الله (ص)، فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم بيده أنه الذبح، فقالوا: نزل

(27 / 1) رقأ كلمه: توقف نزف جرحه.
* (فكفى الله المؤمنين القتال) * سورة الأحزاب من الآية (25).
صياصيهم: قلاعهم.
495

على حكم ابن معاذ، فقال رسول الله (ص): (انزلوا على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا
وبعث رسول الله (ص) إلى سعد، فحمل على حمار له إكاف من ليف، وحف به قومه،
فجعلوا يقولون: يا أبا عمرو! حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت، لا يرجع
إليهم قولا حتى إذا دنا من دارهم التفت إلى قومه فقال: فد أتى لسعد أن لا يبالي في الله
لومة لائم، فلما طلع على رسول الله (ص)، قال أبو سعيد: قال رسول الله (ص): (قوموا
إلى سيدكم فأنزلوه، قال عمر: سيدنا الله، قال أنزلوه، فأنزلوه، قال له رسول الله
(ص): احكم فيهم، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم
أموالهم، فقال رسول الله (ص): (لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله)، قال: ثم
دعا الله سعد فقال: اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن
كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك، فقال: فانفجر كلمه وكان قد برأ حتى
ما بقي منه إلا مثل الخرص، قالت: فرجع رسول الله (ص) ورجع سعد إلى قبته التي كان
ضرب عليه رسول الله (ص)، قالت: فحضره رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر، قالت: فوالذي
نفسي بيده! إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله
* (رحماء بينهم) * قال علقمة: فقلت: أي أمه! فكيف كان رسول الله (ص) يصنع؟
قالت: كان تعينه لا تدمع على أحد، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته.
(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو قال حدثني عاصم بن عمر بن
قتادة قال: لما نام رسول الله (ص) حين أمسى أتاه جبريل أو قال ملك فقال: من رجل من
أمتك مات الليلة، استبشر بموته أهل السماء، فقال: (لا إلا أن يكون سعد فإنه أمسى
دنفا، ما فعل سعد؟ قالوا يا رسول الله! قد قبض، وجاءه قومه فاحتملوه إلى دارهم،
قال: فصلى رسول الله (ص) الفجر ثم خرج وخرج الناس، فبت رسول الله (ص) الناس
مشيا حتى أن شسوع نعالهم لتقطع من أرجلهم، وأن أرديتهم لتسقط عن عواتقهم، فقال
رجل: يا رسول الله! بتت الناس؟ فقال: (إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما
سبقتنا إلى حنظلة)، قال محمد: فأخبرني أشعث بن إسحاق قال: فحضره رسول الله (ص)

الاكاف هو ما يوضع على ظهر الحمار للقعود عليه.
* (رحماء بينهم) * سورة الفتح من الآية (29).
(27 / 2) حنظلة هو حنظلة بن الراهب سمع هيعة الخروج إلى أحد، فخرج جنبا لم يغتسل وذلك لاسراعه
بالخروج فاستشهد فغسلته الملائكة فأسماه الرسول (ص) حنظلة غسيل الملائكة.
496

وهو يغسل، قال: فقبض رسول الله (ص) ركبتيه فقال: (دخل ملك ولم يكن له
مجلس فأوسعت له)، وأمه تبكي وهي تقول:
ويل أم سعد سعدا * براعة وجدا
بعد أياد له ومجدا * مقدم سد به مسدا
فقال رسول الله (ص): (كل البواكي يكذبن إلا أم سعد)، قال محمد: وقال ناس من
أصحابنا: إن رسول الله (ص) لما خرج لجنازته قال ناس من المنافقين: ما أخف سرير سعد
أو جنازة سعد؟ قال! فحدثني سعد بن إبراهيم أن رسول الله (ص) قال يوم مات سعد:
(لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل يومئذ) قال
محمد: فسمعت إسماعيل بن محمد بن سعد ودخل علينا الفسطاط ونحن ندفن واقد بن
عمرو بن سعد بن معاذ فقال: ألا أحدثكم بما سمعت أشياخنا؟ سمعت أشياخنا يحدثون
أن رسول الله (ص) قال يوم مات سعد: (لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد
ما وطئوا الأرض قبل يومئذ) قال محمد: فأخبرني أبي عن أبيه عن عائشة قالت: ما كان
أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله (ص) وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ،
قال محمد: وحدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل أن رجلا أخذ قبضة من تراب
قبر سعد يومئذ ففتحها بعد فإذا هو مسك، قال محمد: وحدثني واقد بن عمرو بن سعد
قال: وكان واقد من أحسن الناس وأطولهم، قال: دخلت على أنس بن مالك قال فقال
لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: يرحم الله سعدا، إنك بسعد لشبيه، ثم قال: يرحم الله سعدا كان من أجمل الناس وأطولهم، قال: بعث رسول الله
(ص) إلى أكيدر دومة فبعث إليه بحبة ديباج منسوج فيها ذهب، فلبسها رسول الله (ص)
فقام على المنبر فجلس فلم يتكلم فجعل الناس يلمسون الجبة ويتعجبون منها؟ فقال:
(أتعجبون منها؟ قالوا: يا رسول الله ما رأينا ثوبا أحسن منه، قال: فوالذي نفسي بيده
لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء قال: أهدي للنبي (ص) ثوب
حرير، فجعلوا يتعجبون من لينه، فقال النبي (ص): (لمناديل سعد في الجنة ألين مما
ترون).

أكيدر: هو حاكم دومة الجندل وكان يتابع الردم ثم صالحه الرسول (ص) بعد أن بعث عليه خالد بن
الوليد فأسره.
497

(4) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: سمعت المهلب بن
أبي صفرة يقول: وذكر الحرورية تبييتهم فقال: قال أصحاب محمد: قال رسول الله (ص)
يوم حفر الخندق وهو يخاف أن يبيتهم أبو سفيان: (إن بيتم فإن دعواكم حم لا
ينصرون).
(5) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال: لقد
اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا، قال: ورفع أبويه على العرش، قال: تفسخت أعواده،
قال: دخل رسول الله (ص) قبره فاحتبس، فلما خرج قالوا: يا رسول الله! ما حبسك؟
قال: (ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه).
(6) حدثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال
رسول الله (ص): (لقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ).
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسحاق بن راشد
عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء بنت زيد بن سكن قالت: لما خرج بجنازة سعد بن
معاذ صاحت أمه، فقال رسول الله (ص) لام سعد: (ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك أن
ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش).
(8) حدثنا زيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة
قالت: قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة، وكان غلمان الأنصار يتلقون
أهاليهم، فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع، فجعل يبكي، فقلت: غفر الله
لك، أنت صاحب رسول الله (ص) ولك من السابقة والقدم مالك وأنت تبكي على امرأة،
قالت: فكشف رأسه، فقال: صدقت لعمري، ليحقن أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن
معاذ، وقد قال له رسول الله (ص) ما قال: قلت، وما قال له رسول الله (ص)؟ قال:
(لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ)، قالت: هو يسير بيني وبين رسول الله (ص).
(9) حدثنا هوذة بن خليفة عن عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي (ص)
قال: (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ).
(10) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه عن
حذيفة قال: لما مات سعد بن معاذ قال رسول الله (ص): (اهتز العرش لروح سعد بن
معاذ).

(27 / 8) تقنع: رد طرف غطاء رأسه على وجهه كالقناع كي لا يرى بكاؤه.
498

(11) حدثنا عبدة بن سليمان قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
أصيب أكحل سعد يوم خندق رماه رجل يقال له ابن العرقة، قالت: فحوله رسول الله
(ص) إلى المسجد وضرب عليه خيمة ليعوده من قريب.
(12) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله: * (إذ
جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر قالت:
كان ذاك يوم الخندق.
(13) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص) صاف
المشركين يوم الخندق قال، وكان يوما شديدا لم يلق المسلمون مثله قط، قال، ورسول الله
(ص) جالس وأبو بكر معه جالس، وذلك زمان طلع النخل، قال، وكانوا يفرحون به
إذا رأوه فرحا شديدا لان عيشهم فيه قال، فرفع أبو بكر رأسه فبصر بطلعة وكانت
أول طلعة رئيت، فقال هكذا بيده طلعة يا رسول الله، من الفرح، قال: فنظر إليه
رسول الله (ص) فتبسم وقال: (اللهم لا تنزع منا صالح ما أعطيتنا أو صالحا أعطيتنا).
(14) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال: لما
أصيب سعد بن معاذ بالرمية يوم الخندق، وجعل دمع يسيل على رسول الله (ص)، فجاء
أبو بكر فجعل يقول: وانقطاع ظهراه! فقال النبي (ص): (مه يا أبا بكر)، فجاء عمر
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(15) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه قال:
كان في أصحاب رسول الله (ص) رجل يقال له مسعود، وكان نماما، فلما كان يوم
الخندق بعث أهل قريظة إلى أبي سفيان أن ابعث إلينا رجالا يكونون في آطامنا حتى
نقاتل محمدا مما يلي المدينة، وتقاتل أنت مما يلي الخندق، فشق ذلك على النبي (ص) أن
يقاتل من وجهين، فقال لمسعود: (يا مسعود! إنا نحن بعثنا إلى بني قريظة أن يرسلوا
إلى أبي سفيان فيرسل إليهم رجالا، فإذا أتوهم قتلوهم)، قال: فما عدا أن سمع ذلك
من النبي (ص) قال: فما تمالك حتى أتى أبا سفيان فأخبره، فقال صدق والله محمد ما
كذب قط، فلم يبعث إليهم أحدا.

(27 / 11) الأكحل: عرق في عقب القدم. (27 / 12) سورة الأحزاب من الآية (4).
(27 / 15) وقد روت كتب الصحاح الحديث بصيغة أخرى وهي أن هذا الرجل آمن سرا فأمره الرسول (ص)
أن يخذل عنه الناس ففعل ذلك والله أعلم.
499

(16) حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر بن
عبد الله قال: مكث النبي (ص) وأصحابه يحفرون الخندق ثلاثا ما ذاقوا طعاما، فقالوا: يا
رسول الله! إن ههنا كدية من الجبل - فقال رسول الله (ص): (رشوا عليها الماء)،
فرشوها ثم جاء النبي (ص) فأخذ المعول أو المسحاة ثم قال: (بسم الله، ثم ضرب ثلاثا
فصارت كثيبا، قال جابر: فحانت مني التفاتة، فرأيت رسول الله (ص) قد شد على بطنه حجرا.
(17) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن البراء قال: رأيت رسول الله (ص) يوم
الخندق، ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة
يقول:
لا هم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا * وإن أرداوا فتنة أبينا
(18) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال: خرج رسول الله (ص) غداة
باردة والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق، فلما نظر إليهم قال:
([ألا] إن العيش عيش الآخرة * فاغفر للأنصار والمهاجرة)
فأجابوه:
نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا
(19) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن
ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء
حتى كفينا ذلك، وذلك قول الله: * (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) *
فقال رسول الله (ص) فأمر بلالا فأقام ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام
العصر فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى المغرب كما كان يصليها قبل ذلك
ثم أقام فصلى العشاء كما كان يصليها قبل ذلك، وذلك قبل أن ينزل * (فإن خفتم فرجالا
أو ركبانا) *.

(27 / 16) شد على بطنه حجرا: ليدافع به ألم الجوع.
(27 / 18) [ألا] وفي رواية أخري [اللهم].
(27 / 19) * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * سورة البقرة من الآية (239).
500

(20) حدثنا [أبو] خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد [المسيب] [عن عمر بن
الخطاب] أن رسول الله (ص) لم يصل يوم الخندق الظهر والعصر حتى غابت الشمس.
(21) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي معشر قال: جاء الحارث بن عوف وعيينة
ابن حصن فقالا لرسول الله (ص) عام الخندق: نكف عنك غطفان على أن تعطينا ثمار المدينة،
قال: فراوضوه حتى استقام الامر على نصف ثمار المدينة، فقالوا: اكتب بيننا وبينك
كتابا، فدعا بصحيفة، قال: والسعدان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة جالسان، فأقبلا
على رسول الله (ص) فقالا: أشئ أتاك عن الله ليس لنا أن نعرض فيه، قال: (لا،
ولكني أردت أن أصرف وجوه هؤلاء عني ويفرغ وجهي لهؤلاء)، قال: قالا له: ما
نالت منا العرب في جاهليتنا شيئا إلا بشرى أو قرى.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة عن
علي أن رسول الله (ص) قال يوم الخندق: (حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة
العصر، ملا الله بيوتهم وقبورهم نارا).
(23) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وابن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن
ابن عمر قال: عرضني رسول الله (ص) يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني إلا أن
ابن إدريس قال: عرضت.
(24) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام عن أبيه أن رسول الله (ص) قال يوم
الخندق: (من رجل يذهب فيأتينا بخبر بني قريظة)، فركب الزبير فجاءه بخبرهم، ثم
عاد فقال ثلاث مرات: من يجيئني بخبرهم؟ فقال الزبير: نعم، قال: وجمع النبي (ص)
للزبير أبويه فقال: فداك أبي وأمي، وقال للزبير: لكل نبي حواري، وحواري الزبير
وابن عمتي).
(25) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن ميمون قال حدثنا البراء بن
عازب قال: لما كان حيث أمرنا رسول الله (ص) أن نحفر الخندق عرض لنا في بعض
الجبل صخرة عظيمة شديدة، لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله (ص)،
فجاء رسول الله (ص)، فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه، وقال: (باسم الله، ثم ضرب
ضربة فكسر ثلثها، وقال: والله أكبر! أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها

(27 / 21) شرى: شراء، قرى: ضيافة.
501

الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر فقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح فارس،
والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض، ثم ضرب الثالثة فقال: باسم الله، فقطع بقية
الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء).
(26) حدثنا هشيم قال أخبرنا أبو الزبير عن جابر عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة
عن عبد الله أن المشركين شغلوا النبي (ص) يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من
الليل ما شاء الله فأمر بلالا، فأذن وأقام الظهر ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى
المغرب، ثم أقام فصلى العشاء.
(27) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة أن صفية كانت مع النبي
(ص) يوم الخندق.
(28) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة قال: لما كان يوم الخندق قام رجل من المشركين فقال: من يبارز؟ فقال رسول الله (ص): (قم يا زبير، فقالت
صفية: يا رسول الله! واجدي، فقال: قم يا زبير، فقام الزبير، فقال رسول الله (ص):
أيهما علا صاحبه قتله)، فعلاه الزبير فقتله، ثم جاء بسلبه فنفله النبي (ص) إياه.
(29) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم والزبير بن الحريث وأيوب
السختياني كلهم عن عكرمة أن نوفلا - أو ابن نوفل - تردى به فرسه يوم الخندق فقتل،
فبعث أبو سفيان إلى النبي (ص) بديته مائة من الإبل، فأبى النبي (ص) وقال: (خذوه فإنه
خبيث الدية خبيث الجثة).
(28) ما حفظت في بني قريظة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة أن النبي (ص)
بعث خوات بن جبير إلى بني قريظة على فرس يقال له جناح.
(2) حدثنا عبد الله بن نمير وعبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: لما
رجع رسول الله (ص) يوم الخندق، ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل وقد عصب رأسه
الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ فوالله ما وضعته، فقال رسول الله (ص): (فأين؟) قال:
ههنا، وأومأ إلى بني قريظة، قال: فخرج رسول الله (ص) إليهم.
502

(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن هشام عن أبيه قال: قال رسول الله (ص) يوم
قريظة: (الحرب خدعة).
(4) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام عن محمد قال: عاهد حيي بن أخطب
رسول الله (ص) أن لا يظاهر عليه أحدا وجعل الله عليه كفيلا، قال فلما كان يوم قريظة أتي به
وبابنه سلما، قال: فقال رسول الله (ص): (أوفي الكيل) فأمر به فضربت عنقه وعنق ابنه.
(5) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عبد الله
ابن الزبير عن الزبير قال: جمع لي رسول الله (ص) بين أبويه يوم قريظة فقال: (فداك أبي
وأمي).
(6) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل سمعه يقول:
سمعت أبا سعيد الخدري يقول: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، قال فأرسل
رسول الله (ص) إلى سعد، قال: فأتاه على حمار، قال: فلما أن دنا قريبا من المسجد قال
رسول الله (ص 9: (قوموا إلى سيدكم أو خيركم، ثم قال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك،
قال: تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال: فقال رسول الله (ص): قضيت بحكم، وربما
قال: قضيت بحكم الله).
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي أنهم نزلوا على حكم
رسول الله (ص)، فردوا الحكم إلى سعد بن معاذ، فحكم فيهم سعد بن معاذ أن تقتل
مقاتلتهم وتسبى النساء والذرية وتقسم أموالهم، قال هشام: قال أبي: فأخبرت أن رسول الله
(ص) قال: (لقد حكمت فيهم بحكم الله).
(8) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن عامر قال: رمى أهل قريظة سعد بن معاذ فأصابوا أكحله فقال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني منهم، قال: فنزلوا
على حكم سعد بن معاذ، فحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال: فقال رسول الله
(ص): (بحكم الله حكمت).
(9) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد [قال: سمعت عبد الله بن أبي] أوفى
يقول دعا رسول الله (ص) على الأحزاب فقال: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم
الأحزاب اهزمهم وزلزلهم).

(28 / 3) وفيه جواز خداع العدو في المعركة ولا يعني الخداع مطلقا إعطاء العهود الكاذبة.
503

(10) حدثنا كثير بن هشام عن جعفر قال حدثنا يزيد بن الأصم قال: لما كشف
الله الأحزاب ورجع النبي (ص) إلى بيته فأخذ يغسل رأسه أتاه جبريل، فقال: عفا الله
عنك، وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة السماء، أتينا عند حصن بني قريظة، فنادى
رسول الله (ص) في الناس أن ائتوا حصن بني قريظة، ثم اغتسل رسول الله (ص) فأتاهم
عند الحصن.
(29) ما حفظت في غزوة بني المصطلق
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عيسى بن يونس عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع
أسأله عن دعاء المشركين، فكتب إلي: أخبرني عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص) أغار
على بني المصطلق وهم غارون ونعمهم تسقى على الماء، فكانت جويرية بنت الحارث مما
أصاب، وكنت في الخيل.
(2) حدثنا يحيى بن إسحاق قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني ربيعة بن أبي عبد
الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز قال: دخلت أنا وأبو صرمة المازني على أبي سعيد
الخدري فسألناه عن العزل فقال: أسرنا كرائم العرب، أسرنا نساء بني عبد المصطلق،
فأردنا العزل ورغبنا في الفداء، فقال بعضنا: أتعزلون ورسول الله (ص) بين أظهركم؟
فأتيناه فقلنا: يا رسول الله (ص)! أسرنا كرائم العرب، أسرنا نساء بني المصطلق! فأردنا
العزل ورغبنا في الفداء، فقال النبي (ص):) لا عليكم أن لا تفعلوا، فإنه ليس من نسمة
كتب الله عليها أن تكون إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة).
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن أصحاب رسول الله (ص) في
غزوة بني المصطلق لما أتوا المنزل، وقد جلا أهله أجهضوهم، وقد بقي دجاج في المعدن
فكان بين غلمان من المهاجرين وغلمان من الأنصار، قتال: فقال غلمان من المهاجرين: يا
للمهاجرين، وقال غلمان من الأنصار، يا للأنصار، فبلغ ذلك عبد الله بن أبي بن سلول

(29 / 1) وهم غارون: هم منتشرون في الأرض.
(29 / 2) العزل: هو القذف خارج الفرج عند الجماع.
(29 / 3) المنزل: مكان نزولهم وإقامتهم.
جلا أهله: المقصود قد انتشر أكثرهم وابتعدوا عن دورهم وأهليهم.
أجهضوهم: غلبوهم على أمرهم وانتصروا عليهم.
504

فقال: أما والله لو أنهم لم ينفقوا عليهم انفضوا من حوله، أما والله (لئن رجعنا إلى المدينة
ليخرجن الأعز منها الأذل) فبلغ ذلك النبي (ص) فأمرهم بالرحيل مكانه يشغلهم،
فأدرك ركبا من بني عبد الأشهل في المسير فقال لهم: ألم تعلموا ما قال المنافق عبد الله بن
أبي؟ قالوا: ماذا قال يا رسول الله؟ قال: قال: أما والله لو لم تنفقوا عليهم لانفضوا من
حوله أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قالوا: صدق يا رسول
الله! فأنت والله العزيز وهو الذليل.
(30) غزوة الحديبية
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا غندر عن شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس
أنه قال في هذه الآية * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * قال: الحديبية.
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال: خرج رسول الله (ص) إلى
الحديبية، وكانت الحديبية في شوال، قال: فخرج رسول الله (ص) حتى إذا كان بعسفان
لقيه رجل من بني كعب فقال: يا رسول الله! إنا تركنا قريشا وقد جمعت لك أحابيشها
تطعمها الخزير، يريدون أن يصدوك عن البيت، فخرج رسول الله (ص) حتى إذا تبرز من
عسفان لقيهم خالد بن الوليد طليعة لقريش، فاستقبلهم على الطريق، فقال رسول الله
(ص): (هلم ها هنا)، فأخذ بين سروعتين - يعني شجرتين - ومال عن سنن الطريق حتى
نزل الغميم، فلما نزل الغميم خطب الناس فحمد لله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: (أما
بعد فإن قريشا قد جمعت لكم أحابيشها تطعمها الخزير، يريدون أن يصدونا عن
البيت، فأشيروا علي بما ترون؟ أن تعمدوا إلى الرأس - يعني أهل مكة، أم ترون أن
تعمدوا إلى الذين أعانوهم فتخالفوهم إلى نسائهم وصبيانهم، فإن جلسوا جلسوا
موتورين مهزومين، وإن طلبونا طلبونا طلبا متداريا ضعيفا، فأخزاهم الله)، فقال أبو
بكر: يا رسول الله! أن تعمد إلى الرأس فإن الله معينك وإن الله ناصرك وإن الله
مظهرك، قال المقداد بن الأسود وهو في رحله: إنا والله لا نقول لك كما قالت بنو

(30 / 1) سورة الفتح الآية (1).
(30 / 2) الخزير: طعام سبق شرحه ووصفه.
الأحابيش: الجماعات من القبائل التي كانت تسكن قرب مكة وسموا كذلك لسمرتهم الشديدة
كأنهم الأحباش.
505

إسرائيل لنبيها * (اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون) * (1) ولكن اذهب أنت
وربك فقاتلا، إنا معكم مقاتلون، فخرج رسول الله (ص) حتى إذا غشي الحرم ودخل
أنصابه بركت ناقته الجدعاء فقالوا: خلات، فقال: والله ما خلات، وما الخلا بعادتها،
ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش إلى تعظيم المحارم فيسبقوني
إليه، هلم ها هنا - لأصحابه، فأخذت ذات المين في ثنية تدعى ذات الحنظل حتى هبط
على الحديبية، فلما نزل استقى الناس من البئر، فنزفت ولم تقم بهم، فشكوا ذلك إليه
فأعطاهم سهما من كنانته فقال: اغززوه في البئر فغرزوه في البئر فجاشت (2) وطما (2) ماؤها حتى
ضرب الناس بالعطن، فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهو من قوم
يعظمون الهدي، فقال: ابعثوا الهدي فلما رأى الهدى لم يكلمهم كلمة، وانصرف من
مكانه إلى قريش، فقال: يا قوم القلائد والبدن والهدي! فحذرهم وعظم عليهم، فسبوه
وتجهموه وقالوا: إنما أنت أعرابي جلف لا نعجب منك، ولكنا نعجب من أنفسنا إذ
أرسلناك، اجلس، ثم قالوا لعروة بن مسعود: انطلق إلى محمد ولا نؤتين من ورائك،
فخرج عروة حتى أتاه فقال: يا محمد! ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت
إليه، سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها، تعلم
أني جئتك من كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل
يقسمون بالله: لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها، فقال رسول الله (ص): (إنا
لم نأت لقتال، ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا، فهل لك أن تأتي قومك،
فإنهم أهل قتب، وإن الحرب قد أخافتهم، وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا
ما قد أكلت، فيخلون بيني وبين البيت، فنقضي عمرتنا وننحر هدينا، ويجعلون
بيني وبينهم مدة، نزيل فيها نساءهم ويأمن فيها سريهم، ويخلون بيني وبين الناس،
فإني والله لأقاتلن على هذا الامر الأحمر والأسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي، فإن
أصابني الناس فذاك الذي يريدون، وإن أظهرني الله عليهم اختاروا، إما قاتلوا
معدين، وإما دخلوا في السلم وافرين)، قال: فرجع عروة إلى قريش فقال: تعلمن والله
ما على الأرض قوم أحب إلي منكم، إنكم لإخواني وأحب الناس إلي، ولقد استنصرت

(1) * (فاذهب أنت وربك فقاتلا) * سورة المائدة من الآية (24).
(2) جاشت: نبع ماؤها.
(3) طما ماؤها: ارتفع مقداره ومنسوبه.
506

لكم الناس في المجامع، فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أواسيكم،
والله ما أحب الحياة بعدكم، تعلمن أن الرجل قد عرض نصفا فاقبلوه، تعلمن أني قد
قدمت على الملوك، ورأيت العظماء فأقسم بالله إن رأيت ملكا ولا عظيما أعظم في أصحابه
منه، لن يتكلم منهم رجل حتى يستأذنه، فإن هو أذن له تكلم، وإن لم يأذن له سكت، ثم
إنه ليتوضأ فيبتدرون وضوءه ويصبونه على رؤوسهم، يتخذونه حنانا، فلما سمعوا مقالته
أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا: انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما
ذكر عروة فقاضياه على أن يرجع عامه هذا عنا، ولا يخلص إلى البيت، حتى يسمع من يسمع
بمسيره من العرب أنا قد صددناه، فخرج سهيل ومكرز حتى أتياه وذكرا ذلك له، فأعطاهما
الذي سألا فقال: اكتبوا (بسم الله الرحمن الرحيم) قالوا: والله لا نكتب هذا أبدا،
قال: فكيف؟ قالوا: نكتب (باسمك اللهم) قال: وهذه فاكتبوها، فكتبوها، ثم قال:
أكتب (هذا ما قاضي عليه محمد رسول الله (ص)) فقالوا: والله ما نختلف إلا في هذا،
فقال: ما أكتب؟ فقالوا: انتسب فاكتب محمد بن عبد الله، قال: وهذه حسنة اكتبوها،
فكتبوها، وكان في شرطهم أن بيننا للعيبة المكفوفة، وأنه لا أغلال ولا أسلال، قال أبو
أسامة: الاغلال: الدروع، والأسلال: السيوف، ويعني بالعيبة المكفوفة أصحابه يكفهم
عنهم، وأنه من أتاكم منا رددتموه علينا، ومن أتانا منكم لم نردده عليكم، فقال رسول الله
(ص): (ومن دخل معي فله مثل شرطي)، فقالت قريش: من دخل معنا فهو منا، له
مثل شرطنا، فقالت بنو كعب: نحن معك يا رسول الله (ص)، وقالت بنو بكر: نحن مع
قريش، فبينما هم في الكتاب إذ جاء أبو جندل يرسف في القيود، فقال المسلمون: هذا أبو
جندل، فقال رسول الله (ص): (هو لي)، وقال سهيل: هو لي، وقال سهيل: اقرأ
الكتاب، فإذا هو لسهيل، فقال أبو جندل: يا رسول الله! يا معشر المسلمين! أرد إلى
المشركين؟ فقال عمر: يا أبا جندل! هذا السيف فإنما هو رجل ورجل، فقال سهيل:
أعنت علي يا عمر! فقال رسول الله (ص) لسهيل: هبه لي، قال: لا، قال فأجره لي، قال:
لا، قال مكرز: قد أجرته لك يا محمد فلم ينج.
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير
عن مروان أن رسول الله (ص) خرج عام صدوه، فلما انتهى إلى الحديبية اضطرب في
الحل، وكان مصلاه في الحرم، فلما كتبوا القضية وفرغوا منها دخل على الناس من ذلك
أمر عظيم قال: فقال رسول الله (ص): (يا أيها الناس انحروا واحلقوا وأحلوا،
فما قام رجل من الناس، ثم أعادها فما قام أحد من الناس، فدخل على أم سلمة فقال: ما
507

رأيت ما دخل على الناس، فقالت: يا رسول الله! اذهب فانحر هديك واحلق وأحل،
فإن الناس سيحلون، فنحر رسول الله (ص) وحلق وأحل.
(4) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال: لما أحصر رسول الله
(ص) عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان
السلاح: السيف وقرابه، ولا يخرج معه أحد من أهلها ولا يمنع أحدا أن يمكث بها ممن
كان معه، فقال لعلي: اكتب الشرط بيننا (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضي عليه
محمد رسول الله) فقال المشركون: لو نعلم أنك رسول الله تابعناك، ولكن اكتب (محمد
ابن عبد الله) قال: فأمر عليا أن يمحوها، فقال علي: لا والله لا أمحوها، فقال رسول الله
(ص): أرني مكانها، فأراه مكانها فمحاها، وكتب (ابن عبد الله) فأقام فيها ثلاثا
أيام، فلما كان يوم الثالث قالوا لعلي: هذا آخر يوم من شرط صاحبك، فمره فليخرج،
فحدثه بذلك، فقال: نعم، فخرج.
(5) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال: نزلنا يوم الحديبية
فوجدنا ماءها قد شربه أوائل الناس، فجلس النبي (ص) على البئر، ثم دعا بدلو منها،
فأخذ منه بفيه ثم مجه فيها ودعا الله، فكثر ماؤها حتى تروى الناس منها.
(6) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن عطاء قال: خرج النبي (ص) معتمرا
حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت، حتى كان بينهم كلام وتنازع
حتى كاد يكون بينهم قتال، قال: فبايع النبي (ص) أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت
الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي (ص) فقالت قريش: نقاضيك على أن
تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام،
ففعل، قال: فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثا، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح
إلا بالسيف، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معك، فنحر الهدي مكانه وحلق
ورجع، حتى إذا كان في قابل تلك الأيام دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس
معه، فدخل المسجد الحرام، فأنزل الله عليه * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * قال: وأنزل عليه * (الشهر الحرام بالشهر
الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) *

(30 / 6) * (لقد صدق الله ورسوله الرؤيا) * سورة الفتح الآية (27).
* (الشهر الحرام بالشهر الحرام) * سورة البقرة من الآية (194).
508

فإن قاتلوكم في المسجد الحرام فقاتلوهم، فأحل لهم إن قاتلوه في المسجد الحرام أن
يقاتلوهم، فأتاه أبو جندل بن سهيل بن عمرو، وكان موثقا أوثقه أبوه، فرده إلى أبيه.
(7) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال:
قدم رسول الله (ص) وأصحابه في الهدنة التي كانت قبل الصلح الذي كان بينه وبينهم،
قال: والمشركون عند باب الندوة مما يلي الحجر، وقد تحدثوا أن برسول الله (ص)
وأصحابه جهدا وهزلا، فلما استلموا، قال: قال لهم رسول الله (ص)، (إنهم قد تحدثوا
أن بكم جهدا وهزلا، فأرملوا ثلاثة أشواط حتى يروا أن بكم قوة)، قال: فلما
استلموا الحجر رفعوا أرجلهم فرملوا، حتى قال بعضهم لبعض: أليس زعمتم أن بهم
هزلا، وهم لا يرضون بالمشي حتى يسعوا سعيا.
(8) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا مجمع بن يعقوب قال حدثني أبي عن عمه عبد
الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية قال: شهدت الحديبية مع رسول الله (ص)، فلما
انصرفنا عنها إذا الناس يوجفون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ فقالوا:
أوحي إلى رسول الله (ص)، قال: فخرجنا نوجف مع الناس حتى وجدنا رسول الله (ص)
واقفا عند كراع الغميم، فلما اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم * (إنا فتحنا
لك فتحا مبينا) * فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله! أو فتح هو؟ قال: إي والذي
نفسي بيده، إنه لفتح)، قال: فقسمت على أهل الحديبية على ثمانية عشر سهما، وكان
الجيش ألفا وخمسمائة، ثلاثمائة فارس، فكان للفارس سهمان.
(9) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أياس بن سلمة عن أبيه
قال: خرجنا مع رسول الله (ص) في غزوة الحديبية فنحر مائة بدنة ونحن سبع عشر مائة ومعهم
عدة السلاح والرجال والخيل وكان في بدنه جمل، فنزل الحديبية فصالحه قريش على أن
هذا الهدي محله حيث حبسناه.
(10) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن
أبي ثابت عن أبي وائل عن سهل بن حنيف قال: لقد كنا مع رسول الله (ص) لو نرى
قتالا لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (ص) وبين المشركين، فجاء عمر
ابن الخطاب فأتى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله! ألسنا على حق وهم على باطل؟

(30 / 7) الرمل: السير السريع ما دون الركض وهو أيضا الهرولة.
509

قال: (بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نعطي الدنية
ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال: يا ابن الخطاب! إني رسول الله ولن يضيعني
الله أبدا، قال: فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر! ألسنا
على حق وهم على باطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال:
بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب! إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا، قال: فنزل القرآن على رسول الله (ص)
بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال: يا رسول الله! أو فتح هو؟ قال: نعم، فطابت
نفسه ورجع.
(11) حدثنا عفان قال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي
(ص) فيهم سهيل بن عمرو، فقال النبي (ص) لعلي: (اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم)
فقال سهيل: أما (بسم الله الرحمن الرحيم) فما ندري ما (بسم الله الرحمن الرحيم (ولكن
اكتب بما نعرف (باسمك اللهم) فقال: اكتب (من محمد رسول الله) قالوا: لو
علمنا أنك رسول الله اتبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبي (ص): أكتب
(من محمد بن عبد الله) فاشترطوا على النبي (ص) أن من جاء منكم لم نرده عليكم،
ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله! أتكتب هذا؟ قال: نعم، إنه من
ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا).
(12) حدثنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابرا يقول: كنا يوم الحديبية ألفا وأربع
مائة، فقال لنا: (أنتم اليوم خير أهل الأرض).
(13) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة بن المسور ومروان أن رسول الله
(ص) عام الحديبية خرج في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد
الهدي وأشعر وأحرم.
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أياس بن سلمة عن أبيه
قال: بعثت قريش سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزي ومكرز بن حفص إلى النبي
(ص) ليصالحوه، فلما رآهم رسول الله (ص) فيهم سهيل، قال: (قد سهل من أمركم،
القوم يأتون إليكم بأرحامهم وسائلوكم الصلح فابعثوا الهدي وأظهروا بالتلبية، لعل
ذلك يلين قلوبهم)، فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجت أصواتهم بالتلبية، قال فجاؤوه
فسألوا الصلح، قال: فبينما الناس قد توادعوا، وفي المسلمين ناس من المشركين وفي
510

المشركين ناس من المسلمين، ففتك أبو سفيان، فإذا الوادي يسيل بالرجال والسلاح،
قال: قال أياس: قال سلمة: فجئت بستة من المشركين مسلحين أسوقهم س، ما يملكون
لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فأتينا بهم النبي (ص) فلم يسلب ولم يقتل وعفا، قال: فشددنا على
ما في أيدي المشركين منا، فما تركنا فيهم رجلا منا إلا استنقذناه، قال: وغلبنا على من
في أيدينا منهم، ثم إن قريشا أتت سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى فولوا
صلحهم، وبعث النبي (ص) عليا وطلحة، فكتب علي بينهم (بسم الله الرحمن الرحيم هذا
ما صالح عليه محمد رسول الله قريشا: صالحهم على أنه لا أغلال ولا أسلال، وعلى أنه من
قدم مكة من أصحاب محمد حاجا أو معتمرا أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه
وماله، ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو
آمن على دمه وماله، وعلى أنه من جاء محمدا من قريش فهو رد، ومن جاءهم من أصحاب
محمد فهو لهم، فاشتد ذلك على المسلمين فقال رسول الله (ص): (من جاءهم منا فأبعده
الله، ومن جاءنا منهم رددناه إليهم، يعلم الله الاسلام من نفسه يجعل الله له
مخرجا)، وصالحوه على أنه يعتمر عاما قابلا في مثل هذا الشهر (لا يدخل علينا بخيل
ولا سلاح إلا ما يحمل المسافر في قرابة فيمكث فيها ثلاث ليال وعلى أن هذا الهدي حيث
حبسناه فهو محله لا يقدمه علينا) فقال رسول الله (ص): (نحن نسوقه وأنتم تردون
وجهه).
(15) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة قال حدثني أياس بن سلمة عن
أبيه قال: بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع عليهم طليعة، فرجع حامدا يحسن الثناء،
فقالوا له: إنك أعرابي قعقعوا لك السلاح فطار فؤادك فما دريت ما قيل لك وما قلت،
ثم أرسلوا عروة بن مسعود فجاءه فقال: يا محمد! ما هذا الحديث؟ تدعوا إلى ذات الله، ثم
جئت قومك بأوباش الناس من تعرف ومن لا تعرف، لتقطع أرحامهم وتستحل حرمتهم ودماءهم وأموالهم، فقال: (إني لم آت قومي إلا لأصل أرحامهم، يبدلهم الله بدين
خير من دينهم، ومعائش خير من معائشهم)، فرجع حامدا يحسن الثناء، قال: قال
أياس عن أبيه: فاشتد البلاء على من كان في يد المشركين من المسلمين، قال: فدعا رسول
الله (ص) عمر فقال: (يا عمر! هل أنت مبلغ عني إخوانك من أساري المسلمين،
فقال: بلى يا نبي الله! والله ما لي بمكة من عشيرة غيري أكثر عشيرة مني، فدعا عثمان

(30 / 14) فتك أبو سفيان: لج وألح وأراد الغدر.
511

فأرسله إليهم فخرج عثمان على راحلته حتى جاء عسكر المشركين، فعتبوا به وأساءوا له
القول، ثم أجاره أبان بن سعيد بن العاص ابن عمه وحمله على السرج وردفه، فلما قدم
قال يا ابن عم! ما لي أراك متخشعا أسبل، قال: وكان إزاره إلى نصف ساقيه، فقال له
عثمان: هكذا إزرة صاحبنا، فلم يدع أحدا بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال
رسول الله (ص)، قال سلمة: فبينما نحن قائلون نادى منادي رسول الله (ص): أيها الناس!
البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله (ص): وهو تحت شجرة سمرة
فبايعناه، وذلك قول الله * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) *
قال: فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لأبي عبد الله! يطوف
بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله (ص): (لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى
أطوف).
(16) حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله (ص) يوم الحديبية: (لا توقدوا نارا بليل، ثم قال: أقدوا واصطنعوا فإنه لن
يدرك قوم بعدكم مدكم ولا صاعكم).
(17) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم عن جابر قال: أصاب الناس عطش
يوم الحديبية، قال: فهش الناس إلى رسول الله (ص)، قال: فوضع يده في الركوة، فرأيت
الماء مثل العيون، قال: قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة
مائة.
(18) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري قال
حدثني ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن رسول الله (ص) خرج عام الحديبية في
ألف ثمانمائة، وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يدعى ناجية يأتيه بخبر القوم، حتى نزل
رسول الله (ص) غديرا بعسفان يقال له غدير الأسطاط فلقيه عينه بغدير الأسطاط فقال:
يا محمد! تركت قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد استنفروا لك الأحابيش ومن
أطاعهم قد سمعوا بمسيرك، وتركت عبدانهم يطعمون الخزير في دورهم، وهذا خالد بن
الوليد في خيل بعثوه، فقام رسول الله (ص) فقال: (ماذا تقولون؟ ماذا ترون؟ أشيروا
علي، قد جاءكم خبر قريش مرتين وما صنعت، فهذا خالد بن الوليد بالغميم، قال

(30 / 15) * (لقد رضي الله عن المؤمنين) * سورة الفتح من الآية (18).
(30 / 17) وهذه من معجزات الرسول (ص) في تكثير المياه ونبعها من الأرض والأشياء ومن بين أصابعه.
512

لهم رسول الله (ص): أترون أن نمضي لوجهنا، ومن صدنا عن البيت قاتلناه، ألم ترون
أن نخالف هؤلاء إلى من تركوا وراءهم، فإن أتبعنا منهم عنق قطعة الله، قالوا يا
رسول الله! الامر أمرك والرأي رأيك، فتيامنوا في هذا الفعل، فلم يشعر به خالد ولا
الخيل التي معه حتى جاوز بهم فترة الجيش وأوفت به ناقته على ثنية تهبط على غائط القوم
يقال له بلدح، فبركت فقال: حل حل، فلم تنبعث، فقالوا: خلات القصواء، قال: إنها
والله ما خلات، ولا هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، أنا والله لا يدعوني
اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمة ولا يدعوني فيها إلى صلة إلا أجبتهم إليها)، ثم
زجرها فوثبت، فرجع من حيث جاء عوده على بدئه، حتى نزل بالناس على ثمد من ثماد
الحديبية ظنون قليل الماء يتبرض الناس ماءها تبرضا، فشكوا إلى رسول الله (ص) قلة الماء،
فانتزع سهما من كنانته، فأمر رجل فغرزه في جوف القليب، فجاش بالماء حتى ضرب
الناس عنه بعطن، فبينما هو على ذلك إذ مر به بديل بن ورقاء الخزاعي في ركب من قومه
من خزاعة، فقال: يا محمد! هؤلاء قومك قد خرجوا بالعوذ المطافيل، يقسمون بالله
ليحولن بينك وبين مكة حتى لا يبقى منهم أحد، قال: يا بديل! إني لم آت لقتال أحد،
إنما جئت أقضي نسكي وأطوف بهذا البيت، وإلا فهل لقريش في غير ذلك، هل
لهم إلى أن أمادهم مدة يأمنون فيها ويستجمون، ويخلون فيها بيني وبين الناس، فإن
ظهر فيها أمري على الناس كانوا فيها بالخيار أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس، وبين
أن يقاتلوا وقد جمعوا وأعدوا)، قال بديل: سأعرض هذا على قومك، فركب بديل
حتى مر بقريش فقالوا: من أين؟ قال: جئتكم من عند رسول الله (ص)، وإن شئتم
أخبرتكم بما سمعت منه فعلت، فقال أناس من سفهائهم: لا تخبرنا عنه شيئا، وقال ناس
من ذوي أسنانهم وحكمائهم: بل أخبرنا ما الذي رأيت وما الذي سمعت؟ فاقتص عليهم
بديل قصة رسول الله (ص) وما عرض عليهم من المدة، قال: وفي كفار قريش يومئذ
عروة بن مسعود الثقفي، فوثب فقال: يا معشر قريش! هل تتهمونني في شئ، ألست
بالولد ولستم بالوالد، أو لست قد استنفرت لكم أهل عكاظ، فلما ملجوا علي نفرت
إليكم بنفسي وولدي ومن أطاعني، قالوا: بلى، قد فعلت، قال: فاقبلوا من بديل ما

(30 / 18) غائط القوم: أرض منخفضة خلفهم.
ثمد: ماء قليل لا مادة له أو الحفر فيها ماء قليل أو ماء المطر يبقى محقونا تحت الرمل، فإذا كشف
أدته الأرض أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف.
من ذوي أسنانهم: من الكبار في السن.
513

جاءكم به وما عرض عليكم رسول الله (ص)، وابعثوني حتى آتيكم بمصادقها من عنده،
قالوا: فاذهب، فخرج عروة حتى نزل برسول الله (ص) بالحديبية فقال: يا محمد! هؤلاء
قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد خرجوا بالعوذ المطافيل، يقسمون لا يخلون
بينك وبين مكة حتى تبيد خضراءهم، وإنما أنت من قتالهم بين أحد أمرين: أن يجتاح
قومك، فلم تسمع برجل قط اجتاح أصله قبلك، وبين أن يسلمك من أرى معك، فإني لا
أرى معك إلا أوباشا من الناس، لا أعرف أسماءهم ولا وجوههم، فقال أبو بكر -
وغضب: أمصص بظر اللات، أنحن نخذله أو نسلمه، فقال عروة: أما والله لولا يدلك
عندي لم أجزك بها لأجبتك فيما قلت، وكان عروة قد تحمل بدية فأعانه أبو بكر فيها
بعون حسن، والمغيرة بن شعبة قائم على رسول الله (ص) وعلى وجهه المغفر، فلم يعرفه
عروة، وكان عروة يكلم رسول الله (ص)، فكلما مد يده يمس لحية رسول الله (ص) قرعها
المغيرة بقدح كان في يده، حتى إذا أخرجه قال: من هذا؟ قالوا: هذا المغيرة بن شعبة،
قال عروة، أنت بذاك يا غدر، وهل غسلت عنك غدرتك الأمس بعكاظ، فقال النبي
(ص) لعروة بن مسعود مثل ما قال لبديل، فقام عروة فخرج حتى جاء إلى قومه فقال: يا معشر قريش! إني قد وفدت على الملوك، على قيصر في ملكه بالشام، وعلى النجاشي
بأرض الحبشة، وعلى كسرى بالعراق، وإني والله ما رأيت ملكا هو أعظم فيمن هو بين
ظهريه من محمد في أصحابه، والله ما يشدون إليه النظر وما يرفعون عنده الصوت، وما
يتوضأ من وضوء إلا ازدحموا عليه أيهم يظفر منه بشئ، فاقبلوا الذي جاءكم به بديل،
فإنها خطة رشد، قالوا: اجلس ودعوا رجلا من بني الحارث بن عبد مناف يقال له:
الحليس، فقالوا: انطلق فانظر ما قبل هذا الرجل وما يلقاك به، فخرج الحليس فلما رآه
رسول الله (ص) مقبلا عرفه، قال: (هذا الحليس، وهو من قوم يعظمون الهدي،
فابعثوا الهدي في وجهه)، فبعثوا الهدي في وجهه، قال ابن شهاب: فاختلف الحديث في
الحليس، فمنهم من يقول: جاءه فقال له مثل ما قال لبديل وعروة، ومنهم من قال: لما
رأى الهدي رجع إلى قريش، فقال: لقد رأيت أمرا لئن صددتموه إني لخائف عليكم أن
يصيبكم عنت فأبصروا بصركم، قالوا: اجلس: ودعوا رجلا من قريش يقال له: مكرز بن
حفص بن الأحنف من بني عامر بن لؤي، فبعثوه، فلما رآه النبي (ص) قال: (هذا رجل فاجر ينظر بعين) فقال له مثل ما قال لبديل ولأصحابه في المدة، فجاءهم فأخبرهم،
فبعثوا سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي يكاتب رسول الله (ص) على الذي دعا إليه،
فجاءه سهيل بن عمرو فقال: قد بعثني قريش إليك أكاتبك على قضية نرتضي أنا وأنت،
514

فقال النبي (ص): نعم اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) قال: ما أعرف الله ولا
أعرف الرحمن، ولكن اكتب كما كنا نكتب (باسمك اللهم) فوجد (1) الناس من ذلك
وقالوا: لا نكاتبك على خطة حتى تقر بالرحمن الرحيم، قال سهيل: إذا لا أكاتبه على خطة
حتى أرجع، قال رسول الله (ص): (اكتب (باسمك اللهم هذا ما قاضي عليه محمد
رسول الله) قال: لا أقر، لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك ولا عصيتك، ولكن محمد بن
عبد الله، فوجد الناس منها أيضا، قال: (اكتب (محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو)
فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! ألسنا على الحق، أوليس عدونا على الباطل؟
قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال: إني رسول الله ولن أعصيه ولن
يضيعني)، وأبو بكر منتح بناحية، فأتاه عمر فقال: يا أبا بكر! فقال: نعم، قال: ألسنا
على الحق؟ أوليس عدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، قال:
دع عنك ما ترى يا عمر! فإنه رسول الله (ص) ولن يضيعه الله ولن يعصيه، وكان في
شرط الكتاب أنه (من كان منا فأتاك فإن كان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من
قبلك رددناه إليك) قال: (أما من جاء من قبلي فلا حاجة لي برده، وأما التي
اشترطت لنفسك [فتلك] بيني وبينك، فبينما الناس على ذلك الحال إذ طلع عليهم أبو
جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد خلا له أسفل مكة متوشحا السيف، فرفع
سهيل رأسه فإذا هو بابنه أبي جندل، فقال: هذا أول من قاضيتك على رده، فقال النبي
(ص): (يا سهيل) إنا لم نقض الكتاب بعد، قال: ولا أكاتبك على خطة حتى نرده،
قال: فشأنك به قال: فهش أبو جندل إلى الناس فقال: يا معشر المسلمين! أرد إلى
المشركين يفتنونني في ديني، فلصق به عمر وأبوه آخذ بيده يجتره وعمر يقول: إنما هو
رجل، ومعك السيف، فانطلق به أبوه، فكان النبي (ص) يرد عليهم من جاء من قبلهم
يدخل في دينه، فلما اجتمعوا نفر فيهم أبو بصير ردهم إليهم وأقاموا بساحل البحر، فكأنهم
قطعوا على قريش متجرهم إلى الشام، فبعثوا إلى رسول الله (ص): إنا نراها منك صلة أن
تردهم إليك وتجمعهم، فردهم إليه، وكان فيما أرادهم النبي (ص) في الكتاب أن يدعوه
يدخل مكة فيقضي نسكه وينحر هديه بين ظهريهم، فقالوا: لا تحدث العرب أنك أخذتنا
ضغطة أبدا ولكن ارجع عامك هذا، فإذا كان قابل أذنا لك فاعتمرت وأقمت ثلاثا،

(1) وجد الناس من ذلك: أخذهم الوجد: أي غضبوا وتضايقوا.
[قتلك] وفي نسخة قبلك، والأرجح ما أثبتناه.
أخذتنا ضغطة: أي دخلت بالرغم عنا وغلبتنا على أمرنا.
515

وقام رسول الله (ص) فقال للناس: (قوموا فانحروا هديكم واحلقوا وحلوا)، فما قام
رجل ولا تحرك، فأمر رسول الله (ص) الناس بذلك ثلاث مرات، فما تحرك رجل ولا قام من
مجلسه، فلما رأى النبي (ص) ذلك دخل على أم سلمة، وكان خرج بها في تلك الغزوة،
فقال: (يا أم سلمة! ما بال الناس! أمرتهم ثلاث مرار أن ينحروا وأن يحلقوا وأن
يحلوا فما قام رجل إلى ما أمرته به)، قالت: يا رسول الله! اخرج أنت فاصنع ذلك،
فقام رسول الله (ص) حتى يمم هديه فنحره ودعا حلاقا فحلقه، فلما رأى الناس ما صنع
رسول الله (ص) وثبوا إلى هديهم فنحروه، وأكب بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم أن
يضم بعضا من الزحام، قال ابن شهاب: وكان الهدي الذي ساقه رسول الله (ص)
وأصحابه سبعين بدنة، قال ابن شهاب: فقسم رسول الله (ص) خيبر على أهل الحديبية على
ثمانية عشر سهما، لكل مائة رجل سهم.
(19) حدثنا أبو أسامة عن أبي العميس عن عطاء قال: كان منزل النبي (ص) يوم
الحديبية في الحرم.
(20) حدثنا الفضل عن شريك عن أبي إسحاق عن البراء قال: كنا يوم الحديبية
ألفا وأربعمائة.
(21) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرني أبو مرة
مولى أم هانئ عن ابن عمر قال: لما كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية
عرض له المشركون، فردوا وجوه بدنه، فنحر رسول الله (ص) حيث حبسوه وهي
الحديبية، وحلق وائتسى به ناس فحلقوا، وتربص آخرون، قالوا: لعلنا نطوف بالبيت،
فقال رسول الله (ص): رحم الله المحلقين. قيل: والمقصرين، قال: رحم الله المحلقين -
ثلاثا.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي
إبراهيم الأنصاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) حلق يوم الحديبية هو وأصحابه
إلا عثمان وأبا قتادة، فقال رسول الله (ص): (يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين،
قال: (يرحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: يرحم الله المحلقين،
قالوا: والمقصرين يا رسول الله، قال: والمقصرين.
516

(23) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عمرو
ابن أسلم عن ناجية بن جندب بن ناجية قال: لما كنا بالغميم لقي رسول الله (ص) خبر
قريش أنها بعثت خالد بن الوليد في جريدة خيل تتلقى رسول الله (ص)، فكره رسول الله
(ص) أن يلقاه، وكان بهم رحيما، فقال: (من رجل يعدلنا عن الطريق؟ فقلت: أنا بأبي
أنت وأمي يا رسول الله (ص)! قال: فأخذت بهم في طريق قد كان مهاجري بها فدافد
وعقاب، فاستوت بي الأرض حتى أنزلته على الحديبية وهي نزح، قال: فألقى فيها سهما
أو سهمين من كنانته ثم بصق فيها ثم دعا، قال: فعادت عيونها حتى أني لأقول - أو نقول:
لو شئنا لاغترقنا بأقداحنا.
(24) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال يوم الحديبية: (يرحم الله المحلقين، قالوا:
يا رسول الله والمقصرين؟ قال: رحم الله المحلقين ثلاثا قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال: والمقصرين، قالوا: ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم؟ قال: إنهم لم يشكوا).
(25) حدثنا غندر عن شعبة عن جامع بن شداد قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي
علقمة قال: سمعت عبد الله بن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله (ص) من الحديبية،
فذكروا أنهم نزلوا دهاسا من الأرض - يعني بالدهاس الرمل - قال: فقال رسول الله
(ص): (من يكلؤنا، قال: فقال بلال: أنا، قال: فقال رسول الله (ص): إذا ننام، قال:
فناموا حتى طلعت الشمس فاستيقظ أناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر: قال: فقلنا:
اهضبوا - يعني تكلموا، قال: فاستيقظ النبي (ص) فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون:
قالوا: ففعلنا، قال: كذلك فافعلوا لمن نام أو نسي، قال: وضلت ناقة رسول الله (ص)
فطلبتها، قال: فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة، فجئت إلى رسول الله (ص) فركب
فسرنا، قال: وكان النبي (ص) إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وعرفنا ذلك فيه،
قال: فتنحى منتبذا خلفنا، قال: فجعل يغطي رأسه بثوبه ويشتد ذلك عليه حتى عرفنا أنه
قد أنزل عليه فأتونا فأخبرونا أنه قد أنزل عليه * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) *.

(30 / 23) على الحديبية: على الماء المعروف باسم الحديبية.
وهي نزح: ماؤها قليل ينزح بالكاد باليد.
(30 / 24) ظاهرت: أظهرت وأبرزت.
517

(31) غزوة بني لحيان
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن شيبان عن يحيى بن أبي
كثير عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري أن أبا سعيد أخبره أن رسول الله (ص) قال لهم
في غزوة غزاها بني لحيان: (لينبعث من كل رجلين رجل والأجر بينهما).
(2) حدثنا جعفر بن عون قال أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري عن الزهري
قال: أخبرني عمرو أو عمر بن أسيد عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) بعث عشرة رهط
سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فخرجوا حتى إذا كانوا بالهدة ذكروا لحي من
هذيل يقال لهم بنو لحيان، فبعث إليهم مائة رجل راميا، فوجدوا مأكلهم حيث أكلوا
التمر، فقالوا: هذه نوى يثرب، ثم اتبعوا آثارهم حتى إذا أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا
إلى جبل، فأحاط بهم الآخرون، فاستنزلوهم وأعطوهم العهد، فقال عاصم: والله لا أنزل
على عهد كافر، اللهم أخبر نبيك عنا، ونزل إليه ابن دثنة البياضي.
(32) ما ذكر في نجد وما نقل منها
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن ابن
عمر قال: بعثنا رسول الله (ص) في سرية إلى نجد، قال: فأصبنا نعما كثيرة، قال: فنفلنا
صاحبنا الذي كان علينا بعيرا بعيرا، ثم قدمنا على رسول الله (ص) بما أصبنا، فكانت
سهماننا بعد الخمس اثني عشر بعيرا اثني عشر بعيرا، فكان لكل رجل منا ثلاثة عشر
بعيرا بالبعير الذي نفلنا صاحبنا، فما عاب رسول الله (ص) على صاحبنا ما حاسبنا به في
سهماننا.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله (ص) في سرية إلى نجد فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا، ونفلنا رسول الله (ص)
بعيرا بعيرا.
(3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج بن أرطاة عن مكحول عن زيد بن
جارية عن حبيب بن مسلمة قال: كان رسول الله (ص) ينفل من المغنم في بدايته الربع وفي
رجعته الثلث.

(31 / 1) لينبعث: ليخرج في هذا البعث.
518

(4) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي
ربيعة الزرقي عن سليمان بن موسى عن مكحول الشامي عن أبي سلام الأعرج عن أبي أمامة
الباهلي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله (ص) نفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث.
(5) حدثنا وكيع قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول عن زيد بن
جارية عن حبيب بن مسلمة قال: شهدت النبي (ص) نفل الثلث.
(6) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن
زيد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أن النبي (ص) نفل الثلث بعد الخمس.
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو قال: تذاكر أبو سلمة ويحيى بن عبد
الرحمن وعبد الملك بن المغيرة - وأنا معهم - الأنفال، فأرسلوا إلى سعيد بن المسيب يسألونه
عن ذلك، فجاء الرسول فقال: أبى أن يخبرني شيئا، قال: فأرسل سعيد غلامه فقال: إن
سعيدا يقول لكم: إنكم أرسلتم تسألونني عن الأنفال، وإنه لا نفل بعد رسول الله (ص).
(8) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول قال: حدثني الحجاج بن عبد الله النضري قال: النفل حق، نفل رسول الله (ص).
(33) غزوة خيبر
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن أبي جعفر عن قتادة عن أنس * (إنا فتحنا
لك فتحا مبينا) * قال خيبر.
(2) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أياس بن سلمة
قال: أخبرني أبي قال: بارز عمي يوم خيبر مرحبا اليهودي، فقال مرحب:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب.
فقال عمي عامر:
قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل معافر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، فرجع السيف على ساقه فقطع
أكحله، فكانت فيها نفسه، قال سلمة: فلقيت من صحابة النبي (ص) فقالوا: بطل عمل

(33 / 1) قال خيبر أي أنها نزلت في خيبر وليس في الحديبية.
519

عامر، قتل نفسه، قال سلمة: فجئت إلى النبي (ص) أبكي، قلت: يا رسول الله! بطل عمل
عامر، قال: (من قال ذلك) قلت: أناس من أصحابك، قال رسول الله (ص): كذب من
قال ذلك، بل له أجره مرتين، حين خرج إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب رسول الله
(ص)، وفيهم النبي عليه الصلاة والسلام، يسوق الركب وهو يقول:
تا الله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
إن الذين قد بغوا علينا * إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا * فثبت الاقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله (ص): (من هذا؟ قال: عامر يا رسول الله! قال: (غفر لك ربك)،
قال: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال:
يا رسول الله! لولا ما متعتنا بعامر! فقام فاستشهد، قال سلمة: ثم إن رسول الله (ص)
أرسلني إلى علي فقال: (لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله أو يحبه الله
ورسوله)، قال: فجئت به أقوده أرمد، قال: فبصق رسول الله (ص) في عينيه ثم أعطاه
الراية، فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندرة
فلق رأس مرحب بالسيف، وكان الفتح على يديه - رحمه الله.
(3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن
المسيب عن جبير بن مطعم قال: قسم رسول الله (ص) سهم ذوي القربى من خيبر على بني
هاشم وبني المطلب، قال: فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله
أهؤلاء إخوتك من بني هاشم، لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت
أخوتنا من بني المطلب أعطيتهم دوننا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب، فقال:
(إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام).

(33 / 2) حيدر من أسماء الأسد.
520

(4) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبي
(ص) كان لا يغير حتى يصبح فيستمع، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار،
قال: فأتى خيبر وقد خرجوا من حصونهم فتفرقوا في أرضيهم، معهم مكاتلهم وفؤوسهم،
فلما رأوه قالوا: محمد والخميس، فقال رسول الله (ص): (الله أكبر، خربت خيبر، إنا
إذا نزلنا بساحة قوم * (فساء صباح المنذرين) *) فقاتلهم حتى فتح الله عليه، فقسم
الغنائم فوقعت صفية في سهم دحية الكلبي، فقيل لرسول الله (ص): إنه قد وقعت جارية
جميلة في سهم دحية الكلبي، فاشتراها رسول الله (ص) بسبعة أرؤس، فبعث بها إلى أم سليم
تصلحها، قال: ولا أعلم إلا أنه قال: وتعتد عندها، فلما أراد الشخوص قال الناس: ما
ندري اتخذها سرية أم تزوجها؟ فلما ركب سترها وأردفها خلفه، فأقبلوا حتى إذا دنوا
من المدينة أوضعوا، وكذلك كانوا يصنعون إذا رجعوا، فدنوا من المدينة، فعثرت ناقة
رسول الله (ص) فسقط وسقطت، ونساء النبي (ص) ينظرن مشرفات، فقلن: أبعد الله
اليهودية وأسحقها، فسترها وحملها.
(5) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمرو بن سعيد عن أبي طلحة
قال: كنت ردف النبي (ص) يوم خيبر، فلما انتهينا وقد خرجوا بالمساحي، فلما رأونا
قالوا: محمد والله محمد والخميص، فقال رسول الله (ص): (الله أكبر، إنا إذا نزلنا بساحة
قوم * (فساء صباح المنذرين) *)
(6) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا داود بن أبي هند عن عامر أن النبي (ص)
أكرى خيبر بالشطر، ثم بعث ابن رواحة عند القسمة يخرصهم.
(7) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن عبد الله بن
بريدة الأنصاري الأسلمي عن أبيه قال: لما نزل رسول الله (ص) بحضرة خيبر فزع أهل
خيبر وقالوا: جاء محمد في أهل يثرب، قال: فبعث رسول الله (ص) عمر بن الخطاب
بالناس فلقي أهل خيبر، فردوه وكشفوه هو وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (ص) يجبن
أصحابه ويجبنه أصحابه، قال: فقال رسول الله (ص): (لأعطين اللواء غدا رجلا يحب

(33 / 4) * (فساء صباح المنذرين) * سورة الصافات من الآية (177).
(33 / 6) أكرى خيبر: زارعها.
بالشطر: على أن له نصف نتاجها ولهم النصف.
يخرصهم: يحرز حمل النخل ويخمن كميته.
521

الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) قال: فلما كان الغد تصادر لها أبو بكر وعمر قال: فدعا
عليا وهو يومئذ أرمد، فتفل في عينه وأعطاه اللواء، قال: فانطلق بالناس، قال: فلقي
أهل خيبر ولقي مرحبا الخيبري وإذا هو يرتجز ويقول:
قد عملت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب * أطعن أحيانا وحينا أضرب
قال: فالتقى هو وعلي فضربه ضربة على هامته بالسيف، عض السيف منها
بالأضراس، وسمع صوت ضربته أهل العسكر، قال: فما تتام آخر الناس حتى فتح
لأولهم.
(8) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نضرة عن
أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله (ص) من مكة إلى خيبر في ثنتي عشرة بقيت من
رمضان، فصام طائفة من أصحاب رسول الله (ص) وأفطر آخرون فلم يعب ذلك.
(9) حدثنا وكيع عن المسعودي عن الحكم أن رسول الله (ص) قسم لجعفر وأصحابه
يوم خيبر ولم يشهدوا الوقعة.
(10) حدثنا شاذان قال حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال عمر: إن رسول الله (ص) قال: (لأدفعن اللواء غدا إلى رجل يحب الله
ورسوله، يفتح الله به)، قال عمر: ما تمنيت الامرة إلا يومئذ، فلما كان الغد تطاولت
لها، قال: فقال: (يا علي! قم اذهب فقاتل ولا تلفت حتى يفتح الله عليك)، فلما قفى
كره أن يلتفت، فقال: يا رسول الله! علام أقاتلهم؟ قال: (حتى يقولوا: لا إله إلا الله،
فإذا قالوها حرمت دماءهم وأموالهم إلا بحقها).
(11) حدثنا علي بن هاشم قال حدثنا ابن أبي ليلى عن المنهال والحكم وعيسى عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال علي: ما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر؟ قلت: بلى والله،
لقد كنت معكم، قال: فإن رسول الله (ص) بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع
إليه، وبعث عمر فانهزم بالناس حتى انتهى إليه، فقال رسول الله (ص): (لأعطين الراية
رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله له ليس بفرار)، قال: فأرسل
إلى فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئا، فدفع إلي الراية، فقلت يا رسول الله! كيف

(33 / 7) تصادر: وقف في صدر الصف أي في مقدمته ليكون هو المختار لقيادة الحملة.
522

وأنا أرمد لا أبصر شيئا، قال: فتفل في عيني، ثم قال: (اللهم! اكفه الحر والبرد)، قال:
فما آذاني بعد حر ولا برد.
(12) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي مرزوق مولى تجيب قال: غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري نحو المغرب، ففتحنا
قرية يقال لها جربة قال: فقام فينا خطيبا فقال: إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت رسول
الله (ص) قال فينا يوم خيبر: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع
غيره، ولا يبيعن مغنما حتى يقسم، ولا يركبن دابة من فئ المسلمين، فإذا أعجفها
ردها فيه، ولا يلبس ثوبا حتى إذا أخلفه رده).
(13) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني سماك الحنفي
أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم
خيبر أقبل نفر من أصحاب رسول الله (ص) قالوا: فلان شهيد، حتى مروا على رجل
فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله (ص): (كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو
في عباءة غلها)، ثم قال رسول الله (ص): (يا ابن الخطاب! اذهب فناد في الناس أنه
لا يدخل الجنة إلا المؤمنون).
(14) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا رافع بن سلمة الأشجعي قال حدثني حشرج
ابن زياد الأشجعي عن جدته أم أبيه أنها غزت مع رسول الله (ص) عام خيبر سادسة ست
نسوة، فبلغ رسول الله (ص) فبعث إلينا، فقال: (بأمر من خرجتن؟ ورأينا فيه الغضب،
فقلنا: يا رسول الله! خرجنا ومعنا دواء نداوي به، ونناول السهام، ونسقي السويق،
ونغزل الشعر، نعين به في سبيل الله، فقال لنا: أقمن)، فلما أن فتح الله عليه خيبر قسم لنا
كما قسم للرجال.
(15) حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن زيد قال حدثني عمير مولى أبي اللحم
قال: شهدت خيبر وأنا عبد مملوك، فلما فتحوها أعطاني رسول الله (ص) سيفا فقال:
(تقلد هذا)، وأعطاني من خرثي المتاع، ولم يضرب لي بسهم.
(16) حدثنا حفص بن غياث عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى

(33 / 12) جربة: مدينة في طرف تونس عند البحر والحديث سبق ذكره وشرحه في كتاب الجهاد.
(33 / 15) خرثي المتاع: سقط المتاع أردأه وأقله قيمة.
523

قال: قدمنا على رسول الله (ص) بعد فتح خيبر بثلاث، فقسم لنا ولم يقسم لاحد لم يشهد
الفتح غيرنا.
(17) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك
قال: لما كان يوم خيبر ذبح الناس الحمر فأغلوا بها القدور، فأمر رسول الله (ص) أبا
طلحة فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس، فكفئت
القدور.
(18) حدثنا أبو داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل قال:
سمعته يقول: دلي جراب من شحم يوم خيبر، قال: فالتزمته، وقلت: هذا لا أعطي أحدا
منه شيئا، قال: فالتفت فإذا النبي (ص) يتبسم، فاستحييت.
(19) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن ضمرة
الفزاري عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه أبي سليط - وكان بدريا - قال: لقد أتانا نهي
رسول الله (ص) عن أكل الحمر، وإن القدور لتغلي بها، قال: فكفأناها على وجوهها.
(20) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا القاسم
ومكحول عن أبي أمامة أن رسول الله (ص) نهى يوم خيبر عن أكل الحمار الأهلي، وعن
كل ذي ناب من السباع، وأن توطأ الحبالى حتى يضعن وعن أن تباع السهام حتى تقسم،
وأن تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها، ولعن يومئذ الواصلة والموصولة والواشمة والموشومة
والخامشة وجهها والشاقة جيبها.
(21) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال: لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة، وأخذوا الحمر
الانسية، فذبحوها وملأوا منها القدور، فبلغ ذلك نبي الله (ص)، قال جابر: فأمرنا
رسول الله (ص) فكفأنا القدور، وقال: (إن الله سيأتيكم برزق هو أحل من ذا وأطيب)،
فكفأنا القدور يومئذ وهي تغلي، فحرم رسول الله (ص) يومئذ لحوم الحمر الانسية ولحوم

(33 / 17) الحمر: الحمير الأهلية.
السهام: الحصص من المغنم.
الواصلة: التي تصل شعر النساء بشعر مستعار.
الموصولة: التي تطلب من الواصلة أن توصل لها خصلا بشعرها.
الشاقة جيبها: التي تشق ثوبها من عند الصدر عند المصيبة وعند موت عزيز.
524

البغال، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وحرم المجثمة والخلسة
والنهبة.
(22) حدثنا عبيد الله قال حدثنا نعيم بن حكيم عن أبي مريم عن علي قال: سار
رسول الله (ص) إلى خيبر، فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم أو إلى قصرهم،
فقاتلوهم فلم يلبثوا أن انهزم عمر وأصحابه، فجاء يجبنهم ويجبنونه، فساء ذلك رسول الله
(ص) فقال: (لأبعثن إليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يقاتلهم حتى
يفتح الله له، ليس بفرار، فتطاول الناس لها، ومدوا أعناقهم يرونه أنفسهم رجاء ما قال،
فمكث ساعة ثم قال: أين علي؟ فقالوا: هو أرمد، فقال: ادعوه لي)، فلما أتيته فتح
عيني ثم تفل فيهما ثم أعطاني اللواء فانطلقت به سعيا خشية أن يحدث رسول الله (ص) فيهم
حدثا أوفي، حتى أتيتهم فقاتلتهم، فبرز مرحب يرتجز، وبرزت له أرتجز كما يرتجز حتى
التقينا، فقتله الله بيدي، وانهزم أصحابه فتحصنوا وأغلقوا الباب، فأتينا الباب، فلم أزل
أعالجه حتى فتحه الله.
(23) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أبو منين عن أبي حازم عن أبي هريرة قال:
قال نبي الله (ص): (لأدفعن اليوم الراية إلى رجل يحبه الله ورسوله، فتطاول القوم
فقال: أين علي؟) فقالوا: يشتكي عينه، فدعاه فبزق في كفيه ومسح بهما عين علي، ثم دفع إليه الراية، ففتح الله عليه يومئذ.
(24) حدثنا ابن إدريس عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت
عمر يقول: لولا أن يترك آخر الناس لا شئ لهم ما افتتح المسلمون قرية من قرى الكفار
إلا قسمتها بينهم سهمانا، كما قسم رسول الله (ص) خيبر سهمانا، ولكني أردت أن تكون
جرية تجري على المسلمين، وكرهت أن يترك آخر الناس لا شئ له.

(33 / 21) المجثمة: كل حيوان ينصب ويرمى ويتخذ هدفا للرماية حتى يقتل أو الشاة التي ترمى بالحجارة
حتى تموت ثم تؤكل.
الخلسة: ما يؤخذ سلبا ومكابرة وهي الاسم من الاختلاس، وإن كانت وهو الأرجح بمعنى
الخليسة فهي فريسة السبع تستخلص منه فتموت قبل أن تذكى ونرجح أن هذا هو المعنى المقصود
لان الموضع موضع تحريم أنواع من الطعام.
النهبة الاسم من النهب والانتهاب إلا أننا نرجح هنا أيضا كما في الكلمة السابقة أن يكون المعنى
لنوع من الطعام فيكون الاشتقاق من نهب بمعنى نهب الكلب: إذا عض الكلب الانسان بعرقوبه
فاقتطع بعضته قطعة من لحم المعضوض. فيكون المقصود اقتطاع قطعة من لحم حيوان قبل أن يتم
ذبح أو وهو حي.
525

(25) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس
قال: سبى رجل امرأة يوم خيبر، فحملها خلفه فنازعته قائم سيفه، فقتلها، فأبصرها
رسول الله (ص) فقال: (من قتل هذه؟) فأخبروه، فنهى عن قتل النساء.
(26) حدثنا عبد الرحيم عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن
مالك أن رسول الله (ص) نهى النفر الذين بعثوا إلى ابن أبي الحقيق بخيبر ليقتلوه، فنهاهم
عن قتل النساء والولدان.
(34) حديث فتح مكة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا
ثابت البناني عن عبد الله بن رباح قال: وفدت وفود إلى معاوية وفينا أبو هريرة، وذلك
في رمضان فجعل بعضنا يصنع لبعض الطعام، قال: فكان أبو هريرة ممن يصنع لنا فيكثر
فيدعونا إلى رحله، قال: قلت: ألا أصنع لأصحابنا فأدعوهم إلى رحلي! قال: فأمرت
بطعام يصنع ولقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة، قال: أسبقتني؟
قال: قلت: نعم، قال: فدعوتهم فهم عندي، قال: قال أبو هريرة: ألا أعللكم بحديث من
حديثكم يا معشر الأنصار، قال: ثم ذكر فتح مكة، قال: أقبل رسول الله (ص) حتى
دخل مكة، وبعث الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين، وبعث خالد بن الوليد على
المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر، فأخذوا بطن الوادي، قال: ورسول الله
(ص) في كتيبة، قال: فناداني، قال: (يا أبا هريرة! قلت: لبيك يا رسول الله، قال:
اهتف لي بالأنصار، ولا يأتني إلا أنصاري، قال: فهتفت بهم، قال فجاؤوا حتى أطافوا
به، قال: وقد ولشت قريش أوباشاها وأتباعا، قالوا: فإن تقدم هؤلاء كان لهم شركنا
معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا، فقال رسول الله (ص) للأنصار حين أطافوا به:
أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم، ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى، احصدوهم، ثم
ضرب سليمان بحرف كفه اليمنى على بطن كفه اليسرى: احصدوهم، ثم ضرب سليمان
بحرف كفه اليمنى على بطن كفه اليسرى: احصدوهم حصدا حتى توافوا بالصفا، قال:
فانطلقنا فما أحد منا يشاء أن يقتل منهم أحدا إلا قتله، وأما أحد منهم يوجه إلينا شيئا،
فقال أبو سفيان: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش بعد هذا اليوم، قال: قال رسول
الله (ص): (من أغلق بابه فهو آمن)، قال: فغلق الناس أبوابهم، قال: فأقبل رسول الله
526

(ص) حتى استلم الحجر وطاف بالبيت، فأتى على صنم إلى جنب البيت يعبدونه، وفي يده
قوس وهو آخذ بسية القوس، فجعل يطعن بها في عينه ويقول:
* (جاء الحق وزهق الباطل) *
حتى إذا فرغ من طوافه أتى الصفا فعلاها حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه وجعل
يحمد الله ويذكره ويدعو بما شاء أن يدعو، قال: والأنصار تحته، قال: يقول الأنصار
بعضها لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته، قال: قال أبو هريرة:
وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لم يخف علينا، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى
رسول الله (ص) حتى يقضي، فلما قضي الوحي قال رسول الله (ص): (يا معشر الأنصار!
قالوا لبيك يا رسول الله، قال: (قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة
بعشيرته، قالوا: قد قلنا ذلك يا رسول الله قال: (فما أسمى إذا كلا إني عبد الله
ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، المحيا محياكم والممات مماتكم، قال: فأقبلوا إليه
يبكون، يقولون: والله يا رسول الله، ما قلنا الذي قلنا إلا للضن بالله وبرسوله، قال:
(فإن الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم).
(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد
الرحمن بن حاطب قالا: كانت بين رسول الله (ص) وبين المشركين هدنة، فكان بين بني
كعب وبين بني بكر قتال بمكة، فقدم صريخ بني كعب على رسول الله (ص)، فقال:
الله إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا
فانصر هداك الله نصرا عتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا
فمرت سحابة فرعدت فقال رسول الله (ص) إن هذه لترعد بنصر بني كعب، ثم قال
لعائشة: جهزيني ولا تعلمن بذلك أحدا، فدخل عليها أبو بكر فأنكر بعض شأنها،
فقال: ما هذا؟ قالت: أمرني رسول الله (ص) أن أجهزه، قال: إلى أين؟ قالت: إلى
مكة، قال: فوالله ما انقضت الهدنة بيننا وبينهم بعد، فجاء أبو بكر إلى رسول الله (ص)
فذكر له، فقال النبي (ص): (إنهم أول من غدر) ثم أمر بالطريق فحبست، ثم خرج
وخرج المسلمون معه، فغم لأهل مكة لا يأتيهم خبر، فقال أبو سفيان لحكيم بن حزام:
أي حكيم! والله لقد غمنا واغتممنا، فهل لك أن تركب ما بيننا وبين مر، لعلنا أن نلقى
خبرا، فقال له بديل بن ورقاء الكعبي من خزاعة: وأنا معكم، قالا: وأنت إن شئت،
قال: فركبوا حتى إذا دنوا من ثنية مرو أظلموا فأشرفوا على الثنية، فإذا النيران قد

(34 / 1) * (جاء الحق وزهق الباطل) * سورة الإسراء من الآية (81).
527

أخذت الوادي كله، قال أبو سفيان الحكيم ما هذه النيران؟ قال بديل بن ورقاء: هذه
نيران بني عمرو، جوعتها الحرب، قال أبو سفيان: لا وأبيك لبنو عمرو أذل وأقل من
هؤلاء، فتكشف عنهم الأراك، فأخذهم حرس رسول الله (ص) نفر من الأنصار، وكان
عمر بن الخطاب تلك الليلة على الحرس، فجاؤوا بهم إليه، فقالوا: جئناك بنفر أخذناهم
من أهل مكة، فقال عمر وهو يضحك إليهم: والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم،
قالوا: قد والله أتيناك بأبي سفيان، فقال: احبسوه، فحبسوه حتى أصبح، فغدى به على
رسول الله (ص) فقيل له: بايع، فقال: لا أجد إلا ذاك أو شرا منه، فبايع، ثم قيل لحكيم
ابن حزام: بايع، فقال: أبايعك ولا أخر إلا قاوما، قال: قال رسول الله (ص): (أما من
قبلنا فلن تخر إلا قائما)، فلما ولوا قال أبو بكر: أي رسول الله! إن أبا سفيان رجل
يحب السماع - يعني الشرف، فقال رسول الله (ص): (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن
إلا ابن خطل، ومقيس بن صبابة الليثي، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، والقينتين،
فإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة فاقتلوهم)، قال: فما ولوا قال أبو بكر: يا
رسول الله (ص)! لو أمرت بأبي سفيان فحبس على الطريق وأذن في الناس بالرحيل،
فأدركه العباس فقال: هل لك إلى أن تجلس حتى تنظر؟ قال: بلى، ولم يكن ذلك إلا أن
يرى ضعفة فيتناولهم، فمرت جهينة فقال: أي عباس! من هؤلاء؟ قال: هذه جهينة،
قال: ما لي ولجهينة، والله ما كانت بيني وبينهم حرب قط، ثم مرت مزينة فقال: أي
عباس! من هؤلاء؟ قال: هذه مزينة، قال: ما لي ولمزينة، والله ما كانت بيني وبينهم حرب
قط، ثم مرت سليم فقال: أي عباس! من هؤلاء؟ قال: هذه سليم، قال: ثم جعلت تمر
طوائف العرب فمرت عليه أسلم وغفار فيسأل عنها فيخبره العباس، حتى مر رسول الله
(ص) في أخريات الناس في المهاجرين الأولين والأنصار في لامة تلتمع البصر، فقال: أي
عباس! من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله (ص) في المهاجرين الأولين والأنصار قال: لقد
أصبح ابن أخيك عظيم الملك، قال: لا والله، ما هو بملك، ولكنها النبوة، وكانوا عشرة
آلاف أو اثني عشر ألفا، قال: ودفع رسول الله (ص) الراية إلى سعد بن عبادة، فدفعها
سعد إلى ابنه قيس بن سعد، وركب أبو سفيان فسبق الناس حتى اطلع عليهم من الثنية،
قال له أهل مكة: ما وراءك؟ قال: ورائي الدهم، ورائي ما لا قبل لكم به، ورائي من لم
أر مثله، من دخل داري فهو آمن، فجعل الناس يقتحمون داره، وقدم رسول الله (ص)
فوقف بالحجون بأعلى مكة، وبعث الزبير بن العوام في الخيل في أعلى الوادي، وبعث خالد
ابن الوليد في الخيل في أسفل الوادي، وقال رسول الله (ص): (إنك لخير أرض الله
528

وأحب أرض الله إلى الله، إني والله لو لم أخرج منك ما خرجت، وإنها لم تحل
لاحد كان قبلي، ولا تحل لاحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من النهار، وهي
ساعتي هذه، حرام لا يعضد شجرها، ولا يحتش حشيشها ولا يلتقط ضالتها إلا منشد)
فقال له رجل يقال له شاه، والناس يقولون: قال له العباس: يا رسول الله! إلا الإذخر
فإنه لبيوتنا وقبورنا وقيوننا أو لقيوننا وقبورنا، فأما ابن خطل فوجد متعلقا بأستار
الكعبة فقتل، وأما مقيس بن صبابة فوجدوه بين الصفا والمروة فبادره نفر من بني كعب
ليقتلوه، فقال ابن عمه نميلة: خلوا عنه، فوالله لا يدنو منه رجل إلا ضربته بسيفي هذا
حتى يبرد، فتأخروا عنه فحمل عليه بسيفه ففلق به هامته، وكره أن يفخر عليه أحد، ثم
طاف رسول الله (ص) بالبيت، ثم دخل عثمان بن طلحة فقال: (أي عثمان، أين
المفتاح)؟ فقال هو عند أمي سلامة ابنة سعد، فأرسل إليها رسول الله (ص) فقالت: لا
واللات والعزى! لا أدفعه إليه أبدا، قال: إنه قد جاء أمر غير الامر الذي كنا عليه، فإنك
إن لم تفعلي قتلت أنا وأخي، قال: فدفعته إليه، قال: فأقبل به حتى إذا كان وجاه رسول
الله (ص) قتلت أنا وأخي، قال: فدفعته إليه، قال: فأقبل به حتى إذا كان وجاه رسول
الله (ص) عثر فسقط المفتاح منه، فقام إليه رسول الله (ص) فأحنى عليه ثوبه، ثم فتح له
عثمان فدخل رسول الله (ص) الكعبة فكبر في زواياها وأرجائها، وحمد الله، ثم صلى بين
الأسطوانتين ركعتين، ثم خرج فقام بين البابين، فقال علي: فتطاولت لها ورجوت أن يدفع
إلينا المفتاح، فتكون فينا السقاية والحجابة، فقال رسول الله (ص): (أين عثمان! هاكم
ما أعطاكم الله)، فدفع إليه المفتاح، ثم رقى بلال على ظهر الكعبة فأذن، فقال خالد بن
أسيد: ما هذا الصوت؟ قالوا: بلال بن رباح، قال: عبد أبي بكر الحبشي، قالوا: نعم،
قال: أين؟ قالوا: على ظهر الكعبة، قال: على مرقبة بني أبي طلحة؟ قالوا: نعم، قال: ما
يقول قالوا: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، قال: لقد
أكرم الله أبا خالد عن أن يسمع هذا الصوت - يعني أباه، وكان ممن قتل يوم بدر في
المشركين وخرج رسول الله (ص) إلى حنين، وجمعت له هوازم بحنين، فاقتتلوا، فهزم
أصحاب رسول الله (ص)، قال الله: * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن
عنكم شيئا) * الآية، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، فنزل رسول الله (ص)
عن دابته فقال: (اللهم إنك إن شئت لم تعبد بعد اليوم، شاهت الوجوه)، ثم رماهم
بحصاء كانت في يده، فولوا مدبرين، فأخذ رسول الله (ص) السبي والأموال فقال لهم:
(إن شئتم فالفداء، وإن شئتم فالسبي). قالوا: لن نؤثر اليوم على الحسب شيئا، فقال

(34 / 2) * (ويوم حنين إذ أعجبتكم) * سورة التوبة من الآية (25).
529

رسول الله (ص): (إذا خرجت فاسألوني فإني سأعطيكم الذي لي، ولن يتعذر علي
أحد من المسلمين، فلما خرج رسول الله (ص) صاحوا إليه، فقال أما الذي لي فقد
أعطيتكموه، وقال المسلمون مثل ذلك إلا عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فإنه قال:
أما الذي لي فإني لا أعطيه، قال: أنت على حقك من ذلك، قال: فصارت له يومئذ
عجوز عوراء، ثم حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف قريبا من شهر، فقال عمر بن
الخطاب: أي رسول الله (ص)! دعني أدخل عليهم فأدعوهم إلى الله، قال: إنهم إذا
قاتلوك، فدخل عليهم عروة فدعاهم إلى الله فرماه رجل من بني مالك بسهم فقتله، فقال
رسول الله (ص): (مثله في قومه مثل صاحب ياسين)، وقال رسول الله (ص): (خذوا
مواشيهم وضيقوا عليهم)، ثم أقبل رسول الله (ص) راجعا حتى إذا كان بنخلة جعل
الناس يسألونه، قال أنس: حتى انتزعوا رداءه عن ظهره، فأبدوا عن مثله فلقة القمر،
فقال: ردوا علي ردائي، لا أبا لكم، أتبخلونني فوالله أن لو كان ما بينهما إبلا وغنما
لأعطيتكموه، فأعطى المؤلفة يومئذ مائة مائة من الإبل، وأعطى الناس، فقالت الأنصار
عند ذلك، فدعاهم رسول الله (ص) فقال: (قلتم كذا وكذا، ألم أجدكم ضلالا
فهداكم الله بي)، قالوا: بلى، قال: ألم أجدكم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي، قالوا:
بلى قال: (أما إنكم لو شئتم قلتم: قد جئتنا مخذولا فنصرناك، قالوا: الله ورسوله
آمن، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا طريدا آويناك، قالوا: الله ورسوله آمن،
ولو شئتم لقلتم: جئتنا عائلا فآسيناك، قالوا: الله ورسوله آمن، قال: أفلا
ترضون أن ينقلب الناس بالشاء والبعير، وتنقلبون برسول الله إلى دياركم، قالوا:
بلى، فقال رسول الله (ص): (الناس دثار، والأنصار شعار)، وجعل على المقاسم عباد بن
وقش أخا بني عبد الأشهل، فجاء رجل من أسلم عاريا ليس عليه ثوب، فقال: اكسني من
هذه البرود بردة، قال: إنما هي مقاسم المسلمين، ولا يحل لي أن أعطيك منها شيئا، فقال
قومه: اكسه منها بردة، فإن تكلم فيها أحد فهي من قسمنا وأعطياتنا، فأعطاه بردة، فبلغ
ذلك رسول الله (ص) فقال: (ما كنت أخشى هذا عليه، ما كنت أخشاكم عليه، فقال:
يا رسول الله! ما أعطيته إياها حتى قال قومه: إن تكلم فيها أحد فهي من قسمنا
وأعطياتنا، فقال: جزاكم الله خيرا، جزاكم الله خيرا).
(3) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي السواد عن ابن أسباط أن النبي
(ص) ناول عثمان بن طلحة المفتاح من وراء الثوب.

(34 / 3) من وراء الباب: أي من وراء باب الكعبة بعد أن فتحه ودخل.
530

(4) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: لما
وادع رسول الله (ص) أهل مكة، وكانت خزاعة حلفاء رسول الله (ص) في الجاهلية،
وكانت بنو بكر حلفاء قريش، فدخلت خزاعة في صلح رسول الله (ص)، ودخلت بنو
بكر في صلح قريش، فكان بين خزاعة وبين بني بكر قتال، فأمدتهم قريش بسلاح
وطعام، وظللوا عليهم، فظهرت بنو بكر على خزاعة، وقتلوا منهم، فخافت قريش أن
يكونوا نقضوا فقالوا لأبي سفيان: اذهب إلى محمد فأجر الحلف وأصلح بين الناس فانطلق أبو سفيان حتى قدم المدينة، فقال رسول الله (ص): (قد جاءكم أبو سفيان،
وسيرجع راضيا بغير حاجته)، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر! أجر الحلف وأصلح بين
الناس، أو قال: بين قومك، قال: ليس الامر إلي، الامر إلى الله وإلى رسوله، قال: وقد
قال له فيما قال: ليس من قوم ظللوا على قوم وأمدوهم بسلاح وطعام أن يكونوا نقضوا،
فقال أبو بكر: الامر إلى الله وإلى رسوله، ثم أتى عمر بن الخطاب فقال له نحوا مما قال
لأبي بكر، قال: فقال له عمر: أنقضتم فما كان منه جديدا فأبلاه الله، وما كان منه
شديدا أو متينا فقطعه الله، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم شاهد عشيرة، ثم أتى
فاطمة فقال: يا فاطمة! هل لك في أمر تسودين فيه نساء قومك، ثم ذكر لها نحوا مما ذكر
لأبي بكر فقالت: ليس الامر إلي، الامر إلى الله وإلى رسوله، ثم أتى عليا فقال له نحوا مما
قال لأبي بكر، فقال له علي: ما رأيت كاليوم رجلا أضل، أنت سيد الناس، فأجر
الحلف وأصلح بين الناس، قال: فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال: قد أجرت
الناس بعضهم من بعض، ثم ذهب حتى قدم على مكة فأخبرهم بما صنع، فقالوا: والله ما
رأينا كاليوم وافد قوم، والله ما أتيتنا بحرب فنحدر، ولا أتيتنا بصلح فنأمن، ارجع،
قال: وقدم وافد خزاعة على رسول الله (ص) فأخبره بما صنع القوم ودعا إلى النصرة،
وأنشده في ذلك شعرا:
لا هم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا
ووالدا كنت وكنا ولدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكد * وجعلوا لي بكداء مرصدا
وزعمت أن لست أدعو أحدا * فهم أذل وأقل عددا
وهم أتونا بالوتير هجدا * تتلو القرآن ركعا وسجدا
ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا * فانصر رسول الله نصرا أعتدا
وابعث جنود الله تأتي مددا * في فيلق كالبحر يأتي مزبدا
531

فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا
قال حماد هذا الشعر بعضه عن أيوب، وبعضه عن يزيد بن حازم وأكثره عن محمد بن
إسحاق، ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال: قال حسان بن ثابت:
أتاني ولم أشهد ببطحاء مكة * رحال بني كعب تحز رقابا
وصفوان عود حز من ودق استه * فذاك أوان الحرب شد عصابها
فلا تجزعن يا ابن أم مجالد * فقد صرحت صرفا وعصل نابها
فيا ليت شعري هل ينالن مرة * سهيل بن عمرو حوبها وعقابها
قال: فأمر رسول الله (ص) بالرحيل فارتحلوا، فساروا حتى نزلوا مرا، قال: وجاء أبو
سفيان حتى نزل مرا ليلا، قال: فرأى العسكر والنيران فقال: من هؤلاء؟ فقيل: هذه تميم
محلت بلادها وانتجعت بلادكم، قال: والله لهؤلاء أكثر من أهل منى، فلما علم أنه النبي
(ص) قال: دلوني على العباس، فأتى العباس فأخبره الخبر، وذهب به إلى رسول الله (ص)،
ورسول الله (ص) في قبة له، فقال له: (يا أبا سفيان! أسلم تسلم)، فقال: كيف أصنع
باللات والعزى؟ قال أيوب: فحدثني أبو الخيل عن سعيد بن جبير، قال: قال له عمر بن
الخطاب وهو خارج من القبة في عنقه السيف: إخر عليها، أما والله أن لو كنت خارجا
من القبة ما قلتها أبدا، قال: قال أبو سفيان: من هذا؟ قالوا: عمر بن الخطاب، ثم رجع
إلى حديث أيوب عن عكرمة، فأسلم أبو سفيان وذهب به العباس إلى منزله، فلما أصبحوا
ثار الناس لطهورهم، قال: فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل! ما للناس أمروا بشئ؟ قال:
لا، ولكنهم قاموا إلى الصلاة، قال: فأمره العباس فتوضأ ثم ذهب به إلى رسول الله
(ص)، فلما دخل رسول الله (ص) كبر، فكبر الناس ثم ركع فركعوا ثم رفع فرفعوا، فقال
أبو سفيان: [ما] رأيت كاليوم طاعة قوم جمعهم من ههنا وههنا، ولا فارس ولا الروم
وذات القرون بأطوع منهم له، قال حماد: وزعم يزيد بن حازم عن عكرمة أن أبا سفيان
قال: يا أبا الفضل أصبح ابن أخيك والله عظيم الملك، قال: فقال له العباس: إنه ليس
بملك ولكنها النبوة، قال: أو ذاك؟ أو ذاك؟ ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال: قال
أبو سفيان: واصباح قريش، قال: فقال العباس: يا رسول الله! لو أذنت لي فأتيتهم فدعوتهم
فأمنتهم، وجعلت لأبي سفيان شيئا يذكر به، فانطلق العباس فركب بغلة رسول الله (ص)
الشهباء، وانطلق، فقال رسول الله (ص): (ردوا علي أبي، ردوا على أبي، فإن عم
الرجل صنو أبيه، إني أخاف أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود،
532

دعاهم إلى الله فقتلوه، أما والله لئن ركبوها منه لأضرمنها عليهم نارا)، فانطلق
العباس حتى قدم مكة، فقال: يا أهل مكة! أسلموا تسلموا، قد استبطنتم بأشهب باذل،
وقد كان رسول الله (ص) بعث الزبير من قبل أعلى مكة، وبعث خالد بن الوليد من قبل
أسفل مكة، فقال لهم العباس: هذا الزبير من قبل أعلى مكة، وهذا خالد من قبل أسفل
مكة، وخالد ما خالد؟ وخزاعة المجدعة الأنوف ثم قال: من ألقى سلاحه فهو آمن، ثم
قدم رسول الله (ص) فتراموا بشئ من النبل، ثم إن رسول الله (ص) ظهر عليهم فأمن
الناس إلا خزاعة من بني بكر، فذكر أربعة: مقيس بن صبابة، وعبد الله بن أبي سرح،
وابن خطل، وسارة مولاة بني هاشم، قال حماد: سارة - في حديث أيوب، وفي حديث
غيره: قال: فقتلهم خزاعة إلى نصف النهار، وأنزل الله * (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم
وهموا باخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن
كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور
قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم) * قال خزاعة: * (ويتوب الله على من يشاء) *.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة قال: كنت مع أبي
إسحاق فيما بين مكة والمدينة فسايرنا رجل من خزاعة، فقال له أبو إسحاق: كيف قال
رسول الله (ص): لقد رعدت هذه السحابة بنصر بني كعب، فقال الخزاعي: لقد وصلت
بنصر بني كعب. ثم أخرج إلينا رسالة رسول الله (ص) إلى خزاعة، وكتبتها يومئذ كان
فيها (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى بديل وبسر وسروات بني عمرو، فإني
أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد ذلكم فإني لم أثم بالكم ولم أضع في جنبكم،
وإن أكرم أهل تهامة علي أنتم وأقربه رحما ومن تبعكم ومن المطيبين، وإني قد أخذت لمن
هاجر منكم مثل ما أخذت لنفسي، ولو هاجر بأرضه غير ساكن مكة إلا معتمرا أو
حاجا، وإني لم أضع فيكم إن أسلمتم وإنكم غير خائبين من قبلي ولا محصرين، أما بعد
فإنه قد أسلم علقمة بن علاثة وابنا هوذة وبايعا وهاجرا على من اتبعهما من عكرمة، أخذ
لمن تبعه مثل ما أخذ لنفسه، وإن بعضا من بعض في الحلال والحرام، وإني والله ما
كذبتكم وليحيكم ربكم) قال: وبلغني عن الزهري قال: هؤلاء خزاعة، وهم من أهلي،
قال: فكتب إليهم النبي (ص) وهم يومئذ نزول بين عرفات ومكة، لم يسلموا حيث كتب
إليهم، وقد كانوا حلفاء النبي (ص).

(34 / 4) سورة التوبة الآيات من (13 - 15).
533

(6) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده أن النبي (ص) قال يوم فتح مكة: (كفوا السلاح إلا خزاعة من بني بكر،
فأذن لهم حتى صلوا العصر، ثم قال لهم: كفوا السلاح) فلقي من الغد رجل من خزاعة
رجلا من بني بكر، فقتله بالمزدلفة فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقام خطيبا فقال: (إن
أعدى الناس على الله من قتل في الحرم، ومن قتل غير قاتله، ومن قتل بذحول
الجاهلية).
(7) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا المغير [ة] بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال:
دخلنا مع النبي (ص) مكة في البيت وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما تعبد من دون الله،
قال: فأمر بها رسول الله (ص) فكبت كلها لوجوهها، ثم قال * (جاء الحق وزهق الباطل
إن الباطل كان زهوقا) * ثم دخل رسول الله (ص) البيت فصلى فيه ركعتين، فرأى فيه
تمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد جعلوا في يد إبراهيم الأزلام يستقسم بها، فقال
رسول الله (ص): قاتلهم الله، ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام)، ثم دعا رسول الله
(ص) بزعفران فلطخه بتلك التماثيل.
(8) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال:
دخل النبي (ص) مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود كان في يده
ويقول: * (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) * * (جاء الحق وما يبدئ
الباطل وما يعيد) *.
(9)
حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا نعيم بن حكيم قال حدثني أبو مريم عن علي
قال: انطلق بي رسول الله (ص) حتى أتى بي الكعبة، فقال: اجلس، فجلست إلى جنب
الكعبة، وصعد رسول الله (ص) على منكبي، ثم قال لي: إنهض بي، فنهضت به، فلما رأى
ضعفي تحته قال: اجلس، فجلست فنزل عني وجلس لي فقال: يا علي، اصعد على
منكبي، فصعدت على منكبه، ثم نهض بي رسول الله (ص)، فلما نهض بي خيل إلي أني لو
شئت نلت أفق السماء، فصعدت على الكعبة، وتنحى رسول الله (ص) فقال لي: (ألق
صنمهم) لأكبر صنم قريش، وكان من نحاس، وكان موتودا بأوتاد من حديد في الأرض،

(34 / 6) ذهول الجاهلية: ثاراتها.
(34 / 7) سورة الإسراء الآية (81).
(34 / 8) * (جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) * سورة سبأ الآية (49).
(34 / 9) في الأصل [مضنم].
534

فقال لي رسول الله (ص): (عالجه) فجعلت أعالجه ورسول الله (ص): يقول: إيه، فلم أزل
أعالجه حتى استمكنت منه، فقال: اقذفه فقذفته ونزلت.
(10) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن
النبي (ص) قدم يوم الفتح وصورة إبراهيم وإسماعيل في البيت، وفي أيديها القداح، فقال
رسول الله (ص): (ما لإبراهيم وللقداح، والله ما استقسم بها قط)، ثم أمر بثوب فبل
ومحى به صورهما.
(11) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الخليل عن
مجاهد أن النبي (ص) قدم يوم الفتح والأنصاب بين الركن والمقام، فجعل يكفئها
لوجوهها، ثم قام رسول الله (ص) خطيبا فقال: (ألا إن مكة حرام أبدا إلى يوم
القيامة، لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي، غير أنها أحلت لي ساعة من النهار، لا
يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط لقطتها إلا أن تعرف،
فقام العباس فقال: يا رسول الله (ص)! إلا الإذخر لصناعتنا وبيوتنا وقبورنا، فقال: إلا
الإذخر إلا الإذخر).
(12) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن مهران
عن عمير مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد قال: دخلت مع النبي (ص) الكعبة، فرأى في
البيت صورة فأمرني فأتيته بدلو من ماء، فجعل يضرب تلك الصورة ويقول: (قاتل الله
قوما يصورون ما لا يخلقون).
(13) حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي عن الحارث بن مالك بن
برصاء قال: قال رسول الله (ص) يوم فتح مكة: (لا تغزى بعد اليوم إلى يوم القيامة).
(14) حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن مطيع عن
أبيه قال: قال رسول الله (ص): (لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم أبدا).
(15) حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي عن
مصعب بن سعد عن أبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله (ص) الناس إلا أربعة نفر
وامرأتين، وقال: (اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي
جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح)،
فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث
535

وعمار، فسبق سعيد عمارا، وكان أشب الرجلين فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه
الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف، فقال أصحاب
السفينة لأهل السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا، فقال عكرمة: والله
لئن لم ينجيني في البحر إلا الاخلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم إن لك عهدا إن أنت
عافيتني مما أنا فيه آني آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما، قال: فجاء
وأسلم، وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله (ص)
الناس للبيعة جاء به حتى أوقفه على النبي (ص) فقال: يا رسول الله! بايع عبد الله، قال:
فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد الثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال:
(ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله،
قالوا: وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، ألا أو مات إلينا بعينك؟ قال: (إنه لا
ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين).
(16) حدثنا شبابة قال حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس قال: دخل
رسول الله (ص) مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما أن دخل نزعه فقيل له: يا رسول
الله! هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: (اقتلوه).
(17) حدثنا معتمر بن سليمان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان أن أبا برزة قتل ابن
خطل وهو متعلق بأستار الكعبة.
(18) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن ثمانين من أهل
مكة هبطوا على رسول الله (ص) من جبل التنعيم عند صلاة الفجر، فأخذهم رسول الله
(ص) سلما، فعفا عنهم، ونزل القرآن * (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم
ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) *.
(19) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت أم هانئ، قدم النبي
(ص) مكة وله أربع غدائر - تعني ضفائر.
(20) حدثنا وكيع قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص)
دخل مكة وعليه عمامة سوداء.

(34 / 18) سورة الفتح الآية (24).
536

(21) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار
عن ابن عمرو عن أخيه عبد الله بن عبيدة أن رسول الله (ص) دخل مكة حين دخلها وهو
معتجر بشقة برد أسود، فطاف على راحلته القصواء في يده محجن يستلم به الأركان، قال:
قال ابن عمر: فما وجدنا لها مناخا في المسجد حتى نزل على أيدي الرجال، ثم خرج بها
حتى أنيخت في الوادي، ثم خطب الناس على رجليه فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل،
ثم قال: (أيها الناس! إن الله قد وضع عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بآبائها، الناس
رجلان، فبر تقي كريم على الله، وكافر شقي هين على الله، أيها الناس! إن الله
يقول: * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) * أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم)،
قال: ثم عدل إلى جانب المسجد فأتي بدلو من ماء زمزم فغسل منها وجهه، ما تقع منه
قطرة إلا في يد انسان، إن كانت قدر ما يحسوها حساها، وإلا مسح بها، والمشركون
ينظرون، فقالوا: ما رأينا ملكا قط أعظم من اليوم، ولا قوما أحمق من اليوم، ثم أمر
بلالا فرقى على ظهر الكعبة، فأذن بالصلاة، وقام المسلمون فتجردوا في الأزر، وأخذوا
الدلاء وارتجزوا على زمزم يغسلون الكعبة ظهرها وبطنها، فلم يدعوا أثرا من المشركين إلا
محوه أو غسلوه.
(22) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد بن
طلحة التيمي ومحمد بن المنكدر قالا: وكان بها يومئذ ستون وثلاثمائة وثن على الصفا،
وعلى المروة صنم، وما بينهما محفوف بالأوثان، والكعبة قد أحيطت بالأوثان، قال محمد بن
المنكدر: فقام رسول الله (ص) ومعه قضيب يشير به إلى الأوثان، فما هو إلا أن يشير إلى
شئ منها فيتساقط حتى أتى أسافا ونائلة وهما قدام المقام مستقبل باب الكعبة، فقال:
(عفروهما، فألقاهما المسلمون، قال: قولوا، قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا:
صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده).
(23) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن
أبا هريرة أخبره أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه،
فأخبر بذلك رسول الله (ص) فركب راحلته فخطب فقال: (إن الله حبس عن مكة

(34 / 21) ما وجدنا لها مناخا: ما وجدنا لها مكانا تنيخها فيها لينزل عنها الرسول (ص) وذلك لكثرة الناس
حول الكعبة * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) * سورة الحجرات الآية (13).
537

الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، ألا وإنها أحلت لي ساعة من النهار، ألا وإنها
ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط ساقطتها إلا
منشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يفادي أهل
القتيل)، قال: فجاء رجل يقال له: أبو شاه فقال: اكتب لي يا رسول الله! قال: اكتبوا
لأبي شاه، فقال رجل من قريش: إلا الإذخر يا رسول الله! فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا،
فقال رسول الله (ص): إلا الإذخر).
(24) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن عمر [و] بن مرة عن الزهري قال: قال
رجل من بني الدئل بن بكر: لوددت أني رأيت رسول الله (ص) وسمعت منه، فقال
لرجل انطلق معي، فقال: إني أخاف أن تقتلني خزاعة، فلم يزل به حتى انطلق، فلقيه
رجل من خزاعة فعرفه فضرب بطنه بالسيف، قال: قد أخبرتك أنهم سيقتلونني، فبلغ
ذلك رسول الله (ص) فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إن الله هو حرم مكة ليس
الناس حرموها، وإنما أحلت لي ساعة من نهار وهي بعد حرم، وإن أعدى الناس على
الله ثلاثة: من قتل فيها، أو قتل غير قاتل أو طلب بذحول الجاهلية، فلأدين هذا
الرجل)، قال عمرو بن مرة: فحدثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب فقلت أعدى الله،
فقال: أعدى.
(25) حدثنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله (ص) عام الفتح لما جاءه
العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان فأسلم بمر الظهران، فقال له العباس: يا رسول الله! إن
أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فلو جعلت له شيئا؟ قال، (نعم، من دخل دار أبي
سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن).
(26) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: قال
رسول الله (ص): (هذه حرم - يعنى مكة - حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض،
ووضع هذين الأخشبين، لا تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي، ولم تحل لي
إلا ساعة من النهار، لا يعضد شوكها، ولا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، ولا
يرفع لقطتها إلا منشد، فقال العباس: يا رسول الله! إن أهل مكة لا صبر لهم عن الإذخر
لقينهم ولبنيانهم، فقال رسول الله (ص): إلا الإذخر).
(27) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: لما فتحت مكة
538

صعد بلال البيت فأذن فقال صفوان بن أمية للحارث بن هشام: ألا ترى إلا هذا العبد،
فقال الحارث: إن يكرهه الله يغيره.
(28) حدثنا أبو خالد الأحمر عن هشام بن عروة عن أبيه أن بلالا أذن يوم الفتح
فوق الكعبة.
(29) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال: خرج النبي (ص)
عام الفتح من المدينة بثمانية آلاف أو عشرة آلاف، ومن أهل مكة بألفين.
(30) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن
أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: لما افتتح رسول الله
(ص) مكة فر إلى رجلان من أحمائي من بني مخزوم قالت: فخبأتهما في بيتي، فدخل على
أخي علي بن أبي طالب فقال: لأقتلنهما، قالت: فأغلقت الباب عليهما، ثم جئت رسول الله
(ص) بأعلى مكة وهو يغتسل في جفنة إن فيها أثر العجين، وفاطمة ابنته تستره، فلما فرغ
رسول الله (ص) من غسله أخذ ثوبا فتوشح به ثم صلى ثماني ركعات من الضحى، ثم أقبل
فقال: (مرحبا وأهلا بأم هانئ، ما جاء بك؟ قالت: قلت: يا نبي الله! فر إلى رجلان
من أحمائي، فدخل علي علي بن أبي طالب فزعم أنه قاتلهما، فقال: لا، قد أجرنا من
أجرت يا أم هانئ وأمنا من أمنت).
(31) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد
الخدري عن رسول الله (ص) أنه قال: لما نزل هذه السورة * (إذا جاء نصر الله والفتح) *
قال: قرأها رسول الله (ص) حتى ختمها، وقال: (الناس حيز وأنا وأصحابي حيز،
وقال: لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)، فقال له مروان: كذبت وعنده زيد بن
ثابت ورافع بن خديج وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد: لو شاء هذان
لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة
فسكتا، فرفع مروان الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالا: صدق.
(32) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس
قال: قال رسول الله (ص): (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم
فانفروا).

(34 / 31) * (إذا جاء نصر الله) * سورة النصر الآية (1).
539

(33) حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبيد الله بن أبي زياد عن أم يحيى بنت يعلى عن
أبيها قال: جئت بأبي يوم فتح مكة فقلت: يا رسول الله! هذا يبايعك على الهجرة، فقال:
(لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية).
(34) حدثنا ابن نمير عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي حسين عن
عطاء عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص): (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية).
(35) حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان عن مجاشع بن مسعود قال:
أتيت النبي (ص) أنا وأخي قال: فقلت: يا رسول الله: بايعنا على الهجرة، فقال: (مضت
الهجرة لأهلها، فقلت: علام نبايعك يا رسول الله؟ قال: على الاسلام والجهاد)، قال:
فلقيت أخاه فسألته فقال: صدق مجاشع.
(36) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن النبي (ص) صام
عام الفتح حتى بلغ الكديد ثم أفطر، وإنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله (ص).
(37) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن ابن
عباس أن النبي (ص) أقام حيث فتح مكة خمس عشرة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين.
(38) حدثنا إسحاق بن منصور عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس قال:
لما دخل رسول الله (ص) مكة يوم فتح مكة أمن الناس إلا أربعة.
(39) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة عن أنس قال: أنزلت على النبي
(ص): * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * إلى آخر الآية مرجعه من الحديبية، وأصحابه مخالطو
الحزن والكآبة، قال: (نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها جميعا)، فلما
تلاها رسول الله (ص) قال رجل من القوم: هنيئا مريئا، قد بين الله ما يفعل بك، فماذا
يفعل بنا؟ فأنزل الله الآية التي بعدها * (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من
تحتها الأنهار) * حتى ختم الآية.
(40) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا مكحول أن
رسول الله (ص) لما دخل مكة تلقته الجن بالشرر يرمونه، فقال جبرئيل، تعوذ يا محمد،
فتعوذ بهؤلاء الكلمات فدحروا عنه، فقال: (أعوذ بكلمات الله التامات التي لا
يجاوزهم بر ولا فاجر من شر ما نزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما بث في

(34 / 39) * (ليدخل المؤمنين والمؤمنات) * سورة الفتح الآية (5).
540

والأرض وما يخرج منها، ومن شر الليل والنهار، وما شر كل طارق إلا طارق
يطرق بخير يا رحمن).
(41) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن عبد الله بن حبيب قال: مر
خالد بن الوليد على اللات فقال:
كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك
(42) حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر قال:
لما دخل رسول الله (ص) مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح مفتاح الكعبة فتلكأ فقال لعمر:
قم فاذهب معه، فإن جاء بها وإلا فاجلد رأسه، قال: فجاء بها، قال: فأجالها في حجره
وشيبة قائم، قال: فبكى شيبة، فقال رسول الله (ص): (هاك فخذها، فإن الله قد رضي
لكم بها في الجاهلية والإسلام).
(43) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي السوداء عن ابن سابط أن النبي (ص)
ناول عثمان بن طلحة المفتاح من وراء الثوب.
(44) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: خرج رسول الله (ص) عام الفتح لعشر مضت من
رمضان.
(45) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه أن النبي (ص) أمر أن تطمس التماثيل التي
حول الكعبة يوم فتح مكة.
(46) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه أن النبي (ص) اعتمر عام الفتح من
الجعرانة، فلما فرغ من عمرته استحلف أبا بكر على مكة وأمره أن يعلم الناس المناسك،
وأن يؤذن في الناس: (من حج العام فهو آمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا
يطوف بالبيت عريان).
(47) حدثنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء
عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (ص) عام الفتح يقول: (إن الله ورسوله
حرما بيع الخمر والخنازير والميتة والأصنام، قال: فقال رجل: يا رسول الله! ما ترى في
شحوم الميتة فإنها تدهن بها السفن والجلود ويستصبح بها؟ قال: قاتل الله اليهود! إن الله
لما حرم عليهم شحومها أخذوها فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها).
541

(48) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد
الرحمن بن الأزهر قال: رأيت رسول الله (ص) عام الفتح وأنا غلام مثاب يسأل عن منزل
خالد بن الوليد، فأتي بشارب فضربوه بما في أيديهم، فمنهم من ضرب بالسوط وبالنعل
وبالعصي، وحثا عليه النبي (ص) التراب، فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسأل أصحابه: كم
ضرب رسول الله (ص) الذي ضرب؟ فحرره أربعين فضرب أبو بكر أربعين.
(49) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا ليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن
عمرو بن عبد الرحمن بن أمية بن يعلى بن أمية أن أباه أخبره أن يعلى قال: جئت رسول الله
(ص) بأبي أمية يوم الفتح فقلت: يا رسول الله بايع أبي الهجرة، فقال رسول الله
(ص): (بل أبايعه على الجهاد فقد انقطعت الهجرة).
(50) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مجاهد
عن السائب أنه كان يشارك رسول الله (ص) قبل الاسلام في التجارة، فلما كان يوم الفتح
أتاه فقال: (مرحبا بأخي وشريكي كان لا يداري ولا يماري، يا سائب! قد كنت
تعمل أعمالا في الجاهلية لا تتقبل منك، وهي اليوم تتقبل منك)، وكان ذا سلف
وصلة.
(51) حدثنا حسين بن علي عن حمزة الزيات قال: لما كان يوم فتح مكة دخل
رسول الله (ص) من أعلى مكة، ودخل خالد بن الوليد من أسفل مكة، قال: فقال رسول الله
(ص): (لا تقتلن، فوضع يده في القتل، فقال رسول الله (ص): لا تقتلن، فوضع يده في
القتل فقال: ما حملك على ما صنعت؟) فقال: يا رسول الله! ما قدرت على أن لا أصنع
إلا الذي صنعت.
(52) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا ابن جريح قال: محمد بن جعفر حدثني
حديثا رفعه إلى أبي سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب قال:
حضرت رسول الله (ص) يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه فوضعها عن
يساره، ثم استفتح سورة المؤمنين، فلما جاء ذكر عيسى أو موسى أخذته سعلة فركع.
(53) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو ملك الأشجعي قال حدثنا سالم بن أبي
الجعد عن محمد بن الحنفية قال: خرج رسول الله (ص) من بعض حجره فجلس عند بابها،

(34 / 49) أي لا هجرة بعد فتح مكة.
542

وكان إذا جلس وحده لم يأته أحد حتى يدعوه، قال: ادع لي أبا بكر، قال: فجاء فجلس
بين يديه فناجاه طويلا، ثم أمره فجلس عن يمينه أو عن يساره، ثم قال: ادع لي عمر،
فجاء فجلس مجلس أبي بكر فناجاه طويلا، فرفع عمر صوته فقال: يا رسول الله! هم
رأس الكفر، هم الذين زعموا أنك ساحر، وأنك كاهن، وأنك كذاب، وأنك مفتر، ولم
يدع شيئا مما كان أهل مكة يقولونه إلا ذكره، فأمره أن يجلس من الجانب الآخر فجلس
أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثم دعا الناس فقال: (ألا أحدثكم بمثل صاحبيكم
هذين؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، فأقبل بوجهه إلى أبي بكر فقال: إن إبراهيم كان ألين
في الله من الدهن في اللبن، ثم أقبل على عمر فقال: إن نوحا كان أشد في الله من
الحجر، وإن الامر أمر عمر، فتجهزوا)، فقاموا فتبعوا أبا بكر فقالوا: يا أبا بكر! إنا
كرهنا أن نسأل عمر ما هذا الذي ناجاك به رسول الله (ص)، قال: قال لي: كيف
تأمروني في غزوة مكة؟ قال: قلت: يا رسول الله! هم قومك، قال: حتى رأيت أنه
سيطيعني، قال: ثم دعا عمر فقال عمر: إنهم رأس الكفر حتى ذكر كل سوء كانوا
يذكرونه، وأيم الله لا تذل العرب حتى يذل أهل مكة، فأمركم بالجهاد ولتغزوا مكة.
(35) ما ذكروا في الطائف
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي العباس عن
عبد الله بن عمرو وقال مرة: عن ابن عمر قال: حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف فلم
ينل منهم شيئا، فقال: (إنا قافلون غدا، فقال المسلمون: نرجع ولم نفتتحه، فقال رسول
الله (ص): أغدوا على القتال، فغدوا، فأصابتهم جراح، فقال رسول الله (ص): إنا
قافلون غدا)، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله (ص).
(2) حدثنا عبيد الله بن موسى عن طلحة بن جبر عن المطلب بن عبد الله عن
مصعب بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما افتتح رسول الله (ص)
مكة انصرف إلى الطائف، فحاصرهم تسع عشرة أو ثمان عشرة فلم يفتتحها ثم ارتحل
روحة أو غدوة، فنزل ثم قال: (أيها الناس! إني فرط لكم فأوصيكم بعترتي خيرا،
وإن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لأبعثن
إليهم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتلتهم وليسبين ذراريهم، قال: فرأى
الناس أنه أبو بكر أو عمر، فأخذ بيد علي فقال: هذا).

(35 / 2) الفرط: هو دليل القوم أو الذي يتقدمهم بحثا عن الماء والكلأ.
543

(3) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير أن
رسول الله (ص) حاصر أهل الطائف، فجاءه أصحابه فقالوا: يا رسول الله! أحرقتنا نبال
ثقيف، فادع الله عليهم، فقال: (اللهم! اهد ثقيفا - مرتين، قال: وجاءته خولة فقال: إني
نبئت أن بنت خزاعة ذات حلى، فنفلني حليها إن فتح الله عليك الطائف غدا، قال: إن
لم يكن أذن لنا في قتالهم؟ فقال رجل - نراه عمر -: يا رسول الله! ما مقامك على قوم
لم يؤذن لك في قتالهم؟ قال: فأذن في الناس بالرحيل، فنزل الجعرانة، فقسم بها غنائم
حنين، ثم دخل منها بعمرة، ثم انصرف إلى المدينة.
(4) حدثنا أبو معاوية عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: أعتق
رسول الله (ص) يوم الطائف كل من خرج إليه من رقيق المشركين.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس
قال: خرج غلامان إلى النبي (ص) يوم الطائف فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة فكانا مولييه.
(6) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال: كان النبي (ص)
محاصر وادي القرى.
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا قيس عن أبي حصين عن عبد الله بن سنان
أن النبي (ص) حاصر أهل الطائف خمسة وعشرين يوما، يدعوا عليهم في دبر كل صلاة.
(8) حدثنا وكيع عن سعيد بن السائب قال سمعت شيخا من بني عامر أحد بني
سواءة يقال له عبيد الله بن معية قال: أصيب رجلان يوم الطائف، قال: فحملا إلى النبي
(ص)، قال: فأخبر بهما، فأمر بهما أن يدفنا حيث أصيبا ولقيا.
(9) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا نافع بن عمر عن أمية بن صفوان عن أبي
بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه أنه سمع النبي (ص) يقول: في خطبته بالنباة أو بالنباوة
والنباوة من الطائف: (توشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار وخياركم من
شراركم، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بالثناء الحسن وأثناء السئ، أنتم شهداء الله في
الأرض).

(35 / 4) لأنهم أسلموا قبل أن يسلم أسيادهم ولا ولاية لكافر على مسلم.
544

(10) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال: قال عبد الملك: قال النبي (ص) وهو
محاصر ثقيفا: (ما رأيت الملك منذ نزلت منزلي هذا، قال: فانطلقت خولة بنت حكيم
السلمية، فحدثت ذلك عمر، فأتى عمر النبي (ص) فذكر له قولها فقال: صدقت)،
فأشار عمر على النبي (ص) بالرحيل فارتحل النبي عليه الصلاة والسلام.
(11) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال: لما
انصرف رسول الله (ص) من حنين بعد الطائف قال: (أدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول
نار وعار وشنار على أهله يوم القيامة إلا الخمس، ثم تناول شعرة من بعير فقال: ما لي
من مالكم هذا إلا الخمس، والخمس مردود عليكم).
(12) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن
عتبة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله (ص) من الطائف نزل الجعرانة
فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها، وذلك ليلتين بقيتا من شوال.
(13) حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة عن أشياخه
عن الزبير أنه ملك يوم الطائف خالات له فأعتقن بملكه إياهن.
(36) ما حفظت في غزوة مؤتة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم
عن ابن عباس أن رسول الله (ص) بعث إلى مؤتة، فاستعمل زيدا فإن قتل زيد فجعفر،
فإن قتل جعفر فابن رواحة، فتخلف ابن رواحة يجمع مع النبي (ص)، فرآه النبي (ص)
فقال: (ما خلفك؟ قال: أجمع معك، قال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من
الدنيا وما فيها).
(2) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير قال:
قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري، قال: وكانت الأنصار تفقهه، قال: حدثنا أبو
قتادة فارس رسول الله (ص) قال: بعث رسول الله (ص) جيش الأمراء وقال: (عليكم
زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن

(36 / 11) الخياط والمخيط: الإبرة والخيط.
(36 / 13) وفيه أن من ملك أحدا من أصوله صار الأصل حرا بمجرد وقوع الملكية.
545

رواحة، فوثب جعفر فقال: يا رسول الله! ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا، فقال:
(امض فإنك لا تدري أي ذلك خير) فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله، ثم إن رسول الله (ص)
صعد المنبر وأمر فنودي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس إلى رسول الله (ص) فقال: ثاب
خير ثاب خير - ثلاثا، أخبركم عن جيشكم هذا الغازي، فانطلقوا فلقوا العدو فقتل
زيد شهيدا فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى
قتل شهيدا، اشهدوا له بالشهادة واستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة
فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن
من الأمراء، هو أمر نفسه، ثم قال رسول الله (ص): اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت
تنصره)، فمن يومئذ سمي سيف الله، وقال رسول الله (ص): انفروا فأمدوا إخوانكم،
ولا يتخلفن منكم أحدا، فنفروا مشاة وركبانا، وذلك في حر شديد، فبينما هم ليلة مما يلين
عن الطريق إذ نعس رسول الله (ص) حتى مالك عن الرحل، فأتيته فدعمته بيدي، فلما
وجد مس يد رجل اعتدل فقال: من هذا؟ فقلت: أبو قتادة، قال في الثانية أو الثالثة،
قال: ما أراني إلا قد شققت عليك منذ الليلة (1)، قال: قلت: كلا بأبي أنت وأمي، ولكن
أرى الكرى والنعاس قد شق عليك، فلو عدلت (2) فنزلت حتى يذهب كراك، قال: (إني
أخاف أن يخذل الناس، قال: قلت: كلا بأبي وأمي، قال: فابغنا مكانا خميرا)، قال:
فعدلت عن الطريق، فإذا أنا بعقدة من شجر، فجئت فقلت: يا رسول الله! هذه عقدة
من شجر قد أصبتها، قال: فعدل رسول الله (ص) وعدل معه من يليه من أهل الطريق،
فنزلوا واستتروا بالعقدة من الطريق، فلما استيقظنا إلا بالشمس طالعة علينا فقمنا ونحن
وهلين، فقال رسول الله (ص): رويدا رويدا)، حتى تعالت الشمس، ثم قال: (من كان
يصلي هاتين الركعتين قبل صلاة الغداة فليصلهما)، فصلاهما من كان يصليهما، ثم
أمر فنودي بالصلاة، ثم تقدم رسول الله (ص) فصلى بنا، فلما سلم قال: (إنا نحمد الله،
لم نكن في شئ من أمر الدنيا يشغلنا عن صلاتنا، ولكن أرواحنا كانت بيد الله،
أرسلها أني شاء، ألا فمن أدركته هذه الصلاة من عبد صالح فليقض معها مثلها،
قالوا: يا رسول الله! العطش، قال: لا عطش يا أبا قتادة! أرني الميضأة، قال: فأتيته بها

(36 / 2) شققت عليك: حملتك مشقة.
(1) منذ الليلة: أي من أول الليل.
(2) عدلت: تركت السير، والمقصود البعد عن الطريق والنزول للراحة والنوم.
546

فجعلها في ضبنه (1)، ثم التقم فمها، فالله أعلم أنفث فيها أم لا، ثم قال: يا أبا قتادة! أرني الغمر
على الراحلة، فأتيته بقدح بين القدحين (2) فصب فيه فقال: إسق القوم، ونادي
رسول الله (ص) ورفع صوته: (ألا من أتاه إناؤه فليشربه)، فأتيت رجلا فسقيته، ثم
رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح، فذهبت فسقيت الذي يليه حتى سقيت أهل
تلك الحلقة، ثم رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح فذهبت فسقيت حلقة أخرى
حتى سقيت سبعة رفق، وجعلت أتطاول أنظر هل بقي فيها شئ، فصب رسول الله (ص)
في القدح فقال لي: اشرب، قال: قلت: بأبي أنت وأمي، إني لا أجد بي كثير عطش،
قال: إليك عني، فإني ساقي القوم منذ اليوم)، قال: فصب رسول الله (ص) في القدح
فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم ركب وركبنا، ثم قال:
كيف ترى القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم وأرهقتهم صلاتهم، قلنا: الله ورسوله أعلم،
قال: أليس فيهم أبو بكر وعمر! إن يطيعوهما فقد رشدوا ورشدت أمهم وإن يعصوهما
فقد غووا وغوت أمهم قالها ثلاثا، ثم سار وسرنا حتى إذا كنا في نحر الظهيرة إذا ناس يتبعون
ظلال الشجرة فأتيناهم فإذا ناس من المهاجرين فيهم عمر بن الخطاب، قال: فقلنا لهم: كيف
صنعتم حين فقدتم نبيكم وأرهقتكم صلاتكم؟ قالوا: نحن والله نخبركم، وثب عمر فقال لأبي
بكر: إن الله قال في كتابه * (إنك ميت وإنهم ميتون) * (3) وإني والله ما أدري لعل الهل قد توفى
نبيه فقم فصل وانطلق، إني ناظر بعدك ومقاوم، فإن رأيت شيئا وإلا لحقت بك، قال:
وأقيمت الصلاة، وانقطع الحديث.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول:
لما جاء نهي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله
(ص) ويعرف في وجهه الحزن، فقالت عائشة: وأنا أطلع من شق الباب، فأتاه رجل فقال:
يا رسول الله! إن نساء جعفر - فذكر بكاءهن، فأمره رسول الله (ص) أن ينهاهن.
(4) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي زعم أن جعفر بن أبي طالب
قتل يوم مؤتة بالبلقاء، فقال رسول الله (ص): (اللهم أخلف جعفر في أهله بأفضل ما
خلفت عبدا من عبادك الصالحين)
(2) بين القدحين: لا صغيرا ولا كبيرا.
(3) * (إنك ميت وإنهم ميتون) * سورة الزمر الآية (30). (*)

(1) في ضنبه: تحت إبطه.
547

(5) حدثنا عبدة وابن إدريس ووكيع عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت خالد بن
الوليد يقول: لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما صبرت في يدي إلا صفيحة
في يمانية.
(6) حدثنا جعفر بن عون عن ابن جريح عن عطاء أن النبي (ص) نعي الثلاثة الذين
قتلوا بمؤتة ثم صلى عليهم.
(7) حدثنا عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو السكسكي عن عبد الرحمن بن
جبير بن نفير قال: لما اشتد حزن أصحاب رسول الله (ص) على من أصيب منهم مع زيد
يوم مؤتة قال رسول الله (ص): (ليدركن المسيح من هذه الأمة أقوام إنهم لمثلكم أو خير
- ثلاث مرات - ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها).
(8) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه عن عائشة قالت: لما أتت وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله (ص) الحزن،
قالت: فدخل عليه رجل فقال: يا رسول الله! إن النساء يبكين، قال: (فارجع إليهن
فأسكتهن، فإن أبين فاحث في وجوههن التراب)، قال: قالت عائشة: قلت في نفسي:
والله ما تركت نفسك ولا أنت مطيع رسول الله.
(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن
الزبير عن أبيه عن جده قال: أخبرني الذي أرضعني من بني مرة، قال: كأني، أنظر إلى جعفر
يوم مؤتة، نزل عن فرس له شقراء فعرقبها، ثم مضى فقاتل حتى قتل.
(10) حدثنا أبو أسامة عن مهدي بن ميمون عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب
عن الحسن بن سعد قال: لما جاء النبي (ص) خبر قتل زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة
نعاهم إلى الناس وترك أسماء حتى أفاضت من عبرتها: ثم أتاها فعزاها وقال: ادعي لي بني
أخي، قال: فجاءت بثلاثة بنين كأنهم أفراخ، وقالت: فدعا الحلاق فحلق رؤوسهم،
فقال: أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عون الله فشبيه خلقي وخلقي، وأما عبد

(36 / 5) اندق: انكسر.
صبرت: تحملت شدة الضرب ولم تنكسر.
صفيحة: سيف رقيق الشفرة.
(36 / 7) وفي هذا الحديث إعلام من الرسول أن المسيح سيعود إلى الأرض مرة ثانية.
(36 / 9) الذي أرضعني: الذي أرضعتني امرأته.
548

الله - فأخذ بيده فشالها ثم قال: اللهم بارك في صفقة يمينه، قال: فجعلت أمهم تفرح
لهم، فقال لها رسول الله (ص): (أتخشين عليهم الضيعة، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة).
(11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن سالم
ابن أبي الجعد قال: أريهم النبي (ص) في النوم فرأى جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا
بالدماء، وزيد مقاله على السرير، قال: وابن رواحة جالس معهم كأنهم معرضون عنه.
(12) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أنه لما أتى النبي (ص) قتل جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة ذكر أمرهم فقال: اللهم
اغفر لزيد، ثلاثا اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة.
(13) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم قال: جاء أسامة بن زيد بعد قتل أبيه، فقام بين يدي النبي (ص) فدمعت عيناه، فلما
كان من الغد جاء فقام مقامه ذلك، فقال النبي (ص): (ألقى منك اليوم ما لقيت منك
أمس).
(14) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا وائل بن داود قال: سمعت البهي يحدث أن
عائشة كانت تقول: مع بعث رسول الله (ص) زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمره عليهم
ولو بقي بعده لاستخلفه.
(15) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل عن مجالد بن سعيد عن عامر أن
عائشة كانت تقول: لو أن زيدا حي لاستخلفه رسول الله (ص).
(16) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص)
كان قطع بعثا قبل مؤتة وأمر عليهم أسامة بن زيد، وفي ذلك البعث أبو بكر وعمر،
قال: فكان أناس من الناس يطعنون في ذلك لتأمير رسول الله (ص) أسامة عليهم، قال:
فقال رسول الله (ص) فخطب الناس ثم قال: (إن أناسا منكم قد طعنوا على في تأمير
أسامة، وإنما طعنوا في تأمير أسامة كما طعنوا في تأمير أبيه من قبله، وأيم الله إن كان
لحقيقا للامارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن ابنه من أحب الناس إلي من
بعده، وإني أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا).

(36 / 11) لان ابن رداحة رضي الله عنه أقدم ثم تراجع ثم أقدم فجرح فتراجع ثم أقدم فاستشهد.
(36 / 13) أي أن الأيام لم تخفف حزنه على زيد بن حارثة رضي الله عنه.
549

(17) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي قال: لما أتى رسول الله (ص) قتل
جعفر بن أبي طالب ترك رسول الله (ص) امرأته أسماء بنت عميس حتى أفاضت عبرتها
فذهب بعض حزنها ثم أتاها فعزاها ودعا بني جعفر فدعا لهم، ودعا لعبد الله بن جعفر أن
يبارك له في صفقة يده، فكان لا يشتري إلا ربح فيه، فقالت له أسماء: يا رسول الله، إن
هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين، فقال: (كذبوا، لكم الهجرة مرتين، هاجرتم
إلى النجاشي، وهاجرتم إلي).
(18) حدثنا أبو إسحاق الأزدي قال حدثني أبو أويس عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن ابن عمر قال: كنت بمؤتة، فلما فقدنا جعفر بن أبي طالب طلبناه في القتلى
فوجدنا فيه بين طعنة ورمية بضعا وتسعين ووجدنا فيما أقبل من جسده.
(37) غزوة حنين وما جاء فيها
(1) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أبو بكر حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي
إسحاق قال: قال رجل للبراء: هل كنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على النبي
(ص) أنه ما ولى، ولكن انطلق إخفاء من الناس وحسر إلى هذا الحي من هوازن، وهم
قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد، قال: فانكشفوا، فأقبل القوم
هنا لك إلى رسول الله (ص) وأبو سفيان بن الحرث يقود بغلته، فنزل رسول الله (ص)
فاستنصر وهو يقول: أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب)
(اللهم نصرك) قال: كنا والله إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع الذي يحاذي به.
(2) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن البراء قال: لا والله ما ولى رسول الله
يوم حنين دبره، قال: والعباس وأبو سفيان آخذان بلجام بغلته وهو يقول:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب
(3) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: كان من دعاء النبي (ص) يوم
حنين: (اللهم إنك إن تشأ لا تعبد بعد هذا اليوم).

(36 / 18) ووجدنا فيما أقبل من جسده: أي وجدنا هذه الضربات المذكورة فيما أقبل من جسده أي في صدره
وبطنه الخ.. والمقصود أنه تلقى هذه الضربات وهو يهاجم العدو ولم يتلقها في ظهره هاربا.
550

(4) حدثنا عفان حدثنا سليم بن أخضر حدثني ابن عون حدثني هشام بن زيد عن
أنس قال: لما كان يوم حنين جمعت هوزان وغطفان للنبي (ص) جمعا كثيرا والنبي عليه
الصلاة والسلام يومئذ في عشرة آلاف أو أكثر من عشرة آلاف، قال: ومعه الطلقاء،
قال: فجاؤوا بالنفر والذرية فجعلوا خلف ظهورهم، قال: فلما التقوا ولى الناس، والنبي
عليه الصلاة والسام يومئذ على بغلة بيضاء، قال: فنزل فقال: (إني عبد الله ورسوله،
قال: ونادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما كلاما، فالتفت عن يمينه فقال: أي معشر
الأنصار، فقالوا: لبيك يا رسول الله! نحن معك ثم التفت عن يساره فقال: أي معشر
الأنصار! فقالوا: لبيك يا رسول الله! نحن معك، ثم نزل إلى الأرض فالتقوا فهزموا
وأصابوا من الغنائم، فأعطى النبي (ص) الطلقاء وقسم [فيهم]، فقالت الأنصار: ندعى عند
الشدة وتقسم الغنيمة لغيرنا، فبلغ ذلك النبي (ص) فجمعهم وقعد في قبة فقال: أي معشر
الأنصار! ما حديث بلغني عنكم؟ فسكتوا فقال: يا معشر الأنصار! لو أن الناس
سلكوا واديا وسلكت الأنصار شعبا لاخذت شعب الأنصار، ثم قال: أما ترضون أن
يذهب الناس بالدنيا وتذهبوا برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم؟) فقالوا: رضينا يا
رسول الله! قال ابن عون: قال هشام بن زيد: قلت لأنس: وأتت شاهد ذلك؟ قال:
وأين أغيب عن ذلك.
(5) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: جاء أبو طلحة
يوم حنين يضحك رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله! ألم تر إلى أم سليم معها خنجر،
فقال لها رسول الله (ص): (يا أم سليم! ما أردت إليه)؟ قالت: أردت إن دنا إلى أحد
منهم طعنة به.
(6) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
طلحة عن أنس أن النبي (ص) قال يوم حنين: من قتل قتيلا فله سلبه). فقتل يومئذ
أبو طلحة عشرين رجلا، فأخذ أسلابهم.
(7) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال: انهزم المسلمون
يوم حنين فنودوا: يا أصحاب سورة البقرة، قال: فرجعوا ولهم حنين - يعني بكاء.

(37 / 4) الطلقاء: أهل مكة الذين أسلموا في الفتح وبعده وليس لهم هجرة وقد سموا الطلقاء لقول الرسول
(ص) لهم: إذهبوا فأنتم الطلقاء.
[فيهم] في الأصل [فيها] وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه.
551

(8) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بردة أن
رسول الله (ص) يوم حنين انكشف الناس عنه، فلم يبق معه إلا رجل يقال له زيد آخذ
بعنان بغلته الشهباء، وهي التي أهداها له النجاشي، فقال رسول الله (ص): (ويحك يا
زيد! ادع الناس، فنادى: أيها الناس، هذا رسول الله يدعو كم، فلم يجب أحد عند ذلك،
فقال: ويحك! حض الأوس والخزرج فقال: يا معشر الأوس والخزرج، هذا رسول الله
يدعو كم، فلم يجبه أحد عند ذلك، فقال: ويحك! ادع المهاجرين فإن لله في أعناقهم
بيعة)، قال: فحدثني بريدة أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون وكسروها، ثم أتوا
رسول الله (ص) حتى فتح عليهم.
(9) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة قال أخبرني عمر مولى عمرة
قال: نزل النبي (ص) عن بغلة كان عليها فجعل يصرخ بالناس: (يا أهل سورة البقرة! يا
أهل بيعة الشجرة، أنا رسول الله ونبيه، فتولوا مدبرين).
(10) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد قال: رأيت
عبد الله بن أوفى بيده ضربة فقلت: ما هذا؟ فقال: ضربتها يوم حنين، قال: قلت له:
وشهدت مع رسول الله (ص) حنينا؟ قال: نعم.
(11) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى عن أخيه عبد الله عبيدة أن
نفرا من هوازن جاءوا بعد الوقعة فقالوا: يا رسول الله! إنا نرغب في رسول الله، قال:
(في أي ذلك ترغبون، أفي الحسب أم في المال؟ قالوا: بل في حسب والأمهات
والبنات، وأما المال فسيرزقنا الله، قال: أما أنا فأرد ما في يدي وأيدي بني هاشم من
عورتكم، وأما الناس فسأشفع لكم إليهم إذا صليت إن شاء الله، فقوموا فقولوا كذا
وكذا)، فعلمهم ما يقولون ففعلوا ما أمرهم به وشفع لهم، فلم يبق أحد من المسلمين إلا
رد ما في يديه من عورتهم غير الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، أمسكا امرأتين كانتا
في أيديهما.
(12) حدثنا محمد بن فضيل عن أشعث عن الحكم بن عيينة قال: لما فر الناس عن
النبي (ص) يوم حنين جعل النبي (ص) يقول:
(أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب)

(37 / 8) طرحوا الجفون وكسروها رمو الدروع أو كسروها وأقبلوا يقاتلون دون دروع وهذا إقدام على
الشهادة ولا يفعله إلا من لا يخشى من الإصابة بضربات السيوف.
552

قال: فلم يبق معه إلا أربعة: ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم: علي بن أبي طالب
والعباس وهما بين يديه وأبو سفيان بن الحرث آخذ بالعنان وابن مسعود من جانبة الأيسر
قال: فليس يقبل نحوه أحد إلا قتل والمشركون حوله صرعى بحساب الإكليل.
(13) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس بن مالك قال: أعطى رسول
الله (ص) من غنائم حنين الأقرع بن حابس مائة من الإبل وعيينة بن حصن مائة من
الإبل، فقال ناس من الأنصار: يعطي رسول الله غنائما ناسا تقطر سيوفنا من دمائهم أو
سيوفهم من دمائنا، فبلغ ذلك النبي (ص)، فأرسل إليهم فجاؤوا فقال لهم: (هل فيكم
غيركم؟ قالوا: لا إلا ابن أختنا: قال: ابن أخت القوم منهم، فقال: قلتم كذا وكذا،
أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون بمحمد إلى دياركم، قالوا: بلى
يا رسول الله فقال رسول الله (ص): الناس دثار والأنصار شعار، الأنصار كرشي
وعيبتي، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار).
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة
أن أبا سفيان وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية خرجوا يوم حنين ينظرون على من تكون
الدبرة، فمر بهم أعرابي فقالوا: يا عبد الله! ما فعل الناس؟ قال: يستقبلها محمد أبدا،
قال: وكذلك حين تفرق عنه أصحابه، فقال بعضهم لبعض: لرب من قريش أحب إلينا
من رب الاعراب، يا فلان اذهب فأتنا بالخبر - لصاحب لهم، قال: فذهب حتى كان بين
ظهراني القوم، فسمعهم يقولون: يا للأوس يا للخزرج، وقد علوا القوم، وكان شعار
النبي عليه الصلاة والسلام.
(15) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن
محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال: لما قسم رسول الله (ص) السبي بالجعرانة أعطى
عطايا قريشا وغيرها من العرب، ولم يكن في الأنصار منها شئ، فكثرت القالة وفشت
حتى قال قائلهم: أما رسول الله فقد لقي قومه، قال: فأرسل إلى سعد بن عبادة فقال:
(ما مقالة بلغتني عن قومك أكثروا فيها، قال: فقال له سعد: فقد كان ما بلغك. قال:
فأين أنت من ذلك؟ قال: ما أنا إلا رجل من قومي، قال: فاشتد غضبه وقال: إجمع
قومك ولا يكن معهم غيرهم، قال: فجمعهم في حظيرة من حظائر النبي (ص) وقام على

(37 / 12) بحساب الإكليل: أي أن أجساد قتلى المشركين حولهم كأنهم الإكليل أي أن الدائرة حولهم كلها
من جثث قتلى المشركين.
553

بابها وجعل لا يترك إلا من كان من قومه وقد ترك رجالا من المهاجرين، وزاد أناسا،
قال: ثم جاء النبي (ص) يعرف في وجهه الغضب فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم
ضلالا فهداكم الله، فجعلوا يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، يا معشر
الأنصار! ألم أجدكم عالة فأغناكم الله؟ فجعلوا يقولون: نعوذ بالله من غضب الله
وغضب رسوله، يا معشر الأنصار! ألم أجدكم أعداء فألف الله بين قلوبكم، فيقولون:
نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فقال: ألا تجيبون؟ قالوا: الله ورسوله آمن
وأفضل، فلما سري عنه قال: ولو شئتم لقلتم فصدقتم: ألم نجدك طريدا فآويناك،
ومكذبا فصدقناك، وعائلا فآسيناك، ومخذولا فنصرناك، فجعلوا يبكون ويقولون:
الله ورسوله آمن وأفضل، قال: أوجدتم من شئ من دنيا أعطيتها قوما أتألفهم على
الاسلام ووكلتكم إلى إسلامكم، لو سلك الناس واديا أو شعبا وسلكتم واديا أو شعبا
لسلكت واديكم أو شعبكم، أنتم شعار والناس دثار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من
الأنصار، ثم رفع يديه حتى إني لأرى ما تحت منكبيه فقال: اللهم اغفر للأنصار ولأبناء
أبناء الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله إلى
بيوتكم). فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وانصرفوا وهم يقولون: رضينا بالله ربا
وبرسوله حظا ونصيبا.
(16) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام
عبد الله بن يسار عن أبي عبد الرحمن الفهري قال: كنت مع رسول الله (ص) في غزوة
حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس
لبست لامتي وركبت فرسي، فانطلقت إلى رسول الله (ص) وهو في فسطاطه فقلت:
السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الرواح حان الرواح، فقال: أجل، فقال: يا بلال!
فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال:
أسرج لي فرسي، فأخرج سرجا دفتاه من ليف، ليس فيهما أشر ولا بطر، قال: فأسرج،
قال: فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا، فتشامت الخيلان، فولى المسلمون مدبرين
كما قال الله، فقال رسول الله: (يا عباد الله: أنا عبد الله ورسوله، ثم قال: يا
معشر المهاجرين! أنا عبد الله ورسوله، ثم اقتحم رسول الله (ص) عن فرسه فأخذ كفا
من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم، وقال: شاهت
الوجوه، قال: فهزمهم الله، قال يعلى بن عطاء: فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم
554

يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا، وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كامرار
الحديد على الطست الجديد.
(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة
عن أنس بن مالك أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء والإبل والغنم، فجعلوها
صفوفا يكثرون على رسول الله (ص)، فلما التقوا ولى المسلمون كما قال الله، فقال رسول
الله (ص): (يا عباد الله! أنا عبد الله ورسوله ثم قال: يا معشر المهاجرين أنا عبد الله
ورسوله، قال: فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح، قال: وقال رسول
الله (ص) يومئذ: (من قتل كافرا فله سلبه، قال: فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا،
فأخذ أسلابهم، وقال أبو قتادة: يا رسول الله! إني ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه
درع له فأجهضت عنه، وقد قال حماد: فأعجلت عنه، قال: فانظر من أخذها، قال: فقام
رجل فقال: أنا أخذتها فارضه منها وأعطنيها، وكان رسول الله (ص) لا يسأل شيئا إلا
أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله (ص)، قال: فقال عمر: لا والله لا يفيئها الله على
أسد من أسده ويعطيكها قال: فضحك رسول الله (ص) قال: صدق عمر، ولقي أبو
طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال أبو طلحة: يا أم سليم! ما هذا معك؟ قالت: أردت إن
دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه، فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما
تقول أم سليم؟ قالت: يا رسول الله! قتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك يا رسول
الله، فقال: (إن الله قد كفى وأحسن).
(18) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثنا أياس بن سلمة
قال حدثني أبي قال: غزوت مع رسول الله (ص) هوازن فبينما نحن نتضحى وعامتنا مشاة
فينا ضعفة إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طلقا من حقبه فقيد به جمله رجل شاب،
ثم جاء يتغدى مع القوم، فلما رأى ضعفهم وقلة ظهرهم خرج يعدو إلى جمله فأطلقه ثم
أناخه فقعد عليه ثم خرج يركضه، واتبعه رجل من أسلم من صحابة النبي (ص) على ناقة
ورقاء هي أمثل ظهر القوم، فقعد فاتبعه فخرجت أعدو فأدركته ورأس الناقة عند ورك
الجمل وكنت عند ورك الناقة وكنت تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع
ركبتيه بالأرض اخترطت سيفي فأضرب رأسه، فندر فجئت براحلته وما عليها أقوده
فاستقبل رسول الله (ص) مقبلا فقال: (من قتل الرجل؟ فقالوا: ابن الأكوع، فنفله
سلبه.
555

(19) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن
عبد الله بن زيد قال: لما أفاء الله على رسوله يوم حنين ما أفاء قسم في الناس في المؤلفة
قلوبهم، ولم يقسم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ يصيبهم لم أصاب الناس فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم
متفرقين فجمعكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، قال: كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله
آمن، قال: فما يمنعكم أن تجيبوا؟ قالوا: الله ورسوله آمن: قال: لو شئتم قلتم: جئتنا
كذا وكذا، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى
رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار لو سلك الناس واديا أو شعبا
لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، الأنصار شعار والناس دثار، وإنكم ستلقون بعدي
إثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
(38) ما جاء في غزوة ذي قرد
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا هاشم بن القاسم أبو النصر قال حدثنا
عكرمة بن عمار قال حدثني أياس بن سلمة عن أبيه قال: قدمت المدنية زمن الحديبية مع
النبي (ص)، فخرجت أنا ورباح غلام رسول الله (ص) بعثه رسول الله (ص) مع الإبل
وخرجت معه بفرس طلحة أبديه مع الإبل فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على
إبل رسول الله (ص) فقتل راعيها وخرج يطرد بها هو وأناس معه في خيل، فقلت
يا رباح، اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله (ص) أنه قد أغير على
سرحه، قال: فقمت على تل وجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات:
يا صباحاه، ثم اتبعت القوم معي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم، وذاك حين يكثر
الشجر، قال: فإذا رجع إلى فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل علي
فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأقول:
أنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع
فألحق برجل فأرميه وهو على رحله فيقع سهمي في الرجل، حتى انتظمت كتفه، قلت:
خذها.

(38 / 1) أبديه: أخرجه إلى البادية إلى المرعى في أصل شجرة: في أعلاها
556

وأنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع
فإذا كنت في الشجرة أحرقتهم بالنبل، وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرديتهم
بالحجارة، فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر النبي
(ص) إلا خلفته وراء ظهري، واستنقذته من أيديهم، قال: ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا
أكثر من ثلاثين رمحا وأكثرا من ثلاثين بردة، يستخفون منها، ولا يلقون من ذلك شيئا
إلا جعلت عليه آراما من الحجارة، وجمعته على طريق رسول الله (ص)، حتى إذا امتد
الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري، ممدا لهم وهم في ثنية ضيقة، ثم علوت الجبل فأنا
فوقهم، قال عيينة: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح، ما فارقنا بسحر حتى
الآن، وأخذ كل شئ في أيدينا وجعله وراء ظهره، فقال عيينة: لولا أن هذا يرى أن
وراءه طلبا لقد ترككم، قال: ليقم إليه نفر منكم، فقام إلى نفر منهم أربعة، فصعدوا في
الجبل، فلما أسمعتهم الصوت قلت لهم: أتعرفوني؟ قالوا: ومن أنت؟ قلت: أنا
ابن الأكوع، والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني، ولا أطلبه فيفوتني،
قال رجل منهم: أظن، قال: فما برحت مقعدي ذاك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله
(ص) يتخللون الشجر، وإذا أولهم الأخرم الأسدي وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله
(ص)، وعلى أثر أبي قتادة المقداد الكندي، قال: [فولوا المشركين مدبرين]، وأنزل من
الجبل فأعرض للأخرم فآخذ عنان فرسه، قلت: يا أخرم! أنذر بالقوم، يعني
احذرهم، فإني لا آمن أن يقطعوك، فائتد حتى يلحق رسول الله وأصحابه، قال: يا
سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين
الشهادة، قال: فخليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد
الرحمن، فاختلفا طعنتين فعقر الأخرم بعبد الرحمن، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول
عبد الرحمن على فرس الأخرم، فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن واختلفا طعنتين فعقر بأبي
قتادة، وقتله أبو قتادة، وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم، ثم إني خرجت أعدوا في أثر
القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبي (ص) شيئا، ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى
شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد، فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا
عنه وشدوا في الثنية ثنية بئر وغربت الشمس فألحق بهم رجلا فأرميه، فقلت: خذها

[فولوا المشركين مدبرين كذا في الأصل، والمقصود أن المشركين هم الذين ولوا مدبرين.
557

وأنا ابن الأكوع * واليوم يوم الرضع
فقال: يا ثكلتني أمي أكوعي بكرة، قلت: نعم أي عدو نفسه، وكان الذي رميته
بكرة فاتبعته بسهم آخر فعلق فيه سهمان، وتخلفوا فرسين، فجئت بهما أسوقهما إلى رسول
الله (ص) وهو على الماء الذي جليتهم عنه ذي قرد، فإذا نبي الله (ص) في خمسمائة، وإذا
بلال قد نحر جزورا مما خلفت، فهو يشوي لرسول الله (ص) من كبدها وسنامها، فأتيت
بلال قد نحر جزورا مما خلفت، فهو يشوي لرسول الله (ص) من كبدها وسنامها، فأتيت
رسول الله (ص) فقلت: يا رسول الله! خلني، فانتخب من أصحابك مائة رجل، فآخذ
على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته، قال: (أكنت فاعلا ذاك يا سلمة؟)
[قلت]، نعم والذي أكرم وجهك، فضحك رسول الله (ص) حتى رأيت نواجذه في ضوء
النهار، قال: ثم قال: يقرون الآن بأرض غطفان، فجاء رجل من غطفان، قال مروا على
فلان الغطفاني، فنحر لهم جزورا، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوا
وخرجوا هرابا، فلما أصبحنا قال رسول الله (ص): (خير فرساننا اليوم أبو قتادة،
وخير رجالتنا سلمة)، فأعطاني رسول الله (ص) سهم الفارس والراجل جميعا، ثم أردفني
وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، فلما كان بيننا وبينها قريب من ضحوة، وفي القوم
رجل من الأنصار، كان لا يسبق فجعل ينادي: هل من مسابق، ألا رجل يسابق إلى
المدينة، فعل ذلك مرارا، وأنا وراء رسول الله (ص) مردفا، قلت له: أما تكرم كريما
ولا تهاب شريفا؟ قال: لا إلا رسول الله (ص)، قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي خلني،
فلأسابق الرجل، قال: إن شئت قلت: أذهب إليك، فطفر عن راحلته وثنيت رجلي
فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليها شرفا أو شرفين، يعني استبقيت نفسي ثم إني
عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه بيدي، فقلت سبقتك والله أو كلمة نحوها، قال:
فضحك وقال: أن أظن، حتى قدمنا المدينة.
(2) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صخير العدوي عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (ص) صلاة الخوف بذي
قرد أرض من أرض بني سليم، فصف الناس خلفه صفين: صف خلقه، وصف موازي
العدو، فصلى بالصف الذي يليه ركعة، ثم نهض هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وهؤلاء إلى مصاف
هؤلاء فصلى بهم ركعة.
(3) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الركين الفزاري عن القاسم بن حسان عن زيد بن
ثابت أن رسول الله (ص) صلى صلاة الخوف - فذكر مثل حديث ابن عباس.
558

(39) ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك
(1) حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن
أبيه قال: كان رسول الله (ص) إذا أراد غزوة ورى بغيرها حتى كان غزوة تبوك، سافر
رسول الله (ص) في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا، فجلى للمسلمين عن أمرهم وأخبرهم
بذلك ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بالوجه الذي يريد.
(2) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد
الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال: خرجنا مع رسول الله (ص) عام تبوك حتى جئنا
وادي القرى، وإذا امرأة في حديقة لها، فقال رسول الله (ص): اخرصوا، قال: فخرص
القوم، وخرص رسول الله (ص) عشرة أوسق، وقال للمرأة: احصي ما يخرج منها حتى
أرجع إليك إن شاء الله، قال: فخرج رسول الله (ص): حتى قدم تبوك، فقال: إنها
ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقومن رجل فيها، فمن كان له بعير فليوثق
عقاله)، قال: قال أبو حميد: فعقلناها، فلما كان من الليل هبت ريح شديدة، فقام فيها
رجل فألقته في جبل طئ ثم جاء رسول الله (ص) إلى ملك أيلة، فأهدى إلى رسول الله
(ص) بغلة بيضاء، فكساه رسول الله (ص) بردا، وكتب له رسول الله (ص) ببحرهم، قال:
ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى، فقال للمرأة: (كم حديقتك؟) قالت عشرة
أوسق، خرص رسول الله (ص)، قال رسول الله (ص): (إني متعجل، فمن أحب منكم
أن يتعجل فليفعل)، قال: فخرج رسول الله (ص) وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة
قال: (هذه طابة) فلما رأى أحد قال: هذا جبل يحبنا ونحبه).
(3) حدثنا خالد بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري قال حدثني
ابن شهاب قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال حدثني عبد الله بن
كعب بن مالك عن أبيه كعب قال: إن رسول الله (ص) لما هم ببني الأصفر أن يغزوهم
جلى للناس أمرهم، وكان قل ما أراد غزوة إلا ورى عنها بغيرها، حتى كانت الغزوة،
فاستقبل حرا شديدا وسفرا وعدوا جديدا، فكشف للناس الوجه الذي يخرج بهم إليه

(39 / 1) ورى بغيرها: كان إذا أراد الخروج إلى غزوة في مكان ما أظهر أنه يريد الخروج لمكان آخر لكيلا
تصل الاخبار للعدو فيستعد لان الناس تتحدث بما تسمع وسوق المدينة يدخله الناس من كل
الجزيرة العربية.
559

ليتأهبوا أهبة عدوهم، فتجهز رسول الله (ص) وتجهز الناس معه، وطفقت أغدو لأتجهز
فأرجع ولم أقض شيئا، حتى فرغ الناس وقيل: إن رسول الله (ص) غاد وخارج إلى وجهه،
فقلت: أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم أدركهم، وعندي راحلتان، ما اجتمعت عندي
راحلتان قط قبلهما، فأنا قادر، في نفسي قوي بعدتي، فما زلت أغدو بعده وأرجع ولم
أقض شيئا حتى أمعن القوم وأسرعوا، وطفقت أغدو للحديث، وشغلني الرحال، فأجمعت
القعود حتى سبقني القوم، وطفقت أغدو فلا أرى [إلاسى]، لا أرى إلا رجلا ممن عذر
الله أو رجلا مغموصا عليه في النفاق، فيحزنني ذلك، فطفقت أعد العذر لرسول الله
(ص) إذا جاء وأهيء الكلام، وقدر رسول الله (ص) أن لا يذكرني حتى نزل تبوك، فقال
في الناس بتبوك وهو جالس: (ما فعل كعب بن مالك؟) فقام إليه رجل من قومي فقال:
شغله برداه والنظر في عطفيه، قال: فتكلم رجل آخر فقال: والله يا رسول الله! إن علمنا
عليه إلا خيرا، فصمت رسول الله (ص)، فلما قيل: إن رسول الله (ص) قد أظل قادما
زاح عني الباطل وما كنت أجمع من الكذب والعذر، وعرفت أنه لن ينجيني منه إلا الصدق، فأجمعت صدقه، وصبح رسول الله (ص) المدينة فقدم، فغدوت إليه فإذا هو في
الناس جالس في المسجد وكان إذا قدم من سفر دخل المسجد فركع فيه ركعتين، ثم
دخل على أهله فوجدته جالسا في المسجد فلما نظر إلي دعاني فقال: (هلم يا كعب ما
خلفك عني؟ وتبسم تبسم المغضب قال: قلت: يا رسول الله! لا عذر لي، ما كنت قط
أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، وقد جاءه المتخلفون يحلفون فيقبل منهم ويستغفر
لهم ويكل سرائرهم في ذلك إلى الله عز وجل، فلما صدقته قال: أما هذا فقد صدق فقم
حتى يقضي الله فيك ما هو قاض)، فقمت فقام إلى رجال من بني سلمة فقالوا: والله ما
صنعت شيئا، والله إن كان لكافيك من ذنبك الذي أذنبت استغفار رسول الله (ص) لك
كما صنع ذلك لغيرك، فقد قبل منهم عذرهم واستغفر لهم، فما زالوا يلومونني حتى
هممت أن أرجع فأكذب نفسي، ثم قلت لهم: هل قال هذه المقالة أحد أو اعتذر بمثل ما
اعتذرت به؟ قالوا: نعم، قلت: من؟ قالوا: هلال بن أمية الواقفي وسرارة بن ربيعة
العامري، وذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا قد اعتذرا بمثل الذي اعتذرت به،
وقيل لهما مثل الذي قيل لي، قال: ونهى رسول الله (ص) عن كلامنا فطفقنا نغدو في
الناس، لا يكلمنا أحد ولا يسلم علينا أحد ولا يرد علينا سلاما، حتى إذا مضت أربعون

(39 / 3) [إلاسي] كذا في الأصل والأرجح أنها إما [نفسي] أو [لي أسوة] أي من تشبه حاله حالي وهو
الأصح عندنا هنا.
560

ليلة جاءنا رسول الله (ص) أن اعتزلوا نساءكم، فأما هلال بن أمية فجاءت امرأته إلى
رسول الله (ص) فقالت له: إنه شيخ قد ضعف بصره، فهل تكره أن أصنع له طعامه؟
قال: (لا، ولكن لا يقربنك، قالت: إنه والله ما به حركة إلى شئ، والله ما زال يبكي
منذ كان من أمره ما كان إلى يوم هذا، قال: فقال لي بعض أهلي، لو استأذنت رسول
الله (ص) في امرأتك كما استأذنت امرأة هلال بن أمية، فقد أذن لها أن تخدمه، قال:
فقلت: والله لا أستأذنه فيها، وما أدري ما يقول رسول الله (ص) إن استأذنته، وهو شيخ
كبير وأنا رجل شاب، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك حتى يقضي الله ما هو قاض،
وطفقنا نمشي في الناس ولا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلاما، قال: فأقبلت حتى تسورت
جدارا لابن عم لي (1) في حائطه، فسلمت فما حرك شفتيه يرد علي السلام، فقلت: أنشدك
بالله! أتعلم أني أحب الله ورسوله، فما كلمني كلمة، ثم عدت فلم يكلمني حتى إذا كان في
الثالثة أو الرابعة قال: الله ورسوله أعلم، فخرجت فإني لامشي في السوق إذا الناس
يشيرون إلي بأيديهم، وإذا نبطي من نبط الشام يسأل عني، فطفقوا يشيرون له إلي حتى
جاءني فدفع إلي كتابا من بعض قومي بالشام أنه قد بلغنا ما صنع بك صاحبك وجفوته
عنك فالحق بنا، فإن الله لم يجعلك بدار هوان ولا دار مضيعة، نواسك في أموالنا، قال:
قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، قد طمع في أهل الكفر، فيممت به تنورا فسجرته به،
فوالله إني لعلى تلك الحال التي قد ذكر الله، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وضاقت
علينا أنفسنا، صاحبه خمسين ليلة من نهي عن كلامنا، أنزلت التوبة على رسول الله (ص)، ثم
أذن رسول الله (ص) بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وركض
رجل إلى فرسا (2) وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس،
فنادى: يا كعب بن مالك! أبشر، فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج، فلما جاءني
الذي سمعت صوته حصصت (3) له ثوبين ببشراه، ووالله ما أملك يومئذ ثوبين غيرهما،
واستعرت ثوبين، فخرجت قبل رسول الله (ص) فلقيني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة
الله علي حتى دخلت المسجد فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، ما
قام إلي من المهاجرين غيره، فكان كعب لا ينساها لطلحة، ثم أقبلت حتى وقفت على
رسول الله (ص) كأن وجهه قطعة قمر، كان إذا سر استنار وجهه كذلك، فناداني: هلم يا

(1) لابن عم لي: ابنه عمه المذكور هو أو قتادة.
(2) ركض رجل إلي فرسا: أسرع إلي على فرسه.
(3) حصصت له: وهبته.
561

كعب! أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، قال: فقلت: أمن عند الله أم من
عندك؟ قال: لا، بل من عند الله، إنكم صدقتم الله فصدقكم، قال: فقلت: إن من
توبتي اليوم أن أخرج من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله (ص): أمسك
عليك بعضي مالك، قلت: أمسك سهمي بخيبر، قال كعب: فوالله ما أبلى الله رجلا في
صدق الحديث ما أبلاني.
(4) حدثنا غنذر عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن سعد قال: لما خرج
رسول الله (ص) في غزوة تبوك خلف عليا في النساء والصبيان، فقال: يا رسول الله! تخلفني
في النساء والصبيان، فقال: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي).
(5) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن موسى عن الحسن أن
عثمان أتى رسول الله (ص) بدنانير في غزوة تبوك، فجعل رسول الله (ص) يقلبها في
حجره ويقول: (ما على عثمان بن عفان ما عمل بعد هذا).
(6) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حميد عن أنس أن رسول الله (ص) لما رجع من
غزوة تبوك ودنا من المدينة قال: (إن بالمدينة لأقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم من واد
إلا كانوا معكم فيه، قالوا: يا رسول الله: وهم بالمدينة، قال: نعم حبسهم العذر).
(7) حدثنا هشيم أخبرنا داود بن عمرو عن بشر بن عبيد الله الحضرمي عن أبي
إدريس الخولاني حدثنا عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله (ص) أمر بالمسح على
الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم.
(8) حدثنا جعفر بن عون أخبرنا المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي
كبشة الأنماري عن أبيه قال: لما كان في غزوة تبوك سارع ناس إلى أصحاب الحجر،
فدخلوا عليهم، فبلغ ذلك رسول الله (ص)، فأمر فنودي، إن الصلاة جامعة، قال: فأتيته
وهو ممسك ببعيره وهو يقول: (علام تدخلون على قوم غضب الله عليهم؟) قال:
فناداه رجل تعجبا منهم: يا رسول الله، فقال رسول الله (ص): (أفلا أنبئكم بما هو أعجب
من ذلك؟ رجل من أنفسكم يحدثكم بما كان قبلكم وبما يكون بعدكم، استقيموا

(39 / 6) العذر: أي العذر القاهر كالمرض والشيخوخة، أو عدم امتلاك الظهر أي دابة الركوب.
(39 / 8) أصحاب الحجر هم قبيلة ثمود قوم صالح عليه السلام سكنوا الحجر بين الحجاز وتبوك.
562

وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم
بشئ).
(40) حديث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي
(1) حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن
القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال: بعثنا
رسول الله (ص) في سرية إلى [إن] أضم، قال: فلقينا عامر بن الأضبط، قال: فحيا
بتحية الاسلام، فنزعنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله، فلما قتله سلبه بعيرا له
ومتيعا كان له، فلما قدمنا جئنا بشأنه إلى رسول الله (ص) فأخبرناه بأمره فنزلت هذه
الآية * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا) * الآية، قال ابن
إسحاق: فأخبرني محمد بن جعفر عن زيد بن ضميرة قال: حدثني أبي وعمي وكانا شهدا
حنينا مع رسول الله (ص) قالا: صلى رسول الله (ص) الظهر، ثم جلس تحت شجرة، فقام
إليه الأقرع بن حابس وهو سيد خندف، يرد عن أم محلم، وقام عيينة بن حصن يطلب
بدم عامر بن الأضبط القيسي وكان أشجعيا، قال: فسمعت عيينة بن حصن يقول:
لأذيقن نساءه من الحزن مثل ما أذاق نسائي، فقال النبي (ص): (تقبلون الدية؟ فأبوا،
فقام رجل من بني ليث يقال: له مكتيل فقال: والله يا رسول الله! ما شبهت هذا القتيل في
عزة الاسلام إلا كغنم وردت فرميت فنفر آخرها، أسير اليوم وعير غدا، قال: فقال النبي
(ص) بيديه: لكم خمسون في سفرنا هذا، وخمسون إذا رجعنا)، قال: فقبلوا الدية،
قال: فقالوا: ائتوا بصاحبكم يستغفر له رسول الله (ص)، قال: فجئ به فوصلت حليته
وعليه حلة قد تهيأ فيها للقتل حتى أجلس بين يدي النبي (ص) فقال: (ما أسمك؟ قال:
محلم بن جثامة، فقال النبي (ص) بيديه ووصف أنه رفعهما، اللهم لا تغفر لمحلم بن
جثامة)، قال: فتحدثنا بيننا أنه إنما أظهر هذا، وقد استغفر له في السر، قال ابن
إسحاق: فأخبرني عمرو بن عبيد عن الحسن قال: قال له رسول الله (ص): (أمنته بالله ثم
قتلته)، فوالله ما مكث إلا سبعا حتى مات محلم، قال: فسمعت الحسن يحلف بالله: لدفن
ثلاث مرات كل ذلك تلفظه الأرض، قال: فجعلوه بين سدي جبل ورصوا عليه من
الحجارة، فأكلته السباع فذكروا أمره لرسول الله (ص) فقال: (أما والله! إن الأرض
لتطبق على من هو شر منه، ولكن الله أراد أن يخبركم بحرمتكم فيما بينكم).

(40 / 1) سورة النساء الآية (94).
563

(41) ما ذكروا في أهل نجران
وما أراد النبي (ص)
(1) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: لما أراد رسول الله (ص) أن يلاعن أهل
نجران قبلوا الجزية أن يعطوها، فقال رسول الله (ص): (لقد أتاني البشير بهلكة أهل
نجران لو تموا على الملاعنة حتى الطير على الشجر أو العصفور على الشجر)، ولما
غدا إليهم رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين، وكانت فاطمة تمشي خلفه.
(2) حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي قال:
كتب رسول الله (ص) إلى أهل نجران وهم نصارى (أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة
له).
(3) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد أن عمر أجلى أهل نجران اليهود
والنصارى، واشترى بياض أرضهم وكرومهم، فعامل عمر الناس إن هم جاءوا بالبقر
والحديد من عندهم فلهم الثلثان ولعمر الثلث، وإن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر،
وعاملهم النخل على أن لهم الخمس ولعمر أربعة أخماس، وعاملهم الكرم على أن لهم الثلث
ولعمر الثلثان.
(4) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن سالم قال: كان أهل نجران قد بلغوا أربعين
ألفا، قال: وكان عمر يخافهم أن يميلوا على المسلمين فتحاسدوا بينهم، قال: فأتوا عمر،
فقالوا: إنا قد تحاسدنا بيننا فأجلنا، قال: وكان رسول الله (ص) قد كتب لهم كتابا أن لا
يجلوا، قال: فاغتنمها عمر فأجلاهم، فندموا فأتوه فقالوا أقلنا، فأبى أن يقيلهم، فلما
قدم علي أتوه فقالوا: إنا نسألك بخط يمينك وشفاعتك عند نبيك ألا أقلتنا، فأبى وقال:
ويحكم، إن عمر كان رشيد الامر، قال سالم: فكانوا يرون أن عليا لو كان طاعنا على
عمر في شئ من أمره طعن عليه في أهل نجران.

(41 / 3) لعمر أي لبيت مال المسلمين وإنما قيل لعمر لأنه كان هو القائم بأمر المسلمين في ذلك لأنه أمير
المؤمنين وخليفة خليفة رسول الله (ص).
(41 / 4) أجلنا: أخرجنا من أرضنا إلى بلاد أخرى.
564

(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن
حذيفة قال: أتى النبي (ص) أسقفا نجران العاقب والسيد فقالا: ابعث معنا رجلا أمينا حق
أمين حق أمين، فقال: (لأبعثن معكم رجلا حق أمين، فاستشرف لها أصحاب محمد،
قال قم يا أبا عبيدة بن الجراح)، فأرسله معهم.
(6) حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن سماك عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة
قال: بعثني رسول الله (ص) إلى نجران فقالوا لي: إنكم تقرأون * (يا أخت هارون) * وبين موسى
وعيسى ما شاء الله من السنين؟ فلم أدر ما أجيبهم به، حتى رجعت إلى النبي (ص) فسألته
فقال: (ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين من قبلهم).
(7) حدثنا معمر عن أبيه عن قتادة قال: قال رسول الله (ص) لأسقف نجران: (يا
أبا الحارث! أسلم، فقال: إني مسلم، قال: يا أبا الحارث! أسلم، قال: قد أسلمت قبلك،
قال نبي الله (ص): كذبت، منعك من الاسلام ثلاثة: ادعاؤك لله ولدا، وأكلك الخنزير، وشربك الخمر).
(42) ما جاء في وفاة النبي (ص)
(1) حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر قال: لما قبض رسول الله (ص)
كان أبو بكر في ناحية المدينة، فجاء فدخل على رسول الله (ص) وهو مسجى، فوضع فاه
على جبين رسول الله (ص) فجعل يقبله ويبكي ويقول: بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا،
فلما خرج مر بعمر بن الخطاب وهو يقول: ما مات رسول الله (ص) ولا يموت حتى يقتل
الله المنافقين، قال: وكانوا قد استبشروا بموت رسول الله (ص)، فرفعوا رؤوسهم، فقال:
أيها الرجل! أربع على نفسك، فإن رسول الله قد مات، ألم تسمع الله يقول: (إنك ميت
وإنهم ميتون) * وقال * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) * قال:
ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن كان محمد إلهكم الذي
تعبدون فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا
* (وما محمد إلا رسول) * سورة آل عمران من الآية (144). (*)

(41 / 5) وقد سمي (ص) أبا عبيدة رضي الله عنه أمين الأمة.
(41 / 6) سورة مريم الآية (28).
(42 / 1) * (إنك ميت وإنهم ميتون) * سورة الزمر الآية (30).
* (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) * سورة الأنبياء الآية (34).
565

* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم) * حتى ختم الآية، ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم، وأخذت
المنافقين الكآبة قال عبد الله بن عمر: فوالذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا
أغطية فكشفت.
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريح عن أبيه أنهم شكوا في قبر النبي (ص)
أين يدفنونه؟ فقال أبو بكر: سمعت النبي (ص) يقول: (إن النبي لا يحول عن مكانه،
يدفن حيث يموت) فنحوا فراشه فحفروا له موضع فراشه.
(3) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير
قال: كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو، فجعلت أحدثهما
عن رسول الله (ص) فقالا. إن كان حقا ما تقول فقد مر صاحبك على أجله منذ ثلاث،
فأقبلت وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق وقع لنا ركب من قبل المدينة،
فسألناهم فقالوا: قبض رسول الله (ص) واستخلف أبو بكر والناس صالحون، قال: فقالا
لي: أخبر صاحبك أنا قد جئنا، ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن، قال:
فأخبرت أبا بكر بحديثهم، قال: أفلا جئت بهم! قال: فلما كان بعد قال لي ذو عمرو: يا جرير!
إن بك علي كرامة، وإني مخبرك خبرا، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير
تأمرتم في آخر فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضي الملوك.
(4) حدثنا جعفر بن عون عن ابن جريج عن عطاء، قال: بلغنا أن رسول الله (ص)
حين مات، قال: أقبل الناس يدخلون فيصلون عليه ثم يخرجون ويدخل آخرون كذلك،
قال: قلت لعطاء: يصلون ويدعون؟ قال: يصلون ويستغفرون.
(5) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال: لم يؤم على النبي (ص) إمام، وكانوا يدخلون أفواجا يصلون ويخرجون.
(6) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: لما
قبض النبي (ص) جعلت أم أيمن تبكي، فقيل لها: لم تبكين يا أم أيمن؟ قالت: أبكي على
خبر السماء انقطع عنا.

(وما محمد إلا رسول) * سورة آل عمران من الآية (144).
(42 / 6) لان الوحي انقطع بوفاة الرسول (ص).
566

(7) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: لما قبض النبي
(ص) قال أبو بكر لعمر أو عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، فانطلقا إليها
فجعلت تبكي، فقالا لها: يا أم أيمن! إن ما عند الله خير لرسول الله (ص) فقالت: قد
علمت أن ما عند الله خير لرسول الله (ص)، ولكني أبكي على خبر السماء، انقطع عنا،
فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها.
(8) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال: خرجت صفية وقد قبض النبي (ص)
وهي تلمع بثوبها - يعني تشير به - وهي تقول:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
(9) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن الذي ولي دفن رسول الله (ص) وإجنانه أربعة نفر دون الناس: علي وعباس والفضل وصالح مولى
النبي (ص)، فلحدوا له ونصبوا عليه اللبن نصبا.
(10) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: دخل قبر النبي (ص)
علي والفضل وأسامة، قال الشعبي: وحدثني مرحب - أو ابن أبي مرحب - أن عبد
الرحمن بن عوف دخل معهم القبر.
(11) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن الشعبي قال: غسل النبي (ص) علي
والفضل وأسامة، قال: وحدثني ابن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف دخل معهم
القبر، قال: وقال الشعبي: من يلي الميت إلا أهله، وفي حديث ابن إدريس عن أبي خالد:
وجعل علي يقول: بأبي وأمي طبت حيا وميتا.
(12) حدثنا ابن إدريس عن ابن جريح عن محمد بن علي قال: غسل النبي (ص) في
قميص، فولي علي سفلته، والفضل محتضنه، والعباس يصب الماء، قال: والفضل يقول:
أرحني قطعت وتيني، إني لأجد شيئا ينزل علي، قال: وغسل من بئر سعد بن خيثمة بقباء
وهي البئر التي يقال لها: بئر أريس، قال: وقد والله شربت منها واغتسلت.
(13) حدثنا عبد الأعلى وابن مبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
أن عليا التمس من النبي كرمه الله ما يلتمس من الميت، فلم يجد شيئا فقال: بأبي وأمي
طبت حيا وطبت ميتا.

(42 / 12) سفلته: أي من فخذيه إلى قدميه. محتضنه: أي جذعه.
567

(14) حدثنا يحيى بن سعيد عن جعفر عن أبيه قال: لما أرادوا أن يغسلوا النبي (ص)
كان عليه قميص، فأرادوا أن ينزعوه، فسمعوا نداء من البيت أن لا تنزعوا القميص.
(15) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة عن عائشة وابن عباس أن أبا بكر قبل النبي (ص) بعد ما مات.
(16) حدثنا عبد العزيز بن أبان بن عثمان عن معمر عن الزهري عن أنس قال: لما
قبض رسول الله (ص) بكى الناس، فقام عمر في المسجد خطيبا، فقال: لا أسمع أحدا
يزعم أن محمدا قد مات، ولكن أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى ربه، فقد أرسل الله
إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن تقطع أيدي رجال وأرجلهم
يزعمون أنه مات.
(17) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري
قال: خرج علينا رسول الله (ص) يوما ونحن في المسجد وهو عاصب رأسه بخرقة في المرض
الذي مات فيه، فأهوى قبل المنبر حتى استوى عليه فاتبعناه، فقال: (والذي نفسي بيده!
إني لقائم على الحوض الساعة، وقال: إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار
الآخرة) فلم يفطن بها أحد إلا أبو بكر، فذرفت عيناه فبكى وقال: بأبي أنت وأمي، بل
نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا، قال: ثم هبط فما قام عليه حتى الساعة - (ص).
(18) حدثنا حاتم عن جعفر عن أبيه قال: لما ثقل النبي (ص) قال: أين أكون
عدا؟ قالوا: عند فلانة، قال: أين أكون بعد غد؟) قالوا: عند فلانة، فعرفن أزواجه
أنه إنما يريد عائشة، فقلن: يا رسول الله! قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة. (19) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن موسى بن أبي عائشة قال: حدثني عبيد الله
ابن عبد الله بن عتبة قال: أتيت عائشة فقلت: حدثيني عن مرض رسول الله (ص)،
قالت: نعم، مرض رسول الله (ص) فثقل فأغمي عليه فأفاق، فقال: ضعوا لي ماء في
المخضب)، ففعلنا، قالت: فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: (ضعوا لي
ماء في المخضب)، ففعلنا، قالت: فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه، قالت: ثم أفاق

(42 / 17) هبط فما قام عليه حتى الساعة: أي نزل عن المنبر فلم يصعده مرة ثانية إذ مرض مرض وفاته.
(42 / 19) المخضب: وعاء واسع يجلس فيه من يريد الاغتسال وسمي كذلك لأنه كان أصلا لاستعمال النساء
إذا أردن الخضاب.
568

فقال: (ضعوا لي ماء في المخضب)، قالت: قلت: قد فعلنا، قالت: فاغتسل ثم ذهب
لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، فقال: (أصلى الناس بعد؟) فقلنا: لا يا رسول الله! هم
ينتظرونك، قالت: والناس عكوف ينتظرون رسول الله (ص) ليصلي بهم عشاء الآخرة،
قالت: فاغتسل رسول الله (ص) ثم ذهب لينوء فأغمى عليه ثم أفاق فقال: (أصلي الناس
بعد؟) قلت: لا، فأرسل رسول الله (ص) إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، قالت: فأتاه
الرسول فقال: إن رسول الله (ص) يأمرك أن تصلي بالناس، فقال: يا عمر! صل بالناس،
فقال: أنت أحق، إنما أرسل إليك رسول الله (ص)، قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك
الأيام، ثم إن رسول الله (ص)، وجد خفة من نفسه، فخرج لصلاة الظهر بين العباس
ورجل آخر، فقال لهما: أجلساني عن يمينه)، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر،
فأمره أن يثبت مكانه، قالت: فأجلساه عن يمينه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله
(ص) وهو جالس، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، قال: فأتيت ابن عباس فقلت: ألا
أعرض عليك ما حدثتني عائشة؟ قالت: هات، فعرضت عليه هذا فلم ينكر منه شيئا إلا
أنه قال: أخبرتك من الرجل الآخر؟ قال: قلت: لا، فقال: هو علي رحمه الله.
(20) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: لما
توفي رسول الله (ص) قام خطباء الأنصار، فجعل الرجل منهم يقول: يا معشر المهاجرين!
إن رسول الله (ص) كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا، فنرى أن يلي هذا
الامر رجلان أحدهما منكم والآخر منا، قال: فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك، فقام
زيد بن ثابت فقال: إن رسول الله (ص) كان من المهاجرين وإن الامام إنما يكون من
المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله، فقام أبو بكر فقال: جزاكم الله خيرا يا
معشر الأنصار! وثبت قائلكم، ثم قال: والله لو فعلتم غير ذلك لما صالحتكم.
(21) حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة
قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: لما توفي رسول الله (ص) وضع على سريره، فكان
الناس يدخلون زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم أحد، وتوفي يوم الاثنين،
ودفن يوم الثلاثاء - (ص).

الناس عكوف: أي قد جلسوا في المسجد ولم يغادروه.
وجد خفة من نفسه: أحس نفسه نشطا.
569

(43) ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة
(1) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة يحدث عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال: حج عمر فأراد أن
يخطب الناس خطبة، فقال عبد الرحمن بن عوف: إنه قد اجتمع عندك رعاع الناس
وسفلتهم، فأخر ذلك حتى تأتي المدينة، قال: فلما قدمت المدينة دنوت قريبا من المنبر،
فسمعته يقول: إني قد عرفت أن أناسا يقولون: إن خلافة أبي بكر فلتة، وإنما كانت فلتة
ولكن الله وقى شرها، إنه لا خلافة إلا عن مشورة.
(2) حدثنا عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن عبد الملك بن أبي بكر عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: كنت أختلف إلى عبد الرحمن بن عوف
ونحن بمنى مع عمر بن الخطاب، أعلم عبد الرحمن بن عوف القرآن، فأتيته في المنزل فلم
أجده فقيل: هو عند أمير المؤمنين، فانتظرته حتى جاء فقال لي: قد غضب هذا اليوم
غضبا ما رأيته غضب مثله منذ كان، قال: قلت لم ذلك؟ قال: بلغه أن رجلين من
الأنصار ذكرا بيعة أبي بكر فقالا: والله ما كانت إلا فلتة، فما يمنع امرءا إن هلك هذا
أن يقوم إلى من يحب فيضرب على يده فتكون كما كانت، قال: فهم عمر أن يكلم الناس،
قال: فقلت: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنك ببلد قد اجتمعت إليه أفناء العرب كلها،
وإنك إن قلت مقالة حملت عنك وانتشرت في الأرض كلها، فلم تدر ما يكون في ذلك،
وإنما يعينك من قد عرفت أنه سيصير إلى المدينة، فلما قدمنا المدينة رحت مهجرا حتى
أخذت عضادة المنبر اليمنى، وراح إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حتى جلس معي،
فقلت: ليقولن هذا اليوم مقالة ما قالها منذ استخلف، قال: وما عسى أن يقول، قلت:
ستسمع ذلك، قال: فلما اجتمع الناس خرج عمر حتى جلس على المنبر ثم حمد الله وأثنى
عليه ثم ذكر رسول الله (ص) فصلى عليه ثم قال: إن الله أبقى رسوله بين أظهرنا ينزل عليه
الوحي من الله يحل به ويحرم، ثم قبض الله رسوله فرفع منه ما شاء أن يرفع، وأبقى منه ما
شاء أن يبقي، فتشبثنا ببعض، وفاتنا بعض، فكان مما كنا نقرأ من القرآن (لا ترغبوا عن
آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) ونزلت آية الرجم، فرجم النبي (ص) ورجمنا
معه، والذي نفس محمد بيده! لقد حفظتها وعلمتها وعقلتها لولا أن يقال: كتب عمر في
المصحف ما ليس فيه، لكتبتها بيدي كتابا، والرجم على ثلاثة منازل: حمل بين، أو
اعتراف من صاحبه، أو شهود عدل، كما أمر الله، وقد بلغني أن رجالا يقولون في
570

خلافة أبي بكر أنها كانت فلتة ولعمري إن كانت كذلك، ولكن الله أعطى خيرها ووقى
شرها، وإياكم هذا الذي تنقطع إليه الأعناق كانقطاعها إلى أبي بكر، أنه كان من شأن
الناس أن رسول الله (ص) توفي فأتينا فقيل لنا: إن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني
ساعدة مع سعد بن عبادة يبايعونه، فقمت وقام أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح نحوهم
فزعين أن يحدثوا في الاسلام فتقا، فلقينا رجلان من الأنصار رجل صدق عويم بن ساعدة
ومعن بن عدي، فقالا: أين تريدون؟ فقلنا: قومكم لما بلغنا من أمرهم، فقالا: ارجعوا
فإنكم لن تخالفوا، ولن يؤت شئ تكرهونه، فأبينا إلا أن نمضي، وأنا أزوي كلاما أريد
أن أتكلم به، حتى انتهينا إلى القوم وإذا هم عكوف هنالك على سعد بن عبادة وهو على
سرير له مريض، فلما غشيناهم تكلموا فقالوا: يا معشر قريش! منا أمير ومنكم أمير،
فقام الحباب بن المنذر فقال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، إن شئتم والله رددناها
جذعة، فقال أبو بكر على رسلكم، فذهبت لأتكلم فقال: أنصت يا عمر، فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأنصار! إنا والله ما ننكر فضلكم ولا بلاءكم في الاسلام ولا
حقكم الواجب علينا، ولكنكم قد عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس
بها غيرهم، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، فاتقوا
الله ولا تصدعوا الاسلام، ولا تكونوا أول من أحدث في الاسلام، ألا وقد رضيت لكم
أحد هذين الرجلين لي ولأبي عبيدة بن الجراح، فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة، قال: فوالله ما
بقي شئ كنت أحب أن أقوله إلا وقد قاله يومئذ غير هذه الكلمة، فوالله لان أقتل ثم
أحيى ثم أقتل ثم أحيى في غير معصية أحب إلي من أن أكون أميرا على قوم فيهم أبو بكر،
قال: ثم قلت: يا معشر الأنصار! يا معشر المسلمين! إن أولى الناس بأمر رسول الله (ص)
من بعده ثاني اثنين إذ هما في الغار أبو بكر السباق المبين، ثم أخذت بيده وبادرني رجل

(43 / 2) الجذيل: تصغير جذل وهو عود من الحطب في جدك الإبل تحتك به فتستريح.
العذيق، تصغير عذق النخلة، والمرجب من الترجيب وهو بناء يساعده لكثرة الحمل فلا ينكسر
العذق.
وقد روي هذا الحديث في سيرة ابن هشام عن ابن إسحاق أن عبد الله بن أبي بكر ثني عن ابن
شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس بنفس السياق
الموجود هنا مع اختلاف بعض الألفاظ ولا خلاف في المعنى، ولم يذكر عويم بن ساعدة ومعن بن
عدي بالاسم إلا أنه ذكرهما فموضع آخر: قال ابن إسحاق: قال الزهري: أخبرني عروة بن
الزبير أن أحد الرجلين لقوا من الأنصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة والآخر معن بن
عدي أخو بني عجلان.
571

من الأنصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده ثم ضربت على يده وتتابع الناس،
وميل على سعد بن عبادة فقال الناس: قتل سعد، فقلت: اقتلوه قتله الله، ثم انصرفنا وقد جمع
الله أمر المسلمين بأبي بكر فكانت لعمر الله كما قتلتم، أعطى الله خيرها ووقى شرها، فمن
دعا إلى مثلها فهو للذي لا بيعة له ولا لمن بايعه.
(3) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: لما قبض
رسول الله (ص) قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، قال: فأتاهم عمر فقال: يا معاشر
الأنصار! ألستم تعلمون أن رسول الله (ص) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: بلى،
قال: فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، فقالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.
(4) حدثنا محمد بن بشر نا عبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أنه
حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول
الله (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل
على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله (ص)! والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك، وما من
أحد أحب إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك،
إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت، قال: فلما خرج عمر جاؤوها فقالت: تعلمون أن عمر
قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه،
فانصرفوا راشدين، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى
بايعوا لأبي بكر.
(5) حدثنا ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن
النبي (ص)، كانا في الأنصار فدفن قبل أن يرجعا.
(6) حدثنا ابن إدريس عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: دخل عمر
على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينضنضه، فقال له عمر: الله الله يا خليفة رسول الله! وهو
يقول: هاه إن هذا أوردني الموارد.
(7) حدثنا وكيع عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال رجل لأبي بكر: يا
خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله، أنا راض بذلك.
(8) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي بن حراش عن
ربعي عن حذيفة قال: كنا جلوسا عند النبي (ص) فقال: (إني لا أدري ما قدر بقائي
572

فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار
وما حدثكم ابن مسعود من شئ فصدقوه).
(9) حدثنا وكيع عن سالم المرادي أبي العلاء عن عمرو بن هرم عن ربعي بن حراش
وأبي عبد الله رجل من أصحاب حذيفة عن حذيفة قال: كنا جلوسا عند النبي (ص) -
فذكر مثل حديث عبد الملك بن عمير إلا أنه قال: (تمسكوا بعهد ابن أم عبد).
(10) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن محمد عن رجل من بني زريق قال: لما كان
ذلك اليوم خرج أبو بكر وعمر حتى أتيا الأنصار، فقال أبو بكر: يا معشر الأنصار! إنا
لا ننكر حقكم ولا ينكر حقكم مؤمن، وإنا والله ما أصبنا خيرا إلا ما شاركتمونا فيه،
ولكن لا ترضى العرب ولا تقر إلا على رجل من قريش لأنهم أفصح الناس ألسنة،
وأحسن الناس وجوها، وأوسط العرب دارا، وأكثر الناس [سجية] في العرب، فهلموا إلى
عمر فبايعوه، قال: فقالوا: لا، فقال عمر: لم؟ فقالوا: نخاف الأثرة، قال عمر: أما ما
عشت فلا، قال: فبايعوا أبا بكر، فقال أبو بكر لعمر: أنت أقوى مني، فقال عمر: أنت
أفضل مني، فقالاها الثانية، فلما كانت الثالثة قال له عمر: إن قوتي لك مع فضلك، قال:
فبايعوا أبا بكر، قال محمد: وأتي الناس عند بيعة أبي بكر أبا عبيدة بن الجراح فقال:
أتأتوني وفيكم ثالث ثلاثة - يعني أبا بكر قال ابن عون: فقلت لمحمد: من ثالث ثلاثة
قال: قول الله * (ثاني اثنين إذ هما في الغار) *.
(11) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العنبس عن ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة
وسئلت: يا أم المؤمنين من كان رسول الله (ص) يستخلف أو استخلف؟ قالت: أبو بكر
قال: ثم قيل لها: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قيل: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن
الجراح.
(12) حدثنا ابن نمير عن عبد الملك بن سبع عن عبد خير قال: سمعت عليا يقول:
قبض رسول الله (ص) على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء، قال: ثم استخلف أبو بكر
فعمل بعمل رسول الله (ص) وبسنته، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد،

(43 / 10) [سجية] وفي نسخة شجنة. والسجية: الكرامة والمكانة، والشجنة: العلائق والأرحام وكلا المعنيين
ممكن ههنا.
* (ثاني اثنين إذ هما في الغار) * سورة التوبة من الآية (40).
573

وكان خير هذه الأمة بعد نبيها، ثم استخلف عمر فعمل بعملها وسنتهما ثم قبض على خير
ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر.
(13) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة قال: لما ارتد على عهد أبي بكر أراد أبو بكر أن يجاهدهم فقال عمر:
أتقاتلهم وقد سمعت رسول الله (ص) يقول: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله حرم ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال أبو بكر: أنا لا أقاتل من
فرق بين الصلاة والزكاة؟ والله لأقاتلن من فرق بينهما حتى أجمعهما، قال عمر: فقاتلنا معه
فكان والله رشدا، فلما ظفر بمن ظفر به منهم قال: اختاروا بين خطتين: إما حرب مجلية،
وإما الخطة المخزية، قالوا: هذه الحرب المجلية قد عرفناها، فما الخطة المخزية؟ قال:
تشهدون على قتلانا أنهم في الجنة وعلى قتلاكم أنهم في النار، ففعلوا.
(14) حدثنا يزيد بن هارون عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد
الرحمن بن أبي عون عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها كانت تقول: توفى رسول الله (ص)
فنزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها، اشرأب النفاق بالمدينة، وارتدت العرب، فوالله
ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وفنائها في الاسلام، وكانت تقول مع هذا: ومن
رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خلق غناء للاسلام، كان والله أحوذيا نسج وحده، قد
أعد للأمور أقرانها.
(44) ما جاء في خلافة عمر بن الخطاب
(1) حدثنا وكيع وابن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد بن الحارث أن
أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه، فقال الناس: تستخلف علينا فظا
غليظا، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ، فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا
عمر، قال أبو بكر: أبربي تخوفونني، أقول اللهم استخلفت عليهم خير خلقك، ثم أرسل
إلى عمر فقال: إني موصيك بوصية إن أنت حفظتها: إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل
وإن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة، وإنما ثقلت موازين

(43 / 14) هاضها: هدمها وجعلها قاعا صفصفا. اشرأب النفاق: ظهر أمره.
قد أعد للأمور أقرانها: قد أعد لكل أمر عدته المناسبة.
574

من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم، وحق لميزان لا يوضع
فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم
الباطل وخفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا، وأن الله
ذكر أهل الجنة بصالح ما عملوا، وأنه تجاوز عن سيئاتهم، فيقول القائل: ألا أبلغ هؤلاء،
وذكر أهل النار بأسوأ ما عملوا، وأنه رد عليهم صالح ما عملوا، فيقول قائل: أنا خير
من هؤلاء، وذكر آية الرحمة وآية العذاب، ليكون المؤمن راغبا وراهبا، لا يتمنى على الله
غير الحق ولا يلقي بيده إلى التهلكة، فإن أنت حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك
من الموت، وإن أنت ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليه من الموت، ولن تعجزه.
(2) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت عمر بن الخطاب
وبيده عسيب نخل وهو يجلس الناس ويقول: اسمعوا لقول خليفة رسول الله، قال فجاء
مولى لأبي بكر يقال له شديد بصحيفة، فقرأها على الناس فقال: يقول أبو بكر اسمعوا
وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة، فوالله ما ألوتكم، قال قيس: فرأيت عمر بن الخطاب بعد
ذلك على المنبر.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال:
أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه، والتي قالت: * (استأجره إن
خير من استأجرت القوي الأمين) * والعزيز حين قال لامرأته: * (أكرمي مثواه) *.
(4) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: جئت وإذا عمر واقف
على حذيفة وعثمان بن حنيف، فقال: تخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، فقال
حذيفة: لو شئت لأضعفت أرضي، وقال عثمان: لقد حملت أرضي أمرا هي له مطيقة،
وما فيها كثير فضل، فقال: انظرا ما لديكما أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق، ثم قال: والله
لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن بعدي إلى أحد أبدا، قال: فما أتت
عليه إلا أربعة حتى أصيب، وكان إذا دخل المسجد قام بين الصفوف فقال: استووا،
فإذا استووا تقدم فكبر، قال: فما كبر طعن مكانه، قال فسمعته يقول: قتلني الكلب - أو
أكلني الكلب، قال عمرو: ما أدري أيهما قال؟ قال: وما بيني وبينه غير ابن عباس، فأخذ

(44 / 2) عسيب النخل: الجريد والمقصود هنا جريد نخل قد أزيل ورقه.
(44 / 3) * (استأجره إن خير من استأجرت) * سورة القصص من الآية (26).
* (أكرمي مثواه) * سورة يوسف من الآية (21).
575

عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه وطار العلج وبيده سكين ذات طرفين، ما يمر برجل
يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى أصاب منهم ثلاثة عشر رجلا، فمات منهم تسعة، قال فلما
رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا ليأخذه، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، قال:
فصلينا الفجر صلاة خفيفة، قال: فأما نواحي المسجد فلا يدرون ما الامر إلا أنهم حيث
فقدوا صوت عمر جعلوا يقولون: سبحان الله - مرتين، فلما انصرفوا كان أول من دخل
عليه ابن عباس فقال: انظر من قتلني؟ قال: فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة
لصناع، وكان نجارا، قال: فقال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي
الاسلام، قاتله الله، لقد أمرت به معروفا، قال: ثم قال لابن عباس: لقد كنت أنت
وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، قال: فقال ابن عباس: إن شئت فعلنا، فقال:
بعدما تكلموا بكلامكم وصلوا صلاتكم ونسكوا نسككم؟ قال: فقال له الناس: ليس
عليك بأس، قال: فدعا بنبيذ فشرب فخرج من جرحه، ثم دعا بلبن فشربه فخرج من
جرحه، فظن أنه الموت، فقال لعبد الله بن عمر: انظر ما علي من الدين فأحسبه، فقال:
ستة وثمانين ألفا، فقال: إن وفى بها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم، وإلا فسل بني
عدي بن كعب، فإن تفي من أموالهم وإلا فسل قريشا ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدها
عني، اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلم وقل: يستأذن عمر بن الخطاب - ولا تقل: أمير
المؤمنين، فإني لست لهم اليوم بأمير - أن يدفن مع صاحبيه، قال: فأتاها عبد الله بن عمر
فوجدها قاعدة تبكي، فسلم ثم قال: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه،
قالت: قد والله كنت أريده لنفسي، ولأؤثرنه اليوم على نفسي، فلما جاء قيل: هذا
عبد الله بن عمر، قال: فقال: ارفعاني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: أذنت
لك، قال: فقال عمر: ما كان شئ أهم عندي من ذلك، ثم قال: إذا أنامت فاحملوني
على سريري ثم قف بي على الباب ثم استأذن فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت
لك فأدخلني، وإن لم تأذن فردني إلا مقابر المسلمين، قال: فلما حمل كأن الناس لم تصبهم
مصيبة إلا يومئذ، قال: فسلم عبد الله بن عمر وقال: يستأذن عمر بن الخطاب، فأذنت له
حيث أكرمه الله مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر، فقالوا له حين حضره الموت:
استخلف، فقال: لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله
(ص) وهو عنهم راض، فأيهم استخلفوا فهو الخليفة بعدي، فسمى عليا وعثمان وطلحة
(44 / 4) الذي طعن عمر رضي الله عنه هو أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي وقيل أن ذلك كان مؤامرة منه مع
غيره من المجوس الأسرى الذين جئ بهم أسرى إلى المدينة. (*)
576

والزبير و عبد الرحمن بن عوف وسعدا، فإن أصابت سعدا فذلك، وإلا فأيم استخلف
فليستعن به، فإني لم انزعه عن عجز ولا خيانة، قال: وجعل عبد الله بن عمر يشاور معهم
وليس له من الامر شئ، قال: فلما اجتمعوا قال عبد الرحمن بن عوف: إجعلوا أمركم إلى
ثلاثة نفر، قال: فجعل الزبير أمره إلى علي وجعل طلحة أمره إلى عثمان، وجعل سعد
أمره إلى عبد الرحمن، قال: فأتمروا أولئك الثلاثة حين جعل الامر إليهم، قال: فقال عبد
الرحمن: أيكم يتبرأ من الامر؟ ويجعل الامر إلي، ولكم الله علي أن لا آلو عن أفضلكم
وخيركم للمسلمين، فأسكت الشيخان علي وعثمان، فقال عبد الرحمن: تجعلانه إلي وأنا
أخرج منها، فوالله لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين قالوا: نعم، فخلا بعلي فقال: إن
لك من القرابة من رسول الله (ص) والقدم ولي الله عليك لئن استخلف لتعدلن ولئن
استخلف عثمان لتسمعن ولتطيعن، قال: فقال: نعم، قال: وخلا بعثمان فقال مثل ذلك،
فقال له عثمان: نعم، ثم قال: يا عثمان! ابسط يدك، فبسط يده فبايعه وبايعه علي والناس،
ثم قال عمر: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله والمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم،
ويعرف لهم حرمتهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا، فإنهم ردء الاسلام وغيظ العدو وجباة
الأموال أن لا يؤخذ منهم فيئهم إلا عن رضا منهم، وأوصيه بالأنصار خيرا: الذين تبوأوا
الدار والايمان أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وأوصيه بالاعراب خيرا فإنهم
أصل العرب ومادة الاسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم، وأوصيه
بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم وأن يقاتل من
وراءهم.
(5) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أن
عمر بن الخطاب لما حضر قال: ادعوا لي عليا وطلحة والزبير وعثمان وعبد الرحمن بن
عوف وسعدا، قال: فلم يكلم أحدا منهم إلا عليا وعثمان، فقال: يا علي! لعل هؤلاء القوم
يعرفون قرابتك وما آتاك الله من العلم والفقه، واتق الله، وإن وليت هذا الامر فلا ترفعن
بني فلان على رقاب الناس، وقال لعثمان: يا عثمان! إن هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك
صهرك من رسول الله (ص) وسنك وشرفك، فإن أنت وليت هذا الامر فاتق الله، ولا
ترفع بني فلان على رقاب الناس، فقال: ادعوا لي صهيبا، فقال: صل بالناس ثلاثا،
وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا، فإن اجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم.
(6) حدثنا ابن إدريس عن طلحة بن يحيى عن عميه عيسى بن طلحة وعروة بن
577

الزبير قالا: قال عمر: ليصل لكم صهيب ثلاثا، وانظروا فإن كان ذلك وإلا فإن أمر
محمد لا يترك فوق ثلاث سدي. (7) حدثنا ابن علية عن شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني عن
معدان بن أبي طلحة اليعمري أن عمر بن الخطاب قام خطيبا يوم جمعة - أو خطب يوم جمعة - فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر نبي الله (ص) وأبا بكر ثم قال: أيها الناس! إني قد
رأيت رؤيا كأن ديكا أحمر نقرني نقرتين، ولا أرى ذلك إلا لحضور أجلي، وإن الناس
يأمرونني أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينه وخلافته، والذي بعث به نبيه فإن
عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله (ص) وهو
عنهم راض، فأيهم بايعتم له فاسمعوا له وأطيعوا، وقد عرفت أن رجالا سيطعنون في هذا
الامر، وإني قاتلتهم بيدي هذه على الاسلام، فإن فعلوا ذلك فأولئك أعداء الله الكفرة
الضلال، إني والله ما أدع بعدي أهم إلي من أمر الكلالة، وقد سألت رسول الله (ص)،
فما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيها حتى طعن بإصبعه في جنبي أو صدري، ثم قال: (يا
عمر! تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر النساء)، وإن أعش فسأقضي فيها قضية
لا يختلف فيها أحد يقرأ القرآن أو لا يقرأ القرآن، ثم قال: اللهم إني أشهدك على أمراء
الأمصار، فإني إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم، ويقسموا فيهم فيئهم.
ويعدلوا فيهم، فمن أشكل عليه شئ رفعه إلي، ثم قال: أيها الناس! إنكم تأكلون
شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا الثوم وهذا البصل، لقد كنت أرى الرجل على عهد
رسول الله (ص) يوجد ريحه منه فيؤخذ بيده حتى يخرج به إلى البقيع، فمن كان آكلهما لا
بد فليمتهما طبخا، قال: فخطب بها عمر يوم الجمعة، وأصيب يوم الأربعاء لأربع بقين
لذي الحجة.
(8) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي حمزة عن جارية بن قدامة السعدي قال:
حججت العام الذي أصيب فيه عمر، قال: فخطب فقال: إني رأيت أن ديكا نقرني
نقرتين أو ثلاثا، ثم لم تكن إلا جمعة أو نحوها حتى أصيب، قال: فأذن لأصحاب رسول الله
(ص)، ثم أذن لأهل المدينة، ثم أذن لأهل الشام، ثم أذن لأهل العراق، فكنا آخر من
دخل عليه وبطنه معصوب ببرد أسود والدماء تسيل، كلما دخل قوم بكوا وأثنوا عليه،
فقلنا له: أوصنا - وما سأله الوصية أحد غيرنا - فقال: عليكم بكتاب الله، فإنكم لن تضلوا
ما اتبعتموه، وأوصيكم بالمهاجرين فإن الناس يكثرون ويقلون، وأوصيكم بالأنصار فإنهم
578

شعب الايمان الذي لجأ إليه، وأوصيكم بالاعراب فإنها أصلكم ومادتكم، وأوصيكم
بذمتكم فإنها ذمة نبيكم، ورزق عيالكم، قوموا عني، فما زادنا على هؤلاء الكلمات.
(9) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: لما طعن عمر
ماج الناس بعضهم في بعض، حتى كادت الشمس أن تطلع، فنادى مناد: الصلاة، فقدموا
عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم، فقرأ بأقصر سورتين من القرآن * (إنا أعطيناك الكوثر) *
و * (إذا جاء نصر الله) * فلما أصبح دخل عليه الطبيب، وجرحه يسيل دما، فقال: أي
الشراب أحب إليك؟ قال: النبيذ، فدعا بنبيذ فشربه فخرج من جرحه، فقال له
الطبيب: أوصه فإني لا أظنك إلا ميتا من يومك أو من غد.
(10) حدثنا إسحاق الرازي عن أبي سنان عن عطاء بن السائب عن عامر قال:
أحلف بالله، لقد طعن عمر وإنه لفي النحل يقرأها.
(11) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن ابن ميناء عن المسور بن
مخرمة قال: سمعت عمر وإن إحدى أصابعي في جرحه هذه أو هذه أو هذه، وهو يقول:
يا معشر قريش! إني لا أخاف الناس عليكم، إنما أخافكم على الناس، إني قد تركت
فيكم ثنتين لن تبرحوا بخير ما لزمتموهما: العدل في الحكم، والعدل في القسم، وإني قد
تركتكم على مثل محرفة النعم إلا أن يتعوج قوم فيعوج بهم.
(12) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن
مخرمة قال: دخلت أنا وابن عباس على عمر بعد ما طعن وقد أغمي عليه، فقلنا: لا ينتبه
لشئ أفرغ له من الصلاة، فقلنا: الصلاة يا أمير المؤمنين، فانتبه وقال: ولاحظ في
الاسلام لامرئ ترك الصلاة، فصلى وجرحه ليثعب دما.
(13) حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون قال: كنت
أدع الصف الأول هيبة لعمر، وكنت في الصف الثاني يوم أصيب، فجاء قال: الصلاة
عباد الله، استووا، قال: فصلى بنا فطعنه أبو لؤلؤة طعنتين أو ثلاثا، قال: وعلى عمر ثوب

(44 / 9) * (إنا أعطيناك الكوثر) * سورة الكوثر.
* (إذا جاء نصر الله) * سورة النصر.
(44 / 11) على مثل محرقة النعم: أي على أمر سوي مستقيم، ومحرقة النعم: هي قضيب الحديد الذي يشك به
اللحم كي يشوي فوق النار.
(44 / 12) يثعب: ينزف نزفا شديدا.
579

أصفر، قال: فجعله على صدره ثم أهوى وهو يقول: * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) *
فقتل وطعن اثني عشر أو ثلاثة عشر، قال: [وما الناس عليه] فأتكأ على خنجره فقتل
نفسه.
(14) حدثنا ابن نمير عن سفيان عن الأسود بن قيس عن عبد الله بن الحارث
الخزاعي قال: سمعت عمر يقول في خطبته: إني رأيت البارحة ديكا نقرني، ورأيته يجليه
الناس عني، وإني أقسم بالله لئن بقيت لأجعلن سفلة المهاجرين في العطاء على ألفين ألفين،
فلم يمكث إلا ثلاثا حتى قتله غلام المغيرة أبو لؤلؤة.
(15) حدثنا جعفر بن عون عن محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة قال: ما خص
عمر أحدا من أهل الشورى دون أحد إلا أنه خلا بعلي وعثمان، كل واحد منهما على
حدة، فقال: يا فلان! اتق الله فإن ابتلاك الله بهذا الامر فلا ترفع بني فلان على رقاب
الناس، وقال للآخر مثل ذلك.
(16) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن حسن بن محمد قال: قال عمر
لعثمان: اتق الله وإن وليت شيئا من أمور الناس فلا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس،
وقال لعلي: اتق الله وإن وليت شيئا من أمور الناس فلا تحمل بني هاشم على رقاب
الناس.
(17) حدثنا ابن إدريس عن عبد العزيز بن عمر عن إبراهيم بن زرعة عالم من علماء
أهل الشام قال: قلت له: من صل على عمر؟ قال: صهيب.
(18) حدثنا ابن نمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم ان عمر حيث طعن جاء الناس
يثنون عليه ويدعون له فقال عمر رحمه الله: أبالإمارة تزكونني؟ لقد صحبت رسول الله
(ص) فقبض وهو عني راضي، وصحبت أبا بكر فسمعت وأطعت، فتوفي أبو بكر وأنا
سامع مطيع، وما أصبحت أخاف على نفسي إلا إمارتكم هذه.
(19) حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد
الرحمن بن حاطب وأشياخ قالوا: رأى عمر بن الخطاب في المنام فقال: رأيت ديكا أحمر
نقرني ثلاث نقرات بين الثنة والسرة، قالت أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر:

(44 / 13) سورة الأحزاب من الآية (38).
[وما الناس عليه] كذا في الأصل ولعلها ومال الناس عليه.
580

قولوا له فليوص، وكانت تعبر الرؤيا، فلا أدري أبلغه أم لا، فجاءه أبو لؤلؤة الكافر
المجوسي عبد المغيرة بن شعبة، فقال: إن المغيرة قد جعل علي من الخراج ما لا أطيق،
قال: كم جعل عليك؟ قال: كذا وكذا، قال: وما عملك؟ قال: أجوب الأرحاء، قال:
وما ذاك عليك بكثير، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك، ألا تصنع لي رحى؟ قال: بلى
والله لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق، فخرج عمر إلى الحج، فلما صدر اضطجع
بالمحصب، وجعل رداءه تحت رأسه، فنظر إلى القمر فأعجبه استواءه وحسنه، فقال: بدأ
ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده وينميه حتى استوى، فكان أحسن ما كان، ثم هو ينقص حتى
يرجع كما كان، وكذلك الخلق كله، ثم رفع يديه فقال: اللهم إن رعيتي قد كثرت
وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع، فصدر إلى المدينة فذكر له أن امرأة من
المسلمين ماتت بالبيداء مطروحة على الأرض يمر بها الناس لا يكفنها أحد، ولا يواريها
أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي، فأقام عليها حتى كفنها وواراها، فذكر ذلك
لعمر فقال: من مر عليها من المسلمين؟ فقالوا: لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر
عليها من المسلمين، فدعاه وقال: ويحك! مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر
الطريق، فلم توارها ولم تكفنها؟ قال: ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد، فقال: لقد
خشيت أن لا يكون فيك خير، فقال: من واراها وكفنها؟ قالوا: كليب بن بكير الليثي
قال: والله لحري أن يصيب كليب خيرا، فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح،
فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة، وطعن كليب بن بكير
فأجهز عليه وتصايح الناس، فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه، وحمل عمر إلى
الدار فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس، وقيل لعمر: الصلاة فصلى وجرحه يثعب،
وقال: لاحظ في الاسلام لمن لا صلاة له، فصلى ودمه يثعب، ثم انصرف الناس عليه
فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنه ليس بك بأس، وإنا لنرجو أن ينسئ الله في أثرك ويؤخرك
إلى حين، أو إلى خير، فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به، فقال: اخرج فانظر من
صاحبي؟ ثم خرج فجاء فقال: أبشر يا أمير المؤمنين! صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي عبد
المغيرة بن شعبة، فكبر حتى خرج صوته من الباب، ثم قال: الحمد لله الذي لم يجعله رجلا
من المسلمين، يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة، ثم أقبل على القوم فقال: أكان هذا
عن ملا منكم؟ فقالوا: معاذ الله، والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا، وزدنا في عمرك من

(44 / 19) أجوب الأرحاء: أي يقطع الحجارة ويصنع منها الرحى.
581

أعمارنا، إنه ليس بك بأس، قال: أي يرفأ، ويحك، اسقني، فجاءه بقدح فيه نبيذ حلو
فشربه، فألصق رداءه ببطنه، قال: فلما وقع الشراب في بطنه خرج من الطعنات، قالوا:
الحمد لله، هذا دم استكن في جوفك، فأخرجه الله من جوفك، قال: أي يرفأ، ويحك،
اسقني لبنا، فجاء بلبن فشربه فلما وقع في جوفه خرج من الطعنات، فلما رأوا ذلك علموا
أنه هالك، قالوا: جزاك الله خيرا، قد كنت تعمل فينا بكتاب الله وتتبع سنة صاحبيك،
لا تعدل عنها إلى غيرها، جزاك الله أحسن الجزاء، قال: بالامارة تغبطونني، فوالله
لوددت أني أنجو منها كفافا لا علي ولا لي، قوموا فتشاوروا في أمركم، أمروا عليكم رجلا
منكم، فمن خالفه فاضربوا رأسه، قال: فقاموا و عبد الله بن عمر مسنده إلى صدره،
فقال عبد الله: أتؤمرون وأمير المؤمنين حي؟ فقال عمر: لا وليصل صهيب ثلاثا،
وانتظروا طلحة، وتشاوروا في أمركم، فأمروا عليكم رجلا منكم، فإن خالفكم فاضربوا
رأسه، قال: اذهب إلى عائشة فاقرأ عليها مني السلام، وقل: إن عمر يقول: إن كان
ذلك لا يضر بك ولا يضيق عليك فإني أحب أن أدفن مع صاحبي، وإن كان يضربك
ويضيق عليك فلعمري لقد دفن في هذا البقيع من أصحاب رسول الله (ص) وأمهات
المؤمنين من هو خير من عمر، فجاءها الرسول فقالت: إن ذلك لا يضر ولا يضيق علي،
قال: فادفنوني معهما، قال عبد الله بن عمر: فجعل الموت يغشاه وأنا أمسكه إلى صدري،
قال: ويحك ضع رأسي بالأرض، قال: فأخذته غشية فوجدت من ذلك، فأفاق فقال:
ضع رأسي بالأرض، فوضعت رأسه بالأرض فعفره بالتراب فقال: ويل عمر وويل أمه
إن لم يغفر الله له، قال محمد بن عمرو: وأهل الشورى: علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد
وعبد الرحمن بن عوف.
(45) ما جاء في خلافة عثمان وقتله
(1) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال:
حججت في إمارة عمر فلم يكونوا يشكون أن الخلافة من بعده لعثمان.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن سنان قال: قال عبد الله حين
استخلف عثمان: ما ألونا عن أعلانا ذا فوق.

(45 / 2) سبق ذكره وشرحه في كتاب الفضائل.
582

(3) حدثنا محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: سمعت
ابن مسعود يقول حين بويع عثمان: ما ألونا عن أعلانا ذا فوق.
(4) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال: حدثني هرم بن
الحارث وأسامة بن حريم، قال: وكانا يغازيان فحدثاني جميعا ولا يشعر كل واحد منهما
أن صاحبه حدثنيه عن مرة البهزي، قال: بينما نحن مع رسول الله (ص) ذات يوم في طريق
من طرق المدينة فقال: (كيف تصنعون في فتنة تثور في أقطار الأرض كأنها صياصي
بقر؟ قالوا: فنصنع ماذا يا نبي الله؟ قال: عليكم بهذا وأصحابه، قال: فأسرعت حتى
عطفت على الرجل، فقلت: هذا يا نبي الله؟ قال: هذا)، فإذا هو عثمان.
(5) حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون عن الحسن قال: أنبأني وثاب وكان ممن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، وكان يكون بعد بين يدي عثمان، قال: فرأيت في حلقه
أثر طعنتين، كأنهما كيتان طعنهما يوم الدار دار عثمان، قال: بعثني أمير المؤمنين عثمان،
قال: ادع لي الأشتر فجاء، قال ابن عون: أظنه قال: فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله
وسادة فقال: يا أشتر! ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاثا ليس لك من إحداهن بد،
يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم وتقول: هذا أمركم، اختاروا له من شئتم، وبين أن تقص
من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك، قال: ما من إحداهن بد؟ قال ما من
إحداهن بد، قال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت أخلع سربالا سربلنيه الله عز وجل
أبدا، قال ابن عون: وقال غير الحسن: لان أقدم فيضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع
أمر أمة محمد بعضها عن بعض، قال ابن عون بكلامه: ولا أن أقص لهم من نفسي، فوالله
لقد علمت، أن صاحبي بين يدي كانا يقصان من أنفسهما، وما يقوم بدني بالقصاص،
وأما أن يقتلوني، فوالله لو قتلوني لا يتحابون بعدي أبدا، ولا يقاتلون بعدي عدوا جميعا
أبدا، قال: فقام الأشتر وانطلق، فمكثنا فقلنا: لعل الناس، ثم جاء رويجل كأنه ذئب،
فاطلع من الباب، ثم رجع وقام محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر حتى انتهى إلى عثمان،
فأخذ بلحيته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال: ما أغنى عنك معاوية، ما أغنى
عنك ابن عامر، ما اغنت عنك كتبك، فقال: أرسل لي لحيتي ابن أخي، أرسل لي لحيتي
ابن أخي، قال: فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم يعينه، فقام إليه بمشقص حتى وجاء به
في رأسه فأثبته، قال: ثم مه؟ قال: ثم دخلوا عليه حتى قتلوه.

(45 / 3) سبق ذكره وشرحه في كتاب الفضائل.
(45 / 4) كأنها صياصي بقر: كأنها ثوران بقر الوحش إذا اهتاج لأنه يندفع لا يلوي على شئ.
583

(6) حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت أبا ليلى الكندي
قال رأيت عثمان اطلع إلى الناس وهو محصور فقال: أيها الناس! لا تقتلوني واستعتبوا،
فوالله لئن قتلتموني لا تصلون جميعا أبدا، ولا تجاهدون عدوا أبدا، ولتختلفن حتى
تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه، يا قوم! (لا يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما
أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) قال: وأرسل إلى
عبد الله بن سلام فسأله فقال: الكف الكف، فإنه أبلغ لك في الحجة، فدخلوا عليه
فقتلوه.
(7) حدثنا ابن إدريس عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال: سمعت عثمان
يقول: إن أعظمكم عندي غنا من كف سلاحه ويده.
(8) حدثنا ابن إدريس عن هشام عن ابن سيرين قال: جاء زيد بن ثابت إلى عثمان
فقال: هذه الأنصار بالباب، قالوا: إن شئت أن نكون أنصار الله مرتين، فقال: أما
القتال فلا.
(9) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: قلت
لعثمان يوم الدار: اخرج فقاتلهم! فإن مك من قد نصر الله بأقل منه، والله إنه لحلال،
قال: فأبى وقال: من كان لي عليه سمع وطاعة فليطع عبد الله بن الزبير، وكان أمره
يومئذ على الدار، وكان يومئذ صائما.
(10) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن رجلا يقال له
جهجاه تناول عصا كانت في يد عثمان فكسرها بركبته، فرمى في ذلك الموضع بآكلة.
(11) حدثنا إسحاق الرازي عن أبي جعفر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن
عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت النبي (ص) الليلة في المنام فقال: يا عثمان! أفطر
عندنا، فأصبح صائما وقتل من يومه.
(12) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن سعيد بن زيد قال: لقد رأيتني
موثقي عمر وأخته على الاسلام لو أرفض أحد مما صنعتم بعثمان كان حقيقا.

(45 / 6) حتى تصيروا هكذا: أي حتى تقاتلوا بعضكم بعضا.
الكف: أي كف السلاح واليد.
(45 / 10) الآكلة هي المرض المعروف الآن باسم السرطان أنجانا الله وأنجاكم منه.
584

(13) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش حدثنا أبو صالح قال: قال عبد الله بن سلام لما حصر عثمان في الدار قال: لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله ألا قليل، والله لئن قتلتموه لا
تصلون جميعا أبدا.
(14) حدثنا أبو أسامة عن صدقة بن أبي عمران قال حدثنا أبو اليعفور عن أبي
سعيد مولى عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود: والله لئن قتلتم عثمان
تصيبون منه خلفا.
(15) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن رجلا من قريش يقال له ثمامة
كان على صنعاء، فلما جاء قتل عثمان بكى فأطال البكاء، فلما أفاق قال: اليوم انتزعت
النبوة - أو قال: - الخلاة من أمة محمد: وصارت ملكا وجبرية، فمن غلب على شئ أكله.
(16) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة قال: لما قتل عثمان قام خطباء إيليا،
فقام من آخرهم رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له مرة بن كعب فقال: لولا حديث
سمعته من رسول الله (ص) ما قمت، إن رسول الله (ص) ذكر فتنة - أحسبه قال: فقربها،
فمر رجل مقنع بردائه، فقال رسول الله (ص): (هذا يومئذ وأصحابه على الحق،
فانطلقت فأخذت بمنكبيه فأقبلت بوجهه إلى رسول الله (ص)، فقلت: هذا؟ فقال:
نعم)، فإذا هو عثمان.
(17) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن زياد بن أبي المليح عن أبيه عن ابن عباس
قال: لو أن الناس اجتمعوا على قتل عثمان رجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط.
(18) حدثنا يزيد بن هارون عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: أشرف عليهم
عثمان من القصر فقال: ائتوني برجل أتاليه كتاب الله، فأتوه بصعصعة بن صوحان، وكان
شابا، فقال: أما وجدتم أحدا تأتوني به غير هذا الشاب، قال: فتكلم صعصعة بكلام،
فقال له عثمان: أتل، فقال: * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم
لقدير) * فقال: كذبت! ليست لك ولا لأصحابك، ولكنها لي ولأصحابي، ثم تلا عثمان
* (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * حتى بلغ * (وإلى الله
عاقبة الأمور) *.

(45 / 13) لا تصلون جميعا: أي تفترقون فرقا تصلي كل فرقة على حدة وتكفرون بعضكم بعضا.
(45 / 18) سورة الحج، والمقصود الآيات من (39 و 41).
585

(46) ما جاء في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(1) حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح قال: كان الحادي يحدو بعثمان وهو
يقول:
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي
قال: فقال كعب: ولكنه صاحب البغلة الشهباء - يعني معاوية، فقيل لمعاوية: إن كعبا
يسخر بك ويزعم أنك تلي هذا الامر، قلا: فأتاه فقال: يا أبا إسحاق! وكيف وههنا علي
والزبير وأصحاب محمد، قال، أنت صاحبها.
(2) حدثنا هشيم عن العوام بن إبراهيم التيمي قال: لما بويع أبو بكر قال: قال
سلمان: أخطأتم وأصبتم، أما لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتموها رغدا.
(3) حدثنا يزيد بن هارون عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه عن عبد
الرحمن بن أبي بكرة قال: ما رزأ علي من بيت مالنا حتى فارقنا ألا جبة محشوة وخميصة
درابجردية.
(4) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت عبيد الله بن أبي رافع
قال: رأيت عليا حين ازدحموا عليه حتى أدموا رجله، فقال: اللهم إني قد كرهتهم
وكرهوني فأرحني منهم وأرحهم مني.
(5) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي قال: اكتنف عبد الرحمن بن ملجم
وشبيب الأشجعي عليا حين خرج إلى الفجر، فأما شبيب فضربه فأخطأه وثبت سيفه في
الحائط، ثم أحصر نحو أبواب كندة، وقال الناس: عليكم صاحب السيف، فما خشي أن
يؤخذ رمى بالسيف ودخل في عرض الناس، وأما عبد الرحمن فضربه بالسيف على قرنه،
ثم أحصر نحو باب الفيل، فأدركه عريض أو عويض الحضرمي، فأخذه فأدخله على علي،
فقال علي: إن أنا مت فاقتلوه وإن شئتم أودعوه، وإن أنا نجوت كان القصاص.

(46 / 1) الحادي: هو الذي يغني الحداء كي تنشط الإبل في مسيرها أثناء السفر.
(46 / 3) رزأ: حمل حملا، والمقصود لم يأخذ.
(46 / 5) على قرنه: أي على أم رأسه.
586

(6) حدثنا وكيع عن الأعمش عن سالم عن عبيد الله بن سبيع قال: سمعت عليا
يقول: لتخضبن هذه من هذا - فما ينتظر بالأشقى، قالوا: فأخبرنا به بنين عترته، قال:
إذا تالله تقتلون غير قاتلي، قالوا: أفلا تستخلف، قال: لا، ولكني أترككم إلى ما ترككم
إليه رسول الله (ص)، قالوا: فما تقول لربك إذا لقيته؟ قال: أقول: اللهم تركتني فيهم ثم
قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم.
(7) حدثنا هشيم عن أبي حمزة عن أبيه قال: سمعت عليا يقول: يا للدماء! لتخضبن
هذه من هذا - يعني لحيته من دم رأسه.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة قال: قال علي:
ما يحبس أشقاها أن يجئ فيقتلني، اللهم إني قد سئمتهم وسئموني فأرحني منهم وأرحهم
مني.
(47) ما جاء في ليلة العقبة
(1) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر قال: قال رسول الله (ص) ليلة العقبة: (أخرجوا إلي اثني عشر منكم يكونوا كفلاء على قومهم
ككفالة الحوارين لعيسى ابن مريم).، فكان نقيب بني النجار قال ابن إدريس: وهم
أخوال رسول الله (ص): أسعد بن زرارة أبو أمامة، وكان نقيبي بني الحارث بن الخزرج
عبد الله بن رواحة وسعد بن ربيع، وكان نقيبي بني سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام
والبراء بن معرور، وكان نقيبي بني ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، وكان نقيب
بني زريق رافع بن مالك، وكان نقيب بني عوف بن الخزرج، وهم القوافل، عبادة بن
الصامت، وكان نقيبي بني عبد الأشهل أسيد بن الحضير وأبو الهيثم بن التيهان، وكان
نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة.
(2) حدثنا عبد الرحيم عن مجالد عن الشعبي عن عقبة بن عمرو الأنصاري قال:
وعدنا رسول الله (ص) أصل العقبة يوم الأضحى ونحن سبعون رجلا: قال عقبة: إني من

(46 / 6) هذه من هذا أي لحيته من دم رأسه.
(47 / 2) أصل العقبة: أدنى مكان فيها.
587

أصغرهم، فأتانا رسول الله (ص) فقال: (أوجزوا في الخطبة فإني أخاف عليكم كفار
قريش، قال: قلنا: يا رسول الله! سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك وأخبرنا ما
الثواب على الله وعليك، فقال: أسألكم لربي أن تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئا وأسألكم
لنفسي أن تطيعوني أهديكم سبيل الرشاد، وأسألكم لي ولأصحابي أن تواسونا في
ذات أيديكم وأن تمنعونا مما منعتم منه أنفسكم، فإذا فعلتم ذلك فلكم على الله الجنة
وعلي) قال: فمددنا أيدينا فبايعناه.
(3) حدثنا ابن نمير عن إسماعيل عن الشعبي قال: انطلق العباس مع النبي (ص) إلى
الأنصار فقال: (تكلموا ولا تطيلوا الخطبة، إن عليكم عيونا وإني أخشى عليكم كفار
قريش)، فتكلم رجل منهم يكنى أبا أمامة، وكان خطيبهم يومئذ وهو أسعد بن زرارة
فقال للنبي (ص) سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك، وما الثواب على ذلك، فقال
النبي (ص): (أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ولنفسي أن تؤمنوا بي
وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأبناءكم ولأصحابي المواساة في ذات أيديكم،
قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك، قال: لكم على الله الجنة).
(4) حدثنا الفضل بن دكين عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال: كان بين
حذيفة وبين رجل منهم من أهل العقبة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله، كم
كان أصحاب العقبة؟ فقال القوم: فأخبره فقد سألك، فقال أبو موسى الأشعري: قد
كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فقال حذيفة، وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، أشهد
بالله أن اثني عشر منهم حزب الله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد، وعذر
ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله (ص) ولا علمنا ما يريد القوم.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن
أبي أوفى، وكان ممن بايع تحت الشجرة، يقول: دعا رسول الله (ص) على الأحزاب فقال:
(اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم).
(6) حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي
أوفى يقول: كان أصحاب النبي (ص) الذين بايعوا تحت الشجرة ألفا وأربع أو ألفا
وثلاثمائة، وكانت أسلم من المهاجرين.
588

(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن مجالد عن عامر قال: أول من بايع تحت الشجرة أبو
سنان الأسدي وهب، أتى النبي (ص) فقال: أبايعك، قال: (علام تبايعني؟) قال: على
ما في نفسك، قال: فبايعه، قال: وأتاه رجل آخر فقال: أبايعك على ما بايعك عليه أبو
سنان، فبايعه ثم بايعه الناس.
(8) حدثنا محمد بن بشر حدثنا إسماعيل عن عامر قال: * (السابقون الأولون) * من
أدرك بيعة الرضوان.

(47 / 100) * (السابقون الأولون) * سورة التوبة الآية (100).
589

بسم الله الرحمن الرحيم
40 كتاب الفتن
(1) من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنها
(1) حدثنا أبو عبد الرحمن قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال:
حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال
انتهيت إلى عبد الله بن عمرو وهو جالس في ظل الكعبة والناس عليه مجتمعون، فسمعته
يقول: بينما نحن مع رسول الله (ص) في سفر إذ نزلنا منزلا، فمنا من يضرب خباءه، ومنا
من ينتضل، ومنا من هو في جشره إذ نادى مناديه: الصلاة جامعة، فاجتمعنا، فقام النبي
(ص) فخطبنا فقال: (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حق الله عليه أن يدل أمته على ما
هو خير لهم، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها،
وإن آخرها سيصيبهم بلاء وأمور تنكرونها، فمن ثم تجئ الفتنة، فيقول المؤمن:
هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجئ الفتنة، فيقول المؤمن: هذه،
ثم تنكشف، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فتدركه
منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه، ومن
بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه
فاضربوا عنق الآخر)، قال: فأدخلت رأسي من بين الناس، فقلت: أنشدك بالله!
أسمعت هذا من رسول الله (ص)؟ قال: - فأشار بيديه إلى أذنيه فقال: فسمعته أذناي
ووعاه قلبي، قال: قلت: هذا ابن عمك، يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل
أنفسنا، وقد قال الله: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) * -
إلى آخر الآية، قال: فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنيهة، ثم قال أطعه في
طاعة الله، واعصه في معصية الله.

(1 / 1) * (لا تأكلوا أموالكم بينكم) * سورة البقرة من الآية (188).
590

(2) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد
رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) بمثله إلا أن وكيعا قال: (وسيصيب
آخرها بلاء وفتن يرقق بعضها بعضا، وقال: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل
الجنة فلتدركه منيته) - ثم ذكر مثله.
(3) حدثنا وكيع عن عثمان الشحام قال حدثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال
رسول الله (ص): (إنها ستكون فتنة المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس خير من
القائم، والقائم خير من الماشي خير من الساعي)، فقال رجل: يا رسول الله! ما تأمرنا؟ قال:
(من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت
له أرض فليلحق بأرضه، ومن لم يكن له شئ من ذلك فليعمد إلى سيفه فليضرب
بحده على صخرة ثم لينج إن استطاع النجاة).
(4) حدثنا عبد الأعلى وعبيدة بن حميد عن داود عن أبي عثمان عن سعد - رفعه
عبيدة ولم يرفعه عبد الأعلى - قال: (تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم
خير من الماشي، والماشي خير من الساعي الساعي خير من الراكب، والراكب خير
من الموضع).
(5) حدثنا وكيع عن حماد بن نجيح عن أبي التياح عن صخر بن بدر عن خالد بن
سبيع - أو سبيع بن خالد - قال: أتيت الكوفة فجلبت منها دواب، فإني لفي مسجدها إذ
جاء رجل قد اجتمع الناس عليه، فقلت: من هذا؟ قالوا: حذيفة بن اليمان، قال: فجلست إليه
فقال: كان الناس يسألون النبي (ص) عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، قال: قلت: يا
رسول الله! أرأيت هذا الخير الذي كنا فيه هل كان قبله شر وهل كائن بعهده شر، قال:
(نعم، قلت: فما العصمة منه؟ قال: السيف، قال: فقلت: يا رسول الله! فهل بعد السيف
من بقية؟ قال: نعم، هدنة، قال: قلت: يا رسول الله! فما بعد الهدنة قال؟ دعاة
الضلالة، فإن رأيت خليفة فألزمه وإن نهك ظهرك ضربا وأخذ مالك، فإن لم يكن
خليفة فالهرب حتى يأتيك الموت وأنت عاض على شجرة، قال: قلت: يا رسول الله!
فما بعد ذلك؟ قال: خروج الدجال، قال: قلت: يا رسول الله! فما يجئ به الدجال؟
قال: يجئ بنار ونهر، فمن وقع في ناره وجب أجره، وحط وزره، ومن وقع في نهره

(1 / 2) يرقق بعضها بعضا: يتبع بعضها بعضا.
591

حط أجره، ووجب وزره، قال: قلت: يا رسول الله! فما بعد الدجال؟ قال: لو أن
أحدكم أنتج فرسه ما ركب مهرها حتى تقوم الساعة).
(6) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة قال: قال حميد: حدثنا نصر بن عاصم
الليثي قال: سمعت حذيفة يقول: كان رسول الله (ص) يسأله الناس عن الخير وكنت
أسأله عن الشر، وعرفت أن الخير لن يسبقني، قال: قلت: يا رسول الله! هل بعد هذا
الخير من الشر؟ قال: (يا حذيفة! تعلم كتاب الله واتبع ما فيه - ثلاثا، قال: قلت: يا
رسول الله! هل بعد هذا الشر خير؟ قال: يا حذيفة! تعلم كتاب الله واتبع ما فيه -
ثلاث مرار، قال: قلت يا رسول الله! هل بعد هذا الخير شر؟ قال: فتنة عمياء صماء
عليها دعاة على أبواب النار، فإن تموت يا حذيفة! وأنت عاض على جذل خير من
أن تتبع أحدا منهم).
(7) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن هلال بن خباب
قال حدثني عبد الله بن عمرو قال: بينا نحن حول رسول الله (ص) إذ ذكر الفتنة أو
ذكرت عنده، قال: فقال: (إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم، وكانوا
هكذا - وشبك بين أصابعه - قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك؟ جعلني الله
فداءك؟ قال: فقال لي: الزم بيتك وأمسك عليك لسانك وخذ بما تعرف وذر ما تنكر،
وعليك بخاصة نفسك، وذر عنك أمر العامة).
(8) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عبد الرحمن
الأنصاري عن أبيه أنه سمع أبا سعيد يقول: قال رسول الله (ص): (يوشك أن يكون خير
مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، مواقع القطر، يفر بدينه من الفتن).
(9) حدثنا ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال عن حجير بن الربيع قال: قال لي
عمران بن حصين: أئت قومك فإنهم أن يخفوا في هذا الامر، فقلت: إني فيهم لمغموز

(1 / 5) ما ركب مهرها: كناية عن قصر الوقت بين خروج الدجال وقيام الساعة.
(1 / 6) الجذل: جذع الشجرة وسمي كذلك لثباته في مكانه لا يغادره.
(1 / 7) مرجت عهودهم: فسدت.
(1 / 8) شعف الجبال: شعابها.
القطر: المطر.
(1 / 9) يخفوا في هذا الامر: يسرعوا فيه ويشاركوا.
592

ولما أنا فيهم بالمطاع، فأبلغهم عني لان أكون عبدا حبشيا في أعنز * حصبات أرعاها في
رأس جبل حتى يدركني الموت أحب إلي من أن أرمي في واحد من الصفين بسهم أخطأت
أو أصبت.
(10) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: قال حذيفة: إن للفتنة
وقفات وبعثات، فإن استطعت أت تموت في وقفاتها فافعل.
(11) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاوس عن زياد سيمين كوش اليماني
عن عبد الله بن عمرو قال: تكون فتنة أو فتن تستنطف العرب، قتلاها في النار، اللسان
فيها أشد من وقع السيف.
(12) حدثنا علي بن مسهر وأبو معاوية عن عاصم عن أبي كبشة السدوسي عن أبي
موسى قال: خطبنا فقال: ألا وإن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها
مؤمنا ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، القاعد فيها خير من القائم، والقائم
خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، قالوا فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاس البيوت.
(13) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال: قال رسول الله (ص): (بين
يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا،
ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، ويبيع أقوام دينهم بعرض الدنيا).
(14) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن
ثروان عن الهذيل عن أبي موسى عن النبي (ص) قال: (اكسروا قسيكم - يعني في الفتنة،
واقطعوا الأوتار والزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم).
(15) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله (ص): (يا أبا ذر! أرأيت إن اقتتل الناس
حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء كيف أنت صانع؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم،
قال: تدخل بيتك، قال: قلت: أفأحمل السلاح؟ قال: إذا شاركت، قال: قلت: فما

أعنز حصبات: قليلة اللبن ولبنها لا زبد له أو لا يخرج زبده من البرد.
(1 / 11) تستنطف العرب: تفنيهم وتقطع ذريتهم.
(1 / 12) كونوا أحلاس البيوت: أي أقيموا في بيوتكم ولازموها.
(1 / 14) كالخير من ابني آدم: أي كونوا كالمقتول منهما ولا تكونوا كالقاتل.
593

أصنع يا رسول الله؟ قال: إن خفت أن يغلب شعاع الشمس فالق من ردائك على
وجهك يبوء بإثمك وإثمه).
(16) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: قال رسول الله
(ص): (إن من ورائكم أياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج،
قالوا: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل).
(17) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن يزيد بن الأصم قال: قال
حذيفة: أتتكم الفتن مثل قطع الليل المظلم، يهلك فيها كل شجاع بطل وكل راكب موضع
وكل خطيب مصقع.
(18) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن كرز بن علقمة الخزاعي قال: قال
رجل: يا رسول الله! هل للاسلام منتهى؟ قال: (نعم، أيما أهل بيت من العرب أو
العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الاسلام، قال: ثم مه؟ قال: ثم الفتن تقع كالظل
تعودون فيها أساود صبا، يضرب بعضكم رقاب بعض)، والأسود: الحية ترتفع ثم
تنصب.
(19) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة أن النبي (ص) أشرف على
أطم من آطام المدينة ثم قال: (هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم
كمواقع القطر).
(20) حدثنا مروان بن معاوية عن عوف عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: لما
كان زمن خرج ابن زياد وثب مروان بالشام حين وثب، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثبت
القراء بالبصرة، قال: قال أبو المنهال: غم أبي غما شديدا، قال: وكان يثني على أبيه خيرا،
قال: قال لي أبي: أي بني! انطلق بنا إلى هذا الرجل من صحابة رسول الله (ص)، فانطلقنا
إلى أبي برزة الأسلمي في يوم حار شديد الحر وإذا هو جالس في ظل علو له من قصب،
فأنشأ أبي يستطعمه الحديث، فقال: يا أبا برزة! ألا ترى؟ ألا ترى؟ فكان أول شئ

(1 / 17) الراكب الموضع: الراكب الذي ينيخ راحلته في موضع الفتنة.
الخطيب المصقع: البليغ.
(1 / 19) أي أن الفتن لن تترك دارا إلا وتدخله كما يتساقط المطر على كل الدور.
(1 / 20) في ظل علوله من قصب: بناء من قصب أو خيمة من قصب والقصب قد يكون القصب المعروف
أو قماشا من كتان رقيق.
يستطعمه الحديث: يستدرجه إلى الكلام.
594

تكلم به، قال: إني أصحبت ساخطا على أحياء قريش، إنكم معشر العرب كنتم على الحال
التي قد علمتم من قلتكم وجاهليتكم، وإن الله نعشكم بالاسلام وبمحمد حتى بلغ بكم ما
ترون، وإن هذه الدنيا هي التي قد أفسدت بينكم، إن ذاك الذي بالشام - يعني مروان -
والله إن يقاتل إلا على الدنيا، وإن ذاك الذي بمكة - يعني ابن الزبير - والله إن يقاتل إلا
على الدنيا، وإن هؤلاء الذين حولكم تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا،
قال: فلما لم يدع أحدا قال له أبي: يا أبا برزة! ما ترى؟ قال: لا رأى اليوم خيرا من
عصابة ملبدة، خماص بطونهم من أموال الناس، خفاف ظهورهم من دمائهم.
(21) حدثنا أبو معاوية وابن نمير وحميد بن عبد الرحمن عن الأعمش عن شقيق عن
حذيفة قال: كنا جلوسا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله (ص) في الفتنة كما
قال: فقلت: أنا، قال: فقال: إنك لجرئ، وكيف؟ قال: قلت: سمعت رسول الله (ص)
يقول: (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وجاره يكفرها الصيام والصدقة والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر). فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج
البحر، قال: قلت: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: فيكسر
الباب، أم يفتح؟ قال: قلت: لا، بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق أبدا، قال:
قلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم، كما أعلم أن غدا دون الليلة، إني
حدثته حديثا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا حذيفة أن نسأله من الباب، فقلنا لمسروق:
سله، فسأله فقال: عمر.
(22) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: لفتنة السوط أشد
من فتنة السيف، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب
الخشبة.
(23) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد قال:
كنا عند النبي (ص) فذكر فتنة فعظم أمرها، قال: فقلنا - أو قالوا -: يا رسول الله! لئن
أدركنا هذا لنهلكن، قال: (كلا، إن بحسبكم القتل)، قال سعيد: فرأيت إخواني
قتلوا.

ملبدة: قد لبدوا شعورهم: أي تركوا زينة الدنيا. خماص بطونهم من أموال الناس: جياع بطونهم ليس فيها شئ من مال الناس.
خفاف ظهورهم من دمائهم: لم يشاركوا في فتنة ولم يحملوا دما حراما.
(1 / 21) فقال عمر: أي أن موت عمر رضي الله عنه سيفتح باب الخلاف وبالتالي الفتن.
595

(24) حدثنا عبد الله بن نمير عن الوليد بن جميع عن عامر بن واثلة قال: قال
حذيفة: تكون ثلاث فتن، الرابعة تسوقهم إلى الدجال، التي ترمي بالنشف والتي ترمي
بالرضف، والمظلمة التي تموج كموج البحر.
(25) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة قال: قال حميد: حدثنا نصر بن عاصم
قال حدثنا اليشكري قال: سمعت حذيفة يقول: قال رسول الله (ص): (فتنة عمياء
صماء عليها دعاة على أبواب النار، فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل خير
لك من أن تتبع أحدا منهم).
(26) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي قال: قال رجل لحذيفة:
كيف أصنع إذا اقتتل المصلون؟ قال: تدخل بيتك، قال: قلت: كيف أصنع إن دخل
بيتي؟ قال: قل: لن أقتلك إني أخاف الله رب العالمين.
(27) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: وكلت
الفتنة بثلاثة: بالجاد النحرير الذي لا يريد أن يرتفع له شئ إلا قمعه بالسيف، وبالخطيب
الذي يدعو إليه الأمور، وبالشريف المذكور، فأما الجاد النحرير فتصرعه، وأما هذان
فتجثهما فتبلو ما عندهما.
(28) حدثنا مروان بن معاوية عن الصلت بن بهرام عن المنذر بن هوذة عن خرشة
ابن الحر قال: قال حذيفة: كيف أنتم إذا بركت تجر خطامها فأتتكم من ههنا ومن ههنا،
قالوا: لا ندري والله، قال: لكني والله أدري، أنتم يومئذ كالعبد وسيده، إن سبه السيد لم
يستطع العبد أن يسبه، وإن ضربه لم يستطع العبد أن يضربه.
(29) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الصلت بن بهرام عن منذر بن هوذة عن
خرشة عن حذيفة قال: كيف أنتم إذا انفرجتم عن دينكم كما تنفرج المرأة عن قبلها لا تمنع
من يأتيها، قالوا: لا ندري، قال: لكني والله أدري، أنتم يومئذ بين عاجز وفاجر، فقال
رجل من القوم: قبح العاجز عن ذاك، قال: فضرب ظهره حذيفة مرارا، ثم قال: قبحت
أنت، قبحت أنت.

(1 / 24) النشف: الحجارة السود واحدتها النشفة، ويطلق على حجارة الخفان السوداء التي تحف الأرجل بها
في الحمام.
الرضف: الحجارة المحماة.
(1 / 26) أي تتبع خير ابني آدم هابيل المقتول وتقول قوله لأخيه قابيل عندما أراد قتله.
(1 / 28) إن بركت تجر خطامها: تشبيه للفتنة بالناقة.
596

(30) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الصلت بن بهرام قال أخبرنا المنذر بن
هوذة عن خرشة أن حذيفة دخل المسجد، فمر على قوم يقرئ بعضهم بعضا، فقال: أن
تكونوا على الطريقة، لقد سبقتم سبقا بعيدا، وأن تدعوه فقد ضللتم، قال: ثم جلس إلى
حلقة، فقال: إنا كنا قوما آمنا قبل أن نقرأ، وإن قوما سيقرأون قبل أن يؤمنوا، فقال
رجل من القوم: تلك الفتنة، قال: أجل، قد أتتكم من أمامكم حيث تسوء وجوهكم ثم
لتأتينكم ديما ديما، إن الرجل ليرجع فيأتمر الامرين: أحدهما عجز والآخر فجور، قال
خرشة: فما برحت إلا قليلا حتى رأيت الرجل يخرج بسيفه يستعرض الناس.
(31) حدثنا وكيع عن سفيان عن الحارث بن حضيرة عن زيد بن وهب قال: قيل
لحذيفة: ما وقفات الفتنة وما بعثاتها؟ قال: بعثاتها سل السيف، ووقفاتها إغماده.
(32) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد أن أبا الزبير أخبره عن أبي
الطفيل عامر بن واثلة أن حذيفة قال له: كيف أنت وفتنة خير الناس فيها غني خفي،
قال: قلت: وكيف وإنما هو عطاء أحدنا يطرح به كل مطرح، ويرمي به كل مرمى، قال:
كن إذا كابن المخاض لا ركوبة فتركب ولا خلوبة فتحلب.
(33) حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن الرواع عن
حذيفة قال: تكون فتنة تقبل مشبهة وتدبر مميتة، فإن كان ذلك فالبدوا، يجود الراعي
على عصاه خلف غنمه، لا يذهب بكم السيل.
(34) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب قال: قيل
لحذيفة: أكفرت بنو إسرائيل في يوم واحد؟ قال: لا، ولكن كانت تعرض عليهم الفتنة
فيأتونها فيكرهون عليها، ثم تعرض عليهم فيأتونا حتى ضربوا عليها بالسياط والسيوف
حتى خاضوا الماء حتى لم يعرفوا معروفا ولم ينكروا منكرا.
(35) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن ربعي قال: سمعت رجلا في جنازة
حذيفة يقول: سمعت صاحب هذا السرير يقول: ما بي بأس مذ سمعت من رسول الله
(ص): (ولئن اقتتلتم لأدخلن بيتي، فلئن دخل علي لأقولن: ها بؤ بإثمي وإثمك).
(36) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سعد قال: قال حذيفة: من فارق
الجماعة شبرا فارق الاسلام.

(1 / 35) أي لن أمد إليك يدي فإن أردت قتلي فعليك إثمك وإثمي.
597

(37) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: ليأتين
على الناس زمان لا ينجو فيه إلا الذي يدعو بدعاء كدعاء الغريق.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن أبي عمار قال: قال حذيفة:
ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق.
(39) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن عمارة عن أبي عمار عن حذيفة قال:
والله إن الرجل ليصبح بصيرا ثم يمسي وما ينظر بشفر.
(40) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قرأ حذيفة هذه الآية
* (فقاتلوا أئمة الكفر) *، قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
(41) حدثنا عبد الله بن المبارك عن هشام عن الحسن قال: قال محمد بن سلمة:
أعطاني رسول الله (ص) سيفا فقال: قاتل به المشركين ما قوتلوا، فإذا رأيت الناس يضرب
بعضهم بعضا - أو كلمة نحوها - فأعمد به إلى صخرة فاضربه بها حتى ينكسر ثم
اقعد في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية).
(42) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد
الخدري قال: إياكم وقتال عمية وميتة جاهلية، قال: قلت: ما قتال عمية؟ قال: إذا قيل:
يا لفلان، يا بني فلان، قال: قلت: ما ميتة جاهلية؟ قال: أن تموت ولا إمام عليك
(43) حدثنا أبو خالد عن عوف عن الحسن قال: من قتل في قتال عمية فميتته ميتة
جاهلية.
(44) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال: لما تشعب الناس في الطعن على عثمان قام أبي يصلي من الليل ثم نام، قال: فقيل له: قم فاسأل
الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها عباده الصالحين، قال: فقام فمرض فما رئي خارجا
حتى مات.

(1 / 39) وما ينظر بشفر: أي يصبح أعمى لا رموش له.
(1 / 40) سورة التوبة من الآية (12).
(1 / 44) تشعب الناس في الطعن: أكثروا فيه القول.
598

(45) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن
علي قال: ينقص الاسلام حتى لا يقال: الله الله، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين
بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث قوم يجتمعون كما يجتمع فرع الخريف، والله إني لأعرف اسم
أميرهم ومناخ ركابهم.
(46) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سعد بن حذيفة قال: قال حذيفة: من
فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الاسلام من عنقه.
(47) حدثنا وكيع عن إبراهيم بن مرثد قال حدثني عمي أبو صادق عن علي قال:
الأئمة من قريش، ومن فارق الجماعة شبرا فقد نزع ربقة الاسلام من عنقه.
(48) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل قال: قال عبد الله: كيف أنتم إذا
لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويتخذها الناس سنة، فإن غير منها شئ
قيل: غيرت السنة، قالوا: متى يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن، قال: إذا كثرت قراؤكم
وقلت أمناؤكم، وكثرت أمراؤكم وقلت فقهاؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة.
(49) حدثنا أبو أسامة عن منذر عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: وضع الله في
هذه الأمة خمس فتن: فتنة عامة ثم فتنة خاصة ثم فتنة عامة ثم فتنة خاصة، ثم فتنة تموج
كموج البحر، يصبح الناس فيها كالبهائم.
(50) حدثنا غندر عن شعبة قال: سمعت أحمر أو ابن أحمر يحدث عن أبي رجاء
العطاردي قال: سمعت ابن عباس يخطب على المنبر يقول: من فارق الجماعة شبرا فمات
مات ميتة جاهلية.
(51) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع قال: قال حذيفة: كيف
أنتم سئلتم الحق فأعطيتموه، ومنعتم حقكم، قال: إذا نصبر ورب الكعبة.
(52) حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل عن أبي صالح الحنفي قال: جاء رجل إلى
حذيفة وإلى أبي مسعود الأنصاري وهما جالسان في المسجد وقد طرد أهل الكوفة
سعيد بن العاص فقال: ما يحبسكم وقد خرج الناس؟ فوالله إنا لعلى السنة، فقالا: وكيف
تكونون على السنة وقد طردتم إمامكم، والله لا تكونون على السنة حتى يشفق الراعي

(1 / 45) اليعسوب: ذكر النحل لا خير فيه.
(1 / 52) أي تصبحون قطيعا لا راعي له يسرح فيه الذئب ويمرح.
599

وتنصح الرعية، قال: فقال له رجل: فإن لم يشفق الراعي وتنصح الرعية فما تأمرنا؟ قال:
نخرج وندعكم.
(53) حدثنا كثير بن هشام عن جعفر عن يزيد بن صهيب الفقير قال: بلغني أنه ما
تقلد رجل سيفا في فتنة إلا لم يزل مسخوطا عليه حتى يضعه.
(54) حدثنا أبو الأحوص عن شبيب بن غرقدة عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال:
سمعت النبي (ص) يقول في حجة الوداع: (أي يوم هذا؟ ثلاث مرات، فقالوا: يوم
الحج الأكبر، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في
شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على
ولده ولا مولود على والده، ألا يا أمتاه هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد) -
ثلاث مرات.
(55) حدثنا وكيع عن عبد المجيد عن أبي عمرو قال: سمعت العداء بن خالد بن
هوذة قال: حججت مع النبي (ص) حجة الوداع، فرأيت النبي (ص) قائما في الركابين وهو
يقول: (تدرون أي شهر هذا؟ أي بلد هذا؟ قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال:
اللهم اشهد).
(56) حدثنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن
النبي (ص) أنه قال: (أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم؟ قال: فسكت حتى ظننا أنه
سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ قلنا: الله
ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس البلد؟ قلنا: نعم،
قال: أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير
اسمه، قال: أليس يوم النحر، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: فإن دماءكم وأموالكم - قال
محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم - عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في
شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم).
(57) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر قال: قال نبي (ص)
في حجة: (أتدرون أي يوم أعظم حرمة؟ قال: فقلنا: يومنا هذا، قال: فأي بلد أعظم
حرمة؟ قال: قلنا: بلدنا هذا، قال: فأي شهر أعظم حرمة؟ قلنا: شهرنا هذا، قال:
600

قال رسول الله (ص): فإن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا
في شهركم هذا).
(58) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن رجل من أصحاب النبي
(ص) قال: قام فينا رسول الله (ص) على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: (أتدرون أي يومكم
هذا؟ أتدرون أي شهركم هذا؟ أتدرون أي بلدكم هذا؟ قال: فإن دماءكم وأموالكم
عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا).
(59) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد قال: لما كان يوم الجرعة قيل
لحذيفة: ألا تخرج مع الناس؟ قال: ما يخرجني معهم؟ قد علمت أنهم لم يهريقوا بينهم
محجما من دم حتى يرجعوا، ولقد ذكر في حديث الجرعة حديث كثير: ما أحب أن لي به
ما في بيتكم، إن الفتنة تستشرف من استشرف لها.
(60) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي عن زر بن حبيش عن حذيفة قال:
وددت أن عندي مائة رجل قلوبهم من ذهب فأصعد على صخرة فأحدثهم حديثا لا
تضرهم فتنة بعده أبدا ثم أذهب قليلا قليلا فلا أراهم ولا يرونني.
(61) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن المنهال عن أبي
البختري عن حذيفة قال: لو حدثتكم ما أعلم لافترقتم على ثلاث فرق: فرقة تقاتلني،
وفرقة لا تنصرني، وفرقة تكذبني.
(62) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش قال حدثني ضرار بن مرة عن عبد الله بن
حنظلة قال: قال حذيفة: ما من رجل إلا به أمة ينجسها الظفر إلا رجلين: أحدهما قد
برز والآخر فيه منازعة، فأما الذي برز فعمر، وأما الذي فيه منازعة فعلي.
(63) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان الثوري عن الحارث الأزدي عن ابن
الحنيفة قال: رحم الله امراء كف يده وأمسك لسانه وأغني نفسه وجلس في بيته، له ما
احتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب، ألا إن الاعمال أسرع إليهم من سيوف المؤمنين،
ألا إن للحق دولة يأتي بها الله إذا شاء.
(64) حدثنا عبدة بن سليمان ووكيع وابن المبارك عن إسماعيل عن قيس عن

(1 / 60) قلوبهم من ذهب: أي تعي ما تسمع وتحفظ وتتعظ.
(1 / 62) ينجسها الظفر: أي إذا ظفرت أنت من الأمور ما لا يحل لها أن تأتيه.
601

الصنابحي قال: سمعته يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: (أنا فرطكم على الحوض،
وإني مكاثر بكم الأمم فلا تقتتلن بعدي).
(65) حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن إسماعيل عن قيس عن الصنابحي الأحمسي عن
النبي (ص) بمثله.
(66) حدثنا غندر عن شعبة عن واقد بن محمد بن زيد أنه سمع أباه يحدث عن
عبد الله بن عمر عن النبي (ص) أنه قال في حجة الوداع: (ويحكم، أو قال: ويلكم، لا
ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
(67) حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل عن قيس قال: بلغنا أن جريرا قال: قال
لي رسول الله (ص): (استنصت الناس ثم قال عند ذلك: لأعرفنكم بعد ما أرى،
ترجعون بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض).
(68) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن
جرير يحدث أن رسول الله (ص) قال في حجة الوداع: (استنصت الناس، وقال: لا
ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
(69) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن شقيق عن حذيفة قال: قال لي رسول الله
(ص): (أنا فرطكم على الحوض ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم، فأقول: يا رب!
أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
(70) حدثنا علي بن مسهر عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال: قال لي
رسول الله (ص): (الكوثر نهر وعدني ربي، عليه خير كثير، هو حوضي ترد عليه
أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم فأقول: رب، إنه من أمتي،
فيقول: لا تدري ما أحدث بعدك).
(71) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن رافع عن أم
سلمة قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: على هذا المنبر: (إني سلف لكم على الكوثر،

) (1 / 66) هذا وما سبقه وبعض ما بعده أجزاء من خطبة الرسول (ص) في حجة الوداع وقد جاء في كتاب
السيرة أنه خطب في هذه الحجة ثلاث خطب، وهذا المذكور هنا عبارة من طولاهن.
(1 / 67) لأعرفنكم: الأرجح أنها لا أعرفنكم أي إن رجعتم بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
(1 / 69) أنازعن أقواما: أي أطلب أن يكونا معي وملائكة العذاب تسحبهم إلى النار.
(1 / 70) يختلج أو يختلج العبد: يسحب إلى النار.
602

فبينا أنا عليه إذ مر بكم أرسالا مخالفا لكم، فأنادي: هلم، فينادي مناد فيقول: ألا
إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: ألا سحقا).
(72) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن رجل من أصحاب النبي
(ص)، قال: قام فينا رسول الله (ص) فقال: (ألا إني فرطكم على الحوض، أنظركم
وأكاثر بكم الأمم فلا تسودوا وجهي).
(73) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال: كتب عمر
إلى أبي موسى: إن للناس نفرة عن سلطانهم، فأعوذ بالله أن تدركني وإياكم ضغائن محمولة
ودنيا مؤثرة وأهواء متبعة، وإنه ستداعي القبائل، وذلك نخوة من الشيطان، فإن كان
ذلك فالسيف السيف، القتل القتل، يقولون: يا أهل الاسلام! يا أهل الاسلام.
(74) حدثنا وكيع عن كهمس عن الحسن عن أبي بن كعب قال: سمعت رسول
الله (ص) يقول: (من اتصل بالقبائل فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا).
(75) حدثنا عيسى بن يونس عن عوف عن الحسن عن عتي بن ضمرة عن أبي عن
النبي (ص) بمثله.
(76) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال: قال عمر: من اعتز بالقبائل
فاعضوه أو فامضوه.
(77) حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: كتب
عمر إلى أمراء الأجناد: إذا تداعت القبائل فاضربوهم بالسيف حتى يصيروا إلى دعوة
الاسلام.
(78) حدثنا وكيع عن مسعر عن سهل أبي الأسد عن أبي صالح قال: من قال: يا
آل بني فلان، فإنما يدعو إلى جثاء النار.
(79) حدثنا حفص عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قال رسول الله (ص):
(لا ألفينكم به، ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، لا يؤخذ الرجل
بجريرة أخيه ولا بجريرة أبيه).

(1 / 74) اتصل بالقبائل: استشارهن إلى القتال، والقبائل تحركها العصبية.
(1 / 79) أي لا يتحمل المرء وزر أخيه وأبيه وابن قبيلته كما في الجاهلية.
603

(80) حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن خيثمة قال: قال عبد الله: إنها
ستكون هنات وأمور مشبهات، فعليك بالتؤدة فتكون تابعا في الخير خير من أن تكون
رأسا في الشر.
(81) حدثنا شريك عن أبي حصين عن الشعبي أن رجلا قال: يا لضبة، قال: فكتب
إلى عمر، قال: فكتب إليه عمر أن عاقبه، أو قال: أدبه، فإن ضبة لم يدفع عنهم سوءا
قط ولم يجر إليهم خيرا قط.
(82) حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا
زيد بن ثابت عن رسول الله (ص) قال: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن،
قلنا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن).
(83) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: لما بعث
عثمان إليه يأمره بالخروج إلى المدينة اجتمع الناس إليه فقالوا له: أقم لا تخرج، فنحن
نمنعك، لا يصل إليك منه شئ تكرهه، فقال عبد الله: إنها ستكون أمور وفتن، لا
أحب أن أكون أنا أول من فتحها وله علي طاقة، قال: فرد الناس وخرج إليه.
(84) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن بشير بن عمرو
قال: شيعنا ابن مسعود حين خرج، فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا، فقضى الحاجة
ثم توضأ ومسح على جوربيه ثم خرج وإن لحيته ليقطر منها الماء، فقلنا له: اعهد إلينا فإن
الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري هل نلقاك أم لا، قال: اتقوا الله واصبروا حتى
يستريح بر أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة.
(85) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن الأعمش عن شهر بن عطية عن أنس بن مالك
قال: إنها ستكون ملوك ثم جبابرة ثم الطواغيت).
(86) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير
قال: خرج رسول الله (ص) إلى أهل الحجرات فقال: (سعرت النار وجاءت الفتن كأنها
قطع الليل المظلم، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).
(87) حدثنا أبو أسامة عن ابن مبارك ومفصل بن يونس عن الأوزاعي عن

(1 / 81) ضبة اسم قبيلة من العرب تنسب إلى جدها الذي يحمل هذا الاسم.
604

حسان بن عطية عن أبي إدريس قال: إنها فتن قد أظلت كجباه البقر يهلك فيها أكثر
الناس إلا من كان يعرفها قبل ذلك.
(88) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي السفر عن رجل من بني عبس قال: قال لنا
حذيفة: كيف أنتم إذا ضيع الله أمر أمة محمد (ص)، فقال رجل: ما تزال تأتينا بمنكرة،
يضيع الله أمر محمد؟ قال: أرأيتم إذا وليها من لا يزن عند الله جناح بعوضة: أفترون
أمر أمة محمد ضاع يومئذ.
(89) حدثنا عفان وأسود بن عامر قالا: أخبر نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن
أبي عثمان عن خالد بن عرفطة عن النبي (ص) أنه قال: (يا خالد! إنها ستكون أحداث
واختلاف - وقال عفان: وفرقة - فإذا كان ذلك فإن استطعت أن تكون المقتول لا
القاتل، قال عفان: فافعل).
(90) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت بن زيد عن أبي
بردة قال: دخلت على محمد بن مسلمة فقلت له: رحمك الله! إنك من هذا الامر بمكان،
فلو خرجت إلى الناس فأمرت ونهيت؟ فقال: إن رسول الله (ص) قال: (إنها ستكون
فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان ذلك فأت بسيفك أحدا فاضربه حتى تقطعه ثم
اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية)، فقد وقعت وفعلت ما قال لي
رسول الله (ص).
(91) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين قال: بلغني أن الشام لا
تزال موائمة ما لم يكن بدوها من الشام.
(92) حدثنا علي بن حفص عن شريك عن عاصم عن عبد الله بن عامر عن أبيه
قال: قال رسول الله (ص): (من مات ولا طاعة عليه مات ميتة جاهلية، ومن خلعها
بعد عقده إياها فلا حجة له).
(93) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا أبو الأحوص بن حكيم عن ضمرة بن حبيب عن
القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عاصم البجلي: سلوا بكيليكم - يعني نوفا - عن الآية في

(1 / 91) أي ما لم يكن بدء الفتنة من الشام.
(1 / 92) ولا طاعة عليه: أي ولا بيعة في رقبته والمقصود لا إمام له.
خلعها: أي خلع البيعة.
605

شعبان والحدثان في رمضان والتمييز في شوال، والحسن - يعني القتل - والمعمعة في ذي القعدة،
والقضاء في ذي الحجة.
(94) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ابن جريح عن هارون بن أبي عائشة عن عدي بن
عدي عن سلمان بن ربيعة عن عمر قال: إنها ستكون أمراء وعمال صحبتهم فتنة ومفارقتهم
كفر، قال: قلت: الله أكبر، أعد علي يا أمير المؤمنين! فرجت عني، فأعاد عليه، قال
سلمان بن ربيعة: قال الله * (والفتنة أشد من القتل) * والفتنة أحب إلي من القتل.
(95) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن حسان عن محمد قال: دخل أبو مسعود
الأنصاري على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فاعتنقه فقال: الفراق، فقال: نعم حبيب
جاء على فاقة، ألا أفلح من ندم، أليس بعد ما أعلم من اليقين.
(96) حدثنا أبو أسامة عن الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي عن حذيفة قال:
ضرب لنا رسول الله (ص) أمثالا واحدا وثلاثة وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر، وفسر
لنا منها واحدا وسكت عن سائرها، فقال: (إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة فقاتلوا
قوما أهل حيلة وعداء، فظهروا عليهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا ربهم عليهم).
(97) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا العلاء بن عبد الكريم قال حدثني أعرابي لنا قال:
هاجرت إلى الكوفة فأخذت أعطية لي ثم بدا لي أن أخرج، فقال الناس: لا هجرة لك،
فلقيت سويد بن غفلة فأخبرته بذلك فقال: لوددت أن لي حمولة وما أعيش به وأني في
بعض هذه النواحي.
(98) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ثابت بن زيد قال أنبأنا هلال بن خباب أبو
العلاء قال: سألت سعيد بن جبير، قلت: يا أبا عبد الله! ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا
هلك علماؤهم.
(99) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زائدة عن الأعمش عن يحيى بن وثاب قال: قال
حذيفة: والله لا يأتيهم أمر يضجون منه إلا أردفهم أمي يشغلهم عنه.

(1 / 94) سورة البقرة من الآية (191).
(1 / 97) حمولة: أي ما يحملني، أي ناقة في بعض هذه النواحي: أي بعيدا عن مكان الفتنة والاقتتال.
(1 / 98) حمولة: أي ما يحملني، أي ناقة في بعض هذه النواحي: أي بعيدا عن مكان الفتنة والاقتتال.
(1 / 98) إذ يكون فيهم عندها جهلاء يدعون العلم فيفتون بغير معرفة.
606

(100) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول
قال: ما بين الملحمة وفتح القسطنطينية وخروج الدجال إلا سبعة أشهر، وما ذاك إلا
كهيئة العقد ينقطع فيتبع بعضه بعضا.
(101) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول أن معاذ بن
جبل قال: عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج
الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال، ثم ضرب بيده على منكب
رجل وقال: والله إن ذلك لحق.
(102) حدثنا وكيع عن أبيه عن الهزهاز عن يثيع قال: إذا رأيت الكوفة حوط
عليها حائط فاخرج منها ولو حمرا يردها كمت الخيل ودهم الخيل حتى يتنازع الرجلان في
المرأة يقول هذا: لي طرفها، ويقول هذا: لي ساقها.
(103) حدثنا وكيع عن سفيان عن منذر عن ابن الحنفية قالوا: لو أن عليا أدرك
أمرنا هذا كان هذا موضع رحله - يعني الشعب.
(104) حدثنا أبو أسامة عن الجريري قال حدثنا العلاء عن عبد الرحمن بن صخار
عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): (لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل حتى يقال
للرجل: من بني فلان)، قال: فعرفت أن العرب تدعى إلى قبائلها، وأن العجم تدعى
إلى قراها.
(105) حدثنا عبد الله بن نمير عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن
عمرو قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن في أمتي خسفا ومسخا وقذفا).
(106) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن حبيب
عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش أنها قالت: استيقظ رسول الله (ص) من نومه محمرا
وجهه وهو يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم
يأجوج ومأجوج، وعقد بيده يعني عشرة، قالت زينب: قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا
الصالحون؟ قال: (نعم، إذا ظهر الخبث).

(1 / 100) وهذا قول مكحول لم يرفعه أحد من رواته.
(1 / 105) أي سيصيب بعضها خسف وغيرهم مسخ أو قذف.
(1 / 106) إذا ظهر الخبث: إذا استعلن ولم يحاربه المسلمون.
607

(107) حدثنا ابن عيينة عن جامع عن منذر عن الحسن بن محمد عن امرأة عن
عائشة قالت: قال رسول الله (ص): (إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل
الأرض بأسه، قلت يا رسول الله! وفيهم أهل طاعة الله؟ قال: نعم، ثم يصيرون إلى
رحمة الله).
(108) حدثنا يونس بن محمد عن ليث بن سعد عن يزيد عن أبي سنان عن أنس
عن النبي (ص) قال: (بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا
ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، ويبيع قوم دينهم بعرض الدنيا).
(109) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن بيان عن قيس أن رسول الله (ص) رفع
رأسه إلى السماء ثم قال: (سبحان الله! ترسل عليهم الفتن إرسال القطر).
(110) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن أبي حصين عن أبي الضحى قال: قال رجل
وهو عند عمر: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة أو الفتن، فقال عمر: اللهم إني أعوذ بك من
الصفاطة، أتحب أن لا يرزقك الله مالا وولدا، أيكم استعاذ من الفتن فليستعذ من
مضلاتها.
(111) حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن القبطية قال: دخل
الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان على أم سلمة وأنا معها، فسألاها عن الجيش
الذي يخسف به، وذلك في زمان ابن الزبير، فقالت: قال رسول الله (ص): (يعوذ عائذ
بالبيت فيبعث إليه بعث، فإذا كان ببيداء من الأرض يخسف بهم، فقلنا: يا رسول
الله! كيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على
نيته)، قال: أبو جعفر، هي بيداء المدينة.
(112) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن قتادة عن الحسن عن
أبي موسى قال: قال رسول الله (ص): (إذا توجه المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما
صاحبه فهما في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد
قتل صاحبه).

(1 / 107) ظهر السوء: استعلن وانتشر ولم ينكره الناس بأيديهم وألسنتهم.
(1 / 108) عرض الدنيا: أموالها وأملاكها ومنافعها ومراتبها إلخ..
(1 / 109) أي تكثر وتنتشر كأنها المطر.
(1 / 111) يبعث إليه بعث: يرسل إليه جيش.
(1 / 112) أي لأنه كان حريصا على قتل صاحبه وإنما الصدقة أو القوة والقدر هو الذي جعله المقتول ولو
كان الحال غير ذلك كان هو القاتل والآخر المقتول.
608

(113) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا رزين الجهني قال حدثنا أبو الرقاد قال:
خرجت مع مولاي وأنا غلام، فدفعت إلى حذيفة وهو يقول: إن كان الرجل ليتكلم
بالكلمة على عهد النبي (ص) فيصير منافقا وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع
مرات، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتحاضن على الخير أو ليسحتنكم الله
بعذاب جميعا أو ليؤمرن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم.
(114) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل عن سماك عن ثروان بن
ملحان قال: كنا جلوسا في المسجد فمر علينا عمار بن ياسر فقلنا له: حدثنا حديث رسول
الله (ص) في الفتنة، فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (سيكون بدي أمراء يقتتلون
على الملك، يقتل بعضهم عليه بعضا)، فقلنا له: لو أن حدثنا به غيرك كذبناه، قال:
أما إنه سيكون.
(115) حدثنا عفان قال حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الخليل عن
عبد الله بن الحارث عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (ص): (يبايع لرجل بين الركن
والمقام كعدة أهل بدر، فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، فيغزوهم جيش من
أهل الشام حتى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم، ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله
كلب فيلتقون فيهزمهم الله)، فكان يقال: الخائب من خاب من غنيمة كلب.
(116) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي
إدريس المرهبي عن مسلم بن صفوان عن صفية قالت: قال رسول الله (ص): (لا ينتهي
ناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء أو ببيداء من
الأرض خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم، قلت: فإن كان فيهم من يكره؟
قال: يبعثهم الله على ما في أنفسهم).
(117) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سعد بن أوس عن بلال العبسي عن
ميمونة قالت: قال لنا نبي الله (ص) ذات يوم: (كيف أنتم إذا مرج الذين وظهرت
الرغبة واختلفت الاخوان خرق البيت العتيق).

(1 / 113) في المقعد الواحد: في الجلسة الواحدة.
(1 / 114) وفي العصر الأموي قتل بعضهم بعضا وفي العصر العباسي استشرى الامر حتى ليقتل الولد أباه
والأخ أخاه سبيل الملك.
(1 / 116) على ما في أنفسهم: على نياتهم.
609

(118) حدثنا ابن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب سمع
أبا هريرة يقول عن النبي (ص): (الذي يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة).
(119) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن حنش
الكناني عن عليم الكندي قال: ليخربن هذا البيت على يد رجل من آل الزبير.
(120) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: سمع ابن عمرو يقول:
كأني به أصيلع أفيدع، قائم عليها يهدمها بمسحاته، فلما هدمها ابن الزبير جعلت أنظر إلى
صفة ابن عمرو فلم أزل بها.
(121) حدثنا ابن عيينة عن داود بن سابور عن مجاهد قال: لما أجمع ابن الزبير على
هدمها خرجنا إلى منى ننتظر العذاب.
(122) حدثنا إسحاق الأزرق عن هشام عن حفصة عن أبي العالية عن علي قال: كأني
أنظر إلى رجل من الحبش أصلع أصمع حمش الساقين جالسا عليها وهي تهدم.
(123) حدثنا ابن علية عن ابن أبي نجيح عن سليمان بن ميناء قال: سمعت ابن عمرو يقول: إذا رأيتم قريشا قد هدموا البيت ثم بنوه فزوقوه، فإن استطعت أن تموت
فمت.
(124) حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه قال: كنت آخذا بلجام
دابة عبد الله بن عمرو فقال: كيف أنتم إذا هدمتم البيت، فلم تدعوا حجرا على حجر،
قالوا: ونحن على الاسلام؟ قال: وأنتم على الاسلام، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم يبنى أحسن ما
كان، فإذا رأيت مكة قد بعجت كظائم ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال فاعلم أن الامر
قد أظلك.
(125) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن عبد الله بن
عمرو قال: تمتعوا من هذا البيت قبل أن يرفع، فإنه سيرفع ويهدم مرتين ويرفع في الثالثة.
(126) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن عبد الرحمن بن بشر قال: جاء

(1 / 119) وهذا من الأحاديث الموضوعة التي وضعها جماعة الحجاج بن يوسف الثقفي ليحمل ابن الزبير عاقبة
هدم البيت في أعين الناس مع أنه هو الذي ضرب البيت بالمنجنيق في حصاره لابن الزبير.
(1 / 124) إن الامر قد أظلك: أي أن الساعة قد اقتربت.
610

رجل إلى عبد الله فقال: متى أضل؟ فقال: إذا كان عليك أمراء إن أطعتهم أضلوك،
وإن عصيتم قتلوك. (127) حدثنا وكيع عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (تعوذوا بالله من رأس السبعين ومن إمرة الصبيان). (128) حدثنا غندر عن شعبة عن سماك عن أبي ربيع عن أبي هريرة قال ويل
للعرب من شر قد اقترب: إمارة الصبيان، إن أطاعوهم أدخلوهم النار، وإن عصوهم
ضربوا أعناقهم.
(129) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال: سمعت ميمون بن أبي حبيب يحدث
عن عبادة بن الصامت قال، أتمنى لحبيبي أن يقل ماله أو يعجل موته، فقالوا: ما رأينا
متمنيا محبا لحبيبه، فقال: أخشى إن يدرككم أمراء، إن أطعتموهم أدخلوكم النار، وإن
عصيتموهم قتلوكم، فقال رجل: أخبرنا من هم حتى نفقأ أعينهم، قال شعبة أو نحثو في
وجوههم التراب، فقال: عسى أن تدركوهم فيكونوا هم الذين يفقأون عينك ويحثون في
وجهك التراب. (130) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن محمد قال: قال حذيفة: ما أحد
تدركه الفتنة إلا وأنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول
له: (لا تضرك الفتنة).
(131) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد أن عليا
أرسل إلى محمد بن مسلمة أن يأتيه، فأرسل إليه وقال: إن هو لم يأتني فاحملوه، فأتوه فأبى
أن يأتيه، فقالوا: إنا قد أمرنا إن لم تأته أن نحملك حتى نأتيه بك، قال: ارجعوا إليه
فقولوا له: إن ابن عمك وخليلي عهد إلي أنه ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان
ذلك فاجلس في بيتك واكسر سيفك حتى تأتيك منية قاضية أو يد خاطية، فاتق الله يا
علي ولا تكن تلك اليد الخاطية، فأتوه فأخبروه فقال: دعوه.
(132) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي عاصم عن أشياخ قالوا: قال حذيفة تكون
فتنة ثم يكون بعدها توبة وجماعة، ثم تكون فتنة لا تكون بعدها توبة ولا جماعة.

(1 / 127) إمرة الصيبان: وراثة صغار السن الملك عن آبائهم.
611

(133) حدثنا وكيع عن سوار بن ميمون قال حدثني شيخ لنا من عبد القيس يقال
له بشير بن غوث قال: سمعت عليا يقول: إذا كانت سنة خمس وأربعين ومائة منع البحر
جانبه، وإذا كانت سنة خمسين ومائة منع البر جانبه، وإذا كانت سنة ستين ومائة ظهر
الخسف والمسخ والرجفة.
(134) حدثنا سفيان عن أبي سنان عن سعيد بن جبير قال: لقيني راهب في الفتنة
فقال: يا سعيد بن جبير! تبين من يعبد الله أو يعبد الطاغوت.
(135) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رباح القيسي قال: سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله (ص) أنه قال:
(من ترك الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتة جاهلية، ومن خرج تحت راية عمية
يغضب لعصبته أو ينصر عصبته أو يدعو إلى عصبته فقتل فقتلة جاهلية، ومن خرج
على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد فليس مني
ولست منه). (136) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال:
سمعت أبا هريرة يخبر أبا قتادة عن النبي (ص) قال: (يبايع لرجل بين الركن والمقام،
ولن يستحل البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة
فيخربون خرابا لا يعمر بعده ابدا وهم الذين يستخرجون كنزه). (137) حدثنا أبوا أسامة عن عبد الله بن محمد بن عمرو بن علي قال حدثني أبي قال:
قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! لإزالة الجبال من مكانها أهون من إزالة ملك
مؤجل، فإذا اختلفوا بينهم فوالذي نفسي بيده لو كادتهم الضباع لغلبتهم.
(138) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة عن
عبد الله بن عمرو قال: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات النساء حول الأصنام.

(1 / 136) والذي بويع له بين الركن والمقام هو عبد الله بن الزبير.
(1 / 137) ملك مؤجل: أي قد جعل لانتهائه أجلا لما يحن بعد.
(1 / 138) أليات: ج ألية وهي العجيزة، والمقصود أن تعود الوثنية وتطوف النساء بالأصنام وقد تكون
الأصنام ما نراه في أيامنا من تعلق النساء بنجوم السينما والغناء وأهل الغواية والضلالة وأشباههم.
612

(139) حدثنا أبو أسامة عن أبي الأشهب قال حدثنا عمرو بن عبيد عن ثوبان قال:
(توشك الأمم أن تداعى عليكم كما يتداعى القوم على قصعتهم، ينزع الوهن من
قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم وتجبب إليكم الدنيا، قالوا: من قلة، قال: أكثركم
غثاء كغثاء السيل).
(140) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عاصم عن ذر عن حذيفة
ابن اليمان قال: تكون فتنة فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب، ثم تكون
أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب، ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال
فيضربون خيشومها حتى تذهب، ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها
حتى تذهب، ثم تكون الخامسة دهماء مجللة تنبثق في الأرض كما ينبثق الماء.
(141) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي مجلز قال: قال
رجل: يا آل بني تميم، فحرمهم عمر بن الخطاب عطاء هم سنة ثم أعطاهم إياه من العام
المقبل. (142) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي
إدريس عن المسيب بن بجينة عن علي بن أبي طالب قال: من أدرك ذلك الزمان فلا
يطعن برمح ولا يضرب بسيف ولا يرم بحجر، واصبروا فإن العاقبة للمتقين.
(143) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال:
سمعت أبا هريرة يقول: ويل للعرب من شر قد اقترب، أظلت ورب كعبة أظلت، والله
لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع، الفتنة العمياء الصماء المشبهة، يصبح الرجل فيها
على أمر ويمسي على أمر، القائد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي
فيها خير من الساعي، ولو أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ها هنا، وأشار إلى
قفاه - يحرف كفه يخره، ويقول: اللهم لا يدرك أبا هريرة إمرة الصبيان.
(144) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ويل
للعرب من شر قد اقترب، قد أفلح من كف يده.

(1 / 139) غثاء السيل: رغوته وهي شئ لا يكاد يكون له قوام.
(1 / 140) الخيشوم: هو الانف والمقصود بخيشوم الفتنة رأسها وهنا استعمال الجزء وهو الخيشوم كناية عن
الكل كتسمية الأسبوع جمعة والجمعة أحد الأيام.
(1 / 141) لان هذا النداء فيه شبهة دعوى الجاهلية والعصبية القبلية.
وأعطاهم إياه: أي أن منعه إنما كان تأديبا له ووعظا لكي لا يعودوا لمثلها.
613

(145) حدثنا عبد الله بن نمير عن منخل بن عضبان قال: صحبت عاصم بن عمرو
البجلي فسمعته يقول: يا ابن أخي! إذا فتح باب المغرب لم يغلق. (146) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن عبد الله بن المخارق بن سليم عن أبيه
قال: قال علي: إني لا أرى هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم لتفرقكم عن حقكم واجتماعهم
على باطلهم، وإن الامام ليس يشاق سفره، وإنه يخطئ ويصيب، فإذا كان عليكم إمام
يعدل في الرعية ويقسم بالسوية فاسمعوا له وأطيعوا، وإن الناس لا يصلهم إلا إمام بر
أو فاجر، فإن كان برا فللراعي وللرعية، وإن كان فاجرا عبد فيه المؤمن ربه وعمل فيه
الفاجر إلى أجله، وإنكم ستعرضون على سبي، وعلى البراءة مني، فمن سبني فهو في حل
من سبي، ولا تبرأوا من ديني فإني على الاسلام.
(147) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمير
قال: جاء رجل برجال إلى علي فقال: إني رأيت هؤلاء يتدعدونك ففروا، وأخذت هذا،
قال: أفأقتل من لم يقتلني؟ قال إنه سبك، قال: سبه أو دع.
(148) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن شهر عن رجل قال: كنت عريفا في
زمان علي، قال: فأمرنا بأمر فقال: أفعلتم ما أمرتكم، قلنا، لا، قال: والله لتفعلن ما
تؤمرون به أو ليركبن أعناقكم اليهود والنصارى.
(149) حدثنا عبد الله بن إدريس عن يحيى وعبيد الله وابن إسحاق عن عبادة بن
الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله (ص) على السمع
والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى إثرة علينا وعلى أن لا ننازع الامر أهله،
وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
(150) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله بن
الأشج قال: قال عبادة بن الصامت لجنادة بن أبي أمية الأنصاري: تعالى حتى أخبرك ماذا
لك وماذا عليك؟ إن عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك
والإثرة عليك وأن تقول بلسانك وأن لا تنازع الامر أهله إلا أن ترى كفرا براحا.

(1 / 146) ستعرضون على سبي: ستدعون إلى سبي وقد فعل ذلك الأمويون حتى أوقف السب ومنعه عمر بن
عبد العزيز رضي الله عنه وأصلح بين المسلمين حتى سمي بحق خامس الخلفاء الراشدين.
(1 / 147) أي أنه قد جاء به ليقتله لأنه سب.
(1 / 150) الأثرة عليك: الاستئثار بالخيرات دونك.
614

(151) حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل عن قيس بن جرير قال: قال
ذو عمرو: يا جرير! إن بك علي كرامة وإني مخبرك خبرا إنكم معشر العرب! لن تزالوا
بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر، فإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك
ورضيتم رضا الملوك.
(152) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حسن بن فرات عن أبيه عن أبي حازم عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم، كلما
ذهب نبي خلفه نبي، وإنه ليس كائنا فيكم نبي بعدي، قالوا: فما يكون يا رسول الله!
قال: يكون خلفاء وتكثر، قالوا: فكيف نصنع؟ قال: أوفوا بيعة الأول فالأول، أدوا
الذي عليكم فسيسألهم الله عن الذي عليهم).
(153) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل قال: قام سلمة الجعفي
إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله! أرأيت إن كان علينا من بعدك قوم يأخذوننا
بالحق ويمنعون حق الله، قال: فلم يجبه النبي عليه الصلاة والسلام بشئ، قال: ثم قام الثانية
فلم يجبه النبي (ص) بشئ، ثم قام الثالثة، فقال رسول الله (ص): (عليهم ما حملوا
وعليكم ما حملتم فاسمعوا لهم وأطيعوا).
(154) حدثنا شبابة عن شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النبي (ص)
بمثله.
(155) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الله بن عثمان عن نافع بن سرجس
عن أبي هريرة قال: أظلتكم الفتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس فيها صاحب شاهقة،
يأكل من رسل غنمه أو رجل من وراء الدرب آخذ بعنان فرسه، يأكل من في سيفه.
(156) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح قال: قال لي أبو
هريرة: إن استطعت أن تموت فمت، قال: قلت: لا أستطيع أن أموت قبل أن يجئ
أجلي.
(157) حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: قال
رسول الله (ص): (إنه ستكون بعدي إثرة وأمور تنكرونها، قال: فقلت: يا رسول الله!
ما تأمر من أدرك منا ذلك، قال: تعطون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم).

(6 / 153) لان الحفاظ على أمر المسلمين جميع هو الامر الأهم.
615

(158) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن
عباس قال: قال رسول الله (ص) في حجة الوداع: (أيها الناس! أي يوم هذا؟ قالوا:
يوم حرام، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر
حرام، قال: فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في
بلدكم هذا في شهركم هذا - ثم أعادها مرارا، قال: ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: (اللهم
هل بلغت - مرارا، قال: يقول ابن عباس: والله إنها لوصيته إلى ربه، ثم قال: ألا فليبلغ
الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض).
(159) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين قال: كان محمد بن أبي
حذيفة مع كعب في سفينة فقال لكعب ذات يوم: يا كعب! أتجد هذه في التوراة كيف
تجري وكيف وكيف؟ فقال له كعب: لا تسخر من التوراة، فإنها كتاب الله، وإنما فيها
حق، قال: فعاد فقال له مثل ذلك، فعاد فقال له مثل ذلك ثم قال: ولكن أجد فيها أن
رجلا من قريش أشط الناب ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار في قيده فاتق الله ولا تكن أنت
هو، قال محمد: فكان هو.
(160) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال: سمعت عبد الله بن رواع
قال: ذكرت الفتنة عند ابن مسعود، قال: ادخل بيتك، فإن دخل عليك فكن كالبعير
الثفال، لا ينبعث إلا كارا ولا يمشي إلا كارها.
(161) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال: سمعت أبا صالح قال: قام
عندنا رجل من أصحاب النبي (ص) يوم الجرعة، قال: وكان عثمان بن عفان قد بعث
سعيد بن العاص على الكوفة، قال: فخرج أهل الكوفة فأدركوه، قال: فقال رجل من
القوم: أنا على السنة، فقال لستم على السنة حتى يشفق الراعي وتنصح الرعية.
(162) حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل
هذا) - وعقد وهيب بيده تسعين.

(1 / 159) أشط الناب: كبير الناب.
616

(163) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا علي بن صالح عن أبيه عن سعيد بن عمرو
عن أبي حكيم مولى محمد بن أسامة عن النبي (ص) قال: (كيف أنتم إذا لم يجب لكم دينار
ولا درهم، قالوا: ومتى يكون ذلك؟ قال: إذا نقضتم العهد شدد الله قلوب العدو
عليكم فامتنعوا منكم).
(164) حدثنا إسحاق بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن أبي
عبيدة عن حذيفة قال: ليأتين على الناس زمان يكون للرجل أحمرة يحمل عليها إلى الشام
أحب إليه من عرض الدنيا.
(165) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الجوزاء عن مسلم
ابن يسار عن عبد الله بن عمرو قال: إذا كانت سنة ست وثلاثين مائة ولم تروا آية
فالعنوني في قبري.
(166) حدثنا يزيد عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن خالد بن الحويرث عن
عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) قال: (الآيات خرز منظومات في سلك، انقطع السلك
فيتبع بعضها بعضا).
(167) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن حذيفة قال: (لو
أن رجلا ارتبط فرسا في سبيل الله فأنتجت مهرا عند أول الآيات ما ركب المهر
حتى يرى آخرها).
(168) حدثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن صلة عن حذيفة قال:
سمعته يقول: إذا رأيتم أول الآيات تتابعت.
(169) حدثنا عبدة بن سليمان عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف
قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس في
الطرق تسافد الحمير.
(170) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي
(ص) قال: (يتقارب الزمان وينقص العلم ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج،
قالوا: يا رسول الله! ما الهرج؟ قال: القتل).

(1 / 163) لم يجب لكم: لم تؤد لكم الجزية.
(1 / 169) التسافد للدواب كالجماع للبشر.
617

(171) حدثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: قدمنا على
عمر فقال: كيف عيشكم؟ فقلنا: أخصب قوم من قوم يخافون الدجال، قال: ما قبل
الدجال أخوف عليكم، الهرج، قلت: وما الهرج؟ قال: القتل، حتى أن الرجل ليقتل أباه.
(172) حدثنا أبو أسامة عن شعبة قال حدثنا قتادة عن أنس قال: سمعت رسول
الله (ص) يقول: (ولا يحدثكم بعدي أحد أنه سمع رسول الله (ص) يقول: إن من
أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل وأن تشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل
الرجال ويكثر النساء).
(173) حدثنا وكيع عن سفيان ومسعر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجاء بن
حياة عن معاذ قال: إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وسوف تبتلون بفتنة السراء، وإن
أخوف ما أتخوف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن ريط الشام فأتعبن الغني
وكلفن الفقير ما لا يجد.
(174) حدثنا أبو خالد الأحمر عن التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال:
قال رسول الله (ص): (ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
(175) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أنس عن ابن سيرين عن أبي عبيدة بن
عبد الله عن أبيه قال: ما ذكر من الآيات فقد مضى إلا أربع: طلوع الشمس من مغربها
والدجال ودابة الأرض وخروج ودابة وخروج يأجوج ومأجوج، قال: والآية التي تختم بها الاعمال طلوع
الشمس من مغربها، ألم تسمع إلى قول الله: * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا أيمانها
لم تكن آمنت من قبل) * الآية.
(176) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام قال: زعم الحسن أن نبي الله
موسى (ص) سأل ربه أن يريه الدابة، قال: فخرجت ثلاثة أيام لا يرى واحد من
طرفيها، قال: فقال: رب ردها، فردت.
(177) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن
حذيفة قال: تخرج الدابة مرتين قبل يوم القيامة حتى يضرب فيها رجال، ثم تخرج الثالثة

(1 / 174) لان في بعض النساء باب لكل فتنة ففيهن الزنا ولأجلهن السرقة والقتل وكل آفة وخطيئة وهن الكاسيات العاريات المائلات المميلات. اللواتي نراهن في أيامنا.
(1 / 175) سورة الأنعام من الآية (158).
618

عند أعظم مساجدكم، فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل فتقول: ما يجمعكم عند عدو
الله، فيبتدرون فتسم الكافر حتى أن الرجلين ليتبايعان، فيقول هذا: خذ يا مؤمن، ويقول
هذا: خذ يا كافي.
(178) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن عمرو
قال: تخرج الدابة من جبل حياد أيام التشريق والناس بمنى، قال: فلذلك حي سائق الحاج
إذا جاء بسلامة الناس.
(179) حدثنا حسين بن علي عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمرو قال:
تخرج الدابة من صدع في الصفا جري الفرس ثلاثة أيام لا تخرج ثلثها.
(180) حدثنا محمد بن بشر قال حدثني أبو حيان عن أبي زرعة قال: جلس ثلاثة
نفر من المسلمين إلى مروان بن الحكم فسمعوه يحدث عن الآيات أن أولها خروج
الدجال، فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو فحدثه بالذي سمعوه من مروان بن الحكم
في الآيات أن أولها خروج الدجال، فقال عبد الله: لم يقل مروان شيئا، قد حفظت من
رسول الله (ص) حديثا لم أنسه بعد ما سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن أول الآيات خروجا
طلوع الشمس من مغربها أو خروج الدابة على الناس ضحى، وأيتهما ما كانت قبل
صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا)، ثم قال عبد الله وكان يقرأ الكتب: وأظن أولهما
خروجا طلوع الشمس من مغربها، وذاك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت
فاستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع حتى إذا شاء الله أن تطلع من مغربها أتت تحت
العرش فسجدت واستأذنت فلم يرد عليها بشئ، ثم تعود فتستأذن في الرجوع فلا يرد
عليها بشئ، ثم تعود فتستأذن في الرجوع فلا يرد عليها بشئ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء
الله أن يذهب، وعرفت أنها لو أذن لها لم تدرك لها لم تدرك المشرق، قالت: رب! ما أبعد المشرق، قالت:
من لي بالناس، حتى إذا أضاء الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع، قيل لها: مكانك
فاطلعي، فطلعت على الناس من مغربها، ثم تلا عبد الله هذه الآية وذلك * (يوم يأتي بعض
آيات ربك لا ينفع نفسا أيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *.
(181) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: كنا مع النبي
(ص) فقال: (أحصوا كل من تلفظ بالاسلام، قال: قلنا: يا رسول الله! تخاف علينا
ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ فقال: إنكم لا تدرون لعلكم إن تبتلوا)، قال: فابتلينا
حتى جعل الرجل منا ما يصلى إلا سرا.
619

(182) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: ما بينكم وبين أن
يرسل عليكم الشر فراسخ إلا موتة في عنق رجل يموتها وهو عمر.
(183) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن حصين بن عبد الله عن أنس بن
مالك قال: ما أعرف شيئا إلا الصلاة.
(184) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل قال حدثني رجل كان يبيع الطعام،
قال: لما قدم حذيفة على جوخا أتى أبا مسعود يسلم عليه، فقال أبوه: ما شأن سيفك هذا
يا أبا عبد الله! قال: أمرني عثمان على جوخا، فقال: يا أبا عبد الله! أتخشى أن تكون هذه
فتنة، حين طرد الناس سعيد بن العاص، قال له حذيفة: أما تعرف دينك يا أبا مسعود!
قال: بلى، قال: فإنها لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق
والباطل فلم تدر أيهما تتبع، فتلك الفتنة.
(185) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد أن رجلا من أصحاب النبي
(ص) قال: ما أدركت الفتنة أحدا منا إلا لو شئت أن أقول فيه لقلت فيه إلا عبد الله بن
عمر.
(186) حدثنا مروان بن معاوية عن العلاء بن خالد عن شقيق قال: قال عبد الله:
إن هذا السلطان قد ابتليتم به، فإن عدل كان له الاجر وعليكم الشكر، وإن جار كان
عليه الوزر وعليكم الصبر.
(187) حدثنا ابن علية عن يونس عن علي قال: قال لي أبي: هلك أهل هذه العقدة
ورب الكعبة هلكوا وأهلكوا كثيرا، أما والله ما عليهم آسي ولكن على من يهلكون من
أمة محمد عليه السلام.
(188) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن الحسن عن ضبة بن محصن عن
أم سلمة قالت: قال رسول الله (ص): (إنها ستكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر
فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله! أفلا
نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا).

(1 / 183) وهذا كناية عن كراهته التحدث في أمور الفتن وابتعاده عن الناس كي لا يشارك فيها لا بقول ولا
بعمل.
(1 / 185) أي أن عبد الله بن عمر لم يشارك في الفتنة بقول أو فعل.
620

(189) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: قال أبو هريرة:
لتؤخذن المرأة فليبقرن بطنها ثم ليؤخذن ما في الرحم فلينبذن مخافة الولد.
(190) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: قال أبو هريرة:
يا ويحه! يخلع والله كما يخلع الوظيف، يا ويلتاه يعزل كما يعزل الجدي.
(191) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مسلم بن سعيد عن منصور بن زاذان عن
معاوية بن قرة عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله (ص): (العبادة في الفتنة كالهجرة
إلي).
(192) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن عبد الله بن
الأقنع الباهلي عن الأحنف بن قيس قال: كنت جالسا في مسجد المدينة، فأقبل رجل لا
تراه حلقة إلا فروا منه حتى انتهى إلى الحلقة التي كنت فيها، فثبت وفروا، فقلت: من
أنت؟ فقال: أبو ذر صاحب رسول الله (ص)، قلت: لما يفر الناس منك، قال: إني أنهاهم
عن الكنوز، قال: قلت: إن أعطياتنا قد بلغت وارتفعت فتخاف علينا منها، قال: أما
اليوم فلا ولكنها يوشك أن يكون أثمان دينكم فإذا كانت أثمان دينكم فدعوها إياهم.
(193) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سفيان قال حدثني أبو الجحاف قال أخبرني
معاوية بن ثعلبة قال: أتيت محمد بن الحنفية فقلت: إن رسول الله المختار أتانا يدعونا، قال:
فقال لي: إني أكره أن أسوء هذه الأمة وآتيها من غير وجهها.
(194) حدثنا محمد بن بشر عن سفيان عن الزبير بن عدي قال: قال لي إبراهيم:
إياك أن تقتل مع قتيبة.
(195) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال: دخل أبو موسى
وأبو مسعود على عمار وهو يستنفر الناس فقال: أما رأينا منك منذ أسلمت أمرا أكره
عندنا من إسراعك في هذا الامر، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره
عندي من إبطائكما عن هذا الامر، قال: فكساهما حلة حلة.

(1 / 190) الوظيف: مستدق الذراع والساق من الإبل وغيرها أو هو من كل ذي أربع ما فوق الرسغ إلى
مفصل الساق.
(1 / 192) توشك أن يكون أثمان دينكم: أي لا يعطيها الحكام إلا لمن يتابعهم على ما يفعلوه من حق أو
باطل.
(1 / 193) المختار هو المختار الثقفي وقد سبق ذكره وترجمته في كتاب الأمراء.
621

(196) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا وائل يحدث عن
الحارث بن حنش الأسدي قال: بعثني سعيد بن العاص بهدايا إلى أهل المدينة وفضل عليا،
قال: وقال لي: قل له: إن ابن أخيك يقرئك السلام ويقول: ما بعثت إلى أحد بأكثر مما
بعثت إليك إلا ما كان في خزائن أمير المؤمنين، فقال علي: أشد ما يحزن على ميراث
محمد، أما والله لئن ملكتها لأنفضنها نفض الوذام التربة.
(197) حدثنا معتمر بن سليمان عن الركين عن أبيه عن ابن مسعود قال: كان يقول
لنا في خلافة عمر: إنها ستكون هناة وهناة، وأن يحسب الرجل إذا رأى أمرا يكرهه أن
يعلم الله أنه له كاره.
(198) حدثنا معاوية قال حدثنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال:
قلت: لابن عباس: أنهى أميري عن معصية؟ قال: لا تكون فتنة؟ قال قلت: فإن أمرني
بمعصية؟ قال: فحينئذ.
(199) حدثنا جرير عن مغيرة عن ابن إسحاق عن سعيد بن جبير قال: قال رجل
لابن عباس: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا تؤنب الامام، فإن
كنت لا بد فاعلا فيما بينك وبينه.
(200) حدثنا جرير عن العلاء عن خيثمة قال: قال عبد الله: إذا أتيت الأمير
المؤمن فلا يؤنبه أحد من الناس.
(201) حدثنا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: ذكرت الأمراء عند
ابن عباس فانبرك فيهم رجل فتطاول حتى ما أرى في البيت أطول منه، فسمعت ابن عباس
يقول: لا تجعل نفسك فتنة للقوم الظالمين، فتقاصر حتى ما أرى في البيت أقصر
منه.
(202) حدثنا كثير بن همام عن جعفر بن برقان عن عبد الله بن بشر قال حدثنا
أيوب السختياني قال: اجتمع ابن مسعود وسعد وابن عمر وعمار فذكروا فتنة المؤمن، فقال
سعد: أما أنا فأجلس في بيتي ولا أخرج منه، وقال ابن مسعود: أنا على ما قلت، وقال
ابن عمر: أنا لي مثل ذلك، وقال عمار: لكني أتوسطها فأضرب خيشومها الأعظم.

(1 / 196) الوذام ج وذم وهو سير الجلد المقدود طولا، ولا يربط بين الدابتين والنير لشق الأرض وهو هنا
مستعمل كناية عن ذلك، أي كما تشق دواب الفلاحة الترب. والمعنى بعيد إلا أننا لم نجد ما يفسر
العبارة أقرب من هذا.
622

(203) حدثنا محمد بن عبيدة عن الأعمش عن إبراهيم التيمي قال: كان الحارث بن
سويد في نفر فقال: إياكم والفتن فإنها قد ظهرت، فقال رجل: فأنت قد خرجت مع علي،
قال: وأين لكم إمام مثل علي.
(204) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن زياد عن تبيع قال: قال كعب: إن
لكل قوم كلبا، فاتق الله لا يضرنك شره.
(205) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا حسين عن ميمون بن سياه
عن جندب بن عبد الله أنه قال في الفتنة: إنه من انبجس به أردته.
(206) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن
بشر بن المحرر عن أبي ذر قال: توشك المدينة أن لا يحمل إليها طعام على قتب، ويكون
طعام أهلها بها، من كان له أصل أو حرث أو ماشية يتبع أذنابها في أطراف السحاب،
فإذا رأيتم البنيان قد علا سلعا فارمضوه.
(207) حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن رجل عن أبي ذر قال: أقبل
رسول الله (ص) من سفر، فلما دنا من المدينة تعجل قوم على راياتهم، فأرسل فجئ بهم
فقال: (ما أعجلكم؟ قالوا: أوليس قد أذنت لنا، قال: لا، ولا شهت ولكنكم تعجلتم
إلى النساء بالمدينة، ثم قال: ألا ليت شعري متى تخرج نار من قبل جبل الوراق
تضئ لها أعناق الإبل بروكا إلى برك الغماد من عدن أبين كضوء النهار).
(208) حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس أن عبد الله بن سلام سأل النبي
(ص): (ما أول أشراط الساعة؟ فقال: (أخبرني جبريل آنفا أن نار تحشرهم من قبل
المشرق).
(209) حدثنا أبو خالد الأحمر عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: قال
عمر: أيها الناس! هاجروا قبل الحبشة، تخرج من أودية بني علي نار تقبل من قبل اليمن
تحشر الناس، تسير إذا ساروا، وتقيم إذا أقاموا حتى أنها لتحشر الجعلان حتى تنتهي بهم
إلى بصرى، وحتى إن الرجل ليقع فيقف حتى تأخذه.

(1 / 204) كلبا: أي في كل قوم رجل فاسد يثبر النفوس والحزازات.
623

(210) حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك قوله * (يرسل عليكما شواظ من
نار) * قال: نار تخرج من قبل المغرب تحشر الناس حتى إنها لتحشر القردة والخنازير،
تبيت حيث باتوا، وتقيل حيث قالوا.
(211) حدثنا معاوية بن عمرو عن زائدة عن الأعمش عن عمرو عن عبد الله بن
الحارث عن حبيب بن جماز عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص): (ليت شعري متى
تخرج نار من قبل الوراق تضئ لها أعناق الإبل ببصرى بروكا كضوء النهار).
(212) حدثنا أبو عامر العقدي عن علي بن المبارك عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة
قال: حدثني سالم بن عبد الله قال: حدثني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (ص):
(ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت، تحشر الناس، قالوا: يا رسول
الله! فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام).
(213) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب عن هذيل بن شرحبيل قال:
خطبهم معاوية فقال: يا أيها الناس! إنكم جئتم فبايعتموني طائعين، ولو بايعوا عبدا حبشيا
مجدعا لجئت حتى أبايعه معكم، فما نزل عن المنبر قال له عمرو بن العاص: تدري أي
شئ جئت به اليوم؟ زعمت أن الناس بايعوك طائعين، ولو بايعوا عبدا حبشيا مجدعا
لجئت حتى تبايعه معهم، قال: فندم فعاد إلى المنبر فقال: أيها الناس! وهل كان أحد أحق
بهذا الامر مني، وهل هو أحد أحق بهذا الامر مني، قال: وابن عمر جالس، قال: فقال
ابن عمر: هممت أن أقول: أحق بهذا الامر منك من ضربك وأباك عن الاسلام، ثم
خفت أن تكون كلمتي فسادا، وذكرت ما أعد الله في الجنان، فهون علي ما أقول.
(214) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال: كان قيس بن سعد بن عبادة مع
علي على مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بد ما مات علي، فلما دخل الحسن
في بيعة معاوية أبي قيس أن يدخل، فقال لأصحابه: ما شئتم! إن شئتم جالدت بكم أبدا
حتى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانا، فقالوا: خذ لنا أمانا فأخذ لهم أن لهم
كذا وكذا، وأن لا يعاقبوا بشئ، وأني رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، فلما
ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يوم جزورا حتى بلغ.

(1 / 210) * (يرسل عليكما شواظ) * سورة الرحمن الآية (35).
حيث قالوا: حيث نزلوا للراحة والقيلولة.
(1 / 211) بصرى بلدة في الشام قريبة من دمشق.
(1 / 213) وإنما هم ابن عمر بقول هذا لان آل أبي سفيان إنما أسلموا راغمين بعد الفتح.
624

(215) حدثنا ابن علية عن حبيب بن شهيد عن محمد بن سيرين قال: كان ابن عمر
يقول: رحم الله ابن الزبير! أراد دنانير الشام، رحم الله مروان! أراد دراهم العراق.
(216) حدثنا يحيى بن آدم عن فطر قال حدثنا منذر الثوري عن محمد بن علي بن
الحنيفة قال: اتقوا هذه الفتن فإنها لا يستشرف لها أحد إلا استبقته، ألا إن هؤلاء القوم
لهم أجل ومدة، لو اجتمع من في الأرض أن يزيلوا ملكهم لم يقدروا على ذلك، حتى
يكون الله هو الذي يأذن فيه، أتستطيعون أن تزيلوا هذه الجبال.
(217) حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: لما بويع لعلي أتاني
فقال: إنك امرؤ محبب في أهل الشام، فإني قد استعملتك عليهم فسر إليهم، قال:
فذكرت القرابة وذكرت الصهر، فقلت: أما بعد، فوالله لا أبايعك، قال: فتركني
وخرج، فلما كان بعد ذلك جاء ابن عمر إلى أمه أم كلثوم فسلم عليها وتوجه إلى مكة
فأتى علي، فقيل له: إن ابن عمر قد توجه إلى الشام فاستنفر الناس، قال: فإن كان
الرجل ليعجل حتى يلقي رداءه في عنق بعيره، قال: وأتيت أم كلثوم فأخبرت، فأرسلت
إلى أبيها: ما الذي تصنع؟ قد جاءني الرجل وسلم علي وتوجه إلى مكة، فتراجع الناس.
(218) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال: دخلت أنا وعبد الله بن
الزبير على أسماء قبل قتل عبد الله بن الزبير بعشر ليال وأسماء وجعة، فقال لها عبد الله:
كيف تجدينك؟ قالت: وجعة، قال: إن في الموت لعافية، قالت: لعلك تشتهي موتي،
فلذلك تمناه، فوالله ما أشتهي أن تموت حتى نأتي على أحد طرفيك، إما أن تقتل
فأحتسبك، وإما أن تظهر فتقر عيني، فإياك أن تعرض عليك خطة لا توافقك، فتقبلها
كراهة الموت، وإنما عنى ابن الزبير ليقتل فيحزنها بذلك.
(219) حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: أتيت أسماء بعد قتل
عبد الله بن الزبير فقالت: بلغني إنهم صلبوا عبد الله منكسا، وعلقوا معه هرة، والله إني
لوددت إني لا أموت حتى يدفع إلي فأغسله وأحنطه وأكفنه ثم أدفنه، فما لبثوا أن جاء
كتاب عبد الملك أن يدفع إلى أهله، فأتيت به أسماء فغسلته وحنطته وكفنته ثم دفنته.
(220) حدثنا ابن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه قالت: دخل ابن

(1 / 216) وإنما سمي ابن الحنفية، لان أمه من بني حنيفة.
(1 / 217) وأم كلثوم هي بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليست أم عبد الله بن عمر رضي الله عنه،
ولكنها زوج أبيه وأم بعض إخوته.
625

عمر المسجد وابن الزبير مصلوب، فقالوا له: هذه أسماء، فأتاها وذكرها ووعظها وقال:
إن الجثة ليست بشئ وإن الأرواح عند الله فاصبري واحتسبي، فقالت: وما يمنعني من
الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
(221) حدثنا خلف بن خليفة عن أبيه قال: أخبرت أن الحجاج حين قتل ابن الزبير
جاء به إلى منى فصلبه عند الثنية في بطن الوادي، ثم قال للناس: انظروا إلى هذا، هذا
شر الأمة، قال: إني رأيت ابن عمر جاء على بغلة له فذهب ليدنيها من الجذع فجعلت
تنفر فقال لمولى له: ويحك! خذ بلجامها فأدنها، قال: فرأيته أدناها فوقف عبد الله بن
عمر وهو يقول: رحمك الله إن كنت لصواما قواما، ولقد أفلحت أمة أنت شرها.
(222) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن شمر عن هلال بن يساف قال: حدثني
البريد الذي جاء برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير قال: لما وضعته بين يديه قال: ما
حدثني كعب بحديث إلا رأيت مصداقه غير هذا، فإنه حدثني أن يقتلني رجل من ثقيف،
أراني أنا الذي قتلته.
(223) حدثنا ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن منذر قال: كنت عند ابن
الحنفية فرأيته يتقلب على فراشه وينفخ، فقالت له امرأته: ما يكربك من أمر عدوك هذا
ابن الزبير، فقال: والله! ما بي عدو الله هذا ابن الزبير، ولكن بي ما يفعل في حرمه غدا،
قال: ثم رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم أنت تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أنه يخرج منها
قتيلا يطاف برأسه في الأمصار أو في الأسواق.
(224) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق بن سعيد عن أبيه قال: أتى عبد الله بن
عمر عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن الزبير! إياك والالحاد في حرم الله، فإني سمعت
رسول الله (ص) يقول: (إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو أن ذنوبه توزن بذنوب
الثقلين لرجحت عليه، فانظر أن لا تكونه).
(225) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق عن أبيه قال: أتى مصعب بن الزبير
عبد الله بن عمر وهو يطوف بين الصفا والمروة فقال: من أنت؟ قال: ابن أخيك
مصعب بن الزبير، قال: صاحب العراق؟ قال: نعم، قال: جئت لأسألك عن قوم خلعوا

(1 / 222) لان المختار ثقفي، وقد قتله الثقفي الآخر الحجاج.
(1 / 225) والذين ذبحوا في القصر بعد أن أعطوا الأمان هم جماعة المختار الثقفي.
626

الطاعة وسفكوا الدماء وجمعوا الأموال فقوتلوا فغلبوا فدخلوا قصرا فتحصنوا فيه ثم
سألوا الأمان فأعطوه ثم قتلوا، قال: وكم العدة؟ قال: خمسة آلاف، قال: فسبح ابن عمر
عند ذلك وقال: عمرك الله يا ابن الزبير! لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها في
غداة خمسة آلاف أكنت تراه مسرفا؟ قال: نعم، قال: فتراه إسرافا في بهائم لا تدري ما
الله، وتستحله ممن هلل الله يوما واحدا.
(226) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين قال: ما رأيت رجلا هو أسب منه
- يعني ابن الزبير.
(227) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن أهل الشام كانوا يقاتلون ابن
الزبير ويصيحون به: يا ابن ذات النطاقين، فقال ابن الزبير:
تلك شكاة ظاهر عنك عارها
قالت أسماء: عيروك به، قال نعم، قالت: فهو والله أحق.
(228) حدثنا جعفر بن عون عن هشام بن عروة أن ابن الزبير كان يشد عليهم
حتى يخرجهم عن الأبواب ويقول:
لو كان قرني واحدا كفيته
لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا * ولكن على أقدامنا تقطر الدما
(229) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو حصين الأسدي عن عامر
عن ثابت بن قطبة عن عبد الله قال: ألزموا هذه الطاعة والجماعة، فإنه حبل الله الذي أمر
به، وأن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة، إن الله لم يخلق شيئا قط إلا جعل
له منتهى، وإن هذا الدين قد تم، وإنه صائر إلى نقصان، وإن أمارة ذلك أن تنقطع
الأرحام، ويؤخذ المال بغير حقه، وتسفك الدماء ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه
بشئ، ويطوف السائل بين جمعتين لا يوضع في يده شئ، فبينما هم كذلك إذ خارت
الأرض خوار البقرة يحسب كل أناس أنها خارت من قبلهم، فبينا الناس كذلك إذ
قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة، لا ينفع بعد شئ منه ذهب ولا فضة.
(230) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن أبي حصين عن يحيى عن مسروق قال:

(1 / 226) أست منه: أكثر منه سبابا ولم يعرف هذا عنه ولم يروه سواه، ولعل قائله إنما أراد التقرب بهذا
القول من الحجاج أو من محمد بن الحنفية.
(1 / 227) هو والله أحق: أي هذا الاسم أحق أن يفتخر به لا يعير به.
627

أشرف عبد الله على داره فقال: أعظم بها حرمة، ليحطبن فقيل: من؟ فقال: أناس يأتون
من ههنا، وأشار أبو حصين بيده نحو المغرب.
(231) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو إسحاق عن أرقم بن يعقوب
قال: سمعت عبد الله يقول: كيف أنتم إذا خرجتم من أرضكم هذا إلى جزيرة العرب
ومنابت الشيح؟ قلت: من يخرجنا من أرضنا؟ قال: عدو الله.
(232) حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن الشعبي قال: قال حذيفة: كأني بهم
مشرفي آذان خيلهم رابطيها بحافتي الفرات.
(233) حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن حذيفة قال: ما تلاعن قوم قط ألا حق عليهم القول.
(234) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش عن إبراهيم
عن همام بن الحارث عن حذيفة قال: ما أبالي على كف من ضربت بعد عمر.
(235) حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عمار قال: قال
حذيفة: إن الفتنة لتعرض على القلوب، فأي قلب أشربها نقط على قلبه نقط سود، وأي
قلب أنكرها نقط على قلبه نقطة بيضاء، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا،
فلينظر، فإن رأى حراما ما كان يراه حلالا أو يرى حلالا ما كان يراه حراما فقد
أصابته.
(236) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن
قيس بن سكن عن حذيفة قال: يأتي على الناس زمان لو اعترضتهم في الجمعة نبيل ما
أصابت إلا كافرا.
(237) حدثنا حفص عن الأعمش عن زيد قال: قال حذيفة: إن للفتنة وقفات
وبعثات، فإن استطعت أن تموت في وقفاتها فافعل، وقال: ما الخمر صرفا بأذهب
لعقول الرجال من الفتن.

(1 / 231) وهذا كله حصل بعد غزو المغول.
(1 / 232) وسترد صفاتهم فيما بعد في أحاديث وآثار عديدة سنشير لها في مكانها.
(1 / 234) أي لا أبالي من أبايع بعد عمر رضي الله عنه، أي لأنه إنما يضطر للمبايعة إما كارها أو مرغما.
(1 / 236) أي لو رموا بالسهام لم يقع سهم على كافر وذلك لعموم الكفر.
628

(238) حدثنا وكيع ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا عمران بن حدير عن رفيع أبي
كبيرة قالا: سمعت أبا الحسن عليا يقول: تمتلئ الأرض ظلما وجورا حتى يدخل كل بيت خوف وحرب يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه فيكون تقتال بتقتال وتسيار
بتسيار حتى يحيط الله بهم في قصره، ثم تملا الأرض عدلا وقسطا، وقال وكيع: حتى يحيط
الله بهم في قصره.
(239) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة بن الحجاج عن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب قال: جلد خالد بن الوليد رجلا حدا، فلما كان من الغد جلد رجلا آخر
حدا فقال رجل هذه والله الفتنة، جلد أمس رجلا في حد، وجلد اليوم رجلا في حد،
فقال خالد: ليس هذه بفتنة، إنما الفتنة أن تكون في أرض يعمل فيها بالمعاصي فتريد أن
تخرج منها إلى أرض لا يعمل فيها بالمعاصي فلا تجدها.
(240) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو شهاب عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن
منذر الثوري عن سعد بن حذيفة قال: لما تحسر الناس سعيد بن العاص كتبوا بينهم كتابا
أن لا يستعمل عليهم إلا رجلا يرضونه لأنفسهم ودينهم، فبينما هم كذلك إذ قدم حذيفة
من المدائن فأتوه بكتابهم فقالوا: يا أبا عبد الله! صنعنا بهذا الرجل ما قد بلغك، ثم كتبنا
هذا الكتاب وأحببنا أن لا نقطع أمرا دونك، فنظر في كتابهم وضحك وقال: والله ما
أدري أي الامرين أردتم؟ أردتم أن تتولوا سلطان قوم ليس لكم؟ أردتم أن تردوا هذه
الفتنة حيث أطلقت خطامها واستوت، إنها لمرسلة من الله في الأرض ترتعي حتى تطأ على
خطامها، لن يستطيع أحد من الناس لها ردا وليس أحد من الناس يقاتل فيها إلا قتل حتى
يبعث الله قزعا كقزع الخريف يكون بهم بينهم.
(241) حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن زاذان قال: سمعت حذيفة يقول: ليأتين عليكم زمان خيركم فيه من لا يأمر بمعروف ولا
ينهى عن منكر، فقال رجل من القوم: أيأتي علينا زمان نرى المنكر فيه فلا نغيره، قال:
والله لتفعلن، قال: فجعل حذيفة يقول بإصبعه في عينه: كذبت والله - ثلاثا، قال:
الرجل: فكذبت وصدق.

(1 / 239) أي تعم المعاصي ولا تقام الحدود.
(1 / 240) تحسر الناس سعيد بن العاص: رفضوا توليه على البصرة وردوه إلى المدينة.
629

(242) حدثنا عبيد الله عن شيبان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال:
سمعت حذيفة يقول: ليأتين عليكم زمان يتمنى الرجل فيه الموت فيقتل أو يكفر، وليأتين
عليكم زمان يتمنى الرجل الموت من غير فقر.
(243) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثني سعيد بن
جمهان عن ابن أبي بكرة عن أبيه قال: ذكر رسول الله (ص) أرضا يقال لها البصرة أو
البصيرة إلى جنبها نهر يقال له دجلة ذو نخل كثيرة ينزل به بنو قنطوراء فتفترق الناس
ثلاث فرق: فرقة تلحق بأصلها وهلكوا، وفرقة تأخذ بأصلها وهلكوا، فرقة تأخذ على أنفسها وكفروا، وفرقة
يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم فيقاتلون، قتلاهم شهداء، يفتح الله على بقيتهم.
(244) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي (ص)
قال: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا
قوما صغار الأعين).
(245) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي
(ص): (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا
قوما صغار الأعين ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة).
(246) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق عن أبيه أنه
سمع النبي (ص) يقول: (بحسب أصحابي القتل).
(247) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أسيد بن
حضير أن رسول الله (ص) قال للأنصار: (إنكم سترون بعدي إثرة فاصبروا حتى
تلقوني على الحوض).
(248) حدثنا وكيع وأبو نعيم عن سفيان عن نسير عن هبيرة بن خزيمة عن ربيع بن
خيثم قال: لما جاء قتل الحسين قال: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.
(249) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو روق الهمذاني قال
حدثنا أبو الغريف قال: كنا مقدمة الحسن بن علي اثني عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر

(1 / 245) كأن وجوههم المجان المطرقة: أي المطرقة: أي صفراء نحاسية قاسية الملامح ولعلهم المغول الذين قاتلهم المسلمون
وهزموهم في عين جالوت بعد اجتياحهم العراق والشام وتوجههم نحو مصر.
(1 / 249) مسكن: اسم موضع بين العراق والشام.
630

سيوفنا من الجد على قتال أهل الشام وعلينا أبو العمرو، قال: فلما أتانا صلح الحسن بن علي
ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الحزن والغيظ، قال: فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قام
إليه رجل منا يكنى أبا عامر فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: لا تقل ذاك يا أبا عامر، ولكني كرهت أن أقتلهم طلب الملك - أو على الملك.
(250) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثني صدقة بن المثنى عن جده رباح بن الحارث
قال: قام الحسن بن علي بعد وفاة علي، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن ما
هو آت قريب، وإن أمر الله واق وإن كره الناس، وإني والله ما أحب أن إلي من أمر
أمة محمد (ص) ما يزن ذرة من خردل يهراق فيها محجمة من دم منذ علمت ما ينفعني مما
يضرني، فالحقوا بطيتكم.
(251) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: دخلت أنا ورجل
على الحسن بن علي نعوده، فجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن لا تسألني، قال: ما
أريد أن أسألك شيئا، يعافيك الله، قال: فقام فدخل الكنيف ثم خرج إلينا ثم قال: ما
خرجت إليكم حتى لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا ما
شئ أشد من هذه المرة، قال: فغدونا عليه من الغد فإذا هو في السوق، قال: وجاء
الحسين فجلس عند رأسه فقال: يا أخي! من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم، قال:
لئن كان أظن، لله أشد نقمة، وإن كان بريئا فما أحب أن يقتل برئ.
(252) حدثنا أبو الأحوص عن عبيد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال: لقي
عبد الله بن الزبير الحسين بن علي بمكة فقال: يا أبا عبد الله! بلغني أنك تريد العراق؟ قال:
أجل، قال: فلا تفعل فإنهم قتلة أبيك، الطاعنون في بطن أخيك، وإن أتيتهم قتلوك.
(253) حدثنا محمد بن موسى العنزي عن جيلة بنت الصالح قالت: أوصى مالك بن
ضمرة بسلاحه للمجاهدين من بني ضمرة ألا يقاتل به أهل نبوة، قال: فقال أخوه عند
رأسه: يا أخي! عند الموت تقول هذا؟ قال: هو ذاك، قال فنحن في حل إن احتاج
ولدك أن ينفع، قال: نعم، قال: فذهب السلاح فلم يبق منه إلا رمح، قالت: فجاء رجل
من ذلك البعث الذي ساروا إلى الحسين فقال: يا ابن مالك! يا موسى! أعرني رمح أبيك
أعترض به، قال: فقال: يا جارية! اعطه الرمح، فقالت امرأة من أهله: يا موسى! أما
تذكر وصية أبيك؟ قالت: وقد مر الرجل بالرمح، قالت: فلحق الرجل فأخذ الرمح منه
فكسره.
631

(254) حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى عن الحسن قال: رفع النبي (ص)
الحسن بن علي معه على المنبر فقال: (إن ابني هذا سيد، لعل الله أن يصلح به بين
فئتين من المسلمين).
(255) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن ابن الحنفية قال:
الفتنة من قابلها احتيج.
(256) حدثنا حسين بن علي عن ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه قال: قال ابن
عباس: جاءني حسين يستشيرني في الخروج إلى ما ههنا - يعني العراق، فقلت: لولا أن
يزرؤوا بي وبك لشبثت يدي في شعرك إلى أين تخرج؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا
أخاك، فكان الذي سخا بنفسي عنه أن قال لي: إن هذا الحرم يستحل برجل، ولان
أقتل في أرض كذا وكذا - غير أنه يباعده - أحب إلي من أن أكون أنا هو.
(257) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ
عن علي قال: ليقتلن الحسين قتلا، وإني لأعرف تربة الأرض التي بها يقتل، يقتل قريبا
من النهرين.
(258) حدثنا يعلى بن عبيد عن موسى الجهني عن صالح بن أربد النخعي قال:
قالت أم سلمة: دخل الحسين على النبي (ص) وأنا جالسة على الباب، فتطلعت فرأيت في
كف النبي (ص) شيئا يقلبه وهو نائم على بطنه، فقلت: يا رسول الله! تطلعت فرأيتك تقلب
شيئا في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل فقال: (إن جبريل أتاني بالتربة
التي يقتل عليها، وأخبرني أن أمتي يقتلونه).
(259) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثني شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن
يحيى الحضرمي عن أبيه أنه سافر مع علي، وكان أحب مطهرته حتى حاذى نينوى وهو
منطلق إلى صفين فنادى: صبرا أبا عبد الله، صبرا أبا عبد الله! فقلت: ماذا أبا عبد الله!
قال: دخلت على النبي (ص) وعيناه تفيضان، قال: قلت: يا رسول الله! ما لعينيك
تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال: (قام من عندي جبريل فأخبرني أن الحسين يقتل بشط
الفرات، فلم أملك عيني أن فاضتا).

(1 / 259) صاحب مطهرته: أي حامل ماء وضوءه.
نينوى: مدينة قديمة صارت الآن أطلالا بجانبها بنيت مدينة الموصل.
632

(260) حدثنا معاوية قال حدثنا الأعمش عن سلام أبي شرحبيل عن أبي هرثمة
قال: بعرت شاة له فقال لجارية له: يا جرداء، لقد أذكرني هذا البعر حديثا سمعته من
أمير المؤمنين وكنت معه بكربلاء فمر بشجرة تحتها بعر غزلان، فأخذه منه قبضة فشمها،
ثم قال: يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.
(261) حدثنا شريك عن عطاء بن السائب عن وائل بن علقمة أنه شهد الحسين
بكربلاء، قال: فجاء رجل فقال: أفيكم حسين؟ فقال: من أنت؟ فقال: أبشر بالنار، قال: بل
رب غفور رحيم مطاع، قال: ومن أنت؟ قال: أنا ابن حويزة، قال: اللهم حزه إلى النار،
قال: فذهب فنفر به فرسه على ساقيه، فتقطع فما بقي منه غير رجله في الركاب.
(262) حدثنا علي بن مسهر عن أم حكيم قالت: لما قتل الحسين بن علي وأنا يومئذ
جارية قد بلغت مبلغ النساء - أو كدت أن أبلغ، مكثت السماء بعد قتله أياما كالعلقة.
(263) حدثنا وكيع عن أبي عاصم الثقفي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب
قال: جاءنا قتل عثمان وأنا أونس من نفسي شبابا وقوة ولو قتلت القتال، فخرجت أحضر
الناس حتى إذا كنت بالربذة إذا علي بها، فصلى بهم العصر، فلما سلم أسند ظهره في
مسجدها واستقبل القوم، قال: فقام إليه الحسن بن علي يكلمه وهو يبكي، فقال له علي:
تكلم ولا تحن حنين الجارية، قال: أمرتك حين حصر الناس هذا الرجل أن تأتي مكة فتقيم
بها فعصيتني، ثم أمرتك حين قتل أن تلزم بيتك حتى ترجع إلى العرب غوارب أحلامها،
فلو كنت في جحر ضب لضربوا إليك آباط الإبل حتى يستخرجوك من جحرك
فعصيتني، وأنشدك بالله أن تأتي العراق فتقتل بحال مضيعة، قال: فقال علي: أما قولك:
آتي مكة، فلم أكم بالرجل الذي تستحل لي مكة، وأما قولك: قتل الناس عثمان، فما ذنبي
إن كان الناس قتلوه، وأما قولك: آتي العراق، فأكون كالضبع تستمع للدم.
(264) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال: لما كان
الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية أراد الحسن الخروج إلى المدينة، فقال له معاوية: ما أنت

(1 / 262) كالعلقة: أي ما بين السوداء إلى الرمادية.
(1 / 263) حين حصر هذا الرجل: أي حين حصر عثمان رضي الله عنه في داره.
غوارب أحلامها: عقولها التي غربتها الفتنة.
أنشدك بالله أن تأتي العراق: أي لا تذهب إلى العراق.
آتي العراق: أي أبقى في المدينة ولا أغادرها إلى العراق.
633

بالذي تذهب حتى تخطب الناس، قال: قال الشعبي: فسمعته على المنبر حمد الله وأثنى عليه
ثم قال: فإن أكيس الكيس التقى، وإن أعجز العجز الفجور، وإن هذا الامر الذي
اختلف أنا فيه ومعاوية حتى كان لي فتركته لمعاوية، أو حق كان لا يرى أحق به مني،
وإنما فعلت هذا لحقن دمائكم وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، ثم نزل.
(265) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مجالد عن زياد بن علاقة عن أسامة بن زيد
قال: قال رسول الله (ص): (من فرق بين أمتي وهم جميع فاضربوا رأسه كائنا من
كان).
(266) حدثنا زياد بن الربيع عن عباد بن كثير الشامي عن امرأة منهم يقال لها
فسيلة عن أبيها قالت: سمعت أبي يقول: سألت رسول الله (ص) قلت: يا رسول الله! أمن
العصبية أن يحب الرجل قومه، قال: (لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على
الظلم).
(267) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي أن
رسول الله (ص) حين أتى حنينا مر بشجرة يعلق المشركون بها أسلحتهم يقال له، ذات
أنواط فقالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فقال رسول الله (ص): (هذا كما قال قوم موسى
لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من كان قبلكم).
(268) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله (ص): (لتتبعن سنة من كان قبلكم باعا بباع وذراعا بذراع وشبرا بشبر
حتى لو دخلوا في حجر ضب لدخلتم فيه، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال:
فمن إذن)؟.
(269) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن عمر بن الحكم قال: سمعت
عبد الله بن عمرو يقول: (لتركبن سنة من كان قبلكم حلوها ومرها).
(270) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل قال: قال عبد الله: أنتم أشبه
الناس سمتا وهديا ببني إسرائيل لتسلكن طريقهم حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل، قال
عبد الله: إن من البيان سحرا.

(1 / 265) وهم جميع: أي وهم مجمعون على أمر أو على رجل.
(1 / 270) القذة: ريش السهم وللسهم ثلاث قذذ متقاربة الواحدة بجانب الأخرى. ويقال حذو القذة بالقذة
للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.
634

(271) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن أبي المنهال عن أبي البختري قال:
قال حذيفة: لا يكون في بني إسرائيل شئ إلا كان فيكم مثله، فقال رجل: فينا قوم
لوط؟ قال: نعم، وما ترى بلغ ذلك لا أم لك.
(272) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي البختري
عن حذيفة: قال: لتعلمن عمل بني إسرائيل فلا يكون فيهم شئ إلا كان فيكم مثله،
فقال رجل: تكون فينا قردة وخنازير؟ قال: وما يبريك من ذلك، لا أم لك، قالوا:
حدثنا يا أبا عبد الله! قال: لو حدثتكم لافترقتم على ثلاث فرق: فرقة تقاتلني، وفرقة لا
تنصرني، وفرقة تكذبني، أما إني سأحدثكم ولا أقول: (قال رسول الله (ص)): أرأيتكم
لو حدثتكم أنكم تأخذون كتابكم فتحرقونه وتلقونه في الحشوش، صدقتموني؟ قالوا:
سبحان الله! ويكون هذا، قال: أرأيتكم لو حدثتكم أنكم تكسرون قبلتكم،
صدقتموني؟ قالوا: سبحان الله! ويكون هذا؟ قال: أرأيتكم لو حدثتكم أن أمكم تخرج
في فرقة من المسلمين، وتقاتلكم صدقتموني؟ قالوا: سبحان الله ويكون هذا؟.
(273) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن حبيب قال: سمعت ابن عمر
يقول: يا أهل العراق! تأتون بالمعضلات.
(274) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن حسين عن هشام بن يوسف
عن عوف بن مالك قال: استأذنت على النبي (ص) فقال: (ادخل، قلت: فأدخل كلي أو
بعضي، قال: أدخل كلك، فدخلت عليه وهو يتوضأ وضوءا مكيثا، فقال: يا عوف بن
مالك! ست قبل الساعة موت نبيكم (ص) خذ إحدى، فكأنما انتزع قلبي من مكانه،
وفتح بيت المقدس وموت يأخذكم تقعصون به كما تقعص الغنم، وأن يكثر المال
حتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، وفتح مدينة الكفر، وهدنة تكون بينكم وبين
بني الأصفر، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا فيكونون أولى
بالغدر منكم).
(275) حدثنا وكيع عن النهاس بن قهم قال حدثني شداد أبو عمار عن معاذ بن
جبل قال: قال رسول الله (ص): (ست من أشراط الساعة: موتي وفتح بيت المقدس
وأن يعطى الرجل ألف دينار فيسخطها وفتنة يدخل حزبها بيت كل مسلم وموت

(1 / 274) يسخطها: يرفضها لأنه يستقلها. وقد فتحت مدينة الكفر القسطنطينية ولعل المقصود مدينة أخرى.
635

يأخذ في الناس كقعاص الغنم، وأن تغدر الروم فيسيرون بثمانين نبذا تحت كل نبذ
اثنا عشر ألفا).
(276) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن الحسن عن أسيد بن المتشمس
قال: كنا عند أبي موسى فقال: ألا أحدثكم حديثا كان رسول الله (ص) يحدثناه، قلنا: بلى
قال: قال رسول الله (ص): (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج، فقلنا: يا رسول الله! وما
الهرج؟ قال: القتل القتل، قلنا: أكثر مما نقتل اليوم، قال: ليس بقتلكم الكفار، ولكن
يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه، قال: فأبلسنا حتى ما يبدي أحد منا عن واضحة:
قال: قلنا: ومعنا عقولنا يومئذ؟ قال تنزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان، ويخلف
هنات من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شئ، وليسوا على شئ، والذي نفسي بيده!
لقد خشيت أن يدركني وإياكم الأمور، ولئن أدركتنا ما لي ولكم منها مخرج إلا أن
نخرج منها كما دخلناه).
(277) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي بكرة عن النبي (ص) أنه
قال: (إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه بالسلاح فهما على حرف جهنم، فإذا
قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا).
(278) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن
النبي (ص) قال: (الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار بحديدة وإن كان أخاه لأبيه وأمه).
(279) حدثنا وكيع عن عبيد بن طفيل عن شاذان عن ربعي بن حراش قال: قال
حذيفة: لتركبن سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة غير أني لا أدري
تعبدون العجل أم لا؟.
(280) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن
أبيه عن حذيفة قال: إذا سب بقعان أهل الشام، فمن استطاع منكم أن يموت فليمت.
(281) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن محمد عن عبد الرحمن بن أبي
بكرة قال: قدمت الشام، قال: فقلت: لو دخلت على عبد الله بن عمرو فسلمت عليه
فأتيته فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: يوشك

(1 / 276) أبلسنا: بهتنا فلم نحر جوابا.
(1 / 277) لان كل واحد منهما كان حريصا على قتل صاحبه.
636

بنو قنطوراء أن يخرجوكم من أرض العراق، قلت: ثم نعود، قال: أنت تشتهي ذلك،
قلت: نعم، قال نعم، وتكون لكم سلوة بن عيش.
(282) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: مات رجل من
المنافقين فلم يصل عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟ قال: نعم، فقال له عمر:
بالله منهم أنا؟ قال: لا، ولن أخبر به أحدا بعدك.
(283) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد عن حذيفة قال: ما بقي من
المنافقين إلا أربعة، أحدهم شيخ كبير لا يجد برد الماء من الكبر، قال: فقال له رجل:
فمن هؤلاء الذين ينقبون بيوتنا ويسرقون علائقنا، قال: ويحك! أولئك الفساق.
(284) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد قال: قرأ حذيفة * (فقاتلوا أئمة
الكفر) * قال، ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
(285) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: قال
رجل: اللهم أهلك المنافقين فقال حذيفة: لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم.
(286) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شمر قال: قال حذيفة أيسرك أن تقتل
أفجر الناس، قال: نعم، قلا: إذن تكون أفجر منه.
(287) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن
حذيفة قال: القلوب أربعة: قلب مصفح فذاك قلب المنافق، وقلب أغلف، فذاك قلب
الكافر، وقلب أجرد كأن فيه سراجا يزهر، فذاك قلب المؤمن، وقلب فيه نفاق وإيمان
فمثله مثل قرحة يمدها قيح ودم، ومثله مثل شجرة يسقيها ماء خبيث وماء طيب، فأي
ماء غلب عليها غلب.
(288) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: المنافقون الذين
فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله (ص)، قال: قلت: يا أبا
عبد الله! وكيف ذاك؟ قال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم، وإن هؤلاء أعلنوه.

(1 / 278) أشار: أي هدد وتوعد.
(1 / 281) لعل بني قنطوراء هؤلاء هم المغول الذين اجتاحوا العراق ودمروا بغداد.
(1 / 284) سورة التوبة من الآية (12).
(1 / 288) أي أن أولئك كانوا يستحون برفاقهم وهؤلاء مجاهرون لا يستحون.
637

(289) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن مخول بن راشد عن رجل من عبد
القيس قال: قال حذيفة: ما أبالي بعد سبعين سنة لو دهدهت حجرا من فوق مسجدكم
هذا فقتلت منكم عشرة.
(290) حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن مخول عن رجل قال: كنا مع حذيفة
فأخذ حصى فوضع بعضه فوق بعض، ثم قال لنا: انظروا ما ترون من الضوء؟ قلنا: نرى
شيئا خفيا، والله ليركبن الباطل على الحق حتى لا ترون من الحق إلا ما ترون من هذا.
(291) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن شقيق عن حذيفة قال: ليوشكن
أن يصب عليكم الشر من السماء حتى يبلغ الفيافي، قال: قيل: وما الفيافي يا أبا عبد الله؟ قال:
الأرض القفر.
(292) حدثنا علي بن مسهر عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال: جاء رجل من
محارب يقال له عمرو بن ضليع إلى حذيفة، فقال له: يا أبا عبد الله! حدثنا ما رأيت
وشهدت؟ فقال حذيفة: يا عمرو بن ضليع! أرأيت محارب أم مضر؟ قال: نعم، قال:
فإن مضر لا تزال تقتل كل مؤمن وتفتنه أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا يمنعوا
بطن تلعة، أرأيت محارب أم قيس عيلان، قال: نعم، فإذا رأيت عيلان قد نزلت بالشام فخذ حذرك.
(293) حدثنا يزيد بن هارون عن العوام قا لحدثني منصور بن المعتمر عن ربعي
عن حذيفة قال: ادنوا يا معشر مضر فوالله لا تزالون بكل مؤمن تفتنونه وتقتلونه حتى
يضربكم الله وملائكته والمؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعة، قالوا: فلم تديننا ونحن كذلك؟
قال: إن منكم سيد ولد آدم، وإن منكم سوابق كسوابق الخيل.
(294) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الأعمش عن عبد الله بن ثروان عن
عمرو بن حنظلة قال: قال حذيفة: لا تدع مضر عبد الله مؤمنا إلا فتنوه أو قتلوه أو
يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا تمنعوا ذنب تلعة، فقال له رجل: يا أبا عبد الله!
تقول هذا وأنت رجل من مضر؟ قال: ألا أقول ما قال رسول الله (ص).
(295) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سفيان قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر

(1 / 289) أي لن يكون فيكم خيرا يومها.
(1 / 292) أي حتى لا يقدرون على حماية تلة صغيرة.
638

عن أبيه قال: قال حذيفة: إن أهل البصرة لا يفتحون باب هدى ولا يتركون باب
ضلالة، وإن الطوفان قد رفع من الأرض كلها إلا عن البصرة.
(296) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أخيه
ربيعة بن جوشن قال: قدمت الشام فدخلت على عبد الله بن عمرو فقال: ممن أنتم؟ قلنا
من أهل البصرة، قال: أمالا فاستعدوا يا أهل البصرة، قلنا: بماذا؟ قال: بالزاد والقرب،
خير المال اليوم أجمال يحتمل الرجل عليهن أهله ويميرهم عليها، وفرس وقاح شديد، فوالله
ليوشك بنو قنطوراء أن يخرجوكم منها حتى يجعلوكم بدكية، قال: قلنا: وما بنو قنطوراء؟
قال: أما في الكتاب فهكذا نجده، وأما في النعت فنعت الترك.
(297) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن أبي عمرو عن أبي
هريرة قال: كيف أنتم إذا لم يجب لكم دينار ولا درهم ولا قفيز.
(298) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال: أراد عمر أن لا يدع مصرا من
الأمصار إلا أتاه، فقال له كعب: لا تأت العراق فإن فيه تسعة أعشار الشر.
(299) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن قسامة بن زهير قال: سمعت أبا موسى
يقول: إن لهذه - يعني البصرة - أربعة أسماء: البصرة والخريبة وتدمر والمؤتفكة.
(300) حدثنا ابن علية عن هشام عن ابن سيرين قال: رأيت كثير بن أفلح في المنام
فقلت له: يا ابن أفلح! كيف أنتم؟ قال: بخير، قال: قلت: أنتم الشهداء، قال: لا، إن
قتلى المسلمين ليسوا بشهداء ولكنا الندباء.
(301) حدثنا شبابة عن شعبة عن يحيى بن حصين قال: سمعت الحي غير واحد
يحدثون عن أبي أنه قال لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك من القتال؟ قال: لا، حتى يعطوني
سيفا يعرف المؤمن من الكافر.
(302) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن عقبة بن
أوب عن عبد الله بن عمرو قال: يقتتل الناس بينهم على دعوى جاهلية عند قتل أمير أو
اخراجه فتظهر إحدى الطائفتين حين تظهر وهي ذليلة فيرغب فيهم من يليهم من العدو
فيسيرون إليهم ويقتحم أناس في الكفر تقحما.
(303) حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن خربوذ عن عبد الله
ابن عمرو أنه قال: ويل للجناحين من الرأس، ويل للرأس من الجناحين، قال شعبة:
فقلت: وما الجناحان؟ قال: العراق ومصر، والرأس: الشام.
639

(304) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرني عبد الله بن المختار عن
عباس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن عمرو قال: ليخسفن بالدار إلى
جنب الدار وبالدار إلى جنب الدار حيث تكون للظالم.
(305) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن غالب بن عجرد
قال: أتيت عبد الله بن عمرو أنا وصاحب لي وهو يحدث الناس فقال: ممن أنتما؟ فقلنا:
من أهل البصرة، قال: فعليكما إذا، بضواحيها، فلما تفرق الناس عنه دنونا منه فقلنا:
رأيت قولك (ممن أنتما) وقولك (عليكما بضواحيها إذا) قال: إن دار مملكتها وما حولها
مشوب بهم، قال ثابت: فكان غالب بن عجرد إذا دخل على الرحبة سعى حتى يخرج
منها.
(306) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان قال: جاء رجل إلى حذيفة فقال:
إني أريد الخروج إلى البصرة، فقال: إن كنت لا بد لك من الخروج فانزل عزواتها ولا
تنزل سرتها.
(307) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن ثابت بن هرمز أبي المقدام عن أبي
يحيى قال: سئل حذيفة: من المنافق، قال: الذي يصف الاسلام ولا يعمل به.
(308) حدثنا عبيد الله بن موسى عن حسن بن صالح عن معاوية بن إسحاق قال:
حدثني رجل من الطائف عن عبد الله بن عمرو، قال: لا تقوم الساعة حتى يتهارجون في
الطرق تهارج الحمير فيأتيهم إبليس فيصرفهم إلى عبادة الأوثان.
(309) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شمر عن شهر بن حوشب عن كعب
قال: يقتتل القرآن والسلطان، قال: فيطأ السلطان على سماخ القرآن فلأيا بلايء، تنفلتن
منه.
(310) حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن كعب قال: يوشك نار
تخرج من اليمن، قال: تشوق الناس تغدو معهم إذا غدوا، وتقيل معهم إذا قالوا،
وتروح معهم إذا راحوا، فإذا سمعت ذلك فاخرجوا إلى الشام.

(1 / 305) دار مملكتها: وسطها.
الرحبة: منطقة في وسط البصرة.
(1 / 306) عزواتها: أطرافها.
سرتها: وسطها، وسمي وسط المدينة السرة كما السرة وسط البطن.
640

(311) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن أبيه عن ابن عباس قال:
قال كعب: إذا رأيت القطر قد منع فاعلم أن الناس قد منعوا الزكاة فمنع الله ما
عنده، وإذا رأيت السيوف قد عريت فاعلم أن حكم الله قد ضيع فانتقم بعضهم من
بعض، وإذا رأيت الزنا قد فشا فاعلم أن الربا قد فشا).
(312) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب
عن زيد بن صوحان قال: قال لي سليمان: كيف أنت إذا اقتتل القرآن والسلطان، قال: إذا
أكون مع القرآن، قال: نعم الزويد أنت إذا، فقال أبو قرة - وكان يبغض الفتن: إذا
أجلس في بيتي، فقال سلمان: لو كنت في أقصى تسعة أبيات كنت مع إحدى الطائفتين.
(313) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول قال حدثنا موسى بن قيس عن سلمة بن
كهيل عن زيد بن وهب قال: لما رجعنا من النهروان قال علي: لقد شهدنا قوم باليمن،
قلنا: يا أمير المؤمنين! كيف ذاك؟ قال: بالهواء.
(314) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال
عبد الله: إن الرجل يشهد المعصية فينكرها فيكون كمن غاب عنها، ويكون يغيب عنها
فيرضاها فيكون كمن شهدها.
(315) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن الأعمش عن زيد قال: قال حذيفة: إن
الرجل ليكون من الفتنة وما هو منها.
(316) حدثنا وكيع عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبيع قال:
خطبنا علي قال: لتخضبن هذه من هذا - يعني لحيته من رأسه، قالوا: أخبرنا به نقتله،
قال: إذا بالله تقتلون بي غير قاتلي، قالوا: فاستخلف علينا، قال: لا، ولكني أترككم إلى
ما ترككم إليه رسول الله، قال: فما تقول لربك إذا لقيته، قال: أقول: اللهم كنت فيهم ثم
قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم.

(1 / 311) عريت السيوف: أخرجت من أغمادها ولم تغمد مرة ثانية وهذا كناية عن الاقتتال.
(1 / 312) لو كنت في أقصى تسعة أبيات كنت مع إحدى الطائفتين: أي لا مناص يومئذ من الانحياز إلى فئة
من الفئتين لان من لم يكن مع إحداهن كان مع الأخرى.
(1 / 314) أي من رأى المنكر أو عرف به فلم يستنكره بيده أو لسانه أو قلبه كان راضيا به مؤيدا له.
641

(317) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي وائل قال: قال عبد الله: والله لان
أزاول جبلا راسيا أحب إلي من أن أزاول ملكا موجلا.
(318) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن جبلة عن عامر بن مطر قال:
كنت مع حذيفة فقال: يوشك أن تراهم ينفرجون عن دينهم كما تنفرج المرأة عن قبلها،
فأمسك بما أنت عليه اليوم فإنا الطريق الواضح، كيف أنت يا عامر بن مطر إذا أخذ
الناس طريقا والقرآن طريقا، مع أيهما تكون؟ قلت: مع القرآن أحيى وأموت معه،
قال: فأنت أنت إذا.
(319) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن ابن
الحنفية أن قوما من قبلكم تحيروا أو تفرقوا حتى تاهوا، فكان أحدهم إن نودي من خلفه
أجاب من أمامه، وإن نودي من أمامه أجاب من خلفه.
(320) حدثنا معاوية قال حدثنا شريك عن عثمان عن زاذان عن حذيفة قال: كيف
أنتم إذا أتاكم زمان يخرج أحدكم من حجلته إلى حشه فيرجع وقد مسخ قردا فيطلب مجلسه
فلا يجده.
(321) حدثنا معتمر بن بشر قال حدثنا ابن مبارك قال أخبرنا معمر عن إسحاق
ابن راشد عن عمرو بن وابصة الأسدي عن أبيه قال: إني بالكوفة في داري إذ سمعت على
باب الدار: السلام عليكم! أألج؟ فقلت: وعليكم السلام، فلج، فإذا هو عبد الله بن
مسعود فقلت: يا أبا عبد الرحمن! آية ساعة زيارة؟ وذلك في نحر الظهيرة، قال: طال علي
النهار فتذكرت من أتحدث إليه، فجعل يحدثني عن رسول الله (ص) وأحدثه، فقال
عبد الله: سمعت رسول الله (ص) يقول: (تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع،
والمضطجع خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من
الساعي، قتلاها كلها في النار، قال: قلت: ومتي ذاك يا رسول الله! قال: ذاك أيام
الهرج، قلت: ومتى أيام الهرج؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه، قال: قلت: فبم
تأمرني إن أدركت ذلك، قال: ادخل بيتك، قلت: أفرأيت إن دخل علي؟ قال: فادخل
مخدعك، قال: قلت: أفرأيت إن دخل علي؟ قال: قل هكذا، وقل: بؤ بإثمي
وإثمك، وكن عبد الله المقتول).

(1 / 317) أزوال: أحاول إزالة.
642

(322) حدثنا أحمد بن عبد الله عن عبد الحميد بن بهرام قال حدثنا شهر بن
حوشب قال: حدثني جندب بن سفيان عن رجل من بجليلة قال: قال رسول الله (ص):
(ستكون بعدي فتن كقطع الليل المظلم، تصدم الرجل كصدم جباه فحول
الثيران، يصبح الرجل فيها مسلما ويمسي كافرا، ويمسي مسلما ويصبح كافرا، فقال
رجل من المسلمين، يا رسول الله! فكيف نصنع عند ذلك، قال: ادخلوا بيوتكم وأخملوا
ذكركم)، قال رجل من المسلمين: أفرأيت إن دخل على أحدنا بيته؟ قال رسول الله
(ص): (فليمسك بيديه وليكن عبد الله المقتول، ولا يكن عبد الله القاتل، فإن الرجل
يكون في قبة الاسلام فيأكل مال أخيه ويسفك دمه ويعصي ربه ويكفر بخالقه
فتجب له جهنم).
(323) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن عون بن أبي جحيفة عن
عبد الرحمن عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): (أيعجز أحدكم إذا أتاه الرجل
يقتله - يعني من أهل كذا - أن يقول هكذا، وقال بإحدى يديه على الأخرى - فيكون
كالخير من ابني آدم، وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار).
(324) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن شريح قال: ما أخبرت ولا
استخبرت مذ كانت الفتنة، قال له مسروق: لو كنت مثلك لسرني أن أكون قدمت،
قال شريح: فكيف بأكثر من ذلك ما في الصدور، وتلتقي الفئتان وإحداهما أحب إلي من
الأخرى.
(325) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي المنهال قال حدثني صفوان بن محرز عن
جندب بن عبد الله البجلي قال: ليتق أحدكم، لا يحولن بينه وبين الجنة ملء كف من دم
مسلم.
(326) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي المنهال عن أبي العالية قال: كنا نتحدث
أنه سيأتي على الناس زمان خير أهله الذي يرى الخير فيجانبه قريبا.
(327) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبيه
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (لا يفتك مؤمن، الايمان قيد الفتك).

(1 / 322) اخملوا ذكركم: ابتعدوا عن تولي المناصب والمراكز أو التصدي لها كي تولدها.
(1 / 324) وإحداها أحب إلي من الأخرى: أي ورغم ذلك لا أنحاز لها ولا أقاتل معها.
(1 / 327) والفتك هو القتل غيلة وغدرا.
643

(328) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال: جاء رجل إلى الزبير أيام
الجمل، فقال: أقتل لك عليا، قال: وكيف؟ قال: آتيه فأخبره أني معه ثم أفتك به، فقال
الزبير: لا، سمعت رسول الله (ص) يقول: (الايمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن).
(329) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء عن أبي البختري عن حذيفة قال: إن
أصحابي تعلموا الخير وإني تعلمت الشر، قالوا: وما حملك على ذلك؟ قال: إنه من يعلم
مكان الشر يتقه.
(330) حدثنا علي بن مسهر عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي
هريرة قال: إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة، فقال له عاصم بن أبي النجود: يا أبا
زرعة! ألف قتلة، قال: بضروب ما قتل.
(331) حدثنا مالك بن إسماعيل عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن صالح عن
علي قال: لا تزرعوا معي في السواد فإنكم إن تزرعوا تقتتلوا على مائة بالسيوف، وإنكم
إن تقتتلوا تكفروا.
(332) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب
عن علي قال: عرينة وعتيدة وعصية وقطيعة لقب اللؤم.
(333) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن
أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي ظبيان أنه كان
عند عمر، قال: فقال له: اعتقد مالا واتخذ شاءا فيوشك أن تمنعوا العطاء.
(334) حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن فضيل قال: قال علي: خذوا
العطاء ما كان طعمة، فإذا كان عن دينكم فارفضوه أشد الرفض.
(335) حدثنا ابن فضيل عن العلاء عن أبي معشر قال: قال سلمان: خذوا العطاء ما
صفا لكم، فإذا كدر عليكم فاتركوه أشد الترك.

(1 / 329) تعلمت الشر: استعلمت عنه حتى عرفته كي أتجنبه.
(1 / 330) بضروب ما قتل: أي بأضعاف ما قتل في الدنيا أو بعدو الضربات التي ضربها في الدنيا فقتل بها.
(1 / 324) طعمة: أي عطاء بغير مقابل من قول أو عمل فيه ضلال أو تضييع للحق أو رضا بالباطل.
644

(336) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن سعيد بن
عمرو بن سعيد عن أبي هريرة قال: لا يأتي عليكم إلا قليل حتى يقضي الثعلب وسنته بين
ساريتين من سواري المسجد، قال عبد الملك، هو مسجد المدينة، يقول: من الخراب.
(337) حدثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة
قال: لا تذهب هذه الأمة حتى يقتل القاتل لا يدري على أي شئ قتل، ولا يدري
المقتول على أي شئ قتل.
(338) معاوية عن ليث عن طاوس قال: ليقتلن القراء قتلا حتى تبلغ قتلاهم اليمن،
فقال له رجل: أو كيس؟ قد فعل ذلك الحجاج، قال: ما كانت تلك بعد.
(339) محمد بن بشر عن سفيان عن الزبير بن عدي قال: قال لي إبراهيم: إياك أن تقتل
مع قتيبة.
(340) عبيد الله بن موسى قال أخبرني شيبان عن زياد بن علاقة عن قطبة بن مالك
عن حذيفة بن اليمان قال: لا يمشين رجل منكم شبرا إلى ذي سلطان ليذله، فلا والله
لا يزال قوم أذلوا السلطان أذلاء إلى يوم القيامة.
(341) عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن زيد بن وهب قال:
قال حذيفة: تقتتل بهذا الغائط فئتان لا أبالي في أيهما عرفتك، فقال له رجل: أفي الجنة
هؤلاء أم في النار، قال: ذاك الذي أقول لك، قال: فما قتلاهم؟ قال: قتلى جاهلية.
(342) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي عن إبراهيم بن طهمان عن سليم قيس
العامري عن سحيم بن نوفل قال: قال لي عبد الله بن مسعود: كيف أنتم إذا اقتتل
المصلون؟ قلت: ويكون ذلك، قال: نعم، أصحاب محمد، قلت: وكيف أصنع؟ قال:
كف لسانك وأخف مكانك، وعليك بما تعرف، ولا تدع ما تعرف لما تنكر.
(343) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا عبد ربه عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن
يحيى بن هانئ عن الحارث بن قيس قال: قال لي عبد الله بن مسعود: أتحب أن يسكنك الله
وسط الجنة، قال: فقلت: جعلت فداك، وهل أريد إلا ذاك، قال: عليك بالجماعة أو
بجماعة الناس.

(1 / 336) يقضي الثعلب وسنته: يبول ويقضي حاجته.
(1 / 341) قتلى جاهلية: أي أنهم يقتتلون قتال عصبية قبلية.
645

(344) ابن علية عن أيوب قال: قال لي الحسن: ألا تعجب من سعيد بن جبير، دخل
علي فسألني عن قتال الحجاج ومعه بعض الرؤساء - يعني أصحاب ابن الأشعث.
(345) حدثنا عفان قال حدثنا سليم بن أخضر قال حدثنا ابن عون قال: كان
مسلم بن يسار أرفع عند أهل البصرة من الحسن حتى خف مع ابن الأشعث، وكف الحسن،
فلم يزل أبو سعيد في علو منها بعد وسقط الآخر.
(346) يزيد بن هارون عن جرير بن حازم قال حدثني شيخ من أهل مكة قال:
رأيت ابن عمر في أيام ابن الزبير فدخل المسجد، فإذا السلاح فجعل يقول: لقد أعظمتم
الدنيا، لقد أعظمتم الدنيا، حتى استلم الحجر.
(2) ما ذكر في فتنة الدجال
(1) قال: وحدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن مجالد عن الشعبي عن
جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (أنا أختم ألف نبي أو أكثر وأنه ليس من
نبي بعث إلى قوم إلا ينذر قومه الدجال، وإنه قد بين لي ما لم يبين لاحد، وإنه
أعور، وإن ربكم ليس بأعور).
(2) أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع ابن أن رسول الله (ص) ذكر المسيح
بين ظهراني الناس وقال: (إن الله ليس بأعور، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى
كأن عينه عنبة طافية).
(3) يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن داود بن عامر بن سعد عن أبيه عن
جده قال: قال رسول الله (ص): (إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد وصف الدجال لامته،
ولأصفنه صفة لم يصفها أحد قبلي، إنه أعور، وليس الله بأعور).
(4) عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خالد - يعني الفلتان بن
عاصم قال: قال رسول الله (ص): (أما مسيح الدجال فرجل أجلي الجبهة ممسوح
العين اليسرى، عريض النحر فيه دمامة كأنه فلان بن عبد العزي أو عبد العزي بن
فلان).

(1 / 346) أعظمتم الدنيا: لأنهم يتصارعون على سلطانها.
(2 / 1) أي لم يعلم نبي قبله (ص) أن الدجال أعور ولم يعلم النبي أمته بذلك قبل إعلامه (ص) لنا بذلك.
(2 / 2) طافية: طافئة أي مسودة والمقصود شكل وصفة العين العوراء التي لا نور فيها.
(2 / 4) أجلي الجبهة: بارز الجبهة عريضها.
646

(5) وكيع عن جرير بن حازم عن حميد بن هلال عن أبي الدهماء عن عمران بن
حصين قال: قال رسول الله (ص): (من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما
استطاع، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فما يزال به حتى يتبعه مما يرى
من الشبهات).
(6) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المغيرة بن شعبة قال: ما كان أحد
يسأل رسول الله (ص) عن الدجال أكثر مني، قال: وما تسألني عنه؟ قلت: إن الناس
يقولون: إن معه الطعام والشراب، قال: هو أهون على الله من ذلك.
(7) حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا
زيد بن ثابت عن رسول الله (ص) قال: (تعوذوا بالله من فتنة الدجال)، قلنا: نعوذ بالله
من فتنة المسيح الدجال.
(8) وكيع عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة
وعن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (إذا تشهد أحدكم
فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال).
(9) وكيع وعبد الله بن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله
(ص) يقول: (اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال).
(10) وكيع عن سفيان عن فرات عن أبي الطفيل عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد
قال: اطلع علينا رسول الله (ص) فقال: (لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات) - ذكر
طلوع الشمس من مغربها والدجال.
(11) مروان بن معاوية عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري عن النبي
(ص) أنه قال: (أنا أختم ألف نبي أو أكثر، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم
الدجال، وإنه قد بين لي ما لم يبين لاحد قبلي، إنه أعور وإن الله ليس بأعور، وإنه
أعور عين اليمنى، لا حدقة له، جاحظة، والأخرى كأنها كوكب دري، وإنه يتبعه
من كل قوم يدعونه بلسانهم إلها).

(2 / 6) هو أهون: أي هو أحقر عند الله من أن يمنحه السلطان على طعام الناس وشرابهم.
(2 / 8) وقد أثر عن الرسول (ص) دعاءه: أعوذ بالله من فتنة المحيار الممات وفتنة القبر وعذاب القبر وفتنة
المسيح الدجال.
(2 / 11) كأنها كوكب دري: أي مضيئة.
647

(12) يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون، عن مجاهد قال: ذكروه - يعني الدجال
عند ابن عباس، قال: مكتوب بين عينيه: ك ف ر، قال: فقال ابن عباس لم أسمعه يقول
ذلك، ولكنه قال: (أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم - قال يزيد: يعني النبي عليه
الصلاة والسلام، وأما موسى فرجل آدم جعد طوال كأنه من رجال شنوءة على جمل
أحمر مخطوم بخلبة، فكأني أنظر إليه قد انحدر من الوادي يلبي).
(13) وكيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء ابنة يزيد
قالت: قال رسول الله (ص): (ليس عليكم منه بأس، إن خرج وأنا حي فأنا حجيجه،
وإن خرج بعد موتي فالله خليفتي على كل مسلم).
(14) أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
(ص): (نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال).
(15) يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) قال: (الدجال أعور العين
اليمنى، عليها ظفرة، مكتوب بين عينيه (كافر).
(16) حسين بن علي عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (ص)
قال: (إن الدجال أعور جعد هجان أقمر كأن رأسه غضة شجرة، أشبه الناس بعبد
العزي بن قطن، فأما هلك الهلك فإنه أعور وإن الناس ليس بأعور).
(17) شبابة قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: كان هشام بن عامر
الأنصاري يرى رجالا يتخطونه إلى عمران بن حصين وغيره من أصحاب النبي (ص)
فغضب، وقال: والله إنكم لتخطون إلى من لم يكن أحضر لرسول الله (ص) مني ولا أوعى
لحديثه مني، لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: (ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة
فتنة أكبر من فتنة الدجال).
(18) يزيد بن هارون عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال: قال
رسول الله (ص): (لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال، معه نهران يجريان أحدهما
رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فأما أدرك أحد ذلك فليأت

(2 / 12) آدم: أسمر لونه كلون الأدم. جعدا: جعد الشعر، شنوءة: اسم قبيلة.
(2 / 17) أي أن فتنة الدجال ليست أكبر الفتن.
(2 / 18) يغزوه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب أي يعرفه المؤمن وإن لم يكن يعرف القراءة ليقرأ كلمة كافر
بين عينيه.
648

النهر الذي يراه نارا فليغمض ثم ليطأطئ رأسه وليشرب فإنه ماء بارد، وإن الدجال
ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر، يغزوه كل مؤمن كاتب
وغير كاتب).
(19) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن ربعي عن حذيفة عن النبي
(ص) قال: (لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال [إن معه نارا] تحرق، ونهر ماء
بارد، فمن أدركه منكم فلا يهلكن به فليغمضن عينيه، وليقع في الذي يرى أنه نار
فإنه نهر ماء بارد).
(20) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى عن الحضرمي بن لاحق
عن أبي صالح عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل علي النبي (ص) وأنا أبكي، فقال: (ما
يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله! ذكرت الدجال، قال: فلا تبكي فإن يخرج وأنا حي
أكفيكموه، وإن أمت فإن ربكم ليس بأعور، وإنه يخرج معه يهود أصبهان، فيسير
حتى ينزل بضاحية المدينة، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كل باب ملكان، فيخرج إليه شرار أهلها، فينطلق حتى يأتي لد، فينزل عيسى ابن مريم فيقتله، ثم يمكث
عيسى في الأرض أربعين سنة أو قريبا من أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا).
(21) شبابة عن ليث بن سعد عن زيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن
ابن حوالة الأزدي عن النبي (ص) أنه قال: (من نجا من ثلاث فقد نجا - قالها ثلاث
مرات، قالوا: ما ذاك يا رسول الله؟ قال: موتي، والدجال، ومن قتل خليفة مصطبرا
بالحق يعطيه).
(22) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق عن
عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إنه لم يكن نبي
بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإني أنذركموه، وصفه لنا رسول الله (ص)
وقال: سيدركه بعض من رآني، أو سمع كلامي، قالوا: يا رسول الله! كيف قلوبنا
يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: أو خيرا).
(33) قال: وحدثنا أبو بكر قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عبد الرحمن بن

(2 / 19) [إن معه نارا] ناقص في الأصل وملأناه استنادا إلى السياق.
(2 / 20) لد، أو اللد بلد في فلسطين وفي القدس باب يسمى باب لد هو الباب المؤدي إلى طريق اللد.
649

ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن
جبل قال: قال رسول الله (ص): (عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب
خروج الملحة، وخروج الملحة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج
الدجال - ثم يضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبيه، ثم قال: إن هذا هو الحق
كما أنك ههنا، أو كما أنت قاعد) - يعني معاذا.
(24) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة قال:
أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة لنعرض مصحفا لنا بمصحفه، فجلسنا إلى رجل
يحدث، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فتحولنا إليه، فقال عثمان: سمعت رسول الله (ص)
يقول:) يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة،
ومصر بالشام، فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض جيش ينهزم
من قبل المشرق، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين فيصير أهله ثلاث
فرق: فرقة تقيم وتقول نشامه وننظر ما هو؟ وفرقة تلحق بالاعراب، وفرقة تلحق
يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقيم وتقول نشامه وننظر ما هو؟
وفرقة تلحق بالاعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ثم يأتي الشام فينحاز
المسلمون إلى عقبة أفيق يبعثون سرحا لهم فيصاب سرحهم، ويشتد ذلك عليهم،
وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد حتى أن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله، فبينما هم
كذلك إذ نادي مناد من السحر: يا أيها الناس! أتاكم الغوث - ثلاث مرات، فيقول
بعضهم لبعض: إن هذ الصوت لرجل شبعان، فينزل عيسى ابن مريم عند صلاة
الفجر فيقول له أمير الناس: تقدم يا روح الله فصل بنا، فيقول: إنكم - معشر هذه
الأمة - أمراء، بعضكم على بعض، تقدم أنت فصل بنا، فيتقدم الأمير فيصلي بهم،
فإذا انصرف أخذ عيسى حربته فيذهب نحو الدجال، فإذا رآه ذاب كما يذوب
الرصاص، ويضع حربته بين ثندوته فيقتله، ثم ينهزم أصحابه).
(25) الفضل بن دكين قال حدثنا حشرج قال حدثنا سعيد بن جمهان عن سفينة

(2 / 24) تشامه: ننظر إليه وندخل في جماعته لنستطلع حاله وأمره.
السرح: قطعان الانعام والإبل.
بين ثندوته أي ثدييه.
650

قال خطبنا رسول الله (ص) فقال: (إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته، هو أعور
العين اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة، بين عينيه (كافر) معه واديان أحدهما جنة
والآخر نار، فجنته نار وناره جنة، ومعه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من
الأنبياء أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فيقول لأناس: ألست بربكم؟ ألست
أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين: كذبت، فما يسمعه أحد من الناس إلا
صاحبه، فيقول صاحبه: صدقت، فيسمعه الناس فيحسبون إنما صدق الدجال، وذلك
فتنة، ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها، فيقول: هذه قرية ذاك الرجل، ثم
يسير حتى يأتي الشام فيقتله الله عند عقبة أفيق).
(26) ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة عن أسير بن جابر قال:
هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيري ألا يا عبد الله بن مسعود جاءت
الساعة، قال: وكان عبد الله متكئا فجلس فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث
ولا يفرح بغنيمة، وقال: عدو يجمعون لأهل الاسلام ويجمع لهم أهل الاسلام، ونحا بيده
نحو الشام، قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، فيكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط
المسلمون شرطة للموت لا ترجع ألا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفي هؤلاء
وهؤلاء كل غير غالب، وتفني الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا
غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا
كان اليوم الرابع نهد إليهم جند أهل الاسلام، فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتتلون مقتلة
عظيمة، أما قال: لا يرى مثلها، أو قال: لم ير مثلها حتى أن الطير ليمر بجنباتهم ما يخلفهم
حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي
غنيمة يفرح، أو بأي ميراث يقاسم، فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك
إذا جاءهم الصريخ أن الدجال قد خلف في ذراريهم، فرفضوا ما في أيديهم ويقبلون
فيبعثون عشرة فوارس طليعة، فقال رسول الله (ص): (إني لأعرف أسماءهم وأسماء
آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض، أو قال: هم من خير
فوارس على ظهر الأرض).
(27) يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي

(2 / 26) يشترطون شرطة: يكونون فرقة من المتطوعين تبايع على الاستشهاد.
يتعاد بنو الأب: يعدون ما بقي من أبناء الأب أو الجد الواحد.
651

بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): (يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد
لهما، ثم يولد لهما غلام أعور أضر شئ وأقله نفعا، تنام عيناه ولا ينام قلبه، ثم نعت
أبويه فقال: أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الانف، كأن أنفه منقار، وأمه امرأة
فرغانية عظيمة الثديين).
(28) الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال: سمعت أبا
هريرة يقول: قال رسول الله (ص): (ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي
قومه: إنه أعور وإنه يجئ معه بمثل الجنة والنار، فالتي يقول: هي الجنة، هي
النار، وإني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه).
(29) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي بكرة
قال: قال رسول الله (ص): (لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة
أبواب، لكل باب ملكان).
(30) شبابة قال حدثنا شعبة عن جعفر بن أياس عن عبد الله بن شقيق عن رجاء
ابن أبي رجاء قال: دخل بريدة المسجد ومحجن على باب المسجد وسكبة يصلي، فقال بريدة
- وكان فيه مزاح: ألا تصلي كما يصلي سكبة، فقال محجن: إن رسول الله (ص) أخذ
بيدي فصعد على أحد وأشرف على المدينة فقال: (ويلمها مدينة يدعها أهلها وهي خير
ما كانت أو أعز ما كانت، يأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا
بجناحيه فلا يدخلها.
(31) المعلى بن منصور قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الحارث بن
حصيرة عن زيد بن وهب قال: سمعت أبا ذر يقول: لان أحلف عشرا أن ابن صياد هو
الدجال أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه ليس به، وذلك لشئ سمعته من رسول الله
(ص)، بعثني رسول الله (ص) إلى أم ابن صياد فقال: (سلها كم حملت به؟ فقالت:
حملت بن اثني عشر شهرا؟ فأتيته فأخبرته، فقال: سلها كم حملت به؟ فقالت:
حملت به اثني عشر شهرا؟
فأتيته فأخبرته، فقال: سلها أصيحة حيث وقع؟ قالت صاح
صياح صبي شهرين، قال: أو قال له رسول الله (ص): (إني قد خبأت لك خبيئا، فقال:
خبأت لي عظم شاة عفراء، وأراد أن يقول: والدخان، فقال رسول الله (ص): إخسأ فإنك
لن تسبق القدر).

(2 / 30) ويلمها: ويل أمها.
(2 / 31) أصيحة حيث وقع: هل صاح حين ولد كما يصيح الأولاد المولودين حديثا.
652

(32) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن عبد الله بن
نجى عن علي قال: كنا عند النبي (ص) جلوسا وهو نائم، فذكرنا الدجال فاستيقظ محمرا
وجهه فقال: (غير الدجال أخوف عليكم عندي من الدجال: أئمة مضلون).
(33) يزيد بن هارون قال أخبرنا علي بن مسعدة عن رباح بن عبيدة عن يوسف بن
عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سلام، يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاما
ويغرس النخل وتقوم الأسواق.
(34) يعلى بن عبيد عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن
حذيفة قال: لقد صنع بعض فتنة الدجال وإن رسول الله (ص) لحي.
(35) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: قال حذيفة: ما خروج
الدجال بأكرث لي من قيس اللجام.
(36) ابن نمير قال حدثنا أبو يعفور قال: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: كنت عند
حذيفة جالسا إذ جاء أعرابي حتى جثا بين يديه فقال: أخرج الدجال؟ فقال له حذيفة:
وما الدجال؟ إن ما دون الدجال أخوف من الدجال، إنما فتنته أربعون ليلة.
(37) يونس بن محمد عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس أن رسول الله (ص) قال: (إن الدجال يطوي الأرض كلها إلا مكة والمدينة،
قال: فيأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة
الحرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق
ومنافقة).
(38) أبو المورع قال حدثنا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال:
سمعت حذيفة يقول: لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(39) ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر سأل فقال: وإله يهود! ليقتلنه
ابن مريم بفناء لد.
(40) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال:
(ينزل المسيح ابن مريم، فإذا رآه الدجال ذاب كما تذوب الشحمة، قال: فيقتل الدجال

(2 / 35) أي لا آبة لخروجه ولا أخافه.
653

وتفرق عنه اليهود، فيقتلون حتى أن الحجر يقول: يا عبد الله المسلم! هذا يهودي،
فتعال فاقتله).
(41) ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رفعه قال: لا تقوم الساعة
حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا وإمام عادلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير
ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).
(42) ابن عيينة عن الزهري عن حنظلة الأسلمي قال: سمعت أبا هريرة يقول:
والذي نفس محمد بيده! ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما.
(43) علي بن مسهر عن الشيباني عن حسان بن المخارق عن عمار بن المغيرة عن أبي
هريرة قال: إن المساجد لتجدد لخروج المسيح وإنه سيخرج فيكسر الصليب، ويقتل
الخنزير، ويؤمن به من أدركه، فمن أدركه منكم فليقرئه مني السلام، ثم التفت إلي فقال:
يا ابن أخي! إني أراك من أحدث القوم، فإن أدركته فاقرئه مني السلام.
(44) أبو الأحوص عن سماك قال: سمعت إبراهيم يقول: إن المسيح خارج فيكسر
الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية.
(45) يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال:
قال أبو بكر: هل بالعراق أرض يقال لها خراسان، قالوا: نعم، قال: فإن الدجال يخرج
منها.
(46) أبو بكر قال حدثت عن روح بن عبادة عن ابن أبي عروبة عن أبي التياح عن
المغيرة بن سبيع عن عمرو بن حريث عن أبي بكر عن النبي (ص) قال: (الدجال يخرج
من خراسان).
(47) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي
هريرة قال: يهبط الدجال من كور كرمان معه ثمانون ألفا عليهم الطيالسة، ينتعلون الشعر
كأن وجوههم مجان مطرقة.

(2 / 42) ليثنينهما: أي يهل بحج وعمرة معا.
(2 / 45) وخراسان من أرض فارس.
(2 / 47) كور كرمان: أي منطقة كرمان وهي من أرض فارس.
654

(48) عبدة بن سليمان ووكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن خوط العبدي
قال: قال عبد الله: إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
(49) المحاربي عن ليث عن بشر عن أنس قال: إن بين يدي الدجال لستا وسبعين
دجالا.
(50) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع
ابن عتبة بن أبي وقاص عن النبي (ص) قال: (تقاتلون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم
تقاتلون فارس فيفتحها الله، ثم تقاتلون الروم فيفتحها الله، ثم تقاتلون الدجال فيفتحه
الله). قال جابر: فلا يخرج الدجال حتى تفتح الروم.
(51) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك عن ربعي بن حراش قال: قال عقبة
ابن عمرو لحذيفة: ألا تحدثنا بما سمعت رسول الله (ص)؟ قال: بلى سمعته يقول: (إن مع
الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يرى
الناس أنه نار فماء عذب بارد، فمن أدرك منكم ذلك فليقع في الذي يرى أنه نار فإنه
ماء عذب بارد)، قال عقبة: وأنا سمعته يقول ذلك.
(52) حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن مجاهد قال: حدثنا جنادة بن أبي أمية
الدوسي قال: دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله (ص)، قال:
فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله (ص) ولا تحدثنا عن غيره وإن كان عندك
مصدقا، قال نعم، قام فينا رسول الله (ص) ذات يوم فقال: (أنذركم الدجال،
أنذركم الدجال، أنذركم الدجال، فإنه لم يكن نبي إلا وقد أنذره أمته، وإنه فيكم
أيتها الأمة، وإنه جعد آدم ممسوح العين اليسرى، وإن معه جنة ونارا، فتارة جنة
وجنته نار، وإن معه نهر ماء وجبل خبز، وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها،
لا يسلط على غيرها، وإنه يمطر السماء ولا تنبت الأرض، وإنه يلبث في الأرض
أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل، وإنه لا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام
ومسجد الرسول ومسجد المقدس والطور، وما شبه عليكم من الأشياء فإن الله ليس
بأعور) - مرتين.
(53) حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي عمرو الشيباني عن
حذيفة قال: لا يخرج الدجال حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن خروجا منه، وما
خروج بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الأرض وما علم أدناهم وأقصاهم إلا سواء.
655

(54) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن
عمير عن شهر بن حوشب قال: كان عبد الله جالسا وأصحابه، فارتفعت أصواتهم، قال:
فجاء حذيفة فقال: ما هذه الأصوات يا ابن أم عبد؟ قال: يا أبا عبد الله! ذكروا الدجال
وتخوفناه، فقال حذيفة: والله ما أبالي أهو لقيت أم هذه العنز السوداء، قال عبد الملك -
لعنز تأكل النوى في جانب المسجد، قال: فقال له عبد الله: لم؟ لله أبوك، قال حذيفة:
لأنا قوم مؤمنون وهو امرؤ كافر، وإن الله سيعطينا عليه النصر والظفر، وأيم الله! لا
يخرج حتى يكون خروجه أحب إلى المرء المسلم من بردة الشراب على الظمأ، فقال عبد الله:
لم؟ لله أبوك، فقال حذيفة: من شدة البلاء وجنادع الشر.
(55) يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله
أن رسول الله (ص) لقي ابن صياد ومعه أبو بكر وعمر، أو قال: رجلان، فقال له رسول
الله (ص): (أتشهد أني رسول الله! فقال ابن صياد: أتشهد أني رسول الله (ص) آمنت
بالله ورسوله، فقال رسول الله (ص): ما ترى؟ فقال ابن صياد: أرى عرشا على الماء،
فقال له رسول الله (ص): ترى عرش إبليس على البحر، قال: ما ترى؟ قال: أرى
صادقين أو كاذبين، فقال رسول الله (ص): (لبس عليه فدعوه).
(56) أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت:
أتيت عائشة فإذا الناس قيام وإذا هي تصلي، فقلت: ما شأن الناس؟ فأشارت بيدها نحو
السماء، أو قالت: سبحان الله، فقلت: آية، فأشارت برأسها أن نعم، فأطال رسول الله
(ص) فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب على رأسي الماء، قالت: فحمد رسول الله
(ص) وأثنى عليه بما هو أهله وقال: (ما من شئ لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي
هذا حتى الجنة والنار، وقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا - أدري أي
ذلك، قالت أسماء -: من فتنة الدجال).
(57) أبو معاوية عن الأعمش عن أبي قيس عن الهيثم بن الأسود قال: خرجت
وافدا في زمان معاوية فإذا معه على السرير رجل أحمر كثير غصون الوجه، فقال لي
معاوية: تدري من هذا؟ هذا عبد الله بن عمرو، قال: فقال لي عبد الله: ممن أنت؟

(2 / 54) جنادع ج جندع: دواب أصغر من القردان تكون في جحور اليرابيع، تخرج إلى دنا الحافر من قعر
الحجر، فيقال بدت جنادع الطب ويضرب مثلا للذي يأتي شره قبل أن يرى ومن ذلك أيضا
الجندع لما دب أول الشر وللبلايا ولما يسوءك من القول وللداهية فهي ذات الجنادع الخ...
656

فقلت: من أهل العراق، قال: هل تعرف أرضا قبلكم كثير السباخ يقال لها كوثي، قال:
قلت: نعم، قال: منها يخرج الدجال، قال: ثم قال: إن للأشرار بعد الأخيار عشرين
ومائة سنة، لا يدري أحد من الناس متى يدخل أولها.
(58) الفضل بن دكين عن سفيان عن واصل عن أبي وائل عن المعرور بن سويد عن
ابن فاتك قال: قال كعب: إن أشد أحياء العرب على الدجال لقومك - يعني بني تميم.
(59) الفضل بن دكين قال حدثنا ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة أنه شهد
يوما خطبة لسمرة بن جندب، فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله (ص) أنه قال:
(والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين
اليسرى كأنها عين أبي تحي - أو يحي - لشيخ من الأنصار، وإنه متى يخرج فإنه
يزعم أنه الله، ممن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح من عمل له سلف ومن
كفر به وكذبه فليس يعاقب بشئ من علمه سلف، وإنه سيظهر على الأرض كلها
إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، قال: فيهزمه الله
وجنوده حتى أن جذم الحائط وأصل الشجرة ينادي: يا مؤمن! هذا كافر يستتر به،
تعال اقتله، قال: ولن يكون ذاك كذاك حتى ترون أمورا يتفاج شأنها في أنفسكم،
تساءلون بينكم: هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا، وحتى تزول جبال عن مراتبها،
ثم على إثر ذلك القبض) وأشار بيده، قال: ثم شهدت له خطبة أخرى، قال: فذكر هذا
الحديث ما قدم كلمة ولا أخرها.
(60) زيد بن الحباب قال أخبرني معاوية بن صالح قال: أخبرني ربيعة بن يزيد
الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول: من التبست
عليه الأمور فلا يتبعن مشاقا ولا أعور العين - يعني الدجال.
(61) زيد بن الحباب قال أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن
الحسن قال: قال رسول الله (ص): (الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه، ويتناول
السحاب، ويسبق الشمس إلى مغربها، وفي جبهته قرن يخرص منه الحيات، وقد

(2 / 59) جذم الحائط: الحائط: بستان النخيل ويكون بالتالي المقصود جذم النخل لقوله بعدها وأصل
الشجرة، والجذم ج جذمة وهو الشحم الأعلى في النخلة، وجذم كل شئ أصله ولذا يحتمل أيضا
أن المقصود: أصل الجدار.
657

صور في جسده السلاح كله، حتى ذكر السيف والرمح والدرق، قال: قلت: وما
الدرق؟ قال: الترس).
(62) أبو معاوية عن الأعمش عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال عن
عبد الله قال: يخرج الدجال فيمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل، اليوم
منها كالجمعة، والجمعة كالشهر والشهر كالسنة، ثم قال: كيف أنتم وقوم في صيح وأنتم في
ريح، وهم شباع وأنتم جياع، وهم رواء وأنتم ظماء.
(63) أبو معاوية عن الأعمش عن طلحة عن خيثمة قال: كان عبد الله يقرأ القرآن
في المسجد فأتى على هذه الآية * (كزرع أخرج شطأه) * فقال عبد الله: أنتم الزرع وقد دنا
حصادكم، ثم ذكروا الدجال في مجلسهم ذلك، فقال بعض القوم: لوددنا أنه قد خرج حتى
نرميه بالحجارة، فقال عبد الله: أنتم تقولون، والذي لا إله غيره! لو سمعتم به ببابل لاتاه
أحدكم وهو يشكو إليه الحفا من السرعة.
(64) عبد الله بن نمير قال حدثنا حلام بن صالح عن سليمان بن شهاب العبسي قال:
أخبرني عبد الله بن نعيم - وذكر الدجال فقال: ليس به خفاء، وما يكون قبله من الفتنة
أخوف عليكم من الدجال، إن الدجال لا خفاء فيه، إن الدجال يدعو إلى أمر يعرفه
الناس حتى يرون ذلك منه.
(65) محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال: لا يخرج
الدجال حتى يكون خروجه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ.
(66) علي بن مسهر عن المجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: صلى النبي
(ص) ذات يوم الظهر ثم صعد المنبر، فاستنكر الناس ذلك فبين قائم وجالس، ولم يكن
يصعده قبل ذلك إلا يوم الجمعة، فأشار إليهم بيده أن اجلسوا ثم قال: (والله ما قمت
مقامي هذا لامر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا
منعني القيلولة من الفرح وقرة العين، ألا إن نبي عم لتميم الداري أخذتهم عاصف في
البحر فألجأتهم الريح إلى جزيرة لا يعرفونها، فقعدوا في قوارب السفينة فصعدوا فإذا
هم بشئ أسود أهدب كثير الشعر، قالوا لها: ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، قالوا:

(2 / 62) هم في صيح وأنتم في ريح: هم في وفرة وكثرة، وأنتم في جدب وقلة.
(2 / 63) من الآية الأخيرة من سورة الفتح.
(2 / 65) استعجالا منهم لقيام الساعة والحساب ورغبة في قتاله ودحره والخلاص من شره.
658

فأخبرينا، قالت: ما أنا بمخبركم ولا سائلتكم عنه، ولكن هذا الدير قد رمقتموه
فأتوه، فإن فيه رجلا بالأشواق إلى أن يخبركم وتخبروه فأتوه فدخلوا عليه، فإذا هم
بشيخ موثق في الحديد شديد الوثاق كثير الشعر، فقال لهم: من أين؟ قالوا: من
الشام، قال: ما فعلت العرب) قالوا: نحن قوم من العرب، قال: ما فعل هذا الرجل الذي
خرج فيكم؟ قالوا: خير، ناواه قوم فأظهره الله عليهم فأمرهم اليوم جميع، وإلههم
واحد ودينهم واحد، قال: ذلك خير لهم، قال: ما فعلت عين زغر؟ قالوا: يسقون
منها زروعهم ويشربون منها لسقيهم، قال ما فعل نخل بين عمان وبيسان، قالوا: يطعم جناه في كل عام، قال: ما فعلت بحيرة طبرية؟ قالوا: تدفق جانبها من كثرة
الماء، فزفر ثلاث زفرات ثم قال: إني لو قد انفلت من وثاقي هذا لم أترك أرضا إلا
وطئتها بقدمي هاتين إلا طيبة، ليس لي عليها سلطان، فقال رسول الله (ص): (إلى
هذا انتهي فرحي، هذه طيبة، والذي نفس محمد بيده! ما منها طريق ضيق ولا واسع إلا
عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة).
(67) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا زهير قال حدثنا
قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال: ذكرنا الدجال فسألنا عليا متى خروجه؟ قال: لا
يخفى على مؤمن، عينه اليمنى مطموسة، بين عينيه كافر يتهجاها لنا علي، قال: فقلنا
ومتى يكون ذلك؟ قال: حين يفخر الجار على جاره، ويأكل الشديد الضعيف وتقطع
الأرحام، ويختلفون اختلاف أصابعي هؤلاء - وشبكها ورفعها هكذا، فقال له رجل من
القوم: كيف تأمرنا عند ذلك أمير المؤمنين؟ قال: لا أبا لك! إنك لن تدرك ذلك قال:
فطابت أنفسنا.
(68) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة
قال: (يسلط الدجال على رجل من المسلمين فيقتله ثم يحييه ثم يقول: ألست بربكم؟ ألا
ترون أني أحيي وأميت، والرجل ينادي: يا أهل الاسلام! بل عدو الله الكافر الخبيث، إنه
والله لا يسلط على أحد بعدي)، قالوا: وكنا نمر مع أبي هريرة على معلم الكتاب فيقول:
يا معلم الكتاب! اجمع لي غلمانك، فيجمعهم فيقول: قل لهم: فلينصتوا، أي بني أخي
افهموا ما أقول لكم، أما يدركن أحد منكم عيسى ابن مريم فإنه شاب وضئ أحمر
فليقرأ عليه من أبي هريرة السلام، فلا يمر على معلم كتاب إلا قال لغلمانه مثل ذلك.

(2 / 68) الحديث مرفوع بمعناه وهو جزء من حديث آخر أطول منه فصل أمر الدجال منذ خروجه حتى
قتله.
659

(69) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن أبي
هريرة قال: لا تقوم الساعة حتى تفتح مدينة هرقل قيصر، ويؤذن فيها المؤذنون، ويقسم
فيها المال بالأترسة فيقبلون بأكثر أموال رآها الناس، فيأتيهم الصريخ أن الدجال قد
خالفكم في أهليكم، فيلقون ما في أيديهم ويقبلون يقاتلونه.
(70) يزيد بن هارون قال أخبرنا قال الجريري عن أبي العلاء بن الشخير أنا نوحا
ومن معه من الأنبياء كانوا يتعوذون من فتنة الدجال.
(71) يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال حدثني جبلة بن سحيم عن
مؤثر بن عفارة عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان ليلة أسرى برسول الله (ص) لقي
إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة، فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده علم
منها، فسألوا موسى فلم يكن عنده منها علم، فردوا الحديث إلى عيسى فقال: عهد الله إلي
فيما دون وجبتها، فأما وجبتها فلا يعلمها ألا الله، فذكر من خروج الدجال فأهبط
فأقتله، فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون،
لا يمرون بماء إلا شربوه، ولا شئ إلا أفسدوه، فيجيئون إلي فأدعو الله فيرسل السماء
بالماء فتحمل أجسادهم فتقذفها في البحر ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم، ثم يعهد
إلي إذا كان ذلك أن الساعة من الناس كالحمال المتمم، لا يدري أهلها متي تفجؤهم
بولادتها، قال العوام: فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله * (حتى إذا فتحت يأجوج
ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق) *.
(72) محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم
عن أبي هريرة أن نبي الله عليه السلام قال: (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم
واحد، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، فإذا رأيتموه
فاعرفوه، فإنه رجل مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس، كأن رأسه
يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية،
ويقاتل الناس على الاسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الاسلام، ويهلك
الله في زمانه مسيح الضلالة الكذاب الدجال، وتقع الأمانة في زمانه في الأرض حتى
ترتع الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان - أو

(2 / 71) * (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج) * إلى * (الوعد الحق) * سورة الأنبياء من الآيتين
(96 - 97).
660

الغلمان - شك مع الحيات، لا يضر بعضهم بعضا، فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم
يتوفى فيصلي عليه المسلمون).
(73) وكيع عن شيبان عن واصل عن أبي وائل قال: أكثر أتباع الدجال اليهود
وأولاد المؤمسات.
(74) الفضل بن دكين عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أم سلمة
قالت: ولدته أمه مسرورا مختونا - تعني ابن صياد.
(75) عبد الله بن إدريس عن أبيه عن جده عن ابن عمر قال: لقيت ابن صياد في
طريق من طرق المدينة فانتفخ حتى ملا الأرض، فقلت: اخسأ، فإنك لن تعدو قدرك،
فانضم بعضه إلى بعض ومررت.
(76) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله
قال: كنا نمشي مع رسول الله (ص) فمررنا على صبيان يلعبون، فتفرقوا حين رأوا النبي
(ص) وجلس ابن صياد، فكأنه غاظ النبي (ص) فقال له: (مالك تربت يداك! أتشهد
أني رسول الله (ص)؟ فقال: أتشهد أنت أني رسول الله، فقال عمر: يا رسول الله! دعني
فلأقتل هذا الخبيث، قال: دعه فإن يكن الذي تخوف فلن تستطيع قتله).
(77) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن
جابر بن عبد الله قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرة.
(78) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد
أن رسول الله (ص) قال لابن صياد: (ما ترى؟ قال: أرى عرشا على البحر وحوله
الحيات، فقال رسول الله (ص): ذلك عرش إبليس).
(79) يزيد بن هارون قال أخبرنا مبارك عن الحسن قال: قال رسول الله (ص): (إن
بين يدي الساعة كذابين منهم صاحب اليمامة ومنهم الأسود العنسي ومنهم صاحب
حمير ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة).

(2 / 74) مسرورا: مقطوع السرة.
مختوما مقطوع القلفة.
(2 / 72) تربت يداك هو دعاء بالخير ودعاء بالشر أيضا، ففي الخير تعني ملا الله يديك من التراب، أي
أغناك الله، وفي الأخرى صار كل ما تمسه ترابا أي ذهب عنك الخير كله.
(2 / 77) أي لم ير بعد ذلك.
661

(80) شبابة عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن
عبد الرحمن بن يزيد بن جارية عن مجمع بن جارية أن النبي (ص) قال: (الدجال يقتله
عيسى ابن مريم على باب لد).
(81) حدثنا وكيع ومحمد بن بشر عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن حوط
العبدي قال: قال عبد الله: إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
(82) وكيع عن فطر عن أبي الطفيل عن رجل من أصحاب النبي (ص) قال:
(يخرج الدجال على حمار، رجس على رجس).
(83) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن وهب بن
كيسان عن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله (ص): (ليصحبن الدجال قوم يقولون:
إنا لنصحبه، وإنا لنعلم أنه كذاب، ولكنا إنما نصحبه لنأكل من الطعام ونرعى من
الشجر، وإذا نزل غضب الله نزل عليهم كلهم).
(84) وكيع عن سفيان عن أبي المقدام عن زيد بن وهب عن عبد الله قال:
يخرج
الدجال من كوثى.
(85) وكيع عن سفيان عن سلمة عن أبي صادق قال: قال عبد الله: إني لأعلم أول
أهل أبيات يقرعهم الدجال أنتم أهل الكوفة.
(86) وكيع عن سفيان عن سلمة عن خيثمة قال: قالوا: لو خرج الدجال لفعلنا،
فقال عبد الله: لو أصبح ببابل لشكوتم الحفا من السرعة.
(87) علي بن مسهر عن زكريا عن الشعبي عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن سلام
قال: ما مات رجل من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذري لصلبه.
(88) وكيع عن سفيان عن فرات القزار عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد
الغفاري قال: اطلع علينا رسول الله (ص) من غرفة له ونحن نتذاكر الساعة فقال: (لا
تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: الدجال والدخان وطلوع الشمس من مغربها
ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب
وخسف في الجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر
تنزل معهم إذا نزلوا وتقيل معهم إذا قالوا).
(89) عفان قال حدثنا أبان العطار عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد
662

الخدري عن النبي (ص) قال: (ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج).
(90) يحيى بن آدم عن شعبة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: رأى ابن عباس غلمانا
ينزو بعضهم على بعض. قال: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
(91) وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن ابن سابط قال: قال رسول
الله (ص): (إن في أمتي خسفا ومسخا وقذفا، قالوا: يا رسول الله! وهم يشهدون أن لا
إله إلا الله؟ فقال: نعم، إذا ظهرت المعازف والخمور ولبس الحرير).
(92) وكيع عن سفيان عن سماك عن رجل يقال له بني قال: جاء قيس إلى علي
فسجد له فنهي وقال: اسجد لله، قال: فقال: سلوه متى الساعة؟ فقال: لقد سألتموني عن
أمر ما يعلمه جبريل ولا ميكائيل، ولكن إن شئتم أنبأتكم بأشياء إذا كانت لم يكن الساعة
كبير لبث، إذا كانت الألسن لينة والقلوب نيازك، ورغب الناس في الدنيا وظهر البناء
على وجه الأرض، واختلف الاخوان فصار هواهما شتى وبيع حكم الله بيعا.
(93) الفضل بن دكين عن سفيان عن عمران بن مسلم عن يزيد بن عمرو عن سلمان
الفارسي قال: إن من اقتراب الساعة أن يظهر البناء على وجه الأرض وأن تقطع الأرحام
وأن يؤذي الجار جاره.
(94) حفص بن غياث عن العلاء بن خالد عن أبي وائل عن عبد الله قال: من
أشراط الساعة أن يظهر الفحش والتفحش وسوء الخلق وسوء الجوار.
(95) زيد بن حباب قال أخبرنا معاوية بن صالح قال أخبرني عمرو بن قيس
الكندي قال: سمعت: عبد الله بن عمرو العاص قال: من أشراط الساعة أن يظهر
القول ويخزن ويرتفع الأشرار ويوضع الاخبار وتقرأ المثاني عليهم، فلا يعيبها أحد منهم،
قال: قلت: ما المثاني؟ قال: كل كتاب سوى كتاب الله.
(96) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن رجاء بن حياة قال: لا تقوم
الساعة حتى لا تحمل النخلة إلا تمرة.

(2 / 90) ينزو هنا يركب بعضهم على بعض، وقوله هكذا يخرج يأجوج ومأجوج أي لكثرتهم يسيرون وقد
ركب بعضهم على بعض إذ لا تسعهم الأرض.
(2 / 96) أي يقل الخير والرزق.
663

(97) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: لا تقوم الساعة حتى تقوم رأس البقرة
بالأوقية.
(98) وكيع عن سفيان عن عثمان بن الحارث عن أبي الوداك قال: من اقتراب
الساعة انتفاخ الأهلة.
(99) وكيع عن شريك عن العباس بن دريج عن الشعبي قال: قال رسول الله (ص):
(من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال: ابن ليلتين).
(100) وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال: ألا أحدثكم حديثا لا
يحدثكم به أحد بعدي قال رسول الله (ص): (لا تقوم الساعة حتى يكون في الخمسين
امرأة الرجل الواحد).
(101) وكيع عن القاسم بن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله
(ص): (والذي نفسي بيده! لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الانس، وحتى تكلم
الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما حدث في أهله بعده).
(102) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال أخبرت أن الساعة لا تقوم حتى تقول الحجر
والشجر: يا مؤمن! هذا يهودي، هذا نصراني، فاقتله.
(103) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي حيان عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي
هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله! متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من
السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربتها فذاك من أشراطها،
وإذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء الغنم في
البنيان فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله * (إن الله عنده علم الساعة
وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس
بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) *).
(104) وكيع عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر

(2 / 99) أي يرى في ليلته فيظن الرأي أنه ابن ليلتين.
(2 / 100) أي تكثر النساء ويقل الرجال.
(2 / 101) عذبه السوط: طرفه المعقود.
(2 / 103) سورة لقمان الآية (34).
664

عن عمر قال: كنا جلوسا عند النبي (ص) فجاءه رجل شديد بياض الثياب شديد سواد
الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد فدنا منه حتى أدنى ركبتيه من ركبتيه،
ووضع كفيه على فخذيه، فقال يا محمد متى الساعة؟ فقال: (ما المسؤول عنها بأعلم من
السائل، قال: ولكن من أماراتها أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة أصحاب الشاء
قد تطاولوا في البنيان).
(105) أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان الاعراب إذا قدموا على
رسول الله (ص) سألوه متى الساعة، فنظر إلى أحدث انسان منهم فقال: (إن يعش هذا
فلم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم).
(106) أبو خالد الأحمر عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: لما رجع رسول الله (ص)
من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله (ص): (لا تأتي مائة سنة وعلى
الأرض نفس منفوسة اليوم).
(107) ابن عيينة عن الزهري عن أنس قال: سأل رجل النبي (ص): متى الساعة؟
فقال: (ما أعددت لها؟ فلم يذكر شيئا إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: المرء مع من
أحب).
(108) قال: وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن شمر عن أبي يحيى
عن كعب قال: لا تقوم الساعة حتى يكون الرجل الواحد قيم خمسين امرأة.
(109) يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر أن رسول الله
(ص) قال: (ما منكم من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ).
(110) يزيد عن سليمان التيمي عن عبد الرحمن صاحب السقاية عن جابر عن النبي
(ص) مثله، وفسر جابر: نقصان من العمر.
(111) جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير الليثي قال: قال رسول الله
(ص): (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا كلهم يزعم أنه نبي قبل يوم
القيامة).
(112) أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (ص)

(2 / 105) قامت عليكم ساعتكم: أي توفاكم الله فلم يبق منكم أحد.
665

يقول: (إن بين يدي الساعة كذابين)، فقلت: أنت سمعته من رسول الله (ص)؟ قال:
نعم.
(113) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله (ص): (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا دجالا يكذب على الله
وعلى رسوله).
(114) الفضل بن دكين قال حدثنا بدر بن عثمان قال: أخبرنا الشعبي عن رجل عن
عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ص) أنه قال يوما: (يكون في آخر الزمان أربع فتن
يكون في آخرها الفناء).
(115) وكيع عن سفيان عن جابر عن عامر قال: سئل حذيفة: أي الفتنة أشد؟
قال: أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تتبع.
(116) وكيع عن سفيان عن رجل عن الضحاك عن حذيفة قال: إن أخوف ما
أتخوف عليكم أن تؤثروا ما ترون على ما تعلمون، وأن تضلوا وأنتم لا تشعرون.
(117) وكيع عن ابن عون عن عبد الله بن سعد قال: قال عمر: أخوف ما أتخوف
على هذه الأمة قوم يتأولون القرآن على غير تأويله.
(118) وكيع عن موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: قال عمر:
إن أخوف ما أتخوف عليكم شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء برأيه، وهي
أشدهن.
(119) وكيع قال حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: قال
ما أتخوف عليكم أحد رجلين: مؤمن قد استبان إيمانه، وكافر قد تبين كفره، ولكن
أتخوف عليكم متعوذا بالايمان يعمل بغيره.
(120) وكيع عن شعبة عن قتادة عن واقع بن سحبان عن طريف بن يزيد بن
طريف عن أبي موسى قال: إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم حتى
يقوم الرجل إلى أمه فيضربها بالسيف من الجهل.
(121) وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس عن عطية عن ابن عمر في قوله:

(2 / 119) أي يظهر الايمان والتقي كي يتبعه الناس وهو يقودهم في دروب الضلال.
(2 / 121) سورة النمل من الآية (82).
666

* (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) * قال: حين لا يأمرون
بمعروف ولا ينهون عن منكر.
(122) حدثنا شريك عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين قال: قال علي:
يا أهل الكوفة لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتجدن في أمر الله أو ليسوا منكم
أقوما يعذبونكم ويعذبهم الله.
(123) وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي الطفيل قال: قيل لحذيفة: ما ميت
الاحياء؟ قال: من لم يعرف المعروف بقلبه وينكر المنكر بقلبه.
(124) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن راشد عن أبي جحيفة عن علي
قال: إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد
بقلوبكم، فأي قلب لم يعرف المعروف ولا ينكر المنكر نكس فجعل أعلاه أسفله.
(125) وكيع عن سفيان عن زبيد عن الشعبي عن أبي جحيفة عن علي قال: فينكس
كما ينكس الجراب فينثر ما فيه.
(126) شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة عن درة قالت:
دخلت على النبي (ص) وهو في المسجد فقلت: من أتقى الناس؟ قال: (آمرهم بالمعروف
وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم).
(127) وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال رجل لعبد الله:
هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فقال عبد الله: بل هلك من لم يعرف المعروف
بقلبه وينكر المنكر بقلبه.
(128) جرير عن عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة قال: قال عبد الله: إنها
ستكون هنات وهنات، فبحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع له تغييرا يعلم الله من
قلبه أنه له كاره.
(129) عبد الله بن نمير وأبو أسامة قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن
أبي حازم قال: قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس! إنكم تقرأون
هذه الآية: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) *

(2 / 127) أي ما دام ينكر المنكر بقلبه فما زال فيه فضلة من خير، فإذا استوى عنده الخير والشر والمنكر
والمعروف فقد صار من الهالكين ومن كان كذلك على كل حال فهو كالدواب بل أضل سبيلا.
(2 / 129) * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * سورة المائدة من الآية (105).
667

وإنا سمعنا رسول الله (ص) يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك الله أن
يعمهم بعقابه)، قال أبو أسامة: وقال مرة أخرى: وأنا سمعت رسول الله (ص) يقول.
(130) جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل قال: قال عبد الله: يوشك
أن لا تأخذوا من الكوفة نقدا ولا درهما، قلت: وكيف يا عبد الله بن مسعود؟ قال: يجئ
قوم كأن وجوههم المجان المطرقة حتى يربطوا خيولهم على السواء فيجلوكم إلى منابت
الشيخ حتى يكون البعير والزاد أحب إلى أحدكم من القصر من قصوركم هذه.
(131) أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل الأسدي قال:
سمعت ابن مسعود يقول: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون منه
الصلاة، وسيصلي قوم ولا دين لهم، وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم كأنه قد نزع
منكم، قال: قلت: كيف يا عبد الله! وقد أثنته الله في قلوبنا؟ قال: يسري عليه في ليلة
فترفع المصاحف وينزع ما في القلوب، ثم تلا * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) *
إلى آخر الآية.
(132) فضيل بن عياض عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال: يأتي
على الناس زمان يجتمعون ويصلون في المساجد وليس فيهم مؤمن.
(133) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زكريا عن أبي إسحاق عن أبي العالية
عبد الله بن سلمة الهمداني عن أبي ميسرة قال: تبقى رجرجة من الناس لا يعرفون حقا ولا
ينكرون منكرا يتراكبون تراكب الدواب والانعام.
(134) أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي قال: لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا
والجهل علما.
(135) وكيع عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (تكثر الفتن وتكثر الهرج - قلنا: وما الهرج؟ قال: القتل - وينقص
العلم، قال: أما إنه ليس ينزع من صدور الرجال، ولكن يقبض العلماء).
(136) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن
عمرو قال: قال رسول الله (ص): (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من الناس،

(2 / 131) أثنته: أثبته.
* (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) * سورة الإسراء من الآية (86).
668

ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا
فسئلوا فأتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
(137) وكيع عن مسعر عن وبرة عن خرشة بن الحر قال: قال عمر: تهلك العرب
حين تبلغ أنباء بنات فارس.
(138) وكيع عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: لم يزل أمر بني إسرائيل
معتدلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم، فقالوا فيهم بالرأي فضلوا وأضلوا.
(139) وكيع عن يزيد عن ابن سيرين عن ابن مسعود قال: يقطع يد رجل أول
النهار ويفيض المال من آخره فلا يجد أحدا يقبله فيراه فيقول: يا حسرتي، في هذا قطعت
يدي بالأمس.
(140) وكيع عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: إن الدينار والدرهم أهلكا
من كان قبلكم، وهما مهلكاكم.
(141) وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو
قال: إذا طلعت الشمس من مغربها ذهب الرجل إلى ماله وكنزه فيستخرجه فيحمله على
ظهره فيقول: من صل له في هذا فيقال له: أفلا جئت به بالأمس، فلا يقبل فيجئ إلى
المكان الذي احتفره فيضرب به الأرض ويقول: ليتني لم أرك.
(142) وكيع عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (ص): (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع
الشمس من مغربها والدجال والدابة).
(143) وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد * (يوم يأتي بعض آيات ربك
لا ينفع نفسا إيمانها) * قال: طلوع الشمس من مغربها.

(2 / 137) لأنهم سيقبلون على بنات فارس ويتركون بناتهم وسينشأ بالتالي جيل فارسي الأمهات والأم هي
المدرسة التي تربي الولد وتغذيه بأفكارها وما تعلمته في قومها في صغره فتغرس في نفسه أفكارها
وأفكار قومها وينشأ بالتالي جيل فارسي الفكر، وإن كان عربي الدم واللسان، ومثل هذا ما
يفعلونه في أيامنا من الاقبال على الأجنبيات خصوصا أبناءنا الذين يتعلمون في الخارج، أنجانا الله
وإياهم.
(2 / 138) فيه توكيد لما ذكر في الأثر السابق.
(2 / 141) [صل] وفي نسخة [ضل].
(2 / 143) سورة الأنعام من الآية (158).
669

(144) وكيع عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن ابن مسعود قال: طلوع
الشمس من مغربها.
(145) وكيع عن سفيان عن منصور عن الشعبي عن عائشة قالت: إذا خرجت أول
الآيات حبست الحفظة وطرحت الأقلام وشهدت الأجساد على الاعمال.
(146) وكيع عن إسماعيل عن أبي خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال: يمكث الناس
بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومائة.
(147) وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين قال: قال ابن مسعود: كل ما وعد الله
ورسوله قد رأينا غير أربع: طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة ويأجوج ومأجوج.
(148) وكيع عن إسماعيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: يأتي على الناس زمان يكون
الجمل الضابط أحب إلى أحدكم من أهله وماله.
(149) وكيع عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية عن أبي * (قل هو القادر على
أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق
بعضكم بأس بعض) * قال: هي أربع خلال، وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد
وفاة النبي (ص) بخمسة وعشرين عاما، وألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض، واثنتان
واقعتان لا محالة: الخسف والرجم.
(150) وكيع عن عبادة بن مسلم الفزاري عن جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم
عن ابن عمر أن النبي (ص) كان يقول: في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من [أن] أغتال
من تحتي) - يعني الخسف.
(151) وكيع عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن عبد الملك بن المغيرة عن ابن
البيلماني عن ابن عمر قال: تخرج الدابة ليلة جمع والناس يسيرون إلى منى فتحملهم بين

(2 / 144) أي هذا هو المقصود من * (بعض آيات ربك) *.
(2 / 148) الجمل الضابط: القادر على الحمل الذي لا يخلا بصاحبه، وذلك للفرار من الأرض التي يدخلها
الدجال.
(2 / 149) سورة الأنعام من الآية (65).
الخسف: وهو العذاب الذي يأتي من تحت أرجلكم.
الرجم: وهو العذاب الذي يأتي من فوقكم.
670

عجزها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته، قال: وتمسح المؤمن قال: فيسبحون وهم أشر
من الدجال.
(152) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن إبراهيم قال: دابة الأرض تخرج من
مكة.
(153) الفضل بن دكين قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: قالت عائشة: الدابة
تخرج من الجياد.
(154) حسين بن علي عن علي بن جدعان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن
عمرو قال: تخرج الدابة من جبل أجياد أيام التشريق والناس بمنى قال: فلذلك حيي سائق
الحاج إذا جاء بسلامة الناس.
(155) جرير عن منصور عن الشعبي قال: قالت عائشة: إذا ظهر أول الآيات
رفعت الأقلام وشهدت الأجساد على الاعمال وحبست الحفظة.
(156) يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن حفصة عن أبي العالية قال: ما بين أول
الآيات وآخرها ستة أشهر تتابع كما تتابع الخزر في النظام.
(157) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال:
ما بين أول الآيات وآخرها ثمانية أشهر.
(158) يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حدير عن السميط بن عمير عن
كعب قال: كأني بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف من العرب يلبسون السيجان، ويزيد
لي تصديقا ما أرى نعشو منها.
(159) وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة: ألا نأمر
بالمعروف وننهى عن المنكر؟ قال: إنه لحسن، ولكن ليس من الستة أن ترفع السلاح على
إمامك.
(160) حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن محمد بن سيرين عن عقبة بن عمرو
قال: كنت رجلا عزيز النفس حمي الانف لا يستقل أحد مني شيئا، سلطان ولا غيره،

(2 / 153) أجياد: جبل قريب من مكة.
(2 / 158) السيجان ج الساج وهو الطيلسان الضخم الغليظ أو الأسود أو الأخضر أو المقور ينسج كذلك
ويطلق على المربع.
671

قال: فأصبحت أمرائي يخيرونني بين أن أصبر لهم على قبح وجهي ورغم أنفي وبين أن
آخذ سيفي فأضرب به فأدخل الناس، فاخترت أن أصبر على قبح وجهي ورغم أنفي،
ولا آخذ سيفي فأضرب فأدخل النار.
(161) يزيد بن هارون عن التيمي عن نعيم بن أبي هند أن أبا مسعود خرج من
الكوفة ورأسه يقطر وهو يريد أن يحرم فقالوا له: أوصنا، فقال: أيها الناس! اتهموا
الرأي فقد رأيتني أهم أن أضرب بسيفي في معصية الله ومعصية رسوله، قالوا: أوصنا،
قال: عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، قال: قالوا: أوصنا،
فقال: بتقوى الله والصبر حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(162) زيد بن الحباب قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال أخبرني زيد بن عبد
الرحمن بن أبي سلامة أبو سلمة عن أبي الرباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذر يدعو، قال:
فقلنا له: رأيناك صليت في هذا البلد صلاة لم نر أطول مقاما وركوعا وسجودا، فلما أن
فرغت رفعت يديك فدعوت فتعوذت من يوم الثلاثاء ويوم العورة، قال: فما أنكرتم؟
فأخبرناه، قال: أما يوم الثلاثاء فتلتقي فئتان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضا ويوم العورة
إن النساء من المسلمات يسبين فيكشف عن سوقهن، فأيتهن أعظم ساقا اشتريت على عظم
ساقها، فدعوت أن لا يدركني هذا الزمان، ولعلكما تدركانه، قال: فقتل عثمان وأرسل
معاوية بن أبي أرطأة إلى اليمن فسبي نساء من المسلمات فأقمن في السوق.
(163) وكيع عن سفيان عن حبيب عن إبراهيم عن علقمة قال: إذا ظهر أهل الحق
على أهل الباطل فليس هي بفتنة.
(164) وكيع عن سفيان عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال: قيل
لحذيفة: ما وقفات الفتنة وما بعثاتها؟ قال: بعثاتها سل السيف ووقفاتها غمده.
(165) قال حدثنا وهيب قال أخبرنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي موسى أنه
لقيه فذكر الفتنة فقال: إن هذه الفتنة حيصة من حيصات الفتن، وإنها لقيت الرداح
المطبقة، من أشرف لها أشرفت له، ومن ماج لها ماجت له.
(166) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه قال: قال لي

(2 / 162) وابن أبي أرطأة هذا هو الذي أرسله معاوية أيضا فاستباح حرم مدينة الرسول (ص).
الرداح: الكتيبة الجرارة الثقيلة السير، والفتنة المظلمة، وردحه: بسطه حتى استوى بالأرض.
672

عبد الله بن عمرو: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: والذي نفسي في يده! لتساقن
منها إلى أرض العرب لا تملكون قفيزا ولا درهما ثم لا ينجيكم.
(167) محاضر قال حدثنا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال:
سمعت حذيفة يقول: لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(168) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي
إسحاق عن عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي قال: قال علي: إن آخر خارجة تخرج في
الاسلام بالرميلة رميلة الدسكرة، فيخرج إليهم ناس فيقتلون منهم ثلثا، ويدخل ثلث
ويتحصن ثلث في الدير دير مرمار فمنهم الأشمط فيحضرهم الناس فينزلونهم فيقتلونهم،
فهي آخر خارجة تخرج في الاسلام.
(169) الفضل بن دكين قال أخبرنا جعفر بن برقان عن راشد الأزرق عن عقبة بن
نافع قال: سألت ابن عمر: مع من أقاتل، قال: مع الذين يقاتلون لله، ولا تقاتل مع الذين
يقاتلون لهذا الدينار والدرهم.
(170) الفضل بن دكين قال حدثنا عبد السلام المسلمي قال حدثني وبرة عن مجاهد
قال: لا ترون الفرج حتى يملك أربعة كلهم من صلب رجل واحد، فإذا كان ذاك
فعسى.
(171) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن حصين عن أبي ظبيان عن عبد الله بن
عمرو قال: أول الأرض خرابا الشام.
(172) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال: سمعت أبا صادق يحدث عن
الربيع بن ناجذ عن ابن مسعود قال: يأتيكم قوم من قبل المشرق عراض الوجوه صغار
العيون كأنما ثقبت أعينهم في الصخر كأن وجوههم المجان المطرقة، حتى يوثقوا خيولهم بشط فرات.
(173) يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: سمعت أبا
هريرة يقول: ويل للعرب من شر قد اقترب، أطلت والله، لهي أسرع إليهم من الفرس
المضمر السريع الفتنة الصماء المشبهة، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر، القاعد
فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ولو

(2 / 172) وهم المغول الذي اجتاحوا البلاد في أواخر العصر العباسي.
673

أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ها هنا - وأخذ قفاه بحرف كفه - اللهم لا
تدركن أبا هريرة إمرة الصبيان، ورفع يديه حتى جعل ظهورهما مما يلي بطن كفه.
(174) شبابة قال حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس قال: ليأتين على الناس زمان تجد
النسوة النعل ملقى على الطريق، فيقول بعضهن لبعض: قد كانت هذا النعل مرة لرجل.
(175) غندر عن شعبة عن حصين قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يحضض الناس
أيام الجماجم.
(176) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن عيسى السعدي عن رجل كتب إلى
أبي البختري يسأله عن مكانه الذي هم فيه أيام الجماجم، قال: فكتب إليه أبو البختري:
من شاء قال فينا، ولو علمت شيئا أفضل من الذي أنا فيه لأتيته.
(177) أبو أسامة عن العلاء بن عبد الكريم قال سمعني طلحة بن مصرف ذات يوم
وأنا أضحك فقال: إنك تضحك ضحك رجل لم يشهد الجماجم.
(178) وكيع عن القاسم بن حبيب التمار قال: سمعت زاذان يقول: وددت أن دماء
أهل الشام في ثوبي، وأشار إلى ثوبه أو قال: في حجري.
(179) قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم وخيثمة أنهما كرها الجماجم.
(180) وكيع عن سفيان عن يزيد عن أبي البختري أنه رأى رجلا منهزما أيام
الجماجم فقال: حر النار أشد من حر السيف.
(181) قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد أنه كره الجماجم.
(182) أبو أسامة قال حدثنا مجالد قال أخبرنا عامر قال أخبرتني فاطمة ابنة قيس
قالت: خرج رسول الله (ص) ذات يوم بالهاجرة يصلي قالت: ثم صعد المنبر فقام الناس
فقال: (أيها الناس! اجلسوا فإني لم أقم مقامي هذا لرغبة ولا لرهبة، وذلك أنه صعد
المنبر في الساعة لم يكن يصعده فيها، ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا منعني
القيلولة من الفرح وقرة العين، فأحببت أن أنشر عليكم خبر تميم، أخبرني أن رهطا
من بني عمه ركبوا البحر فأصابتهم عاصف من ريح، فألجأتهم إلى جزيرة لا
يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة فإذا هم بشئ أسود
أهدب كثير الشعر، لا يدرون هو رجل أو امرأة، قالا: ألا تخبرنا! قال: ما أنا

(2 / 174) وذلك لقلة الرجال يومئذ وشدة شوقهن للرجال.
674

بمخبركم ولا مستخبركم شيئا، ولكن هذا الدير قد [رمقتموه] ففيه من هو إلى
خبركم بالأشواق، وإلى أن يخبركم ويستخبركم، قالوا: فما أنت؟ قالت: أنا
الجساسة، فانطلقوا حتى أتوا الدير فاستأذنوا فأذن لهم فإذا هم بشيخ موثق شديد
الوثاق مظهر الحزن كثير التشكي، فسلموا عليه فرد السلام وقال: من أين أنتم؟
قالوا: من الشام، قال: ممن أنتم؟ قالوا: من العرب، قال: ما فعلت العرب، خرج
نبيهم بعد؟ قالوا: نعم قال: فما فعلوا؟ قالوا: ناواه قوم فأظهره الله عليهم فهم اليوم
جميع، قال: ذاك خير وذكر فيه: آمنوا به واتبعوه وصدقوه، قال: ذاك خير لهم،
قال: فالعرب اليوم إلا همهم واحد وكلمتهم واحدة؟ قالوا: نعم، قال: ذاك خير
لهم، قال: فما فعلت عين زغر؟ قالوا: صالحة يشرب أهلها بشفتهم ويسقون منها
زرعهم قال: فما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: يطعم جناه كل عام قال: فما
فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: ملاي تدفق جنباتها من كثرة الماء، قال فزفر ثم زفر ثم
زفر ثم [حلف] فقال: لو قد انفلت - أو خرجت - من وثاقي هذا - أو مكاني هذا -
ما تركت أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين غير طيبة، ليس لي عليها سبيل ولا سلطان، فقال
رسول الله (ص): (إلى هذا انتهى فرحي، هذه طيبة، والذي نفس محمد بيده! إن
هذه طيبة، ولقد حرم الله حرمي على الدجال أن يدخله، ثم حلف (ص): ما لها طريق
ضيق ولا واسع في سهل أو جبل إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة، ما
يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها)، قال مجالد: فأخبرني عامر قال: ذكرت هذا
الحديث للقاسم بن محمد فقال القاسم: أشهد على عائشة لحدثتني هذا الحديث غير أنها
قالت: الحرمان عليه حرام: مكة والمدينة، قال عامر: فلقيت المحرر بن أبي هريرة
فحدثته حديث فاطمة فقال: أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة ما نقص حرفا
واحدا غير أن أبي قد زاد فيه بابا واحد، قال: فحط النبي (ص) بيده نحو المشرق قريبا
من عشرين مرة.
(183) عبد الله بن نمير قال حدثنا سفيان قال حدثنا سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء
عن عبد الله أنه ذكر عنده الدجال فقال عبد الله: تفترمون أيها الناس لخروجه ثلاث
فرق: فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات

(2 / 182) [رمقتموه] التصحيح من السنن وفي الأصل رهقتموه أي أتعبتموه لطول انتظاره لاخباركم
ورمقتموه: نظرتموه.
[حلف] في الأصل [خلف] وما أثبتناه أرجح استنادا إلى السياق.
675

فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على
فرس أشقر أو فرس أبلق، فيقتلون لا يرجح منهم بشر، قال سلمة: فحدثني أبو صادق عن
ربيعة بن ناجذ أن عبد الله قال: فرس أشقر، ثم قال عبد الله: ويزعم أهل الكتاب أن
المسيح عيسى ابن مريم ينزل فيقتله، قال أبو الزعراء: ما سمعت عبد الله يذكر عن أهل
الكتاب حديثا غير هذا، قال: ثم يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض فيفسدون
فيها، ثم قرأ * (وهم من كل حدب ينسلون) * قال: ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذا
النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها، قال: فتنتن الأرض منهم فيجار إلى الله
فيرسل عليهم ماء فيطهر الأرض منهم، ثم قال: يرسل الله ريحا زمهريرا باردة، فلا تذر
على الأرض مؤمنا إلا كفته تلك الريح، قال: ثم تقوم الساعة على شرار الناس، قال: ثم
يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه، قال: والصور قرن، قال: فلا يبقي خلق
الله في السماء ولا في الأرض إلا مات إلا ما شاء ربك، قال: ثم يكون بين النفختين ما شاء
الله أن يكون، قال: فيرش الله ماء من تحت العرش كمني الرجال قال: فليس من ابن آدم
خلق إلا في الأرض منه شئ قال: فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك الماء كما نبت
الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله * (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد
ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) * قال: ثم يقوم ملك بين السماء
والأرض بالصور فينفخ فيه، قال: فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه، قال: ثم
يقومون فيحيون تحية رجل واحد قياما لرب العالمين، ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس
أحد من الخلق ممن يعبد من دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه فيلقى اليهود فيقول:
من تعبدون؟ فيقولون: نعبد عزيزا، فيقول: هل يسركم الماء؟ قالوا: نعم، قال: فيريهم
جهنم وهي كهيئة السراب، ثم قرأ عبد الله * (وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) * ثم
يلقى النصارى فيقول: من تعبدون؟ قالوا: نعبد المسيح، قال: يقول: هل يسركم الماء؟
قالوا: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب، قال: ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله
شيئا، ثم قرأ عبد الله * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * حتى يمر المسلمون فيقول: من تعبدون؟
فيقولون: نعبد الله ولا نشرك به شيئا، قال: فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون:

(2 / 183) * (وهم من كل حدب ينسلون) * سورة الأنبياء من الآية (96).
* (والذي أرسل الرياح فتثير سحابا) * سورة فاطر الآية (9).
* (وعرضنا جهنم يومئذ) * سورة الكهف من الآية (100).
* (وقفوهم إنهم مسؤولون) * سورة الصافات الآية (24).
676

سبحانه، إذا اعترف لنا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى أحد إلا خر
لله ساجدا، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد، كأنما فيها السفافيد، قال: فيقولون:
قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون، ويأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم، قال:
فيمر الناس زمرا على قدر أعمالهم، أولهم كلمح البرق، ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم
كأسرع البهائم كذلك حتى يمر الرجل سعيا، وحتى يمر الرجل ماشيا، وحتى يكون
آخرهم رجل يتلبط على بطنه، فيقول: أبطأت بي، فيقول: لم أبطئ، إنما أبطأ بك
عملك، قال: ثم يأذن الله بالشفاعة فيكون أول شافع يوم القيامة روح القدس جبريل، ثم
إبراهيم خليل الرحمن، ثم موسى أو عيسى لا أدري موسى أو عيسى، ثم يقوم نبيكم رابعا
لا يشفع أحد بعده فيما شفع فيه، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله * (عسى أن يبعثك
ربك مقاما محمودا) * فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت من النار أو بيت في الجنة، وهو
يوم الحسرة، فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال: لو عملتم فتأخذكم الحسرة ويرى
أهل الجنة البيت الذي في النار فيقولون: لولا أن من الله علينا لخسف بنا قال: ثم يشفع
الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون، فيشفعهم الله، قال: ثم يقول: أنا أرحم
الراحمين، قال: فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك
فيها أحدا [فيه] خير، ثم قرأ عبد الله * (ما سلككم في سقر) * قال: وجعل يعقد حتى عد
أربعا، * (قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع
الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، حتى أتانا اليقين، فما تنفعهم شفاعة الشافعين) *
ثم قال عبد الله: أترون في هؤلاء خيرا، ما يترك فيها أحد فيه خير، فإذا أراد الله، أن لا
يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجئ الرجل من المؤمنين فيقول: يا رب، فيقول:
من عرف أحدا فليخرجه، قال: فجئ فينظر فلا يعرف أحدا، قال: فيناديه الرجل: يا
فلان، أنا فلان، فيقول ما أعرفك، قال: فعند ذلك يقولون: * (ربنا أخرجنا منها فإن
عدنا فإنا ظالمون) * قال: فيقول عند ذلك: * (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * قال فإذا
قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر.

السفافيد: أسياخ الحديد.
* (عسى أن يبعثك ربك) * سورة الإسراء من الآية (79).
* (ما سلككم في سقر) * سورة المدثر الآية (42).
* (قالوا لم نك من المصلين) * إلى * (شفاعة الشافعين) * سورة المدثر الآيات (43 - 48).
* (ربنا أخرجنا منها) * سورة المؤمنون الآية (107).
* (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * سورة المؤمنون الآية (108).
677

(184) أبو معاوية وابن نمير عن موسى الجهني عن زيد العمي عن أبي الصديق
الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): (يكون في أمتي المهدي إن
طال عمره أو قصر عمره يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين، فيملاها
قسطا وعدلا كما ملئت جورا، وتمطر السماء مطرها وتخرج الأرض بركتها، قال:
وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك).
(185) أبو معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص):
(يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه
حثيا).
(186) أبو معاوية عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي (ص) قال:
(يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد).
(187) ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال: لا تمضي الأيام
والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن ولم يلبسها، قال: قلنا يا أبا العباس تعجز
عنها مشيختكم وينالها شبابكم، قال: هو أمر الله يؤتيه من يشاء.
(188) وكيع عن فضيل بن مرزوق سمعه من ميسرة بن حبيب عن المنهال عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: منا ثلاثة، منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي.
(189) يعلى بن عبيد عن الأجلح عن عمار الدهني عن سالم عن عبد الله بن عمرو
قال: يا أهل الكوفة، أنتم أسعد الناس بالمهدي.
(190) الفضل بن دكين وأبو داود عن ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية
عن أبيه عن علي عن النبي (ص) قال: قال رسول الله (ص): (المهدي منا أهل البيت
يصلحه الله في ليلة).
(191) وكيع عن ياسين عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن علي مثله ولم يرفعه.
(192) الوليد بن عتبة عن زائدة عن ليث عن مجاهد قال: المهدي قال: المهدي عيسى ابن مريم.
(193) الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله
(ص): (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم
أبيه اسم أبي).
(194) الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن
678

علي عن النبي (ص) قال: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي
يملاها عدلا كما ملئت جورا).
(195) أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين قال: المهدي من هذه الأمة وهو الذي
يؤم عيسى ابن مريم.
(196) أبو أسامة عن عوف عن محمد قال: يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل
عليه أبو بكر ولا عمر.
(197) وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد قال:
لما قام سليمان فأظهر ما أظهر قلت لأبي يحيى: هذا المهدي الذي يذكر؟ قال: لا، ولا
المتشبه.
(198) حميد بن عبد الرحمن عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال: قلت
لطاوس: عمر بن عبد العزيز المهدي؟ قال: قد كان مهديا وليس به، إن المهدي إذا كان
زيد المحسن في إحسانه، وتيب عن المسئ من إساءته، وهو يبذل المال ويشتد على العمال
ويرحم المساكين.
(199) عبد الله بن نمير قال حدثنا موسى الجهني قال حدثني عمر بن قيس الماصر
قال: حدثني مجاهد قال: حدثني فلان رجل من أصحاب النبي (ص): (أن المهدي لا
يخرج حتى تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية، غضب عليهم من في السماء
ومن في الأرض، فأتى الناس المهدي، فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة
عرسها، وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها،
وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط).
(3) ما ذكر في عثمان
(1) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن علية عن ابن عون عن الحسن قال: أنبأني
وثاب وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر، فكان يكون بين يدي عثمان، قال:
فرأيت في حلقة طعنتين كأنهما كيتان طعنهما يوم الدار عثمان، قال: بعثني أمير المؤمنين
عثمان فقال: ادع الأشتر، فجاء، قال ابن عون: أظنه قال: فطرحت لأمير المؤمنين وسادة،

(197) سليمان هو الذي لقب نفسه بالمهدي، وهو من آل العباس.
679

فقال: يا أشتر، ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاث ليس من إحداهن بد، يخيرونك بين أن
تخلع لهم أمرهم، فتقول: هذا أمركم، فاختاروا له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك،
فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك، قال: ما من إحداهن بد؟ قال: ما من إحداهن بد
فقال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع لهم سربالا سربلنيه الله أبدا، قال ابن
عون: وقال غير الحسن: لان أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها
على بعض، وقال ابن عون: وهذه أشبه بكلامه، ولا أن أقص لهم من نفسي، فوالله لقد
علمت أن صاحبي بين يدي كانا يقصان من أنفسهما وما يقوم بدني بالقصاص، وإما أن
يقتلوني فوالله لئن قتلوني لا يتحابون بعدي أبدا، ولا يقاتلون بعدي جميعا عدوا أبدا،
فقام الأشتر فانطلق، فمكثنا فقلنا: لعل الناس، ثم جاء رويجل كأنه ذئب، فاطلع من
الباب ثم رجع، ثم جاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا حتى انتهى إلى عثمان فأخذ
بلحيته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال: ما أغنى عنك معاوية، ما أغنى عنك ابن
عامر، ما أغنت عنك كتبك، فقال: أرسل لي لحيتي يا ابن أخي، أرسل لي لحيتي يا ابن
أخي، قال: فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه فقام إليه بمشقص حتى وجاء به في
رأسه فأثبته ثم مر، قال: ثم دخلوا عليه والله حتى قتلوه.
(2) زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال وحدثني ربيعة بن يزيد
الدمشقي قال حدثنا عبد الله بن قيس أنه سمع النعمان بن بشير عن عائشة أنها قالت: ألا
أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (ص)، إنه بعث إلى عثمان فدعاه فأقبل إليه فسمعته
يقول: (يا عثمان! إن الله لعله يقمصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه) -
ثلاثا، فقلت: يا أم المؤمنين! أين كنت عن هذا الحديث؟ قالت: أنسيته كأني لم أسمعه.
(3) عفان قال حدثنا جرير بن حازم قال أخبرنا يعلى بن حكيم عن نافع قال حدثني
عبد الله بن عمر قال: قال لي عثمان وهو محصور في الدار: ما تقول فيما أشار به علي المغيرة
ابن الأخنس؟ قال: قلت: وما أشار به عليك؟ قال: إن هؤلاء القوم يريدون خلعي، فإن
خلعت تركوني، وإن لم أخلع قتلوني، قال: قلت: أرأيت إن خلعت أتراك مخلدا في
الدنيا؟ قال: لا، قلت: فهل يملكون الجنة والنار؟ قال: لا، قلت: أرأيت إن لم تخلع،

(3 / 1) [يتحابون] في الأصل [يتحاربون] وهو خطأ، والصواب إن شاء الله ما أثبتناه، والتصحيح من
كتاب المغازي باب ما جاء في خلافة عثمان وقتله.
680

أيزيدون على قتلك؟ قال: لا، قلت: أرأيت تسن هذه السنة في الاسلام كلما سخط قوم
على أمير خلعوه، ولا تخلع قميصا قمصكه الله.
(4) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: حدثني أبو سهلة أن عثمان قال يوم الدار: إن
رسول الله (ص) عهد إلي عهدا فأنا صابر عليه، قال: فكانوا يرون أنه ذاك اليوم.
(5) أبو أسامة عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمعت أبا ليلى الكندي يقول:
رأيت عثمان اطلع على الناس وهو محصور فقال: أيها الناس! لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله
لئن قتلتموني لا تقاتلون جميعا أبدا ولا تجاهدون عدوا أبدا، لتختلفن حتى تصيروا هكذا
- وشبك بين أصابعه * (يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم
نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) * قال: وأرسل إلى
عبد الله بن سلام فسأله فقال: الكف الكف، فإنه أبلغ لك في الحجة، فدخلوا عليه
فقتلوه.
(6) يزيد بن هارون عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: أشرف عليكم عثمان من
القصر فقال: ائتوني برجل أتاليه كتاب الله، فأتوه بصعصعة بن صوحان، وكان شابا،
فقال: ما وجدتم أحدا تأتوني غير هذا الشاب، قال: فتكلم صعصعة بكلام، فقال له
عثمان: أتل: فقال صعصعة * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على
نصرهم لقدير) * فقال: ليست لك ولا لأصحابك، ولكنها لي ولأصحابي، ثم تلا عثمان
* (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * حتى بلغ * (والله عاقبة
الأمور) *.
(7) أبو معاوية عن الأعمش قال حدثنا أبو صالح قال: قال عبد الله بن سلام: لما
حصر عثمان في الدار، قال: لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله إلا قليل، والله لئن قتلتموه لا
تصلوا جميعا أبدا.
(8) عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال: سمعت عثمان
يقول: إن أعظمكم غنى عندي من كف سلاحه ويده.
(9) أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان يوم الدار: أخرج

(3 / 5) سورة هود الآية (89).
سورة الحج الآية (39).
* (لله عاقبة الأمور) * سورة الحج من الآية (41).
681

فقاتلهم، فإن معك من قد نصر الله بأقل منه، والله وقتالهم لحلال، قال: فأبى وقال: من
كان لي عليه سمع وطاعة فليطع عبد الله بن الزبير، وكان أمره يومئذ، وكان ذلك اليوم
صائما.
(10) أبو أسامة عن صدقة بن أبي عمران قال حدثنا أبو اليعفور عن أبي سعيد مولى
ابن مسعود قال: قال عبد الله: لئن قتلوا عثمان لا يصيبوا منه خلفا.
(11) ابن إدريس عن هشام عن ابن سيرين قال: جاء زيد بن ثابت إلى عثمان
فقال: هذا الأنصار بالباب، قالوا: إن شئت أن نكون أنصارا لله مرتين، قال: أما قتال
فلا.
(12) عبد الله بن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن سعيد بن زيد قال: لقد رأيتني
موثقي عمر وأخيه على الاسلام، ولو ارفض أحد مما صنعتم بعثمان كان حقيقا.
(13) غندر عن شعبة قال: سمعت سماك بن حرب قال: سمعت حنظلة بن فتان أبا
محمد من بني عامر بن ذهب قال: أشرف علينا عثمان من كوة وهو محصور فقال: أفيكم
ابنا مجدوح فلم يكونا ثم، كانا نائمين، فأوقظا فجاءا، فقال لهما عثمان: أذكر كما الله،
ألستما تعلمان أن عمر قال: إنما ربيعة فاجر أو غادر، فأني والله لا أجعل فرائضهم
وفرائض قوم جاءوا من مسيرة شهر، فهاجر أحدهم عند طنبه ثم زدتهم في غداة واحدة
خمسمائة خمسمائة، حتى ألحقتهم بهم؟ قالا: بلى، قال: أذكر كما الله ألستما تعلمان أنكما أتيتماني
فقلتما: إن كندة أكلة رأس، وأن ربيعة هم الرأس، وأن الأشعث بن قيس قد أكلهم
فنزعته واستعملتكما؟ قال: بلى! قال: اللهم اللهم، إن كانوا كفروا معروفي وبدلوا نعمتي
فلا ترضهم عن إمام ولا ترض الامام عنهم.
(14) أبو معاوية عن حجاج الصواف عن حميد بن هلال عن يعلى بن الوليد عن
جندب الخير قال: أتينا حذيفة حين سار المصريون إلى عثمان فقلنا: إن هؤلاء قد ساروا
إلى هذا الرجل فما تقول؟ قال: يقتلونه والله، قال: قلنا: أين هو؟ قال: في الجنة والله،
قال: قلنا: فأين قتلته؟ قال: في النار والله.

(3 / 13) الكوة: نافذة صغيرة في أعلى الجدار.
682

(15) أبو أسامة قال: حدثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حميد أبي التياح عن
عبد الله بن أبي الهذيل قال: لما جاء قتل عثمان قال حذيفة: اليوم نزل الناس حافة الاسلام،
فكم من مرحلة قد ارتحلوا عنه، قال: وقال ابن أبي الهذيل: والله لقد جار هؤلاء القوم
عن القصد حتى أن بينه وبينهم وعورة، ما يهتدون له وما يعرفونه.
(16) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن أبي وائل
شقيق بن سلمة عن خالد العبسي عن حذيفة وذكر عثمان فقال: اللهم لم أقتل ولم آمر ولم
أرض.
(17) عبد الله بن إدريس عن ليث عن عبد العزيز بن رفيع قال: لما سار علي إلى
صفين استخلف أبا مسعود على الناس فخطبهم في يوم جمعة فرأى فيهم قلة، فقال: أيها
الناس! اخرجوا فمن خرج فهو آمن، إنا والله ما نعلم أن منكم الكاره لهذا الوجه والمتثاقل
عنه فأخرجوا، فمن خرج فهو آمن، أنا والله ما نعد عافية أن يلتقي هذان الغاران يتقي
أحدهما صاحبه، ولكننا نعدها عافية أن يصلح الله أمة محمد ويجمع ألفتها، ألا أخبركم عن
عثمان وما نقم الناس عليه، إنهم لن يدعوه وذنبه حتى يكون الله هو يعذبه أو يعفو عنه،
ولم يدركوا الذي طلبوه، إذ حسدوه ما آتاه الله إياه، فلما قدم علي قال: له: أنت القائل ما
بلغني عنك يا فروج، إنك شيخ قد ذهب عقلك، قال لقد سمتني أمي باسم هو أحسن
من هذا، أذهب عقلي وقد وجبت لي الجنة من الله ورسوله، تعلمه أنت، وما بقي من
عقلي فإنا كنا نتحدث بأن الآخر فالآخر شر، ثم خرج، فلما كان بالسيلحين أو
بالقادسية خرج عليهم وظفراه يقطران، يرون أنه قد تهيأ للاحرام، فلما وضع رجله في
الغرز وأخذ بمؤخر واسطة الرحل قام إليه ناس من الناس فقالوا له: لو عهدت إلينا يا أبا
مسعود، قال: بتقوى الله والجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة، قال: فأعادوا
عليه، فقال: عليكم بتقوى الله والجماعة! فإنما يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(18) عبد الله بن إدريس عن ليث عن مجاهد وطاوس عن ابن عباس قال: قال
علي: ما قتلت - يعني عثمان - ولا أمرت - ثلاثا، ولكني غلبت.

(3 / 15) جار عن القصد: ضل وابتعد ولا تكون جار بهذا المعنى إلا إذا تلاها حرف الجر (عن).
جار إليه: طلب جواره واستجار به.
جار عليه: ظلمه.
(3 / 17) [ولكننا] وفي الأصل [ولكنها] وما أثبتناه هو الأصح ولعل الخطأ من النساخ.
683

(19) ابن إدريس عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس
قال: قال علي: ما قتلت، وإن كنت لقتله لكارها.
(20) عبدة بن سليمان عن عاصم عن أبي زرارة وأبي عبد الله قالا: سمعنا عليا
يقول: والله ما شاركت وما قتلت ولا أمرت ولا رضيت - يعني قتل عثمان.
(21) محمد بن بشر قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال حدثني حصين رجل من
بني الحارث قال: أخبرتني سرية زيد بن أرقم قالت: جاء علي يعود زيد بن أرقم وعنده
القوم، فقال للقوم: أنصتوا واسكتوا، فوالله لا تسألوني اليوم عن شئ إلا أخبرتكم به،
فقال له زيد: أنشدك الله! أنت قتلت عثمان فأطرق ساعة ثم قال: والذي فلق الحبة وبرأ
النسمة! ما قتلته ولا أمرت بقتله وما سرني.
(22) أبو معاوية عن الأعمش عن منذر بن يعلى قال: كان يوم أرادوا قتل عثمان أرسل
مروان إلى علي ألا تأتي هذا الرجل فتمنعه، فإنهم لن يبرؤوا دونك، فقال علي: لنأتينهم، فأخذ
ابن الحنفية بكتفيه فاحتضنه، فقال: يا أبت! أين تذهب والله ما يزيدونك إلا رهبة، فأرسل
إليهم علي بعمامته ينهاهم عنه.
(23) أبو معاوية عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن أبي جعفر الأنصاري
قال: دخلت مع المصريين على عثمان، فلما ضربوه خرجت أشتد قد ملأت فروجي عدوا
حتى دخلت المسجد، فإذا رجل جالس في نحو من عشرة عليه عمامة سوداء، فقال: ويحك
ما وراك؟ قال: قلت قد والله فرغ من الرجل، قال: فقال: تبا لكم آخر الدهر، قال:
فنظرت فإذا هو علي.
(24) يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: لما حصر
عثمان أتى على طلحة وهو مستند إلى وسائد في بيته فقال: أنشدك الله! ما رددت الناس
عن أمير المؤمنين فإنه مقتول، فقال طلحة: لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.
(25) وكيع عن عمران بن حدير عن أبي حدير عن أبي مجلز قال: عابوا على عثمان تمزيق
المصاحف وآمنوا بما كتب لهم.

(3 / 22) أرسل بعمامته: علامة على صدق من أرسل وأنه هو الذي أرسله إليهم.
(3 / 23) الفروج: كل ما انفرج من الانسان وهو ما بين اليدين والرجلين وما بين الرجلين.
684

(26) أبو أسامة عن عوف عن محمد قال: خطب علي بالبصرة فقال: والله ما قتلته
ولا مالأت على قتله، فلما نزل قال له بعض أصحابه: أي شئ صنعت الآن يتفرق عنك
أصحابك، فلما عاد إلى المنبر قال: من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه،
قال محمد: هذه كلمة قرشية ذات وجه.
(27) كثير بن هشام عن جعفر بن برقان قال حدثنا العلاء بن عبد الله بن رافع عن
ميمون قال: لما قتل عثمان قال حذيفة هكذا وحلق بيده وقال: فتق في الاسلام فتق لا
يرتقه جبل.
(28) أبو أسامة قال حدثنا الثوري قال حدثنا سالم المنقري عن عبد الله بن عبد
الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: لما وقع من أمر عثمان ما كان، وتكلم الناس في أمره، أتيت
أبي بن كعب فقلت: أبا المنذر! ما المخرج؟ قال: كتاب الله، قال: ما استبان لك منه فاعمل به
وانتفع به، وما اشتبه عليك فآمن به وكله إلى عالمه.
(29) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن
صخر بن الوليد عن جزء بن بكير العبسي قال: جاء حذيفة إلى عثمان ليودعه أو يسلم
عليه، فلما أدبر قال: ردوه، فلما جاء قال: ما بلغني عنك بظهر الغيب، فقال: والله ما
أبغضتك منذ أحببتك، ولا غششتك منذ نصحت لك، قال أنت أصدق منهم وأبر،
انطلق، فلما أدبر قال: ردوه، قال: ما بلغني عنك بظهر الغيب، فقال حذيفة بيده هكذا،
ما بلغني عنك بظهر الغيب، أجل والله لتخرجن اخراج الثور ثم لتذبحن ذبح الجمل، قال
فأخذ من ذلك أفكل، فأرسل إلى معاوية فجئ به يدفع، قال: هل تدري ما قال
حذيفة؟ قال: والله لتخرجن اخراج الثور ولتذبحن ذبح الجمل، فقال: أولها لعثمان.
(30) يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين قال: حدثني من رأى عبد الله بن
سلام يوم قتل عثمان يبكي ويقول: اليوم هلكت العرب.
(31) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا
كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان، وأرى ذلك بمكة، قال أبو سعيد: فما بقي أحد
منهم إلا بعثه أو سبه غيري، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة، فكان عثمان على الكوفي

(3 / 26) كلمة قرشية ذات وجه: أي تحتمل أكثر من معنى.
(3 / 29) أفكل: رعدة تعلو الانسان من بدر أو خوف (ولا فعل له). وهو المعنى المقصود وللكلمة معان
أخرى.
685

أجرا منه على غيره، فقال: يا كوفي، أتسبني؟ أقدم المدينة، كأنه يتهدده، قال: فقدم
المدينة فقيل له: عليك بطلحة، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان: والله
لأجلدنك مائة، قال: فقال طلحة: والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا، قال لأحرمنك
عطاءك، قال: فقال طلحة: إن الله سيرزقه.
(32) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ذكوان أبا صالح يحدث عن
صهيب مولى العباس قال: أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه، قال: فأتيته فإذا هو يغدي
الناس، فدعوته فأتاه فقال: أفلح الوجه أبا الفضل، قال: ووجهك أمير المؤمنين، قال: ما
زدت أن أتاني رسولك وأنا أغدي الناس فغديتهم ثم أقبلت، فقال العباس: أذكرك الله في
علي، فإنه ابن عمك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول الله (ص) وصهرك، وإنه قد
بلغني أنك تريد أن تقوم بعلي وأصحابه فأعفني من ذلك يا أمير المؤمنين، فقال عثمان: أنا
أولى من أخيك أن قد شفعتك أن عليا لو شاء ما كان أحد دونه، ولكنه أبي إلا رأيه،
وبعث إلى علي فقال له: أذكرك الله في ابن عمك وابن عمتك وأخيك في دينك
وصاحبك مع رسول الله (ص) وولي بيعتك، فقال: والله لو أمرني أن أخرج من داري
لخرجت، فأما أن أداهن أن لا يقام كتاب الله فلم أكن لأفعل، قال محمد بن جعفر:
سمعته ما لا أحصي وعرضته عليه غير مرة.
(33) قال: وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن قيس قال:
لما قدم معاوية وعمرو الكوفة أتى الحارث بن الأزمع عمرا، فخرج عمرو وهو راكب،
فقال له الحارث: جئت في أمر لو وجدتك على قرار لسألتك، فقال عمرو: ما كنت
لتسألني عن شئ وأنا على قرار إلا أخبرتك به الآن، قال: فأخبرني عن علي وعثمان، قال:
فقال: اجتمعت السخطة والأثرة، فغلبت السخطة الأثرة، ثم سار.
(34) أبو أسامة قال حدثنا كهمس قال حدثني عبد الله بن شقيق قال حدثني الأقرع
قال: أرسل عمر إلى الأسقف، قال: فهو يسأله وأنا قائم عليهما أظلهما من الشمس، فقال
له: هل تجدنا في كتابكم؟ قال: نعتكم وأعمالكم، قال: فما تجدني؟ قال: أجدك قرن
حديد، قال: فنقط عمر وجهه وقال: قرن حديد؟ قال: أمين شديد، قال: فكأنه فرح
بذلك، قال: فما تجد بعدي؟ قال: خليفة صدق يؤثر أقربيه، قال: فقال عمر: يرحم الله
ابن عفان، قال: فما تجد بعده؟ قال: صدع حديد، قال: وفي يد عمر شئ يقلبه، قال:
فنبذه وقال: يا ذفراه! مرتين أو ثلاثا، فقال: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فإنه خليفة مسلم
686

ورجل صالح، ولكنه يستخلفه والسيف مسلول والدم مهارق، قال: ثم التفت إلي وقال:
الصلاة.
(35) وكيع عن يحيى بن أبي الهيثم عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال: لا
تسلوا سيوفكم فلئن سللتموها لا تغمد إلى يوم القيامة وقال: أنظروني ثمان عشرة - يعني
يوم عثمان.
(36) ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال كعب: كأني أنظر
إلى هذا، وفي يديه شهابان من نار - يعني قاتل عثمان، فقتله.
(37) عفان قال حدثني معتمر بن سليمان التيمي قال: سمعت أبي قال: حدثنا أبو
نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد
أقبلوا، فاستقبلهم فكان في قرية خارجا من المدينة، أو كما قال: قال: فلما سمعوا به
أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، قال: أراه قال: وكره أن يقدموا عليه المدينة، أو
نحوا من ذلك، فأتوه فقالوا: ادع بالمصحف، فدعا بالمصحف فقالوا: افتح السابعة،
وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، فقرأها حتى إذا أتى على هذه الآية * (قل أرأيتم ما
أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل: آلله أذن لكم أم على الله
تفترون) * قالوا: أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك به أم على الله تفتري؟ فقال:
أمضه، أنزلت في كذا وكذا، وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لابل الصدقة، فلما
وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من الإبل الصدقة، أمضه، فجعلوا
يأخذونه بالآية فيقول: أمضه، نزلت في كذا وكذا والذي يلي كلام عثمان يومئذ في
سنك، يقول أبو نضرة: يقول لي ذلك أبو سعيد، قال أبو نضرة: وأنا في سنك يومئذ،
قال: ولم يخرج وجهي - أو لم يستو وجهي - يومئذ، لا أدري لعله قال مرة أخرى: وأنا
يومئذ في ثلاثين سنة، ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج، فعرفها فقال: استغفر الله
وأتوب إليه، فقال لهم: ما تريدون؟ فأخذوا ميثاقه، قال: وأحسبه قال: وكتبوا عليه
شرطا، قال: وأخذ عليهم، أن لا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم أو
كما أخذوا عليه، فقال لهم: ما تريدون؟ فقالوا: نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء، فإنما

(3 / 35) أي أن عثمان رضي الله عنه لم يكن ليعمر أكثر من ذلك وثمان عشرة أي ثمان عشرة يوما.
(3 / 37) * (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق) * سورة يونس الآية (59).
لا يشقوا عصا: لا يخرجون على السلطان ولا يعصون.
687

هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فرضوا، وأقبلوا معه إلى
المدينة راضين، فقام فخطب فقال: والله إني ما رأيت وفد أهم خير لحوباتي من هذا
الوفد الذين قدموا علي، وقال مرة أخرى: حسبت أنه قال: من هذا الوفد من أهل
مصر، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلب، ألا إنه لا مال
لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فغضب
الناس وقالوا: هذا مكر بني أمية، ثم رجع الوفد المصريون راضين، فبينما هم في الطريق [إذ]
براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم، فقالوا له: إن لك لأمرا
ما شأنك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بكتاب على لسان
عثمان، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم فأقبلوا
حتى قدموا المدينة، فأتوا عليا فقالوا: ألم تر إلى عدو الله، أمر فينا بكذا وكذا، والله قد
أحل دمه قم معنا إليه، فقال: لا والله، لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا، قال: لا
والله ما كتبت إليكم كتابا قط، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قال بعضهم لبعض:
ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون، وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية - أو قرية له -
فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان: أن
تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني: بالله الذي لا إله إلا هو، ما كتبت ولا أمليت،
وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم، فقالوا له:
قد والله أحل الله دمك، ونقض العهد والميثاق، قال: فحصروه في القصر، فأشرف عليهم
فقال: السلام عليكم، قال: فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال:
أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لأستعذب بها، فجعلت رشائي فيها كرشاء
رجل من المسلمين، فقيل: نعم، فقال: فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء
البحر، قال: أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في
المسجد، قيل: نعم، قال: فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه، قيل: نعم، قال:
فأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله عليه السلام - فذكر كذا وكذا شيئا من شأنه، وذكر
أرى كتابة المفصل، قال: ففشا النهي، وجعل الناس يقولون: مهلا عن أمير المؤمنين،

حوباتي: ذنوبي.
[إذ] أضفناها للضرورة وليست في الأصل. ويقال أن كاتب الكتاب المذكور هنا هو مروان بن
الحكم ولا علم لعثمان رضي الله عنه به.
رشائي: سقايتي.
688

وفشا النهي وقام الأشتر، فلا أدري يومئذ أم يوما آخر، فقال: لعله قد مكر به وبكم،
قال: فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا، ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم
وذكرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها، فإذا
أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة، ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه، قال:
فحدثنا الحسن أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته، فقال له عثمان: لقد أخذت
مني مأخذا - أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبو بكر ليأخذه - أو ليقعده -، قال: فخرج
وتركه، قال: وفي حديث أبي سعيد: فدخل عليه رجل فقال: بيني وبينك كتاب الله،
فخرج وتركه، ودخل عليه رجل يقال له (الموت الأسود) فخنقه وخنقه ثم خرج، فقال:
والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس
الجان تردد في جسده، ثم دخل عليه آخر، فقال بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين
يديه، فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها، أو قطعها فلم يبنها،
فقال: أما والله إنها لأول كف خطت المفصل، وحدثت في غير حديث أبي سعيد: فدخل
عليه التجيبي فأشعره بمشقص، فانتضح الدم على هذه الآية * (فسيكفيكهم الله وهو
السميع العليم) * وإنها في المصحف ما حكت، وأخذت بنت القرافصة - في حديث أبي
سعيد - حليها فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل، فلما أشعر أو قتل تجافت - أو
تفاجت - عليه، فقال بعضهم: قاتلها الله ما أعظم عجيزتها، فعرفت أن أعداء الله لم
يريدوا إلى الدنيا.
(38) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو محصن أخو حماد بن نمير
رجل من أهل واسط، قال: حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهم رجل من بني
فهر، قال: أنا شاهد هذا الامر، قال: جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان إن أتينا، فإنا
نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها، قال: فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم،
فإني مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن، قال أبو محصن: أشرن: أستعد
لخصومتكم، قال: فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف، قالها أبو محصن مرتين، قال:
فتناوله رسول عثمان فضربه، قال: فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما
تنقمون مني؟ قالوا: ننقم عليك ضربك عمارا، قال: قال عثمان: جاء عثمان: جاء سعد وعمار فأرسلت
إليهما، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، فتناوله رسول من غير أمري، فوالله ما

(فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * سورة البقرة من الآية (137).
689

أمرت ولا رضيت، فهذه يدي لعمار فيصطبر، قال أبو محصن: يعني: يقتص، قالوا: ننقم
عليك إنك جعلت الحروف حرفا واحدا، قال: جاءني حذيفة فقال: ما كنت صانعا إذا
قيل: قراءة فلان وقراءة فلان وقراءة فلان، كما اختلف أهل الكتاب، فأن يك صوابا
فمن الله، وإن يك خطأ فمن حذيفة، قالوا: ننقم عليك إنك حميت الحمى، قال: جاءتني
قريش فقالت: إنه ليس من العرب قوم إلا لهم حمى يرعون فيه غيرها، فقلت ذلك لهم،
فإن رضيتم فأقروا، وإن كرهتم فغيروا، أو قال لا تقروا - شك أبو محصن، قالوا: وتنقم
عليك أنك استعملت السفهاء أقاربك [قال] فليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم الذي
يحبونه فأستعمله عليهم وأعزل عنهم الذي يكرهون، قال: فقال أهل البصرة: رضينا
بعبد الله بن عامر، فأقره علينا، وقال أهل الكوفة: أعزل سعيدا، وقال الوليد - شك أبو
محصن: استعمل علينا أبا موسى ففعل، قال: وقال أهل الشام: قد رضينا بمعاوية فأقره
علينا، وقال أهل مصر: اعزل عنا ابن أبي سرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص،
ففعل، قال: فما جاءوا بشئ إلا خرج منه قال: فانصرفوا راضين، فبينما بعضهم في بعض
الطريق إذ مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه فأصابوا معه كتابا في أداوة إلى عاملهم أن خذ
فلانا وفلانا فاضرب أعناقهم، قال: فرجعوا فبدأوا بعلي فجاء معهم إلى عثمان، فقالوا:
هذا كتابك وهذا خاتمك، فقال عثمان: والله ما كتبت ولا علمت ولا أمرت، قال: فما
تظن؟ قال أبو محصن: تتهم، قال: أظن كاتبي غدر وأظنك به يا علي، قال: فقال له علي:
ولم تظنني بذاك؟ قال: لأنك مطاع عند القوم، قال: ثم لم تردهم عني، قال: فأبى القوم
وألحوا عليه حتى حصروه، قال: فأشرف عليهم وقال: بم تستحلون دمي؟ فوالله ما حل
دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: مرتد عن الاسلام أو ثيب زان أو قاتل نفس، فوالله
ما علمت شيئا منهن منذ أسلمت، قال: فألح القوم عليه، قال: وناشد عثمان الناس أن لا
تراق فيه محجمة من دم، فلقد رأيت ابن الزبير يخرج عليهم في كتيبة حتى يهزمهم، لو
شاءوا أن يقتلوا منهم لقتلوا، قال: ورأيت سعيد بن الأسود البختري وإنه ليضرب رجلا
بعرض السيف لو شاء أن يقتله لقتله، ولكن عثمان عزم على الناس فأمسكوا، قال: فدخل
عليه أبو عمرو بن بديل الخزاعي التجيبي، قال فطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه وعلاه
الآخر بالسيف فقتلوه، ثم انطلقوا هرابا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى أتوا بلدا
بين مصر والشام، قال فمكنوا في غار، قال: فجاء نبطي من تلك البلاد معه حمار، قال:
فدخل ذباب في منخر الحمار، قال: فنفر حتى دخل عليهم الغار، وطلبه صاحبه فرآهم:
فانطلق إلى عامل معاوية، قال: فأخبره بهم، قال: فأخذهم معاوية فضرب أعناقهم.
690

(39) عبد الله بن بكر قال حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال: لما
ذكروا من شأن عثمان الذي ذكروا أقبل عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحابه حتى
دخلوا على عبد الله بن عمر فقالوا: يا أبا عبد الرحمن! ألا ترى ما قد أحدث هذا
الرجل؟ فقال: بخ بخ فما تأمروني؟ تريدون أن تكونوا مثل الروم وفارس إذا غضبوا على
ملك قتلوه، قد ولاه الله الذي ولاه فهو أعلم، لست بقائل في شأنه شيئا.
(40) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن بشر بن شغاف
قال: سألني عبد الله بن سلام عن الخوارج فقلت لهم: أطول الناس صلاة وأكثرهم صوما
غير أنهم إذا خلفوا الجسر أهرقوا الدماء وأخذوا الأموال، قال: لا تسأل عنهم الا ذا، أما
إني قد قلت لهم: لا تقتلوا عثمان، دعوه، فوالله لئن تركتموه إحدى عشرة ليموتن على فراشه
موتا فلم يفعلوا وإنه لم يقتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا من الناس ولم يقتل خليفة إلا قتل به خمسة
وثلاثون ألفا.
(41) علي بن حفص قال حدثنا محمد بن طلحة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبي
قلابة قال: جاء الحسن بن علي إلى عثمان فقال: اخترط سيفي، قال: لا أبرأ الله إذا من
دمك، ولكن ثم سيفك وارجع إلى أبيك.
(42) عبد الله بن نمير عن الأعمش قال: دخلنا على ابن أبي هذيل فقال: قتلوا
عثمان ثم أتوني، فقلنا له: أتريبك نفسك.
(43) غندر وأبو أسامة قالا أخبرنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: سمعته
يقول: هاتان رجلاي، فإن كان في كتاب الله أن تجعلوهما في القيود فاجعلوهما في القيود.
(44) أبو أسامة عن هشام عن محمد قال: قال حذيفة حين قتل عثمان: اللهم إن
كانت العرب أصابت بقتلها عثمان خيرا أو رشدا أو رضوانا فإني برئ منه، وليس لي
فيه نصيب، وإن كانت العرب أخطأت بقتلها عثمان فقد علمت براءتي، قال: اعتبروا
قولي ما أقول لكم، والله إن كانت العرب أصابت بقتلها عثمان لتحتلبن به لبنا، ولئن
كانت العرب أخطأت بقتلها عثمان لتحتلبن به دما.
(45) ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال قال: قال أبو ذر لعثمان: لو أمرتني أن
أتعلق بعروة قتب لتعلقت بها أبدا حتى أموت.

(3 / 45 / 46 / 47 وهذا كناية عن التزامهم بطاعة لأنه أمير المؤمنين.
691

(46) عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن ابن الحنفية قال:
قال علي: لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت له وأطعت.
(47) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن ميمون بن
مهران عن عبد الله بن سيدان عن أبي ذر قال: لو أمرني أن أمشي على رأسي
لمشيت.
(48) وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو الخارقي قال:
كنت أحد النفر الذين قدموا فنزلوا بذي المروة، فأرسلونا إلى نفر من أصحاب محمد
(ص) وأزواجه نسألهم: أنقدم أو نرجع، وقيل لنا: اجعلوا عليا آخر من تسألون، قال:
فسألناهم فكلهم أمر بالقدوم فأتينا عليا فسألناه فقال: سألتم أحدا قبلي؟ قلنا: نعم، قال:
فما أمروكم به؟ قلنا: أمرونا بالقدوم، قال: لكني لا آمركم، بيض فليفرخ.
(49) يزيد بن هارون عن العوام قال حدثني رجل من أصحاب الأخرس شيخين
من بني ثعلبة رجل وامرأته قالا: قدمنا الربذة فمررنا برجل أبيض الرأس واللحية أشعث،
فقيل: هذا من أصحاب رسول الله (ص) وقد فعل بك هذا الرجل وفعل، فهل أنت
ناصب لنا راية فتأتيك برجال ما شئت، فقال: يا أهل الاسلام! لا تعرضوا علي أذاكم،
لا تذلوا السلطان، فإنه من أذل السلطان أذله الله، والله أن لو صلبني عثمان على أطول
حبل أو أطول خشبة لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت أن ذلك خير لي، ولو
سيرني ما بين الأفق إلى الأفق، أو بين المشرق إلى المغرب، لسمعت وأطعت وصبرت
واحتسبت ورأيت أن ذلك خير لي.
(50) غندر عن شعبة عن عاصم قال سمعت أبا وائل يقول: لما قتل عثمان قال أبو
موسى: إن هذه الفتنة فتنة باقرة كداء البطن، لا ندري أنى تؤتى، تأتيكم من مأمنكم
وتدع الحليم كأنه ابن أمس، قطعوا أرحامكم وانتصلوا رماحكم.
(51) وكيع عن فطر عن زيد بن علي قال: كان زيد بن ثابت ممن بكى على عثمان
يوم الدار.
(52) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو عبيدة الناجي عن الحسن قال: أتت الأنصار

(3 / 48) بيض فليفرخ: أي أن أعمال عثمان قد باضت بيضا وسيفرخ هذا البيض وينتج أعمالا.
692

عثمان فقالوا: يا أمير المؤمنين! ننصر الله مرتين، نصرنا رسول الله (ص) وننصرك، قال:
لا حاجة في ذاك، ارجعوا وقال الحسن: والله لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه.
(53) أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح قال: قال عبد الله بن سلام لما حصر
عثمان في الدار: لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله إلا قليل والله لئن قتلتموه لا تصلوا جميعا
أبدا.
(54) زيد بن الحباب قال حدثني محمد بن سوقة قال حدثني منذر الثوري قال: كنا
عند محمد ابن الحنفية، قال: فنال بعض القوم من عثمان فقال: مه، فقلنا له: كان أبوك
يسب عثمان، قال: ما سبه، ولو سبه يوما لسبه يوم جئته وجاءه السعاة فقال: خير كتاب
الله في السعاة فاذهب به إلى عثمان، فأخذته فذهبت به إليه، فقال: لا حاجة لنا فيه،
فجئت إليه فأخبرته فقال: ضعه موضعه، فلو سبه يوما لسبه ذلك اليوم.
(55) زيد بن الحباب قال حدثني العلاء بن المنهال قال حدثني فلان قال: سمعت
الزهري بالرصافة يقول: اللهم لقد نصح علي وصحح في عثمان، لولا أنهم أصابوا الكتاب
لرجعوا.
(56) يحيى بن آدم قال حدثني أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة
قال: قلت للأشتر: لقد كنت كارها ليوم الدار فكيف رجعت عن رأيك؟ فقال: أجل،
والله إن كنت لكارها ليوم الدار ولكن جئت بأم حبيبة بنت أبي سفيان لأدخلها الدار،
وأردت أن أخرج عثمان في هودج، فأبوا أن يدعوني وقالوا: ما لنا ولك يا أشتر، ولكني
رأيت طلحة والزبير والقوم بايعوا عليا طائعين غير مكرهين، ثم نكثوا عليه، قلت: فابن
الزبير القائل: اقتلوني ومالكا، قال: لا والله، ولا رفعت السيف عن ابن الزبير وأنا أرى
أن فيه شيئا من الروح لأني كنت عليه بحنق لأنه استخف أم المؤمنين حتى أخرجها، فلما
لقيته ما رضيت له بقوة ساعدي حتى قمت في الركابين قائما فضربته على رأسه، فرأيت
أني قد قتلته، ولكن القائل (اقتلوني ومالكا) عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لما لقيته
اعتنقته فوقعت أنا وهو عن فرسينا، فجعل ينادي: اقتلوني ومالكا، والناس يمرون لا
يدرون من يعني، ولم يقل: الأشتر، وإلا لقتلت.

(3 / 55) أي لولا الكتاب المزور على عثمان رضي الله عنه ما رجعوا إلى المدينة ولا قتلوه.
(3 / 56) لأنه اشتهر باسم الأشتر النخعي أما اسمه فلم يكن يعرفه إلا قلة من الناس.
693

(57) أبو أسامة عن ابن أبي عروبة عن قتادة قال: أخذ علي بيد الأشتر ثم انطلق به
حتى أتى طلحة فقال إن هؤلاء - يعني أهل مصر - يسمعون منك ويطيعونك، فانههم عن
قتل عثمان، فقال: ما أستطيع دفع دم أراد الله إهراقه، فأخذ علي بيد الأشتر، ثم انصرف
وهو يقول: بئس ما ظن ابن الحضرمية أن يقتل ابن عمي ويغلبني على ملكي بئس ما
أرى.
(58) أسود بن عامر قال حدثنا جرير بن حازم عن ابن سيرين قال: ما علمت أن
عليا اتهم في قتل عثمان حتى بويع اتهمه الناس.
(59) أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال: لما قدم
طلحة والزبير ومن معهم، قال: قام رجل في مجمع من الناس، فقال: أنا فلان بن فلان،
أحد من بني جشم، فقال: إن هؤلاء الذين قدموا عليكم، إن كان إنما بهم الخوف فجاؤوا من
حيث يأمن الطير، وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه، وإن الرأي فيهم أن تنخسف
بهم دوابهم حتى يخرجوا.
(60) عفان قال حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول حدثنا أبو عثمان أن
عثمان قتل في أوسط أيام التشريق.
(61) الفضل بن دكين قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن سيرين
قال: لما قتل عثمان قال عدي بن حاتم: لا تنتطح فيها عنزان، فلما كان يوم صفين فقئت
عينه فقيل: لا تنتطح في قتل عثمان عنزان، قال بلى، وتنقأ فيه عيون كثيرة.
(62) أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن الوليد عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبي
ظبيان الأزدي قال: قال عمر: مالك يا أبا ظبيان، قال: قلت: أنا في ألفين وخمسمائة،
قال: فاتخذ شاءا فإنه يوشك أن تجئ أغيلمة من قريش يمنعون هذا العطاء.
(63) أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن الوليد قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن بن
أبي ذئب يقول قال أبو هريرة: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم كثيرا ولبكيتم قليلا، ولو
تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، والله ليقعن القتل والموت في هذا الحي من
قريش حتى يأتي الرجل الكنا، قال أبو أسامة: يعني الكناسة - فيجد بها نعل قرشي.

(3 / 60) أوسط أيام التشريق، هو ثالث عيد الأضحى.
(3 / 62) أغيلمة تصغير غلمان.
(3 / 63) أي يرمي القتلى في الكناسة من كثرتهم.
694

(64) قال وحدثنا أبو بكر قال وحدثنا محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي
خالد عن مجالد عن الشعبي عن عامر بن شهر قال: سمعت من النبي (ص) كلمة، ومن
النجاشي كلمة، سمعت النبي (ص) يقول: انظروا قريشا فاسمعوا من قولهم وذروا فعلهم،
قال: وكنت عند النجاشي إذ جاء ابن له من الكتاب فقرأ آية من الإنجيل ففهمها
فضحكت فقال: مم تضحك؟ من كتاب الله؟ أما والله إنها لفي كتاب الله الذي انزل
على عيسى أن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.
(65) الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن القاسم بن
الحارث عن عبد الله بن عتبة عن أبي مسعود قال: قال النبي (ص) لقريش: (إن هذا الامر
فيكم وأنتم ولاته ما لم تحدثوا عملا ينزعه الله منكم، فإذا فعلتم ذلك سلط الله
عليكم شرار خلقه فالتحوكم كما يلتحى القضيب).
(66) أبو أسامة عن عوف عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى قال: قام
النبي (ص) على باب بيت فيه نفر من قريش، فقال: (إن هذا الامر في قريش ما داموا
إذا استرحموا رحموا، وإذا ما حكموا عدلوا، وإذا ما قسموا أقسطوا، فمن لم يفعل
ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل).
(67) محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال:
أخبرني رب هذا الدار أبو هلال أنه سمع أبا برزة الأسلمي يحدث أنهم كانوا مع رسول الله
(ص) في سفر فسمعوا غناء فاستشرفوا له، فقام رجل فاستمع، وذلك قبل أن تحرم
الخمر، فأتاهم ثم رجع فقال: هذا فلان وفلان، وهما يتغنيان ويجيب أحدهما الآخر وهو
يقول:
لا يزال [جوادي] تلوح عظامه * زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا
فرفع رسول الله (ص) يديه فقال: (اللهم أركسهما في الفتنة ركسا، اللهم دعهما إلى النار دعا).

(3 / 64) الصبيان: أي صغار الصغار.
(3 / 65) يلتحى القضيب: يزال قشره.
(3 / 66) الصرف: النوافل والعدل: الفرائض.
(3 / 67) [جواري] وفي نسخة حواري وما أثبتناه أرجح وأتم للمعنى.
695

(68) خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال قال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر
عن الأعشى بن عبد الرحمن عن مكمل عن أزهر بن عبد الله، قال أقبل عبادة بن الصامت
حاجا من الشام فقدم المدينة، فأتى عثمان بن عفان فقال: يا عثمان! ألا أخبرك شيئا سمعته
من رسول الله (ص)؟ قال: بلى، قلت: فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: (ستكون
عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون ويعملون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم
طاعة).
(69) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسماعيل الأودي
قال: أخبرتني بنت معقل بن يسار أن أباها ثقل، فبلغ ذلك ابن زياد فجاء يعوده فجلس
فعرف فيه الموت فقال له: يا معقل! ألا تحدثنا، فقد كان الله ينفعنا بأشياء نسمعها منك،
فقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: (ليس من وال يلي أمة قلت أو كثرت لم
يعدل فيهم إلا كبه الله لوجهه في النار)، فأطرق الآخر ساعة فقال: شئ سمعته من
رسول الله (ص)، أو من وراء وراء، قال: لا، بل شئ سمعته من رسول الله (ص)، سمعت
رسول الله (ص) يقول: (من استرعى رعية فلم يحطهم بنصيحة لم يجد ريح الجنة،
وريحها يوجد من مسيرة مائة عام)، قال ابن زياد: ألا كنت حدثتني بهذا قبل الآن؟
قال: والآن لولا ما أنا عليه لم أحدثك به.
(70) وكيع عن إسماعيل عن قيس أن رجلا كان يمشي مع حذيفة نحو الفرات
فقال: كيف أنتم إذا خرجتم لا تذوق منه قطرة؟ قال: قلنا: أتظن ذلك؟ قال: ما أظنه، ولكن
استيقنه.
(71) عبد الأعلى عن الجريري عن أبي العلاء قال: قالوا: لمطرف هذا عبد الرحمن
ابن الأشعث قد أقبل، فقال مطرف: والله لئن يرى بين أمرين: لئن ظهر لا يقوم لله دين،
ولئن ظهر عليه لا يزالون أذلة إلى يوم القيامة.

(3 / 68) وفي ذلك إشارة لاستنكار عبادة رضي الله عنه لبعض أعمال عثمان رضي الله عنه من تولية أقاربه
خصوصا عبد الله بن أبي السرح أحد الأربعة الذي أباح الرسول (ص) دمهم عند فتح مكة فاستتابه
عثمان رضي الله عنه وأتي به إلى الرسول (ص) يبايعه فرده ثلاثا ثم قبل منه المبايعة فلما ذهب استنكر
من أصحابه ألا يقوم أحدهم فيقتله، فقالوا لو أشرت لنا فقال (ص): (ما كان لنبي أن تكون له
خائنة الأعين).
(3 / 69) أي لولا أنه على فراش الموت ما حدثه به لأنه لو حدث به قبل ذلك لقتله ابن زياد.
696

(72) وكيع قال حدثنا الأعمش عن سالم عن أبي الدرداء قال: لو أن رجلا همه
الاسلام وعرفه ثم تفقده لم يعرف منه شيئا.
(73) وكيع قال حدثنا الأعمش عن شيخ قال: قال عمر: من أراد الحق فلينزل
بالبراز - يعني يظهر أمره.
(74) معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن
علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني
هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت له: ما نزال نرى في
وجهك شيئا نكرهه؟ قال: (إنا أهل البيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا، وإن أهل
بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم
رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فيضرون فيعطون ما سألوا، فلا
يقبلونه حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي، فيملاها قسطا كما ملأوها جورا، فمن
أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج).
(75) وكيع عن شريك عن أبي مهل قال: قلت لأبي جعفر: إن السلطان يولي
العمل، قال: لا تلين لهم شيئا، وإن وليت فاتق الله وأد الأمانة.
(76) وكيع عن خالد بن طهمان عن أبي جعفر قال: لا تعد لهم سفرا ولا تخط لهم
بقلم.
(77) أبو أسامة عن الأعمش عن أبي وائل قال: دخلت على عبيد الله بن زياد
بالبصرة وقد أتى بجزية أصبهان ثلاثة آلاف ألف، فهي موضوعة بين يديه، فقال: يا أبا
وائل: ما تقول فيمن مات وترك مثل هذه؟ قال: فقلت: أعرض به كيف إن كانت من
غلول، قال: ذاك شر على شر، ثم قال: يا أبا وائل! إذا أنا قدمت الكوفة فأتني لعلي
أصيبك بخير، قال: فقدم الكوفة، قال: فأتيت علقمة فأخبرته فقال: أما إنك لو أتيته
قبل أن تستشيرني لم أقل لك شيئا، فأما إذا استشرتني فإنه يحق علي أن أنصحك، فقال:
ما أحب أن لي ألفين من ألفين وإني أعز الجند عليه، وذلك أني لا أصيب من دنياهم شيئا
إلا أصابوا من ديني أكثر منه.

(3 / 72) لأنه غيروا وبدلوا أيام الفتنة والخوارج.
(3 / 75) سفرا: كتابا.
697

(78) ابن فضيل عن الصلت بن مطر العجلي عن عيسى المرادي عن معاذ قال:
يكون في آخر هذا الزمان قراء فسقة، ووزراء فجرة، وأمناء خونة، وعرفاء ظلمة وأمراء
كذبة. (79) يعلي بن عبيد عن موسى الجهني عن قيس بن يزيد قال: حدثتني مولاتي سدرة
أن جدي سلمة بن قيس حدثني، قال: لقيت أبا ذر فقال: يا سلمة بن قيس! ثلاث قد
حفظتها لا تجمع بين الضرائر فإنك لن تعدل ولو حرصت، ولا تعمل على الصدقة فإن
صاحب الصدقة زائد وناقص، ولا تغش ذا سلطان فإنك لا تصيب من دنياهم شيئا إلا
أصابوا من دينك أفضل منه. (80) الفضل بن دكين عن فطر عن أبي إسحاق عن عمارة بن عبد، قال: قال
حذيفة: اتقوا أبواب الأمراء فإنها مواقف الفتن، إلا أن الفتنة شبيهة مقبلة وتبين مدبرة.
(81) قال: وحدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عبد الرحمن بن
حميد الرؤاسي قال حدثنا عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو، قال عبد
الرحمن: أظنه عن قيس بن السكن، قال: قال علي على منبره: إني أنا فقأت
عين الفتنة، ولو لم أكن فيكم ما قوتل فلان وفلان وفلان أهل النهر،
وأيم الله لولا أن تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق لكم على لسان
نبيكم، لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا بالذي نحن عليه، قال، ثم قال: سلوني فإنكم لا
تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا حدثتكم
ولا شيئها قال: فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، حدثنا عن البلاء، فقال أمير المؤمنين:
إذا سأل سائل فليعقل، وإذا سئل مسؤول فليتثبت، إن من ورائكم أمورا جللا وبلاء
مبلحا مكلحا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! لو قد فقدتموني ونزلت جراهنة الأمور
وحقائق البلاء لفشل كثير من السائلين، ولأطرق كثير من المسؤولين، وذلك إذا فصلت
حربكم وكشفت عن ساق لها وصارت الدنيا بلاء على أهلها حتى يفتح الله لبقية الأبرار،
قال: فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين! حدثنا عن الفتنة، فقال: إن الفتنة إذا أقبلت
شبهت، إذا أدبرت أسفرت، وإنما الفتن نحوم كنحوم الرياح، يصبن بلدا ويخطئن آخر،

(3 / 80) شبيهة مقبلة: أي إذا أقبلت كشبه علي الناس أمرهم فلا يعرفون وجه الصواب فيما يفعلون.
تبين مدبرة: إذا أدبرت تبين المرء ما أتى من أعمال وأخطاء وخطايا.
(3 / 81) لمن قاتلهم: أي لمن قاتل الخوارج.
جراهنة الأمور: الأمور الصعبة المعقدة.
698

فانصروا أقواما كانوا أصحاب رايات يوم بدر ويوم حنين تنصروا [وتوجروا]، ألا إن
أخوف الفتنة عندي عليكم فتنة عمياء مظلمة خصت فتنتها، وعمت بليتها، أصاب البلاء
من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمي عنها، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملا
الأرض عدوانا وظلما، وإن أول من يكسر عمدها ويضج جبروتها وينزع أوتادا الله رب
العالمين، ألا وإنكم ستجدون أرباب سوء لكم من بعدي كالناب الضروس، تعض بفيها،
وتركض برجلها، وتخبط بيدها، وتمنع درها، ألا أنه لا يزال بلاؤهم بكم حتى لا يبقى
في مصر لكم إلا نافع لهم أو غير ضار، وحتى لا يكون نصرة أحدكم منهم إلا كنصرة
العبد من سيده وأيم الله لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله أيسر يوم لهم، قال: فقام
رجل فقال: هل بعد ذلكم جماعة يا أمير المؤمنين؟ قال: لأنها جماعة شتى غير أن أعطياتكم
وحجكم وأسفاركم واحد والقلوب مختلفة هكذا - ثم شبك بين أصابعه، قال: مم ذاك
يا أمير المؤمنين؟ قال: يقتل هذا هذا، فتنة فظيعة جاهلية، ليس فيها إمام هدى إلى علم
نرى نحن أهل البيت منها نجاة ولسنا بدعاة، قال: وما بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال:
يفرج الله البلاء برجل من أهل البيت تفريج الأديم يأتي ابن خبره إلا ما يسومهم الخسف،
ويسقيهم بكأس مصيره، ودت قريش بالدنيا وما فيها، لو يقدرون على مقام جزر
وجزور لأقبل منهم بعض الذي أعرض عليهم اليوم، فيردونه ويأبى إلا قتلا.
(82) وكيع عن عمران بن حدير عن السمط عن كعب قال: لكل زمان ملوك،
فإذا أراد الله بقوم خيرا بعث فيهم مصلحهم، وإذا أراد بقوم شرا بعث فيهم مترفيهم.
(83) يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك عن أبي اليقظان عن زاذان عن عليم قال:
كنا معه على سطح ومعه رجل من أصحاب النبي (ص) في أيام الطاعون، فجعلت الخنازير
تمر، فقال يا طاعون خذني، قال: فقال عليم: ألم يقل رسول الله (ص): (لا يتمنين
أحدكم الموت، فإنه عند انقطاع عمله، ولا يرد فيستعتبه) فقال: سمعت رسول الله
(ص) يقول: (بادروا بالموت ستا، إمرة السفهاء، وكثرة الشرط، وبيع الحكم،
واستخفافا بالدم، ونشوءا يتخذون القرآن مزامير، يقدمونه ليغنيهم، وإن كان أقلهم
فقها).
(84) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو عبيدة عن الحسن قال: إنما حبل الله هذا

[توجروا]: تؤجروا وقريش تترك الهمز في أكثر الكلام.
كنصرة العبد من سيده: أي لا يقدر على الانتصاف منه.
699

السلطان ناصر لعباد الله ودينه، فكيف من ركب ظلما على عباد الله واتخذ عباد الله خولا،
يحكمون في دمائهم وأموالهم ما شاءوا، والله إن يمتنع أحد، والله ما لقيت أمة بعد نبيها
من الفتن والذل ما لقيت هذه بعد نبيها.
(85) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام: قال: جاء إلى عمر رجل من
أهل الكتاب فقال: السلام عليك يا ملك العرب، قال عمر: وهكذا تجدونه في كتابكم؟
أليس تجدون النبي ثم الخليفة ثم أمير المؤمنين ثم الملوك بعد؟ قال له: بلى.
(86) وكيع قال حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله وذكر رجلا فقال: أهلكه
الشح وبطانة السوء.
(87) جعفر بن عون عن الوليد بن جميع عن أبي بكر بن أبي الجهم عن أبي بردة بن
دينار رفعه إلى النبي (ص) قال: (لا تذهب الدنيا حتى تكون عند لكع بن لكع).
(88) غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم أنه سمع أباه قال: رأيت عبد الرحمن بن
عوف بمنى محلوقا رأسه يبكي، يقول: ما كنت أخشى أن أبقى حتى يقتل عثمان.
(89) عبد الله بن شيبان عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو
قال: إنا لنجد في كتاب الله المنزل صنفين في النار: قوم يكونون في آخر الزمان معهم
سياط كأنها أذناب البقر يضربون بها الناس على غير جرم لا يدخلون بطونهم إلا خبيثا،
ونساء كاسيات عاريان مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
(90) يحيى بن أبي كثير قال حدثنا المياح بن بسطام الحنظلي قال حدثنا ليث بن أبي
سليم عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص): (إنها ستكون أمراء تعرفون
وتنكرون، فمن باراهم نجا، ومن اعتزلهم سلم أو كاد، ومن خالطهم هلك).
(91) يحيى بن إسحاق قال أخبرني يحيى بن أيوب عن أبي قبيل عن يثيع عن
النعمان بن بشير أنه قال: ابعثوا إلى أملة يذبون عن فساد الأرض، فقال له كعب
الأحبار: مه لا تفعل، فإن ذلك في كتاب الله المنزل: أن قوما يقال لهم الأملة يحملون

(3 / 87) عند لكع بن لكع: أي عند الوضيع لا يستحق التقديم، لا أصل له ولا نسب ولا علما يقدمه أو
فقها يعمل به.
(3 / 90) باراهم: قاتلهم ونازلهم.
(3 / 91) الأملة: الشرطة.
700

بأيدهم سياطا كأنها أذناب البقر، لا يريحون ريح الجنة، فلا تكن أنت أول من يبعث
فيهم، قال: ففعل، فقلت أنا ليحيى: ما الأملة؟ قال: أنتم تسمونهم بالعراق الشرط.
(92) وكيع عن يزيد بن مردانبه عن خليفة بن سعد قال: رأيت عثمان في بعض
طرق المدينة وهو يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن يسلط عليكم شراركم،
فيدعوا عليهم خياركم، فلا يستجاب لهم، قال: ورحمته حمله فأخذ بعضديه فقال: لا أموت
حتى تدركني إمارة الصبيان.
(93) وكيع عن النهاس بن قهم عن شداد أبي عمار قال: قال عوف بن مالك
يا طاعون خذني إليك، فقالوا: أما سمعت رسول الله (ص) قال: (كلما طال عمر
المسلم كان خيرا له)؟، قال: بلى، ولكني أخاف ستا: إمارة السفهاء، وبيع الحكم،
وسفك الدم، وقطية الرحم، وكثرة الشرط، ونشوءا ينشأون يتخذون القرآن مزامير.
(94) الفضل بن دكين قال حدثنا عبيد بن طفيل أبو سيدان الغطفاني قال حدثني
ربعي بن حراش عن عمر بن الخطاب قال: اتركوا هؤلاء الفطح الوجوه ما تركوكم، فوالله
لوددت أن بيننا وبينهم بحرا لا يطاق.
(95) حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سألت أبا
جعفر: هل في هذه الأمة كفر؟ قال: لا أعلمه، ولا شرك، قال: قلت: فماذا؟ قال:
بغي.
(96) يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن نشيط قال حدثني أبو عبد الملك مولى
بني أمية قال: سمعت أبا هريرة يقول: تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغريق.
(97) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد عن الجريري عن ابن المثنى عن أبي أمامة
قال: لا تقوم الساعة حتى يتحول شرار أهل الشام إلى العراق، وخيار أهل العراق إلى
الشام.
(98) غندر عن شعبة عن سماك عن أبي الربيع عن أبي هريرة قال: ويل للعرب من
شر قد اقترب: إمارة الصبيان، إن أطاعوهم أدخلوهم النار، وإن عصوهم ضربوا
أعناقهم.

(3 / 95) بغي: ظلم وتعد.
701

(99) هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد قال: كنا نتحدث أنه تكون ردة
شديدة حتى يرجع ناس من العرب يعبدون الأصنام بذي الخلصة.
(100) عبيد الله بن موسى عن فطر عن أبي إسحاق قال: حدثني من دخل على ابن
ملجم السجن وقد اسود كأنه جذع محترق.
(101) هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد عن أبي الجلد قال: تكون فتنة
بعدها فتنة، الأولى في الآخرة كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف، ثم تكون بعد ذلك فتنة
تستحل فيها المحارم كلها، ثم تأتي الخلافة خير أهل الأرض وهو قاعد في بيته هنيا.
(102) الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي محمد عن عاصم بن عمرو
البجلي أن أبا أمامة قال: لينادين باسم رجل من السماء لا ينكره الذليل ولا يمتنع منها
العزيز.
(103) الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي
عثمان النهدي أن حذيفة بن اليمان قال: بينما قوم يتحدثون إذ تمر بهم إبل قد عطلت،
فيقولون: يا إبل! أين أهلك؟ فتقول: أهلنا حشروا ضحى.

(3 / 99) ذي الخلصة: موضع كان فيه صنم من أصنام الجاهلية.
(3 / 103) إبل قد عطلت: أي لا تحمل شيئا أو أحدا وقد تركت أزمتها دون قياد.
702

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الجمل [وصفين والخوارج]
41 وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله
(1) في مسير عائشة وعلي وطلحة والزبير
(1) حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر قال
حدثنا أبو أسامة قال حدثني العلاء بن المنهال قال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي قال:
حدثني أبي قال: حاصرنا توج وعلينا رجل من بني سليم يقال له: مجاشع بن مسعود، قال:
فلما أن افتتحناها - قال: وعلي قميص خلق - انطلقت إلى قتيل من القتلى الذي قتلنا من
العجم، قال: فأخذت من قميص بعض أولئك القتلى، قال: وعليه الدماء، فغسلته بين
أحجار، ودلكته حتى أنقيته ولبسته وأدخلته القرية، فأخذت إبرة وخيوطا، فخطت
قميصي، فقام مجاشع فقال: يا أيها الناس! لا تغلوا شيئا، من غل شيئا جاء به يوم القيامة
ولو كان مخيطا، فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميصي فجعلت أفتقه
حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن ينقطع، فانطلقت والإبرة
والقميص الذي كنت أخذته من المقاسم فألقيته فيها ثم ما ذهبت من الدنيا حتى رأيتهم
يغلون الأوساق، فإذا قلت: أي شئ هذا؟ قالوا نصيبا من الفئ أكثر من هذا، قال
عاصم: ورأي أبي رؤيا وهم محاصرو توج في خلافة عثمان، وكان أبي إذا رأى رؤيا كأنما
ينظر إليها زهارا، وكان أبي قد أدرك النبي (ص)، قال: فرأى كأن رجلا مريضا وكأن
قوما يتنازعون عنده، اختلفت أيديهم وارتفعت أصواتهم وكانت امرأة عليها ثياب خضر
جالسة كأنها لو تشاء أصلحت بينهم، إذ قام رجل منهم فقلب بطانة جبة عليه ثم قال: أي
معاشر المسلمين! أيخلق الاسلام فيكم وهذا سربال نبي الله فيكم لم يخلق، إذ قام آخر من
القوم فأخذ بأحد لوحي المصحف فنفضه حتى اضطرب ورقة، قال: فأصبح أبي يعرضها
ولا يجد من يعبرها، قال: كأنهم هابوا تعبيرها، قال: قال أبي: فلما أن قدمت البصرة فإذا

(1 / 1) توج: موضع ومأسدة والمأسدة تكثر فيه الأسود.
زهادا: واضحة وضوح النهار والزهراء من أسماء الشمس.
أحد لوحي المصحف: إحدى دفتيه أي جهة من الغلاف.
703

الناس قد عسكروا، قال: قلت: ما شأنهم؟ قال: فقالوا: بلغهم أن قوما قد ساروا إلى
عثمان فعسكروا ليدركوه فينصروه، فقام ابن عامر فقال: إن أمير المؤمنين صالح، وقد
انصرف عنه القوم، فرجعوا إلى منازلهم فلم يفجأهم إلا قتله، قال: فقال أبي: فما رأيت
يوما قط كان أكثر شيخا باكيا تخلل الدموع لحيته من ذلك اليوم، فما لبث إلا قليلا حتى
إذا الزبير وطلحة قد قدما البصرة، قال: فما لبثت بعد ذلك إلا يسيرا حتى إذا علي أيضا
قد قدم، فنزل بذي قار: فقال لي شيخان من الحي: اذهب بنا إلى هذا الرجل،
فلننظر إلى ما يدعو، وأي شئ جاء به، فخرجنا حتى إذا دنونا من القوم وتبينا
فساطيطهم إذا شاب جلد غليظ خارج من العسكر، قال العلاء، رئيت أنه قال: على بغل،
فلما أن نظرت إليه شبهته المرأة التي رأيتها عند رأس المريض في النوم، فقلت لصاحبي:
لئن كان للمرأة التي رأيت في المنام عند رأس المريض أخ إن ذا لأخوها، قال: فقال لي
أحد الشيخين الذين معي: ما تريد إلى هذا؟ قال: وغمزني بمرفقه، قال الشاب: أي شئ
قلت؟ قال: فقال أحد الشيخين: لم يقل شيئا، فانصرف، قال: لتخبرني ما قلت، قال:
فقصصت عليه الرؤيا، قال: لقد رأيت؟ قال: وارتاعوا ثم لم يضل يقول: لقد رأيت لقد
رأيت، حتى انقطع عنا صوته، قال: فقلت لبعض من لقيت من الرجل الذي رأينا
آنفا، قال محمد بن أبي بكر، قال: فعرفنا أن المرأة عائشة، قال: فلما أن قدمت العسكر
قدمت على أدهى العرب - يعني عليا قال: والله لدخل علي في نسب قومي حتى جعلت
أقول: والله لهو أعلم بهم مني، حتى قال: أما إن بني راسب بالبصرة أكثر من بني قدامة،
قال: قلت أجل، قال: فقال: أسيد قومك أنت؟ قلت: لا، وإني فيهم لمطاع، ولغيري
أسود، وأطوع فيهم مني، قال: فقال: من سيد بني راسب؟ قلت: فلان، قال فسيد بني
قدامة؟ قال: قلت: فلان - لآخر، قال: هل أنت مبلغهما كتابين مني؟ قلت: نعم، قال:
ألا تبايعون؟ قال: فبايع الشيخان اللذان معي، قال: وأضب قوم كانوا عنده، قال: وقال
أبي بيده: كأن فيهم خفة، قال: فجعلوا يقولون: بايع بايع، قال: وقد أكل السجود
وجوههم، قال: فقال إلى القوم: دعوا الرجل، قال: فقال أبي: إنما بعثني قومي رائدا
وسأنهي إليهم ما رأيت، فإن بايعوك بايعتك، وإن اعتزلوك اعتزلتك، قال: فقال علي:
أرأيت لو أن قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا فقلت: يا قوم! النجعة النجعة،
فأبوا، ما أنت منتجع بنفسك؟ قال: فأخذت بأصبع من أصابعه، ثم قلت: نبايعك على

أضب القوم: تجمعوا.
704

أن نطيعك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا، فقال: نعم، وطول بها صوته،
قال: فضربت على يده، قال: ثم التفت إلى محمد بن حاطب وكان في ناحية القوم، قال:
فقال: أما انطلقت إلى قومك بالبصرة فأبلغهم كتبي وقولي، قال: فتحول إليه محمد فقال:
إن قومي إذا أتيتهم يقولون: ما قول صاحبك في عثمان؟ قال: فسبه الذين حوله، قال:
فرأيت جبين علي يرشح كراهية لما يجيئون به، قال: فقال محمد: أيها الناس! كفوا فوالله ما
إياكم أسأل، ولا عنكم أسأل، قال: فقال علي: أخبرهم أن قولي في عثمان أحسن القول،
إن عثمان كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله
يحب المحسنين قال: قال أبي: فلم أبرح حتى قدم على أهل الكوفة، جعلوا يلقوني فيقولون:
أترى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا، قال: ويضحكون ويعجبون، ثم قالوا: والله لو
قد التقينا تعاطينا الحق، قال: فكأنهم يرون أنهم لا يقتتلون، قال: وخرجت بكتاب علي،
فأما أحد الرجلين اللذين كتب إليهما فقبل الكتاب وأجابه، ودللت على الآخر فتوارى،
[فاو أنهم] قالوا كليب، فأذن لي فدفعت إليه الكتاب، فقلت: هذا كتاب علي، وأخبرته
إني أخبرته أنك سيد قومك، قال: فأبى أن يقبل الكتاب، وقال: لا حاجة لي إلى السؤدد
اليوم، إنما ساداتكم اليوم شبيه بالأوساخ أو السفلة أو الأدعياء، وقال: كلمه، لا حاجة لي
اليوم في ذلك، فأبى أن يجيبه، قال فوالله ما رجعت إلى علي حتى إذا العسكران قد تدانيا
فاستتب عبدانهم، فركب القراء الذين مع علي حين أطعن القوم، وما وصلت إلى علي حتى
فرغ القوم من قتالهم، دخلت على الأشتر فأصابه جراح - قال عاصم: وكان بيننا وبينه
قرابة من قبل النساء - فلما أن نظر إلى أبي قال والبيت مملوء من أصحابه، قال: يا كليب!
إنك أعلم بالبصرة منا، فاذهب فاشتر لي إفرة جمل نجدة فيها فاشتريت من عريف لمهرة
جمله بخمسمائة، قال: إذهب به إلى عائشة وقل: يقرئك ابنك مالك السلام، ويقول: خذي
هذا الجمل فتبلغي عليه مكان جملك، فقالت: لا سلم الله عليه، إنه ليس بابني، قال:
وأبت أن تقبله، قال: فرجعت إليه فأخبرته بقولها، قال: فاستوى جالسا ثم حسر عن
ساعده، قال: ثم قال: إن عائشة لتلومني على الموت المميت، إني أقبلت في رجرجة من
مذحج، فإذا ابن عتاب قد نزل فعانقني، قال: فقال: اقتلوني ومالكا، قال: فضربته
فسقط سقوطا، قال ثم وثبت إلى ابن الزبير فقال: اقتلوني ومالكا، وما أحب أنه قال:

يرشح: يتعرق.
[فاو أنهم] كذا في الأصل ولعل العبارة ناقصة.
705

اقتلوني والأشتر، ولا أن كل مذحجية ولدت غلاما، فقال أبي: إني اعتمرتها في غفلة،
قلت: ما ينفعك أنت إذا قلت أن تلد كل مذحجية غلاما، قال: ثم دنا منه أبي فقال:
أوص بي صاحب البصرة، فإن لي مقاما بعدكم، قال: فقال: لو قد رآك صاحب البصرة
لقد أكرمك، قال: كأنه يرى أنه الأمير، قال: فخرج أبي من عنده فلقيه رجل، قال:
فقال: قد قام أمير المؤمنين قبل خطيبا، فاستعمل ابن عباس على أهل البصرة، وزعم أنه
سائر إلى الشام يوم كذا وكذا، قال: فرجع أبي فأخبر الأشتر، قال: فقال لأبي، أنت
سمعته؟ قال: فقال أبي: لا، قال: فنهره، وقال: اجلس، إن هذا هو الباطل، قال: فلم
أبرح أن جاء رجل فأخبره مثل خبري، قال: فقال: أنت سمعت ذاك؟ قال: فقال: لا،
فنهره نهرة دون التي نهرني، قال: لحظ إلي وأنا في جانب القوم، أي إن هذا قد جاء بمثل
خبرك، قال: فلم ألبث أن جاء عتاب التغلبي والسيف يخطر - أو يضطرب - في عنقه
فقال: هذا أمير مؤمنيكم قد استولى ابن عمه على البصرة، وزعم أنه سائر إلى الشام يوم
كذا وكذا، قال: قال له الأشتر: أنت سمعته يا أعور؟ قال: أي والله يا أشتر لأنا سمعته
بأذني هاتين، فتبسم تبسما فيه كشور، قال: فقال: فلا ندري إذا علام قتلنا الشيخ
بالمدينة؟ قال: ثم قال: المذحجية توقوا فاركبوا، فركب، قال: وما أراه يريد يومئذ إلا
معاوية، قال: فهم علي أن يبعث خيلا تقاتله، قال: ثم كتب إليه أنه لم يمنعني من تأميرك
أن لا تكون لذلك أهلا، ولكني أردت لقاء أهل الشام وهم قومك، فأردت أن استظهر
بك عليهم، قال: ونادى في الناس بالرحيل، قال: فأقام الأشتر حتى أدركه أوائل الناس،
قال: وكان قد وقت لهم يوم الاثنين، فماريت، فلما صنع الأشتر ما صنع نادى في الناس
قبل ذلك بالرحيل.
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن رجل قد سماه قال: شهدت يوم الجمل
فما دخلت دار الوليد إلا ذكرت يوم الجمل، ووقع السيوف على المبيض قال: كنت أرى
عليا يحمل فيضرب بسيفه حتى ينثني ثم يرجع فيقول: لا تلوموني، ولوموا هذا، ثم يعود
فيقومه.
(3) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن ميسرة أبي جميلة قال: إن أول يوم تكلمت
الخوارج يوم الجمل قالوا: ما أحل لنا دماءهم وحرم علينا ذراريهم وأموالهم، قال: فقال

ماريت: تشاغلت مظهرا أني أريد الخروج معهم.
(1 / 2) لوموا هذا: أي السيف فلولا انثناءه لم يرجع.
706

علي: إن العيال مني على الصدر والنحر، ولكم في خمسمائة خمسمائة، جعلتها لكم ما يغنيكم
عن العيال.
(4) حدثنا محمد بن أبي عدي عن التيمي عن حريث بن مخش قال: كانت راية علي
سوداء يعني يوم الجمل، وراية أولئك.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن الزبير بن عدي عن حذيفة أنه قال لرجل: ما
فعلت أمك؟ قال: قد ماتت، قال: أما إنك ستقاتلها، قال: فعجب الرجل من ذلك حتى
خرجت عائشة.
(6) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: قسم علي مواريث من قتل
يوم الجمل على فرائض المسلمين: للمرأة ثمنها، وللابنة نصيبها، وللابن فريضته، وللأم
سهمها.
(7) يزيد بن هارون عن شريك عن أبي العنبس عن أبي البختري قال: سئل علي عن
أهل الجمل قال: قيل: أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا، قيل: أمنافقون هم؟ قال:
إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، قيل: فما هم؟ قال: إخواننا بغوا علينا.
(8) حدثنا عباد بن العوام عن الصلت بن بهرام عن شقيق بن سلمة أن عليا لم
يسب يوم الجمل ولم يقتل جريحا.
(9) حدثنا عباد بن العوام عن الصلت بن بهرام عن عبد الملك بن سلع عن عبد الخير
أن عليا لم يسب يوم الجمل ولم يخمس، قالوا: يا أمير المؤمنين! ألا تخمس أموالهم؟
قال: فقال: هذه عائشة تستأمرها، قال: قالوا: ما هو إلا هذا، ما هو إلا هذا.
(10) حدثنا ابن إدريس عن هارون بن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن
الأشتر وابن الزبير التقيا، فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمسا أو ستا،
قال: ثم قال: وألقاني برجلي ثم قال: والله لولا قرابتك من رسول الله (ص) ما تركت منك
عضوا مع صاحبه، قال: وقالت عائشة: واثكل أسماء، قال: فلما كان بعد أعطت الذي
بشرها به أنه حي عشرة آلاف.

(1 / 4) وراية أولئك: أي وراية أولئك أيضا سوداء أما في كتاب الجهاد فقد ذكر أن راية طلحة كانت
الحمل.
(1 / 9) تستأمرها: أي تكن أنت مالك أمرها لأنها كانت مع الذين هزموا، وقوله هذا رضي الله عنه بحمل
أشد الرفض لتخميس أموالهم وذراريهم وقوله له ذلك لتنفيره مما طلب وإبعاد الفكرة عن ذهنه.
707

(11) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن محمد قال: أخبرني أبي أن عليا قال
يوم الجمل: نمن عليهم بشهادة أن لا إله إلا الله ونورث الآباء من الأبناء.
(12) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن ثابت بن عبيد قال: سمعت أبا جعفر
يقول: لم يكفر أهل الجمل.
(13) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت سويد بن الحارث قال:
لقد رأيتنا يوم الجمل وإن رماحنا ورماحهم لمتشاجرة، ولو شاءت الرجال لمشت عليهم،
يقولون: الله أكبر، ويقولون: سبحان الله الله أكبر، ويقولون: ليس فيها شك، وليتني لم
أشهد، ويقول عبد الله بن سلمة: ولكني ما سرني أني لم أشهد، ولوددت أن كل مشهد
شهده علي شهدته.
(14) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال أخبرنا قيس قال: رمى
مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته، قال: فجعل الدم يغدو يسيل، قال:
فإذا أمسكوه استمسك، وإذا تركوه سال، قال: فقال: دعوه، قال: وجعلوا إذا أمسكوا
فم الرجح انتفخت ركبته، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله، قال: فمات، قال: فدفناه
على شاطئ الكلاء، فرأى بعض أهله أنه قال: ألا تريحونني من الماء؟ فإني قد غرقت -
ثلاث مرار يقولها، قال: فنبشوه فإذا هو أخضر كالسلق فنزفوا عنه الماء ثم استخرجوا
فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض، فاشتروا له دارا من دور آل أبي
بكرة بعشرة آلاف فدفنوه فيها.
(15) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: لما بلغت عائشة بعض مياه
بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، فوقفت
فقالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال لها طلحة والزبير: مهلا رحمك الله، بل تقدمين فيراك
المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله (ص)
قال لنا ذات يوم: (كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب).
(16) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال: قالت عائشة لما حضرتها
الوفاة: ادفنوني مع أزواج النبي عليه السلام فإني كنت أحدثت بعده حدثا.

(1 / 13) متشاجرة: متشابكة.
(1 / 14) الكلاء: مرفاء السفن، والمقصود هنا سوق الكلاء بالبصرة وهو قريب من المرسى.
(1 / 16) إن صح الحديث، فالحدث المذكور هو خروجها من بيتها إلى القتال.
708

(17) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبي قال: بلغ علي بن
أبي طالب أن طلحة يقول: إنما بايعت واللج على قفاي، قال: فأرسل ابن عباس فسألهم،
قال: فقال أسامة بن زيد أما واللج على قفاه فلا ولكن قد بايع وهو كاره، قال: فوثب
الناس إليه حتى كادوا أن يقتلوه، قال: فخرج صهيب وأنا إلى جنبه فالتفت إلي فقال:
قد ظننت أن أم عوف حانقة.
(18) حدثنا أبو أسامة عن خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر قال: جلس علي
وأصحابه [يوم] يبكون على طلحة والزبير.
(19) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه قال: حدثنا أبو نضرة
أن ربيعة كلمت طلحة في مسجد بني مسلمة فقالوا: كنا في نحر العدو حتى جاءتنا بيعتك
هذا الرجل، ثم أنت الآن تقاتله أو كما قالوا: قال: فقال: إني أدخلت الحش ووضع على
عنقي اللج وقيل: بايع وإلا قاتلناك، قال: فبايعت وعرفت أنها بيعة ضلالة، قال
التيمي: وقال الوليد بن عبد الملك: إن منافقا من منافقي أهل العراق جبلة بن حكيم قال
للزبير: فإنك قد بايعت؟ فقال الزبير: إن السيف وضع على قفي فقيل لي: بايع وإلا
قتلناك قال: فبايعت.
(20) حدثنا محمد بن بشر قال سمعت أحمد بن عبد الله بن الأصم يذكر عن أم
راشد جدته قالت كنت: عند أم هانئ فأتاها علي، فدعت له بطعام: فقال: مالي لا أرى
عندكم بركة - يعني الشاة، قالت: فقالت: سبحان الله، بلى والله إن عندنا لبركة، قال:
إنما أعني الشاة، قالت: ونزلت فلقيت رجلين في الدرجة، فسمعت أحدهما يقول لصاحبه:
بايعته أيدينا ولم تبايعه قلوبنا، قالت: فقلت: من هذان الرجلان؟ فقالوا: طلحة والزبير،
قالت: فإني قد سمعت أحدهما يقول لصاحبه: بايعته أيدينا ولم تبايعه قلوبنا، فقال علي:
* (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا
عظيما) *.
(23) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو الأحوص عن خالد بن علقمة عن عبد خير

(1 / 17) اللج: السيف.
(1 / 18) [يوم] كذا في الأصل دون تحديد أي يوم هذا ولعلها [يوما] أو [يوم الجمل] وهو الأرجح.
(1 / 19) قفي: رقبتي.
(1 / 20) * (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) * سورة الفتح الآية (10).
709

قال: ضرب فسطاط بين العسكرين يوم الجمل ثلاثة أيام، فكان علي والزبير وطلحة
يأتونه، فيذكرون فيه ما شاء الله، حتى إذا كان يوم الثالث عند زوال الشمس رفع علي
جانب الفسطاط ثم أمر بالقتال، فمشى بعضنا إلى بعض، وشجرنا بالرماح حتى لو شاء
الرجل أن يمشي عليها لمشى، ثم أخذتنا السيوف فما شبهتها إلا دار الوليد.
(22) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي أنه
قال يوم الجمل: لا تتبعوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.
(23) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن مسلم البطين
وسلمة بن كهيل عن حجر بن غلس أن عليا أعطى أصحابه بالبصرة خمسمائة خمسمائة.
(24) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا مسعود بن سعد الجعفي عن عطاء بن السائب
عن أبي البختري قال: لما أنهزم أهل الجمل قال علي: لا يطلبن عبد خارجا من العسكر،
وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم، وليس لكم أم ولد، والمواريث على فرائض الله،
وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا، قالوا: يا أمير المؤمنين! تحل لنا
دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم، قال: فخاصموا فقال: كذلك السيرة في أهل القبلة، قال:
فهاتوا سهامكم واقرعوا على عائشة فهي رأس الامر وقائدهم، قال: ففرقوا وقالوا:
نستغفر الله، قال: فخصمهم علي.
(25) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم
ابن جابر قال: سمعت طلحة بن عبيد الله يوم الجمل يقول: إنا كنا داهنا في أمر عثمان
فلا نجد بدا من المبايعة.
(26) حدثنا ابن علية عن منصور عن عبد الرحمن عن الشعبي قال: لم يشهد الجمل
من أصحاب النبي (ص) من المهاجرين والأنصار إلا علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا
بخامس فأنا كذاب.
(27) حدثنا عبدة بن سليمان عن الأعمش عن شهر بن عطية عن عبد الله بن زياد
قال: قال عمار بن ياسر: إن أمنا سارت مسيرنا هذا، وإنها والله زوجة محمد (ص) في الدنيا
والآخرة، ولكن الله ابتلانا بهذا ليعلم إياه نطيع أم إياها.
(1 / 24) خصمهم: غلبهم وأفحمهم وقطع حجتهم.
(1 / 26) أي أن الباقين قد اعتزلوا القتال. (*)
710

(28) حدثنا ابن إدريس عن حسن بن فرات عن أبيه عن عمير بن سعد قال: لما
رجع علي من الجمل وتهيأ لصفين اجتمعت النخع حتى دخلوا على الأشتر، فقال: هل في
البيت إلا نخعي؟ فقالوا: لا، فقال: إن هذه الأمة عمدت إلى خيرها فقتلته، وسرنا إلى
أهل البصرة قوم لنا عليهم بيعة فنصرنا عليهم بنكثهم، وإنكم تسيرون غدا إلى أهل الشام
قوم ليس لكم عليهم بيعة، فلينظر امرؤ منكم أين يضع سيفه.
(29) حدثنا وكيع عن عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال
رسول الله (ص): (أيتكم صاحبة الجمل الأدبب، يقتل حولها قتلى كثيرة تنجو بعد
ما كادت).
(30) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الجبار بن عباس عن عطاء بن السائب عن
عمرو بن الهجنع عن أبي بكرة قال: قيل له: ما منعك أن تكون قاتلت على بصيرتك يوم
الجمل؟ قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (يخرج قوم هلكى لا يفلحون، قائدهم
امرأة، قال: هم في الجنة.
(31) حدثنا أبو داود عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة قال: سمعت
النبي (ص) يقول: (لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة).
(32) حدثنا عبدة بن سفيان عن مسعر عن عمرو بن مرة عن الحارث بن جمهان
الجعفي قال: لقد رأيتنا يوم الجمل وإن رماحنا ورماحهم متشاجرة ولو شاء الرجل أن
يمشي عليها لمشى، قال: وهؤلاء يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر، وهؤلاء يقولون لا
إله إلا الله والله أكبر:
(33) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك أن عليا لما هزم طلحة
وأصحابه أمر مناديه أن لا يقتل مقبل ولا مدبر، ولا يفتح باب، ولا يستحل فرج ولا
مال.
(34) حدثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن سلع عن عبد خير قال: امر علي
مناديا فنادى يوم الجمل ألا لا يجهزن على جريح ولا يتبع مدبر.
(35) حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية قال: حملت على رجل يوم
الجمل فلما ذهبت أطعنه قال: أنا على دين علي بن أبي طالب فعرفت الذي يريد، فتركته.

(1 / 29) بعد ما كادت: أي بعد ما كادت تهلك.
(1 / 35) أي أنا مع علي، وإنما أربكه الخوف.
711

(36) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي جعفر عن أبيه عن علي بن حسين قال: حدثنا
عباس قال: أرسلني علي إلى طلحة والزبير يوم الجمل، قال: فقلت لهما: إن أخاكما
يقرئكما السلام ويقول لكما: هل وجدتما علي حيفا في حكم أو استئثارا بفئ أو بكذا أو
بكذا، قال: فقال الزبير: لا في واحدة منها، ولكن مع الخوف شدة المطامع.
(37) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن سالم بن أبي الجعد
عن محمد ابن الحنفية قال: كنا في الشعب فكنا ننتقص عثمان، فلما كان ذات يوم أفرطنا،
فالتفت إلى عبد الله بن عباس فقلت له: يا أبا عباس! تذكر عشية الجمل؟ أن عن يمين
علي وأنت عن شماله، إذ سمعنا الصيحة من قبل المدينة؟ قال: فقال ابن عباس: نعم التي
بعث بها فلان بن فلان، فأخبره أنه وجد أم المؤمنين عائشة واقفة في المربد تلعن قتلة
عثمان، فقال علي: لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل والبر والبحر، أنا عن يمين علي
وهذا عن شماله، فسمعته من فيه إلي في وابن عباس، فوالله ما عبت عثمان إلى يومي هذا.
(38) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو ضرار زيد بن عصر الضبي إمام مسجد بني
هلال قال حدثنا خالد بن مجاهد بن حيان الضبي من بني مبذول عن ابن عم له يقال له:
تميم بن ذهل الضبي، قال: إني يوم الجمل آخذ بركاب علي أجهد معه وأنا أرى أنا في
الجنة، وهو يتصفح القتلى، فمر برجل أعجبته هيئته وهو مقتول، فقال: من يعرف هذا؟
قلت: هذا فلان الضبي، وهذا ابنه، حتى عددت سبعة صرعى مقتلين حوله، قال: فقال
علي: لوددت أنه ليس في الأرض ضبي إلا تحت هذا الشيخ.
(39) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين بن عبد الرحمن
عن يوسف بن يعقوب عن الصلت بن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: قدمت على علي
حين فرغ من الجمل، فانطلق إلى بيته وهو آخذ بيدي، فإذا امرأته وابنتاه يبكين، وقد
أجلس وليدة بالباب تؤذنهن به إذا جاء، فألهى الوليدة ما ترى النسوة يفعلن حتى دخل
عليهن، وتخلفت فقمت بالباب، فأسكتن، فقال: ما لكن؟ فانتهرهن مرة أو مرتين،
فقالت: امرأة منهن: قلنا: ما سمعت ذكرنا عثمان وقرابته والزبير وقرابته، فقال: إني
لأرجو ا أن نكون كالذين قال الله * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
متقابلين) * ومن هم أن لم نكن، ومن هم - يردد ذلك حتى وددت أنه سكت.

(1 / 39) سورة الحجر الآية (47).
حتى وددت أنه سكت: أي لما رأى من تضايقه وانزعاجه من القتال الذي حصل بينهم والزبير
رضي الله عنه ابن عمة علي رضي الله عنه، والاثنان من المبشرين بالجنة، فعلي أول فتى آمن وأول
من صلى خلف الرسول (ص) وكان قد ربي في حجره والزبير أول من رفع سيفا في سبيل الله.
712

(40) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طلحة بن مصرف أن عليا أجلس طلحة يوم
الجمل ومسح عن وجهه التراب، ثم التفت إلى حسن فقال: إني وددت أني مت قبل هذا.
(41) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حمير بن مالك قال: قال
عمار لعلي يوم الجمل: ما ترى في سبي الذرية؟ قال فقال: إنما قاتلنا من قاتلنا، قال: لو
قلت غير هذا خالفناك.
(42) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال:
قدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فإنا لمنازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت، فقال: إن الناس
قد فزعوا واجتمعوا في المسجد، فانطلقت فإذا الناس مجتمعون في المسجد، فإذا علي
والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص، قال: فإنا لكذلك إذا جاءنا عثمان، فقيل: هذا
عثمان، فدخل عليه ملية له صفراء، قد قنع بها رأسه، قال: ها هنا علي؟ قالوا: نعم، قال:
ها هنا الزبير؟ قالوا: نعم، قال: ها هنا طلحة؟ قالوا: نعم، قال ها هنا
سعد؟ قالوا: نعم، قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن رسول الله
(ص) قال: (من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له)، فابتعته بعشرين ألفا أو بخمسة
وعشرين ألفا، فأتيت رسول الله (ص) فقلت له: ابتعته، قال: إجعله في مسجدنا ولك
أجره). فقالوا: اللهم نعم، قال: فقال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن
رسول الله (ص) قال: (من ابتاع بئر رومة غفر الله له، فابتعتها بكذا وكذا، ثم أتيته
فقلت: قد ابتعتها، قال: إجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك)، قالوا: اللهم نعم، قال:
أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله (ص) نظر في وجوه القوم فقال:
(من جهز هؤلاء غفر الله له) - يعني جيش العسرة، فجهزتهم حتى لم يفقدوا خطاما ولا
عقالا، قال: قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد ثلاثا، قال الأحنف: فانطلقت فأتيت
طلحة والزبير فقلت: ما تأمراني به ومن ترضيانه لي، فإني لا أرى هذا إلا مقتولا، قالا:
نأمرك بعلي، قال: قلت: تأمراني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم، قال: ثم انطلقت حاجا حتى
قدمت مكة فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان وبها عائشة أم المؤمنين، فلقيتها فقلت لها: من
تأمريني به أن أبايع؟ فقالت: عليا، فقلت أتأمرينني به وترضينه لي؟ قالت: نعم، فمررت

(1 / 42) والثلاثة المذكورين الذين سأل عنهم عثمان رضي الله عنه كانوا قد خالفوه فيما أتي من أمور أهمها
تولية الأمور والولايات لأقربائه.
713

على علي بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلا أن الامر قد استقام، قال:
فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت، فقال: هذه عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير قد نزلوا
جانب الخريبة، قال: قلت: ما جاء بهم؟ قال: أرسلوا إليك ليستنصروك على دم عثمان،
قتل مظلوما، قال: فأتاني أفظع أمر أتاني قط فقلت: إن خذلاني هؤلاء ومعهم المؤمنين
وحواري رسول الله (ص) لشديد، وإن قتالي ابن عم رسول الله (ص) بعد أن أمروني
ببيعته لشديد، فلما أتيتهم قالوا: جئنا نستنصر على دم عثمان، قتل مظلوما، قال: فقلت: يا
أم المؤمنين! أنشدك بالله! هل قلت لك: من تأمريني به؟ فقلت: عليا، فقلت: تأمريني به
وترضينه لي؟ فقلت: نعم قالت: نعم، ولكنه بدل، قلت: يا زبير! يا حواري رسول الله
(ص)، يا طلحة! نشدتكما بالله أقلت لكما: من تأمراني به؟ فقلتما: عليا، فقلت: تأمراني به
وترضيانه لي؟ فقلتما: نعم؟ قالا: بلى، ولكنه بدل، قال: فقلت: لا والله لا أقاتلكم
ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله (ص)، أمرتموني ببيعته، اختاروا مني بين إحدى
ثلاث خصال: إما أن تفتحوا لي باب الجسر فألحق بأرض الأعاجم، حتى يقضي الله من
أمره ما قضى، أو ألحق بمكة فأكون بها حتى يقضي الله من أمره ما قضى، أو اعتزل
فأكون قريبا، قالوا: نأتمر، ثم نرسل إليك، فائتمروا فقالوا: نفتح له باب الجسر فيلحق
به المنافق والخاذل، ويلحق بمكة فيتعجسكم في قريش ويخبرهم بأخباركم، ليس ذلك
بأمر، اجعلوه ها هنا قريبا حيث تطأون على صماخه، وتنظرون إليه، فاعتزل بالجلحاء من
البصرة على فرسخين، واعتزل معه زهاء ستة آلاف، ثم التقى القوم، فكان أول قتيل
طلحة وكعب بن سور معه المصحف، يذكر هؤلاء وهؤلاء حتى قتل منهم من قتل، وبلغ
الزبير سفوان من البصرة كمكان القادسية منكم، فلقيه النعر رجل من بني مجاشع، قال:
أين تذهب يا حواري رسول، إلي فأنت في ذمتي، لا يوصل إليك، فأقبل معه، قال:
فأتى انسان الأحنف قال: هذا الزبير قد لقي بسفوان قال: فما يأمن؟ جمع بين المسلمين
حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم لحق ببيته وأهله، فسمعه عمير بن
جرموز وغواة من غواة بني تميم وفضالة بن حابس ونفيع، فركبوا في طلبه، فلقوا معه
النعر، فأتاه عمير بن جرموز وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه

(1 / 42) يتعجسكم: يضعف رأيكم، وتعجسه أمره أمرا ثم غير رأيه.
تطأون على صماخه: تغلبونه على أمره.
سفوان أو صفوان: مكان هو الآن عند الحدود العراقية الكويتية، وهو أدنى البصرة إلى أرض
الكويت وبعده العبدلي.
714

الزبير وهو على فرس له يقال له (ذو الخمار) حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه: يا
نفيع يا فضالة، فحملوا عليه حتى قتلوه.
(43) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا جعفر بن زياد عن أبي الصيرفي عن صفوان بن
قبيصة عن طارق بن شهاب قال: لما قتل عثمان قلت: ما يقيمني بالعراق، وإنما الجماعة
بالمدينة عند المهاجرين والأنصار، قال: فخرجت والأنصار، قال: فخرجت فأخبرت أن الناس قد بايعوا عليا، قال:
فانتهيت إلى الربذة وإذا علي بها، فوضع له رجل فقعد عليه، فكان كقيام الرجل، فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال إن طلحة والزبير بايعا طائعين غير مكرهين، ثم أراد أن يفسدا الامر
وسيقا عصا المسلمين، وحرض على قتالهم قال: فقام الحسن بن علي فقال: ألم أقل لك أن
العرب ستكون لهم جولة عند قتل هذا الرجل، فلو أقمت بدارك التي أنت بها - يعني
المدينة - فإني أخاف أن تقتل بحال مضيعة لا ناصر لك، قال: فقال علي: إجلس فإنما نحن
الجارية، وإن لك حنينا كحنين الجارية، أجلس بالمدينة كالضبع تستمع الدم، لقد ضربت
هذا الامر ظهره وبطنه أو رأسه وعينيه، فما وجدت إلا السيف أو الكفر.
(44) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر قال: حدثني
سيف بن فلان بن معاوية العنزي، قال: حدثني خالي عن جدي قال: لما كان يوم الجمل
واضطرب الناس، قام الناس إلى علي يدعون أشياء، فأكثروا الكلام، فلم يفهم عنهم،
فقال: ألا رجل يجمع لي كلامه في خمس كلمات أو ست، فاحتفزت على إحدى رجلي،
فقلت: إن أعجبه كلامي وإلا لجلست من قريب، فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الكلام
ليس بخمس ولا بست، ولكنهما كلمتان هضم أو قصاص، قال: فنظر إلي فعقد بيده
ثلاثين، ثم قال: أرأيتم ما عددتم فهو تحت قدمي هذه.
(45) حدثنا ابن علية عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال: ذكروا عليا وعثمان
وطلحة والزبير عند أبي سعيد فقال: أقوام سبقت لهم سوابق وأصابتهم فتنة، فردوا أمرهم
إلى الله.
(46) حدثنا المحاربي عن ليث قال حدثني حبيب بن أبي ثابت أن عليا قال يوم
الجمل: اللهم ليس هذا أردت، اللهم ليس هذا أردت.
(47) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس قال: كان مروان مع طلحة يوم الجمل،

(1 / 45) وكذلك نفعل فنقول الله أعلم بهم وهو أعلم بالمتقين.
715

قال: فلما اشتبكت الحرب قال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم، قال: ثم رماه بسهم
فأصاب ركبته، فما رقأ الدم حتى مات، قال: وقال طلحة: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله.
(48) حدثنا عباد بن العوام عن أشعث بن سوار عن أبيه قال: أرسل إلي موسى بن
طلحة في حاجة فأتيته، قال: فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ناس من أهل المسجد، فقالوا:
يا أبا عيسى! حدثنا في الأسارى ليلتنا، فسمعتهم يقولون: أما موسى بن طلحة فإنه
مقتول بكرة، فلما صليت الغداة جاء رجل يسعى (الأسارى الأسارى) قال: ثم جاء آخر
في أثره يقول: (موسى بن طلحة موسى بن طلحة) قال: فانطلقت، فدخل على أمير
المؤمنين فسلمت فقال: أتبايع؟ تدخل فيما دخل فيه الناس؟ قلت: نعم، قال: هكذا،
ومد يده فبسطهما، قال: فبايعته ثم قال: ارجع إلى أهلك ومالك، قال: فلما رأى الناس قد
خرجت، قال جعلوا يدخلون فيبايعون.
(49) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن السدي * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا
منكم خاصة) * قال: أصحاب الجمل.
(50) حدثنا هشيم عن عوف قال: لا أعلمه إلا عن الحسن في قوله: * (واتقوا فتنة
لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال: فلان وفلان.
(51) أخبرنا وكيع عن سفيان عن جعفر عن أبيه أن رجلا ذكر عند علي
أصحاب الجمل حتى ذكر الكفر، فنهاه علي.
(52) حدثنا محمد بن أبي عدي عن التيمي عن حريث بن مخش قال: ما شهدت يوما
أشد من يوم ابن عليس إلا يوم الجمل.
(53) حدثنا وكيع عن علي بن أبي صالح عن أبيه عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة
قال: كان بين صفين والجمل شهران أو ثلاثة.
(54) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي الضحى عن أبي
حفص قال: سمع علي يوم الجمل صوتا تلقاء أم المؤمنين، فقال: انظروا ما يقولون،
فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهم أحلل بقتلة عثمان خزيا.
(55) حدثنا يعلى بن عبيد قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن علي بن عمرو

(1 / 49) سورة الأنفال من الآية (25).
716

الثقفي قال: قالت عائشة: لان أكون جلست عن مسيري كان أحب إلي من أن يكون لي
عشرة من رسول الله مثل ولد الحارث بن هشام.
(56) حدثنا عفان قال: حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن
عبيد بن نضلة عن سليمان بن صرد قال: أتيت عليا يوم الجمل وعنده الحسن وبعض
أصحابه، فقال علي حين رآني: يا ابن صرد! تنأنأت وترجرجت وتربصت، كيف ترى
الله صنع، قد أغنى الله عنك، قلت: يا أمير المؤمنين! إن السوط يطين وقد بقي من
الأمور ما تعرف فيها عدوك من صديقك، قال: فلما قام الحسن لقيته فقلت: ما أراك
أغنيت عني شيئا ولا عذرتني عند الرجل، وقد كنت حريصا على أن تشهد معه، قال:
هذا يلومك على ما يلومك وقد قال لي يوم الجمل: مشى الناس بعضهم إلى بعض، يا
حسن! ثكلتك أمك - أو هبلتك أمك - ما ظنك بأمري، جمع بين هذين الغارين، والله ما
أرى بعد هذا خيرا، قال: فقلت: اسكت، لا يسمعك أصحابك، فيقولوا: شككت،
فيقتلونك.
(57) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال: جاء رجل إلى الزبير يوم الجمل
فقال: أقتل لك عليا؟ قال: وكيف، قال: آتيه فأخبره أني معه، ثم أفتك به، فقال الزبير:
سمعت رسول الله (ص) يقول: (الايمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن).
(58) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير
قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: إنه لا يقتل إلا ظالم أو
مظلوم، وإني لأراني سأقتل اليوم مظلوما، وإن أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقي من مالنا
شيئا؟ ثم قال: يا بني! بع مالنا واقض ديننا، وأوصيك بالثلث - وثلثيه لبنيه - فإن فضل
شئ من مالنا بعد قضاء الدين فثلثه لولدك، قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بدينه
ويقول: يا نبي! إن عجزت عن شئ منه فاستعن عليه مولاي، قال: فوالله ما دريت ما
أراد حتى قلت: يا أبت! من مولاك؟ قال: الله، قال: والله ما وقعت في كربة من دينه
إلا قلت: يا مولى الزبير! إقض عنه دينه، فيقضيه، قال: وقتل الزبير فلم يدع دينارا ولا
درهما إلا أرضين منها الغاية وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا
بالكوفة، ودارا بمصر، قال: وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال
فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف، إني أخشى عليه ضيعة، وما ولي ولاية قط

(1 / 56) السوط يطين: أي أن الامر يشتد والآتي أعظم مما مضى. والسوط يطين أي يتلطخ.
717

ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع رسول الله (ص) أو مع أبي بكر
وعمر وعثمان.
(59) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن
الأسود عن أبيه أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال، فإذا هو بصفراء
وبيضاء، فقال: * (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) * * (وأخرى لم
تقدروا عليها قد أحاط الله بها) * فقال: هذا لنا.
(60) حدثنا حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه قال: أمر علي منادين فنادى يوم
البصرة: لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح، ولا يقتل أسير، ومن أغلق بابا فهو آمن، ومن
ألقى سلاحه فهو آمن، ولم يأخذ من متاعهم شيئا.
(61) حدثنا عبد الأعلى عن الجريري عن أبي العلاء قا: لما أصيب زيد بن
صوحان يوم الجمل قال: هذا الذي حدثني خليلي سلمان الفارسي: إنما يهلك هذه الأمة
نقضها عهودها.
(62) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قالت
عائشة: وددت أني كنت غصنا رطبا ولم أسر مسيري هذا.
(63) حدثنا وكيع عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيدة بن سعد عن
عائشة أنها سئلت عن مسيرها فقالت: كان قدرا.
(64) حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية أن عليا قسم يوم الجمل في
العسكر ما أجابوا عليه من سلاح أو كراع.
(65) وكيع عن أبان بن عبد الله البجلي عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش
قال: قال علي: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله: * (ونزعنا ما في
صدورهم من غل) *.
(66) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن
عبد الله بن سلمة قال: وشهد مع علي الجمل وصفين وقال: ما يسرني بهما ما على الأرض.

(1 / 59) * (وعدكم الله مغانم كثيرة) * سورة الفتح من الآية (20).
* (وأخرى لم تقدروا عليها) * سورة الفتح من الآية (21).
(1 / 65) * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * سورة الأعراف من الآية (43) وسورة الحجر من الآية (47).
718

(67) حدثنا المحاربي عن ليث عن مجاهد أن محمد بن أبي بكر أو محمد بن طلحة قال
لعائشة يوم الجمل: يا أم المؤمنين! ما تأمريني؟ قالت: يا بني! إن استطعت أن تكون
كالخير من ابني آدم فافعل.
(68) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو بكر عن عاصم عن أبي صالح قال: قال
علي يوم الجمل: وددت أني كنت مت قبل هذا بعرشين سنة.
(69) ابن آدم قال حدثنا شريك عن سليمان بن المغيرة عن يزيد بن ضبيعة العبسي
عن علي أنه قال يوم الجمل: لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح.
(70) محمد بن الحسن قال حدثنا جرير بن حازم عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن
رجل من بني ضبيعة قال: لما قدم طلحة والزبير نزلا في بني طاحية، فركبت فرسي
فأتيتهما فدخلت عليها المسجد، فقلت: إنكما رجلان من أصحاب رسول الله (ص)،
[....] أم رأي رأيتما، فأما طلحة فنكس رأسه فلم يتكلم، وأما الزبير فقال: حدثنا أن
ههنا دارهم كثيرة فجئنا نأخذ منهم.
(71) يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام رجل من بني حية
قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك بالله كيف سمعت رسول الله (ص) يقول
وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان: (لتقاتلنه وأنت ظالم له، ثم لينصرن عليك)،
قال: قد سمعت لا جرم، لا أقاتلك.
(72) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن الأسود بن قيس قال: حدثني
من رأى الزبير يقعص الخيل بالرمح قعصا، فثوب به علي: يا عبد الله يا عبد الله، قال:
فاقبل حتى التقمت أعناق دوابهما، قال: فقال له علي: أنشدك بالله، أتذكر يوم أتانا النبي
(ص) وأنا أناجيك فقال: (أتناجيه، فوالله ليقاتلنك يوما وهو لك ظالم)، قال:
فضرب الزبير وجه دابته فانصرف.
(73) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا شريك عن إسحاق عن عبد الله بن محمد
قال: مر علي على قتلى من أهل البصرة، فقال: اللهم اغفر لهم، ومعه محمد بن أبي بكر
وعمار بن ياسر، فقال أحدهما أحدهما للآخر: ما نستمع ما يقول؟ فقال له الآخر: اسكت، [لا
يزيديك].

(1 / 70) [...] بياض في الأصل، ولعل مكانه: * (فهل هذا حق طلبتما].
(1 / 73) [لا يزيديك] كذا في الأصل، ولعلها لا يزيد بك، وفي نسخة [لا يأخذك].
719

(74) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثني أبو بكر عن جحش بن زياد الضبي قال
سمعت الأحنف بن قيس يقول: لما ظهر علي على أهل البصرة أرسل إلى عائشة: ارجعي إلى
المدينة وإلى بيتك، قال: فأبت، قال: فأعاد إليها الرسول: والله لترجعن أو لأبعثن إليك
نسوة من بكر بن وائل دمهم شفار حداد يأخذنك بها، فلما رأت ذلك خرجت.
(75) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا يعقوب عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن
أبزي قال: انتهى عبد الله بن بديل إلى عائشة وهي في الهودج يوم الجمل، فقال: يا أم
المؤمنين! أنشدك بالله، أتعلمين أني أتيت يوم قتل عثمان فقلت: إن عثمان قد قتل فما
تأمريني، فقلت لي: إلزم عليا، فوالله ما غير ولا بدل، فسكتت ثم أعاد عليها ثلاث
مرات، فسكتت فقال: اعقروا الجمل، فعقروه، قال: فنزلت أنا وأخوها محمد بن أبي بكر
واحتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي، فأمر به علي فأدخل في منزل عبد الله بن
بديل، قال جعفر بن أبي المغيرة: وكانت عمتي عند عبد الله بن بديل، فحدثتني عمتي أن
عائشة قالت لها: أدخليني، قالت: فأدخلتها وأتيتها بطشت وإبريق وأجفت عليها الباب،
قالت: فاطلعت عليها من خلل الباب وهي تعالج شيئا في رأسها ما أدري شجة أو رمية.
(76) حدثنا إسحاق بن سليمان قال حدثنا أبو سنان عن عمرو بن مرة قال: جاء
سليمان بن صرد إلى علي بن أبي طالب بعد ما فرغ من قتال يوم الجمل، وكانت له صحبة
مع النبي عليه السلام، فقال له علي: خذلتنا وجلست عنا وفعلت على رؤوس الناس؟ فلقي
سليمان الحسن بن علي فقال: ما لقيت من أمير المؤمنين؟ قال: قال لي كذا وكذا على
رؤوس الناس، فقال: لا يهولنك هذا منه فإنه محارب، فلقد رأيته يوم الجمل حين أخذت
السيوف مأخذها يقول: لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
(77) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا زائدة عن عمرو بن قيس عن زيد بن
وهب قال: أقبل طلحة والزبير حتى نزلا البصرة وطرحوا سهل بن حنيف، فبلغ ذلك
علينا، وعلي كان بعثه عليها، فأقبل حتى نزل بذي قار، فأرسل عبد الله بن عباس إلى
الكوفة فأبطأوا عليه، ثم أتاهم عمار فخرجوا، قال زيد: فكنت فيمن خرج معه، قال:
فكف عن طلحة والزبير وأصحابهما، ودعاهم حتى بدأوه فقاتلهم بعد صلاة الظهر، فما
غربت الشمس وحول الجمل عين تطوق ممن كان يذب عنه، فقال علي: لا تتموا جريحا
ولا تقتلوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن، فلم يكن قتالهم إلا تلك العشية
وحدها، فجاؤوا بالغد يكلمون عليا في الغنيمة فقول علي هذه الآية، فقال: أما إن الله
720

يقول * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول) * أيكم لعائشة؟ فقالوا:
سبحان الله! أمنا، فقال: أحرام هي؟ قالوا: نعم، قال: علي، فإنه يحرم من بناتها ما يحرم
منها، قال: أفليس عليهن أن يعتددن من القتلى أربعة أشهر وعشرا، قالوا: بلى، قال:
أفليس لهن الربع والثمن من أزواجهن، قالوا: بلى، قال: ثم قال: ما بل اليتامى لا
يأخذون أموالهم، ثم قال: يا قنبر! من عرف شيئا فليأخذه، قال زيد: فرد ما كان في
العسكر وغيره، قال: وقال علي لطلحة والزبير: ألم تبايعاني؟ فقالا: نطلب دم عثمان، فقال
علي ليس عندي دم عثمان، قال: قال عمرو بن قيس: فحدثنا رجل من حضر موت
يقال له أبو قيس، قال: لما نادى قنبر (من عرف شيئا فليأخذه) مر رجل على قدر لنا
ونحن نطبخ فيها فأخذها، فقلنا: دعها حتى ينضج ما فيها، قال: فضربها برجله ثم
أخذها.
(78) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال: دخل أبو موسى
وأبو مسعود على عمار وهو يستنفر الناس، فقالا: ما رأينا منك منذ أسلمت أمرا أكره
عندنا من إسراعك في هذا الامر، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره
عندي من إبطائكما عن هذا الامر، قال: فكساهما حلة حلة، وخرجوا إلى الصلاة جميعا.
(79) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن ابن عون عن أبي الضحى قال: قال سليمان بن
صرد الخزاعي للحسن بن علي: اعذرني عند أمير المؤمنين، فإنما منعني من يوم الجمل كذا
وكذا، قال: فقال الحسن: لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن! لوددت
أني مت قبل هذا بعشرين حجة.
(80) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد العدوي
قال: قتل منا يوم الجمل خمسون رجلا حول الجمل قد قرأوا القرآن.
(2) باب ما ذكر في صفين
(1) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا زيد بن عبد العزيز عن أبيه عن حبيب بن أبي
ثابت قال: رأيت أو كانت - شك يحيى - راية علي يوم صفين مع هاشم بن عتبة، وكان
رجلا أعور، فحمل عليه عمار يقول: أقدم يا أعور، لا خير في أعور، لا يأتي الفزع
فيستحي فيتقدم، قال: يقول عمرو بن العاص: إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملا لئن

(1 / 77) * (واعلموا أنما غنمتم من شئ) * سورة الأنفال من الآية (41).
721

دام على ما أرى لتفانن العرب اليوم، قال: فما زال أبو اليقظان يتألف فيهم، قال: وهو
يقول كل الماء ورد، والمياه رود، صبرا عباد الله، الجنة تحت ظلال السيوف.
(2) حدثنا إسحاق بن منصور عن محمد بن راشد عن جعفر بن عمرو بن أمية عن
مسلم بن الأجدع الليثي، وكان ممن شهد صفين، قال: كان عمار يخرج بين الصفين، وقد أخرجت الرايات، فينادي حتى يسمعهم بأعلى صوته: روحوا إلى الجنة، قد تزينت الحور
العين.
(3) حدثنا غندر عن شعبة عن أبي مسلمة قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: من
سره أن تكتنفه الحور العين فليتقدم بين الصفين محتسبا، فإني لأرى صفا ليضربنكم ضربا
يرتاب منه المبطلون، والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت
أنا على الحق وأنهم على الضلالة.
(4) حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة - أو عن أبي
البختري - عن عمار قال: لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم
على الباطل.
(5) حدثنا يزيد بن هارون عن الحسن بن الحكم عن زياد بن الحارث قال: كنت
إلى جنب عمار بن ياسر بصفين، وركبتي تمس ركبته، فقال رجل: كفر أهل الشام، فقال
عمار: لا تقولوا ذلك نبينا ونبيهم واحد، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون
جاروا عن الحق، فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.
(6) حدثنا وكيع عن حسن بن الحارث عن شيخ له يقال له رباح، قال: قال عمار:
لا تقولوا: كفر أهل الشام، ولكن قولوا: فسقوا ظلموا.
(7) وكيع عن مسعر عن عبد الله عن رباح عن عمار قال: لا تقولوا: كفر أهل
الشام ولكن قولوا: فسقوا ظلموا.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن العوام عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال: رأى في
المنام أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل، وكان من أفضل أصحاب عبد الله، قال: رأيت كأني
أدخلت الجنة، فرأيت قبابا مضروبة، فقلت: لمن هذه؟ فقيل: هذه لذي الكلاع

(2 / 1) لتفانن العرب: لتفني بعضها بعضا.
(2 / 3) سعفات هجر: نخلاتها وهجر موضع بأقصى اليمن.
722

وحوشب، وكانا ممن قتل مع معاوية يوم صفين، قال: قلت: فأين عمار وأصحابه؟ قالوا:
أمامك قلت: وكيف وقد قتل بعضهم بعضا؟ قال: قيل: إنهم لقوا الله فوجدوه واسع
المغفرة، قال: فقلت: فما فعل أهل النهر؟ قال: فقيل: لقوا برحا.
(9) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال حدثني أسود بن
مسعود عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: إني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان
في رأس عمار، كل واحد منهما يقول: أنا قتلته، قال عبد الله بن عمرو: ليطلب به أحدكما
نفسا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: (تقتله الفئة الباغية)، فقال معاوية:
ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو، فما بالك معنا؟ قال: إني معكم ولست أقاتل، إن أبي
شكاني إلى رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص): (أطع أباك ما دام حيا ولا تعصه)،
فأنا معكم، ولست أقاتل.
(10) حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن سعد بن إبراهيم قال: بينما علي آخذ بيد
عدي بن حاتم وهو يطوف في القتلى إذ مر برجل عرفته فقلت: يا أمير المؤمنين! عهدي
بهذا وهو مؤمن قال: والآن؟
(11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا فطر عن أبي القعقاع قال: رأيت عليا على بلغة
النبي (ص) الشهباء يطوف بين القتلى.
(12) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا صهيب الفقعصي
أبو أسد عن عمه قال: ما كانت أوتاد فساطيطنا يوم صفين إلا القتلى، وما كنا نستطيع
أن نأكل الطعام من النتن، قال: وقال رجل: من دعا إلى البغلة ليوم كفر أهل الشام، قال: فقال: من الكفر فروا.
(13) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عمران بن ظبيان عن حكم بن
سعد قال: لقد أشرعوا رماحهم بصفين وأشرعنا رماحنا، ولو أن إنسانا يمشي عليها
لفعل.
(14) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا ابن أبي ذئب عمن حدثه عن علي قال: لما
قاتل معاوية سبقه إلى الماء فقال: دعوهم، فإن الماء لا يمنع.
(15) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت: قال
رسول الله (ص): (يقتل عمارا الفئة الباغية).
723

(16) حدثنا محمد بن الحسن الأسدي قال حدثني يحيى بن مهلب عن سليمان بن
مهران قال: حدثني من سمع عليا يوم صفين وهو عاض على شفته: لو علمت أن الامر
يكون هكذا ما خرجت، اذهب يا أبا موسى فاحكم ولو خر عنقي.
(17) حدثنا ابن نمير قال حدثنا الأعمش عن أبي صالح أن عليا قال لأبي موسى:
احكم ولو يخر عنقي.
(18) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي عن الحارث قال: لما رجع علي من
صفين علم أنه لا يملك أبدا، فتكلم بأشياء كان لا يتكلم بها، وحدث بأحاديث كان لا
يتحدث بها، فقال فيما يقول: أيها الناس! لا تكرهوا إمارة معاوية، والله لو قد فقدتموه
لقد رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كالحنظل.
(19) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا موسى بن قيس قال سمعت حجر بن
عنبس قال: قيل لعلي يوم صفين: قد حيل بيننا وبين الماء، قال: فقال: أرسلوا إلى
الأشعث: قال: فجاء فقال: ائتوني بدرع ابن سهر - رجل من بني براء - فصبها عليه ثم
أتاهم فقاتلهم حتى أزالهم عن الماء.
(20) حدثنا الفضل بن دكين عن حسين بن صالح عن عبد الله بن الحسن قال:
سمعته قال: قال علي للحكمين: على أن تحكما بما في كتاب الله، وكتاب الله كله لي، فإن
لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكومة لكما.
(21) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا حسن بن صالح قال سمعت جعفرا قال: قال
علي: أن تحكما بما في كتاب الله فتحييا ما أحيى القرآن، وتميت ما أمات القرآن ولا تزنيا.
(22) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا حسن بن صالح قال سمعت عبد الله بن
الحسن يذكر عن أمه أن المسلمين قتلوا عبيد الله بن عمر يوم صفين، وأخذ المسلمون سلبه
وكان مالا.
(23) حدثنا شريك عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر قال: كان علي إذا أتي بأسير
صفين أخذ دابته وسلاحه، وأخذ عليه أن يعود، وخلى سبيله.
(24) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن محمد بن سيرين
قال: بلغ القتلى يوم صفين سبعين ألفا، فما قدروا على عدهم إلا بالقصب، وضعوا على
كل انسان قصبة، ثم عدوا القصب.
724

(25) حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا كيسان قال حدثني مولاي
يزيد بن بلال قال: شهدت مع علي يوم صفين، فكان إذا أتي بالأسير قال: لن أقتلك
صبرا، إني أخاف الله رب العالمين، وكان يأخذ سلاحه ويحلفه: لا يقاتله، ويعطيه أربعة
دراهم.
(26) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن شقيق قال: قيل له: أشهدت صفين،
قال: نعم، وبئست الصفون كانت.
(27) حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك في قوله: * (وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ
إلى أمر الله) * قال: بالسيف، قلت: فما قتلاهم؟ قال شهداء مرزوقون، قال: قلت: فما
حال الأخرى أهل البغي من قتل منهم؟ قال: إلى النار.
(28) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب قال: حدثني غير واحد أن قاضيا من
قضاة الشام أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت رؤيا أفظعتني، قال: ما هي؟ قال:
رأيت الشمس والقمر يقتتلان، والنجوم معهما نصفين، قال: فمع أيتهما كنت؟ قال:
كنت مع القمر على الشمس، فقال عمر * (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل
وجعلنا آية النهار مبصرة) * فانطلق فوالله لا تعمل لي عملا أبدا، قال عطاء: فبلغني أنه
قتل مع معاوية يوم صفين.
(29) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة قال أخبرني عبد الله بن عروة قال:
أخبرني رجل شهد صفين قال: رأيت عليا خرج في بعض تلك الليالي، فنظر إلى أهل
الشام فقال: اللهم اغفر لي ولهم، فأتى عمار فذكر ذلك له فقال: جروا له الحطير ما جره
لكم - يعني سعدا رحمه الله.
(30) حدثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: رأيت

(2 / 26) والصفون ج الصفن وهي السفرة تجمع بالخيط كالعيبة يكون فيها متاع الرجل وأداته والصفون
وقوف الفرس على ثلاث وقد ثنى الرابعة دون قيد بيد أو رجل.
والصفون: الوقوف مع صف القدمين.
(2 / 26) سورة الحجرات الآية (9).
(2 / 28) سورة الإسراء من الآية (12).
(2 / 29) الحطير: تصغير الحطر وهو وتر القوس.
725

عمارا يوم صفين شيخا آدم طوالا ويداه ترتعش وبيده الحربة فقال: لو ضربونا حتى بلغوا
بنا سعفات هجر لعلمت أن مصلحتنا على الحق وأنهم على الباطل.
(31) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي قال حدثني
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما رفع الناس أيديهم عن صفين قال عمرو بن
العاص:
شبت الحرب فأعددت لها * مفرع الحارث مروي الثبج
يصل الشد بشد فإذا * وثب الخيل من الشد معج
جرشع أعظمه جفرته فإذا ابتل من الماء خرج
قال: وقال عبد الله بن عمرو:
لو شهدت جمل مقامي ومشهدي * بصفين يوما شاب منها الذوائب
عشية جاء أهل العراق كأنهم * سحاب ربيع رفعته الجنائب
وجئناهم نردي كأن صفوفنا * من البحر مد موجه متراكب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم * سراه النهار ما تولى المناكب
إذا قلت قد ولوا سراعا بدت لنا * كتائب منهم فارجحنت كتائب
فقالوا لنا: إنا نرى أن تبايعوا * عليا فقلنا: بل نرى أن نضارب
(32) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن ان
جندبا كان مع علي يوم صفين، قال حماد: لم يكن يقاتل.
(33) حدثنا شريك عن منصور عن إبراهيم قال: قلت له: شهد علقمة صفين؟
قال: نعم، خضب سيفه وقتل أخوه.

(2 / 31) وهذه الأبيات في وصف الفرس.
الحارك من الفرس: أعلى الكاهل، عظم مشرف من جنبيه، منبت أدنى العرق إلى الظهر الذي
يأخذ به من يركبه.
والمفرع: الطويل من كل شئ، ومفرع الحارك: عالي الأكتاف.
الثبج: الصدر، ومروي الثبج: عريض الصدر.
معج: أسرع.
الجرشع من الخيل: العظيم الصدر المنتفخ الجنبين، الطويل.
الجفرة: جوف الصدر أو ما يجمع الصدر والجنين.
726

(34) حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسلم عن أبي البختري قال: رجع علقمة يوم
صفين وقد خضب سيفه مع علي.
(35) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق أبي وائل قال: قال سهل بن حنيف
يوم صفين: أيها الناس! اتهموا رأيكم فإنه والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا مع
رسول الله (ص) لامر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر تعرفه غير هذا.
(36) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة سمعه يقول:
رأيت عمارا يوم صفين شيخا آدم طوالا آخذ خربة بيده ويده ترعد، فقال: والذي نفسي
بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أن مصلحتنا على الحق وأنهم على
الباطل.
(37) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه
قال: إني لخارج من المسجد إذ رأيت ابن عباس حين جاء من عند معاوية في أمر الحكمين
فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه، فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل (يا
ابن عباس كفرت وأشركت ونددت، قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا
حتى دخلني من ذلك، قال: ومن هم؟ هم والله السن الأول أصحاب محمد، هم والله
أصحاب البرانس والسواري، قال: فقال ابن عباس: انظروا أخصمكم وأجدلكم
وأعلمكم بحجتكم، فليتكم، فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب،
فقام فقال: قال الله كذا، وقال الله كذا، كأنما ينزع بحاجته من القرآن في
سورة واحدة، قال: فقال ابن عباس: إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت
ووصلت، أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية
فكرهناها وأبيناها، فلما أصابتكم الجروح وعضكم الألم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم
تطلبونها، ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه ثم أتاه
آت منكم، فقال: إني تركت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة، يقولون
مختلفين في كل وجه مثل ليلة النفر بمكة، قال: ثم قال ابن عباس، أنشدكم بالله الذي لا إله
إلا هو، أي رجل كان أبو بكر؟ فقالوا: خير وأثنوا فقال: أفرأيتم لو أن رجلا خرج
حاجا أو معتمرا فأصاب ظبيا أو بعض هوام الأرض فحكم فيه أحدهما وحده، أكان

(2 / 34) خضب سيفه: أي قاتل معه وقتل من جيش معاوية أناسا.
(2 / 37) هم البرانس والسواري: هم الستر وعليهم الاعتماد
727

له، والله يقول * (يحكم به ذوا عدل) * فما اختلفتم فيه من أمر الأمة أعظم، يقول: فلا
تنكروا حكمين في دماء الأمة، وقد جعل الله في قتل طائر حكمين، وقد جعل بين
اختلاف رجل وامرأته حكمين لإقامة العدل والانصاف بينهما فيما اختلفا فيه.
(38) حدثنا ابن إدريس عن عبد العزيز بن رفيع قال: لما سار علي إلى صفين
استخلف أبا مسعود على الناس فخطبهم يوم الجمعة فرأى فيهم قلة فقال: يا أيها الناس!
اخرجوا فمن خرج فهو آمن، إنا نعلم والله أن منكم الكاره لهذا الوجه والمتثاقل عنه،
اخرجوا فمن خرج فهو آمن، والله ما نعدها عافية أن يلتقي هذان العراءان يتقي أحدهما
الآخر، ولكن نعدها عافية أن يصلح الله أمة محمد ويجمع ألفتها، ألا أخبركم عن عثمان وما
نقم الناس عليه أنهم لم يدعوه وذنبه حتى يكون الله هو يعذبه أو يعفو عنه، ولم يدرك
الذين طلبوه إذ حسدوه ما آتى الله إياه، فلما قدم علي قال: أنت القائل ما بلغني عنك
يا فروج، إنك شيخ قد ذهب عقلك، قال لقد سمتني أمي باسم أحسن من هذا، أذهب
عقلي وقد وجبت لي الجنة من الله ومن رسوله، تعلمه أنت، وما بقي من عقلي فإنا كنا
نتحدث أن الآخر فالآخر شر، قال: فلما كان بالسيلحين أو بالقادسية خرج عليهم
وظفراه يقطران، يرى أنه قد تهيأ للاحرام، فلما وضع رجله في الغرز وأخذ بمؤخر
واسطة الرجل قام إليه ناس من الناس فقالوا: لو عهدت إلينا يا أبا مسعود، فقال: عليكم
بتقوى الله والجماعة، فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة، قال: فأعادوا عليه فقال:
عليكم بتقوى الله والجماعة فإنما يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(39) حدثنا علي بن حفص عن أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت
قال: ما زال جدي كافا سلاحه يوم صفين ويوم الجمل حتى قتل عمار، فلما قتل سل
سيفه وقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (تقتل عمارا الفئة الباغية)، فقاتل حتى قتل.
(40) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ورقاء عن عمرو بن دينار عن زياد مولى
عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله (ص) (تقتل عمارا الفئة
الباغية).
(41) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري قال: لما كان يوم صفين

(يحكم به ذوا عدل) * سورة المائدة من الآية (95).
728

واشتدت الحرب دعا عمار بشربة لبن فشربها، وقال: إن رسول الله (ص) قال لي: (إن
آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن).
(42) حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن شمر عن عبد الله بن سنان الأسدي
قال: رأيت عليا يوم صفين ومعه سيف رسول الله (ص) ذو الفقار قال: فنضبطه فيفلت
فيحمل عليهم، قال: ثم يجئ، قال: ثم يحمل عليهم، قال: فجاء بسيفه قد تثنى، فقال: إن
هذا يعتذر إليكم.
(43) حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة قال: سألت الحكم: هل شهد أبو أيوب صفين؟
قال: لا، ولكن شهد يوم النهر.
(44) حدثنا عمر بن أيوب الموصلي عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم قال:
سئل علي عن قتلى يوم صفين، فقال: قتلانا وقتلاهم في الجنة، ويصير الامر إلي وإلى
معاوية.
(3) ما ذكر في الخوارج
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن
علي قال: ذكر الخوارج، قال: فيهم رجل مخدج اليد أو مؤدن أو مشدون اليد لولا أن
تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد (ص)، قلت: أنت سمعته من
محمد (ص)؟ قال: إي ورب الكعبة - ثلاث مرات.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أسير بن عمرو قال: سألت سهل بن
حنيف: هل سمعت النبي (ص) يذكر هؤلاء الخوارج؟ قال: سمعته - وأشار بيده نحو
المشرق - (يخرج منه قوم يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم، يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية).
(3) حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله (ص):
(يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول
الناس: يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من
الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم فإن قتلهم أجر عند الله).

(2 / 43) يوم النهر: يوم قاتل فيه علي رضي الله عنه الخوارج.
(3 / 1) مخدج اليد: يده ناقصة.
729

(4) حدثنا إسحاق الأزرق عن الأعمش عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله
(ص): (الخوارج كلاب النار).
(5) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: ذكروا الخوارج عند
أبي هريرة قال: (أولئك شرار الخلق).
(6) حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن عاصم بن شمخ قال: سمعت أبا سعيد
الخدري يقول ويداه هكذا - يعني ترتعشان من الكبر: لقتال الخوارج أحب إلي من قتال
عدتهم من أهل الشرك.
(7) حدثنا ابن نمير قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع قال: لما سمع ابن عمر
بنجدة قد أقبل وأنه يريد المدينة وأنه يسبي النساء ويقتل الوليدان، قال: إذا لا ندعه
وذلك، وهم بقتاله وحرض الناس، فقيل له: إن الناس لا يقاتلون معك، ونخاف أن
تترك وحدك، فتركه.
(8) حدثنا عبدة عن الأعمش قال: سمعتهم يذكرون أن عبد الله بن يزيد غزا
الخوارج.
(9) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص): (إن بعدي أو سيكون بعدي من أمتي
قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من
الرمية، لا يعودون فيه، هم شرار الخلق والخليقة)، قال عبد الله بن الصامت: فذكرت
ذلك لرافع بن عمرو أخي الغفاري فقال: وأنا أيضا قد سمعته من رسول الله (ص).
(10) حدثنا عمرو بن يحيى بن سلمة عن أبيه عن جده قال: كنا جلوسا
عند باب عبد الله ننتظر أن يخرج إلينا فخرج، فقال: إن رسول الله (ص) حدثنا أن قوما
يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، وأيم الله
لا أدري لعل أكثرهم منكم، قال: فقال عمرو بن سلمة فرأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم
النهروان مع الخوارج.

(3 / 7) نجدة: أحد قادة الخوارج.
730

(11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي قال حدثنا
عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال: سمع رجلا من الخوارج وهو يصلي صلاة الفجر
يقول: * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك
ولتكونن من الخاسرين) * قال فترك سورته التي كانت فيها قال: وقرأ * (فاصبر إن وعد
الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) *.
(12) حدثنا قطن بن عبد الله أبو مري عن أبي غالب قال: كنت في مسجد دمشق
فجاؤوا بسبعين رأسا من رؤوس الحرورية فنصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة فنظر
إليهم فقال: كلاب جهنم، شر قتلى قتلوا تحت ظل السماء، ومن قتلوا خير قتلى تحت
السماء، وبكى فنظر إلي وقال: يا أبا غالب! إنك من بلد هؤلاء؟ قلت: نعم، قال:
أعاذك - قال: أظنه قال: الله منهم: قال: تقرأ آل عمران؟ قلت: نعم! قال: * (منه آيات
محكمات هن أم الكتاب وأخر متشبهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه
منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * قال:
* (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) * قلت: يا أبا أمامة! إني رأيتك تهريق عبرتك؟ قال:
نعم! رحمة لهم، إنهم كانوا من أهل الاسلام، قال: (افترقت بنو إسرائيل على واحدة
وسبعين فرقة، وتزيد هذه الأمة فرقة واحدة، كلها في النار إلا السواد الأعظم، عليهم ما
حملوا وعليكم ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا، وما على الرسول إلا البلاغ، السمع والطاعة
خير من الفرقة والمعصية). فقال له رجل: يا أبا أمامة! أمن رأيك تقول أم شئ سمعته
من رسول الله (ص)؟ قال: إني إذا لجرئ، قال بل سمعته من رسول الله (ص) غير مرة
ولا مرتين حتى ذكر سبعا.

(3 / 11) * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين) * سورة الزمر من الآية (65).
* (فاصبر إن وعد الله حق) * سروة الروم من الآية (60).
(3 / 12) الحرورية: فرقة من الخوارج سموا كذلك لنزولهم في منطقة حروراء حروراء موضع في
العراق.
* (منه آيات محكمات) * سورة آل عمران الآية (17).
* (يوم تبيض وجوه) * سورة آل عمران الآية (106).
731

(13) حدثنا يزيد بن هارون الواسطي قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز قال:
نهى علي أصحابه أن يسطوا على الخوارج حتى يحدثوا حدثا، فمروا بعبد الله بن خباب
فأخذوه، فمر بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فأخذها فألقاها في فيه، فقال بعضهم: تمرة
معاهد، فبم استحللتها؟ فألقاها من فيه، ثم مروا على خنزير فنفخه بعضهم بسيفه فقال
بعضهم: خنزير معاهد، فبم استحللته؟ فقال عبد الله: ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم
حرمة من هذا؟ قالوا: نعم، قال: أنا، فقدموه فضربوه عنقه، فأرسل إليهم علي أن
أقيدونا بعبد الله بن خباب، فأرسلوا إليه: وكيف نقيدك وكلنا قتله، قال: أوكلكم
قتله؟ قالوا: نعم، فقال: الله أكبر، ثم أمر أصحابه أن يسطوا عليهم، قال: والله لا يقتل
منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة، قال: فقتلوهم فقال اطلبوا فيهم ذا الثدية، فطلبوه
فأتي به، فقال: من يعرفه، فلم يجدوا أحدا يعرفه إلا رجلا، قال: أنا رأيته بالحياة، فقلت
له: أين تريد؟ قال: هذه، وأشار إلى الكوفة، ومالي بها معرفة، قال: فقال علي: صدق
هو من الجان.
(14) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: لما لقي
على الخوارج أكب عليهم المسلمون، فوالله ما أصيب من المسلمين تسعة حتى أفنوهم.
(15) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جهمان قال:
كانت الخوارج قد دعوني حتى كدت أن أدخل فيهم، فرأيت أخت أبي بلال في المنام
كأنها رأيت أبا بلال أهلب، فقلت: يا أخي! ما سنانك؟ قال: فقال: يا أخي! سنانك؟
قال: فقال: جعلنا بعدكم كلاب أهل النار.
(16) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال:
حدثني رجل من عبد القيس قال: كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئا كرهته، ففارقتهم
على أن لا أكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلا خرج كأنه قرع، وبينهم
وبينه نهر، فقطعوا إليه النهر، فقالوا: كأنا رعناك؟ قال: أجل، قالوا: ومن أنت؟ قالا:
أنا عبد الله بن خباب بن الأرت، قالا: عندك حديث تحدثناه عن أبيه عن رسول الله
(ص)، قال سمعته يقول: إنه سمع النبي (ص) يقول: (إن فتنة جائية القاعد فيها خير

(3 / 13) نفخه بسيفه: طعنه به.
الحياة: اسم موضع.
(3 / 16) كأنه قرع: أي لا شعر في رأسه ولا في لحيته.
732

من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، فإذا لقيتهم فإن استطعت أن تكون عبد الله
المقتول فلا تكن عبد الله القاتل)، قال: فقربوه إلى النهرة فضربوا عنقه فرأيت دمه
يسيل على الماء كأنه شراك ماء اندفر بالماء حتى توارى عنه، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا
عما في بطنها.
(17) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن محمد الأنصاري قال حدثني يحيى بن
حبان عن جبلة بن سحيم وفلان بن نضلة قالا: بعث علي إلى الخوارج فقال: لا تقاتلوهم
حتى يدعوا إلى ما كانوا عليه من إعطاء رزق في أمان من الله ورسوله، فأبوا وسبونا.
(18) يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل
عن زيد بن وهب قال: خطبنا علي بالمدائن بقنطرة فقال: قد ذكر لي أن خارجة تخرج من
قبل المشرق فيهم ذو الثدية، وإني لا أدري أهم هؤلاء أم غيرهم، قال: فانطلقوا يلقى
بعضهم بعضا، فقالت الحرورية: لا تكلموهم كما كلمتموهم يوم حروراء، فكلمه
[....]، قال: فشجر بعضهم بعضا بالرماح، فقال بعض أصحاب علي: قطعوا العوالي،
قال: فاستداروا فقتلوهم وقتل من أصحاب علي اثنا عشر أو ثلاثة عشر، فقال: التمسوه،
فالتمسوه فوجدوه فقال: والله ما كذبت ولا كذبت، اعملوا واتكلوا، فلولا، أن
تتكلموا لأخبرتكم بما قضى الله لكم على لسان نبيكم، ثم قال: لقد شهدنا ناس باليمن،
قالوا: كيف ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: كان هداهم الله معنا.
(19) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبي إسحاق عن أبي بركة
الصائدي قال: لما قتل علي ذا الثدية قال سعد: لقد قتل ابن أبي طالب جان الردهة.
(20) يحيى بن آدم قال حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن سميع الحنفي عن أبي
رزين قال: لما كانت الحكومة بصفين وباين الخوارج عليا رجعوا مباينين له، وهم في
عسكر، وعلي في عسكر، حتى دخل علي الكوفة مع الناس بعسكره، ومضوا هم إلى حروراء
في عسكرهم، فبعث علي إليهم ابن عباس فكلمهم فلم يقع منهم موقعا، فخرج علي إليهم
فكلمهم حتى أجمعوا هم وهو على الرضا، فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه
ومنهم، فأقاموا يومين أو نحو ذلك، قال: فدخل الأشعث بن قيس وكان يدخل على علي

(3 / 18) [...] نقص من الأصل.
(3 / 19) الجان: نوع من الثعابين والردهة اسم موضع.
733

فقال: إن الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كره، فلما أن كان الغد الجمعة صعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه فخطب فذكرهم ومباينتهم الناس وأمرهم الذي فارقوه فيه، فعابهم
وعاب أمرهم، قال: فلما نزل المنبر تنادوا من النواحي المسجد (لا حكم إلا لله) فقال
علي: حكم الله أنتظر فيكم، ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالإشارة، وهو على المنبر حتى أتى
رجل منهم واضعا إصبعيه في دابته وهو يقول: * (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن
من الخاسرين) *.
(21) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن
عباس أنه ذكر عنده الخوارج فذكر من عبادتهم واجتهادهم فقال: ليسوا بأشد اجتهادا
من اليهود والنصارى ثم هم يصلون.
(22) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن معمر عن ربعي عن طاوس عن
أبيه عن ابن عباس أنه ذكر ما يلقى الخوارج عند القرآن فقال: يؤمنون عند محكمه
ويهلكون عند متشابهه.
(23) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن بشر بن
شفاف قال: سألني عبد الله بن سلام عن الخوارج فقلت: هم أطول الناس صلاة وأكثرهم
صوما غير أنهم إذا خلفوا الجسر اهراقوا الدماء، وأخذوا الأموال، فقال: لا سئل عنهم
الأذى، أما إني قد قلت لهم: لا تقتلوا عثمان، دعوه، فوالله لئن تركتموه إحدى عشرة
ليلة ليموتن على فراشه موتا فلم يفعلوا، فإنه لم يقتل نبي إلا قتل سبعون ألفا من
الناس، ولم يقتل خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا.
(24) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي
الطفيل أن رجلا ولد له غلام على عهد النبي (ص)، فدعا له وأخذ ببشرة جبهته فقال بها
هكذا وغمز جبهته ودعا له بالبركة، قال: فنبت شعرة في جبهته كأنها هلبة فرس، فشب
الغلام، فلما كان زمن الخوارج أحبهم، فسقطت الشعرة عن جبهته، فأخذه أبوه فقيده
مخافة أن يلحق بهم، قال: فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له فيما نقول: ألم تر أن بركة دعوة

(3 / 20) * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * سورة الزمر الآية (65).
(3 / 21) أي أن حالهم حال اليهود والنصارى.
(3 / 22) يهلكون عند متشابهه، لأنهم يؤلونه بما توحي لهم أهواءهم دون علم كاف.
(3 / 24) هلبة الفرس: شعر ذيله.
734

رسول الله (ص) قد وقعت من جبهتك، فما زلنا به حتى رجع عن رأيهم، قال: فرد الله
إليه الشعرة بعد في جبهته وتاب وأصلح.
(25) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: ذكر الخوارج عند
أبي هريرة فقال: (أولئك شر الخلق).
(26) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبي إسحاق عن أبي بركة
الصائدي قال: لما قتل علي ذا الثدية قال سعد: لقد قتل علي جان الردهة.
(27) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عاصم بن ضمرة
قال: إن خارجة خرجت على حكم، فقالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي: إنه لا حكم إلا
لله، ولكنهم يقولون: لا إمرة، ولا بد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمارته
المؤمن ويستمتع فيها الكافر، يبلغ الله فيه الاجل.
(28) حدثنا جرير عن مغيرة قال: خاصم عمر بن عبد العزيز الخوارج، فرجع من
رجع منهم، وأبت طائفة منهم أن يرجعوا، فأرسل عمر رجلا على خيل وأمره أن ينزل
حيث يرحلون، ولا يحركهم ولا يهيجهم، فإن قتلوا وأفسدوا في الأرض فاسط عليهم
وقاتلهم، وإن هم لم يقتلوا ولم يفسدوا في الأرض فدعهم يسيرون.
(29) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال: قلت
لأبي سعيد الخدري: هل سمعت من رسول الله (ص) يذكر في الحرورية شيئا؟ قال: نعم
سمعته يذكر قوما يعبدون، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصومه مع صومهم، يمرقون
من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئا، فنظر في رصاف فلم ير شيئا، فنظر في قدحه فلم ير شيئا، فنظر في القدد فتمارى هل يرى شيئا أم
لا.
(30) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن غيلان بن جرير قال:
أردت أن أخرج مع أبي قلابة إلى مكة، فاستأذنت عليه، فقلت: أدخل؟ قال: إن لم تكن
حروريا.
(31) يزيد بن هارون عن حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن رباح عن
كعبي قال: الذي تقتله الخوارج له عشرة أنوار، فضل ثمانية أنوار على نور الشهداء.
735

(32) حميد عن الحسن عن أبي نعامة عن خالد قال: سمعت ابن عمر يقول: إنهم
عرضوا بغير نار، لو كنت فيها ومعي سلاحي لقاتلت عليه - يعني نجدة وأصحابه.
(33) حميد عن حسن عن أبيه قال: أشهد أن كتاب عمر بن عبد العزيز قرئ
علينا: إن سفكوا الدم الحرام وقطعوا السبيل فتبرأ في كتابه من الحرورية وأمر بقتالهم.
(34) ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن
أبي وائل قال: اتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي، قال: قلت: فيهم فارقوه وفيما
استجابوا له وفيما دعاهم، وفيم فارقوه ثم استحل دماءهم؟ قال: إنه لما استحر القتل في
أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بجبل، فقال عمرو بن العاص: أرسل إلى علي
بالمصحف، فلا والله لا يرده عليك، قال: فجاء به رجل يحمله ينادي: بيننا وبينكم كتاب
الله * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم
ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) * قال: فقال علي: نعم بيننا وبينكم كتاب الله، أنا
أولى به منكم، قال: فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء، قال: فجاؤوا بأسيافهم
على عواتقهم فقالوا: يا أمير المؤمنين! لا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا
وبينهم، فقام سهل بن حنيف فقال: أيها الناس! اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله
(ص) يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (ص)
وبين المشركين، فجاء عمر فأتى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله! ألسنا على حق؟
وهم على باطل؟ قال: (بلى قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال:
ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب! إني
رسول الله ولن يضيعني الله أبدا، قال: فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر
فقال: يا أبا بكر! ألسنا على حق وهم على باطل؟ فقال: بلى قال: أليس قتلانا في الجنة
وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا
وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب! إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا، قال: فنزل القرآن على
محمد (ص) بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله! أو فتح هو؟ قال:
(نعم)، فطابت نفسه ورجع، فقال علي: أيها الناس! إن هذا فتح، فقبل علي القضية
ورجع، ورجع الناس، ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر
ألفا، فأرسل إليهم يناشدهم الله، فأبوا عليه فأتاهم صعصعة بن صوحان فناشدهم الله

(3 / 34) * (ألم تر إلى الذين أوتوا) * سورة آل عمران الآية (23).
736

وقال: علام تقاتلون خليفتكم، قالوا: نخاف الفتنة، قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة
فتنة عام قابل، فرجعوا فقاتلوا: نسير على ناحيتنا، فإن عليا قبل القضية، قاتلناهم يوم
صفين، وإن نقضها قاتلنا معه، فساروا حتى بلغوا النهروان، فافترقت منهم فرقة فجعلوا
يهدون الناس قتلا، فقال أصحابهم: ويلكم ما على هذا فارقنا عليا فبلغ عليا، أمرهم فقام
فخطب الناس فقال: أما ترون، أتسيرون إلى أهل الشام أم ترجعون إلى هؤلاء الذين
خلفوا إلى ذراريكم، فقالوا: لا، بل نرجع إليهم، فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال
فيهم رسول الله (ص): (إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفين
بالحق، علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة) فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا
قتالا شديدا، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم، فقام علي فقال: أيها الناس إن كنتم إنما
تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم به، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا
قتالكم، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم مكبون على وجوههم، فقال
علي، اطلبوا الرجل فيهم، قال: فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم: غرنا ابن أبي
طالب من إخواننا حتى قتلناهم، فدمعت عين علي، قال: فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى
أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض [فجعل يجر بأرجلهم] حتى وجد الرجل تحتهم،
فأخبروه فقال علي: الله أكبر، وفرح الناس ورجعوا، وقال علي: لا أغزو العام، ورجع
إلى الكوفة وقتل، واستخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.
(35) أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن علي قال: لما كان يوم النهروان
لقي لخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا برماح فقتلوا جميعا، فقال علي: اطلبوا ذا الثدية،
فطلبوه فلم يجدوه فقال علي: ما كذبت ولا كذبت، اطلبوه، فطلبوه فوجدوه في وهدة
من الأرض عليه ناس من القتلى، فإذا رجل على يده مثل سبلات السنور، قال: فكبر علي
والناس، وأعجب الناس وأعجب علي.
(36) وكيع قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن رجل
من بني نضر بن معاوية قال: كنا عند علي فذكروا أهل النهر فسبهم رجل فقال علي: لا

يهدون الناس قتلا: يكثرون القتل.
[فجعل يجر بأرجلهم] كذا في الأصل، لكن سياق العبارة بعد ذلك يفيد وجود نقص أو تبديل،
والأرجح أنه أمر أن يجروا بأرجلهم وإثبات ذلك قول (فأخبروه) إذ لو فعل ذلك بنفسه لما
احتاج أن يخبروه.
737

تسبوهم، ولكن إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام الجائر فلا
تقاتلوهم، فإن لهم بذلك مقالا.
(37) يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن شريك بن
شهاب الحارثي قال: جعلت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب محمد (ص) يحدثني عن
الخوارج، فلقيت أبا برزة الأسلمي في نفر من أصحابه في يوم عرفة، فقلت: حدثني
بشئ سمعته من رسول الله (ص) يقوله في الخوارج، فقال: أحدثكم بما سمعت أذناي ورأت
عيناي، أتى رسول الله (ص) بدنانير فجعل يقسمها وعنده رجل أسود مطموم الشعر،
عليه ثوبان أبيضان، بين عينيه أثر السجود، وكان يتعرض لرسول الله (ص) فلم يعطه،
فأتاه فعرض له من قبل وجهه فلم يعطه شيئا، فأتاه من قبل يمينه فلم يعطه شيئا، ثم أتاه
من قبل شماله فلم يعطه شيئا، ثم اتاه من خلفه فلم يعطه شيئا فقال: يا
محمد! ما عدلت منذ اليوم في القسمة، فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا، ثم قال:
(والله لا تجدون أحدا أعدل عليكم مني - ثلاث مرات - ثم قال: يخرج عليكم رجال
من قبل المشرق كأن هذا منهم هديهم هكذا، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم،
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون إليه - ووضع يده على
صدره - سيماهم التخلق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح
الدجال، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم - ثلاثا، هم شر الخلق والخليقة) يقولها ثلاثا.
(38) زيد بن حباب قال حدثني قرة بن خالد السدوسي قال حدثنا أبو الزبير عن
جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (يجئ قوم يقرأون القرآن لا يجاوز
تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية على فوقه).
(39) أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص):
(ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية).
(40) زيد بن حباب قال أخبرني موسى بن عبيدة قال أخبرني عبد الله بن دينار عن
أبي سلمة وعطاء بن يسار قالا: جئنا أبا سعيد الخدري فقلنا: سمعنا من رسول الله (ص)
في الحرورية شيئا، فقال: ما أدري ما الحرورية، ولكن سمعت رسول الله (ص) يقول:
(يأتي من بعدكم أقوام تحتقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم

(3 / 37) [يمينه] ناقصة في الأصل، وأفدناها من المعنى.
التخلق: التعطر بالخلوق.
(3 / 38) على فوقه: أي وهو مشدود، والمقصود سرعة خروجهم كسرعة انطلاق السهم.
(3 / 40) تحتقرون صلاتكم مع صلاتهم الخ... أي أنهم يكثرون من الصلاة والصيام والعبادة.
738

وعبادتكم مع عبادتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية).
(41) يحيى بن أبي بكير قال حدثنا ابن عيينة قال حدثنا العلاء بن أبي العباس قال:
سمعت أبا الطفيل يخبر عن بكر بن فوارس عن سعد بن مالك قال: قال رسول الله (ص)
- وذكر ذا الثدية الذي كان مع أصحاب النهر - فقال: (شيطان الردهة يجتدره رجل
من بجيلة يقال له الأشهب - أو ابن الأشهب - علامة سوء في قوم ظلمة)، فقال عمار
الدهني حين كذب به جاء رجل من بجيلة، قال: وأراه قال: من دهن، يقال له الأشهب أو
ابن الأشهب.
(42) محمد بن بشر قال حدثنا عبيد الله بن الوليد عن عبيد الحسن قال: قالت
الخوارج لعمر بن عبد العزيز: تريد أن تسير فينا بسيرة عمر بن الخطاب؟ فقال: ما لهم
قاتلهم الله، والله ما زدت أن أتخذ رسول الله (ص) إماما.
(43) ابن علية عن التيمي عن أبي مجلز قال بينما عبد الله بن خباب في يد الخوارج إذ
أتوا على نخل، فتناول رجل منهم تمرة فاقبل عليه أصحابه فقالوا له: أخذت تمرة من تمر
أهل العهد، وأتوا علي خنزير فنفخه رجل منهم بالسيف فأقبل عليه أصحابه فقالوا له:
قتلت خنزيرا من خنازير أهل العهد، قال: فقال عبد الله، ألا أخبركم من هو أعظم عليكم
حقا من هذا؟ قالوا: من؟ أنا، ما تركت صلاة ولا تركت كذا ولا تركت كذا،
قال: فقتلوه، قال فلما جاءهم علي قال: أقيدونا بعبد الله بن خباب، قالوا: كيف نقيدك
به وكلنا قد شرك في دمه، فاستحل قتالهم.
(44) إسحاق بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن عبد الله بن
سلمة قال - وقد كان شهد مع علي الجمل وصفين وقال: ما يسرني كل ما على وجه
الأرض.
(45) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي عن
هذه الآية قل * (هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) *
أهم الحرورية؟ قال: لا، هم أهل الكتاب اليهود والنصارى، أما اليهود فكذبوا بمحمد
(ص)، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا: ليس فيها طعام ولا شراب، ولكن الحرورية

(3 / 45) * (هل ننبئكم بالأخسرين) * سورة الكهف من الآيتين (103 - 104).
739

* (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في
الأرض أولئك هم الخاسرون) * وكان سعد يسميهم الفاسقين.
(46) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت مصعب بن سعد قال: سئل أبي
عن الخوارج، قال: هم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
(47) عبيد الله قال أخبرنا نعيم بن حكيم قال حدثني أبو مريم أن شبث بن ربعي
وابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حروراء، فأمر علي الناس أن يخرجوا بسلاحهم
فخرجوا إلى المسجد حتى امتلأ المسجد، فأرسل علي: بئس ما صنعتم حين تدخلون المسجد
بسلاحكم، إذهبوا إلى جبانة مراد حتى يأتيكم امرئ، قال: قال أبو مريم: فانطلقنا إلى
جبانة مراد، فكنا بها ساعة من نهار، ثم بلغنا أن القوم قد رجعوا وأنهم زاحفون، قال:
فقلت: أنطلق أنا فأنظر إليهم، قال: فانطلقت فجعلت أتخلل صفوفهم حتى انتهيت إلى
شبث بن ربعي وابن الكواء وهما واقفان متور كان على دابتيهما، وعندهم رسل علي
يناشدونهما الله لما رجعوا، وهم يقولون لهم: نعيذكم بالله أن تعجلوا بفتنة العام خشية عام
قابل، فقام رجل منهم إلى بعض رسل علي فعقر دابته، فنزل الرجل وهو يسترجع،
فحمل سرجه فانطلق به، وهما يقولان: ما طلبنا إلا منابذتهم، وهم يناشدونهم الله،
فمكثوا ساعة ثم انصرفوا إلى الكوفة كأنه يوم أضحى أو يوم فطر، وكان علي يحدثنا قبل
ذلك أن قوما يخرجون من الاسلام، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية، علامتهم رجل
مخدج اليد، قال: فسمعت ذلك منه مرارا كثيرة، قال: وسمعه نافع: المخدع أيضا، حتى
رأيته يتكره طعامه من كثرة ما سمعه منه، قال: وكان نافع معنا في المسجد يصلي فيه
بالنهار، ويبيت فيه بالليل، وقد كسوته برنسا فلقيته من الغد فسألته: هل كان خرج معنا
الناس الذين خرجوا إلى حروراء؟ قال: خرجت أريدهم حتى إذا بلغت إلى بني فلان
لقيني صبيان، فنزعوا سلاحي، فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهروان
وسار علي إليهم، فلم أخرج معه، قال: وخرج أخي أبو عبد الله ومولاه مع علي، قال:
فأخبرني أبو عبد الله أن عليا سار إليهم حتى إذا كان حذاءهم على شاطئ النهروان أرسل
إليهم يناشدهم الله ويأمرهم أن يرجعوا، فلم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسوله،
فلما رأى ذلك نهض إليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم كلهم، ثم أمر أصحابه أن يلتمسوا
المخدج فالتمسوه فقال بعضهم: ما نجده حيا، وقال: بعضهم: ما هو فيهم، ثم إنه جاءه

(الذين ينقضون عهد الله) * سورة البقرة من الآية (27).
740

رجل فبشره فقال: يا أمير المؤمنين! قد والله وجدناه تحت قتيلين في ساقيه، فقال: اقطعوا
يده المخدجة وأتوني بها، فلما أتى بها أخذها بيده ثم رفعها ثم قال: والله ما كذبت ولا
كذبت.
(48) شريك عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا لما أتي بالمخدج سجد.
(49) وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حصين - وكان صاحب شرطة
علي - قال: قال علي: قاتلهم الله، أي حديث شابوا - يعني الخوارج الذين قتلوا.
(50) ابن نمير عن الأجلح عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر قال: بينا أنا في
الجمعة وعلي بن أبي طالب على المنبر إذ جاء رجل فقال: لا حكم إلا لله، ثم قام آخر
فقال: لا حكم إلا لله، ثم قاموا من نواحي المسجد يحكمون الله فأشار عليهم بيده:
أجلسوا، نعم لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغي بها باطل، حكم الله ينتظر فيكم، الآن
لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا، لن نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ولا
نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا، ثم أخذ في خطبته.
(51) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن عمر بن حسيل بن
سعد بن حذيفة قال حدثنا حبيب أبو الحسن العبسي عن أبي البختري قال: دخل رجل
المسجد فقال: لا حكم إلا لله * (إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * فما
تدرون ما يقول هؤلاء؟ يقولون: لا أمارة، أيها الناس إنه لا يصلحكم إلا أمير بر أو
فاجر، قالوا: هذا البر قد عرفناه، فلما بال الفاجر؟ فقال: يعمل المؤمن ويملي للفاجر،
يبلغ الله الاجل، ونأمن سبلكم، وتقوم أسواقكم، ويقسم فيئكم ويجاهد عدوكم ويؤخذ
الضعيف من القوي أو قال: من الشديد - منكم.
(52) يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز قال حدثنا إسحاق بن راشد
عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والضحاك بن قيس عن أبي سعيد
الخدري قال: بينا رسول الله (ص) يقسم مغنما يوم خيبر، فأتاه رجل من بني تميم يقال له ذو
الخويصرة فقال: يا رسول الله! اعدل، فقال: (هاك لقد خبت وخسرت أن لم أعدل)،
فقال عمر: دعني يا رسول الله أقتله، فقال: (لا، إن لهذا أصحابا يخرجون عند
اختلاف من الناس، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم، آيتهم

(3 / 49) أي حديث شابوا أي (أي حديث مني وجدوا فيه شائبة) والمقود ما مأخذهم علي حتى خرجوا.
(3 / 51) * (إن وعد الله حق) * سورة الروم من الآية (60).
741

رجل منهم كأن يده ثدي المرأة، وكأنها بضعة تدردر)، قال: فقال أبو سعيد فسمعت
أذني من رسول الله (ص) يوم حنين وبصر عيني مع علي حين قتلهم، ثم استخرجه فنظرت
إليه.
(53) أبو أسامة قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا مخالد بن سعيد عن عمير بن
زوذي أبي كبير قال: خطبنا علي يوما، فقام الخوارج فقطعوا عليه كلامه، قال: فنزل
فدخل ودخلنا معه فقال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ثم قال: مثلي مثل
ثلاثة أثوار وأسد اجتمعن في أجمة: أبيض وأحمر وأسود، فكان إذا أراد شيئا منهن
اجتمعن، فامتنعن منه فقال للأحمر والأسود، إنه لا يفضحنا في أجمتنا هذه إلا مكان
هذا الأبيض، فخليا بيني وبينه حتى آكله، ثم أخلوا أنا وأنتما في هذه الأجمة، فلونكما على
لوني ولوني على لونكما، قال: ففعلا، قال: فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله، قال: فكان إذا
أراد أحدهما اجتمعا، فامتنعا منه، وقال للأحمر: يا أحمر، إنه لا يشهرنا في أجمتنا هذه
إلا مكان هذا الأسود، فخل بيني وبينه حتى آكله، ثم أخلو أنا وأنت، فلوني على لونك
ولونك على لوني، قال: فأمسك عنه فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله، ثم لبث ما شاء الله ثم
قال للأحمر: يا أحمر! إني آكلك، قال: تأكلني، قال: نعم، قال: أما لا فدعني حتى أصوت
ثلاثة أصوات، ثم شأنك بي قال: فقال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، قال:
ثم قال علي: ألا وإني إنما رهبت يوم قتل عثمان.
(54) ابن فضيل عن إسماعيل بن سميع عن الحكم قال: خمس علي أهل النهر.
(55) حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن الحكم أن عليا قسم بين أصحابه رقيق
أهل النهر ومتاعهم كله.
(56) وكيع عن سفيان عن شبيب بن غرقدة عن رجل من بني تميم قال: سألت ابن
عمر عن أموال الخوارج، قال: ليس فيها غنيمة ولا غلول.
(57) ابن إدريس عن أبيه عن جده قال: فزع المسجد حين أصيب أهل النهر.

(3 / 52) كأن بضعة تدردر: كأنها قطعة لحم تتهزهز.
(3 / 45) أهل النهر هم الخوارج وتخميسه لهم أي أنه لا يعتبرهم من المسلمين.
(3 / 57) فزع المسجد: أي اجتمع الناس في المسجد.
742

(58) يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب قال: حدثني من سمع أبا سعيد
الخدري رضي الله عنه يقول في القتال الخوارج: لهو أحب إلى من قتال الديلم.
(59) يزيد بن هارون أنا العوام بن حوشب عن الشيباني عن أسير بن عمرو عن
سهل بن حنيف عن النبي (ص) قال: يتيه قوم من قبل المشرق محلقة رؤوسهم).
(60) يحيى بن آدم قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن الحسن قال: لما صنع علي
الحكمين قال أهل الحر وراء: ما تزيد أن تجامع لهؤلاء، فخرجوا فأتاهم إبليس فقال: أين
كان هؤلاء القوم الذين فارقنا مسلمين؟ لبئس الرأي رأينا، ولئن كانوا كفارا لينبغي لنا
أن نناديهم، قال الحسن: فوثب عليهم أبو الحسن فجذهم جذا.
(61) حدثنا شبابة عن الهذيل بن بلال قال: كنت عند محمد بن سيرين فأتاه رجل
فقال: إن عندي غلام لي أريد بيعه، قد أعطيت بن ستمائة درهم، وقد أعطاني الخوارج
ثمانمائة، أفأبيعه منهم؟ قال كنت بايعه من يهودي أو نصراني؟ قال: لا، قال فلا تبعه
منهم.
(62) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل بن مهلهل عن الشيباني عن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب قال: كنت عند علي، فسئل عن أهل النهر أهم مشركون؟ قال: من
الشرك فروا، قيل: فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، قيل له:
فما هم؟ قال: قوم بغوا علينا.
(63) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل عن أبي إسحاق عن عرفجة عن أبيه قال لما
جئ على بما في عسكر أهل النهر قال: من عرف شيئا فليأخذه، قال: فأخذت إلا قدر،
قال: ثم رأيتها بعد قد أخذت.
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله
وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا - آمين.
تم مصنف أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي

(3 / 58) من قتال أهل الديلم: أي من قتال الكافرين والمشركين.
(3 / 61) أي لا يباع رقيق المسلمين إلى الخوارج كما لا يباع إلى النصارى واليهود لكي لا تكون لهم ولاية
على مسلم وإن كان رقيقا.
743