الكتاب: كتاب ذم المسكر
المؤلف: ابن أبي الدنيا
الجزء:
الوفاة: ٢٨١
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
تحقيق: د . نجم عبد الرحمن خلف
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الراية - الرياض
ردمك:
ملاحظات:

ذم المسكر
ومعه
ذم البغي
لابن أبي الدنيا
تحقيق
مسعد عبد الله السعدني
مكتبة القرآن
3 شارع القماش بالفرنساوي - بولاق أبو العلا
القاهرة - ت: 76962 - 7685991 فاكس 483 - 248
1

وكلاء التوزيع
السعودية
مكتبة الساعي
الرياض: ت 4353768 فاكس 4355945 فرع جدة ت 6532089
القصيم - بريدة: ت 3231434 - المدينة المنورة - ت 8242775
كنوز المعرفة
جدة ت 6510421 فاكس 6442273 ص. ب: 30746 جدة 21487
المغرب
دار المعرفة
40 شارع فيكتور هيكو - الدار البيضاء
المكتبة السلفية
12 - حي الداخلة - زنقة الامام القسطلاني - الدار البيضاء
307643
الامارات
دار الفضيلة
ص. ب 15765 ت 694968 فاكس 621276
البحرين
دار الحكمة
ص. ب: 23875 هاتف 336032
جميع الحقوق محفوظة للناشر
2

كتاب
ذم المسكر
لابن أبي الدنيا
ت 281 ه
3

(مقدمه المحقق)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل
فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فبين أيدينا رسالة عظيمة المقصد، بين فيها مؤلفها - الإمام ابن أبي
الدنيا - ذم الخمر بيانا شافيا، روى بها الغليل.
فالخمر - أخي أعاذنا الله وإياك منها - ذات ضرر عظيم على
الصحة والأموال، فهي بحق تخرب البيوت خرابا ما بعده خراب وهى
من المحرمات التي حرمها الله على أمة محمد، بل وعلى الأمم كلها،
ولكنهم حرفوا الكلم عن مواضعه.
فالخمر كما سيأتي في الأحاديث والآثار ذات مفسدة عظيمة.
فهي بحق - والله - أم الخبائث، فمن شربها فعل كل ما حرم الله،
فترى مثلا أثرا عن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - برقم (1، 2)
الذي يحكى عن رجل ممن كان في الأمم السابقة، دعته امرأة باغية
إلى أن يضاجعها، أو يقتل غلاما، أو يشرب كأسا من الخمر، فنظر
أي شئ يقدمه، فوجد - في نظره - أن يشرب الخمر أهون من
الزنى والقتل.
5

فشرب الخمر، فسكر فزنى وقتل.
أرأيت ما فعلت به الخمر، جعلته يقتل النفس التي حرم الله قتلها
إلا بالحق، وجعلته يزنى.
فمن هنا حاول المؤلف - رحمه الله - أن يرهب الأمة فصنف
هذا الكتاب الطيب، وجعله رادعا لمن يحاول أن يقترب من أم
الخبائث، فانتهوا عما نهى الله لعلكم ترحمون.
أعاذنا الله وإياكم من شر هذه البلية.
وكتبه
مسعد عبد الحميد السعدني
خادم السنة المطهرة
6

(ترجمة المؤلف)
هو الإمام الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان
القرشي، المعروف بابن أبي الدنيا.
ولد ببغداد سنة 208 ه‍.
سمع من محمد بن الحسين البرجلاني، وسعيد بن سليمان الضبي
البزاز، وعلي بن الجعد، وخالد بن خداش، وخلف بن هشام،
وإبراهيم بن المنذر القرشي، وأبى عبيد القاسم بن سلام، ومحمود
ابن الحسن الوراق الشاعر وغيرهم.
وعنه: ابن أبي حاتم، وأحمد بن سليمان النجار الفقيه، والحسين
ابن صفوان البردعي، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم.
قال فيه ابن أبي حاتم: (كتبت عنه مع أبي، وقال أبى: هو
صدوق).
وقال الذهبي: (كان صدوقا، أديبا، إخباريا، كثير العلم).
وقال ابن كثير: (... وكان صدوقا، حافظا، ذا مروءة).
مؤلفاته:
صنف ابن أبي الدنيا الكثير والكثير، فمن أسماء تلك الكتب التي
صنفها:
1 - الإخوان. طبع.
2 - الإشراف إلى منازل الأشراف. طبع.
7

3 - إصلاح المال. طبع.
4 - الأهوال. خ.
5 - الأولياء. مطبوع.
6 - التوبة. مطبوع.
7 - التوكل. مطبوع.
8 - حسن الظن بالله. مطبوع.
9 - الحلم. مطبوع.
10 - الخمول والتواضع. مطبوع.
11 - ذم الدنيا. مطبوع.
12 - ذم الغيبة. مطبوع.
13 - ذم المسكر. كتابنا هذا.
14 - ذم الملاهي، طبع محذوف الأسانيد.
15 - الرضا عن الله. طبع.
16 - الشكر. طبع.
17 - صفة الجنة. قيد الطبع بمكتبة القرآن.
18 - الصمت وآداب اللسان. طبع.
19 - العقل وفضله. طبع.
20 - العيال، وهو قيد التحقيق.
21 - الفرج بعد الشدة، طبع، والنسخة المطبوعة ناقصة.
22 - القناعة، طبع، محذوفة الأسانيد، والمطبوعة أشك أنها لابن
أبي الدنيا. فعندي جزء منها مصورة عن مخطوطات الظاهرية بدمشق
سوريا، وقارنتها بما في المطبوع، فلم أقف على حديث واحد، أو
أثر، أو شعر، وأنا والحمد لله بصدد تحقيق ما وقع لي من القناعة
لابن أبي الدنيا وهو بالأسانيد.
8

23 - قضاء الحوائج. مطبوع.
24 - مجابو الدعوة. مطبوع.
25 - محاسبة النفس. مطبوع.
26 - مكائد الشيطان. مطبوع.
27 - مكارم الأخلاق. مطبوع.
28 - من عاش بعد الموت. مطبوع.
29 - المنامات. مطبوع.
30 - الهم والحزن. مخطوط.
31 - الهواتف. مطبوع.
32 - الوجل. مخطوط.
33 - الورع، مخطوط - وأنا بصدد تحقيقه.
34 - اليقين. مخطوط.
35 - ذم البغي، وأنا بصدد تحقيقه.
36 - التهجد، وأنا بصدد تحقيقه.
وغيرها من المؤلفات الشاملة النافعة.
وفاته:
توفى ابن أبي الدنيا سنة 281 ه‍، بعد حياة مليئة بالكد والجهد،
تعلم فيها الكثير، وعلم فيها الكثير. رحمه الله رحمة واسعة..
مصادر ترجمته:
انظر مصادر ترجمته تجد فيها الكثير والكثير عن هذا الرجل الجهبذ،
فمن تلك المصادر.
9

1 - تاريخ بغداد (10 / 89).
2 - تذكرة الحفاظ (2 / 677).
3 - سير أعلام النبلاء (13 / 397).
4 - الجرح والتعديل (5 / 163).
5 - البداية والنهاية (11 / 71).
6 - تهذيب التهذيب (6 / 12 - 13).
7 - طبقات الحفاظ (294 - 295).
8 - النجوم الزاهرة (3 / 86).
9 - الكامل لابن الأثير (2 / 77).
وغيرها من المصادر.
وصف المخطوط وتوثيقه:
يقع هذا الكتاب ضمن مجموع برقم (60) من ق (2 - 16)
بالمكتبة الأهلية الظاهرية بدمشق، وقد أهدانيه أحد الأصدقاء المقربين.
وخطه جيد، كتبت في القرن السادس الهجري.
وسترى شكل المخطوط في. (صور المخطوط).
وقد ذكرها الذهبي في (سير الأعلام) (13 / 402)، وابن
كثير في (تفسيره) (2 / 97 - ط. الحلبي)، وابن خير في
فهرسه: ص (282).
فالكتاب ثابت لمؤلفه، والحمد لله تعالى.
10

(سند الكتاب)
الكتاب يرويه عن المؤلف: أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر
الجوزي، وعنه رواه: أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، وعنه
كل من:
أبى الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وأبى الحسين عاصم بن
الحسين، وعنهما رواه كل من: شهدة بنت أحمد بن الفرج الأبري،
وأبى بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي، وعنهما الإمام محمد
ابن المبارك بن محمد بن محمد، وابنه أبو نصر محمد سماعا منهما.
11

(عنوان الكتاب)
12

(الصفحة الأولى من المخطوط)
13

(الصفحة الأخيرة من المخطوط)
14

بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الشيخ أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران
قراءة عليه في يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة إحدى
عشرة وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر
الجوزي قراءة عليه فأقر به قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد
ابن أبي الدنيا قال: (اجتنبوا أم الخبايث)
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري، قال: حدثنا الفضيل
ابن سليمان النميري، قال: حدثنا عمر بن سعيد، عن الزهري قال
أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه عبد الرحمن،
قال: سمعت عثمان رضي الله عنه خطيبا فقال: سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: (اجتنبوا أم الخبائث فإنه كان رجل فيمن كان
قبلكم يتعبد، ويعتزل الناس، فعلقته امرأة غاوية فأرسلت إليه
خادمها فقالت: إنا ندعوك لشهادة فدخل فطفقت كلما دخل بابا
أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة وعندها غلام وباطية فيها
خمر، فقالت: إنا لم ندعك لشهادة ولكن دعوتك لتقتل هذا
الغلام، أو تقع علي، أو تشرب كأسا من هذا الخمر، فإن أبيت
صحت وفضحتك. فلما رأى أنه لا بد له من ذلك، قال: اسقني
كأسا من هذا الخمر، فسقته كأسا من الخمرة. قال: زيديني.
فلم يرم حتى وقع عليها، وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فإنه والله
لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في صدر رجل أبدا. ليوشكن أحدهما
15

أن يخرج صاحبه (الخمر مجمع الخبايث)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن سليمان الأسدي
قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت
عثمان - رضي الله عنه - يقول: (الخمر مجمع الخبائث، ثم أنشأ
يحدث عن بني إسرائيل قال: إن رجلا خير بين أن يقتل صبيا، أو يمحو
كتابا، أو يشرب خمرا، فاختار أن يشرب الخمر. ورأي أنها أهونهن
فشربها، فما هو إلا أن شربها حتى صنعهن جميعا)
16

(إياكم والخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الرحمن بن يونس،
وإسحاق بن إسماعيل قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن
دينار، عن يحيى بن جعدة، قال: قال عثمان: (إياكم والخمر،
فإنها مفتاح كل شر، أتي رجل فقيل له: إما أن تحرق هذا
الكتاب، وإما أن تقتل هذا الصبي، وإما أن تسجد لهذا الصليب،
وإما أن تفجر بهذه المرأة، وإما أن تشرب هذه الكأس، فلم ير
شيئا أهون عليه من شرب الكأس، فشرب الكأس ففجر بالمرأة،
وقتل الصبي، وحرق الكتاب، وسجد للصليب، فهي مفتاح كل
شر)
(الخمر مفتاح الكباير)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا عبيد الله بن عمر
الجشمي، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن
17

أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من شرب شرابا يذهب بعقله فقد أتى بابا من أبواب الكبائر).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا
وهب بن جرير قال: أخبرنا شعبة عن سلمة، عن أبي الحكم عن
ابن عباس قال: (من كان محرما ما حرم الله ورسوله فليحرم
النبيذ).
(شده حرمة الخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني القاسم بن هاشم قال:
حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد
الأنصاري، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عمرو قال:
(لأن أزني أحب إلي من أن أسكر، ولأن أسكر أحب إلي من
أن أشرك، لأن السكران تأتي عليه ساعة لا يعرف فيها من ربه).
18

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أحمد بن إبراهيم قال:
سمعت شعيب بن حرب يقول: قال تبارك وتعالى: (لأن يقتل
عبدي أحب إلي من أن يسكر لأنه إذا سكر لم يعرفني).
(الخمر.. هي الخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا
محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن
يحيى العنسي عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز، عن ثابت بن
السمط، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ليستحلن آخر أمتي الخمر باسم يسمونها إياه).
(حكم الزبيب)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا الهيثم بن خارجة قال:
حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي، عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني،
عن عبد الله بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال: قدمت على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا أصحاب أعناب وكروم وقد نزل
19

تحريم الخمر فماذا نصنع؟ قال: (تتخذونه زبيبا) قالوا: فماذا
نصنع بالزبيب؟ قال: (تنقعونه على غدائكم، وتشربونه على
عشائكم، وتنقعونه على عشائكم، وتشربونه على غدائكم) قالوا:
يا رسول الله أفلا ندعه حتى يشتد؟ قال: (فلا تجعلوه في القلال،
ولا في الدباء، واجعلوه في الشنان فإذا تأخر عن وقته صار
خلا)
(الخمر حرام)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثنا الهيثم بن خارجة قال:
أخبرنا يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن عبد الله - كذا في كتاب
20

ابن أبي الدنيا - عن زر بن حكيم، عن كثير بن مرة أنه سمعه يحدث
عبد العزيز بن مروان، عن الديلمي، قال: وفدت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا نصنع طعاما وشرابا فنطعمه ببني عمنا
قال: (هل يسكر؟) قلت: نعم. قال: (حرام) قال: فلما كان
عند توديعي له ذكرت له قلت: يا رسول الله إنهم لن يصبروا عنه
قال: (فمن لم يصبر عنه فاضربوا عنقه).
(شارب الخمر.. لا يؤمن بالله)
حدثنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن
زرارة قال: حدثنا عاصم بن عمارة قال: حدثنا الأوزاعي، عن
محمد بن أبي موسى عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي موسى الأشعري
أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنبيذ ينش قال: (اضرب بهذا الحائط فإنه
لا يشربه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر).
21

(ليس في الخمر شفا)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن
زرارة
قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن حسان بن مخارق، عن
أم سلمة أنها انتبذت، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنبيذ يهدر
قال: (ما هذا؟) قلت: فلانة اشتكت فوصف لها قالت: فدفعه
برجله فكسره، وقال: (إن الله لم يجعل في حرام شفاء)
(حكم النبيذ)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا علي بن الجعد قال:
أخبرني القاسم بن الفضل الحداني عن ثمامة بن حزن قال: لقيت
عائشة فسألتها عن النبيذ، فقالت: قدم وفد عبد القيس على النبي
صلى الله عليه وسلم فسألوه عن النبيذ، فنهاهم عن الدباء، والحنتم والنقير،
22

والمقير. ثم دعت بجارية حبشية فقالت: سلوها فإنها كانت تنبذ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت أنتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء
من الليل، وأوكيه وأعلقه فإذا أصبح شربه.
(كل مسكر خمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن سليمان الأسدي
قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر
رفعه قال: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب
الخمر فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أحمد بن جميل والحسن
ابن عيسى قالا: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا حماد بن زيد
قال: أخبرنا أيوب عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا الحسن بن عيسى، قال:
سمعت ابن المبارك سئل عن المدمن، فقال: (الذي يشربها اليوم،
ثم لا يشربها إلى ثلاثين سنة، ومن رأيه أنه إذا وجده أن يشربه).
23

(كل مسكر حرام)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا
معاذ بن معاذ، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن
ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر خمر، وكل مسكر
حرام).
(قليل المسكر كثيره)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو بكر بن أبي النضر
قال: حدثني محمد بن القاسم الأسدي، قال: حدثني مطيع أبو يحيى
الأنصاري الأعور عن أبي الزناد، وعن زيد بن أسلم، وعن نافع
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
24

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا خالد بن خداش، قال:
حدثنا مهدي بن ميمون، عن أبي عثمان الأنصاري، عن القاسم بن
محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر حرام، فما
أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن عبد الله بن
بزيع قال: حدثنا الفضيل بن سليمان قال: حدثنا عمر بن سعيد
عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها
قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع. والبتع: نبيذ العسل كان
أهل اليمن يشربونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام،
كل مسكر حرام).
25

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا يحيى بن أيوب قال:
حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني داود بن بكر بن أبي الفرات
عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ما أسكر كثيره فقليله حرام).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني عمرو الناقد قال:
حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي، قال: حدثنا أبو يزيد الخزاز خالد
ابن حيان قال: حدثنا سليمان بن عبد الله الزبرقان عن يعلى بن
26

راشد قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا إن كل مسكر حرام على كل مسلم).
(مم يصنع الخمر؟)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا عمرو بن محمد قال:
حدثنا عبد الله بن إدريس، عن المختار بن فلفل، عن أنس قال:
سألته عن الظروف التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظروف المزفتة) قلت: وما المزفتة؟ قال:
المقيرة وقال: (كل مسكر حرام) قلت: فالرصاصية والقارورة؟
قال: وما بأس بهما. قلت: إن ناسا يكرهونهما. قال: (دع
ما يريبك إلى ما لا يريبك (إن كل مسكر حرام) قال: قلت:
صدقت المسكر حرام إنما أشرب الشربة والشربتين على أثر طعامي.
قال: إن ما أسكر كثيره فقليله حرام، والخمر من العنب والتمر
والعسل والحنطة والشعير والذرة، ما خمرت من ذلك فهو الخمر.
27

(كل مشروب يسكر فهو حرام)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا
أبو عامر العقدي، عن زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن
عقيل، عن عطاء بن يسار، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(كل شراب أسكر فهو حرام).
(احذر الخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا داود بن عمرو بن زهير
الضبي، قال: حدثنا داود العطار عن عبد الله بن عثمان بن خثيم،
28

عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: (من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين يوما فإن
مات مات كافرا، وإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد كان حتما
على الله أن يسقيه من طينة الخبال) قالت: فقلت: يا رسول الله،
وما طينة الخبال؟ قال: (صديد أهل النار). (النبيذ حلال)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا الحسن بن عيسى قال:
أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا حسين بن عبد الله عن عكرمة أن
رجلا سأل ابن عباس عن نبيذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان يشرب
بالنهار ما صنع بالليل، ويشرب بالليل ما صنع بالنهار).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا علي بن الجعد قال:
أخبرنا زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كان ينتبذ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فإذا لم يوجد له سقاء انتبذوا له في تور
من حجارة قال: فقال بعض القوم لأبي الزبير - وأنا أسمع - من
برام؟ قال من برام.
29

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا الحسن بن عيسى،
وأحمد بن جميل قالا: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا حسين بن
عبد الله بن عباس، عن عكرمة قال: ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقير
والدباء والمزفت وقال: (لا تشربوا إلا في ذي إكاء) فصنعوا جلود
الإبل فجعلوا لها أعناقا من جلود الغنم، فبلغه ذلك، فقال:
(لا تشربوا إلا فيما أعلاه منه).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا علي بن الجعد، قال:
أخبرني حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف
ابن مهران، عن ابن عمر، عن عمر قال: لأن أشرب من قمقم
30

أحرق ما أحرق وأبقى ما أبقي أحب إلي من أن أشرب من نبيذ الجر.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا الحارث أبو عمر قال:
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: قال
لي أبي: أخبرني أنك سألت عبيد الله بن عمر عن النبيذ الشديد الذي
كان يشربه عمر قال: كان شديد الحلاوة.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني إبراهيم بن سعيد، قال:
أخبرنا محبوب بن موسى، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن
أسامة بن زيد، عن نافع قال: ما قبض عمر وجهه عن الإداوة حين
ذاقها إلا أنها تخللت.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا
31

عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن عمر العمري، عن زيد بن
أسلم، عن أبيه قال: كان النبيذ الذي يشرب عمر، كان ينقع له
الزبيب غدوة، فيشربه عشية، وينقع له عشية، فيشربه غدوة ولا
يجعل فيه دردي.
(شده نجاسة الخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، أخبرنا الحسن بن عيسى قال:
حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا راشد قال: سمعت عبد الله بن عبيد
ابن عمير يحدث قال: (لو أن قطرة من مسكر وقعت قربة من
ماء لحرم ذلك الماء على أهله).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني عبد الله بن محمد بن
سورة السلمي، عن عبد الله بن صالح بن مسلم قال: سمعت ابن
إدريس يقول: أترى الخمر إنما حرمت لخبث طعمها، أو لنتن ريحها،
32

أو أنها لا تمرين إنما حرمت للسكر منها، فالنبيذ يسكر ثم يختر ثم يهدر
ثم يكفر.
(تعريف الخمر)
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا
أبو حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر، عن عمر قال:
(الخمر ما خامر العقل). (مواد الخمر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني محمد بن عثمان العجلي
قال: حدثنا جعفر بن عون قال: أبو حيان أخبرنا عن الشعبي،
عن عبد الله بن عمر قال: قام عمر على منبر المدينة فقال: إن الخمر
حرمت يوم حرمت وهي من خمسة: من العنب، والعسل، والتمر،
والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل.
33

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا علي بن الجعد، قال:
أخبرنا الربيع بن صبيح، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال:
اختلف علينا في النبيذ فما أشرب من كذا وكذا إلا الماء والعسل
واللبن.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الرحمن بن صالح
الأزردي قال: حدثنا هاشم بن القاسم، عن فضيل بن عياض، عن
ليث، عن مجاهد قال: (قال إبليس: ما أعجزني فيه بنو آدم فلن
يعجزوني في ثلاث: إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فقدناه حيث
شئنا. وعمل لنا بما أحببنا، وإذا غضب قال: بما لا يعلم، وعمل
بما يندم، ونبخله بما في يديه ونمنيه ما لا يقدر عليه). (النبيذ فتنه)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال:
حدثنا جرير، عن ابن شبرمة قال: قال طلحة اليامي لأهل الكوفة:
(النبيذ فتنة يربو فيها الصغير ويهزم فيها الكبير).
34

(إياكم والأحمرين)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني عبد الرحمن بن صالح
قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال عمر بن الخطاب: (إياكم
والأحمرين: اللحم والنبيذ فإنهما مفسدة للمال، مرقة للدين).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن أبي سمينة قال:
حدثنا يحيى بن سعيد العطار قال: سمعت سليمان التيمي يقول:
ما في شربة من نبيذ ما يخاطر رجل بدينه.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا محمد بن إسحاق الباهلي
قال: حدثنا سعيد بن سالم القداح، عن معروف المذكر قال: كنت
مع سعيد بن جبير وهو يطوف بالبيت فمر به رجل، فقلت: أتعرف
35

هذا؟ قال: لا. قلت هذا الذي يقول:
حميد الذي أصبحت داره * أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع
علاه المشيب على شربها * وكان كريما فلم ينزع
فتبسم سعيد، وقال:
علاه المشيب على شربها * وكان شقيا فلم ينزع
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني عبد الرحمن بن صالح
قال: حدثنا عمر بن معروف المؤدب، عن ليث بن سعد، عن
خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد رجلا في شراب فقال الرجل:
ألا أبلغ رسول الله أني * بحق ما سرقت وما زنيت
شربت شريبة لا عرضي * أبقت ولا ما لذة منها قضيت
فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو بلغني قبل أن أجلده لم
أجلده).
36

أخبرنا احمد، حدثنا أبو النعمان بكر، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب
قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق أن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان بن عدي بن نضلة على ميسان
من أرض البصرة فقال أبياتا:
ألا هل أتى الحسناء أن حليلها * بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية * ورقاصة تحدو على كل منسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني * ولا تسقني في الأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوؤه * تنادمنا في الجوسق المتهدم
فلما بلغت أبياته عمر، قال: نعم والله إن ذاك ليسوؤني فمن
لقيه فليخبره أني قد عزلته فعزله، فلما قدم اعتذر إليه فقال: والله
يا أمير المؤمنين ما صنعت شيئا مما بلغك ولكني كنت امرءا شاعرا
وجدت فضلا من قول فقلت فقال له عمر: وأيم الله لا تعمل لي
عملا ما بقيت فعزله.
37

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، أخبرني العباس بن هشام بن
محمد عن أبيه أن قيس بن عاصم المنقري حرم الخمر في الجاهلية
وقال:
رأيت الخمر مصلحة وفيها * مناقب تفسد المرء الكريما
فلا والله أشربها صحيحا * ولا أشفى بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي * ولا أدعو لها أبدا نديما
إذا دارت حمياها تجلت * طوالع تسفه الرجل الحليما
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وأخبرني العباس بن هشام،
عن أبيه قال: حرم عفيف بن معدي كرب الخمر في الجاهلية قال:
قالت: هلم إلى التصابي * فقلت: رجعت عما تعلمينا
هجرت القداح وقد أراني * بها في الدهر مشغوفا رهينا
38

وحرمت الخمور علي حتى * أكون بقعر ملحود دفينا
فسمي عفيفا: وكان اسمه (شرحبيل).
وقال أيضا:
فلا والله لا ألفي وشربا * أنازعهم شرابا ما حييت
ولا والله لا أسعى بليل * أراقب عرس جاري ما بقيت
قال: وقال عامر بن ظرب في الجاهلية وحرم الخمر:
إن أشرب الخمر أشربها للذتها * وإن أدعها فإني ماقت قالي
سأله للفتى ما الستر في يده * ذهابة لعقول القوم والمال
مورثة القوم أضغانا بلا إحن * مزرية بالفتى ذي النجدة الخالي
أقسمت بالله أسقاها أشربها * حتى يفرق ترب القبر أوصالي
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، أخبرني العباس بن هشام، عن
أبيه قال: شرب مقيس بن صبابة الخمر في الجاهلية، فسكر، فجعل
يخط ببوله ويقول: نعامة أو بعير: فلما أفاق أخبر بما صنع فحرمها وأنشأ
يقول:
رأيت الخمر طيبة وفيها * خصال كلها دنس ذميم
فلا والله أشربها حياتي * طوال الدهر ما طلع النجوم
39

إذا كانت مليكة من هواي * أحالفها تحالفني الهموم
سأتركها وأترك ما سواها * من اللذات ما أرسى يسوم
وكانت مليكة بغيا تغشاه فتركها وترك الخمر.
قال: وحرم الخمر الأسلوم اليامي - في الجاهلية - والزنا
وقال:
سالمت قومي بعد طول مظاظة * والسلم أبقى للأمور وأصرف
وتركت شرب الراح وهي أثيرة * والمومسات وترك ذلك أشرف
وعففت عنه يا أميم تكرما * وكذاك يفعل ذو الحجا المتعفف
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني المفضل بن غسان قال:
حدثنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: ما
مات أحد من قريش في الجاهلية حتى ترك الخمر استحياء مما فيها من
بينهم عبد الله بن جدعان، وحرب بن أمية، ولقد تاب بن جدعان
قبل أن يموت فقال:
شربت الخمر حتى قال قومي * ألست من السقاة بمستفيق
وحتى ما أوسد في منام * أنام سوى الترب السحيق
وحتى أغلق الحانوت رهني * وآنست الهوان من الصديق
قال: وتركها هشام، والوليد ابنا المغيرة، وأمية بن خلف تنزها
عنها.
40

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني القاسم بن هاشم قال:
حدثنا المسيب بن واضح، عن محمد بن الوليد قال: قيل للعباس بن
مرداس بعدما كبر: ألا تأخذ من الشراب فإنه يزيد من جرأتك
ويقويك؟ قال؟ أصبح سيد قومي، وأمسي سفيههم، لا والله
لا يدخل جوفي شئ يحول بيني وبين عقلي أبدا.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني أبي - رحمه الله -
قال: قال بعض الحكماء لابنه: (يا بني ما يدعوك إلى النبيذ؟ قال:
يهضم طعامي قال: هو والله يا بني لدينك أهضم).
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وأنشدني أبي:
وإذا النبيذ على النبيذ شربته * أزرى بدينك مع ذهاب الدرهم
وبلغني أن قيس بن عاصم قيل له في الجاهلية: تركت
الشراب؟ قال: لأني رأيته متلفة للمال، داعية إلى شر المقال، مذهبة
بمروءات الرجال.
41

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني محمد بن الحسين، قال
حدثني سعدويه، عن بعض رجاله قال: كان يقال: ما مالت
النشاوي في دار رجل قط إلا فسدت نساؤه.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا عمرو بن محمد الناقد
قال: حدثنا علي النسائي قال: قدم علينا عيسى بن يونس، وأبو
إسحاق الفزاري الرقة فقام رجل إلى أبي إسحاق وقال: يا أبا إسحاق
ما تقول في النبيذ؟ فسكت عنه. ثم قال: يا أبا إسحاق أجبنا ما تقول
في النبيذ؟ قال: ما أدري ما أقول لك إلا أني رأيت مجنونا يصرع
يسوى رأس سكران.
(أنواع السكر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني سويد بن سعيد قال:
حدثني بعض أصحابنا قال: السكر على ثلاثة: - منهم من إذا سكر
تقيأ وسلح فهذا مثل الخنزير، ومنهم من إذا سكر كدم وجرح فمثله
مثل الكلب، والثالث إذا سكر تغنا ورقص فمثله مثل القرد.
42

(إياك والنبيذ المسكر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني القاسم بن هاشم قال:
حدثني محمد بن الحميد الطائي، قال: حدثنا هشام بن الكلبي قال:
قال الحكم بن هشام لابن ابن له: وكان يتعاطى الشرب: - يا بني
إياك والنبيذ فإنه قئ في شدقك، وسلح على قعدك، وحد في ظهرك
وتكون ضحكة للصبيان، وأميرا للذبان.
(قصه وعظة)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني سويد بن سعيد قال:
حدثني أبو الحسن - رجل من أهل البصرة - قال: أخبرني رجل
أنه رأى في منامه أن الله قد غفر لأهل عرفات ما خلا رجل من أهل
كورة كذا وكذا. قال الرجل فأتيت مضاربهم فسألت عنهم،
فدلوني على خباء ذلك الرجل، فأتيته فأخبرته بما رأيت، وقلت:
أخبرني بذنبك؟ قال: كنت رجلا أتعاطى الشراب، وكانت
والدتي تنهاني، فأتيت المنزل وأنا سكران، فحملت علي فحملتها
حتى وضعتها في التنور، وهو مسجور.
43

(السكر جوامع الشر)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني سويد قال: حدثني
سهل بن الطيب أنه كان ببغداد فأخبرني أن رجلا أتى أهله وهو
سكران فحملت عليه امرأته ولامته فحلف بطلاقها أن يتزوج عليها
في ليلته، فلما سمعت ذلك منه خرجت إلى الحارس فأخبرته، فقال
لها: قد نام الناس. فقالت: إن هو لم يتزوج الليلة ذهبت. فأتى
الحارس أمه - وكانت عجوزا - فأخبرها بيمينه فقالت: افعل
ما شئت فزوجه والدته، وأصبح الرجل ميتا. فشاركت المرأة في ثمنها
فصولحت بثلاثين ألفا، فالسكر جوامع الشر.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني محمد بن عبد الله
القراطيسي قال: شرب رجل نبيذا فسكر فنام عن العشاء الآخرة
فجعلت ابنة عم له تنبهه للصلاة وكان لها دين وعقل، فلما ألحت عليه
حلف بطلاقها البتة ألا يصلي ثلاثا، ثم عقد يمينه فلما أصبح كبر عليه
فراق ابنة عمه فظل يومه لم يصل وليلته، ثم أصبح على ذلك وعرضت له
44

علة فمات. وفي نحو هذا يقول القائل:
أتأمن أيها السكران جهلا * بأن تفجاك في السكر المنية
فتضحى عبرة للناس طرا * وتلقى الله من شر البرية (اشتروا عقولكم)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني رجل على باب ابن
عائشة يكنى أبا محمد قال: قال عباد المنقري لو كان العقل علقا
يشترى لتغالي الناس في شرائه، فالعجب من أقوام يشترون بأموالهم، ما يذهب بعقولهم.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني أبو محمد الربعي عبد الله
ابن محمد قال: قيل لرجل من العرب: لم لا تشرب النبيذ؟ قال:
والله ما أرضى عقلي الا صحيحا، فكيف أدخل عليه ما يفسده؟!
وقال رجل من بني تغلب وكان يشرب النبيذ فتركه:
تركت الخمور لشرابها * وحلو الطلاء ومر السكر
وقالوا: شفاؤك في شربة * من الخمر شحت بماء حصر
لقد كذبوا ما شفاء الكريم * بشر تعرفه بعد شر
45

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني أبي - رحمه الله -
قال: قال بعض الحكماء لابنه: إياك والنبيذ، فإنه يقرب حشرك،
ويباعد منك مجدك.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وأنشدني أبى - رحمه الله -
لرجل ترك النبيذ:
تركت النبيذ لأربابه * وتبت إلى الله من شربه
وآثرت ديني على لذتي * وكنت امرءا خاف من ربه
فإن يك خيرا فقد نلته * وإن يك شرا أعذب به
وبلغني أن رجلا من بني عامر دخل على أصحاب له وهم
يشربون، فعرضوا عليه، فأبى أن يشرب، وقال:
جاءوا بفاقرة صفراء مترعة * هل بين باذقكم والخمر من نسب؟
إني أخاف مليكي أن يعذبني * وفي العشيرة أن تزري على حسبي
(أفتني في الباذق)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا خلف قال: حدثنا أبو
عوانة عن أبي الجويرية قال: سألت ابن عباس عن الباذق وقلت:
أفتني في الباذق؟! قال: سبق محمد الباذق وما أسكر، أو كل مسكر
46

فهو حرام.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني علي بن مسلم، قال:
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: سمعت أبي يحدث عن إسحاق بن
سويد قال: هجا ذو الرمة القراء فقال:
أما النبيذ فلا يذعرك شاربه * فاحفظ رداءك ممن يشرب الماء
فأجبت عنهم: -
أما النبيذ فقد يزري بشاربه * ولا أرى شاربا أزرى به الماء
الماء فيه حياة الناس كلهم * وفي النبيذ إذا عاقرته الداء
كم من حسيب جميل قد أضر به * شرب النبيذ وللأعمال أسماء
فقال: هذا هدي من يعاقره * فيه عن الخير تقصير وإبطاء
فيه وإن قيل: مهلا من مصممه * على ركوب صميم الإثم إغضاء
وهم كل قار مؤمن ورع * وهم لمن كان شريبا أخلاء
إن المنافق لا تصفو خليقته * فيه مع الهمز إيماض وإيذاء
ومن يسوي نبيذيا يعاقره * بقارئ وخيار الناس قراء
لا قوم أعظم أحلاما إذا ذكروا * منهم وهم لعدو الله أعداء
ولا تخاف عشائرهم غوائلهم * هم يمنعون وإن لاقوا أشداء
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر قال: قال ابن الأعرابي: حدثني
سلمة بن الصقر عن سهل بن أسلم مولى بني عدي: قال: (كانت
47

وليمة في بني عدي على مائدة عليها إسحاق بن سويد، وذو الرمة،
فاستسقى ذو الرمة فسقي نبيذا، واستسقى إسحاق بن سويد ماء،
فقال ذو الرمة:
أما النبيذ فلا يذعرك شاربه * فاحفظ ثيابك ممن يشرب الماء
مشمرين على أنصاف سوقهم * هم اللصوص وقد يدعون قراء
فقال إسحاق بن سويد:
أما النبيذ فقد يزري بشاربه * ولا ترى أحدا يزرى به الماء
الماء فيه حياة الناس كلهم * وفي النبيذ إذا عاقرته الداء
ثم قال لذي الرمة: زد حتى نزيد.
(شارب الخمر.. ناقص المروءة)
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني محمد بن عبيد الله،
عن شيخ من أهل الكوفة من طيئ، قال: كنا بالكوفة نقول: من
لم يرو هذه الأبيات فهو ناقص المروءة، وما كان رجل بالكوفة له
شرف إلا وهو يرويها: -
وصبهاء جرجانية لم يطف بها * حليم ولم تنخر بها ساعة قدر
ولم يشهد القس المهيمن نارها * طروقا ولم يحضر على طبخها حبر
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة * ولاحت لي الشعرى وقد طلع النسر
فقلت: اصطحبها أو لغيري اهدها * فما أنا بعد الشيب ويحك الخمر
تعففت عنها في الدهور التي خلت * فكيف التصابي بعدما خلا العمر
48

إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن * له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى * وإن جر أسباب الحياة له الدهر
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني العباس بن هشام،
عن أبيه، قال: الرحال الفهمي لعمرو بن سعيد بن العاص: -
دعاني عمرو للتي لا أريدها * وكنت لعمرو عالما لو درى عمرو
فقلت له: يا عمرو دع ذكر ما ترى * فإني ممن لا تحل له الخمر
أأشربها بعد الثمانين؟! إنني إذن * غير محمود وإن عمني الفقر
فللفقر خير عقبة من سلافة * تبقني عارا وإن يفسد العمر
يسب بها عقبي خلافي إذا دعوا * وليس بماح عارها عني القبر
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال:
حدثني عبد الله بن محمد بن عقبة، قال: حدثني محمد بن هشام
النصيبي، ونفر من أهل نصيبين قالوا: كان عندنا رجل مسرف على
نفسه يكنى أبا عمرو، وكان يشرب الخمر قال: فبينا هو كذلك
إذ انتبه ذات ليلة وهو فزع، فقيل له: ما لك؟! فقال: أتاني آت
في منامي هذا وردد علي هذا الكلام حتى حفظته:
جد بك الأمر أبا عمرو * وأنت معكوفا على الخمر
تشرب صهباء راحية * سال بك السيل وما تدري
قال: فلما أذن المؤذن مات فجأة.
49

أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، وحدثني إبراهيم بن عبد الله
قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الثقفي، قال: حدثني أبو عمرو
المري - وكان أميرا على أهل عبادان من قبل الربيع بن صبيح -
قال: استشهد منا ببارندي رجل، فلما أصبحنا أتانا أبو خشينة
- وكان من كبار أصحاب الحسن - فقال لنا: يا هؤلاء إني رأيت
البارحة صاحبكم في النوم كأنه متوشح بحلة خضراء، فقلت: ما فعل
الله بك؟ فقال: ما تراه صانعا بالشهداء. غفر لي وأدخلني الجنة،
فلما ولى نظرت إلى آثار السياط بظهره فقلت: مكانك فقال لي:
يا أبا خشينة أو رأيت؟ فقلت: نعم فقال: يا أبا خشينة قل لأبي
- وأبوه يومئذ حي - ويحك يا شقي ذاك الداذي الذي كنا نشربه
أنا وأنت. لا تشربه فإني أنا الذي قتلت في سبيل الله لم أترك أن
جلدت عليه حدا.
أخبرنا احمد، حدثنا أبو بكر، حدثني محمد بن إبراهيم بن
إسماعيل العنزي قال: حدثنا إسحاق بن العباس قال: قال الحسن:
جاء النبيذ إلى أحب خلق الله إليه حتى أفسده! يعنى: العقل.
50

(السماعات)
سمع كتاب ذم المسكر هذا على الحافظ الإمام القاضي تاج الدين
أبى محمد بن عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد بن علوان البعلبكي
بها عنه بهاء الدين بن عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد المقدسي عن
() بقراءة كاتب السماع يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن
يوسف المزي ابنه الرحمن وأسباط المسمع على وعبد الكريم ابنا أبى
() بن عبد الرحمن بن المخلص وأحمد بن عبد السلام بن
المسمع وابنتاه شهدة وأمامة وأمهم أمة اللطيف بنت الخضر بن سنى
الدولة، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن وأبو بكر القاسم بن أبي
الرمي، ومحمد بن إسماعيل بن فرقين وأخوه على حاضرا، وأحمد بن
محمد تبع وأحمد بن إسماعيل بن الزين بن القويدح، وصح ذلك يوم
الاثنين الخامس والعشرين من شوال سنة أربع وتسعين وستمائة بمنزل
المسمع بمدينة بعلبك وأجاز لهم رواية ما يرويه.
سمع هذا الجزء على الشيخ الجليل بهاء الدين أبى محمد القاسم
ابن مظفر بن محمود بن عساكر بقراءة كاتب السماع يوسف بن
الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي ولداه محمد وزينب وحفيداه عمر
ابن عبد الرحمن وأخته خديجة وفرج فتى المسمع وصح ذلك في يوم
الأحد الرابع والعشرين من رجب سنة ست عشرة وسبعمائة بمنزل المسمع
بدمشق بإجازته من الشريف أبى طالب عبد الله بن المظفر بن علي
ابن طراد بن محمد الزيني عن شهدة عن طراد بسنده وحدثهم به
51

القارئ عن فخر الدين البعلبكي بسنده أبى إسماعيل بن زريق القزاز
وعبد الملك بن عثمان بن أحمد وأبو منصور محمد بن أبي ()
ابن محمد بن إسماعيل المقرى ومحمد بن علي بن سالم الرجى وهو
() بن أبو بكر محمد بن عمر بن أبي بكر بن سعد الكرخي
في يوم الخميس رابع عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وخمسمائة
في بغداد بها.
سمع كتاب ذم المسكر على الجهبذ العالمة الكاتبة فخر النساء شهدة
بنت أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري () بسمعها من طراد
بقراءة الشيخ الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن محمود بن نصر بن الشعار
الحراني السادة شرف الدين أبو العباس محمد بن علي بن طراد بن محمد
الزيني وولداه أبو القاسم على وأبو أم الحسن وابن عمهما أبو طالب
عبد الله بن ظهير الدين أبى الفتح المظفر، وشرف الدولة أبو القاسم
قثم ابن نقيب النقباء عين الدين طلحة بن محمد الرس والأجل أبو
القاسم نصر بن أمين المسلمين أبى بكر منصور بن نصر بن العطار،
وخادمه جوهر بن عبد الله وجمال الدين أبو عمر وعثمان بن نصر بن
العطار، وأرنا موسى بن عبد الله الروقي الشرقي وجوهر بن عبد الله
الظهيري، وأبو حفص عمر بن أحمد بن الحسن ابن بكرون وحسن
ابن كرال، وأبو البنا محمود بن كرم بن أحمد الذرياني وعبد الواحد
ابن أبي بكر بن عبد الواحد البغدادي وعمر بن فارس بن أبي نصر
الأصباعي ومحمد بن المبارك بن محمد بن محمد بدمشق وحضر ولده
أبو نصر محمد وذلك يوم الاثنين ثالث محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
52

كتاب
ذم البغي
لابن أبي الدنيا
ت 281 ه
67

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المحقق
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم تسليما.
فمع رسالة أخرى لابن أبي الدنيا ننشرها لكم - إن شاء الله -
شاكرين الله على نعمته، وشاكرين القائمين على إدارة مكتبة القرآن
الذين يبذلون أقصى ما في جهدهم لنشر التراث الإسلامي العظيم وقد
تبنوا - حفظهم الله - نشر كتب ورسائل ابن أبي الدنيا، وقد
نشروا منها الكثير، وما زالوا يواصلون نشر رسائله رحمه الله. فجزاهم
الله خير الجزاء، وجعلهم ممن ينشرون سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في
ربوع الأرض، آمين آمين.
ورسالتنا هذه في ذم البغي، ولكي نعرف موضوع الرسالة يجب
علينا أن نعرف ما هو البغي.
(تعريف البغي)
البغي في اللغة هو تجاوز الحد، أو: التسلط والظلم، أو السعي
بالفساد بين الناس، أو تعدى الحلال إلى الحرام.
69

فهذا هو تعريف البغي.
فالباغي من صفاته: تعدى الحد المعروف له، أو أن يكون
متسلطا ظالما آخذا حقوق غيره بغير وجه حق، أو أن يسعى بين
الناس بالفساد، يخرب بيوتهم، ويدمر حياتهم، ويعرقل مسيرتهم.
فهو باغ يبتغى الفساد في الأرض.
أو يتعدى الحلال إلى الحرام، فيحلل ما حرمه الله بغيا وعدوانا،
ويحرم ما أحله الله، فهذا الباغي عقوبته في الآخرة وخيمة، نسأل
الله العفو والعافية.
فهذا الموضوع بحق كان من اهتمامات الحافظ ابن أبي الدنيا، لذا
أفرده بالتصنيف لعلمه أن هذا الموضوع له عواقب وخيمة على الفرد
والمجتمع، فجاءت هذه الرسالة صيحة إنذار، لتنبيه الناس إلى ذم
البغي، وتركه.
فجزى الله الإمام ابن أبي الدنيا خير الجزاء على صنيعه هذا، ولله
الحمد والمنة على أن من علينا بتحقيق هذه الرسالة الطيبة، والحمد
لله أولا وأخيرا.
70

(وصف المخطوط وتوثيقه)
المخطوط محفوظ بدار الكتب الأهلية الظاهرية بدمشق، وهى
ضمن مجموع رقم (50)، وتحتل من (ق 31) إلى (ق 36).
وخطها مشرقي جميل، وعليها تصحيحات وسماعات.
وهى هدية من أحد الأصدقاء الأفاضل، جزاه الله خيرا.
أما من ناحية التوثيق:
فقد ذكره الذهبي في (السير) (13 / 402). وابن حجر في
(الإصابة) (2 / 271). واتصال إسناده الصحيح.
فنحن مع مؤلف عزيز لإمام جليل، فيه من العلم الكثير
والكثير. نفعنا الله وإياكم بما فيه، وعلمنا وإياكم عمل الخير والبعد
عن البغي، إنه على كل شئ قدير..
71

الورقة الأولى من المخطوط
(صورة مصغرة)
72

الورقة الأخيرة من المخطوط
(صورة مصغرة)
73

بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الشيخ أبو الحسين عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن
إبراهيم الحماني - رضي الله عنه - قال: حدثنا الشيخ الحافظ
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا
أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قراءة عليه
في ليال سبع في المحرم سنة أربع عشرة وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو علي
الحسين بن صفوان البرذعي قراءة عليه في شوال من سنة تسع
وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد
ابن أبي الدنيا قال:
75

(عقوبة قاطع الرحم والبغي)
حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، عن عيينة بن
عبد الرحمن، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (مامن ذنب أحرى أن يعجل الله - عز وجل -
لصاحبه فيه العقوبة في الدنيا - مع ما يدخر في الآخرة - من قطيعة
الرحم والبغي).
76

(ما هو داء الأمم؟)
حدثنا محمد بن يوسف بن الصباح، قال: حدثنا عبد الله بن
وهب، عن أبي هاني الخولاني، أن أبا سعيد الغفاري حدثه أنه سمع
أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه سيصيب أمتي
داء الأمم) قالوا: يا نبي الله وما داء الأمم؟ قال: (الأشر، والبطر،
والتكاثر، والتنافس في الدنيا، والتباغض والتحاسد، حتى
يكون البغي، ثم يكون الهرج).
(إياك والبغي)
حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة،
77

قال: حدثني رجل من أشياخنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا،
فقال: (أنهاك عن ثلاث: لا تنقض عهدا، ولا تعن على نقضه،
وإياك والبغي.. فإن من بغى عليه لينصرنه الله - عز وجل -
وإياك والمكر، فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، ولهم من الله
- عز وجل - طالب).
(التواضع من خلق المسلم)
حدثنا خالد بن خداش، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو
ابن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن
أنس بن مالك، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله - تبارك
وتعالى - أوحى إلى أن تواضعوا ولا يبغى بعضكم على بعض).
78

(احذروا البغي)
حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: حدثني محمد بن
الفرات، قال: حدثني أبو إسحاق، عن الحارث، عن (2 / 1) على
- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر المسلمين
احذروا البغي فإنه ليس من عقوبة هي أحضر من عقوبة البغي).
حدثني عبد الله بن وضاح الأزدي، قال: حدثنا يحيى بن يمان،
عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: (لا يريدون علوا
في الأرض) قال: بغيا.
(نهاية الباغي)
حدثني علي بن الجعد، أخبرنا قيس بن الربيع، قال: أخبرنا
الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، لو بغى جبل على جبل لجعل
الله - عز وجل - الباغي منهما دكا.
79

قال علي بن الجعد: أخبرني عثمان بن زفر عن رجل من بني هاشم
، عن رجل من أهل اليمامة، عن أبيه، عن جده - وقد أدرك
الجاهلية - قال: نقف في الجاهلية في الموقف يوم النحر فنسمع
بالموقف في الجبل صوتا - من غير أن نرى شيئا - صائحا يقول:
البغي يصرع أهله ويحلهم * دار المذلة، والمعاطس رغم
حدثني عبد الله بن أشهب التميمي، عن أبيه قال: كانوا يقفون
في الجاهلية بالموقف فيسمعون صوتا من الجبل:
البغي يصرع أهله ويحلهم * دار المذلة، والمعاطس رغم
فيطوفون بالجبل فلا يرون شيئا، ويسمعون الصوت بذلك.
80

(مواعظ وحكم)
حدثني محمد بن صالح القرشي، قال: أخبرني أبو اليقظان عامر
ابن حفص، قال: حدثني جويرية بن أسماء، عن عبد الله بن معاوية
الهاشمي أن عبد المطلب جمع بنيه عند وفاته - وهم يومئذ عشرة -
وأمرهم ونهاهم، وقال: إياكم والبغي، فوالله ما خلق الله - عز
وجل - شيئا أعجل عقوبة من البغي، ولا رأيت أحدا بقي على البغي
إلا إخوتكم من بنى عبد شمس.
(من قصص أهل البغي)
حدثني محمد بن صالح، قال: أخبرني أبو اليقظان عن محمد
ابن عائشة، قال: كان في قريش ثلاثة أبيات يعرفون بالبغي فهلكوا
سواء، سبيعة من بنى تيم بن مرة، الذين يقول لهم ابن جدعان:
إذا ولد السبيعة أفردوني * فأي مراد رائدة أرود
وأقعد بعدهم فردا وحيدا * وقد ذهب المصاليب الأسود
وبنو عطية من بنى عمرو بن هصيص، رهط قيس بن عدي،
من بنى سهم، الذين يقول لهم (2 / ب) أبو طالب:
لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا * بي حلف فيصابنا والغباطل
81

وأما البيت الثالث: فبنو السباق بن عبد الدار بن قصي، كانت
تكون الجناية على غيرهم فيطلبوها بعزهم، حتى هلكوا، فقال
الشاعر:
إن كنت تسألني عن دار مكرمة * فتلك دار بنى السباق بالسند
(من الباغي الأول؟)
أخبرني العباس بن هشام بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبي
صالح، قال: ذكر البغي عند ابن عباس فقال ابن عباس: إن
أول من أهلكه البغي عند ابن آدم لأياد بن نزار، وبطنان من
الأشعرين، يقال لأحدهما: الأيسر، وهو الحنيك بن الجماهر بن
الأشعر بن أدد، والآخر ذخران بن ناحية بن الجماهر بن الأشعر.
قال: وعمر الأيسر عمرا طويلا حتى ولد له عشرون ذكرا، لكل
ذكر منهم عشرون ذكرا. قال: وذخران بن ناحية بن أخ الحنيك
قد أتم له سبعون سنة لا يولد له ولد. قال: فجلس ذخران مع الحنيك
لسكت فوالله مالك من ولد ولقد ذهب عمرك ومالك من عدد.
قال: فقام ذخران مغضبا قد أحفظه ما قال الحنيك. وقال ذخران
82

في ذلك:
إن يك أيسر أمسى ثريا * فما لي بابن نبت من ثراء
قال: فأتى ذخران في المنام فقيل له: تمنى؟ فقال: أتمنى العدد،
والبسالة في الولد. قال: فعاش حتى ولد له عشرون ذكرا، لكل
ذكر منهم عشرون ذكرا. ودرج ولد الحنيك فماتوا، وصار العدد
في ولد ذخران.
قال هشام: وكان يقال للأشعر نبت. فذلك قوله:
(فما لي بابن نبت من ثراء)
حدثنا العباس بن هشام، عن أبيه، عن جده، عن أبي صالح،
عن ابن عباس، قال: بلغ من بغى أياد بن نزار على مضر وربيعة
ابني نزار أنه كان يولد لأياد أكثر من عشرين مولود، ولا يولد لربيعة
ومضر في الشهر إلا واحدا وكثرت أياد وزلوا حتى ملأوا تهامة قال:
فبلغ من بغيهم أن الرجل كان يضع سهمه على الباب الربعي والمضرى
فيكون الأيادي، أحق بمسه منه. قال: وكان منهم شيخ قد أمهل
في العمر، وكان يكره كثيرا مما يصنعون. فقال لهم: يا قوم إنكم
والله مالكم على إخوانكم فضل في النسب. إن الأب لواحد، وإن
الأم لواحدة، ولكنكم أكثر عددا وسرفا، فانتهوا، فإني أخاف أن
ينزل الله - عز وجل - فيكم نقمة. قال: فتمادوا، فسلط الله عليهم
داء يقال له: النخاع. فجعل يقع فيهم، فيموت في اليوم والليلة
عالم. / 3 / أ.
83

حدثنا العباس، عن أبيه، عن جده، عن معاوية بن عميرة
ابن بجوش الكندي، عن ابن عباس، قال: فسمع مناد ينادى في
بعض الليل:
يا معشر إياد قد عنتم في الفساد
فالحقوا بأرض سداد
فليس إلى تهامة من معاد
فقال لهم الشيخ: قد نهيتكم. فوالله لا يزال هذا البلاء فيكم،
وتلحقوا خب أمر ثم قال: فخرجوا من تهامة فافترقوا ثلاث فرق،
فنزلت فرقة مع بنى أسد بن حرامة بذى طوى وهى أقل الفرق.
وافترقت فرقة أخرى فلحقوا بعين أباغ. وهى أكثر الفريقين، ورحل
الجمهور الآخر حتى نزلوا سندا. فرفع ذلك البلاء عنهم، وزبلوا
هناك، وكثروا. فمكثوا في ذلك للعدد حتى غزاهم أنوشروان بن
قباد في سامراته فأبادهم.
حدثنا العباس بن هشام بن محمد، قال: حدثني هشام بن
محمد، قال: حدثنا المعروف بن خربوذ قال: كانت بنو سهم بن
عمرو أعز أهل مكة، وأكثر عددا. وكانت لهم صخرة عند الجبل
يقال له مسلم. فكانوا إذ أرادوا أمرا نادى مناديهم: يا صباحاه
ويقولون: أصبح ليل. فتقول قريش: ما لهؤلاء المياشيم؟ ما يريدون؟
وكانوا يسمعون بهم. وكان منهم قوم يقال لهم: بنى العطيلة. وكان
84

الشرف والبغي فيهم. وهى العطيلة بنت مالك بن الحارث من بنى
كنانة ثم من بنى سبوق بن مرة. تزوجها قيس بن عدي بن سعد
ابن سهم، فولدت له الحارث، وحذافة. وكان فيهم الغدر والبغي.
فقتل رحل منهم حية فأصبح ميتا على فراشة. قال: فغضبوا، فقاموا
إلى كل حية في الدار فقتلوها، فأصبح عدتهم موتى على فرشهم،
فتتبعوهم في الأودية والشعاب فقتلوهم، فأصبحوا وقد مات منهم
بعدة من قتلوا من الحياة. فصرخ صارخ منهم: ابرزوا لنا يا معشر
الجن. قال: وهتف هاتف، فقال:
قال سهم: قتلتم عتوا * فصحناكم بموت ذريع
قال سهم: كثرتم فبطرتم * والمنايا تنال كل رفيع
قال: فنزعوا. فكفوا وقلوا.
قال الكلبي: فيهم نزلت: (ألهاكم التكاثر * حتى زرتم
المقابر) جعلوا يعدون من مات منهم.
قال ابن خربوذ: جعلوا يعدون من مات منهم أيام الحيات. وهذا
قبل الوحي أيام الحيات، وذلك أنه وقع (3 / ب) بينهم وبين بنى عبد
مناف بن قصي شر، فقالوا: نحن أعد منكم. فجعلوا يعدون من
مات منهم بالحيات. فنزلت هذه الآية فيهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
85

حدثني العباس بن هشام، قال: حدثني هشام بن محمد،
قال: حدثنا أبو محمد الموهبي، عن شيخ من أهل مكة من بنى
جمح، عن أشياخه قال: كان أول من أهلكه البغي بمكة من قريش
بنو السباق عبد الدار فلما طال بغيهم سمعوا صوتا من جوف الليل على
أبى قبيس يقول:
أبطر البغي بنى السباق إنهم * عما قليل فلا عين ولا أثر
هذى إياد وكانوا أهل مأثرة * فأهلكت إذ بغت ظلما على أثر
فمكثوا سنة ثم هلكوا فلم يبق منهم عين ولا أثر إلا رجلا واحدا
بالشام له عقب.
حدثني العباس بن هشام، عن أبيه، عن معروف بن خربوذ،
قال: بغى بعدهم بنو السبيعة وهى السبيعة بنت اللاحب بن دبنبة
ابن خزيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، تزوجها
عبد مناف بن كعب بن سعد بن عمرو بن مرة بن كعب بن لؤي،
فولدت خالدا، وهو السوفي من ولده أبو العشم. وكان السوفي
عارما، صاحب بغى وشر. وكان أبو العشماليين حل ذراع العامرية
بعكاظ. قال: فكثر بغيهم، فسمعوا صوتا بالليل على جبل من جبال
مكة يقول:
قل لبنى السبيعة قد بغيتم * فذوقوا غب ذلك عن قليل
كما ذاقت بنو السباق لما * بغوا والبغي مأكله وبيل
86

قال: فتناهوا عن ذلك فلهم بقية.
ولخالد تقول أمه السبيعة: -
ابني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير.
حدثنا محمد بن عباد بن موسى، حدثني عمى خليفة بن
موسى، عن شرقي بن قطامي، قال: قالت عائشة - رضي الله عنها
- لقد عرفت أهل بيت من قريش، أهل بيت لا يوصمون في
نسبهم، ما زال بهم عرامهم وبغيهم على قومهم حتى ألحق بهم ما ليس
فيهم، ورغب عنهم، واستهجنوا وإنهم لأصحى.
وأهل بيت كانوا يوصمون في (4 / أ) أنسابهم، فما زال بهم
حلمهم على قومهم، وحرصهم على مسارهم حتى صبحوا، ورغب
إليهم، وكانوا أصحاء.
(البغي أساس الذل)
حدثني محمد بن صالح القرشي، قال: حدثني أبو القيظان عامر
ابن حفص العجيفي، قال أخبرني الفضيل بن سليمان العجيفي، عن
لبطة بن الفرزدق، عن الفرزدق، أن قيس بن عاصم كان له ثلاثة
87

وثلاثون ابنا، وكان ينهاهم عن البغي، ويقول: إنه والله ما بغى قوم
قط إلا ذلوا. ثم قال: فإن كان الرجل من بنيه يظلمه بعض قومه
فينهى إخوته أن ينصروه مخافة البغي.
حدثنا سعيد بنى يحيى الأموي، قال: أخبرني علي بن المغيرة،
عن أبي عبيد معمر بن المثنى، قال: كان أول بغى كان في قريش
بمكة أن المقاييس - وهم بنو قيس من بنى سهم - تباغوا فيما بينهم،
فبعث الله - عز وجل - فأرة على ذبالة فيها نار فجرتها إلى خيام
لهم، فاحترقوا.
ثم كان ظلم وبغى بنى السباق بن عبد الدار بن قصي فبعث
الله عليهم الفناء فقالت سبيعة بنت لاحب بن دبنبة بن خزيمة بن عوف
ابن نصر بن معاوية.
88

وقال الكلبي: بنت الأحب بن دبنبة، وكانت عند عبد مناف
ابن كعب بن سعد بن تيم بن مرة قالت لابن لها - يقال له خالد -
وكان به رهق، فحذرته ما لقى المقاييس، وبنو السباق.
ابني لا تظلم بمكة * لا الصغير ولا الكبير
واحفظ محارمها ولا * يغررك بالله الغرور
ابني من يظلم بمكة * يلق أطراف الشرور
والله آمن وحشها * والطير يعقل في ثبير
ولقد أتاهم تبع * وكسا بنيتها الحبير
والفيل أهلك حبشه * يرمون فيها بالصخور
فاسمع إذا جربت * وافهم كيف عاقبة الأمور
وقالت في هلال بن قيس السهمين تخاطب ابنها خالدا:
ألا ليت شعري عن مقيس وأهلها * أأفلت منهم في المحلة واحد
أم الدار لم تخطئ من القوم واحدا * وكلهم ثاو إلى التراب خالد
لعمرك (4 / ب) لا أنفك أبكيكم بها * حياتي ما عشنا وللشر زائد
قال: وزادنا الفضل بن غانم، عن سلمة، عن ابن إسحاق:
وكلهم قد كان دنيا لقومه * وكلهم لو عاش في الناس والد
89

(موعظة بليغة)
حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: أخبرنا عمر خليفة
ابن موسى عن شرق بن القطامي قال، قال: صيفي بن رباح التميمي
لبنيه: يا بني اعلموا أن أسرع الجرم عقوبة البغي وشر النصرة التعدي
وألام الأخلاق الضيق وأسوأ الأدب كثرة العتاب.
حدثني أبي، عن هشام بن محمد، قال: حدثنا معقل بن
معقل، قال: كان جدي معاوية بن سويد المزني من أوسع من
بنى دارا وكان رجلا ليس له ولد. قال: وكان لابن عمه عمرو
ابن النعمان بن مقرن ولد وكانت الدار بينهما فمرض معاوية مرضا
شديدا، فدخل عليه عمرو، ثم خرج وهو يقول: يموت معاوية ولا
ولد له، فأكسر هذا الحائط فأكون أوسع مدني خلقة الله - عز
وجل - دارا. فقال معاوية:
ألا ذاكم مولى للكلالة ترتجى * وفاتي وإن أهلك فليس بخالد
يؤمل موتى في الصروف ولم أكن * له قبل موتى في الحياة بحامد
فلو مات قبلي لم أرثه وإن أمت * فلست على خير أتاه بحاسد
إذا أنا دلاني الذين أحبهم * بملحودة زلخ ووسدت ساعدي
يقولون لا تبعدوهم يدفنوني * وقد أنزلوني منزل المتباعد
90

فقام من مرضه ذلك، وولد له، فلم يرثه ذلك.
(حديث خرافة)
حدثني الحسين بن الحسن، قال: حدثنا عاصم بن علي،
قال: حدثنا عثمان بن معاوية، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال:
اجتمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم نساؤه، فجعل يقول الكلمة كما يقول الرجل
عند أهله. قال: فقالت إحداهن: كأن هذا من حديث خرافة فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: (أتدرين ما حديث خرافة؟ إن خرافة كان رجلا من
بنى عذرة فأصابته الجن. وكان فيهم حينا فرجع إلى الإنس فجعل
يحدثهم بأشياء تكون في الجن، وبأعاجيب لا تكون في الإنس.
فحدث أن رجلا من الجن كانت له أم فأمرته أن يتزوج فقال:
إني أخشى أن يدخل عليك من ذلك مشتقة، أو بعض ما تكرهين
فلم تزل به حتى زوجته فتزوج امرأة لها أم. فكان يقسم لامرأته
ولأمه، ليلة عند (5 / أ) هذه، وليلة عند هذه قال: فكانت ليلة
91

امرأته، وكان عندها - وأمه وحدها - فسلم عليهما فردت
السلام. ثم قال هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: فهل من عشاء؟
قالت: نعم قال: فهل من محدث يحدثنا؟ قالت: نعم أرسل إلى
ابني يأتيكم يحدثكم قال: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟
قالت: هذه إبل وغنم. قال أحدهما لصاحبه: اعط متمنيا ما تمنى
فإن كان خيرا وقد ملأت دارها إبلا وغنما فرات ابنها خبيث النفس.
فقالت: ما شأنك؟ لعل امرأتك كلفتك أن تحول إلى منزلي، وتحولني
إلى منزلها؟ قال: نعم، فقالت: فنعم، فتحولت إلى منزل امرأته،
وتحولت امرأته إلى منزل أمه، فلبثا ثم أصاباها والفتى عند أمه فسلما
فلم ترد السلام فقالا: هل من مبيت قالت؟ قالت: لا. قالا:
فعشاء؟ قالت: ولا. قالا: فما إنسان يحدثنا؟ قالت: ولا. قال:
فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: سباع فقد أحدهما
لصاحبه: أعط متمنيا ما تمنى وإن كان شرا قال: فملئت عليها دارها
سباعا فأصبحوا وقد أكلت).
حدثني محمد بن أبي رجاء مولى بني هاشم، قال: قال دهقان
لأسد بن عبد الله وهو على خرسان - ومر به وهو يدهق في
حبسه - إن كنت تعطى لترحم، فارحم من تظلم، إن السماوات
تنفرج لدعوة المظلوم فاحذر من ليس له ناصر إلا الله. ولا جنة له
92

إلا الثقة بنزول التغير ولا سلاح له إلا الابتهال إلى من لا يعجزه شئ
يا أسد: إن البغي يصرع أهله، والبغي مصرعه وخيم، فلا تغتر
بإبطاء الغياث من ناصر متى شاء أن يغيث أغاث. وقد أملى لقوم
كي يزدادوا إثما. وجميع أهل السعادة إما تارك سالم من الذنب وإما
تارك الإصرار ومن رغب عن التمادي فقد نال إحدى الغنيمتين. ومن
خرج من السعادة فلا غاية إلا الشقاوة.
قال: الزبير بن أبي بكر فيما أجاز لي، حدثني أخي عبد الرحمن
ابن أبي بكر، قال: حدثني عباس بن أبي بكر بن عبد الله بن
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قال: سابق عمر بن عبد العزيز
بالخيل بالمدينة، وكان فيها فرس لمحمد بن طلحة بن عبيد الله وفرس
لإنسان جعدى فنظروا الخيل حين جاءت، فإذا فرس الجعدي متقدم
فجعل الجعدي يرتجز بأبعد صوته:
غاية مجد نصبت يامن لها * نحن حويناها وكنا أهلها
لو ترسل الطير لجئنا قبلها
فلم (5 / ب) ينشب أن لحقه فرس محمد بن طلحة وجاوزه،
فجاء سابقا. فقال عمر بن عبد العزيز للجعدي: سبقك والله ابن
السباق إلى الخيرات.
حدثني داود بن محمد بن يزيد، عن أبي عبد الله الناجي،
93

قال: دخل ابن أبي ليلى على أبى جعفر وهو قاض فقال له أبو جعفر:
إن القاضي قد ترد عليه من طرائف الناس ونوادرهم أمور، فإن كان
ورد عليك شئ فحدثنيه فقد طال على يومى فقال: والله لقد ورد
على منذ ثلاث أمر ما ورد على مثله. أتتني عجوز تكاد أن تنال
الأرض بوجهها، وتسقط من انحنائها فقالت: أنا بالله، ثم بالقاضي
أن تأخذ لي بحقي، وأن تعليني على خصمي. قلت: ومن
خصمك؟ قالت: بنت أخ لي فدعوت، فجاءت امرأة ضخمة
ممتلئة، فجلست مبتهرة. فقالت العجوز: أصلح الله القاضي، إن
هذه ابنة أخي، أوصى إلى بها أبوها، فربيتها فأحسنت التأديب.
ثم زوجتها ابن أخ لي ثم أفسدت على بعد ذلك زوجي قال: فقلت
لها: ما تقولين؟ فقالت: يأذن لي القاضي حتى أسفر، فأخبره
بحجتي؟ فقالت: يا عدوة الله، أتريدين أن تسفري فتفتني القاضي
بجمالك؟ قال: فأطرقت خوفا من مقالتها. وقلت: تكلمي قالت:
صدقت - أصلح الله القاضي - هي عمتي، أوصاني إليها أبي.
فربتني وزوجتني ابن عمى - وأنا كارهة - فلم أزل حتى عطف
الله بعضنا على بعض واغتبط كل واحد منا بصاحبه ثم نشأت لها بنية،
فلما أدركت حسدتني على زوجي، ودبت في فساد ما بيني وبينه
وحسنت ابنتها في عينه حتى علقها وخطبها إليها فقالت: لا والله،
لا أزوجك ابنتي حتى تجعل أمر امرأتك في يدي ففعل فأرسلت إلى:
أي بنية إن زوجك قد خطب إلى ابنتي فأبيت أن أزوجه حتى يجعل
أمرك في يدي، ففعل، فقد طلقتك ثلاثا فقلت: صبرا لامر الله
وقضائه فما لبث أن انقضت عدتي فبعث إلى زوجها: إني قد علمت
ظلم عمتك لك وقد أخلف الله عليك زوجها. فهل لك فيه؟
94

فقلت: من هو؟ قال: أنا وأقبل يخطبني فقلت: لا والله، حتى
تجعل أمر عمتي في يدي؟ ففعل فأرسلت إن زوجك قد خطبني،
فأبيت عليه إلا أن يجعل أمرك في يدي، ففعل وقد طلقتك ثلاثا
فلم نزل جميعا حتى توفى - رحمه الله - ثم لم ألبث أن عطف الله
على قلب زوجي الأول، وتذكر ما كان من موافقتي، فأرسل إلى:
هل لك في المراجعة؟ قلت: (6 / أ) قد أمكنك ذلك قالت فخطبني
فأبيت إلا أن يجعل أمر ابنتها في يدي، ففعل فطلقتها ثلاثا فوثبت
العجوز، فقالت - أصلح الله القاضي - فعلت هذا مرة وتفعله مرة
بعد مرة قال: فقلت: إن الله - عز وجل - لم يوقت هذا وقتا.
قال: ومن بغى عليه لينصرنه الله.
حدثنا أبو زيد النميري، أنه حدث عن أبيه شبة عن وضاح
ابن خيثمة، قال: أمرني عمر بن عبد العزيز بإخراج من في السجن،
فأخرجتهم إلا يزيد بن أبي مسلم هدر دمي قال: فوالله إني بأفريقية،
قيل قد قدم يزيد بن أبي مسلم، فهربت منه فأرسل في طلبي فأخذت
فأتى بي فقال: يا وضاح؟ قلت: وضاح قال: أما والله لطالما سألت
الله أن يمكنني منك قلت: وأنا والله لطالما استعذت من الله - عز
وجل - من شرك. فقال: والله ما أعاذك والله لأقتلنك، ثم والله
لأقتلنك ثم والله لأقتلنك والله لو سابقني ملك الموت إلى قبض روحك
لسبقته السيف والنطع قال: فجئ بالنطع، فأقعدت فيه، وكتفت
وقام قائم على رأسي بسيف مشهور فأقيمت الصلاة، فخرج إلى
الصلاة فلما خر ساجدا أخذته سيوف الجند، فقتل وجاءني رجل
فقطع كتافي بسيفه قال: انطلق.
95

(عقوبة الباغي)
حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس، قال: تكلم ملك من الملوك كلمة بغى - وهو جالس على
سريره - فمسخه الله - عز وجل - فما يدرى أي شئ مسخ
أذباب أم غيره إلا أنه ذهب فلم ير.
(احذروا البغي الخفي)
حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا إسرائيل، عن الأعمش،
عن إبراهيم قال: إني لأجد نفسي تحدثني بالشئ ء فما يمنعني أن أتكلم
به إلا مخافة أن أبتلى به.
96

(البلاء موكل بالمنطق)
حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا
الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، قال: لو رأيت رجلا
يرضع عنزا فسخرت منه خشيت أن أكون مثله.
(فضل إن شاء الله)
حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن هشام
ابن حجير، عن طاوس، عن أبي هريرة.
وعن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - يزيد أحدهما
على صاحبه - قال: قال سليمان بن داود - عليه السلام -:
لأطيفن الليلة بسبعين امرأة كلهن تلد غلاما يقاتل في سبيل الله - عز
وجل - فقال له صاحبه: قل إن شاء الله؟ فنسي فطاف بسبعين
97

امرأة فلم تلد امرأة إلا واحدة، ولدت شق غلام فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركا له في
حاجته).
(احذر ثلاث خصال)
حدثني عبيد الله بن جرير، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل،
قال: حدثنا عقبة. قال: حدثني بديل بن ميسرة، عن محمد بن
كعب القرظي، قال: ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: البغي،
والنكث، والمكر. وقرأ: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)
(يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) (فمن نكث فإنما
ينكث على نفسه)
(وصية أعرابي)
حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: حدثنا عمى خليفة
98

ابن موسى، عن شرقي بن قطامى، قال: وصى رجل من العرب
بنيه، فقال: اهجروا البغي فإنه منبوذ ولا يدخلنكم العجب فإنه
ممقته، والتمسوا المحامد من مكانها واتقوا القدر فإن فيه النقمة.
قال ابن عائشة: سمعت من حدثنيه في إسناد ذكره من ابن
عباس، قال: فخرت زمزم على المياه وكانت أعذبهن ففجر الله فيها
عينا غلظت مأوها.
قال ابن عائشة: سمعت شيخا كان في الثقات في إسناد له،
قال: فخر بنو إسحاق على بنى إسماعيل، فقالوا: إن جدتكم إنما
كانت أمة لجدتنا يريدون سارة فوهبتها لجدنا فلم يرض الله - عز
وجل - ذاك فأوحى إليهم: تفخرون عليهم؟ لأرفعنهم عليكم حتى
ترغبوا أن يتزوجوكم.
حدثنا عبد الله: قال: حدثني بهما محمد بن زياد، عن ابن
عائشة.
حدثنا عبد الله بن وضاح، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن
99

أشعث، عن جعفر، عن سعيد في قوله: (لا يريدون علوا في
الأرض) قال: بغيا.
آخر الكتاب
والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد
وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما
100